تهذيب اللغة - ج ٩

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٩

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥١

بالهاء وغير الهاء لم يختلف النحويّون في ذلك.

أبو عبيد عن أبي زياد الكلابي : قَدَرْت القدر أقدُرها قَدْراً : إذا طبخت قِدراً.

وقال الليث : القَدير : ما طُبخ من اللحم بتوابل ، فإن لم يكن ذا تَوابل فهو طبيخ.

قال : ومَرَقٌ مَقدُور وقدير ، أي : مطبوخ.

ثعلب عن سلمة عن الفراء قال : القُدَار : الجزار ، والقُدَار : الغلام الخفيف الروح الثَّقِف اللّقِف. قال : والقُدَار : الحيّة ، كل ذلك بتخفيف الدال.

وقال الليث : القُدار : الجزّار الذي يلي جَزْرَ الجَزور وطبْخه.

قلت : وجاء في بعض الأخبار أن عاقر ناقة ثمود كان اسمه قداراً ، وأنَّ العرب قالت للجَزّار : قُدار تشبيهاً به.

ومنه قول الشاعر :

إنا لنَضرب بالصَّوارم هامَهُمْ

ضَرْبَ القُدار نَقيعةَ القُدّام

وقال الليث : قدّرتُ الشيءَ ، أي : هيَّأته.

قال : والأقدر من الرجال : القصير العُنُق.

والقُدار : الثُّعبان العظيم.

أبو عبيد عن أبي عمرو : الأقدر : القصير ، وأنشد :

رأَوك أَقَيْدرَ حِنْزقْرَه

وقال غيره : قادرتُ الرجلَ مقادرَة ، أي : قايسته وفعلتُ مثلَ فِعله.

وقال أبو عبيد : سمعتُ أبا عمرو يقول : الأقدر من الخيل : الذي إذا سار وقعت رِجلاه مواقع يديه ، وأنشد :

وأقدَرُ مُشرف الصّهَوات ساطٍ

كُمَيتٌ لا أَحقُّ ولا شَئيتُ

وقال أبو عبيدة : الأقدر الذي يُجاوز مَواقع حافري رجليه مواقع حافري يديه.

وقال غيره : سرجٌ قادر وقاتر ، وهو الواقي الذي لا يعقِر. وقيل : هو بين الصغير والكبير.

والتقدير على وجوه من المعاني : أحدُهما : التروِيَة والتفكير في تسوية أمرٍ وتهيئته. والثاني : تقديره بعلاماتٍ تقطِّعه عليها. والثالث : أن تنويَ أمراً بعَقدك تقول : قدّرتُ أمرَ كذا وكذا ، أي : نويته وعقدتُ عليه.

ويقال : قَدّرْتُ لأمر كذا وكذا أقدُرُ له وأقدِرُ له قَدْراً ، إذا نظرتَ فيه ودبَّرتَه ، وقايَستَه.

ومنه

قول عائشة : فاقدِروا قدرَ الجاريةِ الحديثة السِّنّ المشتهيةِ للنظر» ، أي : قدّروا وقايسوا.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القَدَر : القارورة الصغيرة ، وقال : القُدار : الرَّبْعة من الناس.

وقال شمِر : يقال : قدَرتُ ، أي : هيّأت ، وقدرتُ ، أي : أطقْتُ ، وقَدَّرْتُ ، أي :

٤١

وقَّتُّ وقدَرتُ : ملكْتُ.

قال لبيد :

فَقَدَرْتُ للوِرْد المُغلِّس غُدوَةً

فوردتُ قبلَ تَبيُّن الألوانِ

قال أبو عمرو : قَدَرْتُ وقّتّ وهيَّأت.

وقال الأعشى :

فاقدِرْ بذَرْعِك بَيْننا

إن كنتَ بوأْتَ القَدارهْ

بوأت : هيَّأت.

وقال أبو عبيدة : اقدِرْ بذرعك ، أي : أَبْصِر واعرِف قَدرَك.

وتقدير الله الخَلْق : تيسيره كلًّا منهم لمّا علم أنَّهم صائرون إليه من سَعادة أوْ شَقاوة كُتبتْ لهم ، وذلك أنه علم ذلك منهم قبلَ خَلْقِه إيّاهم ، وحينَ أمرَ بنفخ الرُّوح فيهم ، فكتب عِلْمَه الأزَليَّ السابق فيهم وقدَّره تقديراً. ومقدار الإنسان : قدرُ عمره وحياتُه.

دقر : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الدّوْقَرة : بُقْعةٌ تكون بين الجبال المحيطة بها.

وقال الليث : هي بُقعةٌ تكون بين الجبال في الغِيطان انحسرتْ عنها الشَّجر وهي بيضاءُ صُلْبة لا نبات فيها. ويقال : إنها مَنازل الجنّ ، ويُكره النزولُ بها.

قال : ويقال للكذب المستشنَع والأباطيل ما جئتَ إلا بالدّقارِير. قال : والدِقْرار : التُّبَّان ، وجمعُه الدقارير.

أبو عبيد : رجل دِقْرارة ، وهو النمّام ، وجمعه دَقارِير ، ويقال : الدِقْرار. التُّبَّان : وجمعهُ الدَقارير.

وقال أوس بن حَجَر :

يَعْلون بالقَلَع الهِنديّ هامَهُمُ

ويَخرج الفَسْوُ من تحت الدَّقارِير

وقال شمر : الدَّقارير : الدواهي والنمائم.

وقال الكميت :

على دَقاريرَ أحْكيها وأفْتَعِلُ

ثعلب عن ابن الأعرابي : الدِقْرارة : التُّبّان. والدِقْرارة : القصير من الرجال.

والدِّقرارة : النمّام. والدِقْرارة : الداهية من الدواهي. والدِّقْرارة : العَوْمرة ، وهي الخصومة المتبعة. والدِقْرارة : الحديث المفتَعَل. والدِقْرارة : المخالَفة.

ومنه حديث عمر : «أنه أمر رجلاً بشيء فعارَضَه ، فقال له : قد جئتَني بدِقْرارةِ قومك» ، أي بمخالفتهم.

وقال الليث : الدُّقْران : الخُشُب التي تُنصَب في الأرض يُعرَّش عليها العِنَب ، الواحدة دُقْرانة.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الدَّقْر : الروضة الحَسناء ، وهي الدَّقْرى.

وأنشد :

وكأنها دَقَرى تَحَيَّلُ ، نبتُها

أُنُفٌ ، يَغُمُّ الضّالَ نبتُ بِحارها

٤٢

وقال غيره : دَقَرى اسم روضة بعينها.

وقوله : «تَخيَّلُ ، أي : تَلوَّنُ فتريك رُؤيا تخيّل إليك أنَّها لونٌ ثم تراها لوناً آخر ، ثم قطعَ الكلامَ الأوّل ، وابتدأ فقال : «نبتُها أُنُف».

عمرو عن أبيه : هي الدَّقَرى والدِّقْرة والدَّقيرة والوَدَفة والوَدِيفة والرَّقَّة والرّقْمة والمُزْدَجّة للروضة.

قرد : قال الليث : القِرد معروف ، والأنثى قردة ، وثلاثة أقرُد وقُرود وقِرَدة كثيرة.

وأقرَد الرَجُل : إذا ذَلّ.

وأنشد الفراء :

يقول إذا اقلَوْلَى عليها وأَقَرَدَتْ

ألا هل أخو عيشٍ لذيذٍ بدائم

والقُراد معروف ، وثلاثة أقرِدة ، وقِرْدَانٌ كثيرة.

والقَرْد : لغة في الكَرْد ، وهو العُنُق ، وهو مجثِم الهامَة على سِلفَة العُنُق.

وأنشد :

فجلَّله عَضْب الضَّرِيبةِ صارِماً

فطبَّقَ ما بين الذُّؤابَة والقرْدِ

وقال : والقَرِد من السحاب الذي تراه في وجهه شبه انعقادٍ في الوهم ، يشبَّه بالوَبَر القَرِد. والشعر القَرِد : الذي انعقدتْ أطرافُه.

وإذا فسدت مَمْضَغَة العِلْك قيل : قد قَرِد.

وقُرْدُودة الظهر : ما ارتفع من ثَبَجه.

الحراني عن ابن السكيت عن الأصمعي : قال : السِّيساء : قردودة الظهر.

وقال أبو عمرو الشَّيباني : السِّيساء من الفَرَس : الحارِك ، ومِن الحِمار الظَّهر.

وقال الليث : القَردد من الأرض : قُرنةٌ إلى جنب وهدة. وأنشد :

متى ما تزرنا آخر الدَّهرِ تلقَنا

بقرقرةٍ ملساءَ ليست بقردد

وقال شمر : قال الأصمعي : القردد : نحوُ القُفّ.

قال ابن شميل : القُرْدودة : ما أشرفَ منها وغَلُظ ، وقلَّما تكون القراديد إلَّا في بَسْطَة من الأرض وفيما اتَّسع منها ، فتَرَى لها مَتْناً مُشرِفاً عليها غليظاً لا يُنبت إلا قليلاً.

قال : ويكون ظَهْرُها سَعَته دَعْوَةً. قال : وبُعْدُها في الأرض عُقْبَتَيْن وأقلُّ وأكثر ، وكلُّ شيءٍ منها جَدْب ظَهْرُها وأسنادُها.

وقال شمر : يقال القَرْدودة : طريقةٌ منقادة كقُردودة الظَّهر.

وقال أبو عمرو : القَرْدَدُ : ما ارتفع من الأرض.

وقال أبو سعيد : القِرْديدة : صُلْب الكلام.

وحُكي عن أعرابيٍّ أنه قال : استَوْقَح الكلامُ فلم يَسْهُلْ لي ، فأخذتُ قِرْديدةً منه فركبتُه ولم أَزُغ عنه يميناً ولا شمالاً.

ويقال لَحلَمة الثّدي قُراد : يقال للرجل إنّه

٤٣

لحَسن قرادَيِ الصّدْر.

وقال ابن ميادة يمدح بعض الخلفاء :

كأنّ قُرادَى زَوْرِه طَبعتْهُما

بطِين مِن الجَوْلان كُتَّابُ أعْجما

قال أبو الهيثم : القرادان من الرجل : أسفل الثندوة. يقول : فهُما منه لطيفان كأنهما في صدره أثر طين خاتم ختمه بعض كتاب العجم. وخصّهم لأنهم كانوا أهلَ دواوين وكتاب.

أبو عبيد عن الأموي : قردت في السقاء قرداً : جمعت السمنَ فيه.

وقال شمر : لا أعرفه ولم أسمعه إلّا لأبي عبيد.

وسمعت ابن الأعرابي : قلدت في السقاء وقريت فيه. والقلْد : جمعك الشيء على الشيء من لبن وغيره.

وفرس قَرِدُ الْخَصيل : إذا لم يكن مسترخياً ، وأنشد :

قَرِدُ الخَصِيل وفي العظام بقيَّة

ويقال : فلان يقرِّد فلاناً : إذا خَادَعَه متلطِّفاً ، وأصله الرجل يجيء إلى الإبل ليلاً لَيركبَ منها بعيراً فيخاف أن يَرْغُوَ ، فينْزع منهُ القُرادَ حتى يستأنس إليه ثم يَخطِمه.

وقال الأخطل :

لَعَمركَ ما قُراد بني نُميرِ

إذا نُزع القُراد بمستطاع

قال ذلك كلَّه الأصمعيُّ فيما رَوَى عنه أبو عبيدٍ : وإنما قيل لمن ذَلَّ قد أقرَد ، لأنّه شبّه بالبعير يقرّد أي : يُنزع منه القُراد فيُقْرِد لخاطمه ولا يستصعب عليه.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابيّ : أقرد الرجل : إذا سكتَ ذُلًّا ، وأخْرَدَ : إذا سكتَ حياءً.

ويقال : جاء الحديث على قَرْدَدِه وعلى قَنَنِه وعلى سَمِّه ، إذا جاء به على وجهه.

وقال أبو زيد : القِرْديدة الخطّ الذي وسط الظّهْر.

وقال أبو مالك : القُرْدودة هي الفَقَارة نفسُها.

ويقال : تُمضي قُرْدودة الشتاء عنّا ، وهي حَدْبَتُه وشِدّته.

وأمّ القِرْدان في فِرْسِن البعير : بين السُّلامَيات.

وأنشد شمرٌ في القَرْد القصير :

أو هِقْلةً مِن نَعام الجَوّ عارَضَها

قَرْدُ العَفَاءِ وفي يافوخة صَقَعَ

قال : الصَقَع : القَرَع ، والعَفَاء : الريش.

والقَرْد : القَصِير.

رقد : قال الليث : الرُّقود : النوم بالليل ، والرُّقاد : النوم.

قلت : الرُّقاد والرُّقود يكونان بالليل والنهار عند العرب.

ومنه قول الله جلَّ وعزَّ : (قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ

٤٤

بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) [يس : ٥٢] ، هذا قول الكفار إذا بُعثوا يومَ القيامة. وانقطع الكلام عند قوله : (مِنْ مَرْقَدِنا) ثم قالت لهم الملائكة : (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) [يس : ٥٢]. ويجوز أن يكون هذا من صفة المرقد وتقول الملائكة : حقّ ما وعد الرحمن.

والرقْدة : هَمْدةُ ما بين الدُّنيا والآخرة.

ويحتمل أن يكون المرقد مصدراً ، ويحتمل أن يكون موضعاً وهو القبر. والنوم أخو الموت.

وقال الليث : الرَّاقُود : دَنٌّ كهيئة إِردبَّة يُسيَّع باطنُه بالقار. وجمعُه الرواقيد. وقال ابن الأعرابيّ في الراقُود نحوه (١).

أبو عبيد : الارقداد والارمداد : السُّرعة ، وكذلك الإغذاذ.

ومنه قوله :

فَظلّ يرقَدُّ من النَّشاطِ

وقال : الارقداد : عَدْوُ النافر ، كأنه قد نَفَر من شيء فهو يَرْقُدُّ. يقال : أتيتُك مُرْقَدّاً.

ورَقْد : اسم جَبَلٍ أو وادٍ في بلاد قيس.

وأنشد ابن السكّيت :

كأرحاءِ رَقْدٍ زَلَّمَتْها المناقِرُ

زلَّمَتْها ، أي : سَوّتْها.

المنذريّ عن ابن الأعرابيّ : أرقدَ الرجلُ بأرض كذا إرقاداً ، إذا أقامَ بها.

ردق : قال الليث : الرَّدَق لغة في الرَّدَج ، وهو عِقْي الجَدْي ، كما أنَّ الشَيْرق لغةٌ في الشَّيْرج.

درق : قال الليث : الدَرَق : ضَربٌ مِن التِّرسة ، الواحدة دَرَقة ، وتُجمَع على الأدراق تُتَّخذ من جلود.

والدَوْرَق : مِكيالٌ لما يُشرب ، وهو مُعَرَّب.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الدَّرْق : الصُّلْب من كلّ شيء.

وقال مُدرِك السُلَمي فيما روى ابن الفَرَج عنه : مَلَسَني الرجلُ بلسانه ومَلَقَني ودَرَقَني ، أي : ليّنني وأصلح منّي ، يَدْرُقني ويملُسُني ويَمْلُقُني.

والدَّرْدَق : صغار الإبلِ والناس ، ويُجمع دَرادِق.

والدَّرْدَاق : دَكٌّ صغير مُتَلبِّد ، فإذا حُفِرَ حُفِرَ عن رَمْل.

ق د ل

دلق ، دقل ، قلد ، لقد : [مستعملة].

دلق : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «يؤتى بالرجل يومَ القيامة فيُلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه».

__________________

(١) قبلها في المطبوع : «و».

٤٥

قال أبو عبيد : الاندلاق : خروج الشيء مِن مكانه ، وكلُّ شيءٍ نَدَر خارجاً فقد اندلق.

ومنه قيل للسيف : قد اندَلَق مِن جَفْنِه ، إذا شقَّه حتى يخرج منه.

ويقال للخيل : قد اندلقَتْ ، إذا خرجتْ فأسرعَتِ السَّيْرَ.

وقال طرفة يصف خيلاً :

دُلُقٌ في غارةِ مسنوحة

كرِعال الطيرِ أسراباً تَمُرّ

وقال الليث : الدَّلْق مجزوم : خروج الشيء عن مَخرجه سريعاً.

ويقال : دَلَق السيفُ من غِمْدِه ، إذا سَقَط وخَرَج من غير أن يُسَلّ ، وأنشد :

كالسَّيف من جَفْن السِّلاح الدالِقِ

ابن السكيت : سيفٌ دَلُوق ودالق ، إذا كان يخرج من غمدِه مِن غير سَلٍّ ؛ قال : وهو أجود السيوف وأخلَصُها. وكلُّ سابقٍ متقدِّم فهو دالِق.

قال : ودَلَقّ الغارة : إذا قَدّمها وبَثَّها. قال : ويقال : بينا هم آمنون إذْ دَلق عليهم السَّيْل.

أبو عبيد عن الأصمعي : غارةٌ دُلُقٌ : سريعة الدَّفْعة. والغارة : الخيل المغيرة.

ويقال : أدلقت المُخّة من قَصب العَظْم فاندَلَقَتْ.

وقال غيره : دلقَتِ الخيلُ دُلوقاً : إذا خرجتْ متتابعة فهي خيل دُلُق ، واحدها دالق ودَلُوق.

ويقال : دَلق البعير شقْشِقَته يَدْلِقها دَلْقاً ، إذا أخرجَها فاندلقت.

وقال الراجز يصف جَمَلاً :

يَدْلِق مِثلَ الحَرَميّ الوافرِ

مِن شَدْقَمِيّ سبِطِ المَشافِرِ

أي : يخرج شِقْشِقةٌ مثل الحَرَميّ ، وهو دَلوقٌ فُرِيَ من أَدمَ الْحَرَمُ.

وقد دَلَقُوا عليهم الغارة ، أي : شَنُّوها.

والدَّلُوق والدِلْقِم : الناقة التي تكسَّر أسنانُها هَرَماً فهي تمجّ الماء.

دقل : ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الدّقْل : ضَعْفُ جِسم الرجل.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : الدّقَل من النخل يقال لها الألوان ، واحدها لَوْن.

قلت : وتَمر الدّقَل مِن أرادأ التَّمْر ، إلَّا أنَّ الدَقَلة تكون من مَواقير النخل ، ومن الدّقَل ما يكون تمره أحمر ، ومنه ما يكون أسودَ وجِرم تَمرِه صغيرٌ ونواه كبيرٌ.

وقال الليث : الدّقَل : خشبة طويلةٌ تُشَدّ في وسط السّفينة يُمدُّ عليها الشراع. قال : والدّوْقَلة : الكَمَرة ، يقال : كَمَرة دَوْقَلة : ضخمة. والدّوْقَلة : الأكل. وأخْذُ الشيء اختصاصاً يُدوقِلهُ لنفسه.

وقال غيره : دَوقلَ فلانٌ جاريتَه دوقلةً : إذا أولَجَ فيها كَمَرَتَه فأَوْعَبها.

٤٦

وفي «النوادر» يقال : دَوْقَلَتْ خُصْيا الرجل : إذا خرجتا مِن خَلفه فضَرَبَتا أدبارَ فخذيه واسترخَتا. ودَوْقَلْتُ الْجرَّة : نَوَّطْتُها بيدي.

وقال أبو تراب : سمعتُ مبتكراً السُّلَميَّ يقول : دَقل فلانٌ لَحْيَ الرجل ودَقَمَه : إذا ضَرب فَمه وَأنفه. والدقْل : لا يكون إلا في فَمه وَأنفه. والدقْل : لا يكون إلا في اللَّحْي والقَفا. والدَقْم في الأنف والفمّ.

قلد : قال الله جلّ وعزّ : (وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ) [المائدة : ٢].

قال الزّجّاج : كانوا يقلدون الإبِل بلِحاء شجر الحَرَم ، ويعتصمون بذلك من أَعْدائهم ، وكان المشركون يَفعلون ذلك ، فأُمر المسلمون بأَن لا يُحِلُّوا هذه الأشياءَ التي يتقرَّب بها المشركون إلى الله ، ثم نُسِخَ ذلك وما ذُكِر في الآية بقوله جلّ وعزَّ : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة : ٥].

وقال في قوله جلّ وعزّ : (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الزمر : ٦٣].

معناه : له مفاتيحُ السمواتِ والأرض.

وتفسيرُه : أَنَّ كلّ شيءٍ من السموات والأرض فاللهُ خالقُه وفاتحُ بابه.

وقال الليث : المِقْلَادُ : الخِزانة.

والمقَاليد : الخَزائن.

قال : والْقِلادة ما جُعل في العُنُق ، جامعٌ للإنسان والبَدَنة والكلْب.

وتقليدُ البَدَنة : أَنْ يُعَلَّق في عنقها عُروَةُ مَزادةٍ أو خَلَقُ نعْلٍ فيُعْلَمَ أنها هَدْيٌ.

وتقَلَّدْتُ السَّيْفَ ، وتَقلَّدْتُ الأمْر ، وقلّدَ فلانٌ فلاناً عَملاً تقليداً.

قال : والإقليدُ : المفتاح بلغة أَهل اليمن.

وقال تُبَّع حين قَصَد البيت :

وأَقمْنا به من الدّهْر سَبْتاً

وجَعَلْنا لبابه إقليدا

وقال غيره : الإقليد معرب ، وأصله كَلِيذ.

وأخبرني المنذريّ ، عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : قيل لأعرابيٍّ ما تقول في نساءِ بني فلان؟ فقال : قلائد الْخيل ، أي : هنَّ كِرامٌ ، لا يُقلَّد من الخيل إلّا سابقٌ كريم.

ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال للشيخ إذا أَفْنَدَ : قد قُلِّدَ حَبْله ، فلا يُلتَفَتُ إِلى رأْيه.

وقال الليث : القلدُ : إدراتُكَ قُلباً على قُلب من الحُليّ ، وكذلك ليُّ الحديدة الدقيقة على مثلها قَلْد.

قال : والبُرَةُ التي يُشَدّ فيها زمامُ الناقة لها إقليد ، وهو طرفها يُثنَى على الطرف الآخر ويُلوَى ليّاً حتى يستمسك. وسِوار مَقْلُود ، وهو ذو قُلْبَيْن مَلوِيَّيْنِ.

قال : وأقْلَدَ البحر على خَلْقٍ كثير ، أي : ضَمَّ عليه وأحْضَنه في جَوْفه.

وقال أميّة :

٤٧

يُسَبِّحه الحِيتانُ والبحر زاخِراً

وما ضَمَّ من شيءٍ وما هو مُقْلِدُ

سَلمة عن الفرَّاء يقال : سَقَى إبلَه قَلْداً ، وهو السّقْي كلَّ يوم ، بمنزلة الظاهرة.

قال : ويقال : قلدتْه الحمّى : إذا أخذَته كلّ يوم ، تقلِده قَلْداً.

أبو عبيد عن الأصمعي : القِلد : يومَ يأْتي المحمومَ الرِّبْعُ.

والمِقْلَد : المِنجَل يُقطع به القَتّ.

وقال الأعشى :

يَقُتُّ لها طوراً وطوراً بمِقلِدِ

وقال ابن دريد : المِقلد عصاً في رأسها اعوجاج يُقْلَد بها الكَلأ كما يُقلَد القُتّ.

المنذريّ عن الحسن عن أبي الهيثم : الإقليد : المفتاح ، وهو الْمِقليد. والإقليد : شريط يُشَدُّ به رأسَ الجُلّة. والإقليد : شيءٌ يُطَوّل مثل الخيط من الصُّفر يقلد على البُرَة وخَرق القُرْط. وبعضهم يقول : القِلادُ ، يُقْلَد ، أي : يُعْوَى.

والقلْدُ : ليُّ الشيء على الشيء. والقلد : جمع الماء في الشيء يقال : قلدت أَقلِد قلْداً ، أي : جمعتُ ماءً إلى ماءٍ.

عمرو عن أبيه : هُم يتقالدون الماء ، ويَتَفارَطون ، ويترافصون ، ويتهاجرون ، ويتفارصون ، أي : يتناوَبون.

وفي حديث عبد الله بنِ عمرٍو أنه قال لقَيِّمِه على الوهْط : «إذا أَقمتَ قِلْدك من الماء فاسقِ الأقربَ فالأقرب». أراد بقِلْدِه يومَ سَقيِه مالَه.

ويقال : كيف قِلْد نَخْل بني فلان؟ فيقال : تَشرب في كلِّ عشرٍ مرّةً. والقِلد : يومُ السّقي ، وما بين القِلْدَين ظِمْءٌ. وكذلك يوم وِرْد الحمّى.

وفي حديث عمر أنّه استسقى ، قال : «فقَلَّدَتْنا السماءُ قَلْداً كلّ خمس عشرة ليلة».

قلت : القَلْد : المَصْدر. والقِلْد : الاسم.

اقلوَّده النعاسُ : إذا غشيه وغَلبَه.

وقال الراجز :

والقوم صَرعَى من كَرى مُقْلوِّدِ

أبو عبيد عن الكسائي : يقال لثُفْل السّمن : القلْدة والقِشْدة والكُدَادَة.

شمر عن ابن الأعرابيّ : قلَدت اللبنَ في السِّقاءَ وقريتُه : جمعته فيه.

وقال أبو زيد : قلدت الماءَ في الحوض ، وقلدت اللبن في السقاء ، أقلِدُه قَلْداً ، إذا قَدَحْتَ بقَدَحِك من الماء ثم صببْتَه في الحوض أو في السقاء. وقَلَد من الشراب في جوفه إذا شرب.

لقد : وأما (لَقَد) فأصلُه (قَدْ) ثم أدخلتْ عليها اللام توكيداً.

قال الفَرَّاء : وظن بعضُ العرب أنَّ اللام أصليّة فأدخل عليها لاماً أخرى فقال :

٤٨

للَقَدْ كانوا لَدَى أزماننا

لصَنِيعَيْن لِبأْسٍ وتقَاءِ

ق د ن

دنق ، قند ، قدن ، نقد : مستعملة.

دنق : قال الليث : يقال : دانِق ودانق ، وجمع دانِق دَوَانق ، وجمع دانَق دوانيق.

وقال غيره : يجوز في جمعهما معاً دوانق ودوانيق. وكذلك كلُّ جمع على فواعل ومفاعل فإنه يجوز مدُّه بياء.

ثعلب عن ابن الأعرابي عن أبي المكارم قال : الدّنيق والكِيص والصُّوص الذي ينزل وحدَه ويأكل وحدَه بالنهار ، فإذا كان الليلُ أكلَ في ضوء القمر لئلَّا يراه الضيف.

وقال : يقال للأحمق : دائِق ودانق ، ووادق ، وهِرْط.

وقال أبو عمرو : مريضٌ دانق : إذا كان مُدْنَفاً مُحْرَضاً. وأنشد :

إنَّ ذواتِ الدَّلِّ والبَخَانق

يقتُلن كلَّ وابِقٍ وعاشقِ

حتَّى تراه كالسليم الدانقِ

وقال الليث : دَنَّقَ وَجْهُ الرجل تدنيقاً : إذا رأيتَ فيه ضُمْراً ؛ لهزاله من مرض أو نَصَب.

أبو عبيد : دَنَّقَت الشمس تدنيقاً : إذا دنَتْ للغروب ، حكاه عن الأحمر.

وقال غيره : دنقَتِ العَينُ تدنيقاً : إذا غارت. ودَنق للموت تدنيقاً : إذا دنَا منه.

وقيل : لا بأس للأسير إذا خاف أن يمثل به أن يدنِّق للموت.

وأهل العراق يقولون : فلان مدنِّق : إذا كان يُدَاقُّ النظرَ في معاملاته ونفقاته ويَستعصِي فيها.

قلت : والتدنيق والمُدَاقَّة والاستقصاء : كناياتٌ عن البُخل والشحّ.

وقال ابن الأعرابي : الدُّنقُ : المقترون على عيالهم وأنفسهم. وكان يقال : «من لم يُدَنق زَرْنق». قال : والزَرْنقة : العِينة.

وقال أبو زيد : من العيون الجاحظة والظاهرة والمدنقة ، وهنَّ سواء ، وهو خروج العين وظُهورُها.

قال الأزهري : وقوله أصحُّ ممن جعل تدنيق العين غُؤُوراً.

قند : قال الليث : القَنْد : عُصارة قصبِ السكّر إذا جَمَد ؛ قال : ومنه يتخذ الفَانيذ.

وسَوِيق مقنودٌ مقنَّدٌ.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القِندَدُ : حالُ الرجل حسنةً كانت أو قبيحة.

عمرو عن أبيه : هي القِنْديدُ والطَّابة ، والطَّلَّة ، والكَسيس ، والفَقْد ، وأمّ زَنْبقٍ وأمُّ لَيْلَى والزرقاء ، للخمر.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القَناديد : الخُمور ، والقَناديد : الحالات ، الواحد منها قِنْديد.

٤٩

وقال أبو عبيد : سمعتُ الكسائي يقول : رجل قِنْدأوة وسِنْدَأْة وهو الخفيف : وقال الفرّاء : هي من النُّوق الجريئة.

وقال شمر : قِندأوةُ تُهمز ولا تُهمز.

وقال أبو الهيثم : قِنْدَأَوة : فِنْعالة ؛ وكذلك سِنْداوة وعِنداوة.

وقال الليث : القِنْدَأوُ : السيِّئ الخُلُق والغِذاء وأنشد :

فجاء به يسوِّقُه ورُحْنا

به في البَهْم قِنْدَأْواً بَطينا

أبو سعيد : فأسٌ قِندَأوة وقنداوة ، أي : حديدة.

وقال أبو مالك : قَدومٌ قِندأوة : حادّة.

نقد : قال الليث : النّقْد : تمييز الدراهم.

وإعطاؤها إنساناً وأخْذُها. الانتقادُ والنَقدُ : ضربة الصبيّ جَوزَةً بإصبعه إذا ضَرَب.

المنقَدة : حُزَيفَة تُنْقَد عليها الجَوْزة.

ويقال : نَقدَ أرنَبَتَه بإِصبعه : إذا ضَرَبها ، وقال خلف الأحمر :

وأرنَبةٌ لك محمَرّةٌ

تَكاد تفطِّرها نَقدَه

أي : تشقّها عن دمها.

والطائر ينقد الفَخّ ، أي : يَنقُره بمنقاره.

والإنسان يَنقد الشيء بعينه ، وهو مخالفة النَّظر لئلَّا يُفطَن له.

وقال ابن السكيت : النقْد : مصدر نَقدته الدراهمَ.

والنَقَد : غَنَمٌ صغار.

يقال : «هو أذلّ من النَقَد» وأنشد :

رُبَّ عَديمٍ أعزُّ من أسَدِ

ورب مُثْرٍ أَذَلُّ من نَقَد

والنَّقَد : أكل الضِّرْس ، ويكون في القَرْن أيضاً وأنشد :

عاضها الله غلاماً بَعد ما

شابت الأصداغُ والضِّرْسُ نَقِدْ

وقال الهذلي :

تَيْس تُيوسٍ إذا يناطحها

يألم قَرْنانُ أَرومُه نَقدُ

أي : أصله مؤتكل ، ويُجمع نَقَد الغنم نِقاداً ونقادة ، ومنه قول علقمة :

والمال صُوفُ قَرارٍ يَلعَبون به

على نقادَتهِ وافٍ ومجلومُ

يقول : المال يَقلُّ عند قوم ويكثر عند آخرين ، كما أن من الغنم ما يكثر صوفُه ، ومنه ما يَزْمَر صوفه ، أي : يقلُّ.

أبو عبيد عن الأصمعي : النُّقْد والنُّعْض : شجر ، واحدته نُقْدة ونُعْضة.

وقال اللحياني : نُقْدة ونُقْد ، وهي شجرةٌ.

وبعضهم يقول : نَقَدَة ونَقَد.

قلت : ولم أسمعه من العرب إلّا نَقداً محرّك القاف ، وله نَوْر أصفرَ ينبت في القيعان.

٥٠

وفي حديث أبي الدرداء أنه قال : «إن نقدت الناس نقدوك ، وإن تركتهم لم يتركوك» ، معنى نقدتهم ، أي : عبتَهم واغْتبتَهم.

وهو من قولك : نقدت رأسه بإِصبعي ، أي : ضربته.

والطائر ينقد الفخَّ ، أي : ينقره بمنقاره.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الأنقد والأنقذ ، بالدال والذال : القُنفُذ. ومن أمثالهم : «بات فلان بليلة أنقد» : إذا بات ساهراً يسري ؛ وذلك أن القنفذ يَسرِي ليله أجمع.

يقال : «فلانٌ أسْرَى مِن أنقدَ» معرفة لا ينصرف.

وقال الليث : الإنقدَانُ : السُّلَحفاة الذّكر.

قال : والنَّقد : ثمرُ نبت يشبه البَهْرَمان.

وأنشد :

يَمُدَّانِ أشداقاً إليها كأنها

تَفَرَّقُ عن نُوّارِ نُقد مثقبِ

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : النَقد : السِّفَل من الناس.

والنّقدة : الكَرْوْيا.

قدن : ثعلب عن ابن الأعرابي : القدْن : الكفايةُ والحَسْب.

قلت : جَعَل القَدْنَ اسماً ؛ وأصله من قولهم : قَدْني كذا وكذا ، أي : حسبي.

ومنهم من يحذف النون فيقول : قَدِي ، وكذلك قَطْني وقَطِي.

ق د ف

قفد ، قدف ، فقد ، دفق ، دقف : [مستعملة].

قدف : قال الليث : القَدْف بلغة عُمانَ : غَرْفُ الماء من الحَوْض أو من شيءٍ تَصبّه بكفّك.

قال : وقالت العُمانيّة بنت جُلَنْدى ، حين أَلبَستِ السّلحفاةَ حُليَّها : «فغاصت فأقبلت تغترف من البحر بكفّها وتصبّن على الساحل وهي تنادي القَوَم : نَزافِ نَزافِ ، لَم يَبق في البحر غير قُدَاف» ، أي : غير حَفْنة.

وقال ابن دريد وذكر قصة هذه الحَمُقاء ثم قال : القُداف : جَرّة من فَخّار.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القَدْفُ : الصبّ. والقَدْف : النَّزْح.

وقال ابن دريد : القَدْف : الكَرَب الذي يقال له الرَّفّوج ، من جريد النّخل ، لغة أزْديّة.

دقف : أهمله الليث.

روى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الدَّقْف : هَيجان الدُّقْفانة ، وهو المخنَّث.

وقال في موضع آخر : الدُّقوف : هَيَجان الخَيُعامة ، وكلُّه واحد.

٥١

دفق : قال الله جلّ وعزّ : (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦)) [الطارق : ٦].

قال الفراء : معنى دافِقٍ : مدفوق. قال : وأهل الحجار. أفعَلُ لهذا من غيرهم : أن يجعلوا المفعول فاعلاً إذا كان في مذهبِ نَعْتٍ ، كقول العرب : هذا سرٌّ كاتم ، وهَمٌّ ناصب ولَيْلٌ نائم. قال : وأعانَ على ذلك أنَّها وافقتْ رؤوس الآيات التي هي معهنّ.

وقال الزجاج : (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦)) معناه : من ماءٍ ذي دَفْق ، وهو مذهب سيبويه والخليل. وكذلك سرٌّ كاتم : ذو كتمان.

وقال أبو الهيثم نحواً منه.

وقال الليث : يقال : دَفَق الماء دُفوقاً ودَفْقاً : إذا انصبَّ بمرَّة. واندفَقَ الكُوز : إذا دَفَقَ ماؤه. فيقال في الطّيَرة عند انصباب الكُوز ونحوِه : «دافِقُ خَيُر». وقد أدفقْتُ الكُوزَ : إذا كَدَرت ما فيه بمرّة.

قلت : الدَفْق في كلام العرب صَبُّ الماء ، وهو مجاوِزٌ ، يقال : دفقتُ الكُوزَ فاندفق ، وهو مدفوق. ولم أسمَعْ دفقْتُ الماءَ فدَفق لغير الليث ، وأحسبه ذهب إلى قول الله : (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦)) [الطارق : ٦].

وهذا جائزٌ في النعوت : ومعنى دافِقٍ ذي دفْق ، كما قال الخليل وسيبويه.

وقال الليث : ناقة دِفاقٌ ، وهي المتدفِّقة في سَيرها مُسْرِعة ؛ وقد يقال : جَمَلٌ دِفَاق ، وناقة دَفْقاء وجَمل أدفَق ، وهو شدّة بينونة المِرفَق عن الجَنْبين وأنشد :

بعَنْتَريسٍ نَرَى في زَوْرِها دَسَعاً

وفي المَرافق عن حَيْزُومها دَفَقا

وقال ابن دريد : يقال : دَفَق الله رُوحَه : إذا دعا عليه بالموت.

وسار القومُ سيراً أدفَقَ ، أي : سريعاً.

ويقال : فلان يتدفَق في الباطل تدفُّقاً : إذا كان يسارع إليه ، قال الأعشى :

فما أنا عما تَصنَعون بغافلٍ

ولا بسفِيهٍ حِلْمُه يتدفّقُ

وقال ابن الأنباري : هو يمشي الدِفِقىَ ، وهي مشية يتدفق فيها ويسرع. وأنشد :

يمشي العُجَيْلَى من مخافةِ شدقمٍ

يمشي الدِّفقيِ والخنِيفَ ويصبرُ

ويقال : هلالٌ أدفقُ : إذا رأيته مرقوناً أعقَفَ ولا تَراه مستلقياً قد ارتفعَ طرفاه.

وقال ابن الأعرابيّ : رجل أدفَقُ : إذا انحنى صُلبه من كِبرٍ أو غَمّ. وأنشد المفضَّل :

وابن مِلاطٍ متجافٍ أدفَقُ

وقال أبو مالك : هلال أدفَقُ خيرٌ من هلالٍ حاقن.

قال : والأدفَق : الأعوج. والحاقن : الذي يرتفعَ طرفَاه ويستلقي ظهرُه.

وفي «النوادر» : هلالٌ أدفق ، أي : مستوٍ أبيض ليس بمنتكِثٍ على أحد طرفيه.

٥٢

ورجل أدفَق في نبتةِ أسنانِه.

وقال أبو زيد : العرب تَستحِبُّ أن يُهَلَّ الهلالُ أدفَق ، ويكرهون أن يكون مستلقياً قد ارتفع طَرَفَاه.

وقال الليث : جاءوا دُفْقَةً واحدة : إذا جاءوا دُفعةً واحدة.

قفد : قال الليث : القَفْد : صَفْع الرأس ببُسْطِ الكفّ من قِبَل القَفَا تقول : قفَدْتُه قَفْداً.

قال : والقَفَدانة : غِلاف المُكحُلة يتَّخذ من مشاوب ، وربما اتُّخِذ من أديم.

وقال ابن دريد : القَفَذان : خريطة العطّار.

وقال الليث : الأقفد : الذي في عَقِبه استرخاءٌ من الناس ، والظليم أقْفَد ، وأَمَةٌ قَفْداءُ.

وقال غيره : الأقفد من الرجال الضعيف الرِّخو المَفاصل. وقَفِدَتْ أعضاؤه قَفَداً.

وقال أبو عبيدة : القَفَد مِن عيوب الخيل : انتصاب الرُّسْغ وإقبالٌ على الحافر ، ولا يكون القَفَد إلّا في الرِّجْل.

والعِمَّة القَفْداء معروفة ، وهي غيرُ الميْلاء.

وقال ابن شُمَيل : القَفَد : يُبْسٌ في رُسْغ الفَرَس كأنّه يطأ على مقدم سُنْبُكه.

قال عمرو : كان مصعب بن الزُّبير يعتمُ القَفْداء. وكان محمد بن أبي وقاص الذي قتله الحجّاج يعتمُّ الميلاء.

فقد : الليث : الفَقد الفِقدان ، ويقال امرأةٌ فاقد : قد مات ولداها أو حَميمُها.

أبو عبيد : امرأة فاقد ، وهي الثَّكُولُ.

قال : وقال الأصمعِيُّ : الفاقد من النِّساء التي يموت زوجُها.

وأنشد الليث :

كأنّها فاقِدٌ شمْطاءُ مُعْوِلة

ناصت وجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكيلُ

قال : وبَقرة فاقدة : أكلَ السِباعُ ولَدَها.

ويقال : أنقدَه اللهُ كلَّ حميم.

ويقال : مات فلان غيرَ حميد ولا فَقيد ، أي : غير مكتَرَثٍ لفِقدانه.

قال : والتفقّد : تطلُّب ما غاب عنك من الشيء ورُوِي عن أبي الدرداء أنّه قال : «مَن يَتفقّد يَفقِد ، ومن لا يُعِدَّ الصبر لفواجع الأمور يَعْجِز» ، فالتفقّد : تطلَّب ما فقدْتَه ، ومنه قول الله عزوجل : (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ) [النمل : ٢٠].

ومعنى قول أبي الدرداء : إنَّ مَن يتفقّد الخيرَ ويطلبه في الناس لا يجدُه لعِزّه في الناس ، وذلك أنّه رأى الخيرَ والزُّهد في الدنيا عزيزاً غيرَ قاشٍ ؛ لأنَّه في النادر من الناس.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الفَقَدة الكُشُوث.

وقال الليث : الفَقَد : شرابٌ يُتَّخذ من الزَّبيب والعَسل.

ويقال : إنّ العسل يُنبَّذ ثم يُلقَى فيه الفَقَد

٥٣

فيشُدُّه. قال : وهو نَبتٌ يشبه الكُشوثُ فيشَدِّدُه.

ق د ب

استعمل من وجوهه : [دبق].

دبق : قال الليث : الدِّبق : حَمْل شجرٍ في جَوْفه غِراء لازقٌ يَلزق بجناح الطائر دَبْقاً.

قال : ودبّقتُها تدبيقاً : إذا صِدتَها به.

أبو عبيد عن أبي عمرو والأمويّ : الدَّبُوقاء : العَذِرة.

قال رؤبة :

لو لا دَبُوقاءُ استِهِ لم يَبطغِ

وقال غيره : الدَّبِيقيّ مِن دِقّ ثياب مِصْر معروفة ، تُنسب إلى دَبيق اسم موضع.

ودابق : اسم موضع آخر.

والدَّبُّوق : لُعبةٌ معروفة.

ق د م

قدم ، قمد ، دمق ، دقم ، مقد : مستعملة.

قمد : قال الليث : القَمُدّ : القويّ الشديد ؛ يقال : إنّه لقُمُدّ قُمْدُد ، وامرأة قُمُدَّة.

والقُمود شِبْه العُسُوّ مِن شِدَّة الإباء.

يقال : قَمَد يَقْمدُ قَمْداً وقُموداً : جامَعَ في كلِّ شيء.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القَمْد : الإقامة في خَيرٍ أو شرّ. قال : والقُمُدّ : الغليظ من الرجال ؛ ويقال : رجل قُمُدّانيّ أيضاً.

وقال غيره : رجلٌ أقْمَدُ : إذا كان ضخمَ العُنُق طويلها ؛ وامرأة قَمْداء.

قال رؤبة :

ونحن إن نُهِنه ذَوْدُ الذُّوّادْ

سَواعِدُ القَومِ وقُمْدُ الأقمادْ

أي : نحن غُلْبُ الرقاب أقوياء.

مقد : قال الليث : المَقَدِّيّ من نَعْت الخمر ، منسوبةٌ إلى قرية بالشام.

وأنشد في تخفيف الدال :

مَقَدِياً أحَلّه الله للنا

س شراباً وما تَحِلُّ الشَّمولُ

وقال شمر : أسمعتُ أبا عبيدٍ يروي عن أبي عمرِو المَقَدِيّ : ضربٌ من الشَّراب ، بتخفيف الدال.

قال : والصحيح عندي أنّ الدال مشدّدة.

قال : وسمعت رجاءَ بن سَلَمة يقول : المَقَدِّي بتشديد الدال. الطَّلاء المنصَّف ، مُشبَّةٌ بما قُدّ بنصفين. ويصدِّقه قول عمرو بن معديكرب :

وهم تَركوا ابنَ كَبْشةَ مُسْلَحِبّاً

وهمْ شَغَلوهُ عن شُرْب المَقَدِّي

حدثنا السعديّ قال : حدثنا ابن عفان عن ابن نمير عن الأعمش عن منذرٍ الثّوري قال : رأيت محمد بن عليّ يشرب الطِّلاء المقدّيّ الأصفر ، كان يرزُقه إياه عبد الملك. وكان في ضيافَتِه يرزقه الطِّلاءَ وأرطالاً من لحم.

٥٤

دقم : قال الليث : الدَّقْم : دَفْعَك الشيء مفاجأةً تقول : دقمتُه عليهم ، وقد اندقمَتْ عليهم الرياح والخيل.

وقال رؤبة :

مَرّاً جَنُوباً وشَمَالاً تندقمْ

أبو عُبيد عن أبي زيد : دَقُمْتُ فاه ودمَقْته دَقْماً ودَمْقاً ، إذا كسرتَ أسنانَه.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الدَّقْم : الغَمّ الشديد مِن الدَّيْن وغيره.

دمق : قال الليث : الدَّمَق : ثلْجٌ ورِيحٌ مِن كلِّ أوْب حتى يكاد يَقْتُل من يُصيبه.

قال : والاندماق : الانخراط ، يقال : اندَمَق عليهم بغتة ، واندمَق الصّيَّاد في قُترته ، واندمق منها : إذا خرج.

وقال أبو عمرو : اندَمَق : إذا دخل ؛ وأدمقْتُه إدماقاً.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الدَّمْق : السَّرِقة.

وروى شمر بإسنادٍ له أنّ خالداً كتب إلى عُمر : «أنَّ الناس قد دَمَقوا في الخمر وتَزاهدوا في الحَدّ».

قال شمر : قال ابن الأعرابيّ : دَمَق الرجل على القوم ودَمَر : إذا دخل بغير إذن.

قال : ومعنى قوله : دمقوا في الخمر : دخَلوا واتَّسَعوا.

وقال رؤبة يصف الصائد ودخوله في قُترته :

لمّا تَسَوَّى في خَفيِ المُنْدَمَقْ

قال : مُندمَقُه : مَدخله.

وقال غيره : المندَمق : المتَّسَع.

أبو عدنان عن الأصمعيّ : دَمَقَ فمَه ودَقَمَه : إذا دَقّه حتى دخل. ويقال : أخذ فلانٌ مِن المال حتى دَقِم وحتَّى فَقِم ، أي : حتى احتَشى.

قدم : الحرّاني عن ابن السكيت قال : القَدَم والرِّجل أنثيان ، وتصغيرهما قُدَيمة ورُجَيلة ، ويُجمعان أرجلاً وأقداماً.

وقال الليث : القَدَم مِن لَدُن الرُّسْغ : ما يطأ عليه الإنسان.

وقال أبو إسحاق النحويّ في قول الله جلّ وعزّ : (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) [يونس : ٢] ، قال : قَدَم الصِّدق : المنزِلة الرفيعة.

وأخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم أنّه قال : القَدَم السابقة.

ونحو ذلك قال الليث ، قال : وكذلك القُدْمة. قال : والمعنى : أنّه قد سَبق لهم عند الله خير. قال : وللكافرين قَدَم شَرّ.

وقال ذو الرمة :

وأنت امرؤٌ من أهل بيتِ ذؤابةٍ

لهمْ قَدَمٌ معروفةٌ ومفاخرُ

قالوا : القَدَم والسّابقة ما تقدَّموا فيه غيرَهم.

وفي الحديث : أنّ جهنّم تمتلئ حتّى يضع الله فيها قَدَمه.

٥٥

رُوي عن الحسن أنه قال : معناه حتّى يجعل الله فيها الذين قدّمهم من شرار خَلْقه إليها ، فهم قَدَمُ اللهِ للنار ، كما أنّ المسلمين قَدَمُه للجنّة.

وأخبرني محمد بن إسحاق السعديّ عن العباس الدُّورِيّ أنه سأل أبا عبيدٍ عن تفسيره وتفسير غيره من حديث النزول والرؤية فقال : هذه أحاديثُ رواها لنا الثِّقاتُ عن الثّقات حتى رفعوها إلى النبي عليه‌السلام ؛ وما رأينا أحداً يفسِّرها ، فنحن نؤمن بها على ما جاءت ولا نفسِّرها.

أراد أنها تُترك على ظاهرها كما جاءت.

وأخبرني المنذريّ عن أحمد بن يحيى أنّه قال في قوله جلّ وعزّ : (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) قال : القَدَم : كلُّ ما قدّمتَ من خير ، قال : وتقدّمَتْ فيه لفُلان قَدَمٌ ، أي : تقدمٌ في الخير.

وقال القُتيبيّ : معناه : أنّ لهم عملاً صالحاً قدَّموه.

وقال أبو زيد : رجل قَدَم وامرأةٌ قَدَم ، مِن رجال ونساء قَدم ، وهم ذَوو القَدَم.

وجاء في التفسير في قوله : (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) : شفاعةً للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم القيامة.

وقال ابن شميل : رجل قَدَم ، وامرأةٌ قَدَم : إذا كانا جَريئين.

وقال أبو الهيثم : القِدَم : العِتْق ، مَصدر القَديم. وقد قدُم يَقدُم. قال : والقدُوم : الإياب مِن السفَر. وقد قَدِم يَقدمَ قُدوماً.

قال : والقُدْم : المضِيّ ، وهو الإقدام.

يقال : أقدَمَ فلانٌ على قِرْنِه إقداماً وقُدْماً ومُقْدَماً : إذا تَقدّم عليه بجرأة صَدْرِه.

وضِدُّه الإحجام.

وقال الليث : قُدَّام : خلاف وراء. وتقول : هذه قُدّام ، وهذه وراء ، تصغيرهما قُديديمة ووُرَيِّئة. تقول : لَقيتُه قُدَيْديمة ووُرَيِّئة ذاك.

وأما قول مُهلهِل :

ضَرْبَ القُدارِ نَقيعَةَ القُدّامِ

فإن الفراء قال : القُدّام : جمع قادم.

ويقال : القُدّام : الملك.

شمر عن أبي حسّان عن أبي عمرو.

وقال : القُدّام والقِدِّيم الذي يتقدَّم الناس بالشرف.

ويقال : القُدّام : رئيس الجيش.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القَدْم : الشرف القديم على مثال فَعْل.

وقال ابن شميل لفلان عند فلان قَدَمٌ ، أي : يَدٌ ومعروف وصَنِيعَة.

وقال الفراء : هي القَدُوم التي يُنحَتُ بها ، وجمعُها قُدُم. وأنشد :

فقلتُ أعِيرانِي القدُوم لعلّني

أَخُطّ بها قَبراً لأبيَضَ ماجِدِ

وقال الأعشى في جمع القَدوم :

٥٦

أقامَ به شاهبورُ الجنو

دَ حَولينِ يضرب فيها القُدُمْ

وقال الليث : القُدُم : ضدُّ أُخُر ، بمنزلة قُبُل ودُبُر.

ورجل قُدُم ، وهو المقتحم على الأشياء يتقدَّم الناس ويَمضي في الحروب قُدُماً.

وقال غيره : مقدِّمة الجيش بكسر الدال : الذين يتقدَّمون الجيش.

ومُقْدِم العَين ما يلي الأنف ، ومُؤخرها : ما يلي الصّدْغ.

ويقال : ضَرَب مقدَّم رأسه ومُؤخَّره.

وقال الليث : المقدِّمة : الناصية ، والمقدِّمة : ما استقبلك من الجبْهة والجبين.

ويقال : ضربتُه فَركِب مَقاديمه ، أي : وقع على وجهه ، واحدها مُقْدِم.

ويقال : مَشَطَتها المقدمة لا غير.

وقال الليث : قادمة الرّحْل من أمام : الواسط بالهاء.

قلت : العرب تقول : آخِرة الرحل وواسِطه. ولا يقال : قادمة الرحل.

وللناقة قادِمان وآخران ، الواحد قادِم وآخِر.

وكذلك للبقرة قادِماها : خلْفاها اللذان يَليان السُّرَّة ، وآخِراها : الخِلْفان اللذان يليان مؤخّرها.

وقَوَادِم رِيش الطائر : ضدّ خَوافِيها ، الواحدة قادمة وخافية.

ومن أمثالهم : «ما جَعَل القوادمَ كالخوافي!؟».

وقال ابن الأنباري : قُدَامَي الريش : المقَدَّم.

وقال رؤبة :

خلِقتُ من جَناحك الغُدافِ

من القدامَى لا من الخوافي

قال : والقدامَى : القدماء.

قال القطامي :

وقد علمت شيوخُهم القدامى

إذا قعدوا كأنهم النِّسارُ

جمع النِّسر.

ورواه المنذري لنا عن الحراني عن ابن السكيت كما قال ابن الأنباريّ.

وقال الليث : قَيْدوم الرجل : قادِمَته.

وقال غيره : يقال : مَشى فلان القدَميّة واليَقْدُميّة : إذا تقدّم في الشرف والفضل ولم يتأخّر عن غيره في الإفضال على الناس.

وروي عن ابن عباس أنه قال : «إن ابن أبي العاصي مَشَى القُدَميّة ، وإنَّ ابن الزُّبير لَوَى ذَنَبَه» ، أراد أنَّ أحدهما سَمَا إلى معالي الأمور فحازَها ، وأنّ الآخر عَمِيَ عما سَمَا لهُ منها.

وقال أبو عبيد في قوله : ومشَى القدميّة.

٥٧

قال أبو عمرو : معناه : التَّبختُر.

أبو عبيد : فإِنما هو مثلٌ ، ولم يُرد المشْيَ بعينه ، ولكنه أراد أنّه يحبُّ معالي الأمور.

ويقال : قَدِم فلانٌ من سَفَره يَقدَم قُدوماً ، وقَدِم فلان على الأمر : إذا أقدَمَ عليه.

وقال الأعشى :

فكم ما ترينَ أمراً راشداً

تَبيَّنَ ثم انتهى أو قَدِمْ

وقَدِم فلانٌ إلى أمر كذا وكذا ، أي : قَصَد له ، ومنه قوله : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ) [الفرقان : ٢٣].

قال الفراء والزجاج : قَدِمْنا : عَمَدْنا وقَصَدْنا.

قال الزجاج هو كما تقول : قام فلانٌ يَشتم فلاناً ، تريد : قَصَد إلى شَتْم فلان ، ولا تريد بقامَ القيامَ على الرجلين.

شمر عن ابن الأعرابي قال : القدْم ، بالقاف : ضربٌ من الثياب حُمْرٌ.

وأقرأني بيت عنترة :

وبكلِّ مرهفة لها هيف

تحت الضلوع كطُرَّة القدْمِ

لا يرويه إلا القدْمِ.

قال : والفدم بالفاء. هذا على ما جاء وذاك على ما جاء.

ويقال : قَدَم فلانٌ فلاناً يقْدُمُه : إذا تقدّمه ومنه قول الله جلَّ وعزَّ : (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [هود : ٩٨] ، أي : يتقدَّمهم إلى النار. ومَصدَرُه القَدْم.

ويقال : قَدّم فلانٌ يقدّم ، وتَقدّم يتقدّم ، وأقدَم يُقْدِمُ ، واستَقْدَمَ يَستقدم ، بمعنى واحد.

قال الله جلَّ وعزَّ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) [الحجرات : ١] ، معناه : لا تتقدّموا ، وقرئ : (لا تَقَدَّمُوا).

وقال الزجاج : معناه : إذا أمرْتم بأمرٍ فلا تَفعلوه قبلَ الوقت الذي أمرْتم أن تفعلوه فيه.

وجاء في التفسير : «أنَّ رجلاً ذبح يوم النحر قبلَ الصلاة ، فتقدَّمَ قبل الوقت ، فأنزل الله الآية وأعلَم أنّ ذلك غير جائز». وقال الزجاج في قوله : (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤)) [الحجر : ٢٤] ، قيل : المستَقْدمين ممّن خُلِق ، والمستأخرين ممّن يُحدَث من الخلْق إلى يوم القيامة. وقيل : المستقدمين منكم في طاعة الله والمستأخرين فيها.

وقال ابن شميل في قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أوّل من اختَتَن إبراهيم بالقَدوم». قال : قَطَعه بها. فقيل له : يقولون : قَدوم : قرية بالشام ؛ فلم يعرفه ، وثبتَ على قوله.

قال : ويقال : قَدِمَةٌ مِن الحَرّة وقَدِمٌ ، وصَدِمةٌ وصَدِم : ما غَلظ مِن الحرّة.

ورجل مقدام في الحرب : جريء ؛ ورجال

٥٨

مَقاديم. والإقدام : ضدّ الإحجام.

[أبواب] القاف والتاء

ق ت ظ ، ق ت ذ ، ق ت ث : أهملت وجوهها.

ق ت ر

قتر ، قرت ، رتق ، ترق : مستعملة.

قتر : قال الله جلَّ وعزَّ : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا) [الفرقان : ٦٧] ، قرئ (لم يَقْتِروا) و (لَمْ يَقْتُرُوا). وقرئ : (ولم يُقتِروا).

وقال الفراء : (لَمْ يَقْتُرُوا) : لم يقصِّروا عما يجب عليهم من النفقة ، ويقال : قَتَر وأَقتَر بمعنى واحد.

وقال الليث : القَتْرُ : الرُّمْقة في النَّفقة ، ويقال : فلان لا يُنفق على عياله إلّا رُمْقةً ، أي : يُمسِك الرّمَق. ويقال : إنّه لَقتورٌ مقتر. قال : وأقتَر الرجل : إذا أَقَلّ ، فهو مُقْتِرٌ. قال : والمقتِّر عقيبُ المكثِّر ، والمُقْتِر عقيبُ المكْثِر.

أبو عبيد عن الأموي : قتَّرت للأسد : إذا وضَعْتَ له لحْماً يَجِدُ قُتارَه.

قال : وقال غيره : القُتار : ريح القِدْر.

وقال الليث : القُتار رِيح اللحم المشويّ ونحو ذلك.

قال : والقتار أيضاً ريح العُود الذي يُحرَق فيذكَّى به (١).

وقال الفرّاء : هو آخر رائحة العود إذا بخّر به. [قاله](٢) في كتاب «المصادر».

قلت : هذا التفسير للقُتار من أباطيل الليث. والقُتار عند العرب : رِيحُ الشِّواء إذا ضُهِّب على الجمر. وأما رائحة العود إذا أُلقي على النار فإنَّه لا يقال له قُتار ، ولكنّ العرب تصف استطابةَ القَرِمين إلى اللحم ورائحة شِوائه ، فشبَّهتها برائحة العود إذا أُحْرِق.

ومنه قول طرفة :

أقُتارٌ ذاك أم رِيحُ قُطُرْ

والقُطُر : العُود الذي يُتبخَّر به. ونحو ذلك قول الأعشى :

وإذا ما الدخان شُبّه بالآ

نُف يوماً ، بشَتْوةٍ ، أهضاما

والأهضام : العود الذي يُوَقَّص ليُستَجمَر به.

وقال لبيدٌ في مثله :

ولا أضِنُّ بمعْبوط السَّنَام إذا

كان القُتار كما يُستَروَح القُطُر

__________________

(١) بعده في «اللسان» (قتر): «قال الأزهري : هذا وجه صحيح وقد قاله غيره».

(٢) زيادة من «اللسان» (قتر).

٥٩

أخبر أنَّه يجود بإطعام الطعام إذا عزَّ اللحم ، وكان ريح قُتار اللحم عند القَرِمِين إليه كرائحة العود الذي يُتبخَّر به.

ويقال : لحمٌ قاتر : إذا كان له قُتارٌ لدَسَمِه ، وقد قتَر اللحمُ يَقْتِر. وربما جَعلتِ العرب الشَّحم والدَّسَم قُتاراً.

ومنه قول الفرزدق :

إليك تَعَرَّقْنا الذُّرى برِحالنا

وكلّ قُتار في سُلامَى وفي صُلْبِ

وقال أبو عبيد : القُتْرة : البئر يحتفرها الصائد يَكمنُ فيها ، وجمعُها قُتَر.

وقال الليث : القُتْرة : كُثْبة من بَعْرٍ أو حَصًى تكون قُتَراً قُتَراً.

قلت : أخاف أن يكون قوله قُتَراً قُتَراً تصحيفاً ، وصوابه قُمَزاً قُمَزاً ، والقُمْزة : الصُّوبة من الحَصَى وغيره ، وجمعها القُمَز.

والقَتَرَة : غَبَرة يعلوها سواد كالدخان.

قال الله جلّ وعزّ : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ (٤٠) تَرْهَقُها قَتَرَةٌ (٤١)) [عبس : ٤٠ ، ٤١].

وكذلك القَتَر بلا هاء.

أبو عبيد : القاتر من الرجال : الجيِّد الوُقوع على ظهر البعير.

وقال الليث : هو الذي لا يَستقدم ولا يستأخر.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : القِتْر : نِصال الأهداف.

وقال الليث : هي الأقتار ، وهي سهامٌ صغار.

يقال : أُغالِيكَ إلى عشرٍ أو أقلّ ، فذلك القِتْر بلغة هُذَيل ، يقال : كم جَعلتُم قِتْركم.

وقال أبو ذؤيب :

كسهم الغِلاءِ مستدرّاً صيابُها

وقال ابن الكلبي : أهدى يكسوم ابن أخي الأشرم للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سِلاحاً فيه سهمٌ لَغْبٌ قد ركبت مِعبلةٌ في رُعْظِه ، فقوَّم فُوقَه وقال : هو مستحكم الرِّصاف ، وسماه : «قِتْر الغِلاء».

وروى حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أنَّ أبا طلحة كان يَرمي والنبي يُقتّر بين يديه ، وكان رامياً وكان أبو طلحة يَشُور نفسَه ويقول له إذا رَفَع شخصه : نحري دونَ نحرِك يا رسول الله!.

قال غيره : هي والأقتار والأقطارُ : النواحي ، واحدها قُتْر وقُطْر.

وقد تَقتَّر فلانٌ عنّا وتقطّر : إذا تنحّى.

وقال الفرزدق :

وكُنّا به مستأنسين كأنه

أَخٌ أو خَليطٌ عن خليطِ تَقتَّرا

وقال أبو عبيد : تَقطَّر فلان وتَقتَّر وتَشذَّر ، كلُّه تهيّأ للقتال وتحرَّف لذلك.

وقال الفرزدق أيضاً :

لطيف إذا ما انغَلَّ أدْرك ما ابتغى

إذا هو للمُطنِي المَخُوفِ تَقتّرا

٦٠