بالهاء وغير الهاء لم يختلف النحويّون في ذلك.
أبو عبيد عن أبي زياد الكلابي : قَدَرْت القدر أقدُرها قَدْراً : إذا طبخت قِدراً.
وقال الليث : القَدير : ما طُبخ من اللحم بتوابل ، فإن لم يكن ذا تَوابل فهو طبيخ.
قال : ومَرَقٌ مَقدُور وقدير ، أي : مطبوخ.
ثعلب عن سلمة عن الفراء قال : القُدَار : الجزار ، والقُدَار : الغلام الخفيف الروح الثَّقِف اللّقِف. قال : والقُدَار : الحيّة ، كل ذلك بتخفيف الدال.
وقال الليث : القُدار : الجزّار الذي يلي جَزْرَ الجَزور وطبْخه.
قلت : وجاء في بعض الأخبار أن عاقر ناقة ثمود كان اسمه قداراً ، وأنَّ العرب قالت للجَزّار : قُدار تشبيهاً به.
ومنه قول الشاعر :
إنا لنَضرب بالصَّوارم هامَهُمْ |
ضَرْبَ القُدار نَقيعةَ القُدّام |
وقال الليث : قدّرتُ الشيءَ ، أي : هيَّأته.
قال : والأقدر من الرجال : القصير العُنُق.
والقُدار : الثُّعبان العظيم.
أبو عبيد عن أبي عمرو : الأقدر : القصير ، وأنشد :
رأَوك أَقَيْدرَ حِنْزقْرَه
وقال غيره : قادرتُ الرجلَ مقادرَة ، أي : قايسته وفعلتُ مثلَ فِعله.
وقال أبو عبيد : سمعتُ أبا عمرو يقول : الأقدر من الخيل : الذي إذا سار وقعت رِجلاه مواقع يديه ، وأنشد :
وأقدَرُ مُشرف الصّهَوات ساطٍ |
كُمَيتٌ لا أَحقُّ ولا شَئيتُ |
وقال أبو عبيدة : الأقدر الذي يُجاوز مَواقع حافري رجليه مواقع حافري يديه.
وقال غيره : سرجٌ قادر وقاتر ، وهو الواقي الذي لا يعقِر. وقيل : هو بين الصغير والكبير.
والتقدير على وجوه من المعاني : أحدُهما : التروِيَة والتفكير في تسوية أمرٍ وتهيئته. والثاني : تقديره بعلاماتٍ تقطِّعه عليها. والثالث : أن تنويَ أمراً بعَقدك تقول : قدّرتُ أمرَ كذا وكذا ، أي : نويته وعقدتُ عليه.
ويقال : قَدّرْتُ لأمر كذا وكذا أقدُرُ له وأقدِرُ له قَدْراً ، إذا نظرتَ فيه ودبَّرتَه ، وقايَستَه.
ومنه
قول عائشة : فاقدِروا قدرَ الجاريةِ الحديثة السِّنّ المشتهيةِ للنظر» ، أي : قدّروا وقايسوا.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القَدَر : القارورة الصغيرة ، وقال : القُدار : الرَّبْعة من الناس.
وقال شمِر : يقال : قدَرتُ ، أي : هيّأت ، وقدرتُ ، أي : أطقْتُ ، وقَدَّرْتُ ، أي :
وقَّتُّ وقدَرتُ : ملكْتُ.
قال لبيد :
فَقَدَرْتُ للوِرْد المُغلِّس غُدوَةً |
فوردتُ قبلَ تَبيُّن الألوانِ |
قال أبو عمرو : قَدَرْتُ وقّتّ وهيَّأت.
وقال الأعشى :
فاقدِرْ بذَرْعِك بَيْننا |
إن كنتَ بوأْتَ القَدارهْ |
بوأت : هيَّأت.
وقال أبو عبيدة : اقدِرْ بذرعك ، أي : أَبْصِر واعرِف قَدرَك.
وتقدير الله الخَلْق : تيسيره كلًّا منهم لمّا علم أنَّهم صائرون إليه من سَعادة أوْ شَقاوة كُتبتْ لهم ، وذلك أنه علم ذلك منهم قبلَ خَلْقِه إيّاهم ، وحينَ أمرَ بنفخ الرُّوح فيهم ، فكتب عِلْمَه الأزَليَّ السابق فيهم وقدَّره تقديراً. ومقدار الإنسان : قدرُ عمره وحياتُه.
دقر : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الدّوْقَرة : بُقْعةٌ تكون بين الجبال المحيطة بها.
وقال الليث : هي بُقعةٌ تكون بين الجبال في الغِيطان انحسرتْ عنها الشَّجر وهي بيضاءُ صُلْبة لا نبات فيها. ويقال : إنها مَنازل الجنّ ، ويُكره النزولُ بها.
قال : ويقال للكذب المستشنَع والأباطيل ما جئتَ إلا بالدّقارِير. قال : والدِقْرار : التُّبَّان ، وجمعُه الدقارير.
أبو عبيد : رجل دِقْرارة ، وهو النمّام ، وجمعه دَقارِير ، ويقال : الدِقْرار. التُّبَّان : وجمعهُ الدَقارير.
وقال أوس بن حَجَر :
يَعْلون بالقَلَع الهِنديّ هامَهُمُ |
ويَخرج الفَسْوُ من تحت الدَّقارِير |
وقال شمر : الدَّقارير : الدواهي والنمائم.
وقال الكميت :
على دَقاريرَ أحْكيها وأفْتَعِلُ
ثعلب عن ابن الأعرابي : الدِقْرارة : التُّبّان. والدِقْرارة : القصير من الرجال.
والدِّقرارة : النمّام. والدِقْرارة : الداهية من الدواهي. والدِّقْرارة : العَوْمرة ، وهي الخصومة المتبعة. والدِقْرارة : الحديث المفتَعَل. والدِقْرارة : المخالَفة.
ومنه حديث عمر : «أنه أمر رجلاً بشيء فعارَضَه ، فقال له : قد جئتَني بدِقْرارةِ قومك» ، أي بمخالفتهم.
وقال الليث : الدُّقْران : الخُشُب التي تُنصَب في الأرض يُعرَّش عليها العِنَب ، الواحدة دُقْرانة.
ثعلب عن ابن الأعرابي : الدَّقْر : الروضة الحَسناء ، وهي الدَّقْرى.
وأنشد :
وكأنها دَقَرى تَحَيَّلُ ، نبتُها |
أُنُفٌ ، يَغُمُّ الضّالَ نبتُ بِحارها |
وقال غيره : دَقَرى اسم روضة بعينها.
وقوله : «تَخيَّلُ ، أي : تَلوَّنُ فتريك رُؤيا تخيّل إليك أنَّها لونٌ ثم تراها لوناً آخر ، ثم قطعَ الكلامَ الأوّل ، وابتدأ فقال : «نبتُها أُنُف».
عمرو عن أبيه : هي الدَّقَرى والدِّقْرة والدَّقيرة والوَدَفة والوَدِيفة والرَّقَّة والرّقْمة والمُزْدَجّة للروضة.
قرد : قال الليث : القِرد معروف ، والأنثى قردة ، وثلاثة أقرُد وقُرود وقِرَدة كثيرة.
وأقرَد الرَجُل : إذا ذَلّ.
وأنشد الفراء :
يقول إذا اقلَوْلَى عليها وأَقَرَدَتْ |
ألا هل أخو عيشٍ لذيذٍ بدائم |
والقُراد معروف ، وثلاثة أقرِدة ، وقِرْدَانٌ كثيرة.
والقَرْد : لغة في الكَرْد ، وهو العُنُق ، وهو مجثِم الهامَة على سِلفَة العُنُق.
وأنشد :
فجلَّله عَضْب الضَّرِيبةِ صارِماً |
فطبَّقَ ما بين الذُّؤابَة والقرْدِ |
وقال : والقَرِد من السحاب الذي تراه في وجهه شبه انعقادٍ في الوهم ، يشبَّه بالوَبَر القَرِد. والشعر القَرِد : الذي انعقدتْ أطرافُه.
وإذا فسدت مَمْضَغَة العِلْك قيل : قد قَرِد.
وقُرْدُودة الظهر : ما ارتفع من ثَبَجه.
الحراني عن ابن السكيت عن الأصمعي : قال : السِّيساء : قردودة الظهر.
وقال أبو عمرو الشَّيباني : السِّيساء من الفَرَس : الحارِك ، ومِن الحِمار الظَّهر.
وقال الليث : القَردد من الأرض : قُرنةٌ إلى جنب وهدة. وأنشد :
متى ما تزرنا آخر الدَّهرِ تلقَنا |
بقرقرةٍ ملساءَ ليست بقردد |
وقال شمر : قال الأصمعي : القردد : نحوُ القُفّ.
قال ابن شميل : القُرْدودة : ما أشرفَ منها وغَلُظ ، وقلَّما تكون القراديد إلَّا في بَسْطَة من الأرض وفيما اتَّسع منها ، فتَرَى لها مَتْناً مُشرِفاً عليها غليظاً لا يُنبت إلا قليلاً.
قال : ويكون ظَهْرُها سَعَته دَعْوَةً. قال : وبُعْدُها في الأرض عُقْبَتَيْن وأقلُّ وأكثر ، وكلُّ شيءٍ منها جَدْب ظَهْرُها وأسنادُها.
وقال شمر : يقال القَرْدودة : طريقةٌ منقادة كقُردودة الظَّهر.
وقال أبو عمرو : القَرْدَدُ : ما ارتفع من الأرض.
وقال أبو سعيد : القِرْديدة : صُلْب الكلام.
وحُكي عن أعرابيٍّ أنه قال : استَوْقَح الكلامُ فلم يَسْهُلْ لي ، فأخذتُ قِرْديدةً منه فركبتُه ولم أَزُغ عنه يميناً ولا شمالاً.
ويقال لَحلَمة الثّدي قُراد : يقال للرجل إنّه
لحَسن قرادَيِ الصّدْر.
وقال ابن ميادة يمدح بعض الخلفاء :
كأنّ قُرادَى زَوْرِه طَبعتْهُما |
بطِين مِن الجَوْلان كُتَّابُ أعْجما |
قال أبو الهيثم : القرادان من الرجل : أسفل الثندوة. يقول : فهُما منه لطيفان كأنهما في صدره أثر طين خاتم ختمه بعض كتاب العجم. وخصّهم لأنهم كانوا أهلَ دواوين وكتاب.
أبو عبيد عن الأموي : قردت في السقاء قرداً : جمعت السمنَ فيه.
وقال شمر : لا أعرفه ولم أسمعه إلّا لأبي عبيد.
وسمعت ابن الأعرابي : قلدت في السقاء وقريت فيه. والقلْد : جمعك الشيء على الشيء من لبن وغيره.
وفرس قَرِدُ الْخَصيل : إذا لم يكن مسترخياً ، وأنشد :
قَرِدُ الخَصِيل وفي العظام بقيَّة
ويقال : فلان يقرِّد فلاناً : إذا خَادَعَه متلطِّفاً ، وأصله الرجل يجيء إلى الإبل ليلاً لَيركبَ منها بعيراً فيخاف أن يَرْغُوَ ، فينْزع منهُ القُرادَ حتى يستأنس إليه ثم يَخطِمه.
وقال الأخطل :
لَعَمركَ ما قُراد بني نُميرِ |
إذا نُزع القُراد بمستطاع |
قال ذلك كلَّه الأصمعيُّ فيما رَوَى عنه أبو عبيدٍ : وإنما قيل لمن ذَلَّ قد أقرَد ، لأنّه شبّه بالبعير يقرّد أي : يُنزع منه القُراد فيُقْرِد لخاطمه ولا يستصعب عليه.
ثعلبٌ عن ابن الأعرابيّ : أقرد الرجل : إذا سكتَ ذُلًّا ، وأخْرَدَ : إذا سكتَ حياءً.
ويقال : جاء الحديث على قَرْدَدِه وعلى قَنَنِه وعلى سَمِّه ، إذا جاء به على وجهه.
وقال أبو زيد : القِرْديدة الخطّ الذي وسط الظّهْر.
وقال أبو مالك : القُرْدودة هي الفَقَارة نفسُها.
ويقال : تُمضي قُرْدودة الشتاء عنّا ، وهي حَدْبَتُه وشِدّته.
وأمّ القِرْدان في فِرْسِن البعير : بين السُّلامَيات.
وأنشد شمرٌ في القَرْد القصير :
أو هِقْلةً مِن نَعام الجَوّ عارَضَها |
قَرْدُ العَفَاءِ وفي يافوخة صَقَعَ |
قال : الصَقَع : القَرَع ، والعَفَاء : الريش.
والقَرْد : القَصِير.
رقد : قال الليث : الرُّقود : النوم بالليل ، والرُّقاد : النوم.
قلت : الرُّقاد والرُّقود يكونان بالليل والنهار عند العرب.
ومنه قول الله جلَّ وعزَّ : (قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ
بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) [يس : ٥٢] ، هذا قول الكفار إذا بُعثوا يومَ القيامة. وانقطع الكلام عند قوله : (مِنْ مَرْقَدِنا) ثم قالت لهم الملائكة : (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) [يس : ٥٢]. ويجوز أن يكون هذا من صفة المرقد وتقول الملائكة : حقّ ما وعد الرحمن.
والرقْدة : هَمْدةُ ما بين الدُّنيا والآخرة.
ويحتمل أن يكون المرقد مصدراً ، ويحتمل أن يكون موضعاً وهو القبر. والنوم أخو الموت.
وقال الليث : الرَّاقُود : دَنٌّ كهيئة إِردبَّة يُسيَّع باطنُه بالقار. وجمعُه الرواقيد. وقال ابن الأعرابيّ في الراقُود نحوه (١).
أبو عبيد : الارقداد والارمداد : السُّرعة ، وكذلك الإغذاذ.
ومنه قوله :
فَظلّ يرقَدُّ من النَّشاطِ
وقال : الارقداد : عَدْوُ النافر ، كأنه قد نَفَر من شيء فهو يَرْقُدُّ. يقال : أتيتُك مُرْقَدّاً.
ورَقْد : اسم جَبَلٍ أو وادٍ في بلاد قيس.
وأنشد ابن السكّيت :
كأرحاءِ رَقْدٍ زَلَّمَتْها المناقِرُ
زلَّمَتْها ، أي : سَوّتْها.
المنذريّ عن ابن الأعرابيّ : أرقدَ الرجلُ بأرض كذا إرقاداً ، إذا أقامَ بها.
ردق : قال الليث : الرَّدَق لغة في الرَّدَج ، وهو عِقْي الجَدْي ، كما أنَّ الشَيْرق لغةٌ في الشَّيْرج.
درق : قال الليث : الدَرَق : ضَربٌ مِن التِّرسة ، الواحدة دَرَقة ، وتُجمَع على الأدراق تُتَّخذ من جلود.
والدَوْرَق : مِكيالٌ لما يُشرب ، وهو مُعَرَّب.
ثعلب عن ابن الأعرابي : الدَّرْق : الصُّلْب من كلّ شيء.
وقال مُدرِك السُلَمي فيما روى ابن الفَرَج عنه : مَلَسَني الرجلُ بلسانه ومَلَقَني ودَرَقَني ، أي : ليّنني وأصلح منّي ، يَدْرُقني ويملُسُني ويَمْلُقُني.
والدَّرْدَق : صغار الإبلِ والناس ، ويُجمع دَرادِق.
والدَّرْدَاق : دَكٌّ صغير مُتَلبِّد ، فإذا حُفِرَ حُفِرَ عن رَمْل.
ق د ل
دلق ، دقل ، قلد ، لقد : [مستعملة].
دلق : روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «يؤتى بالرجل يومَ القيامة فيُلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه».
__________________
(١) قبلها في المطبوع : «و».
قال أبو عبيد : الاندلاق : خروج الشيء مِن مكانه ، وكلُّ شيءٍ نَدَر خارجاً فقد اندلق.
ومنه قيل للسيف : قد اندَلَق مِن جَفْنِه ، إذا شقَّه حتى يخرج منه.
ويقال للخيل : قد اندلقَتْ ، إذا خرجتْ فأسرعَتِ السَّيْرَ.
وقال طرفة يصف خيلاً :
دُلُقٌ في غارةِ مسنوحة |
كرِعال الطيرِ أسراباً تَمُرّ |
وقال الليث : الدَّلْق مجزوم : خروج الشيء عن مَخرجه سريعاً.
ويقال : دَلَق السيفُ من غِمْدِه ، إذا سَقَط وخَرَج من غير أن يُسَلّ ، وأنشد :
كالسَّيف من جَفْن السِّلاح الدالِقِ
ابن السكيت : سيفٌ دَلُوق ودالق ، إذا كان يخرج من غمدِه مِن غير سَلٍّ ؛ قال : وهو أجود السيوف وأخلَصُها. وكلُّ سابقٍ متقدِّم فهو دالِق.
قال : ودَلَقّ الغارة : إذا قَدّمها وبَثَّها. قال : ويقال : بينا هم آمنون إذْ دَلق عليهم السَّيْل.
أبو عبيد عن الأصمعي : غارةٌ دُلُقٌ : سريعة الدَّفْعة. والغارة : الخيل المغيرة.
ويقال : أدلقت المُخّة من قَصب العَظْم فاندَلَقَتْ.
وقال غيره : دلقَتِ الخيلُ دُلوقاً : إذا خرجتْ متتابعة فهي خيل دُلُق ، واحدها دالق ودَلُوق.
ويقال : دَلق البعير شقْشِقَته يَدْلِقها دَلْقاً ، إذا أخرجَها فاندلقت.
وقال الراجز يصف جَمَلاً :
يَدْلِق مِثلَ الحَرَميّ الوافرِ |
مِن شَدْقَمِيّ سبِطِ المَشافِرِ |
أي : يخرج شِقْشِقةٌ مثل الحَرَميّ ، وهو دَلوقٌ فُرِيَ من أَدمَ الْحَرَمُ.
وقد دَلَقُوا عليهم الغارة ، أي : شَنُّوها.
والدَّلُوق والدِلْقِم : الناقة التي تكسَّر أسنانُها هَرَماً فهي تمجّ الماء.
دقل : ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الدّقْل : ضَعْفُ جِسم الرجل.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : الدّقَل من النخل يقال لها الألوان ، واحدها لَوْن.
قلت : وتَمر الدّقَل مِن أرادأ التَّمْر ، إلَّا أنَّ الدَقَلة تكون من مَواقير النخل ، ومن الدّقَل ما يكون تمره أحمر ، ومنه ما يكون أسودَ وجِرم تَمرِه صغيرٌ ونواه كبيرٌ.
وقال الليث : الدّقَل : خشبة طويلةٌ تُشَدّ في وسط السّفينة يُمدُّ عليها الشراع. قال : والدّوْقَلة : الكَمَرة ، يقال : كَمَرة دَوْقَلة : ضخمة. والدّوْقَلة : الأكل. وأخْذُ الشيء اختصاصاً يُدوقِلهُ لنفسه.
وقال غيره : دَوقلَ فلانٌ جاريتَه دوقلةً : إذا أولَجَ فيها كَمَرَتَه فأَوْعَبها.
وفي «النوادر» يقال : دَوْقَلَتْ خُصْيا الرجل : إذا خرجتا مِن خَلفه فضَرَبَتا أدبارَ فخذيه واسترخَتا. ودَوْقَلْتُ الْجرَّة : نَوَّطْتُها بيدي.
وقال أبو تراب : سمعتُ مبتكراً السُّلَميَّ يقول : دَقل فلانٌ لَحْيَ الرجل ودَقَمَه : إذا ضَرب فَمه وَأنفه. والدقْل : لا يكون إلا في فَمه وَأنفه. والدقْل : لا يكون إلا في اللَّحْي والقَفا. والدَقْم في الأنف والفمّ.
قلد : قال الله جلّ وعزّ : (وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ) [المائدة : ٢].
قال الزّجّاج : كانوا يقلدون الإبِل بلِحاء شجر الحَرَم ، ويعتصمون بذلك من أَعْدائهم ، وكان المشركون يَفعلون ذلك ، فأُمر المسلمون بأَن لا يُحِلُّوا هذه الأشياءَ التي يتقرَّب بها المشركون إلى الله ، ثم نُسِخَ ذلك وما ذُكِر في الآية بقوله جلّ وعزَّ : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة : ٥].
وقال في قوله جلّ وعزّ : (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الزمر : ٦٣].
معناه : له مفاتيحُ السمواتِ والأرض.
وتفسيرُه : أَنَّ كلّ شيءٍ من السموات والأرض فاللهُ خالقُه وفاتحُ بابه.
وقال الليث : المِقْلَادُ : الخِزانة.
والمقَاليد : الخَزائن.
قال : والْقِلادة ما جُعل في العُنُق ، جامعٌ للإنسان والبَدَنة والكلْب.
وتقليدُ البَدَنة : أَنْ يُعَلَّق في عنقها عُروَةُ مَزادةٍ أو خَلَقُ نعْلٍ فيُعْلَمَ أنها هَدْيٌ.
وتقَلَّدْتُ السَّيْفَ ، وتَقلَّدْتُ الأمْر ، وقلّدَ فلانٌ فلاناً عَملاً تقليداً.
قال : والإقليدُ : المفتاح بلغة أَهل اليمن.
وقال تُبَّع حين قَصَد البيت :
وأَقمْنا به من الدّهْر سَبْتاً |
وجَعَلْنا لبابه إقليدا |
وقال غيره : الإقليد معرب ، وأصله كَلِيذ.
وأخبرني المنذريّ ، عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : قيل لأعرابيٍّ ما تقول في نساءِ بني فلان؟ فقال : قلائد الْخيل ، أي : هنَّ كِرامٌ ، لا يُقلَّد من الخيل إلّا سابقٌ كريم.
ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال للشيخ إذا أَفْنَدَ : قد قُلِّدَ حَبْله ، فلا يُلتَفَتُ إِلى رأْيه.
وقال الليث : القلدُ : إدراتُكَ قُلباً على قُلب من الحُليّ ، وكذلك ليُّ الحديدة الدقيقة على مثلها قَلْد.
قال : والبُرَةُ التي يُشَدّ فيها زمامُ الناقة لها إقليد ، وهو طرفها يُثنَى على الطرف الآخر ويُلوَى ليّاً حتى يستمسك. وسِوار مَقْلُود ، وهو ذو قُلْبَيْن مَلوِيَّيْنِ.
قال : وأقْلَدَ البحر على خَلْقٍ كثير ، أي : ضَمَّ عليه وأحْضَنه في جَوْفه.
وقال أميّة :
يُسَبِّحه الحِيتانُ والبحر زاخِراً |
وما ضَمَّ من شيءٍ وما هو مُقْلِدُ |
سَلمة عن الفرَّاء يقال : سَقَى إبلَه قَلْداً ، وهو السّقْي كلَّ يوم ، بمنزلة الظاهرة.
قال : ويقال : قلدتْه الحمّى : إذا أخذَته كلّ يوم ، تقلِده قَلْداً.
أبو عبيد عن الأصمعي : القِلد : يومَ يأْتي المحمومَ الرِّبْعُ.
والمِقْلَد : المِنجَل يُقطع به القَتّ.
وقال الأعشى :
يَقُتُّ لها طوراً وطوراً بمِقلِدِ
وقال ابن دريد : المِقلد عصاً في رأسها اعوجاج يُقْلَد بها الكَلأ كما يُقلَد القُتّ.
المنذريّ عن الحسن عن أبي الهيثم : الإقليد : المفتاح ، وهو الْمِقليد. والإقليد : شريط يُشَدُّ به رأسَ الجُلّة. والإقليد : شيءٌ يُطَوّل مثل الخيط من الصُّفر يقلد على البُرَة وخَرق القُرْط. وبعضهم يقول : القِلادُ ، يُقْلَد ، أي : يُعْوَى.
والقلْدُ : ليُّ الشيء على الشيء. والقلد : جمع الماء في الشيء يقال : قلدت أَقلِد قلْداً ، أي : جمعتُ ماءً إلى ماءٍ.
عمرو عن أبيه : هُم يتقالدون الماء ، ويَتَفارَطون ، ويترافصون ، ويتهاجرون ، ويتفارصون ، أي : يتناوَبون.
وفي حديث عبد الله بنِ عمرٍو أنه قال لقَيِّمِه على الوهْط : «إذا أَقمتَ قِلْدك من الماء فاسقِ الأقربَ فالأقرب». أراد بقِلْدِه يومَ سَقيِه مالَه.
ويقال : كيف قِلْد نَخْل بني فلان؟ فيقال : تَشرب في كلِّ عشرٍ مرّةً. والقِلد : يومُ السّقي ، وما بين القِلْدَين ظِمْءٌ. وكذلك يوم وِرْد الحمّى.
وفي حديث عمر أنّه استسقى ، قال : «فقَلَّدَتْنا السماءُ قَلْداً كلّ خمس عشرة ليلة».
قلت : القَلْد : المَصْدر. والقِلْد : الاسم.
اقلوَّده النعاسُ : إذا غشيه وغَلبَه.
وقال الراجز :
والقوم صَرعَى من كَرى مُقْلوِّدِ
أبو عبيد عن الكسائي : يقال لثُفْل السّمن : القلْدة والقِشْدة والكُدَادَة.
شمر عن ابن الأعرابيّ : قلَدت اللبنَ في السِّقاءَ وقريتُه : جمعته فيه.
وقال أبو زيد : قلدت الماءَ في الحوض ، وقلدت اللبن في السقاء ، أقلِدُه قَلْداً ، إذا قَدَحْتَ بقَدَحِك من الماء ثم صببْتَه في الحوض أو في السقاء. وقَلَد من الشراب في جوفه إذا شرب.
لقد : وأما (لَقَد) فأصلُه (قَدْ) ثم أدخلتْ عليها اللام توكيداً.
قال الفَرَّاء : وظن بعضُ العرب أنَّ اللام أصليّة فأدخل عليها لاماً أخرى فقال :
للَقَدْ كانوا لَدَى أزماننا |
لصَنِيعَيْن لِبأْسٍ وتقَاءِ |
ق د ن
دنق ، قند ، قدن ، نقد : مستعملة.
دنق : قال الليث : يقال : دانِق ودانق ، وجمع دانِق دَوَانق ، وجمع دانَق دوانيق.
وقال غيره : يجوز في جمعهما معاً دوانق ودوانيق. وكذلك كلُّ جمع على فواعل ومفاعل فإنه يجوز مدُّه بياء.
ثعلب عن ابن الأعرابي عن أبي المكارم قال : الدّنيق والكِيص والصُّوص الذي ينزل وحدَه ويأكل وحدَه بالنهار ، فإذا كان الليلُ أكلَ في ضوء القمر لئلَّا يراه الضيف.
وقال : يقال للأحمق : دائِق ودانق ، ووادق ، وهِرْط.
وقال أبو عمرو : مريضٌ دانق : إذا كان مُدْنَفاً مُحْرَضاً. وأنشد :
إنَّ ذواتِ الدَّلِّ والبَخَانق |
يقتُلن كلَّ وابِقٍ وعاشقِ |
|
حتَّى تراه كالسليم الدانقِ
وقال الليث : دَنَّقَ وَجْهُ الرجل تدنيقاً : إذا رأيتَ فيه ضُمْراً ؛ لهزاله من مرض أو نَصَب.
أبو عبيد : دَنَّقَت الشمس تدنيقاً : إذا دنَتْ للغروب ، حكاه عن الأحمر.
وقال غيره : دنقَتِ العَينُ تدنيقاً : إذا غارت. ودَنق للموت تدنيقاً : إذا دنَا منه.
وقيل : لا بأس للأسير إذا خاف أن يمثل به أن يدنِّق للموت.
وأهل العراق يقولون : فلان مدنِّق : إذا كان يُدَاقُّ النظرَ في معاملاته ونفقاته ويَستعصِي فيها.
قلت : والتدنيق والمُدَاقَّة والاستقصاء : كناياتٌ عن البُخل والشحّ.
وقال ابن الأعرابي : الدُّنقُ : المقترون على عيالهم وأنفسهم. وكان يقال : «من لم يُدَنق زَرْنق». قال : والزَرْنقة : العِينة.
وقال أبو زيد : من العيون الجاحظة والظاهرة والمدنقة ، وهنَّ سواء ، وهو خروج العين وظُهورُها.
قال الأزهري : وقوله أصحُّ ممن جعل تدنيق العين غُؤُوراً.
قند : قال الليث : القَنْد : عُصارة قصبِ السكّر إذا جَمَد ؛ قال : ومنه يتخذ الفَانيذ.
وسَوِيق مقنودٌ مقنَّدٌ.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القِندَدُ : حالُ الرجل حسنةً كانت أو قبيحة.
عمرو عن أبيه : هي القِنْديدُ والطَّابة ، والطَّلَّة ، والكَسيس ، والفَقْد ، وأمّ زَنْبقٍ وأمُّ لَيْلَى والزرقاء ، للخمر.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القَناديد : الخُمور ، والقَناديد : الحالات ، الواحد منها قِنْديد.
وقال أبو عبيد : سمعتُ الكسائي يقول : رجل قِنْدأوة وسِنْدَأْة وهو الخفيف : وقال الفرّاء : هي من النُّوق الجريئة.
وقال شمر : قِندأوةُ تُهمز ولا تُهمز.
وقال أبو الهيثم : قِنْدَأَوة : فِنْعالة ؛ وكذلك سِنْداوة وعِنداوة.
وقال الليث : القِنْدَأوُ : السيِّئ الخُلُق والغِذاء وأنشد :
فجاء به يسوِّقُه ورُحْنا |
به في البَهْم قِنْدَأْواً بَطينا |
أبو سعيد : فأسٌ قِندَأوة وقنداوة ، أي : حديدة.
وقال أبو مالك : قَدومٌ قِندأوة : حادّة.
نقد : قال الليث : النّقْد : تمييز الدراهم.
وإعطاؤها إنساناً وأخْذُها. الانتقادُ والنَقدُ : ضربة الصبيّ جَوزَةً بإصبعه إذا ضَرَب.
المنقَدة : حُزَيفَة تُنْقَد عليها الجَوْزة.
ويقال : نَقدَ أرنَبَتَه بإِصبعه : إذا ضَرَبها ، وقال خلف الأحمر :
وأرنَبةٌ لك محمَرّةٌ |
تَكاد تفطِّرها نَقدَه |
أي : تشقّها عن دمها.
والطائر ينقد الفَخّ ، أي : يَنقُره بمنقاره.
والإنسان يَنقد الشيء بعينه ، وهو مخالفة النَّظر لئلَّا يُفطَن له.
وقال ابن السكيت : النقْد : مصدر نَقدته الدراهمَ.
والنَقَد : غَنَمٌ صغار.
يقال : «هو أذلّ من النَقَد» وأنشد :
رُبَّ عَديمٍ أعزُّ من أسَدِ |
ورب مُثْرٍ أَذَلُّ من نَقَد |
والنَّقَد : أكل الضِّرْس ، ويكون في القَرْن أيضاً وأنشد :
عاضها الله غلاماً بَعد ما |
شابت الأصداغُ والضِّرْسُ نَقِدْ |
وقال الهذلي :
تَيْس تُيوسٍ إذا يناطحها |
يألم قَرْنانُ أَرومُه نَقدُ |
أي : أصله مؤتكل ، ويُجمع نَقَد الغنم نِقاداً ونقادة ، ومنه قول علقمة :
والمال صُوفُ قَرارٍ يَلعَبون به |
على نقادَتهِ وافٍ ومجلومُ |
يقول : المال يَقلُّ عند قوم ويكثر عند آخرين ، كما أن من الغنم ما يكثر صوفُه ، ومنه ما يَزْمَر صوفه ، أي : يقلُّ.
أبو عبيد عن الأصمعي : النُّقْد والنُّعْض : شجر ، واحدته نُقْدة ونُعْضة.
وقال اللحياني : نُقْدة ونُقْد ، وهي شجرةٌ.
وبعضهم يقول : نَقَدَة ونَقَد.
قلت : ولم أسمعه من العرب إلّا نَقداً محرّك القاف ، وله نَوْر أصفرَ ينبت في القيعان.
وفي حديث أبي الدرداء أنه قال : «إن نقدت الناس نقدوك ، وإن تركتهم لم يتركوك» ، معنى نقدتهم ، أي : عبتَهم واغْتبتَهم.
وهو من قولك : نقدت رأسه بإِصبعي ، أي : ضربته.
والطائر ينقد الفخَّ ، أي : ينقره بمنقاره.
ثعلب عن ابن الأعرابي : الأنقد والأنقذ ، بالدال والذال : القُنفُذ. ومن أمثالهم : «بات فلان بليلة أنقد» : إذا بات ساهراً يسري ؛ وذلك أن القنفذ يَسرِي ليله أجمع.
يقال : «فلانٌ أسْرَى مِن أنقدَ» معرفة لا ينصرف.
وقال الليث : الإنقدَانُ : السُّلَحفاة الذّكر.
قال : والنَّقد : ثمرُ نبت يشبه البَهْرَمان.
وأنشد :
يَمُدَّانِ أشداقاً إليها كأنها |
تَفَرَّقُ عن نُوّارِ نُقد مثقبِ |
ثعلب عن ابن الأعرابي قال : النَقد : السِّفَل من الناس.
والنّقدة : الكَرْوْيا.
قدن : ثعلب عن ابن الأعرابي : القدْن : الكفايةُ والحَسْب.
قلت : جَعَل القَدْنَ اسماً ؛ وأصله من قولهم : قَدْني كذا وكذا ، أي : حسبي.
ومنهم من يحذف النون فيقول : قَدِي ، وكذلك قَطْني وقَطِي.
ق د ف
قفد ، قدف ، فقد ، دفق ، دقف : [مستعملة].
قدف : قال الليث : القَدْف بلغة عُمانَ : غَرْفُ الماء من الحَوْض أو من شيءٍ تَصبّه بكفّك.
قال : وقالت العُمانيّة بنت جُلَنْدى ، حين أَلبَستِ السّلحفاةَ حُليَّها : «فغاصت فأقبلت تغترف من البحر بكفّها وتصبّن على الساحل وهي تنادي القَوَم : نَزافِ نَزافِ ، لَم يَبق في البحر غير قُدَاف» ، أي : غير حَفْنة.
وقال ابن دريد وذكر قصة هذه الحَمُقاء ثم قال : القُداف : جَرّة من فَخّار.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القَدْفُ : الصبّ. والقَدْف : النَّزْح.
وقال ابن دريد : القَدْف : الكَرَب الذي يقال له الرَّفّوج ، من جريد النّخل ، لغة أزْديّة.
دقف : أهمله الليث.
روى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الدَّقْف : هَيجان الدُّقْفانة ، وهو المخنَّث.
وقال في موضع آخر : الدُّقوف : هَيَجان الخَيُعامة ، وكلُّه واحد.
دفق : قال الله جلّ وعزّ : (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦)) [الطارق : ٦].
قال الفراء : معنى دافِقٍ : مدفوق. قال : وأهل الحجار. أفعَلُ لهذا من غيرهم : أن يجعلوا المفعول فاعلاً إذا كان في مذهبِ نَعْتٍ ، كقول العرب : هذا سرٌّ كاتم ، وهَمٌّ ناصب ولَيْلٌ نائم. قال : وأعانَ على ذلك أنَّها وافقتْ رؤوس الآيات التي هي معهنّ.
وقال الزجاج : (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦)) معناه : من ماءٍ ذي دَفْق ، وهو مذهب سيبويه والخليل. وكذلك سرٌّ كاتم : ذو كتمان.
وقال أبو الهيثم نحواً منه.
وقال الليث : يقال : دَفَق الماء دُفوقاً ودَفْقاً : إذا انصبَّ بمرَّة. واندفَقَ الكُوز : إذا دَفَقَ ماؤه. فيقال في الطّيَرة عند انصباب الكُوز ونحوِه : «دافِقُ خَيُر». وقد أدفقْتُ الكُوزَ : إذا كَدَرت ما فيه بمرّة.
قلت : الدَفْق في كلام العرب صَبُّ الماء ، وهو مجاوِزٌ ، يقال : دفقتُ الكُوزَ فاندفق ، وهو مدفوق. ولم أسمَعْ دفقْتُ الماءَ فدَفق لغير الليث ، وأحسبه ذهب إلى قول الله : (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦)) [الطارق : ٦].
وهذا جائزٌ في النعوت : ومعنى دافِقٍ ذي دفْق ، كما قال الخليل وسيبويه.
وقال الليث : ناقة دِفاقٌ ، وهي المتدفِّقة في سَيرها مُسْرِعة ؛ وقد يقال : جَمَلٌ دِفَاق ، وناقة دَفْقاء وجَمل أدفَق ، وهو شدّة بينونة المِرفَق عن الجَنْبين وأنشد :
بعَنْتَريسٍ نَرَى في زَوْرِها دَسَعاً |
وفي المَرافق عن حَيْزُومها دَفَقا |
وقال ابن دريد : يقال : دَفَق الله رُوحَه : إذا دعا عليه بالموت.
وسار القومُ سيراً أدفَقَ ، أي : سريعاً.
ويقال : فلان يتدفَق في الباطل تدفُّقاً : إذا كان يسارع إليه ، قال الأعشى :
فما أنا عما تَصنَعون بغافلٍ |
ولا بسفِيهٍ حِلْمُه يتدفّقُ |
وقال ابن الأنباري : هو يمشي الدِفِقىَ ، وهي مشية يتدفق فيها ويسرع. وأنشد :
يمشي العُجَيْلَى من مخافةِ شدقمٍ |
يمشي الدِّفقيِ والخنِيفَ ويصبرُ |
ويقال : هلالٌ أدفقُ : إذا رأيته مرقوناً أعقَفَ ولا تَراه مستلقياً قد ارتفعَ طرفاه.
وقال ابن الأعرابيّ : رجل أدفَقُ : إذا انحنى صُلبه من كِبرٍ أو غَمّ. وأنشد المفضَّل :
وابن مِلاطٍ متجافٍ أدفَقُ
وقال أبو مالك : هلال أدفَقُ خيرٌ من هلالٍ حاقن.
قال : والأدفَق : الأعوج. والحاقن : الذي يرتفعَ طرفَاه ويستلقي ظهرُه.
وفي «النوادر» : هلالٌ أدفق ، أي : مستوٍ أبيض ليس بمنتكِثٍ على أحد طرفيه.
ورجل أدفَق في نبتةِ أسنانِه.
وقال أبو زيد : العرب تَستحِبُّ أن يُهَلَّ الهلالُ أدفَق ، ويكرهون أن يكون مستلقياً قد ارتفع طَرَفَاه.
وقال الليث : جاءوا دُفْقَةً واحدة : إذا جاءوا دُفعةً واحدة.
قفد : قال الليث : القَفْد : صَفْع الرأس ببُسْطِ الكفّ من قِبَل القَفَا تقول : قفَدْتُه قَفْداً.
قال : والقَفَدانة : غِلاف المُكحُلة يتَّخذ من مشاوب ، وربما اتُّخِذ من أديم.
وقال ابن دريد : القَفَذان : خريطة العطّار.
وقال الليث : الأقفد : الذي في عَقِبه استرخاءٌ من الناس ، والظليم أقْفَد ، وأَمَةٌ قَفْداءُ.
وقال غيره : الأقفد من الرجال الضعيف الرِّخو المَفاصل. وقَفِدَتْ أعضاؤه قَفَداً.
وقال أبو عبيدة : القَفَد مِن عيوب الخيل : انتصاب الرُّسْغ وإقبالٌ على الحافر ، ولا يكون القَفَد إلّا في الرِّجْل.
والعِمَّة القَفْداء معروفة ، وهي غيرُ الميْلاء.
وقال ابن شُمَيل : القَفَد : يُبْسٌ في رُسْغ الفَرَس كأنّه يطأ على مقدم سُنْبُكه.
قال عمرو : كان مصعب بن الزُّبير يعتمُ القَفْداء. وكان محمد بن أبي وقاص الذي قتله الحجّاج يعتمُّ الميلاء.
فقد : الليث : الفَقد الفِقدان ، ويقال امرأةٌ فاقد : قد مات ولداها أو حَميمُها.
أبو عبيد : امرأة فاقد ، وهي الثَّكُولُ.
قال : وقال الأصمعِيُّ : الفاقد من النِّساء التي يموت زوجُها.
وأنشد الليث :
كأنّها فاقِدٌ شمْطاءُ مُعْوِلة |
ناصت وجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكيلُ |
قال : وبَقرة فاقدة : أكلَ السِباعُ ولَدَها.
ويقال : أنقدَه اللهُ كلَّ حميم.
ويقال : مات فلان غيرَ حميد ولا فَقيد ، أي : غير مكتَرَثٍ لفِقدانه.
قال : والتفقّد : تطلُّب ما غاب عنك من الشيء ورُوِي عن أبي الدرداء أنّه قال : «مَن يَتفقّد يَفقِد ، ومن لا يُعِدَّ الصبر لفواجع الأمور يَعْجِز» ، فالتفقّد : تطلَّب ما فقدْتَه ، ومنه قول الله عزوجل : (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ) [النمل : ٢٠].
ومعنى قول أبي الدرداء : إنَّ مَن يتفقّد الخيرَ ويطلبه في الناس لا يجدُه لعِزّه في الناس ، وذلك أنّه رأى الخيرَ والزُّهد في الدنيا عزيزاً غيرَ قاشٍ ؛ لأنَّه في النادر من الناس.
ثعلب عن ابن الأعرابي : الفَقَدة الكُشُوث.
وقال الليث : الفَقَد : شرابٌ يُتَّخذ من الزَّبيب والعَسل.
ويقال : إنّ العسل يُنبَّذ ثم يُلقَى فيه الفَقَد
فيشُدُّه. قال : وهو نَبتٌ يشبه الكُشوثُ فيشَدِّدُه.
ق د ب
استعمل من وجوهه : [دبق].
دبق : قال الليث : الدِّبق : حَمْل شجرٍ في جَوْفه غِراء لازقٌ يَلزق بجناح الطائر دَبْقاً.
قال : ودبّقتُها تدبيقاً : إذا صِدتَها به.
أبو عبيد عن أبي عمرو والأمويّ : الدَّبُوقاء : العَذِرة.
قال رؤبة :
لو لا دَبُوقاءُ استِهِ لم يَبطغِ
وقال غيره : الدَّبِيقيّ مِن دِقّ ثياب مِصْر معروفة ، تُنسب إلى دَبيق اسم موضع.
ودابق : اسم موضع آخر.
والدَّبُّوق : لُعبةٌ معروفة.
ق د م
قدم ، قمد ، دمق ، دقم ، مقد : مستعملة.
قمد : قال الليث : القَمُدّ : القويّ الشديد ؛ يقال : إنّه لقُمُدّ قُمْدُد ، وامرأة قُمُدَّة.
والقُمود شِبْه العُسُوّ مِن شِدَّة الإباء.
يقال : قَمَد يَقْمدُ قَمْداً وقُموداً : جامَعَ في كلِّ شيء.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القَمْد : الإقامة في خَيرٍ أو شرّ. قال : والقُمُدّ : الغليظ من الرجال ؛ ويقال : رجل قُمُدّانيّ أيضاً.
وقال غيره : رجلٌ أقْمَدُ : إذا كان ضخمَ العُنُق طويلها ؛ وامرأة قَمْداء.
قال رؤبة :
ونحن إن نُهِنه ذَوْدُ الذُّوّادْ |
سَواعِدُ القَومِ وقُمْدُ الأقمادْ |
أي : نحن غُلْبُ الرقاب أقوياء.
مقد : قال الليث : المَقَدِّيّ من نَعْت الخمر ، منسوبةٌ إلى قرية بالشام.
وأنشد في تخفيف الدال :
مَقَدِياً أحَلّه الله للنا |
س شراباً وما تَحِلُّ الشَّمولُ |
وقال شمر : أسمعتُ أبا عبيدٍ يروي عن أبي عمرِو المَقَدِيّ : ضربٌ من الشَّراب ، بتخفيف الدال.
قال : والصحيح عندي أنّ الدال مشدّدة.
قال : وسمعت رجاءَ بن سَلَمة يقول : المَقَدِّي بتشديد الدال. الطَّلاء المنصَّف ، مُشبَّةٌ بما قُدّ بنصفين. ويصدِّقه قول عمرو بن معديكرب :
وهم تَركوا ابنَ كَبْشةَ مُسْلَحِبّاً |
وهمْ شَغَلوهُ عن شُرْب المَقَدِّي |
حدثنا السعديّ قال : حدثنا ابن عفان عن ابن نمير عن الأعمش عن منذرٍ الثّوري قال : رأيت محمد بن عليّ يشرب الطِّلاء المقدّيّ الأصفر ، كان يرزُقه إياه عبد الملك. وكان في ضيافَتِه يرزقه الطِّلاءَ وأرطالاً من لحم.
دقم : قال الليث : الدَّقْم : دَفْعَك الشيء مفاجأةً تقول : دقمتُه عليهم ، وقد اندقمَتْ عليهم الرياح والخيل.
وقال رؤبة :
مَرّاً جَنُوباً وشَمَالاً تندقمْ
أبو عُبيد عن أبي زيد : دَقُمْتُ فاه ودمَقْته دَقْماً ودَمْقاً ، إذا كسرتَ أسنانَه.
ثعلب عن ابن الأعرابي : الدَّقْم : الغَمّ الشديد مِن الدَّيْن وغيره.
دمق : قال الليث : الدَّمَق : ثلْجٌ ورِيحٌ مِن كلِّ أوْب حتى يكاد يَقْتُل من يُصيبه.
قال : والاندماق : الانخراط ، يقال : اندَمَق عليهم بغتة ، واندمَق الصّيَّاد في قُترته ، واندمق منها : إذا خرج.
وقال أبو عمرو : اندَمَق : إذا دخل ؛ وأدمقْتُه إدماقاً.
ثعلب عن ابن الأعرابي : الدَّمْق : السَّرِقة.
وروى شمر بإسنادٍ له أنّ خالداً كتب إلى عُمر : «أنَّ الناس قد دَمَقوا في الخمر وتَزاهدوا في الحَدّ».
قال شمر : قال ابن الأعرابيّ : دَمَق الرجل على القوم ودَمَر : إذا دخل بغير إذن.
قال : ومعنى قوله : دمقوا في الخمر : دخَلوا واتَّسَعوا.
وقال رؤبة يصف الصائد ودخوله في قُترته :
لمّا تَسَوَّى في خَفيِ المُنْدَمَقْ
قال : مُندمَقُه : مَدخله.
وقال غيره : المندَمق : المتَّسَع.
أبو عدنان عن الأصمعيّ : دَمَقَ فمَه ودَقَمَه : إذا دَقّه حتى دخل. ويقال : أخذ فلانٌ مِن المال حتى دَقِم وحتَّى فَقِم ، أي : حتى احتَشى.
قدم : الحرّاني عن ابن السكيت قال : القَدَم والرِّجل أنثيان ، وتصغيرهما قُدَيمة ورُجَيلة ، ويُجمعان أرجلاً وأقداماً.
وقال الليث : القَدَم مِن لَدُن الرُّسْغ : ما يطأ عليه الإنسان.
وقال أبو إسحاق النحويّ في قول الله جلّ وعزّ : (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) [يونس : ٢] ، قال : قَدَم الصِّدق : المنزِلة الرفيعة.
وأخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم أنّه قال : القَدَم السابقة.
ونحو ذلك قال الليث ، قال : وكذلك القُدْمة. قال : والمعنى : أنّه قد سَبق لهم عند الله خير. قال : وللكافرين قَدَم شَرّ.
وقال ذو الرمة :
وأنت امرؤٌ من أهل بيتِ ذؤابةٍ |
لهمْ قَدَمٌ معروفةٌ ومفاخرُ |
قالوا : القَدَم والسّابقة ما تقدَّموا فيه غيرَهم.
وفي الحديث : أنّ جهنّم تمتلئ حتّى يضع الله فيها قَدَمه.
رُوي عن الحسن أنه قال : معناه حتّى يجعل الله فيها الذين قدّمهم من شرار خَلْقه إليها ، فهم قَدَمُ اللهِ للنار ، كما أنّ المسلمين قَدَمُه للجنّة.
وأخبرني محمد بن إسحاق السعديّ عن العباس الدُّورِيّ أنه سأل أبا عبيدٍ عن تفسيره وتفسير غيره من حديث النزول والرؤية فقال : هذه أحاديثُ رواها لنا الثِّقاتُ عن الثّقات حتى رفعوها إلى النبي عليهالسلام ؛ وما رأينا أحداً يفسِّرها ، فنحن نؤمن بها على ما جاءت ولا نفسِّرها.
أراد أنها تُترك على ظاهرها كما جاءت.
وأخبرني المنذريّ عن أحمد بن يحيى أنّه قال في قوله جلّ وعزّ : (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) قال : القَدَم : كلُّ ما قدّمتَ من خير ، قال : وتقدّمَتْ فيه لفُلان قَدَمٌ ، أي : تقدمٌ في الخير.
وقال القُتيبيّ : معناه : أنّ لهم عملاً صالحاً قدَّموه.
وقال أبو زيد : رجل قَدَم وامرأةٌ قَدَم ، مِن رجال ونساء قَدم ، وهم ذَوو القَدَم.
وجاء في التفسير في قوله : (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) : شفاعةً للنبيّ صلىاللهعليهوسلم يوم القيامة.
وقال ابن شميل : رجل قَدَم ، وامرأةٌ قَدَم : إذا كانا جَريئين.
وقال أبو الهيثم : القِدَم : العِتْق ، مَصدر القَديم. وقد قدُم يَقدُم. قال : والقدُوم : الإياب مِن السفَر. وقد قَدِم يَقدمَ قُدوماً.
قال : والقُدْم : المضِيّ ، وهو الإقدام.
يقال : أقدَمَ فلانٌ على قِرْنِه إقداماً وقُدْماً ومُقْدَماً : إذا تَقدّم عليه بجرأة صَدْرِه.
وضِدُّه الإحجام.
وقال الليث : قُدَّام : خلاف وراء. وتقول : هذه قُدّام ، وهذه وراء ، تصغيرهما قُديديمة ووُرَيِّئة. تقول : لَقيتُه قُدَيْديمة ووُرَيِّئة ذاك.
وأما قول مُهلهِل :
ضَرْبَ القُدارِ نَقيعَةَ القُدّامِ
فإن الفراء قال : القُدّام : جمع قادم.
ويقال : القُدّام : الملك.
شمر عن أبي حسّان عن أبي عمرو.
وقال : القُدّام والقِدِّيم الذي يتقدَّم الناس بالشرف.
ويقال : القُدّام : رئيس الجيش.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القَدْم : الشرف القديم على مثال فَعْل.
وقال ابن شميل لفلان عند فلان قَدَمٌ ، أي : يَدٌ ومعروف وصَنِيعَة.
وقال الفراء : هي القَدُوم التي يُنحَتُ بها ، وجمعُها قُدُم. وأنشد :
فقلتُ أعِيرانِي القدُوم لعلّني |
أَخُطّ بها قَبراً لأبيَضَ ماجِدِ |
وقال الأعشى في جمع القَدوم :
أقامَ به شاهبورُ الجنو |
دَ حَولينِ يضرب فيها القُدُمْ |
وقال الليث : القُدُم : ضدُّ أُخُر ، بمنزلة قُبُل ودُبُر.
ورجل قُدُم ، وهو المقتحم على الأشياء يتقدَّم الناس ويَمضي في الحروب قُدُماً.
وقال غيره : مقدِّمة الجيش بكسر الدال : الذين يتقدَّمون الجيش.
ومُقْدِم العَين ما يلي الأنف ، ومُؤخرها : ما يلي الصّدْغ.
ويقال : ضَرَب مقدَّم رأسه ومُؤخَّره.
وقال الليث : المقدِّمة : الناصية ، والمقدِّمة : ما استقبلك من الجبْهة والجبين.
ويقال : ضربتُه فَركِب مَقاديمه ، أي : وقع على وجهه ، واحدها مُقْدِم.
ويقال : مَشَطَتها المقدمة لا غير.
وقال الليث : قادمة الرّحْل من أمام : الواسط بالهاء.
قلت : العرب تقول : آخِرة الرحل وواسِطه. ولا يقال : قادمة الرحل.
وللناقة قادِمان وآخران ، الواحد قادِم وآخِر.
وكذلك للبقرة قادِماها : خلْفاها اللذان يَليان السُّرَّة ، وآخِراها : الخِلْفان اللذان يليان مؤخّرها.
وقَوَادِم رِيش الطائر : ضدّ خَوافِيها ، الواحدة قادمة وخافية.
ومن أمثالهم : «ما جَعَل القوادمَ كالخوافي!؟».
وقال ابن الأنباري : قُدَامَي الريش : المقَدَّم.
وقال رؤبة :
خلِقتُ من جَناحك الغُدافِ |
من القدامَى لا من الخوافي |
قال : والقدامَى : القدماء.
قال القطامي :
وقد علمت شيوخُهم القدامى |
إذا قعدوا كأنهم النِّسارُ |
جمع النِّسر.
ورواه المنذري لنا عن الحراني عن ابن السكيت كما قال ابن الأنباريّ.
وقال الليث : قَيْدوم الرجل : قادِمَته.
وقال غيره : يقال : مَشى فلان القدَميّة واليَقْدُميّة : إذا تقدّم في الشرف والفضل ولم يتأخّر عن غيره في الإفضال على الناس.
وروي عن ابن عباس أنه قال : «إن ابن أبي العاصي مَشَى القُدَميّة ، وإنَّ ابن الزُّبير لَوَى ذَنَبَه» ، أراد أنَّ أحدهما سَمَا إلى معالي الأمور فحازَها ، وأنّ الآخر عَمِيَ عما سَمَا لهُ منها.
وقال أبو عبيد في قوله : ومشَى القدميّة.
قال أبو عمرو : معناه : التَّبختُر.
أبو عبيد : فإِنما هو مثلٌ ، ولم يُرد المشْيَ بعينه ، ولكنه أراد أنّه يحبُّ معالي الأمور.
ويقال : قَدِم فلانٌ من سَفَره يَقدَم قُدوماً ، وقَدِم فلان على الأمر : إذا أقدَمَ عليه.
وقال الأعشى :
فكم ما ترينَ أمراً راشداً |
تَبيَّنَ ثم انتهى أو قَدِمْ |
وقَدِم فلانٌ إلى أمر كذا وكذا ، أي : قَصَد له ، ومنه قوله : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ) [الفرقان : ٢٣].
قال الفراء والزجاج : قَدِمْنا : عَمَدْنا وقَصَدْنا.
قال الزجاج هو كما تقول : قام فلانٌ يَشتم فلاناً ، تريد : قَصَد إلى شَتْم فلان ، ولا تريد بقامَ القيامَ على الرجلين.
شمر عن ابن الأعرابي قال : القدْم ، بالقاف : ضربٌ من الثياب حُمْرٌ.
وأقرأني بيت عنترة :
وبكلِّ مرهفة لها هيف |
تحت الضلوع كطُرَّة القدْمِ |
لا يرويه إلا القدْمِ.
قال : والفدم بالفاء. هذا على ما جاء وذاك على ما جاء.
ويقال : قَدَم فلانٌ فلاناً يقْدُمُه : إذا تقدّمه ومنه قول الله جلَّ وعزَّ : (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [هود : ٩٨] ، أي : يتقدَّمهم إلى النار. ومَصدَرُه القَدْم.
ويقال : قَدّم فلانٌ يقدّم ، وتَقدّم يتقدّم ، وأقدَم يُقْدِمُ ، واستَقْدَمَ يَستقدم ، بمعنى واحد.
قال الله جلَّ وعزَّ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) [الحجرات : ١] ، معناه : لا تتقدّموا ، وقرئ : (لا تَقَدَّمُوا).
وقال الزجاج : معناه : إذا أمرْتم بأمرٍ فلا تَفعلوه قبلَ الوقت الذي أمرْتم أن تفعلوه فيه.
وجاء في التفسير : «أنَّ رجلاً ذبح يوم النحر قبلَ الصلاة ، فتقدَّمَ قبل الوقت ، فأنزل الله الآية وأعلَم أنّ ذلك غير جائز». وقال الزجاج في قوله : (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤)) [الحجر : ٢٤] ، قيل : المستَقْدمين ممّن خُلِق ، والمستأخرين ممّن يُحدَث من الخلْق إلى يوم القيامة. وقيل : المستقدمين منكم في طاعة الله والمستأخرين فيها.
وقال ابن شميل في قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «أوّل من اختَتَن إبراهيم بالقَدوم». قال : قَطَعه بها. فقيل له : يقولون : قَدوم : قرية بالشام ؛ فلم يعرفه ، وثبتَ على قوله.
قال : ويقال : قَدِمَةٌ مِن الحَرّة وقَدِمٌ ، وصَدِمةٌ وصَدِم : ما غَلظ مِن الحرّة.
ورجل مقدام في الحرب : جريء ؛ ورجال
مَقاديم. والإقدام : ضدّ الإحجام.
[أبواب] القاف والتاء
ق ت ظ ، ق ت ذ ، ق ت ث : أهملت وجوهها.
ق ت ر
قتر ، قرت ، رتق ، ترق : مستعملة.
قتر : قال الله جلَّ وعزَّ : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا) [الفرقان : ٦٧] ، قرئ (لم يَقْتِروا) و (لَمْ يَقْتُرُوا). وقرئ : (ولم يُقتِروا).
وقال الفراء : (لَمْ يَقْتُرُوا) : لم يقصِّروا عما يجب عليهم من النفقة ، ويقال : قَتَر وأَقتَر بمعنى واحد.
وقال الليث : القَتْرُ : الرُّمْقة في النَّفقة ، ويقال : فلان لا يُنفق على عياله إلّا رُمْقةً ، أي : يُمسِك الرّمَق. ويقال : إنّه لَقتورٌ مقتر. قال : وأقتَر الرجل : إذا أَقَلّ ، فهو مُقْتِرٌ. قال : والمقتِّر عقيبُ المكثِّر ، والمُقْتِر عقيبُ المكْثِر.
أبو عبيد عن الأموي : قتَّرت للأسد : إذا وضَعْتَ له لحْماً يَجِدُ قُتارَه.
قال : وقال غيره : القُتار : ريح القِدْر.
وقال الليث : القُتار رِيح اللحم المشويّ ونحو ذلك.
قال : والقتار أيضاً ريح العُود الذي يُحرَق فيذكَّى به (١).
وقال الفرّاء : هو آخر رائحة العود إذا بخّر به. [قاله](٢) في كتاب «المصادر».
قلت : هذا التفسير للقُتار من أباطيل الليث. والقُتار عند العرب : رِيحُ الشِّواء إذا ضُهِّب على الجمر. وأما رائحة العود إذا أُلقي على النار فإنَّه لا يقال له قُتار ، ولكنّ العرب تصف استطابةَ القَرِمين إلى اللحم ورائحة شِوائه ، فشبَّهتها برائحة العود إذا أُحْرِق.
ومنه قول طرفة :
أقُتارٌ ذاك أم رِيحُ قُطُرْ
والقُطُر : العُود الذي يُتبخَّر به. ونحو ذلك قول الأعشى :
وإذا ما الدخان شُبّه بالآ |
نُف يوماً ، بشَتْوةٍ ، أهضاما |
والأهضام : العود الذي يُوَقَّص ليُستَجمَر به.
وقال لبيدٌ في مثله :
ولا أضِنُّ بمعْبوط السَّنَام إذا |
كان القُتار كما يُستَروَح القُطُر |
__________________
(١) بعده في «اللسان» (قتر): «قال الأزهري : هذا وجه صحيح وقد قاله غيره».
(٢) زيادة من «اللسان» (قتر).
أخبر أنَّه يجود بإطعام الطعام إذا عزَّ اللحم ، وكان ريح قُتار اللحم عند القَرِمِين إليه كرائحة العود الذي يُتبخَّر به.
ويقال : لحمٌ قاتر : إذا كان له قُتارٌ لدَسَمِه ، وقد قتَر اللحمُ يَقْتِر. وربما جَعلتِ العرب الشَّحم والدَّسَم قُتاراً.
ومنه قول الفرزدق :
إليك تَعَرَّقْنا الذُّرى برِحالنا |
وكلّ قُتار في سُلامَى وفي صُلْبِ |
وقال أبو عبيد : القُتْرة : البئر يحتفرها الصائد يَكمنُ فيها ، وجمعُها قُتَر.
وقال الليث : القُتْرة : كُثْبة من بَعْرٍ أو حَصًى تكون قُتَراً قُتَراً.
قلت : أخاف أن يكون قوله قُتَراً قُتَراً تصحيفاً ، وصوابه قُمَزاً قُمَزاً ، والقُمْزة : الصُّوبة من الحَصَى وغيره ، وجمعها القُمَز.
والقَتَرَة : غَبَرة يعلوها سواد كالدخان.
قال الله جلّ وعزّ : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ (٤٠) تَرْهَقُها قَتَرَةٌ (٤١)) [عبس : ٤٠ ، ٤١].
وكذلك القَتَر بلا هاء.
أبو عبيد : القاتر من الرجال : الجيِّد الوُقوع على ظهر البعير.
وقال الليث : هو الذي لا يَستقدم ولا يستأخر.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : القِتْر : نِصال الأهداف.
وقال الليث : هي الأقتار ، وهي سهامٌ صغار.
يقال : أُغالِيكَ إلى عشرٍ أو أقلّ ، فذلك القِتْر بلغة هُذَيل ، يقال : كم جَعلتُم قِتْركم.
وقال أبو ذؤيب :
كسهم الغِلاءِ مستدرّاً صيابُها
وقال ابن الكلبي : أهدى يكسوم ابن أخي الأشرم للنبي صلىاللهعليهوسلم سِلاحاً فيه سهمٌ لَغْبٌ قد ركبت مِعبلةٌ في رُعْظِه ، فقوَّم فُوقَه وقال : هو مستحكم الرِّصاف ، وسماه : «قِتْر الغِلاء».
وروى حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أنَّ أبا طلحة كان يَرمي والنبي يُقتّر بين يديه ، وكان رامياً وكان أبو طلحة يَشُور نفسَه ويقول له إذا رَفَع شخصه : نحري دونَ نحرِك يا رسول الله!.
قال غيره : هي والأقتار والأقطارُ : النواحي ، واحدها قُتْر وقُطْر.
وقد تَقتَّر فلانٌ عنّا وتقطّر : إذا تنحّى.
وقال الفرزدق :
وكُنّا به مستأنسين كأنه |
أَخٌ أو خَليطٌ عن خليطِ تَقتَّرا |
وقال أبو عبيد : تَقطَّر فلان وتَقتَّر وتَشذَّر ، كلُّه تهيّأ للقتال وتحرَّف لذلك.
وقال الفرزدق أيضاً :
لطيف إذا ما انغَلَّ أدْرك ما ابتغى |
إذا هو للمُطنِي المَخُوفِ تَقتّرا |