تهذيب اللغة - ج ٩

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٩

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥١

١
٢

٣
٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[(١) أبواب باب القاف والطاء

(ق ط د) ـ (ق ط ت) ـ (ق ط ظ). (ق ط ذ)

أهملها الليث كلها.

وقد استعمل من جميع وجوهها : [ذقط].

ذقط : قال أبو عُبيد : وَنَم الذُّبَابُ وذَقَطَ : بمَعْنى واحدٍ. (قالَ : وقال أبو زَيْدٍ : ذَقَط الطّائِرُ يَذْقُطُ ذَقْطاً ، إذَا نَزَا. وأنشد :

لَقدّ وَنَم الذُّبَابُ عَلَيهِ حَتّى

كَأَنَّ وَنِيْمَهُ نُقَطُ المِسدَادِ

ثعلبٌ عن ابنِ الأَعرابيِّ : الذَّاقِطُ : الذُّبَابُ الكَثِيرُ السّفَادِ.

وقال غيرُه : الذُّقَطُ : ذُبابٌ صَغِيرٌ ، يدخُلُ في عُيُونِ النّاسِ ، وجمعُهُ : ذُقْطَانٌ.

وقالَ الطّائِفِيُّون : من ضُرُوبِ الذُّبَابِ : الذُّقَطُ ، وهو الّذي يَكُونُ في البُيُوتِ.

وَحَكَى أبو تُرابٍ عَنْ بَعْضِ بَنِي سُلَيمٍ يُقَالُ : تَذَقَّطْتُ الشَّيءَ تَذَقُّطاً ، وَتَبقَّطْتُهُ تَبَقُّطاً ، إذا أَخَذْتَهُ قَلِيلاً قَلِيلاً ، ذَكَرَهُ في بابِ : اعْتِقَابِ الباءِ والذَّالِ.

[ق ط ث : مهمل].

ق ط ر

قطر ـ قرط ـ طرق ـ رقط ـ : مستعملة.

قطر : قال الليثُ : قَطَرَ الماءُ قَطْراً وَقَطَرَاناً.

قالَ : وجَمْعُ القَطرِ ، قِطَارٌ والقِطَارُ : أن تقْطُرَ الإبلَ بعضَها إلى بَعْضِ عَلَى نَسَقٍ واحِدٍ ، والمِقْطَرَة اشْتُقَّتْ اسْماً مِنْهُ ؛ لأنَّ مَنْ حُبِسَ فيها كانُوا عَلَى قِطارٍ واحِدٍ ، مَضْمُومٌ بعضهُم إلى بَعْضٍ أرجُلُهُمْ في خُرُوقٍ خَشَبَةٍ مَفْلُوقَةٍ كلُّ خَرْقٍ عَلَى قَدْرِ سعَةِ السَّاقِ.

أبو عُبيد عن الكِسائيِّ : قَطَرَ الرَّجُلُ في

__________________

(١) ما بين المعكوفتين ساقط من المطبوعة ـ (من باب القاف والطاء حتى مادة طفق) ـ وأثبتناه من كتاب «تهذيب اللغة» المستدرك على الأجزاء السابع والثامن والتاسع ، بتحقيق الدكتور رشيد عبد الرحمن العبيدي.

٥

الأرْضِ قُطُوراً ، ومَطَرَ مُطُوراً ، إذَا ذَهَب فِيها.

وقال شَمِر : يُقالُ : تَقَطَّر عَنِّي ، أيْ : تَخَلَّفَ عنِّي ، وأنشد :

إنِّي عَلَى مَا كانَ مِنْ تَقَطُّرِي

عَنْكَ ومَا بي عَنْكَ مِنْ تَأَسُّرِي

ويُقَالُ : تَقَطَّرَ فلانٌ لِلقتَالِ تَقَطُّراً ، وتَقَتَّرَ وتَشَذَّرَ ، إذَا تَهَيَّأَ لَهُ ، وتَحَرّفَ لِذلِكَ.

قالَ ذلكَ أبو عُبَيدٍ : (قالَ ابنُ الأَعرابيِّ : تَشَذَّرَ فُلانٌ وتَقَتّرَ وتَقَطَّر وتَشَزَّنَ إذا تَهَيَّأ للحَمْلَةِ.

وَرَوى ابنُ شُمَيل عن هِشَام عن ابنِ سِيرِينَ : أنَّهُ كانَ يَكرَهُ القَطَر. قالَ : والْقَطَرُ أَنْ يَزِنَ جُلّةً مِنْ تَمْرٍ ، أو عِدْلاً من المَتَاعِ والحَبِّ ويَأْخُذَ مَا بَقِيَ عَلى حِسَابِ ذلِكَ ، ولا يزِنُ.

وقالَ أبو مَعَاذٍ : القَطَرُ : هو البَيْعُ نَفْسُهُ.

وقالَ أبو العَبَّاسِ : قال ابنُ الأعرابيِّ : المُقَاطرَةُ : أن يَأْتِيَ الرَّجُلُ إلى رَجُلٍ فَيَقُولَ له : بِعْنِي مَا لَكَ في هَذَا البَيْتِ من التّمرِ جُرافاً بلا كَيْلٍ ولا وَزْنٍ فَيَبِيعَهُ.

وَأَخْبَرَني المُنْذِرِيُّ عن الصَّيْدَاوِيّ عَنِ الرَّياشِيِّ ، قالَ : يُقالُ : أكْرَيْتُهُ مُقَاطرةً إذا أكراهُ ذَاهِباً وجَائِياً ، وأكْريتُهُ وُضْعَةً و (تَوْضِعَةً) إذَا أَكْراهُ دَفعَةً.

وقالَ الله جلّ وعزّ : (سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ) [إبراهيم : ٥٠] قِيلَ ، والله أعْلَمُ : إنَّهَا جُعِلَتْ مِنَ القَطِرَانِ ؛ لأنهُ يُبالغُ في اشْتِعَالِ النَّارِ في الجُلُودِ.

وَقَرأهَا ابنُ عَبَّاسٍ : مِنْ قِطْرٍ آنٍ. والقِطْرُ : النُّحاسُ ، والآني الَّذي قَدِ انْتَهى حَرّهُ.

وَقالَ الليثُ : القَطِرَانُ والقِطْرَانُ : لُغَتَانِ ، وهو يَتَحَلَّبُ من شَجَرِ الأَبْهُلِ ، يُطْبَخُ ، فَيتَحلَّبُ مِنْهُ.

وقولُه ـ جلّ وعزّ : (مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الرحمن : ٣٣]. أقْطَارُهَا : نَواحِيْهَا ، واحِدُها : قُطْرٌ. وكذلك أَقْتَارُها ، واحدُها : قُتْرٌ.

وقالَ ابنُ مَسْعُودٍ : لا يُعْجِبَنَّكَ ما تَرى من المَرْء حَتَّى تَنْظُر عَلَى أَيِ قُطْرَيْهِ يَقَعُ. أَيْ : عَلَى أيِّ. شِقَّيْهِ يقع في خاتمه عمله؟ أَعلَى شق الإسلام أو غيره؟.

وأقْطارُ الفَرسِ : ما أشْرَفَ منهُ : وهو كَاثِبَتُهُ ، وعَجُزُهُ. وكَذلِكَ أَقْطارُ الجَبَل والجَمَلِ :

ما أشْرَفَ من أعاليهِ.

الأصمعي : طَعَنَه فَقَطَّرهُ ، إذا ألْقَاهُ عَلَى أحَدِ قُطْرَيْهِ وَصَرَعَهُ.

وقال الليث إذا صَرَعْتَ الرَّجُلَ صَرْعَةً شَدِيدةً قُلْتَ : قَطَّرْتُهُ ، وأَنشَدَ :

قَدْ عَلِمَتْ سَلْمَى وَجَاراتُهَا

ما قَطَّرَ الفَارِسَ إلا أنَا

٦

وبَعِيْرٌ قاطِر ، وهو الذي لا يَزالُ يَقْطُرُ بَوْلُهُ.

أبو عبيد عن الأصمعيِّ : إذا تَهَيّأ النَّبْتُ لِليُبْسِ ، قيلَ : قد أقْطَارَّ أَقْطِيراراً ، وهو أَن يَنْثَني ويَعْوَجَّ ، ثم يَهِيج ـ يَعْني : النَّباتَ ـ ، وقالَ أبو عُبَيدٍ : القَطَرُ : العُودُ الذي يُتَبَخَّرُ بِهِ ، والمِجْمَرَةُ : مِقْطَرَةٌ. وقال امرؤُ القَيْسِ :

كأن المُدامَ وصَوْبَ الْغَمَامِ

وريحَ الخُزَامى ونَشْرَ الْقَطَرْ

أبو عبيد عن أبي عمرٍو ، قالَ : الْقَطر : نَوْعٌ مِنَ الْبُرُودِ ، وأنشَدَ :

كَسَاكَ الْحَنْظَليُّ كِسَاءَ صُوْفٍ

وقِطْريّاً فأَنْتَ بهِ تَفِيْدُ

شمر عن الْبَكْراوي ، قالَ : الْبُرودُ الْقِطْريّةُ حُمرٌ لهَا أعْلَامٌ ، فيها بَعْضُ الْخُشُونَة.

وقالَ خَالِدُ بنُ جَنْبَةَ : هي حُلَلُ تُعْمَلُ بِمكَانٍ لا أدْري أينَ هو؟ وهي جِيَادٌ وقد رأَيْتُها ، وهي حُمر تأتِي من قِبَلِ البَحْرينِ.

قُلْتُ في أَعراضِ الْبَحْرينِ عَلَى سَيْفِ الْبَحْرِ بين عُمَانَ والعُقَيرِ : مدينةٌ يقال لها : قَطَر ، وأَحْسِبُهُمْ نَسَبُوا هذِهِ الثِّيابَ إليها ، فَخَفَّفُوا ، وقالوا. قِطْريُ والأصل. قَطَرِيّ.

كما قالوا : فَخْذٌ للفَخِذِ.

وقال جرير :

لَدَى قَطَرِيَّاتٍ إذَا ما تَغَوَّلَتْ

بِها البِيْدُ غَاوَلْنَ الحُزُومَ الفَيَافِيَا

أرادَ بالقَطَرّياتِ : نَجَائِبَ ـ نَسَبهَا إلى قَطَرَ ، لأنّه كانَ بِها سُوقٌ في قَدِيمِ الدَّهْرِ.

وقالَ الرّاعِي فجعل النَّعامَ قَطَرِيةً :

الأَوبُ أوبُ نَعَائِم قَطَرِيّةٍ

والآلُ آلُ نَحَائِصٍ حُقْبِ

نَسَبَ النّعائِمَ إلى قَطَر ، لا تّصالِها بِالبَرّ ومُحَاذَاتِهَا رِمَالَ يَبْرِيْنَ (والله أعلم).

(فالنَّعَائِمُ تَبيضُ فيها فَتُصادُ وتُحْمَلُ إلى قَطَر). ويُقَالُ : آقطَرّتِ النّاقَةُ اقْطِراراً ، فهي مُقْطَرَّةٌ ، وذلك إذا القِحَتْ فَشَالَتْ بِذَنَبِها ، وشَمَخَتْ بِرأسِها.

قلتُ : وَسَماعي من العَرب بهذا المَعْنى : أقمَطَرَّتْ فهيَ مُقْمَطِرَّةُ (وكأنّ المِيْمَ زائِدَةٌ فيها) : (وَلَسْتُ من : أَقْطَرَّتْ عَلَى ثِقَةٍ).

وقال الليثُ : قَطُوراءُ ـ مَمْدود ـ اسمُ نَبْتٍ : وهيَ سَوادِيةٌ. سلمةُ عن الفَرّاء : القُطاريّ : الحَيَّةُ مأخوذٌ من القُطارِ ، وهو سَمُّهُ الّذي يَقْطُرُ من كَثْرَتِه.

وقال أبو عَمْرٍو : القُطَارية : الحَيَّةُ.

ثعلبٌ عن ابنِ الأعرابيِّ قَالَ : قَطَرْتُ الثَّوْبَ ، وَلَقَطْتُهُ ونَقَلْتُهُ ولهَطْتُهُ ونَصَحْتُهُ بِمعْنى واحِدٍ.

قال : والقُطَيْرَةُ : تَصْغِيرُ القُطْرَةِ ، وهو الشّيءُ التّافِهُ الخَسِيسُ ، (ومنه قَولُه : يا قُطَيْرُ بْنَ القُطَيْرَةْ).

رقط : يقالُ : تَرَقَّطَ ثوبُه تَرقُّطاً ، إذا تَرشَّشَ عَلَيه مِدَادٌ أو غَيرُهُ ، فصار فيه نُقَطٌ.

٧

وَدَجَاجَةٌ رَقْطاءُ ، إذا كَانَ فيها لُمَعٌ بِيْضٌ وسُوْدٌ ، وفي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ : «تكُونُ فيكُم اربَعُ فتَنٍ : الرَّقْطاءُ والمُظْلِمَةُ وكذا وكذا»

. أبو عُبيد عن أبي زَيْدٍ : نَعْجَةٌ رَقْطَاءُ : هي التي فيها سَوادٌ وبَيَاض.

قرط : قال الليثُ : القُرْطُ : مَعْروفُ يكونُ في شَحْمَةِ الأُذُنِ ، وجَمْعُهُ : قِرَطَةٌ.

وجَاريةُ مُقَرَّطَةٌ.

قالَ : والقِرَاطُ شُعْلَةُ السِّراجِ. وقالَ ساعدةُ الهُذَلِيُّ ، يصف نصالاً) :

مُسَالاتُ الأغِرَّةِ كالقِرَاظِ

مُسالاتُ : جَمْعُ المُسَالَةِ وهي : المحَدَّدَةُ ، والأَغِرَّةُ : جَمْعُ الغِرارِ ، وهو الحَدُّ.

والقُراطَةُ : ما يُقْطَعُ من أَنْفِ السِّراجِ ، إذا غَشِي.

ثعلب عن ابن الأَعرابيَّ ، قال : القِراطُ : السِّراجُ وهو : الهِزلِقُ. وأَخبرني المُنْذِريُّ عن أبي الهَيْثمَ ، أنَّه قالَ : القِيْراطُ في الوَزْنِ ، أَصْلُهُ : قِرَّاطٌ وجمعُه : قَرارِيطُ ، كما قالوا : دِيْباجٌ ، وجمعه : دَبَابِيْجُ ، (وَدِينار ، وجَمْعُهُ : دَنَانِيرُ).

وقال ابن دُرَيد : أصل القِيراطِ من قولهم : قَرَّطَ عَلَيهِ ، إذَا أعْطاهُ قَليلاً قَليلاً.

(وَيُقَالُ للدرّة تُعَلَّقُ في الأُذُنِ : قُرْطُ ، وللتُّومَةِ في الفِضّةِ قُرْط ، وَللمَعَاليق من الذَّهَبِ : قُرْطٌ ، والجَمْع في ذلك كله : قِرَطه).

وقال الليثُ : القَرَطُ : شِيَةٌ حَسَنَةٌ في المِعْزَى ، وهو أن يكونَ لها زَنَمتان مُعَلَّقَتَانِ من أُذُنَيها ، فهي قَرْطاءَ ، والذَّكَر : أقْرَطُ و (مُقَرَّطٌ).

ويستَحَبُّ في التَّيْسِ ، لأنّه يكونُ مِئْناثاً.

والفِعْل قَرِطَ قَرَطاً.

أبو عمرو : القِرْطِيْطُ : الدّاهِيَةُ ، وأنشد :

سَأَلْنَاهُمْ أَنْ يُرْفِدُونا فَأَحْبَلُوا

وجاءَتْ بِقِرْطِيطٍ مِنَ الأمْر زَيْنَبُ

وقوله :

وقَرَّطُوا الخَيْلَ مِنْ فَلْجٍ أَعِنَّتها

مُسْتَمْسِكٌ بِهَوَاديهَا ومَصْرُوع

وفي حَدِيثِ النُّعْمَانِ بنِ مُقَرِّنٍ : أنَّه أَوْصَى أصْحَابهُ ـ يَوْمَ نَهَاوَنْدَ ـ فقال : (إذا هَزَزْتُ اللِّوَاءَ فَلْيَثِبْ الرِّجالُ إلى خُيُولهَا فَيُقَرِّطُوهَا أعِنَّتِهَا) ، كأنَّهُ أمَرَهُمْ بإلْجَامِهَا (قالَ بعضُهُمْ : تَقْريطُها إلجامها).

وقال ابنُ دُرَيْدٍ : تَقرِيطُ الفَرَسِ ، لَهُ مَوْضِعَانِ ، أحُدُهُمَا : تَرْكُ اللِّجامِ في رَأْسِ الفَرَسِ. والثاني ؛ إذا مَدَّ الفارِسُ يَدَهُ حَتَّى يَجْعَلَهَا عَلَى قَذَالِ فَرَسِهِ ، وَهْيَ تَحْضُرُ.

وقيلَ : تَقْرِيطُها : حَمْلها على أشَدِّ الحُضْرِ ، وذَلِكَ أنَّها إذا اشْتَدَّ حُضْرُها ، امتَدَّ الْعِنَانُ على أُذُنيْها ، فَصارَ كالْقُرْطِ.

وروى ابنُ دُريد ، لِيُونُسَ أنَّهُ قالَ : القِرْطِيُ : الصَّرْعُ على القَفَا. (أبو عُبَيْدٍ عن الأصمعيُّ : مِنْ مَتَاعِ الرَّجُل : البَرْذَعَةُ ،

٨

وهو الْحِلْسُ للبَعير ، وهو لِذَواتِ الحافرِ : قِرطَاطٌ ، وقرطان قالَ : والطِّنْفَسَةُ الَّتي تُلْقى فَوْقَ الرَّحْلِ تُسَمَّى : النُّمْرُقَةَ).

ابنُ دُرَيْدٍ : القِرْطانُ ، والقِرْطَالُ ، والقِرطَاطُ : شِبْهُ الوَلْيَةِ للرَّحْلِ والسَّرْجِ.

ويقالُ : ما جَادَ لنا بِقِرْطِيطٍ ، أيْ : بِشَيءٍ يَسِيرٍ.

قلتُ : ولَيْسَ في كلامِ العَرَبِ : (فِعْلِيل).

طرق : في حديثِ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «الطِّيْرَةُ والعِيافَةُ والطَّرْقُ من الجِبْتِ».

قالَ أبو عُبَيْدٍ : الطَّرْقُ : الضَّرْبُ بالحصَا.

ومنهُ قَوْلُ لَبيْدٍ :

لَعَمْرُكَ ما تَدْرِي الطَّوَارِقُ بالْحَصَا

ولا زَاجِراتُ الطُيْرِ ، ما اللهُ صانعُ

قال الزَّجَاجُ : والطَّرْقُ : الخَطّ ، وهو الزجْرُ والكهَانَةَ. والّذِينَ يَفْعَلُونَ ذلِكَ : طُرَّاقٌ ، والنِّسَاءُ طَوَارِقُ ، وأنشدَ بَيْتَ لَبِيدٍ.

قالَ : وأصلُ الطّرْقِ : الضَّرْبُ. ومنْهُ سُمِّيَتْ مِطرَقَةَ الصَّائِغِ والحَدّادِ ؛ لأَنّهُ يَطرُق بها ، أيْ : يَضْرِبُ بها وكذلكَ ، عَصَا النّجّاد الذِي يضْرِبَ بها الصُّوْفَ.

قَالَ أبو عُبَيْدٍ : والطرْق في غَيْرِ هَذَا : الماءُ الذِي قَدْ خَوَّضَتْهُ الإبلُ ، وَبَوَّلَتْ فِيهِ ، فهو طَرْق ومَطرُوق ، ومنْهُ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ في الوضُوء بالماءِ الطرْق أحبُّ إليَّ من التَّيَمُّمِ).

ومن أمثالِ العَرَب المضْرُوبَةِ لِلّذي يُخَلِّطُ في كلامِهِ ويَتَفَنّنُ فيه ، قولهم : (أَطرُقِي ومِيشى). فالطَّرْق : ضَرْبُ الصُّوفِ بالعَصَا ، والْمَيْشُ : خَلْطُ الصُّوفِ بالشّعرِ.

وقال أبو زَيْدٍ : الطَّرْقُ : أن يَخُطَّ الرَّجُلُ في الأَرضِ بإِصْبَعَيْن ثم بأُصْبَعٍ ، ويقولُ : (ابنَيْ عِيَانٍ أسَرِعَا البَيَانَ) ، قالَ : وهُو ضَرْبٌ من الكَهَانَةِ.

قالَ : والطرْق : أن يَخْلِطَ الكاهِنُ الْقُطْنَ بالصُّوفِ ، فَيَتكَهَّنَ.

قلتُ : وتَفْسِيرُ الطرْق الذي جَاء في الحَدِيثِ ما فَسّرَهُ أبو عُبَيْدٍ وقولُ الله ـ جلّ وعزّ ـ (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (١) وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (٢)) [الطارق : ١ ، ٢]؟.

قالَ الفَرَّاءُ : الطارِق : النّجْمُ : لأنَّهُ يَطْلُعُ بالليلِ ، ومَا أتاكَ لَيلاً فهو طَارِق ، وَقَدْ فَسَّرَهُ ، فقَالَ : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣)) [الطارق : ٣].

وقد طَرَق يَطرُقُ طُرُوقاً.

ويروي عن هِنْدٌ بنتِ عُتْبَةُ ، أنها قَالَتْ يَوْمَ أُحُدٍ ـ وَهِيَ تَحُضُّ الْمُشركِينَ عَلَى الْحَرْبِ ، (وتَضْرِبُ بالدُّفِّ مِنْ ورائهِمْ ، وتَقُولُ).

نَحْنُ بَنَاتُ طارِقِ

لا نَنْثَني لِوامِقِ

إنْ تَقْبِلوا نُعانِق

أو تُدْبروا نُفَارِق

(فِرَاقَ غَيْرِ وَامِقِ)

٩

أرادت نحنُ : بناتُ ذي الشَّرَفِ في النَّاسِ ، كأنَّهُ النَّجْمُ الوَقَّادُ (باللَّيْلِ) في عُلُوِّ قَدْرِهِ.

وقال الفَرّاءُ في قَوْلِ الله ـ جلّ وعزّ : (وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) [طه : ٦٣].

قَالَ : الطَّريقَةُ : الرِّجَالُ الأَشْرافُ ، يُقالُ : هؤلاء طَرِيقَةُ قَوْمِهِمْ ، وطَرائِق قَوْمِهِمْ.

قالَ : وقولُه ـ جلّ وعزّ ـ (طَرائِقَ قِدَداً) [الجن : ١١] من ذلك (وقال الزّجَاج : (كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) أيْ : جَمَاعاتٍ مُخْتَلفةً.

وقال الأَخْفَشُ في قَوْلِهِ ـ جلّ وعزّ ـ : (بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) ، أي : بِسُنَّتِكُمْ ودِينكُمْ ، وما أَنْتُمْ عَلَيْه.

وقال الفَرّاء في قوله : (كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) أي : كُنَّا فِرَقاً مُخْتَلِفَة أهواؤُنا. والطَّرِيقَةُ : طريقَةُ الرَّجُلِ. وقال أبو إسْحَاقَ. في قَوْله تعالى : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) [الجن : ١٦] أرادَ : لو اسْتَقَامُوا عَلَى طَرِيقَةِ الهُدَى. وَقَدْ قِيْلَ : عَلَى طَرِيقَةِ الكُفْرِ.

وقال غيْرُهُ : فلانٌ حَسَنُ الطَّرِيقَةِ ، أيْ : حَسَنُ الخَلِيْقَةِ. وكلُّ لَحْمَةِ مُسْتطِيْلَةٍ ، فَهْي طَرِيقَةٌ ويقالُ للخَطِّ الذِي يَمْتَدُّ عَلَى ظَهْرِ الْحِمَارِ : طَرِيقَةٌ.

وقال الليثُ : كلُّ أخْدُودٍ من الأَرْضِ ، أو صَنِفَةِ ثَوَبٍ ، أو شَيْءٍ مُلْصَقٍ بعضُهُ بِبَعْضٍ ، فهو طَريقَةٌ ، وكذلك من الأَلْوَان.

قَالَ : والسماوات السبع والأرضون السبع طرائق بعضها فوق بعض والطَّرِيقَةُ : الحَالُ. يُقَالَ : هُوَ عَلى طَرِيقَةِ حَسَنَةٍ ، وطَريقَةٍ سَيِّئَةٍ.

وَقَالَ الفَراءُ في قولِ الله ـ جلّ وعزّ ـ : (وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ) [المؤمنون : ١٧] ، يَعْني : السماوات السبع ، كلُّ سَمَاء طَرِيقَهُ.

أبو عُبَيْدٍ : الإطْرَاقُ : يكونُ من السُّكُوتِ ، ويكون ـ أيضاً ـ اسْتِرْخَاء في الجُفُونِ.

وأنشد :

وما كُنْتُ أَخْشَى أَن تَكُونَ وفاتُه

بكَفْي سَبَنْتَى أَزرقِ العَيْنِ مُطرِق

قَالَ : وقَالَ الأَصْمَعيُّ : رجُلٌ مَطروقٌ ، أيْ : ضَعِيفٌ.

وَقَالَ ابنُ أحْمَرَ :

ولا تَحْلَىْ بِمَطروقٍ إذَا ما

سَرَى في القَوْمِ أصْبَحَ مُسْتَكِيْنَا

يُخاطِبُ امرأتَهُ.

وامرأةٌ مطروقَةٌ : ضَعِيْفةٌ ليسَتْ بِمُذَكَّرَةٍ.

وَيُقالُ : بَعِيْرٌ أَطْرَقُ ، ونَاقَةٌ طَرْقَاءُ بَيْنَهُ الطرَقِ ، إذا كانَ في يَدَيْهِ لِينٌ.

ويُقالُ : في الرَّجُل : طرِّيقَةٌ ، أيْ : استِرْخَاءٌ.

وَيُقَالُ : إنْ تَحْتَ طرِّيقَتِكَ لَعِنْدَأَوةً ، أيْ : إنْ تَحْتَ سُكُونِكَ لَنَزْوةً وطِمَاحاً.

وقَال الليثُ : أمُ طريقٍ هي الضَّبُعُ ، إذا

١٠

دَخَلَ الرَّجُلُ عَلَيُها ، وجَاءَها قَالَ : أطْرقِي أُمَ طرِّيقِ لَيْسَتِ الضَّبُعُ هَاهُنا.

قَالَ : وَرَجُلٌ طرِّيقٌ : إذَا كانَ كَثيرَ الإطْرَاقِ (فَرَقَا) قَالَ : والكَرَوَانُ الذَّكَرُ : اسمُهُ طِرِّيقٌ ؛ لأنَّهُ ، إذَا رأى الرِّجُلَ سَقَطَ وأطْرَقَ.

وزَعَم أبو خَيْرةَ : أَنهم إذا صَادُوهُ فَرَأَوْهُ من بَعِيدٍ أَطَافُوا بِهِ ، وَيقُولُ أحدُهُمْ : أطْرِقْ كَرى ، إنَّكَ لا تُرَى) حتّى يَتَمكَّنَ منْهُ ، فَيُلْقِيَ عَلَيه ثَوْباً ، ويأخذُهُ.

وفي حَديثِ فَرائِضِ صَدَقاتِ الإِبِلِ : (فَإذَا بَلَغَتِ الإِبِلُ كَذَا ، فَفِيها حِقّةٌ طَرُوقَةُ الفَحْلِ). المعنى : فِيها نَاقَةٌ حِقَّةٌ ، يَطْرُقُ الفَحْلُ مِثْلَها ، أَيْ : يِضْرِبُها.

وقال الليثُ : كلُّ امرأَةٍ طَرُوقَةُ بَعْلِها وكلُّ نَاقَةٍ طَرُوقَةُ فَحْلِها ، نَعْتٌ لها من غيرِ فِعْلٍ لها.

قالَ : ويُقَالُ للقَلُوصِ التي بَلَغَتْ الضّرابَ وأَربَّتْ بالفَحْلِ فاخْتَارَها من الشَّوْلِ : هِيَ طَرُوقَتُهُ.

ويُقالُ للمُتَزَوجِ : كيفَ وَجَدْتَ طَروقَتَكَ؟

قلتُ : فَطروقَةٌ بمعنى : مَطْروقَةٍ : كما يقال : جَلُوبَةٌ بمعنى : مَجْلوبَةٍ ، وركوبةٌ بمعنى : مَرْكوبَةٍ.

وقال الأصمعيّ : يَقُولُ الرجلُ. للرجلِ : اعِرْني طَرْقَ فَحْلِكَ العَامَ ، أي : ماءَهُ وضِرَابَه. ومنه يُقالُ : جاء فُلانٌ يَسْتَطْرِقُ : فأُطْرِقَ. وفي حَدِيثَ عَمْرٍو بنِ العَاصِ : أنه قَدِمَ على عُمَرَ من مِصْرَ ، فَجَرَى بَيْنَهُما كَلامٌ ، فَقَالَ له عُمَرُ : (إنّ الدَّجَاجَةَ لتَفْحَصُ في الرّمادِ ، فَتَضَعُ لِغَيْرِ الفَحْلِ.

والبَيْضَةُ مَنسْوبَةٌ إلي طَرْقِها فَقَامَ عَمْروٌ ، مُتَربّدَ الوَجْهِ). قولُهُ : مَنْسُوبةٌ إلى طَرْقِها ، أيْ : فَحْلِهَا.

وأَصْلُ الطَّرْقِ : الضْرابُ ، ثم يُقَالُ للضّارِبِ : طَرْقٌ ـ بالمَصْدَرِ ـ والمَعْنى : أَنَّه ذو طَرْقٍ ، وقالَ الرّاعي يَصِفْ إبِلاً :

كانَتْ هَجَائِنُ مُنْذِرٍ ومُحَرِّقِ

أُمّاتِهِنَّ وطرقُهُنَ فَحِيْلاً

أي : وكان ذو طَرْقِهِنَ فَحْلاً فَحيلاً ، أي منجبا.

أبو عُبَيدٍ عن الأصْمَعيّ : طَارَقَ الرَّجُلُ نَعْلَيْهِ ، إِذا أَطْبقَ نَعْلاً على نَعْلٍ فَخُرِزَتَا وطارَق الرّجُلُ بَيْنَ ثَوَبَيْنِ ، إذا لَبِسَ ثَوْباً على ثَوْبٍ ، وهو الطِّرَاقُ ، وقدْ اطَّرَقَ جَناحا الطّائِر ، إذا لَبِسَ الرّيشُ الأَعْلى الأسَفَلَ ، ومنهُ قولُ ذي الرُّمَّةِ :

طِرَاقُ الخَوَافي واقِعُ فَوْق رِيْعَةٍ

نَدَى لَيْلِهِ في رِيْشِهِ يَتَرقْرَقُ

ويقالُ : اطَّرَقَتِ الأرْضُ ، إذا رَكِبَ التُّرابُ بعضهُ بَعضاً. ويُقالُ : في ريشِهِ طَرَق ، أيْ : تَرَاكُبٌ ، وأَنشدَ الأصمعيُّ (في نعتِ قَطأةٍ).

١١

سَكَّاءُ مَخْطومَةٌ في رِيشها طَرَقٌ

سُوْدٌ قَوادِمُها صُهْبٌ خُوافِيهَا

وقال أَبو عُبَيْدٍ : يُقَالُ للطّائِرِ ، إذا كَانَ في ريشِهِ فَتخٌ ، وهو اللين : فيه طَرَقٌ.

ويقَالُ : جاءتِ الإبِلُ مَطَارِيْقَ ، يا هذا ، إذا جَاءَ بعضُها في أثَرِ بَعْضٍ ، والواحد : مِطْراقٌ.

ويُقالُ : هذا مِطْراقُ هذا ، أي : مِثْلُه وشِبْهه.

وأنشد الأصمعي :

فاتَ البُغَاةَ أبو البَيْداءِ مُحْتَزِماً

ولم يُغَادِرْ لَهُ في النّاسِ مِطْراقَا

ويُقَالُ : هذا بعيرٌ ما بِهِ طِرْقٌ ، أيْ «سِمَنٌ وشَحْمٌ».

أبو عُبَيدٍ عن الأصمعيّ : طَرَّقَتِ القَطَاةُ إذا حَانَ خُروجُ بَيْضِها ، ولا يُقَالُ ذلكَ في غَيْرِ القَطَاةِ.

قالَ : وأنشدَ أبو عمرٍو بنُ العلاء :

وَقَدْ تَخِذَتْ رِجْلي لَدَى جَنْبِ غَرْزِهَا

نَسِيفاً كأفْحُوصِ القَطَاةِ المُطَرّقِ

قالَ : وَضَربَهُ حتّى طَرَّقَ بِجَعْرِهِ وقَالَ أبو زيد : طَرَّقْتُ الإبلَ تَطْرِيقاً ، إذا مَنَعْتَهَا عنْ كَلإ وغيرِهِ. (وقال أبو زَيْدٍ خَرَجَ القَوْمُ مَطَارِيقَ ، إذا خرَجُوا مُشاةً على أقدامِهِمْ بِلَا دَوَابَّ. وقال شمرُ : لا أعْرِفُ ما قالَ أبو زَيْدٍ في : (طَرَّقْتُ) ـ بالقافِ ، وقَدْ قال ابنُ الأعرابيّ. (طَرَّفَهُ) ـ بالْفاء ـ إذا طرَدَهُ.

الأصمعيّ : اخْتَضَبَتِ الْمَرْأَةُ طرْقاً أو طَرْقَيْنِ ، أي : مَرَّةً أو مَرّتَيْنِ وقال الليثُ : الطرْقُ : كلُّ صَوْتٍ مِنَ الْعُوْدِ ، ونَحْوِهِ : طَرْقٌ على حِدةٍ. يَقُولُ : تَضْرِبُ هذه الجَارِيَةُ : كَذَا وكَذا طَرْقاً.

قالَ : والطرْقُ حِبَالَةٌ يُصَادُ بها الْوَحْشُ تُتَّخَذُ كالْفَخِّ.

ثعلبٌ عن ابنِ الأعرابيِّ : الطرق : الفَخُّ.

أبو عبيد عن الأصمعي أنَا آتِي فُلَاناً بالنّهَارِ طرْقَةً أو طرْقَتَيْنِ ، أيْ : مَرّةً أو مَرْتينِ ، وأنشدَ شمر قولَ لبيد :

فإنْ يُسْهِلُوا فالسَّهْلُ حَظِّي وطرقَتِي

وإنْ يُحْزِنُوا أرْكَبْ بِهِم كلّ مَرْكِبِ

قال : طُرْقَتي : عادَتي.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابيّ : في فلانٍ طُرْقَةٌ وحِلَّةٌ وتَوْضِيْعٌ ، إذا كانَ فيه تَخْنِيثٌ.

أبو مالك : طرَّقَ فُلانٌ بالحَقِ تَطْريقاً. إذا كان يَجْحَدُ بِهِ ، ثمْ أقرّ بَعْدَ ذلِكَ. ونحوَ ذلكَ قال أبو زَيْدٍ.

شمر عن ابنِ الأعرابي : طارَق فلان بينَ ثَوْبينِ وصافقَ وطَابقَ : بمعنى واحدٍ ، قَال : وأطرَقْتُ نَعْلِي وطرقْتُهَا ، قالَ : والجِلْدُ الّذي تَضْرِبُها بِهِ : الطِّراق. وقال ابن حِلِّزَةَ :

وطرَاق مِنْ خَلْفِهِنّ طرَاق

ساقطاتٌ تُلْوَى بِها الصّحْراءُ

١٢

يعني : نِعَالَ الإبِلِ.

قَالَ : وطراق بَيْضَةِ الرّأس طَبَقَاتٌ ، بَعْضُها فَوْق بَعْضٍ والمَجَانُ المُطرّقَةُ : ما يكونُ من جِلْدَينِ ، أحدُهُما فَوْق الآخرِ. والّذِي

جاء في الحَدِيثِ «كأنّ وجُوهَهُمُ المجَانُ المُطرّقَةُ».

أرادَ : أنهُمْ عِراضُ الوُجُوهِ غِلَاظُهَا ، (وهُمْ التُّرْكُ).

وتطَارَق القَوْمُ ، إذا تَبِعَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً (وأقْبَلَتْ الإبُل مَطَاريقَ).

وقال الليثُ : الطِّراق : الحَدِيدُ الّذِي يُعرّضُ ثم يُدَارُ فَيُجْعَلُ بَيْضةً ، أو ساعِداً ، ونَحْوَهُ. فكلُّ طبقةٍ على حِدَةٍ : طِرَاق.

وجِلْدُ النّعْلِ : طِراقُها.

وروى ابن الفَرَج ، لِبَعْضِ بَني كِلَابٍ : أنه قالَ : مَرَرْتُ عَلى عَرَقَةِ الإبِلِ وَطَرَقَتِها ، أي : على أَثَرِها.

وقال الأصْمَعِيُّ : هي الطَّرَقَةُ والعَرَقَةُ : للصَّفِ والزرْدَقِ. وَطَرَقَتْنَا طارِقَةٌ من خيرٍ وشَرِّ. ويُقَالُ : اللهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بكَ مِنْ طَوارِقِ السُّوء.

أبو عبيدٍ عن أبي زَيْدٍ والكِسَائي : قومٌ مَطارِيقُ ، أيْ : رَجَّالَةٌ ، واحِدُهُمْ : مُطْرِقٌ ، وهو الراجِلُ.

قالَ الليثُ : الطَّريقُ مَعْروفٌ تُؤَنِّثُهُ العَرَبُ.

الحَرّاني عن ابنِ السِّكيت : الطَّرِيقُ يُذَكَّر ويؤنَّثُ يُقالُ : الطريقُ الأَعْظَمُ : وَالطريقُ العُظْمَى ، وكذلك السَّبيلُ.

قَالَ : والطرِيقَةُ : أطولُ ما يكونُ من النَّخْلِ ـ بِلُغَةِ أهْل اليَمامَةِ.

والجمعُ : طَرِيقٌ ، قالَ الأعشَى :

طَريقٌ وجَبَّارٌ رِواءٌ أُصُولُهُ

عَلَيْهِ أبابِيلٌ مِنَ الطيْرِ تَنعَبُ

والطويلُ ، من النَّخْلِ يُسَمّى : طَرْقاً ، وجمعُهُ : طُرُوقٌ ، وقال :

كأنه لَمَّا بَدَا مُخَايِلا

طَرْقٌ تَفُوتُ السُّحْقَ الأَطاوِلَا

قلتُ : وَطَرَقَاتُ الطرِيقِ : شِراكُها ، كلُّ شَرَكةٍ منها طَرَقةٌ.

وقال الليثُ : الطارِقيَّةُ : ضرْبٌ من القَلائِدِ. قالَ : والطرْقُ خَطٌّ بالأَصابعِ في الكَهَانَةِ قال والطرْقُ أنْ يَخْلِطَ الكاهِنُ القطنَ بالصُّوفِ ، فيتَكَهَّنَ.

قلتُ هذا باطِلٌ ، وقد تَقَدَّم تفسيرُ الطرْقِ في أوّلِ البابِ : أنّه الضَّربُ بالحَصَا ، وشاهدُهُ قولُ لبيدٍ.

وقالَ الليثُ : الطرَقُ من منافِع الْمِياهِ يكونُ في نَحائِزِ الأَرْضِ. وقال رُؤْبَةٌ :

للعِدِّ إذْ أخْلَفَهُ ماءُ الطرَقْ

قلتُ : ونَحْو ذلِكَ قالَ ابنُ شُمَيلٍ. وأما الطرقُ بِسُكُونِ الراءِ فهو : الماءُ المَطروقُ الذِي قد خاضَتْهُ الإِبِلُ فكَدَّرَتْهُ .. (قالَ : وقالَ بعضُهُمْ : هو موضِعٌ).

وقال الليثُ : طَرَّقتِ المَرْأةُ ، وكلُّ حامِلٍ تُطرقُ ، إذا خَرَجَ مِنَ الولدِ نِصْفُهُ ، ثم

١٣

نَشِبَ ، فيقالُ طَرقَتْ ، ثم خَلَصتْ.

قلتُ : وغيرُهُ يَجْعَل التَّطريقَ للقَطَاةِ ، إذَا فَحَصَتْ للبَيْضِ كأنّها تَجْعَلُ لَه طَريقاً ، قالُه أبو الهَيْثَم ، وجائزُ أن يُسْتَعَارَ فيُجعَلَ لغَيرِ القطَاةِ.

ومنه قولُه :

قَدْ طَرَّقَتْ بِبِكْرِها أُمُّ طَبَقْ

يَعْني : الدّاهِيَةَ.

الحَرّاني عن ابنِ السّكيتِ : الطَّرِيقَةُ ، وجمعُها : طَرائِقُ : نسيجَةٌ تُنْسَجُ من صُوْفٍ أو شَعَرٍ ، عَرْضُها عُظْمُ الذّراعِ أو أقلُّ وطولُها أربعُ أو ثمَاني أَذْرُع ، على قَدرٍ عِظَمِ البَيْتِ ، وصِغَرِهِ ، فَتُخَيَّطُ في عَرْضِ الشَّقَاقِ مِنَ الْكِسْرِ إلَى الْكِسْرِ ، وفِيهَا تَكُونُ رُؤوسُ الْعَمَدِ ، وبَيْنَها وبَيْنَ الطِّرائِقِ أَلْبادٌ ، تكونُ فيها أُنُوفُ العَمَدِ ، لِئَلّا تَخْرِقَ الطّرائِقَ.

قُلْتُ : وَهكَذا رأيتُ العَرَبَ يُسَمُّونَهَا وَيَجْعَلُونَها. أبو عَمْرٍو : أَطرَقَتِ الإبِلُ إطِرَاقاً! إذا تَبعَ بعضُها بَعْضاً ، وأنشد :

جَاءَتْ مَعاً وأطْرَقَتْ شَتِيتَا ...

واطَّرَقَ الحَوْضُ ـ على «افْتَعَل) : إذا وَقَع فيهِ الدِّمْنُ. فَتَلبَّدَ فيهِ.

أبو عُبَيْدٍ عن الفَرّاءِ : أَطْراقُ القِرْبَةِ : أثْنَاؤُهَا ، إذا انْخَنَثَتْ وتَثَنَّتْ ، واحدُها : طَرَقٌ. ثَعْلبُ عن ابنِ الأعرابيّ : أَطْرَقَ الرّجُلُ للصَّيْدِ ، إذَا نَصَبَ له حِبَالَةً.

وأطْرَقَ فُلانٌ لِفُلَانٍ ، إذا مَحَل بِه ، ليُوقِعَهُ في وَرْطَةٍ ، أُخِذَ مِنَ الطَّرْق ، وهو الفَخُّ ، ومن ذلكَ قِيلَ للعَدُوِّ : مُطْرِقٌ وللسّاكِتِ : مُطْرِق.

قالَ : وطارِقَةُ الرَّجُلِ : عَشِيرَتُهُ ؛ وقال ابنُ أحْمَرَ :

شَكَوْتٌ ذَهَابَ طَارِقَتي إليه

وطَارِقتي بأكْنَافِ الدُّرُوبِ

وكَلأٌ مطروقٌ : وهو الذي ضَرَبه المَطَرُ بَعْدَ يُبْسِهِ.

وقال اللْحيانيّ ثَوْبٌ طَرائِق وَرَعابِيْلُ ، بمعنى واحدٍ. قالَ : وإذا وُصِفَتِ القَنَاةُ بالذُّبُولِ ، قِيلَ : قَنَاةٌ ذَاتُ طَرائِق. وكذلكَ القَصَبةُ إذا قُطِعَتْ رَطْبَةً ، فأَخَذَتْ تَيْبَسُ ، رَأَيْتَ فيها طَرَائِق ، قد اصْفَرَّتْ حين أَخَذَتْ في اليُبْسِ ، وما لَمْ تَيْبَسْ ، فهي على لَوْنِ الخُضْرَةِ ، وإنْ كانَ في القَنَا ، فَهُو عَلَى لَوْنِ القَنَا .. قالَ ذو الرُّمَّةِ يَصِفُ قَناةً :

حَتّى يِئِضْنَ كأمْثَالِ القَنَا ذَبَلَتْ

مِنْها طَرَائِقُ لَدْناتٌ عَلَى أَوَدِ

وقال الأصمعيّ : سمعتُ أبا عَمْرٍو يقول : (كانَ ثلاثَةُ نَفَرٍ) (بأطْرِقا) ، وهو مَوْضِعٌ فَسَمِعُوا صَوْتاً : فَقَالَ أَحدُهُم لصاحِبَيْهِ : أَطْرِقَا ، أَيْ : اسكُتَا فَسُمِي المَكَانُ (أطْرِقا) بذلك. وفيه يَقُولُ أبو ذُؤيبٍ :

١٤

عَلَى أَطْرِقَا باليَاتُ الخِيَا

مِ إلّا الثُّمامَ وإلّا العِصِيّ

وَقالَ غيرُهُ : الطُّرْقَةُ : الرجل الأَحْمقُ.

يُقَالُ : (إنهُ لطُرْقَةٌ ما يُحْسِنُ ، يَطَّافُ مِنْ حُمْقِهِ).

وقال ابنُ دُرَيْدٍ : ناقَةٌ مِطْرَاقٌ : قَرِيبَةُ العَهْدِ بِطَرْقِ الفَحْلِ إيّاها.

ورُوي عن ابنِ عُمَر : أَنهُ قَالَ : (ما شَيءٌ أفْضَلُ مِنَ الطَّرْقِ)

.. الرَّجُلُ يُطْرِقُ عَلَى الفَحْلِ فَيَذْهَبُ حَيْريَّ دَهْرٍ.

قالَ شمر : يُطرِقُ. أَيْ : يُعِيرُ فَحْلَهُ ، فَيَضْرِبُ طرُوقَهُ الذي يَسْتطْرِقُهُ.

قالَ : ويُقَالُ : لا أَطْرَقَ الله عَلَيْكَ). أي : لا صَيَّر الله لَكَ ما تَنْكحُهُ.

قالَ ذلك كلّه أَبُو عبيدَةَ.

قالَ : والطرْقُ ـ أيضاً ـ الفَحْلُ ، وجَمْعُهُ : طُروقٌ وطرّاقٌ ، وأنْشَدَ للطرمَاحِ ، يَصِفُ نَاقَةً :

مُخْلِفِ الطُّرّاقِ مَجْهُولَةٍ

مُحْدِثٍ بَعْدَ طِرَاقِ اللُّؤَامْ

قَالَ أبو عَمْرٍو : مُخْلف : لَمْ تَلْقَحْ ، والطرّاقُ : الفُحُولُ ، مَجْهولةٍ : مُحَرَّمَة الظُّهُورِ ، لم تُرْكَبْ ، ولم تُحْلَبْ ، مُحْدَثٍ : أُحْدِثَتْ لَقَاحاً. والطِرَاقُ : الضِّرَابُ ، واللُّؤَام : الذي يُلائِمُها.

قال شمرٌ : ويُقالُ للفَحْلِ : مُطْرِقٌ ـ أيْضاً ـ وأنْشَد :

يَهَبُ النَّجَيبَةَ والنَّجِيْبَ إذَا شَتَا

والبازِلَ الكَوْمَاءَ مِثْلَ المطْرِقِ

وقال مُتَمِّم :

فَهَلْ تُبْلِغَنِّي حيثُ كانَتْ ديارُهَا

جُمَالِيَّةٌ كالْفَحْلِ وجْنَاءُ مُطْرِقُ

قالَ : ويكونُ المطْرِقُ مِنَ الإطْرَاقِ.

أيْ : لا تَرغُو ، ولا تَضِجُّ.

وقالَ خالدٌ بنُ جَنْبَةَ : مُطْرِقٌ من الطرْقِ وهو سُرْعَةُ المَشْي.

وقَال : العَنِيقُ : جُهْدُ الطَّرْقِ. (قلتُ : وَقَدْ قِيلَ للراجِلِ : مُطرِقٌ وجمعُهُ مَطارِيقُ.

وقالَ. النَّضْرُ : نَعْجَةٌ مَطْروقَةٌ ، وهيَ التي تُوْسَمُ بالنّارِ على وَسَط أذنِها من ظاهِر ، فَذَانِكَ الطِّراقَانِ ، وإنما هو خَطٌّ أبيضُ بنارِ ، كأنما هو جادَّةٌ. وقد طَرَقْناها نَطْرُقُها طَرْقاً.

والمِيْسَمُ الذي في موضِعِ الطِّراقِ له حُروفٌ صِغَارٌ.

فأما الطَّابَعُ فهو مِيْسَمُ الفَرائضِ ، يُقَالُ : طَبَع الشَّاةَ. (وَفَرسٌ أطْرَقُ : بَيَّنُ الطَّرَقِ ، وهو اسْتِرْخاءُ في عَصَبِ الرّجلِ ، والأنثى : طَرْقَاءُ).

ق ط ل

قلط ، قطل ، لقط ، طلق : مستعملة.

قلط : قال الليثُ والقَلَطِيُ : القَصِيرُ جِدّاً ،

١٥

وَالقِلّوْطُ : يُقَالُ ـ والله أعْلمُ إنهُ من أولادِ الجِنِّ والشّياطِينِ.

عمرو عن أبيهِ : القِيْلِيْطُ : الآدَرُ ، وَهي القِيْلَةُ. (وقال بعضُهُم : القَلَطِيُ : الخَبِيثُ المارِدُ من الرّجالِ).

وَقال ابنُ الأعرابيِّ : القَلْطُ : الدَّمامَةُ.

قطل : (قال ابنُ دُريدٍ : القَاطُولُ : موضعٌ يمكنُ أن يَكُونَ عَرَبيَاً ، (فَاعُولاً) من القَطْلِ ، وهو القَطْعُ. قالَ : والمِقطَلَةُ : حَديدةٌ تَقْطَعُ.

أبو عُبيد عن الأصمَعيِّ : القُطُل المَقطوعُ من الشَّجَر ، وأنشَد (هُوَ أو غيْرُهُ :

مُجَدَّلٌ يَتكَسّى جِلْدُه دَمَهُ

كما تَقَطرَ جِذْعُ الدَّوْمَةِ القُطُلُ

وقد قَطَلْتُه ، أي : قطعته. وقال الهُذَليّ :

إِذَا مَا زَارَ مُجْنَأَةً عليها

ثِقالُ الصخر ، والخشب القُطُلُ

أراد بالقَطيلِ : المَقْطول وهو المقطوع.

وقد قَطلْتُه أي : قَطَعْتُهُ.

وقَالَ اللِّحْيانيُّ : قَطَلَ عنقه وقَصَلها أي ضرب عنقه.

ثعلب عنِ ابنِ الأعرابيّ : القَطَل الطول ، والقطل القِصَر ، والقَطَل اللَّيِّنُ ، والقَطْلُ : الخَشِنُ.

[لقط] : قال الليثُ : يُقالُ : [لَقَطه يَلْقُطه لَقْطاً والتقَطَه : أخذه](١) من الأرْضِ. قالَ : واللُّقْطَةُ بِتَسْكين القاف ، اسم الشيء الذي تجِدهُ مُلقىً فَتَأْخُذُهُ. وكذلك المنبوذُ من الصبيان لُقطةٌ.

وأما اللُّقَطَةُ : فهو الرَّجُل اللَّقَّاطُ يتتبع اللُّقْطَاتِ. يَلْتَقِطُها. قلتُ : وَكلامُ العَرَبِ الفُصحَاءِ [على] غير ما قال الليث في اللُّقْطَة واللُّقَطة.

أبو عُبيد عَنِ الأصمعيّ وَالأحمر قالا : اللُّقَطَةُ وَالقُصَعَةُ والنُّفَقَةُ ـ مُثَقَّلاتٌ كلّها.

(لِما يُلْتَقَطُ من الشَّيءِ السّاقِطِ).

وهذا قَوْلُ حُذْاقِ النَّحْوِيينَ ـ ولم أَسْمَعْ لُقْطَةً ، لغيرِ الليثِ. وَإن كانَ ما قَالَهُ قِياساً ، وهكذا رَواهُ المُحَدِّثُونَ.

حَدَّثَنِي عبدُ الله بنُ هَاجَكَ عن ابنِ جَبَلَة عن أبي عُبيد ، (وحَدَّثَنِيه أبو الحُسَين المزني عن عليّ بنِ عَبْدِ العزيزِ عن أبي عبيد) : أنَّه قالَ في حَدِيثِ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أَنَّهُ سُئِل عن اللُّقَطَةِ؟ فقال : إحْفَظْ عِفَاصَها وَوِكَاءَهَا).

وأما الصبيُّ المنبوذُ يَجِدُهُ إنْسَانٌ ، فَهو اللَّقِيطُ عندَ العَرَبِ ، فَعِيل ، بمعنى مفْعُول.

والّذي يأخُذُ اللّقِيطَ أو الشَّيْء السّاقِطَ ، فإنه يقالُ له : المُلتَقِطُ ، ويُقالُ للّذي يَلْقُطُ السَّنَابِلَ ، إذا حُصِدَ الزَّرُعُ وَوَخِزَ الرُّطَبُ

__________________

(١) كذا جاء في «اللسان» (لقط ـ ١٢ / ٣١٢) ، وانظر «العين» (٥ / ١٠٠).

١٦

من العِذْقِ : لاقِطٌ ولقّاطٌ وَلَقّاطَةٌ.

وَأَما اللُّقَاطَةُ : فهو ما كانَ ساقِطاً من الشيء التافِه الذي لا يقيمةَ لهُ ، ومن شاء أخَذَهُ. (وقرأتُ في كِتَابِ «المَصَادِرِ» للفَرّاء : اللُّقْطَة ، لما يُلْتَقَطُ ، والصّوابُ ما قَالَهُ الأَحْمَرُ ، لأَنَّهُ صحَّ في الحَدِيثِ).

وقال الليْثُ : اللَّقَاطُ : السُّنْبُلُ الذي تُخْطِئُه المَنَاجِلُ ، يَتَلَقَّطُهُ الناسُ.

وَاللِّقَاطُ : اسمٌ لذلكَ الفعلِ كالحَصَادِ وَالحِصاد (قلت : الحَصَاد والحِصَاد بمعنى واحدٍ ، وَمثله : الجِزَازُ وَالجِزَازُ ، والصِّرامُ والصَّرَامُ والجِدَاد والجَدَادُ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قالَ : اللّاقِطُ : الرّفَاءُ ، واللّاقِطُ : العَبْدُ المُعْتَقُ قالَ : والماقِطُ عبد اللّاقِطِ ، والسّاقِطُ عبد الماقِطِ. قالَ : ومن أمثالِهِمْ : (أَصِيْدَ القُنْفذُ ، أم لُقَطَةٌ؟). يُضْرَبُ مَثَلاً للرَّجُلِ الفَقِيرِ يَسْتَغْني في ساعةٍ.

وقال الليثُ : اللّقَطُ : قِطَع ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ أَمْثَالُ الشّذْرِ وأَعظَمُ في المَعَادِنِ ، وهو أجوَدُهُ ، ويُقَالُ : ذَهَبٌ لَقَطٌ.

أبو عُبيدٍ عَنِ الأَصْمَعي : ورَدْتُ الماء التِقَاطاً : وذلكَ إذا هَجَمْتَ عَلَيْهِ ، ولَمْ تَحْتَسِبْهُ ، وأنْشَدَ :

وَمَنْهَلٍ وَرَدْتُهُ التِقَاطَا

لَمْ أَلْقَ مذ وَرَدْتُهُ فَرَّاطاً

إلا الحَمامَ الوُرْقَ والغَطَاطا

وقال الليثُ : اللّقِيطَةُ : الرَّجُلُ المَهِينُ الرَّذْلُ ، والمرأَةُ ـ كذلكَ .. تَقُولُ : إنّه لَسَقِيطٌ لَقِيطٌ ، وإِنّه لساقِطٌ لاقِطٌ ، وإنّهَا لسَقِيطَةٌ لَقيطَةٌ ، وَإذا أفْرَدُوا الرّجلَ ، قَالُوا : إِنّه لِلَقَيْطَةٌ. قالَ : وتَقُولُ : يا مَلْقَطَانُ ، تعنِي به الفِسْلَ الأحمَقَ ، والأُنثى : مَلْقَطَانةٌ.

واللُّقَيْطَى : شِبْهُ حكايةٍ إذا رأيتَهُ كثيرَ الالْتِقَاطِ لِلُّقَاطَاتِ ، تُعَيِّرُهُ بذلِكَ.

وأخبرنِي المُنْذريّ عن ثَعْلبٍ عن ابنِ الأعرابيِّ قالَ. من كلامِهِمْ : (إنَّ عِنْدَكَ ديكاً ، يَلْتَقِطُ الحَصَا). قالَ : وَيقالُ هذا للرجلِ النّمّامِ.

وقال الليثُ : إذا التَقَطَ الكلامَ لِنَمِيمَةٍ ، قلتَ : لُقَّيطي خُلَّيْطى حكايةً لفِعْلِهِ.

اللحياني : دارِي بِلقاطِ دارِ فُلانٍ وطَوَارِهِ ، أيْ : بِحِذَائِها.

وقالَ : أبو عبيدٍ : المُلاقَطَةُ في سيرِ الفَرَسِ : أن يأخُذَ التَّقريبُ بقوائِمِه جَميعاً.

وقال الأصمعيّ : أَصْبَحَتْ مَراعِينا مَلَاقِطَ من الجَدْبِ ، إذا كانَتْ يابسةً لا كلأ فيها.

وأنشد :

نُمْسِي وَجُلُّ المُرْتَعَى مَلاقِطُ

وَالدِّنْدِنُ البَالي وحَمْضٌ حَانِطٌ

شِمْرٌ عن الفَراء : اللَّقْطُ : الرَّفْوُ المُقَارِبُ ـ يُقَالُ : ثَوْبُ لَقِيطٌ. ويقال : القُطْ ثوبَكَ ، أي : ارفأْهُ ، وكذلكَ : نَمِّلْ ثَوْبَكَ.

١٧

قال شَمِر : وَسَمِعْتُ حِمْيَرِيَّةٌ تقولُ لِكَلِمَةٍ أَعَدْتُها عَلَيْها : قَدْ لَقَطْتَها بالمِلْقَاطِ ، أيْ : كتْبتَها بالقَلَمِ.

أبو عبيدٍ عن الكسائِي : لَقَطْتُ الثَّوْبَ لَقْطاً.

وقال أبو مالكٍ : اللَّقَطَةُ واللَّقَطُ للجَمْعِ ، وهيَ بَقْلَةٌ تَتْبَعُها الدَّوابُّ ؛ لِطيْبهَا ، فَنَأكلها ، وربما انْتَتَفَها الرَّجُلُ فَنَاوَلَها بَعِيْرَه ، وهي بُقُولٌ كَثِيرَةٌ ، يَجْمَعُها : اللّقَط.

لُقَاطُ النَخْلِ : ما لُقِطَ ، والمِلْقَطُ : ما لُقِطَ فيهِ.

ولُقَاطَةُ الزَّرْعِ ما لُقِطَ مِنْ حَبِّهِ بَعْدَ حَصَادِهِ. ومن أمثالهم : لِكُلّ ساقِطَةٍ لاقطةٌ ...

وقالَ غَيْرهُ : اللاقِطَةُ : هي ذاتُ الأَطْباقِ الّتي يُقَالُ لها : الفَحِثُ).

طلق : الليث : الطّلْقُ : طَلْقُ المَخَاضِ عِنْدَ الوِلَادَةِ (طَلْقاً) ، وَقَدْ طُلِقَتْ فهي مَطْلوقَةٌ ، وضَرَبَها الطّلْقُ ..

أبو عُبيد عن الكِسَائي : طُلِقَتِ المَرْأَةُ عِنْدَ طَلْقِ الوِلَادَةِ طَلْقاً.

قالَ أبو عُبَيدٍ : وقالَ أبو عَمْرٍو : طُلِّقَتْ مِنَ الطَّلاقِ ، فَطَلُقَتْ ـ بَضَم اللّامِ ـ.

وأُطْلِقَتِ النَّاقَةُ مِنَ العِقَالِ ، فَطَلَقتْ.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابيِّ : طَلُقَتْ مِنَ الطَّلاقِ ؛ أَجْوَدُ.

وطَلَقَتْ بفتحِ اللَّامِ ـ جائزٌ وَمِنَ الطَّلقِ : طُلِقَتْ. وكلُّهم يَقُولُ : إِمْرأَةٌ طالِقٌ ، بِغَيْرِ (هَاءٍ).

وأما قول الأعشى :

أيا جارتا بِيني فإِنك طالِقَة

فإن اللَّيث قَالَ : أراد طالِقَة غداً. وقال غيره : قال : طالِقَة على الفعل لأنها يقال لها قد طَلَقَت ، فبني النَّعتَ عَلَى الفِعْلِ.

وقالَ اللّيث : ورجل مِطلاق ومِطْليقٌ أي كثير التَّطْليق للنساء.

واطلقت الناقة من العِقال فَطَلَقَت.

والطالِق من الإِبِلِ الَّتي قد طَلقَتْ في المرعى.

وقال أبو نصر : الطالق التي تَنطَلِق إلى الماء ويقال للتي لا قيد عليها ، وهي طُلق وطالِق أيضاً وطُلُق أكثَرُ ؛ وأنشد : مُعَقَّلات العيس أو طوالِقِ

أي قد طَلَقَت عن العقال فهي طالِق لا تحبَس عن الإبل](١).

وقال أَبو عَمْرو الشّيباني. الطالِقُ مِنَ النُّوقِ. الْتي تَتْرُكها بِصَرارِهَا ، وأَنشَدَ للحُطيئة :

أَقِيمُوا عَلَى المِعزَى بِدَارِ أبِيكُمْ

تَسُوف الشِّمالُ بَيْنَ صَبْحَي وطالِقِ

__________________

(١) ما بين المعكوفتين استدراك من «اللسان» (طلق ـ ٨ / ١٨٧ ، ١٨٨) انظر «العين» (٥ / ١٠١).

١٨

قال : الصَّبْحَى : التي يحلُبُها في مَبْرَكِها ، يَصْطَبِحُها ، والطّالِقُ : الّتي يَتْرُكها بِصَرارِهَا فلا يَحْلُبُها في مَبْرَكهَا.

وقالَ : اللّيْثُ. الطَّالِقُ من الإبِل. ناقَةٌ تُرْسَلُ في الحَيِّ ، وَتَرْعَى من جَنَابِهِمْ ، حَيْثُ شَاءَتْ ، لا تُعْقَلُ إذا راحَتْ ، ولا تُنَحَّى في المَسْرَحِ.

وقَالَ أبو ذُؤَيْبٍ :

غَدَتْ وَهْيَ مَحْشُوكَةُ طَالِقُ ..

قالَ : الجَميع : المَطالِيق ، والأَطْلَاقُ.

وَقَدْ أُطْلِقَتِ النّاقَةُ فَطلَقتْ ، أيْ : حُلَّ عِقَالُها : وقال شمرٌ : سَأَلْتُ ابنَ الأعْرابيّ عن قولِهِ :

سَاهِمُ الوَجْهِ مِنْ جَدِيلَةَ أَو نَبْ

هَانَ أَفْنَى ضِرَاءَهُ الإِطْلَاقُ

قالَ : هَذا يكونُ بمَعْنى : الحَلِّ والإِرْسَالِ.

قالَ : وإطلاقُهُ إيّاهَا. إرْسالُها عَلَى الصَّيْدِ ، أفْنَاهَا. أبو عبيدٍ عن أبي زيد رجُلٌ طَليقُ الوجْهِ. ذو بِشْرٍ حَسَن وطلقُ اليدَيْنِ ، إذا كانَ سخِياً ، وَمِثْلُهُ. بعيرٌ طَلْقُ اليدَيْنِ ، أيْ غيرُ مُقَيَّدٍ ، وَجمعه : أطْلاقٌ ، وَيقالُ.

حَبَسُوهُ في السِّجْنِ طُلُقاً بغيرِ قَيْدٍ.

(أبو العَبَّاسِ : طَلَقَتِ المَرْأَةُ ، وَطَلُقَتْ ، وَطُلِّقَتْ عندَ الوِلادَةِ ، وَطَلُقَ وجهُهُ طَلَاقَةً.

ورجلٌ طَلْقُ الوَجْهِ وَطَلِقُ الوجْهِ ، ويومٌ طَلْقٌ ، وليلةٌ طَلْقَةٌ : لا قُرَّ فيها ، ولا أذًى).

ويقالُ : هَذَا لَكَ طِلْقٌ أي : حَلَالٌ.

الكِسائي : رجلٌ طُلْقٌ : وهو الَّذي لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ ، ولَهُ لِسَانٌ طُلَقٌ ذُلَقٌ ، وَهُوَ طَلِيقُ اللِّسَانِ ، وطِلْقٌ وَطَلْقٌ.

وَيقَالُ : هو طَلِيقُ الوجْهِ ، وطَلْقُ الوجْهِ.

شَمِر عن ابنِ الأعرابيِّ : لِسَانٌ طُلُقٌ ذُلُقٌ ، وطلِيقٌ ذَلِيقٌ ، ولا تَقُلْ : طُلَقٌ ذلَقٌ ، والكسائي يقولُهُمَا. وهو طَلْقُ الكَفِّ وطَلِيقُ الكَفِّ قَرِيبتَانِ مِنَ السَّوَاء.

وقال شَمِر : قال أبو حاتمٍ : شَكَّ الأصمعيُّ في : طُلُقٍ أو طُلَقٍ ، فقالَ : لا أدْري. لسان طُلُقٌ ، أو طُلَقٌ.

وقال شَمِر : يقالُ طَلُقَتْ يَدُهُ ولسانُه طُلوقَةً وطُلُوقاً.

وقال ابن الأعرابي : يقال : هو طَلِيقٌ وطُلُقٌ وطَالِقٌ ومُطْلَق إذا خُلِّي عَنْهُ. قالَ : والتَّطْلِيقُ. التَّخْلِيَةُ والإرْسَالُ ، وحلّ العَقْدِ ويكونُ الإطْلاقُ بمعْنَى التَّرْكِ والإرْسَالِ.

وطَلَّقْتُ البِلَادَ. فَارَقْتُهَا. وطَلَّقْتُ القَوْمَ.

تركْتُهُمْ.

وقال ابنُ أَحْمَرَ :

غَطَارِفَةٌ يَرَوْنَ المَجْدَ غُنْماً

إذا ما طَلَّقَ البَرِمُ العِيالا

أيْ : تَرَكَهُمْ ، كما يترُكُ الرجلُ المرأةَ.

أبو عبيد عن أبي زيد : أطْلَقتُ الإبلَ إلى الماء ، حتَّى طَلَقَتْ طَلْقاً وطُلُوقاً ، والاسمُ

١٩

الطّلَق ـ بفَتح اللام.

وقال الأصْمعي طَلَقَتِ الإبلُ ، فهي تَطْلُق طَلَقا ، وذلك إذا كان بينها وبيْنَ الماءِ يومانِ ، فاليومُ الأول : الطَّلَقُ ، والثاني : القَرَبُ ، وقد أطْلَقَها صاحِبُها إطْلاقَاً.

وروى أبو عبيدٍ عنه ، قالَ : إذا خَلَّى وُجُوهَ الإبلِ إلى الماءِ وتَرَكَها في ذلِكَ تَرْعى ـ لَيْلَتَئِذٍ ـ فهيَ ليلةُ الطّلْقِ ، فَإنْ كانَتْ الليلةُ الثانِيَةُ ، فهي لَيْلَةُ القرَبِ ، وهي السَّوْقُ الشديدُ.

أبو نصرٍ عن الأصمعيّ. يقالُ لِضَرْبٍ من الدّوَاءِ ، أو نَبْتٍ ، طَلَقٌ ـ مُتَحرِّك ـ ويقالُ للإنْسَانِ ، إذا عَتَقَ. طَلِيقٌ ، أيْ إذا صَار حُرّاً ، ويقال للسَّليمِ ، إذا لُدِغَ. قد طُلّقَ ، وذلكَ حينَ ترْجعُ إليْهِ نفسُهُ ، وَأنشد :

كما تَعْتَري الأَهْوالُ رأسَ المُطَلّقِ

وقال النابغة (يَذْكُرُ حَيَّةً) :

تَنَاذَرَهَا الرَّاقُونَ من سُوْءِ سُمِّها

تُطَلِّقُهُ حِيْناً ، وحِيْناً تُرَاجِعُ

قالَ : والطَّلَقُ ـ مُتَحَرِّك ـ قَيْدٌ من جُلُودٍ ، وجَمْعهُ. الأطْلَاقُ وبَعِيرٌ طُلُقٌ ، لا قَيْدَ عَلَيْهِ والجميعُ. أطْلاق ، وأنشد :

تَقَاذَفْنَ أطلاقاً وَقارَبَ خَطْوَهُ

عَنِ الذَّوْدِ تَقْرِيبٌ وَهُنَّ حَبَائِبُهُ

أبو عُبَيْدٍ عن أبي عَمْروٍ. لَيْلَة طَلْقٌ ، وهي التي لا بَرْدَ فيها ، وأنْشَدَ لأوس بن حَجَر :

خُذِلْتُ عَلَى لَيْلَةٍ سَاهِرَهْ

فَلَيْسَتْ بِطَلْقٍ ولا سَاكِرَهْ

وأخْبَرَني الإياديّ عن شمر : يومٌ طَلْقٌ ولَيْلَةٌ طَلْقَةٌ لا حَرَّ فيها ولا بَرْدَ ، ولا مَطَرٌ ، وليالٍ طَلْقاتٌ ، وطَوَالِقُ.

وقالَ أبو الدُّقَيْشِ. إِنَّها لطَلْقَةُ السَّاعَةَ ، وقال الرّاعي :

فَلَمَّا عَلَتْهُ الشَّمْسُ في يَوْمِ طَلْقَةٍ

يريدُ : يومَ لَيْلَةٍ طَلْقَةٍ ، ليسَ فيها قُرٌّ ولا رِيْحٌ. يُرِيدُ يَوْمَها الَّذي بَعْدَها ، والعَرَبُ تبدأ باللَّيْلِ قَبْلَ اليَوْمِ. وقال أبو الهيْثَم وأَخْبَرَني عنه المُنْذِري ، في قولِ الرَّاعي ، وفي بيت آخَرَ أنشَدَه لذي الرُّمَّة :

لها سُنَّةٌ كالشَّمْسِ في يَوْمِ طَلْقَةٍ

قالَ : العَرَبُ تُضِيفُ الإسمَ إلى نَعْتِهِ.

قالَ : وزادوا في الطَّلْق. الهاءَ ، للمُبَالَغَةِ في الوصْف ، كما قالوا. رَجُلٌ دَاهِيَةٌ. قالَ ويقالُ : لَيْلَةٌ طلْقٌ ـ بغير هَاء ـ وَأَنْشَدَ بَيْتَ لَبِيدٍ :

بَلْ أَنْتِ لا تَدْرِيْنَ كَمْ مِنْ لَيْلَةٍ

طَلْقٍ لَذِيْذٍ لَهْوُهَا وَنِدَامُهَا

وقال الأصمعيّ : يُقَالُ : يَوْمٌ طَلْقٌ ، ولَيْلَةٌ ، أيْ : سَهْلَة ، طَيِّبَة ، لا بَرْدَ فيها ، قال : ويُقَالُ : لَيْلَةٌ طُلْقٌ ـ بغير هَاء ـ وأَنْشَدَ بَيْتَ لَبِيدٍ :

بَلْ أَنتِ لا تَدْرِينَ كَمْ مِنْ لَيْلَةٍ

طَلْقٍ لَذِيذٍ لَهْوُهَا وَنِدَامها

٢٠