تهذيب اللغة - ج ٩

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٩

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥١

(فَلَوْ لا) : فما كان. ولأن انتصاب (قَلِيلاً) على انقطاعٍ من الأول.

وقال الفرّاء : قوله : (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ) [هود : ٨٦] ، أي : ما أبقى لكم من الحلال خير لكم.

قال : ويقال : مراقبة الله خير لكم.

الليث : بَقِيَ الشيءُ يَبْقَى بقَاءً ، وهو ضِدُّ الفناء.

ويقال : ما بقيَت منهم باقيةٌ ، ولا وَقاهم من اللهِ وَاقية.

وقال الله جلَّ وعزَّ : (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ (٨)) [الحاقة : ٨].

قال الفرّاء : يريد من بقاء ، ويقال : هل تَرى منهم باقياً ، كلُّ ذلك في العربيّة جائزٌ حَسَن.

وقال الليث : الباقي حاصل الخراج ونحوِه.

وفي لغة طيِّئ : بَقَى يبقَى ، وكذلك لُغَتُهم في كل ياءٍ انكسر ما قبلها ، يجعلونها ألفاً ساكنة نحوَ بَقِيَ ورَضِيَ وفَنِيَ.

قال : واستَبْقَيْت فلاناً : إذا وَجَب عليه قَتْلٌ فعفوْتَ عنه. وإذا أعطيتَ شيئاً وحبستَ بعضَه قلت : استبقَيْتَ بعضَه. واسْتَبْقَيْتُ فلاناً في معنى العفو عن ذنبه ، واستِبقاء مودَّته.

وقال النابغة :

ولست بمستَبقٍ أخاً لا تلُمُّه

على شَعَثٍ أيُّ الرجال المهذّبُ

الأصمعيّ : المُبْقِيات من الخيل : التي تُبْقِي بعضَ جَرْيها تدَّخره.

وقول الله : (وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً) [الكهف : ٤٦] ، هي : الصلوات الخمس.

وقيل : الأعمالُ الصالحةُ كلُّها.

بقا : في حديث معاذ بن جبل : «بَقَيْنَا رسولَ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أشهر رمضان حتى خشينا فوت الفَلاح».

قال أبو عبيد : قال الأحمر في قوله : بَقَيْنَا ، أي : انتظرْنا وتبصَّرْنَا.

يقال منه : بقيْتُ الرجلَ أَبْقِيه بَقْياً.

وأنشد الأحمر :

فهنَّ يَعْلِكْنَ حدائداتها

جُنْحَ النواصِي نحوَ أَلْوِياتِها

كالطَّيْرِ تَبقى متداوماتِها

يعني : تنظر إليها.

وقال اللحيانيّ : بَقَيْتُه وبقَوْتُه : نظرْتُ إليه.

وقال الزجاج في قوله جلّ وعزّ : (أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ) [هود : ١١٦] ، معناه : أُولوا تمييز.

قال : ويجوز (أُولُوا بَقِيَّةٍ) : أُولوا طاعة.

قال : ومعنى البقية إذا قلتَ في فلانٍ بقيّة ، معناه : فيه فضلٌ فيما يُمْدَح به ، وجمعُ

٢٦١

البقيَّة بَقَايا.

بوق : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «ليس بمؤمنٍ من لا يأمَن جارُه بَوائقَه».

قال أبو عبيد : قال الكسائي وغيره : بوائقه غوائله وشرّه. ويقال للداهية والبليَّة تنزل بالقوم : أصابتهم بائقة.

وفي حديث آخر : «اللهمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن بَوائق الدهر».

قال الكسائي : يقال : باقَتهم البائقة فهي تَبُوقُهم بَوْقاً ، ومثله فقَرَتْهم الفاقرة.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : باقَ : إذ هَجَم على قومٍ بغير إذنهم. وباق : إذا كذب.

وباقَ : إذا جاء بالشَّرّ والخُصومات.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : أصابتْنا بُوقةٌ منكَرة وبوق ، وهي دُفْعةٌ من المطر انبعجتْ ضَرْبةً.

وقال رؤبة :

نَضّاح البُوَقْ

ويقال : هي جمع بُوقة مِثل أُوقةٍ وأُوَق.

وقال الليث : البُوقة : شجرةٌ مِن دِقّ الشَّجر ، شديدة الالتواء.

قال : ويقال : أصابَهمْ بَوْقٌ من المطر ، وهو كَثْرته.

قال : والبُوقُ شِبه منقافٍ مُلْتوِي الخَرْق ، وربّما نَفخ فيه الطَّحان فيَعلو صوْته فيُعلَم المرادُ به. ويقال للإنسان الذي لا يكتم سرَّه : إنّما هو بُوق.

أبو عبيد عن أبي عمرٍو قال : البُوق : الباطل. وأنشد :

إلا الذي نطقوا بُوقا

وقال شمر : البُوق : شيء يُنفَخ فيه. قال : ولم أسمع البُوق في الباطل إلَّا هنا ، وأنكر بيت حسان فلم يعرفه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ يقال : باقَ يَبوق بَوْقاً : إذا تَعَدَّى على إنسان. وباقَ يَبُوقُ بَوْقاً : إذ جاء بالبُوق ، وهو الكذب السُّماق.

قلت : وهذا يدلّ على أنَّ الباطل يسمَّى بُوقاً.

قوب : قال الليث : القَوْب : أن تُقوِّب أرضاً أو حُفْرةً شِبْه التقوير. تقول : قُبْتُها فانقابت.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابيّ : قاب الرجلُ : إذا قَرُب ، وقابَ : إذا تَقوَّب جِلدُه ، وقاب يَقوبُ قَوْباً : إذا هَرَب.

وقال الليث : الجَرَبُ يُقوِّب جِلد البعير فتَرى فيه قُوَباً قد انحردتْ مِن الوَبَر ، ولذلك سمِّيت القُوبَاء التي تخرج في جِلد الإنسان فتُداوى بالرِّيق ، وأنشد :

يا عَجَبَاً لهذه الفَلِيقَهْ

هل ينفعنَ القُوَباءَ الرِّيقَه

ابن السكيت : رجلٌ قُوَبة : ثابت الدار مقيم.

سلمة عن الفراء قال : القُوبا مؤنَّث

٢٦٢

وتذكّر ، وتُحرَّك وتُسكّن ، فيقال : هذه قُوَباءُ فلا تُصرَف في معرفة ولا نكرة ، وتُلحَق بباب فُقَهاء وهو نادر ، وتقول في التخفيف هذه قُوبى فلا تصرف في المعرفة وتصرف في النكرة ، وتقول : هذه قُوباء فتصرف في المعرفة والنكرة وتُلحق بباب طُومار. وأنشد :

به عَرَصاتُ الحَيِ قَوَّبْن مَتنَه

وجَرَّدَ أثباجَ الجراثيم حاطبُه

قوّبنَ متنَه ، أي : أثّرن فيه بمَوْطئهم ومَحَلِّهم.

وقال العجّاج :

مِنْ عَرَصات الحيِّ أمْسَتْ قُوَبا

أي : أمست مقوَّبة.

وقال الله جل وعزّ : (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (٩)) [النجم : ٩] ، قال مُقاتل : لكلِ قابان ، وهما ما بين المَقْبِض والسّية.

وقال الحسن : (قابَ قَوْسَيْنِ) ، أي : طول قوسين.

وقال الفراء : (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ) ، أي : قدر قوسين عربيَّتين ، ونحو ذلك قال الزجاج.

وقال ابن الأعرابي : القُوبيُ : المُولع بأكل الأقواب وهي الفراخ.

وقال الفراء : القائبة : البيضة ، والقوب : الفرخ.

وقال الكميت :

لهنَّ وللمشيب ومَن عَلاهُ

من الأمثال قائبة وقوبُ

شبه مزايلة النساءِ من الشيوخ بخروج القوب ، وهو الفَرْخُ ، من القائبة ، وهي البَيضة. فيقول : لا يرجعن إلى الشيخ كما لا يرجع الفرخ إلى البيضة.

ونهى عمر عن التمتع (بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ) وقال : «إنكم إن اعتمرتم في شَهر الحج رأيتموها جازيةً مِن حجِّكم وعمرتكم ، فقَرعَ موضعُ الحج سائر السنَة ، وكانت قائبة قَوبٍ».

ضَرَب عمر هذا مثلاً لخلاء مكّة من المعتمرين سائر السنة ، أراد أن تكون مكةُ معمورةً بالمعتمرين في غير شهور الحج.

ويقال : قُبتُ البيضَة أقُوبُها قَوْباً فانقابت انقياباً.

قلت : وقيل للبيضة قائبة ، وهي مَقُوبة لأنّهم أرادوا أنها ذاتُ قُوب ، أي : ذاتُ فَرْخ. ويقال لها قاوبة : إذا خَرج منها الفَرْخ ، والفَرْخ الخارج منها يقال له قُوبٌ وقُوبيٌ.

وقال الكميت :

وأفرَخَ مِن بَيض الأنُوقِ مَقُوبُها

ويقال : انقابَ المكان وتقوَّب : إذا جُرِّد فيه مواضعُ من الشّجر والكلأ.

وقال الفرّاء : هي القِبة للفَحِث.

وفي «نوادر الأعراب» : قِبَّة الساق :

٢٦٣

عَضَلتها. وتقوّبت البيضة : إذا انفلقت عن فرخها.

يقال : انقضت قائبة من قُوبها ، وانقضى قوبيٌ من قائبة. معناه : أنّ الفرخ إذا فارق بيضتَه لم يَعُد إليها.

وقال الكميت :

فقائبةٌ ما نحن يوماً وأنتم

بني مالك إن لم تفيئوا وقوبها

يعاتبهم على تحوُّلهم بنسبهم إلى اليمن.

يقول : إن لم ترجعوا إلى نسبكم لم تعودوا إليه أبداً فكانت بليّة ما بيننا وبينكم.

وقال شمر : قِيبت البيضةُ ، فهي مقوبةٌ : إذا خرجَ فرخها.

ويقال : قابة وقوب ، بمعنى قائبة وقوب.

ابن هانئ : القوب : قِشر البيض.

وقال الكميت يصف بيض النعام :

إلى توائم أصغى من أجنّتها

وساوسَ عنها قابت القُوَبُ

أصغَى من أجنّتها ، يقول : لما تحرَّك الولدُ في البيض تسمَّعَ إلى وسواس. جعل تلك وسوسةً. قال : وقابت : تفلَّقَت. والقوب : البيضة.

قأب : أبو عبيد عن الفراء : قَئِب وصئِب وذَبحَ : إذا أكثر من شرب الماء.

وقال أبو زيد : قَئبْتُ مِن الشراب أقَأَب قأباً : إذا شرِبتَ منه.

وقال الليث : قئبت من الشراب أقأبُ ، وقأبْتُ لغة : إذا امتلأتَ منه.

أبو عبيد عن الأمويّ : قأبتُ الطعام : أكلته وكذلك دأثْتُه.

وقال غيره : يقال : إناء قَوأبٌ وقوأبيٌ كثير الأخْذ للماء. وأنشد :

مدٌّ من المِداد قوأَبيُ

وقال شمر : القوأبيّ : الكثير الأخذ.

وقب : الليث : الوَقْب : كلُّ قَلْت أو حُفْرة كقَلْتٍ في فهرٍ وكوقْب المُدْهُنة. ووَقْبةُ الثّريد : أُنقوعتُه.

وأنشد :

في وَقْبِ خَوْصاء كوقْبِ المُدْهُنِ

أبو عبيد عن أبي زيد : الوَقيت : صوتٌ يخرج من قُنْب الفَرس ، وهو وِعاء قضيبه ، وقد وقَب يَقب.

وقال الفراء في قول الله جل وعز : (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣)) [الفلق : ٣] ، الغاسق : اللَّيل. (إِذا وَقَبَ) : إذا دخلَ في كلّ شيء أو ظلم.

ورُوِي عن عائشة أنها قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما طلع القمَر : «هذا الغاسق (إِذا وَقَبَ) فتعوَّذي بالله من شرّه».

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الأوقاب : قماش البيت. والوَقْب : الرجل الأحمق ، وجمعُه

٢٦٤

أوقاب. والأوقاب : الكِوَى ، واحدها وَقب.

قال : والوُقبيّ : المولَعُ بصحة الأوقاب ، وهم الحَمقى. والمنقاب : الرجل الكثير الشُّرب للنَّبيذ.

وقال الفراء : الإيقاب : إدخال الشيء في الوَقْبة.

وأنشد غيره :

أبني لُبَيْنَى إنّ أمَّكُمُ

أمَةٌ وإنَّ أباكُمَ وَقْبُ

وقال مبتكرٌ الأعرابيّ فيما رَوى أبو تراب عنه : إنهم يسيرون سَيْر الميقاب ، وهو أن يُواصلوا بين يومٍ وليلة.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابيّ : الميقَب : الوَدَعة.

وبق : قال الفراء في قول الله جل وعز : (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً) [الكهف : ٥٢] ، يقول : جعلْنا تَواصُلهم في الدُّنيا مَوْبِقاً ، أي : مَهْلَكاً لهم في الآخرة.

وقال ابن الأعرابي : (جَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً) ، أي : حاجزاً. قال : وكلُّ حاجزٍ بين شيئين فهو مَوْبق.

وقال أبو عبيدة : الموبق : الموعد في قوله : (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً) ، واحتجّ بقوله :

وجادَ شَرَوْرَى والسِّتَار فلم يَدعْ

بعاراً له والواديين بموبقِ

يعني بموعد.

وقال الفراء : يقال : أوبقتْ فلاناً ذُنوبُه ، أي : أهلكتْه فَوَبِقَ يَوْبقُ وَبقاً ومَوْبِقاً : إذا هَلَك.

قال : وحَكى الكسائي : وَبقَ يَبِق وُبُوقاً.

وفي «نوادر الأعراب» : وبقت الإبل في الطِّين : إذا وَحِلَتْ فنشبتْ فيه. ووَبق في ذَنْبه : إذا نَشِب فيه فلم يتخلّصْ منه.

وقال الله جل وعزّ : (أَوْ يُوبِقْهُنَ بِما كَسَبُوا) [الشورى : ٣٤] ، أي يحبسهنّ ، يعني الفُلْك ورُكبانها ، فيهلكوا غرقاً.

أبق : قال الليث : الأبَق : القُنب ، ومنه قول زهير :

قد أحكِمَتْ حَكماتِ القِدّ والأبَقا (١)

وقال الليث : الإباقُ : ذَهاب العبد من خَوْف ولا كد عمل.

قال : وهكذا الحكمْ فيه أن يُرَد ، فإذا كان من كَدّ عملٍ أو خوف لم يُرَدّ قلتُ : الإباق : هَرَب العبد من سيّده.

وقال الله جل وعز في قصة يونس عليه‌السلام حين نَدَّ في الأرض مغاضباً لقومه : (إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠)) [الصافات : ١٤٠].

__________________

(١) في المطبوع : «القدّ والأبقا» والتصويب من «اللسان» (أبق).

٢٦٥

أخبرني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنّه أنشده :

ألَا قالت بَهانِ ولم تَأَبَّقْ

نَعِمْتَ ولا يَليقُ بك النَّعيمُ

قال : لم تأَبقْ ، أي : تَأَثمْ من مَقالتها.

وقال غيره : لم تأبقْ ، أي : لم تأنفْ.

ويقال : أبَق العبدُ يأَبقُ إباقاً فهو آبِق ، وجمعُه أبَّاق.

باب القاف والميم

ق م

(وا يء) قوم ، قمي ، قمأ ، وقم ، ومق ، موق ، مأق ، مقا.

قوم : قال الليث : القوم : الرِّجال دون النساء.

ومنه قول الله : (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ) ، أي : رجالٌ من رجال ، (وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ) [الحجرات : ١١] يدلُّ عليه قولُ زهير :

وما أدري ولستُ إخالُ أدرِي

أقومٌ آلُ حِصْنٍ أم نِسَاءُ

قال : وقومُ كلِّ رجلٍ شيعتُه وعشيرته.

وأخبرني المنذريّ عن أبي العباس ، أنّه قال : النَّفَر والقَومُ والرَهْط ، هؤلاء معناهم الجَمع ، لا واحدَ لهم من لفظهم ، للرِّجال دون النساء.

وقال الليث : القَوْمة : ما بين الرَّكعتين مِن القيام.

قال : وقال أبو الدُّقَيش : «أُصَلِّي الغداة قَوْمَتَين ، والمغربَ ثلاث قومات». وكذلك قال في الصلاة.

وقال الليث : القامة : مقدارٌ كهيئة رجُل ، يُبنَى على شَفير البئر ، يوضع عليه عُودُ البَكرة : والجميع القِيَم. وكلُّ شيءٍ كذلك فوق سطحٍ ونحوه فهو قامة.

قلت : الذي قاله الليث في تفسير القامة غير صحيح. والقامة عند العرب : البَكْرة التي يُسْتَقى بها الماء من البئر.

وأقرأني الإياديُّ عن شمر لأبي عُبيدٍ عن أبي زيد أنه قال : النَّعامة الخشبة المعترضة على زُرنُوقَيِ البئر ، ثم تُعلَّق القامة ، وهي البكرة ، من النَّعامة ، وجميعها قِيَم.

وأخبرني غير واحدٍ عن أبي الهيثم ، أنه قال : القامة : جماعة الناس. والقامة أيضاً : قامة الرجل.

وقال الأصمعي : فلانٌ حسن القامة والقِمَّة والقُومِيَّة بمعنًى واحد.

وأنشد :

فتَمَّ من قَوامها قُوميُ

وقال الليث : يقال فلان ذو قُوميَّةٍ على مالِه وأمرِه. وتقول : هذا الأمر لا قُوميّة له ، أي : لا قِوَامَ له.

أبو عبيد عن أبي عبيدة : هو قِوام أهل بيته وقِيَام أهل بيته ، من قول الله جلَّ وعزَّ : (جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) [النساء : ٥].

٢٦٦

وقال الزجاج : قُرئت : (جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) و (قِيَماً).

قال : ويقال : هذا قِوام الأمر ومِلاكُه.

المعنى : التي جعلها الله لكم قِياماً تُقِيمُكم فتَقومون بها قِياماً. ومَن قرأ : (قِيَماً) فهو راجعٌ إلى هذا. والمعنى : جعَلَها الله قَيِّمةَ الأشياء ، فيها تَقُومُ أمورُكم.

وقال الفراء في قوله تعالى : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) [النساء : ٥] يعني التي بها تقومون قياماً وقِواماً.

قال : وقرأها نافع المَدَنيّ : (قِيَماً) والمعنى واحد. والله أعلم.

الليث : قمتُ قياماً. والمَقام : موضع القَدمين. وأقمتُ بالمكان مُقاماً وإقامةً.

والمَقام والمُقامة : الموضع الذي تقيم به.

ورجالٌ قيام ونساءٌ قُيّمٌ ، وقائمات أعرف.

ودنانيرُ قُوَّم وقُيَّم. ودينارٌ قائم : إذا كان مثقالاً سواءً لا يرجَح ، وهو عند الصَّيارِفة ناقصٌ حتى يرجَحَ بشيء فيسمَّى مَيَّالاً.

والعَيْن القائمة : أن يذهب بَصَرُها والحَدَقةُ صحيحة.

قال : وإذا أصاب البَرْدُ شجراً أو نبْتاً فأهلَك بعضاً وبقيَ بعضٌ ، قيل : منها : هامد ومنها قائم. ونحو ذلك كذلك.

قال : وقائم السيف مَقبِضُه وما سِوَى ذلك فهو قائمة نحو قائمة الخِوان والسَريرِ الدَّابة.

ويقال : قام قائم الظَهيرة ، وذلك إذا قامت الشمس وكاد الظلّ يَعقِل : وإذا لم يُطِق الإنسان شيئاً قيل : ما قام به.

وقيّم القومِ : الذي يقوِّمهم ويَسُوسُ أمرَهم.

وفي الحديث : «ما أفلح قومٌ قيِّمتُهم امرأة».

وفي الحديث : «قل آمنتُ بالله ثم استقِمْ»

فسِّر على وجهين : قيل : هو الاستقامة على الطاعة ، وقيل : هو ترك الشِّرك.

قال الأسود بن هِلال في قوله تعالى : (رَبُّنَا اللهُ ثُمَ اسْتَقامُوا) [فصلت : ٣٠] : لم يُشرِكوا به شيئاً.

وقال قتادة : استقاموا على طاعة الله تعالى.

وقال كعب بن زهير :

فهم ضربوكم حين جُرتم عن الهُدَى

بأسيافكم حتى استقمتُم على القِيَمْ

قالوا : القِيَم : الاستقامة. (دِيناً قِيَماً) : مستقيماً.

ويقال : رُمْح قَوِيم ، وقَوامٌ قَوِيم ، أي : مستقيم.

وفي حديث حكيم بن حزام : «بايعتُ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ألّا أخِرَّ إلا قائماً».

قال أبو عبيد : معناه : بايعتُ أن لا أمُوتَ إلَّا ثابتاً على الإسلام. وكلُّ من ثبتَ على شيءٍ وتمسّك به فهو قائم عليه.

٢٦٧

قال الله جل وعزّ : (لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ) [آل عمران : ١١٣] ، إنما هو من المواظبة على الدِّين والقيام به.

وقال جل وعزّ : (لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً) [آل عمران : ٧٥].

قال مجاهد : مواظباً. ومنه قيل في الكلام للخليفة : هو القائم بالأمر. وكذلك فلانٌ قائم بكذا وكذا ، إذا كان حافظاً له مستمسكاً به.

قال أبو عبيد : وفي الحديث أنّه لما قال له : «أبايُعك ألَّا أخِرَّ إلّا قائماً» ، قال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أمَّا مِن قِبَلِنا فلستَ تَخِرّ إلّا قائماً» ، أي : لسنا ندعوك ولا نبايُعك إلَّا قائماً ، أي : على الحق.

وروي عن الفراء قال : القائم : المستمسك بدينه. ثم ذكر هذا الحديث.

وقال في قول الله : (أُمَّةٌ قائِمَةٌ) ، أي : مستمسكة بدينها.

وقول الله جل وعزّ : (ديناً قيّماً).

قال أبو إسحاق : القيِّم ، هو المستقيم ؛ وقرئت : قِيَماً [الأنعام : ١٦١].

والقِيَم مصدر كالصِّغَر والكبر ، إلا أنه لم يُقَل قِوَم مثل قوله : (لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) [الكهف : ١٠٨] ، لأنَ قِيَماً من قولك : قام قِيَماً ، وقام كان في الأصل قَوَمَ أو قَوُمَ فصار قام ، فاعتلّ قِيَم.

فأَمَّا حِوَل فهو على أنه جارِ على غير فِعْل.

وقال الله جلَّ وعزَّ : (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) [البينة : ٥].

قال أبو العباس والمبرِّد : هاهنا مضمَر ، أراد ذلك دِين المِلَّة القيّمة ، فهو نعت مضمَرٍ محذوف.

وقال الفراء : هذا ممَّا أضيف إلى نفسه ، لاختلاف لفظيه.

قلتُ : والقول ما قالا.

ثعلب عن ابن الأعرابيِّ أنه قال : القَيّوم والقَيّام والمدبِّر واحد.

وقال أبو إسحاق : (الْقَيُّومُ) والقَيّام في صفة الله : القائمُ بتدبيرِ أمر خلقِه في إنشائهم ورِزقهم وعِلمِه بأمكنتهم.

قال الله : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها) [هود : ٦].

وقال الفراء : صُورة القَيُّوم مِن الفِعل الفَيْعول ، وصورة القَيَّام الفَيْعال ، وهما جميعاً مَدْح.

قال : وأهل الحجاز أكثر شيءٍ قَوْلاً للفَيْعال مِن ذوات الثلاثة ، مِثل الصَّوَّاغ ، يقولون الصَّيّاغ.

وقال مجاهد : (الْقَيُّومُ) : القائم على كلِّ شيء.

وقال قتادة : (الْقَيُّومُ) : القائم على خَلْقه

٢٦٨

بآجالهم وأعمالهم وأرزاقهم.

وقال الكلبيّ : (الْقَيُّومُ) الذي لا بَدئَ له.

وقال أبو عبيدة : على الأشياء.

وقال الفرَّاء في القيِّم : هو من الفعل فَعِيل ، أصله قَوِيم ، وكذلك سَيِّدٌ سَوِيد ، وجَيِّدٌ جَوِيد ، بوزن ظريف وكريم ، وكان يلزمهم أن يجعلوا الواوَ ألفاً لانفتاح ما قَبلَها ثم يُسقِطوها لسكونها وسكون التي بعدها. فلما فَعَلوا ذلك صارت سَيْد على وزن فَعْل ، فزادوا ياءً على الياءَ ليكمل بناءَ الْحَرْف.

وقال سيبويه : قَيِّم وزنُه فَيْعل ، وأصله قَيْوِم ، فلما اجتمعت الواو والياء والسابق ساكنٌ أبدَلوا مِن الواو ياءً وأَدْغَموا فيها الياء التي قَبلَها فصارتا ياء مشدَّدة. كذلك قال في سيِّد وجيِّد وميِّت وهيّن وليِّن.

قال الفراء ليس في أبنية العرب فَيْعِل ، والحَيُّ كان في الأصل حَيْوٌ ، فلمَّا اجتمعت الياء والواو والسابق ساكن جُعِلتا ياءً مشدَّدة.

وقال الليث : القيامة : يومُ البَعْث ، يومَ يقوم فيه الخَلْقُ بين يَدَي الحيِ القيوم قال : والقِوام مِن العَيْش : ما يُقيمُك : وقوام الجِسم : تَمامُه وقوام كلِّ شيءٍ ما استقام به.

وقال العجاج :

رأسَ قِوام الدِّين وابنُ رأْسِ

ويقال : ما زلتُ أقاوِم فلاناً في هذا الأمر ، أي : أنازلُه.

والقِيمة : ثمن الشّيء بالتّقويم. يقال : تَقاوَموه فيما بينهم.

وإذا انقادَ الشيءُ واستمرّت طريقته فقد استقامَ لوجهه. وفي حديث ابن عباس : «إذا استقَمْتَ بنَقْدٍ فبعتَ بنقد فلا بأسَ به.

وإذا استقمتَ بنقد فبعتَ بنَسيئةٍ فلا خير فيه».

قال أبو عبيد : قوله : إذا استَقَمْت يعني قوّمت. وهذا كلامُ أهلِ مَكّة ، يقولون : استقمتُ المتاعَ ، أي : قوّمتُه.

ومَعْنى الحديث أنْ يَدفع الرجل إلى الرجل الثَّوبَ فيقوِّمه ثلاثين ، ثم يقولُ له : بِعْه ، فما زاد عليها فلك. فإن باعه بأكثر من ثلاثين بالنقد فهو جائز ، ويأخذ ما زاد على الثلاثين ؛ وإن باعه بالنَّسيئة بأكثر مما يبيعه بالنَّقد فالبَيع مردود لا يجوز.

قال أبو عبيد : وهذا عند من يقول بالرأي لا يجوز ؛ لأنَّها إجازة مجهولة وهي عندنا معلومة جائزة ؛ لأنَّه إذا وَقَّت له وقتاً فما كان وراء ذلك من قليلٍ أو كثير فالوقتُ يأتي عليه.

وأخبرني محمد بن إسحاق عن المخزوميّ قال : قال سفيان بن عُيينة بعد ما رَوَى هذا الحديث : يستقيمه بعشرة نَقْداً فيبيعه بخمسة عشر نَسيئة ، فيقول : أعطى صاحبَ الثوب مِن عندي عَشرَة فتكون الخمسةَ

٢٦٩

عشر لي ، فهذا الذي كُرِهَ.

أبو زيد الأنصاري : أقمت الشيء وقوّمته فقام ، بمعنى استقام. قال : والاستقامة : اعتدال الشيء واستواؤه. واستقام فلانٌ بفلانٍ ، أي : مدَحَه وأثنَى عليه.

أبو زيد الأنصاري في «نوادره» : يقال : قامَ بي ظَهْرِي ، أي : أوجَعَني ؛ وقامت بي عَينايَ ؛ وكلُّ ما أوجَعَكَ مِن جَسَدك فقد قام بك. قال : ويقال : كم قامت ناقتُك؟ أي : كم بَلَغتْ وقد قامت الأمَةُ مائةَ دينار ، أي : بلغَ قيمتها مائةَ دينار.

وقال غيره : قامت لفلانٍ دابّتُه : إِذا كَلَّت أو عيّتْ فلمْ تَسِر وقامت السُّوقُ : إذا نَفَقَتْ. ونامَت : إذا كَسَدَتْ. وقام ميزان النهار : إذا انتَصَف. وقام قائم الظَهيرة.

وقال الراجز :

وقامَ مِيزانُ النهارِ فاعتدَلْ

أبو عبيدٍ عن الكسائي في باب أمراض الغنم : أخَذها قُوامٌ ، وهو داء يأْخذها في قوائمها تقوّم منه. وقال غيره : فلانٌ أقوَمُ كلاماً مِن فلانٍ ، أي : أعدَلُ كلاماً.

ومَقامات الناس : مَجالسهم. ويقال للجماعة يَجْتمعون في مجلسٍ مَقامة ، ومنه قول لبيد :

ومَقامةٍ غُلْب الرِّقاب كأَنّهمْ

جِنٌّ لَدَى بابِ الحَصِيرِ قِيامُ

ويقال : أقمتُ بالمكان مُقاماً وإقامَة ، فإذا أَضفْتَ حذفْتَ الهاء كقول الله جل وعز : (وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ) [الأنبياء : ٧٣].

قمي : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : القُمَى : الدُّخول. وفي الحديث : «كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يَقْمو إلى منزل عائشة كثيراً» ، أي : يَدخل. قال : والقُمَى : السِّمَن ، يقال : ما أحْسَنَ قَمْوَ هذه الإبل. قال : والقُمَى : تنظيف الدار مِن الكِبا.

ورَوَى سَلَمة عن الفراء قال : القامِيّة من النساء : الذّليلةُ في نفْسها.

قمأ : قال أبو زيد في كتاب «الهمز» : قمَأَتِ الماشية قُمُوءاً وَقُمُوءة. وتقول : قَمُؤتْ قَماءة ، وذلك إذا سَمِنَتْ. وتقول : قَمُؤ الرجل قَماءةً : إِذا صَغُر.

وقال الليث : رجل قَمِيءٌ وامرأة قَميئَة ، وقد قَمُؤَ الرجل قَماءةً فهو قَمِيء : قصير ذليل. قال : والصاغر : القَمِيء ، يُصغَّر بذلك وإن لم يكن قصيراً. وقمأت الماشية تَقمَأُ فهي قامِئة : إذا امتلأت سَمِناً. وأنشد الباهليّ :

وحُرْدٍ طارَ باطلُها نَسِيلاً

وأحدَثَ قَمْؤُها شَعَراً قِصار

قال : ويقال : قَمَأت الماشيةُ بمكان كذا وكذا حتَّى سَمِنت. وقال الليث : أقمَيْتُ الرجلَ : إذا ذَلّلْتَه. قال : القَمْأَة : المكان الذي تَطْلُع عليه الشمس وجمعها القِماء.

٢٧٠

وقال غيره : هي المقمأة والقُمؤة ، وهي المقنأة والمقْنؤة. وقال ابن السكيت : قال أبو عمرو : المقنأة والمقْنؤة : المكان الذي لا تطلع عليه الشمس. قال : وقال غير أبي عمرو : مَقْناةٌ بغير هَمْز.

أبو عبيد عن الأصمعي : يُقامِيني الشيءُ وما يقانيني ، أي : ما يوافِقُني ومنهم من يهمزه يقامِئني. قال : وتقمَّأتُ المكانَ تَقَمُّؤاً ، أي : وافَقَيي فأقمتُ به. وقال ابن مقبِل :

لقد قضيتُ فلا تستهزئا سَفَهاً

مما تَقَمأْتُه مِنْ لذَّةٍ وَطَرِي

وقال أبو زيد : هذا زمانٌ تَقْمأُ فيه الإبل ، أي : يحسُن وبَرُها وتَسمَن.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أقْمَى الرجُل : إذا سَمِنَ بعدَ هُزال. وقمَى : إذا لَزم.

البيتَ فِراراً من الفِتَن. وأقْمَى عَدُوَّه : إذا أذَلَّه.

قلت : والهمز جائز في جميعها.

موق ـ [ماق] : قال الليث : المُوقان : ضَرْبٌ مِن الخِفاف ويُجمع على الأمواق. قال : والمُئُوقُ : حُمْق في غَباوة. والنعت مائق ومائقة والفِعل ماقَ يَموق مُئُوقاً ودُؤوقاً ، وكذلك استَماقَ.

أبو عبيد عن الكسائيّ هو مائقٌ دائق ، وقد ماقَ ودَاقَ يَموقُ ويَدُوق مَوَاقَةً ودَوَاقة ومُؤُوقاً ودُؤوقاً.

وقال أبو زيد : ماقَ الطعامُ وانحَمَق : إذا رَخُصَ.

وأخبرني المنذريّ عن أَبي الهيثم أنّه قال في حرف العين الذي يلي الأنف خمس لغات ، يقال : مُؤْق ومَأْق مهموزان ويُجمعان أَمآقاً ، وقد يُترَك همزُهما فيقال : مُوق وماق ويُجمعان أَمواقاً بالواو إلَّا في لغة مَن قَلَب فقال آماق ، ويقال : مُوقٍ على مُفْعِل في وزن مُؤْتٍ ويُجْمع هذا مآقي. وأَنشد لحسّان :

ما بال عينك لا تنام كأنّما

كُحلتْ مَآقِيها بكُحْل الإثمِد

قال : ويقال : هذا ماقِي العَيْن ، على مِثال قاضي البَلَد ، ويُهمز هذا فيقال : مَأْقي ، وليس لها نظيرٌ في كلام العرب فيما قال نصيرٌ النحوي ، لأنَّ ألف كل فاعل من بنات الأربعة مِثل داعٍ وقاضٍ ورامٍ وعالٍ لا تهمز ، وحُكي الهمز في مأْقٍ خاصة.

وروى سَلَمة عن الفراء في باب مَفعل : ما كان من ذوات الواو والياء من دَعوتُ وقضيت فالمفعَل فيه مفتوح اسماً كان أو مصدراً ، إلَّا المأقى من العين ، فإن العربَ كسَرَتْ هذا الحرفَ.

قال : ورُوِي عن بعضهم أنَّه قال في مأْوى الإبل مَأْوى ، فهذان نادران لا يُقاس عليهما.

وقال اللحياني : القَلْب في مَأْق في لغة من

٢٧١

يقول : مَأْق ومَؤق أَمْق العَيْن والجميع آماق ، وهي في الأصل أمْآق فقُلِبَت. فلمَّا وَحَّدُوا قالوا أَمْق لأنهم وَجدوه في الجمع كذلك.

قال : ومن قال ماقي جمعَه مَوَاقي.

وأنشد أبو الحَسن :

كأَنَّ اصْطِفافَ الماقتِينِ بطَرْفها

نَثِيرُ جُمانٍ أَخطأَ السِّلْك نَاظمُه

وقال الآخر فيمن جمَعه مَواقي :

فظلَّ خليلي مستكِيناً كأنَّه

قَذًى في مَوَاقي مُقْلَتيه يُقلْقِل

وقال الليث : المَأق مهموز : ما يعتَرِي الصّبِيَّ بعد البكاء.

يقال : مَئِقَ فلانٌ مَأَقاً ، وقَدِم فلانٌ فامْتَأَقْنا إليه ، وهو شِبْه التَّباكي إليه لطُول الغِيبة.

وقال ابن السكيت : المَأَق : شِدَّةُ البُكاء.

وقالت أمُّ تأبّط شرّاً تُؤَبِّنُه : ما أَبتُّه مَئِقاً ، أي : باكياً.

وأنشد :

عَوْلَةُ ثَكْلَى وَلْوَلَتْ بَعْدَ المَأَق

وقال الليث : مُوق العينُ : مُؤخرها.

وماقُها : مُقدِمُها.

رواه عن أبي الدُّقيش. قال : ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنَّه «كانَ يَكْتَحِلُ مِن قِبل مُوقه مرَّة ومِن قِبل ماقِه مَرَّة» يعني مُقْدِم العين ومؤَخِّرَها.

قُلتُ : وأهلُ اللُّغَة مُجْمِعُون على أنَ المُوق والماق : حرفُ العين مما يَلِي الأنف ، وأنَّ الذي يلي الصُّدْغ يقال له اللَّحاظ.

والحديث الذي استشهدَ به اللَّيث غير معروف.

وقال الليث : المُؤْق من الأرض والجميع الأمآق ، وهي النَّواحي الغامضة من أطرافها.

وقال رؤبة :

تَفْضِي إلى نازِحَة الأمْآق

وقول الشاعر :

لعَمْري لئن عينٌ من الدمع أنزحتْ

مقاها لقد كانت سريعاً جموحُها

أراد بالمقَى جمع مأقي العين فقلبه.

وقال غيره : المَأَقة : الأنفة وشدّة الغضب.

وقد أَمْأَق الرجل إمآقاً : إذا دخل في المأَقة ، كما يقال اكْأَبَ. والإمْآق نَكث العهدِ من الأنَفة.

وفي كتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لبعض الوفود واليمانيِّين : «ما لمْ تُضْمِروا الإماق ، وتأكلوا الرّباق» ، ترْكُ الهمز مِن الإماق لِيُوازِن به الرّباق.

يقول : لكم الوفاء بما كتبتُ لكم ما لم تأتوا بالمأَقة فتغدِروا وتقطعوا رِباق العَهد الذي في رِقابكم.

وقال الأصمعيّ : يقال : امتأَق غَضبُه امتِآقاً : إذا اشتدَّ.

٢٧٢

أبو عبيدٍ عن الأمويّ : من أمثالهم في سُوء الاتِّفاق والمعاشَرَة : «أنْتَ تَئِقٌ ، وأَنا مَئِق ، فمتى نتّفق».

قال الأمويّ : النئِق : السَّرِيع إلى الشر ، والمئِق : السَّريعُ البكاء. ويقال للممْتَلِئ من الغضب.

قال : وقال الأصمعيّ : في التئق والمئق نحوه.

قال أبو بكر : قولُهم فلانٌ مائق فيه ثلاثة أقاويل.

قال قومٌ : المائق : السِّيء الخُلُق مِن قولهم : أنت تئق وأنا مئق ، أي : أنت ممتلئ غضباً وأنا سيِء الْخُلْق فلا نتَّفق.

وقيل : المائق : الأحمق ليس له معنًى غيره.

وقال قومٌ : المائق : السريع البكاء القليل الحَزم والثبات ، من قولهم : ما أباتَتْه أمُّه مَئِقاً ، أي : ما أَباتَتْهُ باكياً.

ومق : قال الليث : يقال : وَمِقْتُ فلاناً أمقُه وأنا وامِقٌ ، وهو مومُوق ، وأنا لك ذو مِقَة ، وبك ذو ثِقَة.

أبو عبيد عن أبي عمرو : في باب فَعِل يَفعِل ، ومِق يَمِق ، ووَثِق يثِق. والتَّومُّق : التودّد.

مقا : ابن السكيت يقال : مقَا الطَّسْتَ يَمقُوها : إذا جَلاهَا ، ويَمقيها ، ومَقَوْتُ أَسنَاني ومقيتُها.

وقم : أبو عبيد عن الكسائيّ : المَوْقومُ والموْكُوم : الشديد الحُزْن ، وقد وقمَه لأمر ووَكَمَه.

قال : وقال الأصمعيّ : المَوْقوم : المردود عن حاجته أشدَّ الرَّد. وقد وقمتُه وَقْماً.

وأنشد :

أَجازَ منّا جائزٌ لَم يُوقَمِ

ويقال : قِمْه عن حاجته ، أي : رُدَّه. وقيل في قول الأعشى :

بَناها من الشَّتويِّ رامٍ يُعِدُّها

لقَتل الهوادي داجِنٌ بالتوقُّم

إنّ معناه : أنّه معتاد للتولُّج في قترته.

وقال ابن السكيت : يقال : إنَّك لتَوقَّمُني بالكلام ، أي : تركبني وتتوثَّب عليّ.

قال : وسمعتُ أعرابيّاً يقول : التوقُّم : التهدُّد والزَّجر.

وقال أبو زيد : الوِقام : الحَبْل. والوقام : السّيْف. والوِقام : العَصا. والوِقام : السَوْط وحَرّة واقم معروفة.

٢٧٣

باب لفيف حرف القاف

قوى ، قوقى ، قأى ، قاء ، قاق ، آق ، وقوق ، يق ، ققق ، واق [وقي].

يقّ : أبو عمرو : يقال لجُمَّارة النخلة يَقَقة ، والجميع يَقَق.

أبو عبيد : أبيضُ يَقَق ويَلَق. وقد يَقَ يَيقُ يَقَقاً.

قوي : يقال : قويَ الرجلُ يقوَى قُوّة ، فهو قَوِيّ.

وقال الليث : القُوَّة من تأليف قاف وواو وياء ، ولكنَّها حُمِلت على فُعلة ، فأدغِمت الياء في الواو كراهية تغير الضمَّة ، والفعالة منها قِواية ، يقال ذلك في الحزْم دون البَدَن. وأنشد :

ومالَ بأعناق الكَرَى غالباتُها

وإنِّي على أمر القوايةِ حازمُ

قال : جَعَل مصدرَ القَوِيِ على فِعالة ، وقد يتكلّف الشعراء ذلك في النَّعْت اللازم ، وجمعُ القُوَّة قُوى. قال الله : (شَدِيدُ الْقُوى) [النجم : ٥]. قيل : هو جبريل ، والقُوَى : جمعُ القوَّة. وقال الله لموسى حين كَتب له الألواح : (فَخُذْها بِقُوَّةٍ) [الأعراف : ١٤٥] ، قال الزجاج : أي : خذْها بقوَّةٍ في دِينِك وحُجَّتك. وقال الله جل وعزّ ليحيى : (خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ) [مريم : ١٢] ، أي : بجِدّ وعَوْن من الله جل وعزَّ.

الحرانيّ عن ابن السكيت قال : قال أبو عبيدة يقال : أقوَيْتَ حَبْلَك ، وهو حبلٌ مُقْوى ، وهو أن تُرْخَى قُوّةً وتُغير قوَّة ، فلا يَلْبث الحبل أنْ يتقطّع. ومنه الإقواء في الشِّعر.

وقال ابن السكيت : القُوة : الخُصْلة الواحدة من قُوى الحَبْل.

وقال غيره : هي الطَّاقة الواحدة مِن طاقات الحَبْل ، يقال : قُوّةٌ وقُوى ، مِثل صُوّة وصُوى وهُوَّةٍ وهُوًى.

وقال الليث : رجلٌ شديد القوى ، أي : شديد أَسْر الخَلْق مُمَرُّه. قال : وجاء في الحديث : «يذهب الدين سُنَّةً سُنَّة كما يذهب الحبْلُ قُوَّةً قُوَّة».

أبو عبيد عن أبي عبيدة قال : الإقواء في عيوب الشعر : نُقصان الحرف من الفاصلة ، كقوله :

أَفبعد مَقتَل مالكِ بن زُهيرٍ

ترجو النِّساءُ عواقبُ الأطهارِ

فنقص من عَروضه قُوّة. والعَروض في وسط البيت.

٢٧٤

قال : وقال أبو عمرو الشيبانيّ : الإقواء : اختلاف إعراب القَوافي. وكان يَروِي بيت الأعشى :

ما بالُها بالليل زالَ زَوَالُها

بالرفع. ويقول : هذا إقواء. قال : وهو عند الناس الإكْفاء ، وهو اختلافُ إعراب القوافي.

وقال الأصمعي : المَقْوِي الذي يُقْوى وَتَره ، وذلك إذا لم يُجِدْ غَارَتَه فتراكَبتْ قواه. يقال : وَتَرٌ مُقْوى.

سلمة عن الفراء في قول الله : (نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (٧٣)) [الواقعة : ٧٣] ، يقول : نحنُ جعلنا النارَ تذكرةً لجهنّم (وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ) ، يريد مَنفعَةً للمسافرين إذا نزلوا بالأرض القِيِ وهي القَفْر. وقال أبو عبيد : المُقْوِي الذي لا زاد معه ، يقال : أقوى الرجلُ : إذا نَفِد زاده.

وقال أبو إسحاق : المُقْوِي : الذي يَنزل بالقَواء ، وهي الأرض الخالية.

أبو عبيد عن أبي عمرو : القَوَايَة : الأرض التي لم تُمطَر. وقد قَوِيَ المَطَر يَقوى : إذا احتَبسَ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أَقوَى : إذا استغنى. وأقوَى : إذا افتقر. ويقال : أقوَى الرجلُ فهو مُقْوٍ : إذا كانت دابَّتُه قويّة.

وقال الليث : أقوَى القومُ : إذا وقعوا في قِيٍ من الأرض ، والقِيُ : المستوي ، وأنشد :

قِيٌ تُناصِيها بلادُ قِيِ

واشتقاقه من القَوَاء. يقال : أرضٌ قَواء : لا أهل فيها. والفِعل أقوت الأرض.

وأقْوَت الدار ، أي : خلتْ من أهلها.

ورُوِي عن مسروق أنّه أوْصى في جارية له : أن قولوا لبَنِيَّ ألَّا تَقتَوُوها بينكم ولكن بِيعُوها ، إنِّي لم أَغْشها ، ولكنِّي جلستُ منها مجلساً ما أحِبُّ أن يجلس ولدٌ لي ذلك المجلس.

قال شمر : قال أَبو زيد : يقال : إذا كان الغلامُ أو الجارية أو الدابّة أو الدار بين الرجُلين فقد يتقاويانِها ، وذلك إذا قَوَّماها فقامت على ثمَنٍ ، فهما في التّقاوِي سواء ، فإذا اشتراها أحدُهما فهو المقتوي دون صاحبِه ، ولا يكون اقتواؤها وهي بينهما إلَّا أن تكون بين ثلاثة فأقول للاثنين من الثلاثة إذا اشتريَا نصيبَ الثالث اقتويَاها ، وأقواهما البائعُ إقواءً.

والمُقْوِي : البائع الذي باع. ولا يكون الإقواء إلَّا من البائع ، ولا التقاوِي من الشركاء ولا الاقتواء ممن يشتري من الشُّركاء إلا والذي يُباعُ من العبد أو الجارية أو الدابة من اللذين تَقَاويَا ، فأمَّا في غيرِ الشركاء فليس اقتواءٌ ولا تقاوٍ ولا إقواء.

وقال شمر : يروى بيت عمرو بن كلثوم :

٢٧٥

مَتَى كنَّا لأمّك مُقْتوِينا

أي : متى اقتوتْنا أمُّك فاشترتْنا.

قال : وقال ابن شميل : كان بيني وبين فلانٍ ثوبٌ فتَقاويْناه بيننا ، أي : أعطيتُه ثمَناً وأعطاني به هو فأخَذَه أحدُنا. وقد اقتويتُ منه الغلامَ الذي كان بيننا ، أي : اشتريت نَصِيبَه.

وقال الأسديّ : القاوِي : الآخِذ.

يقال : قاوِهِ ، أي : أعطِه نَصِيبَه. وقال النّظَّار الأسَدِيّ :

ويومَ النِّسارِ ويومَ الجِفا

رِ كانوا لَنَا مُقتَوى المقتَوِينا

وقال الليث في الاقتواء والمُقاواة والتَّقاوِي نحواً مما قال أبو زيد.

وسمعت العربَ تقول للسُّقاة إذا كَرَعوا في دَلْوٍ ملآن ماءً فَشربوا ماءهُ قد تقاووه : وقد تَقاوَيْنا الدّلْوَ تَقاوِياً.

أبو عبيد عن أبي عبيدة : قَوِيت الدار قَوي مقصور ، وأقوَتْ إقواءً : إذا أقفرَتْ.

وقال شمر : قال بعضهم : بلدٌ مُقْوٍ : إذا لم يكن فيه مَطَر. وبلدٌ قاوٍ : ليس به أحَد.

وقال ابن شميل : المُقْوِية : الأرض التي لم يُصبْها مَطَر وليس بها كلأ. ولا يقال لها مُقْوِية وبها يَبْسٌ مِن يَبس عامٍ أوّل.

قال : والمُقْوية : المَلْساء التي ليس بها شيءٌ ، مِثل إقواء القوم إذا تَفِد طعامُهُمْ.

وأنشد شمرٌ لأبي الصُّوف الطائيّ :

لا تكسعنّ بَعدَها بالأغبارْ

رِسْلاً وإِنْ خِفتَ تَقاوِي الأمطارْ

قال : والتَّقاوِي قِلّتُه. وسَنَة قاوِيَة : قليلة الأمطار.

وقال الفراء : أرضٌ قِيٌ ، وقد قَوِيَتْ وأقوَتْ قَوايةً وقَوًى وقَواءً.

قال : أقوَى الرجُل وأقفَر وأرمَلَ : إذا كان بأرضٍ قَفْرٍ ليس معه زاد. وأقوَى : إذا جاع فلم يكن معه شيء وإن كان في بيته وسْطَ قومِه.

أبو عبيد عن الأصمعي : القَواء : القَفْر.

والقِيّ من القَواء ، فِعْل منه مأخوذ.

قال أبو عبيد : كان ينبغي أن يكون قُوى ، فلما جاءت الياء كسرت القاف.

اللحياني قال الأصمعي : من أمثالهم : انقَطَع قُوَيٌ من قاوية : إذا انقطع ما بين الرِجلين أو وَجبتْ بَيْعَةٌ لا تُستقال.

قلت : والقاوِية هي البيضة ، سُمِّيت قاويَةً لأنها قَوِيتْ عن فَرْخها. فالقويُ : الفرخُ تصغير قاوٍ ، سمِّي قُوَيّا لأنَّه زايَلَ البيضَةَ فقوِيتْ عنه وقَوِيَ عنها ، أي : خلا وخَلَت. ومِثله : «انقضَت قائبة مِن قُوبِ».

عمرو عن أبيه : هي القائبة والقاوِية للبيضَة ، فإذا نَقَبَها الفَرْخُ فخرج فهو القُوب ، وهو القُوَيّ.

قال : والعرب تقول للدنيء : «قُوَيٌ مِن قاوية».

٢٧٦

قوقى : قال الليث : القَوْقاة : صَوتُ الدجاجة ، وقد قَوَّقَتْ تُقَوْقِي قَوْقاةً وقيقاءً فهي مُقَوْقِية.

أبو عبيد : قَوْقَت الدَجاجة قِيقاءً وقَوْقاةً ، مِثل دَهْدَيت الحَجَر دِهْداءً ودَهْداةً.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : القِيقاءة : قِشرُ الطَّلْعة.

الليث : هي القِيقاةُ والقِيقاية لغتان تُجعَل مِشْرَبة ، كالتَّلْتَلة. وأنشد :

وشُرْبٌ بقِيقاةٍ وأنتَ بَغِيرُ

قَصَره الشاعر للضرورة. قال : والقِيقاءةُ : القاع المستديرةُ في صَلابة مِن الأرضِ إلى جانب سهل. ومنهم من يقول : قِيقاةٌ ، وقال رؤبة :

إذا جَرَى مِنْ آلِها الرَقْراقِ

رَيْقٌ وضَحضاحٌ على القَياقِي

وقال أيضاً :

وخَبَّ أعرافُ السَقَا على القِيَقْ

كأنّه جمعُ قِيقة وإنَّما هي قِيقاةٌ حُذفتْ ألفُها. قال : ومن هي قِيقةٌ وجمعُها قِياقٌ في البيت الأول كان له مَخَرَجٌ.

أبو عبيد عن الأحمر : القِيقَاءة : الأرض الغليظة.

شمر عن ابن شميل : القِيقاءة جمعها ، قيقاءُ ، والقَواقي ، وهو مكانٌ ظاهر غليظ كثيرُ الحجارة ، وحجارتها الأظِرَّةُ وهي مستويةٌ بالأرض ، وفيها نُشوز وارتفاع مع النشوز ، نُثرت فيها الحجارة نَثْراً لا تكاد تستطيع أن تمشي ، وما تحتَ الحجارة المنثورةِ حجارةٌ عاضٌّ بعضُها ببعض لا تَقدر أن تحفرها ، وحجارتها حُمْر تُنبت الشجر والبَقْل.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القَيْق : صوتُ الدَّجاجَة : إذا دَعَت الدِّيكَ للسِّفاد.

أبو عبيد عن الفراء قال : القِيقِيةِ : القِشرة الرقيقة التي تحت القَيْض من البيض.

ونحوَ ذلك قال الأحْمر.

وقال اللحياني : يقال لبَياض البَيض القئقئ ، ولصُفْرَتها المحُّ.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القِيق : الجَبَل المُحِيط بالدُّنيا.

قيأ ـ قاء : قال الليث : القَيْءُ مهموز ، ومنه استقاءَ : إذا تكلَّف ذلك. والتقيّؤ : أبلغ وأكثر.

وفي الحديث : «لو يَعلم الشارب قائماً ما ذا عليه لاستقاء ما شَرِب».

وفي حديث آخر : «مَن ذَرَعَه القَيء وهو صائم فلا شيء عليه ، ومَن تقيّأ فعليه الإعادة».

وقَيّأَت الرجل : إذا فعلتَ به فعْلاً يتقيّأ منه.

وقال الليث : تقيّأتِ المرأة لزوجِها.

قال : وتقيؤُها : تكسُّرها له ، وإلقاؤها نفسَها عليه وتَعرضُها له.

٢٧٧

وأنشد :

تقيّأَتْ ذاتُ الدَّلالِ والخَفْر

لعابسٍ جافي الدَّلالِ مُقْشَعرّ

قلت : لم أسمع تقيأَت المرأة بالقاف بهذا المعنى ، وهو عندي تصحيف. والصواب : تفيّأَت بالفاء ، وتفيؤُها : تثَنّيها وتكسُّرها عليه من الفَيء ، وهو الرجوع.

قوق : أبو عبيد عن الأصمعي : القاق غير مهموزٍ. والقوق : الطويل.

وقال أبو الهيثم : يقال للطويل قاقٌ وقُوق وقِيق وأَنقوق.

وقال الليث : القاق : الأحمق الطائش.

وأنشد :

لا طائشٌ قاقٌ ولا عَييُ

قال : والقُوقُ : الأهوَج الطويل.

وأنشد :

أحزَمُ لا قوقٌ ولا حَزَنبَلُ

قال : والدنانير القُوقيَّة من ضَرْبِ قيْصَر ، كان يسمى قوقاً.

قال : والقوقُ : طائر من طير الماء طويل العُنق ؛ قليلُ نَحْض الجسم.

وأنشد :

كأَنك من بنات الماءِ قوقُ

أبو عبيد : فرسٌ قُوقٌ ، والأنثى قُوقةٌ : الطويلُ القوائم.

قال : وإن شئت قلت : قاق وقَاقَة.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القُوقة : الصَّلَعَة.

ورجل مقوَّق : عظيم الصَّلَعة.

قال الليث : والإقاءة : شجرة (١).

وقال الأصمعيّ : قُوق المرأة وسُوسها : صدع فرجها.

وأنشد :

نُفاثية أيّانَ ما شاءَ أهلُها

رأَوا قُوقها في الخُصِّ لم يتغيّب

وقوق : قال الليث : رجلٌ وَقْواقة : كثير الكلام. والوَقْوقة : نُباح الكلب عند الغرَق.

وأنشد :

حتى ضَغَا نابحُهم فوَقوَقا

والكلبُ لا يَنبحُ إلا فَرَقَا

ويقال : امرأةٌ وقواقة بالهاء ، ورجلٌ وقواق ، وهو أكثر. وقال : لدى ثَرْماء أمةٌ وقواقه وقي : الوِقاية والوَقاية : كلُّ ما وَقَى شيئاً فهو وِقاية.

وفي الحديث : «مَن عَصى الله لم تَقِه منه

__________________

(١) جاء في حاشية المطبوع : «ما بعده من الكلام إلى آخر المادة ورد في جميع النسخ في نهاية المادة التالية ، وقد رجعته إلى موضعه هنا». اه كلام الأستاذ عبد السلام هارون.

٢٧٨

واقية إلَّا بإحداث توبة».

وأنشد الباهليّ للمتنخِّل الهذَليّ :

لا تَقِهِ الموتَ وقِيّاتُه

خُطَّ له ذلك في المَهبِلِ

قال : وَقِيّاتُه ما تَوقَّى به من ماله والمَهْبِل : المستودَع.

ورجلٌ وَقِيٌ تقيٌ بمعنى واحد.

ويقال : وقاك الله شرَّ فلان وِقاية.

وقال الله : (وَما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ) [الرعد : ٣٤] ، أي : من دافع.

أبو عبيد عن أبي عبيدة في باب الطِّيرَة والفأْل : الواقي : الصُّرَد. وقال مرقّش :

ولقد غَدَوْتُ وكنتُ لا

أغدو على واق وحاتمْ

فإِذا الأشائم كالأيا

مِن والأيامِن كالأشائم

وقال أبو الهيثم : قيل للصُّرَدِ واق لأنه لا ينبسط في مَشيه ، فشُبه بالواقي من الدوابّ إذا خَفِيَ. وقال غيره : سَرجٌ واق : إذا لم يكن مُعقِراً. وما أوقاه.

ويقال : فَرَسٌ واق : إذا حَفِي من غِلظ الأرض ورقّة الحافر ، فوَقَى حافرُه الموضعَ الغليظ ، وقال ابن أحمر :

تَمشِي بأَوظفة شِدادٍ أسرُها

شُمِّ السنابِك لا تقِي بالجَدجَدِ

أي : لا تشتكي حزونة الأرض لصلابة حوافرها.

وقال الليث : الوُقيّة : وزنٌ من أوزان الدُّهن ، وهي سبعة مثاقيل.

قلت : واللغة الجيّدة أوقية ، وجمعُها أواقيّ وأواق.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه لم يُصْدِق امرأةً من نسائه أكثر من اثنتي عشرة أوقية ونَشٍّ».

قال أبو عبيدة : الأُوقية والنَّشّ يُروى تفسيرهما عن مُجاهد.

قال : الأوقية : أربعون ، والنّش : عشرون.

وفي حديث آخر مرفوع : «ليس فيما دون خمسِ أواق مِن الوَرِق صَدقة».

قلت : وخمس أواقيّ مائتا درهم. وهذا يحقّق قول مجاهد.

وقال الليث : التّقوى أصلها وَقوَى على فَعلى من وقيت ، فلمّا فتحت قلبت الواو تاءً ، ثم تركت التاء في تصريف الفعل على حالها في التُّقى والتَّقوَى والتَّقِيَّة والتَّقِيّ والاتقاء.

قال : والتُقاة جمعٌ ، وتُجمع تُقِياً ، كالأباةِ تُجمَع أبِيّاً. ويقال : تُقاة وتُقًّى ، طُلاة وطُلًى. ورجل تَقيّ ويُجمع أتقياء ، معناه : أنّه مُوَقٍ نفسه عن المعاصي. وتَقِيّ كان في الأصل وَقُويٌ على فعول فقُلِبتْ الواو الأولى تاء ، كما قالوا : تَوَلَج وأصله وَوْلَج ، والواو الثانية قُلبتْ ياءً للياء

٢٧٩

الأخيرة ، ثم أدغمتْ فيها فقيل : تَقِيّ.

وقال ابن الأنباريَّ : تَقيّ كان في الأصل وَقِيّ كأنه فَعِيل ، ولذلك جُمع أَتقياء.

واق : قال الليث : الواقة من طير الماء عند أهل العراق ، وأنشد :

أَبوكَ نهاريٌّ وأُمُّك واقَةٌ

قال : ومنهم من يَهمز فيقول وأَقة ، لأنه ليس في كلام العرب واوٌ بعدَها ألف أصلية في صَدْر البناء إلّا مهموزة ، نحو : الوَأْلةِ فتقول : كان جَدُّهُ وأَلْةَ ، فَلُينت الهمزة. وبعضهم يقول لهذا الطائر قائي.

قأي : أبو العباس عن ابن الأعرابي : قَأَى : إذا أَقرَّ لخصمه بحقٍّ وذَلَّ وأَقَي ، إذا كرِه الطعامَ والشراب لِعلَّة.

قال : والقَيْق والقَوْق : صوت الغِرْغِرة إذا أَرادت السِّفاد ، وهي الدَّجاجة السِّندية.

أوق ـ أيق : قال الليث : يقَال آق فلانٌ علينَا ، أَي : أَشرف. وأَنشد قوله :

آقَ علينا وهو شَرُّ آيقٍ

أبو عبيدٍ عن أبي عمرو : أَوَّقتُه تأويقاً ، وهو أن يُقلِّلَ طعامَه.

وأنشد :

عَزَّ عَلَى عَمِّكِ أَنْ تؤَوِّقي

وأن تَبِيتِي ليلةً لم تُغْبَقِي

أبو عبيدة : الأيْقَانِ من الوَظِيفين : موضِعا القَيد ، وهما القَيْنَان.

وقال الطِّرِمَّاح :

وقام المَها يُقْفِلْنَ كلَّ مكبَّلٍ

كما رُصَّ أَيْقاً مُذْهَبِ اللَّونِ صافِنِ

قال : وقال بعضهم : الأَيْقُ هو المَرِيطُ بين الثُّنّة وأمّ القرْدان مِن باطن الرُّسْغ.

وقال غيرُه : آق فلانٌ علينا أَتانا بالأوْق وهو الشُّؤْم.

ومنه قيل : بيت مُؤَوَّق.

وقال امرؤ القيس :

وبيتٍ يفوح المسك مِن حَجَرَاته

بعيدٍ من الآفاق غير مؤوَّقِ

أي : غير مشؤوم.

وقال : آقَ فلان علينا يَئُوق ، أي : مال علينا. والأوْق : الثّقْل ؛ يقال : أَلْقَى أَوْقَه ، أي : ثِقلَه.

قال أَبو عبيد : وقال شمر : قال ابن شُميل : الأُوقة : الرَكيَّة مِثل البالُوعة في الأرض ، هُوّةٌ في الأرض خَليقَةٌ في بطون الأودية ، وتكون في الرياض أَحياناً ، أَسمِّيها إذا كانت قامَتين أَوْقةً فما زاد ، وما كان أَقلَّ من قامتين فلا أَعدّها أُوقَة.

وَفمها مثلُ فَم الركيّة أَو أَوسع أحياناً وهي الهُوّة. وقال رؤبة :

وانْغمَسَ الرامِي لها بينَ الأُوَقْ

في غِيلِ قَصْباءَ وخِيسٍ ممتَلَقْ

ققق : في الحديث : «أَنَّ فلاناً وضع يده فِي قَقَّة».

قال شمر : قال الهوازنيّ : القَقَّة :

٢٨٠