تهذيب اللغة - ج ٩

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٩

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥١

وأنشد للعجاج :

يصفَرُّ لليُبْسِ اصفرارَ الوَرْسِ

مِنْ عَرَق النّضْح عَصيمُ الدَّرْسِ

مِن الأَذَى ومِن قِراف الوَقْسِ

ومن أمثالهم :

الوقس يُعدى فتعدَّ الوقْسَا

من يدْنُ للوقْسِ يلاق تَعْسَا

قال أبو عمرو : الوقْس : أوَّل الجرَب.

والتَّعْس : يضرب مثلاً لتجنُّب من يُكره صحبتُه.

وسمعت أعرابية من بني تميم كانت ترعى إبلاً جُرْباً ، فلما أراحَتْها نادت القَيِّمَ بِأَمر النَّعَم. فقالت : أَلا أَين آوِي هذه المُوقَسة؟ أرادت : أين أنيخ هذه الجُرْب.

سقي : قال الليث : السَّقْي معروف. والاسم السُّقْيا والسِّقاء : القِرْبة للماء واللبن.

والسِّقاية : الموضع الذي يُتَّخذ فيه الشراب في المواسم وغيرها والسِقاية في القرآن : الصُّوَاعُ الذي كان يشرب فيه المَلِك ، وهو قول الله جلّ وعزّ : (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ) [يوسف : ٧٠] ، وكان إناء من فضة به كانوا يكيلون الطَّعَام ، كذلك جاء في التفسير. ويقال للبيت الذي يُتَّخذ مَجمعاً للماء ويُسقَى منه الناسُ السِّقاية. وسِقاية الحاجِ سَقْيُهم الشرابَ.

وقال الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) [النحل : ٦٦].

وقال في موضع آخر : (وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً) [الفرقان : ٤٩].

العرب تقول لكلِّ ما كان من بطون الأنعام ومِن السَّماء أو نهرٍ يجري لقومٍ : أسْقيْتُ.

فإذا سَقاكَ ماءً لشَفَتك ، قال : سَقاه ولم يقولوا : أَسْقاه.

كما قال الله جلّ وعزّ : (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) [الإنسان : ٢١].

وقال : (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩)) [الشعراء : ٧٩] ، وربما قالوا في بطون الأنعام ولماء السماء سَقى وأَسْقَى ؛ كما قال لبيد :

سَقَى قَومِي بني مَجْدٍ وأسْقَى

نميراً والقبائلَ من هِلالِ

وقال الليث : الإسقاء من قولك : أسقيتُ فلاناً نهراً أو ماءً ، إذا جعلتَه له سُقْيا ، وفي القرآن : ونَسقيه ممَّا خلقنا أنعاما [الفرقان : ٤٩] ، مِن سَقَى وقرئَ : (وَنُسْقِيَهُ) مِن أَسْقَى ، وهما لغتان بمعنًى واحد.

قال : والسّقي ما يكون في نَفافِيخِ بيضٍ في شَحْم البطن. والسِّقي : ماء أصفَر يقع في البطن.

يقال : سَقَى بطنُه يَسقي سَقْياً.

وقال أبو عُبيد : قال اليزيديّ : الأحبَن الذي به السَّقَى.

١٨١

وقال الكسائيّ : سَقَى بَطْنُه يَسقى سَقْياً.

قال شمر : السَّقْي : المصدر. والسَّقْي : الاسم ، وهو السَّلَى ، كما قالوا رَعْي ورِعى.

وقال أبو عبيدة : السّقْيُ : الماء الذي يكون في المَشيمَةِ يخرج على رأس الوَلَد.

وقال ابن السكيت : السَّقي : مصدَرُ سَقَيتُ سَقْياً ، والسِّقْي : الحظّ.

يقال : كم سِقْي أرضِك؟ أي : كم حظُّها مِن الشِّرْب.

وأنشد أبو عبيدٍ قول ابن رَوَاحة :

هُنالك لا أبالِي نخلَ سَقْيٍ

ولا بَعْلٍ وإنْ عَظُم الإتَاءُ

قال : يقال : سَقيٌ وسِقْيٌ فالسَّقي بالفتح الفِعل ، والسّقْي بالكسر : الشِرْب.

وقال الليث : السَقِيُ هو البَرْدِيّ ، الواحدة سَقِية ، وهي لا يَفوتها الماءُ.

وقال امرؤ القيس :

وساقٍ كأُنْبوب السَّقِيِ المُذلَّلِ

قال بعضهم : أراد بالأُنبوب أنبوبَ القَصَب النَّابت بين ظَهْراني نَخل مَسْقيّ ، فكأنه قال : كأنبوب النخل السَّقِيِ ، أي : كقَصَب النخل ، أضافه إليه لأنّه نبتَ بين ظَهْرانيه وقيل السَقِيُ : البَرْديّ الناعم. وأصلُه العُنقُر ، يُشَبَّه به ساقُ الجارية.

ومنه قول العجاج :

على خَبَنْدَى قَصَبٍ مَمْكورِ

كعُنْقُرات الحائر المَسْكُورِ

وأخبرني المنذريُّ عن أحمد بن يحيى عن سلمة عن الفراء : زَرْعٌ سِقيٌ ونخلٌ سِقيٌ للذي لا يعيش بالأعْذاءِ ، إنَّما يُسْقَى ، والسَّقْي : المَصدَر. ويقال : كم سِقْي أرضك؟ أي : كم شِربها.

وقال غيره : زرْعٌ مَسْقَوِيّ : إذا كان يُسْقى : إذا كان عِذْياً.

قال ذلك أبو عبيد ورواه في الحديث.

وأنكر أبو سعيد المسقويّ والمظمئيّ وقال : لا يعرف النحويّون هذا في النّسب.

أبو عبيد : أَسْقيت الرجلَ إسْقاءً : اغْتبتُه.

وقال ابن أحمر :

ولا عِلْمَ لِي ما نَوْطَةٌ مستكِنَّةٌ

ولا أيُّ من عاديتُ أسقى سقائبا

وقال شمر : لا أعرف قول أبي عبيد : أسقَى سِقائياً بمعنى اغتبتُه.

قال : وسمعتُ ابن الأعرابيّ يقول معناه : لا أدري مَن أوْعَى فيَّ الداء.

وقال أبو العباس : قال ابن الأعرابيّ : يقال : سَقَى زيدٌ عَمْراً ، وأسْتَقاه : إذا اغتابَه غِيبةً خَبيثة.

وقال غيره : المُساقاة في النخيل والكُروم على الثّلث والرُّبُع وما أشبهه.

يقال : ساقَى فلانٌ فلاناً نخلَه أكْرَمَه : إذا

١٨٢

دَفَعه إليه على أن يَغمرُه ويَسقيَه ويقوم بمصلحته من الإبار وغيره ، فما أخرج الله مِن ثمره فلِلعامل سَهْم من كذا وكذا سَهْماً ، والباقي لمالِكِ النخل. وأهل العراق يسمّونها المُعامَلة.

وقال أبو زيد : يقال : استسقَى بطنُه استسقاءً ، والاسم السّقي.

ويقال : استَقَى فلانٌ من الركية والنهرِ والدَّحْل استقاءً.

ويقال : أسْقيتُ فلاناً : إذا وَهبتَ له سِقاءً معمولاً ، وأسقيتُه : إذا وهبتَ له إهاباً ليَدْبغَه ويتَّخذه سِقاء.

وقال عمر بن الخطاب لرجل استفتاه في ظبي أصابه وهو مُحْرِم ، فقال : «خُذْ شاةً من الغنم فتصدقْ بلَحمِها واسقِ إهابها» ، أي : أَعْطِ إهابَها من يتخذه سِقاء.

وقال الليث : يقال للثوب إذا صبغتَه : سَقَيته مَنّاً مِن عُصْفر ونحو ذلك.

ويقال للرجل إذا كُرّر عليه ما يكرهُه مِرَاراً : سُقِّي قَلبُه بالعَداوة تَسقِيةً.

والمَسْقي : وقتُ السَّقْي ، والساقية مِن سَواقي الزرع : نُهيْرٌ صغير. والمِسقاةُ : لا يتَّخذ للجِرار والكيزان تُعلَّق عليه.

ومن أمثال العرب : «اسْق رَقاشِ إنَّها سَقّاية».

ويقال : «سقَّاءة» ، والمعنى واحد ، ويُجمع السِّقاء أسقيةً. ثم أساقٍ جمعُ الجَمع.

أبو عبيد عن الأصمعي : السَّقِيّ والرَّقِيُّ على فَعيل : سحابتان عظيمتَا القَطْر ، شديدتا الوَقْع.

قال أبو زيد : يقال : اللهم أَسقنا إسقاءً رِوَاءً ، وسقيتُ فلاناً ركيتين : إذا جعلتَها له. وأسقيتُه جَدْولاً من نهري : إذا جعلتَ له منه مَسْقًى وأشعبتُ له منه.

سوق : قال الليث : السَّوْقُ معروف ، يقول : سُقْناهم سَوْقاً.

وتقول : رأيتُ فلاناً يَسُوق سُووقاً ، أي : يَنزع نَزْعاً ، يعني الموتَ.

أبو عبيد عن الكسائي يقال : هو يَسُوقُ نفسَه ويفيظُ نفسَه ، وقد فاظت نفسُه وأفاظُه الله نفسه.

ويقال : فلانٌ في السِّياق ، أي : في النزع.

وقال الليث : السَّاق لكل شجرةٍ ودابة وإنسان وطائر ، وامرأة سَوْقاء تارَّة الساقين ذاتُ شعر ، والأسْوَق : الطويل عَظْم الساق والمصدر السَّوَق.

وأنشد :

قُبٌّ من التَّعدَاءِ حُقْبٌ في سَوَقْ

قال : والساق : الحمام الذكر.

أبو عبيد عن الأصمعي : ساقُ حُرٍ.

قال بعضهم : الذَّكر من القَمارى.

وقال شمر في قولهم : ساقُ حُرّ. قال بعضهم : الساق الحمام ، وحُرّ فَرْخُها.

وقال الهذلي يذكر حمامة :

١٨٣

تناجي ساقَ حُرَّ وظَلتُ أدعو

تَليداً لا تُبين به كلاما

قال : ساق حُرَّ ، حكى نداءها.

ويقال : ساقُ حُرّ صَوْتُ القُمْرى كأنَّه حكايةُ صوته.

وقال الليث : السُّوقُ : موضع البياعات.

وسوقُ الحَرْب : حَوْمة القتال ، والإساقة : سيرُ الرِّكاب للسُّروج.

وقال ابن شُميل : رأيت فلاناً في السَّوْقِ ، أي : في الموت ، يُساقُ سَوْقاً ، وإنَّ نفسَه لتُساق. وساق فلانٍ مِن امرأته ، أي : أعطاها مَهْرها ، وساقَ مَهْرها سِياقاً.

والسّياق : المَهْر.

وقال الليث : السُّوقَة مِن الناس ، والجميع السُّوَقُ : أوساطُهم.

وقال غيره : السُّوقة بمنزلة الرَّعيَّة التي يَسُوسُها الملَك ، سُمُّوا سوقةً لأنَّ الملوك يسوقونهم فينساقون لهم ، ويقال للواحد سُوقة وللجماعة سُوقة ، ويُجمع السُّوقة سُوَقاً.

وأما قوله جلّ وعزّ في قصة سليمان : (فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) [ص : ٣٣] ، فالسُّوق جمع السَّاق ، مِثل الدُّور لجمع الدار ، والمعنى أنه عَقَرها فضَرَب أعناقَها وسُوقها ، لأنها كانت سببَ ذنْبه في تأخير الصلاة عن وقتها ، يعني سليمان النبي عليه‌السلام.

وقال الليث : الأياسق : القلائد ، ولم نَسمع لها بواحدٍ.

وأنشد :

وقَصِرْنَ في حَلَق الأياسِقِ عندهم

فجَعَلْنَ رجْعَ نُباحِهنّ هَرِيرا

وقال الله جل وعز : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) [القلم : ٤٢].

قال الفرَّاء : (عَنْ ساقٍ) : عن شدَّة.

قال : وأنشدني بعض العرب لجدّ أبي طرفة :

كشفت لهم عن ساقها

وبَدا من الشَّرِّ البَرَاحْ

وقال الزجاج في قوله : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) : عن الأمر الشديد.

قال : وأخبرني عبد الله بن أحمد عن أبيه عن غُندر عن شُعبة عن مغيرة عن إبراهيم قال : قال ابن عباس في قوله : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) : إنَّه الأمْر الشديد.

قال : وقال ابن مسعود : يوم يكشِفُ الرحمن عن ساقِه.

وقال أهلُ اللغة : قيل للأمر الشديد ساقٌ لأن الإنسان إذا دهمْته شدَّةٌ شمَّرَ لها عن ساقيه ثم قيل لكل أمرٍ شديدٍ يُتَشَمَّر له ساقٌ.

ومنه قولُ درَيْد :

كَمِيشُ الإزارِ خارجٌ نصفُ ساقِه

أرادَ أنَّه مشمِّر جادّ ، ولم يُرد خروجَ

١٨٤

الساق بعينها.

ويقال : قام فلانٌ على ساقٍ : إذا عُنِيَ بالأمر وتحزَّم له.

وقال الأصمعيّ : السَّيِّق من السحاب : ما طردتْه الرِّيحُ كان فيه ماءٌ أو لم يكن.

ويقال : لما سيقَ من النَّهْب فطُرِدَ سَيِّقَة ، وأنشد :

وهل كنتُ إلَّا مِثلَ سَيِّقةِ العِدَى

إن اسْتَقْدَمَتْ نحرٌ وإنْ جبأَتْ عَقْرُ

أبو عبيد : سُقْتُ الإنسان أسوقُه سَوْقاً : إذا أَصبتَ ساقه ، وتَسَاوَقَتِ الإبلُ تَسَاوُقاً : إذا تتابعتْ ، وكذلك تَقَاوَدَت فهي مُتَقاوِدة ومتساوِقةٌ ، والسوِيق معروف.

وقال أبو زيد : السُّوَّاق : الطويل السَّاق من الشجَر والزَّرع.

قال العَجاج :

بمُخْدِرٍ من المخاديرِ ذَكَرْ

هَذَّكَ سَوَّاقَ الحَصادِ المختضَر

الحَصاد : جمعُ الحَصادَة ، وهي بَقْلَةٌ بعينها يقال لها : الحصادة. والمختضَر : المقطوع.

يقال : خَضَرَه وخَدَرَه : إذا قطَعَه.

والمِخْدَرُ : القاطع. وسَيفٌ مِخْدَرٌ.

ابن السكيت يقال : وَلَدَتْ فلانةُ ثلاثة بَنِينَ على ساق واحدٍ ، أي : بعضُهم على إثر بعض ، ليس فيهم جارية.

وقوله : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ (٣٠)) [القيامة : ٣٠] ، أي : السوْق.

وسق : قال الله جلّ وعزّ : (فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨)) [الانشقاق : ١٦ ، ١٨].

قال الفرّاء في قوله : (وَما وَسَقَ) ، أي : وما جَمَع وضَمّ.

وأنشد :

مُسْتَوْسِقاتٍ لو يَجدْنَ سائقا

قال أبو عبيدة في قوله : (وَما وَسَقَ) ، أي : وما جمع من الجبال والبحار والأشجار ، كأنه جمعها بأَنْ طلعَ عليها كلّها.

عمرو عن أبيه : هو القمر والوبَّاص والطَّوْس ، والمتّسِق ، والجلَم ، والزّبرْقان ، والسِّنِمّار.

وقوله : (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨)) : اتِّسَاقُه : امتلاؤُه واجتماعُه واستواؤُه ، ليلةَ ثلاثَ عشرة وأربع عشرة.

وَقال الفرّاء : إلى ستَّ عشرة ، فيهنّ امتلاؤُه واتّساقه.

وقال الأصمعي : فَرَسٌ مِعْتاق الوَسيقة ، وهو الذي إذا طُرِد عليه طريدةٌ أنجاها ، وسبق بها الطلب.

وأنشد :

ألمْ أَظْلِف على الشُّعراء عِرْضِي

كما ظُلِفَ الوسيقةُ بالكُراعِ

سمّيت الطريدةُ من الإبل وسيقة لأنَّ طاردها إذا طردها وسقَها ، أي : جَمَعها

١٨٥

وقبضها ولم يَدَعْها تنشر عليه فيتعذّر عليه طردُها.

ويقال : وَاسقْتُ فلاناً مُوَاسَقةً : إذا عارضْتَه فكنتَ مِثلَه ولم تكن دُونَه.

وقال جندل :

فلستَ إنْ جاريْتنِي مُوَاسِقِي

وَلستَ إن فَرَرْتَ منِّي سابقي

والوِساق والمُوَاسَقة : المُناهَدة.

وقَال عديّ بن زيد :

وَندامى لا يَبْخلون بما نا

لُوا ولا يُعْسِرون عندَ الوِساقِ

ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «ليس فيما دُون خمسةِ أوْسُقٍ من التَّمر صَدَقة».

والوَسْق : مكيلةٌ معلومة ، وهي سِتُّون صاعاً بصاعِ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو خمسةُ أرطال وَثُلُث. والوَسْقُ على هذا الحساب : مائة وستُّون مَنّاً.

وقال الزجّاج : خمسة أوْسُق هي خمسة عشر قفيزاً بالملجَّم ، وهو قفيزنا الذي يسمَّى المعدَّل. وكلُ وَسقٍ بالملجَّم ثلاثةُ أَقفزَة.

قال : وستون صاعاً أربعة وعشرون مَكُّوكاً ، وذلك ثلاثة أقفِزَة. ووَسَقْتُ الشيءَ أَسِقُه وَسْقاً : إذا حَمَلْتَه.

ومنه قول الشاعر :

كقابِضِ ماءٍ لم تَسِقْه أنامِلُه

أي : لم تحمله.

ثعلب عن سلمة عن الفراء قال : تقول العرب : إنَّ الليل لطويلٌ ولا يَسِقْ لي بالَهُ ، مِن وَسَق يسِق.

قال اللحياني : أي : لا يجتمع لي أمرُه.

قلت : ولا يسقْ جزم على الدعاء ، ومثله : إنّ الليل لطويل ولا يطل إلَّا بخير ، أي : لا طال إلا بخير.

أبو عبيد عن الأصمعي : يقال للطَّير الذي يُصفِّق بجناحَيْه : إذا طارَ هو المئساق ، وجمعهُ مآسِيق.

قلت : هكذا روي لنا بالهمز.

وقال الليث : الوسيقة من الإبل كالرُّفْقة مِن الناس ، ووَسيقة الحمار : عانَتُه.

قلت : الوسيقة : القطعَة من الإبل يطرُدُها السَّلَّال ، سميتْ وَسيقةً لأنَّ طارِدَها يقْبضها ويجمعها ولا يدعُها تنتشر عليه فلا تنْساقُ ويلحقُها الطلب.

وهذا كما يقال للسائق قابضٌ ؛ لأنَّ السلال إذا ساقَ قطيعاً مِن الإبل قبضها ثم طرَدَها مجتمعةً لئلَّا يتعذر عليه سَوْقُها ؛ لأنها إذا انتشرتْ عليه لم تتتابع ولم تطردْ على صَوْبٍ واحد.

والعرب تقول : فلانٌ يسوق الوسيقة ، وينسل الوديعةَ ، ويحمي الحقيقة.

وقال شمر : قال عطاء في قوله : «خمسة أوسق» هي ثلاثمائة صاع.

وكذلك قال الحسن وابن المسيب.

١٨٦

قال شمر : وأهل العربية يسمون الوسق الوِقْر ، وهي الوُسُوق والأوساق.

قال : وكلُّ شيءٍ حملته فقد وسقته.

ومن أمثالهم : «لا أفعل كذا وكذا ما وَسَقَتْ عيني الماءُ». ووَسَقَت الأتان : إذا حملتْ وَلداً في بطنها.

ويقال : وَسَقَت النخلة : إِذا حملتْ ، فإذا كثر حملها قيل : أَوْسَقَتْ ، أي : حملتْ وَسْقاً.

وقال لبيدٌ يصف نخيلاً مُوقَرَةً :

مُوسَقاتٌ وحُفَّلٌ أَبْكَارُ

واستوسق لك الأمرُ : إذا أمكنك ، وجَعل رُؤبة الوسق من كلِّ شيء فقال :

كأنّ وَسْقَ جندَلٍ وتُرْبٍ

عَلَيّ من تنحيب ذاك النَّحْبِ

باب القاف والزاي

ق ز (وايء)

زوق ، أزق ، زقا ، قزي ، قوز ، قزو ، [زيق].

زوق : قال الليث بن المظفر : أهل المدينة يسمون الزِّئبق الزاوُوق.

قال : ويدخل الزئبق في التصاوير ، ولذلك قالوا لكل مزيَّن مزوَّق.

أبو زيد يقال : هذا كتاب مُزَوَّر مُزَوَّق ، وهو المقوم تقويماً. وقد زَوَّر فلان كتابه وزَوَّقه : إذا قومه تقويماً.

ويقال : فلانٌ أثقل من الزاووق ، ودرهم مُزَوَّق ومُزَأْبق بمعنى واحد.

عمرو عن أبيه : الزَّوَقة : نَقَّاشو سَمَّان الرَّوافد والسَّمّانُ : تزاويق السقوف.

والطَّوقة : الطيور. والغَوَقة : الغِرْبان.

والقَوَقة : الدُّيوك. والهوقة : الهَلْكى.

حدثنا السعدي عن عليّ بن خشرم عن عيسى عن الأوزاعي عن حسان بن عطية قال : أبصر أبو الدرداء رجلاً قد زوّق ابنه فقال : زوِّقوهم ما شئتم فذلك أغوى لهم.

زيق : قال الليث : الزّيق زِيق الجَيب المكفوف قال : وزِيق الشياطين شيء يَطير في الهواء يسمِّيهُ العَرَب لُعابَ الشمس.

قلت : هذا تصحيف ، والصواب رِيق الشمس بالراء ، ومعناه : لُعاب الشمس ، هكذا حفظتهما عن العرب.

وقال الراجز :

وذابَ للشَّمس لُعابٌ فنَزَلْ

أبو عبيد عن أبي زيد : تزيَّقَت المرأة تزيُّقاً وتَزَيَّغَتْ تَزَيُّغاً : إذا ما تزيّنَتْ.

قزي : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : القَزْو : التقزُّز.

وقال اللِّحيانيّ : القِزْيُ : اللَّقَب.

يقال : بئس القِزْي هذا ، أي : بئس اللَّقَب.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أَقْزَى الرجلُ : إذا تَلَطَّخَ بعيْب بعد استواء.

١٨٧

قوز : قال الليث : القَوْز مِن الرَّمْل صغير مستديرٌ يُشبَّه به أردافُ النساء.

وأنشد :

ورِدْفُها كالقَوْزِ بين القَوْزَيْنْ

والجميع : أقواز وقيزانٌ.

قلتُ : وسَماعي مِن العرب في القَوْز أنه الرمْل المشرِف. وقال :

إلى ظُعُنٍ يَقْرِضْن أقوازَ مُشْرِفٍ

أزق : قال الليث : الأزْق : الضيِّق في الحَرْب ، ومنه المأزِق مفعِل من الأزْق وجمعُه المآزِق ، وكذلك المآقط.

زقا : قال الليث : زَقا المُكَّاء والدِّيكُ يَزْقو ويَزْقِي ، زَقواً وزُقوّاً وزُقيّاً وزُقاءً.

ورُوِي عن ابن مسعود أنه كان يقرأ : (إنْ كانت إلَّا زَقيةً واحدةً) ، والعامَّة تقرأ : (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) [يس : ٢٩].

ويقال : زَقوْتَ يادِيكُ وزَقيْتَ ، بالواو والياء.

قزو : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : القُزَةُ : لعبة لهم ، وهي التي تُسَمَّى في الحَضَر يا مُهَلْهِلَه هَلِلَه.

وروى عمرو عن أبيه أنه قال : القُزَة من أسماء الحيَّات.

وقال غيره : هي حيّة عَرْجاء بَتْراء ، وجمعُها قزَات.

وقرأت في «نوادر أبي عمرو» : المُتَوَقِّز : الذي يتقلَّب لا يكاد ينام.

العرب تقول : فلانٌ أثْقَلُ من الزَّوَاقِي ، وهي الدِّيَكة تزقو وقتَ السَّحَر فتفرق بين المتحابِّين. وإذا قالوا : أثقل من الزَّاوُوق ، فهو الزئبق.

باب القاف والطاء

ق ط (وايء)

قطا ، قوط ، طوق ، وقط ، أقط.

قطا : قال الليث : القطا : طيرٌ ، والواحدة قَطاةٌ ، ومَشْيها القَطْو والأقطيطاءُ.

يقال : اقطَوْطَت القَطاة تَقْطَوْطِي ، وأمَّا قَطَتْ تَقْطو فبعضٌ يقول : مِن مشيها ، وبعضٌ يقول : مِن صَوْتها ، وبعضٌ يقول : صَوْتُها القَطقطة.

أبو عبيد عن أبي عمرو : القَطْوُ : تقارُب الْخَطْو مِن النَّشاط ، وقد قَطا يقْطو ، وهو رجُلٌ قَطَوان.

وقال شمر : هو عندي قَطْوانُ بسكون الطاء.

وقال الليث : الرجل يقطَوْطى في مَشيه :

إذا استدارَ وتجمَّع. وأنشد :

يمشي مَعاً مُقْطَوْطِياً إذا مَشَى

قال : والقَطاة : موضع الرّدِيف مِن الدَّابة ، وهي لكلِّ خَلْق ، وأنشد :

وَكَسَتِ المرطَ قَطاة رَجْرَجَا

وثلاث قَطَوات.

١٨٨

قال : وتقول العرب في مَثل : «ليس قُطَكَ مِثلَ قُطي» ، أي : ليس النَّبيل كالدنيءِ.

وقال ابن الأسلت :

ليس قَطاً مِثلَ قُطَيٍ ولا ال

مَرعيُّ في الأقوام كالراعِي

وقال غيره : سمِّي القطا قَطاً بصوتها ، ومنه قول النابغة الذُّبياني :

تَدْعُو قَطَا وبه تُدْعَى إذا نُسِبتْ

يا صِدْقَها حينَ تَدْعوها فتنتسِبُ

وقال أبو وَجْزة يصف حميراً وردت ليلاً فمرتْ بقَطاً وأثارَتْها :

ما زِلْن يَنْسُبْن وَهْنا كل صادقةٍ

باتت تُباشِر عُرْماً غيرَ أزواج

أراد أن الحمير تمر بالقطا فتثيرُها فتصيحُ : قَطَا قَطَا ، وذلك انتسابُها.

ويقال : فلانٌ مِن وَطَاتِه لا يَعْرِف قطَاتَه من لطَاتِه ، يُضْرَبُ مثلاً للرجُل الأحمق الذي لا يَعرف قُبَلَهُ من دُبُرِه حُمْقاً.

أبو عبيدٍ عن الفراء : من أَمثالهم في باب التشبيه : «إنّه لأصدَقُ من قطَاةٍ» ، وذلك أنها تقول قطَا قطَا ، فتُدْعَى به.

ويقال أيضاً : «إنه لأدَلُّ من قطَاةٍ» ، لأنها تَرِدُ الماءَ ليلاً من الفَلَاةِ البعيدة.

وقال أبو تراب : سمعتُ الحُصَيْنِيّ يقول : تقطَّيْتُ عَلَى القوم وتَلَطَّيْتُ عليهم : إذا كانت لي عندهم طَلِبة لأخذتُ من مالهم شيئاً فسبقْتُ به.

قوط : قال أبو عبيد : قال أَبو زيد : القَوْطُ من الغَنَم : المائةُ فما زادت.

وقال الليث : القَوْط : قَطيع يسيرٌ مِن الغنم ، وجمعُه أقواط.

أقط : قال : والأَقِطُ : يتخذ مِن اللبن المَخيض ، يُطبخ ثم يُتْركَ حتى يَمْصُل ، والقِطعة منه أَقِطة.

وقال أَبو عبيد : لبَنتُهمْ ألبُنهم مِن اللّبن ، ولَبأتهُمْ ألبؤهم مِن اللِّبأ ؛ وأَقطتُهم من الأَقِطِ.

وقال الليث : الأَقِطَة : هَنَةُ دُونَ القبة مما يلي الكرِش.

قلت : وسمعتُ أعرابيّاً يسمِّيها اللاقطة ، ولعلّ الأقطة لغةٌ فيها.

والمأْقِط : المَضيق في الحرْب ، وجمعُه المآقِطُ.

وقط : الليث : الوَقط : موضعٌ يستنقع فيه الماءُ يُتَّخذ فيه حِياضٌ تحبِس الماءَ للمارّة ؛ واسمُ ذلك الموضع أجمعَ وقْطٌ ، وهو مثلُ الوَجْذ ، إلّا أنّ الوَقط أوسَعُ.

وجمعُه الوِقطان.

وقال رؤبة :

وأخلَف الوقِطانَ والمآجلا

ويجمع وِقاطاً أيضاً.

قال : ولغة بني تميم في جمعه الإقاط ، يصيّرون كلَّ واوٍ تجيء على هذا المثال أَلفاً.

١٨٩

وقال الأصمعي : الوَقط : النّقْرة في الجَبل يستنقع فيها الماءُ.

وقال أبو العميثل : جمعُه وِقاط.

أبو عبيد عن الأحمر : ضرَبَه فوَقطَه ، أي : صرَعَه صَرْعةً لا يقومُ منها ، والمَوْقوط : الصَّريع.

وقال ابن شُمَيل : الوَقيط والوَقيع : المكانُ الصُّلبُ الذي يستنقع فيه الماءَ فلا يرزأ الماءَ شيئاً.

طوق : قال الليث : الطَوْق : حليٌ يجعَل في العُنق وكلُّ شيءٍ استدار فهو طَوْق ، كطَوْق الرَّحَى الذي يُديرُ القُطْب ، ونحو ذلك.

وطائق كل شيء : ما استدار به مِن جَبَل وأَكمةٍ ، والجمع أَطواق.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الطائق : حَجَر ينشزُ من الجَبل وكذلك ما نشز من جال البئر من صخرة ناتئة.

وقال في صفة الغَرْب :

موقر من بَقر الرَّسائق

ذي كُدْنةٍ على جِحاف الطائق

أي : ذي قوة على مكادحة تلك الصخرة.

والطائق : إحدى خشبَاتٍ بطن الزَّوْرَق.

أبو عبيد : الطائق : ما بين كلّ خشبَتين من السفينة.

شمِر عن أبي عمرو الشيباني : الطائق : وسط السفينة.

وأنشد قول لبيد :

فالتامَ طائِقُها القديمُ فأصبحتْ

ما إنْ يُقَوِّمُ دَرْأَها رِدْفان

وقال الأصمعي : الطائِق : ما شَخَص من السَّفينة كالحَيْد الذي يَنْدُرُ مِن الحَبَل.

وقال ذو الرمّة :

قرْوَاءَ طائِقُها بالآلِ مَحزُوم

قال : وهو حَرْفٌ نادرٌ في القُنَّة.

وأخبرني المنذريّ عن الحزَنْبَليّ أنَّ عمر بن بُكَيْر أنشده :

بَنَى بالغمْرِ أرغُنَ مُشمَخِرّاً

يُغَنِّي في طَوائِقهِ الحَمامُ

قال : طَوائقُه : عُقُودُه.

قلت : وصَفَ قَصْراً شُرِّف بناؤه.

وطوائقه : جمع الطاق الذي يُعقَد بآجُرٍّ وحجارة ، وأصله طائق. ومثله الحاجة جُمعتْ حوائج. لأنَّ أصلها حائجة.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال : طُقْ طُق ، مِنْ طاقَ يَطُوقُ إذا طاقَ.

وقال الليث : الطَّوْق : مصدَرٌ مِن الطاقة.

وقال الراجز :

كل امرئٍ مجاهد بطوقهِ

والثَّور يَحمِي أنفَه برَوقِه

يقول : كلُّ امرئ مكلَّف ما أطاق.

والطَّوق : أرض سهلة مستديرة.

ويقال للكَرّ الذي يصعد به إلى النخل :

١٩٠

الطَّوق ؛ وهو البرْوَند بالفارسيَّة.

وقال الشاعر يصف نخلة :

وميّالة في رأسها الشَّحم والنّدى

وسائرها خالٍ من الخير يابسُ

تهيبها الفِتْيانُ حتى انبرى لها

قصير الخُطى في طوقه متقاعس

يعني : البروند.

قال الأزهري : يقال : طاقَ يَطوق طَوْقاً ، وأَطاقَ يُطيق إطاقة وطاقَةً ، كما يقال : طاعَ يَطُوعُ طَوْعاً وأطاعَ يُطيع إطاعةً وطاعةً.

والطاقة والطاعة اسمان يوضَعان موضع المصدر.

ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «مَن غَصَب جارَه شِبراً من الأرض طُوِّقَه من سَبع أرَضِينَ».

يقول : جُعِل ذلك طَوْقاً في عُنُقه.

قال الله جل وعز : (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [آل عمران : ١٨٠] ، يعني : مانعَ الزكاة يطوَّق ما بَخل به من حقّ الفقراء يومَ القيامة من النار ، نعوذ بالله منها.

ويقال : تَطوَّقت الحيّةُ على عنقه : إذا صارت كالطَّوْق عليه.

والطاقة : الشُّعْبة مِن رَيْحان أو شَعر أو قوّةٍ من الخَيْط.

والطاق : عَقْد البناءِ حيث كان ، وجمْعه أطواق.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : والطَّاق : الطَّيْلسان وأنشد :

يُمَشِّي بين خاتام وطاقِ

باب القاف والدال

ق د

(وا يء) قود ، قيد ، قدا ، وقد ، ودق ، دوق ، دقي.

قدا : قال الليث : القَدْو : أصل البناء الذي ينْشعِب منه تصريف الاقتداء.

ويقال : قِدْوُه وقُدوة لما يُقتَدَى به.

قال أبو بكر : القِدَى : جمع قِدْوة يكتب بالياء.

اللِّحياني عن الكسائيَّ يقال : لي بك قُدْوة وقِدوَة وقِدَة. ومثله حَظِيَ فلانٌ حِظْوَة وحُظْوة وحِظَةً ، ودارِي حِذْوَةِ دارك وحُذْوة وحِذَتُه.

وقال أبو زيد : يقال : قداً وأقداءٌ ، وهم الناسُ يتساقطون بالبلد فيقيمون به ويَهدَءون.

ثعلب عن ابن الأعرابي : القَدْوُ : القُدوم مِن السَّفَر. والقَدْوُ بالقُرْب.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أقدى : إذا استَوَى في طريق الدِين. وأَقدَى أيضاً : إذا أسَنَّ وبلغ الموت.

عمرو عن أبيه أقْدى : إذا قَدِم من سَفَر

١٩١

وأقدَى : إذا استقام في الخبر.

وقال الليث : يقال : مَرّ بي يتقَدَّى به فَرَسُه ، أي : يَلزَم به سَنن السِّيرة. وتقدَّيتُ على دابّتي. ويجوز في الشِّعر : يَقْدُو به فرسُه.

أبو عبيد عن أبي زيد قال : أتتْنا قاديةٌ مِن الناس ، وهم أوّل من يَطرأُ عليك. وقد قَدَتْ فهي تَقْدِي قَدْياً.

قال : وقال أبو عمرو قاذية بالذال.

والمحفوظ ما قال بالدال. أبو زيد.

وقال أبو عبيد : قال أبو زيد : إذا كان الطَّبيخ طيّب الريح قلتَ قَدِيَ يَقدَى قَدًى وقَداةَ وقَداوَةً.

وقال الفراء : ذهبت قَداوَة الطعام : إذا أتى عليه وقتٌ يتغيّر فيه طعمه ورِيحه وطيبُه.

وقال أبو عمرو : قَدّاهُ بالطِّيب تقديةً : إذا خلط العُودَ بالعنبر والمسكِ ثمَّ جمَّرهم به.

أبو عبيد عن الفراء قال : القَدْيان والذَّمَيان : الإسراع. يقال منه : قَدَى يَقْدِي ، وذَمى يَذْمِي.

الأصمعي : بيني وبينة قِدَى قوس وقِيدُ قوس وقادُ قوس.

وأنشد الأصمعيّ :

ولكنَّ إقدامي إذا الخيلُ أحجمتْ

وصَبْري إذا ما الموتُ كانَ قِدَى الشِبْرِ

وقال الآخر :

وإني إذا ما الموتُ لم يك دونَه

قِدَى الشِّبْر أحْمِي الأنفَ أن أتأخّرا

قلتُ : قِدَى وقِيد وقاد ، كلُّه بمعنى قَدْرِ الشيء.

وقال أبو عبيد : سمعت الكسائي يقول : سِنْدَأوةٌ وقِنْدَأْوة ، وهو الخفيف.

وقال الفراء : هي من النُّوق الجَرِيئة.

وقال شَمِر : قِنْدَأوة يُهمَز ولا يُهمَز.

وقال أبو الهيثم : قِنْداوَةٌ فِنْعالة.

قلتُ : والنون فيها ليست بأصليّة.

وقال الليث : اشتقاقها مِن قَدَى والنونُ زائدة ، والواو فيها صِلَة ، وهي الناقة الصُّلْبة الشديدة ، وجَمَلٌ قِنْدَأْوٌ وسِنْدَأْو ، هَمزَهما واحْتَجَّ بأنّه لم يجئ بناء على لفظ قِنْدَأْو إلّا وثانيه نون ، فلمّا لم يجئ على هذا البناء بغير نون علمْنا أنّ النون زائدة فيها.

أبو عبيدة : مِنْ عَنَق الفرسِ التَّقَدِّي ، وتَقَدِّي الفرسِ : استعانتهُ بهاديه في مَشيه برفع يديه وقبْض رِجلِيه شِبْه الخَبب.

وقال ابن الأعرابي : القَدوة : التقدُّم.

ويقال : فلان لا يُقاديه أحدٌ ولا يُماديه ولا يُباريه ولا يُجاريه أحدٌ ، وذلك إذا بَرَزَ في الْخِلال كلِّها.

أبو عبيد عن أبي زيد : أقبِلْ على خَيدبتك ، أي : أمرك ، وخُذْ في هِدْيتك وقِديتك ، أي : فيما كنتَ فيه. قيّده

١٩٢

الإيادي في «كتابه» بالقاف : قِديتك.

قيد ـ قود : قال الليث : القَيد معروف ، والفِعل قَيِّده يقيِّده تقييداً. قال : وقَيد السيف هو الممدود في أصول الحمَائل تمسكه البَكرات. وقَيْد الرَّحْل : قيدٌ مضفورٌ بين حِنوَيهِ من فَوق ، وربَّما جُعل للسَّرجِ قَيْدٌ كذلك. وكذلك كلُّ شيء أُسِرَ بعضَهُ إلى بعض.

أبو عبيد عن أبي زيد : يقال للقِدَّة التي تَضُمّ عرْقُوتي الرَّحْل قَيْد.

وقال غيره : يقال للفَرَس الجواد الذي يَلحق الطّرائدَ من الوحْش قيد الأوابد.

والمعنى : أنه يلحق الوحش بجودته ، فكأنّها مقيّدة له.

وقالت امرأةٌ لعائشة : أأقيِّدُ جَمَلي؟ أرادتْ بذلك تأخيذَها إياه عن النساءِ غيرها.

فقالت عائشة لها بعد ما فَهمتْ مُرَادَها : وَجْهي من وجهكِ حَرَام.

وتقييد الخطّ : إحكامُه بالتنقيط والتعجيم.

أبو عبيد عن الأحمر : مِن سِمات الإبل قَيْدُ الفَرَس ، وهي سِمةٌ في أعناقها.

وأنشد :

كومٌ على أعناقها قَيْدُ الفَرَسْ

تنجو إذا الليلُ تَدانَى والتبس

وقال غيره : قُيود الأسنان : لِثاتُهَا.

وقال الشاعر :

لِمُرتجِّةِ الأردافِ هيفٍ خُصورُها

عِذابٍ ثَنَاياها عِجاف قُيُودُها

يعني اللّثاتَ وقلة لَحمِها.

أبو زيد : بيني وبينه قِيدُ رُمْح وقادُ رُمح.

وقال الليث : القَوْد : نقيض السّوْق ، يقودُ الدابّة من أمامها ويسوقُها من خَلْفِها.

والقِيادُ والمِقْوَدُ : الحَبْل الذي تُقاد به الدابة.

ويقال : إنَّ فلاناً سَلِس القياد.

ويقال : أعطيتُ فلاناً مَقادَتي ، أي : انقدْتُ له. والاقتياد والقَوْد واحد. والقائد مِن الجَبَل : أنْفُه. والقِيادة : مصدر القائد.

وكلُّ شيءٍ من جَبَل أو مُسَنَّاة كان مستطيلاً على وجه الأرض فهو قائد. وظَهَر من الأرض يَقُود ويَنقَاد ويتقاوَد كذا وكذا مِيلاً.

وفي الحديث : «قيَّدَ الإيمانُ الفتكَ» ، معناه : أن الإيمان يمنع عن الفتك بالمؤمن كما يَمنع ذا العَبَثُ عن الفساد قَيده الذي قُيِّد به.

والمِقود : خَيْط أو سَيْرٌ يُجعل في عُنُق الكلب أو الدابة يقاد به. والأقوَد من الدوابّ والإبل : الطويلُ الظَّهر والعُنُق.

قال : والأقْوَد من الناس : إذا أقبلَ على الشيء بوجهه لم يَكَدْ يَصرف وجهه عنه.

وأنشد :

١٩٣

إنّ الكريم مَن تلفّتَ حَوْله

وإن اللئيم دائم الطَّرف أقوَدُ

أبو عبيد عن الأصمعيّ : القَياديد : الطَّوال مِن الأتُن الواحد قَيْدُود.

وقال الكسائيّ : فرسٌ قَوُود بلا همز : الذي ينقاد. والبعير مِثلُه.

وقال ابن شميل : الأقود من الخَيل : الطويل العُنُق العظيمة.

وقال الليث : القَوَدُ : قَتل القاتل بالقتيل تقول : أقدْتُه واسْتَقَدْتُ الحاكِم.

وإذا أَتَى الإنسان إلى آخِرَ أمراً فانتقَم منه مِثلها قيل : استَقادها منه.

أبو عبيد عن الأحمر : فإنْ قَتَلَه السلطان بقَوَدٍ قيل : أقادَ السلطان فلاناً وأقصَّه.

ويقال : انقاد لي الطّريقُ إلى موضع كذا انقياداً : إذا وَضحَ صَوْبُه.

وقال ذو الرمة يصف ماءً ورَدَه :

تَنزَّلَ عن زِيزائه القُفُّ وارتَقَى

عن الرَّمْل وانقادت إليه المَوارِدُ

قال أبو نصر : سألت الأصمعيَّ عن معنى قوله : ... «وانقادت إليه الموارد» ، فقال : تتابعت إليه الطُرُق.

والقائدة من الإبل : التي تَقدَّمُ الإبلَ وتألَفها الأَفْتاء.

قال : والقَيِّدة من الإبل : التي تقاد للصَّيد يُخْتَلُ بها ، وهي الدَّرِيّة.

وأَقادَ الغَيْثُ فهو مُقِيدٌ : إذا اتَّسع.

وقال ابن مُقبل يصف الغَيْث :

سَقَاها وإن كانت علينا بخيلةً

أَغَرُّ سِماكيٌّ أَقَاد وأَمْظرا

وَقال غيره : أقاد ، أي : صار له قائدٌ من السحاب بين يديه كما قال ابن مُقبِل أيضاً :

له قائدٌ دُهْم الرَباب وخَلْفَه

رَوَايا يُبَجِّسْنَ الغَمامَ الكَنَهْوَرَا

أراد له قائدٌ دُهمٌ رَبابُه ، فلذلك جَمَعَه.

والقائدة : الأَكَمَة تمتَدُّ على وجه الأرض.

والقَوْد من الخيل : التي تُقاد بمقاوِدها ولا تُركَب ، وتكون مُودَعةً معدّةً لوقت الحاجة إليها.

يقال : هذه الخيل قَوْدُ فلانٍ القائد.

وجمعُ القائد قادَةٌ وقوّاد.

وهو قائدٌ بيِّن القيادة.

أبو عبيد : القياديد : الطِّوال من الأتنُ ، قَيدودة. وأنشد :

له الفرائسُ والسُّلْب القياديدِ

ابن بُزرج : تُقَيِّد : أرضٌ حمِيضَة ، سُمِّيتْ تُقيِّد لأنَّها تقيِّد ما كان بها مِن المال يَربَّعُ فيها ، مُخْصِبةٌ لكثرة خَلّتها وحَمْضِها.

وقد : قال الله جل وعز : (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) [البقرة : ٢٤].

وقال : (النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (٥)) [البروج : ٥].

وقرئ : الوُقود.

١٩٤

وقال الزّجاج : الوقود : الحطب ، وكل ما أوقدَ به فهو وَقود.

والمصدر مضموم ويجوز فيه الفتح.

قد رَوَوْا : وقدت النارُ وَقوداً مثل : قبلت الشيءَ قبولاً ، فقد جاء في المصدر فَعول والباب الضم.

قال الأزهري : وقوله : (النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ) معناه : التوقُّد فيكون مصدراً أحسن من أن يكون الوقود بمعنى الحطب.

وقال ابن السكيت : الوُقُود ، بالضم : الاتّقاد.

يقال : وَقَدَت النارُ تَقِدُ وُقُوداً ووَقَداناً ووَقْداً وقِدَةً.

ويقال : ما أجوَدَ هذَا الوَقودِ للحطب.

قال الله : (وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) [آل عمران : ١٠].

ويقال : وَقَدتِ النارُ تَقدِ وَقُوداً ووُقوداً ، وكأنّ الوقود اسمٌ وضع موضعَ المصدر.

وقال الليث : ما تَرَى من لهبها ، لأنه اسم ، والوقود المصدَر.

والمَوْقد : موضع النار وهو المستوقَد.

وزَنْدٌ مِيقادٌ : سَريع الوَرْيِ. وقَلبٌ وَقّاد : سريعُ التوقُّد في النشاط والمضاء.

وكل شيء يتلألأ فهو يَقِد ، حتَّى الحافر إذا تلألأ بَصِيصُه.

وقال الله جل وعز : (كوكب دُرّيّ تَوَقَّدَ مِن شجرة مباركة) [النور : ٣٥].

وقرئ : (تَوَقّدُ) ، و (تُوقَّدُ) ، و (يُوقَدُ).

قال الفراء : مَن قرأ (تَوقَّدَ) ذَهب إلى المصباح.

ومَن قرأ (تُوقَد) ذَهب إلى الزُّجاجة ، وكذلك مَن قرأ (تَوَقَّدُ).

ومن قرأ (يُوقَدُ) بالياء ذهب إلى المصباح.

وقال الليث : من قرأ (تَوقَّدُ) فمعناه تتوقّد وردّه على الزُّجاجة.

ومَن قرأَ (يُوقَدُ) أخرجه على تذكير النور.

ومَن قرأَ (تُوقَد) فَعَلَى معنى النار إنها توقد مِن شجرة.

ويقال : أوقَدْتُ النار واستَوقَدْتُها إيقاداً واستيقاداً ، وقد وقَدِت النارُ وتوقّدَتْ واستَوْقَدَت استيقاداً أيضاً.

والعَرَب تقول : أَوقدْتُ للصِّبَا ناراً ، أي : تركته ووَدّعْتُه.

وقال الشاعر :

صَحَوْتُ وأوقَدْتُ للجهل ناراً

ورَدَّ عليَّ الصِبا ما استعارا

وقال : سمعت بعض العرب يقول : أبعد الله فلاناً وأوقَدَ ناراً أثرَه ، ومعناه : لا رجَعَه الله ولا رَدَّه.

أخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : مِن دعائهم : أبْعَدَه الله وأَسحَقَه.

وأَوْقَدَ ناراً أثره.

١٩٥

قال : وقالت العُقَيليَّة : كان الرجُل إذا خِفْنا شَرَّه فتحوَّلَ عنّا : أوقَدْنا خلفَه ناراً.

قال : فقلت لها : ولم ذلك؟ قالت : لتحوّل ضَبُعهم معهم ، أي : شرّهم.

دقي : قال الليث : فَصيلٌ دَقٍ ، وهو الذي يكثِر اللبن فيَفْسُد بطنُه ويَكثُر سَلْحُه.

والأنثى دَقِيَة ، والفِعْل دَقِيَ يَدْقى دَقًى ، وهو في التقدير مِثل فَرِحٌ وفرِحَة ، فمن أدخَل فَرْحان على فَرح قال : فَرْحان وفَرْحَى. وقال على مثاله : دَقْوَان ودَقْوى.

أبو عبيد عن الكسائي : دَقِي الفَصِلُ دَقًى ، وأُخِذَ أخذاً : إذا أكثرَ مِن اللَّبن حتَّى يفسُد بطنُه ويَبشَم.

وقال الأصمعي في الدَّقى مثله.

ودق : قال الليث : الوَدْق : المَطَر كلُّه شديدهُ وهيّنُه.

ويقال للحَرْب الشديدة ذات ودَقيْن ، تشبَّه لسحابةٍ ذاب مَطْرتين شديدتين.

ويقولون : سحابةٌ وداقة ، وقلما يقولون : ودَقَتْ تَدِق.

وقال غيره : يقال للداهية ذاتُ وَدَقَيْن.

قال الكميت :

إذا ذاتُ وَدْقيْن هابَ الرُّقا

ةُ أن يَمسَحوها وأنْ يتْفُلُو

وقيل : ذات وَدْقين مِن صفةِ الحيّات.

ويقال : ذات وَدْقين مِن صفة الطّعنة.

وقال الليث : الوَديقة : حَرُّ نصف النهار.

والمَوْدِق : مُعْتَرك الشرّ.

أبو عبيد عن الأصمعيَّ : الوديقة : شِدَّة الحرّ.

وقال شمر : سمِّيتْ وَدِيقةً لأنّها وَدَقَتْ إلى كل شيء ، أي : وَصَلَتْ.

وقال ابن الأعرابي : يقال : فلانٌ يحمي الحقيقة ويَنسِل الوَديقة ؛ يقال ذلك للرجل القويّ المُشمِّر ، أي : يَنْسِل نَسَلاناً في شدة الحرّ لا يُباليها.

وقال أَبو عبيدٍ في باب استخذاء الرجل وَخضوعِه واستكانته بعد الإباء. يقال : وَدَقَ العَيْرُ إلى الماء ، يقال ذلك للمستخذِي الذي يَطلب السِّلْمَ بعدَ الإباء.

وقال : وَدَقَ ، أي : أَحَبَّ وأَرادَ واشتَهَى.

أبو عبيد : يقال : لكلِّ ذاتِ حافرٍ إذا اشتهت الفَحْلَ. قد استَوْدَقَتْ وودَقَتْ تَدِق وَدْقاً وُوُدوقاً.

وقال ابن السكيت : قال أَبو صاعدٍ الكلابيّ : يقال : وَدِيقة من بَقْل ومِن عُشْب ، وَحَلُّوا في وَدِيقةٍ منكَرة.

وقال الليث : يقال : أتانٌ وَدِيقٌ وَبغلةٌ وَدِيق ، وقد وَدَقَتْ تَدِق وِداقاً : إذا حَرَصَتْ على الفَحْل. ووَدَقَ الصَّيدُ يَدِقُ وَدْقاً : إذا دنا منك.

وقال ذو الرمة :

١٩٦

كانت إذا وَدَقَتْ أمثالهُن له

فبعضُهنّ عن الأُلَّاف مشتعِبُ

ويقال : مارَسْنا بني فلانٍ فما وَدَقُوا لنا بشيء ، أي : ما بَذَلوا ، ومعناه : ما قَرَّبوا لنا شيئاً مِن مأكول أو مشروب ، يَدِقُون وَدْقاً.

الأصمعيّ : يقال : في عَيْنه وَدْقة خفيفة : إذا كانت فيها بَثْرةٌ أو نُقْطة شَرِقةٌ بالدم.

وقد وَدَقتْ عينُه تِيدَقُ وَدَقاً.

وقال رؤبة :

لا يَشتَكِي عينيه مِن داءِ الوَدَق

ويقال : وَدَقتْ سُرّتُه تَدِق وَدْقاً : إذا سالت واسترخت. ورجل وادقُ السُرَّة : شاخِصُها.

دوق : أبو عبيد : هو مائق دائق ، وقد ماقَ يَمُوق وداقَ يدُوق ، مَواقةً وَدَواقةً ومُؤوقاً ودُؤوقاً.

وقال أبو سعيد : داقَ الرجلُ في فِعلِه وداك يَدُوقُ وَيَدُوك : إذا حَمُق. ومالٌ دَوْقَى ورَوْبَى ، أي : هَزْلَى.

باب القاف والتاء

ق ت

(وا يء) قتا ، قوت ، وقت ، توق ، تيق ، تقي ، تأق.

قتا : قال الليث : القَتْو : حُسْنُ الخِدمة.

تقول : هو يَقْتُو الملُوك ، أي : يَخدمُهم :

إني امرؤٌ مِن بني خُزَيمة لا

أحْسِنْ قتْوَ المُلُوك والخَبَبا

والمَقَاتيَة هم الخُدَّام ، والواحد مَقْتَوِيّ ، وإذا جُمع بالنوق خُفِّفتْ الياء مَقْتَوون وفي الخفض والنصب مَقْتَوِين ، كما قالوا أشقرِين. وأنشد :

مَتَى كنّا لأمِّكَ مَقْتَوِينا

وقال شمر : المَقْتَوُون : الخَدَم ، واحدهم مَقْتَوِيّ. وأنشد :

أرَى عَمرو بن صِرْمةَ مَقْتَوِيّاً

له في كل عامٍ بَكْرَتانِ

قال : ويروى عن المفضل وأبي زيد أن أبا عَوْنٍ الحِرمازيّ قال : رجلٌ مَقْتَوِين ورجلانَ مَقْتَوِينٌ ، وكذلك المرأة والنساء ، وهم الذين يَخدُمون الناس بطعام بطونهم.

قال الكيمت : وقال أبو الهيثم : يقال : فَتَوْتُ الرجلَ فَتْواً ومَقْتى ، أي : خَدَمتهُ ثم نسبوا إلى المقْتَى فقالوا : رجل مَقْتَوِيّ ، ثم خفّفوا ياءِ النسبة فقالوا : رجلٌ مَقتَوٍ ورجالٌ مَقْتَوُون ، الأصل مَقْتَوِيون.

ثعلب عن ابن الأعرابي : القَتْوَة : النميمة.

قلتُ : أَصلُها القَتَّة.

قوت : قال الليث : القُوت : ما يمسك الرَّمَق من الرِّزق والقَوْت مصدرُ قولك : قاتَ يَقُوتُ قَوْتاً ، وأنا أقُوتُه ، أَي : أَعُولُه برِزْق قليل.

وإذا نَفَخَ نافخٌ في النار تقول له : أنْفُخ

١٩٧

نفخاً قَوِيّاً. واقتَتْ لها نفخكَ قِيتةً ، يأمره بالرِّفق والنّفخ القليل.

لقول ذي الرُّمّة :

فقلتُ له خُذها إليك وأَحْيِها

برُوحِكَ واقتَتْهُ لها قِيتةً قَدْرا

وقال الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) [النساء : ٨٥] ، المُقِيتُ : المقتدِر والمقدِّر ، كالذي يُعطِي كلَّ رجلٍ قُوتَه.

وجاء في الحديث : «كَفَى بالرجُل إثماً أن يضيِّع مَنْ يَقُوت» و «يُقِيت».

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : وحَلَفَ العُقَيْلِيّ يوماً فقال : «لا وقائتِ نَفَسِي القَصير» قال : هوَ مِن قوله :

يَقْتاتُ فضْلَ سَنامها الرَّحْلُ

قال : والاقتيات والقُوتُ واحد.

قلت : معنى قوله : «وقائتِ نَفَسي» أراد بنَفَسه رُوحَه ، والمعنى : أنّه يَقْبِض رُوحَه نَفَساً بَعد نفَسٍ حتى يَتوفّاه كلّه.

وقوله :

يَقْتاتُ فضْلَ سَنامها الرَّحْلُ

أي : يأخذُ الرَّحْلُ وأنا راكبُ شَحْمَ سَنامِ هذه الناقةَ قليلاً قليلاً حتى لا يَبقَى منه شيءٌ ، لأنه يُنْضِيها.

وقال الزجاج في قوله وجلّ وعزّ : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً).

قال : قال بعضهم : المُقِيتُ : القَدِير.

وأنشد الفرّاء :

وذي ضغن كففت النفسَ عنه

وكنتُ على إساءَته مُقيتا

أي : مقتدراً. وقيل : المُقيتُ : الحفيظ.

وقال أبو إسحاق : هو عندي بالحفيظ أشبَه ، لأنَّه مُشتقّ من القَوْت.

يقال : قُتُ الرجلَ أقوتُه قَوْتاً : إذا حَفِظْتَ نفْسَه بما يَقُوتُه. والقُوتُ : اسمُ الشيء الذي يَحفظ نفْسه ولا فضلَ فيه على قَدْر الحِفظ.

فمعنى الْمقِيت ، والله أعلم : الحَفيظ الذي يُعطِي الشيءَ قَدْرَ الحاجة مِن الحفظ.

وأنشد :

أَلِيَ الفضلُ أم عليَّ إذا حُو

سبتُ إنِّي على الحساب مُقيتُ

وقال أبو عبيدة : المقيت عند العرب : الموقوف على الشيء. وأنشد هذا البيت.

وقال آخر :

ثم بعدَ المماتِ ينشرني من

هو على النشْرِ يا بُنيَ مُقيتُ

أي : مقتدر.

وقت : قال الليث : الوَقْتُ : مقدارٌ من الزمان. وكلُّ شيءٍ قَدَّرْتَ له حِيناً فهو موَقّت ، وكذلك ما قدَّرْتَ غايتَه فهو موَقَّت. والميقات : مَصْدَرُ الوقت.

١٩٨

والآخرة ميقاتٌ للخلْق ، ومواضع الإحرام مواقيت الحاجّ ، والهلال مِيقات الشهر ، ونحو ذلك كذلك.

وقال الله جلَّ وعزّ : (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١)) [المرسلات : ١١].

قال الزجاج : جُعل لها وَقت واحدٌ للفصل في القضاء بين الأمة.

وَقال الفرّاء : جُمعتْ لوقتها يومَ القيامة.

قال : واجتَمع القرَّاء على همزها ، وهي في قراءة عبد الله : (وقِّتَتْ) ، وقرأها أبو جعفر المدنيّ : (وُقِتَتْ) ، خفيفةً بالواو ، وإنّما هُمزتْ لأنَّ الواو إذا كانت أوَّلَ حَرْفٍ وضُمّتْ هُمزَتْ.

من ذلك قولُك : صَلَّى القَوْمُ أُحْدَاناً.

وأنشدني بعضهم :

يحُلُّ أُحَيْدَهُ ويقالُ بَعْلٌ

ومِثْلُ تموُّلٍ منه افتقارُ

ويقال : هذه أُجُوهٌ حِسانٌ بالهمز ، وذلك لأنَّ ضمة الواو ثقيلة ، كما كانت كسرة الياء ثقيلة.

ويقال : وقتٌ مَوْقوتٌ ومُوَقَّت.

قال الله : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) [النساء : ١٠٣] ، أي : كُتِبَتْ عليهم في أوقات مُؤقّتة.

توق : ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : المتَوَّقُ : المتَشَهَّى. قال : والمُبَوَّق : الكلام الباطل.

وقال الليث : التَّوْقُ : تؤوق النَّفس إلى الشيء ، وهو نِزاعُها إليه. تَاقتْ إليه نفْسي تَتُوقُ تَوْقاً وتؤوقاً. نفْسٌ تَوَّاقةٌ : مُشْتاقةٌ.

وأنشد الأصمعي :

جاء الشتاءُ وقمِيصي أَخْلاق

شراذِمٌ يضحكُ مني التَّوَّاق

قال : التّواق : الذي تَتُوقُ نفسُه إلى كلِّ دَناءَةٍ.

وقيل : التَّوَّاق اسم ابنه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التَّوَقَةُ : الخُسَّف جمعُ خاسِف ، وهو الناقةُ.

وقال أبو عمرو مثله. قال : والتّوْق : نَفْس النّزع.

قال : والتُّوق : العَوَج في العَصا وغيرِها.

* تاق : قال الليث : التَّأَق : شِدَّةُ الامتلاء.

يقال : تَئِقَت القِرْبة تَتْأَق تَأَقاً ، وأتاقَها الرجُل إتآقاً. وتَئِقَ فلانٌ : إذا امتلأَ حُزْناً وكاد يبكي ، وأَتأَقتُ القَوْسَ : إذا شَدَدْتَ نَزْعَها فأغْرقت السهم.

وقال الأصمعي تقول العرب : «أنا تئق ، وأخي مئق ، فكيف نتّفق».

يقول : أَنا مُمتلئٌ من الغيظ والحزن ، وأخي سريع البُكاء فلا يكاد يقع بيننا وِفاق.

تقي : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التُّقاة وَالتقيَّة والتقوَى والاتِّقاءُ كلُّه واحدٌ.

١٩٩

قال أبو بكر : رجلٌ تقيٌ معناه : أنّه مُوقِّ نفسَه من العذاب بالعمل الصَّالح. وأصله من وقيت نفسي أقيها.

قال النحويُّون : الأصل فيه وَقُويٌ ، فأَبدلوا من الواو الأولى تاء كما قالوا مُتَّزِر وَالأصل فيه مُوتزر ، وأبدلوا من الواو الثانية ياء وأدغموها في الياء التي بعدها وكسروا القاف لتصبح الياء.

وقال أبو بكر : الاختيار عندي في تقيٍ أنه من الفعل فعيلٌ مُدغم ، فأدغمت الياء الأولى في الثانية ، الدليل على هذا جمعُهم إيَّاه أتقياءِ ، كما قالوا وليّ وأَوْلياء.

ومن قال : هو فعولٌ قال : لما أشبَه فعيلاً جمع كجمعه.

وأخبرني المنذريُّ عن الحرَّاني عن ابن السكيت قال : يقال : اتّقاه لحقّه يتَّقيه ، وتَقاه يَتَّقيه.

وأنشد :

زيادتُنا نُعمانَ لا تنسَيْنها

تَقِ اللهَ فينا والكتابَ الذي تتلو

وقال آخر :

ولا أَتْقِي الغَيُورَ إذا رآني

ومِثلي لِزَّ بالحَمِسِ الرَّبِيسِ

وقال الأصمعيّ : أنشدني عيسى بن عمرو :

جلاها الصَّيْقلون فأَخْلَصُوهَا

خِفافاً كلُّها يَتْقى بأَثْرِ

أي : كلها يستقبلك بفِرِنْدِه.

قلت : اتَّقَّى كان في الأصل اوْتقى ، والتاء فيها تاء الافتعال ، فأُدْغِمَتْ الواوُ في التاء وشُدِّدَتْ فقيل : اتَّقَى ثم حذفوا ألفَ الوَصْل والواو المنقلبة تاء فقيل تَقَى يَتَقِي بمعنى تَوَقَّى.

وإذا قالوا : تَقِيَ يَتْقَى فالمعنى أنه صار تقيّاً.

ويقال في الأول تقى يَتقَى ويَتْقِي.

وأخبرني المنذري عن أبي العباس : أنه سمع ابن الأعرابي يقول : واحدُ التُّقى تقاةٌ ، مِثل طلاه وطُلى. وهذان الحرفان نادران.

قلت : وأصل الحرف وَقَى تِقِي ، ولكن التاء صارت لازمةً لهذه الحروف فصارت كالأصلية ، ولذلك كتبتُها في باب التاء.

والتَّقوى : اسم ، وموضع التاء واو ، أصلها : وَقْوَى وهو فَعْلَى من وقَيْت.

وقال أبو العباس في قول الله جل وعز : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) [آل عمران : ٢٨] ، وقرأ حُميد : (تقِيَّةً) ، وهو وجهٌ إلَّا أنّ الأُولى أشهر في العربية.

والتُّقي يكتب بالياء.

وقال الشاعر :

٢٠٠