وأنشد للعجاج :
يصفَرُّ لليُبْسِ اصفرارَ الوَرْسِ |
مِنْ عَرَق النّضْح عَصيمُ الدَّرْسِ |
مِن الأَذَى ومِن قِراف الوَقْسِ
ومن أمثالهم :
الوقس يُعدى فتعدَّ الوقْسَا |
من يدْنُ للوقْسِ يلاق تَعْسَا |
قال أبو عمرو : الوقْس : أوَّل الجرَب.
والتَّعْس : يضرب مثلاً لتجنُّب من يُكره صحبتُه.
وسمعت أعرابية من بني تميم كانت ترعى إبلاً جُرْباً ، فلما أراحَتْها نادت القَيِّمَ بِأَمر النَّعَم. فقالت : أَلا أَين آوِي هذه المُوقَسة؟ أرادت : أين أنيخ هذه الجُرْب.
سقي : قال الليث : السَّقْي معروف. والاسم السُّقْيا والسِّقاء : القِرْبة للماء واللبن.
والسِّقاية : الموضع الذي يُتَّخذ فيه الشراب في المواسم وغيرها والسِقاية في القرآن : الصُّوَاعُ الذي كان يشرب فيه المَلِك ، وهو قول الله جلّ وعزّ : (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ) [يوسف : ٧٠] ، وكان إناء من فضة به كانوا يكيلون الطَّعَام ، كذلك جاء في التفسير. ويقال للبيت الذي يُتَّخذ مَجمعاً للماء ويُسقَى منه الناسُ السِّقاية. وسِقاية الحاجِ سَقْيُهم الشرابَ.
وقال الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) [النحل : ٦٦].
وقال في موضع آخر : (وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً) [الفرقان : ٤٩].
العرب تقول لكلِّ ما كان من بطون الأنعام ومِن السَّماء أو نهرٍ يجري لقومٍ : أسْقيْتُ.
فإذا سَقاكَ ماءً لشَفَتك ، قال : سَقاه ولم يقولوا : أَسْقاه.
كما قال الله جلّ وعزّ : (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) [الإنسان : ٢١].
وقال : (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩)) [الشعراء : ٧٩] ، وربما قالوا في بطون الأنعام ولماء السماء سَقى وأَسْقَى ؛ كما قال لبيد :
سَقَى قَومِي بني مَجْدٍ وأسْقَى |
نميراً والقبائلَ من هِلالِ |
وقال الليث : الإسقاء من قولك : أسقيتُ فلاناً نهراً أو ماءً ، إذا جعلتَه له سُقْيا ، وفي القرآن : ونَسقيه ممَّا خلقنا أنعاما [الفرقان : ٤٩] ، مِن سَقَى وقرئَ : (وَنُسْقِيَهُ) مِن أَسْقَى ، وهما لغتان بمعنًى واحد.
قال : والسّقي ما يكون في نَفافِيخِ بيضٍ في شَحْم البطن. والسِّقي : ماء أصفَر يقع في البطن.
يقال : سَقَى بطنُه يَسقي سَقْياً.
وقال أبو عُبيد : قال اليزيديّ : الأحبَن الذي به السَّقَى.
وقال الكسائيّ : سَقَى بَطْنُه يَسقى سَقْياً.
قال شمر : السَّقْي : المصدر. والسَّقْي : الاسم ، وهو السَّلَى ، كما قالوا رَعْي ورِعى.
وقال أبو عبيدة : السّقْيُ : الماء الذي يكون في المَشيمَةِ يخرج على رأس الوَلَد.
وقال ابن السكيت : السَّقي : مصدَرُ سَقَيتُ سَقْياً ، والسِّقْي : الحظّ.
يقال : كم سِقْي أرضِك؟ أي : كم حظُّها مِن الشِّرْب.
وأنشد أبو عبيدٍ قول ابن رَوَاحة :
هُنالك لا أبالِي نخلَ سَقْيٍ |
ولا بَعْلٍ وإنْ عَظُم الإتَاءُ |
قال : يقال : سَقيٌ وسِقْيٌ فالسَّقي بالفتح الفِعل ، والسّقْي بالكسر : الشِرْب.
وقال الليث : السَقِيُ هو البَرْدِيّ ، الواحدة سَقِية ، وهي لا يَفوتها الماءُ.
وقال امرؤ القيس :
وساقٍ كأُنْبوب السَّقِيِ المُذلَّلِ
قال بعضهم : أراد بالأُنبوب أنبوبَ القَصَب النَّابت بين ظَهْراني نَخل مَسْقيّ ، فكأنه قال : كأنبوب النخل السَّقِيِ ، أي : كقَصَب النخل ، أضافه إليه لأنّه نبتَ بين ظَهْرانيه وقيل السَقِيُ : البَرْديّ الناعم. وأصلُه العُنقُر ، يُشَبَّه به ساقُ الجارية.
ومنه قول العجاج :
على خَبَنْدَى قَصَبٍ مَمْكورِ |
كعُنْقُرات الحائر المَسْكُورِ |
وأخبرني المنذريُّ عن أحمد بن يحيى عن سلمة عن الفراء : زَرْعٌ سِقيٌ ونخلٌ سِقيٌ للذي لا يعيش بالأعْذاءِ ، إنَّما يُسْقَى ، والسَّقْي : المَصدَر. ويقال : كم سِقْي أرضك؟ أي : كم شِربها.
وقال غيره : زرْعٌ مَسْقَوِيّ : إذا كان يُسْقى : إذا كان عِذْياً.
قال ذلك أبو عبيد ورواه في الحديث.
وأنكر أبو سعيد المسقويّ والمظمئيّ وقال : لا يعرف النحويّون هذا في النّسب.
أبو عبيد : أَسْقيت الرجلَ إسْقاءً : اغْتبتُه.
وقال ابن أحمر :
ولا عِلْمَ لِي ما نَوْطَةٌ مستكِنَّةٌ |
ولا أيُّ من عاديتُ أسقى سقائبا |
وقال شمر : لا أعرف قول أبي عبيد : أسقَى سِقائياً بمعنى اغتبتُه.
قال : وسمعتُ ابن الأعرابيّ يقول معناه : لا أدري مَن أوْعَى فيَّ الداء.
وقال أبو العباس : قال ابن الأعرابيّ : يقال : سَقَى زيدٌ عَمْراً ، وأسْتَقاه : إذا اغتابَه غِيبةً خَبيثة.
وقال غيره : المُساقاة في النخيل والكُروم على الثّلث والرُّبُع وما أشبهه.
يقال : ساقَى فلانٌ فلاناً نخلَه أكْرَمَه : إذا
دَفَعه إليه على أن يَغمرُه ويَسقيَه ويقوم بمصلحته من الإبار وغيره ، فما أخرج الله مِن ثمره فلِلعامل سَهْم من كذا وكذا سَهْماً ، والباقي لمالِكِ النخل. وأهل العراق يسمّونها المُعامَلة.
وقال أبو زيد : يقال : استسقَى بطنُه استسقاءً ، والاسم السّقي.
ويقال : استَقَى فلانٌ من الركية والنهرِ والدَّحْل استقاءً.
ويقال : أسْقيتُ فلاناً : إذا وَهبتَ له سِقاءً معمولاً ، وأسقيتُه : إذا وهبتَ له إهاباً ليَدْبغَه ويتَّخذه سِقاء.
وقال عمر بن الخطاب لرجل استفتاه في ظبي أصابه وهو مُحْرِم ، فقال : «خُذْ شاةً من الغنم فتصدقْ بلَحمِها واسقِ إهابها» ، أي : أَعْطِ إهابَها من يتخذه سِقاء.
وقال الليث : يقال للثوب إذا صبغتَه : سَقَيته مَنّاً مِن عُصْفر ونحو ذلك.
ويقال للرجل إذا كُرّر عليه ما يكرهُه مِرَاراً : سُقِّي قَلبُه بالعَداوة تَسقِيةً.
والمَسْقي : وقتُ السَّقْي ، والساقية مِن سَواقي الزرع : نُهيْرٌ صغير. والمِسقاةُ : لا يتَّخذ للجِرار والكيزان تُعلَّق عليه.
ومن أمثال العرب : «اسْق رَقاشِ إنَّها سَقّاية».
ويقال : «سقَّاءة» ، والمعنى واحد ، ويُجمع السِّقاء أسقيةً. ثم أساقٍ جمعُ الجَمع.
أبو عبيد عن الأصمعي : السَّقِيّ والرَّقِيُّ على فَعيل : سحابتان عظيمتَا القَطْر ، شديدتا الوَقْع.
قال أبو زيد : يقال : اللهم أَسقنا إسقاءً رِوَاءً ، وسقيتُ فلاناً ركيتين : إذا جعلتَها له. وأسقيتُه جَدْولاً من نهري : إذا جعلتَ له منه مَسْقًى وأشعبتُ له منه.
سوق : قال الليث : السَّوْقُ معروف ، يقول : سُقْناهم سَوْقاً.
وتقول : رأيتُ فلاناً يَسُوق سُووقاً ، أي : يَنزع نَزْعاً ، يعني الموتَ.
أبو عبيد عن الكسائي يقال : هو يَسُوقُ نفسَه ويفيظُ نفسَه ، وقد فاظت نفسُه وأفاظُه الله نفسه.
ويقال : فلانٌ في السِّياق ، أي : في النزع.
وقال الليث : السَّاق لكل شجرةٍ ودابة وإنسان وطائر ، وامرأة سَوْقاء تارَّة الساقين ذاتُ شعر ، والأسْوَق : الطويل عَظْم الساق والمصدر السَّوَق.
وأنشد :
قُبٌّ من التَّعدَاءِ حُقْبٌ في سَوَقْ
قال : والساق : الحمام الذكر.
أبو عبيد عن الأصمعي : ساقُ حُرٍ.
قال بعضهم : الذَّكر من القَمارى.
وقال شمر في قولهم : ساقُ حُرّ. قال بعضهم : الساق الحمام ، وحُرّ فَرْخُها.
وقال الهذلي يذكر حمامة :
تناجي ساقَ حُرَّ وظَلتُ أدعو |
تَليداً لا تُبين به كلاما |
قال : ساق حُرَّ ، حكى نداءها.
ويقال : ساقُ حُرّ صَوْتُ القُمْرى كأنَّه حكايةُ صوته.
وقال الليث : السُّوقُ : موضع البياعات.
وسوقُ الحَرْب : حَوْمة القتال ، والإساقة : سيرُ الرِّكاب للسُّروج.
وقال ابن شُميل : رأيت فلاناً في السَّوْقِ ، أي : في الموت ، يُساقُ سَوْقاً ، وإنَّ نفسَه لتُساق. وساق فلانٍ مِن امرأته ، أي : أعطاها مَهْرها ، وساقَ مَهْرها سِياقاً.
والسّياق : المَهْر.
وقال الليث : السُّوقَة مِن الناس ، والجميع السُّوَقُ : أوساطُهم.
وقال غيره : السُّوقة بمنزلة الرَّعيَّة التي يَسُوسُها الملَك ، سُمُّوا سوقةً لأنَّ الملوك يسوقونهم فينساقون لهم ، ويقال للواحد سُوقة وللجماعة سُوقة ، ويُجمع السُّوقة سُوَقاً.
وأما قوله جلّ وعزّ في قصة سليمان : (فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) [ص : ٣٣] ، فالسُّوق جمع السَّاق ، مِثل الدُّور لجمع الدار ، والمعنى أنه عَقَرها فضَرَب أعناقَها وسُوقها ، لأنها كانت سببَ ذنْبه في تأخير الصلاة عن وقتها ، يعني سليمان النبي عليهالسلام.
وقال الليث : الأياسق : القلائد ، ولم نَسمع لها بواحدٍ.
وأنشد :
وقَصِرْنَ في حَلَق الأياسِقِ عندهم |
فجَعَلْنَ رجْعَ نُباحِهنّ هَرِيرا |
وقال الله جل وعز : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) [القلم : ٤٢].
قال الفرَّاء : (عَنْ ساقٍ) : عن شدَّة.
قال : وأنشدني بعض العرب لجدّ أبي طرفة :
كشفت لهم عن ساقها |
وبَدا من الشَّرِّ البَرَاحْ |
وقال الزجاج في قوله : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) : عن الأمر الشديد.
قال : وأخبرني عبد الله بن أحمد عن أبيه عن غُندر عن شُعبة عن مغيرة عن إبراهيم قال : قال ابن عباس في قوله : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) : إنَّه الأمْر الشديد.
قال : وقال ابن مسعود : يوم يكشِفُ الرحمن عن ساقِه.
وقال أهلُ اللغة : قيل للأمر الشديد ساقٌ لأن الإنسان إذا دهمْته شدَّةٌ شمَّرَ لها عن ساقيه ثم قيل لكل أمرٍ شديدٍ يُتَشَمَّر له ساقٌ.
ومنه قولُ درَيْد :
كَمِيشُ الإزارِ خارجٌ نصفُ ساقِه
أرادَ أنَّه مشمِّر جادّ ، ولم يُرد خروجَ
الساق بعينها.
ويقال : قام فلانٌ على ساقٍ : إذا عُنِيَ بالأمر وتحزَّم له.
وقال الأصمعيّ : السَّيِّق من السحاب : ما طردتْه الرِّيحُ كان فيه ماءٌ أو لم يكن.
ويقال : لما سيقَ من النَّهْب فطُرِدَ سَيِّقَة ، وأنشد :
وهل كنتُ إلَّا مِثلَ سَيِّقةِ العِدَى |
إن اسْتَقْدَمَتْ نحرٌ وإنْ جبأَتْ عَقْرُ |
أبو عبيد : سُقْتُ الإنسان أسوقُه سَوْقاً : إذا أَصبتَ ساقه ، وتَسَاوَقَتِ الإبلُ تَسَاوُقاً : إذا تتابعتْ ، وكذلك تَقَاوَدَت فهي مُتَقاوِدة ومتساوِقةٌ ، والسوِيق معروف.
وقال أبو زيد : السُّوَّاق : الطويل السَّاق من الشجَر والزَّرع.
قال العَجاج :
بمُخْدِرٍ من المخاديرِ ذَكَرْ |
هَذَّكَ سَوَّاقَ الحَصادِ المختضَر |
الحَصاد : جمعُ الحَصادَة ، وهي بَقْلَةٌ بعينها يقال لها : الحصادة. والمختضَر : المقطوع.
يقال : خَضَرَه وخَدَرَه : إذا قطَعَه.
والمِخْدَرُ : القاطع. وسَيفٌ مِخْدَرٌ.
ابن السكيت يقال : وَلَدَتْ فلانةُ ثلاثة بَنِينَ على ساق واحدٍ ، أي : بعضُهم على إثر بعض ، ليس فيهم جارية.
وقوله : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ (٣٠)) [القيامة : ٣٠] ، أي : السوْق.
وسق : قال الله جلّ وعزّ : (فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨)) [الانشقاق : ١٦ ، ١٨].
قال الفرّاء في قوله : (وَما وَسَقَ) ، أي : وما جَمَع وضَمّ.
وأنشد :
مُسْتَوْسِقاتٍ لو يَجدْنَ سائقا
قال أبو عبيدة في قوله : (وَما وَسَقَ) ، أي : وما جمع من الجبال والبحار والأشجار ، كأنه جمعها بأَنْ طلعَ عليها كلّها.
عمرو عن أبيه : هو القمر والوبَّاص والطَّوْس ، والمتّسِق ، والجلَم ، والزّبرْقان ، والسِّنِمّار.
وقوله : (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨)) : اتِّسَاقُه : امتلاؤُه واجتماعُه واستواؤُه ، ليلةَ ثلاثَ عشرة وأربع عشرة.
وَقال الفرّاء : إلى ستَّ عشرة ، فيهنّ امتلاؤُه واتّساقه.
وقال الأصمعي : فَرَسٌ مِعْتاق الوَسيقة ، وهو الذي إذا طُرِد عليه طريدةٌ أنجاها ، وسبق بها الطلب.
وأنشد :
ألمْ أَظْلِف على الشُّعراء عِرْضِي |
كما ظُلِفَ الوسيقةُ بالكُراعِ |
سمّيت الطريدةُ من الإبل وسيقة لأنَّ طاردها إذا طردها وسقَها ، أي : جَمَعها
وقبضها ولم يَدَعْها تنشر عليه فيتعذّر عليه طردُها.
ويقال : وَاسقْتُ فلاناً مُوَاسَقةً : إذا عارضْتَه فكنتَ مِثلَه ولم تكن دُونَه.
وقال جندل :
فلستَ إنْ جاريْتنِي مُوَاسِقِي |
وَلستَ إن فَرَرْتَ منِّي سابقي |
والوِساق والمُوَاسَقة : المُناهَدة.
وقَال عديّ بن زيد :
وَندامى لا يَبْخلون بما نا |
لُوا ولا يُعْسِرون عندَ الوِساقِ |
ورُوي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ليس فيما دُون خمسةِ أوْسُقٍ من التَّمر صَدَقة».
والوَسْق : مكيلةٌ معلومة ، وهي سِتُّون صاعاً بصاعِ النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهو خمسةُ أرطال وَثُلُث. والوَسْقُ على هذا الحساب : مائة وستُّون مَنّاً.
وقال الزجّاج : خمسة أوْسُق هي خمسة عشر قفيزاً بالملجَّم ، وهو قفيزنا الذي يسمَّى المعدَّل. وكلُ وَسقٍ بالملجَّم ثلاثةُ أَقفزَة.
قال : وستون صاعاً أربعة وعشرون مَكُّوكاً ، وذلك ثلاثة أقفِزَة. ووَسَقْتُ الشيءَ أَسِقُه وَسْقاً : إذا حَمَلْتَه.
ومنه قول الشاعر :
كقابِضِ ماءٍ لم تَسِقْه أنامِلُه
أي : لم تحمله.
ثعلب عن سلمة عن الفراء قال : تقول العرب : إنَّ الليل لطويلٌ ولا يَسِقْ لي بالَهُ ، مِن وَسَق يسِق.
قال اللحياني : أي : لا يجتمع لي أمرُه.
قلت : ولا يسقْ جزم على الدعاء ، ومثله : إنّ الليل لطويل ولا يطل إلَّا بخير ، أي : لا طال إلا بخير.
أبو عبيد عن الأصمعي : يقال للطَّير الذي يُصفِّق بجناحَيْه : إذا طارَ هو المئساق ، وجمعهُ مآسِيق.
قلت : هكذا روي لنا بالهمز.
وقال الليث : الوسيقة من الإبل كالرُّفْقة مِن الناس ، ووَسيقة الحمار : عانَتُه.
قلت : الوسيقة : القطعَة من الإبل يطرُدُها السَّلَّال ، سميتْ وَسيقةً لأنَّ طارِدَها يقْبضها ويجمعها ولا يدعُها تنتشر عليه فلا تنْساقُ ويلحقُها الطلب.
وهذا كما يقال للسائق قابضٌ ؛ لأنَّ السلال إذا ساقَ قطيعاً مِن الإبل قبضها ثم طرَدَها مجتمعةً لئلَّا يتعذر عليه سَوْقُها ؛ لأنها إذا انتشرتْ عليه لم تتتابع ولم تطردْ على صَوْبٍ واحد.
والعرب تقول : فلانٌ يسوق الوسيقة ، وينسل الوديعةَ ، ويحمي الحقيقة.
وقال شمر : قال عطاء في قوله : «خمسة أوسق» هي ثلاثمائة صاع.
وكذلك قال الحسن وابن المسيب.
قال شمر : وأهل العربية يسمون الوسق الوِقْر ، وهي الوُسُوق والأوساق.
قال : وكلُّ شيءٍ حملته فقد وسقته.
ومن أمثالهم : «لا أفعل كذا وكذا ما وَسَقَتْ عيني الماءُ». ووَسَقَت الأتان : إذا حملتْ وَلداً في بطنها.
ويقال : وَسَقَت النخلة : إِذا حملتْ ، فإذا كثر حملها قيل : أَوْسَقَتْ ، أي : حملتْ وَسْقاً.
وقال لبيدٌ يصف نخيلاً مُوقَرَةً :
مُوسَقاتٌ وحُفَّلٌ أَبْكَارُ
واستوسق لك الأمرُ : إذا أمكنك ، وجَعل رُؤبة الوسق من كلِّ شيء فقال :
كأنّ وَسْقَ جندَلٍ وتُرْبٍ |
عَلَيّ من تنحيب ذاك النَّحْبِ |
باب القاف والزاي
ق ز (وايء)
زوق ، أزق ، زقا ، قزي ، قوز ، قزو ، [زيق].
زوق : قال الليث بن المظفر : أهل المدينة يسمون الزِّئبق الزاوُوق.
قال : ويدخل الزئبق في التصاوير ، ولذلك قالوا لكل مزيَّن مزوَّق.
أبو زيد يقال : هذا كتاب مُزَوَّر مُزَوَّق ، وهو المقوم تقويماً. وقد زَوَّر فلان كتابه وزَوَّقه : إذا قومه تقويماً.
ويقال : فلانٌ أثقل من الزاووق ، ودرهم مُزَوَّق ومُزَأْبق بمعنى واحد.
عمرو عن أبيه : الزَّوَقة : نَقَّاشو سَمَّان الرَّوافد والسَّمّانُ : تزاويق السقوف.
والطَّوقة : الطيور. والغَوَقة : الغِرْبان.
والقَوَقة : الدُّيوك. والهوقة : الهَلْكى.
حدثنا السعدي عن عليّ بن خشرم عن عيسى عن الأوزاعي عن حسان بن عطية قال : أبصر أبو الدرداء رجلاً قد زوّق ابنه فقال : زوِّقوهم ما شئتم فذلك أغوى لهم.
زيق : قال الليث : الزّيق زِيق الجَيب المكفوف قال : وزِيق الشياطين شيء يَطير في الهواء يسمِّيهُ العَرَب لُعابَ الشمس.
قلت : هذا تصحيف ، والصواب رِيق الشمس بالراء ، ومعناه : لُعاب الشمس ، هكذا حفظتهما عن العرب.
وقال الراجز :
وذابَ للشَّمس لُعابٌ فنَزَلْ
أبو عبيد عن أبي زيد : تزيَّقَت المرأة تزيُّقاً وتَزَيَّغَتْ تَزَيُّغاً : إذا ما تزيّنَتْ.
قزي : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : القَزْو : التقزُّز.
وقال اللِّحيانيّ : القِزْيُ : اللَّقَب.
يقال : بئس القِزْي هذا ، أي : بئس اللَّقَب.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أَقْزَى الرجلُ : إذا تَلَطَّخَ بعيْب بعد استواء.
قوز : قال الليث : القَوْز مِن الرَّمْل صغير مستديرٌ يُشبَّه به أردافُ النساء.
وأنشد :
ورِدْفُها كالقَوْزِ بين القَوْزَيْنْ
والجميع : أقواز وقيزانٌ.
قلتُ : وسَماعي مِن العرب في القَوْز أنه الرمْل المشرِف. وقال :
إلى ظُعُنٍ يَقْرِضْن أقوازَ مُشْرِفٍ
أزق : قال الليث : الأزْق : الضيِّق في الحَرْب ، ومنه المأزِق مفعِل من الأزْق وجمعُه المآزِق ، وكذلك المآقط.
زقا : قال الليث : زَقا المُكَّاء والدِّيكُ يَزْقو ويَزْقِي ، زَقواً وزُقوّاً وزُقيّاً وزُقاءً.
ورُوِي عن ابن مسعود أنه كان يقرأ : (إنْ كانت إلَّا زَقيةً واحدةً) ، والعامَّة تقرأ : (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) [يس : ٢٩].
ويقال : زَقوْتَ يادِيكُ وزَقيْتَ ، بالواو والياء.
قزو : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : القُزَةُ : لعبة لهم ، وهي التي تُسَمَّى في الحَضَر يا مُهَلْهِلَه هَلِلَه.
وروى عمرو عن أبيه أنه قال : القُزَة من أسماء الحيَّات.
وقال غيره : هي حيّة عَرْجاء بَتْراء ، وجمعُها قزَات.
وقرأت في «نوادر أبي عمرو» : المُتَوَقِّز : الذي يتقلَّب لا يكاد ينام.
العرب تقول : فلانٌ أثْقَلُ من الزَّوَاقِي ، وهي الدِّيَكة تزقو وقتَ السَّحَر فتفرق بين المتحابِّين. وإذا قالوا : أثقل من الزَّاوُوق ، فهو الزئبق.
باب القاف والطاء
ق ط (وايء)
قطا ، قوط ، طوق ، وقط ، أقط.
قطا : قال الليث : القطا : طيرٌ ، والواحدة قَطاةٌ ، ومَشْيها القَطْو والأقطيطاءُ.
يقال : اقطَوْطَت القَطاة تَقْطَوْطِي ، وأمَّا قَطَتْ تَقْطو فبعضٌ يقول : مِن مشيها ، وبعضٌ يقول : مِن صَوْتها ، وبعضٌ يقول : صَوْتُها القَطقطة.
أبو عبيد عن أبي عمرو : القَطْوُ : تقارُب الْخَطْو مِن النَّشاط ، وقد قَطا يقْطو ، وهو رجُلٌ قَطَوان.
وقال شمر : هو عندي قَطْوانُ بسكون الطاء.
وقال الليث : الرجل يقطَوْطى في مَشيه :
إذا استدارَ وتجمَّع. وأنشد :
يمشي مَعاً مُقْطَوْطِياً إذا مَشَى
قال : والقَطاة : موضع الرّدِيف مِن الدَّابة ، وهي لكلِّ خَلْق ، وأنشد :
وَكَسَتِ المرطَ قَطاة رَجْرَجَا
وثلاث قَطَوات.
قال : وتقول العرب في مَثل : «ليس قُطَكَ مِثلَ قُطي» ، أي : ليس النَّبيل كالدنيءِ.
وقال ابن الأسلت :
ليس قَطاً مِثلَ قُطَيٍ ولا ال |
مَرعيُّ في الأقوام كالراعِي |
وقال غيره : سمِّي القطا قَطاً بصوتها ، ومنه قول النابغة الذُّبياني :
تَدْعُو قَطَا وبه تُدْعَى إذا نُسِبتْ |
يا صِدْقَها حينَ تَدْعوها فتنتسِبُ |
وقال أبو وَجْزة يصف حميراً وردت ليلاً فمرتْ بقَطاً وأثارَتْها :
ما زِلْن يَنْسُبْن وَهْنا كل صادقةٍ |
باتت تُباشِر عُرْماً غيرَ أزواج |
أراد أن الحمير تمر بالقطا فتثيرُها فتصيحُ : قَطَا قَطَا ، وذلك انتسابُها.
ويقال : فلانٌ مِن وَطَاتِه لا يَعْرِف قطَاتَه من لطَاتِه ، يُضْرَبُ مثلاً للرجُل الأحمق الذي لا يَعرف قُبَلَهُ من دُبُرِه حُمْقاً.
أبو عبيدٍ عن الفراء : من أَمثالهم في باب التشبيه : «إنّه لأصدَقُ من قطَاةٍ» ، وذلك أنها تقول قطَا قطَا ، فتُدْعَى به.
ويقال أيضاً : «إنه لأدَلُّ من قطَاةٍ» ، لأنها تَرِدُ الماءَ ليلاً من الفَلَاةِ البعيدة.
وقال أبو تراب : سمعتُ الحُصَيْنِيّ يقول : تقطَّيْتُ عَلَى القوم وتَلَطَّيْتُ عليهم : إذا كانت لي عندهم طَلِبة لأخذتُ من مالهم شيئاً فسبقْتُ به.
قوط : قال أبو عبيد : قال أَبو زيد : القَوْطُ من الغَنَم : المائةُ فما زادت.
وقال الليث : القَوْط : قَطيع يسيرٌ مِن الغنم ، وجمعُه أقواط.
أقط : قال : والأَقِطُ : يتخذ مِن اللبن المَخيض ، يُطبخ ثم يُتْركَ حتى يَمْصُل ، والقِطعة منه أَقِطة.
وقال أَبو عبيد : لبَنتُهمْ ألبُنهم مِن اللّبن ، ولَبأتهُمْ ألبؤهم مِن اللِّبأ ؛ وأَقطتُهم من الأَقِطِ.
وقال الليث : الأَقِطَة : هَنَةُ دُونَ القبة مما يلي الكرِش.
قلت : وسمعتُ أعرابيّاً يسمِّيها اللاقطة ، ولعلّ الأقطة لغةٌ فيها.
والمأْقِط : المَضيق في الحرْب ، وجمعُه المآقِطُ.
وقط : الليث : الوَقط : موضعٌ يستنقع فيه الماءُ يُتَّخذ فيه حِياضٌ تحبِس الماءَ للمارّة ؛ واسمُ ذلك الموضع أجمعَ وقْطٌ ، وهو مثلُ الوَجْذ ، إلّا أنّ الوَقط أوسَعُ.
وجمعُه الوِقطان.
وقال رؤبة :
وأخلَف الوقِطانَ والمآجلا
ويجمع وِقاطاً أيضاً.
قال : ولغة بني تميم في جمعه الإقاط ، يصيّرون كلَّ واوٍ تجيء على هذا المثال أَلفاً.
وقال الأصمعي : الوَقط : النّقْرة في الجَبل يستنقع فيها الماءُ.
وقال أبو العميثل : جمعُه وِقاط.
أبو عبيد عن الأحمر : ضرَبَه فوَقطَه ، أي : صرَعَه صَرْعةً لا يقومُ منها ، والمَوْقوط : الصَّريع.
وقال ابن شُمَيل : الوَقيط والوَقيع : المكانُ الصُّلبُ الذي يستنقع فيه الماءَ فلا يرزأ الماءَ شيئاً.
طوق : قال الليث : الطَوْق : حليٌ يجعَل في العُنق وكلُّ شيءٍ استدار فهو طَوْق ، كطَوْق الرَّحَى الذي يُديرُ القُطْب ، ونحو ذلك.
وطائق كل شيء : ما استدار به مِن جَبَل وأَكمةٍ ، والجمع أَطواق.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الطائق : حَجَر ينشزُ من الجَبل وكذلك ما نشز من جال البئر من صخرة ناتئة.
وقال في صفة الغَرْب :
موقر من بَقر الرَّسائق |
ذي كُدْنةٍ على جِحاف الطائق |
أي : ذي قوة على مكادحة تلك الصخرة.
والطائق : إحدى خشبَاتٍ بطن الزَّوْرَق.
أبو عبيد : الطائق : ما بين كلّ خشبَتين من السفينة.
شمِر عن أبي عمرو الشيباني : الطائق : وسط السفينة.
وأنشد قول لبيد :
فالتامَ طائِقُها القديمُ فأصبحتْ |
ما إنْ يُقَوِّمُ دَرْأَها رِدْفان |
وقال الأصمعي : الطائِق : ما شَخَص من السَّفينة كالحَيْد الذي يَنْدُرُ مِن الحَبَل.
وقال ذو الرمّة :
قرْوَاءَ طائِقُها بالآلِ مَحزُوم
قال : وهو حَرْفٌ نادرٌ في القُنَّة.
وأخبرني المنذريّ عن الحزَنْبَليّ أنَّ عمر بن بُكَيْر أنشده :
بَنَى بالغمْرِ أرغُنَ مُشمَخِرّاً |
يُغَنِّي في طَوائِقهِ الحَمامُ |
قال : طَوائقُه : عُقُودُه.
قلت : وصَفَ قَصْراً شُرِّف بناؤه.
وطوائقه : جمع الطاق الذي يُعقَد بآجُرٍّ وحجارة ، وأصله طائق. ومثله الحاجة جُمعتْ حوائج. لأنَّ أصلها حائجة.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال : طُقْ طُق ، مِنْ طاقَ يَطُوقُ إذا طاقَ.
وقال الليث : الطَّوْق : مصدَرٌ مِن الطاقة.
وقال الراجز :
كل امرئٍ مجاهد بطوقهِ |
والثَّور يَحمِي أنفَه برَوقِه |
يقول : كلُّ امرئ مكلَّف ما أطاق.
والطَّوق : أرض سهلة مستديرة.
ويقال للكَرّ الذي يصعد به إلى النخل :
الطَّوق ؛ وهو البرْوَند بالفارسيَّة.
وقال الشاعر يصف نخلة :
وميّالة في رأسها الشَّحم والنّدى |
وسائرها خالٍ من الخير يابسُ |
|
تهيبها الفِتْيانُ حتى انبرى لها |
قصير الخُطى في طوقه متقاعس |
يعني : البروند.
قال الأزهري : يقال : طاقَ يَطوق طَوْقاً ، وأَطاقَ يُطيق إطاقة وطاقَةً ، كما يقال : طاعَ يَطُوعُ طَوْعاً وأطاعَ يُطيع إطاعةً وطاعةً.
والطاقة والطاعة اسمان يوضَعان موضع المصدر.
ورُوي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «مَن غَصَب جارَه شِبراً من الأرض طُوِّقَه من سَبع أرَضِينَ».
يقول : جُعِل ذلك طَوْقاً في عُنُقه.
قال الله جل وعز : (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [آل عمران : ١٨٠] ، يعني : مانعَ الزكاة يطوَّق ما بَخل به من حقّ الفقراء يومَ القيامة من النار ، نعوذ بالله منها.
ويقال : تَطوَّقت الحيّةُ على عنقه : إذا صارت كالطَّوْق عليه.
والطاقة : الشُّعْبة مِن رَيْحان أو شَعر أو قوّةٍ من الخَيْط.
والطاق : عَقْد البناءِ حيث كان ، وجمْعه أطواق.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : والطَّاق : الطَّيْلسان وأنشد :
يُمَشِّي بين خاتام وطاقِ
باب القاف والدال
ق د
(وا يء) قود ، قيد ، قدا ، وقد ، ودق ، دوق ، دقي.
قدا : قال الليث : القَدْو : أصل البناء الذي ينْشعِب منه تصريف الاقتداء.
ويقال : قِدْوُه وقُدوة لما يُقتَدَى به.
قال أبو بكر : القِدَى : جمع قِدْوة يكتب بالياء.
اللِّحياني عن الكسائيَّ يقال : لي بك قُدْوة وقِدوَة وقِدَة. ومثله حَظِيَ فلانٌ حِظْوَة وحُظْوة وحِظَةً ، ودارِي حِذْوَةِ دارك وحُذْوة وحِذَتُه.
وقال أبو زيد : يقال : قداً وأقداءٌ ، وهم الناسُ يتساقطون بالبلد فيقيمون به ويَهدَءون.
ثعلب عن ابن الأعرابي : القَدْوُ : القُدوم مِن السَّفَر. والقَدْوُ بالقُرْب.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أقدى : إذا استَوَى في طريق الدِين. وأَقدَى أيضاً : إذا أسَنَّ وبلغ الموت.
عمرو عن أبيه أقْدى : إذا قَدِم من سَفَر
وأقدَى : إذا استقام في الخبر.
وقال الليث : يقال : مَرّ بي يتقَدَّى به فَرَسُه ، أي : يَلزَم به سَنن السِّيرة. وتقدَّيتُ على دابّتي. ويجوز في الشِّعر : يَقْدُو به فرسُه.
أبو عبيد عن أبي زيد قال : أتتْنا قاديةٌ مِن الناس ، وهم أوّل من يَطرأُ عليك. وقد قَدَتْ فهي تَقْدِي قَدْياً.
قال : وقال أبو عمرو قاذية بالذال.
والمحفوظ ما قال بالدال. أبو زيد.
وقال أبو عبيد : قال أبو زيد : إذا كان الطَّبيخ طيّب الريح قلتَ قَدِيَ يَقدَى قَدًى وقَداةَ وقَداوَةً.
وقال الفراء : ذهبت قَداوَة الطعام : إذا أتى عليه وقتٌ يتغيّر فيه طعمه ورِيحه وطيبُه.
وقال أبو عمرو : قَدّاهُ بالطِّيب تقديةً : إذا خلط العُودَ بالعنبر والمسكِ ثمَّ جمَّرهم به.
أبو عبيد عن الفراء قال : القَدْيان والذَّمَيان : الإسراع. يقال منه : قَدَى يَقْدِي ، وذَمى يَذْمِي.
الأصمعي : بيني وبينة قِدَى قوس وقِيدُ قوس وقادُ قوس.
وأنشد الأصمعيّ :
ولكنَّ إقدامي إذا الخيلُ أحجمتْ |
وصَبْري إذا ما الموتُ كانَ قِدَى الشِبْرِ |
وقال الآخر :
وإني إذا ما الموتُ لم يك دونَه |
قِدَى الشِّبْر أحْمِي الأنفَ أن أتأخّرا |
قلتُ : قِدَى وقِيد وقاد ، كلُّه بمعنى قَدْرِ الشيء.
وقال أبو عبيد : سمعت الكسائي يقول : سِنْدَأوةٌ وقِنْدَأْوة ، وهو الخفيف.
وقال الفراء : هي من النُّوق الجَرِيئة.
وقال شَمِر : قِنْدَأوة يُهمَز ولا يُهمَز.
وقال أبو الهيثم : قِنْداوَةٌ فِنْعالة.
قلتُ : والنون فيها ليست بأصليّة.
وقال الليث : اشتقاقها مِن قَدَى والنونُ زائدة ، والواو فيها صِلَة ، وهي الناقة الصُّلْبة الشديدة ، وجَمَلٌ قِنْدَأْوٌ وسِنْدَأْو ، هَمزَهما واحْتَجَّ بأنّه لم يجئ بناء على لفظ قِنْدَأْو إلّا وثانيه نون ، فلمّا لم يجئ على هذا البناء بغير نون علمْنا أنّ النون زائدة فيها.
أبو عبيدة : مِنْ عَنَق الفرسِ التَّقَدِّي ، وتَقَدِّي الفرسِ : استعانتهُ بهاديه في مَشيه برفع يديه وقبْض رِجلِيه شِبْه الخَبب.
وقال ابن الأعرابي : القَدوة : التقدُّم.
ويقال : فلان لا يُقاديه أحدٌ ولا يُماديه ولا يُباريه ولا يُجاريه أحدٌ ، وذلك إذا بَرَزَ في الْخِلال كلِّها.
أبو عبيد عن أبي زيد : أقبِلْ على خَيدبتك ، أي : أمرك ، وخُذْ في هِدْيتك وقِديتك ، أي : فيما كنتَ فيه. قيّده
الإيادي في «كتابه» بالقاف : قِديتك.
قيد ـ قود : قال الليث : القَيد معروف ، والفِعل قَيِّده يقيِّده تقييداً. قال : وقَيد السيف هو الممدود في أصول الحمَائل تمسكه البَكرات. وقَيْد الرَّحْل : قيدٌ مضفورٌ بين حِنوَيهِ من فَوق ، وربَّما جُعل للسَّرجِ قَيْدٌ كذلك. وكذلك كلُّ شيء أُسِرَ بعضَهُ إلى بعض.
أبو عبيد عن أبي زيد : يقال للقِدَّة التي تَضُمّ عرْقُوتي الرَّحْل قَيْد.
وقال غيره : يقال للفَرَس الجواد الذي يَلحق الطّرائدَ من الوحْش قيد الأوابد.
والمعنى : أنه يلحق الوحش بجودته ، فكأنّها مقيّدة له.
وقالت امرأةٌ لعائشة : أأقيِّدُ جَمَلي؟ أرادتْ بذلك تأخيذَها إياه عن النساءِ غيرها.
فقالت عائشة لها بعد ما فَهمتْ مُرَادَها : وَجْهي من وجهكِ حَرَام.
وتقييد الخطّ : إحكامُه بالتنقيط والتعجيم.
أبو عبيد عن الأحمر : مِن سِمات الإبل قَيْدُ الفَرَس ، وهي سِمةٌ في أعناقها.
وأنشد :
كومٌ على أعناقها قَيْدُ الفَرَسْ |
تنجو إذا الليلُ تَدانَى والتبس |
وقال غيره : قُيود الأسنان : لِثاتُهَا.
وقال الشاعر :
لِمُرتجِّةِ الأردافِ هيفٍ خُصورُها |
عِذابٍ ثَنَاياها عِجاف قُيُودُها |
يعني اللّثاتَ وقلة لَحمِها.
أبو زيد : بيني وبينه قِيدُ رُمْح وقادُ رُمح.
وقال الليث : القَوْد : نقيض السّوْق ، يقودُ الدابّة من أمامها ويسوقُها من خَلْفِها.
والقِيادُ والمِقْوَدُ : الحَبْل الذي تُقاد به الدابة.
ويقال : إنَّ فلاناً سَلِس القياد.
ويقال : أعطيتُ فلاناً مَقادَتي ، أي : انقدْتُ له. والاقتياد والقَوْد واحد. والقائد مِن الجَبَل : أنْفُه. والقِيادة : مصدر القائد.
وكلُّ شيءٍ من جَبَل أو مُسَنَّاة كان مستطيلاً على وجه الأرض فهو قائد. وظَهَر من الأرض يَقُود ويَنقَاد ويتقاوَد كذا وكذا مِيلاً.
وفي الحديث : «قيَّدَ الإيمانُ الفتكَ» ، معناه : أن الإيمان يمنع عن الفتك بالمؤمن كما يَمنع ذا العَبَثُ عن الفساد قَيده الذي قُيِّد به.
والمِقود : خَيْط أو سَيْرٌ يُجعل في عُنُق الكلب أو الدابة يقاد به. والأقوَد من الدوابّ والإبل : الطويلُ الظَّهر والعُنُق.
قال : والأقْوَد من الناس : إذا أقبلَ على الشيء بوجهه لم يَكَدْ يَصرف وجهه عنه.
وأنشد :
إنّ الكريم مَن تلفّتَ حَوْله |
وإن اللئيم دائم الطَّرف أقوَدُ |
أبو عبيد عن الأصمعيّ : القَياديد : الطَّوال مِن الأتُن الواحد قَيْدُود.
وقال الكسائيّ : فرسٌ قَوُود بلا همز : الذي ينقاد. والبعير مِثلُه.
وقال ابن شميل : الأقود من الخَيل : الطويل العُنُق العظيمة.
وقال الليث : القَوَدُ : قَتل القاتل بالقتيل تقول : أقدْتُه واسْتَقَدْتُ الحاكِم.
وإذا أَتَى الإنسان إلى آخِرَ أمراً فانتقَم منه مِثلها قيل : استَقادها منه.
أبو عبيد عن الأحمر : فإنْ قَتَلَه السلطان بقَوَدٍ قيل : أقادَ السلطان فلاناً وأقصَّه.
ويقال : انقاد لي الطّريقُ إلى موضع كذا انقياداً : إذا وَضحَ صَوْبُه.
وقال ذو الرمة يصف ماءً ورَدَه :
تَنزَّلَ عن زِيزائه القُفُّ وارتَقَى |
عن الرَّمْل وانقادت إليه المَوارِدُ |
قال أبو نصر : سألت الأصمعيَّ عن معنى قوله : ... «وانقادت إليه الموارد» ، فقال : تتابعت إليه الطُرُق.
والقائدة من الإبل : التي تَقدَّمُ الإبلَ وتألَفها الأَفْتاء.
قال : والقَيِّدة من الإبل : التي تقاد للصَّيد يُخْتَلُ بها ، وهي الدَّرِيّة.
وأَقادَ الغَيْثُ فهو مُقِيدٌ : إذا اتَّسع.
وقال ابن مُقبل يصف الغَيْث :
سَقَاها وإن كانت علينا بخيلةً |
أَغَرُّ سِماكيٌّ أَقَاد وأَمْظرا |
وَقال غيره : أقاد ، أي : صار له قائدٌ من السحاب بين يديه كما قال ابن مُقبِل أيضاً :
له قائدٌ دُهْم الرَباب وخَلْفَه |
رَوَايا يُبَجِّسْنَ الغَمامَ الكَنَهْوَرَا |
أراد له قائدٌ دُهمٌ رَبابُه ، فلذلك جَمَعَه.
والقائدة : الأَكَمَة تمتَدُّ على وجه الأرض.
والقَوْد من الخيل : التي تُقاد بمقاوِدها ولا تُركَب ، وتكون مُودَعةً معدّةً لوقت الحاجة إليها.
يقال : هذه الخيل قَوْدُ فلانٍ القائد.
وجمعُ القائد قادَةٌ وقوّاد.
وهو قائدٌ بيِّن القيادة.
أبو عبيد : القياديد : الطِّوال من الأتنُ ، قَيدودة. وأنشد :
له الفرائسُ والسُّلْب القياديدِ
ابن بُزرج : تُقَيِّد : أرضٌ حمِيضَة ، سُمِّيتْ تُقيِّد لأنَّها تقيِّد ما كان بها مِن المال يَربَّعُ فيها ، مُخْصِبةٌ لكثرة خَلّتها وحَمْضِها.
وقد : قال الله جل وعز : (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) [البقرة : ٢٤].
وقال : (النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (٥)) [البروج : ٥].
وقرئ : الوُقود.
وقال الزّجاج : الوقود : الحطب ، وكل ما أوقدَ به فهو وَقود.
والمصدر مضموم ويجوز فيه الفتح.
قد رَوَوْا : وقدت النارُ وَقوداً مثل : قبلت الشيءَ قبولاً ، فقد جاء في المصدر فَعول والباب الضم.
قال الأزهري : وقوله : (النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ) معناه : التوقُّد فيكون مصدراً أحسن من أن يكون الوقود بمعنى الحطب.
وقال ابن السكيت : الوُقُود ، بالضم : الاتّقاد.
يقال : وَقَدَت النارُ تَقِدُ وُقُوداً ووَقَداناً ووَقْداً وقِدَةً.
ويقال : ما أجوَدَ هذَا الوَقودِ للحطب.
قال الله : (وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) [آل عمران : ١٠].
ويقال : وَقَدتِ النارُ تَقدِ وَقُوداً ووُقوداً ، وكأنّ الوقود اسمٌ وضع موضعَ المصدر.
وقال الليث : ما تَرَى من لهبها ، لأنه اسم ، والوقود المصدَر.
والمَوْقد : موضع النار وهو المستوقَد.
وزَنْدٌ مِيقادٌ : سَريع الوَرْيِ. وقَلبٌ وَقّاد : سريعُ التوقُّد في النشاط والمضاء.
وكل شيء يتلألأ فهو يَقِد ، حتَّى الحافر إذا تلألأ بَصِيصُه.
وقال الله جل وعز : (كوكب دُرّيّ تَوَقَّدَ مِن شجرة مباركة) [النور : ٣٥].
وقرئ : (تَوَقّدُ) ، و (تُوقَّدُ) ، و (يُوقَدُ).
قال الفراء : مَن قرأ (تَوقَّدَ) ذَهب إلى المصباح.
ومَن قرأ (تُوقَد) ذَهب إلى الزُّجاجة ، وكذلك مَن قرأ (تَوَقَّدُ).
ومن قرأ (يُوقَدُ) بالياء ذهب إلى المصباح.
وقال الليث : من قرأ (تَوقَّدُ) فمعناه تتوقّد وردّه على الزُّجاجة.
ومَن قرأَ (يُوقَدُ) أخرجه على تذكير النور.
ومَن قرأَ (تُوقَد) فَعَلَى معنى النار إنها توقد مِن شجرة.
ويقال : أوقَدْتُ النار واستَوقَدْتُها إيقاداً واستيقاداً ، وقد وقَدِت النارُ وتوقّدَتْ واستَوْقَدَت استيقاداً أيضاً.
والعَرَب تقول : أَوقدْتُ للصِّبَا ناراً ، أي : تركته ووَدّعْتُه.
وقال الشاعر :
صَحَوْتُ وأوقَدْتُ للجهل ناراً |
ورَدَّ عليَّ الصِبا ما استعارا |
وقال : سمعت بعض العرب يقول : أبعد الله فلاناً وأوقَدَ ناراً أثرَه ، ومعناه : لا رجَعَه الله ولا رَدَّه.
أخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : مِن دعائهم : أبْعَدَه الله وأَسحَقَه.
وأَوْقَدَ ناراً أثره.
قال : وقالت العُقَيليَّة : كان الرجُل إذا خِفْنا شَرَّه فتحوَّلَ عنّا : أوقَدْنا خلفَه ناراً.
قال : فقلت لها : ولم ذلك؟ قالت : لتحوّل ضَبُعهم معهم ، أي : شرّهم.
دقي : قال الليث : فَصيلٌ دَقٍ ، وهو الذي يكثِر اللبن فيَفْسُد بطنُه ويَكثُر سَلْحُه.
والأنثى دَقِيَة ، والفِعْل دَقِيَ يَدْقى دَقًى ، وهو في التقدير مِثل فَرِحٌ وفرِحَة ، فمن أدخَل فَرْحان على فَرح قال : فَرْحان وفَرْحَى. وقال على مثاله : دَقْوَان ودَقْوى.
أبو عبيد عن الكسائي : دَقِي الفَصِلُ دَقًى ، وأُخِذَ أخذاً : إذا أكثرَ مِن اللَّبن حتَّى يفسُد بطنُه ويَبشَم.
وقال الأصمعي في الدَّقى مثله.
ودق : قال الليث : الوَدْق : المَطَر كلُّه شديدهُ وهيّنُه.
ويقال للحَرْب الشديدة ذات ودَقيْن ، تشبَّه لسحابةٍ ذاب مَطْرتين شديدتين.
ويقولون : سحابةٌ وداقة ، وقلما يقولون : ودَقَتْ تَدِق.
وقال غيره : يقال للداهية ذاتُ وَدَقَيْن.
قال الكميت :
إذا ذاتُ وَدْقيْن هابَ الرُّقا |
ةُ أن يَمسَحوها وأنْ يتْفُلُو |
وقيل : ذات وَدْقين مِن صفةِ الحيّات.
ويقال : ذات وَدْقين مِن صفة الطّعنة.
وقال الليث : الوَديقة : حَرُّ نصف النهار.
والمَوْدِق : مُعْتَرك الشرّ.
أبو عبيد عن الأصمعيَّ : الوديقة : شِدَّة الحرّ.
وقال شمر : سمِّيتْ وَدِيقةً لأنّها وَدَقَتْ إلى كل شيء ، أي : وَصَلَتْ.
وقال ابن الأعرابي : يقال : فلانٌ يحمي الحقيقة ويَنسِل الوَديقة ؛ يقال ذلك للرجل القويّ المُشمِّر ، أي : يَنْسِل نَسَلاناً في شدة الحرّ لا يُباليها.
وقال أَبو عبيدٍ في باب استخذاء الرجل وَخضوعِه واستكانته بعد الإباء. يقال : وَدَقَ العَيْرُ إلى الماء ، يقال ذلك للمستخذِي الذي يَطلب السِّلْمَ بعدَ الإباء.
وقال : وَدَقَ ، أي : أَحَبَّ وأَرادَ واشتَهَى.
أبو عبيد : يقال : لكلِّ ذاتِ حافرٍ إذا اشتهت الفَحْلَ. قد استَوْدَقَتْ وودَقَتْ تَدِق وَدْقاً وُوُدوقاً.
وقال ابن السكيت : قال أَبو صاعدٍ الكلابيّ : يقال : وَدِيقة من بَقْل ومِن عُشْب ، وَحَلُّوا في وَدِيقةٍ منكَرة.
وقال الليث : يقال : أتانٌ وَدِيقٌ وَبغلةٌ وَدِيق ، وقد وَدَقَتْ تَدِق وِداقاً : إذا حَرَصَتْ على الفَحْل. ووَدَقَ الصَّيدُ يَدِقُ وَدْقاً : إذا دنا منك.
وقال ذو الرمة :
كانت إذا وَدَقَتْ أمثالهُن له |
فبعضُهنّ عن الأُلَّاف مشتعِبُ |
ويقال : مارَسْنا بني فلانٍ فما وَدَقُوا لنا بشيء ، أي : ما بَذَلوا ، ومعناه : ما قَرَّبوا لنا شيئاً مِن مأكول أو مشروب ، يَدِقُون وَدْقاً.
الأصمعيّ : يقال : في عَيْنه وَدْقة خفيفة : إذا كانت فيها بَثْرةٌ أو نُقْطة شَرِقةٌ بالدم.
وقد وَدَقتْ عينُه تِيدَقُ وَدَقاً.
وقال رؤبة :
لا يَشتَكِي عينيه مِن داءِ الوَدَق
ويقال : وَدَقتْ سُرّتُه تَدِق وَدْقاً : إذا سالت واسترخت. ورجل وادقُ السُرَّة : شاخِصُها.
دوق : أبو عبيد : هو مائق دائق ، وقد ماقَ يَمُوق وداقَ يدُوق ، مَواقةً وَدَواقةً ومُؤوقاً ودُؤوقاً.
وقال أبو سعيد : داقَ الرجلُ في فِعلِه وداك يَدُوقُ وَيَدُوك : إذا حَمُق. ومالٌ دَوْقَى ورَوْبَى ، أي : هَزْلَى.
باب القاف والتاء
ق ت
(وا يء) قتا ، قوت ، وقت ، توق ، تيق ، تقي ، تأق.
قتا : قال الليث : القَتْو : حُسْنُ الخِدمة.
تقول : هو يَقْتُو الملُوك ، أي : يَخدمُهم :
إني امرؤٌ مِن بني خُزَيمة لا |
أحْسِنْ قتْوَ المُلُوك والخَبَبا |
والمَقَاتيَة هم الخُدَّام ، والواحد مَقْتَوِيّ ، وإذا جُمع بالنوق خُفِّفتْ الياء مَقْتَوون وفي الخفض والنصب مَقْتَوِين ، كما قالوا أشقرِين. وأنشد :
مَتَى كنّا لأمِّكَ مَقْتَوِينا
وقال شمر : المَقْتَوُون : الخَدَم ، واحدهم مَقْتَوِيّ. وأنشد :
أرَى عَمرو بن صِرْمةَ مَقْتَوِيّاً |
له في كل عامٍ بَكْرَتانِ |
قال : ويروى عن المفضل وأبي زيد أن أبا عَوْنٍ الحِرمازيّ قال : رجلٌ مَقْتَوِين ورجلانَ مَقْتَوِينٌ ، وكذلك المرأة والنساء ، وهم الذين يَخدُمون الناس بطعام بطونهم.
قال الكيمت : وقال أبو الهيثم : يقال : فَتَوْتُ الرجلَ فَتْواً ومَقْتى ، أي : خَدَمتهُ ثم نسبوا إلى المقْتَى فقالوا : رجل مَقْتَوِيّ ، ثم خفّفوا ياءِ النسبة فقالوا : رجلٌ مَقتَوٍ ورجالٌ مَقْتَوُون ، الأصل مَقْتَوِيون.
ثعلب عن ابن الأعرابي : القَتْوَة : النميمة.
قلتُ : أَصلُها القَتَّة.
قوت : قال الليث : القُوت : ما يمسك الرَّمَق من الرِّزق والقَوْت مصدرُ قولك : قاتَ يَقُوتُ قَوْتاً ، وأنا أقُوتُه ، أَي : أَعُولُه برِزْق قليل.
وإذا نَفَخَ نافخٌ في النار تقول له : أنْفُخ
نفخاً قَوِيّاً. واقتَتْ لها نفخكَ قِيتةً ، يأمره بالرِّفق والنّفخ القليل.
لقول ذي الرُّمّة :
فقلتُ له خُذها إليك وأَحْيِها |
برُوحِكَ واقتَتْهُ لها قِيتةً قَدْرا |
وقال الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) [النساء : ٨٥] ، المُقِيتُ : المقتدِر والمقدِّر ، كالذي يُعطِي كلَّ رجلٍ قُوتَه.
وجاء في الحديث : «كَفَى بالرجُل إثماً أن يضيِّع مَنْ يَقُوت» و «يُقِيت».
وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : وحَلَفَ العُقَيْلِيّ يوماً فقال : «لا وقائتِ نَفَسِي القَصير» قال : هوَ مِن قوله :
يَقْتاتُ فضْلَ سَنامها الرَّحْلُ
قال : والاقتيات والقُوتُ واحد.
قلت : معنى قوله : «وقائتِ نَفَسي» أراد بنَفَسه رُوحَه ، والمعنى : أنّه يَقْبِض رُوحَه نَفَساً بَعد نفَسٍ حتى يَتوفّاه كلّه.
وقوله :
يَقْتاتُ فضْلَ سَنامها الرَّحْلُ
أي : يأخذُ الرَّحْلُ وأنا راكبُ شَحْمَ سَنامِ هذه الناقةَ قليلاً قليلاً حتى لا يَبقَى منه شيءٌ ، لأنه يُنْضِيها.
وقال الزجاج في قوله وجلّ وعزّ : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً).
قال : قال بعضهم : المُقِيتُ : القَدِير.
وأنشد الفرّاء :
وذي ضغن كففت النفسَ عنه |
وكنتُ على إساءَته مُقيتا |
أي : مقتدراً. وقيل : المُقيتُ : الحفيظ.
وقال أبو إسحاق : هو عندي بالحفيظ أشبَه ، لأنَّه مُشتقّ من القَوْت.
يقال : قُتُ الرجلَ أقوتُه قَوْتاً : إذا حَفِظْتَ نفْسَه بما يَقُوتُه. والقُوتُ : اسمُ الشيء الذي يَحفظ نفْسه ولا فضلَ فيه على قَدْر الحِفظ.
فمعنى الْمقِيت ، والله أعلم : الحَفيظ الذي يُعطِي الشيءَ قَدْرَ الحاجة مِن الحفظ.
وأنشد :
أَلِيَ الفضلُ أم عليَّ إذا حُو |
سبتُ إنِّي على الحساب مُقيتُ |
وقال أبو عبيدة : المقيت عند العرب : الموقوف على الشيء. وأنشد هذا البيت.
وقال آخر :
ثم بعدَ المماتِ ينشرني من |
هو على النشْرِ يا بُنيَ مُقيتُ |
أي : مقتدر.
وقت : قال الليث : الوَقْتُ : مقدارٌ من الزمان. وكلُّ شيءٍ قَدَّرْتَ له حِيناً فهو موَقّت ، وكذلك ما قدَّرْتَ غايتَه فهو موَقَّت. والميقات : مَصْدَرُ الوقت.
والآخرة ميقاتٌ للخلْق ، ومواضع الإحرام مواقيت الحاجّ ، والهلال مِيقات الشهر ، ونحو ذلك كذلك.
وقال الله جلَّ وعزّ : (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١)) [المرسلات : ١١].
قال الزجاج : جُعل لها وَقت واحدٌ للفصل في القضاء بين الأمة.
وَقال الفرّاء : جُمعتْ لوقتها يومَ القيامة.
قال : واجتَمع القرَّاء على همزها ، وهي في قراءة عبد الله : (وقِّتَتْ) ، وقرأها أبو جعفر المدنيّ : (وُقِتَتْ) ، خفيفةً بالواو ، وإنّما هُمزتْ لأنَّ الواو إذا كانت أوَّلَ حَرْفٍ وضُمّتْ هُمزَتْ.
من ذلك قولُك : صَلَّى القَوْمُ أُحْدَاناً.
وأنشدني بعضهم :
يحُلُّ أُحَيْدَهُ ويقالُ بَعْلٌ |
ومِثْلُ تموُّلٍ منه افتقارُ |
ويقال : هذه أُجُوهٌ حِسانٌ بالهمز ، وذلك لأنَّ ضمة الواو ثقيلة ، كما كانت كسرة الياء ثقيلة.
ويقال : وقتٌ مَوْقوتٌ ومُوَقَّت.
قال الله : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) [النساء : ١٠٣] ، أي : كُتِبَتْ عليهم في أوقات مُؤقّتة.
توق : ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : المتَوَّقُ : المتَشَهَّى. قال : والمُبَوَّق : الكلام الباطل.
وقال الليث : التَّوْقُ : تؤوق النَّفس إلى الشيء ، وهو نِزاعُها إليه. تَاقتْ إليه نفْسي تَتُوقُ تَوْقاً وتؤوقاً. نفْسٌ تَوَّاقةٌ : مُشْتاقةٌ.
وأنشد الأصمعي :
جاء الشتاءُ وقمِيصي أَخْلاق |
شراذِمٌ يضحكُ مني التَّوَّاق |
قال : التّواق : الذي تَتُوقُ نفسُه إلى كلِّ دَناءَةٍ.
وقيل : التَّوَّاق اسم ابنه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التَّوَقَةُ : الخُسَّف جمعُ خاسِف ، وهو الناقةُ.
وقال أبو عمرو مثله. قال : والتّوْق : نَفْس النّزع.
قال : والتُّوق : العَوَج في العَصا وغيرِها.
* تاق : قال الليث : التَّأَق : شِدَّةُ الامتلاء.
يقال : تَئِقَت القِرْبة تَتْأَق تَأَقاً ، وأتاقَها الرجُل إتآقاً. وتَئِقَ فلانٌ : إذا امتلأَ حُزْناً وكاد يبكي ، وأَتأَقتُ القَوْسَ : إذا شَدَدْتَ نَزْعَها فأغْرقت السهم.
وقال الأصمعي تقول العرب : «أنا تئق ، وأخي مئق ، فكيف نتّفق».
يقول : أَنا مُمتلئٌ من الغيظ والحزن ، وأخي سريع البُكاء فلا يكاد يقع بيننا وِفاق.
تقي : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التُّقاة وَالتقيَّة والتقوَى والاتِّقاءُ كلُّه واحدٌ.
قال أبو بكر : رجلٌ تقيٌ معناه : أنّه مُوقِّ نفسَه من العذاب بالعمل الصَّالح. وأصله من وقيت نفسي أقيها.
قال النحويُّون : الأصل فيه وَقُويٌ ، فأَبدلوا من الواو الأولى تاء كما قالوا مُتَّزِر وَالأصل فيه مُوتزر ، وأبدلوا من الواو الثانية ياء وأدغموها في الياء التي بعدها وكسروا القاف لتصبح الياء.
وقال أبو بكر : الاختيار عندي في تقيٍ أنه من الفعل فعيلٌ مُدغم ، فأدغمت الياء الأولى في الثانية ، الدليل على هذا جمعُهم إيَّاه أتقياءِ ، كما قالوا وليّ وأَوْلياء.
ومن قال : هو فعولٌ قال : لما أشبَه فعيلاً جمع كجمعه.
وأخبرني المنذريُّ عن الحرَّاني عن ابن السكيت قال : يقال : اتّقاه لحقّه يتَّقيه ، وتَقاه يَتَّقيه.
وأنشد :
زيادتُنا نُعمانَ لا تنسَيْنها |
تَقِ اللهَ فينا والكتابَ الذي تتلو |
وقال آخر :
ولا أَتْقِي الغَيُورَ إذا رآني |
ومِثلي لِزَّ بالحَمِسِ الرَّبِيسِ |
وقال الأصمعيّ : أنشدني عيسى بن عمرو :
جلاها الصَّيْقلون فأَخْلَصُوهَا |
خِفافاً كلُّها يَتْقى بأَثْرِ |
أي : كلها يستقبلك بفِرِنْدِه.
قلت : اتَّقَّى كان في الأصل اوْتقى ، والتاء فيها تاء الافتعال ، فأُدْغِمَتْ الواوُ في التاء وشُدِّدَتْ فقيل : اتَّقَى ثم حذفوا ألفَ الوَصْل والواو المنقلبة تاء فقيل تَقَى يَتَقِي بمعنى تَوَقَّى.
وإذا قالوا : تَقِيَ يَتْقَى فالمعنى أنه صار تقيّاً.
ويقال في الأول تقى يَتقَى ويَتْقِي.
وأخبرني المنذري عن أبي العباس : أنه سمع ابن الأعرابي يقول : واحدُ التُّقى تقاةٌ ، مِثل طلاه وطُلى. وهذان الحرفان نادران.
قلت : وأصل الحرف وَقَى تِقِي ، ولكن التاء صارت لازمةً لهذه الحروف فصارت كالأصلية ، ولذلك كتبتُها في باب التاء.
والتَّقوى : اسم ، وموضع التاء واو ، أصلها : وَقْوَى وهو فَعْلَى من وقَيْت.
وقال أبو العباس في قول الله جل وعز : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) [آل عمران : ٢٨] ، وقرأ حُميد : (تقِيَّةً) ، وهو وجهٌ إلَّا أنّ الأُولى أشهر في العربية.
والتُّقي يكتب بالياء.
وقال الشاعر :