تهذيب اللغة - ج ٩

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٩

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥١

وقال لبيد :

جُنوحَ الهالكيّ على يدَيْه

مُكِبّاً يَجتلي نُقَب النِّصالِ

وقد نَقِبَ خُفُّ البعير ينقب نَقباً : إذا حَفِيَ حتى ينخرق فِرْسِنُه ، فهو نَقِب.

وقال ابن بُزُرج : ما لَهمْ نقيبة ، أي : نَفاذ رأي.

وقال شمر : النقيبة : النَّفْس ؛ فلان ميمون النَّقيبة : إذا كان مظفّراً.

وقال ابن بزرج ما ذكرنا.

ثعلب عن ابن الأعرابي : فلانٌ ميمون النقيبة والنَّقيبة ، أَي اللون ، وَمنه سمِّي نِقابُ المرأَة لأنه يَستُر نِقابَها ، أي : لونَها بلون النِّقاب.

وقال الليث : النَّقيبة : يُمْنُ العَمَل ، إنّه لمَيْمون النقيبة ، إذا كان مُظفّراً.

قال : والمَنْقَبة : كَرمُ العَمَل يقال : إنّه لكريم المَناقب من النَّجدات وغيرها.

قال : والنَقيبة مِن النُّوق : المؤتزِرة بضَرْعها عِظَماً وحُسْناً ، بيِّنة النَقابة.

قلتُ : صحَّف الليث النَّقيبة بهذا المعنى ، وإنَّما هي الثَّقيبَة بالثاء ، وهي الغزيرة من النوق.

وقال غيره : إنَّ عليه نُقْبةً ، أي : أثراً ، ونُقْبة كلِّ شيء : أثره وهيئتُه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أنقَب الرجلُ : إذا سار في البلاد. وأنقَب : إذا صار حاجباً. وأنقَب : إذا صار نقيباً.

قال : والنُّقْب : الطَّريق في الجبل ، وجمعه نِقبة ومِثله الجُرْف وجمعُه جِرفة.

قال : والنّقّاب : البَطن ، يقال في المَثل في الاثنين يتشابهان : «فَرْخانِ في نِقاب».

قال : والنقيب : المزمار. والنَّقيب : الرئيس الأكبر.

بنق : أبو عبيد : البَنيقة من القميص : لَبنَتُه ، وجمعُها بقانق.

وأنشد :

يضُمّ إليَّ الليلُ أطفالَ حُبِّها

كما ضَمَّ أزرارَ القَميصِ البنائقُ

في «النوادر» : بنّق فلانٌ كذبة حَرْشاء ، وبوّقها ، وبلّقها : إذا صنعَها وزوّقها.

قالوا : وبنّقته بالسوط وبلّقته ، وقوَّبته ، وحوَّبته ، ونتقته ، ولفّقته : إذا قطعته.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : بَنَّقَ فلانٌ كلامَه ، أي : جَمَعه وسوّاه ، ومنه بَنائق القميص ، أي : جَمْعُ شيء إلى شيء ، وقد بَنّقَ كتابَه.

وقال الليث في قوله :

قد اغتدى والصبح ذو تَبنيق

ويُروَى : «ذو بَنيق». قال : شبَّه بياضَ الصبح ببياض البَنيقة.

وقال ذو الرّمة :

دَياجِمُها مبنوقةٌ بالصَّفاصِفِ

مبنوقة : موصولةٌ بها ، أُخذ من البَنيقة.

١٦١

وقال أبو النجم :

إذا اعتَقَاها صَحْصَحانٌ مَهْيَعُ

مُبَنقٌ بآلِه مُقنَّعُ

قال الأصمعي : قوله مبنَّق ، يقول : السّرابُ في نواحيه مقنَّع قد غُطِّيَ كلُّ شيء منه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أَبنَق وبَنق وبنَّقَ ، ونبَّق وأنْبَقَ ، كلُّه إذا غَرَسَ شِراكاً واحداً مِن الودِيِّ. فيقال : نخلٌ مُنَبِّق ومُبَنق.

نبق : قال الليث : النَّبِق : حَمْل السِّدْر.

عمرو عن أبيه : النَّبِق : دقيق يَخرج من لُبِّ جذع النخلة حلوٌ يُقَوَّى بالصقْر ثم يُنْبذ فيكون نهايةً في الجودة ، ويقال لنبيذه : الضرِيّ.

أبو عبيد عن الأصمعي : المنبِّقُ من النخل المصطفُّ على سطرٍ مستَوٍ. وأنشد :

كنخلٍ من الأعراض غير منبِّقِ

ورُوِي غير مُنبَّق.

وقال شمر : قال المفضل في قوله غير منبق : غيرُ بالغٍ.

أبو عبيد عن أبي زيد : إذا كانت الضَّرْطة ليست بشديدة قيل : أنبَق بها إنْباقاً.

سلمة عن الفراء : النُّبَاقى مأخوذ من النُّباق ، وهو الحُصاص الضّعيف.

وقال زائدة البكريّ وحَتْرَشٌ ، فيما رَوَى أبو تراب عنهما : هو يَنتبِق الكلامَ انتباقاً وينتَبِطُه ، أي : يَستخرجه.

ق ن م

قنم ، قمن ، نقم ، نمق : مستعملة.

نقم : قال الله جلّ وعزّ : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللهِ) [المائدة : ٥٩].

قال أبو إسحاق : يقال : نَقَمْتُ على الرجل أنقِم ، ونَقِمْتُ عليه أنقَم ، والأجود نَقَمْتُ أنقِم ، وهو الأكثر في القراءة.

قال الله : (وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ) [البروج : ٨].

قال : ومعنى : نَقَمتُ : بالغْتُ في كَراهة الشيء.

وقال ابن الرّقيات :

ما نَقَموا مِن بني أميّة إل

لَا أنّهم يَحلُمون إن غضبوا

يروى بالفتح والكسر نَقَموا ونَقِموا.

وقال الليث يقال : لَم أرْضَ منه حتى نَقَمْتُ وانتَقَمْت : إذا كافأه عُقوبةً بما صَنَع.

وقال :

نقود بأرسان الجياد سَرَاتنا

ليَنقِمنَ وِتراً أو ليدفَعْنَ مَدفَعا

يقال : نَقم فلانٌ وِترَه ، أي : انتقم.

قال أبو سعيد : معنى قول القائل : «مثلي مثل الأرقم ، إن يُقتَلْ ينقَم ، وإن يُتركَ يلقم». قوله : إن يقتل ينقم ، أي : يثأر به.

١٦٢

قال : والأرقم : الذي يشبه الجانّ ، والناس يتقون قتله لشبهه بالجانّ. والأرقمُ مع ذلك من أضعف الحيات وأقلّها عضّاً.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : النِّقمة : العقوبة.

والنِّقمة : الإنكار.

قال : وقوله : (هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا) [المائدة : ٥٩] ، أي : هل تُنْكرون.

قلتُ : يقال : النَّقِمة والنِّقْمة : للعقوبة.

وناقم : تمرٌ بعُمانَ. وناقِم : حيٌّ من اليَمن.

نمق : قال الليث : يقال : نمَّقتُ الكتاب تنميقاً : إذا حسنتَه وجَودْتَه ، ولو قيل بالتخفيف لحسُنَ.

أبو عبيد عن أبي زيد : نَمَقْتُه أنمقُه نَمقاً ، ولمقتُه ألمُقُه لمقاً.

قال أبو عبيد : ويقال : نَمَّقْتُ الكتاب ونَبَّقْتُه ، ونَمَقْتُه واحد.

وقال شمر : بَنَّقْتُه مقلوب من نَبقْتُه.

وقال الأصمعيُّ : يقال للشيء المرْوِح فيهِ نَمقَهُ وزَهْمَقَهُ ونَمَسهُ.

قمن : رُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إني قد نُهيتُ عَنِ القراءة في الركوع والسجود.

فأما الركوع فعظِّموا الله فيه ، وأما السجود فأكثروا فيه من الدُّعاء ، فإنّه قَمِنٌ أن يستجاب لكم». قال أبو عبيد : قوله : قمنٌ كقولك جَديرٌ وحَرِيٌّ أن يُستجاب لكم.

يقال : فلانٌ قَمِنٌ أن يفعل ذلك. وقمينٌ أن يفعل ذلك فمن قال قمِنٌ أراد المصدَر فلم يُثنِّ ولم يَجمع ولم يؤنِّث.

يقال : هما قمنٌ أنْ يَفْعَلا ذاك ، وهم قمنٌ أن يَفعلوا ذاك ، وهُنّ قمنٌ أن يفْعلْن ذاك.

ومَن قال قمِنٌ أراد النعْتَ فثَنّى وجَمَع فقال : هما قَمِنان وهم قَمِنُون ، ويؤنث على ذلك ويجمع وفيه لُغَتان هو قمنٌ أن يفعل ذاك وقمينٌ أن يفعل ذاك.

وقال قيس بن الخطيم :

إذا جاوَزَ الإثنين سِرٌّ فإنّه

بِنثّ وتكثير الوشاةِ قمينُ

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : القَمِن : القريب.

والقَمِن : السَّريع.

وقال أبو عمرو : القَمِن : السريع.

قال ابن كيسان : قمينٌ بمعنى حريٌّ ، مأخوذ من تقمَّنتُ الشيء : إذا أشرفتَ عليه أن تأخذه.

وقال غيره : هو مأْخوذ من القمين بمعنى السريع والقريب.

وقال اللِّحياني : إنّه لمقْمَنَةٌ أن يَفعل ذاك ، وإنهم لمقْمَنَةٌ أن يفعلوا ذاك ، لا يثنى ولا يُجمع في المذكر والمؤنث ، كقولك : مَخْلَقَةٌ ومَجْدَرة.

قنم : الأصمعي وغيْره : قَنِم الوَطْبُ يَقْنَم قَنماً فهو قَنم وأَقنُم : إذا تغيرتْ رائحته.

وأنشد :

١٦٣

وقد قَنِمتْ مِن صَرِّها واحتلابها

أنامِلُ كفَّيها وللْوطبُ أقْنَم

ويقال : فيه قَنَمةٌ ونمقة : إذا أروحَ وأَنتن.

[أبواب القاف والفاء]

ق ف ب : مهمل.

ق ف م

استُعمل من وجوهه : فقم.

فقم : قال الليث : الفقَم : رَدّةٌ في الذَّقَن ، والنعتُ أفقَم.

والفُقم : طرفا الخَطْمِ للكلب ونحوه.

وربَّما سموا ذقَن الإنسانِ فُقماً وفَقْماً.

والأمر الأفقم : الأعوج المخالف. وقد فَقِم الأمر يفقَم فَقَماً وفُقوماً.

قال : والمفاقمة : البُضع. وأمرٌ متفاقم ، وإنْ قيل فَقم الأمر كان صواباً.

وأنشد :

فإنْ تَسمَعْ بلأمِهما

فإنَّ الأمر قد فَقِما

وقال غيره : الفَقَم في الفم أن يتقدَّم الثنايا السُّفلى فلا تقع عليها العليا إذا ضَمَّ الرجُل فاه. يقال : فَقِم يَفقَم فَقَماً فهو أفقم.

وقال أبو عمرو : الفقَم : أن يطُول اللَّحيُ الأسفل ويقصرُ الأعلى.

ويقال للرجل إذا أخذ بلحية صاحبه وذَقَنه أخذ بفُقْمه.

وفي الحديث : «من حَفظ ما بين فقْميه دخل الجنة». وفَقَمتُ الرجلَ فَقْماً وهو مفقوم : إذا أخذتَ بفقمه.

أبو عبيد عن أبي زيد : أخذتُ بفقم الرجل : إذا أخذتَ بذقنه ولحيَيْه.

والفُقْمان : اللَّحيانِ.

وقال أبو تراب : سمعتُ عَرَّاماً يقول : رجل فَقمٌ فهِم : إذا كان يعلو الخُصومَ.

وقال غيره : رجل لقِم لهِمٌ مِثْلُه.

[أبواب القاف والباء]

ق ب م

استعمل من وجوهه : بقم.

بقم : قال الليث : البَقَّمَ دخيل ، وهو اسمٌ لشجرة ، وهو صِبْغ يصبَغ به.

وقال رؤبة (١) :

كمَرْجَل الصَّبّاغ جاشَ بَقّمه

قال : وإنّما علمنا أنّه دخيل معرب لأنه ليس للعرب بناءُ كلمة على فَعَّل ، ولو كانت بقّم كلمةً عربية لوُجد لها نظير ، إِلا ماءٌ يقال له بذّر ، وخَضّم ، هم بنو العنبر بن عمرو بن تميم.

__________________

(١) البيت للعجاج كما في «ديوانه» (٦٤) ، و «اللسان» و «المقاييس» (بقم).

١٦٤

ورَوَى سلمة عن الفراء : لم يأت فعَّل اسماً إلّا بَقَّم وعَثَّر وبذَّر ، وهما موضعان ، وشَلّم بيت المقدس ، وخَضَّم ، لا تنصرف ، وهي قرية.

قال الفرّاء : وكلُّ فَعَّل ينصرف إلّا أن يكون مؤنثاً.

ويقال للرجل الضعيف : ما أنت إلّا بُقَامة.

ورَوَى سلمة عن الفراء قال : البُقَامة : ما تَطاير من قَوْس الندّاف من الصُّوف.

١٦٥

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

كتاب [الثلاثي] المعتل من حرف القاف

ق ك

(وايء) مهمل.

[باب القاف والجيم]

ق ج

(وايء) استعمل من وجوهه : لجوق.

جوق : قال الليث : الجَوْق : كلُّ قطيع من الرُّعاة أمرهم واحد.

وأخبرني المنذري عن أبي العباس عن ابن الأعرابي قال : يقال في وجهه : شَدَق وجَوَق ، أي : مَيَل. وقد جَوِق يَجْوق جَوَقاً فهو أجْوَقُ وجَوِقٌ.

وقال : عَدُوٌّ أجْوَقُ الفكِّ ، أي : مائل الشِّدق ، وجمعه جَوَقة.

[باب القاف والشين]

ق ش

(وايء) قشا ، وقش ، وشق ، شقا ، شقأ ، شوق ، شيق.

قشا : قال الليث : قَشوْت القضيبَ ، أي : خَرطْته وأنا أَقْشُوه قَشْواً فأنا قاشٍ والمفعول مَقْشُوّ.

قال : والقاشر في كلام أهل السواد : الفَلْسُ الرَّديء.

أبو عبيد عن الأصمعيّ يقال : درهم قَشِيّ ، مِثل رجلٍ دَعِيّ.

قال الأصمعي : كأنَّه إعراب قاشي.

وقال الليث : القَشْوة : قُفّة يكون فيها طِيب المرأة.

وأنشد :

لها قَشْوةٌ فيها مَلابٌ وزَنْبَقٌ

إذا عَزَبٌ أَسرَى إليها تَطيَّبا

قلتُ : والقَشوة : شبه العَتِيدة المغشَّاة بجِلد ، وجمعُها قِشاء وقَشَوات.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أَقشَى الرجُل : إذا افتقَر بعد غِنًى. وقال رجل دخل على معاويةَ فرأى في يَدِه لِياءً مُقَشًّى.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : اللِّيا بالياء ،

١٦٦

واحدتُه لِياءة ، وهو اللّوبِياء (١) واللُّوبياج.

قال : ويقال للصبيَّة المليحة : كأنَّها لِياءةٌ مَقْشُوّة.

وقال أبو عبيد : قال الفراء : المُقَشَّى هو المُقَشَّر ؛ يقال منه : قَشَوْتُ العَوْدَ وغيرَه : إذا قَشَرْتَه ، فهو مَقْشُوٌّ ، وقشَّيْتُه فهو مُقَشَّى.

وقال في اللِّياء نحو ما قال ابن الأعرابيّ.

ورَوَى أبو تراب عن أبي سعيدٍ الضّرير أنه قال : إنَّما هو اللِّباء الذي يُجعل في قِداد الجَدْي. وجعله تصحيفاً من المحدِّث.

وقال أبو سعيد : اللبأ : يُحلب في قداد ، وهي جلود صغار المعزى ثم يملّ في الملّة حتى يَيْبَس ويجمد ثم يخرج ويباع كأنه الجُبْن ، فإذا أراد الآكل أكله قَشَا عنه الإهابَ الذي طُبخ فيه ، وهو جلدُ السَّخلة الذي جُعِل فيه.

قال أبو تراب : وقال غيره : هو اللِّياء بالياء ، وهو مِن نَبات اليَمَن ، وربَّما نَبَتَ بالحجاز في الخِصْب ، وهو في خِلْقَة البَصَلة وقَدْر الحِمَّصة ، وعليه قُشورٌ رِقاقٌ ، إلى السواد ما هو ، يُقْلَى ثم يُدْلَك بشيء خَشِنٍ كالمِسْح ونحوه فيخرج مِن قِشره فيؤكل بَحْتاً ، وربّما أكِل بالعَسَل وهو أبيض ، ومنهم من لا يَقْليه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : القَشَا : البُزَاق.

قال : والقَشْوة : حُقّةُ النُّفَساء.

وقال أبو عمرو : القَشْوانة : الدَّقيقة الضعيفة من النساء.

وقش : أخبرني المنذري عن أبي العباس عن ابن الأعرابيّ أنّه قال : رُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال : «دخلتُ الجنّة فسمِعتُ وَقْشاً خَلْفي ، فإذَا بِلال».

وقال مالك بن نويرة :

وكنت متى ألْقَ الجُهينيّ لم يزل

له وقَشٌ في داخل القلب واغرُ

يريد : حركة الحقد. وقد توقَّشَ زمعٌ في فؤادي : إذا تحرَّك.

وقال ذو الرمة :

فدع عنك الصّبا وعليك همّا

توقَّشَ في فؤادك واحتيالا

وقال :

تسمعُ للرِّيح بها أوقاشا

أي : أصواتاً.

قال ابن الأعرابيّ : يقال : سمَعت وَقْش فلان ، أي : حَركْتَه.

وأنشد :

لأخفافها بالليل وَقْشٌ كأنه

على الأرض تَرسَاف الظِباء السّوانِح

__________________

(١) بعده في المطبوع : «وهو اللوبيا» ، وانظر «اللسان» (قشا).

١٦٧

أبو عبيد عن أبي زيد : الوَقْشة والوقْش : الحركة.

أبو تُراب سمعتُ مبتكِراً يقول : الوَقَش.

والوَقَصُ : صغار الحطب الذي يُشَيّع به النار.

وشق : رُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه أُتِيَ بوشيقة يابسة من لحمِ صَيْد فقال : «إني حَرامٌ».

قال أبو عبيد : الوَشيقة : اللّحمُ يؤخذ فيُغْلى إغلاءةً ويحمل في الأسفار ولا يُنضَج فيتهرّا. وزعم بعضهم أنه بمنزلة القَديد لا تَمَسُّه النار. يقال منه : قد وشَقْتُ اللحمَ أَشِقُه وَشْقاً ، واتّشَقَتْ اتِّشاقاً.

وأنشد :

إذا عَرَضتْ منها كَهاةٌ سَمِينَةٌ

فلا تُهْدِمنها واتَّشِقْ وتَجَبْجَبِ

عمرو عن أبيه : الوَشيق : القَدِيد وكذلك المُشنَّق.

وقال الليث : الوَشِيق : لحمٌ يُقَدَّد حتّى يَقِبَّ وتَذهب نُدُوّتُه ، ولذلك سُمِّي الكابي واشقاً ، اسمٌ له خاصّة.

وفي حديث حذيفة : أنَّ المسلمين أخطأوا بأبيه اليَمَانِ فتَواشَقُوه بأسيافهم ، أي : قطَّعوه كما يقطَّع اللحمُ إذا قُدّد.

شقا : قال الليث : يقال : شَقِيَ شَقاءً وشقاوة وشِقْوة.

وقال غيره : شاقَيْتُ فلاناً مُشاقاة : إذا عاشرتَه وعاشَرَك.

والشَّقاء : الشدّة والعُسْر ، وشاقيتُهُ ، أي : صابَرْتُه.

وقال الراجز :

إذا يُشاقِي الصّابراتِ لَم يَرِثّ

يَكادُ مِن ضَعْف القُوَى لا يَنْبعِثْ

يعني جَمَلاً يُصابِر الجَمالِ مَشْياً.

ويقال : شاقيتُ ذلك الأمرَ بمعنى عانَيتُه.

وقال الله جلّ وعزّ : (قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا) [المؤمنون : ١٠٦] ، وهي قراءة عاصم وأهلِ المدينة.

قال الفراء : وهي كثيرةٌ في الكلام. وقرا ابن مسعود : (شَقَاوَتَنا).

قال : وأنشدني أبو ثرْوان :

كلِّف مِن عَنائه وشِقْوتِهْ

بنتَ ثماني عَشْرةٍ من حجَّته

عمرو عن أبيه قال : المُشاقاة : المعالَجة في الحَرْب وغيرها.

شقأ : أبو زيد : شَقأَ النابُ تَشْقَأ شَقْأ وشُقُوءاً : إذا طلعتْ ويقال : شَقأ رأسَه بالمُشْط شَقْئاً وشُقوءاً : إذا فَرّقه. قال : والمَشقأ : المَفرِق. والمِشقاء : المُشْط.

وقال الليث نحوه : قال : والمِشْقأة : المِدراة.

وقال ابن الأعرابيّ : المِشْقأ ، والمِشْقاء ،

١٦٨

والمِشْقَى مقصور غير مهموز : المُشْط.

أبو ترَاب عن الأصمعي : إبِلٌ شُوَيقِئة وشُويكئة حين يطلع نابُها ، مِن شقأ نابُهُ وشَكَأ وشاكَ أيضاً.

وأنشد :

شُوَيْقِيّة النابَيْنِ تَعدِلُ دَفَّها

بأفْتَلَ من سَعَدانة الزَّورِ بائنِ

وقال آخر :

على مستظَلّات العُيون سَواهِمٍ

شُوَيْكِئةٍ يكْسُو بُراها لُغامُها

شوق : قال الليث : الشَّوْقُ يقال منه : شاقَني حُبُّها وذِكرُها يَشُوقُني ، أي : يَهيجُ شوقي.

وقد اشتاق اشتياقاً.

أبو الهيثم فيما قرأت بخطّه لابن بُزُرج : شُقْتُ القِرْبَة أشُوقُها : نَصَبْتُها إلى الحائط ، فهي مَشوقةٌ.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الشَّوْق : حركة الهوى ، والشُّوَّق : العُشّاق.

يقال : شُقْ شُقْ : إذا أمرتَه أن يشوِّق إنساناً إلى الآخرة.

وقال الليث : الأُشَّق هو الأُشَّجُ ، وهو دواء كالصَّمغ ، دخيل في العربية.

شيق : أبو العباس عن ابن الأعرابي : الشِّيق : الشّقّ في الجبل.

والشِّيقُ : ما حَدَث. والشِّيقُ : ما لم يَزَلْ.

والشِّيق : رأس الأُدَاف. والشِّيق : شَعَر ذَنَب الفَرَس.

والشِّيق : ضَرْبٌ من السَّمَك.

وقال الليث : الشِّيق : شَعَر ذَنَب الدابة ، الواحدة شِيقَة.

والشِّيق : سُقْعٌ مستوٍ دقيق في لهِبْ الجبَل ، لا يستطاع ارتقاؤه.

وأنشد :

إحْلِيلُها شَقٌّ كشَقّ الشِّيقِ

باب القاف والضاد

ق ض (وايء)

قضي ، قوض ، قيض ، ضيق ، قضأ ، ضقى.

قضي : عمرو عن أبيه : قَضَّى الرجُل : إذا أكل القَضَى ، وهو عَجَم الزَّبيب.

قال ثعلب : هو بالقاف.

قال ابن الأعرابي : وقال الله : (وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ) [الأنعام : ٨].

قال أبو إسحاق : معنى قُضي الأمر : أُتمَّ إهلاكُهم.

قال : وقضى في اللغة على ضرُوب كلُّها تَرجع إلى معنى انقطاع الشيءِ وتمامِه ، ومنه قوله جل وعزّ : (ثُمَ قَضى أَجَلاً) [الأنعام : ٢] ، معناه : ثم حَتَم بذلك وأتمَّه.

ومنه الأمر ، وهو قوله : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء : ٢٣] ، معناه :

١٦٩

أمر ، لأنّه أَمرٌ قاطع حَتْم.

ومنه الإعلام ، وهو قوله : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ) [الإسراء : ٤] ، أي : أعلمناهم إعلاماً قاطعاً.

ومنه القضاء الفَصْلُ في الحكم ، وهو قوله جلّ وعز : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) [الشورى :

١٤] ، أي : لفُصِل الحكم بينهم.

ومثل ذلك قولهم : قد قَضَى القاضي بين الخُصوم ، أي : قد قَطع بينهم في الحكم.

قال : ومِن ذلك قد قَضَى فلانٌ دَيْنَه ، تأويله قد قَطَع بالعَزيمة عليه وأدَّاه إليه ، وقَطع ما بينه وبينَه.

وكلُّ ما أُحكِم فقد قُضِيَ.

تقول : قد قضيتُ هذا الثوبَ ، وقد قضيتُ هذه الدارَ : إذا عَمِلْتَها وأحكمت عملها.

قال أبو ذؤيب :

وعليهما مسرودتان قضاهما

داودُ أو صَنَعُ السَّوابغِ تُبَّعُ

ومنه قوله جلّ وعزّ : (فَقَضاهُنَ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) [فصلت ١٢] ، أي : فَخَلَقهن وعَملهنَّ وصَنَعهنَّ.

قال الليث : تقول : قضى الله عهداً ، معناه : الوصيّة.

وبه يفسَّر : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ).

قال : وقضى ، أي : حكم ، وقضَى فلانٌ صلاته ، أي : فرغ منها.

وقضى عبرتَه ، أي : أخرجَ كلّ ما في رأسه.

وقال أوس :

أم هل كبير بكى لم يقضِ عَبرتَه

إثر الأحبّةِ يومَ البينِ معذورُ

أي : لم يخرج كل ما في رأسه.

وقال أبو بكر : قال أهل الحجاز : القاضي في اللغة معناه : القاطع للأمور المحكم لها.

قال الله : (فَقَضاهُنَ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) ، أراد فقطعهنَّ وأحكم خلقهنَّ.

قال : والقضاء بمعنى العمل.

قال الله تعالى : (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) [طه : ٧٢] معناه : فاعملْ ما أنت عامل.

والقضاء : الحكم. والقضاء : الأمر.

قال الله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ) [الإسراء : ٢٣] ، أي : أمر ربك.

وقال الليث في قوله : (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ) [سبأ : ١٤] ، أي : أتى عليه.

قال : والانقضاء : ذَهاب الشيء وفَناؤه ، وكذلك التَقضِّي.

وأما قوله جل وعز : (ثُمَ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ) [يونس : ٧١].

فإن أبا إسحاق قال : ثم افعلوا ما تريدون.

وقال الفراء في قوله : (ثُمَ اقْضُوا إِلَيَ) ،

١٧٠

معناه : ثم امضوا إليّ ، كما يقال قد قَضَى فلانٌ يراد قد مات ومَضَى.

وقال أبو إسحاق : هذا مِثل قوله في سورة هود [٥٥]. قال هودٌ لقومه : (فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ).

يقول اجهَدوا جهدَكم في مكايدتي والتألُّبِ عليّ.

ولا تنظروني ، أي : لا تمهِلوني.

قال : وهذا من أقوى آيات النبوّة : أن يقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لقومه وهم متعاوِنون عليه : افعلوا بي ما شئتم.

وقال أبو عبيد : القَضَّاء من الدُّرُوع : التي قد فُرغ مِنْ عَمَلها وأحكِمتْ.

وقال أبو ذُؤيب :

وعليهما مَسْرُودتان قضاهما

داودُ أو صَنَعُ السَّوابغِ تُبَّعُ

قال : والفِعل من القَضَّاء : قَضَيتها.

قلت : جعل القَضَّاء فَعَّالاً مِنْ قَضَى.

وغيرُه : تُجعل القضّاء فَعْلاء مِن قَضَّ يَقَضُّ وهي الجديدُ الخَشِنة ، مِن إقضاض المَضْجَع.

ويقال : تقاضَيتُه حَقِّي فقضانيه ، أي : تَجَازيْتُه فَجزَانِيه.

ويقال : اقتضيتُ مالِي عليه ، أي : قبضتْهُ وأخذتُه.

واستُقضِيَ فلانٌ ، أي : جُعل قاضياً يَحْكم بين الناس.

والقاضية من الإبل : ما يكون جائزاً في الدِّيَةِ والفريضةِ التي تجب في الصَّدَقة.

وقال ابن أحمر :

لَعَمْرُكَ ما أَعانَ أبو حَكِيم

بقاضيةٍ ولا بَكْر نجيبِ

ويقال : اقتَتَل القومُ فقَضَّوا بينهم قَواضِي وهي المَنايا.

قال زُهَير :

فقَضَّوا مَنَايا بينهمْ ثم أصدَرُوا

ويقال : قَضَى بينهم قضيّةً وقَضايا.

والقَضايا : الأحكام ، واحدتها قضِيّة.

وقال الليث : القاضية : المنيّة التي تقضِي وَحِيّاً.

أبو عبيد عن الأصمعي : مِن نبات السَّهْل الرِّمْث والقِضَة.

وقال ابن السكيت : يجمع القِضَة قِضِينَ ، وأنشد :

بساقَينِ ساقَيْ ذي قِضينَ تحُشُّه

بأعواد رَنْدٍ أو ألاويةً شُقْرا

قوض : قال الله جلَّ وعزَّ : (جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ) [الكهف : ٧٧] ، وقرئ : (ينقاضَ) و (ينقاصَ) بالضاد والصاد.

فأما ينقضّ فيَسقُط بسرعةٍ ، من انقضاض الطير ، وهذا مِن المضاعَفِ. وأمَّا ينقاضُ فإِنَّ المنذريَّ أخبرني عن الحراني عن ابن السكِّيت أنه قال : قال عمرو : انقاضَ وانقاضَّ واحد ، أي : انشقَّ طُولاً.

١٧١

قال : وقال الأصمعيَّ : المُنْقَاضُ : المُنْقَعِر من أصلِه. والْمُنْقاضُّ : المنشقُّ طولاً.

يقال : انقاضَت الرَّكِيَّةُ وانقاضَت السِنُّ.

أبو عبيد عن أبي زيد : انقضَّ الجدار انقضاضاً وانْقاضَ انقياضاً ، كلاهما إذا تَصدَّع من غير أن يَسقُط ، فإِن سَقَط قيل : تقيَّضَ تقيُّضاً وتقوَّضَ تقوُّضاً ، وأنا قَوَّضْتُه.

حدثنا السعدي قال : حدثنا العطاردي قال : حدثنا أبو معاوية عن أبي إسحاق الشيباني عن الحسن بن سعد عن عبد الرحمن بن مسعود عن أبيه قال : كنَّا مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في سفر فنزلنا منزلاً فيه قرية نمل ، فأحرقناها فقال لنا : «لا تعذِّبوا بالنار فإنه لا يُعذِّب بالنار إلّا ربُّها».

قال : ومررنا بشجرة فيها فرخَا حُمَّرةٍ فأخذناهما فجاءت الحمرةُ إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهي تقَوِّضُ ، فقال : «مَن فَجَعَ هذه بفرخيها؟» قال : فقلنا : نحن.

فقال : «ردّوهما». قال : فرددناهما إلى موضعهما.

قال الأزهري : قوله : «تقوَّضُ» ، أي : تجيء وتذهب ولا تقَرَّ.

قال : وتقيّضَت البيضة تقيُّضاً : إذا تكسَّرتْ فِلَقاً ، فإِذا تَصَدَّعتْ ولم تُفَلَّق قيل : انقاضتْ فهي مُنْقَاضَة. قال : والقارُورة مِثْلُه. والقَيْض : ما تَفلَّق من قُشور البَيْض.

الليث : قوَّضْتُ البناءَ : إذا نَقَضْتَه من هَدْم. وقَوَّضَ القومُ صُفُوفَهم ، وتقوَّضَت الصُّفوف وانقاضَ الحائط : إذا انهَدَم مكانَه من غير هَدْم ، فأمَّا إذا دُهْوِرَ فسَقَط فلا يقال إلّا انقضَّ انقضاضاً.

قال : والقيْض : البَيْض الذي قد خرج فَرْخُه وماؤه كلُّه. وقد قاضَها الفَرْخُ وقاضَها الطائر ، أي : شقَّها عن الفرخ فانقاضَتْ ، أي : انشقّت. وأنشد :

إذا شئتَ أن تَلقىَ مَقِيضاً بقَفْرَةٍ

مفلَّقةٍ خِرشاؤها عن جَنِينِها

وبئر مَقِيضة : كثيرة الماء. وقد قِيضَتْ عن الجَبْلة.

أبو عبيد عن الأمويّ : انقاضَت البئر : انهارتْ.

وقال غيره : انقاضت : تكسَّرت.

أبو تراب عن مصعبٍ الضِّبابي : تقوَّزَ البيضُ وتَقَوَّضَ : إذا انهدَم ، سواءٌ كانَ بيتَ مَدَرٍ أو شَعَر.

حدثنا السعدي قال : حدثنا ابن قهزاذ قال : أخبرنا ابن شميل عن عوف عن أبي المنْهال عن شهر بن حَوْشَب عن ابن عبّاس قال : إذا كان يوم القيامة مُدَّت الأرض مَدَّ الأَدِيم وزِيدَ في سَعَتِها ، وجُمع الخَلْقُ إنْسُهم وجِنُّهم في صعيدٍ واحد ، فإذا كان ذلك قِيضَتْ هذه السَّماءُ الدنيا عن أهلها فنُثِرُوا على وجه الأرض ، ثم

١٧٢

تُقاضُ السمواتُ سماءً فسَماءً ، كلَّما قِيضَتْ سَماءٌ كان أهلها على ضِعف مَنْ تحتها حتى تقَاضَ السابعةُ. في حديث طويل.

قال شمر : قِيضَتِ السماءُ ، أي : نُقِضَتْ ، يقال : قُضْتُ البِناءَ فانقاضَ.

وقال رؤبة :

أَفرَخَ قَيضُ بَيْضها المُنقاضِ

قيض : ومن ذوات الياء ، قال أبو عبيد هما قَيْضان ، أي : مِثلان. وقايضْتُ الرجلَ مقايضة : إذا عاوَضتَه بمتاع. وقيَّض الله فلاناً لفلان : جاء به. قال الله : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً) [الزخرف : ٣٦].

قال أبو إسحاق : أي : نسبِّبْ له شيطاناً يجعل الله ذلك جزاءه. قال : ومعنى قوله جلَّ وعزَّ : (وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ) [فصلت : ٢٥] ، أي : سبَّبْنَا لهم من حيث لم يَحتَسبوه.

أبو عبيد عن أبي زيد : تَقَيّضَ فلانٌ أباه تَقَيّلَه تَقَيضاً وتَقَيُّلاً : إذا نزع إليه الشَّبَه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : القَيْض : العِوَض القَيْض : التمثيل.

يقال قاضَ يَقِيضُ : إذا عاضَه.

والمقايضة في البيع شبه المبادلة ، مأخوذ من القيض ، وهو العوض. وهما قيضانِ ، أي : مثلان.

قال : وقَيّضَ إبِلَه : إذا وَسَمَها بالقَيِّض ، وهو حَجَر يُحْمَى.

وقال ابن شميل : زعموا أنَّ أبا الخطاب قال : القَيِّضة : حُجَيرٌ يُكوَى به نُقْرةُ الغَنَم.

قال ابن شميل : يقال : لسانُه قَيِّضَةٌ ، الياء شديدة.

قضأ : قال أبو عبيد عن الأمويِّ : قضِئتُ الشيء أقضؤه : إذا قَضئتْ عينُه تَقْضأُ قَضأً ، وذلك إذا قَرِحَتْ وفَسَدَتْ ، وكذلك يقال للقِرْبة إذا فَسَدتْ أو عَفِنَتْ. القُضْأَة الاسم.

ويقال للرجل إذا نَكَحَ في غير كَفاءة : نَكَح في قُضْأة.

ويقال : ما عليك في قُضْأَة ، أي : ضَعَة.

وقال ابنُ بزرج : يقال : إنهم ليتقَضَّؤون منه أن يزوّجوه. يقول : يَسْتَخِسُّون حَسَبه ، مِن القُضْأَة.

ضقي : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : ضَقَى الرجل : إذا افتقر. وقَضَى : إذا مات.

وقَضَى : إذا أَمَرَ.

ضيق : قال الليث : تقول : ضاقَ الأمرُ وهو يَضيق ضِيقاً ، وهو أمر ضَيِّق. وفلانٌ مِن أمرِه في ضِيق ، أي : في أمرٍ ضَيِّق ، والاسم ضَيْق. وضَيْقة : منزل للقَمَر بِلِزْق الثُّريّا ممّا يلي الدَّبَران ، تَزعمُ العَرَب أنّه نَحْسٌ.

قلت : وأمَّا قول الشاعر :

١٧٣

بضَيقةَ بينَ النجمِ والدَّبَرَانِ

فإنه جعل ضيقةَ معرفة ، لأنه جعله اسماً علماً لذلك الموضع ، ولذلك لم يَصْرفه.

الحرَّاني عن ابن السكيت : يقال : في صدر فلان ضِيقٌ وضَيْق ، ومكانٌ ضيِّق وضَيْق. والضَّيْق : المصدر. والضَّيَق بفتح الياء : الشَّكّ. والضِّيقة مثل الضيق.

وأنشد :

بضيْقَةِ بَين النَّجمِ والدَّبَرَانِ

بكسر الهاء جَعله ضيِّقاً ولم يجعله اسماً لموضعٍ ، أراد بضيْقِ ما بين النَّجم والدبَرَان.

قلت : وقال أبو عمرو : الضَّيَق محركة الياء : الشكّ. والضَّيْق بهذا المعنى أكثر وأفشى.

وقال الفراءُ في قول الله : (وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) [النحل : ١٢٧].

قال : الضّيْق : ما ضاق عنه صدرُك ، والضِّيقُ : ما يكون في الذي يتَّسع ويضيق ، مِثل الدار والثوب.

قال : وإذا رأيتَ الضَّيْق قد وقَع في موضع الضِّيق كان على أمرين : أحدهما : أن يكون جَمْعاً للضَّيْقة ، كما قال الأعشى :

كشَفَ الضَّيْقَة عَنَّا وفَسَحَ

والوجه الآخر : أن يراد به شيءٌ ضَيِّق فيكون ضَيْقاً مُخَفَّفاً ، وأصله التشديد ، ومثله هَينٌ لَينٌ.

ويقال : أضاقَ الرجلُ فهو مُضِيق : إذا ضاقَ عليه مَعاشُه.

وقالت امرأة لضرّتها وهي تُسامِيها :

ما أنتِ بالخُورَى ولا الضُّوقى حِرَا

الضُّوقى : فُعْلَى من الضِّيق ، وهي في الأصل الضِّيقَى فقُلبت الياء واواً من أجل الضمّة ، والخُورَى : فُعْلى مِن الخير ، وكذلك الكُوسَى فُعلَى مِن الكَيْس.

والمَضايق : جمعُ المضيق. والمُضايقة : مُفاعلةٌ من الضِّيق.

باب القاف والصاد

ق ص (وايء)

قصا ، قيص ، وقص ، صيق ، صوق (١).

قصا : قال الليث وغيره : القَصْو : قَطْع أذُن البعير ، يقال : ناقة قَصْواء وبعيرٌ مَقْصُوٌّ ، هكذا يتكلمون به ، وكان القياس أن يقولوا : بعيرٌ أقصى فلم يقولوا.

__________________

(١) جاء في «اللسان» (صوق ـ ٧ / ٤٤٤): «الصّاقُ : لغة في الساقِ ، عنبرية. قال ابن سيده : وأُراه ضرباً من المضارعة لمكان القاف. والصَّويقُ : لغة في السَّويق المعروف لمكان المضارعة». وكذا في «التاج» (صوق).

١٧٤

قال أبو بكر : القصَا : حذف في أذن الناقة ، مقصور ، يكتب بالألف. وناقة قصواء وبعير مقصيّ ومقصُوّ.

أبو عبيد عن أبي زيد قال : القَصْواء من الشاءِ : المقطوعُ طرفُ أذنِها.

وقال الأحمر : المُقَصَّاة من الإبل : التي شُقّ من أذنها شيء ثم تُرِك مُعَلَّقاً.

وقال الله جلّ وعزّ : (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى) [الأنفال : ٤٢].

قال الفراء : الدنيا مما يلي المدينة ، والقُصْوى مما يلي مكة.

الحراني عن ابن السكيت قال : ما كان من النُّعوت مِثل العُليا والدُّنيا فإِنه يأتي بضم أوَّله وبالياء ، لأنهم يستثقلون الواو مع ضمّة أوله ، فليس فيه اختلاف ، إلّا أنّ أهل الحجاز قالوا : القُصْوَى فأظهروا الواو ، وهو نادر ، وأخرجوه على القياس إذْ سَكَن ما قَبْل الواو ، وتميم وغيرُهم يقولون : القُصْيَا.

الليث : كلُّ شيء تَنحَّى عن شيء فقد قَصا يقصو قُصُوّاً فهو قاصٍ. والقاصية مِن الناس ومن المواضع : ما تَنحَّى.

والقصْوَى والأقصى ، كالأكبر والكبْرى.

أبو زيد : قصَوْتُ البعيرَ : إذا قطعتَ أذنه ، وناقة قَصْواء وبعيرٌ مقصُوٌّ على غير قياس.

ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال للفَحْل : هو يَحْبو قَصا الإبل : إذا حفِظها من الانتشار.

ويقال : تقصَّاهم ، أي : طلبهم واحداً واحداً من أقصاهم.

ويقال : حاطهم القصا مقصوراً ، يعني كان في طُرَّتهم لا يأتيهم. وقال غيره : حاطهم القصا ، أي : حاطَهُم من بعيد وهو يبصرهم ويتحرَّز منهم ، ومنه قول بشر بن أبي خازم :

فحَاطُونا القَصا ولقد رَأَوْنا

قريباً حيث يُستَمَع السرار

ويقال : أقصاه يُقصيه ، أي : باعَدَه ، ويقال : هَلُمّ أقاصيك أيُّنا أبعَدُ من الشرِّ.

يقال : قاصيتُه فقصَوْتُه.

والقصايا : خِيار الإبل ، واحدتها قَصِيَّة ، وهي التي تُودَع ولا تُجْهَد في حَلَب ولا رُكوب ، وإذا جُهِدت الإبلُ قيل فيها : قَصايا.

ويقال : نزلْنا منزِلاً لا تُقْصِيه الإبل ، أي : لا تَبلعُ أقصاه.

ثعلب عن ابن الأعرابي : أقْصَى الرجلُ : إذا اقتنَى القَواصِيَ مِن الإبل وهي النِّهاية في الغَزارة والنّجابة. ومعناه : أنَّ صاحب الإبل : إذا جاءَ المصدِّق أقصاها ، ضِنّاً بها. وأقصى : إذا حَفِظ قَصَا العَسكر وقَصاءَه ، وهو ما حول العسكر ، وتقصَّيتُ الأمر واستقصيتُه.

وقص : قال الليث : الوَقَص : قِصَرٌ في العُنق كأنه رُدّ في جَوْف الصَّدْر. ورجل أوْقَص

١٧٥

وامرأة وَقْصاء.

وتقول : وقَصْتُ رأسَه : إذا غمَزْتَه سُفْلاً غمْزاً شديداً ، وربّما اندقَّت منه العُنُق.

والدابَّة تَذُبُّ بذَنبِها فَتَقص عنها الذُّباب وَقْصاً : إذا ضَرَبْته به فقتَلْته. والدوابُّ إذا سارت في رؤوس الإكام وقَصَتْها ، أي : كَسرتْ رؤوسَها بقوائمها.

وفي الحديث : أنّ رجلاً كان واقفاً مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فوَقصَتْ به ناقتُه وهو مُحْرمٌ في أخَاقِيق جِرذان. فمات.

قال أبو عبيد : والوَقص : كَسْرُ العُنق ، ومنه قيل : للرجل أوقص ، إذا كان مائل العُنُق قصيرَها. ومنه يقال : وقصْتُ الشيء : إذا كسَرْتَه.

وقال ابن مُقْبل :

فبعثتُها تَقِصُ المقَاصِرَ بعد ما

كرَبتْ حَياةُ النارِ للمتنوِّرِ

أي : تدُقّ وتكسِر يَعني ناقته.

وقال ابن السكّيت : الوَقص : دَقُّ العُنق.

والوَقْص : قصَر العُنق. والوَقَص أيضاً : دِقاقُ العِيدان تُلقى على النار ، يقال : وقِّصْ على نارِك.

قال حُميد بن ثَور يصف امرأة :

لا تَصطلي النارَ إلَّا مِجْمَراً أرِجاً

قد كَسّرَتْ مِن يَلَنْجوجٍ لها وَقصَا

وفي حديث عليّ : أنه قضى في الواقصة والقامصَة والقارصَة وهي ثَلاث جوارٍ ركبت إحداهنّ الأخرى فقرصت الثالثة المركوبة فقمصت فسقطت الراكبةُ فقضى للتي وَقصت ، أي : اندقَّ عنقها بثلثي الدِّية على صاحبتيها.

والواقصة بمعنى الموقوصة ، كما قالوا آشِرةٌ بمعنى مأشورة ، كما قال :

أناشِرُ لا زالت يمينك آشِره

أي : مأشورة.

وفي حديث مُعاذ بن جَبَل : أنه أُتِي بوَقَص في الصّدَقة وهو باليمن ، فقال : «لم يأْمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيه بشيء».

قال أبو عبيد : قال أبو عمرو : الوَقص : هو ما وَجَبَتْ فيه الغَنم مِن فَرائض الإبل في الصَّدَقة ما بين الخَمس إلى العشرين.

قال أبو عبيد : ولا أرَى أبا عمرٍو حَفِظ هذا ، لأنَّ سُنَّة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنَّ في خَمسٍ من الإبل شاةً ، وفي عَشْرٍ شاتَين إلى أربع وعشرين في كلِّ خمس شاة ، ولكنَ الوَقَصَ عندنا ما بين الفَريضتين ، وهو ما زادَ على خمسٍ من الإبل إلى تِسْع ، وما زاد على عَشْر إلى أربع عَشرة ، وكذلك ما فوقَ ذلك. وجمعُ الوَقَص أوقاص.

قال أبو عبيد : وبعض العلماءِ يجعل الأوْقَاصَ في البقر خاصَّة ، والأشناق في الإبل خاصّة ، وهما جميعاً ما بين الفريضتين.

وفي الحديث : «أنَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أُتِيَ بفَرَس فرَكِبه ، فجعل يتوقَّص به».

١٧٦

أبو عبيد عن الأصمعيّ : إذا نَزَا الفَرَسُ في عَدْوِه نَزْواً وهو يقارِبُ الخَطْو فذلك التوقُّص ، وقد تَوَقَّصَ.

وقال أبو عبيدة : التوقُّصُ : أن يَقْصُر عن الْخَبب ، ويزيدَ على العَنَق ، وَينْقُل قوائمه نَقْل الخَبَب ، غير أنَّها أقرب قَدْراً إلى الأرض ، وهو يرمي نفسَه ويَخُبْ.

أبو عبيد عن الكسائي : وقَصْتُ عُنقَه أقِصُها وَقْصاً ، ولا يكون وقَصَت العُنُقُ نفسها ، إنما هي وُقِصَتْ.

قال الأزهري : قال ابن السكيت : الوَقَص : قِصَر العُنق.

قال شمر : قال خالد : وُقِص البعير فهو موقوص : إذا أصبح داؤه في ظهره لا حَرَاك به.

قال : وكذلك العُنق والظهر في الوقْص.

قيص : قال الليث : يقال : قاصَتِ السِّنّ تَقِيص : إذا تحرّكتْ. ويقال : انقاصت.

وقال غيره : انقاصت السنُّ : إذا انشقت طُولاً ، وكذلك انقاصَتِ الركيَّة.

وأنشد ابن السكّيت :

يا رِيَّها مِن بارِدٍ قَلّاصٍ

قد جَمَّ حتى هَمَ بانقياص

وتقيَّصَت الحِيطانُ : إذا مالتْ وتقدّمتْ.

صيق : قال الليث وغيره : الصِّيق : الغُبار الجائل في الهواءِ. ويقال : صِيقَةٌ.

وأنشد ابنُ الأعرابيّ :

لي كلَّ يومٍ صِيقَةٌ

فَوْقِي تأجَّلُ كالظِّلالَهْ

أبو عبيد عن أبي زيد : الصِّيق : الريح المنتنة ، وهي من الدوابِّ.

وقال بعضهم : هي كلمة معرّبة ، أصلها زِيقا بالعِبرانيَّة.

سلمة عن الفرّاء قال : الصِّيق : الصَّوْت.

والصِّيقُ : الغُبار.

وقال أبو عمرو : الصائق والصائك : اللازق.

قال جَندَل :

أسوَدَ جَعْدٍ ذي صُنَانٍ صائقِ

باب القاف والسين

ق س (وايء)

قوس ، قيس ، قسا ، وقس ، وسق ، سقي ، سوق.

قوس ـ قيس : قال الليث : القَوْس معروفة عجمية وعربيّة تُصَغَّرَ قُوَيْساً ، والجميع القِياس وقِسِيّ ، العَدَد أقواس.

أبو عبيد : جمْعُ القوس : قِياس.

قال : وهذا أقيَسُ مِن قول مَن يقول قِسِيّ ، لأنّ أصلها قَوْس ، والواو منها قَبل السين ، وإنما حُوّلت الواو ياءً لِكسرةِ ما قبلها ، فإذا قلتَ في جمع القَوْس قِسِيّ أخّرْتَ الواوَ بعدَ السين ، فالقِياس : جمعُ القَوْس ، عندي أحسنُ من القِسِيّ.

١٧٧

وكذلك قال الأصمعي : القِياس : الفَجَّاء.

وقال الليث : شيخٌ أقوَسُ : مُنحنى الظهر ، وقد قَوَّس الشيخُ تقويساً ، وتقوّس ظهْرُه.

وقال امرؤ القيس :

أراهنُ لا يُحْبِبْن مَن قَلَّ مالُه

ومَن قد رأيْنَ الشَّيْبَ فيه وقَوّسا

وحاجبٌ مُسْتَقْوِسٌ ونُؤْيٌ مُسْتَقوِس ، ونحو ذلك مما ينعطف انعطافَ القَوْس.

قال والقَوْس : ما يَبقَى في أسفل الجُلّة من التمر.

يقال : ما بَقيَ إلّا قوسٌ في أسفَلِها. وقاله ابن الأعرابيّ وغيره.

قال الليث : والقُوس : رأسُ الصَوْمَعة.

وقال أبو عبيد : رُوِي أن عمرو بن معديكرَب قال : «تضيَّفْتُ بني فلان ، فأَتَوْني بثور وقَوْسٍ وكَعْب». قال : فالقَوْس : الشيءُ من التَّمر يَبقَى في أسفَل الجُلّة. والكَعْب : الشيء المجموع من السَمْن يَبْقَى في النِّحْي. والثَّوْر : القِطْعة من الأقِط.

وقال أبو عبيد : قال الأصمعي : القُوس ، بضم القاف : موضع الرَّاهب.

قال جرير :

وذُو المِسْحَيْنِ في القُوسِ

أبو عبيد عن أصحابه : المِقْوَس : الحَبْل الذي يُصَفّ عليه عند السِّياق وجمعُه مَقاوِس ، ويقال له : المِقْبصُ أيضاً.

وقال أبو العِيال :

إنَّ البَلاءَ لَدَى المقَاوِسِ مُخْرِجٌ

ما كانَ مِنْ غَيْبٍ ورَجْمِ ظُنُونِ

وقال الليث : قامَ فلانٌ على مِقْوَسٍ ، أي : على حِفاظ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : القُوسُ : صَوْمعة الراهب ، وهو بيت الصائد.

قال : والقُوس أيضاً : زجْر الكلْب : إذا خَسأته قلت : قُوسْ قُوسْ : فإذا دعوْتَ قلت : قُسْ قُسْ.

قال : وقَوْقَسَ : إذا أشلى الكلْبَ.

قال : والقَوْس : الزمان الصَّعب.

يقال : زمانٌ أقوَس وَقوِسٌ وقُوسِيّ : إذا كان صَعْباً. والأقوسُ مِن الرمل : المُشْرِف كالإطار.

وقال الراجز :

أُثنِي ثَناءً مِن بعيد المَحْدِس

مشهورةٌ تجتازُ جَوْزَ الأقْوَسِ

أي : تقطع وسط الرمل. وجَوْزُ كلّ شيء : وسَطُه.

أخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم أنه قال : يقال : إن الأرنب قالت : لا يدَّريني إلّا الأجْنَأَ الأقوَس ، الذي لا يبدُرني ولا ييأس. قوله : لا يدَّريني ، أي : لا يختِلُني.

قال : والأجنأ الأقوس : الداهية من

١٧٨

الرجال. يقال : إنه لأجنأ أقوس : إذا كان كذلك.

قال : وبعضهم يقول : أحوَى أقوس ، يريدون بالأحوى الألوى. وحَوَيْتُ ولويت واحد.

وأنشد :

ولا يزال وهو أَجْنى أقوس

يأكل أو يحسو دماً ويلحس

وقال الليث : المقايَسة : مُفاعَلةٌ من القِياس.

قال : ويقال : هذه خَشبةٌ قِيسُ إصبَع ، أي : قَدْرُ إصبع. وقد قاسَ الشيءَ يَقِيسُه قِياساً وقَيْساً ، أي : قَدْرَه. والمقياس : المقدار.

قال : والمقايَسة تجري مجرَى المُقاساة ، التي هي معالجة الأمر الشديد ومُكابَدتُه ، وهو مقلوبٌ حينئذ.

وقال ابن السكيت : قاسَ الشيءَ يَقُوسُه قُوساً ، لغةٌ في قاسَه يَقيسُه ، يقال : قِسْتُه وقُسْتُه.

قال ابن السكيت : قال الأصمعي : قست الشيء أقيسه قيساً وقياساً ، وقُسته أقوسُه قوساً وقياساً. ولا يقال أقسته بالألف.

ويقال : قايسْتُ بين الشيئين ، أي : قادَرْت بينهما.

وقال أبو العباس : يقال : هو يَخْطو قِيساً ، أي : تجعل هذه الخُطوة مِيزان هذه الخُطوة. ويقال : «قَصر مِقياسُك عن مِقْياسي» ، أي : مِثالُك عن مثالي.

ورُوِي عن أبي الدَّرْداءِ أنّه قال : «خيرُ نسائكم التي تدخلُ قَيساً وتَخْرُج قَيْساً». أي : تُدَبّرُ في صَلاح بيتها لا تَخْرُقُ في مِهْنَتها.

وقاسَ الطبيبُ قَعْرَ الجِراحَة قَيْساً.

وأنشد :

إذا قاسَها الآسي النِطاسيُّ أدبَرَتْ

غثِيثتُها وازدادَ وَهْياً هُزُومُها

قسا : قال الليث : القَسْوةُ : الصَّلابة في كلِّ شيء والفعل قَسَا يَقْسُو فهوَ قاسٍ. قال : وليلة قاسيةٌ : شديدة الظُّلْمة.

أبو عبيد عن أبي عمرو : يومٌ قَسِيّ ، مِثال شَقِيّ ، وهو الشديد من حَرْب أو شَرّ.

وفي حديث ابن مسعود : أنه باعَ نُفايةَ بيتِ المال ، وكانت زُيُوفاً وقِسْياناً بدون وَزْنها ، فذُكِر ذلك لعُمَر فنَهاه ، وأَمَرَه أَن يَرُدَّها.

قال أبو عبيد : قال الأصمعي : واحد القِسْيان دِرْهَمٌ قَسِيّ مخفّف السين مشدد الياء على مِثال شقِيّ.

قال : وكأنّه أعرابُ قاشٍ. ومنه حديثه الآخر : ما يَسُرّنِي دِينُ الذي يأتي العَرّافَ بِدرهمٍ قَسِيّ.

وقال أبو زُبَيد يَذكر المَساحِيَ :

لها صَوَاهِلُ في صُمِّ السِّلَامِ كما

صاحَ القِسِيّاتُ في أَيدي الصَّياريفِ

١٧٩

ويقال منه : قد قسا الدرهم يَقْسو.

ومنه حديثٌ آخرُ لعبد الله أنه قال لأصحابه : أَتَدْرون كيف يَدْرُس العِلْم؟

فقالوا : كما يَخْلُقُ الثّوْبِ ، أَو كما يَقْسو الدرهم. فقال : لا ولكن دُروسُ العلم بمَوْت العُلماء.

وقال غيره : حَجَر قاسٍ : صُلْبٌ. وأرضٌ قاسية : لا تُنبِت شيئاً. وقَسَا : موضع بالعالية.

وقال ابن أحمر :

بَهْجلٍ مِن قَسَا ذَفِر الخُزامَى

تَداعَى الجِرْبِياء به الحَنِينَا

وعامٌ قَسِيٌ ؛ ذو قَحْط.

وقال الرَّاجز :

ويُطعِمون الشَّحْم في العامِ القَسِيّ

قُدْماً إذا ما احمرَّ آفاقُ السُّمِي

وأصبحت مثلَ حَواشي الأتْحَمِيّ

وقال شمر : العامُ القَسِيُ الشديد لا مَطَر فيه. وعشيَّةٌ قَسِيّة : باردة.

وقال أبو إسحاق في قوله : (ثُمَ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) [البقرة : ٧٤] ، تأويل قَسَت في اللغة غَلُظت ويَبِستْ وعَسَّتْ.

وتأويل القسوة في القلب : ذَهاب اللِّين والرحمة والخشوع منه.

أبو زيد : يقال : ساروا سيراً قَسِيّاً ، أي : سيراً شديداً.

ثعلب عن ابن الأعرابي : أقْسَى : إذا سَكَن قُسَاءً وهو جَبَل وكلُّ اسمٍ على فعالٍ فهو ينصرف ، وأما قُسَاءُ فهو على قُسَواء على فُعَلاء في الأصل. ولذلك لم يَنصرف.

وقس : قال الليث : الوَقْس : الفاحشة والذِّكر لها ، وقال العجاج :

وحاصنٍ من حاصِناتٍ مُلْسِ

عن الأذَى وعن قِراف الوَقْسِ

قال : والوَقْس : الصوت.

قلتُ : غَلِط الليث في تفسير الوَقْس فجعَلَه فاحشةً ، وأخطأ في لفظ الوَقْس بمعنى الصَّوت ، وصوابه : الوَقش بالشين.

أخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنه قال : رُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «دخلتُ الجنة فسمعتُ وقْشاً خَلْفي ، فإذا بلال»

. قال ابن الأعرابي : يقال : سمعتُ وقْشَ فلان ، أي : حَرَكته ، وقد مرَّ تفسيرُه في باب القاف والشين.

وقال ذو الرمة :

لأخفافها باللَّيل وقْشٌ كأنه

على الأرض تَرسافُ الظِّباء السَّوانح

وقال أبو عبيد : قال أبو زيد : الوقْشة والوقْش : الحركة. وأما الوَقْس فهو الجَربُ.

قال أبو عبيد : قال الأصمعي : إذا قارفَ البعير مِنَ الجَرَب شيءٌ قيل : إنَّ به لوَقْساً.

١٨٠