تهذيب اللغة - ج ٩

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٩

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥١

وقُبولاً ، وعلى فلان قَبول ، أي : تَقبَله العَيْن.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ ، يقال : قَبِلتُه قَبولاً وقُبولاً ، وعلى وجهه قَبول لا غير.

وقال اللحيانيّ : قَبلتْ عينُه ، وعَيْنٌ قَبْلاء ، وهي التي أقبلتْ على الحاجب. ورجل أقبَلُ وامرأة قَبْلاء.

ويقال : قد قَبَلَني هذا الجَبَل ثم دبرَني ، وكذلك قيل : عامٌ قابِل.

ويقال : قبَّلتُ العامل تقبيلاً ، والاسم القَبَالة. وتقبَّلَه العامِلُ تَقبُّلاً.

قال : والقَبَلة : حَجَر أبيضُ عظيم ، تجعل في عُنُق الفَرَس.

يقال : قَلَّدها بقَبَلَة. والقَبَل والقَبَلة من أسماء خَرَزِ الأعراب.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال رجلٌ من بني ربيعةَ بن مالك : «إنّ الحقّ بِقَبَل ، فمن تعدّاه ظَلَم ، ومَن قصَّر عنه عَجَز : ومَن انتهى إليه اكتفى».

قال : بِقَبَل ، أي : يَضِحُ لك حيث ، وهو مِثل قولهم : إن الحق عارٍ.

سلمة عن الفراء قال : لقيتُه مِن ذي قِبَل وقَبَل ، ومِن ذي عِوَض وعَوَض ، ومن ذي أُنُف ، أي : فيما يُستقبَل.

غيرُه : اذهبْ فأَقْبِله الطريق ، أي : دُلَّه عليه. وأقبلْتُ المِكْواة الداءَ. وأقْبلتُ زيداً مَرّةً وأدبَرْتُه أخرى ، أي : جعلتُه مرّةً أمامي ومرّةً خَلْفِي في المَشيِ. وقَبَلْتُ الجبلَ مرّةً ودبرْتُه أخرى.

والعرب تقول : «ما أنتَ لهم في قِبال ولا دِبار» ، أي : لا يَكترثون لك.

وقال الشاعر :

وما أنتَ إنْ غَضبتْ عامِرٌ

لها في قِبالٍ ولا في دِبارِ

ويقال : أتانا في ثوبٍ له قبائل ، وهي الرِّقاع.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : إذا رُقِّع الثوبُ فهو المقبَّل والمقْبول والمُرَدَّم ، والمُلَبَّد والمَلْبودُ. وقبائلا اللجام : سُيورُه ، الواحدة قبيلة.

وقال ابن مقبل :

تُرْخِي العِذارَ وإن طالت قبائلُهُ

عن حَشْرة مِثلِ سِنْفِ المَرْخةِ الصَّفِرِ

ويقال : رأيت قبائل من الطَّيْر ، أي : أصنافاً ؛ وكلُّ صنفٍ منها قَبيلة. فالغِربان قَبيلة ، والحمام قبيلة.

وقال الراعي :

رأيتُ رُدَافَى فوقَها مِن قَبيلةٍ

مِن الطَّير يَدْعوها أَحَمُّ شَحوجُ

يعني الغِرْبان فوق النَّاقة.

وقال شمر في كتابه في «الحيّات» : قُصَيْرَى قِبالٍ : حَيّة سمّاها أبو خَيْرة :

١٤١

قُصَيْرى ، وسمّاها أبو الدُّقَيش قُصَيْرى قِبال ، وهي من الأفاعي غير أنَّها أصغر جِسماً ، تَقتُل على المكان.

قال : وأَزَمَتْ بفرْسِنِ بعيرٍ فمات مكانَه.

عمرو عن أَبيه ، يقال للخِرْقة التي يُرَقَّع بها قَبّ القميص : القَبيلة ، والتي يُرقَّع بها صَدْرُ القميص اللِّبْدة.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : القَبيلة : صَخْرَة على رأس البئر. والعُقابان : دِعامَتا القَبيلة مِن ناحيتها جميعاً. وهي القَبيلة والمنزَعة.

قال : وعُقاب البئر : حيث يقوم الساقي.

أَبو عبيد عن أَبي زيد يقال لأحناء الرَّحْل : القبائل ، واحدتُها قبيلة.

بقل : قال الليث : البقْل من النبات : ما ليس بشجَرٍ دِقٍّ ولا جِلّ ، وفَرْقُ ما بين البَقْل ودِقّ الشجر أَنَ البقل إذا رُعِيَ لم يَبقَ له ساقٌ ، والشجر تَبقى له سُوق وإن دَقّت.

وابتَقَل القومُ : إذا رَعَوُا البقلَ. والإبل تُبتَقل وتتبقّل.

والباقِل : ما يَخرج في أعراض الشجر إذا ما دنَتْ أيامُ الربيع وجَرَى فيها الماء فرأيتَ في أعراضه شِبْهَ أَعيُن الجَراد قبل أَن يستبِين وَرقُه ، فذلك الباقل ، وقد أَبقَلَ الشجرُ.

ويقال عند ذلك : صارَ الشجرُ بَقْلةً واحدة. وأبقَلتِ الأرض فهي مُبْقلة ، والمَبْقَلة : ذات البَقْل.

أَبو عبيد عن الأَصمعي : أَبقَل المكان فهو باقل مِن نبات البَقْل ، وأَورَسَ الشجر فهو وارِسٌ : إذا أَوْرَقَ ، وهو بالألف.

وقال الليث : ويقال للأمرد إذا خرج وجهُه : قد بَقَل. وبقَل نابُ الجمل أَوّلَ ما يطلع. وجَمَلٌ باقِلُ الناب.

قال : والباقِليّ من نبات البَقْل : اسمٌ سوادِيّ ، وهو الفُول ، وحَمَلُه الجِرجِر.

وقال أَبو عبيد : الباقِليّ : إذا شدّدْت اللام فَصَرْت ، وإذا خفّفتَ مدَدْتَ فقلت : الباقلاء.

أَبو عبيد عن الأموي قال : مِن أَمثالهم في باب التشبيه : «إنه لأعْيَا من باقل».

قال : وهو رجل مِن رَبيعةَ ، وكان عَيِيّاً فَدْماً.

قال : وإياه عَنَى الأرَيْقِطُ في وصف رجلٍ ملأ بطنَه حتى عَيَّ بالكلام فقال :

أَتانا وما داناه سَحْبانُ وائل

بياناً وعِلْماً للذي هو قائلُ

فما زال عنه اللَّقْمُ حتى كأنه

مِن العِيّ لمّا أَن تَكلّمَ باقل

قال : وسحبان هو من ربيعة أيضاً من بكْر ، كان لسناً بليغاً.

قال الليث : بَلَغ مِن عيّ باقل أنه سئل : بكم اشتريتَ الظبيَ؟ فأخرج أصابعَ يديه ولسانَه ، أيْ : بأحدَ عشر ، فأفلتَ الظبيُ

١٤٢

وذهب.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : البُوقالة : الطَّرْجَهارة.

قلب : قال الليث : القَلْب : مضغةٌ مِن الفؤاد معلَّقة بالنِّياط.

وقال الله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) [ق : ٣٧].

قال الفراء : يقول : لمن كان له عَقْل.

قال : هذا جائز في العربية ، أن تقول ما لَك قَلْب وما قَلْبك معك ، تقول : ما عَقلُك معك فأين ذهبَ قَلْبُك ، أي : أين ذهب عَقْلك؟.

وقال غيره في قوله : (لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) ، أي : تفهُّم واعتبار.

وفي الحديث : أن موسى لما أجَر نفسه من شُعيب ، قال شعيب : لك من غنمي ما جاءت به قالبَ لون. فجاءت به كله قالب لون غير واحدة أو اثنتين. قالب لون ، تفسيره في الحديث : أنها جاءت بها على غير ألوان أمّهاتها.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «أتاكم أهل اليَمن ، هم أَرَقُ قلوباً وأليَنُ أفئدة» ، فوصَفَ القلوب بالرّقة والأفئدة باللين.

وكأن القلْبَ أخَصُّ من الفؤاد في الاستعمال. ولذلك قالوا : أصبت حبة قلبه وسُويداءَ قلبه.

وأنشد بعضهم :

ليتَ الغرابَ رمى حماطة قلبه

عمروٌ بأسهمه التي لم تُلغَبِ

وقيل : القلوب والأفئدة قريبان من السواءِ ، وكُرِّر ذكرهما لاختلاف لفظيهما تأكيداً.

وقال بعضُهم : سمِّي القلب قلباً لتقلبه ، وسمي فؤاداً لتحرقه على من يشفق عليه.

وقال الشاعر :

ما سمِّيَ القلبُ إلّا من تقلُّبِه

والرأيُ يصرِف بالإنسان أَطوارا

ورُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «سبحان مقلب القلوب والأبصار».

وقال الله جلّ وعز : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ) [الأنعام : ١١٠].

ورأيت من العرب من يُسمِّي لحمةَ القلب بشحمها وحِجابها قَلباً ، ورأيت بعضهم يسمُّونه فؤاداً ، ولا أنكر أن يكون القَلْب هي العَلَقة السوداء في جَوْفه ، والله أعلم ، لأنَ قَلْب كل شيء لُبه وخالصه.

وقال الليث : جئتُك بهذا الأمر قَلباً ، أي : محضاً لا يشُوبُه شيء.

وفي الحديث : «إنَّ لكلِّ شيءٍ قلباً ، وَقلب القرآن ياسين». وفي حديث يحيى بن زكرياء : «أنه كان يأكل الجراد وقُلوب الشجرِ» ، يعني ما رَخُص فكان رَخْصاً مِن البُقول الرَطْبَة.

وقَلْبُ النخلة : جُمّارُها وهي شَطْبَةٌ بيضاء

١٤٣

رَخْصةٌ في وَسَطها عند أعلاها كأنَّها قُلْب فضّةٍ رَخْصٌ طيّبٌ يسمَّى قَلْباً لبياضه.

والقُلْب من الأسوِرَة : ما كان قَلْداً واحداً.

ويقولون : سِوارٌ قُلْب. ويقال للجبّة البيضاءِ قُلْب تشبيهاً به.

وقال شمر : يقال : قَلْب وقُلْب لقَلب النخلة ، ويُجمَع قِلَبة.

وقال غيره : القُلْب بالضم : السَّقف الذي يَطلِعُ من القَلْب. والقُلْب هو الجُمّار.

وقال الليث : القَلْب : تحويلُك الشيءَ عن وجهِه. وكلامٌ مقلوب ، وقد قلبتُه فانقلَب ، وقلّبتُه فتقلّب. والقَلْبُ : صَرْفُك الرجلَ عن جهةٍ يريدُها. والمُنْقَلب : مَصيرُ العباد في الآخرة.

والقُلَّب الحُوَّل : الذي يقلّب الأمورَ ويصرِّفُها ويحتال لا تِّساقها.

ورُوي عن معاوية أنَّه كان يقلَّب على فراشه في مَرَضه الذي مات فيه.

فقال : «إنّكم لتُقلّبون حُوَّلاً قُلّباً إنْ وُقِيَ هَوْلَ المُطّلَع».

وقال الليث : القَليب : البئر قَبل أن تُطْوَى ، فإذا طُويتْ فهي الطَوِيّ ، وجمعه القُلَب.

وقال ابن شُميل : القَليب : اسمٌ مِن أسماء الرَّكيّ مطويّةً أو غير مطويّة ، ذات ماء أو غير ذات ماء جَفْراً أو غيرَ جَفْر ؛ والجميع القُلب.

قال الأزهري : وقال غيره : البئر العادية : القديمة ، مطويّةً كانت أو غير مطويّة. ذات ماء أو غير ذات ماء ، جفر أو غير جفر.

وقال شمر : القَليب : اسمٌ مِن أسماء البئر البَدِيء والعاديّة ، ولا يُخَصّ بها العاديّة.

قال : وسمِّيت قليباً لأنّ حافرَها قَلَب تُرابها.

وقال الليث : القِلِّيب والقِلَّوْب : الذِّئبُ بلُغة أهل اليَمَن. وبعضهم يقول : قِلَّاب.

ومنه قولُه :

أَيا جَحْمَتَا بكيِّ على أمّ واهِبِ

قتيلة قَلِّوْب (١) بإحدى الذنائبِ

وقال ابن الأعرابي في القِلّيب والقِلَّوْب نحواً منه.

والقَلَب : انقلاب في الشَفَة ، فهي قَلْباء وصاحبُها أَقْلَب.

وأخبرني المنذري عن المفضّل بن سَلَمة في قولهم : ما به قَلَبة.

قال الأصمعيّ : أي ما به داء ، وهو القُلَاب ، داءٌ يأخذ الإبل في رؤوسها فيَقلِبُها إلى فوق.

__________________

(١) قبلها في المطبوع : «(قليب). والمثبت كما في «العين» (قلب ـ ٥ / ١٧٢). ورواية عجز البيت في «اللسان» (قلب ـ ١١ / ٢٧٢): «أكيلةِ قِلَّوبٍ ببعض المَذانبِ».

١٤٤

قال : وقال الفرّاء : معناه : ما به عِلّةٌ يُخْشى عليه منها ؛ وهو مأخوذ من قولهم.

قُلِب الرجل : إذا أصابه وجعٌ في قَلْبه وليس يكاد يُفْلِتُ منه.

قال : قال ابن الأعرابي : أصل ذلك في الدوابّ. أي : ما به داءٌ يقلَّب منه حافره.

وأنشد :

ولم يُقلِّبْ أرضَها البَيْطارُ

ولا لِحَبْلَيه بها حَبَارُ

قال : وقال الطائيّ : معناه : ما به شيء يُقْلقُه فيتقلَّب مِن أجلِه على فراشِه.

أبو عبيدٍ عن الأصمعيُ : إذا عاجَلَت الغُدَّة البعيرَ فهو مَقْلوب. وقد قُلِب قُلَاباً.

وقال الليث : ما به قَلَبَةٌ ، أي : لا داء ولا غائلة.

ويقال : قَلَب عينَه وحِمْلاقَه عند الوَعيد والغضب.

وأنشد :

قالبَ حملَاقَيْهِ قد كاد يُجَنْ

قال : والقالَب دَخيل. ومنهم من يقول : قالِب.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ ، قال : القُلْبَة : الحُجْرة.

أبو عبيد عن الأمويّ في لغةِ بلحارث بن كعب : القالِب : البُسْر الأحمر يقال منه : قَلَبتِ الْبسْرة تَقْلِبُ إذا احمرّت. أبو عبيد : هو عَرَبيٌ قَلْب ، وامرأة عربيَة قَلْبَةٌ وقَلْب ، وكذلك هو عَرَبيٌّ مَحْض.

وقال أبو وَجْزة يصف امرأة :

قَلَبٌ عَقيلةُ أقوامٍ ذَوي حَسَب

يَرمِي المقانبُ عنها والأراجيلُ

وقال أبو زيد : قلبتُ فلاناً : إذا أصبتَ قَلْبَه ، فهو مَقْلوب. وقَلَبتُ المملوكَ عِنْد الشِّرَى أَقلِبه قَلْباً : إذا كشفْتَه لتَنظُر إلى عيوبه.

أبو عبيد عن الفراء : أقْلَبَت الخُبزةُ : حانَ لها أن تُقْلَب.

وقال غيره : قَلَب المعلِّم الصِّبيانَ قَلْباً : إذا رَجَعُهم إِلى منازلهم.

وقال أبو زيد : يقال للبليغ من الرجال : قد رَدَّ : قالَبَ الكلام ، وقد طَبَّق المَفْصِل ، ووَضَع الهِناءَ مواضع النُّقْبِ.

لقب : قال الليث : اللَّقَب : النّبَز ، اسم غير الذي سُمِّي به.

قال الله جلّ وعزّ : (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) [الحجرات : ١١].

يقول : لا تَدْعُوا الرجلَ إلَّا بأحبّ أسمائه إليه.

وقال الزجاج في قوله : (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) يقول : لا يقول المسلم لمن كان يهوديّاً أو نصرانياً فأسلم : يا يهوديُّ يا نصرانيُّ ، وقد آمن.

وقال الليث : يقال : لقّبتُ فلاناً تلقيباً.

ولَقَّبْتُ الاسمَ بالفِعل تَلْقيباً : إذا جعلتَ له

١٤٥

مِثالاً مِن الفِعْل ، كقولك للجَوْرَب : فَوْعَل.

بلق : قال الليث : البَلَق والبُلْقَة : مصدر الأبلق.

يقال للدابة أَبْلَق وبَلْقاء ، والفِعلَ بَلِقَ يَبْلَق.

والعرب تقول : دابّةٌ أبلَق. وجَبَل أبْرَق.

وجَعل رُؤبة الجبالَ بُلْقاً فقال :

بَادَرْنَ رِيحَ مَطَرٍ وبَرْقاً

وظُلمةَ الليلِ نِعافاً بُلْقَا

ويقال : ابلَقَ الدابَّةُ يَبْلَقُ ابلِقاقاً ، وابلَاقَ ابلِيقاقاً ، وابلَوْلَقَ ابليلاقاً فهو مبلَقٌ ومبلاقٌ وأبلق.

وقلَّما تراهم يقولون : بَلِقَ يَبْلَق ، كما أنَّهم لا يقولون : دَهِمَ يَدْهَم ولا كَمِتَ يَكْمَتُ.

وقال الليث : البَلُّوقة والجمع البَلاليق ، وهي مواضع لا يَنْبُت فيها الشجر.

وقال أبو عبيد : السبارِيتُ الأَرَضون التي لا شيء فيها ، وكذلك البَلاليق والمَوَامِي.

وقال الليث : بَلَقْتُ البابَ فانبَلَقَ : إذا فتحتَه كلَّه وفي لغة أَبلقْتَ.

أبو عبيد عن أبي عبيدة : بَلَقْتُ البابَ وأبلَقْتُه بمعنى واحد ، أي : فتحته.

عمرو عن أبيه : البَلْق : فتح كَعْبة الجارية.

وأنشد لفتًى من الحيّ :

رَكَبٌ تَمَّ وتَمَّت رَبَّتُه

قد كان مختوماً ففُضّتْ كُعْبتُه

قال : والبَلَق : الحُمقُ الذي ليس بمُحْكَم بَعْدُ.

وقال أبو نصر : البَلَق : بَلَقُ الدابة. قال : والبَلَق : الفِسْطاط.

وقال امرؤ القيس :

فليأت وسط قبابِه بَلَقِي

وليأت وَسطَ حمِيهِ رَحْلي

وقال أبو خَيرة : البَلُّوقة : مكانٌ صُلْب بين الرِمال كأنه مَكْنوس ، ويزعم الأعراب أنَّه مِن مساكن الجنّ.

شمر عن الفرّاء : البَلُّوقة : أرضٌ واسعة مُخْصِبة لا يشارِكُك فيها أحد ، وجمعُها بَلاليق.

يقال : تركتُهمْ في بَلُّوقة مِن الأرض.

قال : وقال ابنُ الأعرابي : البَلُّوقة : مكان فسيحٌ من الأرضِ ، بسيطةٌ تنبت الرُّخامَى لا غيرها.

ونحو ذلك قال المؤرِّج.

وقال ذو الرمة يصف الثور :

يَرُودُ الرُّخامَى لا تَرَى مُسْتَرادَه

ببَلُّوقةٍ إلّا كثير المَحافِرِ

أراد أنه يَستثير الرُّخامى.

لبق : قال أبو بكر : اللَّبِق : الحلو الليِّن الأخلاق.

قال : وهذا قول ابن الأعرابي.

قال : ومن ذلك الملبّقة ، إنما سمِّيت ملبَّقة

١٤٦

للينها وحلاوتها.

وقال قوم : معناه : الرفيق اللطيف العمل.

قال رؤبة :

قبّاضة بين العنيف واللَّبِق

أبو زيد : اللَّبِقة من النساء : الحسنة الدل اللبيبة الصناع.

وقال الفراء : اللبِقة : التي يشاكلها كلُّ لباسٍ وطِيب.

قال الليث : رجل لَبِق ويقال : لَبيق ، وهو الرفيق بكلِّ عمل ، وامرأة لَبيقة : لطيفة رقيقة ظريفة ، ويَلْبَقُ بها كلّ ثوب. وهذا الأمر يَلبَق بك ، أي : يَزْكو بك ويوافقك.

والثريد المُلَبَّق : الشديد التثْريد.

وفي الحديث : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «دعا بثريدةٍ ثم لَبَّقَها». قال أبو عبيد : أي جمَعَها بالمِقْدحة.

وقال شمر : قال ابن المظفَّر : لُبِّقت الثريدةُ : إذا لم تكن بلحم.

وقيل : ثريدة ملبَّقةٌ : خُلِطَتْ خَلْطاً شديداً.

ق ل م

قلم ، قمل ، لمق ، لقم ، ملق ، مقل : مستعملات.

لمق : قال الليث : اللَّمَقُ : لَمَقُ الطريق ، وهو قلب لَقَّم. وقال رؤبة :

ساوَى بأيديهنّ مِن قَصْد اللَّمَقْ

اللِّحيانيّ : خَلِّ عن لَمَقِ الطريق ولَقَمه.

أبو عبيد عن أبي زيد : نمقته أنمِقه نمقاً ، ولمقته ألمقه لمقاً : كتبته.

شمر : لمقت من الأضداد ، بنو عقيل يقولون : لمقت كتبت.

وسائر قيس يقولون : لمقت : محوت.

الفراء : لمقتُ عينَ الرجل لَمْقاً : إذا رميتَها فأصَبْتَها.

أبو عبيد عنه قال الأصمعي : ما ذُقْتُ لمَاقاً ولا لمَاجاً.

قال : واللَّمَاق يُصلح في الأكل والشرب.

وأنشدنا لنهشَل بن حَرِّيّ :

كبرقٍ لاح يُعجِب مَن رآه

ولا يَشفي الحَوائم مِنْ لماقِ

وقال أبو عمرو : اللَّمْق : اللّطْم.

يقال : لمقْتُه لَمْقاً.

ثعلب عن ابن الأعرابي : اللُّمُق : جمعُ لامِق ، وهو الذي يَبدأ في شَرِّه يَصْفِقُ الحَدَقَة.

يقال : لمق عينَه : إذا عَوَّرَها.

لقم : أبو عبيد عن الفراء : لقمتُ الطريق وغير الطريق ألقُمه لَقْماً : سَدَدْتُ فمَه. واللقَم محرَّك : معظَم الطريق. غيره : لقمتُ اللقْمة ألقَمها لَقْماً : إذا أخذْتَها بفيك.

وألقمتُ غيري لُقْمة فلقمِها ، والتقمْتُ لُقْمةً ألتَقِمها الْتِقاماً.

وقال ابن شميل : أَلقَمَ البعيرُ عَدْواً : بينما

١٤٧

هو يَمشي إذْ عَدا ، فذلك الإلقام. وقد ألقمَ عَدْواً وألقمتُ عدواً.

وقال الليث : لقمُ الطّريقِ : منفرَجُه ، تقول : عَلَيْكَ بلَقَم الطّريق فالزَمْه.

واللُّقمة : اسمٌ لما يهيّئُه الإنسان للالتقام.

واللَّقمة : أكلُها بمَرّة. تقول : أكلت لُقمةً بلَقمتيْن ، وأكلتُ لُقمتين بلقْمة. وأَلقمتُ فلاناً حَجَراً.

قلم : قال الله جل وعزّ : (إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) [آل عمران : ٤٤].

قال الزجاج : الأقلام : هاهنا القِداح ، قال : هي قِداحٌ جعلوا عليها علاماتٍ يَعرفون بها مَن يكفُل مريم على جهة القُرَعة. قال : وإنما قيل للسَهْم قَلَم لأنّه يُقلَم ، أي : يُبْرَى. وكلُّ ما قطعتَ منه شيئاً بعد شيء فقد قلَمته من ذلك القَلَم الذي يُكتَب به ، وإنّما سمّي قَلَماً لأنّه قُلِم مَرّةً بعد مرّة. ومِن هذا قيل : قلّمت أظفاري.

سلمة عن الفراء : يقال للمقراض المقلام والقلمان والجلمان ونحو ذلك.

وقال الليث : قلمت الشيء : بريته.

ثعلب عن ابن الأعرابي : القَلَمة : العُزّاب من الرجال ، الواحد قَالم ، ونساء مقلَّمات.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : القَلَم : طول أيْمَةِ المرأة ، وامرأة مقلَّمة ، أي : أيِّمٌ.

قال : ونظر أعرابيٌّ إلى نساء فقال : إنِّي أظنّكنّ مقلَّمات بغير أزواج.

شمر : المِقْلم : طرف قضيب البعير وفي طَرَفه حُجْنة ، فتلك الحُجْنة المقْلَم.

وجمعُه مَقالم.

وقال الليث : القَلْم : قطع الظُّفر بالقلَمين وبالقَلَم ، وهو واحدٌ كلّه.

قال : والقُلَامة هي المقلومة عن طَرَف الظُّفر.

وأنشد :

لما أبيتم فلم تَنْجُوا بمظلِمة

قِيسَ القُلامةِ مما جَزَّهُ الجَلَمُ

والقُلَّام : القاقُلَّى.

وقال لبيد :

مسجورةً متجاوِراً قُلَّامُها

قلتُ : والقُلّام من الحَمْض لا ساقَ له.

والإقليم : واحد الأقاليم ، وأحسبه عربيّاً.

وأهل الحساب يزعمون أنَّ الدنيا سبعة أقاليم كلّ إقليمٍ معلوم.

وقَول الفرزدق :

رأت قريشٌ أبا العاصي أحقَّهمُ

باثنين : بالخاتم الميمون والقلمِ

قيل : أراد بالقلم القضيب الذي يختصر به ، سمِّي قلماً لأنه يُقلم ، أي : يقطع من شجرة وينقّح للاختصار به. والقلْم : القطع. وقيل : أراد بالقلم الخلافة. وذو القلمين كان وزيراً لبعض الخلفاء. كأنَّه

١٤٨

سمِّي إقليماً لأنَّه مقلومٌ من الإقليم الذي يُتاخمه ، أي : مقطوع عنه.

ملق : قال الليث : المَلَق : الوُدُّ واللُّطْف الشديد.

قال العجّاج :

إيّاك أَدْعو فتَقبَّل مَلَقي

قال : يعني دُعائي وتضرُّعي.

ويقال : إنّه لمَلّاق متملِّق ذو مَلق ، ولا يقال منه فَعَل يَفعَل ، إلّا على يتملَّق.

الحَرّانيُّ عن ابن السكيت : المَلْق : الرّضعُ.

يقال : مَلَقَ الجَدْيُ أُمَّه يَملقُها : إذا رضعَها. والمَلْقُ أيضاً : المرُّ الخفيف.

يقال : مرَّ يَملُق الأرض مَلْقاً ، ويقال : مَلَقه مَلقاتٍ : إذا ضرَبه. والمَلق من التملّق ، وأصله من التليين.

ويقال للصَّفاة الملساء اللَّينة مَلَقة ، وجمعها مَلَقات.

قال الهُذَلي :

أتيحَ لها أقَيْدِرُ ذو حَشِيفٍ

إذا سامَتْ عَلَى المَلقات ساما

وقال الراجز :

وحَوْفل ساعِدُهُ قد امَّلقْ

أي : لانَ.

وقال الليث : الإملاق : كثرة إنفاق المال وتبذيرُه حتَّى يُورِّث حاجة.

وفي الحديث : أنَّ امرأةً سألت ابنَ عباس : أَأُنفق مِن مالي ما شئتُ؟ قال : نعم أمْلِقِي من مالك ما شئت.

قال الله : (خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) [الإسراء : ٣١] ، معناه خشية الفقر والحاجة.

وقال ابن شميل : إنّه لمُملِق ، أي : مُفْسِد.

والإملاق : الإفساد.

وقال شمِر : أَمْلق لازم ومُتعدّ ، يقال : أَمْلق الرجُل فهو مُملق : إذا افتقَر فهذا لازمٌ. وأَمْلق الدَّهرُ ما بيده.

وقال أَوْس بن حَجَر :

لما رأيتُ العُدْمَ قَيّدَ نَائِلي

وأَمْلَق ما عندي خُطوبٌ تَنَبَّلُ

وقال الليث : المالَق : الذي يملِّسُ به الحارثُ الأرضَ المُثَارَةَ.

وقال أبو سعيد : يقال لمالج الطيان مالق ومِمْلَق.

وقال النضر : قال الجَعْديّ : المالق : خشبةٌ عريضةٌ تُشَدُّ بالحبال إلى ثَوْرَيْن يقوم عليها رجلٌ ويجرُّها الثوران فتعفِّي آثار السِّنّ.

وقد مَلَّقوا الأرض تمليقاً : إذا فعلوا ذلك بها.

قلتُ : مَلَّقُوا وملَّسُوا واحد ، وهي تمليس الأرض ، فكأَنّه جعل المالق عربيّاً.

وقال غيره : مَلَق الرجُلُ جاريتَه ومَلَجَها :

١٤٩

إذا نكحها كما يَمْلُق الجَدْي أُمَّه : إذا رَضَعها.

أبو عبيد : مَلَقْتُ الثَّوْبَ أملُقُه مَلقاً : إذا غَسَلْتَه.

وقال خالد بن كلثوم : الملِق من الخيل : الذي لا يوثق بجَرْيه ، أُخِذَ من مَلق الإنسان الذي لا يَصْدُق في مودَّته.

وقال الجعديّ :

ولا مَلِق يَنْزُو ويُنْدِرُ رَوْثَه

أحادَ إذا فأسُ اللِّجام تَصَلصَلَا

وقال الأصمعي : الملق : الضعيف.

وقال أبو عبيدة : فرسٌ مَلِقٌ والأنثى ملقة ، والمَصْدَر الملَق ، وهو أَلْطَفُ الحُضْر وأسرعُه.

وأنشد بيت الجَعْدِيّ.

ويقال : وَلَدَتْ الناقةُ فخرج الْجَنين مَلِيقاً من بطنها ، أي : لا شَعَرَ عَليه. والملَق : المُلوسَة.

وقال الأصمعيّ : الْجَنين مَليط بالطاء بهذا المعنى.

عمرو عن أبيه : الملَق : اللِّينُ من الحيوان والكلامِ والصُّخُور.

وفي حديثِ عَبيدةَ السَّلْمانيّ : أنَّ ابنَ سِيرِين قال له : ما يوجب الْجَنابة؟ قال : «الرَّفُّ والاستملاق». الرفّ : المصُّ.

والاستملاق مَنْ مَلق الجديُ أمّه إذا رضَعَها. وأراد أنَّ الذي يُوجب الغُسل امتصاصُ فمِ رحم المرأة ماءَ الرجل : إذا خالطها ، كما يَرضَع الرضيعُ إذا لَقِمَ حَلمةَ الثدي.

مقل : قال الليث : مُقلةُ العَين : سوادُها وبياضُها الذي يدور كله في العين ، يقال : مَقَلْتُه بعيني ومَا مقَلَتْ عينايَ مِثله ، أي : ما أبصرَتْ.

ابن الأنباريّ قولهم : ما مقَلتْ عيني مثله ، أي : ما رأت ولا نظرت ، وهو فعلت من المُقْلة ، وهي الشحمة التي تجمع سوادَ العين وبياضَها.

والحدَقة : السواد دون البياض.

وقال : سمعت بالغَرَّاف يقولون : سَخِّن جبينك بالمقْلة. شبه عينَ الشمس بالمقلة.

قال شمر : قال ابن الأعرابي : المُقْلة : العَين كلها ، وإنما سميت مقلة لأنها ترمي بالنَّظر. والمَقْل : الرمي.

وقال غيره : المقلة : تجمع سواد العين والبياض تحت الجفن.

والحدقة : السواد لا غير. وفي الحدقة الإنسانُ ، وفي الإنسان الناظرُ.

أبو عبيد عن أبي عمرو : المَقْلة : الحصاةُ التي يُقسم عليها الماء في السَّفَر إذا قَلَّ ، فتُلقَى في قَدَح ويُصَبُّ عليها من الماء ما يَغمرُها.

وأنشد ليزيد بن طُعْمة الخطمِيُّ :

١٥٠

قَذَفوا سَيِّدَهم في وَرْطَةٍ

قَذْفَكَ المَقْلَةَ وَسْطَ المعتَرَكْ

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا وَقَع الذُّبابُ في إناء أحدكم فامْقُلوه ، فإن في أحد جناحَيْه سَمّاً وفي الآخر شِفاء وإنه يؤخِّر الشفاء ويقدِّم السُّمّ»

. قال أبو عبيد : قوله فامقُلوه ، يعني فاغمسوه في الطعام أو الشراب ليُخرج الشفاءَ كما يُخرجُ الداء.

والمَقْل : الغَمْس : ويقال للرجُلين إذا تفاطَّا في الماء ، هما يتماقلان.

قال : والمَقْل في غير هذا النَّظر.

روي في الحديث : أن ابن لقمان الحكيم قال لأبيه : أرأيت الحبة التي تكون في مَقْل البحر؟

أي : في مَغاص البحر.

يقال : مقل يمقُل : إذا غاص ويقال : نَزَحت البئر حتى بلغت مقلها ، أي : قعرها.

وقال الليث : المقْلُ : ضَرْبٌ من الرضاع.

وأنشد في وصف الثَّدى :

كثَديِ كَعابٍ لم يُمَرَّثَ بالمَقلِ

قال : نَصَب الثاء على طلب النون.

قلت : وكأنَ المقْل مقلوبٌ من المَلْق ، وهو الرَّضاع.

قال ؛ والمُقْل : حَمْلُ الدَّوْم. والدوْمُ : شجرةٌ تشبه النَّخلة في حالاتها.

قال : والمُقْل : الكُنْدُر الذي تتدخِّن به اليهود ، ويُجعَل في الدواء.

وقال شمر : قال بعضهم : لا نَعرف المقْل المغْمس ، ولكنَ المقْل أن يُمقَل الفَصيلُ الماءَ إذا آذاه حَرُّ اللبن فيؤجر الماء فيكون له دواء ، والرجل يَمرَض ولا يسمع شيئاً فيقال : امقلوه الماءَ واللبنَ وشيئاً من الدواء ، فهذا المقْل الصحيح.

وقال أبو عبيدة : إذا لم يَرضع الفَصيل أُخِذ لسانُه ثم صُبَّ الماءُ في حَلْقِه وهو المقل. وقد مَقَلْتُه مَقْلاً.

قال : وربَّما خرج على لسانه قُروحٌ فلا يَقدِر على الرضاع حتى يُمقَل.

وأنشد :

إذا استَحَرَّ فامْقُلوه مَقْلا

في الحَلْق واللهاةِ صُبُّوا الرِّسْلا

وفي حديث ابن مسعود في مسح الحصى في الصلاة قال : مرة ، وتركها خير من مائة ناقة لمقْلة.

قال أبو عبيد : المقلة هي العين. يقول : تركها خير من مائة ناقة يختارها الرجل على عينه ونظره كما يريد.

قال أبو عبيد : قال الأوزاعي : معناه : أنه ينفقها في سبيل الله.

قال أبو عبيد : هو كما قال الأوزاعيّ ، ولا يريد أنه يقتنيها.

وقال : أمقلته ، أي : أغضبته ، ويقال : أسمعته ذَا مَقَل ، أي : ما أغضبه.

١٥١

وقال أبو وجزة :

فاسمع ولا تسمع لشيءٍ ذي مَقَلْ

قمل : قال الليث : القَمْل معروف.

وفي الحديث : «مِن النساء غُلٌ قَمِل يقذِفها الله في عُنُق من يشاء ثم لا يخرجها إلا هووذلك أنهم كانوا يَغُلون الأسير بالقدْ فيقمَل القِدّ في عُنقه.

أبو عبيد عن أصحابه : القَمَليّ من الرجال : الحقير الصغير الشأن.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : رجلٌ قَمليّ : إذا كان بَدَوِيّاً فصار سَوادِياً.

وقال الله جل وعز : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ) [الأعراف : ١٣٣].

قال الفراء : القُمَّل : الدَّبى الذي لا أجنحةَ له.

قلت : وهذا يُروَى عن ابن عباس مِن رواية ابن الكلبيّ.

قال ابن الأنباري : قال عكرمة في قول الله : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ).

قال : القُمل : الجنادب ، وهي الصغار من الجراد ، واحدتها قُمَّلة.

قال : وقال الفراء : يجوز أن يكون واحد القمَّل قاملاً ، مثل : راكع وركّع ، وصائم وصُيّم.

وأخبرني المنذري عن الحراني عن ابن السكيت قال : القُمل : شيءٌ يقع في الزرع ليس بجراد فيأكل السُّنبلةَ وهي غَضَّة قبل أن تخرج فيطول الزرعُ ولا سُنبلَ له.

قلت : وهذا هو الصحيح.

قال : وقال أبو عبيدةَ : القُمَّل عند العرب : الحَمْنان.

أبو عبيدٍ عن أبي الحسن العَدَوِيّ : القُمّل دوابٌّ صِغارٌ من جنس القِرْدان إلا أنها أصغر منها ؛ واحدتها قُمَّلة.

وقال الليث : القُمَّل : دَوابُّ صغارٌ من جنس القِرْدان إلا أنها أصغر منها ، واحدتها قُمَّلة.

وقال الليث : القُمَّل : الذَّر الصغار ، ويقال : هو شيء أصغر من الطَّير الصغير ، له جَناح أحمر أكدَر.

ثعلب عن ابن الأعرابي : قَمِل القوم : كثروا.

وقَمِل الرجل بعد هزال : إذا سمن. وقمل رأس الرجل.

وأنشد :

حتى إذا قملت بطونكُمُ

ورأيتم أبناءكم شبُّوا

وقال الليث : امرأة قَمَليّة : قصيرة جدّاً.

أبو عبيد عن أبي عمرو : قَمِل العَرْفَج قَمَلاً : إذا اسوَدَّ شيئاً بعد مطر أصابَه فلانَ عودُه. شُبِّه ما خرج منه بالقمَّل.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : المِقْمَل : الذي استَغنى بعد فَقْر.

١٥٢

أبواب القاف والنون

ق ن ف

قنف ، قفن ، نقف ، نفق ، فنق : مستعملة.

قنف : قال الليث : الأُذن القَنفاء : أذن المِعزَى إذا كانت غليظةً كأنها نَعْلٌ مخصوفة ، ومن الإنسان إذا كانت لا أطَر لها.

قال : وكمَرة قَنْفاء ، وذكر قصةً لهمام بن مرَّة وبناتِه يَفْحُش ذِكرها فلم أكتُبها (١).

وقال أبو عبيدة : فَرش أقنف ، وهو الأبيض القفا وَلونُ سائره ما كان ، والمصدَر القَنف.

ثعلب عن ابن الأعرابي : أقْنفَ الرجُل : إذا استرخت أذُنُه.

عمرو عن أبيه : قال : القَنف واللَّخْن : البياض الذي على جُردان الحمار.

وقال ابن الأعرابي : استَقْنَف الرجلُ وأَقنَف : إذا اجتمع له رأيُه وأمرُه في مَعاشه.

وقال الليث : رجلٌ قُنافٌ : إذا كان ضَخْمَ الأنف. ويقال : هو الطويل الجسم الغليظة.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : القِنَّف والقِلَّف : ما تطايرَ مِن طِين السَّيْل عن وجه الأرض وتَشقَّق.

أبو عبيد عن أبي عمرٍو قال : القَنيف والقَنيب : جماعات الناس.

قال : والقَنيف أيضاً : السحاب ذو الماء الكثير.

نقف : قال الليث : النَّقْف : كسرُ الهامة عن الدِّماغ ونحو ذلك ، كما يَنقُف الظَّليم الحنظلَ عن حَبِّه. والمُناقَفةُ : المُضارَبة بالسيوف على الرؤوس.

وقال لبيد يصف الخمر فجعلَ النَّقْف مَزْجاً :

لذيذاً ومنقوفاً بِصافِي مَخيلةٍ

من الناصِع المحمودِ من حَمر بابلا

أراد ممزوجاً بماءٍ صاف من ماء سحابة.

وقيل : المنقوف المَبْزُول من شراب الدَّنّ ، نَقَفْتُه نَقْفاً ، أي : بَزَلْتُه.

وقال أبو عمرو : يقال للرجلين جاءا في نِقابٍ واحدٍ ونِقافٍ واحد إذا جاءا في مكان واحد.

وقال أبو سعيد : إذا جاءا متساويَين لا يتقدَّم أحدهما الآخر. وأصلُه الفَرْخان يخرجان من بَيضة واحدة.

ويقال : أنقف الجرادُ بيضَه. ونقفت البيضة ونقبت واحدٌ ، قاله ابن الأعرابي.

وقال أبو خيرة : يركب الجراد بعضُه بعضاً. فيدفن بيضه. وهو الرَّزّ. ثم يَسرأ.

__________________

(١) لم ترد هذه القصة في مطبوع «العين» (٥ / ١٧٦) ، مادة (قنف).

١٥٣

ويقال : نحتَ النحّاتُ العُودَ فترَك فيه مَنْقَفاً : إذا لم يُنْعِمْ نَحْتَه ولم يُسوِّه.

وقال الراجز :

كِلْنَا عليهنّ بمُدٍّ أجوَفا

لَم يَدَع النَّقَّافُ فيه مَنْقَفا

إلّا انتَقى مِنْ حَوْفِه ولَجَّفا

وقال الليث : المِنْقاف : عَظْم دُوَيْبَّة تكون في البحر تُصْقَل به الصُّحُف ، له مَشَقٌّ في وَسَطه. ورجلٌ نقَّاف : صاحب تدبير ونَظَرٍ في الأشياء.

ويقال : نَقَفَ رأسَه ونقَخَه : إذا ضربه على رأسه حتَّى يخرج دِماغُه. ونَقَفَ الرُّمّانة : إذا قَشَرَها ليَستخرج حَبَّها.

فنق : قال الليث : ناقة فَنَق : جسيمة حَسنَةُ الْخَلْق. وجارية فُنُق : مُفَنَّقَةٌ منعَّمة فَنّقَها أهلها تفنيقاً وفِناقاً.

قال : والفَنِيق : الفَحْل المُقْرَم لا يُركَب على أهله. والتَّفَنُّق : التنَعُّم ، كما يُفَنّق الصبيَّ المُتَرَفَ أهلُه.

أبو عبيد عن الأصمعي : [وامرأة](١) فُنُق : قليلةُ اللّحْم.

وقال شمر : لا أعرف امرأةٌ فُنُق قليلة اللّحْم ولكنَ الفُنُق المنعَّمة ، وفَنَّقَها : نَعَّمَها.

وأنشد قول الأعشى :

هِرْكَوْلَةٌ فُنُقٌ دُرْمٌ مَرافِقُها

وقال : لا يكون دُرْمٌ مرافقها وهي قليلةُ اللّحْم.

قال : وقال بعضهم : ناقة فُنُق : إذا كانت فَتِيَّةً لَحِيمةً سمينةً ، وكذلك امرأة فُنُق : إذا كانت عظيمةً حَسْناء.

مَضبورةٌ قَرْواءُ هِرْجابٌ فُنُق

قال : والفُنُق : الفَتِيَّة الضَّخمة.

وقال ابن الأعرابي : فُنُقٌ كأَنَّها فَنيق ، أي : جَمَل فَحْل.

أبو عبيد عن أبي عمرو : الفَنيقة : الغِرارة ، وجمعُها فَنائق.

وأنشد :

كأنَّ تحت العِلْو والفَنائق

مِن طُولِه رَجْماً على شَواهِق

عمرو عن أبيه : الفَنيقة : المرأة المنعَّمة تفَنَّقْتُ في أمر كذا ، أي : تأنّقْت وتنطّعْتُ.

قفن : قال عمر بن الخطاب : إنِّي لأستعمل الرَّجل القويَّ وغيرُه خيرٌ منه ، ثم أكون على قَفَّانه.

يقول : أكون على تتبع أمره حتّى أستقصيَ علمه وأعرفه.

قال أبو عبيد : ولا أحسب هذه الكلمة عربية ، إنما أصلها قَبّان. ومنه قول العامة : فلانٌ قَبّانٌ على فلان : إذا كان

__________________

(١) زيادة من «اللسان» (فنق).

١٥٤

بمنزلة الأمين عليه والرئيس الذي يتتبع أمره ويحاسبه. ولهذا سمِّي هذا الميزان الذي يقال له القبان : القبان.

وقال ابن الأعرابي : القفَّان عند العرب الأمين. قال : وهو فارسيٌّ عُرّب.

قال أبو عبيدة : هو الذي يتتبّع أمرَ الرجل ويحاسبهُ.

قال أبو عبيد : قَفَّانُ كلِّ شيء : جِماعُهُ واستقصاء معرفته.

عمرو عن أبيه : القَفِين : المذبوح مِن قفَاه.

ثعلب عن ابن الأعرابي : هذا يومُ قَفْنٍ : إذا كان ذا حِصار.

ورُوِي عن النخعيّ أنه قال فيمن ذَبَح فأَبانَ الرأسَ قال : «تلك القَفِينةُ لا بأس بها». قال أبو عبيد : القَفِينة كان بعضُ الناس يُرى أنها التي تُذبَحُ مِن القَفا ؛ وليست بتلك ، ولكن القَفِينة التي يُبانُ رأسُها بالذَّبح وإنْ كان من الحَلْق.

قال أبو عبيد : ولعلّ المعنى يرجع إلى القَفا ، لأنه إذا أبان لم يكن له بُدٌّ من قطْع القَفا.

وقد قالوا : القَفَنّ للقَفا ، فزادوا نوناً.

وأنشد للراجز في ابنه :

أُحِبُّ منكَ موضعَ الوُشْحَنّ

ومَوضعَ الإزار والقَفَنِ

وقال أبو جعفر بن جَبَلة : قال ابن الأعرابي مِثله ، وقال : قَفَّن رأسَه وقَنَّفه : إذا قَطَعه فأَبانَه.

قال : وقال غيره : اقْتَفَنْتُ الشاة والطائرَ : إذا ذبَحْتَ مِن قِبل الوجه فأَبَنْتَ الرأس.

وقال أبو عمرو : القَفْن : الضربُ بالعصا والسَّوط. قال الراجز :

قَفَنْتُه بالسَّوطِ أيَ قَفْنِ

وبالعصا مِن طولِ سُوءِ الضَّفْن

قال : ويقال : قَفَن يقْفِن قُفوناً : إذا مات ، قال الراجز :

أَلقَى رَحَى الزَّوْرِ عليه فَطحَنْ

فَقَاءَ فرثاً تَحتَه حتَّى قَفَنْ

قال : وقَفَن الكلبُ : إذا وَلَغ.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القَفْن : الموت ، والكَفْن : التغطية.

شمر عن أبي زيد : القَفِينة : المذبوحة من قِبَل القفا.

يقال : شاةٌ قَفِينةٌ ، وقد قَفَنْتُها قَفْناً : إذا ذَبَحْتَها من قبل القَفا.

قال : وقَفَنْتُ الرجل قُفْناً : إذا ضَرَبْتَ قفاه.

وقال شمر : بلغني عن ابن الأعرابي أنه قال : القَفينَة والقَنِيفَة واحد ، وهو أن يُبانَ الرأسُ.

وكذلك رواه ابن جبلة عنه.

نفق : قال الليث : نفقَت الدابةُ : إذا ماتت ،

١٥٥

وأنشد :

نفَقَ البغلُ وأودَى سَرْجُه

في سبيل الله سَرْجِي وبَغَلْ

وقال اللحياني : نَفَقَ الفرسُ وكلُّ بهيمة ينفق نفُوقاً : إذا مات. ونفق الدرهمُ ينفق نفوقاً : إذا فنِيَ.

ومنه قوله عزوجل : (إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) [الإسراء : ١٠٠] ، أي : خشية الفناء والنَّفادِ.

وقال الليث : نَفَق السِّعر ينفُق نُفُوقاً : إذا كثُر مُشتَروه.

قال : والنفقة : ما أنفَقت واستنفَقْت على العيال وعَلَى نفسك.

والنَّفق : سَرَب في الأرض له مَخْلَصٌ إلى مكانٍ آخر. والنافقاء : موضع يرقِّقه اليربوع في جُحَره ، فإذا أتى من قبل القاصعاءِ ضَرَب النافقاء برأسه فانتفق منها. وبعضهم يسميه النُّفقة.

وتقول : أنفقنا اليربوع : إذا لم يُرفق به حتى انتفق وذهب.

وقال أبو عبيد : سَمِّي المنافق منافقاً للنَّفق وهو السَّرَب في الأرض.

وإنمَا سمِّي المنافق منافقاً لأنّه نافق كاليربوع ، وهو دخوله نافقاءَه.

يقال : قد نَفق فيه ونافق ، وله جُحْرٌ آخر يقال له القاصعاء ، فإذا طُلب قَصَّع فخرج من القاصعاء ، فهو يدخل في النافقاء ، ويخرج فيقال : هكذا يفعل المنافق ، يدخل في الإسلام ثم يخرج منه من غير الوجه الذي دخل فيه.

وأخبرني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : قُصْعةُ اليربوع : أن يَحْفر حفيرة ثم يسد بابها بترابها ، ويسمِّي ذلك التراب الدامَّاء ، ثم يحفِر حَفْراً آخر يقال له : النافقاء والنُّفقة والنَّفق فلا ينفذُها ولكنه يحفرها حتَّى تَرق ، فإذا أخِذ عليه بقاصِعائه عَدَا إلى النافقاء فَضَرَبها برأسه ومَرَقَ منها ، وتُرابُ النُّفقة.

وتقول : أنفقنا اليربوع : إذا لم يُرفق به حتى انتفق وذهب.

وقال أبو عبيد : سَمِّي المنافق منافقاً للنَّفق وهو السَّرَب في الأرض.

وإنمَا سمِّي منافقاً لأنّه نافق كاليربوع ، وهو دخوله نافقاءَه.

يقال : قد نَفق فيه ونافق ، وله جُحْرٌ آخر يقال له القاصعاء ، فإذا طُلب قَصَّع فخرج من القاصعاء ، فهو يدخل في النافقاء ، ويخرج فيقال : هكذا يفعل المنافق ، يدخل في الإسلام ثم يخرج منه من غير الوجه الذي دخل فيه.

وأخبرني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : قُصْعةُ اليربوع : أن يَحْفر حفيرة ثم يسد بابها بترابها ، ويسمِّي ذلك التراب الدامَّاء ، ثم يحفِر حَفْراً آخر يقال له : النافقاء والنُّفقة والنَّفق فلا ينفذُها ولكنه يحفرها حتَّى تَرق ، فإذا أخِذ عليه بقاصِعائه عَدَا إلى النافقاء فَضَرَبها برأسه ومَرَقَ منها ، وتُرابُ النُّفقة يقال له الراهِطاء. وأنشد :

وما أمُّ الرُّدَين وإن أكلّتْ

بعالمةٍ بأخلاق الكرام

إذا الشيطان قَصَّع في قَفَاها

تَنَفَّقَاه بالحبل التؤام

أي : إذا سَكَن في قَفاها ، أي : استخرجْناه كما يستخرج اليربوع من نافقائه.

قال الأصمعي في القاصعاء : إنما قيل له ذلك لأن اليربوع يخرج تراب الجحر ثم يسد به فم الآخر ، من قولهم : قصعَ الكلم بالدم : إذا امتلأ به. وقيل له دامّاء لأنه يخرج تراب الجحر ويطلى به فم الآخر ؛ من قولهم : أدمم قدرك ، أي : اطلِها بالطِّحال والرّماد.

الليث : النّيْفق دَخيلٌ : نيفق السراويل والنافقة نافقة المسك دخيلٌ أيضاً وهي

١٥٦

فأر : المسك ، وهي وِعاؤه.

اللِّحياني : نفق ماله ينفق نفقاً : إذا نقص ونفِقَتْ نفاقُ القَوْم : إذا نَفِدَتْ. والنّفاق : جمعُ النفقة.

قال : والنفق : السريع الانقطاع من كل شيء.

يقال : سيرٌ نفق ، أي : منقطع.

وقال لبيد :

شَدّاً ومرفوعاً يقرِّبُ مثْلُه

للوردِ لا نَفِق ولا مسْؤُوم

أي : عَدْوٌ غير منقطع ، وقال أبو وجزة :

يهدي قلائصَ خُضَّعاً يكنفنه

صُعْرَ الخُدودِ نَوافق الأوْبار

أي : نَسَلَتْ أوبارُها من السِمَن.

وفي «نوادر الأعراب» : أنفقت الإبل : إذا انتثرت أوبارُها عن سمن.

قالوا : ونفق الجرحُ : إذا انقشر.

وقال غيره : نفقت الأيِّم تنفق نفاقاً : إذا كثُر خُطابها. وأنفق الرجُل إنفاقاً : إذا وَجَد نفاقاً لمتاعه.

وفي مثل من أمثالهم : «من باعَ عِرضه أنفق» ، أي : من شاتَم الناسَ شُتِم ، ومعناه أنه يجد نفاقاً لعِرضه ينالُ منه.

ومنه قول كعب بن زهير :

أبيتُ ولا أهجو الصديق ومَنْ يبعْ

بعِرْض أبيه في المعاشِر يُنفق

أي : يجد نفاقاً. والباء مُقْحَمة في قوله : «بعرض أبيه».

ق ن ب

قنب ، قبن ، نقب ، نبق ، بقن ، بنق : مستعملات.

بقن : أمَّا بقن : فإنَّ الليث أهمله.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي : أبقَنَ الرجلُ : إذا خصب جَنابُه واخضرَّت فعاله.

قنب : قال الليث : القُنْب : جِرَابُ قضيب الدابة وإذا كُنِيَ عما يُخفضُ من المرأة قيل قنْبُها.

قال : والقُنْب : شِراعٌ ضَخْم من أعظم شُرُع السفينة. والمِقْنب : زُهاءُ ثلاثمائة من الخَيل. والقِنّب : من الكتان. والقَنِيب : الجماعة من الناس.

قال أبو عبيد. وأنشد شمر :

ولعبد القيس عِيصٌ أُشِبٌ

وقَنِيبٌ وهجاناتٌ زُهُرْ

وفي حديث عمر أنه ذُكر سعد حين طُعِن فقال : «إنما يكون في مِقْنَبٍ من مقانبكم».

قال أبو عبيد : المقنب : جماعةُ الخيل والفرسان. يريد أن سعداً صاحب جيوش ومحاربة ، وليس بصاحب هذا الأمر.

وجمع المقنب مَقانب.

وقال لبيد :

١٥٧

وإذا تواكلت المقانب لم يزل

بالثغر مِنّا مِنشِر معلومُ

قال : وقال أبو عمرو : المنسر : ما بين ثلاثين فارساً إلى أربعين. ولم أره وقّت في المقنب شيئاً.

والقنيب : السحاب.

أبو عبيد عن القناني الأعرابيّ : المقنب : شيءٌ يكون مع الصَّائد يجعل فيه ما يصيد.

قال شمر : ولم أسمَعْه إلّا هاهنا.

وقال أبو الهيثم : المِقْنَب الذي مع الصيّاد مشهور ، وهو شِبه مِخْلاة أو خريطة تكون مع الصائد.

وأنشد قول الراجز :

أنشدتُ لا أصطادُ منها عُنظُباً

إلّا عَواساءَ تَفَاسَى مُقْرِبا

ذاتَ أوانَيْنِ تُوفِّي المِقنَبا

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القانب : الذئب العوّاء. والقانب : الفَيج المنكمِش.

قال : وأقْنبَ الرجلُ : إذا استَخفَى مِن سلطانٍ أو غَريم.

قال : والمِقْنَب : كَفُّ الأسد.

قال : والقَيْناب : الفَيج النشيط ، وهو السِّفْسير.

ويقال : مِخلب الأسد في مِقْنَبه ، وهو الغِطاء الذي يسترُه. وقد قَنَب الأسد بمخلَبه : إذا أدخَلَه في وعائه يقنِبُه قَنْباً.

وقَنّب القومُ وأقنَبوا إقناباً وتقنيباً : إذا صاروا مِقْنَباً.

ومنه قول الهُذَليّ :

عجبتُ لقيس والحوادث تُعجِبُ

وأصحابِ قيس يومَ ساروا وأقْنَبوا

ويروى : «قنّبوا» ، أي : باعدوا في السَّير.

وقنْب الجمل : وِعاءُ ثِيلِه. وقُنْب الحمار : وعاء جُردانه.

وقال النضر : قنّبوا العنب : إذا ما قطعوا منه ما ليس يحمل ، وما قد أدَّى حمله يقطع من أعلاه.

قلت : وهذا حين يقضب عنه شكيره رطباً.

قبن : أهمله الليث.

وروى أبو عبيدة عن أبي زيد : قَبَنَ الرجلُ يقبِنُ قُبوناً : إذا ذهب في الأرض. وقبَعَ مثله.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أقْبَن الرجل : إذا انهزمَ مِن عَدوِّه. وأقبل : إذا أسرَعَ عَدْواً في أمان.

عمرو عن أبيه قال : القَبين : المنكمِش في أمورِه. والقَمِين : السَّرِيع.

وقال ابن بُزُرجَ : المُقْبَئِنّ : المنقبِض المنْخنِس ، وقد اقبأنّ اقبئناناً.

والقَبّان : الذي يُوزَن به ، لا أدري أعربيٌّ أم مُعْرب.

وفي حديث عمر : «إني لأستعين بالرجلُ

١٥٨

الفاجر ثم أكون على قَفَّانه».

قال أبو عبيد : يقول : أكون على تتبُّع أموره حتى أستقْصِيَ علمَه وأعرِفَه.

قال : وقال الأصمعيّ : قفّان كلّ شيء : جِماعُه واستقصاء معرفته.

قال أبو عبيد : ولا أحسب هذه الكلمة عربية ، وإنما أصلها قَبان.

ومنه قول العامّة : فلانٌ قَبّان على فلان : إذا كان بمنزلة الأمين عليه والرئيسِ الذي يتتبَّع أمره ويحاسِبُه. وبهذا سمِّي هذا الميزان الذي يقال له القَبّان وقد مضى هذا فيما تقدم من الكتاب.

وحِمار قَبّانَ : دُوَيْبَّة معروفة.

ومنه قوله :

يا عجباً لقد رأيت عَجَبا

حِمارَ قَبّانٍ يَسوقُ أرنَبا

خاطِمَها أمَّها أن تذهبا

نقب : قال الله جلّ وعزّ : (فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ) [ق : ٣٦].

قال الفراء : قرأ القُرّاء : (فَنَقَّبُوا) مشدداً يقول : خَرَقوا البلادَ فساروا فيها فهل كان لهم مَحيصٌ من الموت.

قال : ومن قرأ : (فنَقِّبُوا) بكسر القاف فإنه كالوعيد ، أي : اذهبوا في البلاد وجيئوا.

وقال الزّجاج : نقّبوا : طَوَّقوا وفَتَّشُوا.

قال : وقرأَ الحسن : (فَنَقَبُوا) بالتخفيف.

وقال امرؤ القيس :

وقد نقّبتُ في الآفاق حتى

رَضِيتُ من السلامة بالإياب

أي : ضَربتُ في البلاد ، أقبلتُ وأدْبَرْتُ.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) [المائدة : ١٢].

قال أبو إسحاق : النَّقيب في اللُّغة كالأمين والكَفيل. ونحن نبيِّن حقيقته واشتقاقه.

يقال : نَقَب الرجلُ على القوم ينقُب نِقابةً فهو نَقِيب.

قال أبو زيد : وما كان الرجل نقيباً ولقد نَقُب. وفي فلانٍ مَناقبُ جميلة ، أي : أخلاق. وهو حَسَنُ النقيبةِ ، أي : حَسَن الخليقة. وإنما قيل للنقيب نقيبٌ لأنه يَعلَم دَخِيلَةَ القوم ويعرِف مناقبَهم ، وهو الطريق إلى معرفة أمورهم.

وهذا الباب كلُّه أصله التأثير الذي له عُمْق ودُخول.

ومن ذلك يقال : نَقَبْتُ الحائط ، أي : بَلغتُ في النَّقب آخرَه. والنَّقْب في الجبل : الطريق.

ويقال : كلبٌ نَقيب ، وهو أن يُنْقَب حَنجرةُ الكلْب لئلَّا يرتفع صوتُ نُباحه ، وإنما يَفعل ذلك البخلاءُ من العرب لئلَّا يطرُقَهم ضَيف باستماع نُباح الكلاب.

وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : «لا يُعدِي شيء شيئاً» ، فقال أَعرابيّ : إنَ النُّقْبة قد تكون بمِشْفَر البعير أَو بذَنبِه في الإبل

١٥٩

العظيمة فتجرب كلُّها. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فما أَعْدَى الأوَّل».

قال أبو عبيد : قال الأصمعي : النُّقْبة هي أَوّل جَرَبٍ يبدأَ.

يقال للبعير : به نُقْبة ؛ وجمعها نُقَب.

وقال دريد بن الصِّمَّة :

متبذِّلاً تبدو مَحاسِنُه

يَضَعُ الهِناءَ مواضعَ النُّقْبِ

قال أبو عبيد : النُّقبة في غير هذا : أن تؤخذ القِطعةُ من الثوب قَدْرَ السراويل فتُجعل لها حُجْزة مَخِيطة من غير نَيْفَق ، وتُشدُّ كما تُشدّ حُجزة السَّراويل ؛ فإذا كان لها نَيفَق وساقان فهي سراويل ؛ فإذا لم يكن لها نَيْفَقٌ ولا ساقان ولا حُجْزة فهي النِّطاق. وقد نقبت الثَّوب أَنقُبُه : إذا جعلتَه نُقْبة.

قال : والنُّقْبة : اللون.

وقال ذو الرمّة :

ولاحَ أَزهَرُ مشهورٌ بنُقْبَتِه

كأنَّه حينَ يَعْلو عاقِراً لَهَبُ

شمر عن ابن شميل : النُّقّبة : أوّل بَدء الْجَرَب تَرى الرُّقْعة مِثلَ الكفّ بجَنْب البعير أَو وَرِكه أَو بمشْفَرِه ثم تتمشَّى فيه حتى تُشريَه كلّه ، أي : تملأه.

وقال أَبو النجم يصف فحلاً :

فاسودّ مِن جُفْرته إبْطاها

كما طَلَى النُّقّبَة طالِياها

أي : اسودَّ من العرق حين سالَ حتى كأنَّه جَرِبَ ذلك الموضع فطُلِيَ بالقَطِران فاسودَّ مِن العَرَق. والجُفْرة : الوَسَط.

والنِّقاب على وجوه : يقال : فلانة حسنَةُ النِّقْبة والنِّقاب.

وقال أَبو عبيد : قال الفراء : إِذا أَدْنَتْ المرأَةُ نِقابَها إلى عينها فتلك الوَصْوَصةُ ؛ فإنْ أَنزلَتْه دون ذلك إلى المَحْجِرِ فهو النقاب ، فإنْ كان على طرف الأنف فهو اللِّفام.

وقال أَبو زيد : النِّقاب على مارِنِ الأنف.

وقال أَبو عبيد : النِّقاب : هو الرجل العالِمُ بالأشياء الباحثُ عنها الفَطِنُ الشّديدُ الدُّخول فيها.

وقال أوسٌ يمدح رجلاً :

نَجِيحٌ جوادٌ أَخو مأقِطٍ

نِقابٌ يحدِّث بالغائبِ

والنِّقاب أيضاً : جمع النَّقْب ، وهو الطريق الضيِّق في الميل.

والبَيْطار يَنْقُب في بَطن الدابة بالمِنْقَب في سُرَّته حتى يَسيلَ منه ماءٌ أَصفر ، وقال :

كالسِّيد لم يَنْقُب البَيطارُ سُرَّته

ولم يَسِمْه ولم يلمُس له عصَبَا

والناقبة : قرْحة تخرج بالجَنْب تَهجُم على الجوف يكون على رأسها من داخل.

والنُّقْبة : الصَّدَأ يركب الحديدَ ، وجمعه نُقَب.

١٦٠