تهذيب اللغة - ج ٩

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٩

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥١

قُرمة ، وهي سِمَةٌ تكون فوق الأنف تسلخ منها جلدة ، ثم تجمع فوق أنفِه ، فتلك القُرْمة ، يقال منه : قرمتُ البعيرَ أَقرِمُه.

قال : ويقال للقُرْمة أيضاً القِرام. ومثله في الجسد الجُرفَة.

وقال الليث : هي القُرمة والقَرْمة لغتان ، وتلك القِطعة التي قطعتها هي القُرامة.

قال : وربما قرموا من كِركِرَته وأذنِه قُرامات يُتبلَّغ بها في القَحْطِ.

قال ابن الأنباري في كتاب «المَمْدود والمقصور» : جاء على فَعَلاء : يقال له سَحَناء ، أي : هيئة. وله ثأداء ، أي : أمَة.

قال : وقَرَماء : اسم أَرض.

وأنشد :

على قَرَماءَ عاليةٍ شَواه

كأنَّ بياض غُرّته خِمارُ

كُتب عنه بالقاف. وكان عندنا فرماء بمصر فلا أَدري قرماء أرض بنجد وفرماء بمصر.

المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي : في السِّمات القرمة ، وهي سمة على الأنف ليست بحزّ ولكنّها جرفة للجلد ثم يترك كالبعرة ، فإذا حُزّ الأنف حزّاً فذلك الفقر.

يقال : بعير مفقور ومقروم ومجدوف. ومنه ابن مقروم الشاعر.

وفي حديث عائشة : أنَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم دخلَ عليها وعلى الباب قِرامُ سِتْر.

قال أبو عبيد : القِرام : السِّتْر الرقيق ، فإِذا خِيط فصارَ كالبيْت فهو كلّة.

وأنشد بيت لبيد يصف الهودَج :

مِن كلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ

زَوجٌ عليه كِلّةٌ وقِرامُها

وقال الليث : القِرام : ثوبٌ من صوفٍ فيه ألوانٌ من العِهْن ، وهو صَفيق يُتَّخذ سِتراً.

قال : وأمَّا المِقْرَمَة فهي المِحْبَس نفسُه يُقْرم به الفِراش.

أبو عبيد عن أَبي زيد ، ما في حَسَب فلان قُرامة ولا وصْم ، وهو العَيْب.

قال : وقال الفراء : القُرامة : ما التَزَقَ مِن الْخُبز بالتَّنُّور. وكلُّ ما فسرْتَه عن الْخُبز فهو القُرامة.

قال : وقال الكسائيّ : المُقَرقَم : البطيء الشَّباب.

وقال الراجز :

أَشْكو إلى الله عِيالاً دَرْدَقا

مُقَرقَمِينَ وعجوزاً سَمْلَقا

وقال أبو سعيد في تفسير قوله : عليه كِلةٌ وقِرَامُها قال : القِرام : ثوبٌ من صُوف غليظ جدّاً يُفْرش في الهَوْدَج ثم يُجعل في قواعد الهَوْدَج أو الغَبيط.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ ، قال : القَرم : الجِداء الصِّغار. والقَرم : صغار الإبل.

والقَزَم بالزاي : صغار الغَنَم ، وهي

١٢١

الحَذَف.

رقم : قال الليث : الرَّقْم والترقيم : تعجيم الكتاب : (كِتابٌ مَرْقُومٌ (٩)) [المطففين : ٩] ، أي : قد بُيّنَتْ حُروفه بعلاماتها من التنقيط.

قال : والتاجر يَرْقُم ثَوبَه بسِمَته.

والمرقوم من الدوابّ : الذي يكون على أَوظفته كَيَّاتٌ صغار ، فكلّ واحدةٍ منها رَقْمة ، ويُنْعَت بها الحمار الوحشيُّ لسوادٍ على قوائمه.

والرَّقَم : خَزٌّ موشَّى ، يقال : خَزُّ رَقْم ، كما يقال بُرْدُوشى.

والرقمتان : شِبه ظُفْرين في قوائم الدابَّة متقابلين.

والرَّقَمة : نبتٌ معروف يُشبه الكَرِش.

شمر عن ابن شميل : الأرقَمُ حيَّةٌ بين الحيّتين مُرقَّمٌ بحُمرة وسواد وكُدْرة وبُغْثة.

وقال الأصمعيّ : الأرقم من الحيّات الذي فيه سوادٌ وبياض.

وقال رجل لعمر : «مَثَلي كمثل الأرقم ، إن تقتُله ينقِم ، وإن تتركه يَلْقَم». وقال شمر : الأرقم من الحيّات : الذي يشبه الجانَّ في اتِّقاءِ الناس من قَتْله ، وهو مع ذلك من أضعف الحيّات وأقلّها غضباً ، لأنَ الأرقم والجانّ يُتَّقى في قتلهما من عُقوبة الجِنّ لمن قتلهما ، وهو قوله : «إِن يُقتل ينقِم» ، أي يثأر به.

وقال ابن حبيب : الأرقم أخبث الحيّات وأطلبها للناس.

وقال ابن المظفَّر : يقال للذكر [من الحيّات] أرقم ، ولا يقال للأنثى رَقْماء ، ولكنها رَقْشاء.

قال : والأرقم : إذا جعلتَه نَعْتاً. قلتَ أَرقَش ، وإنما الأرقم اسمُه.

والأراقم : قومٌ من ربيعة ، سُمُّوا الأراقم تشبيهاً لعيونهم بعيون الأراقم من الحيّات.

وقال الليث : التَّرقيم من كلام ديوان أهل الخَراج.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : جاءَ فلانٌ بالرَقِم الرَّقْماء ، كقولهم : بالداهية الدَهْياء.

وأنشد :

تمرّسَ بي من حَيْنِهِ وأنَّا الرقِمْ

يريد الداهية.

وقال الفراء في قوله : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ) [الكهف : ٩].

قال : هو لوحُ رَصَاصٍ كُتبت فيه أنسابُهم وأسماؤهم ودِينُهم ومِمَّ هَرَبوا؟. وقيل : الرَّقيم : اسمُ القرية التي كانوا فيها.

وقيل : إنه اسم الجبل الذي فيه الكهف.

حدّثنا ابن هاجك عن علي بن جُحرِ عن شريك عن سماك بن حرب عن عِكرمة ، قال : سأل ابن عباسٍ كعباً عن الرّقيم ، قال : هي القرية خرجوا منها.

وقال أبو العباس في قوله جلّ وعزّ :

١٢٢

(كِتابٌ مَرْقُومٌ (٩)) [المطففين : ٩] ومعناه : كتابٌ مكتوب.

وأما المؤمن فإنَّ كتابه يجعل في عِلِّيِّين في السَّماء السابعة. وأَمّا الكافر فيجعل كتابُه في السِّجِّين وأَسفلِ الأرض السابعة.

وأَنشد :

سأرقُمُ في الماءِ القَراحِ إليكم

على بُعدِكم إن كان للماء راقمُ

أي : سأكتب.

سَلَمة عن الفراء قال : الرَّقيمة : المرأَة العاقلة البَرْزَة الفَطِنة.

ويقال : فلانٌ يَرْقُمُ في الماء يضرب مَثَلاً للرجل الفَطِن العاقل. والمُرقِّم والمرقِّن : الكاتب ، وقال :

دارٌ كرَقْم الكاتبِ المرقِّن

والرقمُ : الكتابة. وقيل : المرقِّن الذي يحلِّق حَلَقاً بين السطُّور ، كترقين الخِضاب.

ويقال للرجل : إذا أسرفَ في غَضبه ولم يقتصد : طَمَا مِرقَمُك ، وجاشَ مَرقَمُك ، وغَلا وطَفَح وفاضَ وارتفَع ، وقَذَف مِرقَمُك.

ويقال للنُّكتتين السّودَاوَين على عَجُزَي الحمار : الرَّقْمتان ، وهما الجاعِرَتان.

والرَّقْمتان : رَوْضتان بناحية الصَّمان ، ذكرهما زُهير فقال :

ودارٌ لها بالرّقْمَتين كأنها

مَراجِيعُ وَشْمٍ في نواشِرِ مِعصمِ

وقيل : رَقمةُ الوادي : مجتَمع مائه فيه.

قال الفراء : عليك بالرَّقمة ودَع الضَّفّة.

ورقمةُ الوادي : حيث الماء. وضَفَّتَاه : ناحيتاه.

مرق : أبو عبيد عن أبي زيد : أمرقتُ القِدْر فأنا أُمرقُها إمراقاً : إذا أكثرتَ مَرقَها.

قال : وقال الفراء : مَرقْتُها أمرُقها : إذا أكثَرتَ مَرقَها.

سلمة عن الفراء : سمعت بعض العرب يقول : أطعَمنا فلانٌ مَرقةَ مَرقين يريد اللحمَ إذا طُبخ ، ثم طُبخ لحمٌ آخر بذلك الماء. وهكذا قال ابن الأعرابي.

وقال الليث : المَرق : جمع المَرقة.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين ذكر الخوارج فقال : «يمرقون من الدِّين كما يَمرُق السهْم من الرميَّة».

قال الليث : المروق : الخروج من شيءٍ من غير مَدخله.

والمارقة : الذين مَرقوا من الدِّين لغلوِّهم فيه. وقد مَرقَ السهمُ مِن الرَّميَّة ، وأمرقْتُه أنا إمراقاً.

ويقال للذي يُبدِي عَورتَه : امَّرق يَمرَّق وقد مَرِقَت البيضة مَرقاً ، ومَذِرت مَذَراً : إذا فسدتْ فصارت ماءً.

قال : والامتراق : سرعة المروق وقد امترقَت الحمامةُ من الوَكْر.

١٢٣

قال : والمريق : شحمُ العُصفر.

قال : وبعضهم يقول : هي عربيّة محضة.

وبعضٌ يقول : ليست بعربيّة.

وأنشد الباهليّ :

يا ليتني لكِ مِئزَرٌ متمرق

بالزّعفرانِ لبسته أيّاما

وقال المازني : متمرق مصبوغ بالزعفران.

ومتمرق : مصبوغ بالمريق وهو العُصفر.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : المرق : الطعْن بالعَجلة.

والمرق : الذِّئاب الممعَّطة ؛ والمِرق : الصوف المنفش ؛ يقال : أعطني مِرقةً ، أي : صوفة. والمَرَق : الإهاب الذي عُطِن في الدِّباغ وَتُرِك حتى أنتن وتمرط.

ومنه قوله :

ساكناتُ العَقيقِ أشهى إلى النَّف

س من السّاكناتِ دونَ دِمشقِ

يتضوّعْن لو تضمّخن بالمِسْ

ك صُماحاً كأنه رِيحُ مرقِ

وقد مَرَقْت الإهابَ مَرْقاً فامَّرق امِّراقاً.

أبو عبيد عن الأصمعي : المُراقة : ما انتتف من الجِلد المَعْطُوف ، وهو الذي يُدفَن ليسترخي.

وقال أبو عمرو : المُراقة والمُراطة : ما سَقط من الشَّعر.

أبو عبيد قال الفراء : الممرق من الغِناء : الذي يغنّيه السَّفِلة والإماء. ويقال : للمغنِّي نفسِه : الممرِّق.

وقال شمر : المُرُوق : سرعة الخروج من الشيء ، مَرَق الرجلُ مِن دِينه ، ومَرَق من بيته. وامتَرَقَ وامَّرَق من بطن أمّه.

والمارِق : العِلم النافذ في كل شيء لا يتعوَّج فيه.

رمق : قال الليث : الرَّمَق : بقيّة الحياة.

ويقال : رَمَّقوه وهم يُرمّقونه بشيءٌ ، أي : قَدْرَ ما يمْسِك رَمَقه ويقال : ما عَيشُه إِلّا رُمْقَةٌ ورِماق.

وقال رؤبة :

ما وَجْزُ معروفِك بالرِّماقِ

وما مُواخاتَك بالمِذاق

أي : الذي ليس بمحضِ خالص.

والرِماق : القليل.

والترميق : العَمَلُ يعمله الرجل لا يحسِنُه ، وقد يتبلَّغ به.

ويقال : رَمِّقْ على مَزادتيك ، أي : رُمَّهما مَرَمّة تتبلّغ (١) بهما.

وقال أبو عبيد : المُرْمَقُ من العَين : الدُّون

__________________

(١) في المطبوع «تبتلغ» : والمثبت من «اللسان» (رمق ـ ٥ / ٣١٨). وفي «التاج» (رمق ـ ٢٥ / ٣٦٤) : «يُتبلغ».

١٢٤

اليسير.

وقال الكميت بن زيد يذكره :

تُعالج مُرْمَقّاً مِن العَيش فانِياً

له حارِكٌ لا يَحمِل العِبْءَ أجزَلُ

أنشدني المنذريّ لأوس بن حجر :

صبوتَ وهل تصبو ورأسُك أشيَبُ

وفاتتك بالرهن المرامِق زينبُ

قال أبو الهيثم : الرهن المرامَق ويروى : المُرامِق ، وهو الرَّهن الذي ليس بموثوق به. وهو قلب أوس.

والمرامَق : الذي بآخر رمَق. وفلانٌ يرامقُ عيشَه ، أي : يُداريه. فارقته زينب وقلبه عندها فأوسٌ يرامقه ، أي : يداريه.

ويقال : رقمتُه ببصري ورامقْته : إذا أتبعْتَه بصرَك تتعمّده وتنظر إليه وتَرقُبه.

وقال الليث : الرمَق والرامَج هو المِلواح الذي يُصاد به البازي والصَّقر ؛ وهو أن يؤتَى ببُومة فيُشَدّ في رِجْلها شيء أسوَد ، ويخاط عيناها ويُشَدّ في سِبَاقَيْها خيطٌ طويل ، فإذا وقع عليها البازي صاده الصيّاد مِن قُترته.

وقال الأصمعي : ارْمَقَ الإهابُ ارمِقاقاً : إذا رَقَّ ؛ ومنه ارمِقاق العَيش.

وأنشد غيره :

ولم يَدبُغُونا على تِحْلِئ

فيرْمَقُ عيشٌ ولَم يُغْمِلوا

المُرْمَقُ : الفاسد من كل شيء. والرُّمَّق : الضَّعيف من الرجال.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : حَبْلٌ مُرْماقٌ : ضعيف.

قال : والرُّمُق : الحَسَدة ، واحدهم رامِق ورَمُق. والرُّمُق : الفقراء الذين يتبلّغون بالرِّماق ، وهو القَليل من العيش.

قمر : قال الليث : القَمَر : الذي في السماء ، وضوءُه القَمْراء ، وليلةٌ مقمِرة.

ويقال : أقمَرَ التَّمرُ : إذا لم ينضَجْ حتَّى يصيبه البَرْد ، فتَذهب حلاوته وطعمُه.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : قَمِر الماء والكَلأ : إذا كَثُر.

وقَمِر الرجل : أرِقَ في القَمَر فَلم يَنَم.

وقَمِر الرجل أيضاً : إذا حارَ بصرُهُ في الثلج فلم يُبصِر. وقَمرتِ الإبل : إذا تأخر عَشاؤها.

وقال الأصمعي قمِرتِ القِربة تَقْمَر قَمراً : إذا دخل الماء بين الأدَمة والبَشَرة فأصابها قضاءٌ وفساد.

وقال ابن الأعرابي : يقال للذي قَلَصَتْ قُلْفَته حتى بدا رأسُ ذَكَرِه عضَّه القَمَر.

وأنشد :

فذاكَ نِكْسٌ لا يَبِضُّ حَجَرُه

مُخرَّق العِرْض جديدٌ مِمطرُه

في ليل كانونٍ شديد خَصَرُه

عَضَّ بأطراف الزُّبانَى قَمَرُه

١٢٥

قال : يقول : هو أقلف ليس بمختون إلّا ما نَقص منه القمر وسبّه قُلفته بالزُّبانَى وقيل معناه : أنّه ولد والقمر في العقرب ، فهو مشؤوم.

والعَرَب تقول : استرعيتُ مالِيَ القَمر : إذا تركتَه هَمَلاً لَيْلاً بلا راعٍ يحفظه.

واسترعيتُه الشَّمسَ : إذا أهملتَه نهاراً.

وقال طَرْفة :

وكان لها جارانِ قابُوسُ منهما

وبِشْر ولم أستَرعِها الشمسَ والقَمرْ

أي : لم أُهمِلْها.

قال : وأراد البَعيث هذا المعنى بقوله :

بحَبْل أمير المؤمنين سَرَحْتُها

وما غَرّني منها الكواكب والقَمر

وأمَّا قول الأعشى :

تَقَمَّرها شَيْخ عِشاءً فأصبحتْ

قُضاعيّةٌ تأتي الكَواهِن ناشِصا

قال أبو عمرو : تَقَمَّرها : أتاها في القَمْراء.

وقال شمر : قال ابنُ الأعرابيّ : تقمرها : تزوّجَها وذهبَ بها وكان قلبُها مع الأعشى فأصبحت تأتي الكواهنَ تسألهم : متى النجاةُ مما وقعت فيه ومتى الالتقاء.

وقال الأصمعيّ : تَقَمَّرَها : طَلَب غِرَّتَها وخَذَعها ؛ وأصلُه من تَقمُّر الصّياد الظبَاءَ والطّيرَ بالليل : إذا صادها في ضَوء النار فتَقمَرُ أَبصارُها فتُصاد.

وقال أبو زُبَيدٍ يصف الأسَدَ :

وراحَ على آثارهمْ يتقمَّرُ

أي : يتعاهد غِرَّتهم.

وكأَنَ القِمار مأخوذ من الخِداع.

يقال : قامَرَه بالخِداع فقَمَره.

وقال الليث : القُمْرة : لَوْن الحمار الوحْشي ، وهو لونٌ يَضرب إلى خُضْرة.

قال : والقَمْراءَ : دُخَّلةٌ من الدُّخَّل.

والقُمْرِيّ : طائر يشبه الحمام والقُمْرُ البِيض. وسحابٌ أقمَر.

وأنشد :

سَقَى دَارَها جَوْنُ الرَّبابةِ مُخْضِلٌ

يَسُحُّ فَضِيضَ الماءِ مِن قَلَعٍ قُمْرِ

وأخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم أنّه قال : يسمَّى القَمَر لليلتين من أوّل الشهر هلالاً ، ولليلَتين من آخره ليلةَ سِتّ وسبع وعشرين هِلالاً ، ويسمَّى ما بين ذلك قَمَراً.

وفي الحديث أنَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذكر الدّجّال فقال : «هِجانٌ أقْمَر».

قال القُتيبيّ : الأقمر : الأبيض الشديد البياض.

ويقال للسحاب الذي يشتد ضوءُه لكثرة مائه : أقمر. وأَتانٌ قَمْرَاء ، أي : بيضاء.

ويقال : إذا رأيتَ السحابةَ كأَنها بطنُ أتان قَمْرَاءَ فذلك الجَوْد.

أبو زيد : يقال في مَثَل : «وضعتُ يَدِي بين

١٢٦

إحدى مقمورتَين ، أي : بين إحدى شَرَّتين.

مقر : أبو عبيد عن الأصمعي قال : المَقِر : الصَّبِر نفسُه.

وكذلك الأمويّ.

وقال أبو عمرو : المَقِر : هو شجر مُرٌّ.

قال : وقال أبو الحسن الأعرابيُّ : المُمْقِر : الحامض ، وهو المقِر أيضاً بيِّن المقَر.

وقال الليث : المَقْر : إنْقاع السّمَك المالِح في الماء ، تقول : مَقَرْتُه فهو مَمْقُور.

وقال ابن السكّيت : أمْقَر الشيءُ فهو مُمْقِر : إذا كان مُرّاً.

ويقال : للصَبِر المَقِر.

وقال لبيد :

مُمْقِرٌ مُرٌّ على أعدائه

وعلى الأدنَينَ حُلوٌ كالعَسَلْ

ويقال : مَقَرَ عنقَه فهو يَمقُرُها : إذا دقّها.

ويقال : سَمَك ممقور ، ولا تقل (١) منقور.

قلت : والسَّمَك الممقور : الذي يُنقَع في الخلّ والمِلح ، فيجيء منه صِباغٌ يؤتدم به.

وقال الليث : المُمْقِر من الرَّكايا : القليلة الماء.

قلت : هذا تصحيف ، والصواب المُنْقُر بضم الميم والقاف ، وقد مرّ تفسيره في بابه.

وقال أبو زيد : المُزّ والمُمْقِر : اللَّبن الحامض الشديد الحُموضة.

وقد أمقرَ إمقاراً.

وقال أبو مالك : المزّ : القليل الحُموضة وهو أطيب ما يكون.

المُمْقِر : الشَّديد المرارة.

ثعلب عن ابن الأعرابي ، يقال : سَمَك مَمْقور ، أي : حامض.

ويقال : سَمَك مَلِيح ومملوح ومالح لغة أيضاً.

قال : والمُمْقَرُّ : الرجل الناتئ العِرْق.

وأنشد :

نَكَحتْ أُميمةُ عاجزاً ترِعِيّةً

مُشَّقِّقَ الرجْلين مُمْقَرَّ النَّسَا

باب القاف واللام

ق ل ن

استعمل من وجوهه : لقن ، نقل ، قلن ، (قالون).

لقن : قال الليث : اللَّقَن : إعراب لكن ، وهو شبِيه طَسْت من الصُّفْر.

قال : واللَّقَن : مصدَرُ لَقِنْتُ الشيءَ ، أي : فَهمتُه ألقَنُه لَقَناً.

وقد لقّنني فلانٌ كلاماً تلقيناً ، أي : فهَّمني

__________________

(١) في المطبوع : «مقل» والمثبت من «الصحاح» للجوهري (مقر).

١٢٧

منه ما لم أفهَم ، وقد لقِنْتُه وتلقّنتُه.

اللحيانيّ : هي اللَّقانة واللَّقَانِيَة ، واللَّحانة واللّحانِيَة ، والتَّبانَةُ والتَّبانِيَةُ ، والطَّبانَةُ والطَبانِيَة ، معنى هذه الحروف واحد.

وقال الليث : مَلْقَن : اسم موضع.

نقل : قال الليث : النَّقْل : تحويل شيءٍ من موضع إلى موضع.

والنُّقلْة : انتقال القوم من موضع إلى موضع.

قال : والنَّقَل ما بَقي من الحجارة إذا قُلِع جَبَلٌ ونحوه.

أبو عبيد عن الأصمعي : النّقَل : الحجارة كالأثافِيّ والأفهار.

والفَرَس يناقِلُ في جَرْيه : إذا اتَّقى في عَدْوِه الحجارة.

وقال جرير بن الخَطَفَي :

من كلّ مشترِفٍ وإنْ بَعُد المدَى

ضَرِمِ الرِّقاقِ مُناقل الأجرالِ

وأرض جَرِلة : ذات جَراول وغلَظ وحجارة.

وقال الليث : المَنْقل : طريق مختصر.

والمَنْقَلة : مَرْحلة مِن مَنازل السَّفَر.

والمناقل : المراحل.

وفي حديث ابن مسعود : «ما من مصلَّى لامرأةٍ أفضلُ من أشدِّ مكانٍ في بيتها ظلْمة ، إلَّا امرأةً قد يئستْ من البُعولة ، في مَنْقَليْها». وقال أبو عبيد : قال الأمويّ : المنْقَل : الخُفّ (١) ، وأنشد لِلكمَيْت :

وكان الأباطحُ مِثل الإرِينَ

وشُبّه بالحِفْوة المنْقَل

قال أبو عبيد : ولو لا أنَّ الرواية والشعر اتَّفقا على فتح الميم ما كان وجهُ الكلام في المنْقل إلَّا كسر الميم.

وقال ابن بُزُرج : المنقَل في شعر لبيد : الثنيّة. قال : وكلُّ طريق مَنْقَل. وأنشد :

كلَا ولَا ثم انتعلنا المَنْقَلا

قِتْلَين منها ناقةً وجَمَلا

عَيْرانةً وما طِلِيّاً أفْتَلَا

قال : ويقال للخُفّين المنْقَلان ، وللنَّعلين : المنْقَلان.

ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابي : يقال للخُفِّ المِنْدَل والمِنْقل بكسر الميم فيها.

شمر عن ابن الأعرابيّ : أرضٌ نقِلة : فيها حجارة ، والحجارة التي تنقلها قوائم الدابة من موضع إلى موضع نقيل. قال جرير :

يُناقلنَ النَّقيلَ وهُنَّ خوصٌ

بِغُبْر البيدِ خاشعة الجروم

وقال غيره : يَنقُلن نقيلهنّ ، أي : نعالهنّ.

__________________

(١) قال أبو عبيد في «غريب الحديث» (٤ / ٧٠): «وأحسبه الخلق».

١٢٨

وقال أبو عبيدة : المناقلة هي الثَّعلبية ، وهي التقريبُ الأدنى ، وذلك حين تجتمع يداه ورجلاه.

قال : وللمناقلة موضع آخر ، أن يفعل ما يفعل الآخر يناقله.

وقال حميد يذكر عيراً وعانته :

ضرائرٌ ليس لهنّ مَهرُ

تأنيفُهن نَقَلٌ وأَفْرُ

والنَّقْل : عَدْوُ ذوِي الاجتهاد.

سلمة عن الفراء : نَعْلٌ مُنْقَلةٌ مُطرَقة ؛ فالمُنقَلة : المرقوعة ، والمطرَقة : التي أُطبق عليها أخرى.

أبو عبيد عن الكسائي : أنْقلْتُ الخُفّ ونقّلتُه : إذا أصلحتَه.

قال : وقال غيره : النَّقائل واحدتها نَقِيلة ، وهي رقاع النِعال ، وهي نَعْلٌ منْقلة.

وقال الأصمعيّ : فإِن كانت النَعْل خَلَقاً قيل : نِقْل وجمعهُ أنقال.

وقال شمر : يقال : نَقْل ونِقْل.

وقال أبو الهيثم : نَعْل نَقْل. قال : وسمعتُ نُصَيراً يقول لأعرابيّ : ارفَعْ نَقْلَيْك ، أي : نَعْلَيْك.

وأخبرني المنذريّ عن أبي العباس أنّه قال : النّقْل : الذي يُتنقَّل به على الشَّرَاب ، لا يقال إلا بفتح النون.

وقال ابن دريد : النِقال : نِصالٌ من نِصال السهام ، الواحدة نَقْلة. ورجلٌ نَقِيل : إذا كان في قومٍ ليس منهم. قال : ونواقل العرب : من انتقل من قبيلته إلى قبيلة أخرى فانتمى إليها ، وقال الأعشى :

غدَوْتُ عليها قُبَيل الشروق

إما نِقالاً وإما اغْتمارا

قال بعضهم : النِقال : مُناقَلة الأقداح ، يقال : شَهِدْتُ نِقال بني فلان ، أي : مجلسَ شرابهم ، وناقلتُ فلاناً ، أي : نازَعتُه الشراب. والنَّقَل مِن ريشات السِّهام : ما كان على سهمٍ ثم نُقِل إلى سهمٍ آخر. يقال : لا تَرِشْ سهمِي. بنقَلٍ بفتح القاف.

وقال الكميت يصف صائداً وأَسْهُمَه :

وَأقدُحٍ كالظُّباتِ أنصُلُها

لا نَقَلٌ رِيشُها ولا لَغَبُ

أبو عبيد : النّقَل : المُناقَلة في المنطق.

رجلٌ نَقِل ، وهو الحاضر المنطق والجواب.

وأنشد للبيد :

ولقد يَعلمُ صَحْبي كلُّهم

بَعِدَانِ السَّيف صَبرِي ونَقَلْ

أبو عبيد عن الأصمعي : المُنَقَّلة من الشِجاج وهي التي يَخرج منها فَراشُ العظام ، وهي قشرة تكون على العظم دون اللحم.

شمر عن ابن الأعرابيّ : شَجّةٌ مُنَقَّلةٌ بيِّنة

١٢٩

التنقيل ، وهي التي يخرج منها كِسرُ العِظام.

وقال عبد الوهاب بن جَنْبة : المنقّلة التي تُوضح العَظمَ من أحد الجانبين ولا تُوضِحه من الجانب الآخر. قال : وسمِّيت منقَّلة لأنها يُنقل جانبُها التي أوضحَتْ عظمَه بالمِرْوَد. والتّنقيل أن يُنقل بالمروَد ليَسمَع صوتُ العَظْم لأنَّه خفيّ ، فإذا سُمِع صوتُ العَظْم كان أكثر لنَذْرِها. النّذْر : الأرش ، وكانت مثل نِصف الموضِحة.

قلت : وكلام الفقهاء على ما حكى أبو عبيد عن الأصمعيّ ، وهو الصواب.

وقال الليث : النّقَل : سرعةُ نَقْل القوائم وفرسٌ مِنْقَل ، أي : ذو نَقَل وذو نِقال.

وفَرَس نَقَّال : سريع النّقْل للقوائم.

والتنقيل مثل النَّقَل. وقال كعب :

لهنَّ من بَعدُ إرقالٌ وتنقيلُ

والناقلة من نواقل الدهر التي تَنقُل قوماً من حال إلى حال. والنواقل من الخراج : ما يُنقل من خراج قرية أو كُورة إلى كُورة.

ويقال : سمعتُ نَقَلةَ الوادي ، وهو صوتُ السّيْل. قاله أبو زيد وغيره.

ابن السكيت : النَقيلة : الرقْعة يُرْقَع بها خُفّ البعير ويُرقَع النّعْل.

ويقال للرجل : إنَّه ابنُ نَقيلة ليست من القوم ، أي : غريبة.

[قلن]

ـ قالون : رُوِي عن علي رضي‌الله‌عنه أنه سأل شريحاً عن امرأة طُلِّقَتْ ، فذكرتْ أنَّها حاضت ثلاث حَيضاتٍ في شهر واحد. فقال شُريح : إن شَهِدَ ثلاثُ نسوَةٍ من بطانة أهلها أنَّها كانت تحيض قبل أن طُلقت في كلِّ شهرٍ كذلك فالقولُ قولها.

فقال علي كرم الله وجهه : «قالون».

قال غير واحدٍ من أهل العلم : قالون بالرومية : أصبْتَ.

ق ل ف

قلف ، قفل ، لقف ، لفق ، فلق ، فقل : مستعملات.

قلف : قال الليث : القَلَف : مصدر الأقلف.

والقَليفة : الجُلَيْدة. والقَلْف : جَزْم اقتلاع الظُفْر من أصله ، واقتطاع القلْفة من أصلها ، وأنشد :

يقتلف الأظفار عن بَنانِه

وقال أبو مالك : القِلَّف والقِنَّف وَاحد ، وهو الغِرْيَن والتِّقْن : إذا يَبِسَ. ويقال له : غِرينٌ : إذا كان رَطْباً.

ونحو ذلك قال الفراء : ومثلهُ حِمَّص وقِنَّب ، ورجل خِنّب : طويل.

وقال النضر : القَلْف : الجلال المملوءة تَمْراً ، كل جُلَّة منها قَلْفة ، وهي المقلوفة أيضاً ، كل جُلَّة منها قَلْفة ، وهي المقلُوفة أيضاً ، وثلاثُ مَقْلوفات ، كلُّ جُلّة مَقْلوفة ، وهي الجِلال البَحْرانية. قال : واقتلفْتُ من فلانٍ أربع قَلَفَات وأربعَ مقلُوفات ، وهو أن تأتي الجُلَّة عند الرجل فيأخذها بقولِه

١٣٠

منه ولا تكيلها.

لقف : الليث : اللَّقْف : تَناوُل الشيء يُرمَى به إليك. تقول : لقَّفَني تلقيفاً فلقِفْتُه والتقَفْتُه.

ورجلٌ لَقْف ثَقْف ، أي : سريع الفَهم لما يُرمَى إليه من كلامِ باللسان ، وسريعُ الأخذ لما يُرمَى إليه باليد.

وقال العجاج :

مِن الشمالِيلِ وما تَلَقَّفا

يصف ثوراً وحشيّاً وحَفْرَه كِناساً تحت الأرطاة وتلقَّفَه ما ينهار عليه ورَمْيهُ به.

وقال ابن السكيت في باب فَعْل وفَعَل باختلاف المعنى : اللَّقفِ ، مصدرُ لقِفْتُ الشيءَ أَلقَفُه لَقْفاً : إذا أَخذتَه فأكلتَه أو ابتلعته. ويقال : رجل ثَقْف لَقْفِ : إذا كان ضابطاً لما يحويه قائماً به.

ورَوَى أبو عبيد عن الأحمر : إنّه لثَقْف لَقْف ، وثَقِف لَقِف ، وثقيف لَقيف ، بيِّن الثَّقافة واللَّقافة.

وقال الله جلّ وعزّ : (فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) [الأعراف : ١١٧] ، وقرئ : (فإذا هي تَلَقَّف).

قال الفرّاء : لقِفْتُ الشيءَ أَلقَفُه لَقْفاً ولَقَفاناً ، قال : وهي في التفسير تبتلع.

أبو عبيد : الحوضُ اللقِّيف : الملآن.

وقال شمر : قال أَبو عمرو الشيبانيّ : اللقيف : الحوض الذي لم يُمْدَر ولم يُطيَّن ، فالماء ينْفجِر من جوانبه.

وقال الأصمعيُّ : هو الذي يتلجّف من أَسفله فيَنهار وتَلجُّفه : أَكلُ الماء نواحيَه.

وقال أبو الهيثم : اللقيف من الملآن أشبهُ منه بالحوض الذي لم يُمْدَر يقال : لقِفْتُ الشيءَ ألقَفُه لَقْفاً فأنا لاقِف ولَقيف ، فالحَوْض لَقِفَ الماء فهو لاقف ولَقيف.

قال : وإن جعلتَه بمعنى ما قال الأصمعي أنَّه تلجَّف وتَوَسّع ألجافُه حتى صار الماء مجتمعاً إليه فامتلأت ألجافُه كان حَسَناً.

وقال الليث في اللقيف مثل قول أبي عمرو.

وقال أبو ذؤيب :

كما يتهدمُ الحوضُ اللَّقِيفُ

وقال أبو عبيدة : التلقيف : أن يخبط الفرسُ بيديه في اشتقاقه لا يقلُّهما نحوَ بطنه.

قال : والكَرْوُ مثل التلقيف.

وقال أبو خراش :

كأبي الرَّماد عظيمُ القِدْر جفنَته

عند الشّتاء كَحوض المنْهِل اللقفِ

هو مثل اللَّقيف.

وقال أبو وَجْزَة :

قد شاع في الناس فيما يذكران به

وهي الأديم وأنَّ الحوضَ قد لقفا

شمر عن ابن شميل : إنهم ليُلقِّفونَ الطعامَ ، أي : يأكلونه ، ولا تقول يتلقّفونه.

وأنشد :

١٣١

إذا ما دعيتم للطعام فلقِّفوا

كما لقفَتْ زُبٌّ شآميَّةٌ حُرْدُ

والتلقيف : شدَّة رفعِها يدَها كأنها تمدُّ يَداً ، ويقال : تلقيفُها : ضربُها بأيديها لبّاتِها ، يعني الجِمالَ في سيرها.

فلق : قال الله جل وعزّ : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِ الْفَلَقِ (١)) [الفلق : ١].

قال الفراء : الفَلَق : الصُّبح ، يقال : هو أبيَنُ من فَلق الصبح وفَرَق الصبح.

وقال الزجَّاج : الفَلق : بيان الصُّبح.

قال : وقيل : الفَلق : الخَلْقُ.

قال الله تعالى : (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) [الأنعام : ٩٥] ، وكَذلك فَلقَ الأرضَ بالنّبات ، والسَّحاب بالمطر ، وإذا قلتَ الخَلْقَ تَبيّنَ لك أن أكثره عن انفلاق ، فالفَلق : جميعُ المخلوقات. وفَلقُ الصُّبح من ذلك.

ثعلب عن عمرو عن أبيه قال : الفَلق : جهنّم ، والفَلق : الصبح. والفَلق : بيان الحقّ بعد إشكال.

وقال الأصمعيّ : الفَلق : المطمئنُّ من الأرض بين المرتفعين.

وأنشد :

وبالأُدم تُحدى عليها الرحالُ

وبالشَّوْل في الفَلق العاشبِ

والفَلق : المِقْطرة أيضاً.

الحرَّاني عن ابن السكيت قال : الفَلْق : مصدَرُ فلقتُ أفلِقُ فَلْقاً. وسمعتُ ذاك مِن فَلْق فيه.

أبو عبيد عن الأصمعي : الفُلوق : الشُّقوق ، واحدها فلَق محرّك.

وقال أبو الهيثم : واحدها فَلْق ، وهو أصوَبُ مِن فَلق.

وقال ابن السكيت : الفِلق : الداهية.

وأنشد :

إذا عَرَضَتْ داوِيَّةً مُدْلهمّةٌ

وغَرَّدَ حادِيها فَرَيْنَ بها فِلقا

أي : عَمِلن بها داهيةً مِن شدّة سيرها.

ابن الأنباري : أراد عمِلن بها سيراً عَجَباً.

والفِلق : العجَب.

قال : والفِلق : القضيب يُشَق فيُعمل منه قَوْسان ، فيقال لكلِّ واحدة فِلق.

أبو نصر ، يقال : كان ذلك بفالق كذا وكذا ، للمنحدِر بين رَبْوَتين. ويقال : مَرَّ يَفتَلِق بالعَجَب ، أي : يأتي بالعَجَب.

ويقال : أفلَق فلانٌ اليوم وهو يُفلِق : إذا جاء بعَجَب.

أبو عبيد عن الكسائيّ : جاءنا بعُلَق فُلق ، وقد أعلقْتَ وأَفلقْتَ ، وهي الداهية أيضاً.

وقال غيره : أعطِني فِلقةَ الجَفْنة وفِلق الجَفْنة ، وهو أحد شِقَّيها إذا انفلقَتْ.

وفالق : اسم موضع.

١٣٢

وقال الليث : فَلقتُ الفُسْتُقة وغيرَها فانفَلقَتْ. والفِلقة : كِسْرة مِن خبز وشاعر مُفْلِق : يجيء بالعجائب في شِعره. ورجل مِفلاق دنيٌّ رذلٌ قليل الشيء. والفَليق : عِرْق في العَضُد.

وقال غيره : الفَليق : ما بين العِلْباوين ، وهو أن ينفلق الوَتر بين العِلباوَين ، ولا يقال في الإنسان.

وأنشد :

فَلِيقُها أجرَدُ كالرمْحِ الضلِعْ

وقيل : الفَليق : هو المطمئنُّ في باطن عُنُق البعير.

والفَيْلَق : الجيش العظيم.

قال الكُميت :

في حَوْمَة الفَيْلق الجأواءِ إذ نزلَتْ

قسْرٌ وهيضَلُها الخشخاشُ إذ نزلوا

وقال النضر : الفَلقة في عدو البعير مثل الرّبَعة ، يقال : افتلق الجمل فَلقةً. ويقال : يا للفليقة ويا للأفيكة! إذا جاءَ بشيء منكر.

اللحياني : كلّمني فلان من فَلق فيه وفِلق فيه ، والفتح أكثر.

قال : ويقال : خلّيتُه بفالق الوَرْكاء ، وهي رملةٌ ، ويقال : كأنه فلاقَة آجُرَّة ، أي : قطعة. ويقال : فَلقَتِ النَّخلة : إذا انشقت عن الكافور ، وهو الطَّلْع ، وهي نخلةٌ فالق ونخْلٌ فُلَّق ، ويقال : قُتِل فلان أفلق قِتْلة ، أي : أشدَّ قِتلة. وما رأيتُ سيراً أفلق مِن هذا ، أي : أَبعَدَ. وفُلاق البيضة : ما تَفَلّق منها.

وسمعتُ أعرابياً يقول للبنٍ كان محقوناً في السِّقاء ، فضرَبه حرُّ الشمسِ فتقطَّع : إنه للبنٌ متفلِّق ومُمْذَقِرٌّ ، وهو أن يصير اللبنُ ناحيةً والماء ناحية ، ورأيتُهم يَكرهون شُرب اللبن المتفلّق.

ثعلب عن ابن الأعرابي : جاء فلان بالفُلقانِ ، أي : بالكَذِب الصُّراح ، وجاء بالسُّماق مِثله.

وفي «النوادر» : تَفَيْلَم الغلام ، وتَفَيْلق ، وتَفَلق ، وخَنْزَرَ : إذا ضَخُم وسَمِن.

وفي حديث الدجّال وصفته : «رجل فَيلَق» هكذا رواه القتَيبيّ في «كتابه» بالقاف.

وقال : لا أعرف الفَيلق إلّا الكتيبةَ العظيمة.

قال : فإنْ جَعَله فيْلَقاً لِعظمه فهو وجهٌ إنْ كان محفوظاً ، وإلّا فهو الفيْلَم بالميم بمعنى العظيم.

قلت : والفَيْلم والفيْلق : العظيم من الرجال. ومنه يقال : تَفيْلق الغلام وتَفيْلم بمعنى واحد.

لفق : قال : اللّفق : خياطةُ شُقتَين تَلفِق إحداهما بالأخرى لَفقاً. والتلفيق : أعمّ ، وكلاهما لِفقان ما داما منضمَّين ، فإذا تباينا بعد التلفيق قيل : قد انفتق لفقهما.

١٣٣

ولا يلزمُه اسمُ اللفق قبلَ الخياطة.

وقال غيره : اللفَاق جماعة اللفق.

وأنشد :

ويا رُبَّ ناعمةٍ منهم

تشُدُّ اللفَاقَ عليها إزارا

وقال المؤرج : يقال للرجلين لا يفترقان : هما لفِقان.

وفي «النوادر» : تأفّقْتُ بكذا وتلفّقْتُ به ، أي : لَحِقْتُه.

قال شمِر في قول لقمان : «صَفّاق أفَّاق» ، قال : رواه بعضهم : «لفّاق».

قال : واللفّاق : الذي لا يدرك ما يطالب.

يقال : لفق فلانٌ ، أي : طلب أمراً فلم يدركه.

قال : ويفعل ذلك الصَّقر إذا كان على يدَي رجلٍ فاشتهى أن يُرسله على الطير ، ضربَ بجناحيه ، فإذا أرسله فسبقه الطيرُ فلم يدركه فقد لفق.

قال : والدِّيك الصفّاق : الذي يضرب بجناحيه إذا صوَّت.

قفل : قال الليث : القفل معروف ، وفِعله الإقفال وقد أقفلتُه فاقتفل. والمقتَفِل من الناس : الذي لا يُخرج من بين يديه خيراً ، وامرأة مقتفِلة.

والقَفلة : إعطاؤك إنساناً الشيءَ بمرّة ؛ أعطيتُه ألفاً قَفلة.

وقال ابن دُريد : درهمٌ قَفلةٌ ، أي : وازن ، الهاء أصليّة.

قلت : وهذا مِن كلام أهل اليمن (١).

والقفلةُ : شجرة معروفة. وجمعُها قفل نبت في نجود الأرض وتيبس في أول الهيج.

وقال معقِّر بن حمارٍ البارقيّ لبنتٍ له بعد ما كفّ بصره وقد سمع صوت راعدةٍ : «وائلِي بي إلى جانب قفلة ؛ فإنها لا تنبت إِلا بمَنجاة من السيل».

وقال ابن السكيت : يقال لما يبس من الشجر : القفل ؛ وكذلك قال أبو عبيد.

وأنشد :

فخرّت كما تتابعُ الريحُ بالقفلِ

قال : القَفْل : جمع قفلة ، وهي شجرةٌ بعينها تهيج في وَغْرة الصَّيف ، فإذا هبت البوارحُ بها قلعْتها وصيرتها في الجوّ.

وقال الليث : القفول : رجوع الجند بعد الغزو ، وقد قَفَلوا يقفلُون قفولاً ، وهم القَفل بمنزلة القَعَد ، اسمٌ يَلزمهم ، والقَفْل أيضاً : القُفول ، واشتُقَّ اسمُ القافلة من ذلك ، لأنهم يقفُلون.

قلت : سُمِّيت القافلة وإن كانت مبتدئةَ السّفَر قافلةً تفاؤلاً بقَفُولها عن سَفَرها ، وظَنَّ القتيبيّ أنّ عَوامّ الناس يَغلَطون في

__________________

(١) بعده في «اللسان» ونسخة من «التهذيب» : «ولا أدري ماذا أراد بقوله : «الهاء أصلية».

١٣٤

تسميتهم المنشِئين سفراً قافلةً.

وقال : لا تسمَّى قافلةً إلَّا منصرفةً إلى وطنها. وهو عندي غلطٌ ، لأنَّ العرب لم تزلْ تسمِّي المنشئة للسَّفَر قافلةً على سبيل التفاؤل ، وهو سائغٌ في كلام فُصَحائهم إلى اليوم.

وقال ابن السكيت عن أبي عمرو : أقفلتُ البابَ فهو مُقفَل ، ولا يقال : مقفول.

وأقفلتُ الجندُ مِن غزوهم. وقد قَفلوهم يقفلُون قَفولاً وقَفلاً. وقد أقفَله الصَّوْمُ : إذ أيبسه. وأقفلتُ الجِلْد : إذا أيبستَه. وخيلٌ قوافلٌ ضوامر. واستقفل فلانٌ : إذا بخل فهو متقفلٌ. والقفيل : السَّوط المفتول.

وقال :

قمت إليه بالقفيل ضربا

وقال أبو زيد : كم تقفل هذا ، أي : كم تحزُره ، وهو القَفْل وكم تثقُله مثله.

ويقال للفرس إذا ضَمَر : قَفَل يقفُل قُفولاً ، وهو القافل والشازِب والشاسِب.

وقال ابن شُميل : قَفَل القومُ الطعامَ وهم يقفُلون ، ومكَر القومُ : إذا احتَكَروا ويمكرون. رواه المصاحفي عنه.

وفي «نوادر الأعراب» : أقفلتُ القومَ في الطرِيق.

قال : وقفلتُهم بعيني قَفَلاً : أتبعتهم بَصري ، وكذلك قذَذْتهم.

وقالوا في موضعٍ : أقفلتُهم على كذا ، أي : جمعتهم.

فقل : قال ابن شميل في كتاب «الزرع» : الفَقْل : التذرية بلغة أهل اليمن. يقال : فَقَلوا ما دِيسَ مِنْ كُدْسِهم ، وهو رَفْع الدقّ بالمفقَلة ، وهي الحِفراة ، ثمَّ نثره.

قال : ويقال : كانت أرضهم العامَ كثيرة الفَقْل ، أي : كثيرة الرَّيْع ، وقد أَفْقَلْت أرضهم إفْقالاً.

والدّقّ : ما دِيسَ ولم يذَرّ. ولا أحفَظُ الفَقْل لغير ابن شُمَيل.

ابن الأعرابيّ : المقفال من النخيل : التي تحاتَّ ما عليها من الحمل.

قلف : يقال : قلبٌ أقلفُ : إذا لم يَع خيراً ، كأنّه مُغَشى مُغَطًّى لا يدخُله وعظ. وهي القُلْفة والقلفة. وقلفت الجُلّةَ : إذا قشرتَها عما فيها من تمر مكنوز وهو القليف.

ق ل ب

قبل. قلب. لقب. لبق. بقل. بلق : مستعملات.

قبل : قال ابن المظفر : قَبْل : عقيب بَعْد ، وإذا أفردوا قالوا هو مِن قبلُ ومِن بَعدُ.

قال : وقال الخليل : قبلُ وبعدُ رُفِعا رفْعاً بلا تنوين لأنهما غايتان ، وهما مثلُ قولك : ما رأيتُ مثله قطّ فإذا أصفتَه إلى شيء نصبتَه إذا وقعَ موقعَ الصّفة ، كقولك : جاءنا قبلَ عبد الله ، وهو قبلَ زيدٍ قادمٌ.

فإذا وقعتَ عليه مِنْ صار في حدّ

١٣٥

الأسماء ، كقولك من قبلِ زيد فصارت مِن صِفةً وخفض قبلُ ، لأن مِن من حروف الخفض ، وإنما صار قبلُ منقاداً لِمن وتحوّل من وصفّيته إلى الإسميّة ، لأنّه لا يجتمع صفتان. وغلَبَه منْ لأنّ مِنْ صار في صدر الكلام فغَلب.

قلت : وقد مرتْ عِلَلُ قبلُ وبعدُ فيما مَرَّ مِن الكتاب ، فكرهتُ إعادتها.

وقال الليث : القُبْل خلاف الدُّبْر. وقُبل المرأة : فَرْجُها.

قال : والقُبل : إقبالك على الإنسان كأنّك لا تريد غيره. تقول : كيف أنت لو أقبلتُ قُبْلَك.

وجاء رجلٌ إلى الخليل فسأله عن قولِ العرب : كيف أنت لو أُقبِلَ قبلُك؟ فقال : أُراه مرفوعاً لأنّه اسمٌ وليس بمصدر كالقَصْد والنحو ، إنَّما هو كيف لو استُقبل وجهُك بما تكره.

وقال الزجاج في قول الله : (فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ) [آل عمران : ٣٧] ، أي : بتقبل حسن ولكن قبولٌ محمول على قوله : قَبِلها قَبولاً حَسَناً ، يقال : قَبلتُ الشيءَ قَبولاً : إذا رضيتَه.

وقبلت الرِّيحُ تَقْبلُ ، وهي ريحٌ قَبولٌ.

وقَبَلْتُ بالرجل أقبُل به قَبالةً ، أي : كفلْتُ به. وقد رُوي قَبِلت به في معنى كَفِلْت على مثال فَعِلت.

ويقال : سَقَى فلانٌ إِبِلَه قَبَلاً : إذا صَبَّ الماء في الحوض وهي تَشرب منه فأصابها.

وقال الأصمعي : القَبل : أن يورِد الرجل إِبِلَه فيستقي على أفواهها ولم يكن هيَّأَ لها قبل ذلك شيئاً.

وقال الزجاج : كلُّ ما عاينْتَه قلتَ فيه أتاني قِبَلاً ، أي : مُعَايَنَةً ، وكلُّ ما استقبلك فهو قَبَل ، وتقول : لا أكلّمك إلى عَشْرٍ مِن ذلك قِبل وقَبَل ، فمعنى قِبَلٍ إلى عشر مما يُشاهده من الأيام ، ومعنى قبَلٍ إلى عَشْر تستقبِلُنا.

ويقال : قَبِلَت العينُ قَبَلاً : إذا كان فيها إقبال منطر على الأنف.

وقال أبو نصر : قَبِلَت العينُ قَبَلاً ، إذا كان فيها مَيَل كالحَوَل.

وقال أبو زيد : الأقبل : الذي أقبلتْ حَدَقتاه على أنفه. قال : والأحول الذي حولتْ عيناه جميعاً.

وقال الليث : القَبل في العَين : إقبال السوادِ على المَحْجِر.

ويقال : بل إذا أقبَلَ سوادُه على الأنف فهو أَقبلَ ، وإذا أَقبل على الصُدْغين فهو أخرَز.

عمرو عن أبيه : القَبَل شبيهٌ بالحَوَلِ ، والقَبل : صَدَدُ الجَبَل. والقَبل : المحَجَّة

١٣٦

الواضحة. والقَبل : لطُف القابلة لإخراج الولد.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : في قَدَميه قَبل ، ثم حَنَف ثم فَحَجٌ.

وقال الكميت :

فأمَّا أمية من وائلٍ

فمستدبر المجد مُستقبلُ

معناه : أنّه كريم القديم والحديث.

قال أبو سعيد : قال أعرابيّ : وعليّ فروٌ لي قَبَلٌ ، أي : جديد ؛ كأنَّه أوّل ما لبسه.

ويقال : أقبلته مرّة وأدبرته ، أي : جعلته أمامي ومرَّة ورائي ـ يعني في المشي ـ.

وقبلتُه الجبلَ مرّة ودبرتُه أخرى.

وقال الله جلّ وعزّ : (أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً) [الكهف : ٥٥] ، و (قِبَلاً) و (قَبَلاً) كلٌّ جائز.

قال الزجاج : فمن قال (قُبُلاً) فهو جمع قَبيل ، المعنى : ويأتيهم العذاب ضُروباً.

ومَن قرأ (قِبَلاً) فالمعنى أو يأتيهم العذاب معَاينَةً. ومن قرأ (قَبَلاً) فالمعنى أو يأتيهم مقابِلاً.

وقوله جل وعزّ : (وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً) [الأنعام : ١١١] ، المعنى : وحشرنا عليهم كلَّ شيء قبِيلاً قَبيلاً. ويجوز أن يكون قبُل جمع قبيل ، ومعناه : الكَفِيل فيكون المعنى لو حُشِر عليهم كلُّ شيء فكَفَل لهم بصحّة ما يقول ما كانوا ليؤمنوا ويجوز أن يكون قبلاً في معنى ما يُقابِلهم ، أي : لو حشَرْنا عليهم كل شيء فقابَلهم ، ويجوز وحشَرْنا عليهم كل شيء قِبلاً بكسر القاف ، أي : عِياناً ويجوز قُبْلاً على تخفيف قُبُلاً.

وقوله جلّ وعزّ : (لا قِبَلَ لَهُمْ) [النمل : ٣٧] ، معناه : لا طاقةَ لهم بها.

ويقال : أصابني هذا مِن قِبَله ، أي : من تِلقائه : مِن لدُنْه ، ليس من تِلقاء الملاقاة ، لكنْ على معنى مِن عنده. قاله الليث.

قال : وكلُّ جِيل من الجِنّ والناس قَبِيل.

وقوله : (إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ) [الأعراف : ٢٧] ، أي : هو ومَن كان مِن نَسْله. فأما القَبيلة فمن قبائل العَرَب وسائرهم من الناس.

أبو عبيد عن أبي زيد : القَبيل : الجماعة يكونون من الثلاثة فصاعداً من قومٍ شتّى ؛ وجمعُه قُبُل. والقَبيلة : بنو أبٍ واحد.

وقال ابن الكلبيّ : الشَّعْب أكثر من القبيلة ، ثم القبيلة ، ثم العِمارة ، ثم البطن ، ثم الفَخِذ.

وأخبرني المنذريّ عن أبي العباس ، أنه قال : أُخذت قبائل العرب من قبائل الرأس ، لاجتماعها.

قال : وجماعتُها الشَّعْب. والقبائل دونها.

قال الفراء في كتاب «المصادر» : حدثني مندل قال : قال سِنان بن ضرار الشيباني

١٣٧

عن عبد الله بن أبي الهذيل قال : أتيتُه وعليَّ فروٌ لي قَبَل ، يريد كَبَل. فقال : يا ضرار ، قلبٌ نقيٌّ في ثيابٍ دنَسة خير من قلب دنسٍ في ثياب نقية.

وقال الليث : قبيلة الرأس كلُّ فِلْقَة قد قوبلت بالأخرى ، وكذلك قبائل بعض الغروب ، والكثرة لها قبائل.

وقال أبو نصْر : قبائل الرأس : قَطعُه المشعوب بعضها إلى بعض.

قال : والقَبَل : النَّشَز من الأرض يستقبِلُك.

يقال : رأيتُ شخصاً بذلك القَبَل.

وأنشد للجعديّ :

خشيةُ الله وأنى رَجُلٌ

إِنما ذِكري كنارٍ بقَبَلْ

أخبرني المنذريّ عن ابن عُميرة الأسدي عن الرياشي عن الأصمعي ، قال : الأقبال : ما استقبلك من مُشرف ، الواحد قَبَل.

قال : والقَبَل : أن يُرَى الهلالُ أوّلَ ما يُرى ولم يُرَ قبل ذلك.

يقال : رأيت الهلال قَبَلاً. والقَبَل : أن يتكلّم الرجلُ بالكلام ولم يستعدَّ له.

يقال : تَكلّم فلان قَبَلاً فأجادَ.

ويقال : أفْعلُ ذلك مِن ذي قَبَل ، أي : فيما يُسْتقبَل.

ويقال : اقتَبَل أمرَه : إذا استأنَفَه. وهو مُقْتبِل الشّباب ، أي : مستقبَل الشباب.

قال أبو كبير الهذليّ :

ولرُبّ مَن طأطأتَه لِحَفِيرَةٍ

كالرُّمْحِ مُقتبِل الشباب محَبَّرِ

سَلَمة عن الفرّاء : اقتَبل الرجلُ : إِذا كاسَ بعدَ حَماقة.

أبو عبيد عن الأصمعي : رَجَزْتُه قَبَلاً : أنشدتُه رَجَزاً لم أكن أعدَدْتُه.

ويقال : اقتَبَل فلانٌ الخطبة اقتبالاً : إذا تكلّم بها ولم يكن أَعدّها.

ابن بزرج قالوا : أقبلوها الرِّيحَ.

قال الأزهري : وقابلوها الريح بمعناه.

فإذا قالوا : استقبلوها الريح كان أكثر كلامهم : استقبلوا الريح واستقبلت أنا الريح.

وقال الأعشى :

وقابلها الرِّيحَ في دنّها

وصلّى على دنِّها وارتسمْ

أي : أقبلها الرِّيح.

وقال أبو الهيثم : قَبَلتُ الشيء ودبرته : إذا استقبلته أو استدبرته. وقابل عام ودابر عام. فالدَّابر : المولّي الذي لا يرجع.

والقابل : المستقبل. والدابر من السهام : الذي خرج من الرمية. وعام قابل ، أي : مقبل.

وقَبِلت المرأة القابلةُ تَقْبَلها قِبالة. وكذلك قَبِل الرجل الغَرْبَ من المُسْتَقى ، وهو القابل ، وقَبِلتُ الهديَّة قَبُولاً.

١٣٨

ويقال : عليه قَبولٌ ، ذلك إذا كانت العَين تَقبَله.

أبو نصر : يقال رجل ما لَه قِبْلة : إِذا لم تكن له جِهة.

ويقال : أين قبْلتُك؟ أي : أين جِهَتُك.

ويقال : قَبَل به يقبُل به قَبالةً : إذا كَفَل به.

وأنشد :

إنّ كفّي لك رَهْنٌ بالرضا

فاقبُلي يا هِندُ قالت قد وجَبْ

اقبُلي معناه : كوني أنتِ قَبيلاً.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : أَقبلتُ إبلِي أَفواهَ الوادي ، وكذلك أَقبَلْنا الرِّماحَ نحوَ القوم.

ويقال : قابِلْ نَعْلَك ، أَي : اجعل لها قِبالَين.

قال : وقال اليزيديّ : أَقبلتُ النعلَ : إذا جَعلتَ لها قِبالاً ؛ فإن شدَدْتَ ، قلتَ : قَبَلتُها مخفّفةً.

قال أبو عبيد : والقِبال : مِثْل الزِّمام بين الإصبع الوسطى والتي تليها.

ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أَنه كان لنَعْلِه قِبالان ، أَي : زِمامان.

وقال أَبو نصر : أَقبَلَ نَعلَه وقابَلها : إذا جَعَل لها قِبالين.

ويقال : انزِلْ بقَبَل هذا الجَبَل ، أَي : بسَفْحِهِ. ووَقعَ السهمُ بقُبْل هذا الهَدَف وبدُبْره ، وكان ذلك في قُبْلٍ من شبابه.

وكان ذلك في قُبْل الشتاء وفي قُبْل الصيف ، أي : في أَوّله ووجهه.

عمرو عن أَبيه في قولهم : «فلانٌ لا يَعرِف قَبيلاً مِن دَبير».

قال : القَبيل : طاعة الرّب. الدَبير : معصيتُه.

أَبو نصر عن الأصمعي : القَبيل : ما أَقبَلَ به الفاتل إلى حَقْوه. والدَّبير : ما أَدبَرَ به الفاتل إلى رُكْبَتِه.

وقال المفضّل : القَبيل : فوزُ القِدْح في القمار. والدَبيرُ : خيبة القِدْح.

وقال جماعة من الأعراب : القَبيل أن يكون رأسُ ضمن النَعْل إلى الإبهام.

والدَّبيرُ : أن يكون رأسُ الضِمْنِ إلى الخِنْصِر.

وقال ابن الأعرابيّ في قول الأعشى :

أخو الحَرْبِ لا ضَرَعٌ واهِنٌ

ولم ينتَعِلْ بقِبالٍ خَذِمْ

قال : القِبال : الزمام. قال : وهذا كما تقول : هو ثابت الغَدَر عند الجَدَل والحُجج والكلام والقتال ، أي : ليس بضعيف.

وقال الليث : القِبال : شِبه فَحَجٍ وتَبَاعُدٍ بين الرِجلين.

وأنشد :

حَنْكَلَةٌ فيها قِبالٌ وفَجَأ

ويقال : فلانٌ قُبالتي ، أي : مستقبِلي.

١٣٩

ويقال : هو جاري مُقابِلي ومُدَابري.

وأنشد :

حَمَتْك نفسِي ومَعي جاراتي

مُقابِلاتي ومُدابِراتي

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنه نَهَى أن يضحّى بشَرْقاء أو خَرْقاء ، أو مُقابلة أو مُدابرة». قال أبو عبيد : قال الأصمعي : المقابَلة أن يُقطَع مِن طرف أُذنها شيءٌ ثم يترك معلَّقاً لا يَبين كأنه زَنَمَة. والمُدابَرةُ : أَن يُفعل ذلك بمؤخّر الأُذُن من الشاة.

قال الأصمعي : وكذلك إنْ بان ذلك من الأُذُن أَيضاً فهي مُقابَلة ومُدابَرة بعد أَن يكون قد قُطع.

ويقال : رجلٌ مُقابَل ومُدابَرٌ : إذا كان كريمَ الطَّرَفين من قِبَل أَبيه وأمِّه.

وقال الليث : إذا ضمَمْتَ شيئاً إلى شيءٍ قلت : قابلتُه به. والقابلةُ : الليلةُ المقْبِلة ، وكذلك العامُ القابل ، ولا يقولون فَعَل يَفعُل.

وقال العجّاج يصف قطاً :

ومهمهٍ يُمسي قطاه نُسَّسا

روابعاً وبعد ربع خُمَّسا

وإنْ تَوَلَّى ركضُه أو عرّسا

أمسى من القابلتين سُدَّسا

قوله : من القابلتين : يعني الليلة التي لم تأتِ بعد فقال :

روابعاً وبعد ربع خمسا

فإن بنى على الخمس فالقابلتان السادسة والسابعة ، وإن بنى على الرِّبع فالقابلتان الخامسة والسادسة. وإنما القابلة واحدة ، فلما كانت الليلة التي هو فيها والتي لم تأت بعد غلّب الاسم الأشنع فقال القابلتين ، كما قال :

لنا قمراها والنجوم الطوالع

فغلّب القمر على الشَّمس

قال : والقبول من الرياح : الصَّبَا لأنها تَستقبل الدَّبُور.

وقال أبو عبيدٍ عن الأصمعيّ : الرياح معظمها الأربع : الجَنوب والشمال ، والدَّبُور والصَّبَا. فالدَّبور : التي تهبّ من دُبْر الكعبة ، والقَبُول من تلقائها وهي الصَّبَا.

وقال الليث : القَبُول : أن تَقبَل العَفْوَ والعافية وغير ذلك ، وهو اسم للمصدر وأميت الفِعل منه.

قال : والقُبلة معروفة وجمعُها القُبَل ، وفِعلُها التقبيل.

أبو عُبيدٍ عن أبي زيد : قَبَلَت الماشية الوادي تقبُله ، وأنا أقبلتُها إياه.

وسمعتُ العرب تقول : انزِلْ بقابِل هذا الجبل ، أي : بما استَقْبَلَك من أقباله وقوابِلِه.

اللِّحيانيّ : قَبِلتُ هديَّتَه أقبَلُها قَبولاً

١٤٠