تهذيب اللغة - ج ٧

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٧

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٥

١
٢

٣
٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

باب الخاء والنون

[خ ن]

خن ، نخ : مستعملان.

خن : قال اللَّيثُ : خَنَ يَخِنُ خَنِيناً ، وهو : بكاء المرأة تَخِنُ في بكائها دون الانتحاب.

قال : والخَنِينُ : الضَّحِك إذا أظهره الإنسان فخرج جافياً ، يقال : خَنَ يَخِنُ خَنِيناً ، فإذا أخرج صوتاً رقيقاً فهو الرَّنِين ، فإذا أخفاه فهو الهَنِين.

وقال غيره : الهنين مثل الأنين ، يقال : أَنَّ وهَنَّ بمعنى واحد.

قال الليث : والْخُنَانُ في الإبل كالزُّكام في الناس ، يقال : خُنَ البعير فهو مَخْنُونٌ ، والْخُنَانُ داء يأخذ الطيْرَ في حُلُوقِها ، يقال : طائر مَخْنُونٌ

والخُنَّةُ ضرْبٌ من الغُنَّة ، كأَنَّ الكلام يرجع إلى الخياشيم ، يقال : امرأة خَنَّاءُ وغَنَّاءُ ، وفيها مَخَنَّةٌ.

وأخبرني المُنْذِرِيُّ ، عن أحمد بن يحيى ، عن ابن الأعرابيِّ : قال : النَّشيج من الفم ، والخَنِينُ من الأنف ، وكذلك النَّخِير.

قال : والمَخَنَّةُ وسطُ الدار ، والمَخَنَّةُ الفِنَاءُ ، والمَخَنَّةُ الحُرَمُ ، والمَخَنَّةُ مَضِيق الوادي ، والمَخَنَّةُ مَصَبُّ الماء من التَّلْعَة إلى الوادي ، والمخَنَّةُ فُوَّهَةُ الطريق ، والمَخَنَّةُ المَحَجَّةُ البَيِّنَة ، والمخَنَّةُ طرَف الأنف.

قال : وروى الشَّعْبِيُ أن الناس لمَّا قَدِمُوا البصرة قالَتْ بنو تَمِيم لعائشةَ : هل لكِ في الأحْنَفِ؟ فقالت : لا ، ولكن كونوا على مَخَنَّتِهِ.

وأخبرني المُنْذِرِيُّ عن المُبَرَّد أنه قال : الغُنَّةُ أن تُشْرِبَ الحرفَ صوت الخَيْشومِ.

قال : والْخُنَّةُ أشد منها.

وقال الليث : الْخَنْخَنَةُ ألا يُبيِّنَ الكلامَ فيُخَنْخِنُ في خياشيمه ، وأنشد :

خَنْخَنَ لي في قَوْلِه سَاعَةً

وَقَالَ لي شَيْئاً فَلَمْ أَسْمَع

٥

وقال النَّابِغةُ الجَعْدِيُّ :

فَمَنْ يَحْرِصْ عَلَى كِبَري فإِنِّي

مِنَ الشُّبَّانِ أَيَّامَ الْخُنانِ

قال الأصمعي : كان الْخُنَانُ داء يأخذ الإبل في مناخرها ، وتُمَوَّت منه وصار ذلك تاريخاً لهم ، قال : والْخُنانُ داء يأخذ الناس ، وقال جَرِيرٌ :

وَأَكْوِي النَّاظِرِينَ مِنَ الْخُنَانِ

وقال غيره : رجل مِخَنٌ : إذا كان طويلاً ، وقال الراجزُ :

لَمَّا رَآه جَسْرَباً مِخَنَّا

أقْصَرَ عَنْ حَسْنَاءَ وَارْثَعَنَّا

أي استرخى عنها.

ويقال للطويل : مَخْنٌ أيضاً ـ بفتح الميم وجزم الخاء ـ

وقال بعضهم : خَنَنْتُ الجِذع بالفأس خَنّاً : إذا قَطَعْتُهُ.

قلت : وهذا حَرْفٌ مُريب ، وصوابه عندي : جَثَثْتُ الجِذع جَثّاً ، فأَمَّا خَنَنْتُ بمعنى قَطَعْتُ فما سمعتُه.

اللِّحْيَانِيُّ : رجل مجْنون مَخْنون مَحْنون وقد أَجَنَّه الله وأَحَنَّه وأَخَنَّه بمعنى واحد.

عمرو عن أبيه قال : الْخِنُ : السفينة الفارغة.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الرُّبَّاحُ القِرْدُ ، وهو الحَوْدَل ، ويقال لصوته : الْخَنْخَنَةُ ولضحكه : الْقَحْقَحَةُ.

وقال شمر : خَنَ خَنِيناً في البكاء : إذا ردَّد البكاء في الخياشيم.

وقال الفَصِيحُ من أعراب بني كِلَاب : الْخَنِينُ سُدَدٌ في الخياشيم ، والْخُنَانُ منه ، وقد خَنْخَن الرجل : إذا أَخْرَجَ الكلام من أنفه.

وقال أبو عمرو : الخَنِينُ يكون من الضحك الجافي أيضاً.

نخ : رُوي عن النبي صَلَى الله عليه وسلم أنه قال : «لَيْسَ فِي النَّخَّةِ صدقة».

قال أبو عبيد : قال أبو عبيدة : النَّخَّةُ الرقيق.

قال : وقال الفراء : النَّخَّةُ أن يأخذ المُصَدِّق ديناراً بعد فراغه من الصدقة ، وأنشدنا :

عَمَّي الَّذي مَنَعَ الدِّينَارَ ضَاحِيَةً

دِينَارَ نَخَّةِ كَلْبٍ وَهْوَ مَشْهُودُ

وقال الليث : النَّخَّةُ والنُّخَّةُ ـ لغتان ـ اسمٌ جامعٌ للحُمُرِ.

وقال أبو العباس : اختلف الناس في النَّخَّةِ ، فقال قوم : النَّخَّةُ : الرقيق من الرجال والنساء ، وقال قوم : الحمير ، وقال قوم : البقر العوامل ، وقال قوم : الإبل العوامل ، وقال قوم : النَّخَّةُ الربا ، وقال قوم : النَّخَّةُ : الرِّعاء ، وقال قوم : النَّخَّةُ : الجَمَّالُونَ ، وقال بعضهم : يقال لها في البادية : النُّخَّةُ : ـ بضم النون ـ.

قال أبو العباس : واختار ابن الأعرابيمن هذه الأقاويل النَّخةُ : الحميرُ.

قال : ويقال لها : الكُسْعَة.

٦

وقال أبو سَعيد : كل دابَّة استعمِلت من إبل وبقر وحَمِير رقيق فهي نَخَّةٌ ونُخَّةٌ ، وإنما نَخَّخَها استعمالُها.

وقال الرَّاجِزُ يصف حادِيَيْنِ للإبل :

لا تَضْرِبا ضَرْباً ونُخَّا نَخَّا

ما تَرَك النَّخُ لَهُنَّ مُخَّا

قال : وإذا قهر رجل قوماً فاستأْدَاهُمْ ضَرِيبَةً صاروا نُخَّةً له.

قال : وقوله :

دِينَارَ نَخَّةِ كلْبٍ وهْوَ مشْهُودُ

كان أَخْذَ الضَّرِيبةِ من كلْبٍ نَخّاً لهم ـ أي استعمالاً.

قال : والنَّخُ أَنْ تقول لِسَيِّقَتِكَ وأنت تحثُّها : إخْ إخْ ، فهذا النَّخُ.

قلت : وسمعت غير واحد من العرب يقول : نَخْنِخْ بالإبل أي ازْجُرْها بقولك : إخْ ، إخْ ، حتى تَبْرُك.

وقال الليث : النَّخْنَخَةُ من قولك : أَنَخْتُ الإبل فاستناخت ، أي بَركَتْ ، وَنَخْنَخْتُها فَتَنَخْنَخَتْ : من الرَّجْز ، وأما الإنَاخةُ فهو الإبراك ، لم يُشْتَقَّ من حكاية صَوْتٍ ، ألا ترى أن الفحل يَستنيخُ الناقةَ فَتَنَخْنَخُ له؟.

والنَّخُ أن تُناخَ النَّعَم قريبةً من المُصَدِّقِ حتى يُصدِّقَها ، وأنشد :

أَكْرِمْ أَمِيرَ الْمُؤمنين النَّخَّا

قال : والنَّخُ من الزَّجْر من قولك : إخْ إخْ ، يقال : نَخَ بها نَخّاً شديداً ، ونَخَّةً شديدة ، وهو التَّأْنِيخُ أيضاً.

وقال ابن شُمَيْل : يقال : هذه نخَّةُ بني فلان أي عَبِيدُ بني فلان.

ثعلب عن ابن الأعرابي : نَخْنَخَ إذا سار سيراً شديداً ، ويقال : هذا من نُخِ قلبي وَنُخَاخَةِ قلبي : ومن مُخِّ قلبي ـ أي من صافيه.

باب الخاء والفاء

[خ ف]

خف ، فخ : مستعملان.

خف : قال الليث : الخُفُ خُفُ البعير ، وهو مجمع فِرْسِنِه.

تقول العرب : هذا خُفُ البعير ، وهذه فِرْسِنُهُ ، والْخُفُ ما يَلْبَسُهُ الإنسان.

ورُوِي عن النبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «لا سَبَقَ إلّا في خُفٍ أو نَصْلٍ أَوْ حَافِرٍ» ، فالْخُفُ : الإبل هاهنا ، والحافر الخيل ، والنَّصل : السَّهم الذي يُرْمَى به ، ومجازه : لا سَبَق إلا في ذي خُفٍ ، أو ذِي حافرٍ ، أو ذِي نَصْلٍ.

وقال الليث : الخِفَّةُ : خِفَّةُ الوَزن ، وخِفَّةُ الحال.

وخِفَّةُ الرجل : طَيْشُه وخفَّته في عمله ، والفعلُ من ذلك كُلِّه : خَفَ يَخِفُ خِفَّةً ، فهو خَفِيفٌ ، فإذا كان خَفِيفَ القلب متوقّداً فهو خُفَافٌ ، يُنْعَتُ به الرجلُ ، كأنه أَخَفٌ من الخَفِيفِ ، وكذلك : بَعِيرٌ خُفَافٌ ، وأنشد :

جَوْزٌ خُفَافٌ قَلْبُهُ مُثَقَّلُ

ويقال : أَخَفَ الرجل : إذا خَفَّتْ حالُه ورقَّت.

٧

وفي الحديث : «نَجَا الْمُخِفُّونَ» ، وأَخَفَ الرجل : إذا كان قليل الثَّقَلِ في سفره أو حضَره.

والْخُفوفُ : سرعة السير من المنزل ، يقال : حان الخُفُوفُ ، وخَفَ القوم : إذا ارتحلوا مسرعين ، وقال لَبِيدٌ :

خَفَ الْقَطِينُ فَرَاحُوا مِنْكَ أَوْ بَكَرُوا

والخِفُ كل شئ خَفَ مَحْمِلُهُ. وقال امْرُؤ القَيْس :

يَطِيرُ الْغُلامُ الْخِفُ عَنْ صَهَوَاتِه

ويقال : جاءت الإبل على خُفٍ واحد : إذا تَبعَ بعضُها بعضاً ، مقطورةً كانت أو غيرَ مقطورة ، وخَفَ فلان لفلان : إذا أطاعه وانقاد له ، وخفَّتِ الأُتُنِ لعَيْرِها : إذا أطاعته ، وقال الرَّاعي ، يصف العَيْرَ وأُتُنَه :

نَفَى بالْعِراكِ حَوالِيَّها

فَخَفَّتْ له خُذُفٌ ضُمَّرُ

واسْتَخَفَ فلانٌ بحقِّي : إذا استهان به ، واسْتَخَفَّه الفرحُ : إذا ارتاح لأمر ، واستَخفَّه فلان : إذا استجهله فحمله على اتِّبَاعِه في غيِّه.

ومنه قول الله جلّ وعزّ : (وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) [الرُّوم : ٦٠].

وفي حديث عطاء أنَّه قال : «خِفُّوا عَلَى الأَرْضِ».

قال أبو عبيد : أراد : خِفُّوا في السجود ولا تُرْسِلْ نفسَك إرسالاً ثقيلاً فيؤَثَّرَ في جبْهتك.

ورُوِيَ عن مجاهِدٍ نحوُه. قال : إِذَا سَجَدْتَ فَتَخَافَ.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : خَفْخَفَ : إذا حرَّك قميصَه الجديد فَسَمِعْتَ له خفْخَفَةً ، أي صَوْتاً.

وقال المُفَضَّلُ : الخُفخُوفُ الطائر الذي يقال له : الْمِيسَاقُ ، وهو الذي يُصَفِّقُ بجناحيه إذا طار.

قال : وفَخْفَخَ الرَّجل : إذا فاخر بالباطل.

فخ : قال الليث : الفَخِيخُ دون الغَطيط في النوم ، تقول : سمعْت له فَخِيخاً ، والأَفْعَى له فَخِيخٌ.

قلت : أما الأفعى فإنه يقال في فعله فَحَّ يَفِحُّ فَحِيحاً ، بالحاء.

قاله الأصمعي وأبو خَيْرَةَ الأعرابي.

وقال شمِر : الفَحِيحُ لِما سِوَى الأسْوَدِ من الحَيَّات ، بِفِيهِ كأنه نَفَسٌ شديد.

قال : والْحَفِيفُ مِن جَرْشِ بعضِه ببعض.

قلتُ : ولم أسمع لأَحد في الأفعى وسائر الحيَّات فَخِيخٌ بالخاء ، وهو عندي غلط ، اللهُمَّ إلا أن تكون لُغةً لبعض العَرَب لا أعْرِفها ، فإن اللغاتِ أكثرُ من أن يحيطَ بها رجل واحد.

وقال الأصمعي : فَحَّتِ الأفعى تَفِحُّ إذا سمعتَ صوتَها من فمها ، فأَما الكَشِيشُ فصوتُهَا مِنْ جِلْدَتِها.

وقال الليث : الفَخُ مُعَرَّب ، وهو من كلام العجم.

قلت : العرب تسمي الْفَخَ : الطَّرْقَ.

وقال الفَرَّاءُ : الحِضْبُ سرعة أَخْذِ الطَّرْق الرَّهْدَنَ ، قال : والطَّرْقُ الْفَخُ.

وقال أبو العبَّاسِ في قوله :

٨

يَزُخُّها ثُمَّ يَنامُ الفَخَّهْ

قال : قال ابنُ الأعرابي : الْفَخَّةُ أَنْ يَنَامَ على قَفاه ويَنفُخَ من الشِّبَع.

وقال غيره : امرأةٌ فَخٌ وَفَخَّةٌ : قذِرَةٌ ، وأنشد :

أَلَسْتَ ابْنَ سَوْداءِ المْحَاجِرِ فَخَّةٍ

لها عُلْبَةٌ لَخْوَى ووَطْبٌ مُجَزَّمُ

باب الخاء والباء

[خ ب]

خب ، بخ : مستعملان.

خب : قال اللّيْثُ : الْخَبَبُ ضَرْبٌ من العَدْو ، تقول : جاءوا مُخِبِّين ، تَخُبُ بهم دوَابُّهم.

قال : والْخِبُ الْجَرْبَزَةُ ، والنعت رَجُلٌ خَبٌ ، وامرأة خَبَّةٌ ، والفعل خَبَ يَخَبُ خِبّاً ، وهو بَيِّنُ الخِبِ ، والتَّخْبِيبُ إفساد الرجل عَبْدَ رجلٍ أو أَمَتَه ، يقال : خَبَّبَهُمَا فَأَفْسَدَهُما.

والْخِبُ : هيج البحر ، يقال : أصابَهُم الْخِبُ : إذا اضطَرَبَتْ أمواج البحر ، والْتَوَتِ الرياح في وقت معلوم تُلْجَأُ السُّفُنُ فيه إلى الشَّطِّ ، أوْ يُلْقَى الأَنْجَرُ ، يقال : خَبَ بهمُ البَحْرُ يَخُبُ.

أبو العباس عن ابن الأعرابيِّ قال : الْخِبَابُ ثَوَرَانُ البحر.

وقال الليث : الْخُبَّةُ من المَرْعَى.

وقال الراعي :

حتى ينال خُبَّةً مِنَ الْخُبَب

وقال شمر : قال ابن شُمَيْل : الْخِبَّةُ من الأرض طريقة لَيِّنَةٌ مِنْبَاتٌ ، ليست بِحَزْنَةٍ ولا سهلة ، وهي إلى السهولة أَدْنَى.

قال : وأنكره أبو الدُّقَيْشِ.

وقال الأصمعي : الْخِبَّةُ والطِّبَّةُ ، والْخَبِيبَةُ والطِّبَابَةُ ، كل هذا : طرائق من رَمْل وسحَاب.

وأنشد قول ذِي الرُّمّةِ :

مِنْ عُجْمَةِ الرَّمْلِ أَنْقَاءٌ لَهَا خِبَبُ

وَرَوَاهُ غيرُه.

......... لَهَا حِبَبُ

وهي الطرائق أيضاً.

وقال الْفَرَّاءُ : الْخَبُ من الرمل : الحبلُ ، إلا أنه لَاطِئٌ بالأرض.

وقال أبو عَمْرو : الْخَبُ : السَّهْلُ بين حَزْنَيْنٍ يكون فيه الْكَمْأَةُ.

وأنشد قول عَدِيّ بْنِ زَيْدٍ :

تُجْنَى لَكَ الْكَمْأَةُ رِبْعِيَّةً

بِالْخَبِ تَنْدَى في أصولِ القَصِيصْ

القصيص : نَبْتٌ يَنْبُتُ في أصله الكمأة.

وقال أبو عمرو أيضاً : الْمَخَبّةُ وَالْخَبِيبَة بَطْنُ الوادي.

وقال ابنُ نُجَيْمٍ : الْخَبِيبَةُ وَالْخُبَّةُ كلها واحِدُ ، وهي الشقيقة بين حَبْليْنِ من الرَّمْلِ.

وقال الرَّاعي :

فَجَاء بِأَشْوَالٍ إلَى أَهْلِ خُبَّة

طُرُوقَا وقد أَقْعَى سُهَيْلٌ فعَرَّدَا

٩

وقال أبو عمرو : خُبَّةٌ : كلأٌ ، وقال غيره : الْخُبَّةُ مكان يَستنقع فيه الماء ، فَيَنْبُتُ حواليه الْبُقُولُ.

وقال شَمِر : خِبَّةُ الثَّوْبِ طُرَّتُه ، والخَبَائِبُ خَبَائِبُ اللحم ، وهي طَرائقُ تُرَى في الجلد مِن ذَهابِ اللحم ، يقال : لحمُه خَبائبُ ، أي كُتَلٌ وزِيَمٌ وقِطَعٌ ونحوُه. وقال أَوْسُ بنُ حَجَرٍ :

صَدٍ غائِرُ العينينِ خَبَّبَ لحمَه

سَمَائِمُ قَيْظٍ فهْوَ أَسْوَدُ شاسِفُ

قال : خَبَّبَ لحمُه وخَدَّدَ لحمُه : أي ذهب لحمُه فرأيتَ له طرائقَ في جلده.

وقال أبو عُبيدة : الخبِيبَةُ : كلُّ ما اجتمع فطَال من اللحم.

قال : وكلُ خَبِيبَةٍ من لحم فهي خَصِيلةٌ في ذراع كانت أو غيرِها.

وقال الفرّاء : ثوبُه خَبَائبُ وهَبائِبُ : إذا تمزَّقَ.

أبو عُبيدٍ عنه : الخَبِيبَةُ : الخِرْقَةُ تُخْرِجُها من الثوب فتَعْصِبُ بها يَدَك ، ويقال : خَبَّةٌ وَخُبَّةٌ.

ورَوَى سَلَمَةُ عنه : يقال : أَخَذَ خَبِيبَةَ الفَخِذِ.

ولحمُ المَتْنِ يقال له : الْخَبيبةُ ، وهنَ الخَبائبُ.

أبو عُبيدٍ عن الفرّاء : يقال : لِيَ منهم خَوَابُ ، واحدُها خابٌ ، وهي القَرَاباتُ.

عمرو عن أبيه : خَبْخَبَ ووَخْوَخَ : إذا اسْتَرْخَى بَطْنُه ، وخَبخَبَ : إذا غدَرَ.

وقال ابن الأعرابيِّ في قوله :

لا أُحْسِنُ قَتْوَ الملُوكِ وَالْخَبَبَا

قال : الخَبَبُ الخُبْثُ.

وقال غيرُه : أراد بالخبَبِ مَصْدَرَ خَبَ يَخُبُ : إذا عَدا.

وقال الليث : الخَبْخابُ رَخاوَةُ الشيء المضطرِب.

بخ : الليث : تَبَخْبَخَ الحَرُّ : إذا سكَن بعضُ فَوْرَتِه.

قال : وتَبَخْبَخَتِ الغَنَمُ : إذا سكنتْ حيث كانت ، وتَبَخْبَخَ لحمُه ، وهو الذي تسمعُ له صوتاً من هُزَالٍ بعْدَ سِمَنٍ.

قال : و «بَخْ» كلمة تقال عند الإعجاب بالشيء ، يُثَقَّلُ ويُخَفَّفُ.

وقال :

بَخْ بَخْ لِهذا كَرَماً فوق الكَرَم

وقال : وَدِرْهَمٌ بَخِيٌ : إِذَا كُتِبَ عَلَيْهِ «بَخْ» ، وَدِرْهَمٌ مَعْمَعيٌّ : إِذَا كُتِبَ عليه «مَعْ» مُضَاعَفاً لأَنه مَنْقُوصٌ وإنما يُضَاعَفُ إذا كان في حال إِفراده مخفَّفاً ، لأنه لا يتمكَّنُ في التَّصْريف في حال تخفيفه فيَحْتَمِلُ طُول التضاعُفِ ، ومن ذلك ما يُثَقَّلُ فيُكْتَفَى بتثقيله ، وإنما حُمِلَ ذلك على ما يَجْرِي على ألسنة الناس ، فَوَجَدُوا «بَخْ» مُثَقَّلاً في مُسْتَعْمَل الكلام ، ووجدوا «مَعْ» مخفَّفاً ، وجَرْسُ الخاء أمْتَنُ من جرس العَيْنِ ، فكرهوا تثقيل العَيْنِ ، فَافْهَمْ ذلك.

أَبُو حَاتِم عن الأَصْمَعِيِّ : درْهمٌ بَخِيٌ ـ الخاء خَفِيفَةٌ ـ لأنه منسوب إلى «بَخْ» و «بَخْ» خفيفةُ الخاء ، يقال : بَخْ بَخْ ، وبَخٍ بَخٍ ، وهو كقولهم : «ثوب يَدِيٌّ» للواسع ،

١٠

ويقال للضَّيِّقِ ، وهو من الأضداد قال : والعامَّةُ تقول بَخِّيٌ ـ بتشديد الخاء ـ وليس بصواب.

وقال أبو حاتم : لو نسب إلى «بَخْ» على الأصل ، قيل : بَخَوِيٌ كما إذا نُسِبَ إلى دَمٍ قيل : دَمَوي.

عَمْرُو عن أبيه : بَخَ : إذا سكن من غَضَبِه وخَبَّ : من الْخَبَبِ.

اللّيْثُ : بَخْبَخَةُ البعير وبَخْبَاخُهُ : هَدِيرٌ يملأ الفَمَ شِقْشِقَتُهُ.

أبو عبيد ، عن الفَرَّاء : بَخْبِخُوا عنكم من الظَّهِيرَة ، وخَبْخِبُوا وهَرِيقُوا ، معناه كُلِّهِ : أَبْرِدُوا.

شَمِرٌ : تَبَخْبَخَ الحَرُّ وبَاخَ : إذا سكن فَوْرُه ، وقال رُؤْبَةُ في بَخْبَاخِ هَدِيرِ الْجَمَل :

بَخٍ وَبَخْبَاخُ الْهَدِيرِ الزَّغْدِ

أبُو الْهَيْثَمِ : «بَخْ بَخْ» : كلِمَةٌ يُتَكَلَّم بها عند تفضيلك الشيءَ ، وكذلك يقال : «بَدَخْ وجَخْ» ، بمعنى «بَخْ».

وقال العَجَّاجُ :

إذَا الأعَادِي حَسَبُونا بَخْبَخُوا

أي : قالوا : بَخْ بَخْ ، وبَخٍ بَخٍ.

ثعلبٌ ، عن ابن الأعرابيّ : إبِلٌ مُبَخْبَخَة : عَظِيمة الأجواف وهي المُخَبْخَبَةُ ـ مقلوب ـ مأخوذ من «بَخْ بَخْ».

والعَرَب تقول للشيء تَمْدَحُه : بَخْ بَخْ وَبَخٍ بَخْ ، وَبَخٍ بَخٍ ، وَبَخِ بَخِ.

قال : فكأنها من عِظَمِها إذا رآها الناس قالوا : ما أَحسنها.

قال : والْبَخُ : السَّرِيُّ من الرجال.

باب الخَاء والميم

[خ م]

خم ، مخ : مستعملان.

خم : قال الليث : اللحم المُخِمُ : الذي قد تغيرت رِيحُهُ ولما يَفْسُدْ فساد الجِيَفِ.

قال : وإذا خَبُث رِيحُ السِّقاء فأفسد اللبنَ قيل : أَخَمَ اللبنُ.

قال : وخمَ مِثْلُهُ ، وأنشد :

قَدْ خَمّ أَوْ قَدْ هَمَ بِالْخُمُومِ

أبو عبيد عن أبي عمرو : خَمَ اللحمُ وأخَمَ : إذا تغير وهو شِوَاءٌ أو قَدِيرٌ ، وصَلَّ وأَصَلَّ : إذا تَغَيَّر وهو نِيءٌ.

وقال الليث : الْخَمْخَمَةُ ضرْبٌ من الأكل قبيحٌ ، وبه سمي الْخَمْخَامُ ، ومنه التَّخَمْخُمُ والْخِمْخِمُ نَبْتٌ ، وأنشد :

وَسْطَ الدِّيَارِ تَسَفُّ حَبَ الْخِمْخِمِ

قلت : ويقال له : الحِمْحِمُ بالحاء أيضاً ، وهو الشُّقَّارَى.

وقال الليث : الْخِمَامَةُ رِيشةٌ رديئةٌ فاسدة تحت الرَّيش.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : الْخُمَامَةُ والقُمَامَةُ : الكُنَاسَةُ ، وخَمْخَمْتُ البيتَ : إذا كَنَسْتَهُ.

وفي الحديث : «خَيْرُ النَّاسِ رَجُلٌ مَخْمُومُ الْقَلْبِ».

قال أبو عبيد : معناه : الذي قد نُقِّيَ قَلْبُهُ من الغِلِّ والغِشِّ.

وقال الأصمعي : خَمَّانُ القوم خُشَارَتُهُمْ.

١١

ثعلب عن ابن الأعرابي : خَمَّانُ النَّاسِ ، ونُتَّاشُ الناس ، وعَوَذُ الناس : واحِدٌ.

قال : وَالخَمُ : البكاء الشديد ـ بفتح الخاء ـ ، وَالخُمُ : قَفَصُ الدَّجاج ، والخِمُ : البستان الفارغ.

سَلَمَةُ عن الفَرَّاء قال : الْخَمُ الثناء الطَّيب ، يقال : فلان يَخُمُ ثيابَ فلان : إذا أَثْنَى عليه خيراً ، والْخَم تَغَيُّرُ رائحة الْقُرْص ، إذا لم يَنْضَجْ ، وخُمَ : إذا جُعِلَ في الْخُمِ ، وهو حبس الدُّجاج ، وخُمَ : إذا نُظِّفَ.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابيِّ ، قال : الْخَمِيمُ : اللبنُ ساعةَ يُحْلَبُ ، والْخَمِيمُ : الممدوح ، والْخَمِيمُ : الثَّقيل الرُّوح.

مخ : قال الليث : الْمُخُ نِقيُ عظام القَصَب ، والجميعُ : الْمِخخَةُ ، فإذا قلتَ : مُخَّةٌ ، فجَمْعُها : الْمُخُ ، وقد تَمَخَّخْتُهُ وتَمَكَّكْتُهُ ـ إذا استخرجتَه ، وشحم العَيْن قد سُمي مُخّاً ، ومنه قول الراجز :

ما دَامَ مُخٌ فِي سُلَامَى أَوْ عَيْن

وأَمَخَ العَظْمُ ، وأَمَخَّتِ الشاةُ : ـ إذا اكْتَنَزَتْ سِمَناً.

وقال غيره : مُخُ كل شيء خالصه وخيره ، وأمْرٌ مُمِخٌ ، إذا كان طائلا من الأمور ، وإبل مَخَائِخُ : إذا كانت خِيَاراً.

أبو زيد : جاءته مُخَّةُ الناس : أي نُخْبَتُهُمْ ، وأنشد أبو عمرو :

بَاتَ يُمَاشِي قُلُصاً مَخَائِخاً

وأنشد غَيْرُهُ :

مِنْ مُخَّةِ النَّاسِ الَّتِي كانَ امْتَخَرْ

١٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

كتاب الثلاثي الصحيح من حرف الخاء

[أبواب الخاء والقاف]

أُهمِلَت وجوهُها كلُّها.

خ ق س

استعمل من وجوهها : [خسق].

خسق : قال أبو عُبَيْدٍ عن الأصْمَعِيِّ : إذا رُمِيَ بالسهام فمنها الخَاسِقُ وهو المُقَرْطِسُ.

ثعلب ، عن ابن الأعْرَابي : رمى فَخَسَقَ : إذا شَقَّ الجِلْدَ.

اللَّيْثُ : ناقةٌ خَسُوق : سيِّئةُ الخُلُق تَخْسِقُ الأرضَ بِمَنَاسِمِهَا ، إذا مَشَتْ انقلب مَنْسِمُها فَخَدَّ في الأرض.

قال : وخَيْسَقُ : اسمُ لَابَةٍ معروفةٍ ، وبِئْرٌ خَيْسَقٌ : بَعِيدَةُ القَعْرِ.

خ ق ز

استعمل من وجوهها : [خزق].

خزق : من أمثالهم في باب التشبيه : أَنْفَذُ من خَازِقٍ : يَعْنُونَ السَّهْمَ النَّافِذ.

وقال الليث : كلُّ شيء جادِّ رَزَزْتَهُ في الأرض وغيرها فَارْتَزَّ فقد خَزَقْتَه.

قال : والْخَزْقُ : ما يَثْبُتُ ، والخَرْقُ : ما يَنْفُذُ.

قال : والمِخْزَقُ : عُودٌ في طرَفه مسمارٌ محدَّدٌ ، يكون عند بَيَّاع البُسْرِ.

ثعلب عن ابن الأعرابيِّ : إنَّه لَخَازِقُ وَرَقِهِ إذا كان لا يُطْمَعُ فيه ، والسهم إذا قَرْطَسَ فقد خَسَقَ وخَزَقَ.

خ ق ط : مهمل.

خ ق د ، خ ق ت : أهملت وجوهها.

خ ق ظ : مهمل.

خ ق ذ

استعمل من وجوهها : [خذق].

خذق : قال الليث : خَذَقَ البَازِي خَذْقاً وسائرُ الطَّيْر : ذرَقَ.

أبو عبيد عن الأصْمَعيِّ : ذَرَقَ الطائرُ وخَذَقَ ومَزَقَ وزَرَقَ يخْذِقُ ويَخْذُقُ.

خ ق ث : مهمل الوجوه.

خ ق ر

استعمل من جميع وجوهها : [خرق].

خرق : قال الليث : خَرَقْتُ الثوبَ إذا شقَقْتَه ، وخَرَقْتُ الأرضَ : إذا قطعْتَها حتى بلغْتَ أقصاها ، ولذلك سُمِّيَ الثَّوْرُ مِخْرَاقاً ، والاخْتِرَاقُ : المَمَرُّ في الأرض عَرْضاً على

١٣

غير طريق ، يقال اخْتَرَقتُ دارَ فلان : إذا جعلتَها طريقاً لحاجتِك ، والرِّيح تَخْتَرِقُ في الأرض ، والخيْلُ تَخْترِقُ ما بين الشجر والقُرَى.

وقال رُؤبَةُ :

يَكِلُّ وَفْدُ الرِّيحِ مِنْ حَيْثُ انْخَرَق

قال : والْخَرْقُ : المفازَةُ البعيدة ، اخْتَرَقَتْهُ الرِّيحُ ، فهو خَرْقٌ أَمْلَسُ.

قال : والْخَرْقُ : الشَّقُّ في الأرض والحائطِ والثوبِ ونحوِه.

قال : والْخَرِيقُ من أسماء الرِّيح الباردة الشديدة الهُبُوب ، كأنها خُرِقَتْ ، أَماتُوا الفاعل بها.

ويقال : انْخرَقَتِ الرِّيحُ الْخَرِيقُ : إذا اشتدَّ هُبُوبُها وتَخَلُّلُها المواضعَ.

ويقال للرجل المتَمزِّقِ الثياب : مُنْخَرِقُ السِّرْبالِ.

شَمِر عن ابن شُمَيْلٍ قال : الْخَرْقُ : الأرضُ البعيدة ، مستوية كانت أو غيرَ مستويةٍ ، يقال : قطعنا إليكم أرضاً خَرْقاً وخَرُوقاً ، والْخَرْقُ : البُعْدُ ، كان فيه ماءٌ أو شجر أو أنيس ، أو لم يكن.

قال : ويُعَدُّ ما بين البَصرة وحَفَرِ أبي موسَى خَرقاً ، وما بين النِّبَاجِ وضَرِيَّة خَرْقاً.

وقال المُؤَرِّجُ : كلُّ بلدٍ واسعٍ تَتَخَرَّقُ به الريحُ فهو خَرْقٌ.

شَمِرٌ ، قال الفَرَّاءُ : يقال : مررتُ بخَرِيقٍ بين مَسْحَاوَيْنِ ، والمَسْحَاءُ أرضٌ لا نباتَ فيها ، والْخَرِيقُ : الذي توسَّطَ بين مَسْحَاوَيْنِ بالنبات ، والجميعُ الْخُرُقُ.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ) [الأنعام : ١٠٠] ، قرأ نافعٌ وحْدَهُ : (وخَرَّقوا) بتشديد الراء ، وسائِرُ القُرَّاء قرأوا : (وَخَرَقُوا لَهُ) ـ بالتخفيف.

وقال الفرَّاء : معنى (خَرَقُوا) افتعلوا ذلك كذباً وكفراً ، قال : وخَرَقُوا واخْتَرَقُوا ، وخَلَقُوا واخْتَلَقُوا : واحد.

وقال أَبُو الْهَيْثَم : الاخْتِرَاقُ والاخْتِلَاقُ والاخْتِرَاصُ والافْتِرَاءُ : واحد.

ويقال : خَلَقَ الكلِمَةَ واخْتَلَقَهَا ، وخَرَقَهَا واخْتَرَقَها : إذا ابْتَدَعَها كذباً ، وتَخَرّقَ الكَذِبَ وتَخَلَّقَه.

وقال اللَّيْثُ : الْخُرْقُ : نقيض الرِّفق وصاحبُه أَخْرَقُ ، وناقَةٌ خَرْقَاءُ إذا لم تتعاهد مواضِعَ قَوَائِمِهَا ، وبَعِيرٌ أَخْرَقُ : يقع مَنْسِمُهُ بالأرض قبل خُفِّه ، يَعْتريه ذلك من النَّجابة.

قال : وريحٌ خَرْقاءُ : لا تدوم على جهتها في هبوبها ، وقال ذُو الرُّمَّةِ :

بَيْتٌ أَطَافَتْ بِهِ خَرْقَاءُ مَهْجُومُ

وقال الْمَازِنِيُّ في قوله :

«... أَطَافَتْ بِهِ خَرْقَاءُ ...»

: امرأةٌ غير صَنَاعٍ ، ولا لها رفق فإذا بَنَتْ بيتاً انهدم سريعاً.

وقال الليث : مَفَازَةٌ خَرْقَاءُ خَوْقَاءُ : بَعِيدَةٌ ، والْخِرْق من الْفِتيان : الظَّرِيفُ في سماحة ونَجْدَة.

ورُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أَنَّه نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِشَرْقَاءَ أَوْ خَرْقَاءَ».

١٤

قال أبو عُبَيْدٍ : قال الأصمعيُّ : الشَّرْقَاءُ في الغَنَم : المَشْقُوقَةُ الأذُن باثنين ، والْخَرْقَاءُ من الغنم : التي يكون في أُذنها خَرَقٌ ، وقيل : الْخَرْقَاءُ : أن يكون في الأُذن ثَقْبٌ مستدير.

أبو عُبَيْد عن الكسائيّ : كل شيء من باب «أَفْعَلَ وَفَعْلَاء» سوى الألوان فإِنه يقال فيه : «فَعِلَ يَفْعَلُ» مِثْلُ «عَرِجَ يَعْرَجُ» وما أشبَهَه ، إلَّا سِتَّةَ أَحْرُفٍ فإِنّها جاءت على «فَعُلَ» : الأخْرَقُ والأحْمَقُ والأرْعَنُ والأعْجَفُ والأسْمَرُ ، يقال خَرَقَ الرجل يَخْرُق فهو أَخْرَقُ ، وكذلك أخواتُه.

أبو عُبَيْدٍ عن أبي عَمْرو : خَرِقَ الرَّجُلُ يَخْرَقُ ، وبَرِقَ يَبْرَقُ : إذا دُهِشَ.

وقال ابن الأعرابيَّ : الغَزَالُ إذا أدركه الكَلْبُ : خَرِقَ فَلَزِقَ بالأرض.

وقال الليث : الْخَرْقُ شِبْهُ النظر من الفزع ، كما يَخْرَقُ الخِشْفُ إذا صِيدَ.

قال : وخَرِقَ الرجل : إذا بقي متحيِّرا من هَمٍّ أو شِدَّة.

قال : وخَرِقَ الرجل في البيت ، فلم يبرح فهو يَخْرَقُ خَرَقاً وأَخْرَقَهُ الخوف.

قال : وخَرُق يَخْرُقُ فهو أَخْرَقُ : إذا حَمُقَ ، وَخَرُقَ بالشيء يَخْرُقُ : إذا عَنُف فلم يُحسِن عَمَلَه ، فهو أَخْرَقُ أيضاً.

غَيْرُه : رَمَادٌ خَرِقٌ : لازق بالأرض ، ورَحِمٌ خَرِيقٌ : إذا خَرَقها الولَدُ فلا تَلْقَحُ بعد ذلك.

قال : والْمِخْرَاقُ : السَّيف ، ومنه قوله :

وَأَبْيَضَ كَالْمِخْرَاقِ بَلَّيْتُ حَدَّهُ

المَخَارِيقُ ـ واحدها مِخْرَاقٌ ـ : مَا يَلعب بِهِ الصِّبيانُ من الخِرَقِ المفتولة ، وأنشد :

كَأَنَّ سُيُوفَنَا مِنَّا وَمِنْهُمْ

مَخَارِيقٌ بِأيْدِي لَاعِبِينَا

وذُو الْخِرَقِ الطُّهَوِيُّ : اسمُ شاعر أو لقَبٌ له ، ويقال : جاءتْ خِرْقَةٌ من جَرَاد : أي قطعةٌ ، وَجَمْعُها : خِرَقٌ.

قال : والثَّوْرُ الوحشيُّ يسمَّى مِخْرَاقاً لقَطْعِهِ البلادَ البعيدةَ ، ومنه قول عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ :

...... كَالنَّابِئ الْمِخْراقِ

ورُوي عن عَلِيّ رضى الله عنه أنه قال : «الْبَرْقُ مَخَارِيْقُ الْمَلَائِكَةِ».

وقال كُثَيِّرٌ في المَخَارِيقِ بمعنى السيوف :

عَلَيْهِنَّ شُعْثٌ كَالْمَخَارِيق كُلُّهُمْ

يُعَدُّ كَرِيماً لَاجَبَاناً وَلَا وَغْلَا

قال شَمِرٌ : والمِخْرَاقُ من الرجال : الذي لا يَقَعُ في أمر إلَّا خرج منه.

قال : والثور البَرِّيُّ يسمى مِخْرَاقاً ، لأن الكلاب تطلبه فيُفْلِتُ منها.

قال : وقال أَبُو عَدْنَانَ : الْمَخَارِقُ : المَلَاصُّ ، يَتَخَرّقُونَ الأرض ، بَيْنَا هم بأرضٍ إذا هُمْ بأُخرى.

وقال ابن الأعْرَابيّ ، رجل مِخْراقٌ وخِرْقٌ ومُتَخَرِّقٌ أي : سخيٌّ.

قال : ولا جمع للْخِرْقِ.

أَبُو عُبَيْدٍ عن الأصْمَعِيِّ : رِيحٌ خَرِيقٌ أي : باردة.

خ ق ل

استعمل من وجوهه : خلق ، قلخ ، لخق.

١٥

خلق : قال اللَّيْثُ : الْخَلِيقَةُ : الْخُلُقُ ، وجَمْعُها : الْخَلائِقُ.

أبُو عُبَيْد ، عن أَبِي زَيْدٍ : إنه لكريم الطبيعة والْخَلِيقَة والسَّلِيقَة : بمعنى واحد.

قلتُ : ورأيتُ بِذُرْوَةِ الصَّمَّان قِلَاتاً تمسك ماء السحاب في صَفَاةٍ خَلَقها الله فيها ، تسمَّيها العرب الخَلائِقَ ، الواحدة خَلِيقَةٌ ورأيت بالْخَلْصَاء من جبال الدَّهْنَاءِ دُحْلَاناً خَلَقَها الله في بطون الأرض ، أَفواهما ضيقة ، فإذا دخلها الداخل وجدها تَضِيق مرة وتتسع أخرى ، ثُمَّ يُفْضي المَمَرّ فيها إلى قَرَارٍ للماء واسعٍ لا يُوقَفُ على أقصاه ، والعرب إذا تَرَبَّعوا الدَّهْنَاءَ ولم يقع رَبيعٌ بالأرض يملأ الْغُدْرَانَ ـ استقوا لخيلهم وشفاههم من هذه الدُّحْلَانِ.

ومن صفات الله : الْخالِقُ و (الْخَلَّاقُ) ، ولا تجوز هذه الصفة بالألف واللام لغير الله جلَّ وعزَّ.

والْخَلْقُ في كلام العرب : ابتداعُ الشيء على مثالٍ لم يُسْبَقْ إليْه.

وقال أَبُو بَكْرِ بْنُ الأنْبَارِيِّ : الْخَلْقُ في كلام العرب على ضربين ، أحدهما : الإنشاء على مثالٍ أبدعه ، والآخر : التقدير.

وقال في قول الله جل وعز : (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) [المؤمنون : ١٤] معناه : أحسنُ المقدرين ، وكذلك قوله : (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) [العَنكبوت : ١٧] أي : تُقَدِّرون كَذباً.

قلتُ : والعرب تقول : خَلَقْتُ الأَدِيمَ إذا قدَّرْتَه وقِسْتَه ، لتَقطع منه مَزَادَةً أو قِرْبَةً أو خُفّاً.

وقال زُهَيْر :

وَلأَنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْتَ وَبَعْ

ضُ الْقوْمِ يَخْلُقُ ثُمَّ لَا يَفْرِي

يمدح رجلاً فيقول له : أنت إذا قدَّرْتَ أمراً قطعتَه وأمضيتَه ، وغيرُك يقدِّر ما لَا يقطعُه ، لأنه غير ماضي العَزم ، وأنت مَضَّاءٌ على ما عزمتَ عليه.

وقال الكُميتُ :

أَرَادُوا أَنْ تُزَايِلَ خَالِقَاتٌ

أَدِيمَهُمُ يَقِسْنَ وَيَفْتَرينَا

يصف ابْنَيْ نِزَارِ بْنِ مَعَدّ ـ وهما رَبِيعَةُ ومُضَرُ ـ أراد : أن نَسَبَهُمْ وأديمهم واحد.

فإذا أراد خَالِقَاتُ الأديم التفريقَ بين نسبهم تَبَيَّن لهنَّ أنه أديمٌ واحد لا يجوز خَلْقهُ للقطع ، وضَرَبَ النساءَ الْخَالِقَاتِ للأديم ـ مَثَلاً للنسَّابين الذين أرادوا التفريق بين ابْنَيْ نزَارٍ.

ويقال : زايلتُ بين الشيئين وزيَّلْتُ : إذا فرقْتَ ، وقال الله جلّ وعزّ : (إن هذا إلّا خَلْقُ الأولين) [الشُّعَرَاء : ١٣٧] وقرئ خُلُقُ.

وقال الفَرَّاءُ : من قرأ (خَلْقُ الأولين) أراد اختلافَهم وكذِبَهم ، ومن قرأ (خُلُقُ الْأَوَّلِينَ) ـ وهو أَحَبُّ إلى الفرَّاء أراد عَادَةَ الأوّلين.

١٦

قال : والعرب تقول : حدَّثنا فلانٌ بأحاديث الْخَلْقِ ، وهي الخُرَافات من الأحاديث المفتعلة.

وكذلك قوله : (إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) [ص : ٧]. وروى ابن شُمَيْل بإسناد له عن أبي هُرَيْرَةَ أنه قال : «هُمْ شَرُّ الخَلْقِ وَالخَلِيقَةِ».

قال : الْخَلْقُ : النّاسُ ، والْخَلِيقةُ : الدوابُّ والبهائم.

وقال اللَّيْثُ : رجل خالِقٌ : أي صانع ، وهنَ الْخَالِقَاتُ : للنساء ، ويقال : خَالِق النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ أي : عاشرهم ، ويقَال : إنه لخليق لذاك أي : شبيه ، وما أخلقه!! أي : ما أشبهه.

وقال غيره : إنه لَخَلِيقٌ بذاك أي : حَرِيٌّ ، وَأَخْلِقْ به أن يفعل ذاك!! أي : أَحْرِ بِهِ.

وقال اللَّيْثُ : وامرأة خَلِيقَةٌ : ذَاتُ جِسْم وَخَلْقٍ ، ولا يُنْعَتُ به الرجل.

وقال غيره : يقال : رجل خَلِيقٌ : إذا تم خَلقُهُ ، والنعتُ : خَلُقَتِ المرأة خَلَاقَةً : إذا تم خَلْقُهَا.

أبُو عُبَيْدٍ عن الأصمعيِّ : الْمُخْتَلَقُ : التامُ الْخَلْقِ وَالْجَمَالِ.

وسئل أَحْمَدُ بنُ يَحيى عن قول الله عزوجل : (مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) [الحج : ٥] فقال : الناس خُلِقُوا على ضربين ، منهم تامُ الْخَلْقِ ومنهم خَدِيجٌ نَاقِصٌ غيرُ تامٍ.

يَدُلُّكَ على ذلك قولُهُ جلّ وعزّ : (وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) [الحج : ٥] الآية.

وقال ابْنُ الأعْرَابيِّ : مُخَلَّقَةٍ : قد بَدَا خَلْقُها ، (وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) : لم تُصَوَّر.

وقال اللَّيْثُ : الْخَلَاق النَّصِيبُ من الْحَظِّ الصالح ، وهذا رجلٌ ليس له خَلَاقٌ أي : ليس له رَغْبَةٌ في الخير ولا في الآخرة ، ولا صلاحٌ في الدين.

وقال المفسِّرُون في قول الله جلّ وعزّ : (وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) [البَقَرَة : ٢٠٠] : الْخلَاقُ : النَّصِيبُ من الخير.

ثَعْلَبٌ عن ابن الأعْرَابِيِّ : (لا خَلاقَ لَهُمْ) [آل عمران : ٧٧] : لا نصيب لهم في الخير.

قال : والْخلاقُ الدِّين.

ويقال : خَلُقَ الثَّوْبُ يخْلُقُ خُلُوقةً وأَخلَقَ إخلَاقاً ، بمعنى واحد.

ويقال للسَّائل : قد أَخْلَقَ وَجْهَهُ ، وأَخْلَقَ فلان فلاناً أي : أعطاه ثوباً خلَقاً.

ورَوَى أَبو عُبيدٍ عن الكسائي فيما أَقْرَأَنِي الإِيَاديُّ لِشَمِرٍ عنه : أَخْلَقْتُ الرجلَ ثَوْباً أي : كسوتُه خَلَقاً.

ورُويَ عن عمر بن الخطاب أنه قال : «لَيْسَ الْفَقِيرُ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ ، إِنَّما الْفَقِيرُ الأَخْلَقُ الْكَسْبِ».

قال أَبو عُبَيدٍ : هذا مَثَلٌ للرجل الذي لا يُرْزَأُ في مَالِهِ ، ولا يُصاب بالمصائِب ، وأصل هذا أنه يقال للجبل المُصْمَتِ الذي لا يؤثِّر فيه شيء : أَخْلَقُ وصخرة خَلْقاءُ :إذا كانت ملْسَاءَ. وأنشد للأعشى :

١٧

قَدْ يَتْرُكُ الدَّهْرُ فِي خَلْقَاءَ رَاسِيَةٍ

وَهْياً وَيُنْزِلُ مِنْهَا الأعْصَمَ الصَّدَعَا

فأراد عُمر أنَّ الفقرَ الأكبر إنما هو فَقرُ الآخرة لمن لم يُقَدِّم من مالِهِ شيئاً يُثابُ عليه هنالِكَ ، وأن فقر الدنيا أهْوَنُ الفقرين.

وقال الليث : الأخْلَقُ : الأمْلَسُ من كل شيء.

قال : وخُلَيقَاءُ الجبهة : مُستواها ، وهي الْخَلْقَاءُ ، يقال : سُحِبُوا على خَلْقَاوَاتِ جباههم.

قال : وخَلْقَاءُ الْغَارِ الأعلى : باطنُه ، واخلَوْلَقَ السحابُ : إذا استوى ، كأنه مُلِّسَ تمليساً.

وأنشد لِمُرقِّشٍ :

مَاذا وُقُوفِي عَلَى رَبْعٍ عَفَا

مُخْلَوْلِقٍ دَارِسٍ مُسْتَعْجِم

والْخَلُوقُ من الطيب : معروف ، وقد تَخَلَّقَتِ المرأةُ بالْخَلُوقِ وخَلَّقَتْ غَيْرَها ، وقد خُلِّقَ المسجدُ بالْخَلُوقِ.

ويقال للمرأة الرَّتْقَاءِ : خَلْقَاءُ ، لأنها مُصْمَتَةٌ كالصَّفَاةِ الْخَلْقاءِ.

ويقال : ثَوْبٌ أَخْلَاقٌ ، يُجْمَع بما حوله.

وقال الراجزُ :

جَاء الشِّتاءُ وَقَمِيصي أَخلَاقْ

شَرَاذمٌ يَضْحَكُ مِنِّي التَّوَّاقْ

ويقال : جُبَّةٌ خَلقٌ بغير هاء وجَديدٌ بغير هَاءٍ أيضاً ولا يجوز جُبَّة خَلَقَةٌ بالهاء ولا جَديدَةٌ.

وقال أَبو عُبيدة : في وجه الفرس خُلَيقَاوَانِ ، وهما حيثُ لَقِيتْ جبهتُه قصَبَةَ أنفه.

قال : والخَلِيقَانِ ، عن يمين الخُلَيْقَاء وشِمَالِها ، ينحدرانِ إلى العَيْن.

قال : والْخلَيْقَاءُ : بين العَيْنَيْنِ ، وبعضهم يقول : الْخَلْقَاءُ.

عمرو عن أبيه : الخَلِيقَةُ : الْبِئْرُ ساعةَ تُحْفَر.

قال : والْخَلقُ : كل شيء مملَّس ، مُسْتوٍ ، وسَهْمٌ مُخَلَّقٌ : أملسُ مَسْتوٍ ، والْخَلَقَة : السحابَةُ المستوية الْمُخِيلَة للمَطَر.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الخَلُقُ : الآبارُ الحديثاتُ الحَفْرِ ، والخُلُقُ : الدِّينُ ، والخُلُقُ : المروءةُ.

ويقال : فلان مَخْلَقَة للخير كقولك : مَجْدَرَةٌ ومَحْرَاةٌ ومَقمَنَةٌ.

قلخ : عمرو عن أبيه : القَلْخُ : الضرب باليابس على اليابس.

وقال الليث : القَلْخُ والقَلِيخُ : شِدَّة الهَدِيرِ ، وأنشد :

قَلْخُ الهَدِيرِ مِرْجَسٌ زَغَّادُ

قال : ويقال للفَحْل عند الضِّرَاب : قَلَخْ قَلَخْ مجزوم ويقال للحمار المُسِنِّ : قَلْخٌ وقَلْحٌ بالخاء والحاء ، وأنشد الليث :

أَيَحْكُمْ في أَمْوَالِنَا ودِمائِنا

قُدَامَةُ قَلْخُ العَيْرِ عَيْرِ ابْنِ جَحْجَبِ

أبو عبيد عن الأصمعي قال : الفحل من الإبل إذا هَدَرَ فجعل كأنَّه يَقْلَعُ الهَدِيرَ

١٨

قَلْعاً. قيل : قَلَخَ يَقْلَخُ قلخاً ، وهو بعير قَلَّاخٌ ، وأنشد الأصمعي :

قَلْخَ الفُحُول الصِّيدِ في أَشْوَالِها

قلتُ : والْقُلَاخُ ابْنُ جَنَابِ بْنُ جَلَا الرَّاجز ، شُبِّهَ بالفَحْل فلُقِّب بالقُلَاخِ وهو القائل :

أَنا القُلَاخُ بنُ جَنَابِ بنِ جَلَا

أَبُو خَنَاثِيرَ أَقُودُ الجَمَلَا

والخناثير : الدواهي ، أراد أنه مشهور معروف.

أبو عبيد عن الأموي قال : قلَّخْتُهُ بالسَّوط تقليخاً : ضرَبْتُهُ.

لخق : عمرو ، عن أبيه ، قال : اللَّخْقُ : الشَّقُّ في الأرض ، وجمعه لُخُوقٌ وألْخاق.

وقال الأصمعِيُّ : هي اللَّخاقِيقُ للشُّقُوق واحدها لُخقُوقٌ.

وقال ابن شُمَيْل : اللُّخْقُوقُ : مَسِيل الماء ، له أَجْرَافٌ وحُفَرٌ ، والماء يجري فيحفِرُ الأرضَ كهيئة النهر حتى تَرَى له أجرافاً وجَمْعُه اللَّخاقيقُ ، وقيل : شِقَابُ الجبل لَخاقيقُ أيضاً.

وقال بعضهم في قوله : «في لَخاقِيقِ جِرْذانٍ» : إن أصلها الأخَاقِيقُ وقد مر تفسيره في أول مضاعف الخاء.

خ ق ن

استعمل من وجوهه : خنق ، نقخ ، خقن.

خنق : قال الليث : خَنَقَهُ فاخْتَنَقَ وانْخَنَقَ ، فأَما الانْخِنَاقُ فهو انعِصار الْخِنَاقِ في عُنُقه ، والاخْتِنَاقُ : فعْلُهُ بنفسه.

قال : والْخِنَاقُ : الحَبْلُ الذي يُخْنَقُ به ، ويقال : رجل خَنِقٌ مَخْنُوقٌ ، ورجلٌ خَانِقٌ في موضع خَنِيقٍ ذو خِنَاقٍ ، وأنشد :

وَخَانِقٍ ذي غُصَّةٍ جَرَّاضِ

قال : والخَنَّاقُ : نَعْتٌ لمَنْ يكون ذلك شأنَه وفِعْلَه بالناس ، وأخَذَ بمُخَنَّقه أي : بموضع الْخِنَاقِ ، ومنه اشتُقَّتِ المِخْنَقَة من القِلَادة.

والخُنَاقِيَّةُ داءٌ أو ريح يأخذ الناسَ والدَّوابَّ في حُلوقهم ، وقد يأخذ الطَّيْرَ في رأسها وحَلْقِها.

وتَعْتَرِي الخيلَ الخُنَاقِيَّةُ أيضاً ، يقال : خُنِقَ الفرسُ ، فهو مَخْنُوقٌ.

أبو سعيد : المُخْتَنِقُ من الخيل : الذي أَخذتْ غُرَّتُه لَحْيَيْهِ إلى أصول أُذنَيْه ، وخنَّقتُ الحوضَ تَخْنِيقاً : إذا شددتَ مَلأهُ ، وقال أبو النَّجْمِ :

ثُمَّ طَبَاهَا ذو حَبَابٍ مُتْرَعُ

مُخَنَّقٌ بِمَائِهِ مُدَعْدَعُ

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي قال : الخُنُقُ : الفُروج الضَّيِّقَةُ من فُروج النساء.

وقال أبو العبَّاس : فَلْهَمٌ خَنَّاقٌ : ضَيِّقٌ حُزُقَّةٌ قصيرٌ السَّمْك.

ومُخْتَنَقُ الشِّعْبِ : مَضِيقُه ، وخَانِقِينَ مَوْضِعٌ معروف.

نقخ : قال الليث : النَّقْخُ : نَقْفُ الرأس عن الدِّماغ ، وقال العَجَّاجُ :

لِهامِهِمْ أَرُضُّهُ وأَنْقَخُ

أبو عبيد عن أبي زيد قال : إذا ضَرَبَ رَأْسَ الرجل حتى يَخْرُجَ دِمَاغُه قال : نَقخْتُهُ نَقْخاً ، وأنشد :

١٩

نَقْخاً عَلَى الْهَامِ وَبَجًّا وَخْضاً

أبو عبيد ، عن أبي عبيدة : النُّقَاخ : الماء العَذْب ، وأنشد شَمِرٌ :

وَأَحْمَقُ مِمّنْ يَلْعَقُ الْماءَ قَالَ لِي

دَعِ الْخَمرَ واشْرَبْ مِنْ نُقَاخٍ مُبَرَّدِ

وقال أبو العبَّاس : النُّقَاخُ : النوم في العافية والأمْن.

والنُّقَاخُ : الضرب على الرأس بشيء صُلْب. والنُّقَاخُ : استخراج المُخِّ.

شَمِر : قال ابن شُمَيلٍ : النُّقَاخُ الماءُ الكثيرُ يُنْبِطُه الرجل في الموضع الذي لا ماء فيه.

وقال الفَرَّاءُ : يقال : هذا نُقَاخُ الْعَربيَّةِ أي : خالصها.

أبو عمرو : ظَلِيمٌ أَنْقَخُ : قليل الدماغ.

وأنشد لِطِلْقِ بن عَدِيٍّ :

حَتَّى تَلاقَى دَفُّ إِحْدَى الشُّمَّخِ

بالرُّمْحِ مِنْ دُونِ الظَّلِيمِ الأنْقَخِ

خقن : قال الليث : خاقانُ : اسمٌ يسمَّى به مَنْ تُخَقِّنُهُ التُّرْكُ على أنفسهم.

قلت : وليس من العربيَّة في شيء.

خ ق ف

استُعمل من وجوهه : خفق ، قفخ.

خفق : قال الليث : الخَفْقُ : ضَرْبُك الشيءَ بالدِّرَّة أو بشيءٍ عَريضٍ ، والْخفْقُ صَوْتُ النَّعْل وما أشبهه ، من الأصوات.

ورجلٌ خَفَّاقُ القَدَم : عَريضُ باطِنها ومنه قوله :

خَدَلَّجُ السَّاقَيْنِ خَفَّاقُ القَدَمْ

قال : والخَفْقُ اضطراب الشيء العريض.

يقال : رَاياتُهم تَخفِقُ وتَختَفِقُ ، وتُسَمَّى الأعلامُ : الخَوافِقَ ، والخافقاتِ.

والمِخْفَقُ من أَسماءِ السَّيف العريض ، والْمِخْفَقةُ والْخَفقَةُ جَزْمٌ هو الشيءُ الذي يُضرَبُ به ، نحو سَيْرٍ أو دِرَّةٍ.

قال : والخفَقَانُ : اضطرابُ القلب ، وهي خِفَّةٌ تأخذ القلب ، تقول : رَجلٌ مَخْفُوقٌ.

والخَفقَانُ : اضطرابُ الْجَناحِ ورُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «أَيُّمَا سَرِيَّةٍ غَزَتْ فأَخْفَقَتْ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا مَرَّتَيْنِ».

قال أبو عبيد : الإخفاق : أن تَغْزُوَ فلا تَغْنَمَ شيئاً ، ومنه قول عَنْتَرَةَ :

فيُخْفِقُ مَرَّةً وَيُفِيدُ أُخْرَى

وَيَفْجَعُ ذَا الضَّغَائِنِ بالأَرِيبِ

يصف فرساً له ، أَنَّهُ يغزو عليه فيغنم مرة ، ولا يغنم أخرى.

قال أبو عبيد : وكذلك كلُّ طالبِ حاجةٍ إذا لم يقضها فقد أَخفَقَ إخفاقاً.

وأصل ذلك في الغنيمة.

وقال الليث : أَخْفَقَ القومُ : فَنِيَ زادُهم.

قال : والسَّرابُ الْخَفُوقُ والْخَافِقُ : الكثيرُ الاضطراب ، والْخَفْقَةُ : الْمَفَازَةُ ذَاتُ الآل.

وقال الْعَجَّاجُ :

وَخَفْقَةٍ لَيْسَ بِهَا طُوئِيُ

يعني : ليس بها أحد.

ويقال : خَفَقَ فلان خَفْقةً : إذا نام نومةً خفيفة.

٢٠