قلتُ : وأصْلُ الْخَرْصِ : التَّظَنِّي فيما لا يَستَيْقِنُه. ومنه قيل : خَرَصْتُ النَّخْلَ والكَرْم ـ إذا حَزَرْتَ ثمَرَه ، لأن الحَزْر إنما هو تقديرٌ بِظَنٍّ ـ لا إحاطَةٍ ، ثمَّ قيل للكَذِب : خَرْصٌ ، لِمَا يَدْخُلُه من الظُّنُونِ الكاذبة.
وكان النبي صلىاللهعليهوسلم يبعث الخُرَّاصَ إلى نَخِيلِ خَيْبَرَ عند إدراك ثَمَرِها فَيحْزُرُونَهُ رُطباً كذا ، وتمراً كذَا ، ثم يأخذهم بمَكِيلَةِ ذلك من التَّمْر الذي يجب له وللْمُوجِفِينَ معه.
وإنما فعلَ ذلك لما فيه من الرِّفقِ لأصْحاب الثِّمار فيما يأكُلُونَهُ منه ، مع الاحتياط للفُقراء ـ في العُشْر ، ونِصْفِ العُشْر ولأهل الفَيْءِ ـ فيما يَخُصُّهُمْ.
ورُوِيَ عن النبي صلىاللهعليهوسلم : أنَّهُ أَمَرَ بالخَرْصِ في النَّخْلِ والكَرْمِ خاصَّةً دُونَ الزَّرْع الْقَائِمِ.
وذلك أن ثِمَارَهُما ظاهرةٌ ، والخارِصُ يُطيفُ بها ، فَيَرَى ما ظهر من الثمار ، وليس ذلك كالحَبِّ الذي هو في أكمامه.
ابن السكَّيت : خرَصْتُ النخلَ خرْصاً ، وكَمْ خِرْصُ نَخْلِكَ؟ ـ بكسر الخاء.
وقال الليث : الخَرِيصُ : شِبْهُ حَوْضٍ واسع ، يَنْفَجِرُ إليه الماءُ من نهْرٍ ثم يعودُ إلى النهر ، والخَرِيصُ مُمْتَلِىءٌ.
وقال عَدِيٌّ :
والمَشْرَبُ المَصْقُولُ يُسْقَى بهِ |
أَخْضَرَ مَطْمُوثاً كماءِ الْخَرِيصْ |
قال الأزهري : قرأته في شعر عَدِيّ :
والمَشْرَفُ المَشْمُولُ يُسْقَى به
وقيل ـ في تفسيره ـ : المَشْرَفُ : إناء كانوا يشربون به.
وأما الخَريصُ : فإن ابن الأعرابي قال : افْتَرَقَ النَّهْرُ على أربعة وعشرين خريصاً ـ يعني ناحيةً منه.
قال : ويقال : خريصُ النهر : جانِبُه.
قال : والمَشْمُولُ : الطَّيِّبُ ، يقال للرجل ـ إذا كان كريماً ـ : إنه لمشمول.
والمَطْمُوثُ : الممسوس.
وقال أبو عبيد : الخَريصُ : الخَليجُ من البحر.
وقال أبو عمرو : الْخَرِيصُ : جَزِيرَةُ البحر.
أبو عبيد : الخُرْصُ : السِّنانُ وجمعه خُرْصانٌ.
وقال ابن شميل : الخِرْصُ : الرُّمْحُ اللطيفُ وجمعه خِرْصانٌ.
قال : والخِرْصانُ : أصلها القُضْبانُ.
وقال قَيْسُ بْنُ الْخَطِيم :
تَرَى قَصَدَ المُرَّانِ مُلْقًى كَأَنَّهُ |
تَذَرُّعُ خِرْصَانٍ بأَيْدِي الشَّوَاطِب |
وقال غيرُه : جعلَ الْخُرْصَ رُمحاً ، وإنما هو نِصْفُ السِّنانِ الأعلى ـ إلى موضع الجُبَّة.
قال : ويقال : خِرْصُ الرُّمح ، وخُرْصٌ وخَرْصٌ ـ ثلاث لُغات ـ وخِرْصَانٌ : جماعةٌ.
وقد مَرَّ تفسير البيت في كتاب الْعَيْن.
أبو عبيد ـ عن الأصمعي ـ : الخُرْصُ ـ أيضاً ـ : الْحَلقَةُ من الذهب والفِضَّة.
قلت : وقد قيل للدُّرُوع : خُرْصَانٌ لأنها حَلَقٌ ، والواحدة : خِرْصٌ ، وأنشد :
سَمُّ الصَّباحِ بِخُرْصَانٍ مُسَوَّمَةٍ |
والمَشْرَفِيَّةُ نُهْدِيهَا بأَيْدِينَا |
قال بَعْضُهم : أراد بالْخُرْصانِ : الدُّرُوعَ وتَسْويمُها : حَلَقٌ صُفرٌ فيها.
ورواه بعضُهم :
... بِخُرْصانٍ مُقَوَّمَةٍ
فجعلها رِماحاً.
وفي الحديث : «أن النبي صلىاللهعليهوسلم وَعَظَ النِّسَاءَ ، وحَثَّهُنّ على الصَّدَقَةِ فجعلَتِ المرْأَةُ تُلقِي الخُرْصَ والْخَاتَمَ».
قال شَمِرٌ : الخُرْصُ : الْحَلْقَةُ الصَّغيرة من الحُلِيِّ ـ كحَلْقَةِ الْقُرْطِ ونحوِها.
وفي حديث سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ : «أنَّ جُرْحَهُ قد برَأَ ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلَّا كالْخُرْصِ» ـ أي : في قِلَّة أثَرِ ما بَقي من الْجُرح.
وقال الليث : الْخُرْصُ : العُودُ ، وأنشد :
ومِزاجُها صَهْباءُ فَتَّ خِتَامَهَا |
فَرْدٌ مِنَ الْخُرْصِ الْقِطَاطِ مُثَقَّبُ |
قال : وقال الْهُذَلِيُّ في مِثْلِهِ :
يُمَشِّي بَينَنَا حَانُوتُ خَمْرٍ |
مِنَ الْخُرْصِ الصَّرَاصِرَةِ الْقِطَاطِ |
وقال الليث : وقال بَعْضُهم : الخُرْصُ : أَسْقِيَةٌ مُبَرِّدَةٌ تُبَرِّدُ الشراب.
قلتُ : هكذا رَأَيْتُ ما كتبْتُه في كتاب الليث.
فأمَّا قولُه : «الخُرْصُ : الْعُودُ». فلا معنى له ، وكذلك قوله : «الخُرْص أَسقِيَةٌ مُبَرِّدَةٌ» ، والصوابُ عندي في البيتين :
... مِن الخُرْسِ الْقِطَاطِ ...
ومِنَ الْخُرْسِ الصَّرَاصِرَةِ ...
بالسين ـ ، وهم خَدَمٌ عُجْمٌ لا يُفْصِحون فكأنهم خُرْس لا يَنْطِقون.
وقوله :
يُمَشِّي بَيْنَنا حانُوتُ خَمْرٍ
يريد صاحبَ حَانوتِ خَمْرٍ ، فاختَصَرَ الكلامَ.
ويقال : إبِلٌ خَرِصَةٌ وخَرِصاتٌ ـ إذا أصابها بَرْد وجُوع.
قال الحُطَيْئَةُ :
إذَا مَا غَدتْ مَقْرُورةً خَرِصاتِ
ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ : هو يَخْتَرِصُ : أي يَجعل في الخِرْصِ ما يُريد وهو الجِرابُ ، ويَكْتَرِصُ ـ أَي : يَجْمَع ويَقْلِد.
رخص : قال الليث : الرَّخْصُ : الشيءُ الناعم اللَّيِّن إن وَصَفْتَ به المرأةَ ، فَرَخَاصَتُها : نَعْمَةُ بَشَرَتِها ، ورِقَّتُها ، وكذلك رَخَاصَةُ أَنامِلِها : لِينُها ـ وإن وصفْتَ به البَنَانَ فرَخَاصَتُها : هَشَاشتُها ، والفعْلُ : رَخُصَ يَرْخُصُ.
ويقال : رَخُصَ السِّعْرُ يَرْخُصُ رُخْصاً واسْتَرْخَصْتُ الشيء : رأيتُه رَخِيصاً ، وارْتَخَصْتُه : اشتريتُه رَخِيصاً ، وأَرْخَصْتُه : جعلتُه رَخِيصاً ، ويكون أَرْخَصْتُه : وجدتُه رَخِيصاً.
وقال الليث : الموتُ الرَّخِيصُ : الذَّريعُ ، والرُّخْصَةُ : تَرْخِيصُ الله للعَبْد في أَشْياءَ خفَّفها عنه.
وتقول : رَخَصْتُ لفلان في كذا وكذا ـ أي : أذِنْتُ له بعد نَهْيي إيَّاه عنه.
وقال الشاعر في أَرْخصْتُ الشيء ـ إذا جعلتُه رخيصاً :
نُغَالي اللَّحْمَ للأَضْيَافِ نِيئاً |
وَنُرْخِصُهُ إذَ نَضِجَ القُدُورُ |
وحُكي عن أبي عمرو : أنه قال : رُخْصَتِي من الماء ، وخُرْصَتِي ـ يُريدون : شِرْبي.
وقال غيرُه : هي الخُرْصَةُ والرُّخْصَةُ وهي الفُرْصَةُ والرُّفْضة بمعنًى واحد.
عمرو ـ عن أبيه ـ قال : الرَّخِيصُ : الثَّوْبُ النَّاعِمُ.
صرخ : أبو عبيد ـ عن الأصمعي ـ : الصارِخُ : المستغيثُ ، والصَّارخ : المُغيث.
وقال الله تعالى : (ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ) [إبراهيم : ٢٢].
قال أبو الهيثم : معناه : ما أَنا بمُغيثِكم وما أنتم بِمُغِيثيَّ.
قال : والصَّارِخُ : المُستغيثُ ، والْمُصْرِخُ : المُغِيثُ ـ يقال : صَرخ فلان يَصرُخ صُراخاً ـ إذا استغاث فقال : وا غَوْثَاه ، وا صَرْخَتَاه.
قال : والصَّرِيخُ ـ بمعنى الصَّارِخ ـ مِثلُ قديرٍ وقادرٍ.
قال : والصَّرِيخُ يكون فَعِيلاً بمعنى مُصْرِخ ، مثلُ نذيرٍ بمعنى مُنْذِرٍ ، وسميعٍ بمعنى مُسْمِعٍ.
وقال زُهَيرٌ :
إذَا مَا سَمِعْنا صَارِخاً مَعَجَتْ بِنَا |
إلَى صَوْتِهِ وُرْقُ المَرَاكِلِ ضُمَّرُ |
قال : وَالصارخ : المُسْتغِيث.
قلتُ : ولمْ أَسْمَع في الصَّارخ : أَنَّه يَكون بمعنى «الْمُغِيثِ» لغير الأصمعي ، والناسُ كلُّهم على أن «الصَّارِخَ» : المستغيثُ والْمُصْرِخُ : الْمُغِيثُ ، والْمُسْتَصْرِخُ : الْمُسْتغيث أيضاً.
ورَوى شَمِرٌ : ـ لأبي حاتم ـ أنه قال : الاسْتِصراخ : الإغاثةُ.
قال : والاسْتِصْرَاخ : الاستغاثة.
وفي حديث ابن عُمَر : «أنَّه اسْتُصْرِخَ عَلَى صَفِيَّةَ».
واستِصْراخُ الحَيِّ على المَيِّت : أن يُسْتعَانَ به ليقوم بتجهيز الميِّت ، وما يجب من دَفْنِه والصلاة عليه.
قال : والصَّارِخَةُ : ـ بمعنى الإغاثة ـ مَصْدرٌ على «فَاعِلَةٍ» ، وأنشد :
فَكَانُوا مُهْلَكِي الأَبْنَاءِ لَوْلَا |
تَدَارُكُهُمْ بِصَارِخَةٍ شَفِيقِ |
قال : والصَّارخةُ : الإغاثة.
وقال الليث : قيل : الصَّارِخةُ ـ بمعنى الصَّرِيخِ ـ : المغِيثُ.
قلتُ : والقولُ ما قال شَمِرٌ.
وقال اللَّيث : الصَّرْخةُ صيْحَةٌ شديدةٌ عند فَزْعَةٍ أو مُصيبةٍ.
قال : والاصْطِرَاخ : التَّصارُخُ ـ افْتِعالٌ.
ومن أمثالهم : «كَانَتْ كَصَرْخَة الحُبْلَى» ـ للأمر يفجؤك.
ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ قال : الصَّرَّاخ : الطَّاوُوسُ.
صخر : قال الليث : الصَّخْرُ عِظامُ الحِجارة وصِلَابُها.
قال : والصّاخِرُ إناءٌ من خزَفٍ.
قلتُ : يقالَ : صَخْرَةٌ وصَخْرٌ وصَخَرٌ ويقال : صَخْرَةٌ وصَخَرَانٌ.
ويقال : صَخْرٌ ، وصُخُورٌ ، وصُخُورَةٌ.
عمرو ـ عن أبيه ـ : الصَّاخِرُ صوْتُ الحديد بعضُه على بعض.
رصخ : مهمل.
إلا أنْ يكون رَصَخَ ـ بالصاد ـ لغةً في رَسَخَ الشيءُ ـ إذا ثبت.
خ ص ل
خلص ، خصل ، لخص ، صلخ : مستعملةٌ.
خلص : قال الليث : خَلَصَ الشيءُ خُلُوصاً ـ إذا كان قد نَشِبَ ، ثم نجا وسَلم ، وخلَصَ فلان إلى فلان ـ أي : وَصَلَ إليه ، وخَلَصَ الشيء خلَاصاً.
والْخَلَاصُ يكونُ مَصْدَراً للشيء الخالِص.
ويقال : فلانٌ خالِصَتِي وخُلْصَاني ـ إذا خَلَصَتْ مودَّتُهُما.
ويقال : هؤلاء خُلْصَاني وخُلَصائي.
وتقول : هذا الشيءُ خالِصةٌ لك ـ أي : خالِصٌ لكَ خاصَّةً.
وقال الله جلّ وعزّ : (وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا) [الأنعام : ١٣٩].
أَنَّثَ الْخَالِصَةَ لأنه جعل معنى «ما» : التأنيثَ ، لأنها في معنى الجماعة ، كأنه قال : جماعةُ ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا.
وأما قوله : (وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا) [الأنعام : ١٣٩] فَإِنه ذكَّره لأنه رَدَّهُ على لفظ «ما».
وقرأه بعضهم : (خالِصُهُ لِذُكُورِنَا) يعني ما خَلَصَ حَيّاً.
وأمَّا قولُه جلّ وعزّ : (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) [الأعراف : ٣٢] فقد قرئ : (خالِصَةٌ) و (خالِصَةً).
المعنى : أنها حَلَال للمؤمنين ، وقد يَشْركُهُمْ فيها الكافرون ، فإذا كان يومُ القيامة خلَصَت للمؤمنين في الآخرة ، ولا يَشرَكُهُمْ فيها كافر.
وأمَّا إعرابُ (خالِصَةٌ) فهو على أنه خبر بعد خبر ، كما تقول : زَيْدٌ عَاقل لبيب.
المعنى : قُلْ هِيَ ثابتةٌ للذين آمنوا في الحياة الدنيا ، خالصةٌ يوم القيامة.
ومن قرأ : (خالِصَةً) نصبه على الحال على أنَّ العاملَ في قوله : (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) في تأويل الحال ، كأنك قلتَ : قل هي ثابتةٌ للمؤمنين ، مستقرةً في الحياة الدنيا ، خالصةً يوم القيامة.
وأما قول الله جلّ وعزّ : (إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦)) [ص : ٤٦] فقد قرئ : (بخالصة ذكرى الدار). على إضافة «خالِصةِ» إلى «ذِكْرَى» فمَنْ قرأ بالتنوين جعل «ذِكْرَى الدَّارِ» بدَلاً من «خالِصَةٍ» ، ويكون المعنى : إنَّا أَخْلَصْنَاهم
بِذِكْرَى الدار ، ومعنى الدار ههنا : الدارُ الآخِرة ، ومعنى أَخْلَصْناهُمْ : جعلناهم لنا خالصين ، بأن جعلناهم يُذَكِّرُونَ بدار الآخرة ويُزَهِّدُونَ في الدنيا ، وذلك شأنُ الأنبياء.
ويجوز أن يكونوا يكثرونَ ذِكْرَ الآخرةِ ، والرجوعِ إلى الله.
وقوله جلّ وعزَّ (خَلَصُوا نَجِيًّا) [يوسف : ٨٠] معناه : تَمَيَّزوا عن الناس ـ يَتناجَوْنَ فيما أَهَمّهُم.
وقال الليث : الإخْلَاصُ : التَّوْحيد لله خالصاً ، ولذلك قيل لسورة : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١)) [الإخلاص : ١] «سُورَة الإخلاص».
وقولُه جلّ وعزّ : (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف : ٢٤] وقرئ (المُخْلِصِين). فالمُخْلَصُونَ : المختارون ، والمخلِصُون : الموحِّدون.
قال : والتَّخليص : التنحيةُ مِنْ كلِّ مَنْشَبٍ تقول : خلَّصْتُهُ تخليصاً ـ أي : نحَّيْتُه تَنْحِيَة وتَخَلَّصْتُهُ تَخَلُّصاً ـ كما يُتَخَلَّصُ الغَزْلُ إذا الْتبس.
أبو عُبيد ـ عن أبي زيد ـ قال : الزُّبْدُ حين يُجْعَلُ في البُرْمَة ليُطْبَخَ سَمْناً فهو الإذوابُ والإذوابَة ، فإذا جاء وخَلصَ اللَّبنُ من الثُّفْل فذلك اللبنُ الأُثْرُ والْخِلَاصُ والثُّفْل الذي يكون أسفل ـ هو الْخُلُوصُ.
قلتُ : وسمعتُ العربَ تقول ـ لِمَا يُخَلَّصُ به السَّمْنُ في البُرْمَة مِن اللبن والماء والثُّفْل ـ : الخِلَاصُ ، وذلك إذا ارتَجَن واختَلَط اللبن بالزُّبْدِ ، فيؤخذُ تَمْرٌ أو دقيقٌ أو سَوِيقٌ ، فيُطرَحُ فيه ليخلِّصَ السمْنَ من بَقِيَّة اللبن المخْتَلِط به ، وذلك الذي به يُخَلَّصُ : هو الخِلَاصُ ـ بكسر الخاء.
وأما الخُلَاصة فهو ما بقي في أسفل البُرْمَة من الْخِلَاصِ وغيرِه من ثُفْلٍ ولبَنٍ وغيرِه.
وقالَ الليثُ : الخِلَاصُ : رُبٌّ يُتَّخذُ مِنَ التَّمْرِ.
قال : وقال أبو الدُّقَيْشِ : الزُّبْدُ خِلَاصُ اللَّبَنِ ـ أي منه يُسْتَخْلَصُ ـ أي : يُسْتَخْرَجُ.
وقال غيره : الْخَلْصَاءُ بَلدٌ بالدَّهْنَاءِ معروفٌ ، وذُو الْخَلْصَةِ موضعٌ آخرُ كان فيه بيتٌ لصنمٍ لهم فهُدِم.
وقال الليث : بَعِيرٌ مُخْلِصٌ ـ إذا كان مُخُّه قصيداً سميناً ، وأنشد :
مُخْلِصَةَ الأَنْقاءِ أَوْ زَعُومَا
وقال غيرُه : الخَالِصُ : الأَبْيَضُ من الألوان ـ ثَوْبٌ خَالِصٌ : أَبْيَضُ ، ومَاءٌ خَالِصٌ : أَبيَضُ.
شَمِرٌ ، عن الْهَوازِنيِّ ، قال : إذا تَشَظَّى الْعِظَامُ في اللحم فذلك الْخَلَصُ.
قال : وذلك في قَصَبِ العِظام في اليد والرِّجل ـ يُقالُ : خَلِصَ الْعَظْمُ يَخْلَصُ خلَصاً ـ إذا برأ وفي خَلَلِهِ شيءٌ من اللحم.
وروى سَلَمَة ، عن الفرَّاء ، أنه قال : خَلَّصَ الرَّجُلُ ـ إذا أخذ الْخُلَاصَةَ ، وخَلَّصَ ـ إذا أعطى الْخَلَاصَ ، وهو مِثْلُ الشيء ومنه خَبرُ شُرَيحٍ : «أَنَّه قَضَى في قَوْسٍ ـ كَسَرَهَا رَجُلٌ ـ لِرَجُلٍ بالخَلَاصِ» ، أي : بمثلهَا.
خصل : قال الليث : الْخُصْلَةُ لَفِيفَةٌ من شَعَرٍ وجمعها خُصَلٌ. ومنه قول لَبِيدٍ :
يَتَّقِينِي بِتَلِيلٍ ذِي خُصَلْ
قال : والْخَصْلَةُ : الفضيلةُ والرَّذيلة تكونُ في الإنسانِ ، وقد غلبَ على الفضيلَةِ والجميعُ : الخصالُ ، والْخَصْلَةُ : الْخَلَّةُ وهي حالات الأمور.
تقول : في فلان خَصْلَةٌ حَسَنة ، وخَصْلَةٌ قبيحة ، وخِصَالٌ ، وخصلاتٌ كريمةُ.
قال : والْخَصِيلَةُ كلُّ لَحْمةٍ على حيِّزها من لَحْمِ الْفَخذَيْنِ والْعَضُدَيْن والسَّاقَيْن والساعدين ، وأنشد :
عَارِي الْقَرَا مُضْطَرِبُ الْخَصَائِلِ
ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ قال : الْخَصِيلَةُ لَحْمَةُ الْفَخِذَين.
وقال أبو عمرو : الْخَصِيلَةُ : الطَّفْطَفَةُ.
وقال أبو زيد : الْخَصِيلَةُ : القِطْعة من اللحم ـ عَظُمَت أو صَغُرت ، وجمْعُها : الْخَصَائِلُ.
وفي حديث ابن عُمَرَ : «أَنَّهُ كانَ يَرْمي ، فَإِذَا أَصَابَ خصْلَة قال : أَنَا بِهَا أَنَا بِهَا».
قال أبو عبيد : الْخَصْلَةُ : الإصابةُ في الرَّمي ـ يُقال منه : خَصَلْتُ الْقَوْمَ خَصْلاً وخِصَالاً ـ إذا نَضَلتَهُم.
وقال الكُمَيْتُ ـ يمدح رجلاً :
سَبَقْتَ إلَى الْخَيْرَاتِ كُلَّ مُنَاضِلٍ |
وَأَحْرَزْتَ بِالعَشْرِ الْوِلَاءِ خِصَالَها |
وقال ابن شُمَيْل : إذا أصاب القِرْطَاسَ فقد خَصَلَهُ.
وقال الليث : الْخَصْلُ في النِّضال : إذا وَقَعَ السهمُ بِلِزْقِ القِرطاس.
قال : وإذا تَناضَلوا على سَبَقٍ حَسَبوا خَصْلَتَيْنِ مُقَرْطِسَةً.
يقال : رمى فأَخْصَلَ.
قال : ومن قال : الْخَصْلُ : الإصَابَةُ فَقَدْ أَخطَأَ.
وقال الطِّرِمَّاحُ :
تِلْكَ أَحْسَابُنَا إذا احْتَتَن الْخَصْ |
لُ وَمُدَّ الْمَدَى مَدَى الأَغْرَاضِ |
وقال أبو عمرو : الْخَصْلُ : الْقَمْرُ في النِّضَال ، وقد خَصَلَهُ ـ إذا قَمَرَهُ ، وتَخَاصَلُوا ـ إذا استَبَقُوا.
وقال شمرٌ : قال بعضُهم : الْخَصْلةُ : الإصَابَةُ في الرَّمْي.
وقال بعضهم : الْخَصْلَةُ : الْقَمْرةُ ، يقالُ : لِيَ عندَه خصْلَةٌ ـ أي : قَمْرَةٌ ، وَخَصْلتَانِ ـ أي : قَمْرَتانِ ، وهي الْخِصَالُ.
قال : وقال بعضُ أعراب بني كِلَابٍ : الْخَصْلُ ما وقع قريباً من القِرْطَاس ، وكانوا يَعُدُّون خَصْلَتيْنِ مُقْرَطِسَةً.
وقال غيرهُ : الْخَصِيلُ : الذَّنَب ، واحتَجَّ بقول ذِي الرُّمّة :
وَفَرْدٍ يُطِيرُ الْبَقَّ عَنْهُ خَصِيلُهُ |
بِذَبِّ كَنَفْضِ الرِّيحِ آلَ السُّرَادِقِ |
قال : وكُلُّ غُصْنٍ ناعمٍ من أغصان الشَّجَرة : خُصْلَةٌ ، وخَصَّلْتُ الشَّجَرَ تَخْصيلاً ـ إذا قطَّعْتَ أغْصَانَه وشَذَّبتَه.
وقال مُزاحِمٌ العُقَيْلِيُّ ـ يَصِف صُرَدَيْن :
كمَا صَاحَ جَوْنَا ضَالَتَيْنِ تَلَاقَيَا |
كَحِيلَانِ في أعْلَى ذُراً لمْ تُخَصَّلِ |
أرادَ بالْجَوْنيْنِ : صُرَدَيْنِ أخْضَرَيْن جَعَلهما كَحِيلَيْن لِخَطٍّ في مُؤَخَّرِ الْعَيْنِ إلى نَاحِيَةِ الصُّدْغِ من الإنسَانِ.
ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ قال : المِخْصَلُ والمِخْضَلُ ـ بالصَّاد والضَّاد ـ والمِقْصَلُ : السّيْف.
وقال أبو عبيد : المِخْصَلُ : القَطَّاعُ وكذلِكَ المِخْذَمُ.
صلخ : قال النَّضْرُ : جملٌ أصْلَخُ ، وناقَةٌ صَلْخَاءُ وإبِلٌ صَلْخَى ، وهي الجُرْبُ.
والجَرَبُ الصَّالخُ هو النَّاخِسُ الَّذي يَقَعُ في دُبُرِهِ ، فلا يُشَكُّ أنَّه سَيَصْلُخُهُ ، وصَلْخُهُ إيَّاه : أنَّهُ يَشْمَلُ بَدَنَهُ.
والعَرَبُ تقولُ للأَسْود من الْحَيَّاتِ : أسودُ صَالِخٌ.
حكاه أبو حاتم ـ بالصاد والسين.
وقال غيرُه : أقْتَلُ ما يكونُ من الحَيَّات ـ إذا صَلَخَتْ جِلدَها
وقال الكُمَيْتُ ـ يصف قَرْن ثَوْرٍ طَعَنَ به كلْباً ـ :
فَكَرَّ بأَسْحَمَ مِثْلِ السِّنَانِ |
شَوًى ما أَصَابَ بِهِ مَقْتَلُ |
|
كَأَنْ مُخَّ رِيقَتِهِ في الْغُطَاطِ |
بِه سَالِخُ الجِلْدِ مُسْتَبْدَلُ |
وقال أبو عمرٍو : الأصْلَخُ : الأصَمُّ ، وأنشد :
لَوْ أَبْصَرَتْ أَبْكَمَ أَعْمَى أَصْلَخَا |
إذاً لَسَمَّى وَاهْتَدَى أَنَّى وَخَى |
أي : أين تَوَجَّه.
يُقال : وَخَى يَخِي وَخْياً.
أبو عبيد ـ عن الفرَّاء ـ قال : الأصْلَخُ : الأصَمُّ.
ونحْوَ ذلك قال ابْنُ الأعرابيِّ.
قلتُ : هؤلاء ـ أهلُ الكوفة ـ أَجمعُوا على الخاءِ في الأصْلَخ ـ وأمَّا أهل البصرة ومَنْ في ذلك الشِّقِّ من العَرَب ، فإنهم يقولون : الأصْلَجُ ـ بالجيم ـ للأصَمِّ.
وسمعتُ أعرابيّاً من بني كُلَيْبٍ يقول : فلانٌ يَتصالجُ علينا ـ أي : يتصامَمُ ورأيْتُ أَمَةً صَمَّاءَ كانت تُعْرفُ بالصَّلجَاء فهما لغتان صحيحتان ـ بالخاء والجيم.
لخص : قال الليث : اللَّخَصُ أن يكون الجَفْنُ الأعْلى لَحِيماً ، والنَّعْتُ : اللَّخِصُ وضَرْعٌ لخِصٌ : كثِيرُ اللَّحْم.
وتقولُ : لَخَصْتُ البعيرَ وأنا أَلْخَصُهُ ـ إذا نظرتَ إلى شَحْم عَيْنِه مَنْحُوراً.
وذلك أنْ تَشُقَّ جِلْدَةَ العين فتَنْظُر أتَرَى شَحْماً أم لا ... وَلا يُقالُ : اللخْصُ إلا في المنْحُور ، وذلك المكانُ يُسمَّى لَخَصَةَ العَيْن ـ مِثْلُ قَصَبَةٍ ـ وقد أُلْخِصَ البَعِيرُ ـ إذا فُعِلَ به هَذا ، فظَهَر نِقيُهُ.
وقال ابْنُ السِّكِّيت : قال رجلٌ من العَرب لقَوْمه في سَنَةٍ أصابَتهُم : انظُروا ما أَلْخَصَ من إبلي فانحَروه ، وما لم يُلخِصْ فارْكَبوه ـ أي : ما كان له شَحْمٌ في عينه.
ويقال : آخِرُ ما يَبْقى النِّقْيُ : في السُّلَامى والعَيْن ، وأول ما يبدو : في اللسان والكَرِشِ.
وقال أبو عبيدة : اللَّخْصَتَان : الشَّحْمتان اللَّتَان في وَقْبَي العَيْنَيْنِ ، وعَيْنٌ لَخصَاءُ ـ إذا كَثُرَ شحمها.
وقال ابن شُمَيْلٍ : ضَرْعٌ لَخِصٌ : بَيِّن اللَّخَص ، وهو الكثير اللحم.
وقال الليث : يُقَالُ : لخَّصْتُ الشيءَ ولَحَّصْتُه بالحاء والخاء ـ إذا استقصَيْتَ في بيانه.
ـ يقال : لخِّصْ لي خَبَرَكَ ، ولحَّصْ أي : بَيِّنْهُ شَيئاً بعد شيء.
خ ص ن
خصن ، خنص ، نخص : مستعملة.
خصن : أبو العَبَّاسِ ـ عن ابن الأعرابي ـ قال : من أسماء الفَأْسِ : الْخَصِينُ ، والحَدَثانُ. والمِكْشَاحُ.
وقال الليث : الْخَصِينُ فَأْسٌ ذاتُ خَلْفٍ واحد ، والعَرَب تؤنِّثُ «الخَصِينَ» وتُذَكِّرُه.
وثَلاثُ أَخْصُنٍ ـ لِتَأْنِيثه وهو الناجِخُ أيضاً.
وقال امْرُؤ القَيس :
يَقطَعُ الغَافَ بالخَصِينِ ويُشْلى |
قَدْ عَلِمْنا بِمَنْ يُدِير الرَّبَابَا |
نخص : أهمله الليث. وروى أبو عبيد ـ عن أبي زيد ـ نَخَصَ لحْمُ الرجل يَنخَصُ وتخَدَّدَ ـ كلاهما إذا هُزِلَ.
شمر ـ عن ابن الأعرابي ـ قال : النَّاخِصُ : الذي قد ذهَبَ لحمه من الكِبَر وغيْرِه ، وقد أنخَصَهُ المرَض والكِبَرُ.
خنص : قال الليث وغيرُه : الخِنَّوْصُ : وَلَدُ الخِنزير.
وقال الأخطل :
أكلْتَ الدَّجَاجَ فَأَفنَيْتَهَا |
فَهَلْ في الْخَنانِيصِ مِنْ مَغْمَزِ |
خ ص ف
خصف ، فصخ : مسْتَعْملان.
خصف : قال الليث : الخَصَفُ : ثيابٌ غِلاظ جدّاً بَلَغَنَا أن تُبَّعاً كسا البيتَ المُسُوحَ فانْتَفَضَ البيتُ ومَزَّقها ، ثم كساه الخَصَفَ فلم يَقْبَلها ثم كساه الأَنْطاعَ فقبِلَها.
قلتُ : الخَصَفُ التي كسا تُبَّعٌ البيتَ ليسَ معناه الثِّيابَ الغِلاظَ ، إنما الخَصَفُ حُصْرٌ تُسَفُّ من خُوصِ النخل يُسَوَّى منها شُقَقٌ تُلْبَسُ بُيوتَ الأعراب.
ويقال للجِلالِ التي تُسَفُّ من الخوصِ ويُكْنَزُ فيها التَّمر : خَصَفٌ ـ أيضاً.
ومنه الحديث الذي جاء : «أنَّ رَجُلاً تَوَطَّأ خَصَفَةً عَلَى رَأْسِ بِئْرٍ ، فَطَاحَ فِيهَا».
وأهل البَحْرَيْن يُسَمّون جِلال التَّمر خَصَفاً.
ومنه قولُ الشاعر :
تَبيعُ بَنيها بالْخِصَافِ وبالتَّمْرِ
وقال الليث : الخَصَفُ لغةٌ في الخزَفِ.
قال : والْخَصَفَةُ : القِطْعةُ مما يُخْصَفُ به النَّعْل ، والْمِخْصَفُ مِثقَبُ ذلك.
وقال أبو كَبِيرٍ :
فَتْخَاءَ رَوْثَةُ أَنْفِهَا كَالْمِخصَفِ
يعني العُقاب.
وقال الله جلّ وعزّ : (يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) [الأعراف : ٢٢] ـ أي : يُطابِقَان بعضَ الورق على بعض.
وقال الليث : الخَصيفُ والأَخْصَفُ لونٌ كَلَوْن الرَّماد ، فيه سوادٌ وبياضٌ ، وكذلك من الجِبال : ما كان أبْرَقَ بقُوَّة سوداء وأُخرى بيضاء ، فهو خصيفٌ وأَخصَفُ.
وقال الْعَجَّاجُ :
أَبْدَى الصَّباحُ عن بَرِيمٍ أَخصَفَا
وقال الطِّرمَّاحُ :
وخَصِيفٍ لَدَى مَنَاتِجِ ظِئْرَيْ |
نِ مِنَ المَرْخِ أَتْأَمَتْ زُنُدُهْ |
شَبَّه الرمادَ بالْبَوِّ ، وظِئْرَاهُ أُثفِيَّتَانِ أُوقِدَتِ النَّارُ بينهما.
وقال أبو عبيدة : فَرَسٌ أَخْصَفُ الجَنْبَيْن ، وهو الأبيضُ الجنْبَين ، ولونُ سائره : ما كان.
قال : ويَكُون أَخْصَفَ بجَنْبٍ واحد.
أبو عبيد ـ عن أبي زيد ـ : نَعجةٌ خَصْفَاءُ ـ إذا ابيَضَّتْ خاصِرَتاها.
وقال غيره : كتيبةٌ خصيفٌ ـ لما فيها من صَدَإ الْحَديد وبياضه.
أبو عبيد ـ عن أبي زيد ـ يقال للناقة ـ إذا بَلغتِ الشهرَ التاسعَ من يومِ لَقِحَت ثم ألْقتهُ ـ : قَد خَصَفَتْ تخصِفُ خِصَافاً ، وهي خَصُوفٌ.
ثعلبٌ ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ خَصَّفَهُ الشيبُ تَخْصِيفاً ، وخَوَّصَه تَخْوِيصاً ، وثَقَّبَ فيه تثقيباً : بمعنى واحد.
وقال الليث : الإخْصَافُ : سُرْعةُ العَدْوِ ، وأَخصَفَ يُخْصِفُ ـ إذا أسْرَع في عَدْوِه.
قلتُ : صحَّفَ الليث فيما قال ـ والصَّواب : أَحْصَفَ ـ بالحاء ـ إِحْصَافاً ـ إذا أَسْرَعَ في عَدْوِهِ.
قاله الأصمعيُّ وغيره.
وقال الْعَجَّاجُ :
ذارٍ إذا لَاقَى الْعَزَازَ أَحْصَفَا
وقال الليث : الاختِصَافُ أن : يأخُذَ العُرْيَانُ وَرَقَاً عِرَاضاً ، فَيخْصِفَ بَعْضَها على بَعْضٍ ويَسْتَتِر بها.
يقال : خَصَفَ يَخْصِفُ واختَصَفَ يَخْتَصِفُ ـ إذا فَعَلَ ذلك.
قال : والأخْصَفُ : الظَّلِيمُ ـ لسوادٍ فيه وبياضٍ ـ والنَّعَامةُ خَصْفَاءُ.
أخبرني الإيَادِيُّ ـ عن شَمِر عن أبي عدْنَانَ ، عن ابن الكلبيِّ ، عن أبيه ـ قال : كان مالكُ بنُ عَمْرٍو الغَسّانيُّ يقالُ له : فَارِسُ خصَافِ ، وكان من أَجْبَنِ النَّاس.
قال : فَغَزَوْا قَوْماً فوقَفَ ، فأقبل سَهْمٌ حتى وقَعَ عند حافِرِ فَرَسه ، فتحرَّكَ ساعةً ثم قال : إن لهذا السَّهْم سببَاً يَنْجُثُه ، فَاحْتُفِرَ عنه فإذا هُوَ قد وَقَع على نَفَقِ يَرْبُوعٍ فأصاب رَأْسه ، فتحرَّكَ اليربوع ساعةً ثم مات فقال : هذا في جَوْفِ جُحْرٍ!! جاء سهم حتَّى قتله!! ، وأنا ظاهرٌ للنَّاس على فرسي.
مَا الْمَرْءُ في شَيْءٍ وَلَا الْيَرْبُوعُ.
ثم شدَّ عليهم ، فكان بعد ذلك من أشجع الناس.
قال ابن الكَلْبيِّ : يَنجُثُهُ : يُحَرِّكُهُ.
قال : وخَصَافُ : فَرَسُه ، .. ويُضرَبُ به المَثَلُ فيقال : أَجْرَأُ مِنْ فَارِس خَصَافِ.
قال شمِرٌ : وقال ابن الأعرابي : إن صاحب خَصَافِ كان يلاقي جُندَ كسرى فلا يجترىءُ عليهم ، ويَظُنُّ أنهم لا يَمُوتُون كما يموت الناس ، فرمى يوماً رجلاً منهم بسهم فصرعه فمات ، فقال : «إن هؤلاء يموتون كما نموت نحنُ» ، فاجْتَرأَ عليهم فكان من أشجع الناس.
فصخ : قال ابن شميل : الفَصَخُ : التَّغابي عن الشيء وأنتَ تَعْلمُه.
يقال : فَصِخْتُ عن ذاكَ الأمرِ فَصَخاً.
قال : ويقال : فَصَخَ يدَه وفَسَخها ـ إذا أَزالَ الْمَفْصِلَ عن موضعه.
حكاه ـ بالصاد ـ عن أبي الدُّقَيْشِ.
وروَى أبو عمرو : صَنِخ الْوَدَكُ ، وسَنِخ وهو الْوَصَخُ والْوَسَخُ.
وقال أبو حاتم : فصَخَ النَّعَامُ بصَوْمه ـ إذا رَمَى به.
خ ص ب
خصب ، خبص ، بخص ، صبخ ، صخب : مستعملة.
خصب : قال الليث : الخِصْبُ نَقِيضُ الْجَدْبِ وهو كثرةُ العُشْب ، ورَفَاهةُ العيش.
قال : والإخْصَابُ والاخْتِصابُ : من ذلك.
ويقال : أَخْصَبَتِ الأرضُ إخْصاباً ، والرَّجلُ ـ إذا كان كَثِيرَ خيرِ المنزِلِ ـ يقال : إنه خَصِيبُ الرَّحْلِ.
وقال الليث : الخَصْبَةُ : الطَّلْعة ـ في لُغةٍ ـ وهي النَّخْلةُ الكثيرة الْحَمْلِ في لُغَةٍ.
قلتُ : أخطأ الليث في تفسير الْخَصْبَةِ ، والخِصَابُ ـ عِند أهل البَحْرَين ـ الدَّقَلُ الواحدة : خَصْبةٌ.
ونحوَ ذلك قال الفراء ـ فيما رَوَى عنه أَبُو عُبَيْدٍ.
والعربُ تقول : لا يُنْفَجُ الغَدَاءُ إلا بالْخِصَابِ ، لكثرةِ حَمْلِها ، إلا أنَّ تَمْرَها رَدِيءٌ.
ومَن قال : الْخَصْبَةُ : الطَّلْعَةُ ، فقد أخطأ.
وقال الليث : إذا جرى الماءُ في عُودِ العِضَاهِ ـ حتى يَصل بِالْعِرْقِ ـ قيل : قد أَخْصَبَتْ.
قلت : وهذا تَصْحِيفٌ مُنْكَر وصوابُه : الإخْضَابُ ـ بالضاد.
يقال : خَضَبَتِ العِضَاهُ ، وأَخْضَبَتْ.
وَأخبرني المُنْذريُّ عن ثعلبٍ عن ابن الأعرابيِّ ـ قال : خضَبَ العَرْفَجُ وأَدْبَى ـ إذا أَوْرَق وخلَعَ العِضَاهَ وأحْدَرَ.
وقال الليث ـ في هذا الباب ـ الْخِصْبُ : حَيَّةٌ بيضاءُ تكون في الجَبل.
قلتُ : وهذا أَيضاً تصحيف والصوابُ : الْحضْبُ ـ بالحاء والضاد.
وقد مَرَّ تفسيرُه في كتاب «الحاء».
قلتُ : وهذه الحروف وما شاكلها أُرَاها منقولةً من صُحُفٍ سقيمةٍ إلى «كِتاب الليث» ، وزِيدَتْ فيه ، ومن نَقلها لم يعرفِ العربيَّةَ ، فصحَّفَ وغيَّرَ فأكثر ، والله المستعان ، وهو حَسْبُنا (وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)
شمِرٌ : الْمُخْصِبَةُ من الأرض : الْمُكْلِئَةُ ، والقومُ أيضاً مُخْصِبُونَ ـ إذا كثر لبَنهُم وطعامُهُمْ وأَمْرَعَتْ بلادُهم.
وأَخْصَبَتِ الشَّاءُ ـ إذا أصابت خصباً.
ورجل خصِيبٌ : كثيرُ الْخَيْرِ ، ومكانٌ خصِيبٌ : مِثْلُهُ.
وقال لَبِيدٌ :
هَبَطَا تَبَالةَ مُخْصِباً أَهْضَامُهَا
صخب : قال الليث : الصَّخَبُ معروف ، وقد صَخِبَ يَصْخَبُ صَخَباً ، والسّخَبُ لغةٌ فيه ـ رَبَعِيَّةٌ قَبِيحةٌ.
وعَيْنٌ صَخِبَةٌ ـ إذا اصطَخَبَتْ عندَ الجَيَشَانِ.
وماءٌ صَخِب الآذِيِّ ـ إذا تلاطمت أمواجُه.
وقال الشاعر :
مُفْعَوْعِمٌ صَخِبُ الآذيِّ مُنْبَعِقُ
وقال ذُو الرُّمة :
فِيهِ الضَّفَادِعُ وَالْعِيدَانُ تَصْطَخِبُ
واصطخبَ القومُ وتَصَاخَبُوا ـ إذا تَصَايَحُوا وتضاربوا.
خبص : قال الليث : الخَبْصُ : فِعْلُكَ الخَبيصَ ، والمِخْبَصَةُ : التي يقلَّبُ بها الخَبِيصُ في الطِّنْجير ، وقد خبَصَ خبْصاً ، وخَبّصَ تخبيصاً ، فهو خَبِيصٌ مُخَبَّصٌ مَخْبُوصٌ.
ويقال : اخْتَبصَ فلان ـ إذا اتخذ لنفسه خَبِيصاً.
بخص : قال الليث : البَخَصُ : ما ولي الأرضَ مِنْ تحتِ أصابع الرِّجْلين ، وتحتَ مَنَاسِم البعير والنّعَام ، ورُبَّما أصابَ الناقة دَاءٌ في بَخَصِها فهي مَبْخُوصَةٌ تُظْلَعُ من ذلك.
وبَخَصُ اليَدِ : لَحْمُ أُصول الأصابع ـ مما يلي الرّاحة.
قال : والبَخَصُ ـ في العَين ـ لحْمٌ عند الجَفْنِ الأسْفل ـ كاللَّخصِ عند الجَفْنِ الأعْلَى.
والبَخَصُ : لحْمُ الذراع ـ أيضاً.
أبو عبيد ـ عن الأصمعي : الْبَخْصَةُ لحْمُ أسفلِ خُفِّ البعير.
قال : والأظَلُّ : ما تحت المنَاسم.
وأَخبرني المنذري ـ عن المبرِّد ـ أنه قال : البَخَصُ : اللَّحْم الذي يركَبُ القَدَمَ.
وهذا قولُ الأصمعي.
وقال غيرُه : هو لحمٌ يخالطُه بياض ، من فسادٍ يحُلُّ فيه.
قال : ومما يدُلُّ على أنه اللحْمُ الذي خالطه الفَسَادُ قوْلُهُ :
يَا قَدَمَيَّ مَا أَرَى لي مَخْلَصاً |
مِمَّا أَرَاهُ أَوْ تَعُودا بَخَصا |
وقال ابن السِّكِّيت : الْبَخْصُ مصْدَرُ بخَصْتُ عَيْنَه بَخْصاً.
قال : والبَخَصُ لحْمُ القَدَم ، ولحْم الفِرْسِن.
ورَوَى أبو تُراب للأَصمعيِّ : بخَصَ عينَه وبَخَزَها ، وبَخَسَها ـ كلهُ بمعنى : فقأها.
وقال أبو زيد : الْوَجَى : في عظام الساقَين وبَخَصِ الفَرَاسِنِ.
والوَجَى : قيلَ : الْحَفَا.
صبخ : الصَّبَخَةُ لغةٌ في السَّبَخَةِ ، والصَّبِيخةُ لغةٌ في سَبيخةِ القُطْنِ ، والسينُ فيها أفشَى وأكثرُ.
خ ص م
خصم ، خمص ، مصخ ، صمخ ، صخم : مستعملة.
خصم : قال الليث : الْخَصْمُ واحدٌ وجميعٌ ، قال الله جلّ وعزّ : (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (٢١)) [ص : ٢١] فجعله جَمْعاً لأنه سُمِّيَ بالمصْدَر ، وخَصِيمُك : الذي يخَاصِمُك وجمعُه خُصمَاءُ.
ويُجْمَعُ الْخَصْمُ خُصُوماً.
والْخُصُومَة : الاسمُ من التَّخَاصُمِ والاخْتِصَامِ.
يقال : اخْتَصَمَ القوْمُ وتخَاصَموا ، وخَاصَمَ فلانٌ فلاناً ـ مخاصمةً وخِصَاماً.
قال : والْخُصْمُ : طرَفُ الرّاوية الَّذِي بحيَال العَزْلاءِ في مؤخَّرِها.
قال : وطرَفُها الأعلى هو العُصْمُ ، وهي الأَعْصَامُ التي عند الكُلْيَة وهي من كلِّ شيء.
قلتُ : خُصْمُ كلِّ شيء : ناحيَتُه وطرفُه من المزادةِ والفِراش وغيرهما.
وأَمَّا عُصْمُ الرَّوايا فهي الْحِبَال التي تُنْشَبُ في عُرَاها وتُشَدُّ بها على ظهْر البعير واحدُها عِصَامٌ ، وقد أَعْصَمْتُ المَزَادَةَ ـ إذا شَدَدْتَها بالعِصَامَين.
وقيل لِلخَصْمَينِ : خَصْمَانِ ، لأخذِ كلِّ واحدٍ منهما في شِقٌّ من الحِجَاج والدَّعْوَى.
وفي حديث النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «مَا فَعَلَتِ الدَّنَانِيرُ التيُ أَنْسِيتُها في خُصْمِ الْفِرَاشِ فَبِتُّ وَلَمْ أَقْسِمْها»؟.
وخصومُ السَّحَابةِ : جوانبُها.
قال الأخطَلُ يذكر سحاباً :
إذَا طَعَنَتْ فِيهِ الجَنُوبُ تَحَامَلَتْ |
بِأَعْجَازِ جَرَّارٍ تَدَاعَى خُصُومُها |
أي : تجاوَبُ جَوَانبُها بالرَّعْد.
وقال أبو زيد : أَخصَمْتُ فلاناً ـ إذا لقَّنْتَه حُجَّتَه على خَصْمِه ، وخَصمْتُ فلاناً : غَلَبْتَهُ فيما خَاصَمْتَهُ فيه.
وَطعنُ الْجَنُوب فيه : سَوْقُها إياه.
والجرّار : الثقيلُ ذو الماء.
وتحاملتْ بأَعْجازِه : دَفعتْ أَوَاخِرَه.
وخُصُومُها ـ أي : جوانبها.
ويقال : هو خَصْمي ، وهؤلاء خَصمي.
خمص : قال الليث : الخَمْصُ : خَماصَةُ البطْنِ وهو دِقَّةُ خِلْقتِه.
والخَمْصُ : الْخَمَصَةُ أيضاً ، وهو خَلَاءُ البطن من الطَّعام جوعاً.
وامرأةٌ خَمِيصَة البَطن خُمصَانَةٌ ، وهُنَ خُمْصَانَاتٌ.
وفلانٌ خَمِيصُ البطْن من أموال الناس : عَفِيفٌ عنها.
والجميعُ : خِمَاصُ البُطون.
وفي الحديث : «خِمَاصُ البُطُونِ خِفَافُ الظُّهُورِ».
وفي حديث آخر ـ في الطَّيْر ـ : «تَغْدُو خِمَاصاً وَتَرُوحُ بِطَاناً».
أراد أنها تَغْدُو جياعاً وتروحُ شِباعاً.
قال : والْخَمِيصَةُ : بَرْنَكَانٌ أَسْودُ مُعْلَمٌ من المِرْعِزَّى والصوفِ ونحوِه.
وقال أبو عبيد : الخميصةُ كساءٌ أسودُ مربَّعٌ له عَلَمان.
وأنشد قولَ الأعْشى يصف امرأة :
إذا جُرِّدَتْ يوْماً حَسِبْتَ خَمِيصَةً |
عَلَيْهَا وَجِرْيَالَ النَّضِيرِ الدُّلَامِصَا |
أراد شَعْرَها الأسودَ ، شبَّهه بالْخَمِيصَةِ ، وشبَّه لون بَشَرتها بالذهب.
و «النضيرُ» : الذهبُ ، و «الدُّلامِصُ» : البرّاق.
وقال الليث : الأخْمَصُ خَصْرُ الْقَدَم ، والْخَمْصَةُ : بطنٌ من الأرض صغيرٌ ، ليِّنُ المَوْطِئ. والتَّخَامُصُ : التَّجَافي عن الشيء.
قال الشَّمَّاخُ :
تَخَامَصُ عَنْ بُرْدِ الْوِشَاحِ إِذَا مَشَتْ |
تَخَامُصَ حَافِي الْخَيْلِ في الأَمْعَزِ الْوَجِى |
ويقال للرجُل : تخامصْ للرَّجُل عن حقِّه ، وتجافَ له عن حقه ـ أي : أَعْطِهِ.
وتخَامَصَ الليلُ تخامُصاً ـ إذا رَقَّتْ ظُلمته عند وقت السَّحَر.
وقال الْفَرَزْدَقُ :
فمَا زُلْتُ حَتَّى صَعّدَتنِي حِبَالُها |
إليْهَا وليْلي قَدْ تخَامَصَ آخرُهْ |
أبو زيد : انْحَمَصَ الْجُرْحُ وانخَمَصَ ـ إذا سكنَ ورمُه ـ بالحاء والخاء.
وقال أبو العبَّاس : سأَلتُ ابنَ الأعرابي عن قول عليٍّ رضياللهعنه : «كَانَ رَسُولُ الله صلىاللهعليهوسلم خُمْصَانَ الأَخْمَصَيْنِ» ، فقال : إذا كان خَمَصُ الأخْمصِ بقَدْرٍ لم يرتفع جدّاً ، ولم يَسْتو أَسْفَلُ القَدم جِدّاً فهو أحسنُ ما يكون ، وإذا استوَى أو ارتفعَ جِدّاً فهو ذمٌّ.
صمخ : قال الليث : الصِّمَاخُ : خَرْقُ الأُذُنِ إلى الدِّمَاغِ ، وَالسِّمَاخُ لُغَةٌ فيه ، والصَّادُ تَمِيميَّةٌ.
ويقال : صَمَخَ الصَّوْتُ صِمَاخَ فلان وصَمَخْتُ فلاناً ـ إذا عَقَرْتَ صِماخ أُذُنه ، بِعُودٍ أو غَيْرِه.
ويقال للْعَطْشان : إنه لَصَادِي الصِّمَاخ.
ويقال ضرب الله على صِمَاخ فُلان ـ إذا أَنَامَهُ.
وفي حديث أبي ذَرٍّ : «فَضَرَبَ الله عَلَى أَصمِخَتِنَا فَمَا انْتَهيْنَا حَتَّى أَضْحَيْنَا».
وهو كقول الله جلّ وعزّ : (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ) [الكهف : ١١] ، ومعناه : أَنمْنَاهُمْ.
وقال أبو زيد : كلُّ ضَرْبَةٍ أَثَّرَتْ في الوجه فهي صَمْخٌ.
ابن السكِّيت : صَمَخْتُ عَيْنَهُ صَمْخاً وهو ضَرْبُكَ الْعَيْنَ بِجمع يدك ـ ذَكَرَه بعَقِبِ قولِكَ : صَمَخْتُ صِمَاخَهُ.
مصخ : قال الليث : الْمَصْخُ : اجْتذَابُكَ الشيءَ عن جوف شيء آخَرَ.
قال : وَضَرْبٌ من الثُّمَامِ لا وَرَقَ له إنَّما هي أنَابِيبُ مُرَكَّبٌ بَعْضُهَا في بعض كُلُّ أُنْبُوبَةٍ منها أُمْصُوخَةٌ ، إذَا اجتذَبْتَها خَرَجَتْ من جَوْف أخرى ، كأنها عِفَاصٌ أُخْرِجَ من الْمُكْحُلَةِ.
واجْتِذَابُهُ : الْمَصْخُ والامِّصَاخُ.
قلتُ : وقد رأيتُ في البادية نَبْتاً يقال له : الْمُصَّاخُ والثُّدَّاءُ ، له قُشُور بعضها فوق بعض ، كلما قَشَرْتَ منه أُمْصُوخَةً ظهَرَتْ أخرى ، وقُشُورُهُ ثَقُوبٌ جيِّدُ.
وأهلُ «هَرَاةَ» يُسَمُّونَهُ : دَلِيزَاذَ.
وقال الليث : الْمَصُوخَةُ من الغَنَمِ : ما كان ضَرْعُها مُسْتَرْخِيَ الأصْل ـ كأنما امْتُصِخَتْ ضَرَّتُها ، فامّصَخَتْ عن الْبَطْنِ ـ أي : انْفَصَلَتْ.
صخم : أبو عبيد ـ عن أبي عمرٍو ـ : الْمُصْلخِمُ : الْمُنْتَصِبُ القائم ـ بتشديد الميم.
قال : والْمُصْطَخِمُ : في معناه ، غير أَنَّه مُخَفَّفُ الميم.
قلتُ : والْمُصْطَخِمُ مُفْتَعِلٌ مِنْ صَخمَ ، وهو ثُلَاثِيٌّ ، ولم أجد ل «صَخَمَ» ذكْراً في كلام العرب.
أبواب الخاء والسين
خ س ز : مهمل.
خ س ط
استعمل من وجوهه : سخط ، طخس.
سخط : قال الليث : يقال : سَخَطٌ وسُخْطٌ مثل عُدْمٍ وعَدَمٍ ، وهو نَقِيض الرِّضا ، والفعل منه : سَخِطَ يَسْخَطُ.
ويقال : كُلَّما عَمِلْتُ له عَمَلاً تَسَخَّطَهُ ـ أي : لم يرتضه.
وأَسْخَطَنِي فلانٌ فسَخِطْتُ سخطاً.
طخس : ابن السكِّيت : يقال : إنه للَئِيمُ الطِّخْسِ ـ أي : لئيمُ الأَصْل ، وأنشد :
إنَّ امرَأً أُخِّرَ مِنْ إصْرِنَا |
أَلأَمُنَا طِخساً إذَا يُنسَبُ |
وكَذَلِكَ : لَئيمُ الكِرْسِ والإِرْسِ.
ثعلبٌ ـ عن ابن الأعرابي ـ : يُقَالُ : فلان طِخْسُ شَرٍ ، وَسُنْبُكُ شَرٍّ ، وسِنُّ شَرٍّ وصِلْوُ شَرٍّ ، ورِكْبَةُ شَرٍّ ، وبِلْوُ شَرٍّ ، وطُمَّرُ شَرٍّ ، وقِرْقُ شَرٍّ ـ إذا كان نهاية في الشَّرِّ.
خ س د
استعمل من وجوهه : سخد ، دخس.
سخد : أبو العباس ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : السُّخْدُ دَمٌ وماءٌ في السّابِيَاءِ ، وهو السَّلَى الذي يكون فيه الولد.
أبو عبيد ـ عن الأحمر ـ قال : السُّخْدُ الماءُ الذي يكون على رأس الولد ، ومنه قيل : رجل مُسْخَدٌ ـ إذا كان ثقيلاً من مَرضٍ أو غيره ، لأن السُّخْدَ ماءٌ ثَخِينٌ يخرجُ مع الولد.
دخس : قال الليث : الدَّخْسُ : الإنسانُ التَّارُّ الْمُكْتَنِزُ ، غَيْرَ جِدِّ جَسِيمٍ.
قال : ويقال : الدُّخَسُ : الفَتِيَّ من الدِّبَبَةِ.
وقال شَمِرٌ : الدُّخَسُ دَابَّةٌ في البحر يقال : دَخَسَ فيه ـ أي : دخل فيه.
وقال الطِّرِمَّاحُ :
فَكُنْ دُخَساً في الْبَحْرِ أَوْ جُزْ وَرَاءَهُ |
إلى الْهِنْدِ إِنْ لَمْ تَلْقَ قَحْطَانَ بالْهِنْدِ |
وقال الليث : الدَّخَسُ انْدِسَاسُ شيءٍ تحتَ التراب ، كما تُدْخَس الأُثْفِيَّة في الرَّماد ، ولذلك يقال للأَثَافِيِّ : دَوَاخِسُ.
قال الْعَجَّاجُ :
دَوَاخِساً في الأَرْض إلَّا شَعَفَا
وامرأة مُدْخِسَةٌ : كأنها دُخَسٌ.
قال : والدَّخَسُ امتلاءُ الْعَظْمِ من السِّمَن ، جَمَلٌ مُدْخِسٌ. والْجَمْعُ مُدْخِسَاتٌ.
قال : والدُّخَسُ : الرجُل الكَثِيرُ اللِّحم.
وقال ابن شُمَيْل : والدَّخِيسُ عُظَيْمٌ في جَوْف الحافر ، كأنه ظِهَارَةٌ له.
قال : والْحَوْشَبُ عَظْم الرُّسْغ.
وقال الليث : الدَّخَيسُ : عَظْمُ الْحَوْشَبِ.
قال : والدَّخَسُ داءٌ يأخذ في قوائم الدَّابَّة يقال : فَرَس دَخِسٌ : به عَنَتٌ.
قال : والدَّخيسُ من الناس العَدَدُ الكَثِيرُ المُجْتَمِعُ.
قال الْعَجَّاجُ :
وَقَدْ نَرَى بِالدَّارِ يَوْماً أَنَسَا |
جَمَ الدَّخيسِ بِالثُّغُورِ أَحْوَسَا |
قال : ودَخيسُ اللَّحْمِ مُكْتَنِزُهُ.
وأنشد :
مَقْذُوفَةٍ بِدَخِيسِ النَّحْضِ بَازِلُهَا |
لَهُ صَرِيفٌ صَرِيفَ القَعْوِ بِالمَسَدِ |
خ س ت
استعمل من وجوهه : السخت ، والسختيت.
سخت (سختيت) : ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ قال : الْعِقْيُ من الصَّبِيِّ : ساعةَ يُولَدُ ، وهو من الحافِر : الرَّدَجُ ، ومن الْخفّ : السُّخْتُ.
أبو عبيد ـ عن أبي عمرو ـ يقال للسَّوِيق الذي لا يُلَتُّ بالأُدْمِ : سِخْتِيتٌ.
وقال شمِرٌ : يقال للدَّقِيق الْحُوَّارَى : سِخْتِيتٌ.
وقال رُؤْبَةٌ :
هَلْ يَنْفَعَنِّي حَلِفٌ سِخْتِيتُ؟
وقال ابن الأعرابي : سِخْتِيتٌ : أي شديد ، أَصْلُهُ سَخْتُ ـ بالفارسية ـ للشيء الشديد ، فلمَّا عُرِّبَ قيل : سِخْتِيتٌ.
وقال أبو عمرو : السِّخْتِيتٌ : الدَّقِيقُ من كل شيء ، وأنشد :
وَلَوْ سَبَخْتَ الْوَبَرَ الْعَمِيتَا |
وَبِعْتَهُمْ طَحِينَكَ السِّخْتِيتَا |
إذاً رَجَوْنَا لَكَ أَنْ تَلُوتَا
قال : اللَّوْتُ : الكِتْمَان ، والسَّبْخُ : سَلُّ الصُّوفِ والقُطْنِ.
وقال الليث : حَرٌّ سَخْتٌ : شَدِيدٌ.
أبو عبيد ـ عن أبي زيد ـ : إذا سَكَنَ وَرَمُ الجُرْحِ قِيلَ : اسْخَاتَ اسْخِيتَاتاً.
خ س ظ ، ـ خ س ذ ، ـ خ س ث : أهملت وجوهها.
خ س ر
خسر ، خرس ، سخر ، رسخ : مستعملة.
خسر : قال الليث : الخُسْرُ : النُّقْصَان ، والخُسْرَانُ كذلك ، والفِعْل : خسِر يَخْسِرُ خُسْرَاناً.
ويقال : كِلْتُهُ ووَزَنْتُهُ فأَخسَرْتُهُ ـ أي : نَقَصْتُهُ.
قال الله جلّ وعزّ : (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣)) [المطفّفِين : ٣].
قال الزجاج : أي : يَنْقُصُونَ في الكَيْل والوَزن.
قال : ويجوز في اللُّغة «يخْسَرُون» يقال : أَخسَرْتُ الميزان وخسَرْتُهُ ، ولا أعلم أحداً قرأ (يَخْسِرُونَ).
ويقال : أخسَرَ الرجلُ ـ إذا وافق خُسْراً في تجارته.
عمرو ـ عن أبيه ـ قال : الخَاسِرُ : الذي يَنْقُصُ المكْيَال والمِيزَان إذا أَعْطَى ويستزيد إذا أَخذَ.
ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ : خسَرَ ـ إذا نَقَصَ مِيزاناً أو غَيْرَه ، وخَسَرَ ـ إذا هَلَكَ.
وقال الليث : الْخَاسِرُ : الذي وُضِعَ في تجارته ، ومصدَرُه : الْخَسَارَةُ والْخُسْرُ ، وصَفَقَ صفقةً خَاسِرَةً ـ أي : غير مُرْبحةٍ ، وكَرَّ كَرّةٌ خَاسِرَةً ـ أي : غير نافعة.
وقال الله جلّ وعزّ : (وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) [العصر : ١ ، ٢].
قال الفرَّاءُ : لَفِي عُقُوبَةٍ بذُنُوبِهِ ، وأَنْ يَخْسَرَ أهلَه ومنزلَه في الجَنَّة.
قال الله جلّ وعزّ : (خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) [الحَجّ : ١١].
أبو عبيد : خَسَرْتُ المِيزان وأَخْسَرْتُه : نَقَصْتُه.
وقال ابن الأعرابي ـ في قوله جلّ وعزّ : (فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ) [هُود : ٦٣] أي : غير إبْعَادٍ من الخير ـ أي : غَيْرَ تخسير لكم ، لا لِيَ.
خرس : قال الليث : خَرِسَ خَرَساً ، والْخَرَسُ ذَهَابُ الْكَلَام خِلْقَة أو عِيَّاً.
وكَتِيبَةٌ خَرْسَاءُ ـ إذا لم تَسْمَعْ لها صَوْتاً ولا جَلَبَةً ، وفيهم نَجْدَةٌ.
قال : وعَلَمٌ أَخْرَسُ ـ إذا لم يُسْمَعْ فيه صَوْتُ صَدًى ، يعني العَلَمَ الذي يُهْتَدَى به.
قلتُ : وسمعْتُ العربَ تُنْشِدُ :
وأَيْرَمٍ أَخْرَسَ فَوْقَ عَنْزِ
والأَيْرَمُ : الْعَلمُ فَوْقَ الْقَارَةِ يُهْتَدَى به.
ويُروىَ «... أَحْرَسَ ...».
والأَحْرَسُ : الْعَاديُّ الْقَديمُ مَأْخُوذٌ من الْحَرْسِ ، وهو الدَّهْرُ.
والْعَنْزُ : الْقَارَةُ السَّوْدَاءُ.
والصحيح هذا ، لا مَا قَالَه الليث.
وأنشدنِيهُ أعرابيٌّ آخر :
وَإِرَمٍ أَعْيَسَ فَوْقَ عَنْزِ
وقال : الأَعْيَسُ : الأَبْيَضُ ، والعَنْزُ : الأسْوَدُ ، وناقَةٌ خَرْسَاءُ : لا تَسْمَعُ لها رُغَاءً ، والخَرْسَاءُ : الدَّاهيَة.
أبو عبيد ـ عن أبي زيد ـ قال : الْخُرْسُ : الطَّعَامُ الذي يُصْنَع عند الولادة ، وأما الذي تُطْعَمُهُ النفَسَاءُ فهو الْخُرْسَةُ وقد خُرِّسَتْ ، وأنشد :
إِذَا النُّفَساءُ لَمْ تُخَرَّسْ بِبِكْرِهَا |
غلَاماً وَلَمْ يُسْكَتْ بِحَتْرٍ فَطِيمُهَا |
قال : وقال الأصمعي : الْخرُوسُ من النساء : التي يُعْمَلُ لها عند وِلَادِها شيء ، واسمُ ذلك الشيء : الْخُرْسَةُ.
وقال الليث : الْخُرْسِيُ : مَنْسُوبٌ إلى خُرَاسَانَ ، ومِثْلُه الْخُرَاسِيُ والخُرَاسَانيٌ ويُجْمَعُ على : الخُرْسِينَ ـ بتخفيف ياء النسبة ـ كقَوْلِكَ : الأَشْعَرِينَ.
وأنشد :
لَا تُكْرِيَنَّ بَعْدَهَا خُرْسِيَّا
ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ : الْخُرْسُ : الدَّنُّ ، والْخَرَّاسُ : الذي يَعْمَلُ الدِّنَانَ.
قال الجعديُّ :
جَوْنٌ كَجَوْنِ الْخَمَّارِ جَرَّدَهُ ال |
خَرَّاسُ لَا نَاقِسٌ وَلا هَزِمُ |
والنَّاقِسُ : الْحامِضُ.
وقال العجاج :
وَخَرْسُهُ الْمُحْمَرُّ فِيهِ مَا اعْتُصِرْ
وسمعت العرب تقول ـ للَّبَن الخَائِر ـ : هذه لَبَنَةٌ خَرْسَاءُ ـ أي : لا يُسْمَعُ لها صوت إذا أُرِيقَتْ ، وسَحَابةٌ خرْسَاءُ : لا يُسمع لها صوتُ رَعْدٍ ، ويقال للنُّفَسَاءِ إذا اتَّخَذَتْ طعاماً لِنَفْسَها : قد تَخَرَّسَتْ.
ومن أمثالهم : «تَخرَّسِي لَا مُخَرِّسَةَ لَكِ».
وفي الحديث : «إِنَّ الرُّطَبَ خُرْسَةُ مَرْيَمَ».
ويقال للأفاعي : خُرْسٌ.
وقال عَنْتَرَةُ :
عَلَيْهِمْ كُلُّ مُحْكَمَةٍ دِلَاصٍ |
كَأَنَّ قَتِيرَها أَعْيَانُ خُرْسِ |
أبو عبيد ـ عن الأصمعي ـ كَتِيبةٌ خَرْسَاءُ ـ إذا كانت قد صَمَتَتْ من كثرة الدُّرُوعِ ، ليس لها قَعَاقِعُ.
رسخ : ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ في قول الله جلّ وعزّ : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) [آل عِمرَان : ٧].
قال : هُمُ الحُفَّاظُ والْمُذاكِرُونَ.
وقال مسروقٌ : قدمتُ المدينة فإذا زَيْدُ بنُ ثابتٍ من الرَّاسِخِينَ في العلم.
وقال شمرٌ : قال خالدُ بنُ جَنْبَةَ : الراسخ في العلم : البعيدُ العلم.
وقال الليث : رجلٌ رَاسِخٌ في العلم : قد دخل فيه مَدْخلاً ثَابِتاً ، والرَّاسِخُونَ في كتاب الله جلّ وعزّ : هم الدارسون.
قال : ورَسَخُ الشيءُ رُسُوخاً ـ إذا ثَبَتَ في موضعه ، وأَرْسَخْتُهُ إِرْسَاخاً ، كَالْحِبْرِ يَرْسَخُ في الصَّحيفة ، والعِلْمِ يَرْسَخُ في قلب الإنسان ، ورَسَخَ الغَدِيرُ رُسُوخاً ـ إذا نَشِفَ ماؤُه فذهب ، ورَسَخَ المَطَرُ رُسُوخاً ـ إذا نَضَبَ نَدَاه في داخل الأرض فالتقى الثَّرَيَانِ.
سخر : يقال : سَخِرَ منه وبه ـ إذا تَهَزَّأ به ، والسُّخْرِيَّةُ مصدرٌ في المعنيين جميعاً ، وهو السُّخرِيُ أيضاً ، ويكُون نَعتاً كقولك : هُو
لَكَ
قال : والسُّخَرَةُ : الضُّحَكَةُ ، فأما السُّخْرَةُ : فما تَسَخَّرْتَ من خادِمٍ أو دابَّةٍ بلا أَجْرٍ ولا ثمنٍ ، تقول : هُمْ لك سُخْرَةً وسُخْرِيّاً.
وقال الله جلّ وعزّ : (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي) [المؤمنون : ١١٠].
وقال الْفَرَّاءُ : قُرِئ (سُخْرِيّاً) و (سِخْرِيًّا) والضَّمُّ أجْوَدُ.
قال : وقال الذين كَسَرُوا ما كانَ من السُّخْرَةِ فهو مضمومٌ ، وما كان من الهُزْءِ فهو مكسور.
ورَوَى ابنُ اليزيدِيّ ـ عن أبي زيد ـ أنه قال : «سِخْرِيًّا» مِنْ سَخِرَ واسْتَهْزَأ ، والتي في الزُّخْرُفِ [٣٢] : (لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا).
قال : عَبِيداً وإماءً وَأُجَرَاءَ.
ابن سَلَّامٍ ـ عن يُونُسَ ـ : «سُخْرِيًّا» من السُّخْرَة ، و «سِخْرِيّاً» من الْهُزْءِ.
وقال : وقد يقال في الهُزْءِ : سِخْرِيٌ وسُخْرِيٌ وأما مِنَ «السُّخْرَةِ» فواحِدَةٌ مضْمُومَةٌ.
وقال الليث : سَخَرَتِ السَّفِينَةُ ـ إذا أطاعت وطابَ لها السَّيْرُ ، وقَدْ سَخَّرَهَا الله تَسْخِيراً ، وتَسَخَّرْتُ دابَّةً لِفُلانٍ : رَكِبْتُهَا بغَيْر أَجْرٍ ، وأنشد
سَوَاخِرُ في سَوَاءِ الْيَمِّ تَحْتفرُ
وقال الفرَّاء : يقال : سَخِرْتُ منه ولا تَقُلْ : سَخِرْتُ به ، قال الله : (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ) [الحُجرَات : ١١].
وقال ابن السِّكِّيت : تقول : سَخِرْتُ من فلان ، فهذه : اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ ، قال الله : (فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ) [التّوبَة : ٧٩] وقال جلّ وعزّ : (إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ) [هُود : ٣٨].
أبو عبيد ـ عن أبي زيد ـ : رجلٌ سُخَرَةٌ ـ يَسْخَرُ من الناس ، ورجُلٌ سُخْرَةٌ ـ يُسْخَرُ منه.
وقال غيره : رجلٌ سُخْرَةٌ ـ يَتَسَخَّرُهُ مَنْ قَهَرَهُ ، وقد سَخَرْتُهُ وسَخَّرْتُهُ.
خ س ل
خسل ، خلس ، سلخ ، سخل : مستعملة.
خسل : أهمله الليث.
ورَوَى ابن حبيب ـ عن ابن الأعرابي : الْحُسَالَةُ والخُسَالَةُ : الرَّدِيءُ من كل شيء.
وقال الأصمعيُّ : المَحْسُولُ والْمَخْسُول : الْمَرْذُولُ ، والْمُحَسَّل والْمخَسَّلُ : مثلُهُ ، وقال العجَّاج :
ذِي رَأْيهِمْ وَالْعَاجزِ الْمُخَسَّلِ
خلس : قال الليث : الْخَلْسُ : في القتال والصِّرَاع وهو رجلٌ مُخَالِسٌ ـ أي : شُجَاعٌ حَذِرٌ.
قال : والْخَلِيسُ : النَّبَاتُ الْهَائِجُ بعضُه أصفَرُ وبعضُه أخضَرُ ، وكذلك الخَلِيطُ يُسَمَّى خَلِيساً.
أبو عبيد ـ عن أبي زيد ـ : أَخْلَسَ رَأْسُهُ فهو مُخْلِسٌ وخَلِيسٌ ـ إذا ابْيَضَّ بَعضُهُ ، فإذا غَلَبَ بَياضُهُ سوادَه فهو أغْثَمُ.
وسمِعْتُ العربَ تقولُ للغلام ـ إذا كانت أُمُّهُ سَوْدَاءَ ، وأبُوهُ عَرَبِيٌّ ، فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ
أَخَذَ من سَوَادِها وبَيَاضِه ـ : غلامٌ خِلَاسِيٌّ ، وجاريةٌ خِلَاسِيَّةٌ.
وقال الليث : الْخِلَاسِيُّ من الدِّيَكَةِ ما يَتَوَلَّدُ بين الدَّجاجَةِ الهِنْدِيَّةِ والدِّيك الفارسي.
قال : والخُلْسَةُ : النُّهْزَةُ والاخْتِلاسُ أَوْحَى من الْخلْسِ وأَخَصُّ ، والْقِرْنَانِ إذا تَبارَزَا : يَتَخالسانِ أنفُسَهُما ، يُناهِزُ كلُّ واحدٍ منهما قَتْلَ صاحِبه.
قال أبو ذُؤَيْبٍ :
فَتَخَالَسَا نَفْسَيْهِمَا بِنَوافِذٍ |
كَنَوَافِذِ العُبُطِ الَّتي لا تُرْفَعُ |
وطَعْنَةٌ خَلْسٌ ـ إذا اختلسها الطاعِنُ بحِذْقِه ، ومُخَالِسٌ : اسمُ حصانٍ ـ من خَيْلِ العرب ـ معروف ، ولِحْيَةٌ خَلِيسٌ : فيها سوادٌ وَشَيْبٌ.
سلخ : قال الليث : السَّلْخُ كَشْطُ الإهابِ عن ذِيهِ ، والمِسْلَاخُ : الإهابُ نفسه ، ومِسْلاخُ الحَيّةِ قِشْرُها الَّذِي يَنْسَلِخ منها ، وكلُّ شيء يَنْفَلِقُ عن قِشْرِه ، يقال : انْسَلخ ، والإنسانُ إذا مَحَشَهُ الحَرُّ يقال : قد سَلخ الحَرُّ جِلْدَهُ وسلختِ المرأةُ دِرْعها عنها ـ إذا خلعْته.
ويقال : سلختُ الشَّهْرَ ـ إذا خرجْتَ منه فصرْتَ في آخرِ يومٍ منه ، وانْسَلخ الشهر.
وقال أبو الهيثم ـ في قول الله جلّ وعزّ : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧)) [يس : ٣٧].
يقال : «سَلَخْنَا الشهرَ» ـ أي : خرجْنا منه ، فَسَلَخْنَا كلَّ ليلةٍ منه عن أنفسنا جُزْءاً من ثلاثين جزءاً ، حتى تكاملتْ لَياليه فَسَلَخْنَاهُ عن أَنْفُسِنا كُلَّه.
قال : وأهللْنَا هِلال شهر كذا ـ أي دخَلْنَا فيه ولبِسْنَاه ، فنحن نَزْدادُ ـ كلَّ ليلة منه إلى مُضِيِّ نِصْفِه ـ لِبَاساً منه ، ثم نَسْلُخه عن أنفُسنا بعد تَكامُلِ النِّصْف جزءاً فجزءاً ، حتى نَسلخَهُ عن أنفُسنا كلَّه.
ومنه قول الشاعر :
إذَا مَا سَلَخْتُ الشَّهْرَ أَهْلَلْتُ مِثْلَهُ |
كَفَى قَاتِلاً سَلْخِي الشُّهُورَ وَإِهْلَالِي |
وقال لَبِيدٌ :
حَتَّى إذَا سَلخَا جُمَادَى سِتَّةٍ |
جَزْءاً فَطَالَ صِيَامُهُ وصيامُها |
قال : «وجُمَادَى سِتَّةٍ» : هي جُمَادَى الآخرةُ ، وهي تمام سِتَّةِ أشْهُرٍ من أَوَّل السنة.
وقال الليث : السَّالخ جَرَبٌ يكون بالجمل يُسْلَخُ منه ، وكذلك الظَّليمُ ـ إذا أصاب رِيشَهُ داءٌ.
قال : والمَسْلُوخةُ اسمٌ يلْزَمُ الشَّاةَ المَسْلُوخةَ نفْسَها بلا بُطُونٍ ولا جُزارَةٍ.
قال : والسَّلِيخةُ شيءٌ من العِطْر ، كأنَّه قِشْرٌ مُنْسَلخ ذو شُعَبٍ ، والسَّالخ : الأسودُ من الحَيَّاتِ ـ شديدُ السَّواد ، والنَّباتُ إذا سَلَخ ثم عادَ فاخضَرَّ كلُّه فهو سَالخ من الحمْضِ وغيْره.
قلتُ : والعرب تقولُ للرِّمْث والْعرْفَج ـ إذا لم يبْق فيهما مرعًى للماشية ـ : ما بقي منهما إلَّا سليخةٌ.
أبو عبيد ـ عن الأحمر ـ سَلِيخٌ مَلِيخٌ ـ أي : لا طَعْمَ له.
قال : وقال الفرّاء : المِسْلاخُ من النَّخِيلِ : الَّتي يَنْتَثِرُ بُسْرُها ، وهو أَخضَرُ.
ابن شميل : اسْلَخَ الرجُل ـ إذا اضطجع ، وقد اسْلَخَخْتُ ـ أي اضطجَعْتُ. وأنشد :
إِذَا غَدَا القَوْمُ أَبَى فاسْلَخَّا
وسَلِيخَةُ البَانِ دُهْنُ ثَمَرِهِ قبل أن يُرَبَّبَ بأَفَاوِيه الطِّيبِ ، فإذا رُبِّبَ ثَمرُه بالمسك والعنبَر ، ثم اعتُصِرَ فهو مَنْشُوشٌ وقد نُشَّ نَشّاً ، وكذلك سَلِيخَةُ السِّمْسِمِ : عَصيرهُ قبلَ أن يُرَبَّبَ.
سخل : قَال الليث : السَّخْلُ : أولادُ الشَّاة ، والسَّخْلَةُ : الواحدُ والوحدةُ ، ذكَراً كان أو أُنثى ، والجميعُ : السِّخَالُ والسَّخْلُ.
ويقالُ للأَوْغَادِ من الرِّجال : سُخَّلٌ وسُخَّالٌ ، ولا يُعْرَفُ منه واحد.
أبُو عُبَيْد ـ عن الفرَّاء ـ يقال للتَّمْرِ الذي لا يشتدُّ نَوَاهُ : الشِّيصُ.
قال : وأهلُ المدينة يسمُّونه السُّخَّلَ وقد سَخَّلَتِ النَّخلةُ.
قال : وقال الأصمعي : رجالٌ سُخَّلٌ ، وهم الضعفاء ، وسَخَّلَتِ النخلةُ ـ إذا ضَعُفَ نَواها.
أبو عبيد ـ عن أبي زيد ـ يُقال لوَلَدِ الغَنَم ساعةَ تَضَعُه أُمُّه من الضَّأْنِ والْمَعْزِ جميعاً ، ذكراً كان أو أنثى : سَخْلَةٌ ، وجمعُها سِخَالٌ ، ثمَّ هي البَهْمَةُ ـ للذكَر والأنثى وجَمعُها بَهْمٌ.
وقَال الليث : السَّخْلُ أَخْذُ الشيء مُخَاتَلَةً واجْتِذاباً.
قلتُ لا أعرفُ السَّخْلَ بهذا المعنى إلا أن يكون مَقْلُوباً من الْخَلْسِ ـ كما قالوا : جَذَبَ وجَبَذ ، وبَضَّ وضَبَّ.
خ س ن
خنس ، نخس ، نسخ ، سخن ، خسن ، سنخ : مُسْتَعْمَلةٌ.
خنس : ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ قال : الْخُنُسُ مَأْوَى الظِّباء.
قال : والخُنسُ : الظِّبَاءُ أَنْفُسُها.
وقال الليث : الْخَنْسُ انقباضُ قصبةِ الأنفِ ، وعِرَضُ الأرنبة ، وأَنفُ البقر أخنَسُ لا يكون إلا هكذا ، والبقرَةُ خنساءُ ، والتُّرْكُ خُنْسٌ.
قال : والخُنوسُ : الانقباضُ والاستخفاءُ يقال : خَنَسَ من بين القوم ، وانْخَنَسَ.
وفي الحديث : «الشَّيْطَانُ يُوَسْوِسُ لِلْعَبْدِ فَإِذَا ذَكَرَ الله خَنَسَ» ـ أي : انقبض منه.
قلت : وهكذا قال الفرّاء ـ في قول الله جلّ وعزّ : (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (٤)) [النَّاس : ٤].
قال : إبليسُ يُوَسْوس في صُدور الناس فإذا ذُكِرَ الله خَنَس.
قلت : وخنَسَ في كلام العرب ـ يكون لازماً ومتعدِّياً.
يقال : خَنَسْتُ فلاناً فَخَنَسَ ـ أي أَخَّرْتُهُ فتأَخرَ ، وقَبَضْتُه فانقبضَ ، وأَخنَسْته : أكثرُ.
ورَوَى أبو عبيد ـ عن الفرَّاء والأُمويِّ ـ : خَنَسَ الرجلُ ـ تَأَخَّر ـ يَخْنُسُ ، وأَنَا أَخْنَسْتُهُ ـ بالألف.