تهذيب اللغة - ج ٧

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٧

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٥

لَمَّا اعْتَرَى صَادِقَاتُ الْهُمُومِ

رَفَعْتُ الْوليَّ وَكُوراً رَبيخاً

عَلَى بَازِلٍ لَمْ يَخْنُها الضِرَّابُ

وَقَدْ شَرَخَ النَّابُ مِنْها شُرُوخَا

وقيل : شَرْخُ الشَّبَابِ : قُوَتُهُ ونَضَارَتُه.

خ ش ل

استعمل من وجوهه : خشل ، شلخ ، شخل.

خشل : أبو العباس ـ عن ابن نَجْدَةَ عن أبي زيد ـ قال : الْخَشْلُ : ضربٌ منَ النبات ، أحمرُ وأصفرُ وأخضرُ.

قال : والْخَشْلُ : رؤوس الحُلِيِ

قال : والْخَشْلُ : الْمُقْلُ اليابس.

أبو عبيد ، عن أبي عمرو ، قال : الْخَشَلُ ـ مُحَرَّكَ الشين ـ : المُقْلُ نفسُه ، واحدته خَشَلَةٌ.

قال : ويقال لرؤوس الْحُلِيِّ من الخَلاخِيل والأَسْوِرَة : خَشَلٌ أيضاً.

وقال الشماخ في الْخَشَلِ :

تَرَى قِطَعاً مِنَ الأَحْنَاشِ فِيهِ

جَمَاجِمُهُنَ كَالْخَشَلِ النَّزِيعِ

وقال الليث : الْخَشَلُ من الْمُقْلِ ـ كالْحَشَفِ من التّمر.

شلخ : قال أبو العباس ـ عن ابن نَجْدَةَ ، عن أبي زيد ـ قال : الشَّلْخُ : الأصل.

وقال ابن حبيب : شَلْخُ الرَّجُل وشَرْخُهُ ونَجْلُهُ ، ونَشْلُهُ ، وزَكْوَتُهُ ، وزَكْبَتُهُ : واحد.

قلت : هو نُطْفَتُهُ.

وقال شَمِرٌ : قال أبو عَدْنانَ : قال لي الكِلَابيُّ : فلان شَلْخُ سوءٍ ، وخَلْفُ سُوءٍ وأنشد بيت لَبِيدٍ :

وَبَقِيتُ فِي شَلْخٍ كَجِلْدِ الأَجْرَبِ

وقال الليث : شَالَخُ جَدُّ إبراهيمَ النبيِّ عليه‌السلام.

شخل : أبو زيد : الشَّخْلُ : الصَّدِيق.

وقال الليث : الشَّخْلُ : الغُلَامُ الحَدَثُ يصادِقُ رَجُلاً.

قال : والشَّخْلُ بَزْلُ الشَّرَاب بِالْمَشْخَلَةِ ، وهو الْمِصْفَاةُ.

أبو تُرَاب ـ : قال الأصمعي : شَخَل فلانٌ ناقتَه وشَخَبَها ـ إذا حلبها.

قلت : وسمعتُ العربَ تقول : شَخَلْتُ الشَّرَابَ شَخْلاً ـ إذا صفَّيْتَهُ بالمِشْخَلَةِ وسمعتُهم يقولون : شَخَلْنَا الإبلَ شَخْلاً ـ أي حلبناها حَلْباً.

خ ش ن

استعمل من وجوهه : خشن ، خنش ، نخش ، شنخ.

خشن : قال الليث : يقال : خَشُنَ الشيء يَخْشُنُ خُشُونَةً فهو خَشِنٌ أَخْشَنُ ، والمُخاشَنَةُ : في الكلام ونحوه ، واخْشَوْشَنَ الرجلُ ـ إذا لبِسَ خَشِناً ، وأكل خَشِناً ، وقال قولاً فيه خُشُونَةٌ.

وكتيبةٌ خَشْناءُ : كثيرةُ السِّلاح.

قال : والخَشْنَاءُ ـ ممدودةٌ ـ بقْلةٌ خضراءُ وَرَقُها قصيرٌ ، مثلُ الرَّمْرَام غيرَ أَنَّها أشدُّ اجتماعاً ، ولها حَبٌّ ـ تكون في الروض والْقِيعَان.

٤١

والخَشْنَاءُ : الأرضُ الغَلِيظةُ ، ورجل أَخْشَنُ : خَشِنٌ ، وخُشَيْنَةُ : بطْنٌ من بطون قبيلةٍ من قبائل العرب ، والنسبة إليهم خُشَنِيٌ.

وقال شمِرٌ : اخْشَوْشَنَ عليه صدرُه ، وخشُنَ عليه صدرُه ـ إذا وجد عليه.

شنخ : عمرو ـ عن أبيه ـ قال : المُشَنَّخُ من النَّخْل : الذي نُقِّحَ عنه سُلَّاؤُهُ ، وقد شَنَّخَ نَخْلَهُ تَشْنِيخاً.

وقال ذُو الرُّمَّةِ يصف الجبالَ :

إذَا شِنَاخَا قُورِهَا تعوَقَّدَا

أراد : شَنَاخِيبَ قُورِها ، وهي رؤوسُها ـ الواحِدَةُ : شُنْخُوبَةٌ ، كأَن الباء زيدَت.

نخش : سمعت العرب تقول يوم الظَّعْن ـ إذا ساقوا حَمُولَتَهُم ـ : ألا وانْخَشُوها نَخْشاً معناه : حُثُّوها وسُوقُوها سَوْقاً شديداً.

ويقال : نَخَشَ البَعِيرَ بطرَفِ عصاه ـ إذا خَرَشَهُ وساقه.

وفي «نوادر العرب» : نَخَشَ فلانٌ فلاناً ـ إذا حرَّكَه وآذاه ، وصَيَّصَهُ ـ إذا غَلَبَهُ فَآذَاه.

وقال الليث : نُخِشَ الرُّجُلُ فهو مَنْخُوشٌ ـ إذا هُزِلَ ، وامرأةٌ مَنْخُوشَةٌ : لا لحم عليها.

وقال أبو تُرَابٍ : سمعتُ الجَعْفَرِيَّ يقول : نُخِشَ لحمُ الرجل ، ونُخِسَ ـ أي : قَلَّ.

قال : وقال غيرُه : نَخَشَ ـ بفتح النون ـ.

خنش : قال الليث : امرأة مُخَنَّشَةٌ.

قال : وتَخَنُّشُها بَعْضُ رِقَّةِ بقية شبابها ونساء مُخَنَّشَاتٌ.

وقال اللِّحياني : ـ بقي من ماله خُنشُوشٌ ـ أي : بقِيِّةٌ ، ومَا له عُنْشُوشٌ ـ أي : ما له شيء.

خ ش ف

خشف ، خفش ، شخف ، فشخ : مستعملة.

خشف : أبو عبيد ـ عن الأصمعي ـ : أول ما يولد الظبي فهو طَلاً.

وقال غير واحد من الأعراب : هو طَلاً ، ثُمَ خِشْفٌ.

قال : ويقال : خَشَفَ يَخْشِفُ خُشُوفاً ـ إذا ذهب في الأرض.

أبو عبيد ـ عن أبي عمرو ـ : رجل مِخَشٌ مِخْشَفٌ ، وهما الجريئان على هَوْلِ اللَّيل.

وقال الليث : الْخَشَفَانُ : الجَوَلَانُ سمِّي الخُشَّافُ به لِخَشَفَانِهِ وهو أحسن من الْخُفَّاشِ.

قال : ومن قال : خُفَّاشٌ : فاشتقاق اسمه من صِغَر عينيه.

قال والْخَشِيفُ : الثلج الخَشن ، وكذلك الجَمَدُ الرِّخْو.

قال : والْمَخْشَفُ : الْيَخَدَانُ ، وليس لِلْخَشِيفِ فِعْلٌ ، يقال أصبح الماءُ خَشِيفاً وأنشد :

أَنْتَ إِذَا ما انْحَدَرَ الْخَشِيفُ

ثَلْجٌ وَشَفَّانٌ لَهُ شَفِيفُ

وفي الحديث : «أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لِبِلالٍ : إِنّي لَا أَرَاني أَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَأَسْمَعُ الْخَشْفَةَ إلَّا رَأَيْتُكَ».

٤٢

وقال أبو عُبيد : الخَشْفَةُ : الصوت ـ ليس بالشديد ، يقال : خَشَفَ يَخْشِفُ خَشْفاً ـ إذا سمعتَ له صوتاً أو حركةً.

وقال الرِّياشِيُّ : الخَشْفُ مَرٌّ سَرِيعٌ.

وقال شَمِرٌ : يقال : خَشْفَةٌ وخَشَفَةٌ.

أبو عبيد ـ عن الأصمعي ـ : إذا جَرِبَ البعيرُ ـ أَجْمَعُ ـ قيل : هو أَجْرَبُ أَخْشَفُ.

وقال الليث : هو الذي يَبِسَ عليه جَرَبُهُ.

وقال الفَرَزْدَقُ :

إلَى النَّاسِ مَطْلِيُّ المَسَاعِرِ أَخْشَفُ

قال : والخُشَفُ : الذبابُ الأخضرُ وجمعه أخشاف.

ويقال : خَاشَفَ فلانٌ في ذمَّتِه ـ إذا سارع في إخْفَارها.

قال : وخَاشَفَ إلى كذا وكذا : مِثْلُه.

أبو العباس ـ عن ابن الأعرابي ـ : الخَشَفُ : الثَّلْج ، والخَشْفُ مِثْلُ الخَسْفِ ـ وهو الذُّلُّ.

قال : والخَشْفُ : الحركة والصوت.

شمر ـ عن الفَرَّاء ـ قال : الأَخَاشِفُ ـ بالشين ـ الْعَزَازُ الصُّلْبُ من الأرض ، وأما الأَخَاسِفُ فهي الأرض اللَّيِّنة.

يقال : وقع في أخاسِفَ من الأرض.

وفي «النوادر» : يقال خُشِفَ به ، وخُفِش به ولُهِطَ به ـ إذا رُمِيَ به.

خفش : قال الليث : الخَفَشُ : فسادٌ في الجُفون تضِيق له العُيونُ من غير وجَعٍ ولا قَرْحٍ ـ رجلٌ أَخْفَشٌ.

وفي حديث ولد المُلَاعَنَةِ : «إنْ جَاءَتْ به أُمُّهُ أَخْفَشَ الْعَيْنَين».

قال شمِرٌ : قال بعضُهم : هو الذي يُغَمِّضُ إذا نظر.

وقال بعضُهم : الخَفَشُ ضَعْفُ البَصَرِ.

قال رُؤبة :

وَكُنْتُ لَا أُوبَنُ بالتَّخْفِيشِ

يريد : بالضعف في أمري.

ويقال : خَفِشَ في أمره ـ إذا ضعُف وبه سمي الخُفَّاشُ ـ لضعف بصره بالنهار.

وقال أبو زيد : رجلٌ خفِشٌ ـ إذا كان في عينيه غَمَصٌ ـ أي : قَذًى.

قال : وأما الرّمَصُ فهو مِثْلُ الْعَمَش.

وقال أبو الهيثم : الأخْفَشُ : الذي يُبْصِرُ بالليل ، ولا يبصر بالنهار.

قال : والأخْفَشُ يَكتُب بالليل في القَمْرَاءِ ويفتح عينيه فتحاً واسعاً ، وهو بالنهار يغمِّضُ عينيه لا يكاد يَطْرِف ، وبه سمِّي الخُفَّاشُ ، لأنه يطير بالليل.

قال : وعينٌ خَفْشَاءُ وجَهْرَاءُ ـ لا يبصر بها صاحبها نهاراً.

شخف : قال الليث : الشِّخافُ ـ بالْحِمْيَرِيَّةِ ـ : اللَّبَنُ.

وقال أبو عمرو : الشَّخْفُ صوتُ اللبن عند الحَلْبِ.

يقال : سمعْتُ له شَخْفاً ، وأنشد :

كأنَّ صَوْتَ شَخْبِها ذِي الشَّخْفِ

كَشِيشُ أَفْعَى في يَبِيسٍ قُفٍ

قال : وَبه سُمِّيَ اللَّبنُ شِخَافاً.

٤٣

فشخ : قال الليث : الفَشْخُ : الظُّلْمُ والصَّفْعُ ـ في لَعِبِ الصِّبيان ، والكذِبُ فيه.

خ ش ب

استعمل من وجوهه : خشب ، خبش ، شخب.

خشب : قال الله جلّ وعزّ في صفة المنافقين : (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) [المنافقون : ٤] ، وقرئ «خُشْبٌ» ـ بإسكان الشين ـ مثل بَدَنة وبُدْنٍ ، ومن قال : خُشُبٌ فهو بمنزلة ثمرَةٍ وثُمُرٍ وتُجْمَع خشبَةٌ على خَشَبٍ ، مثل شجرَةٍ وشجَر.

أراد ـ والله أعلم ـ أنَّ المنافقين في ترك التفهُّم والاستبصار ووَعْي ما يسمعون من الوَحْي بمنزلة الخُشُب.

وفي الحديث : «أنَّ جبريل قال : يا محمدُ : إِنْ شِئْتَ جَمَعْتُ عليهم الأَخشَبَيْن فقال : دَعْنِي أُنْذِرْ قَوْمِي».

وفي حديث آخر : ـ في ذكر مكّةَ ـ : «لا تَزُولُ حَتَّى يَزُولَ أَخْشَبَاهَا».

قال شمِر : الأَخشَبُ من الجبال : الخَشِنُ الغليظ.

ويقال : هو الّذي لا يُرْتَقَى فيه.

وأرضٌ خشْبَاءُ ـ وهي التي كَأَنَّ حِجارَتَها منثورةٌ متدانِيَةٌ.

وقال رُؤْبَةُ :

بِكُلِ خشْبَاءَ وَكُلِّ سَفْحِ

وقال أَبُو النَّجْمِ :

إِذَا عَلَوْنَ الأَخشَبَ المَنْطُوحَا

يريد : كأَنَّه نُطِحَ.

قال : والخَشْبُ : الغليظ الْخَشِنُ من كل شيء ، ورجل خشِبٌ : عَارِي العظم ، بادِي العصب.

والجَبْهةُ الْخَشْبَاءُ : الكريهة ، وهي الْخَشِبَةُ أيضاً ، ورجل أَخْشَبُ الجبهة وأنشد :

إِمَّا تَرَيْني كَالْوَبِيل الأَعْصلِ

أَخشَبَ مَهْزُولاً وإِنْ لَمْ أُهْزَلِ

وفي حديث عُمَرَ : «اخشَوْشِنُوا واخشَوْشِبُوا ، وَتَمَعْدَدُوا».

يقال : اخشَوْشَبَ الرجل ـ إذا صار صُلْباً خشناً.

قال شمِر : وقال الْعِتْرِيفيُّ : الْخُشْبَانُ : الجبال الخُشْنُ ، التي ليست بضِخَامٍ ولا صِغَارٍ.

قال : والخَشِبُ من الإبل : الْجافي السَّمِجُ الشَّاسِئُ الْخُلُقِ.

ابن السكيت ـ عن أبي عمرو ـ : الخشيبُ : السيفُ الْخَشِنُ الذي قد بُرِدَ ولم يُصْقَل.

قال : والْخَشِيبُ : الصَّقِيلُ.

وقال الأصمعي : سَيْفٌ خَشِيبٌ ، وهو عند الناس : الصَّقِيلُ ، وإنما أَصلهُ بُرِدَ قبل أَن يليَّن.

ويقول الرجل للنَّبَّال : أَفَرَغْتَ من سهمي؟

فيقول : خَشَبْتُهُ ـ أي : قد بَرَيْتُه الْبَرْي الأَوَّلَ ، ولم أسَوِّه ، فإذا فَرَغَ قال : قد خلَّقْتُه ـ أي : قد لَيَّنتُه ـ من الصَّفَاةِ الْخَلْقَاءِ وهي المَلْسَاءُ.

ويقال : سيفٌ مشقوق الْخَشِيبَة.

يقول : عُرِّض حِينَ طُبعَ.

٤٤

وقال ابنُ مِرْدَاسٍ :

جَمَعْتُ إليْهِ نَثْرَتي وَنَجِيبَتِي

وَرُمْحِي وَمَشقُوقَ الْخَشِيبَة صَارمَا

قال : ويقال : فلان يَخشِبُ الشِّعْرَ ـ أي : يُمِرُّه كما يَجيئُه ، لا يتَنَوَّق فيه والخَشَبَةُ : البَرْدَةُ الأُولَى ـ قبلَ الصِّقَال وأنشد :

وَقُتْرَةٍ مِنْ أَثلِ ما تَخشَّبَا

أي : مما أخذه خشَباً ، لا يَتنوَّقُ فيه : يأخذُه من هَهُنا وههنا.

أبو عبيد : الخَشيبُ : السَّيْفُ الذي لم يُحكَمْ عَمَلُه.

قال : والْخَشِيبُ : الصَّقِيل.

وقال أبو الوليد : قلتُ لصَيْقَلٍ : هل فرغتَ من سَيْفي؟ قال : نعم ـ إلا أنّي لم أَخْشِبْهُ ، والْخَشْبُ أن يضع عليه سِنَاناً عريضاً أَمْلسَ فيدلُكَهُ به. فإن كان فيه شُقُوقٌ ، أو شَعَث أو حَدَبٌ ـ ذهب.

وقال الليث : الخَشْبُ : الشَّحْذ وسيفٌ خشِيبٌ مَخشُوبٌ ـ أي : شَحِيذٌ ، والأَخَاشِبُ : جبال الصَّمَّانِ ، ليس قربَها جبال ، ولا آكام.

وخشِبْتُ النَّبْلَ خشْباً ـ إذا بَرَيْتَها البَرْي الأوَّلَ ، ولم تفرُغ منه.

وهو يَخْشِبُ الكلامَ والعملَ ـ إذا لم يُحْكِمْهُ ولم يجوِّدْه.

أبو عبيد : الْمَخْشُوبُ : المخلوط في نسبه ، وقال الأَعْشَى :

... لا مُقْرِفٍ وَلا مَخْشُوبِ

والمُقْرِفُ : الذي دَانَى الهُجْنة من قِبَلِ أَبيه.

خبش : قال الليث : خُبَاشَاتُ العيش : ما يُتناول من طعام ونحوِه.

تقول : يُخْبَشُ من ههنا وههنا.

وقال اللِّحْياني ـ في باب الخاء والهاء ـ : إنَّ المجلس ليَجْمَعُ خُبَاشَاتٍ من الناس وهُبَاشَاتٍ ـ إذا كانوا من قبائل شَتَّى.

قلت : ويقال : هو يَحْبِشُ ـ بالحاء ـ ويَهْبِشُ. وهي الْحُبَاشَاتُ والْهُبَاشَاتُ.

وقد رأيت غلاماً أَسْوَدَ في البادية كان يسمَّى خَنْبَشاً ، وهو فَنْعَلٌ من الْخَبْشِ.

شخب : قال الليث : الشُخْبُ : ما امتدَّ من اللَّبَنِ ـ حين يُحلَبُ ـ متصلاً بين الإناءِ والطُّبْي.

ويقال : شَخَبْتُ اللبنَ شَخْباً ، وقد شَخَبَتْ أوداجُه دَماً.

ومِنْ أمثالهم ـ في الذي يُصيب مرَّة ويخطىءُ أخرى ـ : «شُخْبٌ في الإِنَاءِ وشُخْبٌ في الأَرْضِ».

ويقال : انْشَخَبَ عِرْقُهُ دَماً ـ إذا سال.

خ ش م

خشم ، خمش ، شخم ، شمخ ، مخش : مستعملة.

خشم : قال الليث : الْخَشْمُ : كَسْرُ الْخَيْشُوم ، والْخُشَامُ : داءٌ يأخذ فيه ، وسُدَّةٌ.

ويقال : خَشِمَ فلانٌ ، فهو أَخْشمُ ، وفلانٌ ظاهرُ الْخَيْشُومِ ـ أي : واسعُ الأَنْفِ وأنشد :

أَخْشَمُ بَادِي النَّعْوِ وَالْخَيْشُومِ

٤٥

قال : والْخَيْشُومُ : سلائِلُ سُودٌ ، ونَغَفٌ في الْعَظْم ، والسَّلِيلَةُ هَنَةٌ رقيقة ـ كاللحم ـ لَيِّنَةٌ ، وفي الأنف ثَلَاثَةُ أَعْظُمٍ ، فإذا انكسر منها عَظْمٌ تَخَشَّمَ الْخَيْشُومُ ، فصار مَخْشُوماً ، وَالأَخْشَمُ : الذي لا يجد ريح طِيبٍ ولا نَتْنٍ ، والتَّخَشُّمُ : من السُّكْرِ وذلك أنَّ ريح الشراب تَسُورُ في خَيْشُومِ الشارب ، ثم تُخالط الدماغ فَيَذْهَبُ العقلُ ، فيقالُ : تَخَشَّمَ وخَشَّمَ الشراب ، وأنشد :

فَأَرْغَمَ الله الأُنَوفَ الرُّغَّمَا

مَجْدُوعَهَا وَالْعَنِتَ الْمُخَشَّمَا

أي : المكَسَّرَ ، وَخَياشِيمُ الجِبَالِ : أُنُوفُها.

أبو عبيد ـ عن الأصمعي ـ : الْخُشَامُ : العظيمُ من الجبال ، وأنشد غيرُه :

ويُضْحِي بِهِ الرَّعْنُ الْخُشَامُ كَأَنَّهُ

وَرَاءَ الثَّنَايَا شَخْصُ أَكْلَفَ مُرْقِلِ

وقال أبو عمرو : الْخُشَامُ : الطويل ـ من الجبال ـ الذي له أَنْفٌ ، ويقال : إنَّ أَنْفَ فلان لَخُشَامٌ ـ إذا كان عظيماً.

خمش : شَمِر : قال ابن شُمَيْل : ما دون الدِّية : فهي خُمَاشَاتٌ ، مثلُ قَطْع يد ، أو رجل ، أو أُذُن أو عَين ، أو لَطْمَة ، أو ضَرْبة ، بالعصا.

كُلُّ هذا خُمَاشَةٌ.

وقد أخذتُ خُمَاشَتي من فلان وقد خَمَشَني فلان ـ أي : ضرَبَني أو لطَمَني أو قَطَع عُضْواً مِنِّي ، وأخذ خُمَاشَتَهُ ـ إذا اقْتَصَّ.

وفي حديث قيس بن عاصم : «أَنَّهُ جَمَعَ بنيه عند موته ـ وقال : كان بيني وبين بني فلان خُمَاشَاتٌ في الجاهلية.

قال أبو عبيد : أراد بها جِنَاياتٍ وجِرَاحَاتٍ.

وأنشد قول ذِي الرُّمَّة :

رَبَاعٌ لَهَا مُذْ أَوْرَقَ الْعُودُ عِنْدَهُ

خُمَاشَاتُ ذَحْلٍ ما يُرَادُ امْتِثَالُهَا

يصف عَيْراً وأُتُنَهُ وَرَمْحَهُنَّ إيَّاهُ ـ إذا أراد سِفَادَهُنَّ.

وأراد بقوله : «رَبَاعٌ» ـ عَيْراً قد طلعت رَبَاعِيَتَاهُ ، والامتثالُ : الاقتصاص.

وقال الليث : الْخامِشةُ وجَمْعُهَا الْخَوامِشُ ـ وهي صغار المسَايِل والدوافع ، قلت : سُمِّيَتْ خَامِشةً لأنها تَخْمِشُ الأرض ـ أي : تَخُدُّ فيها بما تحمل من ماء السَيْل ، والْحَوافِشُ : مدافع السيل ـ الواحدة : حَافِشةٌ.

ابن الأعرابي : الْخَمُوشُ : البعوض ـ بلغة هُذَيْلٍ ، واحدتها خَمُوشة ، وأنشد :

كَأَنَّ وَغَى الْخَمُوشِ بِجَانبَيْهِ

مَآتِم يَلْتَدِمْنَ عَلَى قتِيلِ

وفي الحديث : «مَنْ سَأَلَ وَهُوَ غَنِيٌّ ـ جَاءَتْ مَسْأَلَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُمُوشاً أو كُدُوحاً».

قال أبو عبيد : الْخُمُوشُ مثل الْخدُوشِ يقال : خَمَشَتِ امرأةٌ وجْهَهَا تَخمِشُهُ خَمْشاً وخُمُوشاً.

قال لَبِيدٌ ـ يذْكُر نساءً قُمن يَنُحْنَ على عمه أبي بَرَاءٍ :

٤٦

يَخْمِشْنَ حُرَّ أَوْجُهٍ صِحَاحِ

فِي السُّلُبِ السُّودِ وَفِي الأَمْسَاحِ

شمخ : قال الليث : شَمَخَ فلانٌ بأَنْفِه ، وشمخَ أنفُه لِيَ ـ إذا رفع رأسَه عِزّاً وكِبْراً ، وجَبل شَامِخٌ : طويلٌ في السماء ، وقد شَمَخَ شُمُوخاً ، والجميع شَوَامِخُ.

قلت : ومن هذا قيل للمتكَبِّر : شَامِخٌ وَشَمَّاخُ ، وشَمْخُ بْنُ فَزَارَة : بَطْنٌ منهم.

وقال أبو تراب : قال عَرَّامٌ : ـ نِيّةٌ زَمَخٌ ، وَشَمَخٌ وزَمُوخُ وشَمُوخٌ. وقد زَمَخ بأنفه ، وَشَمَخَ.

شخم : أبو عبيد ـ عن الفراء ـ قال : أَشْخَمَ اللحمُ إشْخَاماً ـ إذا تغيَّرَتْ رِيحُه لا مِنْ نَتنٍ ولكن كراهةً.

وقال أبو زيد : يقال : أَشْخَمَ فُوهُ إِشْخَاماً ـ إذا تغيَّرت رِيحُه ، ولحمٌ فيه تَشْخِيمٌ ـ إذا تغيَّرتْ ريحه.

ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ الشُّخُمُ هُمُ المسْتَدُّو الأُنُوفِ من الرَّوائح الطَّيِّبةِ أو الخَبيثة.

قال : والشُّخُمُ : الْبِيضُ من الرجال ، والشُّجُمُ ـ بالجيم ـ : الطِّوال الأعْفَارُ.

وقال : شَعَرٌ أَشْخَمُ ـ إذا ابيضَّ ، وروضٌ أَشْخَمُ : لا نبت فيه.

وفي «النوادر» : حمار أَطْخَمُ ، وأَشْخَمُ وأَدْغَمُ ـ بمعنى واحد.

أبواب الخاء والضاد

خ ض ص ، ـ خ ض س ، ـ خ ض ز

خ ض ط : مهملات.

خ ض د

استعمل من وجوهه : خضد ، دخض

خضد : قال الليث : الْخَضْدُ : نَزْعُ الشَّوك عن الشجر ، وقال الله جلّ وعزّ : (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨)) [الواقعة : ٢٨] ، وهو الذي خُضِدَ شَوْكُهُ ، فلا شوكَ فيه.

قال : وإذا كسرتَ عوداً فلم تُبِنْه قلتَ : خَضَدْتُه فانْخَضَدَ.

وقال الزَّجَّاج ـ في قوله ـ عزوجل : (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨)) : قد نزع شوكُه ونحْوَ ذلك قال الفراء.

أبو عبيد ـ عن أبي زيد ـ : انْخَضَدَ العُودُ انْخِضَاداً ، وانْعَطَّ انْعطاطاً ـ إذا تثنّى من غير كسر يَبِينُ.

وقال غَيْرُه : الْخَضَدُ : ما خُضِدَ من الشجر ونُحِّيَ عنه.

وقال الليث : الفَحْل يَخْضِدُ عُنق البعير ـ إذا قاتله ، وقال رُؤْبَةُ :

وَلَفْتَ كَسَّارٍ لَهُنَ خَضَّادْ

قال : والْخَضَادُ ـ بفتح الخاء ـ من شجر الْجَنْبَة ، وهو مثل النَّصِيِّ ، ولِوَرَقِهِ حُروفٌ كحروف الْحلْفاء ، يُجَزُّ باليد كما تجز الحلْفاء.

وخَضَدَ الإنسانُ يَخْضِدُ خَضْداً ـ إذا أكل شيئاً رَطْباً نحو القِثَّاء والْجَزَرَ وما أشبههما.

وقال غَيْره : الْخَضْدُ : شِدَّة الأكل ورجلٌ مِخْضَدٌ.

وفي الْخَبَرِ : أنَّ مُعاوية رأى رَجُلاً يُجيد الأكل ، فقال : إنه لمِخْضَدٌ.

وقال امْرُؤُ القَيْسِ :

٤٧

وَيَخْضِدُ في الآرِيِّ حَتَّى كَأَنَّما

به عُرَّةٌ أَوْ طَائِفٌ غَيْرُ مُعْقِبِ

ويقال : انْخَضَدَتِ الثِّمَارُ الرَّطْبة ـ إذا حُمِلت من موضع إلى موضع ، فتَشَدَّخت.

ومنه قول الأحْنَفِ بن قَيْسِ ـ حين ذَكَر الكوفةَ وثمارَ أهلها فقال : «تَأْتِيهم ثِمَارُهُمْ لَمْ تُخْضَدْ» ، أراد أَنَّها تأتيهم بِطَرَاءَتِها ، لم يُصِبْها ذُبُول ولا انْعِصَارٌ ، لأنها تُحمل في الأنهار الجارية فَتؤَدِّيها إليهم.

وقال شَمِر : الْخَضَادُ : وَجَعٌ يصيب الإنسانَ في أعضائه ، لا يبلغ أن يكون كسراً ، وهو الْخَضَدُ.

وقال الكُمَيْتُ :

حَتَّى غَدَا وَرُضَابُ المَاء يَتْبَعُه

طَيَّانَ لا سَأَمٌ فِيهِ وَلَا خَضَدٌ

دخض : قال الليث : الدَّخْضُ : سُلَاحُ السِّباعِ ، وأَكثر ما يُوصف به الأسد.

يقال : دَخَضَ دَخْضاً.

خ ض ت ، ـ خ ض ظ ، ـ خ ض ذ ، خ ض ث : مهملات.

خ ض ر

استعمل من وجوهه : خضر ، رضخ.

خضر : قال أبو إِسْحَاقَ في قول الله جلّ وعزّ : (فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً) [الأنعَام : ٩٩] : قال خَضِراً ـ ههنا ـ بمعنى اخضر : يقال : أخْضَرَّ ، فهو اخْضَرُ ، وخَضِرٌ ، ومِثْلُه : اعْوَرَّ ، فهو أَعْوَرُ وعَوِرٌ.

وقال الليث : الْخَضِرُ ـ في هذا الموضع ـ : الزرع الأَخْضَرُ.

ورُوِيَ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطاً أَوْ يُلِمُّ ، إلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ ، فَإِنَّهَا إِذَا أَكَلَتْ مِنْهُ ثَلَطَتْ وَبَالَتْ».

والْخَضِرُ ـ في هذا الموضع ـ : ضَرْبٌ من الْجَنْبَةِ ، واحِدَتُهُ : خَضِرَةٌ ، والْجَنْبَةُ ـ من الكلأ ـ : ما له أصْلٌ غامضٌ في الأرض مِثْلُ النَّصِيِّ والصِّلِيَّان والْحَلمَةِ والْعَرْفَجِ والشِّيحِ ، وليس الخَضِرُ مِنْ أَحْرار البُقول التي تَهِيجُ في الصيف ، والبقولُ يقال لها : الخُضَارةُ والْخَضْرَاءُ.

وقد ذكر طَرَفَةُ الْخَضِرَ فقال :

كَبَنَاتِ الْمَخْرِ يَمْأَدْن إذَا

أَنْبَتَ الصَّيْفُ عَسَالِيجَ الْخَضِرِ

وفي فَصْلِ الصَّيف تَنْبُتُ عَسَالِيجُ الْخَضِرِ من الْجَنْبَةِ ، فأَمَّا البُقُول فإنها تنْبُتُ في الشتاء ، وتَيْبَسُ في الصيف.

وعَيْشٌ خَضِرٌ : ناعم.

ورَوَى أبو العبَّاس ـ عن ابن الأعرابي ـ أنه قال : الْخُضَيْرَةُ : تصغير الخُضْرَة ، وهي النِّعمة.

ومنه الخَبَرُ الآخرُ : «مَنْ خُضِّرَ لَه فِي شَيْءٍ فَلْيَلْزَمْهُ».

معناه : مَنْ بُورِكَ له في صناعة أو حِرْفةٍ أو تجارة فليلزمه.

وفي حديث عليٍّ رضي‌الله‌عنه : أنه خطب بالكوفةِ في آخر عمرِه فقال : اللهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِمْ

٤٨

فَتَى ثَقيفٍ الدَّيانَ الْمَنَّانَ يَلْبَسُ فَرْوَتَها ، وَيَأْكلُ خَضِرَتَهَا.

يعني غَضَّها وناعمها وهَنِيئَها.

ويقال : هُوَ لَكَ خَضِراً مَضِراً ـ أي : هنيئاً مريئاً ، وخَضْراً لك وَنَضْراً مِثْلُ : سَقْياً لك وَرَعْياً.

وفي «نوادر الأعراب» : يقال : لَسْتُ لفلان بِخَضِرَةٍ ـ أي : لست له بَحَشِيشَةٍ رَطْبَة يأكلها سريعاً.

وقال الليث : الْخَضِرُ نَبيٌّ من بَني إسرائيلَ ، وهو صاحبُ موسى ، الذي التقى معه بمَجْمَعِ البَحْرين.

أبو عبيد ـ عن الكسائي ـ ذهَبَ دَمُه خِضْراً مِضْراً ، وذهب بِطْراً ـ إذا ذهب هَدَراً باطلاً.

والعرب تُسَمِّي الْحَمَامَ الدواجِنَ : الْخُضَرَ وإن اختلفت ألوانها.

خصُّوها بهذا الاسم لغلبة الْوُرْقة عليها.

والخُضْرُ : قَبِيلَةٌ من العرب ، قال الشَّماخ :

وَحَلأَها عَنْ ذِي الأرَاكةِ عامِرٌ

أَخُو الخُضْر يَرْمي حَيْثُ تُكْوَى النَّوَاحِزُ

ورُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنَّه قال : «إيَّاكُمْ وخَضْرَاءَ الدِّمَن». قيل : وما ذَاكَ يا رسولَ الله؟ فقال : «المَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ فِي مَنْبِتِ السُّوءِ».

قال أبو عبيد : نُراه أَرَاد فساد النسب إذا خِيفَ أن تكون لغير رَشْدَة.

قال : وإنما جعلها «خَضْرَاءَ الدِّمَن» تشبيهاً بالبَقْلَةِ الناضرة ، تَنْبُتُ في دِمْنَةِ البَعْرِ.

وأصل الدِّمَنِ : ما تُدَمِّنه الإبل والغنم من أبعارها وأبوالها ، فربما نَبَتَ فيها النبات الحَسَنُ النَّاضِرُ ـ وأصْلُه في دِمْنَة قَذِرَة.

يقول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فَمنْظَرُها حَسَنٌ أَنِيقٌ ، ومنْبِتها فَاسِدْ».

وقال زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ :

فَقَدْ يَنبُتُ المَرْعَى عَلَى دِمَن الثَّرَى

وتَبْقَى حَزَازَاتُ النُّفُوس كَما هِيَا

ضَرَبهُ مثلاً للذي يُظْهِر مَوَدَّتَهُ لرجل ، وقلبُه نَغِلٌ بالعداوة.

وسمعتُ المنذريَّ يقول : سمعتُ أبا طالبٍ النَّحْوِىَّ يقول ـ في قول العرب ـ : «أَبَادَ الله خَضْرَاءَهم».

قال الأصمعي : معناه : أَذْهَبَ الله نَعِيمَهم وخِصْبَهم.

قال : ومنه قولُه :

وَأَنَا الأَخْضَرُ مَنْ يَعْرِفُني؟

أَخْضَرُ الجِلْدَة مِنْ نَسْلِ الْعَرَبْ

قال : يريد ب «أَخضَرُ الْجِلدة» : الخِصْبَ والسَّعة.

قال : وقال ابن الأعرابي : أباد الله خَضْرَاءَهُمْ ـ أي : سوادهم.

قال : والخضرة ـ عند العرب ـ : سَوَادٌ.

وقال القُطَامِيُّ :

«يَا نَاقُ خُبِّي خَبَباً زِوَرَّا ...»

«وَقلِّبِي مَنْسِمَك المُغْبَرَّا ..»

«وَعَارِضِي اللَّيْلَ إِذَا مَا اخْضَرَّا»

أراد : إذا ما أظلم.

٤٩

وقال الفرَّاء : أباد الله خَضْرَاءَهُمْ ـ أي : دنياهم ، يريد قَطَعَ عنهم الحياة.

ورُوي عن مُجَاهدٍ أنه قال : ليس في الْخَضْرَاوَاتِ صدقةٌ ـ أراد ب «الخَضْراوات» التُّفاحَ والكُمَّثرى وما أشبهها.

وقال الليث : الخَضِيرُ الزرع الأخْضَرُ ، وقد اخْتُضِرَ فلان ـ إذا مات شابّاً.

في بعض الأخبار : أنَّ شابّاً من العرب أُولِعَ بشيخ قد كبِر ، فكان يقول له ـ إذا رآه ـ : قد أَجْزَزْتَ أَبا فلان ، فقال له الشيخ ـ لَمّا أكثر عليه ـ : وتُخْتَضَرُون ـ أي : تُتَوَفَّوْن شباباً.

والأصلُ في ذلك : النباتُ الغضُّ يُرعَى ويُخْتَضَر ويُجَزُّ ، فيؤكَلُ قبل تناهِي طُولِه.

ويقال : اخْتَضَرْتُ الفاكهةَ ـ إذا أَكَلْتَها قبل إناءِ إدراكها.

والعربُ تقول للبُقول الْخُضْر : الخضْراءُ.

ومنه الحديث : «تَجَنَّبُوا من خَضْرَائِكم ذَوَاتِ الرِّيح» ـ يعني الثُّومَ والبَصل والكُرَّاثَ.

ويقال للدَّلو التي استُقِيَ بها ـ حتى اخضَرَّتْ ـ : خَضْرَاءُ.

وقال الراجزُ :

يُمْطَى مِلاطَاهُ بخَضْراءَ فَرِي

وإنْ تَأَبَّاهُ تَلَقَّى الأَصْبَحِي

وأخبرني الإياديُّ ـ عن شمِر ـ أنه قال : الخُضْرِيَّةُ : نخلةٌ طيِّبة التمرِ خَضْرَاؤُه وأنشد :

إذا حَمَلْتَ خُضْرِيةٌ فَوق طَايَةٍ

وللشُّهْبِ قَصْلٌ عندَها والبَهازِرِ

أبو عبيد ـ عن الفرَّاء ـ قال : الْخَضِيرَة النَّخلةُ التي يَنْتَثِر بُسْرُها وهو أخضرُ.

وسمعتُ العربَ تقول ـ لِسَعَفِ النخْل وجريدِه الأَخْضَرِ : الْخَضَرُ .. بفتح الضاد والخاء.

ومنه قول الشاعر :

يَظَلُّ يَوْمَ وِرْدِهَا مُزَعْفَرَا

وَهْيَ خَنَاطِيلُ تجُوسُ الْخَضَرَا

أي تَوَطَّؤُه وتكسِرُه.

ويقال : خَضَرَ الرجلُ خَضَرَ النَّخلِ بِمِخْلَبِه ، يَخْضِرُه خَضْراً ، واخْتَضَرَهُ يَخْتَضِرُهُ ـ إذا قطَعه.

ورَوى أَبو تراب ـ عن الأصمعيِّ ـ : يقال : اختَضَرَ فلانٌ الجاريةَ ، وابتَسرها وابتكَرها ـ إذا اقتَرَعَها قبل بُلوغها.

والعرب تقول : الأمْرُ بيننا أَخْضَرُ ـ أي : جديدٌ ، لمْ تَخْلُق المودَّةُ بيننا.

وقال ذُو الرُّمَّة :

أَتْرَابُ مَيٍّ وَالْوِصَالُ أَخْضَرُ

وَلَمْ يُغيِّرْ أَصْلَهُ المغَيِّرُ

والعَرَبُ تقولُ ـ أيضاً ـ : لَيْلٌ أَخْضَرُ ـ أي : مُظلمٌ أَسْودُ. وقال ذُو الرُّمّةِ :

قدْ أَعْسِفُ النَّازحَ المجهُولَ مَعْسَفُهُ

فِي ظِلِ أَخْضَرَ يَدْعُو هَامَهُ البُومُ

أراد في ظِل ليل مُظْلمٍ.

وأما قولُ عُتْبَةَ بنِ أَبِي لَهَبٍ :

وأنا الأَخضرُ مَنْ يَعْرِفني؟

أَخْضَرُ الجِلْدَةِ في بيتِ العَرب

٥٠

ففيه قولان : أَحدهما ـ أنه أراد : أنَّه أسود الجِلدة ـ قاله أبو طالب النَّحويُّ.

وقيل : إنه أراد أَنَّه من خالص العرب وصميمهم ـ لأن الغالبَ على أَلوان العرب الأُدْمةُ ـ وأنه لم يُعْرِق فيه العَجَمُ الحمراءُ فَيَنْزِع إليهم لَوْنُه.

وقيل ـ في قول الله جلّ وعزّ في صفة الجَنَّتَيْنِ : (مُدْهامَّتانِ (٦٤)) [الرحمن : ٦٤] ـ : إنَّهُما خَضْرَاوَان من الرِّيِّ.

وقيل لسواد العراق : سوادٌ ، لِخُضْرَةِ النَّخِيل والزُّروع.

أبو عبيد ، عن أبي زيدٍ قال : الْخَضَارُ من اللَّبن ـ مثلُ السَّمَارِ ـ الذي مُذِقَ بماءٍ كثير حتى اخْضرَّ ، كما قال الراجزُ :

جاءُوا بضَيْحٍ هلْ رأيتَ الذِّئْبَ قَطْ؟

أراد اللّبَنَ : أَنَّه لما مُذِق بماءٍ كثيرٍ صار أَوْرَقَ كلون الذئب ، حين عَلتْ خُضرةُ الماء بياضَ اللبن.

ابن السكيت : خُضارَةُ : معرفةٌ لا تنصَرِفُ ـ اسْمٌ للبحر.

ويقال للبقول : الخُضارةُ ـ بالألف واللام.

والخُضَّارُ : طائرٌ معروف.

وفي «النوادر» : يقال : رمى الله في عَيْنَيْ فلان بالأُخَيْضِرِ ، وهو داءٌ يأخذُ في العين.

أبو عبيدة : الأخضرُ ـ من الخيْل ـ : هو الدَّيْزَجُ ـ في كلام العرب.

وقال : ومِنَ الخُضْرَةِ في ألوان الخيل : أَخْضَرُ أحَمُّ ، وهو أدنى الخُضْرَةِ إلى الدُّهْمَةِ وأَشدُّ الْخُضْرَةِ سَواداً ، غير أنَّ أَقْرابَه وبطنَه وأُذُنَيْهِ مُخْضَرَّةٌ ، وأنشد :

خَضْراءُ حَمّاءُ كلَوْن العَوْهَقِ

قال : وليس بين الأخْضَرِ الأحَمِّ وبين الأَحْوَى إلَّا خُضْرَةُ مَنْخَريْه وشَاكِلَتِه لأن الأحْوَى تحمرُّ مَنَاخِرُه ، وتصْفرُّ شاكِلتُه ـ صُفرةً مُشاكِلةً للحُمرة.

قال : ومن الخيل أَخْضَرُ أَدْغَمُ وأَخْضَرُ أَطْحَلُ ، وأَخْضَرُ أَوْرَقُ.

وبَيْعُ المخاضَرَةِ المنهِيُّ عنه : بَيعُ الثِّمار وهي خُضْرٌ لم يَبْدُ صلاحُها.

سُمِّيَ ذلك مُخَاضَرَةً لأن المُتبايعَيْن تَبايعا شيئَا أخْضَرَ بينهما ـ مأخوذةٌ من الْخُضْرَة.

وقال الليث : الْخُضَارِيُ طائر يسمَّى الأخْيَلَ ـ يُتَشاءَمُ به إذا سقط على ظهْر بعير وهو أَخْضَرُ في حَنَكِه حُمرةٌ ، وهو أعظم من القَطَا.

قال : والخَضْرُ والمَخْضُورُ : اسمان للرَّخْصِ منَ الشَّجر ـ إذا قُطِع وخُضِرَ.

قال ابن الأعرابي : الْخِضْرُ عبدٌ صالحٌ من عباد الله.

وقال أهل العربية : الخَضِرُ ـ بفتح الخاء وكسر الضاد ـ.

ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «جَلَسَ الخَضِرُ على فَرْوَةٍ بَيْضَاء فإِذَا هي تَهْتَزُّ خَضْرَاءَ».

وعن مُجاهِد : كان إذا صَلَّى في موضعٍ اخضَرَّ ما حوله.

وقيل : سمي «الْخَضِرَ» لحُسْنِه وإشراق وجهه ، والعرب تسمي الإنسانَ الحسنَ

٥١

الْمُشْرِقَ : خضِراً ، تشبيهاً بالنَّبَاتِ الأخْضَرِ الغَضِّ.

ويجوز في العربية : الخِضْرُ : بمعنى الخَضِرِ كما يقال : كِبْدٌ وكَبِدٌ.

رضخ : قال الليث : الرَّضْخُ : كسْرُ الرأس ، ويستعمل الرَّضْخُ في كسر النَّوَى ، وفي كَسْرِ رأس الحيات وغيرها.

ويقال : هم يَتَرضَّخُونَ الْخُبْزَ : يتناولونه.

ويقال : رَضَخْتُ له من مالي رَضيخَةً وهو القليل.

والتَّراضُخُ : ترَامِي القوم بينهم بالنشَّاب.

قال : والحاء في جميع ما ذكرنا جائز ، إلا في الأكل ، يقال : كنا نَتَرَضَّخُ وكذلك العطاء ـ يقال فيه : الرَّضْخُ ـ بالخاء.

ويقال : رَاضَخَ فلانٌ شيئاً ـ إذا أَعْطَى وهو كَارِهٌ ، وقد رَاضَخْنَا منه شيئاً ـ أي : أصَبْنا.

وقال أبو العباس المبرَّدِ : يقال : فلان يَرْتَضِخُ لُكْنةً عجمية ، إذا نشأ في العَجَم صغيراً ، ثم صار مع العَرَب فتكَلَّم بكلامهم فهو يَنزِع إلى العَجَم في ألفاظٍ من ألفاظهم ، لا يستمرُّ لسانُه على غيرها ، ولو اجتهد.

قال : وكان صُهَيْبٌ يرْتَضِخُ لُكْنةً رُومِيَّةً ، وذلك أنه سُبِيَ وهو صغير ، سَبَتْهُ الرُّومُ ، فبقيت لُكنةٌ روميّةٌ في لسانه ـ بعدما مَلَكهُ العربُ.

قال : وكان عبدُ بني الحَسْحَاسِ يرْتَضِخُ لُكْنةً حَبَشِيَّةً مع جَوْدة شعره.

وكان سَلْمَانُ الفَارِسيُ يرْتَضِخُ لُكْنَةً فارسية.

خرض : قال الليث : الخَرِيضَةُ : الجارِيَةُ الحديثة السِّنِّ ، التّارَّةُ البيضاءُ ، وجَمْعُها : خَرَائِضُ.

قلت : ولم أَسْمَع هذا الْحَرْفَ لغير الليث.

خ ض ل

استعمل من وجوهه : [خضل].

خضل : قال الليث : الخَضِلُ : كلُّ شيء نَدٍ يتَرشَّشُ مِنْ نَدَاه ـ فهو خَضِلٌ ، ويسمّى اللؤلُؤُ : خَضْلاً ـ بسكون الضاد.

وجاءت امرأة إلى الحَجَّاج برَجُل فقالت : تَزَوَّجَني على أن يعطيَنِي خَضْلاً نَبيلاً ـ تعْنِي لؤلؤاً أو دُرّةً خضْلةً ـ أي : صافيَة.

قال : وأخضلَتْنَا السماء ـ أي : بلّتْنا بَلًّا شديداً ، ونباتٌ خضِلٌ بالنَّدَى ، وشِوَاء خضِلٌ ـ أي : رَطْبٌ جيِّدُ النُّضْج.

ويقال : أَخْضَلتْ دمُوعُ فلان لحيَتَه ، وإذا خصُّوا الفِعلَ قالوا : اخضَلَّت لحْيَتُه.

قال : ولم أسمَعْهُم يقولون : خضِلَ الشيءُ والعرب تقول : نزلنا في خُضُلَّةٍ من العُشب ـ إذا كان أَخضَرَ ناعماً رَطْباً.

ويقال : دعني من خُضُلَّاتِكَ ـ أي : من أباطيلك.

أبو عبيد ، عن أبي زيد : اخضَلَ الثوبُ اخضِلَالاً ـ إذا ابتلَّ.

ويقال لِلَّيْلِ إذا أقبل طِيبُ بَرْدِه : قد اخْضَلَ اخْضِلَالاً.

وقال ابن مُقْبِلٍ :

٥٢

مِنْ أَهْلِ قَرْنٍ فَمَا اخْضَلَ الْعِشَاءُ لَهُ

حَتَّى تَنَوَّرَ بالزَّوْرَاءِ مِنْ خِيَمِ

خ ض ن

استعمل من وجوهه : خضن ، نضخ.

خضن : أبو عبيد ـ عن أبي زيد ـ : خاضَنْتُ المرأةَ مُخَاضَنةً ـ إذا غازَلْتَها.

وقال الليث : المُخَاضَنَةُ : التّرَامي بِقَوْل الفُحْشِ.

وأنشد للطِّرِمَّاح :

تُخَاضِنُ أَوْ تَرْنُو لِقَوْلِ الْمُخَاضِنِ

وقال الأصمعي وغيرُه : يقال : خَضَنَ عنا الهَدِيَة وغَيْرَها ـ إذا صَرَفها.

وكذلك خَبَنَها.

وقال اللِّحياني : ما خُضِنَتْ عنه المُرُوءَةُ إلى غيره ـ أي : ما صُرِفت.

نضخ : قال الليث : النَّضْخُ ـ كاللَّطْخِ : مما يبْقَى له أَثَرٌ.

تقول : نَضَخَ ثَوْبَهُ بالطيب.

قال : والنّضخُ : في فوْر الماء من العين والجَيشَانِ.

ومنه قول الله جلّ وعزّ : «فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (٦٦)) [الرحمن : ٦٦].

قال الزّجَّاجُ : جاء في التفسير : أنهما تَنْضَخَانِ بكل خير.

وقال أبو عمرو : وقعت نَضْخَةٌ بالأرض ـ أي : مَطَرَة.

وأنشد :

لَا يَفْرَحُونَ إِذَا مَا نَضْخَةٌ وَقعَتْ

وَهُمْ كِرَامٌ إذَا اشْتَدَّ الْمَلَازِيبُ

وأنشد غيره :

فَقُلْتُ لَعَلَّ الله يُرْسِلُ نَضْخَةً

فَيُضْحِي كلَانَا قَائِماً يَتَذَمَّرُ

وقال أبو عبيدة في قوله جلّ وعزّ : (عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ) [الرحمن : ٦٦].

قال : فَوَّارتان.

وقال أبو عمرو : النّضْخُ : ما كان من الدّم والزَّعْفَرَانِ والطِّين ، وما أشبهه.

وأنشد لجرير :

ثِيَابَكُمُ وَنَضْخَ دَمِ القَتِيلِ

قلتُ : وقد مرَّ تفسير النّضْخِ والنّضْخِ في كتاب «الحاء» باستقصاء.

خ ض ف

خضف ، خفض ، فضخ : مستعملة.

خضف : أبو عبيد ، عن الأصمعي : خضَفَ بها وغَضَفَ بها ـ إذا ضَرِطَ.

وقال أبو الهيثم : خضَفَ خَضْفاً ـ إذا ضَرِطَ.

وأنشد :

إنَّ عُبَيْداً خَلَفٌ بِئْسَ الْخَلَفْ

عَبْدٌ إِذَا مَا نَاءَ بِالْحِمْلِ خَضَفْ

وقال الليث : البِطِّيخُ ـ أولَ ما يخرُجُ ـ يكون قعْسَراً صغيراً ، ثم يكون خَضَفاً أكْبَرَ من ذلك ، ثم يكون فِجّاً قبل أن يَنْضَجَ والحَدَجُ يجمعها.

خفض : قال الليث : الخَفْضُ نَقِيضُ الرفع ، وعَيْشٌ خَفْضٌ : ذو دَعَةٍ وخِصْبٍ.

يقال : خَفُضَ عيشُه.

٥٣

ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ : يقال لِلقَوم : هم خافضُون ـ إذا كانوا وادعين مُقِيمين على الماء ، وإذا انْتَجَعوا لم يكونوا في النُّجْعَة خافضينَ ، لأنهم لا يزالُون ظاعنين في طلب الكلأ ، ومساقط الغيْث.

وقال في موضع آخر : الْخَفْضُ : العيشُ الطيِّبُ ، والْخَفْضُ : الانْحِطاط بعد العُلُوِّ ، والْخَفْضُ : خِتَانُ الجارية.

ورُوِيَ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أَنَّه قال لأُمِّ عَطِيَّةَ : «إذَا خَفَضْتِ فَأَشمِّي» ، يقول : إذا خَتَنْتِ جاريةً فلا تُسْحتِي نَوَاتَها ولكنِ اقْطعِي مِنْ طَرَفها حُزَّة يَسيرَة.

وقال الليث : يقال للجارية : قد خُفِضَتْ ، وللغلام : خُتِنَ.

قال : والتخفيضُ : مدُّكَ رأسَ البَعير إلى الأرض ، لترْكبَهُ.

وأنشد :

يَكادُ يَسْتَعْصِي عَلَى مُخَفِّضِهْ

وقال أَبُو إسْحَاقَ ـ في قول الله جلّ وعزّ : (خافِضَةٌ رافِعَةٌ (٣)) [الواقِعَة : ٣] ـ : المعنَى أنها تَخْفِضُ أهْل المعاصي ، وترفعُ أهل الطاعة.

وروَى أَبُو دَاوُدَ ـ عن ابن شمَيْلٍ ـ في قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنَّ الله يَخْفِضُ القِسْطَ ويرْفَعُه» ـ قال : القِسْطُ : الْعَدْلُ. وقال : و، و (مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) شالَتْ.

قلت : ذهب ابن شُمَيل إلى أن «القِسْطَ» ههنا : الموازين التي ذكرها الله تعالى فقال : «(وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ)» [الأنبياء : ٤٧].

وقال غيره ـ في تفسير قوله : «إنَّ الله يَخْفِضُ القِسْطَ ويرْفعُهُ» ـ : إن القسط معناه : العدْلُ ، وإن الله جلّ وعزّ يَحُطُّه في الأرض مرَّةً ، ويُظْهِرُ عليه أَهْلَ الجَوْرِ ابتلاءً وتطهيراً واستعتاباً ، وكما شاء الله ، فإذا تابوا وأنابوا رَفَعَ العدلَ وأظهرَ أهلَه على أهل الجَوْر.

وهذا القول عندي صحيحٌ إن شاء الله.

والعرب تقول : أرضٌ خَافِضَةُ السُّقْيا ـ إذا كانت سهلَةَ السَّقْي ، وأرضٌ رافِعةُ السُّقيا ـ إذا كانت على خلاف ذلك ، وفلانٌ خافِضُ الجناح ، وخافِضُ الطَّيْر ـ إذا كان وَقُوراً ساكناً.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) [الإسرَاء : ٢٤] ـ أي : تواضَعْ لهما ، ولا تَتَعَزَّزْ عليهما.

وامرأةٌ خَافِضَةُ الصوت وخَفِيضَةُ الصوت ـ إذا كانت ذات وَقارٍ ، لا سَلَاطَةَ في لسانها.

وقال ابن شميل : الخافِضَةُ : التَّلْعَةُ المطْمَئِنَةُ وجمعها : الخَوَافِضُ. والرافعةُ : الْمَتْنُ من الأرض ، وجمعها : الروافِعُ.

فضخ : قال الليث : الفَضْخُ كسر الشيء الأجْوف نحوِ البطِّيخ ، ورأس الإنسان.

قال : والفَضيخُ شرابٌ يُتخذ من البُسْر المَفْضُوخِ ، وهو المشدوخ.

ونحوَ ذلك قال أبو عبيد.

٥٤

وحُكِي ـ عن بعضهم ـ أنه قال : هو الْفَضُوحُ المعنى : أنه يُسْكر شَارِبُهُ فَيَفْضَحُهُ ، فاسْمُ الْفَضُوحِ أَوْلَى به من اسم الْفَضِيخِ.

وفي حديث عليٍّ رضي‌الله‌عنه أنه قال : «كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً فَسَأَلْتُ المِقْدَادَ أن يسأل لي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عنه فقال : إذا رَأَيْتَ المَذِيَّ فَتَوَضَّأْ واغْسِلْ مَذَاكِيرَكَ ، وإذَا رَأَيْتَ فَضْخَ الماءِ فاغْتَسِلْ».

قال شَمِرٌ : فَضْخُ الماء دَفْقُه ، وانْفَضَخَ الدَّلْوُ إذا دُفق ما فيه من الماء ، والدَّلْوُ يقال لها : الْمِفْضَخَةُ ، وأنشد :

كَأَنَّ ظَهْرِي أَخَذَتْهُ زُلَّخَهْ

لَمَّا تَمَطَّى بالْفَرِيِ المِفْضَخَهْ

قال : ويقال : بينا الإنسانُ ساكتٌ إِذِ انْفَضَخَ.

قال : وهو شِدَّةُ البكاء ، وكثرةُ الدَّمع.

قال : والقارُورَةُ تَنْفَضِخُ ، إذا تكسَّرت فلم يبق فيها شيء.

والسِّقاءُ يَنْفَضِخُ وهو مَلآن ، فينشقُّ ويَسيل ما فيه.

وحُكِيَ عن بعضهم أنه قيل له : ما الإناء؟ فقال : حيث تُفْضَخُ الدَّلْو ـ أي : تُدْفَق فتفيض في الإزاء.

وقال أبو عبيد : انْفَضَخَتِ القَرْحَة وغيرُها ـ إذا تفتَّحت وانعصرت.

قال شمر : وقد قيل : انْفَضَجَتِ الدَّلو ـ بالجيم ـ وانْفَضَجَ بالعرقِ.

قال : ويقال : انْفَضَخَتِ العَيْنُ ـ بالخاء ـ أي : تفقَّأت.

وقال أبو زيد : فَضْختُ عينه فضخاً وفقأْتُها فَقْئاً ، وهما واحد ، للعين والبطن وكلِّ وِعَاءٍ فيه دُهنٌ أو شراب.

خ ض ب

استعمل من وجوهه : [خضب] خضب : قال الليث : خَضَبَ الرجلُ شيبَه والخِضَابُ : الاسمُ ، وكلُّ لونٍ غَيَّرَ لَوْنَه حُمْرَةً فهو مَخْضُوبٌ

قال : والخاضِبُ : من النعام.

قال أبو الدُّقَيْش : إذا اغْتَلَم في الربيع احمرَّت ساقاه ، فهو خاضِبٌ ـ نَعْتٌ جاء للذَّكَر.

أبو عبيد ـ عن أبي عبيدة ـ قال : الخاضِبُ من النعام : الذي أكل الربيعَ فاحمرَّ ظُنْبُوباهُ أو اخضرَّا أو اصفرَّا ، وجمعه خواضِبُ.

وقال أبو الهيثم : الخَاضِبُ من النعام : الذي قد أكل الخُضْرَةَ.

قال : ويقال : قد خَضَبَتِ الأرضُ أي : اخضَرَّت.

وقال أبو سعيد : سُمِّي الظليمُ خاضِباً لأنه يحمرُّ مِنقارُه وساقاه إذ تربَّعَ ، وهو في الصَّيْفِ يَفْزَعُ ويَبْيَضُّ ساقاه.

قلت : والعربُ تقولُ : أَخضَبَتِ الأرضُ إخْضَاباً ـ إذا ظهر نَبْتُها ، والخَضُوبُ : النَّبْتُ الذي يُصيبُه المَطَرُ ، فيَخْضِبُ ما يخرجُ من البطن.

ويقال : اختَضَبَ الرَّجل ، واختَضَبَت المرأةُ ـ من غير ذكر الشَّعَر.

والْمِخْضَبُ مثلُ إجَّانَةٍ يُغْسَل فيها الثيابُ.

٥٥

والْخِضَابُ : ما يُخْتَضَبُ به من حِنَّاءٍ وكَتَمٍ وَوَسِمَةٍ وغيرها.

خ ض م

خضم ، ضمخ ، مخض ، ضخم : مستعملة.

خضم : في حديث أبي هريرة : أنه مَرَّ بِمَرْوَانَ ـ وهو يَبْنِي بُنْياناً له ـ فقال : «ابْنُوا شَديداً وَأَمِّلُوا بَعيداً واخضِمُوا فسَنَقْضَمُ».

قال أبو عبيد : قال الكسائيُّ : الخَضْمُ : بأَقْصَى الأضراس ، والْقَضْمُ : بأدناها.

وقال أَيْمَنُ بْنُ خُرَيمٍ ـ يذكرُ أَهْلَ العراق :

رَجَوْا بِالشِّقَاقِ الأكْلَ خَضْماً فَقَدْ رَضُوا

أَخِيراً مِنَ اكْلِ الْخَضْم أَنْ يأْكُلُوا الْقَضْمَا

قاله حين ظهر عبدُ الملك على مُصْعَبٍ واستَوْلَى على العراق.

يقال : خَضِمْتُ أَخْضَمُ خَضْماً ، وقَضِمْتُ أَقْضَمُ قَضْماً.

أبو عبيد ، عن الأصمعي ، قال : الْخُضُمَّةُ عَظْمَةُ الذِّراع ، وهي مُسْتَغْلَظُها.

قال : والْخِضَمُ : الْكَثِيرُ العَطِيَّة.

قال : وقال الأمَوِيُّ : الْخِضَمُ : الْمِسَنُّ ، وأنشد قولَ أبي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ :

حَرَّى مُوَقَّعَةٌ مَاجَ الْبَنَانُ بِهَا

عَلَى خِضَمٍ يُسَقّى الْمَاءَ عَجَّاجِ

والسَّيْفُ يَخْتَضِمُ العَظْمَ ـ إذا قَطَعَه ، ومنه قوله :

إِنَّ الْقُسَاسِيَّ الَّذِي يُعْصَى بِهِ

يَخْتَضِمُ الدَّارعَ في أَثْوَابِهِ

واخْتَضَمَ الطريقَ ـ إذا قَطَعَه ، وأنشد في صفة إبل ضُمَّرٍ :

ضَوَابِعٌ مِثْلُ قِسِيِّ القَضْبِ

تَخْتضِمُ البِيدَ بغَيْرِ تَعْبِ

ابن السكِّيت : قال أَبُو مَهْدِيٍّ : الْخَضِيمَةُ : أن تُؤخَذَ الْحِنْطَةُ فَتُنَقَّى وتُطَيَّبُ ثم تجْعَلُ في القِدْر ، ويُصبُّ عليها الماءُ فتُطْبَخُ حتى تُنْضَجَ.

أبو زيد : يقال للماءِ الَّذي لا يَبْلُغُ أن يكون أُجَاجاً ، ويشربُه المالُ دون الناس : المُخضِمُ والخَمْجَرِيرُ.

وقال الفرَّاء : خَضَّمٌ : ماء لبني تميم وأنشد :

لَوْلَا الإلَهُ ما سَكَنَّا خَضَّمَا

وقال أبو تراب : قال زَائِدَةُ القَيْسِيُّ : خَضَفَ بها وخَضَمَ بها ـ إذا ضَرَطَ.

قال : وقاله عَرَّامٌ ـ وأنشد للأَغْلَبِ :

إنْ قَابَلَ الْعِرْسَ تَشكَّى وَخَضَمْ

وقال أبو عبيدٍ : حَصَمَ : مِثْلُه. بالحاء والصّاد.

ضمخ : قال الليث : الضَّمْخُ : لَطْخُ الجسد بالطِّيب حتى كأنما يَقْطُرُ.

وأنشد في صفة النساء :

تَضَمَّخْنَ بِالجَادِيِّ حَتَّى كَأَنَّما ال

أُنُوفُ إذَا اسْتَعْرَضْتَهُنَّ رَوَاعِفُ

ويقال : ضَمَخْتُهَا ضَمْخاً واضْطَمَخَتْ ، وتَضمَّخَتْ.

قال : والمَضْخُ : لغةٌ شَنِيعَةٌ في الضَّمْخِ.

٥٦

مخض : قال الليث : المَخْضُ تَحريكُكَ المِمْخَضَ الّذي فيه اللبنُ الْمَخِيضُ ـ الذي قد أُخِذتْ زُبْدَتُه.

قال : يستعملُ المَخْضُ في أشياء كثيرةٍ البعيرُ يَمْخَضُ بِشِقْشِقَتِه.

وأنشد لرُؤْبَةَ :

يَجْمَعْنَ زَأْراً وَهَدِيراً مَخْضَا

والسَّحَابُ يَتَمَخَّضُ بمائه ، ويقال للدنيا : إنها لَتَتَمَخَّضُ بِفِتنَةٍ مُنْكَرَةٍ.

وأنشد الأصمعي :

تَمَخَّضَتِ المَنُون لَهُ بِيَوْمٍ

أَنَى وَلِكُلِّ حَامِلَةٍ تِمَامُ

يعني : المنيَّةُ تَهَيَّأَتْ لأَنْ تَلِدَ لَهُ الموتَ ، يَعْني النُّعْمَان بْنَ الْمُنْذِرِ أو كِسْرَى.

وقال الليث : يقالُ لِمَا اجتمع من الأَلبان حتى صار وِقْرَ بَعِير في الْغَريبِ : الإِمْخَاضُ ويُجْمَع على الأَمَاخِيضُ.

ويقال : هذا إِحْلَابٌ من لبن ، وإِمخَاضٌ من لبن ، وهي الأحَالِيبُ والأَمَاخِيضُ.

ويقال : ما دام اللبنُ الْمخيضُ في المِمْخَضِ فهو إِمْخاضٌ ـ أي : مَخْضةٌ واحَدةٌ.

قال : والْمُسْتَمْخِضُ من اللبن : البطيءُ الرُّؤُوب ، فإذا اسْتَمْخَضَ لم يكد يَرُوب ، وإذا راب ثم مَخَضْتَهُ فعاد مَخْضاً فهو المُسْتَمخِضُ ، وذلك أطيَب ألبان الْغَنَمِ.

وقولُه عزوجل : (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ) [مريم : ٢٣].

المَخَاضُ : وَجَعُ الوِلادَة ، وهو الطَّلْق أيضاً.

وقال شَمِر : قال ابن الأعرابي وابن شُميل : يقال : ناقةٌ مَاخِضٌ ومَخُوضٌ وهي التي ضَرَبَها المَخَاضُ ، وقد مَخَضَتْ تَمْخَضُ مَخَاضاً ، وإنها لَتَمَخَّضُ بِوَلدِها وهو تَضَرُّبُ الوَلدِ في بطنها ، وذلك حين تُنْتَجُ فَتَمْتَخِضُ.

ويقال : مَخِتْ ومُخضَتْ ، وتَمَخَّضَتْ وامْتَخَضَتْ.

ويقال : مَاخِضٌ ومُخَّضٌ ومَوَاخِضُ ـ في الجمع ، وأنشد :

وَمَسَدٍ فَوْقَ مِحَالٍ نُغَّضِ

تُنْقِضُ إِنْقَاضَ الدَّجاجِ المُخَّضِ

وقال :

مَخِضْتِ بها لَيْلَةً كُلَّهَا

فَجِئْتِ بهَا مُؤيِداً خَنْفَقِيقَا

وقال ابن الأعرابي : ناقةٌ مَاخِضٌ وشاةٌ مَاخِضٌ ، وامرأةٌ مَاخِضٌ ـ إذا دنا وِلَادُها ، وإبلٌ مَوَاخِضُ ، وقد أخذها الطَّلْق والمَخَاضُ ، والمِخَاضُ

وقال نُصَيْرٌ : إذا أرادت الناقةُ أن تضع قيل : مَخِضَتْ.

وعامَّةُ قَيْسٍ وتمِيم وأسدٍ يقولون : مِخِضَتْ ـ بكسر الميم ـ ويفعلون ذلك في كل حَرْفٍ كان قبل أحدِ حُروف الْحَلقِ في «فَعِلَتْ» وفي «فَعِيلٍ» يقولون : بِعِيْرٌ وزِئيرٌ وشِهِيقٌ ، ونِهِلَتِ الإبلُ ، وسِخِرْتُ منه.

وقال ابن الأعرابي : يقال مَخِضَتْ المرأةُ ولا يقال : مُخِضَتْ ، ويقال : مَخَضَتْ لَبَنَها.

٥٧

أبو عبيد ـ عن أبي زيد ـ : إذا أَرَدْتَ الحوامل من الإبل قُلْتَ : نُوقٌ مَخَاضٌ ـ واحدتها «خَلِفَةٌ» على غير قياس ، كما قالوا لواحدة النساء : «امرأةٌ» ولواحدة الإبل : «نَاقَةٌ» و «بَعِيرٌ».

وقال الأصمعي : إذا حُمِلَ الْفَحْلُ على ناقة فلَقِحَتْ فهي خَلِفَةٌ وجَمْعها ـ مَخَاضٌ ووَلَدُها ـ إذا استَكْمَلَ سَنَةً من يومٍ وُلِدَ ودخل في السنة الأخْرى ـ : ابنُ مَخاضٍ لأنَّ أُمَّهُ لحقت بالمَخَاضِ من الإبل ، وهي الْحَوَامِلُ.

وقال غيره : إنما قيل للنُّوقِ ـ إذا حَمَلَتْ ـ : مَخَاضٌ ، تفاؤُلاً بأنها سَتَمْخَضُ بوَلَدِها ، إذا نُتِجَتْ.

ويقال : مَخَضْتُ ماءَ البئر بالدَّلْو ـ إذا أَكْثَرتَ النَّزْعَ منها بدِلَائِكَ ، وحرَّكْتَها لِتَمْتلِئ ، وأنشد الأصمعي :

لَنَمْخَضَنْ جَوْفَكِ بِالدُّلِيِ

والمُسْتَمْخِضُ : البَطِيءُ الرُّؤُوب من اللبن ، وقد اسْتَمْخَض لَبنُكَ ـ أي : لا يكادُ يروب ، وإذا اسْتَمْخَضَ اللَّبَنُ لم يكَدْ يَخْرُجُ زُبْدُهُ ، وهو من أطيب اللبن ، لأن زُبْدَهُ اسْتُهْلِكَ فيه ، واستَمْخَضَ اللبن أيضاً ـ إذا أَبْطَأَ أخذُهُ الطَّعْمَ بعد حَقْنِهِ في السِّقاء.

وقال ابن بُزُرْجَ : تقول العرب ـ في أُدْعِيَّةٍ يَتَدَاعَوْنَ بها ـ : صَبَّ الله عليكَ أُمَّ حُبَيْنٍ مَاخِضاً ـ يَعْنِي الليلَ.

ضخم : قال الليث : الضَّخْمُ : العظيم من كل شيء ، والمصدر : الضَّخَامَةُ ، وقد ضَخُمَ ، وامرأة «ضَخْمَةٌ» ، ونسوةٌ ضَخْماتٌ ـ بسكون الخاء ـ لأنه نَعْتٌ ، والأسماءُ تُجْمَع على «فَعَلَاتٍ» نحو شَرْبة وشَرَبَات ، وقَرْيَة وقَرَيَات ، وتَمْرَة وتَمَرَات ؛ وبناتُ الواو في الأسماء تُجْمَعُ على «فَعْلَاتٍ» نحو : جَوْزَةٍ وجَوْزَاتٍ ـ لأنه إن ثُقِّلَ صارت الواوُ أَلِفاً ، فتُرِكَت الواوُ على حالها ، كراهة الالتباس.

أبواب الخَاء والصَاد

خ ص س ـ خ ص ز ـ خ ص ط : أهملت وجوهها.

خ ص د

استعمل من وجوهها : صخد ، دخَص.

صخد : قال الليث : الصَّخْذُ صوت الْهَامٍ والصُّرَدِ تقولُ : صَخَدَ الْهَامُ يَصْخَدُ صَخْداً وَصَخِيداً ، وأنشد :

وَصَاحَ مِنَ الأفْرَاطِ هَامٌ صَوَاخِدُ

والصَّيْخَدُ : عَيْنُ الشمس ـ سُمِّي به لشدة حَرِّها ، وأنشد :

وَقْدَ الْهَجِير إِذَا اسْتَذَابَ الصَّيْخَدُ

ويقال للحِرْباء : اصْطَخَدَ ـ إذا تَصَلَّى بحَرِّ الشمس ، واستقبلها.

قال : والصَّيْخُود : الصَّخْرة المَلْساء الصُّلبة لا تُحَرَّكُ من مكانها ، ولا يَعْمَل فيها الحديد ، وأنشد :

حَمْرَاءُ مِثْلُ الصَّخْرَةِ الصَّيْخُودِ

وهو الصَّلُودُ.

وحرٌّ صاخِدٌ : شديد.

ويقال : أَصْخَدْنا ـ كما تقول : أظهرنا.

أبو عبيد ـ عن أبي عمرو ـ : يومٌ صَيْخُودٌ : شديد الحَرِّ.

٥٨

وكذلك قال الأصمعي والفرَّاء.

وقد صَهَدَهُمُ الْحَرُّ وصَخَدَهُمْ.

شَمِرٌ : ـ عن ابن شميل ـ : الصَّيْخُودُ : الصَّخْرةُ العظيمة التي لا يَرْفَعُها شيء ولا يأخذ فيها مِنْقارٌ ولا شيء.

وقال ذو الرُّمَّة :

يَتْبَعْنَ مِثلَ الصَّخْرَةِ الصَّيْخُودِ

وقال شَمِر : قيل : صَخْرَةٌ صَيخُودٌ وهي الصُّعلبة التي يَشْتَدُّ حرُّها ـ إذا حَمِيَتْ عليها الشمس.

وقال غيره : صَخَدَ فلانٌ إلى فلان يَصْخَدُ إليه صُخُوداً ـ إذا استمع منه ، ومال إليه فهو صاخِدٌ.

وقال الهُذَلِيُّ :

هَلَّا عَلِمتَ أَبَا إياسٍ مَشْهَدِي

أَيَّامَ أنْتَ إلى المَوَالي تَصْخَدُ

ويقال : أتيتُه في صَخَدان الحَرِّ وصَخْدانِهِ ـ أي : في شِدَّته.

دخص : قال الليث : الدَّخُوصُ : نعْتٌ للجارية التَّارَّةِ.

قلت : وهذا حَرْفٌ غريبٌ ، لا أحفظه لغير الليث :

خ ص ت ، ـ خ ص ظ ، ـ خ ص ذ

خ ص ث : مهملات.

خ ص ر

خصر ، خرص ، صرخ ، صخر ، رخص ، رصخ : مستعملات.

خصر : قال الليث : الْخَصْرُ : وسَط الإنسان ، والخاصرَتان : ما بين الْحَرْقَفَةِ والقُصَيْرَى.

وهو ما قَلَصَتْ عنه القُصْرَيَانِ ، وتقدَّم من الحَجَبَتَيْن وما فوق الخَصْرِ من الْجِلدَة : الرَّقيقة الطِّفْطِفَةِ.

ويقال : رجلٌ صخمُ الخَوَاصر وخَصْرُ القَدَم : هو أَخْمَصُهَا ، وقدم مُخَصَّرَةٌ ومَخْصُورَةٌ ، ويَدٌ مُخَصَّرَةٌ ـ إذا كان في رُسْغِها تَخصِيرٌ ـ كأنه مربوط ، أو فيه مَحَزٌّ مستديرٌ ، ورجُلٌ مُخَصَّرٌ : مَخْصُورُ البَطْن أو القَدَم ، وخَصْرُ الرَّمْل : طريقٌ أعلاه وأسفلُه : في الرِّمال خاصّةً. وأنشد :

أَخَذْنَ خُصُورَ الرَّمْلِ ثُمَّ جَزَعْنَهُ

والخَصْرُ : من بُيوت الأعراب ، مَوْضِعُه لطيفٌ ، والاخْتِصَارُ في الكلام : أن تَدَعَ الفُضُولَ ، وتَسْتَوجِزَ الذي يأتي على المعنى ، وكذلك الاخْتصارُ في الطريق ، والاخْتصارُ في الجَزِّ : أن لا تَسْتَأْصِلَه.

وفي الحديث : «أنَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خَرَجَ إلَى البَقِيع ، وَبِيَدِهِ مِخْصرَةٌ لَهُ فَجَلَسَ وَنَكَتَ بِهَا في الأَرْضِ».

قال أبو عبيدٍ : المِخْصَرَةُ ما اخْتَصَرَ الإنسانُ بيده فأَمْسَكَهُ ، مِنْ عَصاً ، أو عَنَزَةٍ أو عُكَّازَةٍ وما أَشْبَهَها.

قال : ومنه قيل : فلانٌ مُخَاصِرُ فلان ـ إذا أَمْسَك بيد صاحبه.

وأنشد لعبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ حَسَّانٍ :

ثُمَ خَاصَرْتُهَا إلَى القُبَّةِ الخَضْ

رَاءِ تَمشِي في مَرْمَرٍ مَسْنُونِ

 ـ أي : أخذْتُ بيدها.

وقال الفرَّاء : خَرَجَ القومُ مُتَخَاصِرِينَ ـ إذا كان بعضُهُم آخِذاً بيدِ بَعْضٍ.

٥٩

قال : ويقالُ : خَاصَرْتُ الرجل وخَازَمْتُه ، وهو أن تَأْخُذَ في طريقٍ ويأخذَ هو في غيره ، حتَّى تَلْتَقِيَا في مكانٍ واحدٍ.

ثعلب ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ قال : المُخَاضَرَة ، أن يَمْشيَ الرجلان ثم يفترقا ثم يلتقيا على غير ميعاد.

ورُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُتَخَصِّراً» قيل : معناه : أن يصلي الرجل وهو واضع يده على خَصْرِه.

وجاء في الحديث : «أَنَّه رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ».

وفي حديث آخرَ : «الْمُتَخَصِّرُون يَوْمَ القِيَامةِ عَلَى وُجُوههمْ النُّورُ».

قال أبو العبّاس : معناه : المُصَلُّون بالليل ، فإذا تَعِبُوا وضعوا أيْدِيَهُمْ على خَوَاصِرِهِمْ من التَّعَب.

قال : ويكُون معناه أنهم يأتُونَ ـ يومَ الْقيامة ، ومعهم أعْمال يتَّكِئُون عليها ـ مأخوذٌ من الْمِخْصَرَةِ.

حدثنا عَلِيُّ بنُ الْحُسَيْنِ بن سَعْدِيل ـ قال :حدثنا أحمد بن بُدَيْلٍ ـ عن أبي أُسامة عن هِشامٍ عن محمدِ بْنِ سِيرِينَ عن أبي هريرة ـ قال :

«نَهَى رَسُولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أَنْ يُصَلِّي الرَّجُلُ مُخْتَصِراً».

وَاخْتُلِفَ في تفسيره ، فقال بعضهُم : معناه : أن يأخذ بيده عصا يتَّكِئُ عليها.

وقال أبو عبيد : هو أن يصلِّيَ وهو واضِعٌ يَدَهُ على خَصْرِهِ.

وجاء في الحديث : «أَنَّهُ رَاحَةُ أَهْلِ النَّار».

وقال الليث : الْخَضَرُ : البَرْدُ الذي يَجِدُه الإنسانُ في أطرافه ، وثَغْرٌ خَصِرٌ : بَارِدُ الْمُقَبَّل.

وقال أبو عبيد : الْخَصِرُ : الذي يَجِدُ البَرْدَ ، فإذا كان معه جُوع فهو خَرِصٌ.

شَمِرُ ـ عن ابن الأعرابي ـ قال : الْخَصْرَانِ ـ من النَّعل ـ مُسْتَدَقّهَا ، ونَعْلٌ مُخَصَّرَةٌ : لها خَصْرَانِ.

ونُهِيَ عن اخْتِصَارِ السَّجْدَةِ ، وهو على وجهين : أحدُهمَا : أن يَخْتَصِرَ الآيةَ الَّتي فيها السجُودُ ، فيسجدَ بها.

والثاني : أن يقرأَ السُّورَةَ ، فإذا انتهى إلى السَّجْدَة جاوَزَها ، ولم يَسْجُدْ لها.

ومُخْتَصَرَاتُ الطُّرُق : التي تَبْعُدُ في جَدَدٍ سهْلٍ ، وإذا سُلِكَ الطريقُ الوَعْرُ كان أَقْرَبَ.

خرص : قال الله جلّ وعزّ : (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) [الذاريات : ١٠].

قال الزَّجَّاجُ : الْخَرَّاصُونَ : الكذَّابون.

يقال : تَخَرَّصَ فلانٌ عَلَيَّ الباطلَ واخْتَرَصَهُ ـ أي : اخْتَلقه وافتعَله.

قال : ويجوز أن يكون الْخَرَّاصُونَ الذين إنما يَتَظَنَّوْنَ الشيء ، لا يحُقُّونَهُ فيعمَلون بما لا يَعلمون.

وقال الفرَّاء ـ في قوله : «(قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ)» : يقول : لُعِنَ الكذَّابون الذين قالوا : مُحمَّدٌ شاعرٌ ، وساحر وأشْبَاهَ ذلك ـ خَرَصُوا ما لا عِلْمَ لَهُمْ به.

٦٠