تهذيب اللغة - ج ٧

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٧

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٥

ويُصِيخُ أحياناً كما اسْ

تَمَعَ المُضِلُّ لصوْتِ ناشِد

صخى : قال الليثُ : صَخِيَ الثَّوْبُ يَصْخَى صَخًى ـ إذا اتَّسَخ ودَرِنَ.

وهو صَخٍ .. والاسمُ : الصَّخاوَةُ.

وربما جُعِلَتْ الواوُ ياءً ، لأنه بُنِيَ عَلَى «فَعِلَ يَفْعَل».

قُلتُ : لمْ أَسْمَعْه إلّا لِلَّيْثِ.

باب الخَاء والسين

خ س (وايء)

خاس ، خسأ ، خسى ، سخا ، ساخ ، وسخ : مستعملة.

خوس ـ خيس : أبو العباس ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : الخَوْسُ : الطِّعانُ بالرِّمَاحِ وِلَاءً وِلَاءً.

وقد خَاسَهُ يَخُوسُه خَوْساً ـ إذَا طعَنَهُ.

وقال الليْثُ : يقال للشَّيْء ـ يَبْقَى في مَوْضِعٍ فيَفْسُد ويتغيَّر كالْجَوْزِ والتَّمْرِ ـ : خَائِسٌ.

وقد خَاسَ يَخِيسُ.

فإذا أَنْتَنَ فهو مُصِلٌّ.

قال : والزَّايُ ـ في اللَّحْم والْجَوْزِ ـ : أَحْسَنُ من السِّين.

وقال غيرُه : يقال للشَّيْء ـ إذا كَسَدَ ـ : خَاسَ.

كأَنَّه لمَا كَسَدَ سُوقُهُ فَسَد .. حتَّى خَاسَ.

وقال اللّيْثُ : الإبلُ المُخَيَّسَةُ : التي لم تُسَرَّحْ ، ولكنَّها خُيِّسَتْ للنَّحْرِ أو القَسْمِ وأنشد قولَ النَّابِغَةِ :

والأُدْمُ قَدْ خُيِّسَتْ فُتْلاً مَرَافِقُهَا

مَشْدُودَةً بِرِحَالِ الْحِيرَةِ الْجُدُدِ

رَفَعَ «الْمَرافِقَ» ب «الْفُتْلِ» ـ لأنَّ «الفُتْلَ» في المعنَى : ابتداءٌ.

وإنمَا نُصِبَتْ لاتِّصالها بالْفِعْل.

وهذا كقولك : مررتُ برجُلٍ كَرِيمٍ جَدُّه.

ف «كريمٌ» متصل بالأول.

وهو نَعْتٌ لِلجَدِّ.

وهو مِثْلُ قولِ الله ـ عزوجل ـ (أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها) [النِّساء : ٧٥].

وقال اللَّيْثُ : الإنسانُ يُخَيَّسُ في «الْمُخَيِّسِ» حتَّى يبلغ منه شِدَّةَ الغَمِّ والأَذَى.

يقال : قد خَاسَ فيه.

وبَنَى أَمير المؤْمِنين عليُّ بنُ أبي طَالبِ عليه‌السلام سِجْناً فَسَمَّاهُ «نَافِعاً» فنُقِبُ ، وأَفْلَتَ منه الْمُحَبَّسَونَ. ثم بَنَى سِجْناً آخرَ حصيناً فسمَّاه : «مُخَيِّساً» ، وقال :

بَنَيْتُ بَعْدَ «نافعٍ» «مُخَيِّساً»

بَاباً حَصِيناً وَأَمِيناً كَيِّسَا

أَلَا تَرَانِي كَيِّساً مُكَيِّسَا؟

وقال غيرُه : يقال : خَيَّسْتُ الرَّجلَ وغَيْرَه ـ إذا ذَلَّلْتَهُ .. والأصلُ واحد.

وقال اللَّيثُ : يقال : قَلَّ خَيْسُهُ!! ما أَظرفه!! ـ أي : قَلَّ غَمُّه.

وليسَتْ بالْعَالِيَة.

قلتُ : ورَوَى عَمْرٌو ـ عن أَبيه ـ في قَوْل العرب : «أَقَلَّ الله خِيسَهُ» ـ بكسر الخاء ـ

٢٠١

أي : أَقَلَّ الله لَبَنه .. و «كَثُرَ خِيسُهُ» ـ أي : دَرُّهُ ولَبَنُهُ.

وأَخْبَرني المنْذريُّ ـ عن الصَّيْدَاوِيِّ ـ قال : سأَلْتُ الرِّيَاشيَّ عن «الْخِيْسَةِ»؟ فقال : الأجَمَةُ.

وَأَنشد :

لِحَاهُمُ كَأَنَّهَا أَخْيَاسُ

قال : وعَرَضْتُ على الرِّياشيِّ دُعاءً للعَرَب ـ بَعْضِهم على بَعْض ـ فيقولُ : «أَقَلَّ الله خِيسَكَ» ـ أي : لَبَنَك؟

فقال : نَعَمْ : العَرَبُ تقولُ هذا ، إلَّا أَنَّ الأصمعيَّ لم يَعْرفْه.

وقال أبو سَعِيد الضَّرِيرُ : يقالُ : قَلَّ خِيسُ فُلَانٍ ـ أَي : قَلَّ خَطَؤُه.

ويقال : أَقلِلُ مِنْ خِيسِكَ ـ أَي : مِن كَذِبِكَ.

ويقال : فلانٌ في عِيصٍ أَخْيَسَ ، وعَدَدٍ أَخْيسَ ـ أي : كَثِيرُ الْعَدَد. وقال جَنْدَلٌ :

وَإِنَّ عِيصِى عيصُ عِزٍّ أَخْيَسُ

أَلَفُّ تَحْمِيهِ صَفَاةٌ عِرْمِسُ

وقال أبو عُبَيْدٍ : الْخِيسُ : الأَجمَةُ.

وقال اللَّيثُ : يقال : خَاسَ فلانٌ بوَعْدِهِ ـ يَخِيسُ ـ إذا أخلفَ.

وخَاسَ بعَهْدِه ـ إذا غدر وَنَكَثَ.

ويقال : إنْ فَعَلَ فلانٌ كذا وكذا فإنَّهُ يُخَاسُ أَنْفُه ـ أي : يُذَلُّ أَنْفُهُ.

خسأ : بالهمز.

قال اللَّيْثُ وغَيرُهُ : تقول : خَسَأْتُ الْكَلْبَ ـ إذا زَجَرْتَهُ فقلتَ : اخْسَأْ.

والْخَاسِىءُ ـ من الكلابِ والخنازير ـ : الْمُبَاعَدُ.

وقد خَسَأ الْكَلْبُ .. يَخْسَأُ خُسُوءاً.

قال الله جلّ وعزّ لليَهُود لَعنهم الله ـ : (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) [البَقَرَة : ٦٥] ـ أَيْ : مَدْحُورِينَ.

ويقالُ : اخْسَأْ إلَيْكَ واخْسَأْ عَنِّي. وخَسَأَ البَصَرُ ـ إذا كلَّ وأَعْيَا ـ يَخْسَأُ خُسُوءاً.

ومنه قول الله جلّ وعزّ : (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) [المُلك : ٤].

قلتُ : ويقالُ : خَسَأْتُهُ فَخَسَأَ ـ أَيْ : أَبْعَدْتُهُ فَبَعُدَ.

خسا : غَيْرَ مَهْمُوز.

قال الليث : «خَسَا زَكَا» .. فَخَسَا : كلمةٌ .. مِحْنَتُها : أَفْرَادُ الشيء.

يُلْعَبُ بالْجَوْزِ فيقال : «خَسَا زكَا» فَ «خَسَا» ، فَرْدٌ ، و «زَكَا» : زوجٌ.

كما تقولُ : شَفْعٌ ووَتْرٌ.

وقال رُؤْبَةُ :

لَمْ يَدْرِ مَا الزَّاكِي مِنَ الْمُخَاسِي

وقال رُؤبَةٌ ـ أيضاً :

يَمْشِي عَلَى قَوَائِمٍ خَسَا زَكَا

وقال ابن السِّكِّيتِ :

يُجْمَعُ «خَسَا» : «أَخَاسِيَ».

وأنشد لِلْعَجَّاجِ :

حَيْرَانُ لَا يَشْعُرُ مِنْ حَيْثُ أَتَى

عَنْ قِبْصِ مَنْ لَاقَى أَخَاسٍ أَمْ زَكَا؟؟

يقولُ : «لَا يَشْعُرُ» أَفَرْدٌ هُوْ أَمْ زَوْجُ؟ قال : والأَخَاسِي : جَمْعُ «خَساً».

٢٠٢

سَلَمَةُ ـ عن الفرَّاء ـ : العَرَبُ تقولُ للزَّوْجِ : زَكَا» ، وللفردِ : «خَسَا».

قال : ومنهم من يُلحقُهُمَا بِبابِ «فَتًى» فَيَصْرِفُ.

ومِنْهُمْ مَنْ يُلْحقُهُمَا بِبَابِ «زُفَرَ». وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْحِقُهُمَا بِبَابِ «سَكَر».

قال : وأنشدتني الدُّبَيْرِيّةُ :

كَانُوا خَساً أَوْ زَكاً مِنْ دُونِ أَرْبَعةٍ

لم يَخْلَقُوا وَجُدُودُ النَّاسِ تَعْتَلِجُ

ويقال : هو يُخَسِّي ويُزَكِّي ـ أَيْ : يَلْعَبُ فيقولُ : أَزْوَجٌ أَمْ فَرْدٌ؟

وقال غيرُه : خَاسَيْتُ فُلاناً ـ إذا لَاعَبْتُهُ بالْجَوْزِ ـ فَرْداً أَو زَوْجاً.

وأنشد ابنُ الأعرابيِّ ـ في صِفةِ فَرَس :

يَعْدُو عَلَى خَمْسٍ قَوَائِمُهُ زَكَا

أراد : أنَّ هذا الفَرَسَ يَعْدُو عَلَى خَمْسٍ من الأُتُنِ .. فيَطْرُدُها ، وقَوَائمُهُ «زَكَا» ـ أيْ : هي أَرْبَعُ.

والتَّخَاسِي : هو التَّرَامِي بالْحَصى.

يقال : تخَاسَتْ قَوَائِمُ النَّاقَةِ بالْحَصَى ـ أي ترامَتْ به.

وقال الْمُمَزَّقُ الْعَبْدِيُّ :

تَخَاسَى يَدَاهَا بِالْحَصَى وَتَرُضُّهُ

بِأَسْمَرَ صَرَّافٍ إذا حَمَّ مُطْرِقٍ

أَرادَ ب (الأَسْمَرِ الصَّرَّافِ) : مَنْسِمَهَا.

و «حَمَّ» ـ أَيْ : قَصَدَ.

سخا ـ (ساخت) : قال الليث : السَّخَا : بَقْلَةٌ من بُقولِ الرَّبيعِ تَرْتَفِعُ عَلَى سَاقِها كهيئةِ سُنْبُلَةٍ فيها حَبَّاتٌ كَحَبِّ الْيَنْبُوتِ ولُبُّ حَبِّهَا : دَوَاءٌ لِلْجُرْحِ.

قال : والْوَاحِدَة سَخَاةٌ.

وبَعْضٌ يقولُ : صَخَاةٌ. ويقالُ : سَخَّيْتُ نَفْسي وبِنَفْسي من هذا الشيء ـ إذا تَرَكْتَهُ ، ولم تُنَازعْكَ نَفْسُكَ إليه.

أبو عبيد ـ عن الْعَدَبَّسِ الْكِنَانيِّ ـ قال : السَّخَا : مَقْصُورٌ وهو ظَلْعٌ يكونُ من أَن يَثِبَ البعير بالْحِمْل الثقيل ، فَتَعْتَرِضَ الرِّيحُ بين الْجِلْدِ والْكَتفِ.

يقال منه : بَعِيرٌ سَخٍ ـ مقصورٌ ـ مِثْلُ : عَمٍ.

الْحرَّانيُّ ـ عن ابن السكِّيتِ عن أبي عمرو ـ : سَخَوْتُ النّارَ أَسْخُوهَا سَخْواً.

وسَخيتُها أَسْخَاهَا سَخْياً.

وذلك إذا أَوْقَدْتُ ، فاجْتَمَع الْجَمْرُ والرَّمادُ ففرَّجْتُه.

يقال : اسْخَ نَارَكَ ـ أي : اجْعَلْ لها مكاناً تَقِدُ عليه. وأنشد :

ويُرْزِمُ أَنْ يَرَى الْمَعْجُونَ يُلْقَى

بِسَخيِ النّار إِرْزَامَ الْفَصِيلِ

وقال أبو تُرَابٍ : قال الْغَنَوِيُّ : سَخَا النّارَ وصَخَاهَا ـ إذا فَتَحَ عَيْنَها.

وقال ابنُ السكِّيت : يقال سَخَا فلانٌ يَسْخُو ، وسَخِيَ يَسْخَى ، وسَخُوَ يَسْخُو ـ إذا كان سَخِيًّا.

ويقال : إن السَّخَا : مَأخُوذٌ مِن السَّخْوِ ، وهُو الْمَوْضعُ الذي يُوَسَّعُ تحتَ الْقِدْرِ ليتمكَّنَ الوَقُودُ.

٢٠٣

لأنَّ الصَّدْرَ أيضاً يتَّسِعُ لِلعَطِيّة.

قال ذلك أبو عَمْرٍو الشَّيْبَانيُّ. والعرب تقول : رجلٌ سَخِيٌ ، وقوم أَسْخِيَاءُ.

أبو عبيد ـ عن الأصمعيِّ ـ السَّخَاخُ : الأرض الْحَرَّةُ اللَّيِّنَةُ والسَّخَاويُ : الأرْضُ اللَّيِّنَة التُّرْبةِ مع بُعْدٍ.

وقال النَّابِغَةُ الذُّبيَانيُّ :

أَتَاني وَعِيدٌ والتنَائِفُ بَيْنَنَا

سَخَاوِيُّهَا وَالْغَائِطُ الْمُتَصوِّبُ

شَمِرُ ـ عن أبي عمرو ـ : السَّخَاوِيُ ـ من الأرض : التي لا شيء فيها وهي سَخَاوِيّةٌ.

وقال الْجَعْدِيُّ :

سَخَاوِيُ يَطْفُو آلُهَا ثُمَّ يَرْسُبُ

ساخ : قال شمرٌ : قال أبو مُجِيبٍ : بَطْحَاءُ سُوَّاخَى .. وهي التي تَسُوخُ فيها الأقْدَامُ.

ووصف بعيراً يُرَاضُ ـ : قال : فأخذ صاحِبُه بذَنَبِهِ في بَطْحَاء سُوَّاخَى.

وإنما يُضْطَرُّ إليها الصَّعْب لِيَسُوخَ فيها.

وقال الليث : سَاخَتِ الأرضُ : فهي تَسُوخُ سَوْخاً وسُؤُوخاً ـ إذا انْخَسَفَتْ.

وكذلك الأقْدَام تَسُوخُ في الأرض ـ وكذلك سَاخَتْ بهم الأرضُ ، وهي تَسُوخُ بهم.

قال : والسُّوَّاخَى : طِينٌ كثُرَ ماؤه من رِدَاغِ المَطَرِ

يقال : إنَّ فيه لَسُوَّاخِيَةً شديدةً والتَّصْغير سُوَيْوِخَةٌ ، كما يقال : كُمَيْثِرَةٌ.

ويقال : مُطِرْنا حتى صارَتِ الأرْضُ سُوَّاخَى ـ بوزنِ «فُعَّالَى» وَفَعَالَى بفتح الفاء واللام.

وفي «النوادر» : تَسَوَّخْنَا في الطين.

وترَوَّخْنَا ـ أي : وقَعْنا فيه.

وسخ : قال الليث : الْوَسَخُ : ما عَلَا الْجِلْدَ والثَّوْبَ من الدَّرَنِ .. لِقلَّةِ التَّعَهُّدِ بالماء.

يقال : وَسِخَ الْجِلْدُ يَوْسَخُ وَسَخاً وتَوسَّخَ واتَّسَخَ واسْتَوْسَخَ. وكذلك الثَّوْبُ.

وقد أوْسَخْتُهُ ، ووَسَّخْتُهُ أنا.

باب الخاء والزاي

خ ز (وايء)

خزى ، خزا ، خاز ، وخز : مستعملة.

خزي : قال الليث : الْخِزْيُ : السُّوءُ.

يقال : خَزِي الرجلُ يَخْزَى خِزْياً .. والله أَخزَاهُ وأقامه على خِزْيَةٍ ، وعَلَى مَخْزَاةٍ.

وفي حديث يزيدَ بنِ شجَرَة : أنه خطَب الناسَ في بعض مَغَازِيهِ : وحَضَّهم على الْجِهَاد ـ فقال في آخر خُطبته : «انْهَكُوا وُجُوهَ الْقَوْمِ ، وَلَا تُخْزُوا الْحُورَ الْعِينَ».

قال أبو عُبَيْدٍ : قوْلُه : «ولا تُخْزُوا الْحُورَ الْعِينَ» ليس من (الْخِزْي) ـ لأنه لا مَوْضِعَ لِلْخِزْي هاهنا ـ ولكنَّه من الخَزَايَةِ وهي الاسْتِحْيَاءُ.

يقال ـ من الهَلَاكِ ـ : خَزِيَ الرجلُ يخْزَى خِزْياً.

ومن الحياء مَمْدُودٌ : خَزِيَ يَخْزَى خَزَايَةً.

ويقال : خَزِيتُ فُلَاناً ـ إذا استحيَيْتَ منه.

وقال ذو الرُّمَّة ـ يصف الثوْرَ والكلَاب :

٢٠٤

خَزَايَةً أَدْرَكَتْهُ بَعْدَ جَوْلَتِهِ

مِنْ جَانِبِ الْحَبْلِ مَخْلُوطاً بهَا الْغَضَبُ

وقال القُطَامِيُّ ـ يذكر ثَوْراً وحشيّاً كَرَّ بعد فِرَاره :

حَرِجاً وَكَرَّ كُرُورَ صَاحِب نَجْدَةٍ

خَزِيَ الحَرَائرُ أَنْ يَكونَ جَبانَا

قال : والذي أراد ابنُ شَجَرَةَ بقوله : «ولا تُخْزُوا الْحُورَ الْعِينَ» ـ أي : لا تجعَلوهُنَّ يَسْتَحْيينَ من فِعْلكُم وتقصيركم في الجهاد ولا تَعَرَّضُوا لذَاكَ منهنَّ وانْهَكُوا وُجُوهَ القَوْم ولا تُوَلُّوا عنهم مُدْبرِينَ.

وقال الليث : رجلٌ خَزْيانٌ ، وامْرَأَةٌ خَزْيَا.

وهو الذي عَمِلَ أَمراً قبيحاً ، فاشتدَّ لذلك حَياؤه وخَزَايَتُهُ. والجميع : الخَزَايَا.

وفي الدُّعاء : اللهُمّ احْشُرْنَا غيرَ خَزَايَا ولا نَادِمِينَ

ـ أي : غير مُسْتَحْيِين من أعمالنا. وقال غيرُه : الْخِزْيُ : الهَوَانُ ، وقد أخْزَاهُ الله ـ أي : أهانه الله.

وقال شَمِرْ : قال بعضهُم : أخزيته ـ أي : فضَحْتُه.

ومنه قولُ الله جلّ وعزّ حكايةً عن لُوطٍ .. أنه قال لقومه : (فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي) [هُود : ٧٨].

يقول : لا تفضحُوني.

قال : وخَزي يَخْزَى خِزْياً ـ إذا وقع في بَليَّةٍ وشَرٍّ.

ونحْوَ ذلك قال ابنُ السِّكِّيتِ.

خزا : أبو عبيد ـ عن الأصمعيِّ ـ خَزَوْتُ الرجل .. أخْزُوهُ خَزْواً ـ إذا سُسْتُه.

وأنشد قولَ لَبِيدٍ :

وَاخْزُها بِالْبِرِّ لله الأجَلْ

وقال الليث :

الْخَزوُ : كَفُّ النَّفْس عن هِمَّتِها ، وصَبْرُها على مُرِّ الْحَقِّ.

يقال : اخْزُ في طَاعَةِ الله نَفْسَك.

وقال غيرُه : خزَوْتُ الْفَصِيل .. أَخْزُوهُ خَزْواً ـ إذا أَجْرَرْتُ لِسَانَهُ فشَقَقْتَهُ.

خوز : أبو العباس ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : يقالُ : خَزَاهُ خزْواً ، وخَازَهُ خوْزاً ـ إذا سَاسَه.

قال : والْخَوْزُ : الْمُعَادَاةُ ـ أيضاً.

وخز : قال الليث : الْوَخزُ : طَعْنٌ غيرُ نَافِذِ. وَخزَهُ يخِزُه وَخْزاً.

ويقال : وخزَهُ الْقَتِيرُ ـ إذا شَمِطَ مَوَاضِعَ من لِحْيَتِه .. فهو مَوْخُوزٌ.

قال : وإذا دُعِيَ القوْمُ إلى طعام فجاءُوا أربعةً أربعةً .. قالوا : جاءُوا وَخْزاً وَخْزاً.

وإذا جاءُوا عُصَباً .. قيلَ : جاءُوا أفائِجَ ـ أي : فَوْجاً فَوْجاً.

قال : والْوَخْزُ : الشيءُ القلِيلُ.

وأنشد :

٢٠٥

سِوَى أَنّ وَخْزاً مِنْ كِلَابِ بْنِ مُرَّةٍ

تَنَزَّوْا إلَيْنا مِنْ بُقَيْعَةِ جَابِر

وقال أبُو الْحَسَنِ اللِّحْيانيُّ : الْوَخْزُ : الْخَطِيئَةُ بعدَ الْخَطِيئَةِ.

وأنشد قولَه :

لَهَا أَشَارِيرُ مِنْ لَحْمٍ مُتَمَّرَةٌ

مِنَ الثَّعالِي وَوَخْزٌ مِنْ أَرَانِيها

أي : القليلُ من الأرانِبِ.

وقال : هذه أَرْضُ بَني تَميمٍ وفيها وَخْزٌ مِنْ بَني عامر.

قلتُ : ومعنى «الخَطِيئةِ» : القليلُ بيْنَ ظَهْراني الكثيرِ .. من غير جِنسِ القليل.

وقال أبو عُبَيدٍ : يقال : وَخَزَهُ القَتِيرُ وَخْزاً ، ولَهَزَهُ لَهْزاً ـ بمعنًى واحد.

قلت «الْوَخْزُ» : الشَّعْرَةُ بَعْدَ الشعرة ، تَشِيبُ وسائرُ شَعْرِ الرأس أَسْوَدُ.

وقال سُلَيْمَانُ بن المُغِيرَة : قلت : للحَسَن : أَرَأَيتَ التَّمرَ والبُسْرَ ..

انْجَمَعَ بينَهُما؟ قال : لا.

قلتُ : البُسْرُ يَكونُ فيه الوَخْزُ؟ قال : اقطَعْ ذلك! قال شَمِرٌ : الوَخْزُ : القَليلُ.

يقال : بها وَخْزٌ مِن بَني فلان.

فشَبَّهَ ما أَرْطَبَ من البُسْرِ ـ في قِلَّتِهِ ـ بالوخْز.

قال : وقال أبو عَدْنَانَ : الوَخْزُ : التَّبْزِيغُ.

وقال : خالدُ بنُ جنْبَةَ : يقال : وَخَزَ في سَنَامِها بِمِبْضَعِه.

قال : والوخزُ كالنَّخْسِ ، ويَكونُ من الطَّعْن الخفيف الضَّعيف.

باب الخاء والطّاء

خ ط

(وايء) خطا ، خطئ ، وخط ، خاط (خيط) ، طاخ ، طخا : مستعملة.

خطا : قال الليثُ : خَطَوْتُ خَطْوَةً واحدةً ، والاسْمُ الخُطْوَةُ ، والجميعُ : الْخُطَا.

قال الله جلّ وعزّ : (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) [البَقَرَة : ١٦٨].

وأخبرني المُنْذِرِيُّ ـ عن الحرّانِيِّ عن ابن السِّكِّيت ـ قال : الْخُطْوَةُ ما بين القدمَيْن ـ والْخَطْوَةُ الفِعْلُ.

قال المنذريُّ : وسمعتُ أبا العبَّاس يقول في قوله تعالى : (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) : أي : في الشَّرِّ يُثَقَّلُ.

قال : واختارُوا التَّثْقِيلَ لما فيه منَ الإشْبَاعِ وخَفّفَ بعضُهم.

قال : وإنما تَرَكَ التثْقِيلُ مَنْ تَرَكه اسْتِثْقالاً للضمَّة مع الواو.

يَذهبون إلَى أَنّ الوَاوَ أَجْزَتْهُمْ من الضَّمَّة.

وقال الفرّاءُ : العربُ تَجْمَعُ «فُعْلَةً» من الأسماءِ على «فُعُلَاتٍ» ـ مِثلُ «حُجْرَةٍ وحُجُراتٍ» ـ فَرْقاً بَيْنَ الاسم والنّعت.

النَّعْتُ : يُخَفَّفُ ، مِثلُ «حُلْوَةٍ وحُلْوَاتٍ» فلذلك صار التَّثقِيلُ الاختيارَ.

وربما خُفِّفَ الاسمُ ، وربَّما فُتح ثانِيه فقيل : «حُجَرَاتٌ».

٢٠٦

وقال الزّجَّاجُ : مَعْنَى (خُطُواتِ الشَّيْطانِ) : طُرُقُه وآثارُه.

وقال الفرّاءُ : معناه : لا تَتَّبِعُوا آثارُه فإنّ اتِّباعه مَعْصِيَةٌ (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) [البَقَرَة : ١٦٨].

وقال الليثُ : معناه : لا تَقْتَدُوا به.

قال : وقرأ بعضهُم : «خُطُؤَاتِ الشَّيطانِ» من الْخَطِيئَةِ : الْمَأْثَم.

قلتُ : ما عَلِمْتُ أَحداً من قُرَّاءِ الأمْصار قرَأَ بالهمْزِ .. ولا مَعنى له.

أبو زَيدٍ ـ يقال : ناقتُكَ هذه من المتَخَطِّيَات الجِيَفَ ـ أيْ : ناقةٌ قويَّة جَلْدَةٌ ، تمضِي وتُخَلِّفُ التي قد سَقَطَتْ.

خطأ : قال الليثُ : خَطِىءَ الرجُلُ خِطْئاً فهو خاطىءٌ وأَخطأَ ـ إذا لمْ يُصِبِ الصوابَ.

الحرّانِيُّ ـ عن ابن السِّكيت ـ : يقول الرجلُ لصاحبه : إنْ أَخْطأْتُ فَخَطِّئْنِي ، وإنْ أَصَبتُ فَصَوِّبْنِي ، وإِنْ أَسَأْتُ فَسَوِّىء عَلَيَّ ـ أيْ : قُلْ لِي : قد أَسَأتَ.

قال : وتقُولُ : لأَنْ تُخْطِىءَ في العلْم أيسَرُ مِن أَنْ تُخطىءَ في الدِّين.

ويقال : قد خَطِئْتُ ـ إذا أَثِمْتُ فأَنَا أَخْطَأُ خِطْئَا ... وأنا خاطِىءٌ.

قال الله جلّ وعزّ : (إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً) [الإسراء : ٣١].

وقال ـ أيضاً ـ : (إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ) [يُوسُف : ٩٧] ، أيْ : آثِمينَ. قال : وقال أبو عُبَيدة : يقال : أَخْطَأَ ، وخَطِىءَ لُغتان.

وقال امْرُؤُ القَيْسِ :

يا لَهْفَ هِنْدٍ إذْ خَطِئْنَ كاهِلا

القَاتِلِينَ الملكَ الْحُلَاحِلَا

أرادَ أَخطأْنَ «كاهِلاً».

وهم حَيٌّ مِن بَني أَسَدٍ.

ويقال في مَثَلٍ : «مَعَ الخَواطىءِ سَهْمٌ صائبٌ».

يُضْرَبُ للَّذِي يُكثِرُ الخطأَ ويأتي الأحيانَ بالصَّوَاب.

وسمعتُ المُنْذِرِيَّ يقولُ : سمعتُ أَبا الهيثم يقول : «خَطِئْتُ» : لما صنعه عمْداً وهو الذَّنْبُ ..

و «أخطأتُ» : لمَا صنَعه خَطأ غير عَمْدٍ.

قال : والْخَطَأُ ـ مَهْمُوزٌ مَقْصُورٌ ـ : اسمٌ مِن «أَخْطَأْتُ خَطَأً وإخْطَاءً».

قال : وخَطِئْتُ خِطْئاً ـ بكسر الخَاء .. مقصورٌ ـ إذا أَثِمْتُ. وأنشَد :

عِبَادُكَ يَخْطَأُونَ وَأنتَ رَبٌ

كَرِيمٌ لا تَلِيقُ بكَ الذُّمُومُ

قال : وَالخَطِيئَةُ : الذَّنْبُ عَلَى عَمْدٍ.

قال : وأمَّا قولُه :

... إذْ خَطِئْنَ كاهِلاً

فإنَّ وَجْهَ الكلامِ فيه كان «أَخْطَأْنَ» بالألِفِ ، فردّه إلى الثُّلاثِيِّ ، لأنّهُ الأصْل.

فجعَل «خَطِئْنَ» بمعنى «أَخْطَأْنَ».

وقال الليثُ : الخَطِيئةُ : «فَعِيلةٌ» وجمعُها : كان ينبغي أن يَكُونَ «خَطَائِىءُ» ـ بهمزتين ـ فاسْتَثقَلوا الْتِقاءَ همزتين .. فخفَّفُوا الآخرةَ منهما ، كما يُخَفَّفُ «جائِىءٌ» ـ عَلَى هذا القياس ـ فكَرِهُوا أن تكونَ عِلّتُه مِثلَ عِلّةِ

٢٠٧

«جَائِىء» ، لأنّ تلك الهمزة زائدةٌ ، وهي أصليَّةٌ فَفَرُّوا «بخطَايا» إلى يَتَامَى ، ووجدوا له في الأسماءِ الصحيحة نَظِيراً.

وذلك مِثْلُ «طاهرٍ ، وطاهرةٍ وطهَارَى».

وقال أَبُو إسْحَاقَ النحْوِيُّ ـ في قول الله جلّ وعزّ : (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ) [البَقَرَة : ٥٨].

قال : الأصْلُ في «خَطَايَا» كان «خَطَاييءُ» فاعْلَمْ.

فيجب أن تُبْدَلَ من هذه اليَاءِ همْزَةٌ فتَصِيرُ «خَطَائِىء» مِثْلُ «خَطَاعِعَ» فتجتمعُ همزتَان ؛ فقُلِبَتِ الثانية ياءً ، فتصيرُ «خَطَائِيَ» مِثلُ «خَطاعِيَ».

فَيَجِبُ أن تبْدَلَ الهمزَةُ ياءً .. لوُقوعها بين أَلِفَيْنِ فتصيرُ «خَطَايَا».

وإنما أُبْدِلَتِ الهمْزَةُ ـ حين وقَعَتْ بين أَلِفَيْنِ» ـ لأَنَّ الهمزَةَ مُجَانِسَةٌ للأَلِفَاتِ فاجتَمَعَتْ ثلاثة أَحْرُفٍ من جِنْسٍ وَاحِدٍ.

قال : وهذا الذي ذَكَرْنَا : مَذْهَبُ سِيبَوَيْه.

وقال ابن السِّكِّيت : يُقالُ : «خُطِّىءَ عَنْك السُّوءُ» ـ إذا دَعَوْا له أَنْ يُدْفَعَ عَنْهُ السُّوءُ.

خوط ، خيط : ثعلب ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ يقال : «خُط خُطْ» ـ إذا أَمَرْتَهُ أن يَخْتِلَ إنساناً بِرُمحِهِ.

وقال الليثُ وغيره : الْخُوطُ : الغُصْنُ النّاعِمُ. وأنشد :

سَرَعْرَعاً خُوطَا كغُصْنٍ نَابِتِ

وفي «النَّوَادِرِ» «تَخَوَّطْتُ فلاناً وتَخَوَّتُّهُ : تَخَوُّطاً ، وتَخَوُّتاً» ـ إذا أَتَيتُهُ الفَيْنَةَ بعد الفَيْنَةِ ـ أي : الحينَ بعد الحينِ.

وأما «خَاطَ .. يَخيطُ» فإنه يقال : خِطْتُ الثَّوْبَ أَخِيطُهُ ، خَيْطاً .. فهو مَخِيطٌ.

والخِيَاطُ : الإبْرَةُ ، ونَحْوُها .. ممَّا يُخَاطُ به ـ وهو المِخْيَطُ.

ومنه قول الله جلّ وعزّ : (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) [الأعراف : ٤٠] ـ أي : في خُرْتِ المِخْيَطِ.

ومثلُ «خِياطٍ ومِخْيَطٍ» : «لِحَافٌ ومِلْحَفٌ» و «سِرَادٌ ومِسْرَدٌ» و «إزَارٌ ومِئْزَرٌ» ، «وقِرَامٌ ومِقْرَمٌ.

والخِياطَةُ : حِرْفَةُ الخَيَّاطِ. وثوبٌ مَخِيطٌ.

وكان حَدُّهُ : «مَخْيُوطٌ» .. فَلَيَّنُوا الياءَ ـ كما ليَّنُوها في «خَاطَ» فالتَقَى ساكنانِ : سكونُ الياءِ وسكونُ الواو.

فقالوا : «مَخِيطٌ» لالتقاء السَّاكنِين أَلْقَوْا أَحَدَهُما.

وكذلك بُرٌّ مَكِيلٌ : الأصْلُ : «مَكْيُولٌ».

وقال ابنُ السِّكيت : إذا قالوا : «مَخِيطٌ» بَنَوْهُ عَلَى النُّقْصانِ .. لنُقْصَانِ الياءِ في «خِطْتُ».

والياءُ في «مَخِيطٍ» هي واو «مَفْعُولٍ» انقلبتْ ياءً لِسكُونها وانكسار ما قبلها ليُعلم أن الساقط ياءٌ.

قال. ومن قال : «مَخْيُوطٌ» أَخْرَجه على التَّمام.

قلت : وأَحْسَبُهُ حَكَى هذه العِلَّةَ عن الفرَّاء.

٢٠٨

وقال : أبو إسحاق في قول الله جلّ وعزّ : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) [البَقَرَة : ١٨٧] : هُما فجرَانِ.

أحدهما : يَبْدُو أَسْوَدَ مُعْترضاً ـ وهو الخَيْطُ الأسود.

والآخرُ يبدو طالعاً مستطيلاً يملأُ الأفُقَ .. فهو الخَيْطُ الأبيضُ.

قال : وحَقِيقَتُهُ : حتَّى يَتَبَيَّنَ لكُم الليلُ والنَّهارُ.

وقال الفرَّاءُ في قوله جلّ وعزّ : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) : قال رجلٌ للنّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أَهُوَ الخَيْطُ الأبيضُ والخَيْطُ الأسودُ؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إِنَّكَ لَعَرِيضُ القَفَا!! هُوَ اللَّيلُ مِنَ النَّهارِ».

والرجل إذَا عَرُضَ قَفَاهُ قلَّ فهمُهُ.

وأخبرني المنذري ـ عن أبي طالب ـ أنه قال : الخَيْطُ اللَّوْنُ ، واحتجَّ بقول الله عزوجل.

وقال أَبو دُوَادٍ الإيَادِيُّ :

فَلَمَّا أضاءَتْ لَنا سُدْفَةٌ

وَلَاحَ مِنَ الصُّبْحِ خَيْطٌ أنارَا

وقَوْلُهُ : أَضاءتْ لَنا سُدْفَةٌ هي ـ ههنا ـ الظُّلْمَةُ.

وَلَاحَ مِنَ الصُّبْحِ ـ أَيْ : بَدَا وَظَهَرَ.

وقال غيرُه : الْخَيْطُ : الْقَطِيعُ من النَّعَامِ ، واحِدُها : خَيْطَى.

وقال لَبِيدٌ :

وَخَيْطاً مِنْ قوَاضِبَ مُؤْلَفَاتٍ

كَأَنَّ رِئَالَها وَرَقُ الإفَالِ

وقال الليث : نَعَامَهٌ خَيْطَى .. وَخَيْطُهَا : طُولُ قَصَبِهَا وَعُنُقِهَا.

ويقال : هو ما فيها .. من اخْتِلَاطِ سَوَادٍ في بَيَاضٍ لَازِمٍ لها.

كالْعَيَسِ في الإبلِ الْعِرَابِ.

وقال غيرُه : يقالُ لِلْقَطِيع من النَّعَامِ : خِيطٌ وَخَيْطٌ وخَيْطَى.

وإنما خَيَّطَهَا أَنَّها تَتَقَاطَرُ ، وتَتَابَعُ كالْخَيْطِ الْمَمْدُودِ.

وقال اللَّيْثُ : يقال : خَاطَ فُلانٌ خَيْطَةً واحدةً ـ إذا سَارَ سَيْرَةً ، ولم يَقْطَعِ السَّيْرَ.

وَخَاطَ الحَيَّةُ ـ إذا انْسَابَ عَلَى الأرْضِ.

وأَنشدَ :

وَبَيْنَهُمَا مُلْقَى زِمَامٍ كَأَنَّهُ

مَخِيطُ شُجَاعٍ آخِرَ اللَّيْلِ ثَائِرِ

ومخِيطُ الحَيَّةِ : مَزْحَفُها.

وقال غَيْرُهُ : خَاط فلانٌ إلى فُلَانٍ ـ أَيْ : مَرَّ إليْهِ.

ويُقَالُ : خَاطَ فلانٌ بعِيراً بِبَعِيرٍ ـ إذا قَرَنَ بَيْنَهُمَا.

وفي «نوادر الأعْرَاب» : خَاطَ فلانٌ خَيْطاً ـ إذا مَضَى سَرِيعاً.

وتَخَوَّطَ تَخَوُّطاً .. مِثْلُهُ.

وكذلك : مَخَطَ في الأرض مَخْطاً.

أبو عبيد ـ عن الأصمعيِّ ـ خَيَّطَ الشَّيْبُ رَأْسَهُ وفي رأسهِ ولِحْيَتِهِ : صَارَ كَالْخُيُوطِ ، أَوْ ظهَرَ كالْخُيُوطِ ـ مِثْلُ وَخَطَ.

٢٠٩

وتَخَيَّطَ رَأْسُه : كذلك.

وقال أَبُو كَبِيرٍ :

حَتَّى يُخَيَّطَ بِالْبَيَاضِ قُرُونِي

وقال غَيْرُهُ : الْخَيْطَةُ : الْوتِدُ : قال أَبُو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ :

تَدَلَّى عَلَيْهَا بَيْنَ سِبٍّ وَخَيْطَةٍ

شَدِيدُ الْوَصَاةِ نَابِلٌ وابْنُ نَابِلِ

قال الأصمعي : السِّبُّ : الْحَبْلُ ، والْخَيْطَةُ الْوَتِدُ.

وفي الحديث : «أَدُّوا الْخِيَاطَ والْمِخْيَطَ».

أراد بالْخِيَاطِ ـ ههنا ـ : الْخَيْطَ ، وبالْمِخْيَطِ : الإبْرَةَ.

وقال أبو زيْدٍ : يقالُ : هَبْ لي خَيْطاً وخِيَاطاً ونِصَاحاً.

كُلُّهُ : الْخَيْطُ الَّذِي يُخَاطُ بهِ.

والْخِيَاطُ : الْمِخْيَطُ ـ في قولِ الله جلّ وعزّ ـ : (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) [الأعرَاف : ٤٠].

وقال ابن شُمَيْلٍ : في الْبَطْنِ مَقَاطُّهُ ومخِيطُهُ.

قال : ومَخِيطُهُ : مُجْتَمعُ الصِّفَاقِ ـ وهو ظَاهِرُ الْبَطْنِ.

وخط : قال الليثُ : يقال : وَخَطَهُ بالسَّيْفِ ـ أَيْ : تَنَاوَلهُ من بَعِيدٍ.

وقد وُخِطَ فلانٌ يُوخَطُ وَخْطاً.

وتقولُ : وخَطنِي الشَّيْبُ .. ووُخِطَ فُلَانٌ ـ إذا شاب رأسُه ـ فهوَ مَوْخُوطٌ.

ويقالُ : وَخَط في السَّيْرِ يَخِطُ ـ إذا أَسْرَعَ.

وكذلكَ وَخط الظلِيمُ ونحْوُهُ.

أبو عبيدٍ ـ عن الأصمعيِّ ـ : إذا خَالَطَتِ الطَّعْنَةُ الْجوْفَ ولم تَنْفُذْ .. فَذَلِكَ الْوَخْضُ .. وَالْوَخْطُ.

ووَخَطَهُ بالرُّمْحِ .. ووَخَضَهُ.

وأنشد :

وَخْطاً بِمَاضٍ في الْكُلَى وَخَّاطِ

قلتُ : ولم أَسْمَعْ لغير اللَّيْث ـ في تَفْسِيرِ «الْوَخْطُ» ـ أَنَّهُ الضَّرْبُ بالسَّيْفِ.

وأُرَاهُ أراد أَنَّهُ يَتَنَاوَلُهُ بِذُبَابِ السَّيْفِ طَعْناً ـ لا ضَرْباً.

وأَمَّا «الْوَخْط» في السَّيْرِ ـ بِمَعْنى السُّرْعَةِ ـ : فقد ذكَرَهُ أبو عبيدٍ عن أَصْحَابِهِ وهو صَحِيحٌ.

وكذلك «وَخْطُ الشَّيْبِ» : مِثْلُ «الْوَخْزِ» سَوَاءٌ.

وقال أبو عمرٍو : «وَخَطَهُ» بالرُّمْحِ ووَخَضَهُ.

قال : والْمِيخَطُ : الدَّاخِلُ ، ووَخَطَ ـ أيْ : دَخَلَ.

وقال أَبُو تُرَابٍ : سَمِعْتُ الْبَاهِلِيَّ يقولُ : وَخَطَهُ الشَّيْبُ ، ووَخَضَهُ بمعنى واحدٍ.

طخا : أبو عبيد ـ عن الأصمعِيِّ ـ : الطَّخَاءُ والطَّهَاءُ والطَّخَافُ .. كلُّهُ : السَّحَابُ الْمُرْتَفِعُ.

وقال اللّيْثُ : الطَّخْيَاءُ ظُلْمَةُ الْغَيمِ.

قال : والطَّخَاءةُ والطّهَاءةُ ـ من الْغَيْمِ ـ : كلُّ قِطْعَةٍ مُسْتَدِيرَةٍ تَسُدُّ ضوْءَ الْقَمَر.

ويقال لها : الطَّخْيَةُ ، وهي ما رَقَّ وانْفَرَدَ.

ويُجْمَعُ .. على الطِّخَاءِ والطِّهاءِ.

٢١٠

قال : ويقال للأحمَقِ : الطَّخْيَةُ.

والجميعُ : الطَّخْيُونَ.

وفي الحديث : «إنَّ لِلْقَلبِ طَخْأَةً كَطَخْأَةِ الْقَمَرِ».

ـ أي : شيئاً يَغْشاه كما يُغْشَى القمرُ.

وروى أبو عُبَيد في حديثٍ رفَعَه : «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ طَخاءً عَلَى قَلبِهِ فَلْيَأْكُلِ السَّفَرْجَلَ».

قال أبو عبيد : والطَّخَاءُ ثِقَلٌ وغِشَاءٌ وغَشْيٌ.

يقال : ما في السماء طَخَاءٌ ـ أي : سَحَاب وظُلْمَة.

قال : والطَّخْيَة : الظُّلْمَةُ الشديدة. وقال النابغَةُ :

فَلَا تَذْهَبْ بِعَقْلِكَ طَاخِيَاتٌ

مِنَ الْخُيَلَاءِ لَيْسَ لَهُنّ بَابُ

طيخ : أبو زيد : رجلٌ طَيْخَةٌ .. من رجالٍ طَيْخَاتٍ .. ولَطْخَةٌ ـ من رجالٍ لَطْخَاتٍ.

وهما معاً : الأحْمَقُ الذي لا خير فيه.

أبو عبيدٍ ـ عن أبي عبيدةَ ـ : الطَّيْخُ : الْكِبْرُ.

ثعلبٌ ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : المُطَيَّخُ الفَاسِدُ.

وأتانا فلانٌ زَمَنَ الطَّيْخَةِ ـ أي : زمنَ الْفِتْنَةِ والْحَرْب.

وقال اللِّحْيانيُّ : طَاخَ فلانٌ فلاناً يَطُوخُهُ ، ويَطِيخُهُ وطيَّخَهُ ـ إذا رَمَاهُ بِقَبِيحٍ .. من قوْلٍ أو فِعْل. ورجلٌ طَيَّاخَةٌ ـ وهو الذي يَتَطَيَّخُ في المجلِسِ بالخطإ.

أبو عُبَيدٍ ـ عن الكسائيِّ ـ : طَاخَ فلانٌ يَطِيخُ طَيْخاً ـ إذا تَلَطَّخَ بقَبِيحٍ.

وطِخْتُهُ أنا ، ويقال : طَيَّخْتُهُ.

وقال أبو زَيْدٍ : طَيَّخَهُ العذابُ ـ أي : أَلَحَّ عليه فأهلَكهُ.

وطيَّخَهُ السِّمَنُ ـ إذا امْتَلأ سِمَناً.

وقال أبو مَالِكٍ : يقال : طَيَّخَ أصحابَهُ ـ إذا شَتَمَهم فأَلَحَّ عليهم.

وقال الليث : الطَّيخُ : حِكَايَةُ الضّحِك.

تقول : قال الناسُ : طِيخِ طِيخِ ـ أي : قَهْقَهُوا.

أبواب الخاء والدال

خ د

(وايء) خاد (خود) ، داخ ، دوَّخ ، أخد : مستعملة.

خود ـ خيد : وقال الليثُ : الْخَوْدُ : الفتاةُ الشّابَّةُ ما لم تَصِرْ نَصَفاً .. وجَمْعُه : خَوْدَاتٌ.

أبو عبيد ـ عن الأصمعيِّ ـ :الْخَوْدُ ـ من النساء ـ : الحَسنَةُ الْخَلْق.

وقال أبو زيد : جَمْعُ خَوْدٍ : خُودٌ ـ بضم الخاء.

وقال الليثُ : يقال : خَوَّدْتُ الفَحْلَ تخْوِيداً ـ إذا أرسلْتَهُ في الإبل. وأَنشدَ :

وَخَوَّدَ فَحْلَهَا مِنْ غَيْرِ شَلٍ

بِدَار الرِّيحِ تخْوِيدَ الظَّلِيم

قلتُ : غَلِطَ الليثُ في تفسير التَّخْوِيد ..

أنه بمعنى إرسال الفَحْل.

٢١١

وغَلِط في تفسير البيت جُمْلَةً.

والبيتُ لِلَبيدِ في قصيدة له قرأتُها : يقال : خَوَّدَ البعيرُ تخْوِيداً ـ إذا أسرع ، والرِّوَايةُ :

وَخَوّدَ فَحْلُها مِنْ غَيرِ شَلٍ

وَصَفَ بَرْدَ الزَّمانِ ، وإسراعَ الفَحْل إلى مَرَاحِه مُبَادِراً هُبُوبَ الرِّيح الباردةِ أَصِيلاً ـ كما يُخَوِّدُ الظلِيمُ ـ إذا رَاحَ إلى بَيْضِه وأُدْحِيِّهِ.

وقال أبو عُبَيدٍ ـ عن أصحابه ـ : التَّخْوِيدُ سُرْعَةُ سير البعير فهذا هو الصحيحُ.

وأما قول الليث : خَوّدْتُ الفَحْلَ ـ إذا أرسلتُهُ في الإبل ، فهُو باطلٌ .. ما قاله أحدٌ.

وقال الليث : الْخِيدُ : فارِسيَّةٌ ـ حَوّلُوا الذّالَ دالاً فأَعْرَبُوهُ.

قلتُ : يُعْنَى به الرَّطْبَةُ.

خدي ... وخد : يقال : خَدَى البعيرُ .. يَخْدى خَدْياً ـ فهو خَادٍ ـ إذا أَسْرَع المشيَ.

ومثله : وَخَدَ يَخِدُ ، وخَوَّد يُخَوِّدُ.

كُلُّهُ بمعنًى واحد.

وقال الليثُ : الْوَخْدُ : سَعَةُ الْخَطْوِ في المشي.

ومثُلُهُ : الْخَدْيُ ـ لغتان.

يقال : وخَدَتِ الناقةُ. تخِدُ وَخْداً ووُخُوداً.

وخَدتْ تخْدِي خَدْياً.

وبَعِيرٌ وَخَّادٌ. وقال النَّابِغَةُ :

فمَا وَخَدَتْ بمِثْلِكَ ذاتُ غَرْبٍ

حَطُوطٌ في الزِّمامِ وَلَا لَجُونُ

وأنشد أبو عُبَيدٍ ـ في الناقة الوخُودِ :

 وَخُودٌ مِنَ اللَّائِي تَسَمَّعْنَ بالضُّحَى

قَرِيضَ الرُّدَافَى بالْغِنَاءِ المُهَوِّدِ

داخ ـ ودوَّخ : قال الليث : يقال : دَاخَ لنا فلان يَدُوخُ ـ إذا ذلّ وخضع.

وقد دَوَّخْنَاهُمْ تَدْوِيخاً .. ودُخْناهُمْ دَوْخاً.

قلتُ : ويقال : دَاخ يَدِيخُ إذا ذَلَّ.

وقد ديَّخْتُه وذَيَّخْتُهُ ـ بالدال والذال ـ إذا ذَلَّلْتُهُ .. فهو مدَيَّخٌ ومُذَيَّخٌ ـ أي : مُذَلَّلٌ.

قال ذلك ابن الأعرابي وحكاه أبو عبيد عن الأحْمَرِ ـ بالذال ـ أي : ذَيَّخْتُهُ.

فأنكرهُ شمِرٌ بالذّالِ ، وزَعَم أنه بالدال وهو صَحِيحٌ لا شكّ فيه ـ بالذال والدال.

وأنشد شمر :

قاعَ وَإنْ يَتْرُكْ فَشَوْلٌ دُوَّخُ

ودَوَّخَ فلانٌ البلادَ ـ إذا سار فيها حتى عَرَفَها ، ولم يَخْفَ عليه طُرُقُها.

وروى اللَّيث ـ في هذا الباب ـ حَرْفاً صَحّفَه فقال : أخد : قال : والْمُستَأْخِدُ : الْمُستَكينُ. قال : ومَرِيضٌ مُستأخِدٌ ـ أي : مُستكينٌ لمرضه.

قلتُ : هذا حَرفٌ مُصَحَّفٌ ، قُلبَت الذّال دَالاً فيه.

والصّوَابُ : «الْمُستأخِذُ» ـ بالذَّال .. وهو الذي يَسيل الدّم من أَنفِه.

ويقال .. للذي بعَينهِ رَمَدٌ : مُستأخِذٌ ـ أيضاً.

٢١٢

وأقرَأَني الإياديُّ ـ عن شمرٍ ـ لأبي عُبَيدٍ ـ عن الأصمعيِّ ـ : «الْمُسْتَأْخِذُ» : الْمُطَأطِىءُ رأْسَه من وَجَعٍ.

وهذا كلُّهُ بالذّال. ومَوضِعها في «باب الخاء والذال».

باب الخَاء والتاء

خ ت

(وايء) ختا (اخْتتا) ، خات ، تاخ ، وتخ : مستعملة.

ختا و (اختتأ) : قال الليث : خَتَا الرَّجلُ .. يَخْتُو خُتُوّاً وهو أَنْ تَرَاهُ منكسراً ـ من حُزْنٍ أو مَرَضٍ ـ مُتَخَشِّعاً.

ويقال : أَرَاكَ اخْتَتَأْتَ من فلان فَرَقاً.

وقال العَجَّاجُ :

مُخْتَتِئاً لِشَيِّئَانِ مِرْجَمِ

شَيِّئَانٌ بوزْنِ شَيِّعَانٍ.

ومَفازةٌ مُخْتَتِئَةٌ : لا يُسْمَعُ فيها صوتٌ ولا يُهْتَدَى فيها السَّبيلَ.

أبو عُبيد ـ عن الكسائيِّ ـ : اخْتَتَأْتُ له اخْتِتَاءً ـ إذا خَتْلَته.

وقال أبو زيدٍ ـ في كِتاب «الهمْزِ» : اخْتَتَأْتُ من الرَّجُلِ اخْتِتَاءً ـ أي : اخْتَبَأتُ منه.

قال : واخْتَتَأْتُ أيضاً اختِتَاءً إذا مَا خِفْتَ أن يَلحقَكَ من المَسَبَّةِ شيءٌ ، أو .. من السلطان.

وقال أبو الهيثم : قال أَعْرابيٌّ : رأيتُ نَمِراً .. فاخْتَتَأَ .. لي.

وقال الأصمعيُّ : «فَاخْتَتَأ» : ذَلَّ. وقال مرَّةً : اختبأَ.

وأنشَد :

كُنَّا ـ ومَنْ عَزَّ بَزَّ ـ نَخْتبِسُ النا

سَ وَلا نَخْتَتِي لِمُخْتَبِسِ

 ـ أيْ : لا نَذِلُّ.

وقال أبو عمرٍو : الْمُخْتَتى : الذَّليلُ.

ورَوَى أبو ترابٍ ـ للكسائيِّ ـ : هو خاتلٌ له .. وَخَاتٍ لهُ : بمعنًى واحدٍ.

وقال أَوْسُ بنُ حَجَرٍ :

يَدِبُّ إليه خاتِياً يَدَّرِي له

لِيَعقِرَهُ في رَمْيهِ حينَ يُرْسِلُ

وقال الليث أيضاً : المُخْتَتِي : الذَّلِيلُ.

وإذا تَغَيَّرَ لونُ الرجُل ـ من مَخافة شيء نحوِ السُّلطانِ وغيرِه ـ فقد اختَتَأَ.

ثعلبٌ ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : قال : الْخَتَى : الطَّعْنُ الْوِلَاءُ.

خيت ، خوت : أبو عُبَيد : الخائتةُ من العِقْبَانِ : التي تَخْتَاتُ.

وهو صَوْت جَناحَيْها ـ إذا انقَضَّتْ فسمعْتَ صوتَ انقضاضِها.

يقال : خاتَتْ تَخُوتُ. وقال ابنُ رِبْعٍ الهُذَلِيُّ :

تَخُوتُ قُلُوبَ القومِ مِن كلِّ جانبٍ

كَمَا خَاتَ طَيْرَ الماءِ وَرْدٌ مُلَمَّعُ

وقال آخرُ :

يَخُوتُونَ أُخْرَى القوْمِ خَوْتَ الأجادِلِ

وقال الليثُ : يقال : عُقَابٌ خائِتةٌ : تُصَوِّتُ بجناحَيْهَا .. ولهما حَفِيفٌ.

٢١٣

وسمِعْتُ خَوَاتَها ـ أيْ : حَفِيفَها وصَوْتَها.

أبو عُبيد ـ عن أبي زيد ـ : الْخَوَاتُ والحَرَاةُ والوَحَاةُ : الصَّوْتُ.

وقال أَبُو نُخَيْلَةَ :

أو كَاخْتِيَاتِ الأَسَدِ الشَّوِيَّا

الشَّوِيّا : جَمْعُ شَاةٍ.

ويقال : اخْتَاتَ الذِّئْبُ شاةً من الغَنم اخْتِيَاتاً ـ إذا اختَطَفَها.

وكذلك : اختَاتَ الصَّقْرُ الطيْرَ.

وكلُّ اختِطَافٍ : اخْتِيَاتٌ وَخَوْتٌ.

وفي حديث أبي جَنْدَلِ بن عمرِو بن سُهَيْلٍ أَنَّهُ اخْتَاتَ للضَّرْبِ .. حتى خِيفَ عَلَى عَقْلِهِ.

قال شَمِرٌ : هكذا رُوِي.

والمعروف : أَخَتَّ الرجُلُ ، فهو مُخِتٌّ ـ إذا انكَسَر واسْتَحْيا. والمُخِتُّ : المنكَسِرُ.

قال : والمُختَتِي : نحوُ الْمُخِتِّ .. وهو المُتَصَاغِرُ .. المُنْكَسِرُ.

توخ ـ وتخ : قال الليثُ : تاخَتِ الإصبُعُ في الشيء الْوَارمِ الرِّخْوِ.

وأنشد بيتَ أبي ذُؤَيبٍ :

بِالِّنِّي فَهْيَ تَتُوخُ فيهِ الإصْبَعُ

قال : ويُرْوَى : فَهِيَ تَثُوخُ. بالثَّاءِ.

قلتُ : ثَاخَ وسَاخَ : معروفان بهذا المعنَى.

وأمَّا «تاخَ» ـ بمعناهما ـ : فلا أَحْفظُه لغير اللَّيْثِ.

وفي الحديث : «أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أُتِيَ بِسَكْرَانَ فأَمَرَ به حتَّى ضُرِبَ بِالْمِتِّيخَةِ».

ورَوَى عثمانُ بنُ سَعيدٍ ـ عن أحمدَ بن صالحٍ ـ أنه قال ـ في قولِه : «ضُرِبَ بالْمِتِّيخَةَ» ـ : هي الجَرائدُ الرَّطْبَةُ.

ورَوَى أبو العبَّاس ـ عن ابن نَجْدَةَ عن أبي زَيْدٍ ـ أَنَّهُ قال : يقال للعَصا : الْمِتْيَخَةُ ـ بِسُكُون التاء وفتح الياء.

قال : وهِيَ الْمِيتَخَةُ أيضاً ـ الياءُ قبْلَ التاء والمِيمُ مكسورةٌ ـ.

قال : وهِيَ الْمِتِّيخَة ـ التَّاءُ مُشَدَّدةٌ قبْلَ الياءِ السَّاكنةِ والميمُ مَكسورةٌ. ثلاثُ لُغاتٍ.

فمن قال : «مِيتَخَةٌ» فهي مَأخوذةٌ مِنْ وَتَخَ يَتِخُ.

ومن قال : «مِتْيَخَةٌ» فهي مِنْ تَاخَ يَتِيخُ.

ومَنْ قال. «مِتِّيخَةٌ» فهي «فِعِّيلةٌ» مِنْ مَتَخَ الجرادُ ـ إذا رَزَّ ذَنَبَهُ في الأرض.

وقال الليثُ : تاءُ «الأخْتِ» : أَصْلُها هاءُ التأنيث.

باب الخاء والظاء

خ ظ

(وايء) قلتُ : أُهْمِلَتْ وُجُوهُها غيرَ : خظا.

خظا : قال اللّيثُ : يقال : خَظَا يَخْظُو وَخَظِيَ يَخْظَى .. فَهُوَ خَاظٍ وَخَظٍ ـ وهو المكْتَنِزُ اللَّحْمِ.

والْخَظَاةُ ـ من كلِّ شيءٍ ـ : المُكْتَنِزَةُ.

وأنشد :

لها مَتْنَتانِ خَظَاتَا كَمَا

أَكَبَّ عَلَى سَاعِدَيْهِ النَّمِرْ

٢١٤

قال بعضُ النَّحْوِيِّينَ : كُفَّ نُونُ «خَظَاتَانِ» ـ كما قالوا : «اللَّذَا» ، وهُمْ يُرِيدون «اللَّذَانِ».

وقال الأَخْطَلُ :

أَبَنِي كُلَيْبٍ إنَّ عَمَّيَّ اللَّذَا

قَتَلَا المُلُوكَ وَفَكَّكَا الأَغْلَالا

وقيل : بل أُخْرِجَتْ على أصل التصريف.

كما يقال ـ للذكر ـ «خَظَا» .. قالوا : للمرأتين : «خَظَاتَا» .. لأن الواحدة يقال لها : «خَظَتْ ، وغَزَتْ» ـ فَتُسْقِطُ الألِفَ التَّاءُ فلما تحركَتِ التَّاءُ في قولكَ : «خَظَتَا وَغَزَتَا» كان في القياس : أن تُتْرَكَ الألِفُ مكانها «خَظَاتَا وَغَزَاتَا» ولكنهم بَنَوُا التثنيةَ على عَقِب فِعْلِ الْوَاحِدِ .. فَأَلْزَمُوا طَرْحَ الألِف ، وكان في «خَظَاتَا» رِوَايةٌ على هذا الْقِياس ـ فافهم.

فإذا جَمَعْتَ «الْخَظَاةَ» بالتاء. قلتَ : خَظَوَاتٌ لأنَّ أَصْلَها الواوُ.

أبو عبيد ـ عن الفراء ـ : «خَظَا» و «بَظَا» و «كَظَا» ـ بغير هَمْزٍ ـ يعني اكتنزَ. ومِثْلُه : «يَخْظُو ، ويَبْظُو ، ويَكْظُو».

وقال شمر : يقال «خَظَا يَخْظُو خَظْواً» و «بظا يبظو بَظْواً».

وأنشد :

بِأَيْدِيهِمْ صَوارِمُ مُرْهَفَاتٌ

وكُلُّ مُجَرَّبٍ خَاظِي الْكُعُوبِ

قال : والْخَاظِي : الْغَلِيظُ الصُّلْبُ.

وقال الهُذَلِيُّ يصفُ حِماراً :

خَاظٍ كَعِرْقِ السِّدْرِ يَسْ

بِقُ غَارَةَ الْخُوصِ النّجَائِبِ

وأخبرني المنذريُّ ـ عن ثعلب عن ابن الأعرابيِّ ـ أنه قال ـ في قول امرىء القيس :

لَهَا مَتْنَتَانِ خظاتَا

أراد : «خَظَاتانِ» .. فأسقط النون. وقال أبو الهيثم : يقال فرس خَظٍ بَظٍ.

ثم يقال : خَظَا بَظَا ـ وكذلك خَظِيَةٌ بَظِيَةٌ.

ثم يقال : خَظَاةٌ بَظَاةٌ ـ تُقْلَبُ الياءُ أَلفاً ساكنة .. على لغة طَيِّيءٍ. وأنشد :

وَمَتْنَانِ خَظاتَان

كَزُحْلُوفٍ مِنَ الهَضْبِ

أراد «خَظِيَتَانِ». وأنشد :

أَمْسَيْنَا أَمْسَيْنَا

وَلَمْ تَنامِ الْعَيْنَا

كان أصله : «ولَمْ تَنَم الْعَيْنَانِ».

فلما حَرَّك المِيمَ لاستقبالها اللامَ : رَدَّ الأَلِفَ وأنشد :

مهْلاً ـ فِداءٌ لَكَ يا فَضَالهْ

أَجِرَّهُ الرُّمْحُ ولَا تُهَالَهْ

أراد : «ولا تُهَلْهُ».

وقال آخَرُ :

حَتَّى تَحَاجَزْنَ عَنِ الذُّوَّادِ

تَحاجُزَ الرِّيِّ وَلَمْ تَكادِ

أراد : ولم تَكَد

فلما حَرَّكَتِ القافيةُ الدالَ : ردَّ الألف.

قلت : وأما قولهم : حَظِيَتِ المرأةُ وبَظِيَتْ ـ من الْحُظْوَةِ ـ فهو بالحاء .. ولم أسمع فيه الخاء.

٢١٥

باب الخاء والذال

خ ذ

(واىء) خذي ، خذأ ، أخذ ، ذوخ ، خاذ ، ذيخ : مستعملة.

خذي : قال الليث : خَذِيَ الحمارُ يَخْذَى خَذاً .. فهو أَخْذَى الأُذُنِ ـ إذا انكسرتْ أُذُنُهُ.

وأُذُنٌ خَذْوَاءُ ، وَأَتَانٌ خَذْوَاءُ.

والجميع : الخُذْيُ.

وهو الرِّخْوُ رَانِفِ الأُذُنِ.

وكذلك : فَرَسٌ أَخْذَى .. والأُنْثَى خذْوَاءُ.

قلتُ : جَمْعُ الأَخْذَى : خُذْوٌ ـ بالواو ـ لأنه من بنات الواو.

كما قيل في جمع «الأعشى : عُشْوٌ».

وقال أبو عبيد : أُذُنٌ خُذَاوِيَّةٌ .. من آذان الخيل. وأنشد :

لَهُ أُذُنَانِ خذَاوِيَّتَانِ

وَبالْعَيْنِ يُبْصِرُ ما في الظلَمْ

قال : وهي الخفيفة.

وأما الأُذُنُ الْخَذْوَاءُ فهي التي استرخَتْ من أصلها على الخدَّيْنِ.

الليث : رجلٌ خِنْذِيَانٌ كَثِيرُ الشَّرِّ.

قلتُ : ليس من هذا الباب.

خذأ : قال الليث : خَذِىءَ الإنسانُ يَخْذَأُ خَذَءاً ـ مَهْمُوزٌ ـ وخَذِئْتُ لِفُلانٍ ، واسْتَخْذَأْتُ له ـ إذا انقدتُ له.

أبو زيدٍ ـ في الْهمْزِ ـ : خَذِئْتُ له خَذَءاً ـ إذا اسْتَخْذَأْتُ له.

أخذ : قال الليث : أَخَذَ يَأْخُذُ أَخْذاً ـ وهو خلاف العطاء .. وهو التناول.

والأُخْذَةُ : رُقْيَةٌ تَأْخُذُ العينَ .. ونَحْوُها.

قال : والإخَاذَةُ : الضَّيْعَةُ .. يَتَّخِذُها الإنسانُ لنفسه.

وفي حديثِ مَسْرُوقٍ أَنَّه قال : ما شَبَّهْتُ بأصحاب مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلَّا الإخَاذَ.

تَكْفي الإِخَاذَةُ الراكبِ.

وتَكفي الإِخَاذَةُ الراكَبين.

وتَكفي الإِخَاذَةُ الْفِئَامَ من الناس.

وقال أبو عُبَيْدٍ : هو «الإِخَاذُ» ـ بغير هاءٍ ـ وهو مُجْتَمَعُ الماءِ .. شَبِيهٌ بالغَدِيرِ.

وقال عَدِيُّ بْن زَيْدٍ .. يصف مطراً :

فَاضَ فِيه مِثْلُ الْعُهُونِ مِنَ الرَّوْ

ضِ ، وَمَا ضَنَ بالإخَاذِ غُدُرْ

قال : وجمع «الإخاذ» : «أُخُذٌ» ، وقال الأخْطَلُ :

فَظَلَّ مُرْتَبِياً والأُخْذُ قَدْ حَمِيَتْ

وَظَنَّ أَنَّ سَبِيلَ الأُخْذِ مَثْمُودُ

قال ذلك كلَّهُ أَبو عُبيدَةَ.

وقاله أبو عَمْرٍو .. وزاد فقال : وأمَّا «الإخَاذَةُ» بالهاء فإنها : الأرضُ .. يَأَخُذُهَا الرجلُ فيحُوزُها لنفسِه ويتَّخِذُها ، ويُحْيِيهَا.

شَمِرٌ ـ عن أبي عَدْنَانَ ـ قال : «إِخَاذٌ» : جَمْعُ «إِخَاذَةٍ» ، و «أُخُذٌ» : جمعُ «إِخَاذٍ».

٢١٦

قال : وقال أبو عبيْدَةَ : الإخَاذَةُ والإخَاذُ ـ بالهاء وغير الهاءِ ـ : جمْعُ إِخْذٍ والإخْذُ : صِنْعُ الماء .. يجتمعُ فيه.

وفي «النَّوادِر» : إخَاذَةُ الْحَجَنَةِ : مَقْبِضُها وهي ثِقَافُهَا.

وجاءَتِ امرأَةٌ إلى عائِشَة رضي‌الله‌عنها فقالَتْ لها : «أُقَيِّدُ جَمَلِي؟».

وفي حديثٍ آخَرَ : «أُؤَخِّذُ جَمَلي؟» فلم تَفْطُنْ لها عائِشة حتى فُطِّنَتْ فأَمَرَتْ بإخْرَاجهَا.

والتَّأْخِيذُ : أن تحتالَ المرأَةُ بِحِيَلٍ من السِّحْرِ تمْنَعُ بها زوجها من جِمَاعِ غَيرها.

يقال : إنَّ لِفُلَانةَ أُخْذَةً تُؤَخِّذُ بها الرِّجَالَ عن النِّساء.

وقد أَخَّذَتْهُ السَّاحِرَةُ تُؤخِّذُهُ تَأْخِيذاً.

ومن هُنا قيل للأسير : أَخِيذٌ.

وقد أُخِذَ فلانٌ ـ إذا أُسِرَ.

ومنه قولُ الله جلّ وعزّ : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ) [التّوبَة : ٥].

معنَاهُ ـ والله أعلم ـ : ائْسِرُوهُمْ.

أبو عبيد ـ عنْ أبي زيد ـ : مِنْ أَمْثَالِهمْ : «إِنَّهُ لأَكْذَبُ مِنَ الأَخِيذِ الصَّبْحَانِ».

قال : وقال الفرَّاءُ : فلانٌ أَكْذَبُ من أَخِيذِ الْجَيْشِ وهو الذي يَأْخُذُه الْعَدُوُّ فَيَستَدِلُّونَهُ على قومه فهو يَكْذِبُهُمْ بِجُهْدِهِ.

وأخبرني المنذريُّ ـ عن الْمُفَضَّل بنِ سَلَمَة عن أَبيه ، عن الفرَّاء ـ أنه قال : إنَّه لأَكْذَبُ من الأَخِذِ الصَّبْحَانِ» بلا ياء.

قال : وهو الفَصِيلُ الذي اتَّخَمَ من اللَّبَنِ.

يقال منه : قد أَخَذَ يَأْخُذُ أَخْذاً.

أبو عبيد ـ عن الفرَّاءِ ـ : يُقالُ : بِعَيْنِه أُخُذٌ ، وهو الرَّمَدُ.

وقال أَبُو ذُؤَيْبٍ :

يَرْمِي الْغُيُوبَ بعَيْنَيهِ ومَطْرِفهُ

مُغْضٍ كمَا كَسَفَ الْمُسْتأْخِذُ الرَّمِدُ

وَالْمُسْتأْخِذُ : الذي بِهِ أُخُذٌ ـ وهو الرَّمَدُ.

عمرو ـ عن أبيه ـ يُقال : أَصْبح فلانٌ مُؤتَخِذاً .. لمرضِه ، ومُسْتَأْخِذاً ـ إذا أَصْبَح مُسْتكِيناً.

والعرب تقول : لو كنتَ مِنَّا لأَخَذْتَ بإخْذِنَا ـ بكسر الألِفِ ـ أي : أَخَذْتَ بشكلِنَا وَهَدْينَا.

وقال ابن السِّكِّيت : يُقال : ذهبَ بَنُو فلانٍ ومَنْ أَخَذَ إِخْذُهُمْ .. وَأَخْذُهمْ.

يَكسِرُون الألِفَ ، ويَضُمُّون الذَّالَ.

وإِنْ شئتَ فَتَحْتَ الألفَ ، وضمَمْتَ الذال أيْ : ومن سَارَ سَيْرَهُمْ.

قال : وقومٌ يَفْتَحُون الألفَ ويَنْصِبُون الذَّالَ.

هكذا رَوَاهُ لنا المنْذِرِيُّ ـ عن الحرَّانِيِّ عنِ ابْنِ السِّكِّيتِ.

وقال غيرُه : اسْتُعْمِلَ فلانٌ على الشَّأم وما أَخَذَ إِخْذَهُ بالْكمْرِ ـ أيْ : وَما وَالاه.

ونجومُ الأَخْذِ : هي نُجُومُ منازِلِ الْقَمر سُمِّيَتْ نُجُومُ الأخْذِ .. لأخْذِ القمر في منَازِلها.

وقال أَبو عُبَيد : أنشدنا الْفَرَّاءُ :

٢١٧

وَأَخْوَتْ نُجومُ الأخْذِ إلَّا أَنِضَّةً

أَنِضَّةَ مَحْلٍ لَيْسَ قاطِرُهَا يُثْرِي

قال : الأخْذُ : أن تَأْخُذَ كلّ يَوْم في نَوْء.

وقال الْقُتَيبيُّ : نُجُوم الأخْذِ : مَنَازِلُ القَمَر : سُمِّيَتْ «نُجُومَ الأَخْذِ لأخْذِ الْقَمَر كلّ لَيْلةٍ في مَنْزِل منها.

قال : وقيل : نُجُومُ الأَخْذِ : التي يُرمى بها مُسْتَرِقُ السمع من الشَّياطين والأوَّل أَصحُّ.

وقال الليثُ : أَخِذَ البعيرُ يَأْخَذُ أَخَذاً وهو كهَيْئة الْجُنون.

وكذلِك الشَّاةُ تَأْخَذُ أَخَذاً كَهَيْئَةِ الْجُنون.

وقال غيرُه : الأَخَذُ : مصدرُ «أَخِذَ» الْفَصِيلُ «يَأْخَذُ أَخَذاً».

وهو أَن يَتَّخِمَ من شُرْب اللَّبَنِ.

ويقال : ائْتَخَذَ القومُ .. يَأْتَخِذُون ائتِخَاذاً.

وذلك : إذا تَصَارَعوا .. فَأَخَذَ كلُّ واحِدٍ منهم عَلَى مُصارِعِهِ «أُخْذَةً» يَعْتقلُهُ بها.

وجمعُها .. أُخَذٌ.

ومنه قَوْلُ الرّاجزِ :

أَهَكَذَا ولمْ يَكُنْ كَرٌّ وَكَرْ

وَأُخَذٌ وَشَغْزَبِيَّاتٌ أُخَرْ

وقال اللَّيْثُ : يُقال : اتَّخَذَ فلانٌ مالَ الله دُوَلاً يَتَّخِذُه اتِّخَاذاً.

وتَخِذَ يَتْخَذُ تَخَذاً : بمَعْناه.

وتَخِذْتُ مالاً ـ أَي : كَسَبْتُه.

أُلْزمَتِ التاءُ الحرفَ ـ كأَنها أصليَّةٌ .. كما قال الله جلّ وعزّ : (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) [الكهف : ٧٧].

وقال الفراء : قرأ مُجَاهِدُ : «لَتَخِذْتَ» قال : وأنشدني القَنَانِيُّ :

تَخِذَهَا سُرِّيَّةً تُقَعِّدُه

أَيْ : تَخدُمُهُ. قال : وأَصْلُهَا : «افْتَعَلْتَ».

قلتُ : وقد صحَّت هذه القراءةُ عن ابن عبَّاس .. وبها قرأ أبو عَمْرِو بْن الْعَلَاءِ.

وأَفادني المنذريُّ ـ عن ابن اليَزِيدِيِّ عن أَبي زيدٍ ـ : أَنَّه قرأَ «لَوْ شِئْتَ لَتَخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً».

قال : وكذلك هو مَكْتُوبٌ في «الإمَامِ» ، وبه يَقْرَأ القُرَّاءُ.

ومن قَرَأَ «لَاتَخَذْتَ» ـ بفتح الخاءِ وبالألفِ ـ فإنهُ يخالفُ الكِتَابَ.

وقال اللَّيْثُ : مَن قرأَ «لَاتَّخَذْتَ» فقد أَدْغَمَ التَّاء في الياءِ ـ فاجتمع هَمْزَتانِ فصُيِّرَتْ إحدَاهُما «يَاءً» وأُدْغِمَتْ كرَاهةَ التِقائهمَا.

قال : والإخذُ ما حَفَرْتَ ـ كهيئةِ الْحَوْضِ ـ لِنَفْسِكَ.

والْجَمِيعُ : الأُخْذَانُ ـ تُمْسِكُ الْمَاء أَيَّاماً.

والأمْرُ مِنْ «أَخَذَ يَأْخُذُ» : «خُذْ» وللاثنين : «خُذَا» ، وللجميع : «خُذُوا».

ذوخ : (ذوذخ وخواخ) : أبو العبَّاسِ ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ قال : الذَّوْذَخُ ، والْوَخْوَاخُ : الْعِذْيَوْطُ.

خوذ : أبو عبيد ـ عن الأُمَوِيِّ ـ : خَاوَذْتُهُ مُخَاوَذَةً ـ إذا فَعَلْتُ مثلَ فعلهِ.

قلت : وأَنْكَرَ شَمِرٌ «خَاوَذْتُ» بهذا المعنى ، وذكرَ أنَ الْمُخاوَذَةَ والْخِوَاذَ : الفِرَاقُ.

٢١٨

وأَنشد :

إذِ النَّوى تَدْنُو عَنِ الْخِوَاذِ

وأخبرني المنذريُّ ـ عن أبي طَالِبٍ .. عن أبيه .. عن الفَرَّاءِ ـ أنَّه قال : الْحُمَّى تُخَاوِذُهُ ـ إذا حُمَّ في الأيام ..

وفلان يُخَاوِذُنا بالزِّيارةِ ـ أَيْ : يتعَهَّدُنا بالزَّيارة.

قلتُ : والذي حَفِظْتُهُ وسمعْتُه ـ من العرب ـ في «الْخِوَاذِ» : أنَّ حِلَّتَيْنِ منهم نَزَلَتَا على ماءٍ عَضُوضٍ لا يُرْوِي نَعَمَهُمَا في يوم واحد .. فسمعتُ بَعْضَهم يقول لبعضٍ : خَاوِذُوا وِرْدَكُمْ تُرْوُوا نَعَمَكُمْ.

ومعناه : أَنْ تُورِدَ إحدَى الحِلَّتَيْنِ نَعَمَها يوماً ، ونَعَمُ الأخرى في المَرْعَى .. فإذا كان اليومُ الثاني أَوْرَدَتِ الأُخرى نَعَمَها وإذا فعلوا ذلك كان وِرْدُهُمْ غِبّاً.

وذلك أنهم إذا جَمَعوا نَعَمَهم في يومٍ واحدٍ عَلَى الماء .. نَزَحُوهُ ، وصدَرَتْ النَّعَمُ غَيْرَ رِوَاءٍ.

فهذا معنى «الْخِوَاذِ» عندهم.

ويقال : ذهب فلانٌ في خَوْذَانِ الْخَامِلِ ـ إذا أُخِّرَ عن أهل الفَضْلِ.

ومنه قول عَمْرو بْنِ أَحْمَرَ :

إذَا سَبَّنَا مِنْهُم دَعِيٌّ لأُمِّهِ

خَلِيلَانِ مِنْ خَوْذَانِ قِنٍّ مُوَلَّدِ

أبو العبَّاس ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ قال : هو من «خَوْذَانِ» النَّاس ، وهَلَاثِيِّهِمْ ، وقَزَمِهِمْ وخَدَمِهِمْ.

وفي «النَّوَادر» : يقال : أَمْرٌ خَائِذٌ لَائِذٌ ، وأَمْرٌ مُخَاوِذٌ مُلَاوِذٌ ـ إذا كان مُعْوِراً.

ذيخ : أبو عبيد ـ عن أَبي عَمْرٍو ـ قال : الذِّيخُ : الضِّبْعَانُ الذكَرُ.

وقال غيرُه : في فلان ذِيخٌ ـ أَيْ كِبْرٌ.

أبو عبيد ـ عن العَدَبَّسِ الكِنَانيِّ ـ قال : الذِّيخُ : الْقِنْوُ من أَقْنَاءِ النَّخْلِ وجَمْعُه : ذِيخَةٌ.

قال أبو عبيدٍ : وقال الأحْمَرُ : ذَيَّخْتُهُ تَذْيِيخاً ـ إذا ذلَّلْتُهُ.

قلتُ : وقد رُوِيَ ـ عن ابن الأعرابي أنَّهُ قال : ذَيَّخْتُهُ ودَيَّخْتُهُ ، بالذَّالِ والدَّالِ ـ إذا ذَلَّلْتُهُ. وهُمَا لُغتانِ.

باب الخاء والثاء

خ ث

(وايء) خوث ، ثاخ ، خثي ، وثخ ، خيث : مستعملة.

خوث : قال الليثُ : خَوِثَتِ المرأةُ تَخْوَثُ خَوَثاً.

قال : وخَوَثُهَا عِظَمُ بطنها في اسْتِرْخاءٍ.

قال : ويقال : بَلِ الْخَوْثَاءُ : الْحَدَثَةُ الناعمة ... ذاتُ صُدْرَةٍ.

والْجَوْثَاءُ ـ بالجيمِ ـ الْعَظِيمةُ البطن عند السُّرَّةِ. ويقال : بل هو كَبطْنِ الْحُبْلَى.

وأنشد لأميَّةَ بْنِ حُرْثَانَ :

 عَلِقَ الْقَلْبُ حُبَّهَا وهَوَاهَا

وَهْيَ بِكْرٌ غَرِيرَةٌ خَوْثَاءُ

قال : ويقالُ : الْخَوَثُ : امْتِلَاءُ الصَّدْرِ.

٢١٩

ورُوِيَ ـ لابن السِّكِّيت أو غيرهِ عن أبي زَيْد ـ أنَّهُ قال : الْخَوْثَاءُ : الْحِفضَاجَةُ مِنَ النِّسَاءِ.

وقال ابن شميلٍ ـ في باب الخاء ـ : الْخَوْثَاءُ : النَّاعمةُ التَّارَّةُ.

قال : وقال أُمَيَّةُ بْنُ حُرْثَانَ :

وَهْيَ خَوْدٌ عَمِيمَةٌ خَوْثَاءُ

وقال ذُو الرُّمَّةِ :

بهَا كُلُ خَوْثَاءِ الْحَشَا مَرَئِيَّةٍ

رَوَادٍ يَزِيدُ الْقُرْطَ سُوءاً قَذَالُهَا

قالوا : «الْخَوْثَاء» : الْمُسْتَرْخِيةُ الْحَشَا و «الرَّوَادُ» : التي لا تستقِرُّ في مكانٍ .. إنَّما تَجِيءُ وتَذْهَبُ.

قال أبو مَنْصُورٍ : الْخَوْثَاءُ ـ في بيت ابْن حُرْثَانَ ـ : صِفةٌ مَحْمُودةٌ وفي بيت ذِي الرُّمَّةِ : صِفَةٌ مَذْمُومَةٌ.

خثى : أبو عبيد ـ عن الفرَّاء والأصمعيِّ ـ خَثَى الثَّوْرُ يَخْثِي خَثْياً. قال : وواحدُ الأخْثَاءِ : خِثْيٌ.

وقال ابن الأعرابي : الْخِثْيُ : للثّوْر.

ثوخ : قال الليث : ثَاخَتِ الإصْبَع في الشيء الوَارِم.

وقال غيرُه : ثَاخَ وَساخَ : بهذا المعنى.

وأنشد قوله :

بِالنِّيِّ فَهْيَ تَثُوخُ فِيهِ الإصْبَعُ

وقال ابن السِّكِّيت : ثَاخَ وَساخَ في الأرض السهلة ـ إذا ذَهَبَ فيها سُفْلاً.

خيث : أبو العبَّاس ـ عن عمرٍو .. عن أبيه ـ قال : التَّخَيُّثُ : عِظَمُ البطن ، واسترخاؤه.

والتَّقَيُّثُ : الْجَمْعُ والمَنْعُ. والتَّهَيُّثُ : الإعْطَاء.

وثخ : في النوادر» : يقال لِمَا اختلط مِنْ أجنَاس العُشْبِ الْغَضِّ ـ : وَثِيخَةٌ ووَسِيغَةٌ ـ بالغَيْن والخاء.

وقال ابنُ الأعرابيِّ : يقال : في الْحَوْضِ بِلَّةٌ وَهِلَّةٌ ووَثَخَةٌ .. مِنْ ماءٍ.

باب الخاء والراء

خ ر

(وايء) خير ، خرأ ، خور ، ريخ ، رخى (رخوا) ، رخو ، ورخ ، أخر ، أرخ : مستعملة.

ريخ : قال الليث : التَّرْيِيخُ : ضَعْفُ الشيء ووَهْنُه.

قال : ويُسَمَّى العُظَيْمُ الهَشُّ الوَالِجُ في جَوْف القَرْن ـ : «مُرَيَّخَ الْقَرْنِ».

قال : ويقال : ضَرَبوا فلاناً حتى رَيَّخُوهُ ـ أي : أَوْهَنُوهُ. وأنشد :

بِوَقْعِهَا يُرَيَّخُ الْمُرَيَّخُ

وَالْحَسَبُ الأوْفَى وَعِزٌّ جُنْبُخُ

قال : والْمُرَيَّخُ : الْمُرْدَاسَنْجُ.

قلتُ : أما العُظَيْمُ الهَشُّ الْوَالِجُ في جَوْفِ الْقَرْنِ ، فإِنّ أَبَا خَيْرَةَ قال : هُوَ المَرِيخُ والمَرِيجُ.

ويجْمَعان : «أَمْرِخَةً» و «أَمْرِجَةً».

رواه أبو تُرَابٍ لَهُ ـ في كتابِ «الاعْتِقَاب».

قال : وسأَلْتُ عنهما أَبَا سَعيدٍ ..؟ فلم يَعْرِفْهما.

قال : وعَرَفَ غيرُه «المَرِيخَ» : الْقَرْنَ الأبيَضَ .. الذي يكُونُ في جَوْفِ الْقَرْنِ.

٢٢٠