تهذيب اللغة - ج ٧

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٧

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٥

وأخبرني المنذريُّ ـ عن الْحَرَّانِيِّ عن ابن السكيت ـ : الضَّبعُ تُحَمَّقُ ويَدخل عليها الرجلُ في وِجَارِها ، فتَحْمِلُ عليه ، فيقول : خامِري أُمَّ عامرٍ ، ليستْ أُمُّ عامرٍ هاهنا فتُمكِّنه حتى يَكْعمَها ويُوثِقَها بحَبْلٍ ، ثم يَجُرُّها.

قال : ومعنى «خامرِي» : ادْخُلي الْخَمَرَ وهو ما وَارَاكَ من الشَّجَرِ.

وقال الليث : خامَرَهُ الدَّاءُ ـ إذا خالط جَوْفَهُ ... وأنشَدَ :

هَنيئاً مَرِيئاً غَيْرَ دَاءٍ مُخَامِرٍ

لِعَزَّةَ مِنْ أَعْرَاضِنَا مَا اسْتَحَلَّتِ

ابن الأعرابي ـ عن أبي ثروان ـ أنه وصف مأْدُبَةً وبَخُورَ مِجْمَرِها .. قال : فتَخَمَّرَتْ أَطْنَاننَا ـ أي : طابَتْ رَوائحُ أَبْدَانِنَا بِالْبَخُورِ.

ثعلب ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ قال : الْخَامِرُ : الذي يَكْتُمُ شَهَادَتَهُ.

شَمِرٌ ـ عن ابن الأعرابي ـ : رَجُلٌ خَمِرٌ ـ أي : مُخَامَرٌ.

وأنشد :

أَحَارِ بْنَ عَمْرٍو كَأَنِّي خَمِرْ

أي : مُخَامَرٌ.

هكذا قيَّده شَمِرٌ بخطه.

قال : والداءُ الْمُخامِرُ : المُخَالِط .. خَامَرَهُ الداءُ ـ إذا خالطَه.

وأنشد قولَه :

وَإِذَا تُبَاشِرك الْهُمُو

مُ فَإِنَّهَا دَاءٌ مُخَامِرْ

ونحْوَ ذلك قال الليث .. في خَامرَهُ الدَّاءُ ـ إذا خَالَطَ جوفَه.

وقال ابن السِّكِّيت : خَمَرْت العَجِينَ أَخْمُرُهُ خَمْراً ـ إذا جعلتَ فيه الْخَمِيرَةَ.

وقد خَمَرَ شَهَادَتَهُ ـ إذا كَتَمَهَا.

وقد خَمِرَ عني .. يَخْمَرُ خَمَراً ـ إذا تَوَارَى.

شمِرٌ ـ عن ابن شُمَيْلٍ : الْخَمَرُ : ما وَارَاك مِنْ شيء .. أوِ ادَّرَأْتَ به.

الْوَهْدَةُ : خَمَرٌ .. والأكمَةُ : خَمَرٌ ..

والْجَبَلُ : خَمَرٌ .. والشَّجَر : خَمَرٌ .. وكُلُّ ما وَارَاك فهو خَمَرٌ.

قال الفرَّاء : خَمِرَ الرجل ـ إذا دخل في الخَمَرِ ... وأنشد :

أَحَارِ بْنَ عَمْرٍو كَأَنِّي خَمِرْ

قال : وقال الأصمعيُّ : الْخِمْرَةُ : الاسْتِخْفاء.

وقال ابْنُ أَحْمَرَ :

مِنْ طارقٍ يَأتي عَلَى خِمْرَةٍ

أَوْ حِسْبَةٍ تَنْفَعُ مَنْ يَعْتَبِرْ

وقال ابنُ الأعْرابيِّ : معناه : على غَفْلَةٍ مِنْكَ.

أبو عبيد ـ عن أبي زيد ـ : قال : النَّعْجَةُ إذا ابْيَضَّ رَأْسُها من بين جَسَدها فهي مُخَمَّرَةٌ ، وَرَخْمَاءُ أيضاً.

وقال الليث : هي الْمُخْتَمِرَةُ مِنَ الضَّأْن والمِعْزَى.

وقال ابْنُ سُهَيَّةَ :

١٦١

وَقَفْتَ بِهَا تُكَاتِمُ مُسْتَهِلًّا

وَخَمْرَكَ مِنْ حَمِيلَةَ أَنْ تَفُورَا

أراد بِ «خَمْرَكَ» : مَا خَامَرَكَ ، «مِنْ حَمِيلَةَ أَنْ تَفُورَ» ـ أي : تَظْهَرَ.

ومنه قوله :

حَتَّى إذَا مَا هَرَاق النَّوْمُ عَبْرَتَهُ

قَالَ الْعَشِيّ لِخَمْرِي في الضَّحَى فُورِي

ورُوِيَ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنَّه قال : «خَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ».

قال أبو عبيدٍ : التَّخْمِير : التّغظِيَةُ.

وفي حديث مُعَاذٍ «مَنِ اسْتَخْمَرَ قَوْماً أَوَّلُهُمْ أَحْرَارٌ وَجِيرانٌ مُسْتَضْعَفُونَ : فإنَّ لَه مَا قَصَرَ في بَيْتِهِ».

قال أبو عبيد : كان ابْنُ الْمُبَارَك يقول في قوله : «مَنِ اسْتَخْمَرَ قَوْماً» ـ أي : اسْتَعْبَدَهُم.

وقال أبو عبيد : قال مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ : هذَا كَلَامٌ معروفٌ عندنا بالْيَمَن لا يُكادُ يُتَكلَّمُ بغيره.

يقول الرجل للرّجل : أَخْمِرْنِي كذا وكذا ـ أي : أَعْطِنِيه .. هَبْهُ لي .. مَلِّكْنِي إيَّاه.

فقول مُعَاذٍ : «مَن اسْتَخْمَرَ قَوْماً» : يقولُ : أَخَذَهُمْ قَهْراً أَوْ تَمْلُّكاً عَلَيْهِمْ ، فما وَهَبَ المَلِكُ من هؤلاء لِرَجُلٍ فَقَصَرَهُ الرجُلُ في بيته ـ حتى جاء الإسْلَامُ ، وهو عندَهُ ـ فَهُوَ له.

وقال غَيْرُه : أَخْمَر فلانٌ عَلَيَّ ظِنَّةً ـ أي : أَضْمَرَها.

وقال لَبيدٌ :

أَلِفْتُكِ حَتّى أَخْمَرَ الْقَوْمُ ظِنَّةً

عَلَى بَنُو أُمِّ الْبَنِينَ الأكابِر

ثعلبٌ ـ عن ابن الأعرابي ـ قال : الْمُخَامَرةُ : أن يَبِيع الرجل غلاماً حُرّاً ..

على أنه عبدُهُ.

قلتُ : وأَظُنُّ قوْلَ مُعَاذٍ مِنْ هذا أُخِذَ.

الليثُ : الخَمَرُ وَهْدَةٌ يخْتَفِي فيها الذِّئْبُ وأنشد :

فَقَدْ جاوَزْتُمَا خَمَرَ الطَّرِيقِ

وقال الليث : الْخَمَرَ : أن تَخْرُزَ ناحِيَتَي أَدِيمِ المَزَادَةِ ، ثمَّ يُعْلَى بِخُرُوزٍ أُخرَ فذلِكَ : الْخَمَرُ.

وَالخِمَارُ : ما تُغَطِّي به المرأَةُ رَأْسها ، وقد تَخَمَّرَتْ بالخِمَارِ ، وهي حَسَنَةُ الْخِمْرَةِ.

أبو عبيد ـ عن الكسائيِّ ـ : دَخَلْتُ في خُمَارِ النَّاسِ وَخَمَارِهمْ وخَمرِهمْ ـ أي : في جَمَاعتهمْ وَكَثْرَتهم.

وقال شَمِرٌ : ويقال : دَخَلْتُ في غَمْرَتِهِمْ وخَمْرَتِهمْ ـ أي : جَمَاعتهمْ.

وفي الحديث : «أَنَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كانَ يَسْجُدُ عَلَى الْخُمْرةِ».

قال الليث : وهي حَصِيرٌ صَغِيرٌ قَدْرُ ما يُسْجَدُ عليهِ ... يُنْسَجُ من السَّعَفِ أَصْغَرُ من الْمُصَلَّى.

وقال الزَّجَّاجُ : سُمِّيَتْ خُمْرَةً .. لأنها تَسْتُرُ الْوَجهَ عن الأَرْض.

قال : وقيل لِلْعَجِينِ : قد اخْتَمَرَ ، لأنَّ فُطُورَتَهُ قد غَطَّاهَا الْخُمْرُ .. وهو الاخْتِمَارُ.

١٦٢

ويقال : قد خَمَرْتُ الْعجينَ ، وأَخْمَرْتُهُ وفَطَرْتُهُ ، وَأَفْطَرْتُهُ.

قال : وسُمِّيَ «الْخَمْرُ» خَمْراً لأنَّهُ يُغَطِّي الْعَقْلَ.

قال : ويقال لكلِّ ما ستَرَ الإنسانَ من شَجَرٍ أَو غيرِهِ : خَمَرٌ.

وما سَتَرَهُ من شَجَرٍ خَاصَّةً ـ فهو الضَّرَاءُ.

ومن أَمثالهم : «مَا فُلَانٌ بخَلٍّ ولَا خَمْرٍ» ـ أي : ما عندَهُ خَيْرٌ ولا شَرٌّ.

وقد مَرَّ تَفْسِيرُهُ.

رخم : قال الليث : أَرْخَمَتِ الدَّجَاجَةُ والنَّعَامَة على بَيْضهَا ـ إذا حَضَنَتْ عَلَى بَيْضِها ، فهي مُرْخِمٌ.

وَرَخَّمَهَا أَهْلُهَا ـ إذا أَلْزَمُوهَا بَيْضَهَا.

والرَّخَمَةُ : شِبْهُ النَّسْرِ في الخِلْقَةِ ـ إلَّا أَنَّهَا مُبَقَّعَةٌ بِبَيَاضٍ وَسَوادٍ.

وَجَمْعُهَا : رَخَمٌ.

والرُّخَامُ : حَجَرٌ أَبْيَضُ رِخْوٌ.

والرُّخَامَى : نَبْتٌ تَجِدُ به السَّائمةُ وهي بَقْلَةٌ غَبْرَاءُ تَضْرِبُ إلى الْبَياضِ ، حُلْوَةٌ لها أَصْلٌ أَبْيَضٌ .. كأَنَّهُ الْعُنْقُرُ ـ إذا انْتَزَعْتَهُ حَلَبَ لَبَناً.

والرَّخَامَةُ : لِينٌ في الْمَنْطِقِ .. حَسَنٌ في النِّسَاء.

وقد رَخُمَتِ الّجَارِيةُ رَخَامَةً : فهي رَخِيمَةُ الصَّوْت.

وقد رَخُم كلَامُها وصوْتُها ـ وكذلك : رُخِمَ.

وَيقال : هي رَخِيمَةُ الصَّوتِ ـ أي : مَرْخُومةُ الصَّوتِ.

يقال ذلك .. للمَرْأَةِ والْخِشْفِ.

قال : وزَعَمَ أَبو زيد الأنصاريُّ أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مَنْ يقول : رَخِمْتُهُ رَخْمَةً ـ بمعنَى رَحِمْتُهُ.

ويقال : أَلْقى الله عليك رَخْمَةَ فلَان ـ أي : عَطَفَهُ ورِقَّتَه.

وقال اللِّحْيَانِيُّ : مِثْلَهُ : رَخِمَهُ يَرْخَمُه رَخْمَةً ، وأَلْقَى عَلَيْهِ رَحْمَتَهُ ورَخْمَتَهُ.

قال : وسَمِعْتُ أَعْرابيّاً يقولُ : هو رَاخِمٌ لهُ.

وقال ذُو الرُّمَّةِ :

كَأَنَّهَا أُمُّ سَاجِي الطَّرْفِ أَخْدَرَهَا

مُسْتَوْدَعٌ خَمَرَ الْوَعْسَاءِ مَرْخُومُ

قال الأصمعيُّ : «مَرْخُومٌ» : أُلْقِيَتْ عليه رَخْمَةُ أُمِّهِ ـ أَي : حُبُّهَا لهُ وإِلْفُهَا إيَّاهُ.

وهو قَوْلُ أَبي عُبَيْدَةَ.

وأنشد الأصمعيُّ :

مُدَلَّلٌ يَشْتُمُنَا ونَرْخَمُهْ

وفي «نوادر الأعرابِ» : مَرَةٌ تَرخَّمُ صَبِيَّهَا ، وعَلَى صَبِيِّهَا .. وتَرْخَمُهُ ، وتربَّخُ عليه ـ إذا رَحِمَتْهُ.

وارْتَخَمَتِ النَّاقَةُ فَصِيلَها ـ إذا رَئِمْتهُ.

وقال النحْويُّونَ : التَّرْخِيمُ حذْفُ آخر الحرفِ من الاسم المنادَى.

كقولك ـ إذا نَاديْتَ رجُلاً اسمه حارِثٌ : يا حَار.

وإذا ناديتَ مالكاً قلتَ : يا مَالِ.

١٦٣

سمِّي ترخيماً لتَلْيِينِ الْمُنَادِي صَوْتَهُ .. بحذفِ الحرف.

وشاةٌ رَخْماءُ ـ إذا ابيضَّ رأسُها واسودَّ سائرُ جسدها.

قالهُ أبو زَيْدٍ.

والرُّخاءُ : الرِّيحُ اللَّيِّنةُ ، وهي الرُّخامَى ـ أَيضاً.

ثعلب ـ عن ابن الأعرابيّ ـ قال : الرَّخَمُ : الإشْفاق.

والرَّخَمُ : اللّبَنُ الْغَليظ.

وقال ـ في موضع آخر ـ : الرُّخُمُ : كُتَلُ اللِّبإ.

أبو عبيد ـ عن أبي زيد ـ : ما أَدْرِي ـ أيُ تَرْخُمٍ هو؟ وأيُ تُرْخُمٍ هو؟

مرخ : قال الليث : المَرْخُ : مَرخُكَ إنساناً بالدُّهْن ، وتمَرَّخْتُ أنا بالدُّهْن.

أبو تُرَاب ـ عن بعض العرب ـ قال : الْمِرِّيخُ : الرجلُ الأحْمَقُ.

والْمِرِّيخُ : السَّهْمُ الذي يُغَالَى به.

والْمِرِّيخُ : القَرْنُ الذي في جَوْفِ القَرْنِ.

ويقال له : الْمَرِيخُ.

وقال أبو خَيْرَةَ : الْمِرِّيخُ وَالْمِرِّيجُ ـ بالخاء والجِيم جميعاً ـ : الْقَرنُ الدّاخِلُ ويُجمعان : أَمْرِخَةٌ وأَمْرِجَةٌ.

وقال أبو تُرَاب : سألتُ أبا سعيد عن الْمِرِّيخِ والْمِرِّيجِ فلم يَعْرِفْهما.

قال : وعَرفَ غيرهُ : المِرِّيخَ.

وقال الليثُ بن الْمُظَفِّر : الْمِرِّيخُ سهمٌ طَوِيل ، به يُقتَدَرُ الْغِلاءُ.

وأنشد :

أَوْ كَمِرِّيخٍ عَلَى شِرْيَانَةٍ

يعني : على قَوْسِ شِرْيانَةٍ.

قال : والْمِرِّيخُ ـ من الكَوَاكب ـ بَهْرَامُ.

ورجلٌ مَرِخٌ : كثِيرُ الادِّهَان.

قال : والْمِرِّيخُ : الْمِرْدَاسَنْجُ.

قلتُ : وما أُرَاه عربيّاً مَحْضاً.

والْمُرَيْخُ : تَصْغِيرُ الْمَرْخِ.

أبو عبيد ـ عن الأمَوِيِّ : إذا أكثرْتَ ماءَ العجين قُلْتَ : أَمْرَخْتُهُ إِمْراخاً.

وكذلك قال أبو زَيْد.

أبو العباس ـ عن ابن الأعرابي ـ قال : الْمَرخُ : الْمُزَاحُ.

قال : ورُوِيَ عن مَسْرُوقٍ ـ عن عائشةَ ـ : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان عندها يَوْماً .. فدخل عليه عُمَرُ فَقَطَّبَ وتَشَزَّنَ له فلمَّا انصرف عاد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى انبساطه الأوّل.

قالت : فَقلتُ : يا رسول الله .. كنتَ مُنْبَسِطاً .. فلمّا جاء عُمَر انْقَبَضْتَ.

قالت : فقال لي : «يا عائشةُ .. إنّ عُمر لَيْسَ مِمَّنْ يُمْرَخُ مَعَهُ» ـ أي : يُمْزَحُ معهُ.

قلتُ : وهذا حَرفٌ غَرِيبٌ لم أسمعه إلا في هذا الحديث.

رواه ابنُ الأعرابي في «نوادره» مُرسَلاً ولا أدري ما صِحَّتُه؟!!

والْمَرْخُ ـ من شَجَرِ النّار ـ مَعْرُوف يُتّخَذُ منه الزِّناد.

ومنه قولهم : «في كُلِّ الشّجَر نارٌ واسْتَمْجَدَ الْمَرْخُ والْعَفَارُ».

١٦٤

وقال أعرابيٌّ : شَجَرٌ مَرِيخٌ ومَرِخٌ وقَطِفٌ .. وهو الرَّقِيقُ اللَّيِّنُ.

ومن أَمثَالهم : «هَذَا حَيَاءُ مَارِخَةَ».

ومَارِخَةُ : امرأةٌ كانت تَتَحفَّرُ ثمَّ عُثِرَ عليها وهي تَنْبِشُ قَبراً.

وفي «النوادر» : «عُودٌ مِتِّيخٌ ومِرِّيخٌ» ، وهو الطَّوِيلُ اللَّيِّن.

وقال ابن الأعرابي : الْمَرْخَاءُ : النَّاقَةُ المُنْبَسِطَة في سَيرها نشاطاً.

ومرَّخَ فلانٌ بَدَنَهُ بالدُّهْنِ ـ إذا رَوَّاهُ دُهْناً.

رمخ : قال شمر : الرِّمْخُ : هو السَّدَى والسَّدَاءُ ـ ممدودٌ ـ بلغة أهل المدينة.

وهو السَّيَابُ ـ بلُغَةِ وادي الْقُرَى ـ وهو الرِّمَخُ ـ بلغة طَيِّيءٍ ـ واحدَتُها رِمَخَةٌ.

وهو الْخَلَالُ ـ بلغة أهل البَصْرَة.

وأَنْشَدَ لبعض الطائيين :

تَحتَ أَفَانِينِ وَدِيٍ مُرْمِخِ

وقال الليث : الرِّمْخُ : من أسماء الشجَر المُجْتَمِع .. اسمٌ من أسمائها.

ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ قال : الرَّمْخَاءُ : الشَّاةُ الْكلِفَةُ بأَكل الرِّمْخِ وهو الخَلَالُ.

مخر : قال الله جلّ وعزّ : (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ) [فَاطِر : ١٢].

أخبرنا المُنْذِريُّ ـ عن أحمدَ بنِ يحيى ـ أنه قال : الْماخِرَةُ : السَّفِينَةُ التي تَمْخَرُ الماءَ ـ أي : تَدْفَعهُ بصَدْرها.

قال : وأنشدني الحرَّانيُّ ـ عن ابن السكِّيت ـ أنه أنشده :

يَا فِيَّ مَالِي عَلِقَتْ ضَرَائري

مُقَدِّماتٍ أَيْدِيَ الْموَاخِرِ

قال : وقال ابنُ السكِّيت : والْمَاخِرُ : الذي يَشُقُّ الماءَ إذا سَبَحَ.

يصفُ نِساءً يتصاخَبْنَ ويستَعِنَّ بأيديهنّ ..

كأنّهُنَّ يَسْبَحْن في الماءِ.

قال : وقال أبو الهيثم : مَخْرَ السفينة : شَقُّها الماءَ بصدْرها.

ونحوَ ذلك قال أبو عُبَيد.

سَلَمَةُ ـ عن الفرّاء ـ : في قول الله جلّ وعزّ : (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) [فَاطِر : ١٢].

«مَوَاخِرَ : وَاحِدَتُهَا مَاخِرَةٌ.

و «المَخْرُ» : هو صَوْتُ جَرْي الفُلْك بالرِّياح.

يقال : مَخَرَتْ تَمْخُرُ ، وتَمخَرُ.

قال : وقال الكسائيُّ : «مَوَاخِرَ» : جَوَارِيَ.

قلتُ : والمَخْرُ : أصْلُه الشَّقُّ.

وسمِعتُ أعرابياً يقول : مَخَرَ الذئبُ بطْنَ الشاة ـ أي : شَقَّه.

ورُوِيَ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنَّهُ قال : «إِذَا أَرَادَ أَحَدُكم البَوْلَ فَلْيَتَمَخَّرِ الرِّيحَ».

قال أبو عُبيدٍ : يَعني أنه ينظرُ .. مِن أين مَجْرَاها ، فلا يستقبِلُها ، ولكنْ يستدْبِرُها ـ كيْ لَا تَرُدَّ عليه البوْل.

وقال الليث : مَخَرْتُ السفينةَ مَخْراً ـ إذا استقبلْتَ بها الرِّيحَ.

ومَخَرَتْ هي مُخُوراً ، فهي ماخِرةٌ.

١٦٥

قال : وفي بَعْضِ وُجوهِ التَّفسير : مَواخِرَ أيْ : مُقْبِلَةً وَمُدْبرةً بريحٍ واحدةٍ.

قال : والفرسُ يَسْتَمْخِرُ الريحَ ويتمخَّرُها ـ ليكُونَ أَرْوَحَ لنفْسِه.

وامْتِخارُها : استقْبالُها.

قال : ويقال : مَخَرْتُ الأرضَ مَخْراً ـ إذا أَرسلْتَ فيها الماءَ في الصيف لِتَطِيبَ ؛ فهي مَمْخُورةٌ.

ومَخِرَتِ الأرضُ ـ إذا طابت من ذلك الماءِ.

ويقال : امْتَخَرْتُ القومَ ـ أي : انتقَيْتُ خيارَهم ونُخْبَتَهُمْ.

قال العجَّاج :

مِنْ نُخْبَةِ القومِ الَّذِي كان امْتَخَرْ

أبو عُبيدٍ ـ عن الأصمعيِّ ـ : يقال لسَحَائبَ يأْتِينَ قُبُلَ الصيف مُنْتَصبَاتٍ : بَناتُ مَخْرٍ ، وبناتُ بَخْرٍ.

قال : وكلُّ قطعةٍ منها ـ على حِيالِها ـ بنتُ مَخْرٍ.

قال الليث : والماخُورُ : مجلِسُ الرِّيبَةِ ومُجْتَمَعَهُ ، وربَّما قيل لذلك الرجل الذي يَجلس فيه : مَاخُورٌ.

وقال زِيَادٌ ـ حين قَدِم البَصْرةَ وَالياً عليها ـ : «ما هذه المَواخِيرُ؟! الشراب عليه حرامٌ حتى تسوَّى بالأرض هَدْماً وإحْراقاً.

وجَملٌ يَمْخُورُ العُنُقِ ـ إذا كان طويلَ العُنُق.

وقال العجَّاج :

في شَعْشَعانِ عُنُقٍ يَمْخُورِ

وقال ابن شُمَيل ـ في قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا أَتَيْتُمُ الغائِطَ فاسْتمخروا الريحَ».

يقول : اجعلوا الريحَ وَراءَ ظهوركم.

وفي «النوادر» : تمخَّرَتِ الإبلُ الريحَ ـ إذا اسْتقبلَتْها واسْتَنْشَتْهَا.

وكذلك تمخَّرتِ الكلأ ـ إذا اسْتقبلَتْه.

(أبواب) الخاء واللام

خ ل ن

استعمل من وجوهه : نخل ، لخن.

لخن : قال الليث : يقال : لَخِنَ السِّقاءُ يَلْخَنُ لُخَناً ـ إذا أُدِيم فيه صبُّ اللّبَن ، فلمْ يُغْسَلْ ، وصار فيه تَحْبِيبٌ أبيضُ ـ قِطَعٌ صِغَارٌ مثلُ السِّمسم وأَكْبَرُ منه ـ متغيِّرُ الرِّيح والطَّعْمِ.

قلتُ : ورأيتُ الأعرابَ ـ إذا لَخِنَ السِّقَاءُ أَخذُوا وَرَقَ الأرْطَى فدقُّوه وجعلوه في السِّقاء ، وصبُّوا فيه الماءَ ووَضعوه يَوْماً ، ثم دَفَقُوا ذلك الماءَ ، وقد طيَّبَ السِّقَاءَ فإذا حُقِنَ فيه الحَليبُ طَابَ وذَهب لَخَنهُ.

وقال الليث : يقال : لَخِنَتِ الجَوْزَةُ تَلْخَنُ لَخَناً ـ إذا فَسَدَتْ ، ولَخِنَ الأدِيمُ لَخناً ـ إذا فسد في دِبَاغِه ، ولم يَصْلحْ.

وقال رُؤْبةُ :

والسَّبُّ تَخْرِيقُ الأدِيمِ الألْخَنِ

قال : ورجلٌ أَلْخَنُ ، وامرأةٌ لَخْنَاءُ ـ إذا لم يُخْتَنَا.

عمرو عن أبيه قال : اللَّخْنُ : الْقَبِيحُ من الكلام.

١٦٦

واللَّخْنُ : البياضُ الذي على جُرْدَانِ الحِمَارِ ، وهو الحَلَقُ.

واللَّخْنُ. البياضُ الذي في قُلْفَةِ الصَّبيِّ ـ قبل أَنْ يُخْتَنَ.

قال : واللّخنُ : وَكْبُ السِّقاءِ وحَشَنُهُ ووَسبُه ـ كلُّهُ واحدٌ.

نخل : قال الليث : النَّخلةُ : شجَرَةُ التَّمر ، والجماعةُ نخلٌ ونَخِيلٌ .. وثلاثُ نَخَلاتٍ.

ونُخَيْلَةُ : موضعٌ بالباديةِ ، وبطْنُ نَخْلَةَ : موضِعٌ آخَرُ ، وكلاهما بالحجاز.

قال : والنَّخْلُ : تَنْخِيلُ الثَّلْجِ والوَدْقِ.

تقول : انتَخَلتْ لَيلتُنَا الثَّلْجِ ، أو مطراً غيرَ جَوْدٍ.

والنَّخْلُ : تَنْخِيلُكَ الدَّقيقَ بالْمُنْخَلِ ـ لِتَعْزِلَ نُخَالَتَهُ عن لُبَابِه.

وإذا نَخَلْتَ الأدوِيَةَ لتَسْتَصْفِي أَجْوَدَها قلتَ : نَخَلْتُ وانْتخَلْتُ.

فالنَّخْلُ : التصفيةُ .. والانْتِخَالُ : الاختيارُ لنفْسِكَ أَفْضَلُه. وكذلك التَّنَخُّلُ.

وأنشد :

تَنَخَّلْتُهَا مَدْحاً لِقَوْمٍ وَلَمْ أَكُنْ

لغيرِهمُو فيما مَضَى أَتَنَخَّلُ

والْمُتَنَخِّلُ : أَحَدُ شعراءِ هُذَيْلٍ ، وهو مِن المُجِيدِين ، سمِّيَ : «مُتَنَخِّلاً» لتنقِيحِه شِعْرَه.

قلتُ : وفي بلادِ العرَب وَادِيان يُعرَفان بالنَّخْلَتَيْنِ.

أحدهما باليمامة ، ويَأْخذ إلى قَرْنِ الطائفِ.

والآخَرُ يأخذُ إلى ذَاتِ عِرْقٍ.

ومن أمثال العرب في الغائب ـ الذي لا يُرْجَى إيَابه ـ «حتى يَؤُوبَ المنَخَّلُ».

وقال الأصمعيُّ : المُنَخَّلُ : رجُلٌ أُرْسِلَ في حاجةٍ فلم يَرجعْ ، فصار مثلاً لكلِّ من لا يُرْجَى إيَابُه.

والْمُنْخُلُ : الذي يُنْخَلُ به الدَّقيقُ.

خ ل ف

خفل ، خلف ، فلخ ، لخف ، لفخ : مُسْتعْمَلة : وقد أَهملَ اللَّيثُ : لفخ ، وهو مستعمَلٌ.

لفخ : رَوَى أبو عُبَيدٍ ـ عن أبي زيد ـ : لَفَخَهُ عَلَى رأْسِه ، يَلْفَخُهُ لَفْخاً ـ إذا ضربه بالعَصَا. وكذلك : قَفَخَهُ.

فلخ : قال شمِرٌ : يقال : فلَخْتُهُ وَقَفَخْتُهُ وسَلَعْتُهُ ـ إذا أَوْضَحْتُهُ.

والفَيْلَخُ : أحدُ رَحَيَي الماء ، واليدُ السُّفْلَى منهما.

ومنه قول الشاعر :

وَدُرْنَا كما دارَتْ عَلَى القطْب فَيْلخُ

وأهمَل الليث : خفل : أيضاً : ورَوَى أبو العبَّاس ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ أنه قال : الخَافِلُ : الهاربُ ، وكذلك المَاخِلُ والمالِخُ.

وأَهْمَلَ الليث أيضاً : لخف : ورَوَى أبو عبيدٍ ـ عن أبي عمرٍو ـ أنه قال : اللَّخْفُ : الضَّرْبُ الشّدِيدُ.

١٦٧

وفي حديث زَيْدِ بنِ ثابتٍ ـ حين أَمَرَه أَبو بَكْرٍ بِجَمْعِ القُرآن ـ قال زيْدٌ : فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُه من الرِّقاعِ والْعُسُبِ واللِّخَافِ.

قال أبو عبيد : قال الأصمعيُّ : اللِّخَافُ : واحِدَتُها لَخْفَةٌ .. وهي حِجارةٌ بِيضٌ رِقَاقٌ.

وقال أبو تُرَابٍ : قال السُّلَمِيُّ : الْوخِيفَةُ واللَّخِيفَةُ والْحزِيرَةُ : واحِدٌ.

وهي من أطعمة الأعراب.

وقَرِيبٌ منها «السَّخِينَةُ».

خلف : قال الليث : الْخَلْفُ : ضِدُّ قُدَّامٍ.

قال : والْخَلْفَ : حَدُّ الفَأس ـ تقول : فَأسٌ ذاتُ خَلْفَيْن ، وذاتُ خَلْفٍ ، والجَمِيعُ : الْخُلُوفُ.

وقال الله جلّ وعزّ : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ) [مريَم : ٥٩].

وقال أبو العبَّاس أحمدُ بنُ يَحيى : النّاسُ كلُّهُم يقولون : خَلَفُ صِدْقٍ وخَلَفُ سُوْءٍ.

قال : وَخلْفٌ : للسَّوْء لا غيْرُ.

وأبو عبيدة : معهم ، ثم انفرَدَ وحْدَهُ فقال : ويقال لِلصِّدْقِ أيضاً : خَلْفُ صِدْقٍ.

وأخبرني المنذريُّ ـ عن أبي طالب .. عن أبيه .. عن الفرّاء ـ أنه قال في قوله جلّ وعزّ : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) [الأعرَاف : ١٦٩] ... قال : الْخَلْفُ يُذْهَبُ به إلى الذَّمِّ ـ والْخَلفُ : خَلَفٌ صالح.

وقد يكون في الرَّدِيءِ خَلَفٌ ، وفي الصالح خَلْفٌ .. لأنهم يَذْهَبون به إلى «القَرْنِ».

قلتُ : فَأَرَى الفرَّاءَ أجاز : «خَلْفٌ» في الصّالِحِ ، كما أجازه أبو عبيدة.

وأخبرني المنْذِرِيُّ ـ عن الحَرَّانيِّ .. عن ابن السِّكِّيتِ ـ أنه قال : يقال : هذا خَلَفُ صِدْقٍ ، وهذا خَلَفُ سُوءٍ.

ويقال : هذا خَلْفٌ ـ بإسكان اللام ـ : للرَّدِيءِ.

ويقال هذا خَلْفٌ من القَوْلِ ـ أي : رَدِيءٌ.

ويقال في مَثَلٍ : «سَكَتَ ألفاً ونَطَقَ خَلْفاً» .. للرجل يُطِيل الصمْتَ ، فإذا تكلَّمَ تكلَّمَ بالخَطأ.

ويقال : هَؤُلاءِ خَلْفُ سُوْءٍ ، وهذا خَلْفُ سُوْءٍ.

وقال لَبِيدٌ :

ذَهَبَ الّذِينَ يُعاشُ في أَكْنَافِهِمْ

وَبَقِيتُ في خَلْفٍ كَجِلْدِ الأجْرَبِ

قال : والخَلْفُ : الاستِقاءُ. ـ عن أبي عمرو .. بفتح الخاء ـ.

وأنشد قولَ الْحُطَيْئةِ :

لِزُغْبٍ كأَوْلَادِ الْقَطَارَاثَ خَلْفُهَا

عَلَى عَاجِزَاتِ النَّهْضِ حُمْرٍ حَوَاصِلُه

قلتُ : وروى شمِرٌ ـ لأبي عُبَيْدٍ ـ : هذا الْحَرْفَ ـ الْخَلْفُ ـ بكسر الخاء في «المؤلَّفِ» فقال : الْخِلْفُ بكسر الخاء : الاستِقاءُ.

١٦٨

قال : والمُسْتَخْلِفُ : الْمُسْتَقِي. والخَلْفُ : الاسمُ منه.

يقال : أخْلَفَ ، واسْتَخْلَفَ. وقال ذُو الرُّمَّةِ :

وَمُسْتَخْلِفاتٍ مِنْ بِلَادِ تَنُوفَةٍ

لِمُصْفَرّةِ الأشْدَاقِ حُمْرِ الْحَوَاصِلِ

قلت : والْخِلْفُ والْخَلْفُ ـ بمعنى الاستِقَاءِ ـ : لغتان.

وقال ابن السكِّيتِ : الْخِلْفُ ـ بالكسر ـ : واحدُ أَخْلَافِ الضَّرْعِ ، وهو طَرَفُهُ.

وقال الفرَّاءُ ـ في قول الله جلّ وعزّ : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ) [الأعرَاف : ١٦٩] قال : قَرْنٌ.

قال : والْخَلَفُ : ما استَخْلفْتَهُ.

تقول : أعطاك الله خَلَفاً مما ذهب لك ـ ولا تَقُلْ : خَلْفاً.

وأنت خَلْفُ سُوءٍ من أبيك.

وأخبرنا المُنذِريُّ ـ عن ثعْلَبٍ .. عن سَلَمةَ .. عن الفرَّاء ـ قال : ويقال ـ إذا مات للرجل بُنَيٌّ صغيرٌ قد يُبْدَلُ ـ أَخلَف الله لك.

وكذلك .. إِذا ذهب له مالٌ .. قلتَ : أَخلفَ الله لك.

قال : وإذا مات أَبُو الرجل أو الأمُّ أو ذهب له مالا يُخْلَفُ. قيل : خَلَفَ الله عليك ـ بغير أَلِفٍ.

قلتُ : وقِيلَ : معناه : كان الله خليفةَ مَنْ مضى عليك.

وفي حديث عائشة رضي‌الله‌عنه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لها : «لَوْ لا أَنَّ قَوْمكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِكُفْر لَنَقَضْتُ الْكعْبَةَ وَبَنيْتُها عَلَى أَساسِ إبْرَاهِيمَ ، وَجَعَلْتُ لها خَلْفاً .. فَإنَّ قُرَيْشاً اسْتَقْصَرَتْ مِنْ بِنَائِه».

قلتُ : الْخَلْفُ : المِرْبَدُ .. في كلام العرب يُجْعَلُ وراء البيوت ، وفي مَأوًى للدّوَاجنِ وغيرها.

وأراد بالْخَلْفِ : شَبيهاً بالْحِجْرِ .. الذي : هو ممَّا يَلِي الميزَابَ.

ويقال للقُصَيْرَى ـ من الأضلاع ـ : خِلْفٌ .. بكسر الخاء.

قال : والْخَلْفُ : المِرْبَدُ. والْخَلف : الظَّهْرُ.

قال ذلك كلَّهُ ابنُ الأعرابيِّ. وقال طرَفةُ :

وَطَيُّ مَحَالٍ كالْحَنِيِ خُلُوفُهُ

وقال الليث : الخُلُوف : جمعُ خِلْفٍ ، وهي القُصَيْرَى.

قال : والخِلْفُ : الآخِرُ من الأطْبَاء.

ويقال : الْخِلْفُ هو الضَّرْعُ نَفْسُهُ.

قلت : الخِلْفُ هو الطُّبْيُ آخراً كان أو قادِماً .. وجمعُه : أَخْلَافٌ.

وقال الرَّاجزُ :

كأنَ خِلْفَيْها إذا ما دَرَّا

أراد بِخِلْفَيْها : طُبْيَي ضَرْعِهَا.

وقال الليث : الْخَلْفُ : القومُ الذين ذَهَبُوا من الحيِّ يَسْتَقُون ، وخَلَّفُوا أَثْقَالهم.

قلتُ : الْخَلْفُ : الاستقَاء.

١٦٩

قال ذلك أبو عمرو.

وهو اسمٌ ـ من الإخْلَاف.

وقال الكِسائيُّ : يقال لكلِّ شيئين اختلَفَا : هما خِلْفَانِ وخِلْفَتانِ.

ويقال : له ابنان خِلْفَانِ ، وله عبْدَانِ خِلْفَانِ ، وله أَمَتَانِ خِلْفَانِ ـ إذا كان أحدهما طويلاً والآخر قصيراً ، أو كان أحدهما أَبْيَضَ والآخَرُ أَسْودَ.

وَقال الراجزُ :

دَلْوَايَ خِلْفَانِ وَسَاقِياهُمَا

يقول : إحداهما مُصْعِدَةٌ ملأى والأُخْرَى فَارِغَةٌ مُنْحَدِرَةٌ.

أو إحداهما جَدِيدَةٌ ، والأخرى خَلَقٌ.

وقال غيرُه : وَلَدُ فُلان خِلْفَةٌ أي : نِصْفٌ صِغَارٌ ، ونِصْفٌ كِبَارٌ.

ونِصْفٌ ذكُورٌ ، ونِصْفٌ إنَاثٌ.

ويقال : علينا خِلْفَةٌ مِن نَهَارٍ ـ أي : بَقِيَّةٌ.

وبقي في الْحَوْض خِلْفَةٌ مِنْ مَاءٍ.

قلتُ : وكلُّ شيء يجيءُ بعد شيءٍ فهو خِلْفَةٌ.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) [الفُرقان : ٦٢].

وَقال الفرَّاءُ :

يقول : يَذْهَبُ هذا ، ويَجِيءُ هذا وأنشد لِزُهَيْرٍ :

بِهَا الْعِينُ وَالأرَامُ يَمْشِين خِلْفَةً

وَأَطْلَاؤُهَا يَنهَضْنَ منْ كلِّ مَجْثَم

قال : فمعنى قول زُهَيْرٍ : (يَمْشِينَ خِلْفَة) أي : مُخْتَلِفَاتٍ .. في أنها ضَرْبَانِ في ألوانها وهَيْئَتِها.

وتكونُ خِلْفَةً في مِشْيتِها .. تَذْهَبُ كذا وتَجِيءُ كذا.

قال الفرَّاءُ : وَقد يكونُ قَوْلُ الله عزوجل : خِلْفَةً [الفرقان : ٦٢] ـ أي : مَنْ فَاتَهُ عَمَلٌ من اللَّيْلِ استَدْرَكَهُ في النهار.

فَجعلَ هذا خَلَفاً مِنْ هذا.

قلت : وقد رُوِيَ عن الْحَسَنِ نَحْوٌ مِنْ هذا.

وقال الأصمعيُّ : خِلْفَةُ الثَّمَرِ : الشيءُ يَجِيءُ بَعْدَ الشيْءِ.

ويقال : نَتَاجُ فُلَانٍ خِلْفَةٌ ـ أي : عَاماً : ذَكَرٌ ، وعاماً : أُنْثَى.

ويقال : من أَيْنَ خِلْفَتُكُمْ؟ أي : من أين تَسْتَقُون؟ ويقالُ : وَرَاءَ بيتِه خَلْفٌ جَيِّدٌ. وهو المِرْبَدُ .. وهو مَحْبِسُ الإبِلِ.

وَيقال : هو مِنْ أبيه خَلَفٌ ـ أي بَدَلٌ.

والْبَدَلُ من كل شيء خَلَفٌ منه.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠)) [الزّخرُف : ٦٠].

أي : يَكُونون بَدَلَكُمْ في الأرض.

وقال الأصمعيُّ : الْخِلْفَةُ مِنَ الْبَطْنِ.

يقال : به خِلْفَةٌ ـ أي : به بَطْنٌ وهو الاخْتِلَافُ.

١٧٠

والْخِلْفَةُ ما أنْبَت الصيْفُ من العُشْبِ بعدَ ما يَبِسَ العُشْبُ.

وكذلك .. ما زُرعَ من الحُبُوبِ ـ بعد إدْرَاكِ الأُولَى : خِلْفَةٌ .. لأنها تُسْتَخْلَفُ.

أبو عبيد ـ في باب الأضداد ـ : قال غيْرُ واحدٍ : الخُلُوف : الْغَيَبُ. ويُقالُ : الْحَيُ خُلُوفٌ : أي : غَيَبٌ. قال : والخُلُوفُ : الْمُتخَلَّفُونَ.

وقال أبو زُبَيْدٍ الطَّائيُّ :

أَصْبَحَ البَيْتُ بَيْتُ آلِ بَيَانٍ

مُقْشعِرّاً والْحيُّ حَيٌ خُلُوفُ

ورُوِيَ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أنَّهُ قال : «لَخُلُوفُ فم الصَّائِم أَطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ».

قال أبو عبيد : الْخُلُوفُ : تَغَيُّرُ طَعْم الْفَم لِتَأْخِير الطعام.

يقال منه : خَلَفَ فَمُهُ .. يَخْلُفُ خُلُوفاً.

قاله الكسائيُّ ، والأصمعيُّ ، وغيرُهما.

قال : ومنه حديث عليٍّ عليه‌السلام ـ حين سُئِلَ عن الْقُبْلَةِ للصَّائم ـ فقال : وَمَا أَرَبُكَ إلى خُلوفِ فِيهَا؟؟

وقال الأصمعيُّ : يقال : خَلَفَ فُلانٌ عن كلِّ خَيْرٍ .. فهو يَخْلُفُ خُلُوفاً ـ إذا فَسَدَ ولم يُفْلِحْ.

فهو خَالِفٌ ، وهي خَالِفَةٌ.

ويقال : خَلَفَتْ نفسُه عن الطعام .. فهي تَخْلُفُ خُلُوفاً ـ إذا أَضْرَبَتْ عن الطعام من مَرَضٍ.

ويقال : خَلَفَ اللَّبنُ وغَيْرُهُ خُلُوفاً ـ إذا تَغَيَّرَ طعمُه وريحُه.

ويقال : خَلَفَ الرَّجُلُ ـ عن خُلُقٍ أَبيه ـ يَخْلُفُ خُلُوفاً ـ إذا تَغَيَّرَ عنه.

وخَلَف اللَّبنُ يَخلُفُ خُلُوفاً ـ إذا أُطِيلَ إِنْقَاعُهُ .. حتى يَفْسُدَ.

وَخَلَفَ النّبِيذُ ـ إذا فَسَدَ .. وبعضُهُمْ يقول : إذا أَخْلَفَ ـ أي : حَمُضَ.

ويقال : خَلَفَ فلانٌ مَكانَ أَبيهِ يَخْلُفُ ـ إذا كان في مكانهِ ، ولم يَصِرْ فيه غَيْرُهُ.

ثعلبٌ ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : أَبِيعُكَ هذا الْعَبْدَ ، وأَبْرَأ إليكَ من خُلْفَتِه. ورجلٌ ذُو خُلْفَةٍ.

وقال ابن بُزُرْجَ : خُلْفَةُ الْعَبْدِ : أَن يَكونَ أَحْمَقَ مَعْتُوهاً.

وإنَّه لَطَيِّبُ الْخُلْفَةُ ـ أي : طَيِّبُ آخرِ الطَّعم.

وقد خَلَفَ يَخْلُفُ خَلَافَةً وخَلْفاً.

قال : والخَالِفَةُ : الأَحْمَقُ .. القَلِيلُ العَقْلِ.

ورجلٌ أَخْلَفُ وخُلْفُفٌ ـ مَخْرجَ قُعْدُدٍ ـ وامرأةٌ خَالِفَةٌ وخَلْفَاءُ وخُلْفُفَةٌ وخُلْفُفٌ ـ بغير هاء ـ .. وهي الحمقاء.

ويقال : خَلَفَ فلانٌ يَخْلُفُ خِلَافَةً. وخَلْفاً.

وقال ابن الأعرابي : والْخُلْفُوفُ : الْعَبْدُ اللَّجُوجُ.

والخُلُوفُ : الحيُّ إذا خرج الرجالُ ، وبقيَ النساء.

١٧١

والْخُلُوفُ : إذا كان الرجالُ والنساء في الدَّارِ .. مُجْتَمِعِينَ في الحيِّ.

قال : وهذا : من الأضْدَادِ.

قال : والخَالِفَةُ : اللَّجُوجُ من الرِّجال.

ورجلٌ فيه خِلَفْنَةٌ ـ إذا كانَ مُخالِفاً.

وما أدري أَيُ خَالِفَةَ هو ـ غيرَ مَصْروفٍ ـ أيْ : أيُّ الخَلْق هو؟ ورجلٌ خَالِفٌ .. وخَالِفَةٌ .. وخِلَفْنَةٌ وخِلَفنَاةٌ.

أبو عبيد ـ عن اليزيدي ـ : خَلَف الله عليكَ بِخيْرِ خِلَافةٍ.

قال : وقال الأصمعي : خَلَفَ فلانٌ بعَقبي.

وذلك إذا ما فارقه عَلَى أَمرٍ ، ثم جاءَ مِنْ ورَائِه فجعل شيئاً آخر بعد فِرَاقِهِ.

اللَّحيَانيُّ : خَلَفَ فلانٌ فلَاناً ـ في أهله وفي مكانه ـ يخْلُفُ خِلَافَةً حَسَنَةً.

ولذلك قيل : أَوْصَى له بالخِلَافةِ.

ويقال : خَلَفَنِي رَبِّي في أهل ومَالِي أَحْسَنَ الْخِلَافَةِ.

وقال الْفَزَارِيُّ : بَعِيرٌ مَخْلُوفٌ : قد شُقَّ عَنْ ثِيلِه منْ خَلْفِهِ ـ إذا حَقِبَ.

قال : والمَخْلُوفُ : الثَّوْبُ المَلْفُوقُ.

والمَخْلُوفُ : الذي أصَابَتْهُ خِلْفَةٌ ورِقَّة بَطْنٍ.

وخَلَفَ له بالسَّيْف ـ إذا جاءَهُ من خَلْفِهِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ.

أبو عبيد ـ عن أبي عمرو ـ : خَلَفْت القَمِيصَ أَخْلُفُهُ فهو خَلِيفٌ.

وذلك أَن يَبْلَى وسَطُه ـ فَتُخْرِجُ البَالِيَ منهُ ثمّ تَلْفِقُهُ.

وأنشد شَمِرٌ :

يُرْوِي النَّدِيمَ إذا تَنَاشَى صَحْبُهُ

أُمَّ الصَّبِيِّ وَثَوْبُه مَخْلُوفُ

يريد : إذا تَنَاشَى صَحْبُه أُمَّ وَلَدِهِ من الْعُسْرِ ، فإنه يُرْوِي نَدِيمَه ، وثَوْبُه مَخْلُوفٌ مِنْ سُوءِ حَالِه.

شمِرٌ ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : امرأةٌ خَلِيفٌ ـ إذا كان عَهْدُهَا بعدَ الوِلادةِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ.

وقال غيرُهُ : يقال للناقة العائِذِ : خَلِيفٌ ـ أيضاً.

وقال اللِّحْيَانِيُّ : الخَلِيفُ : الطَّرِيقُ خَلْفَ الْجَبَل ، أو الطريقُ بين الجَبَلَين.

وقال الأصمعيُّ : حَلَبَ فُلَانٌ ناقتَه خَلِيفَ لِبَائِهَا.

يَعْنِي الْحَلْبَةَ التي بعدَ ذَهَابِ اللِّبَاءِ.

أبو عبيد : الْخَلِيفُ ـ من الجسد ـ ما تحْتَ الإبْطِ.

وقال الليث : الْخَلِيفَانِ ـ من الإبل ـ : كالإبْطَيْنِ من النَّاس.

قال : والْخَلِيفُ فَرْجٌ ـ بين قُنَّتَيْنِ ـ مُتَدَانٍ قليلُ الْعَرْضِ والطُّول.

قال : والْخَلِيفُ : مَدَافِعُ الأوْدِية. وإنما ينتهي المَدْفَعُ إلى خَلِيفٍ لِيُفْضِيَ إلى سَعَةٍ.

أبو عبيدٍ ـ عن الْيَزِيديِّ : يقال : أَخْلَفَ الله لك.

١٧٢

ورَوَى ثعلبٌ ـ عن سَلَمَة .. عن الفرَّاء ـ قال : سمعتُ : «أَخْلَفَ الله عَلَيْكَ».

وقال الأصمعيُّ : يقال : «خَلَفَ الله عليك بِخَيْرٍ» ـ إذا أَدْخَلْتَ الباء أَلْقَيْتَ الألِفَ ـ و «أَخْلفَ الله عليك خَيراً».

قال : والإخْلَافُ : أن تُعِيدَ على الدّابّة فلا تَلْقَحُ.

والإخْلَافُ : أن يَعِدَ الرجلُ الرجلَ العِدَةَ .. فلا يُنْجِزُها.

والإخْلَافُ : أن يُصيِّرَ الحَقَبَ وراءَ ثِيلِ الْبَعِير ، لئلَّا يَقْطَعَه.

يقال : أَخْلِفْ عن بعيرِكَ .. فتصيِّرَ الحَقَبَ وراءَ الثِّيل.

والإخْلَافُ : الاسْتِقاء.

ويقال : أَخْلَفَ الله لك ـ أي : أَبْدَلَ الله لكَ ما ذهب.

وخَلَفَ الله عَليْك ـ أي : كان الله خَلِيفَة وَالدِك عليك.

قال : والإخْلَاف : أن يكونَ في الشجر ثمَرٌ ، فيذهبَ ، ثم تعودَ فيه خِلْفَةٌ فيقالُ : قد أخْلفَ الشجرُ ، فهو يُخْلِفُ إخْلَافاً.

وأَخْلَفَ الشَّجَرُ ـ إذا أَخْرَجَ وَرَقاً بعد وَرَقٍ قد تناثرَ.

والإخْلَافُ : أن يَضرِبَ الرجلُ يدَه إلى قِرَابِ سَيْفه. ليأخذَ سيفَه إذا رأَى عَدُوّاً.

وفي الحديث : «أَنَّ رَجُلاً أخْلَفَ السَّيْفَ يَوْمَ بَدْرٍ فَضَرَبَ رِجْلَ ابنِ أُمَيَّةَ بنِ خَلفٍ».

قال شمِرٌ : قال الفرّاءُ : أَخْلفَ وَلَدِي ـ إذا أراد سَيْفَه ، وأَخْلفَ إلى الْكِنَانَة.

وقال الأصمعيُّ : أَخْلفَ بِيَدِه إلى سَيْفِه.

قال : وأَخْلَفَتِ الأرضُ ـ إذا أصابها برْدُ آخِرِ الصّيف ، فيخضَرُّ بَعْضُ شَجَرِها.

والإخْلافُ : أن تَحْمِلَ عَلَى الدّابَّةِ فلا تَلْقَحُ.

والإخْلَافُ ـ في النَّخْلة ـ : إذا لم تحْمِلْ سَنَةً.

والإخْلَاف : أن يأتي على البعير البَازِلِ سَنَةٌ بعد بُزُولِه ..

فيقالُ : بَعيرٌ مخْلِف.

يقال : هو مُخْلِفُ عامٍ ، ومُخْلِفُ عامَين.

وكذلك ما زاد.

والإخْلَافُ : أن يُهْلِك الرجُلُ شيئاً لنفسه أو لغيره ثم يُحْدِثُ مِثْلَه.

والإخْلَافُ : أن يَطلُبَ الرجُلُ الحاجةَ أو الماءَ .. فلا يَجِدُ ما طَلَبَ.

وقال أبو الْحَسنِ : رُجِيَ فلانٌ فأَخْلَفَ.

وأخْلَفَ الطَّائرُ ـ إذا خَرَجَ له رِيشٌ بعدَ رِيشٍ.

ويقال : أَخْلفتِ الناقَةُ العَام ، ورجَعَتْ.

وهي ناقَةٌ مُخْلِفَةٌ ـ إذا ظُنَّ أنّ بها حَمْلاً ثم لم تكُنْ كذلك.

ويقال : أَرْجَعَ فلانٌ يَدَه ، وأَخْلَفَها ـ إذا ردَّها إلى خَلْفِهِ.

وأَخْلَفَتِ النُّجُومُ ـ إذا لم يَكُن لِنَوْئهَا مَطَرٌ.

١٧٣

وقال الفَرَّاء ـ في قول الله عزوجل : (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) [التّوبَة : ٨٧].

وقوله جلّ وعزّ : (فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ) [التّوبَة : ٨٣].

قال : «الْخَوَالِفُ» : النِّساء.

ويقال : عَبْدٌ خَالِفٌ ، وصَاحِبٌ خَالِفٌ ـ إذا كان مُخَالِفاً.

ورجُلٌ خَالِفٌ ، وامرأَةٌ خَالِفَةٌ ـ إذا كانت فَاسِدَةً ، أو مُتَخَلِّفَةً في منزلها.

وقال غيرُه : من النَّحْوِيِّينَ : لم يجىء «فَاعِلٌ» مَجْموعاً على «فَوَاعِلَ» إلَّا قولُهم : «إنه لَخَالِفٌ منَ الْخَوالِفِ».

و «فلان هَالِكٌ في الْهَوَالِكِ».

«وفَارِسٌ من الْفَوَارِس».

وقال الفَرَّاء ـ في قول الله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) [الأنعَام : ١٦٥].

قال : جُعِلَتْ أمَّةُ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وسلم خَلَائِفَ كلِّ الأمَمِ.

وقال الزَّجَّاجُ نَحْوَه.

قال : وقيل : «خَلائِفَ الْأَرْضِ» : يَخْلُفُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً.

وأخبرني المنذريُّ ـ عن الْحَرَّانيِّ عن ابن السِّكِّيتِ ـ قال : أمَّا «الْخَلِيفَة» فإنه وَقَعَ على الرِّجَالِ خاصَّةً.

فالأجْوَدُ أن يُحْملَ على مَعْنَاهُ .. لأنه إنما يَقَعُ للرِّجال خاصَّةً .. وإن كانت فيه «الهَاءُ».

ألا تَرَى أنَّهُم قد جَمَعُوه : «خُلَفَاءَ»؟ فكلُّ مَنْ جَمَعَهُ «خُلَفَاءَ». قال : ثَلَاثَةُ خُلَفَاءَ ـ لا غَيْرُ.

وقد جُمِعَ «خَلَائِفَ».

فمنْ قالَ : «خَلَائِفَ» قال : ثلاثُ خَلَائِفَ ، وثَلَاثَةُ خَلَائِفَ.

فَمرَّةً يَذْهَبُ به إلى المعْنَى ، ومرَّةً إلى اللَّفْظِ.

وأنشد الفرَّاءُ :

أَبُوكَ خَلِيفَةٌ وَلَدَتْه أخْرَى

وَأَنْتَ خَلِيفَةٌ .. ذَاكَ الْكَمَالُ

فقال : «وَلَدَتْهُ أخْرَى» لتأنيثِ اسمِ الْخَلِيفَةِ.

والْوَجْهُ : أن يقول : «وَلَدَهُ آخَرُ».

الأصمعيُّ ـ يقال : فَرَس به شِكَالٌ مِنْ خِلَافٍ ـ إذا كان في يده الْيُمْنَى ورِجْلِه الْيُسْرَى : بَيَاضٌ.

وقولُ الله جلّ وعزّ : (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) [الإسرَاء : ٧٦].

وَيُقْرَأُ : «خَلْفَكَ». ومَعْناهما : بَعْدَكَ.

أبو العبَّاس ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : الْخِلَافُ : كُمُّ الْقَمِيصِ.

يقال : اجْعَلْهُ في مَتَى خِلَافِكَ ـ أي : في وَسَطِ كُمِّكَ.

قال : والْخِلَافُ : الصَّفْصَافُ.

والْخِلَافُ : الْخُلْفُ.

١٧٤

وسمعتُ غيرَ واحدٍ من العرب يقول : إذا سُئِلَ ـ وهو صَادِرٌ عن ماءٍ .. أو مُقْبِلٌ من بَلَدٍ ـ عن رَجُلٍ : أَحَسْتَ فُلَاناً؟ فيُجِيبُهُ : خَالِفتِي.

يريد أنه وَرَدَ الماءَ ، وأنا صَادِرٌ عنه.

أبو عبَيْدٍ : الْخَالِفَةُ عَمُودٌ من أَعْمِدَةِ الْخِبَاءِ ، وجَمْعُها خَوالِفُ.

وقال اللِّحْيَانيُّ : تَكُونُ الْخَالِفَة في آخِرِ الْبَيْتِ.

وقال غيرُه : الْخَالِفَةُ : الْعَمُودُ الذي يَكُونُ أيضاً ـ قُدَّامَ الْبَيْتِ.

وَيقال : بَيْتٌ ذُو خَالِفَتَيْن.

ويقال : خَلَفَ فُلَانٌ بَيْتَهُ .. يَخْلُفُهُ خَلْفاً ـ إذا جَعَل له خَالِفَةً.

ويقال : أقَامَ فلانٌ خِلَافَ أصحابه ـ أي : لم يَسِرْ معهم حين سَارُوا.

ويقال : سُرِرْتُ بمُقَامِي خَلْفَ أصْحابي ـ أي : سُرِرتُ بِمُقَامِي بَعْدَهُمْ ، وبَعْدَ ذهابهمْ.

وقال الليثُ : رجُلٌ خَالِفٌ وخَالِفَةٌ ـ أي : مُخَالِفٌ .. كَثِيرُ الْخِلَافِ.

وقال ابنُ الأعرابيِّ : الْخَالِفَةُ : القَاعِدَةُ من النِّساء ـ في الدَّارِ.

وقال الليثُ : الْخَالِفُ : اللَّحْمُ الذي تجدُ منه رُوَيْحَةً .. ولا بأْس بمَضْغِه.

قال : والْخُلْفُ : اسمٌ وُضعَ موضعَ الإخْلَافِ.

قال : والْخَالِفَةُ : الأمّةُ البَاقِيَةُ بعد الأُمَّةِ السَّالِفَة. وأَنْشَد :

كَذَلِكَ تَلْقَاهُ الْقُرُونُ الْخَوالِفُ

يعني الموْتَ.

قال : وأَخْلفَ الْغُلَامُ فهو مُخْلِفٌ ـ إذا رَاهَقَ الحُلُمَ.

وَخلفَ فلانٌ بعَقِبِ فُلانٍ ـ إذا خَالَفَهُ إلى أهله.

وقال اللحياني : هذا رجلٌ خَالِفٌ ـ إذا اعْتَزَلَ أهله.

قال : والْمَخْلَفَةُ : الطريق.

يقال : عليك الْمَخْلَفَةُ الْوُسْطَى.

ويقال ـ للذي لا يَكادُ يَفي إذا وَعَدَ ـ : إنَّه لَمِخْلَافٌ.

وقال ابن السكيت : أَلْحَحْتُ على فلانٍ في الاتِّبَاعِ حتى اخْتَلَفْتُه ـ أي : جَعَلْتُهُ خَلْفي.

وقال الليث : يقال : هو يَخْتَلِفُنِي في النَّصِيحَة ـ أي : يَخلُفُنِي.

ويقال أيضاً ـ : اخْتَلَفْتُ فلاناً ـ أي : أَخَذْتُهُ من خَلْفِهِ.

وفي حديث مُعاذٍ : «مَنْ تَحَوَّلَ مِنْ مِخْلَافٍ إلى مِخْلَافٍ فعُشْرُهُ وصَدَقتُهُ إلى مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ الأوَّلِ .. إذا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ».

وقال أبو عمرو : يقال : اسْتُعْمِلَ فلانٌ على مَخَالِيفِ الطَّائِفِ.

وهي الأطْرَافُ وَالنَّواحِي. وقال خالدُ بنُ جَنْبَةَ : في كلِّ بَلَدٍ مِخْلَافٌ.

بِمَكَّةَ ، وَالمدينَةِ ، والبَصْرةِ ، والكوفَةِ.

وقال : مِخْلَافُ الْبَلَدِ سُلطَانُه.

١٧٥

قال : وَكنَّا نَلقى بَنِي نُمَيْرٍ ـ ونحن في مِخْلافِ المدينة ، وهم في مِخْلافِ الْيَمَامةِ.

وقال أبو مُعاذٍ : الْمِخْلافُ : «الْبُنْكِرْدُ» .. وهو أن يكون لكُلِّ قوْمٍ صَدَقَةٌ عَلَى حِدَةٍ ، فذاك : بُنْكِرْدُهُ .. يؤدَّى إلى عشيرتِه التي كان يُؤَدِّي إليهَا.

وقال الليث : يقال : فلانٌ من مِخْلافِ كذَا وكذَا.

وهو ـ عِندَ أهل اليمن ـ كالرُّسْتَاق.

والجميع : مَخَالِيفُ.

ويقال : إنَّ نَوْمَةَ الضُّحَى مَخْلَفَةٌ لِلفَمِ ـ أي : تُغيِّرُهُ.

ومخْلَفَةُ مِنًى : حَيْثُ ينزلُ النّاسُ.

وقال الهُذَليُّ :

 وَإِنَّا نَحْنُ أَقْدَمُ مِنْكَ عِزّا

إِذَا بُنِيَتْ بِمَخْلَفةَ الْبُيُوتُ

ومَخْلَفةُ بَنِي فلانٍ : مَنزِلُهُمْ.

ونُزُلُ القَوْمِ بِمِنًى .. ومَخْلَفةُ مِنًى : طُرُقُهُمْ حَيثُ يَمُرُّونَ.

ويقال : خَلفَ فلانٌ بِعَقبِي ـ إذا فَارَقَهُ على أَمْرٍ فَصَنَعَ شيئاً آخرَ.

قلت : وهذا أَصَحُّ مِن قول الليث : إِنَّه يُخَالفُهُ إلى أَهْلِه.

ويقال : خَلَفَ فلانٌ فلاناً ـ في أهله وفي مكانه ـ يَخلُفُهُ خِلَافَةً حَسَنةً.

ويقال : خَلَفَ الفَاكِهةُ بعضُهَا بَعْضاً خَلْفاً وخِلْفةً ـ إذا صَارَتْ خَلْفاً من الأولى.

قال : والنَّاقةُ الْخَلِفَةُ : الْحَامِلُ وجَمْعُها : مخَاضٌ .. وتُجْمَعُ : خَلِفَاتٌ.

وقد خَلِفَتْ تَخْلَفُ خَلَفاً.

ويقال : خَلفَ فلانٌ عن أصحابه ـ إذا لمْ يَخْرُجْ معهُمْ.

ويقال : أَكلَ فلانٌ طعاماً فبَقِيَتْ في فِيهِ خِلْفَةٌ فتَغَيَّرَ فُوهُ.

وهو الشيءُ .. يَبْقَى بين الأسْنَانِ.

ويقال : إنَّهُ لخَلِيفَةٌ بَيِّنُ الْخِلَافةِ والْخِلِّيفَى.

وقال عُمَرُ بن الخطَّابِ ـ رِضْوانُ الله عليه : «لوْ أَطَقْتُ الأَذَانَ مع الْخِلِّيفَى لأذَّنْتُ».

ويقال : خَلَّفْتُ فلاناً .. أُخلِّفُهُ تَخْلِيفاً واسْتَخْلَفْتُهُ ـ أيْ : جَعَلْتُهُ خَلِيفَتِي.

الأصمعيُّ : .. يقال : خَلَفَ فلانٌ على فُلانَةَ .. خِلَافَةً ـ إِذا تَزَوجَهَا بعدَ زَوْجٍ.

ويقال» : خَلَّفَ فلانٌ خَلَفَ صِدْقٍ في قومهِ ـ إذا تركَ عَقِباً.

الليث : اختَلَفْتُ إليهِ اخْتِلَافَةً واحدَةً.

قال : والْخِلَافُ شَجَرٌ ، والواحِدَةُ : خِلَافَةٌ.

ويقال : جاء الماءُ بِبَزْرِهِ فَنَبَتَ مُخَالفاً لأصلهِ ، فَسُمِّيَ خِلَافاً.

قال : والْمِخْلافُ ـ بِلُغَةِ أَهْلِ اليمَنِ ـ : الكُورَةُ ، ومَخَالِيفُهَا : كُوَرُهَا.

قال : والمُتَوَشِّحُ يخالفُ بين طَرَفَيْ ثَوْبِه.

وجَمْعُ الخلِفَةِ الحَامِلِ من النُّوقِ : مَخَاضٌ.

وقال غيرُه : يقال : إِنَّ امرأَةَ فلانٍ تَخْلُفُ زَوْجَهَا بالنِّزاعِ إلى غيرِهِ ـ إذا غَابَ عنها.

١٧٦

وقَدِمَ أَعْشَى بَني مَازِنٍ عَلَى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأنشدَهُ هذا الرَّجَزَ :

يَا مَالِكَ النَّاسِ ودَيَّانَ الْعَرَبْ

إليْكَ أَشْكُو ذِرْبَةً مِنْ الذِّرَبْ

خَرَجْتُ أبْغِيهَا الطَّعَامَ في رَجَبْ

فخَلفتْني بِنِزَاعٍ وهَرَبْ

أَخْلَفْتِ الْعَهْدَ ولَطَّتْ بالذَّنَبْ

وهُنَّ شَرُّ غَالِبٍ لِمَنْ غَلَب

وقال أبو زيد : يقالُ : إنَّمَا أَنْتُمْ في خَوَالِفَ من الأَرَضِينَ ـ أيْ : في أَرَضِينَ لا تُنبتُ إلَّا في آخِرِ الأرَضِينَ نَباتاً.

والأَخْلَفُ : الأعْسَرُ.

ومنه قولُ الْهُذَليِّ أبي كَبِير :

زَقَبٌ يَظَلُّ الذِّئبُ يتْبَعُ ظِلَّهُ

مِنْ ضِيقِ مَوْرِدِهِ اسْتِنَانَ الأخْلفِ

وقيل : أراد بالأَخْلَفِ : الحَيَّةَ.

وقيل : الأخْلَفُ : الأحْوَلُ.

والأَخْلَفُ من الإبل : المشْقُوقُ الثِّيلِ .. الذي لا يَسْتَقِرُّ وَجَعاً.

وَقَال الأصمعيُّ : الْخَلَفُ ـ في البعير ـ أن يكونَ مائِلاً في شِقٍّ.

يقالُ منه : بَعِيرٌ أَخْلَفُ.

ويقال : خَلَّفَ فلانٌ بنَاقَتِهِ تَخْلِيفاً ـ إذا صَرَّ خِلْفاً وَاحِداً من أَخْلَافِها.

وقال اللِّحْيَانيُّ : الْخِلفُ : في الظِّلْفِ والْخُفِّ .. والطُّبْيُ : في الْحَافِرِ والظُّفْرِ.

وقال أبو عبيدٍ : الْخِلْفُ حَلَمَة ضَرْع النَّاقَةِ.

وقال ابنُ الأعرابيِّ : الْخِلْفَةُ : وقْتٌ بَعْدَ وَقْتٍ.

وقال أبو زَيْدٍ : خَالِفَةُ البيتِ : تحتَ الأَطْنَابِ في الكَسْرِ.

وهي الْخَصَاصَةُ أيضاً .. وهِيَ الْفُرْجَة.

وجَمْعُ الْخَالِفَةِ : خَوالِفُ. وهي الزَّوَايَا وأَنشدَ :

مَا خِفْتُ حَتَّى هَتَكُوا الخَوَالِفَا

وقال أبو مالِكٍ : الْخَالِفَةُ : الشُّقَّةُ المُؤَخَّرَةُ .. الَّتي تكونُ تحتَ الْكِفَاءِ تحْتَها طَرَفُها مِمَّا .. يَلي الأرضَ من كِلَا الشِّقْيِن.

شَمِرٌ ـ عن ابن شُمَيْلٍ ـ : الْخَلَفُ يكونُ في الخَيرِ والشَّرِّ.

وكذلك الخَلْفُ.

قال : وقال أبو الدُّقَيْشِ : يقال : مَضَى خَلْفٌ من الناس ، وجاء خَلْفٌ لا خَيْرَ فيه .. وخَلْفٌ صالحٌ.

خَفَّفَهُمَا جميعاً.

وفي هؤلاء القوم : خَلَفٌ ممن مَضَى ـ أي : يقومون مَقامَهم.

وفي فُلانٍ خَلَفٌ من فُلان ـ إذا كان صالحاً أو طالحاً .. فهو خَلَفٌ.

ويقال : بئْسَ الْخَلَفُ هم ـ أي : البَدَلُ.

وقال الكِسَائيُّ : الخَلْفُ القَرْنُ بعد الْقَرْنِ.

(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) [الأعرَاف : ١٦٩].

والْخَلَفُ ـ مَثَقَّل ـ : إذا كان خَلَفاً من شيء.

١٧٧

وفي حديثٍ مرفوعٍ : «يَحْمِلُ هَذا الْعِلْمَ مِنْ كُلِ خَلَفٍ عُدُولُهُ ..

يَنْفُون عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ ، وانْتِحَالَ المُبْطِلِينَ ، وتأَوِيلَ الْجَاهِلينَ».

وقال شَمِرٌ : قال الْقَعْنَبِيُّ : سَمعْتُ رَجُلاً يُحَدِّثُ مالِكَ بْنَ أَنَسٍ بهذا الحديث فأعْجَبَهُ.

أخبرني المنذريُّ ـ عن ثَعْلَبٍ .. عن ابن الأعرابيِّ ـ قال : الْمَخَالِيفُ من الإبل : التي رَعَتْ الْبَقْلَ ، ولم تَرْعَ الْيَبِيسَ ، فلم يُغْنِ عنها رَعيُها الْخُضْرَةَ شيئاً.

وأنشد :

فَإنْ تَسْأَلِي عَنَّا إذا الشَّوْلُ أَصْبَحَتْ

مَخَالِيفَ حُدْباً لا تَدِرُّ لَبُونُها

خ ل ب

خلب ، خبل ، بلخ ، بخل ، لخب ، لبخ : مستعملات.

خلب : قال الليث : الْخَلْبُ : مَزْقُ الْجِلْد بالنَّاب.

والسَّبُعُ يَخْلُبُ الفَريسةَ ـ إذا شقّ جِلدَها بِنَابِه ، أو فَعَله الْجَارحَةُ بمِخْلَبهِ.

ولكلِّ طائرٍ من الجوارح : مِخْلَبٌ ولكل سَبُعٍ : مِخْلَبٌ .. وهو أظافيرُه.

وسَمِعْتُ النَّخْلَاوِيِّينَ مِنْ أهل الْبحْرَينِ يقولون للحَدِيدَةِ الْمُعَقَّفَةِ ـ التي لا أُشَرَ لها ، ولا أَسنان ـ : الْمِخْلَبُ.

وأنشدني أعرابيٌّ ـ من بني سعْدٍ ـ :

دَبَّ لهَا أَسْوَدُ كالسِّرْحَانُ

بِمِخْلَبٍ يَخْتَدِمُ الإهَانْ

وقال الليث : الْخُلُبُ : حَبْلٌ دقيق صُلْبُ الْفَتْلِ .. من لِيفٍ أو قُنَّبٍ أو شيءٍ صُلْبٍ.

وأنشد :

كالْمَسَدِ اللَّدْنِ أُمِرَّ خُلُبُهْ

ثعلبٌ ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : الْخُلْبَةُ : الْحَلْقَة من اللِّيف.

أبو عبيد ـ عن الأصمعيِّ ـ : الْخُلْبُ اللِّيف : واحدَتُه خُلْبَةٌ.

وقال الليث : الْخُلْبُ : طِينُ الْحَمأَةِ ويقال : هو الطِّين الصُّلب. ويقال : طِينٌ لَازِبٌ خُلُبٌ. وماءٌ مُخْلِبٌ ـ أي : ذُو خُلُبٍ وقال أميَّةُ :

فَرَأَى مَغِيبَ الشَّمْسِ عِنْدَ مآبِها

في عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وثَأْطٍ حَرْمَدِ

أبو العبَّاس ـ عن ابن الأعرابي ـ : قال رجُلٌ من العرب لطبَّاخِه : «خَلِّبْ مِيفَاكَ حتَّى يَنْضَجَ الرَّوْدَقُ».

قال : «خَلِّبْ» ـ أي : طَيِّنْ. ويقال للطِّينِ : خُلْبٌ.

قال : «والْمِيفَى» : طَبَقُ التَّنُّورِ ، و «الرَّوْدَقُ» : الشِّوَاءُ.

وقال الليثُ : الْخُلْبُ أيضاً : وَرَقُ الْكَرْمِ والْعَرْمَضِ ونحوِه.

قال : والْخِلَابَةُ : الْمُخَادَعَةُ.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال لرجلٍ كان يُخْدَعُ في بيعه ـ : «إذا بَايَعْتَ فَقُلْ : لا خِلَابَةَ».

١٧٨

أي : لا خَدِيعَةَ ولا غِشَّ.

قال الليث : والْخِلَابَةُ : أَنْ تَخْلُبَ المرأَةُ قَلْبَ الرجُلِ .. بأَلْطَف القَوْل وأَخلَبِهِ.

وامرأةٌ خَلَّابَةٌ للفؤاد .. وخَلُوبٌ للفؤاد.

ورجل خَلَبُوتٌ : ذُو خَدِيعة ، جاء على «فَعَلُوتٍ» مِثلُ «رَهَبُوتٍ».

وقال الشاعر :

مَلَكتُمْ فَلَمَّا أَنْ مَلَكْتُم خَلَبْتُمُو

وَشَرُّ الملوكِ الخَالِبُ الْخَلَبُوتُ

أبو عُبَيد ـ عن أبي زيدٍ ـ : الخِلْبُ : حِجَابُ القَلبِ.

ومنه قيل للرَّجل الذي تحبُّه النساءُ : إنّه لَخِلْبُ نساء ـ أيْ : تُحِبُّه النساء.

وقال غيرُه : فلانٌ خِلْبُ نساءٍ ـ إذا كان يُخَالِبُهُنَ ـ أيْ : يُخادِعُهنَّ.

وفلانٌ حِدْثُ نساءٍ ، وزِيرُ نساءٍ ـ إذا كان يُحَادِثُهُنَّ ويُزَاوِرُهُنَّ.

ومن أَمْثال العرَب : «إِذَا لمْ تَغْلِبْ فاخْلُبْ».

وبعضُهم يقول : فاخلِبْ ـ بكسْرِ اللَّام.

فمَن ضَمَّ اللامَ .. فمعناه : فاخْدَعْ.

ومن كَسَرَ اللَّامَ .. فمعناه : فانتِشْ شيئاً يسيراً بَعْدَ شيء.

أُخِذَ من مِخْلَبِ الجارحةِ.

ويقال للرجل الذي يَعِدُ ولا يَفِي بوعده : إنّه لبَرْقُ خُلَّبٍ ، وإنه لَبَرْقٌ خُلَّبٌ وهو السَّحَابُ الذي يُرْعِدُ ويُبْرِقُ ، ولا يُمْطِرُ.

أبو عبيدٍ ـ عن الأصمعيِّ ـ : امرأة خَلْبَنٌ ، وهيَ : الخَرْقاءُ.

قال : وليس مِنَ الْخِلَابةِ.

قال : والنُّونُ ليست بأَصْليَّة.

وقال الليث : امرأةٌ خَلْبَاء ـ إذا كانت خَرْقاءَ ، وقد خَلِبَتْ خَلَباً.

وكذلك : الخَلْبَنُ.

قال : ويقال للمرأة المهزولةِ : خَلْبَنٌ.

وأنشَدَ الأصمعيُّ :

وخَلَّطَتْ كلُّ دِلَاثٍ عَلْجَنِ

تَخْلِيطَ خَرْقَاءِ اليَدَيْنِ خَلْبَنِ

ورواه أبو الهيثم.

.. خَلْبَاءِ اليَدَيْنِ ...

وهي الْخَرْقَاءُ.

ثعلبٌ ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ قال : الْخَلْبَاءُ من النِّسَاء : الْخَدُوعُ.

سَلمةُ ـ عن الفرَّاء ـ قال : الْخِلْبُ : الطِّينُ ، والخِلْبُ : الوَشْيُ.

أبو عبيد ـ عن أبي عمرٍو ـ قال : المُخَلَّبُ من الثياب : الكثيرُ الوَشْي. وقال لَبِيدٌ :

وغَيْثٍ بدَكْدَاكٍ يَزِينُ وِهَادَهُ

نَبَاتٌ كَوَشْي العَبْقَرِيِ المُخلَّبِ

قال : وهو الكثيرُ الأَلْوَان.

وقال ابنُ الزَّبِيرِ الأسَدِيُّ :

خَشَّ الضُّلُوعَ فَأَفْرَاها بِمِخْلَبِهِ

ومَرَّشَ الْخِلبَ حَتَّى هَتَّكَ الْقَصَرَا

قال : «مَرَّشَ» و «خَدَّشَ» .. واحدٌ.

و «الْخِلْبُ» : عُظَيْمٌ مِثْلُ ظُفْرِ الإنسان لاصِقٌ بناحيةِ الحجاب .. ممَّا يَلي الكَبِدَ.

١٧٩

وهي التي تَلِي الكَبِدَ والحجابَ .. والكَبِدُ مُلْتَزِقٌ بجانب الحجابِ.

وجَمْعُ الْخَالِبِ : خَلَبَةٌ.

بلخ : قال الليث : البَلَخُ : مَصْدرُ الأَبْلَخِ ، وهو الْعَظِيمُ في نفْسِه .. الجريءُ على ما أَتَى من الفُجور. وامرأةٌ بَلْخَاء.

ثعلبٌ ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ قال : البَلَخُ : التَّكبُّرُ ، والبَلَخُ : شجَرُ السِّنْدِيانِ.

والْبَلْخُ : الطُّولُ.

وقال أبو العباس : البُلَاخُ شَجَرُ السِّنْدِيان وهو الشجرُ الذي تُقْطَعُ منه كُدَيْناتُ القَصَّارِينَ.

والأبلخُ : الرَّجُل المتكبِّرُ .. والجميعُ : البُلْخُ.

لبخ : قال الليث : اللَّبْخُ : احتيالٌ لأَخْذِ شيء.

قال. واللَّبْخُ : من الضرب والقتْل.

واللُّبُوخُ : كثرةُ اللحم في الجسد.

واللَّبِيخُ : النَّعْتُ.

وامرأة لُبَاخِيَّةٌ : ضَخْمَةُ الرَّبْلَةِ .. كثيرة اللَّحْمِ.

أبو العباس ـ عن ابن الأعرابي ـ : يقال للمرأة الطويلةِ العَظِيمةِ الجسم : خِرْباقٌ ولُبَاخِيَّةٌ ، ومُزَنَّرَةٌ.

واللِّبَاخُ : اللِّطَامُ والضَّرَابُ.

بخل : قال الليث : البُخْلُ والبَخَلُ : لُغتان ـ قُرِىء بهما ، وقد بَخِلَ يَبخَل بَخَلاً وبُخْلاً ، ورَجلٌ بَخِيلٌ وبَخَّالٌ ومُبَخَّلٌ ـ إذا وُصِفَ بالبخل .. والبَخْلَةُ بُخْلُ مرَّةٍ واحدة.

ويجمَع البخيلُ : بُخَلَاء ، ورَجلٌ باخِلٌ : ذُو بُخْلٍ ، ورِجالٌ باخِلُونَ.

وأَبْخَلْتُ فلاناً : وَجَدْتُه بخِيلاً ، وبَخَّلْت فلاناً : نَسَبْتُه إلى البخل.

والوَلد مَجْبَنَةٌ مَجْهَلَةٌ مَبْخَلةٌ ، وقد مرَّ تفسيرُها.

خبل : قال الليثُ : الخبْلُ جنونٌ أو شِبْهُه في القلب ، ورَجلٌ مخبولٌ وبه خَبْلٌ ، ورَجلٌ مُخَبَّلٌ : لا فؤادَ معه ، وقد خَبَله الدَّهْر والْحزن والسُّلطان والحُبُّ والدَّاء ـ خَبْلاً.

وأنشد :

يَكُرُّ عليهِ الدَّهْرُ حتى يَرُدَّه

دَوًى شَنَّجَتْه جِنُّ دَهْرٍ وَخَابِله

ودَهْرٌ خَبِلٌ : مُلْتَوٍ عَلَى أهلهِ لا يَرَوْنَ فيه سُرُوراً.

قال : والْخَبْلُ فسادُ الأعضاء ، حتى لا يَدْرِي كَيْفَ يَمْشي ـ فهو متَخَبِّلٌ خَبِلٌ ، مُخْتَبَلٌ.

ثعلبُ ـ عن سَلَمَةَ عن الفرَّاءِ ـ قال : الْخَبَالُ أن : تكون البئرُ مُتَلَجِّفَةً فربَّما دخلتِ الدَّلْوُ في تَلْجِيفِها فَتَنْخَرقُ.

وأنشد قولَ الراجزِ في صِفَةِ الدَّلْو وانقِطَاعِها :

أَخَذِمَتْ أَمْ وَذِمَتْ أَمْ مَا لَها

أَمْ لَقِيَتْ في قَعْرِهَا خَبَالَهَا؟؟

قال : وقال ابنُ الأعرابيِّ : الْخَبَالُ : الْفَسَادُ ، والْخَبَالُ : الجُنُون ، والخَبالُ : عُصَارَةُ أَهْل النار.

١٨٠