وأَنْ قد يُرَى مِنيّ لِما قد أصابني |
مِنَ الحُزن أَنِّي ساهفُ الوَجْهِ ذُو هَمِ |
سفه : قال الله جلّ وعزّ : (إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) [البَقَرَة : ١٣٠].
قلت : اختَلفتْ أقاويلُ النَّحويِّين في معنى قوله : (إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) وانتصابه.
فقال الأخفش : أهل التأويل يَزْعمون أنّ المعنى : سَفّه نَفْسَه.
وقال يونسُ النحويّ : أُراها لغَةً ، ذهب يونُس إلى أنّ فَعِل للمبالغة ، كما أنّ فعَّل للمبالغة ، فذهب في هذا مَذْهبَ أهل التأويل ، ويجوزُ على هذا القول سَفِهْتُ زيداً ، بمعنى : سفَّهْتُ زيداً.
وقال أبو عبيدة : معنى (سَفِهَ نَفْسَهُ) : أَهْلَك نفسه ، وأوْبَقَها ، وهذا غير خارجٍ من مذهبِ يونُسَ ، وأهلِ التأويل.
وقال الكسائيُّ والفرّاء : إنّ (نَفْسَهُ) منصوب على التفسير ، وقالا : التفسير في النكرات أكثر ، نحو «طِبْتُ به نَفْساً» و «قَرِرت به عَيْناً». وقالا معاً : إنَّ أصل الفعل كان لها ، ثمّ حُوِّل إلى الفاعل ؛ أراد أنّ قولهم : «طبت به نفساً» معناه طابت به نفسي ، فلمّا حُوِّل الفعل إلى ذي النفس خرجت النفس مفسِّرة وأنكر البصريّون هذا القول وقالوا : لا تكون المفسِّرات إلّا نَكِراتٍ ، ولا يجوز أن تُجْعَل المَعارفُ نَكِراتٍ.
وقال بعض النحويّين في قوله : (إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) [البَقَرَة : ١٣٠] ، معناه إلا من سفه في نفسه ، إلّا أنّ «في» حُذفت كما حذفت حروفُ الجرّ في غير موضع : قال الله جلّ وعزّ : (وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) [البَقَرَة : ٢٣٣] ، المعنى أن تسترضعوا لأولادكم ، فحُذِفَ حرفُ الجرّ من غير ظَرْف ، ومثله قول الشاعر :
نُغَالِي اللَّحْمَ للأَضْيافِ نِيّاً |
ونَبْذُلُه إذا نَضِج القُدُورُ |
المعنى : نغالي باللحم.
وقال الزجّاج بعد ما ذكَر أقاويلَ النَّحويّين القولُ الجيّد عندي في هذا أنّ (سَفِهَ) [البَقَرَة : ١٣٠] في موضع «جَهِل» ، فالمعنى ـ والله أعلم ـ إلا مَنْ جهل نفسه : أي لم يُفَكِّر في نفسه ، فَوُضِع (سَفِهَ) في موضع «جهل» ، وعُدِّي على المعنى.
فهذا جميعُ ما قال النحويُّون في هذه الآية.
قلت : ومما يقوِّي قولَ الزَّجَّاج الحديثُ المرفوع : حين سُئِل النبيُّ صلىاللهعليهوسلم عن الكِبْر ، فقال : «الكِبْرُ أنْ تَسْفَه الحقَّ ، وتَغْمِطَ النّاس» ؛ معناه أن تجهَل الحقَّ فلا تراه حَقّاً ، والله أعلم.
وقال بعض أهل اللّغة : أصل السَّفَه : الخفّة ، ومعنى السَّفِيه : الخفيفُ العَقْل ، ومن هذا يقال : تسفَّهَتِ الرّياحُ الشيء : إذا حرَّكَتْه واستخفّته فطيَّرتْه ، وقال الشاعر :
مَشَيْنَ كما اهتَزَّت رِماحٌ تَسَفَّهَتْ |
أعالِيَها مَرُّ الرّياحِ النَّواسِمِ |
ويقال : ناقةٌ سَفِيهةٌ الزِّمام : إذا كانت خفيفة السَّيْر.
ومنه قول ذي الرُّمَّة : «سفيهةٍ جديلها» ، وسافَهَتِ الناقةُ الطريقَ : إذا خفّت في سَيْرِها ، وقال الراجز :
أحْدُو مَطِيَّاتٍ وقوماً نُعّسَا |
مُسَافِهاتٍ مُعْمَلاً مُوَعَّسا |
أراد بالمعمل الموعَّس : الطريقَ المَلحُوبَ الذي وُطِىء حتى استتب ووضَح.
أبو عبيد عن الكسائيّ : سَفِهْتُ الماءَ أسْفَهُه إذا أكثَرْتَ منه ولم تَرْوَ ، والله أسْفَهَكَهُ.
وقال غيره : سَافَهْتُ الشَّرابَ : إذا أسرفت فيه ، وقال الشّماخ :
فبِتُّ كأنّني سافَهْتُ صِرْفاً |
مُعَتَّقَةً حمَيّاها تدُورُ |
وفي حديث ثابت عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «الكِبْرُ أن تَسْفَهَ الحقَّ ، وتَغْمِطَ النّاس» ، فجعل سَفِه واقعاً.
وقال أبو زيد : امرأةٌ سَفِيهةٌ من نِسْوَةٍ سَفَائِه ، وَسَفِيهاتٍ ، وسُفُهٍ وسِفاهٍ ، ورجلٌ سفِيهٌ من رجال سُفَهَاءَ ، وسُفَّهٍ ، وسِفَاهٍ ، ويقال : سَفه الرجل يَسْفُهُ فهو سَفِيهٌ ، ولا يكون هذا واقعاً ، وأما سَفِه ـ بكسر الفاء ـ فإنه يجوز أن يكون واقعاً ، وقال الأكثر فيه أن يكون غير واقع أيضاً. قوله عزوجل : (كَما آمَنَ السُّفَهاءُ) [البَقَرَة : ١٣] : أي الجهَّال ، وقوله : (فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً) [البَقَرَة : ٢٨٢].
السفيه العقل ، من قولهم : تَسَفَّهت الرياحُ الشيءَ ، إذا استخفّته فحرَّكته.
وقال مجاهد : السفيه : الجاهل ، والضعيف : الأحمق.
قال ابن عرفةَ : والجاهل هاهنا : هو الجاهل بالأحكام لا يُحْسِنُ الإملاء ، ولا يدري كيف هو؟ ولو كان جاهلاً في أحوالِه كلِّها ما جاز له أنْ يُدَايَن ، وقوله تعالى : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) [النِّساء : ٥] يعني المرأةَ والولد ، وسُمِّيَتْ سَفِيهةً لِضَعْفِ عَقْلِها ، ولأنها لا تُحْسِنُ سياسة مالها ، وكذلك الأولاد ما لم يُؤْنَسْ رُشْدُهُم ، وقوله عزوجل : (إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) [البَقَرَة : ١٣٠] أي سَفِه في نفسه : أي صار سَفِيهاً ، وقيل : أي سَفِهَت نَفْسُه ، أي صارت سفيهةً ، ونصب نفسه على التفسير المحوَّل ، وقيل : سَفِه هاهنا بمعنى سَفَّه ، ومنه قوله : إلا من سَفِه الحقّ. معناه : من سَفَّه الحقَّ ، ويقال : سَفِه فلانٌ رأْيَه : إذا جهله ، وكان رأيُه مضطرباً لا استقامةَ له.
ه س ب
استعمل من وجوهه : سهب ، سبه ، بهس.
سهب : قال الليث : فرسٌ سَهْبٌ. شديد الجرْي بطيء العَرَق ، وقال أبو دُوَاد :
وقد أَغْدو بِطِرْفٍ هَيْ |
كَلٍ ذِي مَيْعَةٍ سَهْبِ |
قال : وبئرٌ سَهْبةٌ : بعيدة القَعْر يخرج منها الرِّيح ، وإذا حَفَر القوم فهجموا على الرِّيح وأخلفهم الماء ، قيل : أسْهَبُوا ، وأنشد في وصف بئر كثيرة الماء :
حَوْضٌ طَوِيٌّ نِيل مِنْ إسْهَابِها |
يَعْتِلجُ الآذيٌّ مِن حَبَابِها |
قال : وهي المُسْهَبة ، حُفِرتْ حتى بلغَتْ عَيْلَمَ الماء ، ألَا ترى أنه قيلَ : نِيلَ مِنْ أَعْمَق قعْرها.
قال : والسَّهْباءُ : بئرٌ لبني سَعْد ، ورَوْضة أيضاً بالصَّمَّان تُسَمَّى السَّهْباء.
قال : والسَّهْبَى : مَفَازَةٌ.
قال جرير.
سارُوا إليْكَ من السَّهْبَى ودُونَهُمُ |
فَيْحَانُ فالحَزْنُ فالصَّمَّانُ فالوَكَفُ |
والوَكفُ : لبني يربوع.
قال أبو عبيد : قال أبو عمرو : إذا بلغ حافرُ البئر إلى الرَّمْل قال : أسْهَبَ ، وأَسْهَبَتْ.
قال : وقال الفراء : إذا خرجت الرّيحُ من البئر ولم يخرُج ماءٌ قال : أسْهَبَتْ وقال شَمِر : المُسْهَبةُ من الرَّكايا : التي يَحفرونها حتى يبلغوا تراباً مائقاً فَيَغْلِبُهُمْ تهيُّلاً ، فيَدَعُونَها.
أبو عُبَيد عن الكسائي قال : بئر مُسْهَبة : التي لا يُدْرَك قَعْرُها وماؤها.
قال : وقال الأصمعيّ : المُسْهَب ـ بفتح الهاء ـ : الكثير الكلام.
شمر ، عن ابن الأعرابي : كلام العرب كلُّه على أَفْعَل فهو مُفْعِل إلا ثلاثة أحرف : أَسْهَبَ فهو مُسْهَب ، وأَحْصَن الرجلُ فهو مُحْصَن ، وأَلفَجَ فهو مُلْفَجٌ : إذ أَعْدَم.
شمر : قال ابن شميل : السَّهْبُ : ما بَعُدَ من الأرض ، واستوى في طمأنينة ، وهي أَجْوافُ الأرض ، طمأنينتها : الشيء القليل يقود الليلة واليومَ ونحوَ ذلك ، وهي بطونُ الأرض تكون في الصَّحارَى والمُتُون ، وربما تَسِيل وربّما لا تَسِيل ، لأن فيها غِلَظاً وسُهولاً تنبتُ نباتاً كثيراً ، وفيها خَطَراتٌ من شجر : أي فيها أماكنُ فيها شجرٌ ، وأماكنُ لا شجر فيها.
وقال أَبو عُبيد : السُّهوبُ واحدها سَهْب ، وهي المُستويةُ البعيدة.
وقال أبو عمرو : السُّهوبُ : الواسِعةُ من الأرض ، وقال الكميت :
أبارقُ ، إنْ يَضْغَمْكُمُ الليثُ ضَغْمَةً |
يَدَعْ بارِقاً مِثل اليَبَابِ مِن السَّهْبِ |
وقال الليث : سُهوبُ الفلاةِ : نواحيها التي لا مَسْلكَ فيها.
وقال اللِّحيانيّ : رجَلٌ مُسْهَبُ العقْل ، ومُسْهَمٌ ، وكذلك الجسمُ في الحُبِّ : أي ذاهبٌ.
وقال أبو حاتم : أُسْهِبَ السَّليمُ إسهاباً فهو مُسْهِبٌ : إذا ذَهب عقلُه وعاش ، وأنشد :
فبات شَبْعَانَ وباتَ مُسْهَبا*
وقال غيره : أَسْهَبْتُ الدابةَ إسهاباً : إذا أهملْتَها تَرْعَى فهي مُسْهَبة ، وقال طُفَيْلٌ الغَنَوِيّ :
نَزَائِعَ مَقْذُوفاً على سَرَواتِها |
بما لَمْ تَحَالَسْهَا الغُزاة وتُسْهَبُ |
أي قد أُعْفِيَت حتى حَمَلَت الشحمَ على سَرَوَاتِها.
وقال بعضهم : ومِنْ هذا قيل للمِكْثار : مُسْهَب ، كأنه تُرِكَ والكلامَ يتكلّم بما شاء ، كأنّه وُسِّع عليه أن يقول ما شاء.
وقال الليث : إذا أَعْطَى الرجلُ فأَكثر.
قيل : قد أَسْهَبَ ، ومكانٌ مُسْهِب : لا يمنع الماء ، ولا يمسكه.
سبه : قال الليث : السَّبَهُ : ذَهابُ العَقْل من الهَرَم.
وقال اللحيانيّ : رجلٌ مُسَبَّه العقل ، ومُسَمَّهُ العقل : أي ذاهبُ العقل.
أبو عبيد ، عن الأمويّ : رجلٌ مَسْبُوهُ الفؤاد ، مثلُ مُدَلَّه العقل ، وهو المُسَبَّهُ أيضاً ، وقال رؤبة :
قالت أُبَيْلَى لي ولم أسَبَّهِ |
ما السِّنُّ إلّا غَفْلَةُ المُدَلَّهِ |
وقال غيره : رجل سَبَاهِيُ العقل : إذا كان ضَعيفَ العقل.
أبو عبيد ، عن الكسائيّ : المُسَبَّه : الذاهب العقل.
وقال المفضل : السُّباهُ : سَكْتَةٌ تأخذ الإنسانَ يذْهب منها عَقْلَه ، وهو مَسْبُوهٌ.
بهس : قال الليث : يَبْهَسُ من أسماءِ الأسد.
قلت : ويَبْهَسُ من أسماء العرب. ومنه الذي كان يُلَقَّب بنعامة ، اسمه بَيْهَسٌ.
وقال : فلان يَتَبَيْهَسُ في مِشيته ويَتَبَهْنَسُ : إذا كان يَتَبَخْتَر ، ومثلُه يَتَبَرْنَسُ ، ويَتَفَيْجَسُ ، ويتفيْسَجُ.
ه س م
سهم ، سمه ، همس ، هسم : مستعملة.
سهم : قال الليث : يقال : اسْتَهَمَ الرجلان إذا اقترعا ، وقال الله جلّ وعزّ : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) [الصَّافات : ١٤١] : يقول : قارَع أَهْلَ السفينة فقُرِعَ ، يعني يونُسَ حين الْتَقَمهُ الحوت.
وقال النبي صلىاللهعليهوسلم لرجلين احتَكما إليه في مَواريثَ قد دَرَسَتْ : «اذْهَبَا فَتوَخَّيا الحقّ ، ثمَ اسْتَهِما ، ثمَّ لِيُحْلِلْ كلُّ واحد منكما صاحبه ، معنى قوله : اسْتَهِما أي اقْتَرِعا وتوخَّيا الحقَّ فيما تَضَعانِه وتَقْتَسِمانِه ولْيأخُذ كلُّ واحد منكما ما تُخرِجُه القِسْمَةُ بالقُرعة ، ثُمَّ لِيُحْلِلْ كلُّ واحد منكما صاحبه فيما أخذه وهو لا يَسْتَيْقِنُ أنَّه حقُّه أم لا. ويقال : اسْتَهَمَ القومُ فَسَهمهُمْ فلان : إذا قَرَعَهُمْ ، والسَّهْمُ : النصيب والسَّهْمُ : واحِدُ السِّهام من النَّبل وغيره.
والسَّهْمُ : القِدْح الذي يُقارَعُ به. والسَّهْمُ : مقدارُ سِتِّ أَذْرُع في مُعاملات الناس ومِساحاتهم.
قال ابن شُمَيل : السَّهْمُ : نَفْسُ النَّصْل.
وقال : لو التقطْتُ نَصْلا لقُلْتُ : ما هذا السَّهْمُ معك؟ ، ولو التَقَطْتُ قِدْحا لَمْ تقُل : ما هذا السّهْمُ معك؟.
قال : والنَّصْل : السَّهْم العريض الطويل يكونُ قريباً من فِتْرٍ. والمِشْقَص على النِّصف من النَّصل ، ولا خيرَ فيه ، يلعبُ فيه الوِلْدان ، وهو شَرُّ النُّبْل ، وأحْرَضُه.
قال : والسَّهمُ : ذو الغِرارَين والعَيْر.
قال : والقُطْبَةُ لا تُعَدّ سَهْماً. والمِرِّيخُ : الذي على رأسه العُظَيْمَة يرمى بها أهلُ البَصْرة بين الهدَفين. والنَّضِيُّ : مَتْنَ القِدْح ، ما بين الفُوقِ والنَّصْل.
وقال الليث : بُرْدٌ مُسَهَّمٌ ، وهو المخطّط.
وقال ذو الرُّمَّة :
كأَنَّهَا بعدَ أَحْوالٍ مَضيْنَ لها |
بالأَشْتِميْنِ يمَانٍ فيه تَسهيم |
قال : والسُّهُومُ : عبوس الوجه من الهم.
ويقال للفَرَسِ إذا حُمِل على كريهةِ الْجَرْي : ساهِمُ الوجه ، وكذلك الرَّجلُ في الحرب ساهِمُ الوجه ، قال عنترة :
والخيلُ ساهِمةُ الوجوه كأنّما |
يُسْقَى فوارِسُها نقيعَ الْحَنْظَلِ |
أبو عبيد ، عن أبي عمرو : السُّهَامُ : الضُّمْرُ والتّغيُّر ـ بضم السين ـ والسَّهامُ : الذي يقال له : مُخاطُ الشَّيطان ، يقال : سُهِمَ يُسْهَم فهو مَسْهوم : إذا ضُمِّر ، قال العجاج :
وَلا أبٍ وَلَا أَخٍ فَتُسهَمِ *
وأوَّله :
فهي كرِ عدِيدِ الكَثِيب الأهْيَمِ |
ولم يُلِحْهَا حَزنٌ على ابْنَمِ |
وَلَا أَبٍ ولا أَخٍ فَتُسهَم
وقال الليث : السُّهَام من وَهَج الصَّيْفِ وغُبْرَتِه ، يقال سُهِم الرجلُ : إذا أصابه السُّهام.
قلت : والقول في السُّهام والسَّهام ما قال أبو عمرو.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : السُّهُمُ : غَزْلُ عينِ الشمس ، قال : والسُّهمُ أيضاً : الحرارةُ الغالِبَة. والسُّهُم والشُّهُم ـ بالسين والشين ـ : الرجال العقلاء الحكماء العُمال.
وقال اللحيانيّ : رجل مُسْهَم العقل مثل المُسهَب ، وكذلك مُسْهَم الجسْم : إذا ذهب جِسمُه في الحبّ.
أبو عبيد ، عن الأموي قال : من أدواء الإبل السُّهام ، يقال منه : بعير مسهوم وقول أبي دَهْبَل الجمحيِّ :
سَقى الله جارَانا ومَنْ حلَّ وَلْتَهُ |
وكلَّ مَسِيلٍ مِن سَهامٍ وسَرْدَد |
سَهام وسَرْدَد : واديان في بلاد تهامة وقال :
بَنى يَثْرِبيٌّ حَصِّنوا أَيْنُقَاتِكم |
وأفراسَكم من ضَرْب أحمر مُسْهَمِ |
|
ولا أُلفِيَنْ ذا الشِّفَّ يطْلُبُ شِفَّهُ |
يُداويه منكم بالأديم المسلَّمِ |
أراد بقوله : أَيْنُقَاتكم وأفراسَكم نساءَهم ، يقول : لا تُنكِحوهُنَّ غير الأكفاء ، وقوله : من ضَرْب أحمرَ مُسْهَم ، يعني سِفاد رجلٍ من العجَم ، وفَرَسٌ مُسْهَمٌ : إذا كان هَجِينا يُعْطَى دون سَهْم العتيقِ من الغنِيمة.
وقوله : بالأديم المُسَلَّم : أي يُتصَحَّحُ بِكُمْ.
قال : وقال أبو عبيدة : السُّهْمَةُ : القرابة.
والسُّهْمَةُ الحظُّ. وقال عبيد :
قد يُوصَلُ النّازحُ النائي وقد |
يُقْطَعُ ذو السُّهْمةِ القريبُ |
وقال الليث لي في هذا الأمر سُهْمةٌ : أي نصيب وحظ من أثر كان لي فيه.
سمه : قال الليث : سَمَه البعِيرُ أو الفرسُ في شَوْطه يسْمَهُ سُمُوهاً فهو سامِهٌ لا يعرِف الإعياء ، وأنشد :
يَا لَيْتَنَا والدَّهْرَ جَرْي السُّمَّهِ *
قال : أراد ليتنا والدَّهر نجري إلى غير غاية.
أبو عبيد ، عن الكسائي : من أسماء الباطل قولهم : السُّمَّه ، يقال : جرى فلان جَرْى السُّمَّه. وقال اللحيانيّ : يقال : للهواء اللُّوح ، والسُّمَّهَى والسُّمَّهِي.
وقال النَّضْر : يقال : ذهب فلان في السُّمَّهِ والسُّمَّهِي : أي في الريح والباطل ، ويقال ذهب السُّمَّيْهَيِ : أي في الباطل.
وروى أبو العباس ، عن ابن الأعرابي يقال للهواء. السُّمَّهى والسُّمَّيْهَى.
أبو عبيد : سمعت الفرّاء يقول : ذهبتْ إبلُه السُّمَّيْهَى على مثال وقعوا في خُلَّيْطَى ، وذلك أن تُفَرَّق إبُلُهم في كلُّ وجه.
وقال ابن الأنباري : قال الفرّاء : ذهبتْ إبله السُّمَّيْهَى ، والعُمَّيهى ، والكُمَّيْهَى ، أي لا يدري أين ذهبَتْ.
وقال اللحيانيّ : رجل مُسَمَّه العقْل ، ومُسَبَّه العقْل : أي ذاهب العقل.
قال الشيخ : جَرْيَ السُّمَّه : أراد الباطل كما قال الكسائيّ.
همس : قال الليث : الهمْسُ : حِسُّ الصّوت في الفَم ممّا لا إشْرَابَ له من صَوْتِ الصَّدْرِ ولَا جهارةَ في المَنْطِق ، ولكنّه كلامٌ مَهْمُوسٌ في الفم كالسّرّ. قال : وهَمْسُ الأقدام أَخْفَى ما يكونُ من صَوْتَ الوطء.
قال : والشيطان يُوَسْوِس فيهمِس بِوَسواسه في صَدْر ابنِ آدم.
ورُوي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان يتعوّذ بالله من هَمْزِ الشيطان وهمسه ولمزه.
فالهَمْزُ : كلام من وراء القَفا كالاستهزاء ، واللَّمز : مواجهةً.
وفي القرآن : (فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) [طه : ١٠٨] يعني به ـ والله أعلم ـ خَفْقَ الأقدام على الأرض.
وقال الفرّاء : يقال : إنّه نَقْلُ الأقدام إلى المحْشَر. ويقال : إنّه الصَّوْتُ الخفِيّ.
قال : وذُكِر عن ابن عبّاس أنّه تَمَثَّل فَأَنشد :
وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا*
قال : وهو صَوْتٌ نَقْلِ أخْفافِ الإبل.
وأخْبَرَني المنذريّ ، عن الطُّوسيِّ ، عن الخرّاز عن ابن الأعرابيّ ، قال : يقال : «اهمِسْ وصَهْ» : أي امْشِ خَفِيّاً واسْكُتْ ، ويقال : «هَمْساً وَصَهْ» و «هَسّاً وَصَهْ». قال : وهذا سارقٌ قال لصاحبه : امْسِ خَفِيّاً واسكت.
وقال أبو الهيثم : أسَرَّ الكلامَ وأَخفاه فذلك الهَمْسُ من الكلام ، قال : وإذا مَضَغَ الرجُل من الطعام وفُوه مُنضَمٌّ قيل : هَمَس يَهْمِس هَمْساً ، وأنشد :
يأكُلْن ما في رَحْلهِنّ هَمْسَا*
قاله : والهَمْس : أَكلُ العجوزِ الدَّرْداءِ.
غيره : الهَمُوسُ : من أَسْمَاء الأَسَد ، لأنه يَهمِس في الظُّلْمة ، ثمّ جُعِل ذلك اسماً يُعْرَف به ، يقال : أَسَدٌ هَمُوس.
وقال أبو زُبيدٍ :
بَصِيرٌ بالدُّجَى هادٍ هَمُوسُ *
شمر ، قال أبو عَدْنان : قال أبو السَّمَيْدَع : الهمْس : قِلةُ الفُتورِ باللّيل والنّهار ، وأنشد :
هَمْساً بِأَوْدِ العَلَسِيِ هَمْسا*
وقال أبو عمرو : الهمْس : السَّيْرُ بالليل.
والهَمُوس : الذي يسرى ليله أجمع ، وأنشد :
يَهْتَسُّ فيه السَّبُعُ الهَرُوسُ |
الذّيب أو ذَلِبَدٍ هَمُوسُ |
قال : هَمَسَ ليلَه أجمعَ : أي سار.
قال شمر : الهَمْسُ من الصَّوت والكلام : مالا غَوْرَ له في الصَّدْر ، وهو ما هُمِسَ في الفَم ، وَأَسَدٌ هَمُوسٌ : يَمْشي قليلاً قليلاً ، يقال : هَمَس ليله أجمَع.
قال : وأخذْتُه أخَذاً هَمساً : أي شَدِيداً ، ويقال عَصْراً ، وهَمسَه : إذا عَصَرَه. وقال الكميت فجعل الناقة هَمُوساً :
غُرَيْرِيّةَ الأنساب أو شَدْ قَمِيَّةً |
هَمُوساً تُبَارِي اليَعْمَلاتِ الهوامِسَا |
هسم : ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ قال : الهُسُم : الكاوُون قلت : كأنّ الأصل الحُسُم ، وهم الذين يُتَابِعون الكَيَّ مرَّةً بعد أخرى ، ثمَّ قُلِبت الحاءُ هاءً.
أبواب الهَاء والزاي
ه ز ط
أُهمِلَت وجوهه غير [زهط].
زهط : الزِّهْيَوْط ، وهو موضعٌ.
ه ز د
استُعمل من وجوهه : زهد.
زهد : قال الليث : الزُّهْد ، والزّهادة في الدنيا ، ولا يقال الزهد إلّا في الدِّين ، والزَّهادة في الأشياء كلِّها. ورجلٌ زَهِيد ، وامرأة زَهِيدة ، وهما القليلَا الطُّعْم ، وأزهَد الرجلُ إزهاداً : إذا كان مُزهِداً ، لا يُرغَبُ في مالِه لقلته.
وفي حديث النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أفضلُ الناسِ مؤمنٌ مُزْهِد».
قال أبو عبيد : قال الأصمعي وأبو عمرو : المزْهِد : القليل الشيء ، وإنما سُمِّي مُزْهِدا لأنّ ما عنده من قِلّته يُزهَد فيه ، يقال : أزْهَدَ الرجلُ إزهاداً ، إذا كان كذلك.
وقال الأعشى يَمدَح قوماً بحُسنِ مُجاوَرَتِهم جارةً لهم فقال :
فَلَنْ يَطلُبوا سِرَّها للغِنى |
ولنْ يُسلِموها لإزهادِها |
يقول. لا يتركونها لقلّة مالها ، وهو الإزهاد. قلت : المعنى أنّهم لا يُسلمِونها إلى مَن يريد هَتْكَ حُرمتها لقلّةِ مالِها.
وقال ابن السكّيت : يقولون : فلانٌ يَزْدَهدُ عَطاءَ من أعطاه : أي يَعُدُّه من زهيداً قليلا.
ثعلب عن سَلَمَة ، عن الفرّاء ، قال : الزَّهْد : الحَزْر ، وقد زهَد ثمرَ النَّخل : إذا خَرَصَه.
أبو عُبيد ، عن أبي زيد : زَهِدْتُ فيه ، وزَهَدْتُ ، وما كان زَهِيداً ، ولقد زَهِدَ ، وزَهَد يَزهَد منهما جميعاً.
شمر : رجلٌ زهِيد : لئيم ، وما كان زهيداً ، ولقد زَهَد ، وزَهِد يزهَد منهما جميعاً.
وقال ثعلب مثله ، وزاد : وزَهُد أيضاً.
غيره : رجلٌ زَهيدُ العين : إذا كان يُقْنِعُه القليل. ورغيب العين : إذا كان لا يُقْنِعُه إلّا الكثير ، وقال عديّ بن زيد :
ولَلْبَخْلَةُ الأُولى لمن كان باخِلاً |
أَعَفُّ ومَن يَبْخَلْ يُلَمْ ويُزَهَّدِ |
يُزَهَّد : أي يُبَخَّل ، ويُنْسَب إلى أَنّه زَهِيدٌ لئيم.
وقال اللِّحيانيّ : امرأَة زَهيد للضَّيِّقَة الخُلُق. ورجلٌ زهيد من هذا.
قال : ويقال للّئيم : إنّه لزَهِيد وزاهِد ، وأنشد أبو ظَبْيَة :
وتسأَلِي القَرْضَ لئيماً زاهِدا*
وقال ابن السكِّيت : يقال : خذ زَهْدَ ما يكفيك : أي قَدْرَ ما يكفيك. ومنه يقال : زهَدْتُ النّخْلَ : وزهَّدْتُه : إذا خَرَصْتَه.
وقال أبو سعيد : الزَّهَد : الزكاة ـ بفتح الهاء ـ حكاه عن مبُتَكرٍ البدَويّ.
قال أبو سعيد : وأصله من القِلّة ، لأنّ زَكاة المال أَقلّ شيء فيه.
شمِر ، عن ابن شميل قال : الزَّهِيد من الأودية : القليل الأخذ للماء ، النَّزِلُ الذي يُسَيِّلُه الماءُ الهيّن ، لو بالَتْ فيه عَناقٌ سال ، لأنه قاعٌ صُلْب ، وهو الحَشادُ ، والنَّزِلُ ، وامرأةٌ زهيدة : قليلةُ الأكل ، ورغيبةٌ : كثيرةُ الأكل.
(ه ز ت) (ه ز ظ) ـ (ه ز ذ) ـ (ه ز ث): مهملات.
ه ز ر
استعمل من وجوهه : هزر هَرَزَ ، زهر ، رهز.
هزر : قال الليث : الهزْرُ ، والبَزْرُ : شِدَّة الضَّرب بالخشب. يقال : هَزَره هَزْراً ، كما يقال : هطَره ، وهَبَجَه.
أبو عُبيد ، عن الفرّاء ، يقال : إنّه رجل ذو كَسَراتٍ ، وهَزَراتٍ ، وإنّه لَمِهْزَر ، وهذا كلّه : الذي يُغْبَن في كلّ شيء ، وأنشدنا :
إلَّا تَدعْ هَزراتٍ لَسْتَ تاركَها |
تُخْلَعْ ثيابُكَ لا ضَأْنٌ ولا إبلُ |
سلمة ، عن الفرّاء : في فلان هَزَراتٌ ، وكَسَرَاتٌ ، ودَغَوَاتٌ ، ودَغياتٌ ، وخَنَبَاتٌ ، وخَبَنَاتٌ ، كله الكَسَل.
وقال ابن الأعرابيّ : الهُزَيْرة تصغير الهَزْرَة ، وهي الكَسَل التامّ.
أبو زيد ، يقال : هَزَرَه يَهزِرُه هَزْراً وهو الضَّرْبُ بالعصا في الظّهر والجَنْب ، فهو مَهْزُور وهَزِير. وقال أبو ذؤيب :
لَقالَ الأباعِدُ والشّامِتو |
نَ : كانوا كلَيْلَةِ أَهْلِ الهُزَر |
قال بعضهم : الهُزَر : ثمودُ حين أُهْلِكوا ، فيقال : بادوا كما بادَ أهلُ الهُزَر.
وقال الأصمعيّ : هي وقعةٌ كانت لهم مُنْكَرة. ويقال : الهُزَر : حَيٌّ من اليمن ، قُتِلُوا فلم يَبقَ منهم أَحَد.
وقال ابن شميل : الهَزْرُ في البيع : التَّقَحُّم فيه والإغلاء ، وقد هَزَرْتُ له بَيْعه هَزْراً : أي أغليت له ، والهازِرُ : المشترِي المُقَحِّم في البيع.
زهر : قال الليث : الزهْرَة : نَوْرُ كل نبات وزَهْرَة الدُّنيا : حُسْنها وبَهْجَتُها. وشجرةٌ مُزْهِرَة ، ونباتٌ مُزهِرٌ. والزُّهورُ : تلألؤ السِّرَاج الزَّاهر.
قال العجَّاج يصفُ ثَوْراً وَحشيّاً ، ووَبِيصَ بياضه :
وَلّى كمِصْباح الدُّجَى المَزْهُورِ*
يقول : مضَى النور كأنه شُعلةُ نارٍ في ضَوئه وبياضه.
وقال : «مَزْهُور» ، وهو يريد الزاهر ، ويجوز أن يكون أراد : المُزْهَر ، كما قال لبيد :
النّاطق المَبرُوزُ والمَخْتُوم*
يريد : المُبْرَز ، جعله على لفظ «يُزْهَر» و «يُبْرَز».
والأزهر : القَمَر ، وقد زَهَر يَزْهَر زهْراً : وإذا نَعَتَّه بالفعل اللازم قلتَ : زَهِرَ يَزْهَر زَهَراً ، وهو لكل لونٍ أبيض ، كالدُّرّة الزَّهْراء ، والحُوَار الأزهرِ ، وقول الله : (زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) [طه : ١٣١].
قال أبو حاتم : (زَهَرَةَ الحياة الدنيا) ، بفتح الهاء ، وهي قراءةُ العامّة بالبصرة.
قال : وزَهْرَةَ هي قراءة أهل الحَرمين ، وأكثر الآثار على ذلك.
وأخبرني المنذريُّ ، عن الحَرّاني ، عن ابن السكِّيت قال : الزُّهْرة : البياض ، والأبيض يقال له : الأزهر.
قال : والزَّهْرة : زَهْرَةُ النّبت والزَّهْرَة : زهْرة الحياة الدنيا : غَضارَتُها وحُسْنُها. والنجمُ الزُّهَرَة.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، عن أبي المكارِم ، قال : الزَّاهر : الْحَسنُ من النّبات ، والزّاهر : المشْرِق من ألوان الرجال.
شمر : يقال للسحابة البيضاء : زَهْراء ، وأنشد لرؤبة :
شَادِخَةُ الغُرَّةِ زَهْراءُ الضَّحِكْ |
تَبَلُّجَ الزَّهْراء في جُنْحِ الدَّلِكْ |
قال : يريد سحابةً بيضاء بَرَقَتْ بالعشيّ.
عمرو ، عن أبيه : الأزهر : المشْرِق من الحيوان والنبات. والأزهر : اللَّبنُ ساعةَ يُحلَب ، وهو الوَضَحُ ، وهو النَّاهِضُ والصَّريح.
وقال أبو العباس : وتصغير الزَّهر زُهير وبه سمِّي الشاعر زُهَيْرا.
والعربُ تقول : زَهَرَتْ بك زنادي : المعنى قُضِيَتْ بك حاجتي.
وزَهَر الزَّنْدُ : إذا أضاءت نارُه ، وهو زَنْدٌ زَاهر.
والإزهار : إزهارُ النَّبات ، وهو طلوعُ زَهَره.
قال ابن السكَّيت : الأزهَران : الشمسُ والقمر.
وفي حديث أَبي قَتادة أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال في الإناء الذي توضَّأَ منه : ازدَهِرْ بهذا فإنّ له شأْناً.
قال أبو عبيد : قال الأُمَوي في قوله :
ازدَهرْ به : أي احْتَفِظْ به ، ولا تُضيِّعه ، وأنشدنا :
كما ازدَهَرَتْ قَيْنَةٌ بالشِّراع |
لأسْوارِها عُلَّ منها اصطبَاحا |
أي جَدّتْ في عملها ليحظى عِنْد صَاحبها.
يقول : احتفظت القَيْنَةُ بالشِّراع ، وهي الأوتار.
قال أبو عبيد : وأظنّ «ازْدهِرْ» كلمةً ليست بعربية ، كأنها نَبَطيّة ، أو سُرْيانية فعُرِّبتْ.
وقال أبو سعيد : هذه كلمةٌ عَرَبية ، ومنه قولُ جَرير :
قإِنك قَيْنٌ وابن قَينِينِ فازْدَهِرْ |
بكِيركَ إنّ الكِيرَ لِلْقين نافعُ |
قال : ومعنى ازْدَهِرْ أفْرَحْ ، من قولك : هو أَزْهَرُ بَيِّنَ الزُّهرة : فازدَهِرْ معناه : ليُسْفِرْ وجهُك ، وليُزْهِر.
قال : والازدهارُ أيضاً ، إذا أمَرْتَ صاحبَك أن يَجِدَّ فيما أَمَرْتَه به قلت له : ازدَهِرْ فيما أَمَرْتُكَ به (قال :) وقول الشاعر :
كما ازدَهَرَتْ قَيْنَةٌ بالشِّراع*
وهي الأوتار : أي جَدَّت في عملها لِيَحْظَى عند صاحبها.
وقال الليث : المِزْهَرُ : العُود ، وهي معروف.
وقال بعضهم : الازْدِهارُ بالشيء : أن تَجْعَلُه مِنْ بالِك ، ومنه قولهم : قَضَيْتُ منه زِهْرِي ـ بكسر الزاي ـ أي وَطَرِي وحاجتي.
وقال شمر : الأزهر من الرِّجال : الأبيض العتيق البياض النَّيِّرُ الحَسنُ ، وهو أحْسَنُ البياض ، كأنَّ له بريقاً ونوراً يَزْهر كما يَزهَرُ النجم أو السِّراج.
والزّهْرَاوَان : سورتا البقرة وآل عمران.
جاء في الحديث : وهما المنيرتان المضيئتان.
هرز : أبو عبيد ، عن أبي زيد : هَرْوَزَ فُلانٌ هَرْوَزَةً : إذا مات. قلت : وهو فعْوَلةٌ هَرَزَ.
وروى أبو العباس ، عن ابن الأعرابي : هَرِزَ الرجُل ، وهَرِىءَ : إذا مات.
رهز : قال الليث : الرَّهْزُ من قولك : رَهَزَها فارتَهَزَتْ ، وهو تحرُّكهما معاً عند الإيلاج : من الرجل والمرأة.
ه ز ل
هزل ، زهل ، لهز ، زله : مستعملة.
هزل : قال الليث : الهَزْل : نقيض الجدّ ، فلان يَهْزِل في كلامه : إذا لم يكن جادّاً ، والمُشَعْوِذُ إذا خَفَّتْ يَدُه بالتَّخاييل الكاذبة ، فَفِعْلُه يقال له : الهُزَّيْلَى ، لأنها هَزْل لا جِدَّ فيها. يقال أجادٌّ أنت أم هازِلٌ ، وقال الله جلّ وعزّ : (وَما هُوَ بِالْهَزْلِ) [الطّارق : ١٤] أي ما هو باللَّعِب.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الهَزْلُ : استرخاء الكلام ، وتَفْنِينُه.
قال : والهَزْل يكون لازِماً ، ومُتعَدِّيا ، يقال : هَزَلَ الفَرَسُ ، وهَزَلَه صاحبُه ، وأَهْزَلَه ، وهَزَّله.
وقال الليث : الهُزَال : نقيض السِّمَن ، يقال : هُزِلت الدَّابَّة : وأُهْزِلَ الرّجُلُ : إذا
هُزلَتْ دابته ، وتقول : هَزَلْتُها فَعَجُفَتْ والهَزِيلة : أسمٌ مُشْتَقٌ من الهُزال ، كالشّتِيمة من الشَّتْم ، ثمّ فشَت الهَزِيلة في الإبل ، وأنشد الليث.
حتى إذا نَوَّرَ الجَرْجارُ وارْتَفَعَتْ |
عَنْها هَزِيلتُها والفَحْلُ قد ضَرَبا |
وقال خالد وهو أبو الهيثم : الهَزْلُ الفَقْر ، والهُزَال : ضدّ السِّمَن. والهَزْل : مَوْتُ مواشِي الرّجل ، فإذا ماتت قيل : هَزَل الرّجلُ يَهْزِل هَزْلاً فهو هازِلٌ ، أي افتقر ، وفي الهُزَال يقال : هُزِل الرجل يُهْزَل فهو مَهْزُول ، وهَزَل الرجل في الأمر : إذا لم يَجِدَّ.
وقال أبو الهيثم : يقال : هَزَل الرجلُ يَهْزلِ هَزْلا : إذا مَوَّتَتْ ماشِيتُه ، وأَهْزَل الرجل يُهْزِل : إذا هُزِلت ماشيته ، وأنشد :
إنّي إذا مُرُّ زمانٍ مُعْضِلِ |
يُهْزِلْ ومَنْ يُهْزِلْ ومَنْ لا يُهْزل |
يَعِهْ وكلٌّ يبتلِيه مُبْتَلِي*
قال : كان في الأصل يُعْيِهْ ، فلما سقطت الياء انجزمت الهاءُ ، يُعِهْ : تُصِب ماشِيتَه العاهة.
والعرب تقول للحيّات : الهَزْلَى ، على فَعْلَى قد جاء في أشعارهم ، ولا يُعْرَف لها واحد ، وقال :
وأَرسال شِبْثَانٍ وَهَزْلَى تَسَرَّبُ
زهل : ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الزّهَلُ : التَّباعُدُ من الشرِّ.
قال : والزاهل : المطمئنّ القلب.
والزُّهلول : الفرس الأمْلَسُ الظهر.
لهز : قال الليث : اللهْز : الضَّرْبُ بِجُمْع اليد في الصَّدْر ، وفي الحَنَك ، ويقال : لَهزَه القَتِيرُ فهو ملهُوز ، ولَهَزَه بالرُّمح : إذا طعنه في صَدْره ، والفَصِيل يلهَزُ أمَّه : إذا ضربَ ضَرْعَها بِفِيه ليَرضع.
وقال غيره : جَمَلٌ مَلْهُوز : إذا وُسِم في لِهْزِمَتِه ، وقد لَهَزْتُ البَعيرَ فهو ملهوز : إذا وسَمَتْه تلك السِّمه ، وقال الجُمَيْح :
مَرَّتْ براكِب مَلْهُوزٍ فقال لها |
ضُرِّي جُمَيْحاً ومَنِّيه بِتَعْذِيبِ |
ابن بُزُرْج : اللهْزُ في العُنُق ، واللَّكْز بِجُمْعِكَ في عنقه وصدره.
قال : والوَهْزُ بالرِّجْلَين ، والبَهْزُ بالمِرْفَق ، ويقال : وَكَزْتُ أنفه أَكِزُه : إذا كسرت أنفه ، ووكَعْتُ أَنفه فأنا أَكعُه مثل وكزته.
أبو عبيدة : من دوائر الخيل اللّاهز ، وهي التي تكون في اللهْزِمة ، وهي تُكْرَه.
وقال ابن شُمَيْل : اللَّاهز : الجَبَل يَلْهَزُ الطريق يقطَعُه ، ويُضِرُّ به ، وكذلك الأكمَةُ تُضِرّ بالطريق ، وإذا اجْتَمَعَت الأَكَمَتَان ، أو التَقَى الجَبَلان حتى يَضِيق ما بينهما كهيئة الزُّقاق فهما لاهِزَان ، كلُّ واحد منها يَلْهَزُ صاحبه.
أبو عُبَيد ، عن أبي زيد ، يقال للرَّجلُ أوَّل ما يظهر فيه الشَّيْب : قد لَهِزَه الشَّيْبُ ، ولَهْزَمَهُ يَلْهَزُه ويُلَهْزِمُه.
قلت : والميم زائدة ، ومنه قول رؤبة :
لَهْزَمَ خَدَّيَّ به مُلَهْزِمُه *
وقال أبو عُبيد : قال الأصمعي : لَهَزْتُه وبَهَزْتُهُ : ولَكَمْتُه : إذا دَفَعْتَه.
وقال ابن الأعرابي : البَهْزُ واللهْزُ ، واللَّكْزُ ، والوكْزُ واحد.
وقال الكسائيّ : لهزْتُه ونَهَزْتُه وَوَهَزْتُه واحد.
وقال أبي الأعرابي : لهزَه ، وبهزَه ، ومهزَه ، ونهزَه ، ونحزَه ، وبحزَه ، ومحزَه ، ووكزَه ، بمعنى واحد.
زله : قال الليث : الزَّلَه : ما يَصِلُ إلى النفس من غَمّ الحاجة ، أو همِّ من غَيْرِها ، وأنشد :
وقد زَلِهَتْ نَفْسِي مِنَ الْجُهْدِ والذي |
أطالِبه شَقْنٌ ولكنَّه نَذْلُ |
الشَّقْنُ : القليل الوَتِحُ من كل شيء
ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، قال : الزَّلُهُ التحيُّر. والزَّلْه : نَوْرُ الرَّيحان وحُسْنُه.
والزَّلْهُ : الصَّخْرةُ التي يقوم عليها الساقي.
ه ز ن
هَنز ، نزه ، نهز ، هزن : مستعملة.
هنز : في «نوادر الأعراب» : يقال : هذه قَرِيصَةٌ من الكلام وهَنِيزةٌ ، ولَدِيغة في معنى الأَذِيَّة.
هزن : هَوَازِنُ ، ابن منصور : لا أدري مِمَّ اشتقاقه.
قال ابن دُرِيد : هَوْزنُ : اسم طائر ، وجمعُه هَوَازِن ، ولم أسمعه لغيره. وقرأتُ بخطِّ أبي الهيثم للأصمعي قال : الهوازن : جمع هَوْزَنٍ ، وهم حيٌّ من اليمن يقال لهم : هَوْزَن.
قال : وأبو عامر الهوزَنيُ منهم.
نزه : قال الليث : مكان نَزِهٌ ، وقد نَزِهَ نَزَاهَةً.
والإنسان يتنزّه : إذا خَرَجَ إلى نُزْهَة.
والتنزُّه : أن يَرْفَع نَفْسَه عن الشيء تكرُّماً ، ورغْبةً عنه.
قال : وتنزيه الله : تسبيحُه ، وهو تبرئَتُه عن قول المُشْرِكين ، سبحان الله عمّا يقول الظالمون عُلُوّاً كبيراً.
الحرانيّ ، عن ابن السكيت قال : وممّا تَضَعُه العامّة في غير موضِعه قولهم : خرجنا نتنزَّه : إذا خرجوا إلى البساتين ، وإنما التنزُّه : التَّباعُد عن الأرياف والمياه ؛ ومنه قيل : فلان يتنزّه عن الأَقذار : أي يباعد نفسه عنها ، ومنه قولُ الهُذَليّ :
أقَبَّ طَرِيدٍ بنُزهِ الفَلَا |
ةِ لا يردُ الماء إلا انتيابا |
يريد ما تَباعَد من الفلاة عن المياه والأرْياف ، ويقال : ظَلِنَا مُتَنزِّهِين : إذا تبَاعَدُوا عن المِياه ، وهو يتنزَّه عن الشيء : إذا تباعد عنه ، وإنّ فلاناً لنَزِيهٌ كريم : إذا كان بعيداً من اللُّؤم ، وهو نَزِيه الخُلُق.
ويقال : تَنَزَّهُوا بحُرَمِكُمْ عن القوم ، وهذا مكانٌ نَزِيهٌ : أيْ خَلاءٌ ليس فيه أحد ، فأَنزِلُوا فيه حُرَمَكُم.
قلتُ : وتنزيه الله : تَبْعِيدُه ، وتقديسُه عن الأنداد ، والأضداد وإنّما قيل لِلْفَلاةِ الّتي نأت عن الرِّيف والمِياه : نَزِيهةٌ ؛ لبُعْدِها عن غَمَق المياه ، وذِبّانِ القُرَى ، ووَمَدِ البِحار ، وفَسادِ الهواء.
وقال شَمِر : يقال : هُمْ قومٌ أَنْزاه : أي يتنزَّهون عن الحرام ، الواحدُ نَزِيه ، مثل مَلِىءٌ وأَمْلَاء.
قال : ورجل نَزِهٌ ونَزِيه : وَرع ، وفلانٌ يتنزه عن مَلائِم الأَخْلاق ، أي يترفّع عمّا يُذَمُّ منها.
نهز : قال الليث : النَّهْزُ : التناوُل باليد ، والنُّهُوض للتناوُل جميعاً. والنُّهْزَة : اسم للشيء الذي هُوَ لك مُعَرَّض ، كالغنيمة التي أمكَنَك تَنَاؤلُها يقال : هو نُهْزَة المُختَلِس : أي هُوَ صَيْدٌ لكلّ أحد ، وتقول : انْتهِزْها فقد أمكنَك قبل الفَوْت.
والنّاقةُ تَنْهَزُ بصَدْرها : إذا نَهَضَتْ لتَمضِيَ وتَسير ، وأنشد :
نَهُوزٌ بأُولَاها زَحُولٌ بصَدْرِها*
والدّابّة تَنْهَزُ بِرَأْسِها : إذا ذبّت عن نَفْسها ، قال ذو الرّمة :
قِياماً تَذُبُّ البَقَّ عَنْ نُخَراتِها |
بِنَهْزٍ كإيماءِ الرُّؤوس المَوَاتِع |
ويقال للصبيّ إذا دنا للفِظام : نَهَزَ للفِظام فهو ناهِز. والجارية كذلك ، وقد ناهزا ، وأنشَد :
تُرضِعُ شِبْلَيْن في مَغَارِهِما |
قد ناهَزَا للفِظامِ أو فُطِمَا |
ويقال : نَهَزَتْني إليك حاجةٌ نَهْزاً : أي جاءت بي إليك ، وأصل النَّهْزِ الدَّفْعُ ، كأنّها دَفَعَتنِي ، وحَرَّكَتْني ، وفلان ينهَزُ دابته نَهْزاً ، ويلْهَزُها لَهْزاً : إذا دَفَعها وحرَّكَها.
ورُوِيَ عن عُمَر أنه قال : «من أَمَّ هذا البيت لا يَنْهَزُهُ إليه غيره رجع وقد غُفِرَ له». أبو عُبيد عن الكسائيّ : نَهَزه ، ولَهَزَهُ ، بمعنًى واحد.
وكان الناسُ نَهْزَ عشرةِ آلاف : أي قُرْبَها.
يقال : ناهزَ فُلانٌ الْحُكْمَ : أي قارَبَه.
شمر : المُناهزة : المُبَادَرة ، يقال : ناهزْتُ الصَّيْدَ فقَبَضْتُ عليه قبلَ إفْلاتِه.
ه ز ف
هزف ، زهف ، زفه : مستعملة.
هزف : أبو عُبيد ، عن أبي عمرو : الهِجَفّ من الظِّلمان : الجافي. والهِزَفُ ، وقيل : الهِزَفّ الطويل الرِّيش.
زفه : أهمله الليث. ورَوى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الزّافِهُ : السَّرَاب ، والسَّافِهُ : الأَحْمَق.
زهف : قال الليث : الزَّهْف : استُعْمل منه الازدِهاف وهو الصُّدُود ، وأنشد :
فِيهِ ازْدِهافٌ أيَّمَا ازْدِهافِ *
وقال الأصمعيّ : ازدِهاف هاهنا : استعجالٌ بالشرّ.
وقال المُفَضَّل : فيه ازدِهافٌ : أي كَذبٌ وتَزَيُّد.
وقال غيرُه : فيه ازْدهاف : أي تقَحُّمٌ في الشّرّ.
ويقال : زَهَف للموْت : أي دنا له ، وقال أبو وَجْزَة :
ومَرْضَى مِنْ دَجاج الرِّيف حُمْرٍ |
زَواهفُ لا تموتُ ولا تَطِيرُ |
ويقال : ازْدَهَفَ فلانٌ فلاناً ، واسْتَهَفَّهُ واسْتهْفاه : إذا استزفّه ، كلُّ ذلك بمعنى استخفّه.
والزّاهف : الهالك ، ومنه قوله :
فَلَمْ أَرَ يوماً أكثرَ زاهِفاً |
به طعنةٌ قاضٍ عليه أَلِيلُها |
والأَلِيلُ : الأَنِين.
أبو زيد في «نوادره» : أَزْهَفَ بالرجل إزْهافاً : إذا ذَكَر للقوم مِنْ أَمْرِه أَمْراً لا يَدْرُون أحقُّ هو أو باطل.
وأَزْهَفْتُ إلى فُلانٍ حَدِيثاً : أي أسندتُ إليه قولاً ليس بحَسَن ، وأَزْهَفَ لنا فلانٌ في الخَبَر : إذا زاد فيه.
وإذا وثِقْتَ بالرَّجُل في الأمْر فخَانَك فقد أزْهَفَك إزهافاً ، وأصل الإزهاف الكذب.
وقال شمِر : أَزْهَفْتُهُ ، وأَزْهَقْتُه : أي أهلكْتُه.
وقال ابن الأعرابيّ : أَزْهَفَتْهُ الطَّعنَةُ ، وأَزْهَقتْهُ : أي هَجَمتْ به على الموت ، وأَزْهَفْتُ إليه الطّعنةَ : أي أدْنَيتها.
وقال الأصمعيّ : أزْهَفْتُ إليه ، وأزْعفْت عليه : أي أجهَزْتُ عليه ، وأنشد شَمِر :
فلمّا رأَى بأنّه قد دَنَا لها |
وأزْهَفها بعض الذي كان يُزْهِفُ |
وقال أبو عمرو : أزْهَفتُ الشيء : أزْجَيتُه.
وقال ابن شُمَيل : أَزْهَفَ له بالسَّيف إزْهَافا ، وهو بُداهَتُه ، وعَجَلَتُه ، وسَوْقُهُ إليه ، وازدهَفَ له بالسَّيف أيضاً.
ه ز ب
هزب ، هبز ، بهز ، زهب : مستعملة.
هزب : قال الليث : الهَوْزَبُ : المُسِنُّ الجريء من الإبل ، وقال الأعشى :
والهَوْزَبَ العَوْدَ أَمتَطِيهِ بها |
والعَنتَرِيسَ الوَجناءَ والجَمَلا |
هبز : قال أبو زيد : هَبَزَ يَهبزُ هُبُوزاً : إذا مات وكذلك قَحَزَ يَقْحِزُ قُحُوزاً : إذا مات.
زهب : أبو تراب ، عن الجعفريّ : أعطاه زِهْباً مِن مالِه فازدهبه : إذا احتمله ، وازدعبه مثله.
بهز : في الحديث : أنه أُتَي بشارب ، فخُفِقَ بالنِّعال ، وبُهِزَ بالأَيدي. البَهْزُ : الدَّفْع.
قال الليث : البَهْزُ : الدَّفعُ العنيف ، بَهَزْتُه عنِّي.
وقال ابن الأعرابيّ : هو البهزُ واللهزُ ، وأنشد :
أنا طَلِيقُ الله وابنِ هُرْمزِ |
أنقذني مِن صاحبٍ مُشَرِّز |
شَكْسٍ على الأهلِ مِتَلٍ مِبْهَزِ
أبو عُبيدة عن الأصمعيّ بَهزَهُ ، ولهَزَهُ : إذا دَفَعه ، وبَهْزٌ : من أسماء العَرَب المشارزة : المشارَّة بين الناس.
ه ز م
هزم ، مهز ، همز ، زهم ، مزه : مستعملة.
مهز : أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ : مَهزَه ، ومَحَزَه وبَهزَه بمعنى واحد : أي دفعه.
مزه : يقال : مازَحَه ، ومازَهَه ، والمَزْحُ ، والمَزْهُ واحد.
هزم : قال الليث : الهزْم : غَمزُك الشيء تهزِمُه بيَدِك فينهزِم في جوفه ، كما تَغْمِزُ القَناة فتنهزم ، وكذلك القِربةُ تنهزِم في جوفها والاسم الهمزَةُ ، والهزْمة ، والجميع الهُزُوم ، ومنه قول الراجز :
حتَّى إذا ما بَلَّت العُكوما |
من قَصَب الأجواف والهُزُوما |
وغَيْثٌ هَزِم : مُتهزِّم لا يستمسك ، كأنه مُتهزِّمٌ عن مائِه ، وكذلك هَزيم السّحاب.
أبو عبيد ، عن الأصمعيّ : السحاب المتهزِّم والهَزِيم ، وهو الذي لرَعدِه صوتٌ ، يقال منه : سمعتُ هَزْمَة الرعد.
الليث : يقال : هُزِم القومُ في الحرب ، والاسم الهزِيمة ، والهِزِّيمَى ، وأصابتْهم هازمةٌ من هوازم الدَّهر : أي داهية كاسرة.
وقال أبو إسحاق في قول الله جلّ وعزّ : (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ) [البَقَرَة : ٢٥١] معناه كسروهم ورَدُّوهم.
قال : وأصل الهَزْم في اللغة كسر الشيء وثَنْيُ بعضِه على بعض.
ويقال : سِقاءٌ مُتَهزِّمٌ ومُهزَّم : إذا كان بعضُه قد ثُنِيَ على بعض مع جَفاف.
قال : وقَصَبٌ مُتهزِّم ومُهَزَّم : أي قد كُسِر وشُقِّق.
قال : والعَرَبُ تقول : هُزِمْتُ على زيد : أي عُطِفْتُ عليه ، وأنشد :
هُزِمْتُ عليكِ اليَوْمَ يابنةَ مالكٍ |
فجودِي عليْنا بالنوال وأَنْعمِي |
ويقال : سمعتُ هَزْمة الرَّعد.
قال الأصمعي : ورُويَ عن أبي عمرو : هُزِمتُ عليك : أي عُطِفتُ ، وهو حرف غريب صحيح ، ويقال : سمعتُ هَزْمة الرعد.
قال الأصمعيّ : كأنه صوت فيه تَشَقّق.
وفَرَس هَزم الصوّتِ : يُشَبَّه صَوْتُه بصَوْتِ الرعدِ.
وقال الليث : الهَزْم : ما اطمأنَّ من الأرض.
وقال غيره : جمعُه هُزُوم ، ومنه قوله :
كأنه بالخَبْتِ ذي الهُزُومِ |
وقد تَدَلَّى قائدُ النُّجوم |
نَوَّاحةٌ تبكي على حميم*
وهُزُومُ الليل : صُدوعُه للصبح ، وأنشد قول الفرزدق :
سوْداءَ من ليل التِّمام اعْتسفْتُها |
إلى أنْ تجلّى عن بياضٍ هُزُومُها |
وقال الليث : الهزائم : العِجافُ من الدوابّ ، الواحدة هزِيمة.
وقال غيره : هي الهِزَم أيضاً ، واحدُها : هِزْمة.
وقال ابن السكيت : الهَزِيم : السحاب المُتَشَقِّق بالمطَر ، وفَرَسٌ هَزيم : يتشقَّق بالجرْي. وهَزمْتُ البئر : حَفرتُها وجاء في حديث زمزم : «إنها هَزمة جبريل» : أي ضربها برجله فَنَبع الماء.
وقال غيره : معناه أنه هَزَم الأرض : أي كسر وجهها عن عَينها حتى فاضت بالماء الرَّواء. وبئر هزيمة ؛ إذا خُسِفتْ وكسِر جَبَلُها ففاض الماءُ الرَّواء ، ومن هذا أخذ هزيمةُ الفَرَس ، وهو تصبُّبُ عَرقِه عند شِدَّة جَرْيه.
وقال الجعديُّ :
فلمَّا جَرى الماءُ الحميمُ وأُدْرِكتْ |
هزيمتُه الأولَى التي كنتُ أَطلبُ |
وقال الطرمَّاح في هزيمة البئر :
أنا الطِّرمّاح وعَمِّي حاتمُ |
واسمِي شَكيمٌ ولساني عارِمُ |
والبحرُ حين تنكُزُ الهزائمُ
أراد بالهزائم آباراً كثيرةَ المياه.
وفي بعض الروايات : فاجتنبوا هَزْمَ الأرْض ، فإنها مأوَى الهوامّ ، يعني ما تهزَّم منها : أي تشقَّق ، وتكسَّر.
وفي الحديث : «أول جُمُعة جُمِّعت في الإسلام بالمدينة في هَزْم بَني بَياضةَ».
وقال أبو عبيد : قال الأصمعي : الاهتزام من شيئين ؛ يقال للقِرْبة إذا يَبِستْ وتكسَّرت : تهزَّمَتْ ، ومنه الهزيمة في القتال ، إنما هو كَسْرٌ. والاهتزام : من الصوت ، يقال : سمعتُ هزيمَ الرَّعد.
وقال أبو عمرو : من أمثال العَرب في انتهاز الفُرص : (اهتزِموا ذبيحتَكم ما دام بها طِرْق) معناه اذبحوها ما دامت سمينةً قبل هُزَالِها. والاهتزام : المبادَرَة إلى الأمر والإسراع ، قال الراجز :
إنِّي لأخشَى وَيْحَكُمْ أن تُحرَمُوا |
فاهتزِموها قَبْلَ أَنْ تَنَدَّموا |
وجاء فلانٌ يَهتزِم : أي يُسرع كأنه يُبادِر شيئاً ، وأنشد أبو عَمْرو :
كانت إذا حالِبُ الظلْماءِ أَسْمَعها |
جاءت إلى حالبِ الظَّلماء تهتَزِمُ |
أي جاءت إليه مُسرِعةً.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : ضربَه حتى هَزَّمه وطَحْلَبَه : أي قتله ، وأَنقزه مثله.
وقال الليث : المِهزامُ : عُودٌ يُجعَل في رأسه نارٌ يلعَب به صِبْيانُ الأعراب ، وهو لُعبَةٌ لهم.
وقال ابن حبيب في قول جرير :
كانت مجرَّبةً ترُوزُ بكفِّها |
كمَرَ العَبيدِ وتَلعَبُ المِهزاما |
قال : المِهْزام : لُعْبةٌ لهم يَلعَبونها ، يُغَطَّى رأسُ أحدهم ، ثمَّ يُلطم ، فيقال له : من لَطَمَك؟ وقال ابن الفَرَج : المِهزام : عَصاً قصيرةٌ ، وهي المِرْزام ، وأنشد :
فشَامَ فيها مِثْلَ مِهْزَامِ العَصَا*
ويُرْوَى : مثل مِرْزام.
همز : أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الهُمّاز : المُغْتابون في الغيب. واللُّمّاز : المغتابون في الحَضْرة ، ومنه قول الله جلّ وعزّ : (وَيْلٌ لِكُلِ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) [الهُمَزة : ١].
وقال أبو إسحاق : الهُمَزَة اللُّمَزَة : الذي يغتاب الناسَ ، وَيغُضُّهم ؛ وأنشد :
إذا لقيتُك عن كُرْهٍ تكاشِرُني |
وإن تغيّبتُ كنتَ الهامِزَ اللُّمزَهْ |
وقال ابن السكيت في الهمَزة : اللمَزة مثله.
وقال ابن الأعرابي : الهمْز : الغَضُّ.
واللّمْز : الكَسْر ، والهَمز : العيب.
أبو عبيد ، عن الكسائي ، هَمَزتُه ولمَزْتُه ولَهْزتُه ونهَزْتُه : إذا دَفعْته.
وقال الليث : الهَمَّاز والهُمَزة : الذي يَهمِز أخاه في قَفاه مِن خَلفِه.
قال : واللَّمْز في الاستقبال.
وفي حديث النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان إذا استفتَح الصلاة قال : «اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه».
قيل : يا رسول الله : ما هَمْزُه ونَفْخُه ونَفْثُه؟ قال : أما هَمزه فالمُوتَةُ ، وأما نَفثُه فالشِّعر ، وأما نفْخُه فالكِبْر».
وقال أبو عبيد : المُوتَةُ : الجنون ، وإنما سمَّاه هَمزاً ؛ لأنه جَعَله من النَّخْس والغَمز ، وكلُّ شيء دفعتَه فقد هَمزتَه.
وقال الليث : الهَمْز : العَصْر. تقول : هَمزتُ رأسَه ، وهَمزتُ الجَوْزَ بكفِّي ، وأنشد :
ومن هَمزِنا رَأسَه تَهَشَّما*
ابن الأنباريّ : قوسٌ هَمَزَى : شديدة الهَمْز ، إذا نُزع فيها. قال أبو النَّجم :
أَنْحَى شِمالاً هَمزَى نَضُوحاً |
وهتَفَى : مُعْطِيةً طرُوحاً |
قَوْسٌ هَتَفى : تهتِفُ بالوَتر.
قال وإنما سمّيت الهمْزة في الحروف لأنها تُهمَز فتُهَتُ فتنهمز عن مَخرَجها ، يقال : هو يَهُتُّ هتّاً : إذا تكلم بالهَمْز.
قلت : وهمزُ القناةِ : ضَغْطُها بالمَهامِز إذا ثُقِّفتْ.
قال شمر : والمَهامِز : عِصِيٌّ واحدتها مِهْمزَة وهي عصاً في رأسها حديدةٌ يُنْحَس بها الحمار. وقال الأخطل :
رَهْطُ ابنِ أَفْعَلَ في الخطوب أذلّةٌ |
دُنُسُ الثِّياب قَناتُهُم لم تُضْرَسِ |
|
بالهَمْز من طول الثِّقاف وجارُهُم |
يُعطِي الظُّلامةَ في الخطوب الحُوَّسِ |
وقال الشماخ في المَهامِز التي يُنْخَسُ بها الشَّمُوسُ من الخَيل :
أقام الثِّقافُ والطَّريدةُ دَرْأَها |
كما أخرَجَتْ ضِغْنَ الشَّمُوسِ المهامِز |
ورَوَى شَهْرُ بنُ حَوْشَبِ ، عن ابن عبّاس في قول الله : (وَيْلٌ لِكُلِ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) [الهُمَزة : ١].
قال : هو المَشّاءُ بالنَّميمة ، المُفَرِّق بين الجماعة المُغْرِي بين الأحِبَّة.
المنذري ، عن أبي الهيثم قال : المَهامِز : مَقارعُ النّخّاسين التي يهمزون بها الدوابَّ لتُسْرِع ، واحدتها مِهْمَزة ، وهي المِقْرَعة.
زهم : قال الليث : الزُّهومة : ريحُ لحمٍ مُتَن.
ولحمٌ زَهِم. ووجَدْتُ منه زُهومَة : أي تغيُّراً.
قلت : الزُّهُومة في اللحم : كراهة طبعيَّة في رائحته التي خُلِقَتْ عليها بلا تغيّر وإنتان ، وذلك مثلُ رائحة اللحم الغثّ ، أو رائحة لحم السِّباع ، وكذلك السَّمك السَّهِك البَحْريّ ، وأما سَمَك الأنهار العَذْبة الجارية فلا زُهومَةَ لها.
وفي «النوادر» يقال : زَهِمْتُ زُهْمَةً ، وخَضِمْتُ خُضْمةً ، وغَذِمتُ غُذمةً بمعنى لَقِمْتُ لُقْمةً. وقال :
تَمَلَّىء من ذلك الصَّفيحِ |
ثمّ ازهَمِيه زُهْمَةً فَرُوحي |
قلت : ورواه ابن السكّيت :
ألا ازحَمِيه زُحمةً فرُوحِي*
عاقَبَت الحاءُ الهاءَ.
وقال ابن السكّيت : الزُّهمةُ : الرائحة المُنْتِنة ، والزُّهْم : الشّحْم. والزَّهِمُ : السَّمين.
سلمة ، عن الفرّاء قال : من أمثال العرب : «في بطن زُهْمانَ زادُه» يُضرَب مَثَلاً للرجل يُدعَى إلى الغداء وهو شَبْعان.
قال : ورجلٌ زُهمانيّ : إذا كان شبْعان.
والشَّحْمُ يُسَمَّى زُهْماً إذا كان فيه زُهُومة مِثلُ شحْم الوحش. وقال أبو النجم :
يذكُر زُهْمَ الكَفَل المَشروحا*
ومن هذا يقال للسَّمين : زَهِم. وقال زهير :
منها الشَّنُونُ ومنها الرَّاهِقُ الزَّهِمُ *
وقال أبو زيد : إذا اقتسم القومُ جَزُوراً أو مالاً فأعطوا منها رجُلاً حَظَّه ، وأكل معهم ، ثمّ جاءهم بعد ذلك مستطعماً ، قيل له : «في بطن زهمان زاده» : أي قدَ أكلتَ منه وأخذتَ حظَّك.
ورَوَى ابنُ هانىء ، عن زيد بن كَثْوَة أنه قال : يُضْرَب هذا المثل للرجل يطلبُ الشيءَ وقد أَخذ نصيبَه منه ، وذلك أنّ رجلاً نَحَر جَزُوراً وأَعطَى زُهْمانَ نصيباً ثمّ إنه عاد ليأخذ مع الناس ، فقال له صاحب الجزور هذا.
ابن السكّيت : الزُّهْمة : الرِّيح المُنْتنة ، والزُّهْم : الشَّحْم ، والزَّهِمِ : السَّمين.
وفي «النوادر» : زَهَمْتُ فلاناً عن كذا وكذا : أي زجرتُه عنه.
أبو عبيد ، عن أبي زيد : زاهَمَ فلانٌ الخَمسين ، إذا دنا لها ولما يبلُغْها.
وروى أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابيّ قال : يقال : زاحَم الأربعين ، وزاهَمَها.
وقال أبو سعيد : يقال : بينهما مُزاهَمَة : أي عداوة ومحاكَة.
وقال أبو عمرو : جَمَل مُزاهِم.
والمُزَاهَمَة : الفَرُوط لا يكاد يدنو منه فَرَسٌ إذا جُنِبَ إليه. وقد زاهَم مُزَاهَمَةَ وأزهَمَ إزهاماً ، وأنشد أبو عمرو :
مُسْتَرْ عفاتٌ بِخِدَبٌّ عَيْهامْ |
مَرَوْدَكِ الْخَلْقِ دِرَفسٍ مِسعَامْ |
للسابِق التالي قليل الإزْهامْ
أي لا يكاد يدنو منه الفرس المَجْنوب لسُرْعته.
قال : والمزاهِم : الذي ليس منك بقريب ولا بعيد ، وقال :
غَرْبُ النَّوَى أمْسَى لها مُزاهِما |
من بعد ما كان لها مُلازِما |
فالمُزاهم : المُفارِق هاهنا ، وأنشد أبو عمرو :
حَمَلتْ به سَهْواً فزاهَمَ أنْفَه |
عندَ النِّكاح فَصِيلُها بمَضيقِ |
والمزاهَمة : المداناة ، مأخوذ من شمِّ ريحِهِ.
أبواب الهَاء والطَاء
(ه ط د) ـ (ه ط ت) ـ (ه ط ظ): مهملات الوجوه.
ه ط ذ
ذهط : والذِّهْيَوْط ، ويقال : الزِّهْيوط : موضع.
ه ط ث
أهمله الليث.
طهث : ورَوَى عمرو عن أبيه أنه قال : الطُّهْثَةُ : الضعيف العقل من الرِّجال وإن كان جسمه قوياً.
ه ط ر
طهر ، هطر ، هرط ، رهط : مستعملات.
هطر : قال الليث : يقال : هَطَرَه يَهْطِرَه هَطْراً كما يُهْبَجُ الكلب بالخَشبة.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ قال : الهَطْرة تذلُّل الفقيرِ للغنيّ إذا سأله.
هرط : قال الليث : نعجَة هِرْطَةٌ ، وهي المهزولةُ لا يُنتفعُ بلحمها غُثُوثة.
ثعلب ، عن سلمة ، عن الفرَّاء قال : الهِرْطة : النعجة المهزولة ، ولحمها : الهِرْط بالكسر.
قال : وقال ابن الأعرابي : لحمها الهَرْط بفتح الهاء ، وهو الذي يتَفَتَّتُ إذا طُبخ.
وقال الليث : الإنسان يَهْرِط في كلامِه : إذا سَفْسَف وخلَّط.
قال : والهَرْط لغة في الهَرْت ، وهو المَزْق العَنيف.
أبو عبيد ، عن أبي زيد : هَرَطَ الرجلُ عِرْضَ فلانٍ يَهْرِطُه هَرْطاً إذا طَعَن فيه ، ومثله هَرَده يَهْرِدُه ، وهرتَه يَهْرِتُه ومَزَقه.
ابن شميل قال : الهِرْطةُ من الرجال : الأحمق الجبان الضعيف.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : هَرِط الرجُل : إذا استَرْخَى لحمُه بعد صلابة من علّةٍ أو فَزَع.
طهر : قال الليث : الطَّهْر : نَقيض الْحَيض.
يقال : طَهَرت المرأةُ ، وطَهُرتْ فهي طاهِرٌ : إذا انقطع عنها الدَّم ، ورأتِ الطُّهر.
قال فإذا اغتسلت قيل : تطهَّرت ، واطَّهَرَت. قال الله جلّ وعزّ : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) [المَائدة : ٦].
وأخبرني المنذريّ ، عن أبي العبَّاس أنه قال في قول الله : جلّ وعزّ : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ) [البَقَرَة : ٢٢٢] وقرىء (حتى يَطَّهَّرْن) .. قال أبو العبَّاس : والقراءةُ (يطَّهَّرْنَ) ؛ لأنَّ من قرأ (يَطْهُرْنَ) أراد انقطاع الدم ، (فَإِذا تَطَهَّرْنَ) : اغْتَسَلْنَ ، فيصير معناهما مختلفا.
والوجهُ أن تكون الكلمتان بمعنى واحد ، يريد بهما جميعاً الغُسْلَ ، ولا يحلُّ المَسِيسُ إلّا بالاغتسال ، ويُصدِّق ذلك قراءة ابن مسعود : (حتى يتطهرن).
قال : وقال ابنُ الأعرابي : طَهَرتِ المرأة هو الكلام ، ويجوز طَهُرَت ، وأما قول الله جلّ وعزّ : (فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) [التوبة : ١٠٨] فإنّ معناه الاستنجاء بالماء ، نزلت في الأنصار ، وكانوا إذا أَحْدَثُوا أَتْبعُوا الحجارةَ بالماء ، فأثنى الله جلَّ وعزَّ عليهم بذلك.
وقال الليث : التطهُّر : التنزَّه عن الإثم وما لا يحمد.
ومنه قول الله عزوجل في ذكر قوم لُوط وقولِهم في مؤمني قوم لوط : (إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) [الأعرَاف : ٨٢] أي يتنزهون عن إتيان الذُّكران.
ويقال : فلانٌ طاهر الثياب : إذا لم يكن دَنِسَ الأخلاق. وقال امرؤ القيس :
ثِيَابُ بني عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيَّةٌ |
وأوجُهُهُمْ بِيضُ المَسافِرِ غُرّانُ |
وقول الله عزوجل : (وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) [آل عِمرَان : ١٥] يعني من الحيض والبول والغائط ، وماء طَهُور : أي يُتَطَهَّر به ، وكما تقول : وَضُوء ، للماء الذي يُتَوَضَّأ منه ، وكلُ طَهُورٍ طاهِرٌ ، وليس كلّ طاهر طَهُوراً. (فَإِذا تَطَهَّرْنَ) [البَقَرَة : ٢٢٢] : اغتسلْنَ ، وقد تطَهَّرَت المرأة ، واطّهرت ، فإذا انقطع عنها الدم قيل : طَهَرت تطهُر فهي طاهر بلا هاء. وقوله عزوجل : (هُنَ أَطْهَرُ لَكُمْ) [هُود : ٧٨] : أي أحَلُّ لكم ، والتطهُّرُ : التنزُّه عمّا لا يحلُّ ، ومنه قوله : (إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) [الأعرَاف : ٨٢] : أي يتنزهون عن أدبار النساء والرجال ، قاله في قوم لوط تهكّماً ، وقوله تعالى : (أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ) [البَقَرَة : ١٢٥] يعني من المعاصي ، والأفعال المحرَّمة.
وقال الفرَّاء في قول الله جلّ وعزّ : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) [المدَّثَّر : ٤] : قال بعضُ المفسِّرين : يقول : لا تكن غادِراً فتُدنِّسَ ثيابك ، فإنّ الغادر دَنِسُ الثّياب ، وقيل معنى قوله : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) [المدَّثَّر : ٤] يقول : عَمَلَك فأَصْلِحْ.
وقال بعضهم : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) [المدَّثَّر : ٤] : أي قَصِّرْ ، فإنَّ تقصير الثِّياب طُهرٌ.
ورَوى عِكرمة عن ابن عباس في قوله جلّ وعزّ : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) [المدَّثَّر : ٤] يقول : لا تَلْبَس ثيابَك على معصية ولا فُجور وكُفر ، وأنشد قولَ غَيْلَان :
إنِّي بحَمْدِ الله لا ثَوْبَ غادرٍ |
لَبِسْتُ ولا مِن خَزْيةٍ أَتَقنَّعُ |
قلت : وكلّ ما قيل في قوله عزوجل : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) فهو صحيح من جهة اللُّغة ، ومعانيها متقاربة ، والله أعلم بما أراد.
وأمّا قول الله جلّ وعزّ : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) [الفُرقان : ٤٨] فإنَ الطَّهُور في اللغة هو الطَّاهر المطهِّر ، لأنّه لا يكون طَهوراً إلّا وهو يُتطهَّر به ، كالوضوء : الماءُ الذي يُتَوضّأ به ، والنَّشُوقِ : ما يُسْتنشَق به ، والفَطُورِ ما يُفطَرُ عليه من شرابٍ أو طعامٍ.
وسُئل النبيُّ صلىاللهعليهوسلم عن ماءِ البحر فقال : «هو الطَّهورُ ماؤُه ، الحِلُّ مَيْتَتُه» : أراد أنَّه طاهر يُتطهر به.
وقال الشافعيّ : كلُّ ماءٍ خَلقه الله نازِلاً من السماء أو نابِعاً من عَين في الأرض أو بحرٍ لا صَنعةَ فيه لآدمِيّ غير الاسْتِقاء ، ولم يُغيِّرْ لَونَه شيءٌ يُخالطُه ، ولم يَتغير طعمُه منه فهو طهور ، كما قال الله جلّ وعزّ : قال : وما عدا ذلك من ماءٍ وَرْدٍ أو وَرَقِ شَجَرٍ أو ماءِ يَسِيلُ من كَرْمٍ ، فإنه وإن كان طاهراً فليس بطهور.