تهذيب اللغة - ج ٦

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٦

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٢

ويقال : فلانٌ مُهفَّكٌ ومُؤَفَّكٌ ومُتَهفِّك وَمُفَنِّنٌ : إذا كان كثيرَ الخطأ وَالاختلاط.

ه ك ب

استعمل من وجوهها : كهب ، هكب.

كهب : قال الليث : الكُهْبة : غبرة مُشرَبة سواداً في ألوان الإبل خاصة ، تقول : بعير أكهَب ، وناقة كَهْباء.

قلت : لم أسمع الكُهْبة في ألوان الإبل لغير الليث ، ولعلّه يُستعمل في ألوان الثياب.

وقال ابن الأعرابي : الكهْب : لون الجاموس.

هكب : أهمَله الليث.

ورَوَى ثعلبٌ عن ابن الأعرابي ، قال : الهَكَب الاستهِزاء.

قلت : أصلُه الهَكَم بالميم.

ه ك م

همك ، هكم ، كمه ، كهم ، مهك : مستعملة.

همك : قال الليث : انهَمَك فلان في كذا وكذا إذا لَجَّ وتمَادَى فيه ، تقول : ما الذي هَمَكه فيه؟.

وقال أبو عبيدة : فرسٌ مَهْمُوك المعدَّين.

وقال أبو دؤاد :

سَلِطُ السُّنْبُك لأُمٌ فَصُّهُ

مُكْرَب الأرساغ مهموك المعَدّ

وقال ابن السكيت : اهْمأَكَ فلانٌ يَهْمَئِكُ فهو مُهْمَئِكٌ ومزمئِكٌ ومُصْمَئِكٌّ إذا امتلأ غَضَباً.

كمه : قال الليث : الكمَه في التفسير : العَمَى الذي يولد به الإنسان ، وقد جاء في الشِّعر مِنْ عَرَضٍ حادث.

قال الشاعر :

كَمِهتْ عيناه حتّى ابيضَّتَا

فهوَ يَلْحَا نَفْسَه لما نَزَعْ

ثعلب عن ابن الأعرابي : الأكْمَه : الذي يُولد لا بَصَرَ له ، والفعل منه كَمِه يَكْمَه كَمَهاً.

وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال : الأكمه الأعمى الذي لا يبصر فيتحيّر ويتردّد. ويقال إنّ الأكمه : الذي تَلِده أمُّه أعمى. وأنشد :

هَرَّجْتُ فارتَدَّ ارْتدادَ الأكمهِ *

فوصَفَهُ بالهَرَج ، وذَكَر أنه كالأكْمه في حالِ هَرْجه.

وروى أبو عبيد عن حجاج عن جُرَيج عن مجاهد أنه قال : الأكمه : يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل.

وقال المفضَّل : يقال للذَّاهب العَقْل : أكمه ، وقد كَمِه كَمَهاً.

كهم : قال الليث : كَهُمَ الرّجل ، وهو يَكْهُم كَهَامةً : إذا كان بطيئاً عن النصْرة والحرب ، وفرسٌ كَهام : بطيء عن الغاية ، وسيفٌ كهام : كليل عن الضَّريبة ، ولسان كهامٌ عن البلاغة ، وتقول : فلان قد كَهَمته الشدائد : إذا جَبّنَته عن الإقدام.

قال والكَهْكامةُ : المتهيِّب.

وقال شمر : رجلٌ كَهْكامةٌ وكَهْكم ، قال : وأصلُه كَهام فزيدت الكاف ، وأنشد :

٢١

يا رُبَّ شيخٍ مِنْ عَدِي كَهْكمِ *

وقال أبو العيال الهذَلي :

ولا كَهْكامةٌ بَرِمٌ

إذا ما اشتدّت الحِقَبُ

ورواه أبو عبيد : ولا كهكاهَةٌ بَرمٌ ، وقد مرّ تفسيره فيما مرّ من هذا الكتاب.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الكَهْكَم والكهْكَب : الباذَنْجان.

مهك : قال الليث : مُهْكَةُ الشباب : نُفْخَته وامتلاؤه وارتواؤه وماؤه : يقال : شابٌ مُمَهَّك.

أبو عبيد ، عن الكسائي : الممَهَّك : الطويل ، ويقال : مَهَكْتُ الشيء : إذا مَلَسْتَه وقال النابغة :

إلى المَلِك النُّعْمانِ حِينَ لَقِيتُه

وقد مُهِكتْ أصْلابها والجَنَاجِنُ

قال : مَهِكَتْ : مُلِّسَتْ ومهَكْتُ السَّهمَ : ملّسْتُه.

هكم : قال الليث الهَكِمُ : المقتحِم على ما لا يعنيه الذي يتعرض للنّاس بشرِّه ، وأنشد :

تَهَكَّمَ حَرْبٌ على جارِنَا

وألقى عليه له كَلْكَلا

أبو عبيد ، عن أبي زيد : تَهَكَّمْتُ : تَغَنَّيت ، وهكَّمتُ غيري غَنَّيْتُه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التهكُّم : الاستهزاء. قال : وأخبرني ابن نَجدَة عن أبي زيد أنه قال : التهَكُّم : التكبُّر ، والتَّهكُّم : التَّبَخْترُ بطَراً ، والتهكُّم : السَّيْلُ الذي لا يطاق ، والتهكُّم : الاستهزاء والتهكُّم : تَهَورُّ البِئْر ، والتهكُّم الطَّعْن المُدَارَك.

أبواب الهاء والجيم

ه ج ش

استعمل من وجوهه : جهش.

جهش : قال الليث : جَهَشَتْ نفسي وأَجْهَشَتْ انهضَتْ إليك وهَمَّت بالبكاء.

وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نزل بالْحُدَيبية فأَصابَ أصحابه عَطَشٌ ، قالوا : فجهَشْنا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قال أبو عبيد : قال الأصمعي : الجَهْش : أن يفزع الإنسانُ إلى الإنسانِ. وقال غيرُه وهو مع فَزَعه كأنَّه يريد البكاء كالصبي يفزَع إلى أمه وأبيه ، وقد تهيأ للبكاء.

أبو عبيد : وفيه لغةٌ أخرى : أَجهشْتُ إجهاشاً ، قاله أبو زيد وأبو عمرو ، ومن ذلك قول لبيد :

باتَت تَشْكى إليّ النفسُ مُجْهِشةً

وقد حَمَلْتُك سَبْعاً بعدَ سَبْعِينا

قال : وقال الأمويّ : أَجْهَشَ : إذا تهيأ للبكاء. وقال أبو زيد مثله ، وزاد فقال :

جَهَشْتُ للشّوق والحزْن*

ه ج ض

استعمل من وجوهه : جهض والجِهاض.

جهض : ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الجِهاض : ثَمَر الأَراك : والجِهاض الممانعة.

٢٢

وفي حديث محمد بن سلمة أنه قصد يوم أُحُدٍ رجلاً ، قال : فجاهضني عنه أبو سفيانَ ، أي مانعَني.

وقال الأصمعي : أجهضْتُه عن الأمر وأجْهَشْتُه ، أي أعجَلته.

وقال غيره : أَجْهَضته عن مكانه : أزَلته عنه.

وقال الليث : الجَهِيض : السِّقْط الذي قد تمَّ خَلْقه ونُفخ فيه رُوحُه من غير أن يعيش ، يقال للناقة خاصة إذا ألقتْ وَلَدَها : أَجْهضَتْ إجْهاضاً فهي مُجْهِض ، والجميع مَجاهيض ، وقال الكميت :

في حَرَاجيجَ كالحَنِيِّ مجاهِي

ضَ يخِدْنَ الوَجِيفَ وَخْدَ النعامِ

والاسم : الجِهاض.

وقال ذو الرمة :

يطرَحْنَ بالمهَامه الأغْفالِ

كلَ جَهِيضٍ لَثِق السِّرْبال

أبو عُبيد عن أبي زيد قال : إذا ألقت الناقةُ ولدَها قبل أن يَستبِين خَلْقُه قيل : أَجْهَضَتْ.

سلمةَ عن الفرَّاء قال : هو خِدْج وخَدِيج وجِهْضٌ وجَهِيض للمُجْهَض.

وقال الأصمعيّ في المُجهَض مثلَ قول أبي زيد إنه يسمّى مُجهَضاً ، إذا لم يَستبنْ خَلْقُه ، وهذا أصحّ من قول الليث : إنه الذي تَمَّ خَلْقُه ونُفِخَ فيه رُوحُه.

أبو عُبَيد عن الأمويّ : الجاهِض : الحديدُ النَفْس ، وفيه جُهوضة وجَهاضة.

ه ج ص

صهج : أهمله الليث.

وقال غيره : بيتٌ صَيْهوج : إذا مُلِّس ، وظَهْرٌ صَيْهوج : أَمْلَس.

وقال جندل :

عَلَى ضُلوعٍ نَهْدةِ المَنافِجِ

تَنهض فيهنَّ عُرَى النَّسَائج

صُعْداً إلى سَناسِنٍ صَيَاهِج

وقال الأصمعي : الصَّيْهج : الصَّخْرة العظيمة.

ه ج س

استعمل من وجوهه : هجس ، سهج.

هجس : قال الليث : الهَجْسُ : ما وَقَع في خَلدِك. يقال : هَجَس في قلبي هَمٌّ وأَمرٌ ، وأنشد :

فطأطأَتِ النّعامةُ مِنْ بَعيدٍ

وقد وقَّرْتُ هاجِسَها وهَجْسى

النعامة : فرسُه.

وقال أبو عُبَيدة : الهِجِّيسي : ابن زادِ الرَّكب ، وهو اسمُ فرسٍ معروف.

وقال أبو زيد في «نوادره» : الهَجِيسة : الغَرِيض من اللّبن في السِّقاء.

قال : والخامط والسَّامط مثله ، وهو أول تغيُّره.

قلت : والذي أَعرِفه في الألبان بهذا المعنى الهَجِيعة ، ولا أدرِي الهَجِيسة لغة بمعناها أو صَحَّفه الكاتب.

وفي «النوادر» : هَجَسني عن كذا فانْهَجَسْتُ : أي ردّني فارتددْت.

٢٣

وروى حماد بنُ سَلمة عن عطاء عن السائب ابن الأقرع قال : حضرتُ طعامَ عمرَ فدعا بلَحْم غليظ وخُبز مُتَهجِّس ، قالوا : المتهجس من الخُبز : الغليظ الذي لم يختمِر عَجينُه.

ورُوي لأبي زيد : الهجيسة : الغَريض من اللَّبن.

سهج : أهمله الليث ، وهو من كلام العرب معروف.

روى أبو عُبَيد عن الأصمعي : رِيحٌ سَهُوج وسَيْهُوج ، وهي الشديدة.

وأنشد ابن السكيت :

يا دَارَ سَلْمى بين دَاراتِ العُوجْ

جَرتْ عليها كلُّ رِيحٍ سَيْهُوجْ

وقال أبو سعيد : خطيب مسهج ومِسْهك ، ورِيحٌ سَيْهُوج وسَيْهوك. قال : والسَّهَك والسّهَج : مَرُّ الرِّيح.

وقال أبو عمرو : المِسْهج : الذي يَنطق في كل حق وباطل.

أبو عبيد : الأساهِيُّ والأساهِيجُ : ضُرُوبٌ مختلفةٌ من السَّير.

ه ج ز

استعمل من وجوهه : هزج ، جهز.

هزج : قال الليث : الهزَج : صوتٌ مُطرِب ، ورَعْدٌ هَزِجٌ بالصَّوت.

وقال الشاعر :

أجشُّ مُجَلْجِلٌ هَزِجٌ مُلِثٌ

تُكَرْكِرُه الجَنائِبُ في السِّداد

وعُودٌ هَزِج ، ومُغَنٍ هَزج : يُهَزِّجُ الصوتَ تَهزيجاً. والهَزَج : نوعٌ من أعاريض الشِّعر ، وهو مَفاعِيلُنْ مفاعيلن ، على هذا البناء كله أربعة أجزاء.

وقال الأصمعيّ : الهَزَج تدارُكُ الصوت في خِفّةٍ وَسُرعة. يقال : هو هَزج الصوت هُزَامِجهُ : أَي مُدَارِكه. قال : وليس الهَزَج من الترنُّم في شيء. وقال عنترة :

وكأنما ينأى بجانب دفِّها ال

وَحْشِيِّ مِن هَزَج العَشيِّ مُؤَوِّمِ

يعني ذُباباً لطيرَانه ترَنُّمٌ ، فالناقة تُحاذر لَسعَهُ إياها.

جهز : أبو عُبيدة : فَرسٌ جَهيز الشَّدّ : أي سريعُ العَدْوِ ، وأنشد :

ومقلِّصٍ عَتِدٍ جَهيزٍ شَدُّه

قيدِ الأوابد في الرِّهان جَوَادِ

ابن السكيت ، عن الأصمعي : أجْهزْتُ على الجَريح ، إذا أَسْرَعْتَ قتلَه وقد تمَّمْتَ عليه.

قال : وفرس جَهيزٌ ، إذا كان سريعَ الشّد.

قال : والعرب تقول : أَحْمَقُ من جهيزة ، قال : وهي أُمُّ شَبيب الخارجي ، قال : وكان أبو شَبِيب من مهاجرة الكوفة ، اشترى جَهيزة ، وكانت هي حمراء طويلةً جميلةً فأدارها على الإسلام ، فأبت فواقَعَها فحمَلتْ ، فتحرّك الولدُ في بطنها فقالت : في بطني شيء يَنقُز ، فقيل : أَحْمَقُ من جَهيزة.

٢٤

وقال أبو العباس : قال ابن الأعرابيّ في قولهم : هو أَحْمَق من جَهيزة ، قال : هي الدُّبَّة.

وقال الليث : كانت جَهيزة امرأةً خليقةً في بدنِها رَعْناءَ يضرَب بها المَثَل في الحُمْق ، وأنشد :

كأنّ صَلَا جَهيزةَ حين قامت

حَبابُ الماء حالاً بعد حال.

قال : وقيل : الجَهيزة : جرو الدُّبّ ، والجِبسُ : أنثاه ، وقيل : الجهيزة : عِرْس الذئب ، يعنُون الذِّئبة ، وقيل : حُمْقها أنها تدعُ ولدَها وتُرضِع وَلَد الضَّبُع. قال :

كمُرْضَعَةٍ أولادَ أخرَى وضيَّعتْ

بَنِيها فلم ترْقَعْ بذلك مَرْقعا

ويشهد على ذلك ما بين الذئب والضبع من الألفة ، ويقال : إنَّ الضبُع إذا صِيدَت فإن الذئبَ يكفُل عيالَها ، فيأتيها باللّحم ، ومنه قوله :

لدَى الحبْل حتى عالَ أوسٌ عِيالها*

قال : وجهَّزْت القوم تجهيزاً : إذا تكلَّفت لهم جَهازَهم للسفر ، وكذلك جَهاز العَرُوس والميّت : وهو ما يحتاج إليه في وَجْهه ، وقد تَجهزوا جَهازاً.

قال : وسمعتُ أهلَ البَصْرة يخطِّئون الجِهاز بالكسر.

قلت : والقرّاء كلهم على فَتْح الجيم في قول الله جلَّ وعزَّ : (وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ) [يُوسُف : ٥٩] وجِهاز بالكسر لغة ليست بجيدة ، وموت مجهز : أي وَحِيٌّ. والعرب تقول : ضرب البعيرُ في جهازه ، إذا جَفَلَ فَنَدَّ في الأرض والتَبَط حتى طَوَّح ما عليه من أَداةٍ وحِمْل.

ه ج ط

طهج : أهمله الليث. وَالطيْهُوج : طائرٌ أحسبه معرّباً ، وهو ذكر السِّلْكان.

ه ج د

هجد ، دجه ، جهد ، هدج : [مستعملة].

هجد : قال الليث : هَجَد القومُ هُجوداً : إذا ناموا ، وتَهجدوا : إذا استَيْقظوا للصلاة.

أبو عُبيد ، عن أبي عبيدة : الهاجد : الناقم ، والهاجد المصلِّي بالليل.

وقال الحُطيئة :

فحَيَّاك وُدٌّ من هداك لِفْتيةٍ

وخُوصٍ بأعلى ذي طُوالة هُجَّدِ

وقال ابن بُزُرج : أهْجدتُ الرجلَ : أَنَمْتُه وهَجَّدْتُه : أيقظته.

قال الله جل وعز : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) [الإسرَاء : ٧٩].

وقال غيره : وهجّدتُ الرجلَ : أنمْتُه.

ومنه قول لبيد قال :

هَجَّدْنا فقد طالَ السُّرَى

وقَدَرْنا إنْ خنا الدَّهْرَ غَفَلْ

كأنه قال : نَوِّمنا فإن السرى قد طال عليَنا حتى غلبنا النومُ ، ويقال : أهجدت الرجلَ : وجدته نائماً.

الحرَّاني عن ابن السكيت : أَهجَدَ البعيرُ : إذا أَلقَى جِرَانَه على الأرض.

٢٥

أبو العباس عن ابن الأعرابي : هجَّد الرجل : إذا صَلى بالليل ، وهَجَّد : إذا نام بالليل.

وقال في موضع آخر : الهاجد : النائم ، والهاجد : المصلِّي ، قال : وكذلك المتهجِّد يكون مصلّياً ويكون نائماً.

عمرو عن أبيه قال : هَجد وهَجَّد : إذا قام مصلِّياً ، وهَجَد : إذا نام ، وذلك كله في آخر الليل.

قلت : والمعروفُ في كلام العرب أن الهاجدَ النائم ، وقد هَجد هُجوداً : إذا نامَ ، وأما المتهجِّد ، فهو القائم إلى الصلاة من النوم آخر الليل ، وكأنه قيل له : متهجِّد لإلقائه الهجود عن نفسه ، كما أنه قيل للعابد : متحنِّث لإلقائه الحِنْتَ عن نفسه ، وهو الإثم.

جهد : وقال الليث : الجَهْد : ما جَهَد الإنسانَ من مَرَض أو أمر شاق فهو مَجْهود. قال : والجُهْد لغة بهذا المعنى ، قال : والجُهد : شيء قليلٌ يعيش به المُقلّ على جَهْدِ العَيْش.

قال الله جل وعزّ : (وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ) [التّوبَة : ٧٩] على هذا المعنى.

قال : والجَهْد أيضاً : بلُوغُكَ غايةَ الأمر الّذي لا تأَلو عن الجَهْد فيه. تقول : جَهَدْتُ جَهْدي واجتهدتُ رَأيي ونَفْسي حتى بلغتُ مجهودي.

ابن السكّيت : الجَهْد : الغاية.

وقال الفرّاء : بلغتُ به الجَهْد : أي الغايةَ ، واجهَدْ جَهْدكَ في هذا الأمر : أي ابلُغْ فيه غايَتَك. وأما الجُهد فالطاقة ، يقال : اجهد جُهْدَك. قال : وجَهَدْتُ فلاناً : بلغت مشقّته ، وأجَهدتُه على أن يفعل كذا وكذا ، وأجهَدَ القومُ علينا في العَداوة وجاهَدْتُ العَدُوَّ مُجاهَدة.

أبو عُبيد : جَهَدتُه وأَجْهدْتُه ، بمعنًى واحد.

وقال الأعشى :

جَهَدْنَ لهَا مَعَ إِجْهادِها*

شَمِر ، عن أبي عمرو ، يقال : هذه بَقْلة لا يَجْهَدها المال : أي لا يكثر منها ، وهذا كلأ يَجهْده المال : إذا كان يَلِجُّ عليه ويَرْعاه.

وقال الأصمعيّ : كلّ لبن شُدّ مَذْقُه بالماء فهو مَجْهود.

وقال الشّماخ يصف إبلاً بالغزارة :

تُضحي وقد ضَمِنتْ ضَرَّاتُها غُرَفاً

مِن ناصعِ اللّونِ حُلْوِ الطَّعم مَجْهودِ

فمن رَوى البيت هكذا أراد بقوله : مجهودِ : المشتهى الذي يُلَحّ عليه في الشُّرب لطيبه وحلاوته ، ومن رواه :

... «حلو غير مجهود»

: فمعناه أنها غِزَارٌ لا يَجْهدها الحَلب فَينهكُ لَبنَها.

وقال الأصمعيّ في قوله غير مجهود : إنه يُمذَق لأنه كثير.

وقال الفرّاء في قول الله جلّ وعزّ : (وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ) [التوبة : ٩٧] قال : الجُهد : الطاقة ، تقول : هذا جُهدي ، أي طاقتي : ويقال : اجهْد جُهْدَك.

وأخبرني المنذريّ عن القاسم بن محمد القرشيّ بن سعيد بن عمرو ، عن مروان ،

٢٦

عن عيسى بن المغيرة ، عن الشَّعبيّ قال : الجُهد الطاقة : تقول : هذا جُهدي : أي طاقتي. الجُهْد في القِيتَة والجَهد في العمل.

شَمِر عن ابن شميل ، قال الجَهاد : أظهرُ الأرض وأسواها : أي أشدّها استواء ، أنبتَتْ أو لم تُنبت ، ليس قُرْبَه جَبَل ولا أكَمة ، والصّحراء جَهاد ، وأنشد :

يَعُود ثرَى الأرض الجماد ويَنْبُت ال

جَهادُ بها والعُودُ رَيّانُ أَخضرُ

قال ، وقال أبو عمرو : الجَماد والجَهاد : الأرض الجَدْبة التي لا شيء فيها ، والجماعةُ : جُمُدٌ وجُهُد.

وقال الكميت :

أَمْرَعَتْ في نَداهُ إذ قَحَط القَطْ

رُ فأمسَى جَهادُها ممْطُورا

وقال الفراء : أرضٌ فضَاء وجَهاد ، وبراز بمعنًى واحد.

وقال غيرُه : أجهدَ فيه الشَّيبُ إجهاداً : إذا بدا فيه وكَثُر.

وقال عديّ بن زيد :

لا تُواتيك إذ صَحَوتَ وإذ أَجْ

هَدَ في العارِضَيْنِ منْكَ القَتِيرُ

ويقال : أَجهدَ لك الطريقُ ، وأجهَدَ لك الحقُّ : بَرَزَ وظهَر ووضح.

وقال أبو عمرو بنُ العَلاء : حلَفَ بالله فأجْهَدَ ، وسار فأَجْهدَ ، ولا يكون فَجَهد.

وقال أبو سعيد : أجهَدَ لَك هذا الأمرُ فاركْبه : أي أمكَنك وأَعرَضَ لك.

وقال أبو عمرو : أَجهَدَ القومُ لي : أي أشرَفوا.

وقال الشاعر :

لمّا رأيتُ القومَ قد أجهَدوا

ثُرْتُ إليهم بالحُسام الصَّقِيلْ

وقال أبو زيد ، يقال : إنَّ فلاناً لمُجْهِدٌ لك ، وقد أجهَد : إذا اختَلَط.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الجَهاض والجَهاد ثَمَرُ الأراك ، ونحو ذلك.

قال أبو عمرو ، وقال الحسن في قول الله جلّ وعزّ : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) [البَقَرَة : ٢١٩] هو أن لا يَجهَد الرجلُ مالَه ثم يَقعُد يسأل الناس.

وقال النضر : معنى يَجهَد مالَه : يعطيه ههنا وههنا.

هدج : قال اللّيث : الهَدَجان : مِشْية الشيخ ونحو ذلك ، يقال : هَدَج الشيخُ وهَدَجت الرِّيح : أي حَنَّت وصَوّتت ، والتهدُّج : تقطيع الصّوت ، وهَدَجُ الظَّليم : وهو سعيٌ ومشيٌ. وَعَدْوٌ ، كل ذلك إذا كان في ارتهاش وأنشد :

والمُعْصِفاتِ لا يزلنَ هدجا*

وقال العجّاج يصف الظَّليم :

أَصَكَّ نَغْضاً لا يَني مُسْتهْدَجا*

قال ابن الأعرابيّ في قوله : مُسْتَهْدَجَا أي مستعجِلا ، أي أفزع فمرّ ، ومن رواه بكسر الدال أراد أنّه لا يزال عَجْلان في عَدْوِه.

وقال غيره : الهَدْجة : رَزْمة الناقة وَحَنِينُها على وَلَدها ، وناقةٌ هَدُوج ومِهداج. ويقال للرِّيحِ الحَنون : لها هَدْجة ومِهْداح ، ومنه

٢٧

قولُ أبي وَجْزة السعديّ يصف حُمُر الوحش :

حتّى سَلَكْن الشَّوَى منهنّ في مَسَكٍ

مِنْ نَسْلِ جَوابةِ الآفاق مِهْدَاج

المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال : تهدَّجوا عليه وتَبَأْبؤُوا عليه : إذا أَظهروا إلْطافَه ، ويقال : ظَلِيمٌ هَدَجْدَج لِهدَجانه في مِشْيتهِ.

قال ابن أحمر :

لِهدَجْدَجٍ جَربٍ مَساعرُه

قد عادها شهراً إلى شهرِ

وإنما قال : جَرِب مَساعِرهُ لأنّ ذلك الموضع من النّعام لا ريشَ عليه.

وقال الأصمعي : الهَدَجان : مُداركة الخَطْو ، وأنشد :

وهَدَجانا لم يكن مِنْ مِشْيتي

كهَدَجان الرَّأْل خَلْفَ الهيقتِ

مُزَوْزِياً لما رآها زَوْزَتِ

وقال ابن الأعرابيّ : هَدَج : إذا اضطَرَب مشيهُ من الكِبَر ، وهو الهُداج.

والهَوْدج : مركَب من مراكب النساء. وقِدْرٌ هَدُوج : سريعة الغَليان.

دجه : أهمله الليث.

وقال ابن الأعرابيّ : دَجَّه الرّجل ، إذا نام في الدُّجْيَة ، وهي قُترَة الصائد.

ه ج ت

أهملت وجوهه ، وأما : تجه : فأصله وُجاه ، وقد اتَّجهْنا وتجهنا.

ه ج ظ ـ ه ج ذ ـ ه ج ث : أهملت وجوهها.

باب الهاء والجيم مع الراء

ه ج ر

هجر ، هرج ، جهر ، جره ، رهج ، رجه : مستعملات.

هجر : قال الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ) [المؤمنون : ٦٧] قال : الهاء في قوله (بِهِ) للبيت العتيق ، يقولون : نحن أهلُه وقُطّانه وإذا كان اللّيل وسَمَرْتُم هَجَرْتم النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم والقرآن ، فهذا من الهَجْر والرَّفْض.

قال : وقرأ ابن عباس : (تُهْجِرُون) من أَهْجَرْتُ ، وهذا من الهُجْر وهو الفُحْش ، وكانوا يَسُبّون النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا خَلَوا حولَ البيت ليلاً.

وقال الفرّاء : وإنْ قُرىء (تَهْجُرُونَ) ، فجُعل من قولك : هَجَر الرجُل في منامه إذا هَذَى ، أي أنكم تقولون فيه ما ليس فيه وما لا يضرُّه فهو كالهَذَيان.

ورُوي عن أبي سعيد الخُدْريّ أنه كان يقول لبنيه : إذا طُفْتم بالليل فلا تَلْغَوْا ولا تَهْجُروا.

قال أبو عُبَيد : معناه : لا تَهذُوا ، وهو مِثلُ كلام المُبَرْسَمِ والمَحْموم ، يقال : هَجَرَ يَهجُرُ هَجْراً ، والكلام مَهجور ، ورُوي عن إبراهيم أنه قال في قول الله جلّ وعزّ : (إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) [الفُرقان : ٣٠] : قالوا فيه غيرَ الحقّ ، ألم تر إلى المريض إذا هَجَر قال غير الحقّ؟!

٢٨

وأما قولُ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إني كنت نهيتُكم عن زيارة القبور فزُوروها ولا تقولوا هُجْراً» فإنّ أبا عُبَيد ذَكر عن الكسائيّ والأصمعيّ أنهما قالا : الهُجْر : الإفحاش في المَنطِق والخَنا.

يقال منه : أَهجرَ الرجلُ يَهجِرُ ، وقال الشّمَّاخ :

كما جِدَةِ الأعراقِ قال ابنُ ضَرَّة

عليها كلاماً جارَ فيه وأهجَرَا

وقال أبو زيد : يقال : أهجرتُ بالرّجل إهجاراً : إذا استهزأتَ به وقلتَ له قولاً قبيحاً ، وهَجَر الرجلُ هَجْراً ، إذا تباعَد ونَأَى ، وهَجَرَ في الصَّوْم هَجْراً وهِجْراناً.

ورُوي عن عمر أنه قال : هاجِروا ولا تَهجَّرُوا.

وقال أبو عبيد : يقول : أَخلِصوا الهِجْرةَ ولا تَشبَّهوا بالمهاجرين على غير صِحة منكم ، فهذا هو التَّهجُّر ، وهو كقولك : فلانٌ يتحلّم وليس بحليم ، ويتشجَّع وليس بشجاع : أي أنه يُظهِر ذلك وليس فيه. قلت : وأصل المُهاجَرة عند العرب : خروجُ البدويّ من بادِيتِه إلى المُدُن.

يقال : هاجَر الرجُل ، إذا فَعل ذلك ، وكذلك كلّ مُخْلٍ بمسكنه منتقِل إلى دارِ قومٍ آخرين ؛ لأنهم تَركوا ديارَهم ومساكنَهم التي بها نشؤوا بها لله ولحقوا بدار قوم ليس لهم بها أهلٌ ولا مالٌ حينَ هاجروا إلى المدينة ، وكذلك الذين هاجروا إلى أرض الحَبشة. فكلُّ من فارقَ رِباعَه من بدويّ أو حَضَرّي وسكن بلداً آخر فهو مُهاجر ، والاسم منه الهِجْرة. قال الله جلّ وعزّ : (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً) [النِّساء : ١٠٠] وكُلُّ من أقام من البَوادي بمَبادِيهِمْ ومَحاضرهم ولم يلحقوا بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يتحولوا إلى أمصار المسلمين التي أُحدِثَتْ في الإسلام وإن كانوا مسلمين فإنهم غير مُهاجرين وليس لهم في الفَيْء نصيبٌ ، ويسمَّوْن الأعراب.

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : هجرتُ البعيرَ أهجُره هجْراً ، وهو أن يُشَدّ حبلٌ في رُسْغ رِجْله ثم يُشَدّ إلى حَقْوه.

وقال أبو الهَيْثم : قال نصير : هجَرتُ البَكْرَ ، إذا رَبطْتَ في ذراعِه حَبْلاً إلى حَقْوه وقصْرتَه لئلا يقدر على العَدْو.

قلتُ : والذي حفِظْتُه عن العرب في تفسير الهِجار أن يؤخَذ حبلٌ ويسوَّى له عُروَتان في طَرَفيه بزرَّيْن ، ثم تُشَدّ إحدى العُرْوَتين في رُسْغ رجل الفَرَس وتُزَرّ وكذلك العُروة الأخرى في اليد ، وتُزَرّ ، وسمعتُهم يقولون : هجِّروا خيلَكم ، وقد هجَر فلان فرسه هجْراً.

وقال أبو زيد : يقال لكلّ شيء أفرط في طول أو تَمام وحُسْن : إنه لمُهْجِر. ونَخْلةٌ مُهجرة : إذا أفرطت في الطول ، وأنشد :

يعلى بأعلى السُّحُق المُهاجرِ

منها عِشاشُ الهُدهُد القُراقِر

وسمعتُ العرب تقول في نَعْتِ كلّ شيء جاوزَ حدَّه في تمامه : إنه لمُهجِر ، وناقةٌ مُهجرة : إذا وُصفت بالفَراهة والحُسن ، وإنما سُمي ذلك إهجاراً ؛ لأنّ ناعِتَه يَخرج في نَعتِه عن الحدّ المقارِب المُشاكل

٢٩

للمنعوت إلى نعت يُفرط فيه ، فكأنه يَهذي ويَهجُر.

وقال أبو عُبَيد : قال أبو زيد وغيره : هِجِّيرَى الرجل : كلامُه ودَأْبُه ، وشأنُه.

وقال ذو الرّمّة :

رَمَى فأَخطأَ والأقدارُ غالبة

فانْصَعْنَ والويلُ هِجِّيراهُ والحَرَبُ

وقال الأمويّ : يقال : ما زال ذلك إهْجيراه وهِجِّيراه ودَأَبه ودَيْدَنَه.

ورَوى مالكُ بنُ أنس عن سُمَيّ عن أبي صالح عن أبي هُريرة قال : قال رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لو يَعلمُ الناسُ ما في التَّهجير لاستبقوا إليه ؛ وفي حديث آخر : «المُهجِّرُ إلى الجُمُعة كالمُهْدي بَدنَه» يذهبُ كثيرٌ من الناس إلى أن التهجير في هذه الأحاديث تَفعيل من الهاجرة وقتَ الزوال ، وهو غَلَط ، والصواب ما رواه أبو داودَ المصاحِفي عن النضر بن شُمَيل أنه قال : التهجير إلى الجُمُعة وغيرها : التَبكير.

قال : سمعتُ الخليلَ بن أحمد يقول ذلك في تفسير هذا الحديث.

قلت : وهذا صحيح ، وهي لغةُ أهل الحجاز ومن جاوَرَهم من قَيْس.

وقال لبيد :

راحَ القطِينُ بِهَجْرٍ بعد ما ابتَكَرُوا*

فقَرنَ الهجْر بالابتكار ، والرَّواح عندهم : الذَّهاب والمُضيّ ، يقال ، راحَ القومُ : أي خَفُّوا ومَرُّوا أيّ وقتٍ كان.

ورُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «لو يَعلَم الناسُ ما في التهجير لاستبقوا إليه» ، أراد به التّبكيرَ إلى جميع الصَّلوات : وهو الذَّهاب إليها في أوَّل أوقاتها. قلتُ : وسائرُ العَرَب تقول : هجّر الرجل : إذا خرج وقتَ الهاجرة رواه أبو عُبيد عن أبي زيد. هَجّر الرجُل : إذا خرج بالهاجرة.

قال : وهي نصفُ النهار ، قال : ويقال أتيتُه بالهجير وبالهَجْر.

ذكر ابن السكيت عن النضر أنه قال : الهاجرة إنما تكون في القَيْظ ، وهي قبل الظُّهر بقليل ، وبعدَها بقليل. قال : والظهيرة : نصفُ النهار في القَيْظ حين تكونُ الشمسُ بحيال رأسِك كأنها لا تريد أن تبرح.

أنشد المنذريّ فيما روى لثعلب عن ابن الأعرابي في «نوادره» قال : قال جِعْثِنَة بنُ جَوَّاس الربَعيَّ في ناقته :

هلْ تَذْكرِينَ قَسَمي ونَذْرِي

أزمانَ أنتِ بعُرُوضِ الجَفْر

إذْ أنتِ مِضْرَارٌ جوادُ الحُضْرِ

فيُهجِرُون بهجِير الفجْر

قلت : قوله بهجِير الفجر ، أي يُبكِّرون بوقت السّحَر.

وقال الليث : أَهْجَر القومُ : إذا صاروا في ذلك الوقت ، وهَجَّر القومُ : إذا ساروا في وَقْته.

قال : والهِجِّيرَى : اسمٌ من هَجَر إذا هَذَى.

قال : والهَجْر من الهجْران : وهو تَرْكُ ما يَلزَمُك تَعاهُدُه.

قال : والهِجار : مُخالِف للشِّكال تشَدّ به يَدُ الفَحْل إلى إحدى رجليه ، وأنشد :

كأنما شُدَّ هِجَاراً شاكِلا*

٣٠

قلتُ : وهذا الذي ذكره الليث في تفسير الهِجار مُقارِب لما حكيتُه عن العرب سَماعاً وهو صحيح ، إلا أنهُ يَهْجَر بالهجار الفَحْلُ وغيرُه.

وقال أبو عَمْرو : هِجار القَوس : وترُهَا.

وقال أبو سعيد : الهاجرة من حِين تزُولُ الشمس ، والهُوَيْجِرَة بَعدَها بقليل.

والهاجِرِيّ : البَنَّاء. وقال لبيد :

كعَقْر الهاجِرِيّ إذا ابتَناه

بأشياء حُذِينَ على مِثالِ

والهجير : الحَوْض المبنيّ.

وقالت خنساءُ تصف فَرساً :

فَمَالَ في الشَّدِّ حَثيثاً كما

مالَ هَجِيرُ الرجل الأعسَرِ

شبّهتِ الفرسَ حين مال في حُضْره بحَوْض مُلىءَ فانثَلَم ومالَ ماؤه سائلاً.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : الهَجِير : ما يَبِس من الحَمْض.

وقال ذو الرمة :

وَلَمْ يَبقَ بالخَلْصاء ممَّا عَنَتْ به

مِن الرُّطب إلَّا يَبْسُها وهَجِيرُها

أبو عُبيد عن الفرَّاء : ناقة مُهجِرة : فائقة في الشَّحْم والسِّمَن.

قال : ويقال : رمَاه بهَاجراتٍ ومُهجِرات : أي بفضائحَ ، وناقَة هاجِرة فائقة.

قال أبو وَجْزة :

تُبَارِي بأجْوازِ العَقيق غُدَيَّةً

على هاجِرَاتٍ حانَ منها نُزُولها

وقال أبو عُبيد : قال أبو زيد : يقال للنَّخلة الطويلة : ذهبتْ هَجْراً ، أي طُولاً وعِظَماً.

أبو عُبيد ، عن أبي زيد يقال لقيتُ فلاناً عن غُفْر : بعدَ شهْر ونحوِه ، وعن هَجْر بعدَ الحول ونحوه.

وعَدَدَ مُهْتجِر : كثير.

وقال أبو نخيلة :

هذاك إسحاقُ وقَبْضٌ مُهْجِرُ*

أبو العباس عن ابن الأعرابي : يقال للخاتَم : الهِجار والزينة ، وأنشد :

وفارساً يَستلِب الهِجارا*

قال : يصفة بالحِذْق إذا رَمَى.

قال : والهُجَيرة : تصغير الهَجْرَة : وهي السَّنَة التامّة.

قلتُ : ومنه قولهم : لقيتُه عن هَجْر ، أي بعد حَوْل.

وأنشد ابن الأعرابي :

وغِلْمَتي منهمْ سَحِيرٌ وبَحِرْ

وَأَبِقٌ مِنْ جَذْبِ دَلْوَيْها هَجِرْ

قال : هَجِر : يمشي مُثقلا متقارِبَ الخَطْو كأنّ به هِجاراً لا ينبَسِط ممّا به من الشَّرّ والبَلاء.

وسمعت واحدُ من غير البَحرانِيين يقولون للطعام الّذي يؤكل نصفَ النهَار : الهَجُورِيّ.

هرج : أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : هَرَج الناسُ يَهرِجون هَرْجاً ، من الاختلاط.

وقال الليث : الهَرْج : القِتال والاختلاط فيه ، وأنشد الأصمعيّ قولَ ابن الرُّقيّات :

٣١

ليتَ شِعري أَوَّلُ الهَرْج هَذا

أَمْ زَمانٌ من فِتْنَةٍ غير هَرْج؟!

وقال : هَرَج الرجلُ المرأة يَهْرِجُها ، إذا نَكحَهَا ، وقد هَرَجها ليلةً جمعاء.

روى أبو عَوانة عن عاصِم عن أبي وائل عن عبد الله بنِ قيس الأشعريّ قال : «قيل لعبد الله بنِ مسعود : أتعلم الأيام التي ذَكَر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيها الهَرْج؟ قال : نعم تكون بين يَدي الساعة ، يُرفَع فيها العِلم ، ويَنزِل الجَهل ، ويكُون الهَرْج ، فقال أبو موسى : الهَرْج بلسان الحَبَشَة : القَتْل». وقال خالد بن جَنْبة : بابٌ مَهْروج : وهو الذي لا يُسَدّ ، يَدخُله الخَلْق ، وقد هَرَجه الإنسان يَهْرِجُه : أي تركه مفتوحاً ، وهرج القوم يَهرِجُون في الحديث : إذا أفاضوا فيه وأَكثَروا.

وفي الحديث : «قُدَّام الساعة هَرْج» : أي قِتال شديد.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : هَرَج الفرسُ يهرُجُ هَرْجاً وهو فرس مِهْرَجٌ وهَرَّاج : إذا كان كثير العَدْو ، ومنه قولُ العجّاج :

غَمْرُ الأجارِيّ مِسَحّاً مِهْرَجا*

ويقال : هَرِجَ البعيرُ يُهرَج هَرْجا : إذا ما سَدَر من شِدَّة الحَرّ.

وقال شمر : هَرِج البعيرُ من شدّة الحرّ ، وقد أهرجْتَ بعيرَك : إذا وَصَل الحرُّ إلى جَوْفه ، ورجل مُهْرِج : إذا أَصابَ إبِلَه الجَرَب فطَلاها بالقَطِران وَوَصَل حَرُّه إلى جوْفها. وأَنشد في ذلك قوله :

عَلَى نارِ جِنٍّ يَصْطَلون كأنها

جِمَالٌ طَلَاها بالعَنِيَّة مُهرِجُ

قلتُ : ورأيت بعيراً أجربَ هُنِىءَ بالخَضْخَاض فهَرج هَرَجاً شديداً ثم سَقَط ومَات.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : هَرَّجْتُ السَّبُعَ ، إذا صِحتَ به.

وقال رؤبة :

هَرَّجتُ فارتدَّ ارتدادَ الأَكمَهِ

في غائلاتِ الحائرِ المُتَهْتِه

قال شمر : المتَهتِه : الذي تَهته في الباطل : أي رُدِّدَ فيه.

وقال الأصمعيّ : يقال : هَرَّجَ بعيرَه ، إذا حَمَل عليه في السَّير في الهاجرة ، وأنشد :

ورَهِبا من حَنْذِه أن يَهْرَجا*

والهِرْج : الضَّعيفُ من كلّ شيء.

وقال أبو وَجْزة :

والكبشُ هِرْجٌ إذا نَبّ العَتُودُ له

زَوزَى بأليَتِه للذُّلِّ واعترفا

جهر : سلمة عن الفرَّاء : جَهَرْتُ السِّقاءَ ، إذا مَخَضْتَه ، والجَهيرُ : اللّبَن الذي أخرِج زُبْدَه ، والثميرُ : الذي لم يخرج زبده وهو التثمير.

أبو عبيد عن الأصمعي : جَهَرْتُ البِئر ، واجتهرْتُها ، إذا نزَحْتها ، وأنشد :

إذا وَرَدْنا آجِناً جَهَرْناه

أو خالياً مِن أَهْلِه عَمرْناه

٣٢

أراد أنهم من كَثرتهم نزَفوا مياهَ الآبار الآجنة وعَمَروا الرَّكايا التي ليس عليها حاضِر بنزُولهم عليها.

وفي حديث عليّ رضى الله عنه : أنه وصفَ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : لم يكن قصيراً ولا طويلاً ، وهو إلى الطول أقرَبُ ، مَن رآه جَهره ، معنى جَهرَه ، عَظُم في عَيْنَيه ، ومنه قولُ الراجز :

لا تَجْهُريني نَظراً وُردِّي

فقد أُرُدُّ حينَ لا مَرَدِّ

يقول : استعظمتِ مَنَظري فإني مع ما ترين من مَنظري شُجاعٌ أرُدّ الفُرْسان الذين لا يَرُدّهم إلّا مِثلي.

قال : وكبشٌ أجهَر ، ونعجةٌ جَهْراء ، وهي التي لا تُبْصِر في الشمس.

ومنه قول الهذلي :

جَهْرَاءُ لا تَأْلُو إذا هي أَظْهَرَتْ

بصراً ولا مِن عَيْلة تُغْنِيني

قال : يصف فرساً بقوله : جَهْرَاء.

وقال غيرُه : أراد بالجَهْراء عَنْزاً أو نَعْجَة.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الجُهْرة : الحَوْلة ، ورجل أجْهَر وامرأة جَهْراء : في عُيونِهما حَوَل.

أبو عبيد عن الأصمعي : جَهَرْتُ الجَيشَ واجْتَهَرْتُهم : إذا كثروا في عينك ، وكذلك الرجلُ تراه عظيماً في عَينِك.

وقال العجاج يصف جيشاً عَرمْرَما :

كأنما زهاؤُه لمن جَهَرْ

ليْلاً وَرَزُّ وَغْرِه إذا وَغَر

زُهاؤه : كثرة عَدَده ، ويقال : رأيتُ جُهْرَ الرَّجل : إذا نظرتَ إلى هيئته وحُسنِ منظَره فراعَكَ حُسنُه.

وقال القطامي :

شَنِئْتُكَ إذ أَبصَرْتُ جُهْرَك سَيِّئاً

وما غَيَّبَ الأقوامُ تابِعَةُ الجُهر

قال : (ما) في معنى الذي ، يعني ما غاب عنك من خُبْر الرجل فإنه تابعٌ لمنظره ، والجُهْر يستعمل في السَّيِء ، وهو القَبيح كما يستعمل في البَهيِّ الحَسَن.

ثعلب عن الأعرابي : رجل حَسَن الجهَارة والجُهْر : إذا كان ذا منظر حَسَن.

وقال أبو النجم :

وأَرَى البياضَ على النِّساء جَهارةً

والعِتْقَ أَعْرِفُهُ على الأدْماء

وقال أبو زيد : يقال : ما في القوم أَحدٌ تَجْهَرُهُ عيني : أي تأخذُه عيني.

قال : وجَهَرْتُ بالقَوْل أَجْهَرُ به ، إذا أعلنْته. ورجلٌ جَهِير الصوتِ : أي عالي الصوت ، وكذلك رجلٌ جَهْوَرِيُ الصوت : رفيعه. ويقال : جاهرَني فلانٌ جِهاراً ، أي عالنَني مُعَالَنَةً : والجَهْر : العلانية.

وقال الليث : الجَهْوَر : هو الصوت العالي.

قال : والجَوْهر : كلُّ حجرٍ يستخرجَ منه شيء ينتفع به ، وجوهرُ كل شيء ما خُلِقَتْ عليه جبلته.

وجَهَر فلانٌ في كلامِه وقراءته. قال : وأَجْهر بقراءته لغة.

٣٣

أبو عبيد : جهرتُ الكلام وأجهرته : إذا أَعلنتَه.

والجَهْراء : ما استَوَى من ظَهر الأرض بها شجرٌ ولا إكامٌ ولا رمال إنما هي فضاء ، وكذلك العراء : يقال وطئنَا أَعْرِيةً وَجَهْرَوات وهذا من كلام ابن شميل.

أبو سعيد : جَهيرٌ للمعروف : أي خَلِيقٌ له ، وهُم جهراء للمعروف : أي خُلقاء له ، وقيل ذلك : لأن من اجتَهَره طَمِع في معروفه.

وقال الأخطَل :

جُهراءُ للمعروف حينَ تَراهُمُ

خُلقاء غيرَ تنابلٍ أَشرارِ

ابن السكيت : جُهراء الحي : أفاضلُهم ، وأمر مُجْهِر : أي واضح ، وقد أجهرته أنا إجهاراً وجهرت بكذا أجْهَرُ به جهْراً : أي شَهَرْتُ به فهو مَجْهور به : أي مشهور.

أبو عبيدة : فرُسٌ جَهْورَ : وهو الذي ليس بأجَشّ الصوت ولا أَغنّ.

وقال ابن الأعرابي : أجهَرَ الرجلُ : إذا جاء ببَنِينَ جَهارةٍ وهم الحَسنو القُدود الحَسَنو المنظر ، وأجْهر : جاء بابن أحْوَل.

عمر عن أبيه : الأجهَر : الحَسن المنظر ، الحَسَن الجِسم التامة ، والأجْهَر : الأحول المليحَ الحَوْلة والأجهر : الذي لا يبصر بالنَّهار ، وضدُّه الأعشى.

وفي حديث عمر : إذا رأيناكم جَهَرناكم : أي أَعْجَبنا أجسامُكم : قال والْجُهر : حُسْن المنظر.

ابن الأعرابي : الجَهر : قطعة من الدهر ، والهَجْر : السنة التامة. قال : وحاكم أعرابي رجلاً إلى بعض الحكام فقال : بعت منه عُنجداً مُذْ جَهْرٌ فغاب عني. قال ابن الأعرابي : أي [مُذْ] قطعةٌ من الدّهر.

جره : أبو عبيدة عن أبي زيد : سمعت جَراهِيَةَ القوم : يريد كلامهم وعلانِيتهم دون سرِّهم.

قال غيره : يقال جَرَّهْت الأمرَ تَجْرِيهاً إذا أعلنته ، ولقيته جَراهيةً ، أي ظاهراً ، وأنشد :

ولو لا ذَا لَلَاقَيتُ المنايا

جَراهية وما عنها مَحِيدُ

ثعلب عن ابن الأعرابي : الجَرْه : الشَّبهُ الشديد.

رجه : والرَّجْه : التشبث بالإنسان ، وهو التزعزع قال : ويقال : أَرجَهَ الأمرَ عن وقته إذا أخَّره ، وكذلك أَرْجاه ، كأَنّ الهاء مُبدلة من الهمزة.

رهج : قال الليث : الرَّهج : الغبار. وقال غيره : أرهجت السماءُ إرهاجاً : إذا هَمَّتْ بالمطر ، ونَوءٌ مُرهِج : كثير المطر.

وقال مليح الهذلي :

ففي كلِّ دار منكِ للقلب حَسْرَة

يكون لها نَوْءٌ مِن العَيْن مُرْهجُ

والرِّهْجيج : الشَّغِب الضَّعيفُ من الفُصْلان.

وقال الراجز :

فهي تبذُّ الرُّبَعَ الرَّهْجيجا

في المشيْ حتى تَركب الوَسِيجَا

٣٤

ثعلب عن ابن الأعرابي : أرهَج : إذا أَكثرَ بخُورَ بيته. قال : والرَّهج : الشغب.

ه ج ل

هجل ، هلج ، جهل ، جله ، لهج : مستعملة.

هجل : قال الليث : الهَجْل كالغائط يكون مُنفرجاً بين الجبال مطمئناً موطئه صُلْب.

وقال أبو عبيد : الهَجْلُ : المطْئن من الأرض.

شمر عن ابن الأعرابي : الهَجْلُ : ما اتسع من الأرض وغَمض.

وقال أبو النَّجم :

والخَيْلَ يَرْدِينَ بهَجْلٍ هاجِل

فَوارطاً قُدَّامَ زَحْفٍ رافلِ

وماءٌ مُهْجَل ومُسْجَل : إذا كان مُضَيَّعاً مُخَلّى.

وقال غيرُه : الهَجْل والهَبْر مُطمئنٌّ يُنْبِت وما حوْله أشدّ ارتفاعاً ، وجمعهُ هُجول وهُبور. وأَهْجَل القومُ فهم مُهجِلون.

وقال الليث : الهَوْجَل : المَفازة البعيدةُ.

ورَوَى أبو العباس عن عمرو عن أبيه قال : الهَوْجَل : أَنجرُ السفينة ، والهَوْجَل : بقايا النعاس ، والهَوْجل : الدَّليل الحاذِق ، والهَوْجل : الأحمَق.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : الهَوْجل : الأرضُ التي لا مَعالِمَ بها.

وقال شمر : قال يحيى بنُ نُجيم : الهَوْجل : الطّريقُ الذي لا عَلَم به ، وأنشد قولَ الفرزدق :

إليكَ أمِيرَ المؤمنين رَمَتْ بِنا

هُمومُ المُنى والهَوْجَلُ المتعسِّفُ

يقال : فَلاةٌ هَوْجَل : إذا لمْ يهتَدوا بها.

والهَوْجل : الثّقيل الوَخِم ، وناقةٌ هَوْجل : وهي السريعةُ الوَساع.

وقال أبو عمرو : الهَوْجل : الأرضُ التي لا نَبْتَ فيها.

وقال ابنُ مُقْبِل :

وجَرْداءُ خَوْقاءُ المسارحِ هَوْجَلٌ

بها لاسْتِداءِ الشَّعْشَعاناتِ مَسْبَحُ

أبو بكر ، سمِعتُ شمراً يقول : قال ابن الأعرابيّ : الهَوْجل : المَفازة الذاهبةُ في سَيْرِها ، والهَوْجل : الرّجل الذاهِبُ في حُمْقه ، والهَوْجل : النّاقةُ السَّريعةُ الذاهبة في سيرها. قال : وهو كلّه واحد ، ولكن لا يُحسِنون.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الهاجِل : النائم ، والهاجل : الكثير السَّفَر.

أبو عبيد ، عن أبي زيد : هَجَّلْتُ بالرّجل تَهجيلاً ، وسَمَّعْتُ به تَسْمِيعاً : إذا أسْمَعه القبيحَ وشَتَمه.

وقال ابنُ بُزْرُج : لا تَهْجَلَنَ في أَعراض الناس : أي لا تَقَعَنَّ فيهم والهَجُول : البَغِيُّ من النِّساء.

وقال أبو عمرو : الهَجول : الفاجرة ، وامرأةٌ مُهْجَلة : وهي التي أُفْضِيَ قُبُلُها ودُبُرُها.

وقال الشاعر :

ما كان أَهْلاً أَن يُكَذِّب مَنطقِي

سعدُ بن مُهْجَلة العِجان فَلِيقِ

٣٥

وجاء في الحديث : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخَذَ قَصَبَةً فَهَجَل بها : أي رَمى به.

قلت : لا أعرف هَجَل بمعنى رمى ، ولكن يقال : نجل وزجل بالشيء : رمى به.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : هَوْجَل الرجلُ : إذا نامَ نَوْمةً خفيفة.

وأنشد :

إلا بَقايا هَوجَلِ النُّعاسِ*

قال : وهَجَلَت المرأةُ بعينِها ورَمَشَتْ وغَيَّقَتْ ورَأْرَأَتْ : إذا أَدراتْها بغَمْز الرَّجُل.

هلج : قال الليث : الهَلِيلَج : معروفٌ من الأدوية.

ورَوى أبو عبيد عن الأحمر : هي الأهْلِيلَجَة ، ولا نقل هَلِيلَجَة ، وكذلك قال الفرّاء.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الهالِج : الكثير الأحلام بلا تَحْصيل.

وقال أبو زيد : هَلَجَ يَهلِجُ هَلْجاً ، إذا أَخَبَرَ بما لا يُؤْمَن به ، والهَلْجُ في النَّوْم أيضاً : الأضْغاث.

لهج : قال الليث : لَهِجَ فلانٌ بكذا وكذا : إذا أُولع به ، ولَهِجَ الفصيلُ بِأُمِّه يَلهج : إذا اعتادَ رضاعها ، وهو فَصِيلٌ لاهِجٌ.

أبو الهَيْثم : فَصيل داغِل ولاهِج. بأُمِّه.

وقال الليث : أَلْهجْتُ الفصِيلَ : إذا جعلْتَ في فِيه خِلالاً فشَددتَه لئلَّا يَصِل إلى الرّضاع.

وأنشد :

يَرَى بِسَفَى البُهْمَى أَخِلَّةَ مُلْهِجِ *

قلت : المُلهج هاهنا : الرّاعي الذي هاجَت فِصَالُ إبِلِه بأمهاتها فاحتاج إلى تفليكها وإجْرارِها : يقال : أَلْهجَ الرّاعي وصاحِبُ الإبِل فهو مُلهج : إذا لَهِجَت فصالُه ، والتَّفليك : أن يَجعل الراعي من الهُلْب مِثلَ فَلْكة المِغْزَل ، ثم يَثقُب لسانَ الفصِيل فيَجعله فيه لئلّا يَرضَع ، والإجْرار : أن يشُقَّ لسانَ الفصيل لئلَّا يرضَع ، وهو البَذْج أيضاً.

وأمَّا الخَلّ ، فهو أَنْ يأخذَ خِلَالاً فيُلزقَه بأَنْفِ الفصِيل طُولاً ، فإذا ذهب يرضع خِلْفَ أمِّه أَوْجَعَها طرَف الخِلَال فزَبَنَتْهُ عن ضرْعِها. ولا يقال : أَلْهجْتُ الفصِيلَ ، إنما يقال : ألهج الرّاعي : إذا لهِجَتْ فصالُه ، وبيتُ الشمّاخ حُجَّةٌ لِما وَصَفناه ، وهو قوله :

رَعَى بأرضَ الوَسْمِيّ حتى كأَنما

يَرى بسَفَى البُهْمَى أَخِلَّةَ مُلْهِجِ

هكذا أَنشدنِيه المنذريّ ، وذَكَرَ أنّهُ عَرَضَه على أبي الهيثم قال : والمُلهج : الذي لَهجَتْ فصالُه بالرّضاع. يقول الشمّاخ : رَعَى هذا العَيْرَ بأَرْض الوَسْمِيّ ، أوَّلَ ما نَبَت إلى أنْ يبِسَ سَفَا ذلك البارِض ، فكرهه ليُبْسه ، وشبَّه شوكَ السَّفا عند يُبْسِه بالأخِلَّة التي تُلْزَق بأنوف الفِصال. وفسّر الأصمعي لي رواية الباهليّ البيتَ على ما وَصفْتُه وبَيَّنَته.

وقال الليث : اللهْجَة يقال : طرَف اللّسان ، ويقال : جَرْس الكلام ، يقال : فلانٌ فَصِيحُ اللهْجة واللهَجَة ، وهي لُغَتُه التي جُبِل عليها فاعتادها ونَشَأَ عليها ، ويقال : فلانٌ مُلهِجٌ بهذا الأمر ، أي مُولَع به.

٣٦

ومنه قول العجاج :

رأساً بتَهْضَاضِ الرؤوس مُلهِجَا*

قال : ولَهْوَجْتُ اللَّحْمَ : إذا لم تُنْعِم شَيَّه ، وأمْرٌ مُلَهْوَج : إذا لمْ تُحكِمْه.

ومنه قولُ العجاج :

والأمْرُ ما رامَقْتَه مُلَهْوَجاً

يُضويكَ ما لمْ تُحْيِي منه مُنْضَجا

ابن السكيت : طعامٌ مُلَهْوَج ومُلَغْوَس.

وهو الذي لم يَنْضَج. وأنشد :

خيرُ الشِّوَاء الطيِّبُ المُلَهْوَجُ

قد هَمَّ بالنُّضْج ولمّا يَنضَج

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : إذا خَثُر اللّبن حتى يختلط بعضُه ببعض ، ولم تَتمّ خُثُورَتُه ، فهو مُلْهاجُ ، وكذلك كلُّ مختلِط بعضُه ببعض ولم تتم خُثورَته فهو مُلْهاجٌ ، وكذلك كلُّ مختلِط يقال : رأيتُ أمرَ بني فلانٍ مُلْهاجّاً ، وأيقَظَني حين الهاجَّتْ عَيْني : أي حينَ اختَلَط بها النُّعاس.

أبو عبيد عن الأمويّ : لَهَجْتُ القومَ : إذا علّلتَهم قبلَ الغَداء بِلُهْنَة يتعلّلون بها ، وهي اللُّهْجة والسُّلْفة والمَجَّة ، وقد قاله أبو عمرو أيضاً. قال : وتقول العربُ سَلِّفوا ضيفَكم ولَمِّجُوه ولَهِّجوه ولمِّكُوه وغَسِّلوه وشَمِّجوه وغَبِّروه وسَفِّكوه ونَشِّلوه وسَوِّدوه ، بمعنًى واحد.

جهل : قال الليث : الجهل : نقيضُ العِلْم : تقول : جَهِل فلانٌ حَقَّ فلان ، وجَهِل فلانٌ عليَّ وجَهل بهذا الأمر ، قال : والجَهالة : أن يَفعل فعلاً بغير علم ، وقال ابن أحمر يصف قدوراً تغلي :

ودُهْمٍ تُصادِيها الولائِدُ جِلّةٍ

إذا جَهِلَتْ أجوافُها لم تَحَلَّم

يقول : إذا فارت لم تَسْكُن. والجاهليّة الجَهْلاء : زمانُ الفَتْرة ولا إسلام.

وقال غيره : أرضٌ مجهولة لا أعلام بها ، وكذلك المَجهَل من الأرض ، وجمعُه المَجاهِل.

شمر عن ابن شميل : الأرضُ المجهولة : التي لا يُهتَدى بها : لا أعلامَ بها ولا جبال ، وإذا كانت بها معارفُ أعلام فليست بمجهولة ، يقال : علوْنا أرضاً مَجهولةً ومَجْهَلا ، سواء ، وأنشدنا :

قلتُ لصحراءَ خلاءِ مَجْهَلِ

تَغَوَّلي ما شئتِ أن تَغَوَّلي

قال : ويقال : مجهولةٌ ومجهولاتٌ ومجَاهِيلُ.

وقال غيره : ناقةٌ مجهولة : لم تُحلَب قطّ ، وناقةٌ مجهولة ، إذا كانت غَفْلاً لاسِمة عليها.

ابن شميل : إنَّ فلاناً لجاهل مِن فلان : أي جاهل به.

رُوِيَ عن ابن عباس أنه قال : من استجهل مؤمناً فعليه إثمه.

قال شمر : قال ابن المبارَك : يريدُ بقوله : من استَجهل مؤمناً ، أي حَمَله على شيء ليس من خُلُقه فيُغضِبه ، قال : وجَهْلُه أرجو أن يكون موضوعاً عنه ، ويكون على من استجهَله.

قال شمر : والمعروف في كلام العَرَب جهلتُ الشيءَ ، إذا لم تَعرفه. تقول : مِثلي

٣٧

لا يَجهَل مِثلَك. قال : وجهَّلتُه : نسبتُه إلى الجَهْل ، واستجهَلْتُه : وجدتُه جاهلاً ، وأجهلْتُه : جعلتُه جاهلاً ، قال : وأمّا الاستجهال بمعنى الحَمْل على الجَهْل فمنه مَثَل للعرب : نَزْوُ الفُرارِ استَجْهَلَ الفُرَارَ.

وقول الله جلّ وعزّ : (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) [البَقَرَة : ٢٧٣] ، لم يرد الجهل الّذي هو ضدّ العقل ، وإنما أراد الجهلَ الذي هو ضدّ الخبْرة. أراد يَحْسَبُهم مَن لم يَخْبُر أمْرَهُم ، وقال الطّرمّاح :

مُخْلِفُ الطُّرَّاق مجهولةٌ

محدِثٌ بعدَ طِراقٍ لُؤام

أي لم تقبل ماء الطَّرْقِ ، ثمّ أَحْدَثَتْ لقاحاً بعد طِراق لؤام.

جله : قال الليث : الجَلَه : أشدُّ من الجَلَح.

وقال أبو عبيد : الأنْزَعُ : الذي انحَسَر الشَّعر عن جانِبي جَبْهته ، فإذا زاد قليلاً فهو أجْلَح ، فإذا بلغ النِّصف ونحوَه فهو أجْلَى ، ثم هو أَجْلَه ، وأنشد :

لمّا رأَتْني خَلَق المُمَوَّهِ

بَرّاق أَصْلادِ الجَبِين الأجْلَهِ

أبو عبيد عن الأصمعي : الجَلْهَة : ما استقبلك من حَرْفَي الوادِي ، وجمعُها جِلاه ، قال لبيد :

فَعَلا فُروعَ الأَيْهَقَانِ وأَطْفَلتْ

بالجَلْهَتَين ظِباؤُها ونَعامُها

وقال ابن السكيت : الجَلِيهَة : الموضع تَجْلَهُ حَصاه : أي تُنحِّيه ، يقال : جَلَهْت عن هذا المكان الحَصَا.

وقال الليث : الجَلْهتان : جَنْبَتا الوادي إذا كان فيهما صلابة.

وقال شمر : قال أبو عمرو وابن الأعرابيّ : الجَلْهتان : جانِبَا الوادي.

وقال ابن شميل : الجَلْهَة : نَجَواتٌ من بَطْن الوادي أَشرفن على المَسِيل ، فإذا مَدَّ الوادي لَم يَعْلُها الماء.

ه ج ن

هجن ، جنه ، جهن ، نهج ، نجه : مستعملة.

هجن : قال الليث : الهاجنُ : العَناق التي تَحمِل قبل أن تَبلُغ وقتَ السِّفاد ، والجميع الهَواجِن ، ولم أسمع له فِعْلاً.

وقال ابن شميل : الهاجِن : القَلُوص يَضرِبها الجَمَل وهي ابنةُ لَبون فَتَلْقَح وتنتج وهي حِقَّة ، ولا تفعل ذلك إلّا في سَنة مُخصِبة ، فتلك الهاجِن ، وقد هَجَنَتْ تَهْجُن هِجاناً ، وقد أهجَنَها الجَمَل : إذا ضَرَبها ، وأنشد :

ابنُوا على ذِي صِهْرِكُم وأحسِنُوا

أَلَم تَرَوا صُغْرَى القِلاصِ تهجُنُ؟

قاله رجلٌ لأهل امرأته واعتلّوا عليه بصِغَرها عن الوَطْء ، وقال :

هَجَنَتْ بأكبَرِهم ولمّا تُقْطَبِ*

يقال : قُطِبت الجاريةُ : أي خُفِضت.

أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ : إذا حَمَلت النخلةُ وهي صغيرةٌ فهي المهْجِنَة.

قال شمر : وكذلك الهاجن ، ومِثله مَثلٌ للعَرَب : «جَلَتِ الهاجِنُ عن الوَلَد» ، أي صَغُرت ، يُضرَب مَثَلا للصّغير يتزيّن بزينة الكبير. ويقال للجارية الصغيرة : هاجن ،

٣٨

وقد اهتُجِنَتْ الجاريةُ ، إذا افْتُرِعَت قبلَ أوانها.

وقال الليث : الهِجَان من الإبل : البِيضُ الكِرامُ ، ناقةٌ هِجان وبعيرٌ هِجان ، ويُجمَع على الهَجائن. قال : وأرضٌ هِجَان ، إذا كانت تُرْبَتُها بَيضاءَ ، وأنشد :

بأرض هِجانِ التّرْبِ وَسْمِيَّةِ الثّرى

عَذَاةٍ نأتْ عنها المُؤُوجَةُ والبَحْرُ

ويقال للقوم الكِرام : إنهم لَمِن سَراة الهِجَان ، وقال الشمّاخ :

ومِثْلُ سَراةِ قومك لم يُجارَوْا

إلى الرُّبَع الهِجَانِ ولا الثَّمِين

وأُخبرتُ عن أبي الهيثم ، أنه قال : الروايةُ الصحيحة في هذا البيتِ :

إلى رُبُع الرِّهان ولا الثَّمين*

يقول : لم يُجارَوْا إلى رُبْع رِهانهم ولا ثُمُنه. قال : والرِّهان : الغايةُ التي يُستَبق إليها. يقول : مِثل سَراةِ قومِك لم يُجارَوْا إلى رُبُع غايتِهم التي بلغوها ونالُوها من المَجْد والشرف ، ولا إلى ثُمُنها.

ابن بُزُرج : غِلْمةٌ أُهَيْجِنة ، وذلك أنّ أَهلَهم أَهجَنوا : أي زَوَّجوهم صِغاراً ، يزوَّج الغلامُ الصغيرُ الجاريةَ الصغيرة ، فيقال :

أَهجَنَهُمْ أَهْلُهُم ، وأهجَنَ الرجلُ : إذا كَثُر هِجانُ إبلِه ، وهي كرامها ، وقال في قوله :

حَرْفٌ أخُوها أَبُوها من مُهَجَّنةٍ*

قال : أراد بمهجَّنة أنها ممنوعةٌ من فُحول الناس إلَّا من فحولِ تلادِها لعِتْقِها وكرمها قال : والهاجِنُ على مَيْسورها ابنةُ الحِقَّة ، والهاجن على مَعْسورها : ابنة اللّبُون ، وناقةٌ مُهَجَّنة : وهي المعتَسِرة.

وقال أبو زيد : امرأة هِجَان ، من نِسوة هِجائن : وهي الكريمةُ الحَسَب التي لم يُعرق فيها الإماء تعريقاً. والهِجان من الإبل : الناقة الأدْماء : وهي الخالصة اللّون والعِتْق ، من نوق هِجان وهُجْن.

وقال أبو الهَيْثَم في قوله :

هذا جَناي وهِجانُه فيه*

قال : الهجانُ : البيض ، وهو أحسنُ البياض وأعتَقُه في الإبل والرجال والنساء ، ويقال : خيار كل شيء هِجانُه ، وإنما أُخذ ذلك من الإبل ، وأصل الهِجان البيض ، وكلّ هجان أبيض وأنشد :

وإذا قيلَ : مَن هِجانُ قُريش؟

كنت أنتَ الفَتَى وَأنتَ الهِجانُ

قال : والعَرَبَ تَعُدُّ البياضَ من الألوان هِجاناً وكَرَماً : وأمّا الهَجِين فإنّ اللّيث قال : الهَجِين : ابن العربيّ من الأَمَة الراعية التي لا تُحَصَّن ، فإذا حُصِّنت فليس الولدُ بهَجِين ، والجميع الهُجَناء والمهَاجِنَة ، والفعلُ هَجُنَ يَهجُن هَجانةً وهُجْنة.

قال : والهُجْنة في الكلام ما يَلزَمُك منه العيبُ ، تقول : لا تفعلْ كذا فيكون عليك هُجْنَة.

وقال أبو زيد : رجُلٌ هَجِين بيِّن الهُجونة من قوم هُجَناء وهُجْن ، وامرأةٌ هِجانٌ : أي كريمةٌ وتكون البيضاءَ من نِسْوةٍ هُجْن بيِّنات الهَجانة.

٣٩

أبو عُبَيد عن الأمويّ ، الهَجين : الذي ولدتْه أمَةٌ.

وقال أبو الهَيْثم : الهَجين الذي أبوه عربيّ وأُمّه أَمَة ، والهَجِينُ من الخيل : الذي ولدتْه بِرْذَوْنة من حِصَان عربيّ ، وخيلٌ هُجْن.

وأخبرَني المنذريّ عن أبي العباس أنه قال : الهَجِينُ : الذي أبوه خيْرٌ من أمّه.

قلت : وهذا هو الصحيح.

وَرَوَى الرواة أن رَوْح بن زِنباع كان تزوج هندَ بنت النعمان بن بشير ، فقالت وكانت شاعرة :

وهلْ هِنْدُ إلّا مُهْرَةٌ عرَبِيّةٌ

سَليلةُ أفراسٍ تَجلَّلهَا بَغْلُ

فإِنْ نُتِجَتْ مُهْراً نَجِيباً فبالْحَرَى

وإن يكُ إقْرافٌ فَمِن قِبَلِ الفَحْلِ

والإقرافُ : مُدَاناةُ الهُجْنه من قِبل الأب.

وقال المبرِّد : قيل لوَلَد العربيّ من غير العربيّة : هَجِين ؛ لأنَّ الغالب على ألوان العرب الأُدْمة ، وكانت العربُ تُسمِّي العَجَم : الحمراء ورقابَ المَزاوِد ؛ لِغلبة البياض على ألوانهم ، ويقولون لمن علا لونَه البياضُ أحمَر ، ولذلك قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعائشة : يا حُميراء ؛ لغَلَبة البياض على لَوْنها. وقال عليه‌السلام : «بُعثْتُ إلى الأسْود والأحْمَر»، فاسوَدهم : العرب ، وأحمرهم : العجم ، وقالت العرب لأولادها من العجميات اللائي يغلب ألوانَهن البياض : هُجْنٌ وهُجَناء ؛ لغلبة البياض على ألوانهم ، وإشباههم أمّهاتهم.

والهجانة : البياض ، ومنه قيل : إبل هجان : أي بيض ، وهي أكرمُ الإبل ، وقال لبيد :

كأنّ هِجانَها مُتأبِّضات

وفي الأقران أَصوِرةُ الرّغامِ

متأبِّضات : معقولات بالإباض ، وهو العِقال.

وقال غيره : الهاجِن : الزّند الذي لا يُورِي بقَدْحةٍ واحدة ، يقال : هَجَنَتْ زندةُ فلان وإنّ لها لَهُجْنة شديدة ، وقال بشر :

لَعَمْرُك لو كانت زِنادُك هُجْنةً

لأوْرَيتَ إذْ خَدّي لِخَدِّكَ ضارعُ

وقال آخر :

مُهاجِنةٌ مُغالِثةُ الزِّناد*

وقال أبو الهيثم في قول كعب بن زهير :

حَرْفٌ أخوها أبُوها من مُهجَّنَةٍ

وعَمُّها خالُها قَوْدَاءُ شِمْليلُ

هذه ناقةٌ ضربَها أبوها ليس أخوها ، فجاءت بذَكَر ، ثمّ ضربها ثانيةً فجاءت بذكَر آخر ، فالوَلدان ابناها لأنهما وُلِدا منها وهما أخواها أيضاً لأبيها لأنهما وَلدا أبِيها ، ثمّ ضَرَب أحدُ الأخَوَين الأم فجاءت الأم بهذه الناقة وهي الحَرْف فأَبُوها أخُوها لأبيها لأنه وُلِد من أمِّها والأخ الآخر الذي لم يَضرِب عمُّها لأنهُ أخو أبيها ، وهو خالُها لأنه أخو أمِّها لأبيها لأنّه من أبيها ، وأبوه نزَا على أمه.

وقال ثعلب : أنشَدَني أبو نصر عن الأصمعي بيتَ كعب ، وقال في تفسيره : إنها ناقة كريمة مداخلة النَّسب لشَرَفها.

٤٠