تهذيب اللغة - ج ٦

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٦

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٢

مُهايَطة ومُمايَطة ومغايطة ومُشايطة : كلامٌ مختلف في «نوادر الأعرابيّ».

وقال ابن الأعرابيّ : الهائط : الذاهب ، والمائط : الجائي.

ويقال : هاطاه ، إذا اسْتَضْعَفَه.

باب الهاء والدال

[هد (وايء)]

هدى ، هدأ ، دها ، (دهي ، دهو) دها ، هاد ، وهد ، وده ، دهدى.

هدى : قال الليث : الهُدَى : نقيض الضلالة.

ويقال : هُدِيَ فاهْتَدَى.

وقال الزجاج في قول الله جلّ وعزّ : (قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ) [يُونس : ٣٥] يقال : هَدَيْتُ إلى الحق ، وهدَيْتُ للحق ، بمعنًى واحد ؛ لأن هَدَيْتُ يتعدّى إلى المَهْدِيِّين ، والحق يتعدَّى بحرف جرّ ، المعنى الله يَهدِي من يشاء إلى الحق.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الهُدَى : البَيان ، والهُدَى : إخراج شيء إلى شيء ، والهُدَى أيضاً : الطاعة والوَرَع. والهُدَى الهادي في قوله جلّ وعزّ : (أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) [طه : ١٠] أي هادِياً.

قلت والطريقُ يسمَّى هُدًى ، ومنه قولُ الشماخ :

وقد وَكَّلَتْ بالهُدَى إنسانَ ساهِمَةٍ

كأنه من تمَامِ الظِّمْءِ مَسْمولُ

وقال الفرّاء في قول الله جلّ وعزّ : (أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى) [يونس : ٣٥] يقول : تعبدون ما لا يَقدِرَ على أن ينتقل من مكانه إلا أن تنقلُوه.

وقال الزجاج : قرىء : (أم من لا يَهْدْي) بإسكان الهاء والدال.

قال : وهذه قراءة مَرْوية ، وهي شاذة.

قال : وقراءة أبي عمرو : (أمن لا يهَدى) بفتح الهاء ، والأصل : يَهتَدي ، وقراءة عاصم (أَمَّنْ لا يَهِدِّي) بكسر الهاء بمعنى يَهتَدي أيضاً ، ومن قرأ (أمّن لا يَهْدي) خفيفة فمعناه يَهتَدي أيضاً. يقال : هَدَيْتُه فَهَدِي ، أي اهتَدَى.

وقال قتادة في قوله جلّ وعزّ : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) [فُصّلَت : ١٧] أي بَيَّنا لهم طريقَ الهُدَى وطريق الضلالة ، (فَاسْتَحَبُّوا) ، أي آثروا الضلالة (عَلَى الْهُدى). وقوله جلّ وعزّ (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَ هَدى) [طه : ٥٠] قال : معناه خَلَقَ كلَّ شيء على الهيئة التي بها يَنتَفِع والتي هي أصلح الخَلْق له ، ثم هداه لمعيشته ، وقد قيل : ثم هداه لموضع ما يكون منه الوَلَد ، والأول أبيَن وأوضح.

وقال الأصمعيّ : هداه يَهْدِيه في الدين هُدًى ، وهَداه يَهْدِيه هِدايةً ، إذا دَلَّه على الطريق ، وهَدَيْتُ العَروسَ فأنا أهْدِيها هِداءً وأَهْدَيْتُ الهَدِيَّةَ إهداءً ، وأَهْدَيْتُ الهَدْيَ إلى بيت الله إهداءً ، والهَدْي خفيف ، وعليه هَدْيةٌ ، أي بَدَنةٌ.

وقال ابن السكيت : الهَدِيّ : الرجلُ ذو الحُرْمة ، وهو أن يأتي القومَ يستجيرُهم أو يأخذُ منهم عَهداً ، فهو هَدِيّ ما لم يُجَر أو يأخذ العَهْد ، فإذا أَخَذ العهدَ أو أُجِير فهو حينئذٍ جارٌ. وقال زُهير :

فلَم أَرَ معشَراً أسَرُوا هَدِيّاً

ولم أَرَ جارَ بَيْتٍ يُستباءُ

٢٠١

وقال عنترة في قِرْوَاشٍ :

هَدِيُّكُم خيرٌ أبَا من أبيكُم

أبرُّ وأَوْفَى بالجِوار وأَحْمَدُ

أبو الهيثم لابن بزرج : أَهدَى الرجلُ امرأتَه : جَمَعها إليه وضَمّها.

وقال أبو عبيد : يقال للأسير أيضاً : الهَدِيُ ، وقال المتلمِّس :

كطُرَيْفه بن العَبْد كان هَدِيَّهم

ضَرَبوا صَميمَ قَذالِه بمُهنَّدِ

قال : وأظنّ المرأة إنما سميت هدِيّاً لهذا المعنى ، لأنها كالأسيرة عند زوجها ، وقال عنترة :

ألا يا دار عَبلة بالطَّوِيِ

كرَجْع الوَشْم في كفِ الهَدِيّ

قال : وقد يجوز أن تكون سُمِّيتْ هدِيّاً ؛ لأنها تُهدَى إلى زوجها ، فهي هَدِيّ فَعِيل في معنى مفعول.

وقال أبو زيد في باب الهاء والفاء : يقال للرّجل إذا حَدَّث بحديث فعَدَل عنه قبل أن يفرغ إلى غيره : خُذْ عني هِدْيَتِك وقِدْيَتِك أي خُذْ فيما كنت فيه ولا تَعدِل عنه. كذا أخبَرَني أبو بكر عن شمِر ، وقيَّده في كتابه المسموع من شمِر : خُذْ في هِدْيَتِك وقِدْيَتِك ، أي خذ فيما كنتَ فيه بالقاف.

وقال الأصمعي : يقال : نَظَر فلانٌ هِدْيَة أمره ، أي جِهة أمره ، ويقال : هَدَيْتُ به أي قَصَدْتُ به.

ويقال : ما أشبَه هَدْيَه بَهْدِي فلان ، أي سَمْتَه. وتركَهُ على مُهَيْدِيته ، أي على حاله.

وقال شمر : قال الفراء : يقال : هدَيتُ هَدْيَ فلان ، إذا سِرتَ سِيرته.

وفي الحديث : «اهْدُوا هَدْيَ عمّار».

وقال أبو عَدنان : فلان حَسَن الهَدْي ، وهو حُسن المَذْهب في أموره كلِّها. وقال زيادُ ابن زيد العدوِيّ :

ويُخبِرُني عن غائبِ المرءِ هَدْيُه

كَفَى الهَدْيُ عمّا غَيّبَ المرءُ مُخْبِراً

وفلانٌ يذهبُ على هِدْيَتِه ، أي على قَصْدِه ، وأقرأنِي ابنُ الأعرابي لعمرو بنُ أحمر الباهليّ :

نَبَذَ الجُؤارَ وضَلَ هِدْيَةَ رَوْقِه

لمّا اخْتَلسْتُ فؤادَه بالمِطْرَدِ

أي تَرَك وَجْهَه الذي كان يريده ، وسَقَط لمّا أن صَرَعتُه.

وقال الأصمعيّ وأبو عمرو : ضلَّ الموضعَ الذي كان يَقصِد له برَوْقِه من الدَّهَش.

وقال الفرّاء : يقال ليس لهذا الأمر هِدْيَةٌ ، ولا قِبْلة ، ولا دِبْرَة ولا وِجْهَة.

أبو عُبيد عن أبي زيد : لك عندي مِثلها هُدَيَّاها.

شمِر ، قال ابن شميل : اسْتَبَق رَجلان ، فلمَّا سبَق أحدُهما صاحبَه تَبالحَا ، فقال المسبوق ؛ لَمْ تَسْبِقْني ، فقال له السابق : فأَنت على هُدَيّاها ، أي أعاوِدُك ثانيةً ، وأنت على بُدْأَتِك ، أي أعاوِدُك.

قال شمر : تَبَالحَا أي ، تَجاحَدا.

٢٠٢

وفي حديث ابن مسعود : إنّ أحسنَ الهدْيِ هَدْيُ محمد ، أي أحسنَ الطريق والهِداية والطريقة والنحو والهيئة.

وفي حديثه : كنّا ننظرُ إلى هَدْيه ودَلِّه.

قال أبو عبيد : وأحدُهما قريبُ المعنى من الآخر ، وقال عمران بن حطان :

وما كان في هَدْي عَلَيَّ غَضاضةٌ

وما كنتُ من مَخْزاتِه أَتَقَنَّعُ

وقال الليث وغيرُه فيما يُهدَى إلى مكَّة من النَّعَم وغيرِه من مالٍ أو متاعٍ فهو هَدِيٌ وهَدْيٌ ، وقُرِىء بالوجهين.

والهِداء : الرَّجل البَليد الضعيف. وجمع الهَدِيَّة هدايا ، ولُغة أهلِ المدينة : هدَاوَى والهَدْيُ السُّكون. قال الأخْطَل :

وما هدَى هَدْيَ مَهزومٍ وما نَكَلا*

يقول : لمْ يُسرِع إسراعَ المنْهزِم ، ولكن على سكونٍ وحُسْن هدْي.

وقال أبو زيد : الهدَاوَى لُغةُ عُلْيا مَعَدّ وسُفْلاها الهدايا.

أبو بكر : رجلٌ هِداء وهِدان للثقيل الوَخم.

قال الأصمعيّ : لا أَدْري أيهما سمعتُ أكثر. قال الراعي :

هِداءٌ أخُو وَطْبٍ وصاحبُ عُلْبَةٍ

يَرى المجدَ أن يَلقَى خِلَاء وأمْرُعا

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه خرج في مَرَضه يُهادَى بين اثنين.

قال أبو عبيد : معناه أنّه كان يَعتمد عليهما من ضَعفه وتمايُله. وكذلك كلُّ من فَعل ذلك بأَحدٍ فهو يُهاديه. وقال ذو الرمة يصف نساءً يُهادِين جاريةً ناعمةً :

يُهادِين جَمّاء المرافِق وَعْثَةً

كَلِيلةَ حَجم الكَعب رَيّا المخلْخَلِ

فإذا فعلتْ ذلك المرأةُ فتمايلتْ في مشيها من غير أن يُماشيها أحد ، قيل : هي تَهادَى. قاله الأصمعيّ : قال الأعشى :

إذا ما تَأَتَّى تريد القيامَ

تَهادَى كما قد رأيتَ البَهِيرا

وقال أبو ذؤيب :

فما فَضْلَةٌ من أَذْرِعاتٍ هوَتْ بها

مُذكَّرَةٌ عَنْسٌ كهادية الضَّحْلِ

أراد بهاديةِ الضَّحل أتان الضَّحْل ، وهي الصخرة الملساء.

ويقال : هو يُهاديه الشِّعْرَ ويُهاجِيه الشِّعر ، بمعنًى واحد.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه بَعَثَ إلى ضُباعَة وذَبَحت شاةً فطَلَب منها ، فقالت : ما بقِي إلّا الرَّقبة ، فبَعث إليها أنْ أرسِلِي بها ، فإِنها هاديةُ الشاة.

قال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : الهادية من كلّ شيء أوّله وما تقدَّم منه. ولهذا قيل : أقبلَت هَوادِي الخَيل ، إذا بَدَت أعناقُها ، لأنها أوَّل شيء من أجسادها وقد تكون الهوادي أوّلَ رَعِيل يطلعُ منها ، لأنها المتقدّمة.

يقال : قد هَدَت تَهْدِي ، إذا تقدَّمَت. وقال عَبيد يذكرُ الخَيل :

وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفَارَ عَوَابساً

يَهدِي أوائِلَهُنَّ شُعْثٌ شُرَّبُ

٢٠٣

أي يتقدّمهنّ ، وقال الأعشى وذَكر عَشاهُ وأنّ عصاه تَهديه :

إذا كان هادِي الفتى في البلا

دِ صدْرَ القَناةِ أَطاعَ الأمِيرا

فقد يكون إنّما سَمَّى العَصا هادياً ؛ لأنه يُمسكُها فهِي تَهدِيه ؛ تَتقدَّمه ، وقد يكون من الهداية ، لأنها تدلّه على الطريق ، وكذلك الدليل يسمّى هادِياً ؛ لأنّه يتقدّم القومَ ويَتبعونه ويكون أن يَهديَهم للطريق.

وقال الليث : لُغَةُ أهلِ الغَوْر في معنى بَيَّنتُ لك : هدَيتُ لك. وقوله جلّ وعزّ : (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) [طه : ١٢٨] : نبيِّن بهم.

وهادِياتُ الوَحْش : أوائلها ، وهي هَوادِيها.

ويقال : فَعَلَ به هُدَيّاها أي مثلَها.

ويقال : أهدَى وهدَّى ، بمعنًى واحد. ومنه قولُ الشاعر :

أقولُ لها هَدِّي ولا تَذْخَرِي لحمِي

والعرب تسمِّي الإبلَ هَدِيّاً ، يقولون : كم هَدِيُ بني فلان أي كم إبِلُهم ، سُمِّيَتْ هَدِيّاً لأنها تُهدَى إلى البيت.

وجاء في حديث فيه ذكر السّنَة والْجَدب هَلك الهدِيُ ، ومات الوَدِيّ ، أي هلكَت الإبلُ ويَبِسَ النَّخْل ، وامرأةٌ مِهداءٌ بالمدّ ، إذا كانت تُهْدِي لجاراتها وأما المِهدَى بالقَصْر ، فهو الطَّبق الذي يُهدَى عليه.

وقال المؤرِّج : هاداني فلانٌ الشِّعرَ وهادَيتُه ، أي هاجاني وهاجَيْتُه.

والهاديَة : الصخرة الناتئة في الماء. وقال أبو ذؤيب :

مذكَّرة عنسٌ كهادِية الضَّحْلِ*

هدأ : قال الليث وغيرُه : الهَدَأ مصدَرُ الأهدأ ، رجلٌ أَهْدَأ وامرأة هَدْآء ، وذلك أن يكون مَنكبُه منخفضاً مستوياً ، أو يكون مائلاً نحوَ الصَّدْر ـ غيرَ منتصب ، يقال منكِبٌ أَهْدَأ.

وقال الأصمعي : رجل أهدأ ، إذا كان فيه انحناء ، وأنشد في صفة الرّاعي :

أَهْدَأُ يَمشي مِشْيةَ الظليمِ

وقال أبو زيد : هَدَأ الرجلُ هدوءاً ، إذا سَكَن.

وأخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم قال : يقال : نظرتُ إلى هَدئه بالهَمْز ، وهديه ، قال : وإنما أسقطوا الهمزَة فجعلوا مكانها الياء ، وأصلُها الهمز ، من هدَأَ يَهْدَأ ، إذا سكن. قال : وهَدِئَ وهتِئَ ، إذا انحنى.

وقال اللحيانيّ : أتيتُه بعد هَدْءٍ من الليل ، وَهَدْأةٍ هدِىءٍ ـ على فعيل ـ وهُدُوء على فعُول.

غيرُه : أهدأَت المرأةُ صبيَّها ، إذا قارَبته وسكَّنته لينام ، فهو مُهْدَأٌ.

وأنشد أبو الهيثم :

شَئِزٌ جَنْبِي كأني مَهْدَأُ

ألصق القَينُ على الدّفّ الإبر

قال : سمعت ابن الأعرابي يرويه : مُهْدَأ وهو الصبيُّ المعَلَّل لينام ، ورواه غيرُه : كأني مَهْدَأ ، أي بعد هَدْءٍ من الليل.

وده : أبو عبيد عن الفراء : استودَهت الإبلُ واستَيْدَهَتْ ـ بالواو والياء ـ إذا اجتمعت ،

٢٠٤

وانساقت ، ومنه استيداهُ الخصم ، إذا غُلِب فانقاد ، ويقال : استَوْدَهَ الخصمُ.

وأنشد الأصمعيّ لأبي نُخَيلَة :

حتى اتلأبُّوا بعد مَا تبدُّدِ

واستَيْدَهوا للقَرَب العَطَوَّدِ

أي انقادوا وذَلُّوا ، وهذا مَثل.

وقال ابن السكيت : استَوْدَهَ الخصمُ واستتَيْده ، إذا غُلِب ومُلك عليه أَمرُه.

وقال غيره : استيده الأمرُ ، واستنده وايْتَدَه ، وانْتَدَه إذا اتلأبَّ : وفي «النوادر» : والوَدْهاء : الحسَنة اللون في بياض.

دها : قال الليث : الدَّهْيُ والدَّهْوُ : لغتان في الدَّهاء. ويقال : دهوتُه ودهَيتُه فهو مَدْهُوٌّ ، ومدهِيٌ ، ودهيته ودهوته ، نَسَبتُه إلى الدَّهاء ، ورجل داهيةٌ ، أي مُنْكَرٌ بصيرٌ بالأمور. وتدهَّى الرجُل : فعل فعلَ الدُّهاة والمصدر الدَّهاء. وكذلك كلُّ ما أصابك من مُنكَر من وجه المأْمَن ، تقول : دُهِيتُ ، وكذلك إذا خُتِلْتَ عن أمرٍ والدَّهياء هي الداهية من شدائد الدهر وأنشد :

وأخو محافظَة إذا نزلتْ به

دَهياءُ داهيةٌ من الأزْمِ

ابن بُزرج : دَهِي الرجُل ودَهَى وهو يدْهَى ويدهو ، كلُّ ذلك للرّجل الداهية.

قال العجّاج :

وبالدَّهاء يُخْتَلُ المدْهِيُ

وقال :

لا يعرفون الدَّهْيَ من دهائها

أو يأخذ الأرض على مِيدائها

ويروى :

... الدَّهْوَ من دَهائها

ويقال : غَرْبٌ دَهيٌ ، أي ضخم.

قال الراجز :

الغَرْبُ دَهْيٌ غَلْفَقٌ كبيرُ

والحوضُ من هَوْذَلِه يَفُور

هَوْذَلِه : صَبُّه.

وقال ابن السكيت : يقال من الدهاء داهيةٌ دَهياء ، وداهية دَهواء.

وقال اللحيانيّ : دها فلانٌ يَدْهَا ويَدْهو دَهاءً ودهاءَة ، ودَهِيَ يدْهَى دَهاء ودهياً ، وإنه لدَاهٍ ، ودَهِيٌ وَدَهٍ ؛ فمن قال : داهٍ قال : من قوم دُهاة ، ومن قال : دَهِيٌ قال : من قوم أدْهياء ، ومن قال دَهٍ قال : من قومٍ دَهِين ، مِثلُ عَمِين.

أبو العباس عن عمرو عن أبيه قال : الدَّهِيُ : العاقل. ويقال : هو داهٍ ودَهٍ ، ودَهِيّ.

وما دهاك ، أي ما أصابك.

ويقال : دهدَيْتُ الحجرَ ودهدهته فتَدَهْدَى وتدَهْدَهَ ، ويقال : ما أدري أيُ الدَّهْداء هو؟ أي أيّ الخلق هو. وقال : وعندي للدَّهداء النائين.

هود ـ هيد : قال الليث : الهَوْد : التوبة.

قال الله جلّ وعزّ : (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) [الأعرَاف : ١٥٦] أي تُبنا إليك.

وكذلك قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جُبَير ، وإبراهيم ، والهُودُ : هم اليهود ، هادُوا يهودُون هوداً ، وسُمِّيت اليهودُ اشتقاقاً من هادُوا ، أي ثابوا.

٢٠٥

وقال الزجاج : قال المفسّرون في قوله جلّ وعزّ : (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) [الأعرَاف : ١٥٦] إنا تُبْنا إليك ، وأما قوله جلّ وعزّ : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) [الأنعَام : ١٤٦] فمعناه دَخَلوا في اليهودية.

وفي الحديث : «كلّ مولود يُولَد على الفِطرة فأَبَواه يُهوِّدانه أو ينصِّرانه» ، معناه أنهما يعلِّمانه دينَ اليهوديّة ويُدخِلانه فيه.

وقال الفراء ، في قول الله : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) [البَقَرَة : ١١١].

قال : يريد يَهُوداً ، فحذَف الياء الزائدة ورَجَع إلى الفِعل من اليهودية ، وهي في قراءة أُبَيّ : (إلا من كان يهوديا أو نصرانياً).

قال : ويجوز أن يُجْعَل هُوداً جمعاً ، واحدُه هائد وهُود ، مثل جائل وعائط من النُّوق ، والجميع جُولٌ وعُوط ، وجمع اليَهودِيّ يَهود ، كما يقال في جمع المَجُوسيّ مجُوس ، وفي جمع العَجَميّ والعربيّ عَرَب وعَجَم.

أبو عبيد ، التهوُّد : التوبة والعمل الصالح وقال زهير :

سِوَى رُبَعٍ لَم يأْتِ فيها مخانةً

ولا رَهقاً مِن عائدٍ متهودِ

قال : المتهوِّد : المتقرِّب (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) [الأعرَاف : ١٥٦] أي تُبْنا إليك ورَجَعْنا وقَرُبنا من المغفرة.

وقال شمر : المتهوِّد : المتوصّل بهوادةٍ إليك ، قاله ابن الأعرابيّ ، قال : والهَوادَة : الحُرْمَة ، والسبَب.

ثعلب عن ابن الأعرابي : هادَ ، إذا رَجَع من خيرٍ إلى شَرّ ، أو من شر إلى خير ، ودَاهَ إذا عَقَل.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : التهويد : السير الرفيق.

وفي حديث عمر : أن ابن حُصَين أنه أَوْصَى عند موته : إذا مِتُّ فخرجتم بي فأَسرعوا المشيَ ولا تُهَوِّدوا كما تُهَوِّد اليهودُ والنصارى.

قال أبو عبيد : التهويد : المشيُ الرُّوَيد ، مثل الدَّبِيب ونحوه ، وكذلك التهويد في المَنطق ، وهو الساكن.

وقال الراعي يصف ناقة :

وخَوْدٍ من اللائي يُسَمَّعْن بالضُّحَى

قَرِيصَ الرُّدافَى بالغِناء المُهوَّدِ

وقال أبو مالك : يقال : هوَّد الرجلُ ، إذا سَكَن ، وهوَّد ، إذا غَنَّى ، وهوَّد ، إذا اعتَمَد على السّيْر وأنشد :

سَيراً يُراخِي مُنَّةَ الجليد

ذا قُحَمٍ وليسَ بالتَّهوِيدِ

أي ليس بالسير الليّن.

وقال غيره : هوَّدَه الشرابُ ، إذا خَثَّره فأَنامَه : وقال الأخطل :

ودَافَع عني يومَ جِلِّقَ غمرَةً

وصَمَّاءَ تُنْسيني الشرابَ المهوِّدا

وقال شمِر : الهَوْدة : مجتمع السَّنام وقَحْدَتُه ، وجمعُها هَوْدٌ.

٢٠٦

هيد : هادَ يهيد.

قال يونس : يقال فلانٌ يُعطى الهَيْدَان والزَّيدان ، أي يُعطِي من يَعرف ومن لا يَعرف.

وقال الليث : الهَيْد : الحركة ، يقال : هِدْتُه أَهِيده هَيْداً كأنك تحركه ثم تُصلحه.

وقال : وهِدْت الرجلَ أَهيدُه هَيْداً وهِيداً وهاداً ، إذا زجرَته عن الشيء وصرَفْته عنه ، يقال منه : هِدْهُ ، فما يُقال له : هَيْد ، ومعنى هِدْهُ ، أي أَزِلْه عن موضعه ، وأنشد :

حتى استقامتْ له الآفاقُ طائعةً

فما يقال له هَيدٌ ولا هادُ

أي ما يمنَع من شيء ، ويجوز : ما يقال له هَيدٍ بالخَفض في موضع رفع ، على حكاية صَهٍ وغارِقٍ ونحوِه. والهَيْد من قولك : هادَني هَيدٌ أي كَرَثَنِي.

قال : والهِيد في الحُداء كقوله :

مُعاتَبة لهنّ حَلَا وحَوْبا

وجُلُّ غِنائهنّ هيَا وهِيدِ

وذلك أنَّ الحاديَ إذا أراد الحُداء قال : هِيدِ هيدِ ثم زَجَل بصوْته.

روى أبو عبيد لابن عمرَ قال : لو لقيتُ قاتِلَ أبي في الحرَم ما هِدتُه ، قال : يريد : ما حرَّكْتُه ، وأنشد :

فما يقال له هَيْدٌ ولا هادُ*

أبو عبيد عن الكسائي : ما يقال له هِيدٌ ولا هادٌ ، يقال منه : هِدْتُ الرجلَ ، وأنشد الأحمر :

فما يقال له هِيدٌ ولا هادُ*

شمر : هِيدٌ وهَيْد جائزان ، والعرب تقول : هَيْدَ مالَك ، إذا استفهموا الرجل عن شأنه ، كما تقول : يا هذا مالك.

والهَيْدُ : الشيء المضطرب ، ومنه قوله :

أذاك أم تعطِيك هَيْداً هيدَبا*

قال شمر : قال أبو زيد : قالوا يقول ما قال له هَيْدَ مَالك ، فنَصبوا ، وذلك أن يَمُرّ بالرجل البعيرُ الضالّ فلا يُعوِّجُه ولا يلتفتُ إليه ، ومرَّ بعيرٌ فما قال له : هَيْدِ مالَك ، بِجرِّ الدال ، حكاه ابن الأعرابيّ ، وأنشد لكعب بن زهير :

لو أنها آذَنَتْ بِكْراً لقُلتُ لها :

يا هَيْدِ مالَكِ أو لو آذَنَتْ نَصَفَا

وفي الحديث أنه قيل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مسجده : يا رسولَ الله هِدْه فقال : «عَرْشٌ كعَرش موسى».

قال أبو عبيد : قوله هِدْه ، كان ابن عُيينة يقول : معناه أَصْلِحْه. قال : وتأويله كما قال. وأصلُه أنه يُراد به الإصلاح بعد الهدْم ، وكلُّ شيء حرَّكتَه فقد هِدْتَه تهيدُه هَيْداً ، فكأنَّ المعنى أنه يُهْدَم ويُستأنف بناؤه ويُصلَح. ويقال : لا يهيدنّك هذا عن رأيك ، أي لا يُزيلنّك.

وقال الحسن : ما من أحد عمل لله عملاً إلا سار في قَلْبه سوْرتان ، فإذا كانت أُوليهمَا لله فلا تَهِيدَنَّه الآخرةُ ، أي لا يمنعنَّه ذلك من الأمر الذي قد تقدَّمتْ فيه نِيَّتُه لله.

قال ابن السكيت : يقال ما هادَه كذا وكذا ، أي ما حرّكه وما يَهيدُه.

٢٠٧

قال : ولا يُنطَق بِيَهِيد إلَّا بحرف جَحْد.

وهد : قال الليث : الوَهْد : المكانُ المنخفِض كأنه حُفرة ، تقول : أرضٌ وَهْدة ، ومكانٌ وَهْد ، والوَهْد يكون اسماً للحُفْرة.

وقال ابن شميل : الوَهْدة : النُّقْرة المنتقَرة في الأرض أشدُّ دُخولاً في الأرض من الغائط ، وهو أضيَقُ من الغائط وليس لها جُرْف ، وعَرْضُهَا رُمْحان وثلاثةٌ ، لا تُنْبِت شيئاً.

دهدى : قال الليث : تقول تَدَهْدَى الحَجَرُ وغَيرُه تَدَهْدِياً ، إذا تَدحرَج ودَهْدَيتُه دهْداة ودِهداءً ، إذا دحرجَته.

والدُّهدِيَّة : الخَراء المستدير الذي يُدَهدِيه الجُعَلُ.

باب الهاء والتاء

[هت (وايء)]

هَيت ، (هِيت) ، هوت ، وهْت ، هتى ، تاه.

وهت : الوَهْتة : الهبْطة من الأرض ، وجمعُها وَهْت. وقد وهتَه يَهته وَهْتاً ، إذا ضَغَطه فهو مَوْهوتٌ.

أبو عبيد عن الأموي : المُوهِت : اللّحم المُنْتِن ، وقد أَيهت إيهاتاً.

هيت : قال الله جلّ وعزّ مخبراً عن زَليخا صاحبة يوسف أنها لمّا راودَت يوسف عن نفسه : قالت له : (هَيْتَ لَكَ) [يُوسُف : ٢٣].

قال الفراء بإسنادٍ له عن ابن مسعود أنه قال : أقرأني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (هَيْتَ لَكَ).

قال الفراء : ويقال إنها لغةٌ لأهلِ حَوْران سَقَطَتْ إلى مكة فتكلّموا بها. قال : وأهل المدينة يقرءون : هِيتَ لكَ ، يكسرون الهاء ولا يهمِزون. قال : وذكر عن علي وابن عباس أنهما قرآ : (هئت لك) ، يُرادُ به في المعنى : تهيَّأتُ لك ، وأنشد الفراء :

أبلغ أميرَ المؤمني

نَ أخَا العِراق إذا أَتَيْتَا

أن العِراقَ وأهلَه

عُنُقٌ إليكَ فَهَيْتَ هَيْتا

ومعناه : هلُمَّ هلُمَ وقال الفراء في «المصادر» : من قرأ : (هَيْتَ لَكَ) فمعناه : هَلُمّ لك.

قال : ولا مَصدَر لهَيْت ، ولا يُصرَف.

وقال الأخفش : (هَيْتَ لَكَ) [يُوسُف : ٢٣] مفتوحة ، معناها : هلُمّ لك. قال : وَكَسَرَ بعضهم التاء ، وهي لغة ، فقال : (هَيْتِ لك) ورفَع بعضٌ التاء فقال : (هَيْتُ لَكَ) وكَسَر بعضٌ الهاء وفَتَح التاء فقال : (هِيتَ لك) ، كلّ ذلك بمعنى واحد.

وأخبرني المنذريّ ، عن ابن اليزيديّ ، عن أبي زيد ، قال (هَيْتَ لَكَ) ، بالعبرانية هَيْتَا لَجْ أي تَعَالَهْ ، أَعرَبَه القرآن.

وقال الليث : هِيت ؛ موضعٌ على شاطىء الفُرات. وقال رؤبة :

والحوتُ في هِيتَ رَذَاها هِيتُ *

قلتُ : الرواية في قول رؤبة :

وصاحب الحوت وأينَ الحُوتُ؟

في ظلمات تَحتهنّ هِيتُ

وقال شمر : قال ابن الأعرابيّ في قوله : تَحتَهنَ هِيتُ ، أي هوّةٌ من الأرض.

٢٠٨

قال : ويقال للمَهْواة : هوّتَةٌ وهوْتَةٌ وهوْتَةٌ ، وجمع الهُوتة هُوت.

وقال ابن السكيت : سُمّيَت هِيتُ هِيتَ لأنّها في هُوّة من الأرض انقلَبَتْ الواو ياءً لانكسار ما قبلها.

وروي عن عثمان أنه قال : وَدِدْت أنّ ما بيننا وبين العَدُوِّ هَوْتَةً لا يُدرَك قَعْرُها إلى يوم القيامة.

وقال ابن الأعرابيّ : قيل لأمّ هشام البَلَوِيّة : أين مَنزلك؟ فقالت : بهَاتا الهَوْتَةِ.

قيل : وما الهَوْتَةُ؟ قالت : بهاتَا الوَكْرَة.

قيل : وما الوَكْرة؟ قالت : بهاتَا الصُّدَاد.

قيل : وما الصُّدَاد؟ قالت : بِهاتَا المَوْرِدة.

قال ابن الأعرابيّ : وهذا كله الطريق المنحدِر إلى الماء.

وقال الليث : يقال في الشَّتْم : صَبّ الله عليك هَوْتَةً ومَوْتَةً.

هوت وهيت : في الحديث أنّه لما نزَلَتْ : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) [الشُّعَرَاء : ٢١٤] باتَ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يُفخِّذ عَشِيرتَه فقال المشركون : لقد بات يُهوِّت.

أبو عبيد عن أبي عمرو : التَّهيِيتُ : الصوتُ بالناس ، وهو فيما قال أبو زيد : أن يقول له : يا هِيَاه ، وأنشد أبو زيد :

قد رابَني أن الكَرِيَّ أَسْكَتَا

لو كان مَعْنِيَّا بنا لَهيّتَا

وقال غيره : يقال : هَيَّتَ بالقَوْم تَهْيِيتاً ، وهَوَّت بهم تَهوِيتاً ، إذا ناداهم ، وهَيَّت النَّذيرُ. والأصل فيه حكايةُ الصَّوت ، كأنهم حَكَوْا في هَوَّت : هَوْتَ هَوْتَ ، وفي هَيَّتَ : هَيْتَ هَيْتَ.

والعَرَب تقول للكَلْب إذا أُغْرى بالصَّيْد : هَيْتاه هَيْتاه.

وقال الراجز يَذكر ذِئْباً :

جاء يُدِلُّ كَرِشاءِ الغَرْبِ

وقلتُ : هَيْتاهُ فتَاه كَلْبِي

هتى : قال الليث : المُهاتاة من قولك : هاتَ ، يقال : اشتقاقُه من هاتَى يُهاتِي ، الهاء فيها أصليَّة.

ويقال : بل الهاء مُبدَلة من الألف المقطوعة في آتى يُؤاتِي ، ولكن العَرَب أماتت كلّ شيء مِن فِعْلِها غير الأمرِ بهاتِ.

وأخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم أنه قال : إذا أَمرتَ رجلاً أن يعطيك شيئاً قلت له : هاتِ يا رجلُ ، وللاثنين : هاتِيَا ، وللجميع : هاتُوا ، وللمرأة : هاتِي ، فزِدتَ ياءً تكون فَرْقاً بين الأنثى والذَّكَر ، ولجماعة النساء : هاتِينَ ، ويقال : هاتَى يُهاتِي مُهاتاةً. وقال ابن السكيت نحوه. وزاد فقال : يقال : هاتِ لا هَاتيْتَ وهاتِ إن كانت بك مُهاتاة.

قال : وتقول : أنتَ أخذتَه فهاتِه. وللاثنين : أنتما أخذْتُماه فهاتِياه ، وللجماعة : أنتمْ أخذتُمُوه فهاتُوه ، وللمرأة : أنتِ أخذتِيه فهاتِيه ، وللجماعة : أنتنّ أخذْتُنَّه فهاتِينَه.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : هاتاه ، إذا ناوَلَه شيئاً ، وتاهاهُ ، إذا فاخَره.

وقال المفصَّل : هاتِ وهاتِيَا وهاتوا ، أي قَرِّبوا.

وقال الله جلّ وعزّ : (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ)

٢٠٩

[البَقَرَة : ١١١] أي قرِّبوا.

قال : ومن العرب من يقول : هاتِ : أي أعطِ.

توه ـ تيه : قال أبو زيد : قال لي رجلٌ من بني كلاب : أَلْقَيْتَني في التُّوهِ ، يريد في التِّيه.

ويقال : ما أَتْيَه فُلاناً.

وقال الليث : يقال تَاهَ يَتِيهُ تُوهاً وتَيهاً ، والتِّيه أعمُّها.

ويقال : توَّهْتُه وتيَّهْتُه ، والواو أعمّ.

قال : والتَّيْهاء : الأرضُ التي لا يُهتدى فيها ، يقال : أرض تِيهٌ وتَيْهاء ، وأرض مَتْيَهةٌ وأنشد :

مُشْتَبِهٍ مُتَيِّهٍ تَيْهاؤُهُ *

وقال غيره : تَيْهان وتَيَّهانٌ ، إذا كان جَسُوراً يَرْكب رأسَه في الأمور ، وناقة تَيْهانة ، وأنشد :

يَقدُمُها تَيْهَانَةٌ جَسورُ

لا دِعْرِمٌ نامَ ولا عَثُورُ

شمر عن ابن شميل التَّيْهاء : المَضِلَّة الواسعة بين الأرَضِين ، التي لا أعلام فيها ، ولا جبال ولا آكام.

وقال شمر : يقال : أَرضٌ تيْهاء وتِيهٌ ومِتْيَهةٌ ، أي يَتِيهُ فيها الإنسان.

وقال العجاج :

تِيهِ أَتاوِيه على السُّقّاطِ*

ويقال : مكانٌ مِتْيَهٌ : الذي يُتَيِّه الإنسانَ ، قال رؤبة :

يَنوِي اشتقاقاً في الضَّلالِ المِتْيَهِ *

أبو عبيد ، عن أبي زيد : طاحَ يطِيح طَيْحاً ، وتاهَ يَتِيه تَيْهاً وتَيَهاناً ، وما أطوَحَه وأتْوَهَه ، وأَطْيَحه وأَتْيَهَه ، وقد طوّح نفسَه وتوَّهَها.

وقال ابن الفَرَج : سمعتُ عَرّاماً يقول : تاهَ بَصرُ الرجل وتاف ، إذا نَظَر إلى الشيء في دَوامٍ ، وأنشد :

فَمَا أَنْسَ من أشْياء لا أَنسَ نَظْرتي

بمكة إني تائِفُ النَّظراتِ

وتافَ عني بَصرُك وتاهَ ، إذا تَخطَّى.

هتأ : أبو عبيد عن الأحمر : هَتِىءٌ من الليل وهتَاءٌ وهزِيعٌ ، واحد.

أبو عبيد : تَهتَّأ الثوبُ وتَهمّأ وو تَفَسّأ إذا انقطع وبَلِي ، حكاه عن الكسائيّ.

ابن السكّيت : ذَهبَ هِتْءٌ من الليل ، وما بقي إلّا هِتْءٌ ، وما بقيَ من غنمهم إلا هِتْءٌ ، وهو أقلُّ من الذاهبة.

ورَوَى سَلَمة عن الفراء : فيها هتَأٌ شديد وهُتُوءٌ ، يريد شَقٌّ وخَرْق.

ثعلب عن ابن الأعرابي ، قال : الهَتِىءُ والأَهتَاءُ ؛ ساعاتُ اللَّيل.

قال : والأتْهَاءُ : الصَّحارِي البعيدة.

وقال أبو الهيثم : يقال : جاء بعد هَدْأة من اللَّيل وهتْأَة.

وقال اللّحياني : جاء بعد هَتيءِ على فَعيلٍ من اللّيل ، وهتْءٍ على فَعْل ، وهتْي بلا همْز ، وهَتَاءٍ وهَيْتَاء ممدودان. أهُمِلت الهاء مع الظاء

٢١٠

باب الهَاء والذال

[هذ (وايء)]

هذى ، هذأ ، هوذ.

هذأ : قال أبو زيد فيما رَوَى عنه ابن هاني : هَذأْتُ العَدُوَّ هذْأً ، إذا أَبَرْتَهُمْ وأفنيتهم.

قال : وهذأْتُه بلساني ، إذا آذَيْتَه.

وقال الليث : الهَذْءُ أَوحَى من الهَذِّ ، يقال : هَذأْتُه بالسَّيف هذْءاً ، وسيف هذَّاء.

وقال أبو زيد : هذَأْتُ اللحمَ بالسكين هذْءاً : إذا قطعْتَه به ، وهذَأْتُه بلساني : إذا أسمَعْتَه ما يكرَه.

أبو عبيد عن الأصمعيّ إذا فسدت القرحة وتقطعت.

قيل : تهذّأت تهذُّأ وأَرِضَتْ أرضاً وتذيأت تَذيُّؤاً.

هذى : قال الليث : الهَذَيان : كلامٌ غيرُ معقول مثل كلام المُبَرْسَم والمَعْتوه ، يقال : هذَى يَهْذِي.

ثعلب عن ابن الأعرابي : هذَى ، إذا هَذَر بكلام لا يُفهم ، وذَها ، إذا تكبّر ، بالذَّال قلت : لم أَسْمَع ذَهَا ، إذا تكبر لغيره.

أبو عبيد عن الأصمعي : إذا فَسَدَت القُرحة وتقطعت قيل : تَهذَّأَتْ تَهذُّؤاً ، وتذيّأتْ تذَيُّؤاً.

أما هذا وهذان ، فالهاء في هذا : تنبيه ، وذا : إشارةٌ إلى شيء حاضر ، والأصل : إذا ضُمّ إليها : ها ، وتفسيرهما في كتاب الذال.

وقال النضر : قال أبو الدُّقيش لرجل قال : أين فلان؟ فقال : هو ذا. قلتُ : ونحو ذلك حفظتُه عن أعرابِ بني مُضَرّس وغيرهم.

وقال أبو بكر بن الأنباريّ : قال بعض أهل الحجاز : هُوَذَا بفتح الواو ، وقال أبو بكر : وهذا خطأ منه ، لأن العلماء الموثوق بعلمهم اتفقوا على أن هذا من تحريف العامة. والعَرَبُ إذا أرادت مَعْنى هُوَذَا قالت : هأنذا أَلقَى فلاناً ، ويقول الاثنان : ها نحن ذانِ نلقاه.

ويقول الرجال : ها نحن أولاء نلقاه.

ويقال المخاطب : ها أَنت ذا تلقى فلاناً ، وللاثنين : ها أنتما ذانِ ، وللجماعة : ها أنتمْ أُولاء. ويقال للغائب : ها هو ذا يلقاه ، وها هما ذانِ ، وها هم أُولاء ، ويُبنَى التأنيث على التذكير ، وتأويل قولهم : هأنذا ألقاه قد قَرُب لقائي إياه.

اللحياني : هذَوْتُ وهذَيتُ بمعنى.

هوذ : قال ابن شميل : الهَاذةُ : شجرة لها أغصانٌ سَبِطة لا ورق لها ، وجمعها الهاذُ. قلت : هكذا رُوِي عن النضر ، والذي سمعناه من العَرَب وحصلناه لأئمة اللغة الحاذّ في الأشجار.

وقال الليث : الهَوْذة : القطاة الأنثى قلت : وبها سمي الرجل هَوْذَة.

باب الهَاء والثاء

[هث (وايء)]

ثاه ، وهث ، هاث ، ثها ، هثا ، (ثاهى ، هاثى).

٢١١

ثيه : قال الليث : الثاهة : اللهاة. ويقال : هي اللِّثَة.

ثها ـ هثا : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : ثَها ، إذا حَمُقَ ، وهَثَا ، إذا احمرَّ وجههُ.

قال : ويقال : ثَاهاه إذا قاوَله ، وهاثاه : إذا مازَحه ومايله.

وهث : قال الليث : الوَهْث : الانهماك في الشيء ، والواهث : الملقي نفسه في الشيء ، وتوهَّث في الأمر ، إذا أَمعَن فيه.

هاث : قال أبو عبيد : قال أبو زيد : هِثْتُ له من المال أَهِيث هيثاً وهَيَثاناً ، إذا حَثَوتَ له ، وأنشد غيرُه قولَ رؤبة :

فأَصْبحتْ لو هايثَ المُهايِثُ *

قال ابن الأعرابي : المُهايَثَة : المكاثَرة. يقال : هاث له من ماله. وقال في قوله

ما زال بيعُ السَّرِقِ المُهايِثُ *

قال : المهايث : الكثير الأخْذ.

قال : ويقال : هاث من المال يهيث هيثاً ، إذا أصاب منه حاجته.

وقال الأصمعيّ : عاثَ في المال وهاثَ ، إذا أَفسد فيه ، وأَخَذَ بغير رِفْق.

أبواب الهَاء والراء

[هر (وايء)]

(هري) ، هرأ ، رها ، وره ، هار ، رهأ ، يهر (يهير) ، أهر ، وهر.

هري : قال الليث : الهُرِيُ : بيت ضخم يجمع فيه طعامُ السُّلطان ، والجميعُ الأهراء قلت : أحسب الهريّ معرَّباً دخيلاً في كلامهم.

وقال الأصمعيّ : يقال : هراهُ يَهْرُوه هَرْواً ، إذا ضربه بالهِراوة ، وتهرَّاهُ مِثله ، ومنه قول الراجز :

لا يلتوي مِن الوَبِيل القِسْبارْ

وإن تهرَّاه به العبدُ الهَارْ

أي ضربه به العبدُ الضارب. والوَبيل : العصا الضخم ، وكذلك القِسبار والقِشْبار ويقال : هرَّى فلانٌ عمَامته ، إذا صبغها بالصُّفرة ، ومنه قوله :

رأيتك هَرَّيتَ العِمامةَ بعد ما

أراك زماناً حاسراً لم تَعَصَّبِ

وكانت سادةُ العَرَب تلبس العمائم الصُّفْر وكانت تُحمل من هَراةَ إليهم مصبوغة ، فقيل لمن لبس عمامةً صفراء : قد هَرَّى عِمَامتَه ، وكان مُعاذٌ الهرّاء يبيع الثياب الهَرَوية فعُرِف بها ، ولُقِّب الهرّاء.

ثعلب عن ابن الأعرابي : هارَاه ، إذا طانَزَه ، ورَاهاهُ إذا حامَقَه.

أبو عمرو ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : ثوبٌ مُهَرَّى ، إذا صُبغَ بالصَّبِيبِ ، وهو ماءُ ورق السِّمْسِم.

قال : ومُهرَّى أيضاً ، إذا كان مصبوغاً كلون المِشْمِش ، أو المَشْمَش.

هرأ : ومن مهموزه ، قال الأصمعي : هَرَأ البرْدُ فلاناً يَهْرَؤُه هَرْأً ، إذا اشتدَّ عليه حتى كاد يَقتُلُه.

ويقال : أَهْرَأْنا في الرَّواح ، أي أبرَدْنا ، وقال إهاب بنُ عُمَير :

حتى إذا أهْرَأْنَ للأصائِلِ

وفارقتْها بُلةُ الأوَابِلِ

٢١٢

ويقال : أَهْرَأَ لحمَه إهراء ، إذا طبَخه حتى يتَفسَّخ.

قال : والهَرِيَّة : الوقت الذي يشتدّ فيه البرْد.

وقال الليث وغيرُه : أهرأَنا القُرُّ ، أي قتَلَنا ، وأَهْرأَ فلانٌ فلاناً ، إذا قتَلَه.

وقال أبو زيد في هَراءة البرد ، وفي إهراء اللَّحم مثل ما قال الأصمعيّ ، وكذلك في الإهراء للرَّواح.

أبو عُبيد ، الهُراء ـ ممدودٌ مهموز ـ : المنْطِق الفاسد ، ويقال : الكثير ، وأنشد قولَ ذي الرمّة يصف امرأةً ناعمةً :

لها بشرٌ مِثل الحرير ومَنطِقٌ

رَخِيمُ الحَواشي لا هُرَاءٌ ولا نَزْرُ

شمِر عن الفرّاء : أَهْرَأَ الكلامُ ، إذا أكثَرَ ولم يُصِب المعنى ، وإنَّ مَنطقَه لغَيرُ هُراء.

قال : ورجلٌ هُراءٌ وامرأةٌ هُراءَةٌ وقوم هُراءون.

وقال أبو زيد : هَرأَ الرجلُ في مَنطقِه يَهْرَأُ هَرْأً ، إذا ما قال الخَنا والكلام القبيح.

قال : والمُهْرَأُ والمُهرَّد : المُنْضَج من اللَّحم.

شمر عن ابن الأعرابيّ : أهرَأَه البَرْدُ ، وأهْزأَه ـ بالراء والزاي ـ : إذا قَتَله.

وقال ابن مقبل في المَهْرُوءِ ، مِن هَرَأَه البرْد ، يَرْثي عثمان بنَ عفّان رَحمه الله.

ومَلْجَأُ مَهْرُوئينِ يُلْقَى به الحَيا

إذا جَلَّفَتْ كَحْلٌ هو الأمُّ والأبُ

أبو عبيد عن الأصمعي : يقال في صِغار النَّخل أوّل ما يُقْلَع شيءٌ منها من أمّه فهو الجَثِيث وهو الوَدِيُّ والهراءُ والفَسِيل.

رها : قال الليث : الكُرْكِيُّ يسمَّى رَهْواً ، ويقال : بل هو من طَيْرِ الماء ، شبيهٌ به.

والرَّهْو : مَشْيٌ في سكون.

وقال في قول الله جلّ وعزّ : (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً) [الدّخَان : ٢٤] أي ساكناً.

بلغَنا أنَّ موسى عليه‌السلام لمّا دخل البحر عَجِلَ ، فأَعْجَل أصحابه ، فأوْحى الله تبارك وتعالى إليه : (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً) أي ساكناً على هِينَتِك.

وقال الأصمعيّ : يقال : افعل ذاك سَهواً رَهواً ، أي ساكناً بغير تشدُّد.

وقال : وجاءت الإبلُ رَهْواً : يَتْبع بعضُها بعضاً. والرَّهْو : طائر.

قال أبو عبيد في قوله : يَمشِين رَهْواً ، هو سَيْرٌ سَهل مستقيم.

وفي حديث رافع أنّه اشترَى من رجلٍ بعيراً ببعيرين دَفَع إليه أحدهما ، وقال : آتيك بالآخر رَهْواً غداً ، يقول : آتيك به عَفْواً لا احتباسَ فيه ، وأنشد :

يَمشِينَ رَهْواً فلا الأعجازُ خاذِلةٌ

ولا الصُّدُورُ على الأعجاز تَتَّكلُ

والرّهو : الحَفيرُ يجمع فيه الماء.

وقال أبو سعيد في قوله جلّ وعزّ : (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً) [الدّخَان : ٢٤] يريدُ دَعه كما فلَقتُه لك لأنّ الطريق في البحر كان رَهواً بين فلقي البحر.

٢١٣

قال : ومن قال : ساكناً فليس بشيء ، ولكن الرَّهو في السير هو اللَّيِّن مع دوامِه.

أبو عبيد عن الأصمعيّ ، يقال لكل ساكن لا يتحرّك : ساجٍ وراهٍ ورايٍ.

وقال اللِّحياني : يقال : ما أرهيتَ ذاكَ ، أي ما تركتَه ساكِناً.

وقال الأصمعيّ : يقال : أَرْهِ ذاك ، أي دَعْه حتى يَسكن ، وقال : الإرهاء : الإسكان.

ويقال : الناس رَهْوٌ واحد ما بين كذا وكذا ، أي مُتقاطِرُون. وقال الأخطل :

ثَنَى مُهْرَهُ والخيلُ رَهوٌ كأَنها

قِدَاحٌ على كَفَّيْ مُجِيلٍ يُفِيضُها

أي متتابعة. قاله ابن الأعرابي.

وقال الزَّجاج في قوله : جلّ وعزّ : (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً) [الدّخَان : ٢٤] جاء في التفسير : يَبَساً. وقال أهل اللغة : رَهْواً : ساكناً.

قلت : رَهْواً : ساكناً : مِن نعت موسى ، أي على هِينَتِك ، وأجوَد منه أن تجعَل رَهْواً من نعت البحر ، وذلك أنّه قام فِرْقاه ساكِنَيْن.

فقال لموسى : دع البحر قَائماً ماؤه ساكناً ، واعبُر أنت البحر.

وروى شمر عن ابن الأعرابيّ في قوله : (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً) [الدّخَان : ٢٤] قال : واسعاً ما بين الطاقات.

قال : وقال العُكْليّ : المُرْهِي من الخيل الذي تراه كأنه لا يُسرع وإذا طُلب لم يُدْرَك.

وقال ابن الأعرابي : الرَّهْو من الخيل والطير : السِّراع ، قال لَبيد :

يُرَيْن عَصائبا يَرْكُضْنَ رَهْواً

سَوابِقُهن كالحِدَإ التُّؤَامِ

ويقال : رَهْواً يَتبَع بعضُها بعضاً.

وقال الأصمعيّ وابن شميل : الرَّهْوَة والرَّهْو : ما ارتفَع من الأرض.

وقال ابن شميل : الرَّهْوة : الرابِيَةُ تَضرب إلى اللِّين ، وطولُها في السماء ذراعان أو ثلاث ، ولا تكون إلّا في سُهول الأرض ، وجَلَدُها ما كان طِيناً ، ولا تكون في الجبال.

وقال الأصمعيّ : الرِّهاء : أماكنُ مرتفعة ، الواحدة رَهْوَأ ، والرَّهاء : ما اتسع من الأرض وأنشد :

بشُعْثٍ على أكوارِ شُدْفٍ رَمَى بهم

رَهَاء الفَلَا نابِي الهُمومِ القواذِفِ

ويقال : رَهَّى ما بين رجليه ، أي فَتَح ما بين رجليه.

قال : ومَرَّ بأعرابيّ فالِجٌ فقال : سبحان الله ، رَهْوٌ بين سَنَامَيْن ، أي فجوةٌ بين سَنَامين.

أبو عبيد عن أبي عبيدة : الرَّهْو : الارتفاع والانحدار.

قال : وقال أبو العبّاس النُّمَيْري : دَلَّيْتُ رِجْلي في رَهْوة ، فهذا انحدار. وقال عمرو بن كلثوم :

نَصبْنا مِثْلَ رَهْوة ذاتَ حَدٍّ

محافظةً وكنّا المُستقِينا

فهذا ارتفاع.

٢١٤

ثعلب عن ابن الأعرابي : الرَّهْو شدّة السَّير ، والرَّهو : الواسع ، والرَّهو ، طائرٌ يشبه الكُرْكِيّ.

وقال : الرَّهو والرَّهوَى ، لغتان : المرأة الواسعة. وقال المُخبَّل :

وأُنكِحْتُها رَهواً كأنّ عِجانَها

مَشَقُّ إهابٍ أَوسَعَ السَّلْخَ ناجِلُهْ

قال : والرَّهو : مُستنقَع الماء. والرَّهوة : شِبه تَلٍّ صغيرٍ يكون في مُتُون الأرض على رؤوس الجبال ، وهي مواقعُ الصُّقور والعِقْبان. قال : والرَّها : أرضٌ مستَوِية قلما تَخْلو من السَّراب ، ورُها : بَلَد بالجزيرة ، والنِّسبة إليه : رُهاوِيّ.

وقال أبو عبيد : الرَّهوة : الْجَوْبَة تكون في مَحلَّة القوم يَسيل إليها ماءُ المطر.

وقال أبو سعيد : الرَّهو ما اطمأنّ من الأرض وارتفع ما حولَه.

شمر : قال خالد بن جَنْبة في قوله : (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً) [الدّخَان : ٢٤] أي دَمِثاً ، وهو السهل الذي ليس برمل ولا حَزْن.

عمرو عن أبيه : أَرْهَى الرجلُ ، إذا تَزوَّج بالرَّهاء ، وهي الخِجام الواسعة العَفْلَق.

وأَرهَى : دامَ على أَكل الرَّهو ، وهو الكُرْكِيّ.

وأَرهَى : أدام لِضيفانه الطعامَ سخاء.

وأرهَى : صادفَ موضعاً رَهاءً ، أي واسعاً.

وقال ابن بزرج : يقولون للرّامي وغيره إذا أساء : أَرْهِهْ ، أي أَحسِن. وأَرهيتُ : أحسنتُ.

الرَّهو : المطر الساكن.

ويقال : ما أرهيتَ إلّا على نَفْسك ، أي ما رفقت إلّا بها.

رها : قال أبو عبيد : رَهْيأَ في أمره رَهيَأَةً : إذا اختلط ، فلم يَثُبت على رَأْي.

وفي حديث ابن مسعود أنّ رجلاً كان في أرض له ، إذْ مرّت به عَنانَةٌ تَرَهيَأُ ، فسمع فيها قائلاً يقول : ائتي أرضَ فلانٍ فاسقِيها.

قال أبو عُبَيد : قال الأصمعيّ : تَرَهيَأ يعني أنها قد تهيَّأَتْ للمطر ، فهي تريد ذلك ولمّا تَفعَل.

قال : ومنه : تَرَهيَأَ القومُ في أمرهم ، إذا تهيئوا له ، ثمّ أَمسكوا عنه ، وهم يريدون أن يفعلوه.

وقال الليث : الرَّهيأة أن تَجعل أحدَ العِدْلين أثقلَ من الآخر. تقول : رَهْيأْتُ حِمْلَك رهيأةً ، وكذلك رهيأتَ أمرَك ، إذا لم تُقوِّمه.

والرَّهيَأَة : الضَّعف والعَجْز ، وأنشد :

قد عَلِم المُرَهيِئون الحَمْقَى*

قال : ومنه : تَرهيَأَ الرجلُ في أمره ، إذا هَمّ به ثم أَمسَك عنه. والرهيَأَة أن تَغْرَورِق العينان من الْجَهد ، أو من الكِبَر ، وأنشد :

إن كان حَظَّكما مِن مَالِ شيخكما

نابٌ تَرهيَأُ عيناها من الكِبَر

قال شمر : قال ابن الأعرابيّ : الرَّهيَأَةُ : التخليط في الأمر وترك الإحكام. يقال : جاء بأمر مُرَهْيَإٍ وعيناه تَرَهيَآن : لا يَفْتُر طَرَفاهما.

٢١٥

وقال أبو نصر : يقال للرّجل إذا لم يَقُم على الأمر ويمضي ، وجَعَل يَشُكّ ويتردّد : قد رَهْيَأَ.

وقال ابن شميل : رَهيَأْتَ في أمرك ، أي ضَعُفْتَ وتوانَيْت.

وقال أبو زيد : رَهيَأَ الرجلُ فهو مُرَهْيِئ ، وذلك أن يَحمِل حِمْلاً فلا يَشُدّه بالحبال ، فهو يَميل كلما عَدَّله. وقد تَرَهيَأَ السحابُ ، إذا تَحرَّك.

أهر : أخبرني المنذريّ عن ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ بيتٌ حَسَنُ الأَهَرَة والظَّهَرة والعَقار ، وهو مَتاعُه ، ونحو ذلك. قال أَبو عبيد ، وقال الليث : أَهَرة البيت : ثِيَابُه وفُرُشُه ومَتاعُه ، وأَنشد :

كأنما لُزَّ بَصَخْرٍ لَزَّا

أَحسنُ شيءٍ أَهَراً وبَزّا

هير : الأصمعيّ : من أَسماء الصَّباء : هِيرٌ وإيرٌ ، ويقال : هَيرٌ وأَيرٌ وهيِّرٌ وأَيِّر ، ونحو ذلك قال أَبو عبيد وغيره.

يهر : وأَخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم أنه قال : يقال : ذهبَ صاحبك في اليَهْيَرَّى ، أَي في الباطل. ويقال للرجل إذا سألتَه عن شيء فأَخطأَ : ذهبتَ في اليَهيَرَّى ، وأَين تَذْهب في اليَهيَرَّى ، وأَنشد :

لما رأَتْ شيخاً لها دَوْدَرَّى

في مِثْلِ خَيطِ العِهِن المُعَرَّى

ظلّت كأنّ وجهها يَحْمَرّا

تَرَمَدُّ في الباطل واليَهيَرَّى

قال : والدَّوْدَرَّى من قولك : فرس دَرِيرٌ أَي جَواد ، والدليل عليه قولُه : في مِثلِ خَيط العهِن المعرّى ، يريد الخُذْرُوف.

وزعم أَبو عبيدة أَن اليَهْيَرَّى : الحجارة.

وقال أبو مالك : هو الباطل.

وقال ابن هانىء : اليَهْيَرُّ : شجرٌ ، وأنشد :

أشبعتُ راعيَّ من اليَهْيَرِّ

فظلَّ يَبكي حَبِطاً بشَرِّ

خَلف استِه مِثل نَقِتقِ الهِرِّ

وقال الليث : اليَهْيَرُّ : حجارة أمثال الأكُفّ.

وقال ابن شميل : قيل لأبي أسلم : ما الثَّرَّة اليَهْيَرَّةُ الأخْلاف؟ فقال : الثَّرَّة : الساهرة العِرْق تَسمَع زَمِيرَ شُخْبِها ، وأنتَ من ساعةٍ. قال : واليَهْيَرّة : التي يسيل لبنُها من كثرته ، وناقة ساهِرَة العِرْق : كثيرةُ اللبن.

واليَهْيَرُّ : دُوَيْبَّة تكون في الصَّحارِي أعظمُ من الجُرَذ ، وأنشد :

فَلاةٌ بها اليَهْيَرُّ شُقْراً كأنها

خُصَى الخيلِ قد شُدّتْ عليها المَسامِرُ

والواحدة : يَهْيَرَّة.

قال : واختَلَفوا في تقديرها فقالوا يَفْعَلَّة.

وقالوا فَيعَلَّة وقالوا : فَعْلَلّة.

أبو عبيد عن الأحمر : اليَهْيَرُّ : الحَجر الصُّلْب.

وقال شمِر : ذهب في اليَهْيَرِّ أي في الرِّيح.

وقال الليث : اليَهْرُ : اللّجاجة والتمادِي في الأمر. تقول استَيْهَرَ ، وأنشد :

٢١٦

وقَلبُك في اللهو مُستَيهِرٌ*

ثعلب ، عن سلمة ، عن الفرّاء : يقال : قد استَيْهَرْتُ أنكم قد اصطلحتم ، مثل استَيقَنْت.

وقال أبو تراب : سمعتُ الجَعْفَرِيِّين : أنا مُستَوْهِر بالأمر ، أي مستيقِنٌ.

وقال السُّلَميّ : مستَيهِر.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الهائر : الساقط.

والرَّاهي : المقيم ، والهُورَة : الهَلكة.

قال : ويقال استَيهِرْ بإبلك واقْتَيل وارتجِعْ ، أي استبدِلْ بها إبِلاً غيرها. اقْتَيِلْ ، من باب المقابلة في البَيْع : المُبادَلة.

هور : قال الليث : الهَوْر مصدرُها والجَرْفُ لا يَهُور إذا انصدَعَ من خَلْفِه وهو ثابت بعدُ مكانه ، وهو جَرْفٌ هارٍ وهائر ، فإذا سَقَط فقد انهار وتهوَّر ، وكذلك إذا سقط شيء من أعلى جُرْف أو رَكِيّة في قَعْرها ، يقال : تَهوَّر وتَدَهْوَر.

ورجلٌ هارٌ إذا كان ضعيفاً في أَمره ، وأنشد :

ماضي العزيمةِ لا هارٌ ولا خَزِلٌ*

الخزل : الساقط المنقطِع.

ويقال : تهوَّر الليلُ ، إذا ذهبَ أكثرُه.

وتهوَّر الشّتاء ، إذا ذهبَ أشدُّه.

قال : ويقال في هذا المعنى بعينه : تَوهَّر الليلُ والشتاء ، وتوهّر الرمل أي تهَوَّر.

وقال غيره : خَرْقٌ هَوْرٌ ، أي واسع بَعِيد.

وقال ذو الرمة :

هَيجاءُ يَهْماءُ وخَرْقٌ أَهْيَمُ

هَوْرٌ عليه هَبَواتٌ جُثَمُ

للريح وَشْيٌ فوقَه مُنَمْنَمُ

ويقال ؛ هَوَّرْنَا عنَّا القَيظَ وجَرَمْنا وجَرَّمْناه وكَبَبْناه بمعنًى.

ويقال : هُرْتُ القومَ أهُورُهم هَوْراً ، إذا قتلتَهم ، وكَبَبْتَ بعضَهم على بعض كما ينهارُ الجُرْف.

قال الهذليّ :

فاستدَبروهمْ فهارُوهم كأنهمُ

أفنادُ كَبْكَب ذاتُ الشَّثِّ والْخَزَمِ

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : اهتَوَر ، إذا هَلك ، ومنه قوله : من أطاع ربّه فلا هَوَارة عليه.

ويقال : هُرْتُ الرجلَ بما ليس عنده من خيرٍ ، إذا أَزْنَنْتَه ، أَهُورُه هَوْراً.

وقال أبو سعيد : لا يقال ذلك في غير الخير.

ويقال : هُرْتُ الرجلَ هَوْراً ، إذا غَشَشْتَه ، وأنشد :

قد علِمتْ جِلادُها وخُورُها

أنِّي بِشِرْبِ السُّوءِ لا أَهورُها

يصف إِبلاً ، أي لا أظن أن القليل يكفيها.

وقال مالك بنُ نُوَيرة يصف فرسَه :

رأَى أنني لا بالقليل أَهورُه

ولا أنا عنه بالمواساةِ ظاهرُ

أَهُورُه : أي أظنُّ القليل يكفيه ، يقال : هو يُهارُ بكذا وكذا ، أي يُظَنُّ بكذا وكذا.

عمرو عن أبيه : الهَوَرْوَرَةُ : المرأة الهالكة.

٢١٧

وهر : أبو عبيد عن الأصمعي ، التَّيهُور : ما اطمأنَّ من الرَّمل.

قلت : كأن أصْلَه وَيهُورُ ، مثل التَّيقور ، أصله وَيْقُور.

وقال العجاج :

إلى أَراطَى ونَقاً تَيْهُورِ*

أراد به فَيعولاً من التَّوَهُّر.

وقال خليفة : توهَّرتُ الرجلَ في الكلام وتَوَعَّرْتُه ، إذا اضطرَرتَه إلى ما بقيَ فيه متحيراً. ويقال : وَهَّر فلانٌ فلاناً ، إذا أَوْقعه فيما لا مخرج له منه.

وقال ابن الأعرابيّ : الهَوْرَة : الهَلكة والهائر : الساقط. والرَّاهي : المقيم.

ويقال : أَرجِعْ إبلَك وارتجِع واستيهِر واقيَلْ بمعنًى واحد ، أي استبدِل بإبلك إبلاً غيرها.

وقال الليث : الرَّيْه هو التَّرَيُّه ، وهو تهَثْهُث السَّراب على وجه الأرض ، وأنشد :

إذا جَرَى من آلِه المُرَيَّهِ*

قال شمر : المُرَيَّه والمريّعُ واحد.

قال : وقال ابن الأعرابي : يتميّعُ هاهنا وهنا لا يستقيمُ له وَجْهٌ.

وره : الوَرَهُ : الحُمق في كل عمل. امرأةٌ وَرْهاء : خَرْقاء بالعمل ، وأنشد :

تَرنُّمَ وَرْهاءِ اليَدَيْن تحامَلَتْ

على البَعْل يوماً وهْيَ مقَّاءُ ناشِزُ

قال : المَقَّاء : الكثيرة الماء. وتورَّه فلانٌ في عمل هذا الشيء ، إذا لم يكن له فيه حَذاقة.

عمرو عن أبيه قال : الوَرَهْرَهة : المرأة الحَمْقاء ، والهَوَرْوَرَة : الهالكة.

وقال ابن بزرج : الوَرِهة : الكثيرة الشَّحم.

وَرِهَتْ فهي تَرِهُ ، مثل وَرِمَتْ تَرِم.

وقال غيره : سحابٌ وَرِهٌ وسحابةٌ ورِهة إذا كَثُر مطرها.

وقال الهُذليّ :

جُوفُ رَبابٍ وَرِهٍ مُثْقَلِ*

ودارٌ وارِهة : واسعة.

باب الهاء واللام

[هل (وايء)]

هال (يهول) ، هلا ، لها ، (لهى) ، وله ، وهل ، أله ، أهل ، هيل.

هول : قال الليث : الهَوْلُ : المخافة من الأمر لا تدرِي على ما تَهجُم عليه منه ، كَهَوْل الليل ، وهَوْلِ البحر ، تقول : هالَني هذا الأمرُ يَهُولُني ، وأمرٌ هائلٌ ، ولا يقال أَمرٌ مَهُول ، إلا أنّ الشاعر قد قال :

ومَهُولٍ من المَناهل وَحْشٍ

ذي عَراقِيبَ آجِنٍ مِدْفَانِ

وتفسير المَهُول ، أي فيه هَوْل. والعَرَبُ إذا كان الشيءُ هُوَ لَهُ أخرَجوه على فاعِل ، مثل دارع لذِي الدِّرْع ، وإذا كان فيه أو عليه أخرَجوه على مَفعول ، كقولك مَجْنون : فيه ذاك ، ومَدْيون : عليه ذاك.

قال : والتَّهاويل ؛ جماعةُ التَّهْويل ، وهو ما هالك.

٢١٨

والتّهاويل : زِينةُ الوشي ، وكذلك زِينةُ التَّصَاوير والسِّلاح ، وإذا تزيَّنَتْ المرأة بزِينةٍ من لِباس أو حُلِيّ ، يقال : هَوَّلَتْ.

وقال رؤْبة :

وهَوَّلتْ من رَيْطها تَهاوِلَا*

ويقال للرياض إذا تزيّنتْ بنَوْرِها وأَزاهِيرها من بين أحمرَ وأصفرَ وأبيضَ وأخضرَ : قد علاها تَهْويلُها ، ومنه قولُه :

وعازِبٍ قد عَلَا التَّهويلُ جَنْبتَه

لا تَنفَع النَّعلُ في رَقْراقه الحافِي

حدَّثنا عبد الملك عن إبراهيم عن أبي ربيعة ، عن حمّاد عن عاصم ، عن زِرّ عن ابن مسعود في قوله : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) [النّجْم : ١٣] قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : رأيتُ لجبريلَ ستَّمائة جَناح يَنتثِر من رِيشِه التَّهاويلُ والدُّرُّ واليَاقوت ، أراد بالتّهاويل تَزايين رِيشِه ، وما فيه من صُفْرة وحُمْرة وبياض وخُضْرَة مثل تَهاويل الرّياض. والله أعلم.

أبو عبيد عن أبي زيد : تهوَّلْتُ للناقة تهوُّلاً وتذأَبْتُ لها تَذؤُباً : وهو أن تَستخفِيَ لها إذا ظأَرْتَها على ولَدِ غيرها ، فتَشَبَّهْتَ لها بالسَّبُع ليكون أَرأَم لها عليه.

وقال أبو عمرو : يقال : ما هو إلا هُولَة من الهُوَل ، إذا كان كريه المنظَر.

والهُولة : ما يُفزَّع به الصبيّ ، وكلُّ ما هالَكَ يسمّى هُولة.

وقال الكُميت :

كَهُولةِ ما أَوقَدَ المُحْلِفونَ

لَدَى الحالِفين وما هَوَّلُوا

وكانت الهُولة ناراً يوقِدونها عند الْحِلف ، يلقون فيها مِلْحاً فيتفقَّعُ يُهَوِّلون بها.

وكذلك إذا استحلَفوا رَجُلاً.

وقال أوس ابنُ حَجَر :

كما صَدّ عن نارِ المُهَوِّل حالِفُ*

وقال أبو زيد : الهُؤُول : جمعُ هَوْل ، يهمِزون الواوَ لانضمامها ، وأنشد :

رحَلْنا من بلاد بني تميمٍ

إليك ولم تَكاءَدْنا الهُؤُولُ

وقال الأصمعيّ : هِيلَ السكرانُ يُهالُ إذا رأى تَهاويلَ في سُكْرِه فيَفزع لها.

وقال ابن أحمر يصف خَمْراً وشاربها :

تَمَشَّى في مَفاصِله وتَغْشَى

سَنَاسِنَ صُلْبِه حتى يُهالا

وقال أبو الحسن المدائنيّ لمّا قال النابغةُ الجعديُّ لليلى الأَخْيَليَّة :

أَلأ حَيِّيَا ليلَى وقولا لها هَلَا

فقد ركبتْ أَمْراً أَغَرَّ محجَّلا

أجابتْه فقالت :

تُعيِّرني داءً بأمِّك مِثْلُه

وأيُّ جواد لا يقال لها : هَلَا

قال : فغلبته ، قال : وهَلَا زَجْرٌ تُزجَر به الفَرَس الأنثى إذا أُنْزِيَ عليها الفحلُ لتقرّ وتَسكُن.

وقال الكسائيّ في قوله : إذا ذُكِر الصَّالحون فحيَّ هَلَّا بعمرَ ، قال : حيَّ : أَسْرع ، وقوله : هلاً ، أي اسكنْ عند ذِكره.

قلت : وقد مرّ تفسيرُه مُشبَعا في باب هَلْ.

٢١٩

هيل : قال الله جلّ وعزّ : (كَثِيباً مَهِيلاً) [المُزمّل : ١٤] وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لقومٍ شَكَوْا إليه سُرعةً فَناء طَعامهم : أَتكيلُون أم تَهيلون؟ فقالوا : بل نَهيل ، فقال : كِيلُوا ولا تَهيلوا.

قال أبو عبيد : يقال لكل شيء أرسلتَه إرسالاً من رمل أو تُراب أو طعام أو نحوه : قد هِلْتُه أَهِيلُه هَيْلاً ، إذا أرسلتَه فَجَرى ، وهو طعام مَهِيل ، وقال الله جلّ وعزّ : (وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً) [المُزمّل : ١٤].

وقال الليث : الهيْل والهائل من الرَّمل : الذي لا يثُبت مكانَه حتى يَنهالَ فيَسقط.

قال : وهِلتُه أَهِيله ، وأَنشد :

هَيْلٌ مَهِيلٌ من مَهِيل الأَهْيلِ *

قال : والهَيُول : الهَباء المُنْبَثّ ، بالعِبّراني ، أو بالرّومية ، وهو الذي تراه في ضوء الشمس يدخُل كُوَّة البيت.

وقال أبو عبيد : الهالة : دَارَةُ القمر ، وهالة : أمُّ حمزةَ بن عبد المطلب.

ويقال : جاء فلانٌ بالهَيْل والهَيْلمَان إذا جاء بالمال الكثير.

وقال أبو عبيد : أظُنّ أَهَلْتُه لغة ، في هِلْتُه.

أهل : أبو عبيد عن أبي زيد : الإهالة هي الشَّحْم والزَّيت قَطُّ.

وفي حديث كعب : يُجاء بجهنّم يوم القيامة كأنها مَتْنُ إهالة.

وقال غير أبي زيد : كلُّ ما اؤْتُدِمَ به من زُبْد وَوَدَك شحم ودُهن سِمْسِم وغيره فهو إهالة. وكذلك ما علا القِدْرَ من وَدَك اللَّحم السَّمين إهالة واسْتأَهَل الرجُل ، إذا ائتَدَم بالإهالة.

وقال الشاعر :

لا بل كُلي يا مَيّ واستَأهِلِي

إن الذي أنفَقْتِ من مالِيَهْ

أبو عبيد عن الفراء والكسائي : أَهِلْتُ به ووَدَقْتُ به ، إذا استأنَسْتَ به.

وقال الليث : أهْلُ الرجل : امرأتُه.

والتأهُّل : التزوُّج ، وأَهْلُ الرجل : أخضُّ الناس به ، وأهلُ البيت : سُكانه ، وأهلُ الإسلام : من يَدين به ، ومن هذا يقال : فلان أَهلُ كَذا أو كذا ، قال الله جلّ وعزّ : (هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) [المدَّثِّر : ٥٦] جاء في التفسير أنه جلّ وعزّ أَهْلٌ لأنْ يُتَّقَى فلا يُعصَى ، وهو أهل المغفِرة من اتّقاه.

قوله : (هُوَ أَهْلُ التَّقْوى) [المدَّثِّر : ٥٦] ، أي مَوضع أُنسٍ لأنْ يُتَّقَى ، وأهل المغفرة ، أي موضع أنس لذلك والداته. وقال اليزيديّ : آنست به ، واستأنست به ، وأهِلت به أُهُولاً : بمعنى واحد ، وأهَل الرجل يأهَل أُهُولاً : إذا تزوّج ؛ للأنس الذي بين الزوجين.

ويُجمَعُ الأهلُ أَهْلِين وأهْلَات والأهالي جمع الجمع ، وجاءت الياء التي في الأهالي من الياء التي في الأهلِين.

ويقال : أَهّلْتُ فلاناً لأمرِ كذا وكذا تَأْهيلاً. قال الليث : ومن قال : وهَّلْتُه ذهب به إلى لغة من يقول : وَامرْتُه وواكلْتُه.

الحرّاني عن ابن السكيت : مكانٌ مأْهُولٌ : فيه أهلُه ، ومكان آهلٌ : له أهل. وأنشد :

٢٢٠