تهذيب اللغة - ج ٦

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٦

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

هذه أبواب الثلاثي من معتل الهاء

أهملت الهاء مع الخاء [إذا] دخلهما حروف العلَّة.

[باب الهاء والغين]

ه غ [وايء]

هيغِ : الحرَّاني عن ابن السكيت : يقال : إنهم لَفي الأهْيَغَيْنِ : من الخِصب وحُسن الحال ، وعامٌ أَهيَغُ : إذا كان مُخصِباً كثير العُشْب.

سلَمة ، عن الفرَّاء قال : الأهْيَغان : الأكل والنِّكاح ، قال رؤبة :

يَغْمِسْنَ من يَغْمِسْنه في الأهْيَغِ *

باب الهاء والقاف

ه ق [وايء]

قوه ، قاه ، قهى ، هقى ، وهق ، هيق ، أقه.

قيه ـ قاه : قال الليث : القاهُ : الطاعة ، ويقال : بمنزلة الجاه ، وفي الحديث أن رجلاً من أهل اليمن قال للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنا أهلُ قاهٍ ، فإذا كان قاهُ أحدِنا دعَا من يُعينه ، فعَمِلوا له ، أَطعَمَهم وسقاهم من شراب يقال له : المِزْر. فقال : أله نَشْوةٌ؟قال : نعم. قال : فلا تشربوه.

قال أبو عبيد : القاهُ : سرعة الإجابة ، وحُسنُ الإجابة والمعاونة ، يعني أن بعضهم يعاون بعضاً في أعمالهم ، وأصلهُ الطاعة ومنه قول رؤبة :

تالله لولا النّارُ أن نَصْلاهَا

لَمَا سمعنا لأميرٍ قَاهَا

قال : يريد الطاعة ، ومنه قول المخبَّل : واستَيْقَهوا للمحلِّم ، أي أطاعوه ، إلّا أنه مقلوب ، قدم الياء وكانت القاف قبلها ، وهذا كقولهم : جَذَب وجَبَذ.

وقال أبو عبيد : قال الأصمعي : القاهُ ، والأقْه : الطاعة ، ومنه يقال : أقاهَ الرَّجُلُ ، وأَيْقَه ، ويقال : ما لك عليَ قاهٌ : أي سلطان.

قال : وقال الأمويّ : القاهُ : الطّاعة ، عَرَفَتْه بنو أَسد. قلت أنا : الذي يتوجّه عندي في قوله : إنا أهلُ قاهٍ : أي أهل طاعة لمن يتملك علينا ، وهي عادتُنا ، فإذا أمَرَنا بأمرٍ أو نهانا عن أمرٍ أَطعْناه ، ولم نرَ خلافه ، وقوله : فإذا كان قاهُ أحدِنا دعا من يُعينه ، أراد فإذا كان ذو قاهِ أحدِنا دعا الناسَ إلى مَعُونته أطعَمَهم وسقاهم.

١٨١

قال الدِّينوري : إذا تناوب أهلُ الجَوْخان ، فاجتمعوا مرة عند هذا ، ومرة عند هذا ، وتعاونوا على الدِّياس فإن أهلَ اليمن يسمون ذلك القاه ، ونَوبةُ كلّ رجل قاهَة ، وذلك كالطاعة له عليهم ، لأنه تناوبٌ قد ألزموه أنفسَهم ، فهو واجب لبعضهم على بعض.

قهى ـ أقه : أبو عبيدة ، عن الأصمعي : القُوهَة : اللَّبن الحُلو.

وقال الليث : القاهِيُ : الرجلُ المخصب في رَحْله ، وإنه لفي عيشٍ قاهٍ : أي رَفِيهٍ بيِّن القُهُوَّة والقَهْوَةِ وهم قاهِيُّون.

أبو عبيد ، عن الكسائي : يقال للرجل القليل الطُّعم : قد أَقهَى وأَقهم.

وقال أبو زيد : أقهى الرجُل : إذا قلَّ طُعْمُه ، وأَقْهَى عن الطعام : إذا قَذِره فتركه وهو يَشْتَهيه.

وقال أبو السَّمْح : المقْهِي : الأجِمُ الذي لا يشتهي الطعامَ من مَرَض أو غيره ، وأَنشد شمر :

لَكالمسْكِ لا يُقهي عن المسك ذائقُه*

والقهوة : الخمر ؛ سُمِّيتْ قهوةً ، لأنها تُقهِي الإنسانَ : أي تُشْبِعُه. وقال غيره : سُمِّيتْ قهوة ؛ لأنّ شاربَها يُقْهِي عن الطعام : أي يكرهه ويأجَمُه.

وقال الشاعر يذكر نساء :

فأَصبحنَ قد أَقْهَينَ عني كما أَبَتْ

حِياضَ الإمِدَّانِ الهِجانُ القَوامحُ

يصف نساءً سَلوْنَ عنه لمّا كبر.

قوه : الثياب القُوهِيَّة معروفة منسوبةٌ إلى قُهِسْتَان.

قال ذو الرّمّة :

من القُهز والقُوهِيِ بِيضُ المقَابغ*

وحدثنا حاتم بنُ محبوب ، عن عبد الجبار ، عن سُفْيان ، عن عمرو بن دينار : قال في كتاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأهل نجران : لا يُحرَّك راهبٌ عن رهبانيته ، ولا وُقاهٌ عن وُقاهيته ، ولا أُسْقُفٌّ عن أسقفيته ، شهد أبو سفيانَ بنُ حَرب ، والأقرعُ بنُ حابس.

قلت : هكذا رواه لنا أبو يزيد ـ بالقاف ـ والصوابُ لا يحرَّك وافِهٌ عن وُفْهِيته ، كذلك كتبه أبو الهيثم في كتاب ابنُ بُزُرْج بالفاء.

وقال الليث : الوافه : القيِّم الذي يقوم على بيت النصارى الذي فيه صَليبُهم بلغة أهل الجزيرة ، قال : وفي الحديث : «لا يُغَيَّرُ وافهٌ عن وُفهيته». قلت : ورواه ابن الأعرابي «واهفٌ» وكأنهما لُغتان.

هيق : قال الليث : الهَيْق : الدَّقيق الطَّويل ، ولذلك سُمِّي الظَّليم : هَيْقاً. ورجُلٌ هيق ، يُشَبَّه بالظليم لنفاره وجُبنه. وقال غيرُه : الهيق من أسماء الظليم ، والأنثى هيْقة وأنشد :

كَهدَجان الرَّألِ خَلْفَ الهَيْقَةِ

وهق : قال الليث : الوَهَق : الحَبْل المُغارُ يُرمَى في أُنشُوطةٍ فيُؤخَذ به الدّابة والإنسان.

والمُواهقَة : المواظبَة في السَّير ، ومَدُّ الأعناق ؛ تقول : تَوَاهَقَت الرِّكابُ ، وقال رؤبة :

تَنشَّطَتْها كلُّ مِغْلاةِ الوَهَقْ

١٨٢

أبو عُبيد ، عن الأصمعي : المواهقة : أن تسيرَ مثل سَيرِ صاحِبِك.

وقاله أبو عمرو : وهي المُوَاضَخَة والمُواغَدَة ، كلُّه واحد.

وفي «نوادر الأعراب» : فلانٌ مُتَّقِهٌ لفلان ومُؤتَقِهٌ : أي هائبٌ له مطيعٌ.

هقي : الليث : فلانٌ يَهقِي فُلاناً : إذا تناوَلَه بقبيح.

وقال الباهليّ : هَقَى يَهْقِي ، وهَرَف يَهْرِف : إذا هَذَى فأكثر ، وأنشدَ :

أيُترَك عيرٌ قاعدٌ عند ثَلَّةٍ

وَعالاتِها يَهْقِي بِأمِّ حَبِيبِ

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : هَقَى ، وهَرَفَ ، إذا هَذَى.

وقال أبو عمرو : توهَّقَ الحَصا : إذا حَمِي من الشمس ، وأنشد :

وقد سَرَيتُ الليلَ حتى غَرْدقا

حتى إذا حامِي الحَصا توهَّقا

وأهمل الليثُ وغيرهُ الهاء مع الخاء ، وأنشد محمد بن سهل الكُمَيْت :

إذا ابتَسَر الحَربَ أخْلامُها

كِشافاً وهُيِّخَت الأَفْحُلُ

الابتسار : أن يَضْرِب الفحلُ الناقة على غير ضَبَعةٍ. وأخْلامُها : أصحابُها الواحد خِلم.

هيخ (١) : قال هُيِّخَت : أُنيخَتْ ، وهو أن يقال لها عند الإناخة : هِخْ هِخْ وإخْ إخْ.

يقول : ذَلَّلَتْ هذه الحروبُ الفُحُولة فأناختْها.

وقال محمدّ بن سهل : هُيِّخَت الناقةُ : إذا أُنِيختْ ليَقرَعها الفحلُ ، وهُيِّخ الفحلُ : أي أُنِيخَ ليَبْرُك عليها فيضربها.

قلت : هذه الهاء مع الخاء ليست بأصليَّة ، أصلها هَمْزة قلبت هاءُ.

باب الهاء والكاف

[هك (وايء]

كهي ، هوك ، هكي.

كهي : عمرو ، عن أبيه : أَكهَى الرجل : إذا سَخَّن أطراف أصابعه بِنَفَسِه.

قلت : أصلُ أَكْهَى أَكَهَّ ، فقُلبتْ إحدى الهاءين ألفاً.

وقال الليث : الكَهاة : الناقة الضَّخمة كادت تدخُل في السِّنّ.

وقال ابن الأعرابيّ : ناقة كَهاةٌ : عظيمة السَّنام جليلةٌ عند أهلها ، وجاءت امرأةٌ إلى ابن عبَّاس فقالت : في نفسي مسألةٌ وأنا أَكْتَهِيك أنْ أُشافِهك بها : أي أُجِلُّك وأعظِّمك. قال : فاكتُبيها في بطاقة : أي في رُقعة ، ويقال : في نِطاقة. والباء تُبدل من النون في حُروفٍ كثيرة.

وقال غيره : رجل أَكْهَى : أي جبانٌ ضعيف ، وقد كَهِيَ كَهاً.

وقال الشَّنْفَرَى :

ولا جُبَّإٍ أَكْهَى مُرِبٍّ بِعِرْسِه

يُطالِعُها في شأنه : كيف يَفْعَلُ

__________________

(١) كذا أثبتت المادة في المطبوع ، وهي تندرج تحت باب (الهاء مع الخاء) وليس باب (الهاء والقاف).

١٨٣

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الأكْهاء : المتحيِّرون ، والأكْهاء : النُّبلاء من الرجال.

قال : ويقال : كاهَاهُ ، إذا فاخره أيُّهما أَعظم بَدَناً ، وهاكاهُ إذا استَصْغَر عقلَه.

وقوله :

وإن تَكُ إنْساً ما كَها الإنْسُ يفْعَلُ*

يريد : ما هكذا الإنْس يَفعل ، فترك ذا وقَدّم الكافَ.

وحدّثنا المنذريّ ، عن أبي بكر محمد بن أحمد بن النَّضر قال : حدَّثني حسنُ بنُ عبد الله بن عِياضٍ الأسْلميّ قال : حدَّثني مالكُ بنُ إياس بن مالك بن أَوْس الأسْلَمي قال : حدَّثني أبي إياسُ بنُ مالك عن أبيه مالك بن أَوْس أَنَّه حدَّثه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبا بكر تَأوَّبَا أباه أَوْسَ بن عبد الله بقَحْدواتٍ دُوَيْن الجُحْفة من دون رابغ ، وقد ظلعتْ برسول الله ناقتُه القَصْوى ، فدعا أوسُ بنُ عبد الله بفَحْل إبله ، فَحَمل عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وَرَدَفه ، فَسَلَك بها «قَفَا قَحْدواتٍ» ، ثم سَلك به في أحياء ، ثم سَلَك به في ثَنِيَّة المُرَّة ، ثمَّ أتى به من طَرْف صخرة «أَكْهَى» ثم أتى به من دُون «العَصَوَيْن» ثمَّ أتى به من «كشَذ» ، ثمَّ سَلَك به «مَدْلَجة تُعَهِّن» ، وصلَّى بها ، وبَنَى بها مَسْجداً ، ثمّ أتى به من الغَثْيَانة ، ثمّ أجاز به وادي العَرْج ثم سلك به ثنية رَكوبه ثمّ علا «الخلائقَ» ، ثم دخل به المدينة.

يقال : حَجَرٌ أَكْهَى : لا صَدْع فيه.

قال ابن هَرْمة :

كما أعْيَت على الرّاقِين أَكْهَى

تعيَّتْ لا مِياهَ ولا فِراغا

هوك : روي عن عمر بن الخطّاب أنه قال للنَّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إنّا نسمَعُ أحاديثَ في يَهودَ تُعجِبُنا ، أفترى أن نَكتبها؟ فقال : أَمُتَهوِّكُون أنتم كما تَهَوَّكتْ اليَهودُ والنَّصارى؟ لقد جئتُكم بها بَيْضاء نقيّة». قال أبو عُبيد : معناه أَمُتَحَيِّرون أنتم في الإسلام حتى تأخذوه من اليَهود؟ والهَوَكُ : الحُمْق ، وقد هَوِك فهو أَهْوَكُ وهَوَّاك ، وقد هَوَّكه غيره ، ومثله الأهْوَج.

باب الهاء والجيم

[هج (وايء)]

هجا ، هاج ، جهى ، جاه. وجه ، وهج ، هوج.

هجا : قال الليث : هَجَا يَهْجو هِجاءً ، ممدود : وهو الوقِيعة في الأشعار.

وقال ابن هانىء : قال أبو زيد : الهجاء : القراءة. قال : وقلت لرجل من قيس : أتقرأ من القرآن شيئاً؟ فقال : والله ما أَهْجُو منه حَرْفاً : يريد : ما أَقْرَأُ منه حَرْفاً.

قال : ورويتُ قصيدةً فما أهْجُو اليومَ منها بيْتَيْن : أي ما أرْوِي.

وقال غيره : فلانة تَهْجُو صُحْبةَ زوجها : أي تَذُمّه ، وتشكو من صُحْبَته.

ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «اللهم إن فلاناً هجاني فاهجُه اللهم مكان ما هَجَاني» ومعنى قوله «اهجه» اللهم : أي جازِه على هِجائه إيّاي جزاءَ هِجائه ، وهذا كقوله جلّ وعزّ : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها)

١٨٤

[الشّورى : ٤٠] وكقوله : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ) [البَقَرَة : ١٩٤] ؛ فالثاني مجازاة وإن وافَق اللَّفْظُ اللَّفْظَ في هذه الحروف.

ومن مهموز هذا الباب : قال الليث : يقال : قد هَجَأً غَرْثِي يَهْجَأُ هَجْأً : إذا ذهب عنه وانقطع.

ويقال : قد أَهْجَأَ طعامُكم غَرْثِي : إذا قطعَه إهجاءً ، وأنشد :

فَأَخْزَاهُم رَبِّي ودَلَّ عليهمُ

وأطعَمهمْ من مَطْعمٍ غير مُهْجِىء

أبو عبيد ، عن أبي عمرو : هَجَأْتُ الطعامَ : أكلتُه.

وقال غيره : أهجأتُه حقَّه ، وأهْجَيْتُه حَقَّه : إذا أدَّيْتَه إليه.

قال أبو بكر : قال أبو العباس : الهَجَأ يُقصَر ويُهْمَز ، وهو كل ما كنتَ فيه فانقطع عنك.

وقال : ومنه قولُ بشّار وقصرَه ولم يَهْمِزْ ؛ والأصلُ الهمز :

وقَضَيْتُ من وَرَقِ الشبابِ هِجاً

من كل أَحْورَ راجحٍ حَسَبُهْ

وقال الليث : الهجاء ـ ممدودٌ ـ تهجِية الحرُوف ، تقول تهجّأت وتهجَّيْتُ ، بهَمْزٍ وتبديل.

شمر ، قال ابن شميل : فلانٌ على هِجاء فلانٍ أي على قَدْرِه ومثاله.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الهِجَا الشِّبَع من الطَّعام ، والمهاجاة بين الشاعِرَين يتهاجَيان.

هوج : قال الليث وغيره : الهَوجَ مصدرُ الأهْوَج ، وهي الناقة وهو الأحمق ، ويقال للشّجاع الذي يَرمي بنفسه في الحرب : أهْوَج ، ويقال للطُّوال إذا أَفرَط في طُوله : أهْوَجُ الطُّول. قال : والهوْجاء من صفة الناقة خاصّة ، ولا يقال : جملٌ أهوَج ، وهي الناقة السريعة لا تَتعاهَدُ مواطِىءَ مناسِمِها من الأرض.

والهُوجُ من الرِّياح : التي تَحمل المُورَ وتَجرُّ الذَّيل ، والواحدة هَوْجاء.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الهوْجاء من الرِّياح كلّها : الشديدة الهبوب.

أبو عمرو : في فلانٍ عَوَجٌ وهَوَج ، بمعنى واحد.

هيج : قال الليث : هاج البَقْل إذا اصفَرّ وطالَ فهو هائج ، ويقال : بل هِيجَ ، وهاجَتِ الأرضُ فهي هائجة.

أبو عبيد عن الأصمعي : إذا تمّ يُبسُ النّبات قيل : قد هاجت الأرضُ تَهيج هِياجاً.

وقال أبو إسحاق في قول الله : (ثُمَ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا) [الزُّمَر : ٢١] قال : يهيجُ : يأخذ في الجَفاف فتَبتدىء به الصُّفْرة.

وقال الليث : هاجَ الفَحْل هِياجاً ، واهتاج اهتياجاً ، إذا ثار وهَدَر ، وكذلك كلُّ شيء يثور للمشقّة والضرر ، تقول : هاجَ به الدمُ ، وهاجَ الشرُّ بين القوم.

والهَيْجاء : الحَرْب تُمَدّ وتُقْصَر. وتقول : هَيَّجْتُ الشرَّ بينهم ، وهَيّجت الناقَة فانبعثتْ ، ويقال : هِجْتُه فهَاج. رواه أبو عُبَيد عن أبي زيد ، وأنشد غيره :

هِيهِ وإنْ هِجناكَ يابن الأصْوَلِ

١٨٥

وقال الليث : هِيجِ ، مجرورٌ في زَجْر الناقة ، وأنشد :

تَنْجو إذا قال حادِيها لها : هِيجي *

وقال الليث : الهاجَةُ : الضِّفْدِعَة الأنثى.

والنَّعامة يقال لها : هاجَة ، وتصغيرُها هُوَيْجَة. ويقال : هُيَيْجَة ، وجمع الهاجةِ هاجَات.

وقال الأصمعي : يقال للسَّحاب أوّل ما يَنْشأ : هاجَ له هَيْجٌ حَسَن ، وأَنشَد قولَ الرّاعي :

تَراوَحُها رَواعِدُ كلِ هَيْجٍ

وأرواحٌ أَطَلْنَ بها الحَنِينَا

ويقال : يومُنا يومُ هَيْجٍ ، أي يومُ غيْم وَمطَر ، ويومُنا يومُ هَيْج أيضاً ، أي يومُ ريح. وقال الرّاعي :

ونارِ وَدِيقَةٍ في يومِ هَيْجٍ

من الشِّعْرَى نَصبْتُ لها الجَبَينا

يريد يوم رِيح.

وقال النضر : المِهْياج من الإبل : الذي يَعْطَش قبل الإبل ، وهاجَت الإبلُ إذا عطَشَتْ.

قال : والمِلْواح مِثلُ المِهْياج.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الهَيْج : الصُّفرة والهَيْج : الجَفاف ، والهَيْج : الحركة ، والهَيْج : الفِتْنة والهَيْج : هَيَجان الدَّم أو الجماع أو الشَّوق.

جوه : قال الليث : الجاه المنزلة عند السلطان ، ولو صَغَّرْتَ قلت : جُوَيهة ، ورَجُل وَجِيه : ذو وجاهة.

وقال الفرّاء : يقال : جُهْتُ فلاناً بما كَرِه فأنا أَجُوهُه به ، إذا أنتَ تَقَبَّلْتَه به.

وقال : وأصله من الوَجْه فقُلبت ، وكذلك الجاهُ أصلُه الوَجْه.

ويقال : فلانٌ أَوْجَهُ من فلان ، من الجَاه ، ولا يقال : أَجْوَه. والعَرَب تقول للبعير : جاهِ لا جُهْتَ ، وهو زَجرٌ للجَمل خاصَّة.

وجه : قال الليث : الوَجه : مستقبَلُ كلِّ شيء.

والجِهة : النَّحو ، تقول : كذا على جهة كذا ، وتقول : رجلٌ أحمَر من جِهتِه الحمرة ، وأسوَد ، من جهته السَّواد.

والوِجْهة : القِبلة ، وشَبَهتُها في كلِ وِجْهة أي في كلِ وجهٍ استقبلتَه ، وأَخذت فيه.

وتقول : توجَّهوا إليك ووجَّهوا ، كلٌّ يقال ، غير أنَّ قولك : وجَّهوا إليك على معنى وَلَّوْا وُجوهَهم. والتَّوجُّه الفِعْل اللازم.

قال شمر : قال الفراء سمعتُ امرأةً تقول : أخاف أن تَجُوهَني بأكثَر من هذا ، أي تستقبلني.

قال شمر : أراه مأخوذاً من الوَجه فإنه مقلوب قال : والوُجاه والتُّجاه لغتان ، وهو ما استقبَل شيءٌ شَيْئاً ، تقول : دارُ فلانٍ تُجاه دارِ فلان ، والمُواجَهة : استقبالُك الرجل بكلام أو وَجْهٍ.

وفي حديث أم سَلَمَة أنّها لما وَعَظَتْ عائشةَ حين خرجتْ إلى البَصْرة قالت لها : لو أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عارَضَكِ بعضَ الفَلَوات ناصَّةً قَلُوصاً من مَنْهَل إلى مَنْهَل قد وَجَّهتِ سِدافَته وتركتِ عُهَيْداه. في حديث طويل قولُها : وجّهْتِ سِدافته أي أخذتِ وَجْهاً هَتكْتِ سِتْرَك فيه قال القُتَيْبيُّ : ويجوز أن يكون معنى وجّهتِها أي أَزلتِها من المكَان الذي أُمِرْتِ أن تلزميه وجعلتِها أمامك.

١٨٦

قال أبو عبيد : من أمثالهم أينما أُوجِّهْ ألْقَ سَعْدا ، معناه أين أتوجه ، قلت : ومثلُها قدَّم وتقدَّم وبيّن وتبيَّن ، بمعنى واحد. والعَرَبُ تقول : وَجِّه الحَجَرَ جهةً مّا له وَجهةٌ مّا له ؛ يُضَرب مَثَلاً للأمر إذا لم يَستَقِم من جهةٍ أن يُوجَّه له تدبيرٌ من جهةٍ أخرى. وأصلُ هذا في الحَجَر يوضَع في البِناء فلا يستقيم فيُقلَب على وجهٍ آخر فيستقيم. وقال أبو عبيد في باب الأمر يحسن التدبير والنَّهْي عن الخُرْق فيه : وَجِّه الحجَر وجْهةً مّا له ، ويقال : وِجهةٌ مّا له بالرفع ، أي دَبِّر الأمر على وَجْهه الذي ينبغي أن يوجَّه عليه ، وفي حُسن التّدبير. ويقال : ضَرَب وَجْهَ الأمر وعينه. وقال أبو عبيدة : يقال وَجِّه الحجرَ جهةً مّا له ، يقال في موضع الحَضِّ على الطَّلَب ، لأن كل حجر يُرمَى به فله وجهٌ ، فعلى هذا المعنى رَفْعُه ، ومن نصبه فكأنه قال : وجِّه الحجر جِهتَهَ ، وما فَضْلُ ، وموضع المثل ضَع كل شيء موضعه. وقال ابن الأعرابي : وجِّه الحجَر جِهةً مّا له وجهةٌ مّا له ووِجهةً مّا له ووجهةٌ مّا له ، ووَجْهاً مّا له ، ووجهٌ مّا له.

ويقال : وجّهتِ الرِّيحُ الحصَا توجيهاً ، إذا ساقَتْه ، وأنشد :

تُوجِّه أبْساطَ الحُقُوفِ التَّياهِرِ*

ويقال : قادَ فلانٌ فلاناً فوجَّه ، أي انقاد واتَّبَع.

ويقال للرجل إذا كَبِر سنُّه : قد تَوَجَّه.

ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : يقال : شَمِط ، ثم شاخَ ، ثم كبِر ، ثم توجَّه ، ثم دلَف ، ثم دَبّ ، ثم مَجّ ، ثم ثَلَّبَ ، ثم الموت.

ويقال : أتيتُه بوجْهِ نَهارٍ ، وشبابِ نَهارٍ وصَدْرِ نَهارٍ ، أي في أوَّله ومنه قوله :

من كان مسروراً بِمَقْتَلِ مالكٍ

فليأتِ نِسْوَتَنا بِوَجْهِ نَهارِ

وقيل في قول الله جلّ وعزّ : (وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ) [آل عِمرَان : ٧٢] : إنه صلاة الصبح ، وقيل : هو أوَّل النَّهار.

وقال اللِّحياني : يقال : نظر فلان إليّ بِوُجَيْه سَوْءٍ وبجُوه سَوْء وبِجِيه سَوْءٍ.

وقال الأصمعيّ : وجَهتُ فلاناً : ضربتُ وجههَ فهو مَوْجُوهٌ.

وقال أبو عمرو : يقال : أَتى فلان فلاناً فأَوْجهَه وأَوْجأَه ، إذا رَدَّه.

وقال أبو عبيد : قال الخليل في قوافي الشعر : التأسيس ، والتوجيه ، والقافية ، وذلك مثل قول النابغة :

كِليني لِهَمٍّ يا أُمَيْمةَ نَاصبِ*

فالباء هي القافية ، والألف التي قبل الصاد : تأسيس ، والصاد : توجيه بين التأسيس والقافية ، وإنما قيل له : توجيه ، لأن لك أن تغيره بأي حرف شِئت.

ويقال : خرج القوم فوجَّهوا للناس الطريقَ توجيهاً ، إذا وَطَّئُوه وسَلَكُوه حتى استبان أَثَرُ الطّريق لمن يَسلُكُه.

ويقال : أَوْجَهَتْ به أمُّه حين وَلَدَتْه ، إذا خَرَجَ يداه أولاً ولم تلده يَتْناً.

قال أبو بكر : قولهم : لفلانٍ جاهٌ فيهم ، أي منزلة وقَدْر ، فأخِّرَت الواوُ من موضع الفاء ، وجُعِلتْ في موضع العين ، فصار جَوْهاً ، ثم جَعلوا الواوَ ألفاً فقالوا : جاه.

١٨٧

وقال ابن السكيت : فلانٌ أحمَقُ ما يَتَوجَّه ، أي ما يُحسِن أَن يأتي الغائطَ.

وقال ابن شميل : عندي امرأةٌ قد أوْجَهَتْ ، أي قَعَدَتْ عن الولادة.

جهى : شمر أَجْهَى لك الأمرُ والطريق ، أي وَضَح ، وأَجْهت السماءَ أي تقشّعَتْ.

وبيْتٌ أَجْهَى : لا سَقْف له.

وقالت أم جابر العَنْبرية : الجَهاءُ والمُجْهِيَة : الأرض التي ليس فيها شَجَر.

وقال أبو زيد : الْجَهْوة : الدُّبُر.

أبو عبيد عن أصحابه : أَجْهَتِ السماءُ فهي مُجْهيَة ، إذا أَصْحَت ، وأَجْهَتْ لك السُبُل ، أي استبانت ، وبيتٌ أَجْهَى : لا سِتْرَ عليه ، وبيُوتٌ جُهْوٌ ـ بالواو ـ وعَنْزٌ جَهْوَاءُ : لا يَستر ذَنبُها حياهَا.

ثعلب عن ابن الأعرابي : جاهَاه ، إذا فاخَرَه.

وهج : قال الليث : الوَهَج : حَرُّ النار والشمس من بعيد. وقد توهَّجَت النار ، ووَهِجَتْ تَوْهَج.

ويقال للجَوْهر إذا تلألأ : يَتوهَّج ، ووَهَجَان الجَمْر : اضطرامُ توهُّجه ، وأنشد :

مُصْمَقِرُّ الهَجِير ذو وَهَجانِ *

(باب) الهاء والشين

[هش (وا يء)]

هاش ، شاه ، شهو.

شهو : في الحديث : «إن أخوَفَ ما أخافُ عليكم الرِّياء والشهوَة الخَفيَّة». قال أبو عبيد : ذهب بها بعضُ الناس إلى شهوة النساء وغيرِها من الشهوَات ، وهو عندي ليس بمخصوص بشيء واحد ، ولكنه في كل شيء من المعاصِي يُضمِره صاحبُه ويُصِرّ عليه ، فإنما هو الإصرار وإن لم يَعملْه.

وقال غيرُ أبي عبيد : هو أن يرَى جاريةً حسناءَ فيغُضّ طَرْفَه ، ثم ينظرُ إليها بقَلْبه كما كان يَنظر بعيْنه ، وقيل : هو أن ينظر إلى ذاتِ مَحْرَم له حَسْناء ويقول في نفسه : ليتَها لم تحرُم عليَّ.

قال أبو سعيد : الشهْوَة الخفية من الفواحش ما لا يَحِلّ مما يَستخفِي به الإنسان ، إذا فعَله أخفاه ، وكَرِه أن يطّلِع عليه الناس.

قال الأزهريّ : القول : ما قال أبو عبيد في الشهوة الخفيَّة ، غيرَ أني أَستحسِن أن أَنصِب قولَه : والشهْوة الخفية ، وأَجعلَ الواوَ بمعنى مع ، كأنه قال : أخوَفُ ما أَخافُ عليكم الرِّياء مع الشهوة الخفيَّة للمعاصي ، فكأنه يُرائي الناسَ بتركِه المعاصي ، والشّهوَةُ لها في قَلبه مُخفاةٌ ، وإذا استَخفَى بها عَمِلَها.

وقال الليث : رجلٌ شَهْوان ، وامرأةٌ شَهْوَى ، وأنا إليه شَهْوانُ.

وقال العَجَّاج :

فهيَ شَهاوَى وهوَ شَهوانيُ *

وقوم شَهاوَى : ذَوُو شَهوة شديدة للأكل.

ويقال : شَهِيَ يَشْهَى ، وشَها يَشهُو ، إذا اشتَهَى.

قال ذلك أبو زيد. والتشهِّي : اقتراح شهوةٍ بعدَ شهوة.

١٨٨

يقال ؛ تشهّتِ المرأةُ على زَوْجها فأَشهاها ، أي أطلَبَها شهواتِها.

أبو العباس عن ابن الأعرابي : شاهَاهُ في إصابة العَيْن ، وهاشَاهُ ، إذا مازَحَه.

هوش ـ هيش : (قال شمر : قال أبو عدنان : سمعتُ التَّميميَّات يَقُلن : الهَوش والبَوْش : كثرةُ الناس والدوابّ ، ودخلنا السوقَ فما كِدْنا نخْرج من هَوْشها وبَوْشِها.

ويقال : اتَّقوا هَوْشات السوق أي اتقوا الضلال فيها ، وأن يُحْتال عليكم فتُسرَقوا.

وقال أبو زيد : هاشَ القومُ بعضُهم إلى بعض للقتال. قال : والمصدَر الهَيْش.

ورأيتُ هَيشةً ، أي جماعة ، وأنشد للطِّرِماح :

كأن الخَيْمَ هاشَ إليَّ منه

نِعاجُ صَرائمٍ جُمِّ القُرونِ

وقال أبو عمرو : هاشَ يَهيشُ هَيْشاً).

وقال عبد الله بن مسعود : إيّاكم وهوْشاتِ اللَّيل وهَوْشَات الأسواق ، وبعضهم يَروِيه وهَيْشَات.

قال أبو عبيد : الهَوْشة : الفِتْنة والهَيْج والاختلاط ، يقال منه : قد هَوَّشَ القومُ ، إذا اختَلَطوا ، وكل شيء خَلَطْتَه فقد هوّشْتَه.

وقال ذو الرُّمّة :

تَعفَّتْ لِتَهْتانِ الشِّتاء وهَوَّشَتْ

بها نائجاتُ الصَّيف شرقيَّةً كُدْرا

وصَفَ منازلَ هبّت بها رِياح الصيف فخَلطتْ بعضَ أثرِها ببعض.

وفي حديثٍ آخر : من أصاب مالاً من مهاوِشَ أذهبهُ الله في نهابِر.

قال أبو عبيد : المهَاوِش : كل ما أُخِذ من غير حِلِّه. قال : وهو شبيهٌ بما ذُكِر من الهَوْشات.

وقال أبو بكر بن الأنباريّ : قولُ العامّة : شَوَّشْتُ الأمرَ ، صوابه : هَوَّشْت.

قال : وشَوَّشْت خطأ.

وقال الليث : إذا أُغِيرَ على مالِ الحيِّ فَنفرتِ الإبلُ واختلَط بعضها ببعض ، قيل : هاشَتْ تهُوش ، فهيَ هَوائشُ.

ويقال : رأيتُ هُواشةً من الناس ، وهُوَيشةً ، أي جماعةً مختلِطة.

ثعلب عن ابن الأعرابي : إبلٌ هَوّاشة ، أي أخِذت من هاهنا وهاهنا ، ومنه : مَن اكتسب مالاً من مَهاوِشَ ، ويُروَى من نهاوِش ؛ وهذا مِن أنْ يُنهَشَ من كل مكان.

ورواه بعضهم : من تهاوِش وذو هاشٍ : موضع ذكَره زُهير في شعره. والهَيشات : نحوٌ من الهَوْشات ، وهو كقولهم : رجل ذو دغَواتٍ ودَغَياتٍ.

وفي حديث آخر : ليس في الهَيشات قَوَد ، عُنِي به القتِيل يُقتَل في الفتنة لا يُدرَى مَن قتَله.

وقال أبو زيد : هاشَ القومُ بعضُهم إلى بعض هيْشاً ، إذا وثب بعضهم إلى بعض للقتال ، ورأيت هَيشةً من الناس ، أي جماعةً. وتهيَّشَ القومُ بعضُهم إلى بعض تهيُّشاً.

١٨٩

أبو عُبيد عن الكسائي : الهَيْش : الحَلَب الرُّوَيد ، جاء به في باب حَلَب الغَنَم.

وقال أبو زيد : هذا قتيلُ هَيْشٍ ، إذا قُتل وقد هاشَ بعضُهم إلى بعض. والهَيْشة : أمَّ حُبَين. قال بِشر بن المعتمِر :

وهَيْشةٌ تأكلُها سُرْفَةٌ

وسِمْعُ ذِئبٍ همُّه الحُضْرُ

وقال :

أشكو إليك زماناً قد تَعرَّقَنا

كما تَعرَّق رأسَ الهَيْشة الذِّيبُ

يعني أمَّ حُبَين.

شوه : في حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه رَمَى المشركين يومَ حُنين بكفٍّ من حَصًى وقال : شاهت الوجوهُ ، فكانت هزيمةُ القوم.

قال أبو عبيد : قال أبو عمرو : يعني قَبُحَت الوُجوه. يقال شاهَ وجهه يَشُوه ، وقد شَوَّهه الله ، ورجُلٌ أشْوَه ، وامرأةٌ شَوْهاءَ ، والاسم الشُّوهَة.

ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الشُّوهَة : البُعْد ، وكذلك البُوهَة يقال : شُوهَةً له وبُوهَةً ، وهذا يقال في الذّمّ. قال : والشُّوهَة : الإصابة بالعَين.

أبو عبيد عن الأصمعي : رجل شائِهُ البَصَر ، وشاهِي البَصَر ، وهو الحديد البَصَر.

ابن بُزُرج : يقال : رجل شَيُوهٌ ، وهو أَشْيَهُ الناسِ ، ويقال : إنه يَشُوهُه ويَشِيهُه ، أي يَعينُه.

وقال شمر : رجلٌ شاهُ البَصر وشاهِي البَصر بمعنى. قال : وفَرسٌ شَوْهاءُ ، إذا كانت حديدةَ النَّفْس ، ولا يقال للذَّكر أشْوَه ، ويقال : هو الطويل إذا جُنِب.

وقال ابن الأعرابيّ : عن أبي المكارم : إذا سمعْتَنِي أتكلَّم فلا تُشَوِّه عليّ ، أي لا تقُل ما أَفْصحَك ، فتُصيبني بالعين.

وقال غيرُه : فلانٌ يتشوَّه أموالَ الناس لِيُصيبَها بالعَيْن.

ويقال : امرأةٌ شَوْهاءُ ، إذا كانت قبيحة ، وامرأة شوهاء إذا كانت حَسناء ، وهذا من الأضْداد. وقال الشاعر :

وبجارةٍ شوْهاءَ ترقُبُني

وَحَماً يَظَلُّ بمَنْبِذِ الحِلْسِ

ورُوي عن مُنْتَجِع بن نَبْهَان أنه قال : امرأةٌ شَوْهاء ، إذا كانت رائعة حَسَنة ، قال : وفَرَسٌ شَوْهاء ، إذا كانت واسعةَ الشِّدق. قال : ولا يقال للذَّكَر أشوَه ، إنما هي صفةٌ للأنثى.

وقال الليث : الأشْوَه : السريع الإصابة بالعَين ، والمرأة شَوْهاء. قال : والشَّوَهُ مصدر الأشوه ، والشَّوهاء ، وهما القَبيحا الوجه والخلقة ، قال : وفَرَسٌ شَوْهأ ، وهي التي في رأسها طُول ، وفي مِنْخَرَيْها وفمِها سَعة.

وقال اللِّحياني : شُهتُ مالَ فلانٍ شَوْهاً ، أي أَصَبْتُه بعيني ، ورجلٌ أشوَه وامرأةٌ شَوْهاء ، إذا كان يصيب الناسَ بعيْنه.

وقال الأصمعيّ : الشُّوَّه الحُسَّد ، والواحد شائِه.

وقال اللِّحياني : شُهْتُ فلاناً : أفزَعْتُه ، وأنا أَشُوهُه شَوْهاً.

أبو عبيد عن الأحمر : الأشْوَه : الشديد الإصابة بالعَين ، والمرأة شَوْهاء.

١٩٠

وقال أبو عمرو : إنَّ نفسَه لتَشُوه إلى كذا ، أي تَطَمح إليه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ أنه قال : الشَّوْهاء التي تُصيبُ بالعَين فتَنفُذُ عينُها.

والشّوْهاء : القَبيحة ، والشُّوْهاء : المَليحة ، والشَّوْهاء : الواسعة الفَم ، والشوهاء : الصغِيرة الفَم. وقال الشاعر يصف فَرَساً :

فهي شَوْهاءُ كالجُوالِق فُوها

مُستجافٌ يَضِلُّ فيه الشَّكِيمُ

الليث : الشاه تصغَّر شُوَيْهَة ، والعَدَد شِياه ، والجميع شاءٌ ، فإذا تَركوا هاءَ التأنيث مَدُّوا الألفَ ، وإذا قالوها بالهاء قَصَرُوا ، وقالوا : شاةٌ ، وتُجمَع على الشَّوِيِ أيضاً.

قال ثعلب : قال ابن الأعرابيّ : الشاءُ والشَّوِيّ والشِّيّهُ واحد. وأرضٌ مُشَاهَةٌ : كثيرةُ الشَّاءِ.

ويقال للثَّوْر الوحشيّ : شاة ، والشاة أصلُها شاهة ، فحُذِفَت الهاء الأصلية ، وأُثْبِتَتْ هاء العلامة التي تنقَلب تاءً في الإدراج.

وقيل في الجمع : شاءٌ ، كما قالوا : ماءٌ ، والأصل : ماهةٌ وماءَةٌ ، وجمعها مِياهٌ.

وفي الحديث أنّ النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «بينا أنا نائمٌ رأيتُني في الجنّة ، فإذا امرأةٌ شَوْهاء إلى جَنب قَصْر ، فقلتُ : لمَن هذا القصر؟ قالوا : لِعُمَر».

ورَوى أبو حاتم عن أبي عبيدة عن المُنْتَجع أنّه قال : الشّوْهاء : المرأةُ الحَسنة الرائِعة.

باب الهاء والضاد

[هض (وايء)]

ضهى ، (ضاهي) ، ضهو ، وهض ، هاض ، هضى.

هضي : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : هاضاهُ إذا اسْتَحْمَقَه ، واستَخَفَّ به.

وقال : الأَهْفاءُ : الجماعاتُ من الناس.

والهَضَّاء ـ بتشديد الضاد ـ : الجَماعةُ من النّاس.

ضهى : قال الليث : المُضاهاةُ : مُشاكلةُ الشيء بالشيء ، وربَّما هَمزوا فيه. قال الله جلّ وعزّ : (يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا) [التوبة : ٣٠].

وقال الفرّاء : يُضَاهُون أي يُضارِعُون (قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، لقولهم : اللات والعُزّى.

قال : وبعضُ العرب يَهمِز فيقول : (يُضاهِؤُنَ) [التّوبَة : ٣٠] ، وقد قرأَ بها عاصم.

وقال أبو إسحاق : معنى قولِه : (يضاهون قول الذين كفروا) أي يُشَابِهون في قولِهم هذا قولَ مَن تقدّم من كَفَرَتِهم ، أي إنما قالوه اتّباعاً لهم. قال : والدليل على ذلك قولُه جلّ وعزّ : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً) [التّوبَة : ٣١] أي قَبِلُوا منهم أنّ المسيحَ والعُزَيْرَ ابنا الله.

قال : واشتقاقُه من قولهم : امرأةٌ ضَهْيَاء وهي التي لا يَظهَر لها ثَدْي ؛ وقيل : هي التي لا تَحيض ، فكأنّها رَجُل شَبَهاً.

قال : وضَهْياءُ فَعْلاءُ ، الهمزة زائدة كما زِيدتْ في شَمأل ، وفي غِرْقِىء البَيْض.

١٩١

قال : ولا نَعلم لهمزَةٍ زِيدتْ غيرَ أوَّلٍ إلا في هذه الأسماء.

قال : ويجوز أن تكون الضَّهْيَأُ بوَزْن الضَّهْيَع : فَعْيَلاً وإن كانت لا نظير لها في الكلام. فقد قالوا : كَنَهْبَلُ ، ولا نظهير له.

وقال أبو زيد : الضَّهْيَأُ بوزن الضَّهْيَع مهموزٌ مقصور ، مثلُ السَّيَال وجَناتُهما واحد في سِنْفَةٍ ، وهي ذات شَوْكٍ ضعيف.

قال : ومَنِبيها الأودية والجِبال.

ورَوَى ثعلب عن عَمرٍ وعن أبيه قال : أضَهَى فلانٌ إذا رَعَى إبِلَه الضَّهْيَأَ ، وهو نَباتٌ مَلبَنةٌ مَسمَنة.

وقال ابن بُزُرْج : ضَهْيَأَ فلانٌ أَمرَه إذا مَرَّضَه ولم يَصرِمه.

وقال الليث : الضَّهْيَاء : التي لم تَحِض قَطّ. وقد ضَهِيَتْ تَضْهَى ضَهًى.

قال : والضَّهْوَاء التي لم تَنْهَد. (قلت : رواه أبو عبيد عن أصحابه الضَّهْيَاء على فَعْلاء : المرأةُ التي لا تحيض ، وجمعُها ضُهْيٌ. قال ذلك الأصمعيّ والكسائيّ معاً ، ومَدَّاها.

وقال شمر : امرأةٌ ضَهْياء وضَهْواء بالواو والياء.

وقال أبو سعيد : فلانٌ ضَهِيُ فلان ، أي نظيرُه.

وفي الحديث «أشَدُّ الناس عذاباً يومَ القيامة الذين يُضاهُون خَلْقَ الله» ، أراد المصوِّرِين ، وكذلك معنى قولِ عمر لكعب : ضاهَيْتَ اليهوديةَ ، أي عارضتَها.

وقال شمر : قال خالد بن جَنْبة : المضاهاةُ المتابَعة ، يقال : فلان يُضاهي فلاناً ، أي يُتابِعه.

ضهو : عمر عن أبيه : الضَّهْوة : بِركةُ الماء ، والجميع أضْهَاء.

أبو عُبيد عن الأمويّ : ضاهأتُ الرجلَ : رَفَقْتُ به.

ورُوِي أنّ عِدّةً من الشعراء دَخَلوا على عبدِ الملك ، فقال : أَجِيزوا :

وضَهْيَاءَ من سِرِّ المَهارِي نَجيبةٍ

جلستُ عليها ثم قلت لها إخِ

فقال الراعي :

لِنَهْجَعَ واستَبْقَيتُها ثم قَلَّصَتْ

بسُمْرٍ خِفافِ الوَطْءِ واريةِ المُخِ

والضَّهْيَاء من النُّوق : التي لا تَضْبَع ولا تَحمِل ، ومن النساء : التي لا تحيض.

هيض : رُوي عن عائشة أنها قالت في أبيها : «لو نَزَل بالجبال الراسيات ما نَزَل بأبي لهاضَها».

قال أبو عبيد : قال الأصمعيّ وغيرُه : قولُها : لَهاضَها ، الهَيْض : الكَسْر بعد جُبورِ العَظْم ، وهو أشدّ ما يكون من الكَسْر ، وكذلك النُّكْس في المَرَض بعد الاندمال. وقال ذو الرُّمّة :

ووجه كقَرْن الشمس حُرّ كأنما

تَهيضُ بهذا القَلْب لَمْحتُه كَسْرا

وقال القطاميّ :

إذا ما قلتُ قد جَبَرتْ صُدُوعٌ

تُهاضُ وما لما هِيضَ اجتِبار

١٩٢

وقال الليث : الهَيْضة : معاوَدة الهَمّ والحُزْن ، والمَرْضة بعد المَرْضة.

وقال غيرُه : أصابت فلاناً هَيْضَةٌ ، إذا لم يوافِقْه شيء يأكُلُه وتغيَّر طبعُه ، وربما لان من ذلك بطنُه فكثُر اختلافُه.

وقال ابن شميل : المُستهاض : المريض يَبرأ فيَعمل عملاً يَشُقُّ عليه ، فيُنْكَس.

وهض : وقال الأصمعي : يقال لِما اطمأنّ من الأرض : وَهْضة.

وقال أبو السَّميْدَع : هي الوهْضة والوَهْطة وذلك إذا كانت مُدَوَّرة.

وقال ابن الأعرابيّ في قول عائشة : لَهاضَها ؛ أي لألانَها. والهَيْضُ : اللِّين.

باب الهاء والصاد

[هص (وايء)]

صهى ، (صهوة) ، وهص ، هيص ، هصى : مستعملة.

صهى : قال الليث : الصَّهْوة : مؤخَّر السَّنام ، وهي الرادفة تراها فوق العَجُز مؤخَّرَ السَّنام. وقال ذو الرمَّة يصف ناقة :

لها صَهْوَةٌ تتلو مِحالاً كأنها

صَفاً دَلَصَتْه طَحْمَةُ السَّيلِ أخلَقُ

قال : والصَّهَوات ما يُتخذ فوق الرَّوابي من البُروج في أعاليها ، وأنشد :

أَزْنأَنِي الحُبُّ في صُهَا تَلَفٍ

ما كنتُ لو لا الرَّبابُ أَزْنَؤُها

وقال النضر : الصَّهْوة : مكانٌ متطامِن أحدَقت به الجبال ، وهي الصُّهاوية ؛ سُمِّيتْ صَهْوَةُ الفَرَس ـ وهو موضع لِبْدِه من الظَّهر ـ لأنه متطامِن.

وقال أبو عبيدة : الصَّهَوات أوساطُ المَتْنَيْن إلى القَطاة.

وقال أبو زيد : الصَّهْوة أعلى كلِّ شيء ، وأنشد :

فأقسَمْتُ لا أَحْتَلُّ إلّا بصَهْوَةٍ

حَرامٍ عليَّ رَمْلُه وشَقائِقُهْ

(ابن الأعرابي : تَيْسٌ ذو صَهَوات ، إذا كان سميناً ، وأنشد :

ذا صَهَواتٍ يَرتَعِي الأَدلاسا

كأنَّ فوقَ ظَهْرِه أَحلاسا

مِن شَحمِه ولَحمِه دِحاسا

(ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : هاصاه ، إذا كَسَر صُلبَه ، وصاهاه إذا رَكِب صَهْوَته.

قال : وصَهَا ، إذا كَثُر مالُه.

أبو عبيد عن الأصمعي : إذا أصابَ الإنسانَ جُرحٌ فجَعَل يَندَى ، قيل : صَها يَصْهَا.

وقال أبو عمرو : صِهْيَوْنُ هي الرُّوم ، وقيل : بيت المَقدِس. وقال الأعشى :

وإن أَحْلبَتْ صِهْيَوْنُ يوماً عليكما

فإِنّ رَحَا الحَرْب الدَّكُوك رَحَاكُما

هصى : ثعلب عن ابن الأعرابي : الأهْصاء الأشِدَّاء. وقال : هَصَى ، إذا أسَنَّ.

وهص : قال الليث : الوَهْص : شِدَّةُ غَمزِ وَطْء القَدَم على الأرض ، وأنشد :

على جِمالٍ تَهِضُ المَواهِصا

١٩٣

وكذلك إذا وَضَع قدمَه على شيء فشَدَخه. تقول : وهَصَه.

وفي حديث عمر : من تَوَاضعَ رفعَ الله حكْمَتَه ، ومن تكبَّر وعَدا طَوْزَ ، وَهَصَه الله إلى الأرض.

قال أبو عبيدة : قولُه وَهَصه يعني كَسَره ودَقَّه ، يقال : وهَصْتُ الشيء وَهْصاً ووَقَصْتُه وَقْصاً ، بمعنى واحد.

وقال شمر : سألت الكلابِيّين عن قوله :

كأنّ تحت خُفِّها الوَهّاصِ

مِيظَبَ أُكْمِ نِيطَ بالمِلاصِ

فقالوا : الوَهّاص : الشديد. والمِيظَب : الظُّرَر ، قال : والمِلاصُ الصَّفا.

وقال ابن شميل : الوَهْص والوَهْسُ والوَهْزُ : واحد ، وهو شدة الغَمْز.

وقال الليث : رجل مَوْهوصُ الخَلْق : لازِمٌ عظامُه بعضُها بعضاً ، وأنشد :

مُوَهَّصٌ ما يتشكى الفائقا

وقال ابن بُزرج : بنو مَوْهَصَى : هُمُ العَبيد.

وأنشد :

لحَى الله قوماً يُنكِحون بناتِهِم

بَنِي مَوْهَصَى حُمْرَ الخُصَى والحناجِرِ

هيص : أبو عمرو : هَيْصُ الطير : سَلْحُه ، وقد هاصَ يَهيصُ ، إذا رَمَى به.

وقال العجاج :

مَهايِصُ الطَّيْرِ على الصُّفِيِّ*

ويُروَى : «مَواقِعُ الطَّيْرِ» ثعلب عن ابن الأعرابي : الهَيْصُ : العُنْف بالشيء ، والهَيْصُ : دَقُّ العُنُق.

باب الهاء والسين

[هس (وايء)] سها ، هسا ، وهس ، هاس ، (يهيس ويهوس).

سهو (سها): قال الليث : السَّهْو الغَفْلة عن الشيء وذَهابُ القلب عنه. وإنه لساهٍ بيِّنُ السَّهْو ، والسُهُوّ ، وسها الرجلُ في صَلاته ، إذا غَفَل عن شيء منها.

أبو عبيد : السَّهْوة : الناقة اللّينة السّير ، ويقال : بعيرٌ ساهٍ راهٍ ، وجِمالٌ سَواهٍ رَواهٍ لَواهٍ.

ثعلب عن ابن الأعرابي : ساهاه : غافَلَه ، وهاسَاه ، إذا سَخِر منه ، فقال : هِيسَ هِيسَ.

أبو عبيد ، عن الأصمعيّ : الأَساهِيّ والأساهيج : ضروبٌ مختلِفة من سَيْر الإبل.

وقال غيره : بغلةٌ سَهْوة ، وهي اللّيّنة السير لا تُتْعِب راكبها ، فإنها تُساهِيه.

قال : والمُساهاة : حُسنُ العِشرة ، ولا يقال للبَغْل : سَهْو ، وكذلك الناقة. قال زهير :

كِنازُ البَضِيع سَهْوَةُ السَّيْر بازِلُ*

وقول العجاج :

حُلْوُ المُساهاة وإِن عادَى أَمَرّ*

قال شمر : حُلْوُ المُساهاة ، أي المُياسرة والمُساهَلة.

ورُوي عن سَلمانَ أنّه قال : يوشِك أن يَكْثُرَ أهلُها ، يعني الكُوفة ، فتملأ ما بين النّهْرَيْنِ حتى يَغْدُو الرجلُ على البَغْلة السَّهْوَة فلا تُدْرِكُ أقصاها.

١٩٤

ويقال : أفعَلُ ذلك سَهْواً رَهْواً ، أي عَفْواً بلا تَقاضٍ.

ويقال : يَروحُ على بني فلان مِن المالِ ما لا يُسْهَى ولا يُنهَى ، أي لا يُعَدُّ كثرةً.

وقال ابن الأعرابيّ : معنى لا يُسْهَى لا يُحزَر.

أبو عبيد عن الأحمر : ذهبتْ تميمٌ فلا تُسْهَى ولا تُنْهَى ، أي لا تُذْكَر.

قال : وقال الأصمعيّ : البيتُ المُعَرَّس الذي عُمِلَ له عَرْس ، وهو الحائط يُجعَل بين حائطَي البيْت لا يَبْلُغ أقصاه ، ثم يوضَع الجائز من طَرَف العَرس الدّاخل إلى أقصى البيت. وسُقِّف البيتُ كلُّه ، فما كان بين الحائطَين فهو السَّهْوَة وما كان تحت الجائز فهو الْمُخْدَع.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ ، قال : والسَّهْوَة : صُفَّةٌ بين بَيْتَيْن أو مُخْدَع ، وجمعُها سِهاء.

قال : والسَّهْوَة في كلام طَيْىء : الصخرة التي يقوم عليها السّاقي. والسّهوة : الكَنْدُوخ والسهوَة : الرّوشَنُ ، والسّهْوة : الغَفْلَة ، والسّهْوة : الكُوَّة بين الدارَين.

ورَوى الخَرَّاز عن ابن الأعرابيّ أنه قال : السّهْوَة : الحَجَلَة أو مثل الحَجَلة ، والسهوة : بيتٌ على الماء يَستظِلُّون به تَنصبه الأعراب.

وقال أبو الهيْثم : قال أبو ليلى : السَّهْوة : سُترة تكون قُدَّام فناءِ البيت ، ربما أحاطت بالبيت شِبْه سُورٍ حول البيت.

أبو عبيد عن أبي عمرو : حَملتْ به أمُّه سَهواً ، أي على حَيْض.

وقال الليث : المُساهاة حسنُ المخَالقة ، وأنشد ؛

حُلو المُساهاةِ وإنْ عادى أَمَرّ*

قال : والسُّهى كُوْيكِب خفيّ صغير. يقال : إنه الذي يسمى : أسلم مع الكوكب الأوسط من بنات نعش ومنه المثل السائر :

«أُريها السُّها وترِيني القَمَرْ»

هسا : أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ قال : الأهْساء : المتحيِّرون.

هوس ـ هيس : قال الليث : الهَوَسُ : الطَّوَفان باللَّيل ، والطَّلَب في جُرأة ، تقول : أسدٌ هَوَّاس ، ورجل هَوَّاسة : مجرَّب شجاع.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الهَوْس : الأكْل الشديد.

والعرب تقول : الناس هَوْسَى ، والزمان أهْوَسُ قال : الناسُ يأكلون طيِّبات الزمان ، والزمانُ يأكُلهم بالموت.

أبو عبيد ، عن الأصمعيّ : هُسْتُه هَوْساً ، وهِسْتُه هَيْساً ، ووَهَسْتُه وَهْساً ، وهو الكَسْر والدَّقّ ، وأَنشد :

إنَّ لنا هَوَّاسةً عَرِيضاً*

قال : وقال الفرَّاء : الهَوِسةُ من النُّوق : التي يتردَّد فيها الضَّبَعة ، وأنشد :

فيها هَدِيمُ ضَبَعٍ هَوَّاسِ *

أبو عبيد : الهَيْسُ : السيْر أيّ ضَرْبٍ كان وأَنشد :

إحدى لياليكِ فهِيسي هِيسِي

١٩٥

لا تَنعَمِي الليلةَ بالتَّعريسِ

شمر عن ابن الأعرابيَّ : إنَّ لُقمان بن عاد قال في صفة النَّمل : أقبلتْ مَيْسا ، وأَدبَرتْ هَيْسا. قال : تهِيس الأرضَ : تدُقُّها.

وقال الليث : العَرَب تقول للغَارة إذا استباحتْ قريةً فاستأصَلتْها : هِيسِى هِيسِي ، وقد هِيسَ القومُ هَيْساً.

ويقال : ما زِلْنا ليلتنا نهِيس ، أي نَسْرِي.

وهس : قال الليث : الوَهْس : شدَّة السَّيْر ، وهَسوا وتوهَّسوا وتواهَسوا ، وسيرٌ وَهِسٌ.

والوَهْس أيضاً في شِدّة البُضع والأكْل والشرب وأنشد :

كأنه ليثُ عَرِينٍ دِرْباسْ

بالعَثَّرَيْن ضَيْغَمِيٌ وَهَّاسْ

شمر : الوَهْس : شدّة الغَمْز ، ومرَّ يَتوهَّس أي يَغمِز الأرض غَمْزاً شديداً ، وكذلك يَتوهَّز.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : التوهُّس : مَشيُ المثقَل في الأرض.

وقال غيره : الوَهِيسَة (أن يُطبَخ) الجرادُ ثم يُجفَّف ثم يُدَقّ ثم يُقمَح ويؤكل بدَسَم.

باب الهاء والزاي

[هز (وايء)]

هزأ ، زها ، (زهَى) ، وهز ، هوز.

هزأ : أبو عليّ عن الأصمعي : قال يونس : إذا قال الرجلُ : هَزِئْتُ منك ، فقد أخطأ ، إنما هو هَزِئتُ بك واستهزأت بك.

قال : وقال أبو عمرو : يقال سَخِرتُ منك ، ولا يقال سَخِرْتُ بك.

قال الأصمعي فيما رَوَى له ابن الفَرَج : نَزَأْتُ الرَّاحلَة وهَزَأْتُها إذا حرَّكتهَا.

وقال الليث : الهُزْءُ : السُخْرية ، يقال : هَزِىءَ به يهزَأ به واستهزأ به. ورجل هُزَأَةٌ يَهَزَأُ بالنَّاس ، ورجل هُزْأَة : يُهزأُ به.

وقال الزّجاج في قول الله جلّ وعزّ : (قالُوا [إِنَّا مَعَكُمْ])(١)(إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (١٤) اللهُ يَسْتَهْزِئُ) [البقرة : ١٤ ، ١٥] القراءة الجيِّدة على التحقيق ، فإذا خَفَّفتَ الهمزَ جعلتَ الهمزة بين الواو والهمزة فقلت : مُستهزِئون ، فهذا الاختيار بعد التَّحقيق.

ويجوز أن يُبَدل منها ياءٌ ، فيقال : مستهزِيُون فأما مُستهْزون فضعِيف ، لا وجهَ له إلّا شاذّاً على قول من أَبدَل من الهمزة ياءً فقال في استهزأت : استهزيت ، فيجب على استهزَيْت مُسْتهزُون.

وقول الله جلّ وعزّ : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) أي يُجازِيهم على هُزْئهمْ بالعذاب ، فسُمِّي جزاءُ الذَّنْب باسمه ، كما قال الله جلّ وعزّ : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) [الشّورى : ٤٠].

شمر عن ابن الأعرابيِّ : أَهزَأَه البَرْدُ.

وأَهرأَه ، إذا قَتَلَه ومثلُه أزعَلَه وأَرْغَلَهُ فيما تعَاقَب فيه الزّاي والرَّاء.

زها : في «النوادر» زَهَوْتُ فلاناً بكذا أَزْهَاه ، أي حَزَرْتُه ، وزهوْته بالخشبة : ضربته بها.

__________________

(١) زيادة من القرآن الكريم.

١٩٦

وقال الليث : الزّهْو : الكِبْر والعَظَمة ، ورجل مَزْهُوٌّ ، أي معجَب بنفسه.

قال : والرِّيح تَزْها النَّباتَ ، إذا هَزَّتْه بعد غِبِّ المطر.

وقال أبو النجم :

في أقحوانٍ بلَّه طَلُّ الضّحا

ثم زَهَتْه ريحُ غَيمٍ فازدَهَا

والسراب يَزْها القُورَ والحُمُولَ كأنّه يَرفَعها.

قال : والأمواجُ تَزْها السفينة. تَرفَعها.

وازدهَيْتُ فلاناً ، أي تهاونْتُ به. والزَّهْو : الفَخْر ، وقال الهذليّ.

متى ما أَشأْ غير زَهْوِ الملو

كِ أجعَلْكَ رَهْطاً على حُيَّضِ

وروى أنسُ بن مالك «أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نَهَى عن بيع الثّمر حتى يَزْهُو. قيل لأَنَس : وما زَهْوُه؟ قال : أن يَحْمَرَّ أو يَصْفَرَّ». وروى ابن عمر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نهَى عن بَيْع النَّخْل حتى يُزْهِيَ.

قال شمر : قال ابن الأعرابيّ : زها النبتُ إذا نَبَتَ ثمرتُه ، وأَزْهَى ، إذا احمرّ أو اصفرّ.

قال : وَزَها النباتُ : طال واكتَهل وأنشد :

أَرَى الحُبَ يَزْها لي سَلامة كالذي

زَهَا الطَّلُّ نَوْراً واجهَتْه المَشارِقُ

يريد : يزيدها حُسْناً في عيني.

وروى ابن شميل عن أبي الخطاب أنه قال : لا يقال إلّا يُزْهِي للنَّخْل ، قال : وهو أن يحْمرّ أو يصفَرّ ، قال : ولا يقال : يَزْهُو.

أبو عبيد عن الأصمعي : إذا ظهرتْ فيه الحمرة قيل : أَزْهَى.

وقال خالدُ بن جَنْبة : زُهِيَ لنا حَمْلُ النَخْل فنَحسِبه أكثرَ ممّا هو ، وزُهِيَ فلانٌ ، إذا أُعجِب بنفسه.

وقال الليث : زَهْوُ النبات : نَوْرُه.

قال : ويقال : يَزْهُو في النّخل خطأ ، وإنما هو يُزْهِي ؛ والإزْهاء أن يحمرَّ أو يصفَرَّ.

أبو عبيد عن الأصمعي : إذا ظَهَر في النَّخل الحُمْرة ، قيل : أَزْهَى يُزْهِي ، وهو الزَّهْو ، وفي لغةِ أهلِ الحجار : الزُّهُوّ.

الليث : الزَّهْو : المنظَر الحَسَن والنّبت الناضر.

ابن بُزُرج : قالوا : زُهاءُ الدنيا : زينتها وإيناقُها.

أبو عبيد عن أبي زيد قال : إذا وردت الإبلُ الماءَ فشربتْ ، ثم سارتْ بعد الوِرْد ليلةً أو أكثر ، ولم تَرْع حَولَ الماء ، قيل : زَهَتْ تَزْهو زَهْواً ، وقد زَهَوْتها أنا ، بغير ألف.

وقال الليث : الزَّهْو أن تَشرب الإبلُ ثم تُمدّ في طلب المَرعَى ولا ترعَى حولَ الماء. وأنشد :

من المؤلفات الزَّهْوَ غيرِ الأَوارِكِ*

وقال أبو سعيد : لا أعرِف ما قال في الزَّهْو ، قال : وقال ابن الأعرابي : الإبل إبلان : إبلٌ زاهية زالَةُ الأحْناكِ لا تَقْرَب العِضاهَ ، وهي الزَّواهِي ، وإبلٌ عاضِهةٌ

١٩٧

ترعَى العِضاهَ وهي أحمَدُها وخَيرُها ، وأما الزّاهية الزّالّة الأحْناك عن العِضاه فهي صاحبةُ الحَمْضِ ولا يُشبِعها دُون الحَمْض شيء.

قال ابن الأعرابي : والزَّهْو : الكذِب.

وقال ابن أحمر :

ولا تقولَنَ زَهْوٌ ما تُخبِّرني

لم يَترك الشَّيْبُ لي زَهْواً ولا العَوَرُ

الأصمعيّ : في فلان زَهْو أي كِبْر ، وأصلُه الاستخفاف ، وقد زُهِيَ يُزْهَى زَهْواً إذا كان به كِبْر. ولا يقال : زَهَى. وازدَهَى فلانٌ فلاناً ، إذا استخفّه.

وقال الأصمعي : يقال : هم زُهاءُ مائة ، أي قَدْرُ مائة ، وهم قومٌ ذَوُو زُهاءٍ ، أي ذَوُو عَدَدٍ كثير ، وأنشد :

تقلّدْتَ إبريقاً وعَلَّقْتَ جَعْبَةً

لتُهلِكَ حَيّاً ذا زُهاءٍ وجامِنِ

الإبريق : السيف ، ويقال : قوْسٌ فيها تَلاميع.

أبو عبيد ، زَهَت الشاةُ زَهْواً ، إذا أَضْرَعَتْ ودَنا وِلادُها.

وزُهَاءُ الشيء : شخصُه.

ويقال : زَها المُرَوِّحُ المِرْوحةَ وزَهّاها ، إذا حَرَّكها.

وقال : مُزاحمٌ العُقَيليّ يصف ذَنَب البعير :

كمِرْوحة الدّارِيّ ظَلَّ يَكُرُّوها

بكفِ المُزَهِّي سَكْرةَ الرِّيح عُودُها

فالمُزَهِّي : المحرِّك. زَهاه وزَهَّاهُ ، يقول : هذه المِروحةُ بكَفّ المُزَهِّي : المحرِّك لسكون الرِّيح.

اللِّحياني : رجل إنْزَهوٌ ورجالٌ إنْزَهْوُون ، إذا كانوا ذَوِي كِبْر.

ثعلب عن ابن الأعرابي : زهَا البُسْر وأَزْهَى وزهَّى ، وشَقَّح ، وشَقَح ، وأَشَقَح وأَفْضَحَ لا غير.

قال : والزَّهْوُ : الكِبْر ، والزَّهو الكَذِب ، والزَّهو : الظُّلْم ، ومنه قوله :

متى ما أشأ غيرَ زَهْوِ المُلوك*

وقال أبو زيد : زَكا الزرعُ وزَها ، إذا نَمَا ، وقاله اليَزيديّ. قال : وازدَهاه وازدَفاه إذا استَخَفّه.

شمِر عن خالد بن جَنْبَه ، قال : الزَّهْو من البُسْر حين يَصفَرَّ ويحمرَّ ويَحِلّ جَزْمُه ، قال : وجَزْمُه للشِّراء والبَيْع. قال : وأحسن ما يكون النّخل إذ ذاك ، قال : وزُهِيَ فلانٌ إذا أُعجِب بنفسه.

ويقال : له إبلٌ زُهاءُ مائة ولُهَاءُ مائة أي قَدْرُ مائة. وكم زُهاؤكُمْ ، أي حَزْرهم ، وأنشد :

كأنّما زُهاؤه لمنْ جَهَرْ*

وفي الحديث : «إذا سمعتُم بناسٍ يأتون من قِبَل المشرق أُولِي زُهاء يعجَب الناسُ من زِيِّهم ، فقد أظلّت الساعةُ». قوله : أُولي زُهاء : أولي عددٍ كثير.

وهز : أبو عُبيد عن الكسائي : وهَزْتُه ولَهَزْتُه ونَهَزْتُه بمعنى واحد.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الأَوهَزُ الحسَن المِشْية ، مأخوذُ من الوَهازة ، وهي مِشية الخفِراتِ.

١٩٨

ومنه قولُ أمّ سَلَمة لعائشة : قُصارَى النِّساء قِصَرُ الوِهازة.

وقال ابن مُقبل يصِف نساءً :

يَمِحْن بأطرافِ الذُّيولِ عَشِيّةً

كما وَهَزَ الوعْثُ الهِجانَ المُزَنَّما

شبَّه مَشْيَ النساء بمشي إبلٍ في وَعْثٍ قد شَقَّ عليها. وقال رُؤْبة :

كلُّ طَويلٍ سَلبٍ وَوَهْزِ*

قالوا : الوَهْز الغليظ الرَّبْعَة. وقال شمِر : يقال : ظَلّ يتوهّز في مِشْيته ويتَوهّسُ ، أي يَغمِز الأرض غَمْزاً شديداً.

ووَهَز القَملَة إذا قَصَعَها ، وأنشد شمر :

يَهِزُ الهَرانِعُ لا يَزالُ ويَفتَلي

بأذلَّ حيثُ يكونُ مَن يتذَلَّلُ

والوَهْز : الشديدُ الملزَّزُ الخَلْق.

هوز : الحرّاني ، عن ابن السكّيت : ما أدري أيَ الهُوز هو؟ وما أَدْري أيُّ الطَّمْس هو؟ وقال أبو العبّاس : يقال : ما في الهُوز مِثلُه. وما في الغاطِ مِثلُهُ ، أي ليس في الخَلْق مِثلُه. وقال الليث : الأَهْواز : سَبْعُ كُوَرٍ بين البَصْرة وفارس ، لكلّ كُورة منها اسم ويجمعهنّ الأهْوازُ ، ولا يُفرَد واحدة منها بِهَوْزٍ.

وهَوَّز : حروفٌ وُضعتْ لحساب الجُمَّل ، الهاء خمسة ، والواو ستة ، والزاي سبعة.

باب الهاء والطاء

[ه ط (وايء)]

طها ، هيط ، (طه) ، وهط ، هطى : مستعملة

هطا : ثعلب عن ابن الأعرابي : هَطا ، إذا رَمَى ، وطَهَا إذا أَذْنب. قال : والهُطَى : الصِّراع ، والهُطَى : الضَّرب الشديد.

طها : في حديث أبي هريرة أنَّه ذكر حديثاً عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقيل له : أسَمِعْتَهُ؟ فقال : أنا ما طَهوِي؟ قال أبو عبيد : هذا مَثَلٌ ضَرَبه ، لأن الطَّهْوَ في كلامهم الإنضاجُ للطعام ، ورجل طاهٍ وقومٌ طُهاةٌ. وقال : امرؤ القيس :

فَظَل طُهاةُ اللَّحْم مِنْ بين مُنْضِجٍ

صَفِيفَ شِواء أو قَدِيرٍ مُعَجَّلِ

قال أبو عُبَيد : فتَرَى أنَّ أبا هُرَيرة جَعَل إحكامَه للحديث وإتقانَه إيّاه ، كالطّاهي المُجِيد المُنضِج لطعامِه ، يقول : فما كان عَملي إنْ كنتُ لم أَحْكِمْ هذه الرّواية التي رَوَيْتُها عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كإحكام الطّاهي للطّعام ، وكان وَجْهُ الكلام أن يقول : فما طَهْوِي؟ أي فما كان إذاً طَهْوِي؟ ولكنّ الحديث جاء على هذا اللّفظ. قلت : والّذي عندي في قوله : «أنا ما طَهْوِي» : أنا أيُّ شيء طَهْوِي ، على التعجب ، كأنّه أراد أيُّ شيء حِفْظي وإحكامي ما سمعتُ.

قلت : ورَوَى أحمدُ بنُ يحيى عن ابن الأعرابيّ أنه قال : الطُّهَى : الذَّنْب من قول أبي هُرَيرة : «أنا ما طَهْوِي» أي ما ذَنْبي إنّما قاله النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قلت : وقولُ ابن الأعرابيّ أشبه بمعنى الحديث والله أعلم وهو حسبنا (وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.) قال : والطُّهَى : الطَّبيخ.

١٩٩

وقال الليث : الطَّهْوُ : علاجُ اللّحم بالشَّيِّ والطَّبخ ، والطاهي ذُوه ؛ يقال : هو يَطْهو اللحم طَهْواً ويقال : يَطْها.

عمرو عن أبيه : أطهَى حَذَق صِناعَته.

وَطَهَت الإبلُ تَطَهى طَهْياً ، إذا انتشَرَتْ فذهبتْ في الأرض. وقال :

ولَسْنا لِباغي المُهْمَلات بِقِرْفةٍ

إذا ما طَهَا بالليلِ مستتراتُها

ورَواه بعضهم : إذا ماطَهَا ، من مِاط يَمِيط :

مَدَّ لَنا في عُمْرِه رَبُ طَهَا*

أراد رَبُّ طه السورة أبو عبيد عن الأصمعيّ : الطَّهاءُ والطَّخاء والطَّخاف والعَماء ، كلُّه السحاب المرتفِع.

أبو عُبَيد عن الكسائيّ قال : إذا نُسِب إلى طُهَيَّة قيل : طُهَوِيّ وطَهَوِيّ وطُهْوِيّ.

قلت : من قال طَهَوِيّ جَعل الأصلَ طَهْوَه أنشدَ الباهليّ للأَحول الكِنديّ :

وليت لنا من ماءِ زمزمَ شربَةً

مبرَّدةً باتت على الطَّهَيانِ

الطهيان اسم قُلة جبلٍ وفي «النوادر» : ما أدري أيّ الطَّهْياء هو؟ وأي الضَّحياء هو؟ وأيُّ الوضَح هو؟ وهط : في حديث ذي المشْعار الهَمْدانيّ : على أنّ لهم وِهَاطها وعَزازها.

قال القُتَيبيّ : الوِهاط : المواضعُ المطمئنَّة ، واحدُها وَهْط ، وبه سُمِّي الوَهْط ، وهو مالٌ كان لعبد الله بن عمرو بن العاص بالطَّائف.

وقال الليث : الوَهْط : المكان من الأرض المطئنُّ المستوي يُنْبِت العِضَاهَ والسَّمُرَ به الطَّلْح والعُرْفُط وهي الوِهاط. قال : والوَهْط : شِبْه الوهن والضَّعف ، يقالُ رَمَى طائراً فأَوْهطَه ، وأَوْهطَ جَناحَه ، والفعل : وَهط يَهِط ، أي ضَعُف.

أبو عبيد عن الأمويّ : الإيهاط أن يَصرَعه صَرعةً لا يَقُوم منها.

وقال عرَّام السُّلميُّ : أَوْرَطْتُ الرجلَ وأَوْهطْتُه ، إذا أوقَعْتَه فيما يكره.

وقال أبو عمرو : وهطَه ووَهصه ، إذا كَسَره ، وأنشد :

يمرُّ أخفافاً يَهِطْن الجنْدَلا*

هيط : سمعتُ المنذري يقول : سمعتُ أبا طالب يقول في قولهم : ما زلْنا بالهِيَاط والمِيَاط.

قال الفَرّاء : الهِياط : أشدُّ السَّوْق في الوِرْد والمِيَاط : أشدُّ السَّوْق في الصّدَر.

قال : ومعنى ذلك بالمجيء والذهاب.

وقال اللحياني : الهياط : الإقبال ، والمياط : الإدبار.

وقال غيرهما : الهياط : اجتماع الناس للصُّلح ، والمياط : التفرق عن ذلك.

وقال الليث : الهياط الدُّنُوّ ، والمياط : التباعُد. وقد أُمِيتَ فِعلُ الهياط.

أبو عبيد عن الفراء : تهايط القوم تهايُطاً ، إذا اجتمعوا وأصلحوا أمرهم ، وتمايَطُوا تمايُطاً : تَباعَدُوا وفسد ما بينهم.

ثعلب عن ابن الأعرابي : هُطْ هُطْ ، إذا أمرتَه بالذهاب والمجيء. ويقال : بينهما

٢٠٠