تهذيب اللغة - ج ٦

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٦

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٢

في حديث الدَّجّال : «إنه ليَرِدُ كلَ مَنهل».

قال شمر : قال خالدٌ الغَنَوِيّ : المَنهل : كلُّ ماءٍ يطؤُه الطَّريق ، مثل الرُّحَيل والحَفِير والشجِيّ والخَرْجا.

قال : وما بين المناهل : مَراحِل.

قال : وكلُّ ماءٍ على غير طريقٍ فلا يُدْعَى مَنْهلا ، ولكن يقال. ماءُ بَنِي فلان.

ويقال : من أين نَهِلْتَ اليومَ؟ فيقول : بماءِ بني فلان ، وبمنْهل بني فلان ، وقوله : أين نَهِلْتَ؟ معناه أين شَرِبتَ فَرَوِيتَ؟ وأنشد :

ما زال منها ناهِلٌ ونائبُ*

فالنَّاهل : الذي رَوِي فاعْتَزَل ، والنائب : الذي يَنُوب عَوْداً بعد شُرْبها ؛ لأنها لم تُنْضَح رِيّاً.

لهن : قال أبو عبيد : قال أبو زيد : يقال للطعام الذي يُتعَلّل به قبلَ الغداء : السُّلْفة واللُّهْنة ، وقد لَهَّنْتُ لَهم ، وسَلَفْت لهم.

ويقال : سَلَفْتُ القومَ أيضاً. وقد تَلَهَّنْتُ تَلَهُّناً.

ه ل ف

استعمل من وجوهه : هلف ، لهف ، فهل.

هلف : قال الليث : الهِلَّوْف : اللِّحْية الضَّخمة والهِلَّوْف : الرَّجُل الكذوب.

أبو عبيد ، عن الأمويّ قال : إذا كبر الرجلُ وهَرِمَ فهو الهِلَّوْف.

وقال ابن الأعرابيّ : الهِلَّوْف : الثّقيل البطيء الذي لا غَنَاء عنده ، وأنشد :

ولا تكونَنَ كَهِلَّوْفٍ وَكَلْ*

وأنشدني أبو بكر الإيادي قال : أنشَدَني أبو محمد السَّرْخَسِيّ :

هِلَّوْفَةٌ كأنها جُوالقُ

لها فُضُولٌ ولها بنائق

قال : أراد بها اللِّحية.

لهف : أبو زيد : رجُل لَهْفانُ ، وامرأةٌ لَهْفَى ، من قومٍ ونساءٍ لَهافَى ولُهُف ، وهو المغتاظ على ما فاته.

وقال الليث : التَّلهُّف على الشيء يفوت بعد مُشارفَتَك عليه.

قال : ويقال : فلان يُلَهِّف نفسَه وأمَّه : إذا قال : وا نَفساه وأُمِّياه.

ويقال : وا لهفاه ووا لَهْفَتاه ، ووا لَهْفَتِياه.

شَمرٌ ، عن ابن الأعرابيّ قال : اللهْفان ، واللَّاهفُ : المكروبُ. ومن أمثالهم «إلى أُمّه يَلهَفُ اللهفان».

قال شَمِر : يَلهَف من لَهِفَ ، وبأمِّه يستغيث اللهِفَ ؛ يقال ذلك لمن اضطُرَّ فاستغاث بأهل ثقته.

قال : ويقال : لهَّفَ فلانٌ أُمَّه وأَمَّيْه : يريدون أبَوَيْه. وقال الجعْدِيُّ :

أَشْلَى ولَهَّفَ أُمَّيْه وقد لَهِفَتْ

أُمَّاه والأُمّ مما تُنْحَلُ الخَبَلَا

يريد أباه وأمّه.

ويقال : لَهِفَ لَهَفاً فهو لَهفانُ ، وقد لُهِف فهو مَلْهُوف : أي حزين قد ذَهَب له مالٌ أو فُجِع بحميم. وقال الزَّفيَانُ :

يا بن أبي العَاصي إليك لَهِفَتْ

تشكو إليك سَنةً قد جَلَفَتْ

١٦١

لَهِفتْ : أي استغاثت ، ويقال : نادَى لَهْفَه ، إذا قال : يا لَهْفَى.

وقال الليث. المَلهوف. المَظْلوم ينادي ويستغيث. وفي الحديث «أَجِب المَلْهوف».

وقال النحويون في قولهم. يا لَهْفَى عليه : أَصْلُه يا لَهْفِى ، ثم قُلِبَت ياءُ الإضافة ألِفَاً ، ومثله يا وَيلِي عليه ويا وَيلَى عليه ويا بِأَبِي ويا بِأَبَا.

وفي «النوادر» : أنا لَهِيفُ القَلْب ، ولاهِف القلب ، ومَلْهوفٌ ، أي مُحْتَرِق القَلْب.

فهل : أبو عبيد ، عن الأحمر : هو الضَّلَال بن فَهْلَلَ وابنُ ثَهْلَلَ ، غير منصرفين.

ه ل ب

هلب ، هبل ، لهب ، بله ، بهل : مستعملات.

هلب : قال ابن شميل يقال : إنه لَيَهلِبُ الناسَ بلسانه : إذا كان يَهجُوهم ويَشْتُمهُم ، يقال : هو هَلّابٌ : أي هَجّاء ، ورجلٌ مُهلَّب : أي مَهْجُوّ.

وقال الليث : الهُلْب : ما غَلُظ من الشّعر ، كشَعر ذَنَبِ الناقة.

ورجلٌ أهلبُ : إذا كان شعرُ أخْدَعَيه وجَسَدِه غلاظاً.

فرسٌ مَهلوب : قد هُلِبَ ذنَبُه : استُؤصِلَ جَزّاً.

ويقال : هَلَبَتْنا السماء : إذا بلّتهم بشيء من ندًى أو نحوِ ذلك.

أبو العباس ، عن ابن الأعرابي قال : الهَلُوب : المرأة التي تَقرُب من زوجها وتُحبُّهُ ، وتتباعَدُ من غيره وتُقصِيه.

قال : وكذلك إذا كان لها صديق فأَحَبَّتْه وأَطَاعته ، وعَصَتْ غيرَه وأقْصَتْه.

قال : وروي عن عمر أنه قال : رحم الله الهَلُوب ، يعني الأولى ، ولَعَن الله الهَلُوب ، يعني الأخرى.

وقال ابن الأعرابي : الهَلُوب الصِّفة المحمودة أُخِذتْ من اليوم الهَلّاب : إذا كان مَطَرُه سَهلاً لَيِّنا دائماً غير مُؤْذٍ.

قال : والصِّفَةُ المذْمُومَةُ : أُخِذتْ من اليوم الهَلّاب : إذا كان مَطرُه ذا رعْد وبَرْق وأهوال وهَدْمٍ للمنازل.

أبو عبيد : الهَلّاب : الرّيح مع المَطَر.

وقال أبو زبيد :

أَحَسَّ يوماً مِن المُشْتاةِ هَلّابا*

وهَلَبَتْنا السماءُ تهلِبُنا هَلْبا.

وقال المازنيّ : ذَنَب أهلبُ : أي مُنقطع ، وأنشد :

وأنهُمُ قد دَعَوْا دَعْوَةً

سَيَتْبَعُها ذَنَبٌ أَهلَبُ

أي منقطع عنكم ، كقوله : الدنيا ولَّتْ حَذَّاءَ : أي منقطعة.

قال : والأهلَب : الذي لا شَعَر عليه.

أبو عبيد ، عن الأموي : أتيتُه في هُلْبة الشّتاء : أي في شدّة بَرْدِه.

شمر ، عن أبي يزيد الغَنَوي قال : في الكانون الأوّل الصِّنُّ والصَّنَّبْر والمَرْقِيُّ في

١٦٢

القبْر ، وفي الكانون الثاني هَلّابٌ ومُهلِّب وهُلَيْب ، قال : وهي أيّام شديداتُ البَرْد : ثلاثةٌ في كانونَ الأول ، وثلاثةٌ في كانونَ الآخر ، قال : وهَلّاب ومُهلَّب وهُليب يَكنَّ في هُلْبة الشّهر ، وهُلْبَةُ الشَّهر آخره.

وقال غيره : يقال هُلْبة الشّتاء وهُلُبَّتُه بمعنى واحد. ومن أيام الشتاء هالِبُ الشَّعَر ومُدحْرِجُ البَعَر.

وقال شمر : وفي الحديث : «والسماء تَهلُبُني» أي تَبلُّني وتُمطِرني وقد هَلَبتْنا السماءُ ، إذا أَمْطَرت بجود.

أبو عُبَيدة. الهُلَابةُ غُسالَة السَّلا ، وهي في الحِوَلاء ، والحِوَلاء : رأسُ السَّلا ، وهي غِرْسٌ كَقدْر القارُورة تراها خضراءَ بعد الولد ، تُسَمَّى هُلَابة السِّقْي ، ويقال : أَهْلَب في عُدْوه إهلاباً ، وأَلهبَ إلهَاباً ، وعَدْوهُ ذو أَهَاليب.

وقال خَليفة الحصيني : تقول : رَكِب كلٌّ منهم أُهلُوباً من الثَّناء ، أي فَنّاً ، وهي الأهاليب. وقال أبو عبيدة هي الأساليب ، واحدها أسلوب.

وروى شمر عن بعضهم أنه قال : لأن يمتلىء ما بين عانَتِي إلى هُلْبَتي.

قال. والهُلْبة ما فوق العانة إلى قريب من أسفل البطن.

والأهلَب : الكثيرُ شَعَر الرّأسِ والجَسَد.

ووقَعنا في هُلْبةٍ هلْباءَ ، أي في داهية دَهياء ، مثل هُلْبة الشّتاء.

هبل : ثعلب ، عن ابن الأعرابي قال : الهُبْلة : الثُّكْلَة ، والهُبْلة : القَتْلة ، واللُّهُبة : إشراق اللّون من الجَسَد.

وقال الليث : الهَبَل كالثُّكْل ، وهَبِلَتْه أُمُّه وثَكِلَتْه.

وقال أبو الهيثم : فَعِل يَفْعَل : إذا كان متعدّياً فمصدَرُه فَعْل إلّا ثلاثة أحرف : هَبِلَتْه أمّه هبَلاً ، وعَمِلْت الشيءَ عمَلا ، وزكِنْتُ الخَبَر زَكَناً ، أي عَلِمته.

وقال الليث : الهِبِلُ : الشيخ الكبير والمُسِنّ من الإبل ، وأنشد :

أنا أبو نَعامةَ الشيخُ الهِبِلُ *

أبو عبيد ، عن الأصمعي : الهِبَلُ : الثقيل.

وقال الليث : المَهْبِل : موضعُ الوَلد من الرَّحِم وقيل : المَهْبِل : أقصَى الرَّحم.

وقال شمر : المَهْبِل : البَهْوُ بين الوَرِكَين حيث يَجثم الولدُ ، شُبِّه بمَهْبِل الجبَل ، وهو الهُوَّة الذاهبةُ في الأرض.

وقال الهذليّ :

لا تَقِه المَوْتَ وقِيَّاتُه

خُطَّ له ذلك في المَهبِلِ

وقال أوس بن حَجَر في مهبِل ما بين الجَبَلَيْن :

فأَبصَرَ أَلْهاباً من الطَّوْدِ دُونه

يرَى بين رأسَيْ كل نِيقَيْنِ مَهبَلَا

وقال ابن الأعرابي : قال أبو زياد : المَهبِل : حيث يَنظُفُ فيه أبو عُمَير بأَرُونِه ، وأنشد بيت الهذليّ.

١٦٣

وقال بعضهم : المَهبِل : ما بين الغَلَقين ، أحدُهما فمُ الرَّحم ، والآخر موضع العُذْرة.

وقال الليث : الهَبّال : المحتال ، والصيَّاد يَهتَبِل الصيدَ : أي يغتَنِمه ، وسمعتُ كلمةً فاهتبلتُها : أي اغتَنمْتُها.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي قال : الهَبالةُ : الغنيمة ، وأنشد :

فلأَحْشأَنّكَ مِشْقَصاً

أَوْساً أُوَيْسُ مِنَ الهَبالهْ

وهُبَل : اسمُ صَنَم عبدَتْه قُرَيش.

وفي حديث أهلِ الإفك : والنساءُ يومَئذٍ لم يُهَبِّلْهُنَ اللحمُ ، معناه : لم يكثر عليهنَّ الشَّحمُ واللَّحم. ويقال : أصبَح فلانٌ مُهَبَّلاً : وهو المُهَبِّجُ الذي كأنه تورَّم من انتفاخِه ، ومنه قولُ أبي كبير : فشَبّ غير مهبّل.

أخبرنا المنذريّ ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي : يقال : ما له هابل ولا آبل : فالهابلُ : المحتال ، والآبل : الحَسَنُ الرِّعْية للإبل ، والهَبُّلِيُ والأبُّلِيُّ : الراهب.

وفي حديث أبي ذَرّ وذكرِه ليلة القدر. قال : فاهتبلتُ غَفْلَتَه ، وقلت : أيُّ ليلة هي؟ أي تَحيّنْتُ غفْلَتَه وافترصْتُها ، واحتلْتُ لها حتى وجدتُها ، كالرجل يطلب الفرصة في الشيء.

وقال الكميت :

وقالتْ لي النفسُ : اشعَبِ الصّدْعَ واهتَبِلْ

لإحدى الهَنَاتِ المُضْلِعاتِ اهتبالَها

أي استعدَّ لها واحْتَلْ ، قاله أبو عبيد.

ورجلٌ مُهتَبِلٌ وهبّال.

أبو العباس ، عن ابن الأعرابي قال : الهابل : الكثير اللَّحم والشَّحم ، ومنه قولُ عائشة : والنساء لم يُهَبِّلْهُنَ اللَّحْمُ.

بهل : قال الليث : الأبهل شجرةٌ يقال لها : أيُّ الأبرُس قال : وليس الأبهل بعربيّة مَحْضة.

قال : والباهل : المتردِّد بلا عمل ، والراعي بلا عَصاً.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي قال : الباهل : الذي لا سِلَاح معه ، وناقة باهِلٌ : مُسَيَّبَةٌ ، وتكون التي لا صِرَار عليها ، ونحو ذلك قال أبو عبيد. وحدثني بعضُ أهل العلم أن دُرَيدَ بن الصِّمَّة أراد أن يُطلِّق امرأته ، فقالت : أتُطلِّقني وقد أطعَمْتُكَ مَأْدُومِي ، وأبثَثْتُك مَكْتومِي ، وأتيتك باهِلاً غير ذات صِرار؟. قال : جعلتْ هذا مثلاً لمالِهَا ، وأنها أباحتْ له مالَها.

وقال الليث : أَبهَلَ الراعي إبلَه : إذا تركها ، وأَبهَلها من الحَلَب.

قال : ورجل بُهلُول : حَيِيٌّ كريم ، قال : ويقال : امرأةٌ بُهلول.

أبو عبيد ، عن الأصمعي قال : البُهلول : الضَّحَّاك من الرجال.

شمر ، عن أبي عمرو الشيباني قال : البَهْل : الشيء اليسير الحقير ، وأنشد :

وذو اللُّبّ للبَهْل الحقير عَيُوفُ*

أبو عبيد ، عن الأموي : البَهْل : المال القليل. اللِّحياني : هو الضَّلال بن بهلَلِ ،

١٦٤

مأخوذ من الإبهال : وهو الإهمال ، وبَهْلَل الوالي رعيّتَه ، واستبْهلها : إذا أَهمَلها.

وقال النابعة :

وشَيْبان حيثُ استَبهَلتْها السواحِلُ*

أي أهمَلها ملوك الحيرة ، وكانوا على ساحل الفُرات قال الشاعر في إبل أُبْهِلَتْ :

إذا استُبهِلتْ أو فَضَّها العبدُ حَلَّقَتْ

بسرْبِكَ يوْمَ الوِرْد عَنْقاءُ مُغرِبُ

يقول : إذا أُبهِلَتْ هذه الإبل ، ولم تُصَرَّ أنفَدَت الجيرانُ ألْبانَها ، فإذا أرادت الشرْبَة لم تكنْ في أخلافِها من اللبن ما يُشترَى به ماءٌ لِشُربها واسْتَبهلَ فلانٌ الحرْبَ : إذا احتلبها بلا صِرار.

وقال ابن مُقبل في الحرب :

فاستَبهل الحرْبَ من حَرّانَ مُطَّرِدٍ

حتى يَظَلَّ على الكَفّين مَوْهوناً

أراد بالحرَّان الرُّمْح. والعرب تقول : مَهْلاً وبَهلاً.

قال الشاعر :

فقلت له : مَهلاً وبَهلاً فلم يَتُبْ

بقوْلٍ وأضْحَى النفسُ محتمِلا ضِغْنا

ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، وعن سلمة عن الفراء قال : اهتبل الرجلُ : إذا كَذَب ، واهتَبَلَ : إذا غَنِمَ ، واهتَبل : إذا ثَكِل.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : المبَاهِيل : الإبلُ التي لا صِرَارَ عليها ، وهي المُبْهَلَة.

وقال أبو عمرو في البُهَّل مثله ، واحدُها باهل.

وقال الكسائيّ : الباهل : التي لا سِمَة عليها.

ويقال : باهَلْتُ فلاناً : أي لاعَنْتُه ، وعليه بَهْلةُ الله وبُهْلةُ الله : أي لعْنة الله. وابتَهل فلانٌ في الدّعاء : إذا اجتهدَ. ومنه قولُ الله جلّ وعزّ :  (ثُمَ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) [آل عِمرَان : ٦١] : أي يجتهِد كلٌّ منا في الدُّعاء ، ولَعْن الكاذِب مِنَّا.

قال أبو بكر : قال قومٌ : المُبْتهِل معناه في كلام العَرب : المُسَبِّح الذاكرُ لله ، واحتَجُّوا بقول نابغة بني شَيْبَان :

أَقْطَعُ اللّيلَ آهةً وانْتِحابَا

وابتهالاً لله أيَ ابتهالِ

قال : وقال قومٌ : المُبتهِل : الدّاعي. وقيل في قوله : (ثُمَ نَبْتَهِلْ) : ثم نَلتعِنْ. قال : وأنشدَنا ثعلب عن ابن الأعرابيّ :

لا يتَأَدّوْنَ في المَضِيق وإنْ

نادَى مُنادٍ كيْ يَنزلوا نَزَلوا

لابدّ في كَرَّةِ الفوارسِ أَنْ

يُترَكَ في مَعْرَكٍ لهم بَطَلُ

مُنعفِرُ الوجهِ فيه جائفةٌ

كما أَكَبَّ الصَّلاةَ مُبْتَهِلُ

أراد كما أَكَبَّ في الصلاةِ مُسَبِّح أخبرنا المُنذريِّ قال : أخبرني الحرّانيّ أنه سمع ابن السّكيت قال : يقال : تباهَل القوم : إذا تلاعنوا ، ويقال : عليه بَهْلةُ الله : أي لعنةُ الله. ومُبتهِلاً : أي مجتهداً في الدُّعاء : ويقال : هو الضَّلَال بنَ بَهْلَل بالباء كأنّه المُبهَل المُهْمَل بنُ ثَهْلَل.

١٦٥

بله : قال الليث : البَلَه : الغَفْلة عن الشّرّ.

وفي الحديث : «أكثر أهل الجنّة البُلْه» ، الواحد أبلَه : وهو الغافل عن الشرّ.

قلت : البَلَه في كلام العرب على وجوه : يقال : عيشٌ أَبْلَه ، وشبابٌ أبله : إذا كان ناعماً ، ومنه قولُ رؤبة :

بعد غُدانِيِّ الشبابِ الأبْلَهِ *

يريد الناعم ، ومنه : أُخِذَ بُلَهْنِيَةِ العَيش : وهو نَعْمَتهُ وغَفْلَتُه. والأَبلَه : الرجل الأحمَق الذي لا تمييزَ له ، وامرأةٌ بَلْهاء.

وقال ابن شميل : ناقةٌ بَلهاء : وهي التي لا تَنْحَاشُ من شيءٍ مكانةً ورزَانةً ، كأنها حَمْقاء ، ولا يقال : جملٌ أبلَه.

والأبلَه : الذي طُبع على الخير ، فهو غافِلٌ عن الشرّ لا يعرفه.

ومنه الحديث الذي جاء : «أكثرُ أهل الجنة البُله». وقال ابن شميل : الأبلَه : الذي هو مَيّتُ الداء ، يُرادُ أن شرَّه ميّت لا يَنْبَه له.

وقال أحمد بن حَنْبل في تفسير قوله : استراحَ البُلْه ، قال : هم الغافلون عن الدنيا وأهلها وفسَادِهم وغِلِّهم ، فإذا جاءوا إلى الأمر والنهي فهمُ العقلاء الفقهاء.

وقال ابنُ شميل : البَلَه : حُسْن الخُلق ، وقلة الفِطْنة لِمَداقّ الأمور.

وقال القُتَيْبِيُّ في تفسير البُلْه الذي جاء في الحديث : البُلْه : هم الذين غَلَبَتْ عليهم سلامةُ الصُّدور ، وحُسْنُ الظنّ بالناس ، وأنشد :

ولقد لَهَوْتُ بطِفْلةٍ مَيّالةٍ

بلهاءَ تُطلِعُني على أَسْرَارها

أراد أنها غِرٌّ لا دهاء لها ، فهي تُخبِرُني بسِرّها ، ولا تفْطُن لما في ذلك عليها ، وأنشد غيره في صفة امرأة :

بَلهاء لم تُحفَظْ ولم تُضَيَّعِ*

يقول : لم تُحفظ لعَفافِها ولم تُضَيَّع ، مما يقُوتُها ويَصونها ، فهي ناعمة عَفِيفة.

وقال الليث : التَّبَلُّه : تَطَلُّبُ الدابة الضالة والعرَب تقول : فلان يتبلّه في سيره إذا تعَسَّف طريقاً لا يهْتَدِي فيه ولا يستقيم على صَوْبه.

قال لبيد :

عَلِهَتْ تَبلَّهُ من نِهاءٍ صعائدٍ*

والرواية المعروفة : عَلِهتْ تبَلّدُ.

وقال الليث : بَلْهَ : كلمةٌ بمعنى أَجَلْ ، وأنشد :

بَلْهَ أني لم أَخُنْ عهداً ولم

أقترِفْ ذنباً فتجْزيني النِّقَمْ

وقال أبو بكر الأنباريّ : في بَلْهَ ثلاثة أقوال : قال جماعة من أهل اللغة : بلهَ معناها على ، وقال الفراء : مَن خَفَضَ بها جَعَلها بمنزلة على وما أشبهها من حروف الخفض ، وذكر ما قاله الليث أنها بمعنى أَجَلْ.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أَعَدَدْتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رَأَتْ ، ولا أُذُن سَمِعتْ ، ولا خطر على قلبِ بشَر ، بله ما أطلَعْتُهم عليه»

١٦٦

وقال أبو عبيد : قال الأحمر وغيُره : بله معناه كيف ما أطْلعتُهم عليه.

وقال الفراء : معناه كيف ودَعَ ما أَطْلعتهم عليه.

وقال كعب بنُ مالك يصفُ السيوفَ :

تَذَرُ الجماجِمَ ضاحياً هاماتُها

بَلْهَ الأكُفِّ كأنها لم تُخلَقِ

قال أبو عبيد : الأكُفّ يُنشَد بالخفض والنّصب : النصب على معنى دَعْ الأكفَّ.

وقال أبو زُبيد :

حمَّالُ أَثقالِ أَهْلِ الوُدّ آوِنةً

أُعْطيهمُ الجَهدَ مِني بلهَ ما أَسَعُ

أي أعطيهم ما لا أجِد إلا بجَهْدٍ ، معناه فَدعْ ما أحِيطُ به وأَقْدِر عليه.

لهب : قال الليث : اللهَب : اشتعال النار الذي قد خَلَص من الدُّخان.

قال : واللهبان : توقُّد الجَمْر بغير ضِرام ، وكذلك لَهبان الحرِّ في الرَّمضاء وأنشد :

لَهَبانٌ وقَدَتْ حُزَّانُه

يَرْمَضُ الجُنْدَبُ منه فيصِرّ

أبو عبيد ، عن أبي عبيدة : اللهْبَة : العَطش ، وقد لَهِبَ يلهب لَهَباً ، وهو رجل لَهْبَان ، وامرأة لَهْبَى.

وقال الليث : ألهبْتُ النارَ فالتهبَتْ وتلهَّبَتْ.

واللِّهْب : وجه من الجبل كالحائط لا يُستطاع ارتقاؤه ، وكذلك لِهبٌ أفُق السماء ، والجميع اللُّهوب.

أبو عبيد ، عن الأصمعي : اللِّهب : مَهواةُ ما بين كلِّ جبلين.

قال : والنَّفْنَفُ : نحو منه.

وقال اللَّيث اللِّهْب : الغُبار الساطع.

أبو عبيد ، عن الأصمعي : إذا اضطَرَم جَرْيُ الفَرَس : قيل : أَهْذب إهْذاباً ، وأَلهبَ إلهابَاً.

وقال الليث : يقال للفَرَس الشديد الجَرْي المِثيرِ للغُبار : مُلهِب ، وله أُلْهُوب.

وقال امرؤ القيس :

فلِلزَّجْر أُلْهُوبٌ وللسّاق دِرَّةٌ*

وقال غيره : أَلهبَ البرقُ إلهاباً ، وإلهابُه : تَدارُكه حتى لا يكونَ بين البَرْقتين فُرْجة.

واللِّهابة : وادٍ بناحية الشواجن فيه رَكايا عَذبةٌ يخترِقه طريق بَطنِ فَلْج ، كأنها جمع لِهْب. وبنو لِهْب : حيٌّ من العَرَب يقال لهم : اللِّهبِيّون ، وهم أهلُ زَجْرٍ وعيافة.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي قال : المِلْهَبُ : الرائع الجمال ، والملهب : الكثيرُ الشَّعر من الرجال.

ه ل م

هلم ، همل ، لهم ، مهل : مستعملة.

هلم : عمرو عن أبيه : الهِلِمَّان الكثير من كلّ شيء وأنشد لكُثَيِّر المحارِبيّ :

قد مَنَعتْني البُرَّ وهي تلحَّانْ

وهو كثيْرٌ عندها هِلِمّانْ

وهي تُخَنذِي بالمقالِ البَنْيَانْ

قال : والبَنْبان : الرَّديء من المَنْطِق.

١٦٧

ورَوَى أبو العباس ، عن ابن الأعرابي قال : الهَيْلَمان : المال الكثير ، يقال : جاء بالهَيْل والهَيْلَمان.

أبو عُبيد ، عن أبي زيد في «باب كَثْرة المال والخير يَقْدَم به الغائب أو يكون له» : جاءَ فلانٌ بالهَيْل والهَيْلَمان ، بفتح اللام.

وقال ابن المظفَّر : هَلُمَ : كلمةُ دعوةٍ إلى شيء ، الواحد والاثنان ، والجميع ، والتأنيث ، والتذكير فيه سواء ، إلّا في لغة بني سعد فإنّهم يحملونه على تصريف الفِعل ، فيقولون : هَلُمَّا ، هَلُّمُّوا ؛ ونحو ذلك قال ابن السكيت ، قال : وإذا قال لك : هَلُمَ إلى كذا ، قلت : إلَامَ أهَلُمُ ؛ وإذا قال لك : هَلمُ كذا وكذا ، قلتَ : لا أَهَلُمُّه ـ بفتح الألف والهاء ـ : أي لا أُعْطِيكَه ، وهَلُمَ بمعنى أَعطِ ؛ يدل عليه ما حدّثنا محمدُ بنُ إسحاق عن عمر بن شَبَّة قال : حدّثنا يحيى ، عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنتِ طلحةَ ، عن عائشة أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يأتيها فيقول : هل من شيء؟ فتقول : لا ، فيقول : إني صائم. قالت : ثم أتاني يوماً فقال : هل من شيء؟ قلتُ حَيْسَة. قال : هَلُمِّيها ، فإني أصبحت صائماً ، فأكل. قلتُ : معنى هَلُمِّيها : أي هاتِيها أَعطنِيها.

ورَوَى مالكٌ عن العَلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال «لَيُذَادَنَّ رِجالٌ عن حَوْضِي فأُنادِيهم : ألَا هَلُمَ ألَا هَلُمَ ، فيقال : إنهم قد بَدَّلُوا ، فأقول : فَسُحْقاً». وقال الزجاج : زعم سيبويه أنّ هَلُمّ «ها» ضُمَّتْ إليها «لُمَّ» وجُعِلتا كالكلمة الواحدة.

وأكثر اللغات أن يقال : هَلُمّ للواحد ، والاثنين ، والجماعة ، وبذلك نزل القرآن ، نحو قوله : (هَلُمَ إِلَيْنا) [الأحزَاب : ١٨] و (قُلْ هَلُمَ شُهَداءَكُمُ) [الأنعَام : ١٥٠].

قال : وفُتِحَتْ (هَلُمَ) لأنها مُدْغمة كما فُتِحَتْ «رُدَّ» في الأمر ، ولا يجوز فيها «هَلُمُ» بالضم كما يجوز «رُدُّ» لأنها لا تُصرَف.

قال : ومن العَرَب من يُثَنِّي ويجمع ، ويؤنث ، فيقول : هَلُمَ ، هَلُمَّا ، هَلُمُّوا ، وللنساء : هَلْمُمْنَ.

وقال : ومعنى (هَلُمَ شُهَداءَكُمُ) أي هاتوا شهداءكم ، وقرِّبوا شُهَدَاءكم.

قلتُ : وسمعتُ أعرابياً دعا رجُلاً إلى طعامه ، فقال : هُلُمّ لك ، ومثله قول الله جلّ وعزّ : (وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ) [يُوسُف : ٢٣].

وقال المُبَرِّد : بنو تميم يجعلون (هَلُمَ) فِعْلاً صحيحاً ، ويجعلون الهاء زائدة فيقولون : هَلُمَ يا رَجُل ، وللاثنين : هَلُمَّا ، وللجميع : هَلُمُّوا ، وللنساء هَلْمُمْنَ ؛ لأن المعنى المُمْنَ ، والهاء زائدة. قال : هَلُمَ زَيْداً : هاتِ زيداً.

وقال ابن الأنباري : يقال للنساء : هَلُمْنَ وهَلْمُمْن.

قال وحكى أبو عَمْرو عن العرب : هَلُمِّينَ يا نِسوة. قال : والحجة لأصحاب هذه

١٦٨

اللغة أن أصل «هَلُمَ» التصرف ، إذا كان من أَمَمْتُ أَؤُمُّ أَمَّاً ، فَعَمِلوا على الأصل ، ولم يلتفتوا إلى الزيادة ، وإِذا قال الرّجل للرّجل : هَلُمَ ، فأراد أن يقول : لا أفعل ، قال : لا أهَلُّمُ ولا أُهَلِمُ ، ولا أَهَلِمُ ، ولا أُهَلُمُ قال : ومعنى هَلُمَ : أقْبِل ، وأصله أُمَّ يا رَجل : أي اقصده ، فَضَمُّوا هَلْ إلى أُمَّ وجعلوهما حَرْفاً واحداً ، وأزالُوا أُمَّ عن التصرُّف ، وحَوَّلوا ضمة همزة أُمّ إلى اللام ، وأسقطوا الهمزة ، فاتصلت الميم باللام ، وهذا مذهبُ الفَرّاء ، يقال للرّجلين ، وللرّجال ، وللمؤنث : هَلُمّ ، وَوُحِّد هَلُمَ ؛ لأنه مُزالٌ عن تصرُّف الفِعل ، وشُبِّه بالأدوات كقولهم : صَهْ ، ومَهْ ، وإيهٍ ، وإيهاً ، وكل حرفٍ من هذه لا يثنَّى ، ولا يُجمع ، ولا يؤنَّث.

وقال الليث : الهُلام : طعامٌ يُتَّخذ من لحم عِجْلٍ بجلده.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي قال : الهُلُم : ظِباء الجبال ، ويقال لها : اللُّهُم ، واحدها لَهْمُ ، قال : ويقال لها : الجُولان ، والثَّياتل ، والأبدان ، والعِنْبان ، والبَغابغ.

لهم : قال الليث : يقال : لَهِمْتُ الشيءَ ، وقلَّ ما يقال إلا التَهَمْتُ : وهو ابتلاعُكَه بمرّة ، وقال جرير :

كذاك اللَّيثُ يَلتَهِم الذُّبابَا*

وقال آخر :

ما يُلْقَ في أشداقِه تَلهَّمَا*

قال : وأُمُ اللُّهَيم هي الحُمَّى.

وقال شَمِر : أَمُ اللُّهَيم : كنية المَوْت ، لأنّه يَلتَهِم كلَّ أحد.

وقال الليث : فَرَسٌ لِهَمٌ ، ولِهْمِيم : سابقٌ يجري أمام الخيل لالتهامه الأرضَ ، والجميع لهَامِيم ، ورجُلٌ لَهُوم : أكول.

ويقال أَلْهَمَهُ الله خيراً : أي لقَّنه خيراً ، ونَسْتَلْهِمُ الله الرَّشاد.

وجيشٌ لُهام : يَغْتمِرُ من يَدْخُله : أي يُغيَّب ما في وَسَطه.

وقال الأصمعيّ : إبلٌ لهامِيم إذا كانت غِزاراً ، واحدتُها لُهْمُوم وكذلك إذا كانت كثيرة المشْي ، وقال الراعي :

لَهامِيمُ في الخرْقِ البعيدِ نِياطُهُ*

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ إذا كَبُر الوعِل فهو لِهْمٌ ، وجمعه لُهُوم.

وقال غيره : يقال ذلك لِبَقر الوحْش أيضاً ، وأنشد :

وأصبح لِهْماً في لُهومٍ قَراهِبٍ*

قال : والمِلْهَمُ : الكثيرُ الأكل.

ومَلْهَم ، وقُرَّان : قريتان من قُرى اليمامة معروفتان.

ويقال : أَلهَمَ الله فلاناً الرُّشد إلهاماً إذا ألقامه في رُوعِه فتلقاه بفَهْمه.

همل : قال الليث : الهَمَل : السُّدَى ، وما ترك الله الناسَ هَمَلاً : أي سُدًى : بلا ثواب ولا عِقاب.

وقال غيره : لم يَتركْهم سُدًى : بلا أَمرٍ ولا نَهْي ، ولا بيانٍ لما يحتاجون إليه.

وإبلٌ هَمَل ، واحدها هامل.

١٦٩

وقال ابن الأعرابيّ : إبلٌ هَمْلَى : مُهْملة.

ويقال : إبلٌ هوامل : مُسَيَّبة لا رَاعِيَة وأمرٌ مُهْمَل : متروك.

وقال الراجز :

إنَّا وَجَدْنا طَرَدَ الهوامِلِ

* خيْراً من التَّأْنَانِ والمَسَائلِ

أراد : إنَّا وجَدْنا طَرْدَ الإبل المهمَلة وسَوْقَها سَلًّا وسَرِقةً خيراً لنا من مسألة النَّاس والتَّباكي إليهم.

ثعلب ، عن سَلَمة ، عن الفرَّاء وعن ابن الأعرابيّ : اهتَمل الرجُلُ : إذا دَمْدَم بكلام لا يُفْهَمُ.

قلت : المعروف بهذا المعنى هَتْمَلَ يُهَتْمِلُ ، وهو رُباعيّ.

وقال الزجّاج : الهَمَل : بالنَّهار ، والنَّفَسُ باللَّيل.

وقال أبو عمرو : الهَمَل : اللِّيف إذا انتزع ، الواحدة هَمَلة.

وفي «النَّوادر» : أرضٌ هُمَّال بين الناس : قد تحامتْها الحروب ؛ فلا يَعْمُرها أحد ، وشيء هُمّال : رَخوٌ.

ويقال : هَمَل دَمْعُه يَهمُل فهو هامِلٌ : إذا تتابع سَيَلانُه ، وانهمَل دمعُه فهو مُنْهَمِل.

مهل : قال ابن السكيت : يقال : مَهْلاً يا رجُل ، وكذلك للإثنين ، والجمع ، والأنثى ، وهي موحَّدة ، وإذا قيل : مَهْلاً ، قلت : لا مَهْلَ والله.

ويقال : ما مَهْلُ والله بمُغْنِيةٍ عنك شيئاً ، وأنشد لجامع بن مُرْخية الكلابيّ :

أقول لهُ ما جئتُ مَهْلاً

وما مَهْلٌ بواعظةِ الجَهُولِ

وقال الليث : المَهْلُ : السَّكينة والوقار : تقول : مَهْلاً يا فلان ، أي رِفْقاً وسُكوناً لا تَعْجَلْ ، ونحو ذلك كذلك ، ويجوز التثقيل ، وأَنشد :

فيا بن آدمَ ما أَعدَدْتَ في مَهلٍ

لله دَرُّك ما تأتي وما تَذَرُ

وقال الله : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) [الطّارق : ١٧] ، فجاء باللغتين : أي أنظِرْهم.

أبو عبيد : التمهُّل : التقدُّم.

وقال ابن الأعرابيّ : الماهِل : السَّريع ، وهو المتقدِّمُ ، وفُلانٌ ذو مَهَلٍ : أي ذو تقدُّم في الخير ، ولا يقال في الشَّرّ. وقال ذو الرِّمة :

كم فيهمُ مِنْ أَشمِّ الأنْفِ ذي مَهَلٍ

يأبى الظُّلامةَ منه الضَّيْغَم الضّارِي

أي ذي تقدُّم في الشَّرف والفَضْل.

وقال أبو سعيد : يقال : أخَذ فلانٌ على فُلان المُهْلَةَ : إذا تقدَّمه في سِنٍّ أو أدبٍ.

ويقال : خُذ المُهْلَة في أمْرِك : أي خُذ العدَّة ؛ وقال في قول الأعشى :

إلَّا الّذين لهم فيما أَتَوْا مَهَلُ *

قال : أراد المعرفة المتقدِّمة بالموضع.

وقال مَهَلُ الرَّجُلِ : أسلافُه الذين تقدَّموه يقال : قد تقدَّم مَهَلُك قبْلَك ، ورَحِم الله مَهَلَك.

أبو العبَّاس ، عن ابن الأعرابيّ ، رُوي عن عليّ بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه أنه لما لَقي

١٧٠

الشُّراةَ قال لأصحابه : أقِلُّوا البِطْنَةَ وأَعذِبوا ، وإذا سِرْتُم فمهلاً مَهلاً : أي تقدُّماً. قال أسامة الهذَلي :

لعَمري لقد أَمْهَلتُ في نَهْي خَالدٍ

عن الشام إمَّا يَعصِيَنَّك خالدُ

أمهلتُ : بالغتُ : يقول : إن عصاني فقد بالغتُ في نَهْيه.

ورُوي عن أبي بكر رَحمه الله أنه أَوْصى في مَرَضه ، فقال : ادْفنوني في ثوبيَّ هَذَين ؛ فإنما هما للمُهْل والتُّراب.

قال أبو عُبيد ، قال أبو عُبيدة : المُهْل في هذا الحديث : الصَّديد والقيْح.

قال : والمُهْل في غير هذا : كلّ فِلِزٍّ أُذِيب ، قال : والفِلِزُّ : جواهرُ الأرض من الذّهب والفضّة والنُّحاس.

وسُئل ابن مسعود عن قول الله جلّ وعزّ : (كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ) [الكهف : ٢٩] فدعا بِفِضّةٍ فأَذابَها ، فجعلتْ تمَيَّعُ وتَلَوَّنُ ، فقال : هذا من أَشبهِ ما أَنتم راءُون بالمُهْل.

قال أبو عبيد : أراد تأويل هذه الآية.

وقال أبو عبيدة : والمُهْل في غير هذا : كلُّ شيء يَتحاتُّ عن الخُبْزَة من الرَّماد وغيره إذا أُخرِجَت من المَلَّة.

قال : وقال أبو عمرو : المُهْل في شيئين : هو في حديث أبي بكر : القَيْح والصَّديد ، وفي غيره : دُرْدِيُّ الزّيت ، لم يُعْرَف منه إلّا هذا ، قال أبو عبيد : وقال الأصمعي : حدّثني رجل وكان فصيحاً أن أبا بكر قال : فإنّهما للمَهْلة والتراب بفتح الميم قال : وبعضهم يَكسِر الميم فيقول : لِلمهْلة.

قال الزّجاج في قوله تعالى : (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) [المعَارج : ٨].

قال : المُهْل : دُرْدِيُّ الزّيت هاهنا.

قلت : ومِثلُه قوله : (فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) [الرَّحمن : ٣٧] جمع الدهن.

قال أبو إسحاق في قوله : (كَالدِّهانِ) : أي يتلوَّن من الفَزَع الأكبر كما تتلوَّن من الدِّهان المختلفة. قال : ودليل ذلك قوله : (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) [المعَارج : ٨] أي كالزّيت.

وقال الليث : المُهْل : ضَرْبٌ من القَطِران إلا أنه مَاهٍ رقيق شبيه بالزيت لمهاوَتِه يضرب إلى الصُّفرة ، وهو دَسِمٌ يُهْنَأُ به الإبل في الشّتاء.

قال : والقَطِران : الخاثر ، لا يُهْنأُ به.

وقال غيره : مَهَلْتُ البعيرَ : إذا طليتَه بالخضخاض ، فهو ممهول ، وقال أبو وَجْزة يصف ثوراً :

صافي الأدِيم هِجانٌ غَيرَ مَذْبَحِهِ

كأَنَّه بِدَم الْمَكْنَان مَمْهُولُ

شمر ، عن ابن شميل قال : المُهْل عندهم : المَلَّة إذا حميت جدّاً رأيتها تموجُ.

وقالت العامريّة : المُهْلُ عندنا : السُّمّ.

والمُهْل : الصَّديد والدَّمُ يخرُج فيما زَعَم يونس. والمُهْل : النُّحاس الذائب ، وأنشد :

ونُطعِم من سَدِيف اللَّحْم شِيزَى

إذا ما الماءُ كالمَهْل الفَريغِ

١٧١

(أبواب) الهاء والنون

ه ن ف

هنف ، نفه ، هفن ، نهف : مستعملة.

هنف : قال الليث : الهِنافُ : مُهانَفَة الجوارِي بالضّحك ، وهو فوق التّبسُّم ، وأنشد :

تَغُضُّ الجفون على رِسْلِها

بحُسْن الهِنافِ وخَوْنِ النّظَرْ

قيل : أقبَل فلانٌ مُهنِفاً : أي مُسْرِعاً لينالَ ما عندي.

أبو عبيد ، عن الأصمعي : أهنَفَ الصبيُ إهنافاً ؛ مثل الإجهَاش ، وهو التَهيُّؤُ للبُكاء ، قال : والمُهانَفة أيضاً : المُلاعَبة.

هفن : أهمَلَه الليث.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الهَفْن : المَطَر الشديدُ.

نفه : أبو عبيد ، عن الأصمعي : المَنْفُوه : الضَّعيف الفؤادِ الجَبان.

وقال ابن بُزُرج : ما كان الرجل نَافِهاً ، ولقد نَفَه نُفُوهاً. قال : والنُّفُوه : ذِلّةٌ بعد صُعوبة. وأَنْفَهَ ناقتَه حتى نَفَهَتْ نَفْهاً شديداً.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال لعبد الله بن عَمرو حين ذَكر له قِيامَ الليل وصيامَ النّهار : «إنك إذا فعلتَ ذلك هَجَمتْ عيناك ، ونَفَهتْ نفسُك».

قال أبو عبيد : قال أبو عبيدة : قوله : نَفِهتْ نفسُك : أَعيت ، وكلَّت. ويقال للمعُيي : مُنَفَّهٌ ، ونافِهٌ ، وجمع النَّافِه نُفَّهٌ ، وأنشد أبو عمرو :

بنا حَراجِيجُ المَطِيِ النُّفَّه *

يعني المعْيِيَة ، واحدتها نافِهٌ ونافِهَةٌ ، والذي يفعل ذلك بها منفِّهٌ ، وقد نفّه البعير.

الخرّاز ، عن ابن الأعرابي : نفَهَتْ نفسُه تَنفَه نُفُوهاً : إذا ضعفت ، وسقطت ، وأنشد :

والعَزَبَ المُنَفَّه الأُمِّيَّا*

وروى أصحابُ أبي عُبَيد عنه : نَفِهَ يَنْفَه بكسر الفاء من نَفِه وفتحِها من يَنْفَه.

نهف : أهمله الليث. وقال ابن الأعرابي : النَّهْف التحيّر.

ه ن ب

هنب ، نبه ، نهب ، بهن ، هبن : مستعملة.

هنب : قال الليث : هِنْب : حيٌّ من رَبيعة.

وقال أبو العبّاس : قال ابن الأعرابيّ : المِهْنَبُ : الفائق الحُمْق ، قال وبه سُمِّي الرجل «هِنْبَا» ، قال : والّذي جاء في الحديث أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نَفَى مُخنَّثَين يُسَمَّى أحدُهما «هِيتٌ» ، والآخر «ماتِعٌ» ، إنّما هو «هِنْبٌ» ، فصحَّفَه أصحابُ الحديث.

قلت : رواه الشافعيّ وغيرُه «هِيتٌ» ، وأظنّه الصواب. وأخبَرَني أبي محمد المُزَنّي ، عن أبي خَليفة ، عن محمّد بن سلّام أنّه أنشده :

وشَرُّ حَشْوِ خِباء أنت مُوَلِجُه

مجنونةٌ هُنَّبَاءٌ بنتُ مَجْنونِ

وهُنَّباء ـ بوزن فُعَّلاء بتشديد العين والمدَّ ـ ولا أعرف في كلام العرب له نظيراً ، والهُنَّباء : الأحمق.

١٧٢

وقال ابن دُرَيد : امرأة هُنَّبا ، وهُنَّباء ـ بالمدّ والقصر ـ وهُنَّبِيٌ : وهي الوَرْهاء.

هبن : أهمله الليث.

وقال أبو عمرو الهَبُون : العنكبوت ويقال بالراء : هَبور.

نهب : قال الليث : النَّهْب : الغَنِيمة ، والانتهاب : أَخْذُه من شاء ، والإنهاب : إباحَتُه لمن شاء ، والنُّهْبَى : اسمٌ لما أَنْهَبْتَه : قال : والنِّهاب : جَمْع النَّهْب ، والمُناهَبة : المُباراة في الْحُضْر والجرْي.

فرسٌ يُناهِب فَرَساً ، وأنشَد : للعجّاج يصف عَيْراً وأُتُنَه.

وإنْ تُناهِبْه تجِدْه مِنْهَبا*

ويقال للفرس الجواد : إنّه ليَنْهَبُ الغايةَ والشَّوْط ، وقال ذو الرّمة :

والخَرْقُ دون بَناتِ البَيْضِ مُنتَهَبٌ *

يعني في التّباري بين الظليم والنّعامة. وفي «النّوادر» : النَّهْب : ضَرْبٌ من الرَّكْض ، والنّهب : الغَارَة.

نبه : قال الليث : النَّبَه : الضَّالّة تُوجَد عن غَفْلة ؛ يقال : وجدتُه نَبَهاً عن غير طلب ، وأضلَلْتُه نَبَهاً لم تَعلَمْ متَى ضلّ. وقال ذو الرَّمة :

كأنّه دمْلُجٌ من فِضَّةٍ نَبَهٌ

في مَلعَبٍ من جواري الحيِّ مَفْصومُ

يصف غَزالاً قد انحنَى في نومه ، فشبَّهه بدُمْلُجٍ قد انفَصَم.

قال : والنُّبْه : الانتباه من النّوم ، تقول : نَبَّهتُه ، وأنْبَهتُه من النّوم ، ونَبَّهْتُه من الغَفْلة. ورجُلٌ نبيه : شريف. وقد نَبُه فلانٌ باسم فلان : إذا جَعَله مذكوراً.

أبو عُبَيد ، عن أبي زيد : نَبِهْتُ للأَمر أَنْبَهُ نَبَهاً ، وَوَبِهْتُ أَوْبَهُ وَبَهاً ، وهو الأمر تنساه ثمّ تَنتَبِه له.

وقال الأصمعيّ : يقال : أضلُّوه نَبَهاً : لا يدرُون متى ضلَّ حتّى انتبَهوا له. قال : وسمعت من ثقةٍ : أَنبَهْتُ حاجتي حتّى نَسيتُها. ويقال للقوم ذهب لهم الشيء لا يدرون متَى ذهَب : قد أَنبَهوه إنباهاً.

وقال غيره : النَّبَه : الضّالّة التي لا يُدرَى متى ضلَّت؟ وأين هي؟. ويقال فَقَدْتُ الشيء نَبَهاً : أي لا عِلْم لي كيف أضلَلْتُه ، وقول ذي الرّمّة :

كأنّه دُمْلجٌ من فِضَّةٍ نَبَهٌ *

وضَعَه في غيرِ موضعه ، كان ينبغي له أن يقول : كأنّه دُمْلجٌ قد فُقِد نَبَهاً.

وقال شَمِر : النَّبَهُ : المَنْسِيُّ المُلْقَى الساقِط الضالّ.

ورَجل نَبَهٌ ونَبِيه : إذا كان معروفاً شريفاً ، ومنه قولُ طَرَفة يَمدَح رجلاً :

كامل يَجْمَعُ آلاءَ الفتَى

نَبَهٌ سَيِّدُ ساداتٍ خضَمّ

بهن : قال الليث : البَهْوَنِيُ من الإبل : ما يكون بيْنَ العربيّة والكِرْمانية ، وكأنّه دَخِيل في الكلام. قال : وجاريةٌ بَهْنانَةٌ : وهي اللَّيّنة في مَنطِقها وعَملِها.

أبو عُبَيد ، عن أبي علقمة الثقفيّ : البَهْنانة : الطيبة الرّيح ، قال : وقال الأصمعيّ : هي

١٧٣

الضحّاكة وأخبرَني المنذريُّ عن ثعلب أنّ ابن الأعرابيّ أنشَدَه :

ألَا قالَتْ بَهانِ ولم تأَبَّقْ

نَعِمْتَ ولا يَليقُ بكَ النَّعيمُ

قال : بَهانِ أراد بَهْنانة.

وقال الكسائي : البَهْنانة : الضحَّاكة المُتَهلِّلَة.

وقال غيره : هي الطيّبة الريح. عمرو ، عن أبيه قال : البَهْنانة : الطيبة الرائحة ، الحَسنة الخَلْق ، السَّمْحة لزَوجِها.

ه ن م

هنم ، همن ، مهن ، نهم : مستعملة.

هنم : قال الليث : الهَيْنَمَة الصَّوْتُ ، وهو شِبْه قِراءة غير بيِّنة ، وأنشد لرؤبة :

لا يَسمعُ الرَّكْبُ بها رَجْعَ الكَلِمْ

إلا وَساويسَ هَيَانِيم الهَنِمْ

وفي الحديث أن عمر قال : ما هذه الهينمة؟ قال أبو عبيد : الهينمة الكلام الخفِيّ. وأنشد قول الكُمَيت :

ولا أَشهَد الهُجْرَ والقائليه

إذا هُمْ بهَيْنَمَةٍ هَتْمَلُوا

وقال اللحيانيّ : من أسماء خَرَز نساءٍ الأعراب : الهِنَّمَةُ تُؤخِّذ بها المرأةُ زوجَها عن النّساء. قالت امرأة منهم : أخَّذْتُه بالهِنَّمَهْ ، باللّيل زوجٌ وبالنّهار أَمَهْ. ومن أسماء خَرَز الأعراب العَطْفة ، والفَطْسَة ، والكَحْلة ، والهَبْرةَ ، والقَبَل ، والقَبَلة ، والصَّرْفة والسُّلْوانَة.

وقال ابن دُرَيْد : الهَنَم : التَّمْر.

وأنشد :

ما لَكَ لا تَمِيرنا من الهَنَم *

قلتُ : إخالُه مُعرّباً.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الهَنْمة : الدَّمْدَمة.

ويقال للرجل الضعيف : هِنَّمة. قال الليث في قوله :

ألا يا قَيْلُ وَيْحَك قُمْ فَهَيْنِمْ *

أي فادعُ الله.

وقال التَّوَّزيّ : الهَنَم ضربٌ من التّمر.

وأنشد :

ما لَكَ لا تميرُنا مِن الهَنَم *

مهن : قال الليث : المِهْنة : الحَذاقة بالعمل ونحوه ، وقد مَهَن يَمْهَن مَهْناً : إذا عَمِل في ضَيْعته ، والماهِن : العبد ، ويقال : خَرْقاءُ لا تُحْسن المِهْنة : أي لا تُحْسن الخِدمة.

مَهَنَهُم ؛ أي خَدَمَهم.

وقال أبو عُبَيد : أنكَر أبو زيد المِهْنَةَ ، وفَتَح الميم «مَهْنة» ، وهكذا. قال الرِّياشيّ : «مَهنة». قال : وامتَهَن نفسه ، وأنشد الرياشيّ :

وصاحبُ الدّنيا عُبَيدٌ مُمْتَهَنْ *

أي مستخدَم وقال الكسائي : المِهنة : الخدمة.

أبو عُبيد عن أبي زيد مَهَنْتُ الإبل مَهْنَةً : إذا حلبها عند الصَّدَر وأنشد شَمِر :

فقلت لِماهِنَيَ : ألا احلباها

فقاما يحلُبان ويَمرِيان

١٧٤

وقال شَمِر : قال أبو زيد العِتريفيُّ : إذا عجز الرجل قلت :

هو يطلَغُ المَهْنَةَ. قال : والطَّلَغَان : أن يَعيا الرجلُ ثم يعمل على الإعياء. قال : وهو التلغُّب قال : ويقال : هو في مهنة أهله : وهو الخدمة والابتذال. وقال أبو عدنان : سمعت أبا زيد يقول : هو في مَهِنَة أهلِه ـ بفتح الميم وكسر الهاء ـ ، وبعض العرب يقول : المَهْنَة ، يسكن الهاء ، وقال الأعشى يصف فَرَساً :

فَلأياً بَلأيٍ حَمَلْنا الغُلا

مَ كرْهاً فأَرسله فامتَهَنْ

أي أَخرَج ما عِنْدَه من العَدْو وابتَذَلَه.

وقال الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ) [القَلَم : ١٠] المهين هاهنا الفاجر.

وقال أبو إسحاق : هو فَعِيل من المهانة ، وهي القِلَّة.

قال : ومعناه هاهنا : القلّة في الرأي والتمييز.

وقال الليث : رَجُلٌ مَهِين : ضَعيف حَقِير ، وقد مَهُن مَهانةً.

وقال أبو زيد : رَجُلٌ مَهِين : ضَعيف ، من قوم مُهنَاء.

ويقال للفَحْل من الإبل والغَنم إذا لم يُلقِح من مائِه : مَهِين.

وقولُه : (مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) [السَّجدَة : ٨] أي من ماء قليلٍ ضعيف.

نهم : قال الليث : النَّهِيم : شِبه الأنين ، والطَّحِيرُ والنَّحِيمُ مثله ، وأنشد :

ما لَكَ لا تَنْهِمُ يا فلَّاحُ

إنّ النَّهِيم للسُّقاة راحُ

قال : والنَّهْم : زَجْرُك الإبلَ تصيح بها لتمضيَ.

وقال ابن السكيت : نهَم الرجُلُ الإبلَ يَنهَمها نَهْماً : إذا زَجَرها لتجدّ في سيرها ، وأنشد :

ألا انهِماها إنها منَاهِيمْ

وإنما يَنهَمُها القومُ الهِيمْ

قوله : مناهيم : أي تطيع على النّهم : أي الزّجْر. وقد نهِم في الطعام ينهَم نَهْماً : إذا كان لا يشبَع.

وقال الليث : النَّهْمة : بلوغُ الهِمَّة في الشيء ، وفلان مَنهوم بكذا : أي مُولَع به لا يَشبَع.

قال : والنَّهْم : الحَذْف بالحَصا ونحوه ، وأنشد :

يَنهَمْنَ بالدّار الحصَا المنْهُوما*

قال : والنَّهاميّ : الحدَّاد.

وروَى أبو نصر عن الأصمعي أنه قال : النَّهامِي : النّجّار. والمَنْهَمة : موضِع النَّجْر.

وقال أبو سعيد : النُّهاميّ : الراهب ، والنَّهاميّ : الحدَّاد ، وأنشد قول أبي دُؤاد :

نَفْخَ النَّهامِيِ بالكِيريْن في اللهَبِ*

وقال النضر : النَّهاميّ : الطَّريق المَهْيَعُ الجَدَدُ ، وهو النَّهام أيضاً.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : النِّهامِيّ ـ بكسر النون ـ : صاحبُ الدَّيْر ، لأنه يَنهَمُ فيه ويدعو.

١٧٥

وقال الليث : النَّهّام الأسد في صَوْتِه ، يقال : نَهم يَنهِم نَهِيماً.

وقال أبو عبيد : الوَئِيدُ : الصَّوت ، والنهِيم مِثلُه.

وقال غيرُه : النُّهامُ : البُوم الذَّكَر.

وقال الطِّرمَّاح يذكر بُومةً تضبَح :

تَبيتُ إذا ما دعاهَا النهام

تُجِدُّ وتحْسبها مازِحَهْ

يعني أنها تُجِدّ في صوتها كأنها تُمازِح.

وقال أبو سعيد : جمع النُّهام نُهُم ، وهو ذَكَر البُوم ، وأنشد للطِّرِمَّاح :

لَقْوَةٌ تَضبَح ضَبْحَ النُّهامِ

همن : قال الليث : الهِمْيَان : التِّكَّة ، وقيل للمِنْطَقة : همْيان ويقال للذي تُجعل فيه النفقة ، ويشدّ على الوَسَط : هِمْيان.

والهِمْيان دَخيل معرَّب. والعرب قد تكلموا به قديماً ، فأَعرَبوه ، وأما قول الله جلّ وعزّ : (وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) [المَائدة : ٤٨] وقوله : (الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ) [الحَشر : ٢٣] فإن المفسرين قال بعضهم في قوله : (وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) [المَائدة : ٤٨] معناه : وشاهداً عليه. وقال بعضهم : رقيباً عليه ، وقال بعضهم : ومؤتمناً عليه.

وقال بعضهم : المهيمِن : اسمٌ من أسماء الله في الكتُب القديمة.

وقال المبرد : مُهيمِن معناه مُؤَيْمِن ، إلا أنّ الهاء مُبدلةٌ من الهمزة ، والأصل مُؤَيْمِناً عليه ، كما قالوا : هِيَّاك وإيَّاك ، وهَرَقْتُ الماء ، وأصله أَرَقتُ.

قلتُ : وهذا على قياس العربية صحيح إن شاء الله تعالى مع ما جاء في التفسير أنه بمعنى الأمين.

وقيل : بمعنى مؤتَمَن.

وقال العباس بنُ عبد المطَّلب يمدَح النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

حتى احتوَى بيتُكَ المهيمِنُ من

خِنْدِفَ عَلْياءَ تَحتَها النُّطُقُ

قال ابن قُتيبة : معناه حتى احتَويتَ يا مهيمن من خِندفَ علْياء : يريد به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأقام البيتَ مقامَه ، لأن البيت إذا حَلَّ بهذا المكان فقد حَلَّ به صاحبُه.

قلت : وأراد ببيته شرفَه. والمهَيْمِن من نَعْتِه ، كأنه قال : حتى احتوى شرفُك الشاهدُ على فضلِك علياء الشرفِ من نَسَب ذَوِي خِنْدف : أي ذِرْوَةَ الشرفِ من نَسَبهم التي تحتَها النُّطُق ، وهي أَوْساط الجبال العالية ، جَعَل خِنْدَفَ وقبائلها نُطُقاً له.

وفي حديث النعمان بن مُقَرِّن يومَ نهاوَنْد : ألا إني هازٌّ لكم الراية الثانية فليثبتْ الرجال ، فليَشُدُّوا هَمايِينَها على أحقائها ، يعني مَناطِقَها ليستعدوا للحملة.

ويُروَى عن عمرَ أنّه قال يوماً : إنّي داعٍ فهَيْمِنوا أراد : إنِّي داع فأمِّنوا على دُعائي ، قَلب إحدى حَرْفي التَّشْديدة في أَمِّنُوا ياءً ، فصار أَيْمِنوا ثم قُلِبَتْ الهمزة هاء فقال : هَيْمِنوا.

١٧٦

والعرب تقول : أمّا زيدٌ فحسَن ، ثم يقولون : أيْما زيد فحسَنٌ ، بمعنى أمّا ، وأنشد المبرّد قول جميل :

على نَبْعةٍ زَوْرَاءَ أَيْمَا خِطامُها

فمتنٌ وأمّا عُودُها فعَتِيقُ

قال : أراد بأَيما أمّا فاستَثقَلَ التَّضْعيفَ ، فأَبدلَ مِن إحدى المِيمَيْنِ ياءً كما فعلوا بقيراط ودينار ، ودِيوانٍ ، ألا تراهم جَمعوها قَراريط ودنانيرَ ودَبابيج.

وقال ابن الأنباريّ في قوله : (وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) [المَائدة : ٤٨].

قال : المُهيْمِن : القائمُ على خَلْقه ، وأنشد :

ألا إنَّ خيرَ الناسِ بَعد نبيِّه

مُهَيْمِنُه التَّالِيه في العُرف والنُّكْر

معناه : القائم على الناس بعده ، قال : وفي مُهيمِن خمسةُ أقوال : قال ابن عبّاس : المُهَيْمِنُ : المؤتَمن.

وقال الكسائي : المهيمن : الشَّهيد. وقال غيرُه : هو الرَّقيب.

يقال : هَيمَن يُهيمِن هَيْمنة : إذا كان رقيباً على الشيء.

وقال أبو معشر في قوله : (وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) [المَائدة : ٤٨] معناه وقَبَّاناً عليه ، وقيل : وقائماً على الكُتب.

قال : وقيل مُهيمِن في الأصل مُؤيْمِن

[أبواب الهاء والفاء

ه ف ب : مهمل (١)

] ه‍ ف م

استعمل من وجوهه : فهم : قال الليث : يقال : فهمتُ الشيء : أي عقَلْتُه وعَرَفته وفَهَّمتُ فلاناً وأفْهمتُه ورجلٌ فهِم : سريعُ الفَهم ، ويقال : فَهْم وفَهَمٌ وتفهَّمْتُ المعنى : إذا تَكَلّفْتَ فَهْمَه.

[باب الهاء والباء مع الميم]

ه ب م

أُهملت وجوهه إلا بهم.

بهم : رُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «يحشر الناس يوم القيامة غرلاً بُهْماً». قال أبو عبيد : قال أبو عمرو : البهْم واحدها بَهِيم ، وهو الذي لا يخلِط لَوْنَه لونٌ سِواه ، من سوادٍ كان أو غيره.

قال أبو عبيد : فمعناه عندي أنه أراد بقوله : بُهْمَاً يقول : ليس فيهم شيءٌ من الأعراض والعاهات التي تكونُ في الدُّنيا : من العَمَى والعَرَج والجُذام والبَرَص ، وغير ذلك من صُنوف الأمراض والبلاء ، ولكنها أجسادٌ مُبْهَمَةٌ مصحَّحة لخُلُود الأبَد.

وسُئل ابن عبّاس عن قول الله جلّ وعزّ ثناؤه : (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) [النِّساء : ٢٣] ولم يُبَيِّن : أَدَخلَ بها الابنُ أم لا؟ فقال ابن عبّاس : أَبْهِموا

__________________

(١) أهمله الليث.

١٧٧

ما أَبهَمَ الله. قلت : وقد رأيتُ كثيراً من أهل العِلم يذهَبون بمعنى قوله : أَبهِموا ما أبهمَ الله ، إلى إبهام الأمر واشتباهِه ، وهو إشكاله واشتباهه ، وهو غَلَط.

وكثيرٌ من ذَوِي المعرفة لا يميّزون بين المُبْهَم وغيرِ المُبهم تمييزاً مُقنِعاً شافياً وأنا أُبيّنه لك بعون الله وتوفيقه ؛ فقولُه جلّ وعزّ : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ) [النِّساء : ٢٣] هذا كلُّه يسمَّى التحريم المُبهم ، لأنه لا يحِلّ بوجهٍ من الوجوه ولا سببٍ من الأسباب ، كالبهيم من ألوان الخيل الذي لا شِيَةَ فيه تُخالفُ معظمَ لونه.

ولمّا سُئل ابنُ عباس عن قوله : (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ) [النِّساء : ٢٣] ، ولم يبيِّن الله الدُّخولَ بهنَّ؟ أجاب فقال : هذا من مُبهَم التحريمِ الذي لا وَجْهَ فيه غير التحريم سواءٌ دخَلتم بنسائكم أو لمْ تدخلوا بهنّ ؛ فأُمَّهاتُ نسائكم مُحرّمات من جميع الجهات.

وأما قوله : (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) [النِّساء : ٢٣] فالرّبائب هاهنا لسن من المبهمَة ، لأنّ لهنَّ وَجْهين مُبَيَّنين أُحْلِلْنَ في أحدهما وحُرِّمْن في الآخر ، فإذا دُخِل بأمَّهات الرّبائب حَرُمَتْ الرَّبائب ، وإن لمْ يُدْخَل بأمَّهات الرّبائب لم يَحرُمْنَ ، فهذا تفسيرُ المُبهَم الذي أراد ابنُ عباس ، فافهمْه.

أخبرني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ أنه أنشَدَه :

أَعْيَيْتَنِي كلَّ العَيا

ءِ فلا أَغَرُّ وَلَا بَهِيمُ

قال : يُضرَب مَثَلاً للأمر إذا أَشكل ولم تَتّضِح جِهَتُه واستقامتُه ومعرفتُه ، وأنشد في مثله :

تفرّقتِ المَخاضُ على يَسارٍ

فما يَدرِي : أيُخْثِر أمْ يُذِيبُ

وقال الليث : بابٌ مُبهَم : لا يُهتَدَى لفتحه إذا أُغْلِق ، وليلٌ بَهيم : لا ضوءَ فيه إلى الصّباح.

وقال ابن عَرَفة : البَهِيمة : مُسْتَبْهِمَةٌ عن الكلام ، أي مُنْغَلِقٌ ذاك عنها ؛ ويقال : أبهمتُ الباب ، إذا سَدَدْتَه.

وقال الزجّاج في قوله جلّ وعزّ : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) [المَائدة : ١] يعني الأزواج الثمانية المذكورة في سورة الأنعام ، وإنما قيل لها بهيمة الأنعام لأنّ كلّ حيّ لا يُميِّز فهو بَهِيمة ، وإنما قيل له : بهيمة لأنه أُبهِم عن أن يميِّز.

قال : وقيل للإبهام الإصبع : إبهامٌ ؛ لأنها تُبْهِمُ الكَفّ : أي تُطبِق عليها.

قال : وطريق مُبْهَم : إذا كان خفيّاً لا تستبين. ويقال : ضرَبَه فوقع مُبْهماً : أي مغشيّاً عليه لا يَنطِق ولا يميِّز.

وقال الليث : البَهْمة : اسمٌ للذكر والأنثى من أولاد بَقَر الوَحش والغنم والماعِز ، والجميع البَهْم والبِهَام ، والبَهْم أيضاً : صِغارُ الغَنَم.

وقال أبو عُبَيد : يقال لأولاد الغنم ساعةَ تَضعُها من الضأن والمَعْز جميعاً ذكراً أو

١٧٨

أثنى : سَخْلة ، وجمعُها سِخال ، ثمّ هي البَهْمة للذكر والأنثى ، وجمعها بَهْمٌ.

وقال ابن السكيت : يقال : هم يُبَهِّمون البَهْمَ : إذا حرّموه عن أمّهاته فرَعَوْه وحدَه.

قال : والبِهام : جمعُ بَهْم ، والبَهْم : جمع بَهْمة ، وهي أولاد الضأن ، والبَهْمة اسمٌ للمذكّر والمؤنّث.

قال : والسِّخال : أولادُ المِعْزَى ، والواحدة سَخْلة للمؤنث والمذكَّر ، وإذا اجتمعَت البِهام والسِّخال قلتَ لهما جميعاً : بِهام.

قال : ويقال : هي الإبْهام للإصبع ، ولا يقال : البِهام ، ويقال : هذا فرسٌ جَوادٌ وبَهِيم ، وهذه فرسٌ جَواد وَبَهيم ـ بغير هاء ـ : وهو الذي لا يَخلِط لونَه شيءٌ سوى مُعظم لونِه.

رَوَى سُفيانُ عن سَلَمَة بن كُهَيل عن خَيْثمة عن عبد الله بن مسعود في قول الله تعالى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) [النِّساء : ١٤٥] ، قال : في تَوابِيتَ من حديد مُبْهَمةٍ عليهم.

قال أبو بكر بنُ الأنباريّ : المُبهمَة : التي لا أَقفالَ عليها. يقال : أمرٌ مُبْهَم : إذا كان ملتَبساً لا يُعرَف معناه ولا بابُه.

قال : ورجُل بُهْمَة : إذا كان شُجاعاً لا يَدرِي مُقاتِلُه من أَيْن يَدْخُل عليه.

قلت : والحروف المُبهَمة : التي لا اشتِقاق لها ، ولا يُعرَف لها أصول ، مثل الذي والذين وما ومن وعن ، وما أشبَهَها.

وقال في موضع آخر : كلام مُبْهَم : لا يُعرَف له وجهٌ يُؤتَى منه ، مأخوذ من قولهم : حائطٌ مُبهَم : إذا لم يكن فيه باب ، ومنه يقال : رجلٌ بُهْمة : إذا لم يُدْرَ من أين يُؤْتى له.

وقال ابن السكيت : أبهَمَ عليّ الأمرُ : إذا لم يجعل له وجْهاً أعرِفُه. ولونٌ بَهِيم : لا يُخالِفُه غيره.

وقال الليث : البُهْمَى : نبتٌ تَجِدِ بِه الغنمُ وَجْداً شديداً ما دام أخضَر ، فإذا يَبِس هَرَّ شوكُه وامتَنَع ، ويقولون للواحدة : بُهْمَى ، وللجميع ؛ بُهْمَى.

قال : ويقال للواحدة : بُهْمَاة ، وأنشد ابن السكيت :

رَعَتْ بارضَ البُهْمَى جَمِيعاً وبُسْرَةً

وصَمْعاء حتى آنَفَتْها نصالُها

والعرب تقول : البُهْمَى : عَقْر الدّار ، وعَقَار الدار : يريدون أنه من خِيار المَرْتَع في جَنابِ الدّار.

والإبهام : الإصبَعُ الكُبرى التي تلي المُسبِّحة ، والجميع الأباهيم ، ولها مَفصِلان.

وكلّ ذي أربع من دوابّ البر والبحر يُسمَّى بَهيمة.

وقال الأخفش : بُهمَى لا تُصرَف ، والواحدة بُهْماة.

والبَهايم : أَجْبُلٌ بالحِمَى على لونٍ واحد.

قال الرّاعي :

بَكَى خَشْرَمٌ لمَّا رَأَى ذا مَعارِكٍ

أَتَى دونه والهَضْبَ هَضْبَ البهايم

وأَبهمَت الأرضُ فهي مُبهِمة : إذا أنبتَتْ البُهمى.

١٧٩

وَبَهَّمَ فلانٌ بموضِع كذا : إذا أقامَ به ولم يَبرَحْه.

وقال أبو عبيد : البُهْمة الفارس الذي لا يُدرَى من أين يُؤتَى من شدة بأسِه.

قال : والبُهْمة أيضاً : هم جماعةُ الفُرْسان ، وقال متمّم ابن نُوَيْرة :

وللشَّرْب فابكِي مالِكاً ولِبُهْمَةٍ

شديدٍ نواحِيها على من تشجَّعا

وهم الكُماةُ ، وقيل لهم : بُهْمة لأنه لا يُهتَدَى لقتالهم.

وقال غيرُه : البُهْمة : السَّواد أيضاً. ويقال للّيالي الثلاث التي لا يَطلُع فيها القَمَر : بُهَم ، وهي جمعُ بُهْمة.

وفي «نوادر الأعراب» : رجل بُهْمة ، إذا كان لا ينثني عن شيء أراده. واستَبهَم الأمرُ : إذا استغْلَق فهو مُسْتبهِمُ.

١٨٠