تهذيب اللغة - ج ٦

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٦

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٢

الهَذالِيل : مَسايلُ صغارٌ من الماء وهي الثُّعبَانُ.

قال أبو عُبَيدٍ : الهُذلول : الرَّمْلة الطويلة المستدِقّة المُشرِفة وذهب ثوبُه هَذالِيلَ : أي قِطَعاً. وأمَّا قول الراجز :

قلتُ لقَوْمٍ خَرَجوا هَذَالِيلْ

نَوْكَى ولا ينْفَعُ للنَّوْكَى القِيلْ

قيل في تفسيره : هم المُسرِعون يتْبَع بعضُهم بَعْضاً.

وقال ابن الكَلْبِيّ : الهُذْلول : اسمُ سَيفٍ كان لبعضِ بَني مخزُومٍ ، وهو القائل فيه :

كم من كميٍّ قد سَلَبْتُ سِلاحَه

وغادَره الهُذْلُولُ يَكْبُو مُجَدَّلا

وقال اللّيث : الهَوْذَلة : القذْفُ بالبَوْل ، يقال هَوْذَلَ ببوْله : إذا قَذَفه. قال : والهَوْذَلة : أن يضطرب في عَدْوِه.

أبو عُبَيد ، عن الأصمعيّ : الهَوْذَلة : أن يَضْطرب في عَدْوِه. قال : ومنه يقال السِّقاءُ : إذا تَمخَّض : هَوْذَلَ يُهَوْذِل هَوْذلةً.

أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابي : هَوْذَلَ السِّقاءُ : إذا أَخْرَج زُبْدَتَه ، وهَوْذَلَ : إذا قاء ، وهَوْذَل : إذا رَمَى بالعُرْبُون ، وهو الغائِط والعَذِرة ، وأنشد :

لو لَمْ يُهَوْذِلْ طَرَفاه لَنَجَمْ

في صُلْبِه مِثْل قَفَا الكَبْشِ الأجَمّ

قال : والهاذِل بالذّال : وَسَط اللّيل.

وقال الأصمعيُّ : هَوذَل الفحلُ من الإبل ببَوْلِه : إذا اهتزَّ ببَوله وتَحرَّك.

وقال ابن الفرج : أهْذَب في مَشْيِه ، وأَهْذَلَ : إذا أَسْرَع ، وجاء مُهْذِباً مُهْذِلاً.

وهُذَيْل : أحدُ قَبائل خِنْدِف ، وقد أُعْرِقَ لها في الشِّعْر ، والنِّسبة إليها هُذَليّ ، ومن العرب من يقول : هُذيْلِيّ.

ويقال : ذهبَ بولُه هَذالِيلَ : إذا تقطَّعَ.

وهَذاليلُ الخيل : خِفَافُها.

ذهل : قال الله جلّ وعزّ : (يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ) [الحج : ٢] أي تسلُو عن وَلَدها فتتركه لشدَّة القيامة والفَزَع الأكبر.

وقد ذَهَلَ يَذْهَل ، وذَهِلَ يَذهَل ذُهولاً.

وأَذْهَلَني كذا وكذا عنهُ يُذْهِلُني.

وقالت امرأة :

أَذْهَلَ خِلِّي عنْ فِراشي مَسْجدُهُ*

وكان زوجها اشتَغَل بعبادتِه عن فراشها فشكت سُلُوَّه عنها.

وقال الليث : الذَّهْل : تركُكَ الشَّيء تَنَاساه على عَمْد ، أو يَشْغَلُك عنه شاغل.

وقال اللحيانيّ : مضى ذَهْلٌ من اللَّيل : أي ساعةٌ. ذَهْلٌ ، ودَهْلٌ ، لُغَةٌ بالدال والذال.

جاء به أبو عمرو.

وقال الليث : الذُّهْلانِ : حيَّان من ربيعة ، وهم بَنُو ذُهْل بن شَيْبَان ، وبنو ذُهْل بن ثَعْلبة.

ه ذ ن

استعمل من وجوهه : ذهن.

ذهن : قال الليث : الذِّهْن : حِفْظ القلب.

تقول : اجعلْ ذِهْنك إلى كذا وكذا.

١٤١

وفي «نوادر الأعراب» : ذَهِنْتُ كذا وكذا : أي فَهِمتُه ، وذَهَنْتُ عن كذا وكذا : أي فَهِمْتُ عنه ، ويقال : ذَهنَنِي عن كذا وكذا ، وأَذْهنَنِي ، واسْتَذْهنَنِي : إذا أَنْساني وأَلْهاني عن الذِّكْر ، ويقال : فلان يُذاهِن الناسَ أي يُفاطِنُهم ، وقد ذَاهنَنِي فَذَهنْتُه : أي كُنتُ أجْودَ ذِهْناً منه.

ه ذ ف

[هذف] : أهمله الليث وأنشد أبو عمرو قول الرّاجز :

يُبْطِر ذَرْعَ السَّائق الهذَّافِ

بعَنَقٍ من فَوْرِه زَرَّافِ

قال : والهَذَّاف : السَّريع ، وقد هَذَف يهذِفُ : إذا أسْرَع ، ويقال : جاء مُهْذِباً مُهْذِفاً مُهذِلاً ، بمعنى واحد.

ه ذ ب

استعمل من وجوهه : هذب ، هبذ ، ذهب.

ذهب : قال الليث : الذَّهَب : التِّبْر ، والقطعة منه ذَهبَةٌ.

قال : وأهلُ الحجاز يقولون : هي الذَّهب.

ويقال : نزلتْ بلغتهم : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ) [التّوبَة : ٣٤] ولو لا ذلك لغَلَب المذكَّرُ المؤنث.

وقال : وسائرُ العَرَب يقولون : هو الذَّهب.

قلتُ : الذّهب مُذكّر عند العَرَب ، ومن أنَّثه ذَهب به مذهب الجميع. وأما قوله جلّ وعزّ : (وَلا يُنْفِقُونَها) ولم يقل : يُنفقونه ؛ ففيه أقاويل للنَّحويين أحدها أنّ المعنى يَكْنِزُون الذّهب والفضَّة ولا ينفقون الكنوز في سبيل الله ، وقيل : جائز أن يكون محمولاً على الأموال ، فيكون : ولا ينفقون الأموال ، ويجوز أن يكون : ولا ينفقون الفضّة ، وحذف الذَّهب ، كأنه قال : والذين يكنزون الذهب ولا يُنفِقونه ، والفضّة ولا يُنفقونها ، فاختصر الكلام ، كما قال الله جلّ وعزّ : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) [التّوبَة : ٦٢] ، ولم يقل : يُرضوهما.

وقال الليث : الذِّهْبة : المَطْرة الجَوْدة ، والجميع الذِّهاب.

أبو عبيد ، عن أصحابه قالوا : الذِّهاب : الأمطار الضعيفة.

ومنه قول الشاعر :

توَضَّحْن في قَرْن الغَزالةِ بعد ما

ترشَّفْنَ دِرَّاتِ الذِّهاب الرَّكائِك

وقيل : ذِهْبة للمطْرة ، واحدة الذِّهاب ورُوِي عن بعض الفقهاء أنه قال : في أَذاهِبَ من بُرٍّ وأذاهبَ من شَعيرٍ ، قال : يُضمّ بعضها إلى بعض ، فتُزَكَّى.

قيل : الذهب : مكيالٌ معروفٌ باليمن ، وجمعه أذْهاب ، ثمّ أذاهب جمعُ الجميع.

قاله أبو عُبيد.

وقال ابن السكيت في قول ابن الخطيم :

أَتَعْرفُ رَسْماً كاطِّرادِ المذاهِبِ *

المَذاهب : جُلود كانت تُذْهَب ، واحدها مُذْهَب ، يجعل فيها خُطوطٌ مُذهَبه ، فيُرَى بعضُها في إثْر بعض ، فكأنها متتابعة ، ومنه قول الهذليّ :

يَنْزِعْن جلدَ المَرْءِ نَزْ

عَ القَيْن أَخلاقَ المَذَاهِبْ

١٤٢

يقول : الضِّباعُ ينزعن جلدَ القتيل كما يَنزع القَينُ خِللَ السُّيوف ، قال : ويقال : المذاهب : البُرُود المُوَشّاة ، يقال : بُرْدٌ مُذهَب ، وهو أرْفَعُ الأَتحَمِيّ.

وفي الحديث أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان إذا أراد الغائط أبعَدَ في المَذْهَب.

أبو عبيد ، عن الكسائي : يقال لموضع الغائط : الخَلاء ، والمَذْهب والمِرْفَق والمِرْحاض.

الحرّاني ، عن ابن السكيت : ذهَبَ الرجلُ والشيءُ يذهَبُ ذَهاباً ، وقد ذَهِبَ الرجلُ والشيء يذهَبُ ذهَباً : إذا رَأَى ذهبَ المعْدِن فبَرِق من عِظَمه في عَيْنيه ، وأَنشد ابن الأعرابي :

ذَهَّب لمّا أن رآها ثُرْمُرَه*

وفي رواية :

... لَمَّا أن رآها ثُرْمُلَهْ

وهو اسم رجُل.

وقال : يا قوم رأيتُ مُنْكَرَهْ

شَذْرَةَ وادٍ ورأَيتُ الزُّهَرَهْ

أبو عبيدة : كُمَيْتٌ مَذْهَب ، وهو الذي تعْلو حُمرتَه صُفْرَة ، والأنثى مُذْهَبة.

وقال الليث : المُذْهَبُ : الشيءُ المَطْلِيُ بالذَّهب ، قال لبيد :

أو مُذهَبٌ جُدُدٌ على ألْوَاحِه

الناطِقُ المَبروزُ المختُومُ

قال الأزهريّ : وأهل بغداد يقولون للمُوَسْوِس من الناس : به المُذْهِبُ ، وعَوامُّهم يقولون : به المُذْهَب ، بفتح الهاء ، والصواب المُذْهِب.

وقال الليث : المُذْهِبُ : اسم شيطان يقال : هو من ولد إبليس يَبدو للقراء فيفتنهم في الوضوء وغيره.

وقال : والذُّهوب ، والذَّهاب لغتان ، والمذهَب : مصدر كالذّهاب.

ويقال : ذهَّبتُ الشيءَ فهو مُذَهَّب : إذا طليتَه بالذَّهب.

وقال ابن الأعرابي : يقال للمُوَسْوِس : به المُذْهِب.

ويقال : هو اسم شَيطان.

هذب : سلمة ، عن الفراء قال : المُهْذِب : السريع. وهو من أسماء الشيطان.

ويقال له : المُذهِب : أي المُحَسِّن للمعاصي.

وقال الليث وغيره : الإهذاب : السُّرعة في العَدْو والطَّيَران ، وإبِلٌ مهاذِيبُ : سِراع.

وقال رؤبة :

صَوَادِقَ العَقْبِ مَهاذِيب الوَلَقْ*

وفي بعض الأخبار : إني أخشى عليكم الطَّلَب ، فهَذَّبوا : أي أسرعوا السير ، يقال : هَذَبَ وأَهذَب وهَذّب ، كلّ ذلك ، من الإسراع.

وقال الليث : المُهَذَّب : الذي قد هُذِّب من عيوبه.

وقال غيره : أصل التهذيب تنقيةُ الْحَنظل من شَحْمه ، ومعالجةُ حَبِّه حتى تذهبَ مَرارَتُه ويَطيب لآكله ، ومنه قول أوسِ بن حَجَر :

ألم تَرَيَا إذْ جئتُما أنّ لحمها

به طَعْمُ شَرْي لم يُهذَّبْ وحَنْظَلِ

١٤٣

ويقال : ما في مودّته هَذَبٌ ، أي صفاءٌ وخُلوص ، وقال الكميت :

معدنُك الجوهرُ المهذَّبُ ذو ال

إِبرِيزِ بَخٍّ ما فوق ذا هَذَبَ

ومن أمثالهم : أيُّ الرِّجال المهذَّب؟! يُضرَب مثلاً للرجل يُؤمر باحتمال إخوانه على ما فيهم من خطيئة عيب يُذَمُّون به ، ومنه قوله :

ولَسْتَ بِمُسْبَقٍ أَخاً لا تَلُمُّه

على شَعَثٍ ، أَيُّ الرِّجال المُهذَّبُ؟!

قال ابن الأنباري : الهَيْذَبَى : أن يَعْدُوَ في شِقٍّ ، وأنشد :

مَشَى الْهَيْذَبَى في دَفِّهِ ثم قَرْقَرا*

وروى بعضهم : مَشَى الهِرْبذَى ، وهو بمنزلة الهَيْذَبَى. وقال ذو الرِّمّة :

دِيارٌ عَفَتْها بعدنَا كلُّ دِيمَةٍ

دَرُورٍ وأُخرى تُهذِبُ الماءَ ساجِرُ

يقال : أَهذَبت السحابةُ ماءها ، إذا أسالَتْه بسرعة.

هبذ : قال الليث : المُهابَذَة : الإسراع ، وأنشد :

مُهابِذَةٌ لم تَتَّرِكْ حين لم يكن

لها مَشرَبٌ إلّا بِناءٍ مُنَضَّبِ

وقال أبو عبيد في باب المقلوب : أَهْبَذَ وأهْذَبَ ، إذا أسْرَع.

وقال أبو خِراش الهذَليّ.

يُبادِرُ جُنْحَ اللَّيْل فهو مُهابِذٌ

يَحُثُّ الجَناحَ بالتّبَسُّطِ والقَبْضِ

ه ذ م

استعمل من وجوهه : هذم ، همذ.

هذم : قال الليث : الهَذْم : الأكل ، والهذْم : القَطْع ، كلُّ ذلك في سرعة ، وقال رؤبة يصف اللَّيل والنهار :

كلاهُما في فَلَكٍ يَسْتَلْحِمُهْ

واللِّهْبُ لِهْبُ الخافِقَين يَهذِمُهْ

كلاهما : يعني الليل النهار. في فَلَك يَسْتلحِمه : أي يأخذ قَصْده ويَركَبُه.

واللِّهْبُ : المَهْوَاةُ بين الشيئين ، يعني به ما بين الخافِقَين ، وهما المَغْرِبان.

وقال أبو عمرو : أراد بالخافِقين : المَشْرِق والمغْرِب ، يَهْذِمه : يُغَيِّبُه أجمعَ.

وقال شمر : يَهْذِمه : يأكله ويُوعيه وقال : سِكِّين هَذُوم ، يَهْذِم اللَّحْم : أي يُسْرع قطعه فيأكله ، عن ابن الأعرابيِّ.

وقال الليث : أراد بقوله : يَهْذمه نُقصانَ القمر ، وقال : سيفٌ مِهْذَمٌ مِخْذَم.

قال : والهَيْذام : الشُّجاع من الرِّجال ، وهو الأَكول أيضاً.

ويقال : سِكِّينٌ هُذامٌ ومُوسى هُذَام وشفْرة هُذَامة.

وقال الرَّاجز :

ويْلٌ لِبُعْرَانِ أبي نَعَامَهْ

مِنْكَ ومنْ شَفْرَتِك الهُذَامَهْ

همذ : قال الليث : الهَمَاذِيُ : السُّرْعة في الجرْي ، يقال : إنه لذو هَمَاذِيِ في جَرْيه.

١٤٤

وقال غيره : حَرٌّ همَاذِيٌ أي شديد ، ومَرَضٌ هماذِيٌ ، وأنشد الأصمعي :

تُرِيغُ شُذَّاذاً إلى شُذَّاذِ

فيها هَمَاذِيٌ إلى هَمَاذِي

أبو عبيد ، عن أبي عمرو : الهَماذِيّ : السَّريع من الإبل.

وقال شمر : الهَمَاذِيُ : الجِدُّ في السَّيْر.

ويقال : الهَمَاذِيُ : تاراتٌ شِدادٌ تكون في المَطَر ، والسِّباب ، والجَرْي ، مرّة يَشتدّ ، ومرة يسكن. قال العَجاج :

منه هَمَاذِيٌ إذا حَرَّتْ وحَرّ*

أبواب الهاء والثاء

ه ث ر

مهمل.

ه ث ل

استعمل من وجوهها : لهث ، هلث ، ثهل ، لثه.

لهث : قال أبو إسحاق في قول الله جلّ وعزّ : (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) [الأعرَاف : ١٧٦] ضربَ الله جلّ وعزّ : للتّارك لآياته ، والعادلِ عنها أَخَسَّ شيءٍ في أَخَسِّ أحْواله مَثَلاً ، فقال : (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ) إذا كان الكلب لَهْثانَ ، وذلك لأنّ الكلْب إذا كانَ يلهث فهو لا يَقدر لنفسه على ضُرّ ولا نَفْع ، لأن التمثيل به على أنه يَلهَث على كل حال ، حملت عليه أو تركتَه ، فالمعنى : فمثَلُه كمَثَل الكلْب لاهِثاً.

وقال الليث : اللهْث لَهْثُ الكلْب عند الإعياء ، وعند شدَّة الحرّ ، وهو إدْلاعُ اللِّسان من العَطش.

وقال سعيد بن جُبَير في المرأة اللهثَى والشيخ الكبير : إنهما يُفطِران في رمضان ويُطعِمان.

ويقال : رجلٌ لَهْثانُ وامرأةٌ لَهثَى ، وبه لُهاثٌ شديد ، وهو شِدَّةُ العَطش.

وقال الراعي : يصف إبلاً وردتْ ماءً وهي عِطاش :

حتى إذا بَرَد السِّجَالُ لُهَاثَها

وجعلنَ خَلْفَ غُروضِهنَّ ثميلا

وقال أبو عمرو الشَّيبانيّ فيما رَوَى أبو العبَّاس ، عن عمرو بن أبي عَمْرو عنه أنه قال : اللُّهَّاث : عامِلُو الخُوص مُقعَداتٍ ، وهي الدواخل ، واحدتُها مُقعدة ، وهي الوَشِيجة ، والوشَجَة ، والشَّوْغَرةُ والمُكَعَّبة.

قال : واللُّهْثَة : التعب ، واللُّهْثة أيضاً العَطش ، واللُّهثة أيضاً : النقطة الحمراء التي تراها في الخُوص إذا شققته.

سلمَة ، عن الفراء قال : اللُّهاثِيُ من الرِّجال : الكثير الخِيلان الحُمر في الوجه ، مأخوذٌ من اللُّهاث ، وهي النُّقط الحمر التي في الخُوص إذا شُقَّ.

هلث : قال الليث : الهَلثاء : جماعةٌ من الناس قد عَلتْ أصواتهم ، يقال : جاء فلانٌ في هَلْثاءٍ من أصحابه ، ممدود مُنوَّن.

سلمة عن الفراء : يقال : هِلثاءَةٌ من الناس ، وهَلْثاءة : أي جماعةٌ ، بكسر الهاء وفتحها.

١٤٥

عمرو ، عن أبيه قال : الهَلَثَة : الجماعة من الناس.

ورَوَى ثعلبٌ ، عن ابن الأعرابيّ قال الهَلْثَى : الجماعة من الناس.

ثهل : وقال الليث : ثَهْلان : اسم جَبَل معروف ، ومنه المَثَل السائر يُضرَب للرَّجل الرَّزين الوَقور ، فيقال :

ثهلَانُ ذو الهَضَبات ما يتَحَلْحَلُ*

أبو عبيد ، عن الأحمر قال : هو الضَّلال بنُ فَهْلَل ، والضلال بنُ ثَهللَ. لا ينصرفان يُضرَبان مثلاً للكَذُوب وللذي لا يَهْتَدِي لأمرِه.

لثه : قال الليث : اللِّثاةُ : اللهاةُ. ويقال : اللِّثَة واللَّثَة من اللِّثاه : لحْمٌ على أصول الأسنان.

قلت : هكذا قرأتُه في نُسَخ من «كتاب الليث» والذي حصلناه وعرَفناه أن اللِّثاثِ جمع اللِّثة ، واللثة عند النحويين أصلها لِثْيةٌ. من لَثِيَ الشيءُ يلْثَى إذا نَدِيَ وابتَل ، وليس من باب الهاء ، فإذا انتهى كتابنا إلى كتاب الثاء فسَّرناه إن شاء الله سبحانه وتعالى.

(ه ث ن) ، (ه ث ف): أهملت وجوهها.

ه ث ب

استعمل من وجوهها : بهث.

بهث : قال الليث : البُهْثةُ : ولَدُ البَغِيِّ ، ونحو ذلك قال أبو عمرو في البُهْثة.

وقال ابن الأعرابي : قلت لأبي المكارم : ما الأَزيَبُ؟ فقال : البُهثة. قلت : فما البُهْثة؟ قال : ولد المُعارَضةِ ، وهي المُيَافَعة ، والمُسَاعاةُ وبُهثة : حَيٌّ من بني سُلَيم. والبهثة : البقرة الوحشية.

ه‍ ث م

استعمل من وجوهه : هثم.

هثم : قال الليث : الهَيْثَمُ : فَرْخ العُقاب.

وقال ابن شميل : الهيثم : الصَّقْر.

وقال أبو عمرو : الهيثم : الرَّمْل الأحمر.

وقال الطِّرِمّاح يصف قِداحاً أُجِيلت فخرج لها صوتٌ :

خُوارَ غِزلانٍ لدَى هيْثَم

تذكّرتْ فِيقَه أرْآمِها

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الهُثْم القيزانُ : المنهالة.

أبواب الهاء والراء

ه ر ل

استعمل من وجوهه : هرل ، رهل.

هرل : قال الليث : يقال : هَرْوَل الرجلُ هَرْوَلةً : بين المشي والعَدْو.

شمر ، عن التميميّ قال : الهَرْوَلة فوق المشي ، ودون الخبَب ، والخَبَب دون العَدْو.

رهل : قال الليث : الرَّهَل : شِبْه وَرَم ليس من داء ، ولكن رخَاوةٌ من سِمَن ، وهو إلى الضعف ، تقول : فَرَسٌ رَهِلُ الصدر.

وقال غيرُه : أصبَح فلان مرهلاً : إذا تهبَّج من كثرة النوم. وقد رهَّله ذلك تَرْهيلاً.

ه ر ن

هنر ، هرن ، نهر ، رهن : [مستعملة].

١٤٦

هرن : أما هرن فإني لا أحفظ فيه شيئاً من كلام العرب ، واسم هرُون معرَّب لا اشتقاق له في اللغة العربية.

قال الدِّينَوَرِيّ : الهَيْرُون : ضَربٌ من التمر معروف.

هنر : يقال : هَنَرتُ الثوبَ بمعنى أَنَرْتُه أُهَنِيره ، وهو أن يُعْلِمَه ، قاله اللحياني.

وقال الليث : الهنْرة : وَقْبَة الأُذن.

قلت : وهي عربية صحيحة.

روَى أبو عمرو ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي أنه قال : الهُنَيرة : تصغير الهنْرة ، وهي الأذُن المليحة.

رهن : قال الليث : الرَّهن معروف ، تقول : رَهَنْتُ فلاناً داراً رَهْناً ، وارتهنه : إذا أخذه رَهناً.

قال : والرُّهونُ والرِّهانُ والرُّهُنُ : جماعة الرَّهن. والرِّهان أيضاً : مراهنة الرجل على سِباق الخيل وغير ذلك.

قال : وأَرْهنْتُ فلاناً ثوباً : إذا دفعتَه إليه ليَرْهنَه ، وأرْهنْتُ الميِّتَ قَبْراً : إذا ضمَّنْتَه إيَّاه. وكلُّ أَمْرٍ يُحبَس به شيءٌ فهو رَهنُه ومُرْتَهنَه ، كما أنَّ الإنسان رَهينُ عَملِه.

الحرّانيّ ، عن ابن السّكِّيت : يقال : أرْهنَ في كذا وكذا يُرْهن إرهاناً : إذا أَسْلف فيه ، وأنشَد :

يطوي ابنُ سَلْمَى بها عن راكبٍ بَعَداً

عِيديَّةٌ أُرْهِنَتْ فيها الدَّنانِيرُ

بها : بإبل. عيديّة : نُجُب ، منسوبةٌ إلى بنات العيد ، وهو فحلٌ معروفٌ كان مُنْجِباً ، أراد أنَّ ابنَ سَلْمَى يَحمل الناسَ على هذه النجائب وهي عِيديّة تتلَفُ فيها الدنانير لنجابتها ، وقد رهنتُه كذا وكذا ، أَرْهنُه رَهناً.

وقال الأصمعيّ : لا يقال : أرهنتُه. قال : وأمّا قولُ عبد الله بن هَمام السَّلُوليّ :

فلمّا خَشِيتُ أظافِيرَه

نجوتُ وأرْهَنهُمْ مالكا

فهو كما تقول : قمتُ وأَصُكُّ رأسه. قال : ومَن رَوَى

... «وأرهنتُهم مالكاً»

، فقد أخطأ.

وقال غيره : أرهنتُ لهم الطعامَ والشرابَ إرهاناً : أي أَدَمته ، وهو طعامٌ راهنٌ : أي دائم. قاله أبو عمرو ، وأنشد :

لا يَستِفيقون منها وهي راهِنَةٌ

إلّا بهاتِ وإن عَلُّوا وإنْ نَهِلوا

أبو زيد : أنا لك رَهْنٌ بالرِّضا : أي كفيل.

وقال :

إنّ كَفِّي لكَ رَهنٌ بالرِّضا

أي أنا كفِيل لك ، ويَدِى لكَ رَهنٌ ، يريدون به الكَفَالة.

أخبرني المنذري ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ أنّه أنشده :

والمَرْءُ مرهونٌ ومن لا يُخْتَرمْ

بعاجل الحتْفِ يُعَاجَلْ بالهَرَمْ

قال : أَرْهَن : أدَام لهم ، أرْهنتُ لهم طعامِي ، وأَرْهَيْتُه : أي أَدَمْتُهُ لهم. وأَرْهَى لكَ الأمرُ : أي أَمكنَكَ ، وكذلك أَوْهَبَ.

قال : والمَهْوُ والرَّهْوُ والرَّخَفُ واحد وهو اللِّين.

أبو عُبيد ، عن أبي زيد : أَرْهَنْتُ في السِّلْعة : غالَيْتُ بها.

١٤٧

قال : وهو من الغَلاء خاصة ، وأنشد قوله :

عِيدِيَّةٌ أُرْهِنَتْ فيها الدَّنانيرُ

أي أُغْلِيَتْ ، وغيره يقولُ : أسْلِفَت قال : ورَهَنْتُ في البيْع والقَرْض بغير ألف ، لا غير. وأَرْهنْت وَلَدي إرْهاناً : أخطرتهم به خَطَراً وقول الله جلّ وعزّ : (فَرُهُنٌ مَقْبُوضَةٌ) [البقرة : ٢٨٣] ، قرأ نافعٌ وعاصم وأبو جعفر وشَيْبة : (فَرِهانٌ) وقرأ أبو عَمرو وابن كثير : (فرهن) ، وكان أبو عمرو يقول : الرِّهان في الخيل أكثر.

أبو عُبيد ، عن الأمويّ : الراهن : المهزول من الإبل ، والناس. وقال قَعْنَبُ :

بانت سُعادُ وأَمْسَى دُونها عَدَنُ

وغَلِقَتْ عندها من قَلْبك الرُّهُنُ

سلمة عن الفرّاء : من قرأ : (فرُهُن) ، فهو جمعُ رِهان ، مثل ثُمُر جمعُ ثِمار.

وقال غيره : رَهْن ورُهُن مثل سَقْف وسُقُف قال : والرُّهُن في الرَّهْن أكثر ، والرِّهان في الخيل أكْثَر.

أبو عُبَيد ، عن الأمويّ : الرَّاهنُ : المهزول من الإبل والنّاسِ ، وأنشَد :

إمّا تَريْ جِسْمِيَ خَلًّا قَدْ رَهَنْ

هَزْلاً ومَا مَجْدُ الرِّجال في السِّمَنْ

شمِرٌ ، عن ابن شمَيل : الرّاهن : الأعجف من ركوب أو مرض أو حَدَث ، يقال : رُكِبَ حتّى رَهن.

رأَيتُ بخطِّ أبي بكر الإياديّ : جاريةٌ أُرْهُون : أي حائض. قلت : لم أره لغيره.

نهر : قال اللّيث : النَّهَر لغةٌ في النهر ، والجميع نُهُر وأنهار. واستنهرَ النهرَ : إذا أخَذَ لمجراه موضعاً مَكيناً قال : والمَنْهَرُ : موضع النهر يحتفِره الماءُ.

قال : والنهار : ضياء ما بين طلوع الفَجر إلى غروب الشمس ، ولا يُجمع. ورجلٌ نَهِر : صاحبُ نهار.

وقال الفرّاء في قول الله جلّ وعزّ : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ) [القَمَر : ٥٤] أي في ضياءٍ وسَعة.

قال الفرّاء : وسمعتُ العربَ تُنْشِد :

إنْ تكُ لَيْلِيّاً فإني نَهِرُ

مَتَى أَرَى الصُّبحَ فَلَا أنتظِرُ

وقال : ومعنى نَهِر : أي صاحبُ نهار ، لستُ بصاحب ليل وأَنشَد :

لو لا الثّرِيدانِ هَلكْنَا بالضُّمُرْ

ثَريدُ ليلٍ وثريدٌ وبالنُّهُرْ

قلتُ : النُّهُر : جمعُ النهار هاهنا.

قال الفرّاء : وقيل (فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ) [القَمَر : ٥٤] ، معناه أَنهار ، كقوله : (وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) [القَمَر : ٤٥] معناه الأدبار. وقال أبو إسحاق نحوه. وقال : الاسم الواحد يدلّ على الجميع ، فيُجتَزأ به من الجميع ، ويقال : أَنهَرَ بَطنُه : إذا جاء بطْنُه مِثلَ مَجيء النهَر ، وأنهَرَ دَمُه : أي سال دَمُه.

وقال أبو الجرّاح : أنهَر بطْنُه ، واسْتَطلَقَتْ عُقَدُه.

ويقال : أنهَرتُ دَمَه ، وأَمَرتُ دَمه ، وَهَرَقْتُ دَمَه. ويقال : طَعَنه طَعْنَةً أنهرَ فَتْقَها : أي وَسَّعه ، ومنه قولُ قيس بن الخَطيم :

١٤٨

مَلكتُ بها كفِّي فأنهَرتُ فَتْقَها

يُرَى قائِماً مِن دُونها ما وَرَاءها

وأنشد أَبو عُبيد قولَ أبي ذؤيب :

على قَصَبٍ وفُراتٍ نَهِرْ

قال شمِر : نَهِر : أي واسع. والقَصَب : مَجَارِي الماء من العيون.

قال : والعرب تُسَمِّي العَوَّاء والسِّماكَ الأنهَرَين لكثرة مائِهما.

ورَوَى المنذريّ عن أبي الهيثم قال : النهار : اسمٌ ، وهو ضدّ اللّيل ، والنهار : اسم لكلّ يومٍ. والليلُ : اسم لكلّ ليلة ؛ لا يقال : نهار ونهاران ، ولا ليلٌ ولا ليلان ، إنما واحدُ النهار يومٌ ، وتثنيتُه يومان ، وضدُّ اليوم ليلة ، وجمعها ليالٍ ، قال : وربما وَضَعت العربُ النهار في موضع اليوم ، ثمّ جَمَعوه نهُراً ، قال الراجز :

ثَرِيدُ ليلٍ وثَرِيدٌ بالنُّهُرْ

وقال اللّيث : النهارُ : فرخُ القطاة ، وثلاثة أَنهِرة.

وقال غيره : النهار : فَرخُ الحُبارَى ، والنَّهْرُ : من الانتهار ، يقال : نهَرْتهُ وانتهَرْته : إذا استقبلتَه بكلامٍ تزجُرُه عن خَبر.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : النهر : الدَّغْرَةُ ، وهي الخُلسة.

وقال أبو عبيد : قال الكسائيّ : حَفرتُ البئر حتّى نهَرتُ ، فأنا أَنهَرُ : أي بلَغتُ الماء. ونهرٌ نَهِرٌ : أي واسعٌ ، وأنشد :

على قَصَب وفُراتٍ نَهِرْ

وقال غيره : الناهور : السَّحاب ، وأنشد :

أَو شُقَّةٌ خرجت من جَوف ناهُورِ

ه ر ف

هرف ، فهر ، فره ، رفه ، رهف : مستعملة

هرف : قال الليث : الهَرْفُ : شِبْه الهذَيان من الإعجاب بالشيء ، يقال : هو يَهرِف بفلان نهارَه كلَّه هرفا.

قال : ويقال لبعض السِّباع : يَهرِف لكثرة صوته.

وفي الحديث : أنَّ رُفقةً جاءت وهم يهَرِفون بصاحبٍ لهم ، ويقولون : ما رأينا يا رسول الله مثلَ فلان ، ما سِرنا إلا كان في قراءة ، ولا نزَلْنا إلّا كان في صلاة.

قال أبو عُبَيد : قوله : يَهرِفون به : يمدَحونه ، ويُطنِبُون في ذكره ، يقال منه : هَرَفْتُ بالرجل أَهرِف هَرْفاً ، ويقال في مثَلٍ : «لَا تَهْرِف قبلَ أن تَعرِف».

ثعلب عن ابن الأعرابي : هَرَفَ : إذا هَذَى وهَقَى مِثلُه.

قال : والهَرْف : مدحُ الرجلِ على غَير مَعرفة.

رهف : قال الليث : الرَّهْف مصدر الشيء الرَّهِيف ، وهو اللطيف الدَّقيق ، والفعلُ قد رَهُفَ يَرْهُف رَهافةً ، وقلَّما يُستَعمل إلّا مُرْهَفاً ، وأرْهَفْتُ السيفَ : إذا رَقَّقتهَ ، وسهمٌ مُرهَف ، ورجل مُرْهَف الجسم : دَقيقٌ.

وفي الحديث أن عامرَ بن الطُّفَيل قدِم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان مُرهَف البَدَن.

أي لطيف الجسم دَقيقه ، يقال : رُهِف فهو

١٤٩

مَرْهوف ، وأكثرُ ما يقال : مُرهَف الجسم ، ويقال : سيفٌ مُرهَف ورَهِيف ، وقد رَهَفْتُهُ وأَرهفتُه.

فره : قال الليث : فَرُهَ الإنسانُ يَفرُه فَراهةً فهو فارهٌ بيِّن الفَراهةَ والفراهِيَة.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ) [الشُّعَرَاء : ١٤٩]. قال الفراء : معناه حاذِقين ، قال : ومن قرأها (فَرِهين) فمعناه أَشِرين بَطِرين ، وقال أبو الهيثم : من قرأها : (فَرِهين) فتفسيره أَشِرِين بطرين قال : والفَرِح في كلام العرب ـ بالحاء ـ : الأشِر البَطِر ، يقال : لا تَفرَح أي لا تأشَر ، قال لله جلّ وعزّ : (لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) [القَصَص : ٧٦] ؛ فالهاء هاهنا كأنها قامت مقام الحاء.

قلت : وسمعت الأعراب من بني عُقيل يقولون : جارية فارهةٌ ، وغلام فارِهٌ : إذا كانا مَلِيحَي الوَجْه والجميع فُرْه ، ويقال بَرْذَنٌ فارِهٌ ، وحمارٌ فارِهٌ ، إذا كانا سَيورَيْن ، ولا يقال للفَرَس العربي : فاره ولكن يقال فرسٌ جَواد ، وخُطِّيءَ عَدِيُّ بن زيد في قوله ينعتُ فرساً فقال : «فارهاً مُتتابعاً».

ويقال : أفرَهَتْ فلانة ، إذا جاءت بأولادٍ فُرْهَةٍ ، أي مِلاح.

وقال الشافعي في باب «نفقة المماليك والجواري» : إذا كان لهنّ فَراهةٌ زِيد في كُسْوتهنّ ونفقتهِنّ ، يريد بالفَراهة الحُسن والمَلاحة.

ورَوَى أبو العباس ، عن ابن الأعرابي أنه قال : أَفْرَهَ الرجلُ : إذا اتّخذ غلاماً فارهاً.

وقال : فارِهٌ وفُرْهٌ ميزانه نائب ونُوبٌ.

رفه : رُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه نَهى عن الإرْفاه.

قال أبو عُبَيد فُسِّر الإرْفاه أنه كثرة التدهن.

قال : وهذا من وِرْدِ الإبل ، وذلك أنها إذا وَرَدَت كلَّ يوم مَتَى ما شاءت قيل : وَرَدَتْ رِفْهاً ، قال ذلك الأصمعي وأبو عُبيدة ، ويقال : قد أَرْفَهَ القومُ : إذا فَعلتْ إبلُهم ذلك ، فهم مُرْفِهون. فَشبَّه كثرة التدهن ، وإدامتَه به. قال لبيد يذكر نخلاً نابتةً على الماء :

يشْرَبن رِفْهاً عِراكاً غيرَ صادرَةٍ

فكلُّها كارِعٌ في الماء مُغْتَمِرُ

قال : وإذا كان الرجل في ضيق فنفَّسْتَ عنه قلتَ رفَّهْتَ عنه تَرفيهاً.

وقال أبو سعيد : الإرْفَاه : التنعُّم والدَّعَة ومُظاهرَةُ الطَّعام على الطَّعام ، واللباس على اللِّباس ، فكأنه نَهى عن التنعُّم فِعْلَ العجم ، وأَمَر بالتقشُّف ، وابتذال النفس.

رَوَى أبو عُبيد ، عن أبي عمرو ، يقال : هم في رَفاهةٍ ورَفاهيَة ورُفَهْنِيَةٍ : أي في خِصبٍ وعيشٍ واسع. وكذلك الرَّفَاغة والرُّفَغْنِيَةُ.

ورَوَى ثعلب ، عن ابن الأعرابي : أَرْفَه الرجلُ : دام على أكل النَّعيم كلَّ يوم ، وقد نُهِي عنه. قلت : كأنه أراد الإرْفاه الذي فَسَّره أبو عبيد أَنّه كَثرةُ التدهُّن. وفي «النوادر» : يقال : أَرْفِه عندي واسْتَرفِهْ ورَفِّهْ عندي ، واستنفه عندي وأَنفِه عندي ، ورَوِّحْ عندي ، المعنى : أقم واسْتَرحْ واستجمَّ.

١٥٠

والعَرَب تقول : إذا سقطت الطَّرْفَهُ قَلَّتْ في الأرض الرَّفَهَة.

قال أبو الهيثم : الرَّفَهة : الرحمة.

قال أبو ليلى : يقال : فلان رافهٌ بفلانٍ : أي راحمٌ له. ويقال : أمَا اترفَهُ فُلاناً؟! الطَّرفة : عَيْنا الأسد : كَوكَبان ، الجبهةُ أمامهما ، وهي أربعة كواكب.

فهر : قال اللّيث : الفِهْرُ : الحَجَرُ قدرُ ما يكسر به جَوز أو يُدَقُّ به شيء ، قال : وعامة العرب تؤنث الفهر ، قال : وتَصغيرها فُهيْرة.

وقال الفراء : الفِهْر يذكَّر ويؤنَّث.

وقال الليث : قريشٌ كلهم يُنسَبون إلى وَلد فهر بن مالك بن النضر بن كِنانَةَ.

وفي حديث عليّ أنه رأى قوماً سدلوا ثيابَهم ، فقال : كأنكم اليهودُ خَرجوا من فُهرهم.

قال أبو عبيد : قوله خرجوا من فُهرهم : هو موضعُ مِدْراسهم الذي يجتمعون فيه كالعيد يصلُّون فيه. قال وهي : كلمة نبطية أو عبرانية ، أصلها بُهر فعربت بالفاء وقيل : فُهر.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : أَفهرَ الرجلُ إذا خلا مع جاريته لقضاء حاجته ومعه في البيت أُخرى من جواريه فأكْسل عن هذه : أي أوْلَجَ ولم يُنْزل ، فقام من هذه إلى الأخرى فأَنزَل معها. وقد نُهي عنه في الخبر. قال : وأَفهر : إذا كان مع جاريته والأخرى تسمع حِسَّه وقد نُهي عنه. قال : والعَرَبُ تسمي هذا : الفَهْر والوَجْس والرِّكْزَ والخَفْخَفَة.

قال : وأَفهر الرجل : إذا شهد الفهرَ ، وهو عيدُ اليهودِ. وأَفهر : إذا شهد مِدْرَاسَ اليهود.

وأَفهر بعيرُه : إذا أَبْدَع فأُبْدِع به.

وأَفهرَ : إذا اجتمع لحمُه زِيَماً زيماً وتكتَّل فكان مُعَجَّراً ، وهو أقبح السِّمَن.

وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نَهى عن الفَهَر ، وقد فسره ابن الأعرابي ، وقال غيره : هو من التفهير ، وهو أن يُحضِر الفَرَس ؛ فيعتريه انقطاعٌ في الجَرْي من كلال أو غيره ، وكأنه مأخوذٌ من الإفهار ، وهو الإكسال عن الجماع.

قال ابن دُرِيد : ناقة فَيْهَرَةٌ : أي صُلْبةٌ ، في بعض اللغات.

ه ر ب

هرب ، هبر ، رهب ، بره ، بهر ، ربه : مستعملة.

هرب : أبو عبيد عن الأصمعي : العرب تقول في نفي المال عن الرَّجُل : ما لفلان هاربٌ ولا قاربٌ وكذلك ما له سَعْنَةٌ ولا مَعْنَة.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي قال : الهارب : الذي صَدَر عن الماء ؛ ومنه قولهم : ما له هارِبٌ ولا قارب : أي ما له شيء ، قال : والقارب : الذي يطلب الماءَ.

وقال الأصمعي في قولهم : ما له هاربٌ ولا قارب. معناه ليس له أحدٌ يهرب منه ،

١٥١

ولا أحدٌ يقرُب منه ؛ أي فليس هو بشيء. أبو عبيد ، عنه في «الأمثال».

وقال غيره : معنى قولهم : ما له هاربٌ ولا قاربٌ : أي ما له بعير يصدرُ عن الماء ، ولا بعيرٌ يقرُب الماءَ.

ويقال : هَرَب من الوَتدِ نصفُه في الأرض : أي غاب ، قال أبو وَجْزَة :

ورُمَّةً نَشِبَتْ في هارِبِ الوَتَدِ

وساح فلانٌ في الأرض ، وهرَب فيها ، قال : وهرَب الرجلُ وهَرِم بمعنًى واحد.

أبو عبيد ، عن الكسائي : أهْرَب الرجل إذا جَدَّ في الذّهاب.

وقال الليث : الهرَب : الفِرار. يقال : جاء فلانٌ مُهْرِباً : إذا أتاكَ هارباً فَزِعاً. وفلانٌ لنا مَهْرَب.

وقال غيره : أهرَب الرجُل : إذا أَبعَد في الأرض ، وأَهْرَب فلانٌ فلاناً : إذا اضْطرَّه إلى الهَرب ، وأَهربَت الرِّيحُ ما على وجهِ الأرض من التّراب والقَميم وغيره : إذا سَفَتْ به.

هبر : قال الليث : الهَبْر : قَطْع اللَّحم ، والهَبْرَة : نَحْضَةٌ مِن لحم لا عَظْمَ فيها.

والهِبْرِيَة والإبْرِية : هي نُخالة الرأس.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : أعطيتُه هَبْرَةً من لحم : إذا أعطاه مُجتمِعاً منه ، وكذلك البِضْعَة والفِدْرَة.

الحَرّانيّ ، عن ابن السكيت : ضَرْبٌ هَبْرٌ : أي يُلقِي قطعةً من اللَّحْم إذا ضَرَبه.

وطَعْنٌ نَتْرٌ : فيه اختلاس.

أبو عبيد ، عن الأصمعيّ الهَبْر : ما اطْمَأَنّ من الأرض. وأنشد غيره :

* هُبورُ أَغْوَاطٍ إلى أَغْوَاطِ

شمِرٌ ، عن أبي عمرو : الهَبْر من الأرض أن يكون مطمئنّاً وما حوله أرفعُ منه ، وجمعُه هُبْر. قال عَدِيّ :

جَعَل القُفَّ شمالاً وانتَحى

وعلى الأيمنِ هُبْرٌ وبُرَقْ

ويقال : هُبْرَة وهُبْر أيضاً.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : أهبَرَ الرجل : سَمِنَ سِمَناً حَسَناً.

أبو عُبيد ، عن الكسائي : بعيرٌ أَهْبَرُ وهبِرٌ : أي كثيرُ اللّحْم ، وناقةٌ هبْراء وهَبِرَة.

وقال غيره : اهتَبَره بالسيف : إذا قطعه.

وقال اللّحيانيّ : يقال : لا آتيك هُبَيْرَة بنَ سعد ، ولا آتيك أَلْوَةَ هُبَيْرَةَ : ينصب على مذهب الصفات : أي لا آتيكَ أبداً.

ويقال : إنَّ أَصْلَه أنَّ سعدَ بنَ زيدِ مَناةَ عُمِّرَ طويلاً وكَبِر ، فنظر يوماً إلى شائه وقد أُهملَتْ ولم تُرْعَ ، فقال لابنِه هُبَيْرة : ارْعَ شاءك ، فقال : لا أَرْعاها سِنَّ الحِسْل : أي أبداً ، فصار مَثلاً. وقيل : لا آتيك أَلْوَةَ هبَيرةَ.

وهُباريّةَ الرَّأس : نُخالَتُه ، مِثل الهِبرِيَة ، وريحٌ هُبارِيّةٌ : ذاتُ غبار. وقال ابن أحمر :

هُباريةٌ هَوجاءُ موعدُها الضُّحَى

إذا أَرْزَمَتْ جاءت بوَرْدٍ غَشَمْشَم

أبو عبيدة : من آذان الخيل أذُنٌ مُهَوْبَرةٌ وهي التي يَحتَشِي جَوفُها وَبَراً وفيها شعَر ،

١٥٢

وتَكتسِي أَطْرافُها وطُرَرُها أيضاً الشَّعَر.

وقلّما تكون إلّا في رَوائد الخيل ، وهي الرَّوَاعي. والهَوْبَر والأَوبَر : الكثير الوبَرِ من الإبلِ وغيرِها.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي قال : الهَوْبَر : القرد الكثير الشَّعَر. والهُبَيْرَةُ : الضَّبُع الصغيرة.

ويقال للكانُونَيْن : هما الهَبّاران والهَرَّاران.

عمرو عن أبيه : يقال للعنكبوت : الهَبُور والهَبُون.

وروَى سفيان ، عن السدّيّ ، عن عكرمة عن ابن عباس في قوله : (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) [الفِيل : ٥].

قال : الهبُّور. قال سفيان : وهو الذَّرُّ الصغير.

ورَوَى أبو عوانَة ، عن عطاءٍ ، عن سعيد ، عن ابن عبَّاس قال : هو الهَبُّور عُصافَةُ الزَّرع الذي يُؤكل ، وقيل الهبُّور بالنَّبَطيّة : دُقاق الزَّرْع ، والعُصافة ما تَفتَّت من وَرَقِه ، والمأكول : ما أُخذ حَبُّه وبقي لا حَبَّ فيه.

بهر : رُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «ما زالت أُكلةُ خَيْبَرَ تُعاودُني فهذا أوانُ قَطَعَتْ أَبْهَرِي».

قال أبو عبيد : الأبْهَر : عِرْقٌ مُسْتبطِنُ الصُّلْبِ ، والقَلْبُ مُتصلٌ به ، فإذا انقطع لم يكن معه حياة ، وأنشد الأصمعي :

وللفؤاد وَجِيبٌ تحتَ أَبْهَرِه

لَدْمَ الغُلامِ وراءَ الغَيْب بالحجَرِ

وفي حديث عمر أنّه رُفع إليه غلامٌ ابتهَرَ جاريةً في شعره ، فلم يُوجَد الثَّبَتُ ، فَدَرَأَ عنه الحَدَّ.

قال أبو عبيد : الابتهار : أن يقذفها بنفسِه ، فيقول : فعلتُ بها ، كاذِباً ، فإن كان فَعَل فهو الابتيار.

وقال الكُمَيْت :

قَبِيحٌ بِمِثْلِيَ نَعْتُ الفتا

ةِ إما ابتهاراً وإمَّا ابتيَاراً

وقال شمر : البَهْر : التَّعْس قال : وهو الهلَاك.

قال : ويقال : ابتهَرَ فلانٌ : إذا بالَغ في الشيء ، ولم يَدَع جُهْداً.

ويقال : ابتهَرَ في الدعاء : إذا تَحوَّب وجَهِد. وابتهَرَ فلانٌ في فلان ولِفُلان : إذا لم يَدَع جَهْداً ممَّا لفلان أو عليه.

وكذلك يقال : ابتهَلَ في الدُّعاء ، وهذا ممّا اعتقب فيه اللّام والراء.

وقال خالد بن جَنْبة : ابْتَهَر في الدعاءِ : إذا كان يدعو كلَّ ساعة لا يَسْكت. وابتُهِرَ يُشبِّب بامرأة : إذا كان لا يُفرّط عن ذلك ، ولا يُثْجَى. قال : لا يُثْجى : لا يُسْكَتُ عنه.

قال : وأنشدت عَجوز من بني دارِمٍ لشيخٍ من الحيِّ في قعيدته :

ولا يَنامُ الضَّيْفُ من حِذَارِها

وقولِها الباطِلَ وابتهارِها

وقال : الابتهار : قول الكذِبِ ، والحَلِفُ عليه.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : أَبْهَرَ : إذا جاء بالعَجب. قال : والبَهْرُ : العَجب.

١٥٣

وأبْهَرَ : إذا استغنى بعد فَقْر.

وأَبْهَرَ : تزوّج سَيِّدةً ، وهي البهيرة ، يقال : فلانةُ بَهِيرةٌ مَهيرة.

وأَبهرَ : إذا تلوَّن في أخلاقه : دَماثةً مرَّة ، وخُبثاً أخْرى.

قال : والبَهْرُ : الغَلَبة. والبَهْر : المَلْءُ.

والبَهْر : البُعْدُ ، والبَهْرُ : المباعدة من الخير ، والبَهْرُ الخيْبة. والبَهْر : الفَخْر ، وأنشد بيت عمرَ بن أبي ربيعة :

ثمَّ قالوا : تُحبُّها قلتُ : بَهْراً

عَدَدَ القَطْرِ والحصَا والتُّرابِ

قال أبو العباس : يجوز أن يكون جميع ما قاله ابن الأعرابي في وجوه البَهْر أن يكون معنى لما قاله عُمر ، وأحْسنها العَجَب.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه سار ليلة حتّى ابهارَّ الليلُ.

قال أبو عُبَيد : قال الأصمعيّ : قوله ابهارَّ الليلُ ، يعني انتَصَف ، وهو مأخوذ من بُهْرة الشيء ، وهو وَسَطُه.

وقال أبو سعيد الضّرير : ابهِيرَارُ اللَّيْل : طلوعُ نُجومه إذا تَتامَّت ، لأنّ اللّيل إذا أقبَل أقبلتْ فَحْمتُه ، فإذا استنارَتْ ذَهَبَتْ تِلْكَ الفحمة.

وقال غيره : بُهِرَ الرجُل : إذا عَدَا حتى غَلَبَه البُهْر ، وهو الرَّبْو ، فهو مَبْهُور وبَهير.

وقال الليث : امرأةٌ بَهِيرَةٌ ، وهي القصيرة الذَّليلة الْخِلْقة.

ويقال : هي الضعيفَةُ المَشْي. قلت : هذا تصحيف ، والذي أراده الليث : البُهتُرة بمعنى القصيرة ، وأما البهِيرَة من النِّساء فهي السّيِّدة الشَّريفة ، ويقال للمرأة إذا ثقُل أردافُها فإذا مَشَتْ وقع عليها البُهْر والرَّبو : بَهِير. وقال الأعشى :

تَهادَى كما قد رأَيْتَ البَهيرَا*

ورُوِي عن عمرو بن العاص أنّه قال : إنّ ابن الصَّعْبة وهو طلحة بن عُبيد الله ترك مائة بُهار ، في كل بُهار ثلاثة قناطير من ذهب وفضة.

قال أبو عبيد : بُهارٌ أحسَبها كلمةً غيرَ عربيَّة ، وأراها قبطيَّة.

قال : والبُهار في كلامهم : ثَلاثُمائة رِطل.

قلت : وهكذا رَوَى سَلَمة عن الفراء : قال البُهار ثلاثُمائة رِطل. وكذلك قال ابن الأعرابي ، قال : والمُجَلَّدُ : سِتّمائة رِطل.

قلت : وهذا يدلّ على أن البهار عربيّ ، وهو ما يُحمل على البعير بلُغة أهل الشام.

وقال بُريْقٌ الهذَليّ يصف سحاباً ثقيلاً :

بمُرتَجِزٍ كأنَّ على ذُراه

رِكابَ الشأْمِ يَحمِلنَ البُهارا

قال القُتَيبيُّ : كيف يُخلِّف في كل ثلثمائة رَطْلٍ ثلاثة قناطير؟! ولكنّ البُهارَ الحِمْلُ ، وأنشد البيت للهُذَليّ. قال : وقال الأصمعيّ في قوله : «يحملن البهارا» يحملن الأحمال من مَتاع البيت. وأراد أنّه ترك مائة حِمْل مالٍ ، مقدار الحمل منه ثلاثة قناطير. قال : والقنطار مائة رَطْلٍ ، فكان كلّ حمل منها ثلاثمائة رَطل.

وقال ابن الأعرابي : البَهار لَبَب الفَرَس.

١٥٤

قال : والبِهار : المُخاخرة.

ويقال : بَهَر فلانٌ فلاناً : إذا علاه وغَلَبه ، وقمرٌ باهِر : إذا علا الكَواكِب ضوءُه ، وأنشد أبو عبيد :

وقد بَهَرْتَ فما تَخفى على أَحدٍ

إلّا على أحدٍ لا يَعرِف القَمَرَا

أي علوتَ كلَّ من يُفاخِرُكَ ، فظهرتَ عليه.

ويقال لليالي البِيض : بُهْرٌ ، جمع باهِر ، ويقال : بُهَر ـ بوزن ظُلَم ـ جمع بُهْرة ، وكلّ ذلك من كلام العرب.

وبَهْراءُ : حيٌّ من قُضاعة.

وقال اللحياني : يقال لأربع رِيشاتٍ من مُقَدَّمِ الجناح : القوادِمُ ؛ ولأرْبع يليهنّ : المناكبُ ؛ ولأربع يَليهنّ بعد المَناكِب : الخوافي ؛ ولأربع بعد الخوافي : الأباهِرُ.

وقال الليث : البُهار : شيء من الآنية كالإبريق ، وأَنشد :

على العلياءِ كُوبٌ أو بُهار*

قلت : لا أَعْرِف البهار بمعنى الآنية.

أبو عبيد ، عن الأصمعي. العَرارُ : بَهارُ البرّ.

قلت : العَرار : الْحَنوَة ، كأنّ البَهارَ فارسيّة.

وقال الليث : الأبهَرُ مِنَ القوْسِ : ما دُونَ الطَّائِف.

وروى أبو عبيد ، عن الأصمعيّ : في القوس كَبِدُها ، وهو ما بين طرَفَي العِلاقة ، ثم الكُلْية تَلِي ذلك ، ثم الأبهَرُ يَلِي ذلك ، ثم الطَّائِفُ ، ثم السِّيَةُ ، وهو ما عُطِفَ من طَرَفَيها.

وقال شمر : بَهَرتُ فلاناً : إذا غلبتَه ببَطْش أو لِسَانٍ.

وبَهَرْتُ البَعِيرَ : إذا ما ركَضْتَه حتى ينقطع.

وقال ابن قتادة :

ألا يا لقومي إذ يبيعون مُهجتِي

بجاريةٍ بَهْراً لهمْ بعدَها بَهْراً

ويقال : رأيتُ فلاناً بَهْرَةً : أي جَهْرةً عَلَانية ، وأنشد :

وكم مِنْ شُجاعٍ بادَرَ الموتَ بَهْرَةً

يَمُوتُ على ظَهرِ الفِراشِ ويَهْرَمُ

وقال ابن شميل : البُهْر : تكلُّف الجَهْدِ إذا كُلِّف فوق ذَرْعه ، يقال : بَهَرَهُ إذا قطع نَفسَه بضَرْبٍ أو خَنْقٍ ، أو ما كان ، وأنشد :

إن البَخيلَ إذا سأَلْتَ بَهَرْتَه *

رهب : قال الليث : رَهِبْتُ الشيءَ رَهَبا ورهْبَةً : أي خِفْتُه ، وأَرْهَبْتُ فلاناً.

قال : والرَّهْبَانيَّة : مصدر الراهب.

والترهُّبُ : التَّعَبُّد في صَوْمَعة. والجميع الرُّهبان ، والرَّهابِنة خطأ.

وأخبرني المنذري ، عن أبي الهيثم أنه قال : الرُّهبانُ يكونُ واحداً وجَمعاً ، فمن جعله واحداً جَعَله على بناء فُعلان ، وأنشد في ذلك :

لو عاينَتْ رُهبانَ دَيْرٍ في القُلَل

لا نحدَرَ الرُّهبان يَمشِي ونَزَلْ

قال : ووجهُ الكلام أن يكون جَمعاً بالنّون. قال : وإن جَمَعْتَ الرُّهبانَ الواحدَ رَهابِينَ ورهابِنَة جاز. وإن قلت : رهبانيُّون كان صواباً. وأصلُ الرَّهبانيَّة من الرَّهبة ،

١٥٥

ثم صارت اسماً لِما فَضَل عن المقدار وأَفرَط فيه. وقال الله جلّ وعزّ : (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ) [الحَديد : ٢٧]

قلت : ومعنى هذه الآية عَوِيص.

قال أبو إسحاق : يَحتمل معناها ضَرْبينِ : أحدُهما أن يكون المعنى في قوله : (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها) وابتَدعُوا رَهبانيّةً ابتَدَعوها ، كما تقول : رأَيتُ زيداً وعَمْراً أَكْرَمْتُه. قال : ويكون (ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ) معناها : لم تُكْتَبْ عليهم البتّةَ ، ويكون (إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ) بدلاً من الهاء والألف ، فيكون المعنى : ما كَتَبْنَا عليهم إلّا ابتغاءَ رِضْوان الله ، وابتغاءُ رِضْوان الله اتِّباعُ ما أَمَر به ، فهذا ـ والله أعلم ـ وَجْهٌ ، وفيها وجْهٌ آخرُ : (ابْتَدَعُوها) جاء في التفسير أنهم كانوا يَرون من مُلوكهم ما لا يصبرون عليه ، فاتّخَذَوا أسراباً وصَوامِع ، وابتَدعوا ذلك ، فلمّا ألْزَموا أنفسهم ذلك التَّطَوُّعَ ، ودخلوا فيه لزِمَهم تمامُه ، كما أنَّ الإنسان إذا جعَل على نفسِه صَوْماً لم يُفترَضْ عليه لزِمه أَن يُتمِّمَه ، وأما قول الله جلّ وعزّ : (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ) [القَصَص : ٣٢] ، فإنَّ أبا إسحاق قال : يقال : من الرُّهْب والرَّهَب ، إذا جُزِمَ الهاءُ ضُمَّ الراء ، وإذا حُرِّكَ الهاءُ فُتح الراء ، ومعناهما واحد مثل الرُّشْد والرَّشَد.

قال : ومعنى (جَناحَكَ) هاهنا يقال : العَضُد ويقال : اليدُ كلُّها جَناح.

قلت : وقال مُقاتلٌ في قوله : من الرَّهَب : الرَّهَبُ كُمُّ مِدْرَعَتِه.

وروى عمرو عن أبيه : يقال لكُمِّ القميص : القُنُّ ، والرُّدْنُ ، والرَّهَب ، والْخِلاف.

وقال ابن الأعرابيّ : أَرْهبَ الرجلُ : إذا أطال رَهَبَه : أي كُمَّه.

قال وأرْهب إذا رَكِب رَهْباً ، وهو الجمل العالي.

قلت : وأكثرُ الناس ذهبوا في تفسير قوله : (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ) [القَصَص : ٣٢] أنّه بمعنى الرّهبة ، ولو وَجدتُ إماماً من السَّلف يجعل الرَّهَب كُمّاً لذهبت إليه ؛ لأنه صحيح في العربية ، وهو أَشْبه بسياق الكلامِ والتفسيرِ ، والله أعلم بما أراد.

ويقال : استَرهبتُه وأرهبْتُه بمعنًى واحد.

وترهَّبَ الرجلُ : إذا صار راهباً يَخْشَى الله. قال الله : (وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) [الأعرَاف : ١١٦] أي : أَرْهبوهم.

وترهبَ غيرَه : إذا توعَّدَه ، وقال العجّاج يصف عَيْراً وأُتُنَه :

تُعْطِيه رَهباها إذا تَرَهَّبا

على اضطِمارِ الكَشْحِ بَوْلاً زَغْربا

عُصارةَ الجَزءِ الذي تَحَلَّبا

رَهْباها : التي تَرهبُه ، كما يقال هالكٌ وهَلْكَى.

إذا ترهبا : إذا تَوَعَّدَها.

وقال الليث : الرَّهْب ـ جَزْمٌ ـ : لُغة في الرَّهَب. قال : والرَّهْباء : اسمٌ من الرَّهَب : تقول : الرَّهْباءُ من الله ، والرَّغْباء إليه.

١٥٦

وقال شمر : تقول العرب : رَهبُوت خيرٌ من رَحَمُوت. قال : والمعنى لأَن تُرْهَب خيرٌ مِن أن تُرحَم.

وقال الليث : الرَّهابةُ : عُظَيْمٌ في الصّدر مُشْرِفٌ على البَطن ، كأنّه طرَفُ لسان الكلب.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ قال : الرَّهابةُ : طَرَف المعِدة. قال : والكُلْكُل : طرَفُ الضِّلَع التي تُشْرِف على الرَّهابة.

وقال ابن شميل في قَصِّ الصّدر رَهابتُه ، قال : وهو لسان القَصِّ من أسفَل. قال والقَصُّ : مُشاشٌ.

وقال الليث : ناقةٌ رَهْب ، وهي المَهزولة جِدّاً ، وأنشد قول الأعشى :

وأَلْوَاحُ رَهْبٍ كأنَّ النُّسُو

عَ أَثْبَتْنَ في الدَّفّ منها سِطارا

وأمّا قوله في قصيدةٍ أخرى :

ولا بُدَّ مِن غزوَةٍ بالمَصِي

ف رَهْبٍ تُكِلُّ الوَقاحَ الشَّكُورا

فإنَ الرَّهْبَ من نعت الغَزْوة ، وهي التي كَلَّ ظهرُها وهُزِل.

وحكي عن ابن الأعرابي أنه قال : رهَّبَتْ ناقةُ فلانٍ ، فقعد عليها يُحايِيها : أي جَهَدَها السيرُ فَعلَفَها ، وأحْسَنَ إليها حتى ثابت إليها نفسُها.

وقال الليث : رَهبَى : مَوْضع.

أبو عُبيد ، عن الأصمعي : الرِّهاب : الرِّقاق من النِّصال ، واحدُها رَهْب ، وأنشد :

بِيضٌ رِهَابٌ ومُجْنَأٌ أُجُدُ*

قال : وناقةٌ رَهْبٌ : ضامِر قال أبو عُبيد في باب «البخيل يعطي من غير طبعِ جُودٍ» : قال أبو زيد : يقال في مثل هذا : رَهْبَاك خيرٌ من رَغْباك. يقول : فَرَقُهُ منك خير من حُبِّه ، وأَحْرَى أن يُعطِيَكَ عليه. ومثله : الطَّعنُ يَطأَرُ.

وقال غيرُه : يقال فعلتُ ذلك من رُهبَاك : أي من رَهبَتِك ، والرُّغْبَى ؛ الرَّغْبَة. وقال : يقال : رُهباك خيرٌ من رُغباك ، بالضم أيضاً فيهما.

ربه : أهمله الليث.

ورَوى ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أَرْبَهَ الرجُلُ : إذا استَغنى بتعبٍ شديد.

بره : أَبو العبّاس ، عن ابن الأعرابيّ قال : بَرِهَ الرجلُ : إذا ثاب جسْمُه بعد تغيُّرٍ من عِلَّة.

قال : وأَبْرَه الرجل : غَلَبَ الناسَ ، وأتى بالعجائب.

وقال اللّيث : البُرْهان : الحجّة ، وإيضَاحُها.

قلتُ : ونون البُرْهان ليست أصليّة ، وقولُهم : بَرْهَن فلانٌ : إذا جاء بالبُرْهان ، مُوَلَّد ، والصواب أن يقال : أَبْرَه : إذا جاء بالبُرْهان كما قاله ابن الأعرابيّ إن صحّ عنه ، وهي في رواية أبي عمرو ، ويجوز أن تكون النون في البُرْهان نون جمعٍ على فُعْلَان ، ثمّ جُعلت كالنُّون الأصليّة ، كما جمعوا مُصَاداً على مُصْدَانٍ ، ومَصيراً عَلَى مُصْرانٍ ، ثمّ جَمَعُوا مُصرانَ على مَصَارين ، على توهّم أنّها أصليّة.

١٥٧

وقال اللّيث : أبْرَهة : اسم أبي يَكْسُومَ مَلكِ الحَبَشةِ الّذي ساقَ الفِيلَ إلى البَيْتِ فَأَهلكَه الله.

قال : والبَرَهْرَهة : الجارية البيضاء قال : وبَرَهُها : تَرارَتُها وبَضَاضَتها.

قال : وتصغير بَرَهْرَهة بُرَيْهَةَ. ومَن أَتمَّها قال : بُرَيْرِهة وأمّا بُرَيْهِرَهةٌ فقبيحة قلّما يُتكلَّم بها.

أبو عُبَيد ، عن الأصمعيّ : البَرَهْرَهَة : الّتي كأنها تُرْعَدُ من الرّطوبة.

شمر ، عن ابن الأعرابيّ قال : البَرَهْرَهة : التي لها بَريق من صَفائِها.

وقال غيرُه : هي الرقيقة الجِلد ، كأنّ الماء يَجري فيها من النَّعْمة. قلتُ : ومعنَى أقاويلِهم متقارب.

أبو عُبيد : البُرْهة : الزَّمان ، يقال : أقمتُ عندَه بُرهةً من الدَّهر ، كقولك : أقمتُ عنده سَبَّةً من الدَّهر.

وقال ابن السكّيت : أقمتُ عنده بُرهة من الدَّهر وبَرهة من الدهر.

وقال غيرُه : يُصغَّر إبراهيم بُرَيها ، وذلك أنّ الميم عنده زائدة ، وبعضهم يقول : بُرَيْهِيم.

ه ر م

هرم ، همر ، مره ، مهر ، رهم : مستعملة.

هرم : قال الليث : هَرِمَ يَهرَم هَرَماً ومَهْرَما ، ونساءٌ هَرْمَى وهَرِمات.

والهَرْم : ضَربٌ من النّبات فيه مُلُوحة ، وهو من أَذَلّ الحَمْض وأشدِّه استبطاحاً على وجه الأرض. وقال زُهير :

ووَطِئتَنا وَطأ عَلَى حَنَقٍ

وَطْءَ المُقيَّد يابِسَ الهرمِ

والواحدة هَرمة ؛ وهي الّتي يقال لها : حَيْهَلَة ، ويقال في مَثلٍ : «أذَلُّ من هَرمة».

قال : وابن هِرمة ، وابن عِجْزة : آخرُ وَلَد الشَّيخ والشَّيخة ، يقال : وُلِدِ لِهرمة. ويقال للبعير إذا صار قَحْداً : هَرِمٌ والأنثى هَرِمة.

قال الأصمعي : والكَزُوم الهَرِمة ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتعوذ من الهرَم.

وقال شمِر : قال أبو زيد : يقال : ما عنده هُرمانَةٌ ، ولا مَهرَم : أي مَطمَع.

قال : ورَوَى أبُو عُبَيد ، عن الأمويّ أنَّه قال : الهُرمانُ. العَقْل ، والرّأَيُ ، يقال : ما له هُرمانٌ.

قلت : وسمعتُ غير واحد من العَرب يقول : هَرَّمتُ اللَّحمَ تهريماً : إذا قطّعتَه قِطعاً صغاراً مثل الحُزَّة ، والوذْرة ، ولحمٌ مُهرَّم.

همر : قال الليث : الهَمْر : صَبُّ الدمع والماءِ والمطرِ ، وهَمَر الماءُ ، وانهمر فهو هامِرٌ ومُنهَمِر ، والفَرس يَهمِرُ الأرضَ هَمْراً : وهو شدّةُ حَفْرِه الأرضَ بحوافره.

وقال العجّاج :

عَزَازَهُ وينهَمرن ما انْهمَرَ*

وقال الآخر :

من الرَّمال هَمِرٌ يَهمُورُ*

وقال :

يُهامِرُ السَّهلَ ويُولِي الأخْشَبا*

قال : والهَمّار : النَّمّام. قلت : الصواب الهماز بالزاي بمعنى النمام العَيّاب ، وأمَّا

١٥٨

الهمَّار ، والمِهمار فهو المِكثار الّذي يَهمِر الكلامَ هَمْراً ، أي يَصُبُّه صَبّاً.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي قال : الهَمْرَى : الصَّخّابة من النّساء.

قال : والهُمْرة : الدُّفعة من المَطَر.

والهَمْرة : الدَّمْدَمَة.

والهَمْرَة : خَرَزَةُ الحُبّ ، يقال : يا هَمْرةُ اهْمُرِيه ، ويا عَمْرة اعمُرِيه. قال : والهَمْرة : الدَّمدَمة بغضب.

رهم : قال الليث : الرِّهمة : مَطْرة ضَعِيفَةٌ دائمةٌ وجمعُها رِهَم ورِهام ، وروضة مرهومَةٌ قال الأزهريّ : ونحو ذلك قال الأصمعيّ في الرِّهمة.

وقال اللّيث : الرُّهام من الطير : كلُّ شيء لا يَصطاد.

وقال غيره : جَمعُه الرُّهم ، وبه سُمِّيت المرأة : رُهْماً ، وقيل واحدة الرُّهام رُهامة. قلت : ولم أسمع الرُّهامَ لغيره.

وأرجو أن يكون مضبوطاً.

أبو زيد : الرِّهْمة أشدُّ وَقْعاً من الدِّيمة ، وأَسرعُ ذهاباً ، وقد أَرهمَت السماءُ إِرهاماً.

مهر : قال الليث : المَهْر : الصَّداق ، تقول : مَهَرتُ المرأةَ فهي ممهورةٌ : إذا قطعتَ لها مَهراً ، فإذا زوَّجتها رَجُلا على مهر قلتَ : أمهرَها.

أبو عُبيد ، عن أبي زيد : مَهرتُ المرأة أمهرُها مَهْراً ، وأمهرتُها ، وأنشد :

أُخِذْنَ اغتِصاباً خِطْبةً عَجْرَفِيَّةً

وأُمهرنَ أرمَاحاً منَ الخَطّ ذُبَّلا

ومن أمثالهم السائرة «أحمَقُ من المَمهورة إحدى خَدمَتَيْها» ، يُضرَب مَثَلاً للأحمق البالغ من الحُمق النهاية ، وذلك أن رجُلاً تزوَّج امرأةً ، فلمّا دخل عليها قالت : لا أطيعُك أو تُعطيَني مهري ، فنَزَع إحدى خَدَمَتَيْها من رِجلها ودَفعها إليها ، فَرَضِيت بها مهراً لحُمقها.

الليث : امرأة مَهِيرةٌ : غاليَة المَهر ، والمهائر : الحرائِرُ ، وهنّ ضدَّ السّرَارِي.

قال الليث : والمُهْرُ : وَلَد الرَّمَكَةِ والفَرس ، والأنثى مُهْرة ، والجميع مِهارٌ ومِهارَة ومنه قولهم : لا يَعْدَمُ شَقِيٌ مُهَيْراً ، يقول : من الشّقَاءِ مُعَالَجَةُ المِهارة.

والماهر : الحاذق بكلّ عمل ، وأكثرُ ما يُوصف به السَّابحُ. وقال الأعشى :

مثل الفُراتيِّ إذا ما جَرَى

يقذف بالبُوصِيِّ والمَاهرِ

ويقال : مَهَرتُ بهذا الأمر أمهَرُ به مهارةً : إذا صرتَ به حاذِقاً.

وقال أبو زيد : يقال : لم تُعطِ هذا الأمرَ المِهَرَة أي لم تأته من قِبَل وَجهه ، ويقال أيضاً : لم تأت إلى هذا البناء المِهَرة : أي لم تأته من قِبل وجهه. ولم تبنه على ما كان ينبغي سَلَمة ، عن الفراء قال : تحت القلب عُظَيم يقال له : المُهْر ، والزِّرّ ، وهو قِوام القَلب.

وأُمَ أَمهارٍ : اسم هَضْبة. قال الراعي :

مَرَّت على أمِ أَمهارٍ مُشَمِّرةً

تَهوِي بها طُرُقٌ أوسَاطها زُورُ

وأما قول أبي زُبَيْد في صفة الأسد.

١٥٩

أقبل يَرْدِي كما يَردِي الحِصَانُ إلى

مُسْتعْسِبٍ أَرِبٍ منه بتَمهيرِ

فإنه وصف أسداً أَقبل كأنه حِصَانٌ جاء إلى مُسْتعسب ، وهو المُسْتطْرِق لأنثاه.

أَرِبٍ : ذي إرْبة : أي حاجة. وقوله : بتمهير : أي بطَلب مُهْر واتخاذه ويقال للفرسة : المُهْرَة ، وما أُراه عَرَبيّاً.

مره : قال الليث : المَرَه : ضدُّ الكَحَل. يقال : امرأَةٌ مَرْهاء : لا تتعهَّدُ عينها بالكُحل.

وسرابٌ أَمْرَهُ : أي أبيض ، وأنشد :

عليه رَقْراقُ السَّرابِ الأمْرَهِ *

قال الأزهري : المَرَه ، والمُرْهَةُ : بياضٌ تَكرَهُه عَينُ الناظر ، وعينٌ مَرْهاءُ إذا كانت تضرِب إلى البياض.

وقال أبو زيد : المرهاء من النِّعاج : البيضاء التي ليس بها شِيَةٌ ، وهي نعجة يَقَقَةٌ.

أبواب الهاء واللام

ه ل ن

استعمل من وجوهه : نهل ، لهن.

نهل : وقال الليث : يقال : أَنهلْتُ الإبلَ : وهو أول سَقْيكَها وقد نَهلَتْ هي : إذا شَرِبت في أول الوُرودِ.

أبو عبيد ، عن الأصمعي : إذا أَورَد إبلَه الماءَ ؛ فالسَّقيَةُ الأولى النَّهَل ، والثانية العَلَل.

قال : وقال أبو زيد : الناهل في كلام العرب : العَطشان. والناهل : الذي قد شَرِب حتى رَوِي ، والأنثى ناهلة ، وأنشد :

ينهل منه الأَسَلُ الناهلُ *

أي يروَى منه العطشان.

قال : وقال أبو الوليد : ينهل منه أي يشرَب الأسلُ الشارب.

قال : والناهل ههنا : الشارب. وإن شئتَ كان العطشان.

قلت : وقول جرير يدلّ على أن العِطاش تسمى نِهالاً ، وهو قوله

وأخوهما السَّفَّاحُ ظَمَّأخيَلَه

حتى وَرَدنَ جَبَا الكُلابِ نِهالا

وقال عَميرةُ بنُ طارق في مثل ذلك.

فما ذُقتُ طعم النَّوم حتى رأيتُني

أُعارِضهم وِردَ الخِماسِ النواهل

قال الليث : المنهل : المورد حتى صارت منازلُ السُّفَّار على المياه مناهل.

قال أبو الهيثم : يقال : ناهلٌ ونَهَل ، مثل خادِم وخَدَم ، وغائب وغَيَب ، وحارِس وحَرَس ، وقاعد وقَعَد والمِنهال : الرجلُ الكثير الإنهال.

قال : والناهلة : المختلفة إلى المنهل ، وكذلك النازلة ، وأنشد :

ولم تُراقب هناك ناهلةَ ال

وَاشِينَ لما اجْرهَدَّ ناهلُها

وقال أبو مالك : المناهل : هي المنازِل على الماء.

سلمة عن الفراء قال : المِنهال : القَبر ، والمنهال : الغايةُ في السَّخاء. والمنهال : الكثيب العالي الذي لا يتماسك انهياراً.

قلت : المُنهال ـ بضم الميم ـ أشبَه بتفسيره من إنهال.

١٦٠