تهذيب اللغة - ج ٦

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٦

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٢

هدب : قال الليث : الهَدَب : أَغْصانُ الأرْطَى ونحوِها ممَّا لا وَرَقَ له ، وجمعُه أَهداب ، والواحدة هَدَبة.

والهَدَب : مَصدر الأهدب والهَدْباءِ يقال : شكرةٌ هَدْباءُ ، وقد هَدِبَتْ هَدَباً : إذا تَدَلّى أغصانُها من حَواليْها.

ورجلٌ أهدَبُ : طويل أشفار العين ، النّابِت كثيرُها. قلت : كأنّه أراد بأَشفار العين ما نَبت على حروف الأجفان من الشَّعَر ، وهو غَلَط ، إنما شُفْرُ العيْن مَنْبِت الهَدَب من حروف أجفان العين ، وجمعه أشفار.

وفي الحديث : «ما من مُؤْمِنٍ يمرَض إلّا حَطَّ الله هُدْبَةً من خطاياه» ، أي قطعةً وطائفة ؛ ومنه هُدْبَةُ الثوْب.

وقال الليث : الهُدَّاب : اسم يَجمعُ هُدْبَ الثوب وهُدْبَ الأرْطَى ، وقال العجّاج يصف ثوراً وَحْشِياً :

وشجرَ الهُدَّابِ عنه فجفَا

بِسَلْهَبَينِ فوقَ أَنْفٍ أَذْلَفَا

والواحدة هُدَّابة وهُدْبَة. وقال الشاعر :

مناكبُه أَمْثالُ هُدْبِ الدَّرَانِكِ*

والهَدْب بسكون الدال : ضَرْبٌ من الحَلَب : تقول : هَدَبَ الحالبُ الناقة يَهْدِبُها هدْباً إذا حَلَبَها. قال ذلك ابن السكيت ، وقد هَدَبَ الثَّمَرَة يَهْدِبُها إذا اجتنَاها قال : والهدَبُ من وَرَق الشَّجر : ما لا عَيْرَ له نَحو الأثْل والطَّرْفاء والسَّرْو. قلتُ : يقال : هُدْبٌ وهَدَبٌ لورَق الشجر من السَّرْوِ والأرْطَى وما لا عَيْرَ له في وسَطه ويقال : هُدْبة الثوبِ والأرْطَى وهُدَبُهُ. قال ذو الرُّمة :

أَعْلَى ثوبِهِ هُدَبُ *

وأهْدَبَ الشجَرُ : إذا خرج هُدْبُه وقد هَدَبَ الهدَبَ يهدِبُه : إذا أخذه من شجره. وقال ذو الرمة :

على جوانِبِه الأسْباطُ والهدَبُ *

وفي الحديث : «ومِنَّا من أيْنَعَتْ له ثمرتُه فهو يَهدِبُها» ، أي يجنيها ويقْطِفُها ، كما يَهدِبُ الرّجُل هَدَب الغَضَا والأرْطَى.

قلت : والقَبَل مثل الهدَبُ سواءٌ. أبو عبيدة عن الأصمعي : الهيْدَب : السّحاب الذي يتدلَّى ويدنو مثل هُدْب القطيفة.

وقال الليث : هَيْدَبُ السحاب : إذا رأيتَ السَّحابة تَسلْسَلُ في وجهها للوَدْق فانصَبَّ كأنه خُيوطٌ متّصلة ، وكذلك هَيْدَبُ الدَّمْع ، وأنشد :

بدَمْع ذي حَزَازاتٍ

على الخَدَّيْن ذِي هَيْدَبْ

أبو عبيد : الهيْدَبُ : العَبَامُ من الأقوام الفَدْمُ الثقيل.

وقال أَوْسُ بن حَجَر :

وشُبِّه الهيْدَبُ العَبامُ مِنَ ال

أَقْوام سَقْباً مُجَلِّلاً فَرَعَا

وقال غيره : الهَيْدَب ثدي المرأة ورَكَبُها إذا استرخَى وذهبَ اكتِنازُه وانتصابه شُبِّه بهيْدَب السحاب ، وهو ما تَدَلَّى من أسافله إلى الأرض قلت : ولم أسمع الهَيْدَب في صفةِ الوَدْقِ المتصل ، ولا في نعت الدمع ، والبيتُ الذي احتجّ به الليث مصنوع لا حجة به وأمّا بيت عبيد فإنه يدل على أنّ الهَيْدَب من السَّحاب ، وهو قوله :

١٢١

دانٍ مُسِفٌّ فُوَيْقَ الأرْضِ هَيْدَبُهُ *

وقال الليث : يقال لِلِّبْدِ ونحوِه إذا طال زِئْبِرُه : أهْدَب ، وأنشد :

عن ذِي دَرَانِيكَ ولِبْدٍ أهْدَبا*

والهُدْبة : الواحدةُ من هُدْب الثَّوْب ، وبها سُمِّي الرجُلُ هُدْبة.

هبد : قال الليث : الهَبْد : كَسْرُ الهبيد وهو الحنْظَل ، يقال منه : تَهبَّد الرجلُ والظَّليم : إذا أخذا الهَبِيدَ من شَجره.

وقال أبو عبيد : الهَبيدُ : الحَنْظَل ، ويقال : حَبُّ الحنْظَل ، ويقال للظليم : هو يتهبَّد : إذا استخرجه ليأكله. قلت : ويقال : اهتَبَدَ الظَّليمُ : إذا نَقَر الْحَنْظَلَ بِمِنْقارِه فأَكل هَبيدَة ، واهتبد الرّجُلُ : إذا عالج الحَنْظَل ، وقد هَبَدْتُه أَهْبِدُه : إذا أَطْعمْته الهَبيدَ قلت وهَبيدُ الْحَنْظَل. حَبُّ حَدَجِه إذا جَفّ يُسْتَخْرَج ويُنقَع ثم يُطْبَخُ ذلك الماءُ الذي أُنْقع فيه حتى تذهب مَرَارَته ثمّ يُصَبُّ عليه السَّمن ويُذَرّ عليه قُمَيْحةٌ ويُتحسَّى فيتبلَّغُ به في السنين والمجاعات.

وقال أبو عمرو : الهَبيد هو أن يُنقَع الْحَنْظَل أَيّاماً ثمّ يُغسلَ ويطرَحَ قشْرُه الأعلى فيطبخ ويُجْعل منه دَقيق ، وربما يجعل منه عَصيدةٌ ، يقال منه : رأيت قوماً يتهبَّدون ، والتّهبُّد : اجتناء الْحَنْظَل ونَقْعُهُ ، وأخبرني المُنذري عن أبي الهيثم أنه قال : هَبيدُ الحَنْظل : شَحْمه يستخرج فيجعل في الماء ويترك فيه أياماً ، ثمّ يضرَب ضَرْباً شديداً ثم يخرَج وقد ذهبتْ مَرارَتُه ، ثمّ يَشرَّرُ في الشَّمس ، ثمّ يطحن ويُستخرج دُهْنُه فيتعالج به ، وأنشد البيت :

خُذِي حَجَرَيْكِ فادَّقِّي هبيدا*

وقال ابن السكيت : الهبيدة : أن يغلى لُبابُ الهبيد ، وهو حَبُّ الْحَنظل ، فإذا بلغَ إناه من النُّضج ذُرّتْ عليه قُمَيْحَةٌ من دَقيق ثم أُكل وقال :

خُذِي حجرَيكِ فادَّقِّي هَبيداً

كلا كلبيْك أعْيا أنْ يصيدا

كأن قائل هذا الشِّعر صَيّادٌ أخفق فلم يصدْ فقال لامرأته : عالجِي الهبيد فقد أخفقنا.

أنشد أبو الهيثم :

شَرِبنَ بعُكَّاش الهَبَابيدِ شَرْبَةً

وكان لها الأحْفَى خلِيطاً تُزَايلُهْ

قال : عُكَّاش الهَبابيد : ماءٌ يقال له : هَبُّود وأحْفَى : اسم موضع.

أبو عبيد : الهَبِيدُ : الْحنْظل ، ويقال : حبُّ الحنْظَل فجمَعه بما حوله.

وهَبُّود : اسم فرَس سابقٍ كان لبني قُرَيْع.

وقال :

وفارِسُ هَبُّودٍ أشابَ النَّواصيا

بده : أبو العباس ، عن ابن الأعرابي : بَدَه الرجُل : إذا أجاب جواباً سَدِيداً على البَديهة بلا تَرْوِيةَ فيه.

وقال الليث : البَدْه : أن تَسْتَقْبِل الإنسان بأمرٍ مفاجأةً ، والاسم البَدِيهة في أول ما يفاجأ به. تقول : بادَهَنِي مُبادَهةً : أي باغتَني مُباغتَةً.

قال : والبُداهة : البَديهة في أول جَرْي الفرَس ، تقول : هو ذو بَديهةٍ ، وذو بُداهة.

قلت : بُداهة الفرَس : أوّل جرْيه ، وعُلالَتُه : جَرْيٌ بعد جَرْي.

١٢٢

وقال الأعشى :

إلَّا بُداهةَ أو عُلا

لةَ سابِحٍ نَهْدِ الجُزَارَهْ

دبه : أبو العباس ، عن ابن الأعرابي : دَبَّهَ الرجُلُ : إذا وقع في الدَّبَهِ ، وهو الموضع الكثيرُ الرَّمْل ، ودَبَّهَ : إذا لزِم الدُّبَّهَ ، وهي طريقةُ الخير.

قلت : جَعَل ابن الأعرابيّ دَبَّهَ ثلاثياً صحيحاً ثم جعله من ثنائيّ المُضاعف ، ولا أدري ما مَذْهبُه في ذلك.

ه د م

هدم ، همد ، دهم ، دمه ، مهد ، مده : مستعملة.

هدم : قال الليث : الهَدْم : قَلْع المَدَر ، يعني البُيُوت ، وهو فِعْل مُجاوِز ، والفعل المطاوع الانهدام ، وهو لازمٌ ، والهِدْم : الخَلَق البالي. وجمعُه أهدام.

وقال أبو عبيد : الهِدْم : الشيخُ الذي قد انحطَم مثل الهِمّ.

قال : وسمعتُ الأصمعي يقول للناقة إذا اشتدَّت ضَبَعَتُها وهو شَهْوَتُها للفَحْل : هَدِمَتْ تهْدَمُ هَدَماً فهي هَدِمة.

وقال الفراء : الهَدِمَة : الناقة التي تقع من شدَّة الضَّبَعَة ، وأنشد :

فيها هَدِيمُ ضَبعٍ هَوَّاسُ*

وقال الليث : الناب المتهدِّمة ، والعجوز المتهدِّمة : الفانية الهَرِمة.

الحرَّاني عن ابن السكيت قال : الهَدَم : ما تهدَّم من البئر من نواحيها في جَوْفها ، وأنشد أبو زيد الأنصاري :

تمضي إذا زُجِرَتْ عن سَوْءةٍ قُدُماً

كأنها هَدَمٌ في الجَفْرِ مُنقاضُ

وفي الحديث «أن أبا الهَيْثم بن التَّيِّهان قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن بيننا وبين القوم حبالاً ، ونحن قاطعوها فنخشى إنِ الله أعَزّكَ وأَظْهَرَك أن ترجِع إلى قومك.

فتبسَّم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم قال : بل بالدَمَ الدَمَ ، والهَدْمَ الهَدْم ، أنا منكم ، وأنتم مني».

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ قال : العَرَب تقول : دَمِي دَمُك ، وهَدمي هَدَمُك ، هكذا رواه بفتح الدال قال : وهذا في النُّصْرة والظلْم ، تقول : إن ظُلمتَ فقد ظُلِمتُ ، قال : وأنشدني العُقَيْليّ :

دماً طيِّباً با حبّذا أنتَ من دَمِ*

وقال أبو عبيدة قولاً ثالثاً ، كان يقول : هو الهَدَمُ الهَدَمُ ، واللَّدَمُ اللّدَمُ : أي حُرمَتي مع حُرْمَتِكم ، وبيتي مع بَيْتِكم ، وأنشد :

ثمّ الْحَقِي بهَدَمي ولَدَمي*

أي بأصلي ومَوْضِعي.

قال : وأصل الهَدَم ما انهَدَم. يقال : هدمْتُ البناء هَدْماً ، والمَهْدُوم هَدَمٌ ، وسُمِّيَ منزلُ الرجل هَدَماً لانهدامه.

وقال غيره : جاز أن يقال لقَبْر الرجل : هَدَمُه لأنه يُحفَر ثم يُرَدّ تُرابُه فيه ، فهو هَدَمُه ، فكأنه قال : مَقبَرِي مَقْبَرُكُم : أي لا أزال معكم حتى أموتَ عندكم.

وأخبرني المنذريّ عن أبي الهَيثم أنه قال : قولهم في الحلف : دَمِي دَمُك : إنْ قتلَني إنسانٌ طلبْتَ بدَمِي كما تطلُبُ بدم وليِّك :

١٢٣

أي ابن عمِّك وأخيك ، وهَدَمي هَدَمُك أي مَن هَدَم لي عِزّاً وشَرَفاً فقد هَدَمه منك ، وكلّ من قتَل لك وليّاً فكأنما قتلَ وَلِييِّ ، ومن أراد هَدْمك فقد قصدني بذلك.

قلت : ومن رواه الدَّمَ الدَّمَ والهَدْمَ الهَدْمَ فهو على قول الحليف : تطلُب بِدَمي وأنا أطلُب بدَمِك ، وما هَدَمْتَ من الدّماء هَدمْتُ : أي ما عفوْتَ عنه وأهْدَرْتَه فقد عفوتُ عنه وتركتُه.

ويقال : إنهم كانوا إذا احْتَلفوا قالوا : هَدْمِي هَدْمُك ودَمِي دمُك ، وترِثني وأَرِثُك ، ثم نسخ الله تعالى بآيات المواريثِ ما كانوا يشتَرطونه من الميراث في الحِلْف.

وقال ابن شميل : المَهْدومة : الرَّثيئة من اللَّبَن ؛ ورجل هَدِم : أحمَق مُخَنّث ، وأنشد أبو حاتم :

شفَيْتُ أبا المُخْتارِ من داءِ بَطْنه

بمهْدُومةٍ تُنبِي أُصولَ الشراسِفِ

قال : المهدُومة : هي الرثيئة.

وقال أبو عبيدة : قال شهاب : إذا حُلِب الحليبُ على الحَقِين جاءت رثيئةً مذكرةً طيَّبَةً ، لا فَلَقَ ، ولا مُمْذَقِرَّة ، سَمْهَجَة ليِّنَةً.

وقال أبو زيد : الهَدْمة : المطْرة الخفيفة.

وأرضٌ مهدومةٌ : أي ممطورة.

وقال أبو سعيد : هَدَم فلانٌ ثوبَه ورَدَّمه : إذا رَقّعه.

رواه أبو تراب عنه.

وقال شمِر : قال أحمد بن الحَرِيش : الأهْدَمان : أن ينهار عليكَ بناءٌ أو تقع في بئر أو أُهْوِيَّة.

وفي الحديث : «من هَدَمَ بُنْيان ربِّه فهو ملعون» : أي من قتل النّفس المحرَّمة لأنها بُنْيان الله وتركيبُه.

دهم : قال الليث : الأدْهَم : الأسود ، وبه دُهْمة شَدِيدة ، وادْهامَ الزَّرْعُ : إذا علاه السَّوادُ رِيّاً.

وقال الفرّاء فيما رَوَى عنه سَلَمة في قول الله جلّ وعزّ : (مُدْهامَّتانِ) [الرَّحمن : ٦٤] : يقول : خضراوان إلى السَّواد من الرِّيِّ.

وقال الزَّجّاج : المعنى أنهما خَضْراوان تَضرِب خُضرَتُهما إلى السّواد ، وكل نبْت أخضَرَ فتَمامُ خِصْبِه وريِّه أن يضرب إلى السَّواد.

وقال اللّيث : الدَّهْمُ : الجماعة الكثيرة.

وقد دَهَمُونا : أي جاءونا بمَرَّةٍ جماعةً.

ودَهَمَهُم أمْرٌ : إذا غَشِيَهم فاشياً ، وأنشد :

جئنا بدَهْمٍ يَدْهَمُ الدُّهُوما*

وقال بعضهم الدَّهمة عند العرب : السَّواد ، وإنما قيل : للجَنّة : مُدْهامّةٌ : لشدّة خُضرتها. يقال : اسودّت الخُضرَة : أي اشتدّت ، ولما نزل قوله جلّ وعزّ : (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) [المدَّثِّر : ٣٠].

قال أبو جهل : ما تستطيعون يا معشر قريش وأنتم الدَّهْمُ أن يغلب كلّ عشرة منكم واحداً؟! أي وأنتم العدد الكثير ، وسبق بعض العرب إلى عرفة ، فقال : اللهمَّ اغفر لي قبل أن يَدْهَمَك النّاس ،

١٢٤

وفي حديث آخر : من أراد أهل المدينة بدَهم : أي بغائلة ، وأمر عظيم ، وجَيْشٌ دَهمٌ : أي كثير. وأتتكم الدَّهماء ، يقال : أراد الدَّهماء : السوداء المُظلمة ، ويقال : أراد بذلك الداهية يذهب إلى الدُّهيم : اسم ناقة.

وقال ابن السكّيت : يقال : دَهِمَهُم الأمرُ يَدْهَمُهُم ، ودَهِمتْهم الخيل.

قال : وقال أبو عُبَيْدة : ودَهَمَهُم يَدْهَمُهُم لغة.

وقال اللّيث : الدَّهْماء : الجَماعةُ من الناس.

أبو عُبيد ، عن الكسائيّ : يقال : دخَلتُ في خَمَرِ الناس : أي في جَماعتهم وكَثْرَتِهم ، وفي دَهْمَاء الناس أيضاً مثُلُه وأنشَد غيرُه :

فقَدْناكَ فِقْدَانَ الرَّبيع ولَيْتَنا

فَدَيْنَاك مِنْ دَهْمَائِنا بأُلُوفِ

وقال الليث : الدَّهماء القِدْرُ ، والدَّهْماء : سَحْنَةُ الرجل ، والدَّهْماء : بَقلْة وقال ابن شُمَيل : الدَّهْماء : السَّوْداء من القُدُور ، وقد دَهَمتْها النارُ.

وقال حُذَيفَة وذكَر الفِتْنة فقال : أتَتْكم الدُّهَيْماء تَرْمِي بالنَّشفِ ثمّ التي تليها ترْمي بالرَّضْف.

قال أبو عُبَبْد : قوله : الدُّهَيْماء ترْمي بالنَّشْف نُراه أراد الدَّهماء فصغَّرها.

وقال شَمِر : أراد بالدَّهْمَاء السَّوْداء المُظْلِمة ، ومثله حديثه الآخر : لتكونَنَّ فيكُمْ أَرْبَعُ فِتَن : الرَّقْطاء ، والمُظْلِمة ، وكذا وكذا ، فالمظلِمة مِثلُ الدَّهْمَاء.

قال : وبعض النّاسِ يَذهَب بالدُّهَيْماء إلى الدُّهَيم ، وهي الداهية ، وقيل للدَّاهية : دُهَيم : أنَّ ناقةً كان يقال لها : الدُّهيْم ، غَزّا قومٌ من العَرَب قوماً فقُتِل مِنهم سَبْعَةُ إخْوَة فحُمِلُوا على الدُّهيْم ؛ فصارت مثلاً في كلّ داهية.

وقال شَمِر : سمعت ابن الأعرابيّ يَروِي عن المفضَّل أنّ هؤلاء بنو الزبّان بن مُجَالِد ، خرجوا في طلب إبلٍ لهم ، فلقِيَهم كثيف بنُ زهَير فضَرَب أعناقَهم ، ثم حَمَل رؤوسهم في جُوالق ، وعلَّقه في عُنُق ناقة يقال لها : الدُّهَيمُ ، وهي ناقة عَمرو بن الزّبان ، ثمّ خلّاها في الإبل ، فراحت على الزبّان ، فقال لمّا رأى الجُوالق : أظُنُّ بَنِيَّ صاروا بيض نعام ، ثمّ أَهْوَى بيَدِه فأَدخَلها الجُوالق ، فإذا رأسٌ ، فلما رآه قال : آخر البَزِّ على القَلُوص ، فذهَبَتْ مَثَلا ، وضَرَبت العربُ الدُّهيْمَ مَثَلاً في الشّرّ والدّاهية.

وقال الراعي يَذكُر جَوْرَ السُّعاةِ :

كَتَبَ الدُّهيْمَ من العَداء لِمُسْرِفٍ

عَادٍ يريد مَخانَةً وغُلُولَا

وقال الكميت :

أهْمَدانُ مَهْلاً لا يُصبِّح بيوتَكُمْ

بجُرْمكم حِملُ الدُّهيْم وما تَزبِى

وهذا البيت حُجَةٌ لما قاله المُفضَّل.

يقال : هَدمَه ودَهدَمَه بمعنًى واحد. قال العجاج :

وما سُؤالُ طَلَلٍ وأَرْسُمِ

والنُّؤي بعدَ عَهدِه المُدَهْدَمِ

يعني الحاجزَ حولَ البيت إذا تَهدَّم. وقال :

١٢٥

غيرُ ثلاثٍ في المحل صُيَّمِ

رَوَائمٍ وهُنَّ مِثلُ الدَّوْسَمِ

بَعْدَ البِلَى شِلْوَ الرَّمادِ الأدْهمِ

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : قال : الوَطْأة الدّهماء : الجديدة ، والوَطأة الغَبراء : الدّارسة ، وأنشد قول ذي الرّمة :

سِوَى وَطْأةٍ دَهماءَ من غير جَعْدةٍ

ثَنَى أُخْتَها في غَرْزِ كَبداء ضامرِ

وقال غيره : رَبعٌ أدْهَمُ : حديثُ العَهد بالحيّ النازِلِين به ، وأَرْبْعٌ دُهمٌ. وقال ذو الرمة أيضا :

أَلِلأَربُعِ الدُّهم اللّواتي كأنها

بقيّةُ وَحْي في بطون الصّحائف

أبو عُبَيد ، عن أبي زيد : النعجة الدَّهماء : هي الحمراء الخالصة الحُمرة.

قال : وقال الأصمعيّ : إذا اشتدَّت وُرْقة البعير لا يخالِطُها شيء من البياض فهو أدْهُم ، وناقةٌ دَهماء ، وفَرَسٌ أَدْهَمُ بَهيم : إذا كان أسود بَهيماً لا شِيَةَ فيه.

عَمرو ، عن أبيه : إذا كان القَيدُ من خَشَب فهو الأدْهم والفَلَقُ.

قال : والمُتَدهَّم ، والمُتَدَأَم والمُتدثِّر هو المحبُوس المأبون ، ويقال : ادهامَ يَدْهامُ فهو مُدهامٌ ، وادْهَمَ يَدهَمُ فهو مُدْهَمٌ ، وادهَوْهَمَ يَدهَوهمُ فهو مُدْهَوْهمٌ بمعنى واحد.

همد : قال شمِر : الأرض الهامدة : المُسْنِتَه قال : وهُمُودها ألّا يكون فيها حَياةٌ ، ولا نَبتٌ ، ولا عُود ، ولم يُصِبْها مَطَر.

والرَّمادُ الهامد : المُتلبِّد البالي بعضُه فوقَ بعض. وهمدتْ أصواتُهم : أي سكنتْ.

وهمَد شجرُ الأرض : أي بَلِيَ وذَهب.

وهمَد الثوبُ يَهمِدُ همُوداً ، وذلك من طُولِ الطّيّ ، تحسَبه صحيحاً ، فإذا مَسِسْتَه تَناثَرَ من البِلِي.

وقال ابن السكّيت : همِد الثَّوْبُ يَهمَدُ هَمَدا : إذا بَلِي.

وقال اللّيث : الهُمود : المَوْت ، كما همَدت ثَمُود ، ورَمادٌ هامِد : قد تَلبَّد وتغير.

أبو عُبَيد ، عن الأصمعي قال : خَمَدت النارُ : إذا سكن لهَبُها ، وهَمَدَت همُوداً : إذا طُفِئت البتّة ، فإذا صارت رَماداً قيل : هَبَا يَهبُو فهو هابٍ.

الليث : ثمرةٌ هامِدة : إذا اسودتْ وعَفِنَت ، وأرضٌ هامِدةٌ : مقشِعرَّةٌ لا نبات فيها إلّا يَبِيسٌ مُتَحطِّم.

قال : والهامد من الشجر : اليابس. ويقال للهامد : هَميد. يقال : أخذنا المُصدِّقُ بالهميد : أي بما مات من الغَنم.

وقال ابن شُميل : الهَميد : المال المكتوبُ على الرَّجُل في الدِّيوان. فيقالُ : هاتوا صدقَتَه ، وقد ذهب المالُ : يقال : أخذَنا الساعِي بالهَمِيد.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ قال : الإهماد : السُّرعة في السَّير. والإهماد : الإقامة بالمكان. وأنشد في السُّرعة :

ما كان إلّا طَلَق الإهماد*

وأنشد في الإقامة :

لما رأَتني راضياً بالإهمادْ

١٢٦

كالكَّزِ المَرْبوطِ بين الأوتادْ

وهذا من باب الأضداد.

وقال ابن بُزُرج : أهمَدُوا في الطعام : أي اندفَعُوا فيه.

وقالوا : أهمَد الكلبُ : أي أحضَر.

مهد : قال الليث : المَهْدُ للصَّبيّ ، وكذلك الموْضِعُ يُهيّأ لينام فيه الصبي.

قال : والمِهاد اسم أجمَعُ من المَهْد ، كالأرض جَعَلَها الله مهاداً للعباد ، وجمعُ المِهاد مُهُد وثلاثة أَمهِدة ومنه قوله تعالى : (فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) [الرُّوم : ٤٤] أي يُوطِّئون ، وأصل المهد التَّوثير ، يقال : مَهَّدتُ لنَفسي ، ومهدت : أي جَعَلتُ مكاناً وطيئاً سهلاً ، ويقال : مَهَدْتُ لنفسي خيراً : أي هيَّأتُه ووطّأته. وقال أبو النجم :

وامتَهَدَ الغاربُ فِعْلَ الدُّمَّلِ*

قلتُ : أصل المَهْد التوثير ، ويقال للفراش : مهادٌ لوَثارته.

وقال النضر : المُهْدة من الأرض : ما انخفض في سهولة واستواء.

وقال أبو زيد : يقال : ما امتَهَد فلانٌ عِنْدي يداً لم يُولِكَ نعمةً ولا مَعْروفاً.

ورَوَى ابن هانىء عنه : يقال ما امتَهَد فلان عندي مَهْد ذاك بفتح الميم وسكون الهاء.

يقولها حين يُطْلب إليه المعروفُ بلا يَدٍ سلفتْ منه إليه ، ويقولُها أيضاً للمسيء إليه حين يَطلُب معروفه أو يُطْلَبُ له إليه.

مده : قال الليث : المَدْه يضارع المَدْحَ ، إلا أن المَدْه في نَعتِ الجَمَال والهيئة ، والمدح في كل شيء عامّ. قال رؤبة :

لله درّ الغانيات المُدَّهِ *

وقال غيره : المَدْح والمَدْه واحد ، أُبدِلت الحاء هاء ويقال : فلان يتمدَّه بما ليس فيه ويتَمتَّه ، كأنه يطلُبُ بذلك مَدْحَه ، وأنشد ابن الأعرابي :

تَمَدَّهي ما شئتِ أن تمَدَّهِي

فلست موهَوْئِي ولا ما أَشْتَهِي

هَوْئِي : هَمِّي.

ورَوَى النضر عن الخليل بن أحمد أنه قال : مَدَهْتُه ، في وجهه ، ومَدَحْتُه ، إذا كان غائباً.

دمه : قال الليث : الدَّمَه : شِدّة حَرِّ الرَّمْلِ ، وأنشد :

ظَلَّتْ على شُزُنٍ في دامِهٍ دَمِهٍ

كأنه من أُوارِ الشَّمْس مَرعُونُ

قال : ويقال : ادْمَوْمَهَ الرَّمْل ولم أسمع دَمِه لغير الليث. ولا أعرف البيت الذي احتجّ به.

أبواب الهاء والتاء

(ه ت ظ) ـ (ه ت ذ): مهمل.

ه ت ث

أهملها الليث وقد استُعمل : ثهت.

ثهت : قال ابن بُزُرج في «نوادره» الذي قرأتهُ بخط أبي الهيثم : يقال : ما أنت في ذلك الأمر بالثّاهت ولا المَثْهوت : أي ما أنت في ذلك بالداعي ولا المدعُوّ.

قلت : ورَوَى أحمد بن يحيى ، عن ابن الأعرابي نحواً من ذلك ، وأنشد :

١٢٧

وانْحَط داعِيكَ بلا إسْكاتِ

من البكاءِ الحقِّ والثُهاتِ

ه ت ر

هتر ، هرت ، تره ، تهر : مستعملة.

هتر : قال الليث : الهَتْر : مَزْق العِرْض. قال : وتقول : رجل مُسْتَهْتَر : لا يبالي ما قيل فيه وما شُتِم به. وأُهْتِرَ الرجُل : إذا فَقَد عَقْلَه من الكِبر : يقال : رجل مُهْتَر.

قلت : أما قوله الهَتْر : مَزْق العِرْض فغيرُ مُعتَمد. والذي سُمِع من الثِّقات بهذا المعنى : الهَرْتُ إلا أن يكون مقلوباً ، كما جَذَب وجَبَذ ، وأمّا الاستهتار فهو الوُلُوع بالشيء والإفراط فيه حتى كأنه أُهتِر : أي خَرِفَ.

أبو عُبَيد عن أبي زيد أنه قال : إذا لم يَعقِل من الكِبَر قيل : أُهْتِر ، فهو مُهْتَرٌ ، والاستهتار مثله.

وقال الأصمعي : الهِتْر : السَّقَط من الكلام والخَطأ فيه. يقال منه : رجل مُهْتَر.

وقال ابن الأعرابي : رجل مُهْتَر : من كِبَر أو مَرَضٍ أو حُزن.

قال : والهُتْرُ ـ بضم الهاء ـ : ذَهابُ العقل.

وقال أبو زيد : من أمثالهم في الداهي المنكَر : إنه لهِتْرُ أَهْتَار ، وإنه لَصِلُّ أَصْلال. قال : ويقال : تَهاتَر القومُ تَهاتُراً : إذا ادَّعى كلُّ واحد منهم على صاحبه باطلاً.

قال ابن الأنباري في قولهم : فلان يُهاتِر فلاناً : معناه يُسابُّه بالباطل من القَوْل.

قال أبو العباس ثعلب : هذا قولُ أبي زيد.

وقال غيره : المُهاتَرة : القولُ الذي ينقضُ بعضُه بعضاً.

قال : وأُهتِرَ الرجلُ فهو مُهْتَر : إذا أُولع بالقول في الشيء ، واستُهتِر فلانُ فهو مُستَهتَرٌ : إذا ذهب عقله فيه ، وانصرفَت همته إليه ، حتى أكثر القول فيه بالباطل.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «المستبَّان : شَيطانان يتَهاتَران». وفي الحديث : «سبق المُفَرِّدون قالوا : وما المُفَرِّدون؟ قال : الذين أُهْتِروا في ذكر الله عزوجل.

قال أبو بكر : المُفَرِّدون : الشيوخ الهَرْمَى الذين مات لِداتُهم وذهَب القَرْن الذين كانوا فيهم.

قال : ومعنى أُهْتِروا في ذكر الله : أي خَرِقوا وهم يَذكرون الله. يقال : خَرِفَ في طاعة الله : أي خَرِفَ وهو يطيع الله.

قال : والمُفَرِّدُون يجوز أن يَكون عنِي بهم المتفرِّدون المَتَخَلُّونَ بذكر الله ، والمُسْتَهتَرُون : المُولَعون بالذِّكر والتسبيح.

في حديث ابن عمر : اللهمَّ إنِّي أعُوذُ بك أن أكونَ من المستهتَرين.

يقال : استُهْتِرَ فلانٌ فهو مُستهتَر : إذا كان كثير الأباطيل. والهِتْر : الباطل.

وقال الليث : التَّهْتار من الحُمْق والجهل ، وأنشَد :

إنَّ الفَزَاريَّ لا ينفكُّ مُغْتَلِماً

من النّوَاكَةِ تَهْتاراً بتَهتَارِ

١٢٨

قال : يريد به : التَّهتُّرَ بالتهتُّر. قال : ولغة للعرب في هذه الكلمة خاصّة : دَهْدَارٌ بدَهْدَار ، وذلك أنَّ منهم من يقلب بعض التاءات في الصُّدور دالاً نحو الدِّرْياق لغةٌ في التِّرْياق ، والدِّخْرِيضِ لغةٌ في التَّخْرِيصِ ، وهما مُعرَّبان.

وقال أبو عُبيد : الهِتْر : العَجَب. قال أَوْس :

يُراجِعُ هِتْراً من تُمَاضِرَ هاتِراً*

أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابيّ : الهُتَيْرة : تصغير الهَتْرَة ، وهي الحَمْقَة المُحكَمة.

وفي الحديث : «المستَبَّان شيطانانِ يَتهاتران ويَتكاذَبان». وفي حديثٍ مرفوع : «سبق المُفَرِّدُون قالوا : وما المفرِّدون؟ قال الذين أُهتِرُوا في ذكر الله ، يضعُ الذِّكر عنهم أثقالهم ، فيأتون يوم القيامة خفافاً.

قلت : معناه أنّهم كَبِرُوا في طاعة الله وهلَك لِداتُهم ، وجاء تفسيرُه في حديثٍ آخر : همُ الذين اسْتُهْتِرُوا بذِكر الله عزوجل : أي أولعوا به. يقال : استُهتِر فلان بأَمرِ كذا وكذا : أي أُولع به.

تهر : قال بعضهم : التَّيْهُور : مَوْجُ البحْر إذا ارتفَع ، وقال الشاعر :

كالبحر يَقْذِف بالتَّيْهُورِ تيهُوراً*

والتيهور : ما بَيْن قُلَّة الجَبل وأَسفله. وقال الهُذَلِيّ :

فطلَعْتُ مِن شِمْراخِه تَيْهورةً

شَمَّاءَ مُشْرِفَةً كرأْسِ الأَصلعِ

قلت : التَّيهُورُ : فَيْعُول ، أصله ويَهُور قُلِبَت الواو تاءً ، كما قالوا : تَيْقُور أصلُه وَيْقُور ، من الوَقار.

تره : قال الليث : التُّرَّهات : البَواطل من الأمور ، وأنشد :

وحَقِّةٍ ليستْ بقوْلِ التُّرَّهِ *

والواحدة : تُرَّهة.

وقال أبو زيد : من أسماء الباطل التُّرَّهات البَسابِسُ ، وجاء فلانٌ بالتُّرَّه ، وهي واحدة التُّرَّهات.

وقال شمِر : واحدة التُّرَّهات تُرَّهة ، وهي الأباطيل.

هرت : قال الليث : الهَرْتُ : هَرْتُك الشِّدْقَ نحو الأُذن ، والهَرَت : مصدَرُ الأهرَت ، والهَرْتاء. تقول : أَسَدٌ أَهْرَت ، وأَسدٌ هَرِيتُ الشِّدْق أي مَهْرُوت ومُنهَرِت الشِّدْق. قال : والهَرْتُ : أن تَشُقَّ شيئاً تُوسِّعه بذلك.

أبو عبيد ، عن أبي زيد : هَرَتَ عِرْضَه وهرَطَه وهرَدَه : إذا طَعن فيه ، لُغاتٌ كلها.

ويقال : هرَتَ ثوبه هَرْتاً : إذا شقَّه. وَيقال للخطيب من الرِّجال : أهْرَتُ الشِّقْشِقَة ، ومنه قول ابن مُقْبِل :

هُرْتُ الشِّقاشِقِ ظَلَّامُون للجُزُرِ*

وقال أبو زيد : يقال للمرأةِ المُفْضَاةِ : الهَرِيتَ والأَتُوم. قال : والهَرِيتُ من الرّجال : الذي لا يَكتُم سِرّاً أو يتكلّم بالقبيح.

ه ت ل

استعمل من وجوهه : هتل ، هلت ، تله.

١٢٩

هتل : ابن السكيت عن الأصمعيّ : هتلت السَّماء وهَتَنَتْ تَهِتلُ وتهتِنُ هَتَلَاناً وهَتَناناً وهو التَّهْتالُ والتّهْتَان. وقال العجّاج :

عَزَّزَ منه وهو مُعطِي الأسْهالْ

ضَرْبُ السَّوَارِي مَتْنَه بالتهتالْ

ونحو ذلك قال اللِّحيانيّ ، قال : وهي سحائب هُتَّل وهُتَّن ، وهو الهَتَلان والهتنان.

تله : في «النوادر» تَلِهْتُ كذا وتَلِهْتَ عنه : أي ضَلِلْتُه وأُنْسِيتُه.

وقال الليث : فَلَاةٌ مَتْلَهَةٌ : أي مَتْلَفة. وَالتَّلَهُ لُغةٌ : في التَّلَف. وأنشد :

به تَمَطَّتْ غَوْلَ كلِ مَتْلَه *

أي مَتْلَف. وقال غيره : التَّلَه : الحَيرة.

وقد تَلِهَ يَتْلَه تَلَهاً ، ورأيتُه يَتَتلَّه : أي يتردّد متحيِّراً ، وأنشد أبو سعيد بيْتَ لَبِيد :

باتَتْ تَتلّه في نَهاءِ صُعَائدٍ*

رواه غيره : باتت تبلّد. وقيل : التاء في قوله : تَلِه أصلها واو ، يقال : وَلِه يَوْلَهُ وَلَهاً وتَلِهَ يَتْلَه تَلهاً ، وقيل تَلِه كان في الأصل ائتَلَه يأتَلِه ، فأُدغمت الواو في التاء ، فقيل : اتَّلَه يَتَّلِهَ ، ثم حُذفت التاء فقيل تَلِهَ يَتلَه ، كما قالوا : تَخِذَ يَتْخَذُ ، وتَقِيَ يَتْقَى : والأصل فيهما اتَّخَذ يَتخِذ ، واتَّقَى يتَّقي. وقال بعضهم : تَلِه أصلُه دَلِهَ.

هلت : قال أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : هَلْتَى : شجرةٌ معروفة جاءَت على فَعْلَى. الهَلْتَى يَنْبت نباتَ الصِّلِيَّان إلا أنَّ لونَه إلى الحُمرَة.

وقال ابن الفرَج : سمعْتُ واقعاً السُّلَمِيَّ .. يقول : انهلَتَ يَعدُو ، وانْسَلَت يَعدُو.

قال : وقال الفرَّاء : سَلَته وهَلَته.

وقال اللِّحيانيّ : سلَتَ الدَّمَ وهَلته : قشَرَه بالسِّكِّين.

ه ت ن

هتن ، تهن ، نهت : مستعملة.

هتن : يقال : هَتَنَتْ السماءُ تَهتِنُ هتَناناً ، وعينٌ هَتُونُ الدَمع ، وجمعُه هُتُن.

نهت : يقال : نهتَ الأسَدُ في زئيرِه يَنهَت.

قال الليث : وهو صوتٌ دون الزَّئير.

أبو عُبَيد : عن الأصمعيّ : النهيت : مثل الزَّحِير والطَّحِير ، وقد نَهَتَ يَنْهِت.

تهن : أهمله الليث ، ورَوَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنّه قال : تَهِنَ يَتهَن تَهَناً فَهو تَهِنٌ : إذا نام.

وفي الحديث أن بلالاً تهِنَ : أي نامَ عن الأذان.

ه ت ف

استعمل من وجوهه : هتف ، هفت ، تفه.

هتف : قال الليث : الهَتْف : الصوتُ الشديد.

تقول : هَتَفَ يهتِفُ هَتْفاً. والحمامةُ تهْتِفُ. والهُتَاف : الصوت ، وسمعتُ هاتِفاً يَهتِف : إذا كنتَ تسمَع الصّوت ولا تُبصر أحَداً.

قال أبو زيد : يقال : هَتفتُ بفلانٍ : أي دَعَوْتُه ، وهَتَفْتُ بفلانٍ : أي مَدَحْته ، وفلانةُ يُهتَفُ بها : أي تُذكر بجَمالٍ.

١٣٠

هفت : قال الليث : الهَفْتُ : تساقُط الشيء قِطْعةً بعد قطعة كما يَهفِتُ الثلْجُ ، ونحو ذلك.

وقال الراجز :

كأنّ هَفْتَ القِطْقِطِ المنْثورِ*

ويقال : تهافتَ القومُ تهافُتاً إذا تساقطوا مَوْتاً ، وتهَافتَ الثوبُ : إذا تساقط بِلًى.

وتهافتَ الفَراشُ في النار : إذا تساقط.

وقال الراجز يصف فَحْلاً :

يَهفِتُ عنه زَبَداً وبَلْغمَا*

قلتُ : والهَفْتُ من الأرض مثلُ الهَجْل ، وهو الجو المطمئنّ في سَعَة.

وسمع أعرابياً يقول : رأيتُ جمالاً يتهادَرْن في هذاك الهَفْتِ ، وأشار إلى جَو من الأرض واسِع وكلامٌ هَفت : إذا كثر بلا رويَّة فيه.

والهَفْتُ من المطر : الذي يُسرع انهلالُه.

قال الليث : حَبٌ هَفُوت : إذا صار إلى أسفَلِ القِدْر وانتفخ سريعاً.

وقال ابن الأعرابي : الهَفْتُ : الحُمْقُ الجيّد.

ورَوَى أبو عبيد عن الأحمر أنه قال : الهفَات : اللَّفات من الرجال : الأحمق.

تفه : قال الليث : التافِه : الشيء الخسيس القليل. وقد تَفِه الشيء يتْفَه تَفَهاً فهو تافِه وتفِه. ورجلٌ تافِه العَقْل : أي قليله.

وفي حديث ابن مسعود ووصفِه القرآن : «إنه لا يَتْفَه ولا يتشانُّ».

قال أبو عبيد : قال أبو عمرو في قوله : لا يتفَه : هو من الشيء التافه ، وهو الخسيس الحقير ، ومنه قول إبراهيم : تجوز شهادة العَبد في الشيء التافه.

وقوله : ولا يتشانّ : أي لا يخلق على كثرة التَّرْداد من الشَّنّ : وهو السِّقاء الْخَلَق ، والأطعمة التَّفِهةُ : التي ليس لها حلاوة مَحْضَة ، ولا حُمُوضة خالصةٌ ولا مرارةٌ ، ومن الناس من يجعل الخُبزَ واللحم منها.

ه ت ب

هبت ، بهت : [مستعملان]

هبت : قال الليث : الهَبْتُ : حُمْقٌ وتَدْلِيهٌ.

يقال : هُبِتَ الرجلُ فهو مَهبْوت لا عقل له ، وفيه هَبْتَةٌ شديدةٌ.

وفي حديث عمر : أنّ عثمان بن مظعون لما مات على فِراشه قال هَبَتَه الموتُ عندي منزلةً ، فلما مات رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على فراشه علمتُ أن موتَ الأخيار على فُرُوشهم.

قال أبو عبيد : قال الفراء في معنى قوله : هَبَتَه الموتُ عندي منزلة : يعني طأطأَهُ ذلك عندي وحَطَّ من قَدْرِه ، وكلُّ مَحطوطٍ شيئاً فقد هُبتَ به فهو مَهْبُوت. قال : وأنشدني أبو الجرَّاح :

وأَخْرَقُ مَهْبُوتُ التراقِي مُصَعَّدُ ال

بلاعيم رِخوُ المَنْكِبين عُنَابُ

العُناب : الغليظ الأنف.

قال : والمهْبُوت التراقي : المحطُوطها الناقِصُها.

وقال الكسائيّ : يقال : رجل فيه هَبْتَةٌ للذي فيه كالغَفْلة ، وليس بمستَحكِم العَقْل.

١٣١

أبو عبيد ، عن الأصمعيّ : الهَبِيت : الذاهبُ العقل.

وقال طرفة :

فالْهَبِيتُ لا فؤادَ له

والثبيتُ ثبْتُه فَهَمُه

ثعلب ، عن ابن الأعرابي قال : الهبِيتُ : الذي به الخوْلَع ، وهو الفَزَع والتبلُّد.

وقال عبد الرحمن بنُ عَوْف في أميَّة بن خلف وابنِه إنَّ قَتَلَتَهُما من المسلمين هَبَتُوهما حتى فرَغوا منهما يومَ بدْر : أي ضَرَبوهما حتى قَتَلوهما.

قال شمر : الهَبْت : الضرب بالسيف.

فكأنَّ معنى قوله : هَبَتوهما بالسيوف أي ضَرَبُوهما حتى وقَذوهما. يقال : هَبَته بالسيف وغيرِه يَهْبِتُه هَبْتاً.

بهت : قال الليث : البَهْت : استقبالك الرَّجل بأَمْرٍ تقْذِفُه به ، وهو منه بريء. والاسم البُهْتان. والبَهْت كالحَيْرة : يقال : رأَى شيئاً فبَهِت ينظرُ نَظر المتعجِّب ، وأنشد :

أَأَنْ رأيتِ هامَتي كالطَّسْتِ

ظَلِلْتِ ترْمِينَ بقَوْلٍ بَهْتِ

قال الليث : البهْتُ : حساب من حساب النجوم ، وهو مسيرها المُستوي في يوم.

وقال الأزهري : ما أُراه عَربيّاً ، ولا أحفظه لغيره.

أبو عبيد ، عن الأصمعيّ : بَهِتَ ، وغَرِس وبَطِر : إذا دُهِش.

وقال الزَّجاج : في قول الله جل وعز : (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) [البَقَرَة : ٢٥٨] : تأويله : انقطع وسكت متحيراً عنها ، يقال : بُهِتَ الرجل يُبهَت : إذا انقطع وتحيَّر ، ويقال بهذا المعنى بُهتَ وبَهِتَ ، ويقال : بَهَتُ الرجل أبهَتُه بَهْتاً : إذا قابلتَه بالكَذِب. وقولُ الله جلّ وعزّ (بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ) [الأنبيَاء : ٤٠]. قال الزجاج : أي تُحيِّرهم حين تُفاجئهم بغتةً ، يقال : بَهتَه : أي حيَّره ، ومنه بَهَتُ الرجُلَ : إذا قابلته بكَذِب يُحَيَّره وقول الله جلّ وعزّ : (أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) [النِّساء : ٢٠].

قال أبو إسحاق : (البهتان) : الباطل الذي يُتَحَيَّر من بطلانه.

قال : وبُهْتاناً موضوعٌ موضِع المصدر وهو حالٌ ، المعنى أتأخذونه مُباهتين وآثمين يقال : بَهِتَ وبُهِت فهو باهتٌ ومَبهُوتٌ : إذا تحير.

ه ت م

استعمل وجوهه : هتم ، تمه ، تهم ، مته.

هتم : قال الليث : الهَتْم : كسْرُ الثَّنِيّة أو الثَّنايا من الأصل ، والنَّعت أهتم وهَتْماء.

وقال أبو زيد : الهتْماء من المِعْزى : التي انكسرتْ ثَنِيَّتَاها.

قال وأَهْتَمْتُه إهتاماً : إذا كسَرْتَ أسنانَه ، وأقْصَمْتُه : إذا كسرت بعضَ سِنَّه وأشتَرْتُ عيْنَه حتى هَتِمَ وقَصِم وشتِر.

تمه : أبو عبيد ، عن الأمويّ : تَمِهَ الدُّهنُ يَتْمَه تَمهاً : إذا تغير : وهو دُهْنٌ تَمِهٌ.

وعن أبي الجرَّاح : تَمِهَ اللحمُ يَتْمَه تَمَهاً وتَماهةً ، مثل الزُّهومة.

وقال شمر : يقال : تمِه وتَهِمَ بمعنًى واحد ، وبه سُمِّيتْ تِهامة.

١٣٢

وقال الليث : تمِهَ اللبنُ : تغير طعمُه. وشاةٌ مِتْماهٌ : يَتْمَهُ لَبَنُها رَيْثَما يُحلَب.

تهم : قال الليث : تِهامة : اسم مكة ، والنازل فيها مُتهِم.

وأخبرني المُنْذِريُّ ، عن الصَّيْدَاوِيّ ، عن الرِّياشيّ قال : سمعت الأصمعي يقول.

سمعتُ الأعراب يقولون : إذا انحدرْتَ من ثنايَا ذاتِ عِرْقٍ فقد أتهَمتَ. قال الرِّياشيّ : والغَوْر : تِهامة.

قال : وأَرْض تَهِمةٌ : شديدةُ الحرّ.

قال : وتَبَالَةُ من تِهامة. ويقال : تَهِم البعيرُ تَهَماً ، وهو أن يستنكِر المَرْعَى ولا يَسْتمْرِئَهُ وتَسَوءُ حالُه ، وقد تَهِم أيضاً وهو تَهِم : إذا أصابه حَرورٌ فهُزِل.

وفي الحديث أنّ رجلاً أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسلم وبه وَضَحٌ ، فقال : انظرْ بطنَ وادٍ لا مُنْجِدٍ ولا مُتهم ، فتَمعَّكْ فيه ، ففعل ، فلم تَزِد الوَضَحُ حتّى مات ، فالمُتهِم الوادي الذي ينصبُّ ماؤه إلى تِهامة ، وأَتهَم الرجُل : إذا أَتى تِهامةَ ، ويقال : رجلٌ تَهامٍ ، وامرأةٌ تَهَامِيَةٌ : إذا نُسِبَا إلى تِهامةَ ، ويقال : إبلٌ مَتاهيمُ وَمتاهِمُ : تأتي تِهامة.

وأنشد ابن السكّيت :

ألا انهِماها إنها مَناهِيمْ

وإنها مَناجدٌ متاهِيم

وذكر الزِّياديُّ عن الأصمعيّ أنَ التهَمَة : الأرضُ المتصوِّبةُ إلى البحر ، وكأنّها مَصدرٌ من تِهامةَ ، قال : والتهائم : المتصوِّبة إلى البحر.

وقال المبرِّد : إنما قالوا : رجل تَهَام في النّسبة ؛ لأنّ الأصل تَهَمَة ، فلمّا زادوا ألفاً خَفَّفوا ياء النِّسبة ، كما قالوا : رجل يَمانٍ وشآمٍ : إذا نَسَبوا إلى اليَمَن والشام زادوا ألِفاً وخَفّفوا الياء.

مته : الليث : المَتْهُ : التَّمتُّه في البَطالة والغَواية. قال رؤبة :

بالحَقّ والباطِل والتَّمتُّهِ *

وقال غيره : التمتُّه أصله التمدُّه ، وهو التمدُّح ، وقد تَمَتَّه : إذا تمدَّح بما ليس فيه. قال رؤبة :

تمَتَّهِي ما شئتِ أن تَمتهي *

وقال المفضّل : التَّمتُّه : طَلَبَ الثَّناء بما ليس فيه.

أبواب الهاء والظاء

(ه ظ ذ) ـ (ه ظ ث): أهملت وجوهها.

ه ـ ظ ر

استعمل من وجوهها : ظهر.

ظهر : قول الله تبارك وتعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) [النُّور : ٣١] حدّثنا السَّعديّ قال : حدَّثنا ابن عفّان قال : حدثنا ابنُ نُمَير ، عن الأَعْمَش ، عن سعيد بن جُبَير عن ابن عباس في قوله جلّ وعزّ : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) [النُّور : ٣١] قال : الكَفُّ والخاتَمُ والوجُه.

وقالت عائشة : الزّينة الظاهرةُ : القُلْب والفَتْخَة.

وقال ابن مسعود : الزينة الظاهرة : الثياب.

١٣٣

قال الليث : الظّهْر : خلافُ البَطْن من كلّ شيء ، وكذلك الظَّهْر من الأرض : ما غَلُظ وارتفَع ، والبطنُ : ما رَقَّ واطمأنّ ، والظَّهر : الرِّكاب التي تحمِل الأثقال في السَّفَر. ويقال لطريق البَرّ : طريقُ الظَّهر ، وذلك حيث يكون مَسلَكٌ في البرِّ ومسلَكٌ في البحر. ويقول المُدَبِّر للأمر : قلّبْتُ الأمرَ ظَهراً لِبَطْن.

والظُّهْر : ساعةُ الزَّوال ، ولذلك يقال : صلاة الظُّهر.

والظَّهيرةُ : حَدُّ انتصافِ النهار. قلتُ : هما واحد.

وقال الأصمعيّ : يقال : أتانا بالظَّهيرة ، وأتانا ظُهراً بمعنًى ، ويقال : أظهَرْتَ يا رجُل : أي دخلتَ في حَدِّ الظُّهْر.

وقال الفرّاء في قول الله جلّ وعزّ : (وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) [هُود : ٩٢] ، يقول : تركتم أمرَ الله وراء ظهورِكم ، يقول : عَظَّمتمْ أمرَ رَهْطِي ، وتركتُم تَعظيمَ الله وخوفَه.

أبو عُبَيد ، عن الأصمعيّ : البعير الظِّهْريّ : هو العُدَّة للحاجة إن احتيج إليه.

وقال غيره عنه : يقال : اتخذْ معك بعيراً أو بعيرين ظِهْريَّين : أي عُدّةً ، والجميع ظَهَارِيُ وظهَارٍ ، وبعير ظهيرٌ بيِّنُ الظهَارة إذا كان شَديداً.

وقال الليث : الظَّهِير من الإبل : القويُ الظَّهر صَحِيحُه ، والفعل ظَهَرَ ظهارةً.

وقال الأصمعيّ : هو ابن عمّه دُنيا ، فإذا تباعد فهو ابن عمِّه ظهْراً بجزم الهاء.

وقال : وأما الظِّهرة فهو ظهْرُ الرجل وأنصارُه ـ بكسر الظاء ـ ، وأنشد :

أَلَهْفي على عِزٍّ عزيزٍ وظِهْرَةٍ

وظلِّ شبابٍ كنتُ فيه فأَدْبَرَا

أخبرني المنذريّ عن ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ قال : سال واديهم دُرْأً : من غير مَطَر أرضهم ، وسال واديهم ظَهْراً : مِنْ مطرِ أرضهم.

قلت : وأحسِب ظُهْراً بالضم أجود ، لأنه أنشد :

ولو دَرَى أنّ ما جاهَرْتَني ظُهُراً

ما عُدْتُ ما لألأت أذنابَها الفُؤُرُ

ابن بُزُرْج : أوثقة الظُّهاريَّة : أي كَتَفه.

الليث : رجلٌ ظَهْريّ : من أهل الظَّهر ، ولو نَسْبتَ رجلاً إلى ظهْر الكوفة لقلت : ظَهريّ ، وكذلك لو نَسْبت جِلْد إلى الظهر لقلت : جلدٌ ظَهريّ.

قال : والظِّهرِيّ : الشيء تَنساه وتغفل عنه.

يقال : تكلّمت بذلك عن ظهر غَيب.

والظهر : فيما غاب عنك. وقال لبيد :

عن ظهر غيبٍ والأنيس سَقَامُها

قال : وظَهْرُ القلب : حِفْظُه من غير كتاب.

تقول : قرأتُه ظاهراً فاستظْهَرْتُه.

وقال الفراء في قوله جلّ وعزّ : (وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) [هُود : ٩٢] أي واتخذتم الرهط وراءكم ظهرياً تستظهرون به عليّ ، لا ينجيكم من الله تعالى ذكره.

الأصمعي : فلانٌ قِرْنُ الظهر ، وأنشد :

فلو كان قِرنِي واحداً لكُفِيتُه

ولكنّ أقران الظُّهورِ مَقاتِلُ

١٣٤

وفي حديث طَلْحَة أنّ قَبِيصَةَ قال : ما رأيتُ أحداً أعْطَى لجزَيلٍ عن ظَهْر يدٍ من طَلْحَة ابن عبد الله. قيل : قوله عن ظَهْر يدٍ ، معناه ابتداءً من غير مكافأة.

وقال الأصمعي : يقال : هاجت ظُهُورُ الأرض ، وذلك ما ارتَفَع منها ، ومعنى هاجت أي يَبِسَ بَقْلها.

وقال الفرّاء في قول الله جلّ وعزّ : (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) [التّحْريم : ٤] ، قال : يريدُ أعوانٌ ، فقال : ظَهِيرٌ ، ولم يقل ظُهَراء. ولو قال قائل : إنّ ظهير لجبريل وصالح المؤمنين وللملائكة كان صوابا ، ولكنه حَسُنَ أن تجعَل الظَّهير للملائكة خاصّةً لقوله : (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) أي بعد نُصْرَةِ هؤلاء ظَهِيرٌ.

وقال الزجاج : (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) في معنى ظُهَرَاء ، أراد والملائكة أيضاً نُصَّارُ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقال غيره : ومِثلُ ظَهيرٍ في معنى ظُهَراء قولُ الشاعر :

إنَّ العَواذِلَ لَسْنَ لِي بأَميرِ

يعني لَسْنَ لي بأُمراء ، وأما قول الله عزوجل : (وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) [الفُرقان : ٥٥]. قال ابن عرفة : أي مُظاهراً لأعداء الله تعالى ، وقوله جلّ وعزّ : (وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ) [المُمتَحنَة : ٩] أي عاونوا ، وقوله : (تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ) [البَقَرَة : ٨٥] أي يتعاونون ، (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) [التّحْريم : ٤] أي ظُهَرَاء أي أعوان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كما قال : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) [النساء : ٦٩] أي رفقاء. قال الشاعر :

إنَّ العَوَاذِل لَسْنَ لي بأمِيرِ

أي بأمراء ، (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ) [الكهف : ٩٧] أي ما قَدَرُوا أن يَعْلُوا عليه لارتفاعه ، يقال : ظهر على الحائط ، وعلى السَّطْح ، وظهر على الشيء : إذا غَلَبه وعَلَاه (وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ) [الزّخرُف : ٣٣] أي يعلون ، والمعارج : الدَّرَج (فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ) [الصَّف : ١٤] أي غالبين وقولُ الله جلّ وعزّ : (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ) [التّحْريم : ٤] معناه : وإن تعاونا ، يقال : تظاهرَ القومُ على فُلان ، وتظافَروا وتضافَروا إذا تعاوَنوا عليه. وقول الله جلّ وعزّ : (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ) [المجَادلة : ٢] قرىء (يَظَّهَّرون) ، ومن قرأ (يَظَّاهرون) فالأصل يتَظاهرون ، والمعنى واحد ، وهو أن يقول لها : أنتِ عليَ كظهْر أُمِّي ، وكانت العرب تُطَلّق نساءها في الجاهلية بهذه الكلمة ، فلمَّا جاء الإسلام نُهُوا عنها ، وأوجِبَت الكفارة على مَن ظَاهَرَ من امرأته ، وهو الظِّهار ، وأصله مأخوذٌ من الظَّهْر ، وذلك أن يقول لها : أنتِ عليَ كظهْرِ أمِّي ، وإنما خصُّوا الظَّهْر دون البَطْن والفخِذ والفَرْج ، وهذه أَوْلَى بالتَّحْرِيم ؛ لأنَ الظَّهر مَوْضِعُ الرُّكُوبِ ، والمرأة مَرْكوبة إذا غُشِيَتْ ، فكأنه إذا قال : أنتِ عليَ كظهر أمِّي ، أراد رُكُوبُكِ للنِّكاح حرام عليَّ كرُكُوب أمِّي للنِّكاح ، فأقام

١٣٥

الظَّهْر مقامَ الرُّكوب لأنه مَرْكوبٌ ، وأقام الرُّكوبَ مقام النكاح لأنّ الناكحَ راكِبٌ ، وهذا من لطيف الاستعارة للكناية ، ويقال : ظاهرَ فلانٌ فلاناً : إذا عاونه.

وقال الأصمعي : ظهرَ فلانٌ بحاجة فلانٍ : إذا جعَلها بظهرٍ ولم يخفَّ لها. ويقال : ظاهرَ فلانٌ بين ثَوْبَيْنِ وبَيْنَ دِرْعَيْن : إذا طابق بينهما.

أبو عُبَيد ، عن أبي زيد : الظَّهَرَةُ : ما في البيتِ من المَتَاع والثِّياب.

وقال ابن الأعرابي : بيتٌ حَسَنُ الأهرة والظَّهرَة والعَقارِ بمعنى واحد.

سلمة عن الفرّاء : نزل فلانٌ بين ظَهْرَيْنا وظَهرَانَيْنَا وأَظْهُرنَا بمعنى واحد. ولا يجوز بين ظَهرانِينَا ، بكسر النون.

أبو عُبَيد عن الأحمر : لقيتُه بين الظَّهْرَانَيْن معناه في اليَوْمَين أو في الأيام. قال : وبين الظَّهرَين مثله.

وقال غيره : يقال : رأيته بين ظَهْراني اللَّيل ، يعني ما بين العِشاء إلى الفجر.

وقال الأصمعيّ يقال : جاء فلان مُظَهِّراً أي جاء في الظَّهيرة ، وبه سُمِّي الرجُل مُظهِّراً وأَحدُ أجداد الأصمعيّ يقال له : مُظَهِّر ، وهو مدفونٌ بكاظِمةَ فيما زَعم.

وقال : إبلُ فلانٍ تَرِد الظاهرة : إذا وَرَدَتْ كلَّ يوم نِصفَ النهار.

وقال أبو عمرو شمر : الظاهرة : الّتي ترِد كلَّ يومٍ نِصفَ النهار ، وتصدرُ عند العَصر. ويقال : شاؤهمْ ظواهر.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الظاهرة : أن تَرِدَ كلّ يومٍ ظهراً.

قال : وظَاهرَةُ الغِبِّ ، هي للغنم لا تكاد تكون للإبل.

قال : وظاهرَةُ الغِبِّ أقصَرُ من الغِبِّ قليلاً.

وقال شمر : قال الأصمعي : الظواهر : أشرافُ الأرض ، يقال : هاجت ظَواهِرُ الأرْض.

وقال ابن شُميل فيما رواه عن ابن عَوْن ، عن ابن سيرين أنَّ أبا موسى كَسا في كفارة اليمين ثَوْبَين : ظهرانِيّاً ومُعَقَّداً.

قال النضر : الظهرانيُ يُجاء به من مَرَّ الظهران.

وقال الفراء : أتيته مرة بين الظَّهرَيْن : مرة في اليومين.

قال : وقال أبو فَقْعَس : إنما هو يومٌ بين عامَين.

وقال الفرّاء : نزل بين ظَهْرَيْنا وظَهْرَانَيْنا وأظْهُرِنا. والمُعَقَّد ؛ بُرْدٌ من بُرُودِ هَجَر.

وعن معمر قال : قلت لأيّوب : «ما كان عن ظَهْرِ غِنًى» ما ظَهْرُ غِنًى؟ قال أيوب : عن فضل عيال.

وقال ابن شميل : ظاهِرَةُ الجبل : أعلاه.

وظاهرة كلِّ شيء : أعلاه ، استوى أو لم يستَوِ ظاهرُه ، وإذا علوتَ ظهرَه فأنت فوق ظاهِرَتِه ، وقال المُهَلهِل :

وخَيْلٍ تَكَدَّسُ بالدَّارِ عِي

نَ كَمشْي الوُعُولِ عَلَى الظَّاهِرَهْ

وقال الكميت :

١٣٦

فَحَلَلْتَ مُعْتَلَجَ البِطَا

حِ وحَلَّ غيرُك بالظَّواهِرْ

وقال خالد بنُ كُلْثوم : مُعْتلج البطاح : بطنُ مَكَّة ، والبطحاء : الرَّمْل ، وذلك أنّ بني هاشم وبني أميَّة وسادَةَ قُرَيش منازِلُهمْ ببَطْن مكّة ، ومن دُونَهم فَهُم يَنْزِلُون بظواهر جبالها ، ويقال : أراد بالظَّواهر أعْلَى مكة.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : قريشُ الظّواهر : الّذين نَزَلوا بظهور جبالِ مكّة.

قال : وقُريشُ البطاح أكرَمُ وأشْرَفُ من قُريشِ الظواهر.

وقال الفرّاء : العَرَب تقول : هذا ظهرُ السَّماء ، وهذا بَطْنُ السماء ، لظاهرها الذي تراه.

قلتُ : وهذا جائز في الشيء ذِي الوَجْهين الذي ظَهْرُه كبطنِه كالحائط القائم ، ويقال لمَا وَليَك منه : ظَهْرُه ، ولما وَلِيَ غيرك ظَهْرُه ، فأمّا ظِهارَة الثوب وبِطانَتُه ، فالبطانَة : ما وَلِي منه الجسد وكان داخلاً ، والظِّهارة : ما عَلَا وظَهَر ولم يَلِ الجَسَد ، وكذلك ظِهارة البساط : وجهه ، وبطانتُه ما يلي الأرض ، ويقال : ظَهَّرْتُ الثوبَ : إذا جعلتَ له ظِهارَة ، وبطَّنْتَه : إذا جعلتَ له بطانَةً ، وجمع الظِّهَارة ظَهائِر ، وجمعُ البطانة بَطائن.

أبو عبيد ، عن أبي عُبيدة قال : الظُّهارُ من رِيشِ السَّهم : ما جُعل من ظَهْرِ عَسِيبِ الرِّيشة. والبُطنان : ما كان من تحت العَسيب.

وقال الفرّاء والأصمعيّ في الظُّهارِ والبُطْنان مثل ذلك ، قالا : واللُّؤَام : أن يَلتَقِيَ بطنُ قُذّةٍ وظَهْرُ الأخرى ، وهو أجْوَدُ ما يكون ، فإذا الْتَقى بَطْنان أو ظَهْرَان فهو لُغابٌ ولَغْبٌ.

وقال اللّيث : الظُّهارُ من الرِّيش : هو الذي يظهر رِيش الطائِر وهو في الجناح.

قال : ويقال : الظُّهار جماعةٌ ، واحدها ظَهْرٌ قال : ويُجمَع على الظُّهْرانِ ، وهو أفضل ما يُراشُ به السَّهْم ، فإذا رِيشَ بالبُطنان فهو عَيْبٌ.

قلت : والقَوْل في الظُّهار والبُطْنان ما قاله أبو عُبيدة والأصمعيّ والفرّاء.

وقال الليث : الظُّهران من قولك : هو فيما بين ظَهْرَانَيْهم وظَهْرَيْهِم ، وكذلك يقال للشيء إذا كانَ وَسَطَ شيء فهو بين ظَهْرَيه وظَهْرَانَيْه ، وأنشد :

أُلْبِسَ دِعْصاً بينَ ظَهْرَيْ أَوْ عَسَا*

وقول الله جلّ وعزّ : (عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ) [الصَّف : ١٤] أي غالبين عالِين ، من قولِك : ظَهَرْتُ على فلان : أي عَلوْتُه وغَلَبْتُه ، وظَهَرْتُ على السَّطح : إذا صِرْتَ فوقه. وأنشد ثعلب عن ابن الأعرابي :

فلو أنَّهم كانوا لَقُونا بِمِثْلِنا

ولكنَّ أقرانَ الظُّهورِ مَغالِبُ

قال : أقران الظُّهور : أن يتظاهروا عليه : إذا جاء اثنان وأنتَ واحدٌ غَلَباك.

وقال بعض الفقهاء من الحجازيّين : إذا استُحِيضَت المرأة واستَمرَّ بها الدَّم ، فإنها تَقْعُد أيامها للحيض ، فإذا انقضتْ

١٣٧

أيامُها استَظْهَرَتْ بثلاثةِ أيام تقعُد فيها للحيض ولا تُصلِّي ، ثمَّ تغتسل وتُصلِّي.

قلت : ومعنى الاستظهار في كلامهم : الاحتياط والاستيثاق ، وهو مأخوذ من الظِّهْرِيِ ، وهو ما جعلتَه عُدَّةً لحاجتك.

قال أبو عُبَيد : قال الأصمعي : البعيرُ الظِّهْرِيّ : العُدَّة للحاجة إن احتِيجَ إليه.

وجمعُه ظَهَارِيُ.

قلت : واتِّخَاذُ الظِّهْري من الدَّوَابِّ عُدَّةً للحاجة إليه احتياط ، لأنه زيادة على قَدْر حاجة صاحبِه إليه ؛ وتفسيره : الرجُل ينهض مسافِراً ويكون معه حاجَتُه من الرِّكاب لحُمُولته التي معه فيحتاط لسَفَره ، ويزدادُ بعيراً أو بعيرَين أو أكثر ـ فُرَّغاً ـ تكون مُعَدَّةً لأحمال ما انقَطَع من حُمُولته بظَلَعٍ أو آفَةٍ أو انحسارٍ ، فيقال : استَظْهر ببَعيرَين ظِهْرِيَّيْن مُحتاطاً بهما ، ثم أقيم الاستظهارُ مُقام الاحتياط في كلّ شيء.

وقيل : سُمِّيَ ذلك البعيرُ ظِهْرِيّاً ؛ لأن صاحبَه جعله وراء ظهرِه فلمْ يَرْكَبْه ولم يحْمِل عليه ، وتَركَه عُدَّةً لحاجةٍ إنْ مَسَّتْ إليه.

ومن هذا قولُ الله جلّ وعزّ حكايةً عن شُعَيب أنه قال لقومه : (وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) [هُود : ٩٢] وقد مَرَّ تفسيرُه.

وفي الحديث : «فاظهرْ بِمَن معك مِن المسلمين إليها» ، أي اخرُج بهم إلى ظاهرها ، وأَبْرِزْهُم.

وفي حديث عائشة : كان يصلّي العَصْر في حُجْرَتِي قبل أن يُظْهر ، تعني الشمس : أي تعلو السُّطح ، ومنه قوله :

وإنا لنَرْجو فوقَ ذلك مَظْهرا*

يعني مَصْعَدا.

وقال الليث : الظُّهور : بُدُوُّ الشيء الخفيِّ والظُّهور : الظَّفَر بالشيء والاطّلاع عليه.

يقال : أظهر الله المسلمين على الكافرين : أي أعلاهُم عليهم ، وأظهرَني الله على ما سُرِق منِّي أي أعثرني عليه.

ويقال : ظَهر عنّي هذا العَيْبُ أي نَبَا عَنّي ولم يَعْلَقْ بي منه شيء. ومنه قول أبي ذُؤَيب الهُذَلي :

وعَيَّرها الواشُونَ أنِّي أحِبُّها

وتِلْكَ شَكاةٌ ظاهِرٌ عنكَ عارُها

وقيل لعبد الله بن الزُّبير : يابنَ ذات النِّطاقَين ، تعييراً له بها ، فقال متمثّلاً :

وتلك شَكاة ظاهرٌ عنك عارُها*

أراد أنّ نطاقها لا يَغُضُّ منها ولا منه ، فيُعَيَّرا به ولكنّه يرفعُه ، فيزيدُه نبلاً ويقال : وهذا أمرٌ ظاهرٌ عنك : أي ليس بلازِمٍ لك عيبُه. وقال :

وتلك شكاةٌ ظاهرٌ عنك عارُها*

وهذا أمرٌ أنت به ظاهرٌ : أي أنت قويٌّ عليه ، وهذا أمرٌ ظاهرٌ بك : أي غالِبٌ لك. وقوله :

واظْهَرْ بِبزَّتِه وَعَقْدِ لوائه*

أي افخَرْ به على غيره. وحاجتي عندَك ظاهرةٌ : إذا كانت مُطَّرحةً عنده. المْنذريّ ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي قال : ظهرتُ به : أي افتخرتُ به ، وظهرتُ

١٣٨

عليه : قويتُ عليه. وجعلني بظهرٍ : أي طَرَحَني.

وقوله عزوجل : (لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) [النُّور : ٣١] : أي لم يبلغوا أن يطيقوا إتيان النّساء ، ويقال : ظَهَر فلان على فلان : قوي عليه ، وفلان ظاهر على فلان : أي غالب له. (إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ) [الكهف : ٢٠] أي يطَّلعوا عليكم ويعثروا ، ويقال : ظهرت على الأمر. (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) [الرُّوم : ٧] أي ما يتصرّفون فيه من معاشَهم.

ابن بُزُرْج : أكلَ الرجُل أكلةً ظَهر منها ظَهْرُه : أي سَمِن منها.

قال : وأكل أكلَةً إن أصبَح منها لَنَابِياً ، ولقد نَبَوْتُ من أكلةٍ أكلتها. يقول : سمِنْتُ منها.

أبو عُبيدٍ ، عن أبي عُبَيْدة : جعلتُ حاجته بظَهرٍ : أي بظَهرِي : خَلْفِي. قال : ومنه قوله : (وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) [هُود : ٩٢] ، وهو استهانتُك بحاجة الرَّجُل. قلت : ومنه قوله :

تميمُ بنَ مرِّ لا تكونَنّ حاجتي

بظَهرٍ ، فلا يَعْيَا عليَّ جوابُها

وقال الزجَّاج : يقال للّذي يَسْتهين بحاجَترك ولا يَعْبأ بها : قد جعلتَ حاجتي بظَهرٍ ، وقد رَمَيْتها بظهر.

وقال الله جلّ وعزّ : (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ) [آل عِمرَان : ١٨٧].

وقال ابن شُمَيل : العَين الظَاهرة : الّتي مَلأتْ نُقْرَةَ العَين وهي خلافُ الغائِرة.

وقال غيرُه : العين الظاهرةُ : هي الجاحِظة الوَحِشَة.

وقال بعضُهم : الظُّهار : وَجَعُ الظّهر ، ورجل مظهورٌ وظَهِرٌ : إذا اشتكى ظهرَه.

وقال ابن السكّيت : رجل مُظَهَّرٌ : شديد الظَّهر ، ورجل ظَهيرٌ : يَشتكِي ظَهْرَه ، ورجل مُصدَّر : شديد الصَّدْر ، ورجل مَصْدُورٌ : يشتكي صَدْرَه.

ويقال : فلان يأكل على ظَهرِ يدِ فُلان : إذا كان هو يُنفق عليه ، والفُقراء يأكلون على ظَهر أيدِي النّاسِ.

ويقال : حَمَل فلانٌ القرآنَ على ظَهرِ لسانِه ، كما يقال : حَفِطه عن ظَهرِ قَلْبه وقد اسْتَظهر فلانٌ القرآن : إذا حَفِظَه.

ويقال : ظَهَر فلانٌ الجَبَلَ : إذا علاه ، وظهرَ السَّطْحَ ظُهوراً : علاه.

وقال أبو زيد : فلانٌ لا يظهَر عليه أحدٌ : أي لا يُسلِّم عليه أحد.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي قال : الظُّهار : الرِّيش ، والظَّهار : ظاهر الحَرَّة ، والظِّهار : من النّساء.

وقال ابن شُمَيل : الظُّهاريَّة : أن يعتقله الشَّغْزَبِيّةَ فيصرَعَه ؛ يقال : أخَذَه الظُّهاريَّة والشَّغْزَبيَّةَ بمعنًى.

ويقال : ظَهرْتُ فلاناً : أي أصبْتُ ظَهره فهو مظهور.

والظِّهْرَة : الأعوان قال تميم :

أَلَهْفِي على عِزٍّ عَزيزٍ وظِهْرَةٍ

وظلِّ شَبابٍ كنتُ فيه فأَدْبَرا

قال أبو الهيثم : الظَّهر سِتّ فقارات ، والكاهل والكَتَدِ ستُّ فقارت وهما بين

١٣٩

الكتفين ، وفي الرقبة ستُّ فقارات ذكره عن نُصَير.

قال أبو الهيثم : والظهر الذي هو سِتُّ فِقَر تكتنِفها المَتْنان. قلت : وهذا في البعير.

(ه ظ ل) ـ (ه ض ن) ـ (ه ظ ف) أهملت وجوهها والله أعلم.

ه ظ ب

استعمل من وجوهها : بهظ.

بهظ : قال الليث وغيره : يقال : بَهظَني هذا الأمرُ : أي ثَقُل عليّ وبلَغَ منِّي مشقّته وكلّ شيء ثقُل عليك ، فقد بَهظك.

أبو عبيد ، عن أبي زيد : بَهظْتُه : أخذتُ بفُقْمِه وفُغْمِه.

قال شمر : أراد بفُقْمِه فَمَه ، وبِفُغْمِه أنْفَه.

والفُقْمان : هما اللَّحيَّان. وأخَذَ بفَغْوِه : أي بِفَمه ، ورجل أفْغَى ، وامرأة فغواء : إذا كان في فَمه مَيَلٌ.

ه ظ م

ظهم : أهمله الليث ، ووجدتُ حَرْفاً في حديثٍ حَدَّثَنِيه أبو الحسن الْمخْلَدِيّ ، عن أبي الرّبيع ، عن ابن وهب ، عن يحيى بن أيوب ، عن أبي قَبيلٍ المعافِريِّ قال : كنا عند عبيد الله بن عمرو فسئل : أي المدينتين تُفتَح أوّلاً : قَسْطَنْطِينيَّة أو رُوميّة؟ فدعا بصُنْدوق ظَهْمٍ. قال : والظَّهْمُ : الخَلَق. قال : فأخرج كتاباً فنَظَر فيه وقال : كنّا عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نكتب ما قال ، فسُئِل : أيّ المدينتين تُفتَح أوّلَ : قُسطنطيِنيّة أو رُوميّة؟ فقال رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : مدينة ابن هِرَقْلَ تُفتَح أوّل ، يعني القُسْطَنْطِينيّة.

قلت : هكذا جاء مفسَّراً في الحديث ، ولم أسمَعْه إلّا في هذا الحديث.

أبواب الهاء والذال

ه ذ ث : مهمل.

ه ذ ر

استعمل منه : هذر.

هذر : قال الليث : الهَذَر : الكلام الّذي لا يُعْبَأ به ، يقال : هَذَرَ الرجلُ فَهو يَهذِر في مَنطِقه هَذْراً ، وهو رجُل هَذَّار مِهذار ، والجميعُ : المهاذير وقال غيرُه : رجل هُذَرَةٌ بُذَرَةٌ ، ورجلٌ هِذْرِيَانُ : إذا كان غَثَّ الكَلام كثيرَه.

ه ذ ل

استعمل من وجوهه : هذل ، ذهل.

هذل : قال اللّيث : الهُذلول : ما ارتفع من الأرض من تلالٍ صِغارٍ ، وأنشد :

يَعلُو الهَذالِيلَ ويعلو القرْدَدَا

شَمِر ، عن ابن شُمَيل. الهُذلولُ : المكان الوَطِيءُ في الصَّحْراء لا يشعُر به الإنسان حتّى يُشرِف عليه ، قال جرير :

كأنّ دياراً بين أسْنِمَةِ النَّقا

وبين هَذا الليل البُحَيْرة مُصْحَفُ

قال : وبُعدُه نحو القامة يَنْقاد ليلةً أو يوماً ، وعَرْضاً قِيدُ رُمْح أو أنْفَسُ ، له سَنَدٌ لا حروف له. وقال أبو نَصر : الهذالِيل : رمالٌ رقاقٌ صغار.

وقال غيرُه : الهُذلول : ما سَفَت الرِّيحُ من أعالي الأَنْقاء إلى أسافِلِها ، وهو مِثْل الخَنْدَق في الأرض. وقال أبو عمرو :

١٤٠