تهذيب اللغة - ج ٦

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٦

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٢

وقال الليث : والتوبة التي تكون بإقامة الحدود نحوَ الرَّجْم وغيره طهَورٌ للمُذنِب تُطهِّره تطهيراً.

وقال : وجمع طُهْرِ النّساء : أطهار.

وقال في قوله جلَّ وعزَّ : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [الواقِعَة : ٧٩] يعني به الكتاب لا يمسه إلا الملائكة. وقال أبو إسحاق : قال المفسِّرون في قوله : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [الواقِعَة : ٧٩] عُنِيَ بها الملائكة : أي لا يمَسُّه في اللوح المحفوظ إلا الملائكة.

وقال غيره : يقال طَهَّرَ فلانٌ ولَدَه : إذا أقام سُنَّةَ خِتَان ؛ وإنما سَّمَاه المسلمون تطهيراً لأن النَصارى لما تَرَكُوا سنّة الخِتان غَمَسوا أولادَهم في ماءٍ فيه صِبْغٌ يُصَفِّر لَوْنَ المولود ، وقالوا : هذا طُهْرَةُ أولادنا التي أُمِرْنا بها ، فأنزل الله جلَّ وعزَّ : (صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) [البَقَرَة : ١٣٨] أي اتّبعوا دينَ الله وفِطْرَتَه وأمرَه ، لا صِبْغة النصارى ، فالخِتان هو التطهير ، لا ما أَحْدَثه النّصارى في صِبغة الأولاد.

والمِطْهَرة : الإداوة ، وجمعُها المطاهر ، وكلُّ إناءٍ يُتَطَهَّر منه مِثل قُوَسٍ أو رَكْوَة أو قَدَحٍ فهو مِطْهَرة ، وامرأة طاهرٌ بغير هاء إذا طهرتْ من الحيض ، وامرأة طاهرة إذا كانت نقيةً من العيوب ، ورجل طاهر ، ورجالٌ طاهرون ، ونساءٌ طاهراتٌ وطواهر ، والطّهارة : اسمٌ يقوم مَقامَ التطهُّر بالماء في الاستنجاء والوضوء.

رهط : قال الليث : الرَّهْط عَدَدٌ يُجمَع من ثلاثةٍ إلى عَشَرة ، وبعضُه يقول : من سَبْعةٍ إلى عشرة ، وما دون السبعة إلى الثلاثة نَفَر.

قال : وتخفيف الرَّهْط أحسن من تثقيله.

وقال أبو عبيد : قال أبو زيد : النَّفَر والرَّهط : ما دون العشرة من الرِّجال ، قال الله جلّ وعزّ : (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ) [النَّمل : ٤٨].

وأخبرني المنذريّ عن أبي العبّاس أنه قال : المَعْشَر ، والنَّفَر ، والرَّهْط ، والقوم ، هؤلاء معناهم الجمعُ لا واحدَ لهم من لفظهم ، وهو للرِّجال دون النِّساء.

قال : والعَشيرة أيضاً للرِّجال.

وقال ابن السكيت : العِتْرة مثلُ الرَّهْط.

قلتُ : وإذا قيل : بنو فلان رَهْط فُلانٍ فهُم ذو قرابته الأدْنَوْن ، والفَصِيلة أقربُ من ذلك.

وفي حديث أَنَسِ بن سيرين قال : أفضْتُ مع ابن عُمر من عرفات ، فأتَى جَمْعاً ، فأناخَ بُخْتِيَّهُ ، فجعلها قِبلَةً ، وصلى بنا المغربَ والعِشاء جميعاً ، ثمّ رَقَد ، فقلتُ لغلامه : إذا استيقظ فأيقظْنا ونحن ارْتِهاط.

قلت : كأنّ معناه ونحن ذَوُو ارْتهاط : أي ذوو رَهْطٍ من أصحابنا.

وقال الليث : التَّرهيط : عِظَمُ اللَّقْم وشدّة الأكل ، وهو الدَّهْوَرة ، وأنشد :

يأيها الآكِلُ ذو التَّرْهِيط*

قال : والراهِطاء : جُحْر لليَرْبُوع بين القاصِعاء والنّافقاء يَخبَأُ فيه أولاده.

١٠١

قال : والرِّهاط : أَدَمٌ تُقَطَّع كقَدْر ما بين الحُجْزَةِ إلى الرُّكْبة ثم تُشَقّ كأمْثالِ الشُّرُك تلبَسُه الجارية. ويقال : ثوب يلْبَسُه وِلدانُ الأعراب ، أطباقٌ ، بعضها فوق بعض أمثال المَراويح ، وأنشد قول الهذليّ :

بِضَرْبٍ تَسْقُط الهامَاتُ منه

وطَعْنٍ مثل تَعْطِيطِ الرِّهاطِ

أبو عبيد ، عن الأصمعي : الرَّهْط : جلدٌ يُشقَّق يلبسه الصِّبيان والنِّساء ، وأنشدنا :

متى ما أشَأْ غيرَ زَهْوَ الملُو

كِ أجعَلْكَ رَهْطاً على حُيِّضِ

وقال ابن الأعرابي : الرَّهْطُ مِئْزَرُ الحائض يُجعَلُ جُلوداً مُشَقَّقة إلا مَوضِع الفَلْهَم ، وأنشد بيتَ الهُذَلي هذا.

وقال أبو طالب النحوي : الرّهْط يكون من جلودٍ ومن صوفٍ ، والحوْفُ لا يكون إلا من جلودٍ.

وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال : الراهِطاء : التراب الذي يجعله اليَرْبوع على فَم القاصِعاء وما وراء ذلك ، وإنما يُغطِّي جُحْرَه حتى لا يَبقى إلا قدر ما يَدخل الضوءُ منه ؛ وأصله من الرَّهْطِ ، وهو جلدٌ يُقطَّع سيُوراً يصير بعضها فوق بعض ، ثمَّ تلْبَسُه الحائض تتوقى وتأتزِرُ به.

قال : وفي الرَّهْط فُرَجٌ ، كذلك في القاصعاء مع الراهِطاء فُرَجٌ ، يصل بها إلى اليربوع الضوء.

قال : والرَّهْط أيضاً : عِظم اللقم ، سُمِّيت راهِطاء لأنها في داخل فَمِ الجُحر ، كما أنّ اللّقْمة في داخل الفم.

وقال الليث : يجمع الرَّهْط من الرجال أَرْهُطاً ، والعددُ أرْهِطة ، ثم أراهط ومنه قوله :

يا بُؤسَ للحَرْب التي

وضعتْ أَراهِطَ فاستراحُوا

قلت : وَرُهاط : موضعٌ في بلاد هُذَيل.

وذو مَرَاهط : اسم موضع آخر ، وقال الراجز :

منذ قَطَعْنا بَطنَ ذِي مَرَاهِطِ*

وقال يصف إبلاً :

كم خلَّفت بليْلها مِنْ حائطِ

وذعْذَعَتْ أخفَافَها من غائطِ

منذ قطعنا بطن ذي مَراهِطِ

يقودها كلُّ سنَامٍ عائطٍ

لم يَدْمَ دَفّاها من الضَّواغِطِ

ووادي رُهاط : في بلاد هُذَيل.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : الرِّهاط : الأديمُ الأمْلَس.

ه ط ل

هطل ، هلط ، طهل ، طله ، لطه ، لهط : مستعملات.

هطل : قال الليث : الهطَلَان : تتابع القَطْر المتفرِّن العظام. والسَّحاب يهطل والعينُ تهطِلُ بالدُّموع ، ودَمْعٌ هاطل.

أبو عبيد ، عن الأصمعي : الدِّيمة : مطرٌ يدومُ مع سكون ، والضَّرْبُ فوق ذلك.

والهطلُ فوقَه ، أو مثل ذلك ، وقال امرؤ القيس :

١٠٢

دِيمةٌ هَطْلاءُ فيها وطَفٌ

طَبَقُ الأرْض تحَرَّى وتَدُرّ

وقال النحويون : لا يقال : مطرٌ أهطل ، [قالوا :] وقوله : هطلاء. جاء على غير قياس.

قال أبو النجم يصف فرساً :

يهطِلُهَا الرَّكْضُ بِطَشٍ تهْطِلُه *

وقال أبو عبيدة : هَطَلَ الجرْيُ الفَرَسَ هَطْلاً ، إذا أخرَجَ عرَقَه شيئاً بعد شيء.

قال : ويهطِلُها الرَّكْض : يُخرج عرقَها.

أبو عبيد ، عن أبي عمرو : الهِطْل : البعير المعْيِي. قال : والهطْلى : الإبل التي تمشي رُوَيداً ، وأنشد :

أبَابَيلُ هَطْلَى من مُرَاحٍ ومُهْملِ*

وأنشد ابن الأعرابي :

تَمشَّى بها الآرامُ هَطْلَى كأنها

كواعِبُ ما صيغَتْ لَهُنَّ عقُودُ

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الهِطْل : الذِّئب ، والهِطْل : اللِّصّ ، والهطْل : الرَّجل الأحمق. وهطَلت الناقةُ تهطِل هطْلا : إذا سارت سَيْراً ضعيفاً. قال ذو الرمَّة :

جَعلْتُ له من ذِكْرِ مَيٍّ تَعِلَّةً

وخرقاءَ فَوْق النَّاعِجاتِ الهواطِلِ

أبو عبيدة : جاءت الخيل هَطْلى : أي خَناطِيل ، جماعاتٍ في تَفرقةٍ ، ليس لها واحد.

وقال الليث : الهَيْطَل والهياطِلَة : جِنْسٌ من التُّرْك والهِنْد ، وأنشد :

حَمَلْتَهُمْ فيها مع الهَيَاطِلَهْ

أَثْقِلْ بهم من تِسْعةٍ في قَافِلَهْ

وقال بعضهم لهذه الآنية التي يقال لها الطِّنجير : الهَيْطَل ، ولا أحفَظُه لإمام أعتَمِدُه ، وأُراهُ معرّباً أصلُه بَاتِيلَهْ.

وقال أبو الهيثم في قول الأعشى : «مُسْبِلٌ هَطِلٌ» : هذا نادرٌ إنما يقال : هَطَلت السماءُ تَهْطِل هَطْلاً فهي هاطِلة ، فقال الأعشى : هَطِل ، بغير ألف.

وهَطّال : جبلٌ معروف في بلاد قيس.

طهل : أبو العباس عن ابن الأعرابي : طَهْيَلَ الرجلُ : إذا أكل الطَّهْلَة ، وهي بقلةٌ ناعمة.

وقال : ابن السكيت : يقال : ما في السماء قَزَعَةٌ ، وما عليها طِهْلِئَة.

وقال الليث الطِّهْلِيَةُ : الطِّين في الحَوْض ، وهو ما انحتّ فيه من الحَوْضِ بَعْدَ ما لِيطَ ، تقول : أخرجْ هذه الطَّهِيلَة مِن حَوْضِك ، ويقال : الطَّهِيلَةُ من الناس : الأحمق الذي لا خير فيه ، وهو المُدَفَّع ، قال : ويقال : الرَّاشِنُ.

وقال غيره : في الأرض طُهْلَة من كلأٍ أي شيء يسيرٌ من الكلأ وليس بالكثير.

ثعلب عن ابن الأعرابي ، يقال : بقيت من أموالهم طُهْلَةٌ : أي بقيّة.

وقال هاهنا : طُهْلةُ الماء ، ونُضَاضَتُه وبُرَاضَتُه : بقيّةٌ منه.

طله : في «النوادر» : عَشِيٌ أطْلَهُ ، وأَدْهَسُ ، وأطْلَسُ : إذا بقي من العشيّ ساعة يختلف فيها : فقائل يقول : أمْسيتَ ، وقائل يقول : لا ، فالذي يقول : لا ـ يقول هذا القول.

١٠٣

هلط : ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، الهالط : المسترخِي البَطْن. قال : والطاهل : الزَّرْع الملتفّ.

وفي «النوادر» : يقال : هَلْطةٌ من خبر ، وهَيطةٌ ، ولَهْطَةٌ ، ولَغْطةٌ ، وخَبْطَةٌ ، وخَيْطَةٌ وخَرْطةٌ كلّه الخَبَر تسمعه ، ولم يُسْتَحَقَّ ، ولم يكذَّب.

لهط : أبو عبيد ، عن الفرّاء : لَهَطت المرأةُ فَرْجَها بالماءِ : أي ضَرَبَتْهُ به.

وقال أبو زيد : اللهط : الضَّربُ بالكفِّ منشورة ، يقال : لَهَطَه لَهْطاً.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : اللاهط : الذي يرُشُّ بابَ داره ، وينظّفه.

لطه : قال : شمر : قال ابن الأعرابي : اللَّطْه واللَّطْخُ واحد ، وهو الضَّرْب بباطنِ الكفّ. ويقال : في السماء طَلَّةٌ وطَلَسٌ وهي ما رقَّ من السحاق.

[ه ط ن : ممهمل](١)

ه ط ف

استعمل من وجوهه : طهف ، هطف.

طهف : قال الليث : الطَّهْف : طعامٌ يُختبَزُ من الذُّرة ، ونحو ذلك روى أبو عبيد عن الفرّاء.

وقال ابن الأعرابي : الطَّهَفُ : الذُّرة. قال ابن الأعرابي : الطَّهفُ : شبه الذُّرة وهي شجرة كأنها الطُّرَيفة لا تنبت إلا في السَّهل وشعاب الجبال.

هطف : بنو الهَطِف : حيٌّ من العرب ، ذكره أبو خِراش الهذليّ :

لو كان حَيّاً لغَاداهم بمُتْرَعةٍ

فيها الرَّواوِيقُ من شِيزَى بني الهَطِفِ

وقال ابن السكيت : باتت السماءُ تهطِف أي تَمطُر. قال : والهَطِف : المطر الغزير.

وقال ابن الرِّقاع :

مُخْرَنْشِماً لِعَماءٍ بات يَضْرِبُه

منه الرُّضابُ ومنه المُسْبِل الهَطِفُ

ه ط ب

استعمل من وجوهه : هبط ، بهط.

بهط : قال الليث : البَهَطُّ سِنْديّة وهو ، الأرُزُّ يُطْبَخُ باللبن والسَّمْن بلا ماء ، وعرَّبته العَرَب ، فقالوا : بَهَطَّةٌ طيبة. وأنشد :

من أَكلها الأَرُزَّ بالبَهَطِّ*

وقال أبو تراب : سمعت الأشجعيَّ يقول : بَهَظَني الأمر وبَهَظَني بمعنى واحد قلت : ولم أسمعها بالطاء لغيره.

هبط : قال الليث : يقال : هَبَط الإنسان يَهْبِط : إذا انحدر في هَبُوط من صَعُود.

قال : والهَبْطَة : ما تَطامَن من الأرض ، وقد هَبَطْنا أرضَ كذا وكذا : أي نزَلْناها ، ويقال للقوم إذا كانوا في سَفالٍ : قد هَبَطُوا يهبِطون ، وهو نَقِيض ارتفَعُوا. قال : وفرق ما بين الهَبُوط والهُبُوط أنّ الهَبُوطَ اسمٌ للحَدُور ، وهو الموضع الذي يُهْبِطُك من أَعلى إلى أسفَل ، والهُبُوط المصدر.

__________________

(١) أهمله الليث.

١٠٤

قال : والمَهْبُوطُ : الذي مَرِض فهبَطه المَرَض إلى أن اضطَرَب لحمه.

أبو عبيد ، عن أبي عبيدة : الهَبِيط : الضامر من الإبل.

وقال شمر : [يقال :] هَبَطَ شَحْمُ الناقة : إذا اتّضع وقلّ ، وهَبَط ثمَنُ السِّلعة ، وهَبط فلان ، إذا اتّضع ، وهبط القوم : صاروا في هُبوط ، قال الهذلي :

ومِنْ أَيْنِها بعدَ إبْدَانها

ومن شَحْم أثْباجِها الهابِطِ

ويقال : هَبطتُه فهبط ، لازم وواقع ، أي انْهبطَتْ أسْنِمَتُها وتواضَعَتْ.

وقال خالد بن جَنْبة : يقال : هبط فلانٌ في أرض كذا ، وهَبَط السُّوقَ : إذا أتاها ، وهَبَطَه الزّمانُ : إذا كان كثيرَ المال والمعروف فَذَهَب ماله ومعروفُه.

وقال الفراء : يقال : هَبَطه الله وأهْبَطه.

وجاء في الحديث : «اللهمّ غَبْطاً لا هَبْطاً» : أي نسألك الغِبْطة ، ونعوذُ بك من أن تُهْبِطَنَا إلى حالٍ سَفَال.

وقال الفراء : الهَبْطُ : الذلّ.

وقال لبيد :

إن يُغْبَطُوا يُهبَطُوا وإن أُمِرُوا

يوماً يَصيرُوا لِلهُلكِ والنَّكَدِ

يقال : هَبَطَه فهَبط ، لفظ اللّازم والمتعدي واحد : وقال عَبيد :

وكأنَّ أَقْتَادِي تضمَّنَ نِسْعَها

مِن وَحْشِ أوْرَالٍ هَبِيطٌ مُفْرَدُ

أراد بالهَبِيط ثَوْراً ضامراً ، ويقال : هَبَطْتُ بلدَ كذا : إذا أَتيتَه. وقال أبو النَّجم يصف إبلاً :

يَخُضْنَ مُلَّاحاً كذاوِي القَرْمَلِ

فهَبطَتْ والشمسُ لمْ تَرَجَّلِ

أي أَتَتها بالغداةِ قبْل ارتفاع الشمس.

أبو عُبيد ، عن أبي زيد : هبَط ثمنُ السِّلعة نقص ، وهبَطْتُه أنا أيضاً بغير ألف وهبَط الرجلُ من بلدٍ إلى بلدٍ ، وهَبَطْتُه.

ه ط م

همط ، طهم ، طمه ، مطه : مستعملة.

همط : قال الليث : الهَمْط : الخَلْط من الأباطِيل والظُّلم. يقال : هو يَهْمِط ويَخلِط هَمْطاً وخَلْطاً.

وسئل إبراهيم النَّخَعيّ عن العُمّال يَنهضون إلى القرى فيَهمِطُون أَهلها ، فإذا رَجعوا إلى أهاليهم أَهْدَوْا لجيرانهم ودَعوْهم إلى طعامهم. فقال إبراهيم : لهم المَهْنَأ ، وعليهم الوِزْر.

ويقال : هَمَطَه واهتَمَطَه : إذا أخذ منه مالَه على سبيل الغَلَبَة والجَوْر ، واهتمطَ فلانٌ عِرضَ فلانٍ : إذا نال منه وشَتَمَه.

شمِر عن أبي عدنان ، سألتُ الأصمعيّ عن الهمْط فقال : هو الأخذ بخُرْق وظُلْم.

وقال غيره : الهمْط مِن هَمَطَ يَهْمِطُ : إذا لم يُبالِ ما قال وما أَكَلَ. وقال ابن الأعرابيّ : امْتَرَزَ مِن عِرضِه ، واهتَمَطَ منه : إذا شَتمه وعابَه.

١٠٥

طهم : أبو الحسن اللِّحياني : ما أَدْرِي أيُ الطَّهْم هو ، وأيُّ الدَّهْم هو بمعنى واحد ، معناه أيُّ الناس هو؟

ووَصَف عليٌّ النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : لم يكن بالمطهَّم ، ولا بالمُكَلْثَم.

قال أبو عُبيد : قال الأصمعيّ : المطهَّم : التَّامّ كلُّ شيء منه فهو بارعُ الجمال.

وسُئل أبو العباس عن تفسير المُطَهَّم في هذا الحديث؟ فقال : المطهَّم مختلف فيه ؛ فقالت طائفة : هو الذي كلّ عُضوٍ منه حَسَن على حِدَتِه.

قال : وقالت طائفة : المطهَّم : السَّمين الفاحش السِّمَن. وقالت طائفة : المطهَّم : المنتفِخ الوجْه ، ومنه قوله :

ووَجهٌ فيه تطهيم *

أي انتفاخ وجَهامة من السِّمَن.

قال : وربما بَثَرَ الوجهُ فيسمى بَثْرُه النَّفاطِير.

قال : وقالت طائفة : المطهَّم : النحيف الجسم الدَّقيقُه. وقالت طائفة : المطهَّم الضَّخْم.

قال أبو العباس : أمّا مَن قال في صفة المُرْتَضى : لم يكن بالمطهَّم ، وفسَّرَ التطهيم الجَمال البارعَ فقد نَفَى عنه الصِّفة المحمودة.

وقد أخطأ لأنَّ الممدوحَ لا تُنفَى عنه المحاسِن ، وإنما تُنفى المحاسِن عن المذموم.

قال : وأمّا مَن قال : التطهيم : السِّمن الفاحِش فقد تمَّ النفيّ في قوله : لم يكن بالمطهَّم ، وهذا مدحٌ ، ومَن قال إنّه النّحافة ، فقد تمَّ النَّفْي عنه في هذا ، لأنَّ أُمَّ معبَد وصفتْه بأنّه لم تَعِبْه نُحْلَة ، ولم تَشِنْه ثُجْلَة : أي انتفاخُ بطْن.

قال : وأمّا مَن قال : إنَ التطهيمَ : الضِّخَمُ فقد صحَّ النفْي ، فكأَنّه قال : لم يكن بالضَّخْم.

قال : وهكذا وصَفَه عليّ رضي‌الله‌عنه : فقال : كان بادِناً متماسِكاً.

وقال الباهليُّ في قول طُفَيل :

وفينا رِباطُ الخيل كلُ مطهَّمٍ

رَجِيلٍ كَسِرْحانِ الغَضَا المُتَأَوَّبِ

قال : المُطهَّمُ : الناعِم الحَسَنُ والرَّجِيلُ : الشديد المشي.

وقال أبو سعيد : الطُّهْمَة والصُّحْمة في اللّون : أنْ تُجاوِزَ سُمْرَتَه إلى السواد. وَجْهٌ مطهَّم : إذا كان كذلك.

قال أبو سعيد : والتطهيم : النِّفار في قول ذي الرّمّة :

تلك التي أشْبهتْ خَرْقاء جِلْوَتُها

يومَ النَّقَا بَهجةٌ منها وتَطْهِيمُ

قال : التطهيمُ في هذا البيت : النِّفَار ، قال : ومِن هذا يقال : فلانٌ يَتطهمُ عنّا : أي يستوْحِش.

قال : وأمّا الخيلُ المطهَّمةُ فإنها المقرَّبة المكرّمة العَزيزة الأنفُسِ ، ومنه يقال : ما لك تَطَّهمُ عن طعامنا : أي ترْبَأُ بنفْسك عنه. طمه ، ومطه : ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ قال : المُطَمَّهُ : المُطَوَّل ، والمُمَطَّهُ : المُمَدَّدُ.

قال : والمُهَمَّط : المُظَلَّم ، يقال : هَمَط : إذا ظلَم. وقال في قول أبي النّجم :

أخطِم أنْفَ الطامِحِ المُطَهَّمِ *

١٠٦

أراد به الرجلَ الكريمَ الحَسب.

أبواب الهاء والدال

(ه د ت) ـ (ه د ظ) ـ (ه د ذ) ـ (ه د ث) مهملات كلها عند الليث بن المظفَّر.

تهد : وروَى اللِّحياني وغيره : غلامٌ تَوْهَدٌ [ثَوْهَدٌ] وفَوْهدٌ ، وهو التّامُّ الخَلْق.

وقال أبو عمرو : هو الناعم ، وجارية تَوْهَدة [ثَوْهَدة] فَوْهَدة : إذا كانت ناعمةً.

ه د ر

هدر ، هرد ، دهر ، دره ، رهد ، رده : مستعملات كلها. هدر : قال الليث : الهَدَر : ما يَبطُل : تقول : هَدَرَ دَمُه يَهْدِرُ هِداراً ، وأهدرْتُه أنا إهداراً ، وهدَرَ البعيرُ يَهدِر هديراً وهَدْراً والحمامةُ تَهدِر ، وجَرةُ النَّبِيذ تهدِر ، قال : والأرض الهادرة ، والعُشْب الهادِر : الكثير ، وبنو فلان هِدَرَةٌ : أي ساقطون ليسوا بشيءٍ.

قلتُ : هذا الحرف رَوَاه أبو عُبَيْد عن الأصمعي بفتح الهاء والدال : هَدَره ، وفسّره أنهم الساقطون.

ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابي : بنو فلانٍ هِدَرة ـ بكسر الهاء ، وهُدَرةٌ ـ بضم الهاء ـ وبُذَرةٌ.

وقال بعضهم : واحِدُ الهِدَرَة هِدْر مثل قِرْد وقِرَدَة ، وأنشد ابن الأعرابي :

إنّي إذا حان الجَبانُ الهِدَرَهْ

قصدتُ من قَصْدِ الطريق مَنْجَرَه

وقال أبو صخر الهُذَلي :

إذا اسْتوْسَنَتْ واستَبْقَل الهَدَفُ الهِدْرُ*

أبو عُبَيد ، عن الأصمعي : اللبن إذا خَثُرَ أعلاه وأسفَلُه رقيقٌ فهو هادِر.

وقال ابن شُميل : يقال للبقل : قد هَدَر : إذا بلغ إناهُ في الطُّول والعِظَم ، وكذلك قد هَدَرَت الأرضُ هَدِيراً : إذا انتهى بَقْلُها طُولاً ، والهادِرُ من العُشْب : الذي لا شيء فوقه.

أبو نصر ، عن الأصمعي : هدَرَ البعيرُ يَهْدِر هَدِيراً ، وضربتُه فَهَدَرَت رِئتُه تهدُر هُدُوراً : إذا سَقَطَتْ.

قال : وهَدَرَ دَمُه يَهْدِرُ هَدْراً ، ودَمُه هَدَرٌ : أي باطلٌ ليس فيه قَوَد ولا عَقْل ، ويقال : هو كالمُهَدِّر في العُنَّة : يضرب مثلاً للذي يصيح ويُجلِّب وليس وراء ذلك شيء ، كالبعير الذي يُحبَس في حَظيرةٍ يُمنَع من الضِّراب فهو يُهَدِّر [قال الباهلي في قول العجاج :

وهَدَرَ الناسُ من الجِدِّ الهَدَرْ*

فالهَدَر هاهنا معناه أَهْدَرَ ، أي الجدُّ أسْقَطَ من لا خير فيه من الناس ، والهَدَرُ : الذين لا خير فيهم ، وهَدَر الطائرُ وهَدَل يهْدِر ويهْدِل هَدِيراً وهَدِيلا.

أبو حاتم ، عن الأصمعي : هدر البعيرُ والحَمامُ يَهْدِر هَدْراً ودمُه هَدَرٌ : أي باطل ليس فيه قَوَدٌ ولا عقْل.

قال : ويقال : هَدَرَ دمُ القتيل يهدُر ـ بالضم ـ هَدَراً بفتح الدال ، وأهدَرَه السلطان.

ورَوَى أبو عُبَيد عن أبي زيد : هَدَر الدَّمُ يَهدِر ، وأنا أهْدَرْتُه.

١٠٧

وَرَوَى أبو تُراب للأصمعيّ : هَدَر الغُلامُ وهَدَلَ : إذا صوَّت.

قال : وقال أبو السَّمَيْدَع : ذاك : إذا أراغَ الكلام وهو صغير ، وأنشد قول ذي الرُّمّة :

طَوى البَطْنَ زَيّامٌ كأنّ سَحيلَه

عليهنَّ إذ وَلَّى هَدِيلُ غُلَامِ

أي غِناءُ غُلام.

هرد : قال الليث : الهُرْدِيَّة قصَبات تُضَمّ مَلوِيّةً بطاقات الكَرْم يُرسَل عليها قُضبان الكرْم.

وتقول : هرَّدْتُ اللحمَ فهو مُهَرَّد ، وقد هَرِد اللحمُ.

قلت : والذي حفظناه عن أئمَتنا في القصب الحُرْدِيّ بالحاء ، ولا يجوز عندهم بالهاء.

أبو عُبَيد ، عن أبي زيد : فإن أَدخلْتَ اللحمَ النارَ وأنضجْتَه فهو مُهرَّد ، وقد هَرَّدْتُه وهَرِدَ هو.

قال : والمُهَرَّأُ مثلُه.

وفي الحديث : «ينزل عيسى إلى الأرض وعليه ثوبان مَهرُودَان».

ورَوَى أبو العباس ، عن سَلَمة ، عن الفراء قال : الهَرْدُ : الشَّقّ.

قال : وفي خبر عيسى أنه ينزل في مَهْرُودَتيْن ، أي في شُقَّتين ، أو حُلَّتين.

وقال شَمِر : قال أبو عدنان : أخبرني العالم من أعراب باهلة أنّ الثَّوبَ يُصْبَغ بالوَرْس ثم بالزعفران فيجيء لونه مثل لون زَهْرة الحَوْذَانة ، فذلك الثوبُ المَهْرُود.

قال : أخبرني بعض أصحاب الحديث أنّه بَلَغه أن المَهْرُود : الذي يُصْبَغُ بالعُروق.

قال : والعروق يقال لها الهُرْد.

أبو عُبيد ، عن أبي زيد : هَرَد ثوبَه ، وهَرَتَه : إذا شَقَّه فهو هَرِيدٌ وهَرِيتٌ وقال ساعدة الهُذَليّ :

غَداة شُواحِطٍ فَنَجَوْتَ شَدّاً

وَثَوْبُكَ في عباقِيَةٍ هَرِيدُ

أي مشقوق.

أبو عُبيد عن الأصمعي : هَرَت فلان الشيء ، وهَرَدَه : إذا أنضَجَه إنْضاجاً شديداً.

وقال ابن الأنباري في حديث عيسى رُوِي في مَهْرُودَتَيْن ، ورُوِي في مُمَصَّرتَيْن. قال : ومعناهما واحد ، وهي المصبوغة بالصُّفرة من زعفران أو غيره.

قال القُتيبيّ : هو عندي من النقلة خطأ ، وأراه مَهْرُوَّتين : أي صفراوَين. يقال : هرّيت العمامة : إذا لبِستها صفراء ، وفعلتُ منه : هرَوْتُ.

قال أبو بكر : لا تقول العرب : هرَوتُ الثوب ، ولكن يقولون هرَّيتُ ، فلو ثُنِّي على هذا لقِيلَ : «مُهَرَّاتين» في اسم ما لم يُسَمَّ فاعله ، وبَعْدُ فإن العرب لا تقول : هرَّيْتُ إلا في العمامة خاصة ، فليس له أن يقيسَ الشُّقَّةَ على العمامة ؛ لأن اللغة رواية ، وقوله : من مَهْرُودَتين : أي من شُقَّتين أخدتا من الهَرْد وهو الشقّ خطأ ؛ لأن العرب لا تُسمِّي الشقّ للإصلاح هرْداً ، بل يسمون الخرق والإفساد : هرْداً.

١٠٨

وقال ابن السكيت : هرَد القَصَّارُ الثوب ، وهرَته : إذا خرقه ، وهرَد فلان عِرْضَ فلان ، وهرَته ، فهذا يدل على الإفساد ، والقول عندنا في الحديث : مهرودتين ـ بالدال ، والذال ـ : أي بين ممصَّرتين على ما جاء في الحديث ، ولم نسمعه إلا في الحديث كما لم نسمع الصِّيَر الصِّحناة ، وكذلك الثُّفّاءَ الحُرْف ، ونحوه.

قال : والدال ، والذال أختان تُبدل إحداهما عن الأخرى : يقال : رجلٌ مِدْلٌ ومِذْلٌ إذا كان قليل الجسم خفيّ الشخص ، وكذلك الدال والذّال في قوله : مهروذتين.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : الهِرْدَى : نَبْتٌ ، وقاله ابن الأنباريّ ، وهو أنثى.

دهر : قال الليث : الدَّهر : الأبَدُ المحدود ، ورجلٌ دُهْرِيٌ : أي قديم ، ورجلٌ دَهْرِيّ : يقول ببقاء الدهر ، ولا يؤمن بالآخرة.

ورُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال : «لا تَسُبُّوا الدهر فإِن الله هو الدهر».

قال أبو عُبيد : قوله : فإنّ الله هو الدهر مما لا ينبغي لأحد من أهل الإسلام أن يجهل وجهَه ، وذلك أنّ المعطِّلة به يحتجّون على المسلمين ، قال : ورأيتُ بعضَ من يُتَّهم بالزَّنْدَقة والدَّهْرِيّة يحتجّ بهذا الحديث ويقول : «ألا تراه يقول : فإنّ الله هو الدَّهْر»؟! فقلتُ : وهل كان أحدٌ يسبُّ الله في آبادِ الدَّهر؟! قد قال الأعشى في الجاهلية :

استأثر الله بالوفاء وبالحَمْ

دِ وَوَلّى الملَامَةَ الرَّجُلَا

قال : وتأويله عندي أنّ العَرَب كان شأنها أن تَذُمّ الدَّهْرَ وتَسُبَّه عند النوازل تنزل بهم : من مَوْتٍ أو هَرَم فيقولون : أصابتْهم قوارِعُ الدهرِ ، وأبادَهم الدَّهْرُ ، فيجعلون الدَّهر الذي يفعل ذلك ، فيذمّونه ، وقد ذكروا ذلك في أشعارهم ، وأَخبرَ الله عنهم بذلك ، ثم كَذَّبهم ، فقال جلّ وعزّ : (وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) [الجَاثيَة : ٢٤] قال الله جلّ وعزّ : (وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) [الجَاثيَة : ٢٤].

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تَسُبُّوا الدّهرَ» على تأويل : لا تَسُبُّوا الدهر الذي يفعل بكم هذه الأشْياء ، فإنكم إذا سببتم فاعلها فإنما يقع السَّبُّ على الله لأنه الفاعل لها لا الدهرُ ، فهذا وجه الحديث إن شاء الله.

قلتُ : وقد قال الشافعي في تفسير هذا الحديث نَحْواً مما قال أبو عُبيد ، واحتج بالأبيات التي ذكرها أبو عبيد ، فظننت أبا عبيد عنه أخذ هذا التفسير لأنّه أوّل من فسره.

وقال شَمر : الزّمان والدَّهْر واحد ، واحتجّ بقوله :

إنّ دَهْراً يَلُفُّ حَبْلي بِجُمْل

لَزَمانٌ يَهُمُّ بالإحسانِ

فعارض أبو الهيثم شَمِراً في مقالته ، وخطأه في قوله : الزّمان والدّهر واحد ، وقال : الزمانُ : زَمانُ الرُّطَب ، وزمان الفاكهة ، وزمان الحرّ ، وزمانُ البرد ،

١٠٩

ويكون الزمان شهرين إلى ستة أشهر ، والدهر لا ينقطع. قلت : والدهر عند العرب يَقَع على بعض الدهر الأطوَلِ ، ويقَع على مُدّة الدنيا كلِّها وقد سمعت غير واحد من العرب يقول : أقمنا على ماء كذا وكذا دَهْراً ، ودارنا التي حللنا بها دَهْراً ، وإذا كان هذا هكذا جاز أن يقال : الزمان والدهر واحد في معنى دون معنًى وقد سمعتُ أعرابياً فصيحاً يقول : ماءُ كذا وكذا يحملنا الشَّهْرَ والشَّهْرَين ، ولا يحملنا الدّهر الطويل : أراد أنّ ما حوله من الكلأ ينفَدُ سَريعاً فنحتاج إلى حُضورِ ماء آخر ؛ لأن الماء إذا أكلت الماشية ما حوله من الكلأ لم يكن لحُضّاره بُدٌّ من طَلَبِ ماءٍ آخرَ يَرْعَوْنَ ما حَوْله ويجوز أن تقول : كنا أزمانَ ولاية فلانٍ بموضع كذا وكذا ، إن طالت مدّةُ ولايته والسَّنَة عند العرب أربعة أزمنة : ربيع الكلأ ، والقيظ والخَريف والشتاء ؛ ولا يجوز أن يقال : الدّهر أربعة أزمنة ، فهما يفترقان في هذا الموضع.

قال الشافعي : الحينُ يقع على مدّة الدنيا ، ويَوْم ، ولا نعلم للحين غايةً ، وكذلك زمانٌ ودَهْرٌ وأحقابٌ. ذكر هذا في كتاب «الإيمان». حكاه المُزنّى في «مُختصره» عنه.

وقال ابن الأنباريّ يقال في النِّسْبة إلى الرجل القديم : دَهْرِيّ ، وإن كان من بني دَهْر بن عامر قلتَ دُهْرِيّ لا غير بضمّ الدال.

وقال ابن كَيْسان : ومما غُيِّرتْ حركاتُه في النِّسبة قولُهم : رجُلٌ سُهْليٌّ بضمّ السِّين في المنسوب إلى السَّهل ، وكذلك رَجُلٌ دُهريّ. قال : ولهما أمثالٌ كثيرة.

حدثنا عبد الله بن محمد بن هَاجَك ، عن ابن جَبَلة ، عن أبي عبيد ، عن ابن عُلَيّة ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أبي بَكْرَة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «ألا إن الزَّمان قد استدار كهَيْئَته يومَ (١) خَلَق الله السَّماوات والأرض ، السَّنة (اثْنا عَشَرَ شَهْراً) ، أربعةٌ منها حُرُم ، ثلاثة منها متواليات : ذو القعدة وذو الحجة ومحرَّمٌ ورجب مُفرَد.

قلتُ : أراد بالزمان الدَّهْرَ وسِنِيّه.

وقال الليث : الدَّهارير : أول الدهر من الزمان الماضي ، يقال : كان ذلك في دَهْر الدَّهارير ، قال : ولا يُفْرَد منه دِهْرِير.

قال : والدّهرُ : النازلة تنزل بالقوم تقول : دَهَرَهمْ أمرٌ : نَزَلتْ بهم نازِلةٌ ويقال : ما دَهري كذا وكذا : أي ما هِمَّتي.

وقال ابن السكيت : ما طِبِّي كذا : أي ما دهري : قال الليث : ورَجُل دَهْوَرِيُ الصَّوْت ، وهو الصُّلْبُ الصَّوْت. قلتُ : وهذا خَطَأ عندي ، والصوابُ رجلٌ جَهْوَرِيُّ الصَّوْت بالجيم : أي رَفيعُ الصوت فَخْمُه ؛ فصُحِّف وقلبت الجيمُ دالاً والله أعلم.

والدَّهْوَرة : جمعُ الشيء ثم قذفه في مَهْوَاة. وقال غير الليث دَهْوَرَ فلانٌ اللُّقَم إذا أدارها ثم التهمها.

__________________

(١) في المطبوعة (يوم) مكررة.

١١٠

وقال مجاهد في قول الله جلّ وعزّ : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) [التكوير : ١] : أي دُهْوِرتْ.

وقال الربيع بن خُثَيْم (كُوِّرَتْ) أي رُمِيَ بها.

وقال بعضُ أهل اللغة : دَهْوَرْتُ الحائط : إذا طَرَحْتَه حتى يسقُطَ ، ويقال : طعنه فكوَّره : إذا ألْقاه وصَرَعه.

وقال الزَّجّاج في قول الله جلّ وعزّ : (فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ) [الشُّعَرَاء : ٩٤] أي في الجحيم. قال : ومعنى «كُبْكِبُوا» طُرح بعضهم على بعض. وقال غيره من أهل اللغة : معناه دُهْوِروا.

وفي حديث :

فإنّ ذا الدّهر أطوارا دهاريرُ*

قال الأزهري : الدهرُ ذو حالين من بؤس ونُعْم.

وقال الفرزدق :

فإنى أنا الموْتُ الذي هو نازلٌ

بنفسكَ فانظر كيف أنت تُحاولهْ

خاطَبَ جريراً ، فأجابه :

أنا الدّهرُ يُفنِي الموتَ والدهرُ خالد

فجئني بمثلِ الدهر شيئاً يُطاوِله

قلتُ : جعل الدّهرَ الدنيا والآخرة ، لأن الموت يَفنَى بعد انقضاء الدنيا ، هكذا جاء في الحديث. وداهر : مَلِك الدَّيْبُل قتله محمد بن القاسم الثَّقَفيّ ابن عمّ الحجّاج ، فذكره جرير فقال :

وأَرْضَ هِرَقْلٍ قد قَهَرْتَ وداهراً

ويسعى لكم من آل كِسْرَى النَّواصِفُ

أراد بالنواصف الخَدَم.

رهد : في «نوادر الأعراب» : ما عندي في هذا الأمر رَهْوَدِيَّةٌ ولا رَخْوَدِيَّة : أي ليس عندي فيه رِفق والامُهاوَدَة ، ولا هُوَيْدِيّة ولا رُوَيْدِيّة ، ولا هَوْداء ولا هَيْداء ، بمعنًى واحد.

أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ : رَهَّدَ الرجلُ : إذا حَمُق حماقة محكمة.

وقال الليث : الرَّهِيد : الناعم ، والرَّهادَة هي الرَّخاصة ، تقول : فتاة رَهِيدَة : أي رَخْصَة.

رده : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : رَدَّهَ الرَّجُلُ : إذا ساد القومَ بشجاعةٍ أو سخاء أو غيرِهما.

وقال الليث : الرَّدْهُ : شِبْهُ أَكَمَةٍ خَشِنةٍ كثيرة الحجارة ، والواحدة رَدْهَة ، وهي قِلالُ القِفاف ، وأنشد لرؤبة :

من بَعْض أَنْضادِ القِفافِ الرُّدَّهِ *

قال : وربما جاءت الرَّدهَة في وصف بئر تُحْفَر في قُفٍّ أو تكون خِلْقَةً فيه.

وقال أبو عُبيد : قال الأصمعيّ : الرَّدْهَة : النُّقرة في الجبل يُسْتنقَع فيها الماءُ ، وجمعُها رِدَاهٌ.

وقال أبو خَيْرَة : الرَّدْه شبه أكمة في رأس الجبل : صفاةٌ يُسْتَنْقَعُ فيها الماء ، وأنشد :

لِمن الديارُ بجانبِ الرَّدْهِ

قَفْراً مِنَ التَّأْييهِ والنَّدْهِ

التأييه : أن يُؤَيِّه بالفَرَس إذا نَفَر ، فيقول : إيهِ إيهِ. والنَّدْه بالإبل : أن يقول لها : هِدَهْ هِدَهْ.

١١١

وقال غيره : الرَّدْهَة : حَجَر مستنقَع في الماء ، وجمعها رِداهٌ. وقال ابن مُقبِل :

وقافِيَةٍ مِثلِ وَقْع الرِّدا

هِ لم تَتَّرِكْ لمجيبٍ مَقالا

وقال المؤرِّج : الرَّدْهة : الموْرِدُ ، والرّدْهة : الصَّخْرة في الماء ، وهي الأتانُ.

قال : والرَّدْهة أيضاً : ماءُ الثَّلْج.

قال : والرَّدْهة : الثَّوْبُ الخَلَق المُسَلْسَل.

ورجل رَدِهٌ : صُلْبٌ مَتينٌ لَجُوجٌ لا يُغْلَب.

قلتُ : لا أعرف الذي رَوَى للمُؤَرِّج هذه الأشياء ، وهي مُنْكَرةٌ عِنْدي.

وقال الليث : يُسَمَّى البَيْتُ العظيم الذي لا يكون أعظَمُ منه الرَّدْهة ، وجمعُها الرِّداهُ ، وقد ردَّهت المرأةُ بيتَها تَرْدَهُ رَدْهاً.

قلت : كان الأصل فيه رَدَحَتْ بالحاء ، فأُبدِلت هاءً ، ومنه قوله :

بَيْتَ حَتُوفٍ مُكْفَأً مَرْدُوحَا*

حدّثنا أبو إسحاق قال : حدّثنا عثمان قال : حدّثنا هارون بن معروف قال : حدّثنا سفيان بن عيينة قال : حدّثنا العلاء بن أبي العبَّاس ، عن أبي الطفيل ، عن بكر بن قِرْواش ، عن سعد قال : سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذكر ذاك الذي قتل عليٌّ صلوات الله عليه : ذا الثُّدَيّة ، فقال شيطان الرَّدْهة ، راعِي الخيل ، يحتدِرُه رجلٌ من بَجِيلة : أي يُسْقِطه.

دره : قال الليث : أُمِيت فِعلُه إلّا قولهم : رجل مِدْرَهُ حرب ، وهو مِدْرَهُ القوم وهو الدافع عنهم.

أبو عُبيد ، عن أبي زيد : المِدْرَهُ : لسان القوم والمتكلِّم عنهم ، وأنشد غيره :

وأنتَ في القوم أخُو عِفّةٍ

ومِدْرَهُ القومِ غداةَ الخِطابْ

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي قال : دَرَه فلانٌ علينا ، ودَرَأ : إذا هَجَم من حيث لم تَحْتسبْه ، وأنشد :

عزيز عليَّ فَقْدُه ففقَدْتُه

فبان وخَلَّى دارهات النَّوائبِ

قال : دارِهاتُها : هاجِمَاتها. ويقال : إنّه لَذُو تُدْرإ وذو تُدْرَأةٍ : إذا كان هجّاماً على أعدائه من حيث لا يحتسبونه.

عمرو عن أبيه قال : قال : الدَّرَهْرَهَةُ : المرأة القاهرةُ لبَعْلها ، قال : والسَّمَرْمَرَة : الغول ، ويقال لِلكَوكَبَةِ الوَقّادةِ إذا دَرَأَتْ بنُورِها من الأفق : دَرَهْرَهة.

ه د ل

هدل ، دهل ، دله ، لهد : مستعملة.

هدل : قال الليث : هَدَلت الحمامةُ تَهدِل هَديلاً ، ويقال : هَدِيلُها : فرخها.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ قال : الهَدِيل يكون من شيئين : هو الذَّكَر من الحمام ، وهو صوتُ الحمام أيضاً.

قال : وقال أبو عمرو مثلَه في القولين جميعاً.

قال : وسَمِعْتُهما جميعاً من العرب.

قال : وقال الأُمَويّ : يَزعُم الأعراب في الهَدِيل أنّه فَرْخٌ كان على عَهْد نُوحٍ فمات ضَيْعةً وعَطشاً ، قال : فيقولون : ليس من حَمامةٍ إلآ وهي تَبْكي عليه.

١١٢

قال الأمَويّ : وأنشدني ابن أبي وَجْزَة السَّعْدِيّ لِنُصَيْب :

فقلتُ : أتبْكي ذاتُ طوْقٍ تذكَّرَتْ

هَدِيلاً وقد أَوْدَى وما كان تُبَّعُ

يقول : ولم يكن خُلِق تُبَّع بَعْدُ قال : ويقولون : صادَ الهَدِيلَ جارِحةٌ من جَوارح الطير ، وأنشد :

وما مَنْ تَهتفِين به لنصرٍ

بأقرب جابةً لكِ من هَدِيلِ

فمرّة يجعلونه الطائر نفسَه ، ومرّة يجعلونه الصوتَ.

وقال الليث : الهَدَل : استرخاء المِشْفَر الأسفل ، ومِشفرٌ هادِلٌ وأَهدَلُ ، وشَفَةٌ هَدْلاء : مُنْقَلَبةٌ على الذَّقَن.

قال : والتهدّل : استرخاء جلْدَة الخُصْية ، ونحو ذلك ، وأنشد :

كأنّ خُصْيَيْه من التَّهَدُّلِ

ظَرفُ عجوزٍ فيه ثِنْتَا حَنْظَلِ

والهَدَالُ : ضَربٌ من الشَّجَر ، ويقال : كلُّ غُصنٍ يَنبُت في أراكةٍ أو طَلْحَة مستقيماً فهو هَدَالة كأنّه مُخالِفٌ لسائِرها من الأغصان ، وربما داوَوْا به من السِّحْر والجُنون.

الحرّانيّ ، عن ابن السكّيت : يقال : هَدَلَ البعيرُ يَهدِل هَدْلا فهو أَهْدَل : إذا طال مِشْفَرُه ، وهو أن تأخُذَه القَرْحة فيهدِل مِشْفَرُه ، وقد هَدِل يَهدَل هَدَلاً : إذا كان طَويلَ المِشْفَر ، وذلك ممّا يُمدَح به ، وهو مِشْفَرٌ هَدِل ، وقال الراجز :

بكُلِّ شَعشاعٍ صُهابيٍ هَدِلْ *

وقال أبو عُبيد : هَدَلْتُ الشيءَ أهْدِلُهُ : أي أرسلتُه إلى أَسْفَل. والسحابُ إذا تَدَلَّى هَيْدَبُه فهو أهدَل. وقال الكميت :

بِتَهْتَانِ دِيمَتِه الأهْدَلِ *

ويقال : تهدَّلتِ الثمارُ : إذا تدلّت ، فهي متهَدِّلة.

دهل : قال الليث : لَا دَهْل بالنَّبطِيّة ؛ لا تَخَفْ وأنشد لبشّار :

فقلتُ له : لا دَهْلَ من قَمْل بعد ما

مَلَا نَيفَقَ التُّبّان منه بِعاذِرِ

قلتُ : وليس لا دَهْل ولا قَمل من كلام العرب ، إنما هما من كلام النَّبَط ، يقولون للجَمَل قَمل وإنما تهكم بالطّرمّاح وجعله نبطيَّ النَّسَب ، ونفاه عن طيء. وقال اللِّحياني : مضى دَهْلٌ من الليل : أي ساعة.

وقال أبو عمْرو : الدَّهْل : الشيء اليسير.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الدَّاهِل المتحيِّر.

قلت : وأصله الدالِه فقلبه.

دله : قال الليث : الدَّلَه : ذهاب الفؤاد من همِّ كما يُدَلَّه عقل الإنسان من عِشق أو غيره ، وقد دُلِّه عقلُه تَدْلِيهاً.

وقال أبو عبيد : رجل مُدَلَّه : إذا كان ساهِيَ القَلْب ، ذاهب العقل.

وقال غيرُه : رجلٌ مُدَلَّهٌ ومُتَلَّهٌ بمعنى واحد ، ورجلٌ دالِهٌ ودالهةٌ : ضعيف النَّفس.

لهد : قال الليث : اللهْدُ : الصَّدْمة الشديدة في الصدر. والبعير اللهِيد : الذي أصاب جَنْبَه

١١٣

ضَغْطَهٌ من حِمْلٍ ثقيل فأوْرثَه داء أفسدَ عليه رِئَتَه ، فهو ملهود.

وقال الكميت :

نُطْعِمُ الجَيْأَلَ اللهِيدَ من الكُو

م ولم نَدْعُ مَنْ يُشِيطُ الجَزُورا

قلتُ : اللهيدُ من الإبل : الذي حُمِل عليه حِمْلٌ ثقيل فلَهَد ظَهْرَه أو جَنْبَه : أي ضغطه ، أو شدخه فوَرَّمَه ثمَّ لم يُوَقّ موضعُ اللهْدِ من الرحْل أو القتَب حتى دَبِرَ. وإذا أصابته لَهْدَةٌ من الحِمْل أُخْلِي ذلك الموَضعُ من بَدادِي القَتَب كيلا يضغطه الْحِمل فيزدادَ فساداً ، وإذا لم يُخْلَ عنه تقَيَّحت اللهْدَةُ فصارت دَبَرَة. ويقال لَهَدْتُ الرجلَ أَلْهَدُه لَهْداً : أي دَفَعتُه فهو ملهود ، ورجل مُلهَّد : إذا استُذِلَّ فدُفِّع تدفيعاً ، ونُحِّيَ عن مجالس ذَوِي الفضل ، ومنه قول طرَفة :

ذَليل بأَجماعِ الرِّجال مُلَهَّدِ*

وقال أبو عبيد : قال أبو زيد : ألْهَدْتُ بالرجُل إلهاداً ، وأحضنتُ به إحْضاناً إذا ازدريت به ، وأنشدنا :

تعلْم هداكَ الله أنَّ ابنَ نَوْفَلٍ

بنا مُلْهِدٌ لو يَملك الضَّلْعَ ضالعُ

وقال ابن السكيت : اللهيدة : من أطعِمة الأعراب ، وهي التي تُجاوِز حدَّ الحرِيقة والسخِينَة ، وتقصُر عن العصيدة ، والسخينةُ : التي ارتفعتْ عن الحساء ، وثَقُلَتْ أنْ تُحْسَى.

وقال أبو عمرو : أَلْهَدْتُ بالرجل إلهاداً ، إذا أمسكْتَ إحدَى رِجلَيه ، وخلَّيت عليه رجلاً آخَر يُقاتله ، وكذلك إن فطَّنتَ رجلاً لمخاصمة صاحبه ولَحَنْتَ له ولقَّنتَه حُجَّتَه فقد ألهدْتَ به.

قال : واللهْد : داءٌ يأخُذ الإبل في صُدورِها ، وأنشد :

تَظلَعُ مِنْ لَهْدٍ بها وَلَهْدِ*

شمر عن الهوَازِنيّ : رَجلٌ مُلَهدٌ : أي مستَضْعَفٌ ذَليل.

ه د ن

هدن ، هند ، دهن ، نهد ، نده : مستعملة.

هدن : شمِرٌ عن الهوازنيّ قال : الهُدْنة : انتقاض عَزم الرجلُ لخبرٍ يأتيه ، فيَهْدِنُه عما كان عليه ، فيقال : انْهَدَنَ فلان عن ذاك ، وهَدَنَه خبرٌ أتاه هَدْناً شديداً.

وقال الليث : المهدَنَة من الهُدْنة ، وهو السكون ، يقال منه : هَدَنْتُ أَهْدِنُ هُدُوناً : إذا سكنْتَ فلم تتحرَّك.

ورجلٌ مَهدون ، وهو البليد الذي يُرضيه الكلام ، يقال : قد هَدَنوه بالقَوْل دون الفعل ، وأنشد :

ولم يُعَوَّدْ نَوْمةَ المهدونِ *

ويقال : هُدِنَ عنك فلان : أي أرضاه الشيء اليسير.

ورُوِي عن سَلمان أنه قال : مَلْغاةٌ أولِ الليل مَهدنةٌ لآخره ، معناه أنه إذا سَهر في أول ليلِه فَلَغَا في الأباطل لم يستيقظ في آخره للتهجّد والصلاة.

أبو عبيد ، عن أبي عمرو قال : الهدُون : السكون ، والهِدان : الرجل الأحمقُ الجافي.

١١٤

قال رؤبة :

قد يَجمعُ المالَ الهِدانُ الجافي

من غير ما عَقْلِ ولا اصطِرافِ

أبو عبيد في كتاب «النوادر» قال : الهَيْدانُ والهِدانُ واحد.

قال : والأصل الهدَان ، فزادوا الياء.

قلت : وهو فَيْعال ، مثاله عَيْدان النخل ، النونُ أصلية ، والياء زائدة.

وقال الشاعر في المهدُون :

إنَّ العَواوِيرَ مأكولٌ حُظوظتُها

وذو الكهامَة بالأقوال مَهدُون

وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذكَر الفِتَن فقال : «يكون بعدَها هُدنةٌ على دَخَن ، وجماعةٌ على أَقْذاء» ، وتفسيره في الحديث : لا ترجعُ قلوبُ قوم على ما كانت عليه. وأصل الهدْنة السكون بعد الهَيْج ، ويقال للصُّلح بعد القتال : هُدْنة ، وربما جُعِلَت الهدْنة مُدّةً معلومة ، فإذا انقضت المدة عاوَدُوا القتال. وتفسير الدَّخَن في كتاب الخاء.

ويقال : هدَّنَت المرأةُ صَبِيَّها : إذا أَهدَأَتْه ليَنَام ، فهو مُهدَّن.

وقال ابن الأعرابي : هَدَّن عدوَّه : إذا كافّه ، وهَدَن : إذا حَمُق.

وقال الليث : الهوْدَناتُ : النُّوق.

وقال شمِرٌ : هدَنْتُ الرجلَ إذا سَكّنْته وخَدَعْته كما يُهْدَن الصبي.

وقال رؤبة :

ثُقِّفْتَ تَثقِيفَ امرىءٍ لم يُهْدَنِ *

أي لم يُخدَعْ ولم يُسَكَّن فيُطْمَعَ فيه.

هند : قال الأصمعيّ وغيره : هُنَيْدةُ : مائة من الإبلَ معرِفةٌ لا تنصَرِف ؛ ولا يَدْخُلها الألف واللام ، ولا تُجمع ، ولا واحد لها من جِنْسِها.

وقال أبو وَجزة :

فيهم جِيادٌ وأخطارٌ مُؤبَّلَةٌ

من هِنْدِ هِنْدَ وأرْباءٌ على الهِنَد

ويقال : هنَّدَتْ فلانةُ فُلاناً : إذا أورثَتْه عِشقاً بالمُغازلة والملاطفة ؛ وأنشد :

يَعِدْنَ مَنْ هنَّدْنَ والمُتَيَّمَا*

وقال الراجز :

غَرَّكَ مِنْ هنَّادَةَ التَّهنِيدُ

موْعُودُها والباطلُ المَوْعودُ

والتهنِيدُ : شَحْذُ السَّيْف. وقال :

كلُّ حُسامٍ مُحْكَمِ التَّهنِيد*

وأصل التهنِيد في السَّيْف أن يُطبَعَ ببلاد الهند ويُحكم عملُ شَحْذِه حتى لا ينبُو عن الضَّرِيبة يقال : سيفٌ مُهنَّد وهِنْديٌ وهُنْدُوانيّ إذا سوي وطُبع بالهنْد.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : هَنَّدَ : إذا قَصَّرَ وهَنَد وهَنَّد : إذا صاح صياح البُومة.

ابن المستنير : هَنَّدَتْ فلانةُ بقَلْبه : أي ذهبت به.

عمرو عن أبيه : هَنّد الرجل إذا شَتم إنساناً شَتْماً قبيحاً ؛ وهُنِّد إذا شُتم فاحتمله.

وهنْدٌ من أسماء الرجال والنساء. وأما هَنَّادٌ ومُهَنَّد وهِنْديٌ فمن أسماء الرجال خاصة.

وقال ابن دُريد : هَنَّدتُ الرجلَ تهْنيداً : إذا لا يَنْتَه ولا طَفْته ، وأنشد :

١١٥

راقك من هَنَّادَةَ التهنيدُ*

دهن : قال الليث : الدُّهْن الاسمُ. والدَّهْنُ : الفِعْل المجاوز ، والادِّهانُ الفِعْل اللازم.

أبو عبيد عن الأصمعيّ وأبي زيد : الدَّهِين الناقةُ البَكِيئة القليلة اللبن.

قال أبو زيد : وقد دَهِنَتْ تَدْهَنُ دَهَانَةً.

ابن السكيت : ناقة دَهِينٌ : قليلة اللّبَن ، والجميع دُهُن. قال المثقّب :

تَسُدُّ بمَضْرَ حيِّ اللّوْنِ جَثْلٍ

خَوَايَةَ فَرْج مِقْلاتٍ دَهِينِ

وقال الليث : هي التي يُمْرَى ضَرْعُها فلا يدُرُّ قطرةً.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ قال : الدَّهِين من الجمال : الذي لا يكاد يُلقِحُ والملِيحُ : الذي لا يُلقح أصلاً ، وإذا ألقَح في أوَّل قَرْعة فهو قَبِيسٌ.

قال : ودَهّن الرَّجُلُ الرَّجُلَ : إذا نافَقَ ، ودَهَّنَ غلامَه ، إذا ضرَبه.

أبو عبيد ، عن الفرَّاء : دَهَنَه بالعصا يَدْهَنُه : إذا ضَرَبه ، وهذا كما يقال : مَسَحَه بالعصا ، وبالسَّيْف ، إذا ضَرَبه برفق وقال الفراء في قوله جلّ وعزّ : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) [القَلَم : ٩] يقال : وَدُّوا لو تَلين في دِينك فيلينُون.

وقال أبو الهيثم : الإدهان : المُقَاربة في الكلام والتَّليِين في القَوْل ، من ذلك قوله : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) [القَلَم : ٩] ، معناه ودوا لو تكفرون فيكفرون ، وقال في قوله جلّ وعزّ : (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) [الواقِعَة : ٨١] قال : مكذِّبون ، ويقال : كافرون ، وقال في موضع آخر في قوله : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) [القَلَم : ٩] : يقال : ودّوا لو تلين في دينك فيلينون.

وقال أبو الهيثم : الإدهان : المقاربة في الكلام ، والتَّليين في القول من ذلك قوله : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) [القَلَم : ٩].

وقال أبو إسحاق الزّجاج : المُدْهِنُ والمُداهِنُ : الكذّاب المنافِق. وقال في قوله : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ) [القَلَم : ٩] أي ودُّوا لو تُصانعهم في الدِّين فيُصانعُونك.

وقال الليث : الإدهان : اللِّينُ ، والمُداهِن : المُصانِع المُوارِبِ ، قال زهير :

وفي الحِلْمِ إِدْهانٌ وفي العَفْوِ دُرْبةٌ

وفي الصِّدْق مَنْجَاةٌ من الشَّرِّ فاصدُقِ

وقال ابن الأنباري : أصل الإدهان الإبقاء ، يقال : لا تُدْهِنُ عليه : أي لا تُبق عليه.

وقال اللحيانيّ : يقال : ما أدهنْتَ إلا على نفسك : أي ما أبقيت ـ بالدال ـ ويقال : ما أرهيْتَ ذاك : أي ما تركتَه ساكناً.

والإرهاء : الإسكان.

وقال في موضع آخر : قال بعض أهل اللّغة : معنى داهَنَ وأَدْهَنَ : أي أظْهَر خلافَ ما أَضْمَر فكأنّه بَيَّن الكذبَ على نفسه.

وقال في قول الله جلّ وعزّ : (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) [الواقِعة : ٨١] : أي مكذِّبون.

وقال الليث : الدُّهْنُ من المطر : قدرُ ما يَبلُّ وجهَ الأرض. ورجل دَهِينٌ : ضعيف.

ويقال : أتيت بأمرٍ دَهِين. وقال ابن عَرادةَ :

١١٦

لِتَنْتَزِعُوا تُراثَ بني تميم

لقد ظَنُّوا بنا ظَنّاً دَهِينَا

وقال غيره : الدِّهان : الأمطار اللَّيِّنة ، واحدها دُهن.

وقال الفرَّاء في قول الله جلّ وعزّ : (فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) [الرَّحمن : ٣٧].

قال : شَبَّهها في اختلاف ألوانها بالدُّهن واختِلاف ألوانِه. قال : ويقال : الدِّهان : الأدِيم الأحمر وأنشد ابنُ الأعرابي :

ومُخاصِمٍ قاومْتُ في كَبَدٍ

مثل الدِّهانِ فكان لي العُذْرُ

قال : الدِّهان : الطَّرِيقُ الأمْلَس هاهنا : أي قاومْتُه في مَزِلٍّ فَثَبَتَ قَدَمي ولم تثبُتْ قدمُه. والعُذْرُ : النُّجْح.

قال : والدِّهان في القرآن : الأدِيمُ الأحْمَر الصِّرْف.

وقال أبو إسحاق في قوله جلّ وعزّ : (فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) [الرَّحمن : ٣٧] : تتَلوَّنُ من الفَزَعِ الأكْبَر كما تَتَلوَّن الدِّهانُ المُختلفة ، ودليل ذلك قوله جلّ وعزّ : (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) [المعارج : ٨] : أي كالزَّيت الذي قد أُغْلِي.

أبو عبيد ، عن أبي عمرو : المَداهِنُ : نُقَرٌ في رؤوس الجبال يَسْتَنْقِعُ فيها الماءِ ، واحدها مُدْهُن.

وقال الليث : المُدْهُن كان في الأصل مِدْهناً ، فلمَّا كَثُر في الكلام ضَمُّوه.

وقال ابن السكيت : قال الفرّاء : ما كان على مِفْعل ومِفْعلة ممّا يُعْتَملُ به ، فهو مكسورُ الميم ، نحو مِخْرَز ومِقْطَع ومِسَلّ ومِخَدَّة إلّا أحرفاً جاءت نوادَر بضمّ الميم والعين ، وهي : مُدْهُنٌ ومُسعُطٌ ومُنْخُلٌ ومُكْحُلٌ ومُنْصُلٌ ، والقياسُ مِدْهَن ومِنْخَل ومِسْعَط ومِكْحَلة.

والدَّهناء من ديارِ بني تَميم ، معروفة ، تُقْصرُ وتُمَدّ. والنِّسبة إليها دَهْناويّ ، وهي سَبْعَة أجْبُل في عُرْضها بين كلِّ جَبَلَيْن شَقِيقَةٌ ، وطولُها من حَزْن يَنْسوعَةَ إلى رَمْل يَبْرِينَ ، وهي من أكثر بلاد الله كلأً مع قلّة أَعْدادِ المياه ، وإذا أخْصَبت الدَّهْناء رَبَّعَت العَرب جَمْعاء لِسَعيها وكثرة شَجَرها ، وهي غَداةٌ مكرُمَة نَزِهَةٌ ، مَنْ سَكنها لم يَعرِف الحُمَّى لِطيب تُرْبَتها وهوائِها. وقال أبو زيد : الدِّهان : الأمطار الضّعيفة ، واحدها دُهْن ، يقال : دَهَنها وَليُّ ، فهي مَدْهُونة.

والدَّهَّان : الذي يبيع الدُّهْن.

نهد : قال الليث : النَّهْد في نَعْت الخيل : الجسيمُ المُشْرف.

يقال : فَرَسٌ نَهْدُ القَذال ، نَهْدُ القُصَيْرَى.

والنَّهْد : إخراج القَوم نَفقاتهم على قَدْرِ عَدَدِ الرُّفْقة : يقال : تناهدوا وناهَدُوا ، ونَاهَدَ بعضهم بعضاً. والمُخْرَجُ يقال له : النِّهْد : يقال : هاتِ نِهْدَك.

قال : والمُناهَدة في الحرب أن ينْهدَ بعضهم إلى بعض ، وهي في معنى نهضُوا ، إلّا أنّ النهوض قيامٌ على قُعود ، ومُضِيّ ؛ والنُّهُود : مُضيٌّ على كلِّ حال.

قال والنهيدة : الزُّبدَة الضَّخْمة ، وبعضهم يُسمِّيها إذا كانت ضخْمةً نهْدَةً ، وإذا كانت صغيرةً فَهْدةً.

١١٧

قال أبو حاتم : النهِيدَة من الزُّبْد : زُبْدُ اللّبن الذي لم يَرُبْ ولم يُدْرِك فَيُمخَضُ اللّبن فتكون زُبْدَتُه قليلةً حلوةً.

والنَّهْداء من الرِّمال كالرَّابية المتلبِّدة : مكرُمَة تُنْبِتُ الشَّجَر ، ولا يُنْعَتُ الذَّكَرُ على أَنْهَد. وتقول : نَهَدَ الشَّدْيُ نُهُوداً : إذا انتَبَرَ وكَعَّب ، فهو ناهِد.

وقال أبو عبيد : إذا نَهَدَ ثَدْيُ الجارية قيل : هي ناهِد. والثُّدِيُّ الفَوالكُ دون النَّواهد.

وَنَهَدَ القومُ لِعَدُوّهم : إذا صَمَدُوا له وفي حديث ابن عمر أنه دخل المسجدَ الحرامَ فنهَدَ له الناسُ يسألونه : أي نَهَضوا ، وأنْهَدْتُ الحَوْضَ إنهاداً : إذا مَلأتَه حتّى يَفيضَ.

أبو عبيد ، عن الكسائي : إناءٌ نَهْدانُ : الذي قد علا وأشرف ، وحَفّانُ : قد بَلَغ الماءُ حَفَافَيْه ، وكَعْثَبٌ نَهْدٌ : إذا نَتَأَ وارتفَع ، وإذا كان مُسْتَرخِياً فهو هَيْدَبٌ ، وأَنشد الفراء :

أريتَ إنْ أُعطِيتَ نَهْداً كَعْثَبا

أذاكَ أمْ نُعطِيك هَيْداً هَيْدَبَا

ابن السكيت : النَّهيدةُ أن يُغْلَى لُبابُ الهبِيد ، وهو حبُّ الحَنظَل ، فإذا بلغ إنَاه من النُّضْج والكَثَافة ذُرَّتْ عليه قُمَيْحة من دَقيق ، ثمَّ أُكِل.

روى ابن السكيت لأبي عبيدة أنه قال : إذا قاربت الدلوُ الملْءَ فهو نَهْدُها : يقال : نهَدتِ المَلْءَ ، قال : فإذا كانت دون مَلْئِها قيل : غرَّضْتُ في الدَّلْو ، وأنشد :

لا تملأ الدَّلْوَ وغَرِّضْ فيها

فإِنّ دُونَ مَلْئِها يَكفيها

وكذلك عَرَّقْتُ.

وقال : وضَخْتُ وأَوضَخْتُ : إذا جعلتَ في أَسْفَلها مُوَيهةً.

نده : الأصمعيّ : النَّدْهُ : الزَّجْر ، قال : وكان يقال للمرأة في الجاهلية إذا طُلِّقَت : اذهَبِي فلا أَندَهُ سَرْبَكِ ، فكانَتْ تَطلُق ، الأصل فيه أنه يقول لها : اذهبِي إلى أهلك فإني لا أَحفَظ عليكِ مالكِ ولا أرُدُّ إبِلك عن مَذْهَبها ، وقد أَهْمَلْتُها لِتَذْهَب حيث شاءت.

وقال الليث : النَّدْه : الزّجْر عن الحوض وعن كلّ شيء إذا طُرِدَتِ الإبلُ عنه بالصِّياح.

وقال أبو مالك : نَدَه الرّجلُ يَنْدَه نَدْهاً : إذا صَوَّت.

وقال أبو زيد : يقال للرجل إذا رأَوه جَرِيئاً على ما أَتَى أو المرأةِ : إحْدَى نَوَادِهِ البَكْر.

أبو عبيد ، عن الأموي : النَّدهة : الكثْرة من المال ، وأنشد قول جميل :

ولا مَالُهم ذُو نَدْهَةٍ فَيدُوني*

وقال ابن السكيت : النَّدهة والنُّدهة بفتح النّون وضمِّها : كثرة المال.

ه د ف

هدف ، فهد ، دهف ، دفه : مستعملة.

هدف : روى شمر بإسناد له أنَّ الزُّبير وعمرو بن العاص اجتمعا في الحِجر ، فقال الزُّبير : أما والله لقد كنت أهدَفْتَ لي

١١٨

يوم بَدْر ، ولكني اسْتَبْقَيتُك لمثل هذا اليوم.

فقال عمرو : وأنت والله لقد كنت أَهدفْتَ لي ، وما يَسُرُّني أنَّ لي مثل ذلك بِفَرَّتي منك.

قال شمر : قوله : أهدفت لي ، الإهدافُ : الدُّنُّو منك والاستقبالُ لك والانتصاب.

يقال : أهدَف لي الشيءُ فهو مُهدِف ، وأنشد :

ومِن بني ضَبَّة كَهْفٌ مِكْهَفُ

إنْ سالَ يوماً جَمْعُهمْ وأَهدَفُوا

وقال : الإهدافُ : الدُّنُوُّ : أَهدَفَ القومُ : إذا قَرُبوا.

وقال ابن شُميل ، أو قاله الفرَّاء : يقال لمّا أَهدَفَتْ لي الكوفةُ نَزَلْتُ ، ولمّا أهدَفَتْ لهم تفرَّقوا ، وكلُّ شيء رأيته قد استقبَلك استقبالاً فهو مُهْدِف ومُسْتَهدِف.

قال النابغة :

وإِذا طَعَنْتَ طَعَنْتَ في مُسْتَهدِفٍ

رابِي المَجَسَّة بالعَبِير مُقَرْمَدِ

أي مُرتفع منتصب ، وقد اسْتهدَف : أي انتَصَب ، ومن ذلك أُخذ الهدَف لانتصابه لِمَنْ يَرمِيه.

وقال الزَّفَيان السَّعْديّ يذكر ناقته :

ترجوا اجتبارَ عظْمها إذْ أَزْحَفَتْ

فأَمْرَعَتْ لما إليكَ أَهدَفَتْ

أيْ قدْ قَرُبتْ وَدَنَتْ.

وفي «النوادر» : يقال : جاءت هادِفَةٌ من ناس ، ودَاهفَةٌ وجاهشَةٌ.

وهاجِشَةٌ وهابِشَةٌ وهائِشةٌ ويقال : هل هَدَف إليكم هادِفٌ ، أو هَبَشَ هابِشٌ : يستخبره هل حَدَثَ ببَلده أحدٌ سِوى مَن كان به.

وقال الليث : الهدَف : الغرَض. والهَدَفُ من الرّجال : الجسيم الطَّويلُ العُنُق العريضُ الألوَاح.

ويقال : أَهْدَفَ لك السحابُ أو الشيء : إذا انتَصَب ، والهَدفُ : كلُّ شيءٍ عريض مرتفِع.

وفي الحديث أَنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان إذا مرَّ بهدفٍ مائلٍ أو صَدفٍ مائلٍ أسرَعَ المشيَ.

قال أبو عُبيد : قال الأصمعيّ : الهدَف : كل شيء عظيم مرتفع.

وقال غيره : وبه شُبِّه الرَّجل العظيم ، فقيل له : هَدَف ، وأنشد :

إذا الهَدَفُ المِعْزالُ صوَّب رأْسَه

وأَعجبه ضَفْوٌ من الثَّلّةِ الخُطْلِ

قال : والصَّدَف نحوٌ من الهَدف.

وقال أبو سعيد في قوله : إذا الهدف المِعْزال : هذا راعِي ضأن فهو لضَأْنه هَدف تأوِي إليه ، وهذا ذمٌّ للرجُل إذا كان راعِيَ الضأن ، ويقال : أحمقُ من راعي الضأن. قال : ولم يُرِدْ بالخُطْل اسْترخاء آذانها ، أراد بالخُطْل : الكثيرةَ تخْطِل عليه وتَتْبَعُه.

قال : وقوله : الهَدَف : الرجلُ العظيم خطأ.

وفي حديث أبي بكر : قال له ابنه عبد الرحمن : لقد أَهْدَفْتَ لي يومَ بدر ، فَصِفْتُ عنك ، فقال أبو بكر : لكنَّك لو أَهدفْتَ لي لم أَصِفْ عنك : يقال لكل

١١٩

شيء دنا منك وانتصب لك واستَقْبَلك : قد أهدف لي الشيءُ ، واستَهْدَف ، ومنه أُخِذ الهَدف لانتصابه.

وقال ابنُ شُميل : الهَدف : ما رُفِع وثُنِيَ من الأرض للنِّضال. والقرْطاس : ما وُضِع في الهدف ليُرْمى. والغرض : ما يُنْصَب شِبْه غِرْبال أو حلْقة.

وقال في موضع آخر : الغرض : الهدَف ، ويُسَمَّى القِرطاسُ هَدَفاً أو غَرَضاً على الاستعارة. ويقال : أهدفَ لكَ الصَّيدُ فارْمِه ، وأَكْثبَ وأعرَضَ مثلُه.

وقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي‌الله‌عنهما لأبيه : لقد أهْدَفْتَ لي يوم بدر فصدفت عنك ، فقال أبو بكر : لكنك لو أهدفتَ لي لم أصْدِف عنك.

وقال إسحاق بن الفَرَج : قال الأصمعيّ : عِدْفةٌ وعِدَف ، وهِدْفةٌ وهِدَفٌ بمعنى قِطْعَةٌ.

قال : وقال عُقْبَة : رأيتُ هِدْفةً من الناس : أي فِرْقة.

دهف : في «النوادِر» : جاءت هادفةٌ من الناس وداهفةٌ بمعنى واحد.

ويقال : إبلٌ داهفةٌ ، أي مُعْيِيَةٌ من طُولِ السّيْر. وقال أبو صَخر الهَذَلِيّ :

فما قَدِمَتْ حتى تَوَاتَرَ سيرُها

وحتى أُنِيخَتْ وهي داهِفةٌ دبْرُ

دفه : أهمله الليث ورَوى ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الدّافِه : الغريب. قلت : كأنه قُلِبَ عن الداهِف أو الهادِف.

فهد : قال الليث : الفَهْد معروف ، وجمعُه فُهود ، وثلاثةُ أفْهُد.

وقال أبو عبيدة : فَهْدَتا صَدْرِ الفَرَسِ : لحمتان تكتنفانه.

وقال غيره : فَهْدَتَا البعير : عَظْمانِ ناتِئَانِ خَلْفَ الأُذُنين ، وهما الخُشَشَاوَان.

والفَهْد : مِسْمَارٌ يُسَمَّر به وَاسِطُ الرَّحْل ، وأنشد :

مُضَبَّرٌ كأنما زَئيرُه

صَرِيرُ فَهْدٍ واسطٍ صرِيرُه

شبَّه صَرِيفَ نابِ الفحْل بصَرِيرِ هذا المِسمار.

قال خالد : واسطُ الفَهد : مِسمارٌ يُجعل في واسطِ الرَّحْل.

اللِّحيانيّ : غلامٌ فَوْهَد وثَوْهَد : إذا كان ناعماً ممتلِئاً.

ووَصَفَت امرأةٌ زوجَها فقالت : «زَوجي إن دَخَل فهدَ ، وإن خرَج أَسِدَ» ، فوصفَت زوجها باللِّين والسكون إذا كان معها في البيت. ويُوصَف الفَهْد بكثرة النَّوم ، فيقال : أنْوَمُ مِن فهدٍ ، فشبَّهتْهُ به إذا خَلا بها ، وبالأسد إذا رأى عدُوَّه. ويقال للَّذي يُعلِّمُ الفَهدَ الصَّيْد : فَهَّاد.

وقال أَبو عَمرو : غلام فَلْهَد وفَوْهَد ، وهو الغلام السَّمين الذي قد راهَقَ الحُلُم.

وفي «النَّوادِر» : يقال : فَهَد فلانٌ لفلانٍ ، وفَأَدَ ، ومَهَد : إذا عَمِل في أَمْرِه بالغَيْبِ جَميلاً.

ه د ب

هدب ، هبد ، بده ، دبه : مستعملة.

١٢٠