أساليب بلاغية

الدكتور أحمد مطلوب

أساليب بلاغية

المؤلف:

الدكتور أحمد مطلوب


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: وكالة المطبوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٣

ولكنّ الخبر كثيرا ما يخرج على خلاف مقتضى الظاهر ، يقول السكاكى «هذا ثم إنّك ترى المفلقين السحرة فى هذا الفن ينفثون الكلام لا على مقتضى الظاهر كثيرا» (١).

ومن ذلك :

١ ـ أن ينزل غير السائل منزلة السائل إذا قدم إليه ما يلوح له بحكم الخبر فيستشرف له استشراف المتردد الطالب ، كقوله تعالى : (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ)(٢) ، وقوله : (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ)(٣). قال القزوينى : «وسلوك هذه الطريقة شعبة من البلاغة فيها دقة وغموض ، وروى عن الأصمعى أنّه قال : كان أبو عمرو بن العلاء وخلف الأحمر يأتيان بشارا فيسلمان عليه بغاية الإعظام ثم يقولان : يا أبا معاذ ما أحدثت؟ فيخبرهما وينشدهما ويكتبان عنه متواضعين له حتى يأتى وقت الزوال ثم ينصرفان ، فأتياه يوما فقالا : ما هذه القصيدة التى أحدثتها فى ابن قتيبة؟ قال هى التى بلغتكما. قالا : بلغنا أنّك أكثرت فيها من الغريب. قال : نعم ، إنّ ابن قتيبة يتباصر بالغريب ، فأحببت أن أورد عليه ما لا يعرف. قالا : فأنشدناها يا أبا معاذ ، فأنشدهما :

بكّرا صاحبىّ قبل الهجير

إنّ ذاك النجاح فى التبكير

حتى فرغ منها ، فقال له خلف : لو قلت يا أبا معاذ مكان «إنّ ذاك النجاح» : «بكّرا فالنجاح» كان أحسن. فقال بشار : إنّما بنيتها أعرابية وحشية ، فقلت : «إنّ ذاك النجاح» كما يقول الأعراب البدويون ، ولو قلت : «بكّرا فالنجاح» كان هذا من كلام المولدين ، ولا يشبه ذلك الكلام ولا يدخل فى معنى القصيدة. فقام خلف فقبّل بين عينيه.

__________________

(١) مفتاح العلوم ص ٨٢ ، وينظر الإيضاح ص ١٩.

(٢) هود ٣٧.

(٣) يوسف ٥٢.

١٠١

فهل كان ما جرى بين خلف وبشار بمحضر من أبى عمرو بن العلاء ـ وهم من فحولة هذا الفن ـ إلّا للطف المعنى فى ذلك وخفائه» (١).

٢ ـ أن ينزل غير المنكر منزلة المنكر إذا ظهر عليه شىء من أمارات الإنكار ، ومنه قوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ)(٢) ، وقد أكد إثبات الموت تأكيدين ـ وإن كان مما لا ينكر ـ لتنزيل المخاطبين منزلة من يبالغ فى إنكار الموت لتماديهم فى الغفلة والإعراض عن العمل لما بعده ، ولهذا قيل : «ميتون» دون «تموتون». ومنه قول حجل ابن نضلة :

جاء شقيق عارضا رمحه

إنّ بنى عمك فيهم رماح

فانّ مجيئه هكذا مدلّا بشجاعته قد وضع رمحه عارضا ، دليل على إعجاب شديد منه واعتقاد أنّه لا يقوم إليه من بنى عمه أحد ، كأنهم كلهم عزل ليس مع أحد منهم رمح.

٣ ـ أن ينزل المنكر منزلة غير المنكر ، إذا كان معه ما إن تأمله ارتدع عن الإنكار ، كما يقال لمنكر الإسلام : «لإاسلام حق» ، وعليه قوله تعالى (لا رَيْبَ فِيهِ)(٣) وقوله (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ)(٤). وقد أكّد إثبات البعث تأكيدا واحدا ـ وإن كان مما ينكر ـ لأنّه لما كانت أدلته ظاهرة كان جديرا بأن لا ينكر.

الأغراض المجازية :

الأصل فى الخبر أن يلقى لغرضين هما : فائدة الخبر ، ولازم الفائدة ، غير أنّه كثيرا ما يخرج على خلاف مقتضى الظاهر. ولكنه لا يقتصر على ذلك وإنما يخرج مجازا إلى أغراض كثيرة تفهم من السياق وقرائن الأحوال ومن ذلك :

__________________

(١) الإيضاح ص ١٩ ، وينظر دلائل الإعجاز ص ٢١١ ، ومفتاح العلوم ص ٨٢.

(٢) المؤمنون ١٥.

(٣) البقرة ٢.

(٤) المؤمنون ١٦.

١٠٢

١ ـ إظهار الضعف : ومنه قوله تعالى : (قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً)(١) وقول الشاعر :

إنّ الثمانين ـ وبلغتها ـ

قد أحوجت سمعى إلى ترجمان

وقول أبى نواس :

دبّ فىّ السقام سفلا وعلوا

وأرانى أموت عضوا فعضوا

٢ ـ الاسترحام : ومنه قول إبراهيم بن المهدى مخاطبا المأمون :

أتيت جرما شنيعا

وأنت للعفو أهل

فان عفوت فمنّ

وإن قتلت فعدل

وقول الآخر :

فمالى حيلة إلا رجائى

لعفوك إن عفوت وحسن ظنى

٣ ـ تحريك الهمة : ومنه قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ)(٢).

٤ ـ إظهار التحسر : ومنه قول أعرابى يرثى ولده :

ولما دعوت الصبر بعدك والأسى

أجاب الأسى طوعا ولم يجب الصّبر

وقول المتنبى :

أقمت بأرض مصر فلا ورائى

تخبّ بى الركاب ولا أمامى

وقوله فى الرثاء :

الحزن يقلق والتجمل يردع

والقلب بينهما عصىّ طيّع

يتنازعان دموع عين مسهّد

هذا يجىء بها وهذا يرجع

__________________

(١) مريم ٤.

(٢) يونس ٢٦.

١٠٣

٥ ـ المدح : ومنه قول النابغة الذبيانى :

فإنك شمس والملوك كواكب

إذا طلعت لم يبد منهنّ كوكب

٦ ـ الفخر : ومنه قول عمرو بن كلثوم :

إذا بلغ الفطام لناصبىّ

تخرّ له الجبابر ساجدينا

وقول أبى فراس الحمدانى :

إنّا إذا اشتد الزما

ن وناب خطب وادلهم

ألفيت حول بيوتنا

عدد الشجاعة والكرم

للقا العدا بيض السيو

ف ، وللندى حمر النّعم

هذا وهذا دأبنا

يودى دم ويراق دم

وقول الشريف الرضى :

لغير العلى منى القلى والتجنّب

ولو لا العلى ما كنت فى العيش أرغب

وقور فلا الألحان تأسر عزمتى

ولا تمكر الصهباء بى حين أشرب

ولا أعرف الفحشاء إلّا بوصفها

ولا أنطق العوراء والقلب مغضب

٧ ـ التوبيخ : ومن ذلك قولنا لتارك الصلاة : «الصلاة ركن من أركان الإسلام».

٨ ـ التحذير : ومنه قول النبى ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «أبغض الحلال إلى الله الطلاق».

١٠٤

٩ ـ الأمر : ومنه قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ)(١) وقوله :

(وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ)(٢) ، فان السياق يدل على أنّ الله تعالى أمر بذلك لا أنّه خبر.

١٠ ـ النهى : ومنه قوله تعالى : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)(٣).

١١ ـ الوعد : ومنه قوله تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ)(٤).

١٢ ـ الوعيد : ومنه قوله تعالى : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)(٥).

١٣ ـ الدعاء : ومنه قوله تعالى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)(٦) ، أى :

أعنّا على عبادتك ، وقولنا : «عفا الله عنه».

١٤ ـ الإنكار والتبكيت : ومنه قوله تعالى : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ)(٧)

١٥ ـ التمنى : ومنه قولنا : «وددتك عندنا».

١٦ ـ الإنكار : ومنه : «ماله علىّ حق».

١٧ ـ النفى : ومنه : «لا بأس عليك».

١٨ ـ التعظيم : ومنه : «سبحان الله».

__________________

(١) البقرة ٢٢٨.

(٢) البقرة ٢٣٣.

(٣) الواقعة ٧٩.

(٤) فصلت ٥٣.

(٥) الشعراء ٢٢٧.

(٦) الفاتحة ٥.

(٧) الدخان ٤٩.

١٠٥

وربما كان اللفظ خبرا والمعنى شرطا وجزاء ، كقوله تعالى : (إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ)(١) ، فظاهره خبر ، والمعنى إنّا إن نكشف عنكم العذاب تعودوا. ومنه قوله : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ)(٢) ، والمعنى : من طلّق امرأة مرتين فليمسكها بعدهما بمعروف أو يسرحها باحسان (٣).

__________________

(١) الدخان ١٥.

(٢) البقرة ٢٢٩.

(٣) تنظر أغراض الخبر المجازية فى الصاحبى لابن فارس ص ١٧٩ ، والبرهان فى علوم القرآن ج ٢ ص ٣١٠.

١٠٦

الانشاء

تعريفه :

الانشاء كل كلام لا يحتمل الصدق والكذب لذاته ؛ لأنه ليس لمدلول لفظه قبل النطق به واقع خارجى يطابقه أو لا يطابقه. وهذا ما اعتمد عليه القدماء حينما فصلوا بين الخبر والانشاء فقال القزوينى : «ووجه الحصر أنّ الكلام إما خبر أو إنشاء ، لأنّه إما أن يكون لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه ، أو لا يكون لها خارج. الأول الخبر ، والثانى الإنشاء» (١).

أقسامه :

والإنشاء قسمان :

الأول : الإنشاء الطلبى ، وهو ما يستدعى مطلوبا غير حاصل وقت الطلب ، وهو خمسة أنواع : الأمر ، والنهى ، والاستفهام ، والتمنى ، والنداء.

الثانى : الإنشاء غير الطلبى : وهو ما لا يستدعى مطلوبا ، وله أساليب مختلفة منها :

١ ـ صيغ المدح والذم : ومنها «نعم وبئس» كقوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ، وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)(٢) ، وقوله : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ)(٣) ، وقوله : (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ)(٤).

__________________

(١) الإيضاح ص ١٣.

(٢) البقرة ٢٧١.

(٣) النحل ٣٠.

(٤) الحج ١٣.

١٠٧

وقول زهير فى مدح هرم بن سنان :

نعم امرأ هرم لم تعر نائبة

إلّا وكان لمرتاع لها وزرا

ومنها «حبّذا ولا حبّذا» ، كقول جرير :

يا حبّذا جبل الريان من جبل

وحبذا ساكن الريان من كانا

وحبذا نفحات من يمانية

تأتيك من قبل الريان أحيانا

ومنها الأفعال المحولة إلى «فعل» مثل («كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ)(١).

٢ ـ التعجب : وله صيغتان قياسيتان هما : «ما أفعله» كقوله تعالى : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ)(٢) وقوله : (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)(٣) وقول الشاعر :

فما أكثر الإخوان حين تعدّهم

ولكنهم فى النائبات قليل

وقول الآخر :

بنفسى تلك الأرض ما أطيب الربى

وما أحسن المصطاف والمتربّعا

و «أفعل به» كقوله تعالى : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا)(٤).

ويأتى سماعيا كقولهم : «لله دره عالما».

٣ ـ القسم : ويكون بالواو والتاء والباء ، كقوله تعالى : (وَالضُّحى. وَاللَّيْلِ إِذا سَجى)(٥) وقوله : (تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا)(٦) ، وقولنا : «أقسم بالله أنّى برئ».

__________________

(١) الكهف ٥.

(٢) عبس ١٧.

(٣) البقرة ١٧٥.

(٤) مريم ٣٨.

(٥) الضحى ١ ـ ٢.

(٦) يوسف ٩١.

١٠٨

ومن صيغ القسم التى تأتى كثيرا «لعمر» كقوله تعالى : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)(١).

وقول الشاعر :

لعمرك ما أدرى وإنّى لأوجل

على أيّنا تعدو المنية أول

٤ ـ الرجاء : وهو طلب حصول أمر محبوب قريب الوقوع. والحرف الموضوع له «لعل» كقوله تعالى : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ ، إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ ، وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)(٢).

وقول ذى الرمة :

لعلّ انحدار الدمع يعقب راحة

من الوجد أو يشفى نجىّ البلابل (٣)

أما الأفعال التى تستعمل فى هذا الأسلوب فهى : «عسى» ، كقوله تعالى : (فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ)(٤). وقول الشاعر :

عسى الكرب الذى أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريب

و «حرى» مثل : «حرى محمد أن يقوم».

و «اخلولق» مثل : «اخلولقت السماء أن تمطر».

وتسمى هذه الثلاثة «أفعال الرجاء».

__________________

(١) الحجر ٧٢.

(٢) هود ٢٢.

(٣) البلابل : جمع بلبال ، وهو الهم.

(٤) المائدة ٥٢.

١٠٩

٥ ـ صيغ العقود : مثل : «بعت» و «اشتريت» و «وهبت» و «قبلت».

وهذه أساليب خبر ، لكنها لا يراد بها الإخبار لأنّها لا تحتمل الصدق والكذب ، ولذلك لم توضع مع الخبر.

ولايتهم البلاغيون بهذه الأساليب الإنشائية لقلة الأغراض المتعلقة بها ، ولأنّ معظمها أخبار نقلت من معانيها الأصلية. أما الإنشاء الذى يعنون به فهو الطلبى لما فيه من تفنن فى القول لخروجه عن أغراضه الحقيقية إلى أغراض مجازية تفهم من سياق الكلام.

الإنشاء الطلبى :

وأساليب الإنشاء الطلبى خمسة هى :

الأول : الأمر :

وهو طلب الفعل على وجه الاستعلاء والإلزام ، أو كما قال العلوى : «وهو صيغة تستدعى الفعل ، أو قول ينبىء عن استدعاء الفعل من جهة الغير على جهة الاستعلاء» (١). وله أربع صيغ هى :

١ ـ فعل الأمر : كقوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)(٢) ، وقول الحطيئة :

دع المكارم لا ترحل لبغيتها

واقعد فانّك أنت الطاعم الكاسى

٢ ـ المضارع المقرون بلام الأمر : كقوله تعالى : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ)(٣). وقول أبى تمام :

كذا فليجلّ الخطب وليفدح الأمر

فليس لعين لم يفض ماؤها عذر

__________________

(١) الطراز ج ٣ ص ٢٨١.

(٢) النور ٥٦.

(٣) الطلاق ٧.

١١٠

٣ ـ اسم فعل الأمر : كقوله تعالى : (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)(١) ، أى : الزموا أنفسكم.

ومنه «صه» بمعنى اسكت ، و «مه» بمعنى «اكفف» و «آمين» بمعنى استجب و «بله» بمعنى دع ، و «رويده» بمعنى أمهله ، و «نزال» بمعنى انزل و «دراك» بمعنى أدرك.

٤ ـ المصدر النائب عن فعل الأمر : كقوله تعالى : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً)(٢) وقول قطرى بن الفجاءة :

فصبرا فى مجال الموت صبرا

فما نيل الخلود بمستطاع

وقد يخرج الأمر عن معناه الأصلى ـ وهو طلب الفعل على وجه الاستعلاء والإلزام إلى معان أخرى تفهم من سياق الكلام ، ومن هذه الأغراض المجازية :

١ ـ الدعاء : وهو الطلب على سبيل التضرع ، كقوله تعالى : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ)(٣) ويسميه ابن فارس «المسألة» (٤). ومنه قوله تعالى : (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ ، فَآمَنَّا ، رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ)(٥).

وقوله : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)(٦).

ومنه قول المتنبى :

أزل حسد الحسّاد عنى بكبتهم

فأنت الذى صيّرتهم لى حسّدا

__________________

(١) المائدة ١٠٥.

(٢) البقرة ٨٣.

(٣) نوح ٢٨.

(٤) الصاحبى ١٨٤.

(٥) آل عمران ١٩٣.

(٦) الفاتحة ٦.

١١١

٢ ـ الالتماس : وهو الطلب الصادر عن المتساوين قدرا ومنزلة على سبيل التلطف كقول ابن زيدون :

دومى على العهد مادمنا محافظة

فالحرّ من دان إنصافا كما دينا

٣ ـ التمنى : وهو الطلب الذى لا يرجى وقوعه ، كقول عنترة :

يا دار عبلة بالجواء تكلمى

وعمى صباحا دار عبلة واسلمى

وقول امرئ القيس :

ألا أيّها الليل الطويل ألا انجلى

بصبح وما الإصباح منك بأمثل

وقول المعرى :

فيا موت زر إنّ الحياة ذميمة

ويا نفس جدّى إنّ دهرك هازل

وقول ابن زيدون :

ويا نسيم الصّبا بلّغ تحيتنا

من لو على البعد حيّا كان يحيينا

٤ ـ النصح والإرشاد : وهو الطلب الذى لا إلزام فيه وإنّما النصيحة الخالصة ، كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ)(١) ، وقوله : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ)(٢).

وقول المتنبى فى مدح سيف الدولة :

كذا فليسر من طلب الأعادى

ومثل سراك فليكن الطلاب

٥ ـ التمييز : وهو الطلب بأن يختار المخاطب بين أمرين أو أكثر ، كقول بشار :

فعش واحدا أو صل أخاك فانّه

مقارف ذنب مرة ومجانبه

__________________

(١) البقرة ٢٨٢.

(٢) البقرة ٢٨٢.

١١٢

٦ ـ الإباحة : كقوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(١). وقال القزوينى : «ومن أحسن ما جاء فيه قول كثير :

أسيئى بنا أو أحسنى لا ملومة

لدينا ، ولا مقلية إن تقلّت (٢)

أى : لا أنت ملومة ولا مقلية.

ووجه حسنه إظهار الرضا بوقوع الداخل تحت لفظ الأمر حتى كأنه مطلوب ، أى : مهما اخترت فى حقى من الإساءة والإحسان ، فأنا راض به غاية الرضا فعاملينى بهما ، وانظرى هل تتفاوت حالى معك فى الحالين» (٣).

٧ ـ التعجيز : وهو الطلب بما لا يقدر عليه المخاطب كقوله تعالى : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ)(٤) ، وقوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(٥).

وقول الشاعر :

أرونى بخيلا طال عمرا ببخله

وهاتوا كريما مات من كثرة البذل

٨ ـ التهديد : كقوله تعالى : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(٦) وقوله : (قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ)(٧).

__________________

(١) البقرة ١٨٧.

(٢) مقلية مكروهة بغيضة. تقلت : تكرهت وتبغضت.

(٣) الإيضاح ص ١٤٣.

(٤) الرحمن ٣٣.

(٥) البقرة ٢٣.

(٦) فصلت ٤٠.

(٧) إبراهيم ٣٠.

١١٣

ومنه قول الشاعر :

إذا لم تخش عاقبة الليالى

ولم تستحى فاصنع ما تشاء

٩ ـ التسوية : كقوله تعالى : (فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا)(١) ، ومنه قول المتنبى :

عش عزيزا أو مت وأنت كريم

بين طعن القنا وخفق البنود

١٠ ـ الإهانة : كقوله تعالى : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ)(٢) ، وقوله : (كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً)(٣).

١١ ـ التسخير : هو التذليل والإهانة ، كقوله تعالى : (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ)(٤) ، ويسميه ابن فارس «التكوين» (٥).

١٢ ـ الاحتقار : كقوله تعالى : (أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ)(٦) ، وبعضهم يجمع الإهانة والاحتقار فى غرض واحد.

١٣ ـ التسليم : كقوله تعالى : (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ)(٧).

١٤ ـ الندب : كقوله تعالى : (فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ)(٨).

__________________

(١) الطور ١٦.

(٢) الدخان ٤٩.

(٣) الإسراء ٥٠.

(٤) الأعراف ١٦٦. وخاسئين : مبعدين مطرودين لا يسمح لكم بالقرب من الناس.

(٥) الصاحبى ص ١٨٥.

(٦) يونس ٨٠ ، والشعراء ٤٣.

(٧) طه ٧٢.

(٨) الجمعة ١٠.

١١٤

١٥ ـ التعجب : كقوله تعالى : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ)(١) ، ومنه قول كعب بن زهير :

أحسن بها خلة لو أنّها صدقت

موعودها ولو انّ النصح مقبول

١٦ ـ التلهيف والتحسير : كقوله تعالى : (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ)(٢). ومنه قول جرير :

موتوا من الغيظ غما فى جزيرتكم

لن تقطعوا بطن واد دونه مضر

١٧ ـ الوجوب : وذلك أن يكون أمرا وهو واجب كقوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)(٣).

١٨ ـ الخبر : ويكون أمرا والمعنى خبر كقوله تعالى : (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً)(٤). والمعنى : إنّهم سيضحكون قليلا ويبكون كثيرا.

١٩ ـ الامتنان : كقوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ)(٥) ، والظاهر أنّه قسم من الإباحة لكن معه امتنان.

٢٠ ـ الاكرام : مثل قوله تعالى : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ)(٦) ، وهو من الإباحة أيضا.

٢١ ـ التكوين : كقوله تعالى : (كُنْ فَيَكُونُ)(٧) ، وهو قريب من التسخير ، إلّا أنّ هذا أعم.

__________________

(١) مريم ٣٨.

(٢) آل عمران ١١٩.

(٣) البقرة ٤٣.

(٤) التوبة ٨٢.

(٥) النحل ١١٤.

(٦) الحجر ٤٦.

(٧) البقرة ١١٧ ، وغيرها.

١١٥

٢٢ ـ التفويض : كقوله تعالى : (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ» (١).

٢٣ ـ التكذيب : كقوله تعالى : (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها)(٢) ، وقوله : (قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا)(٣).

٢٤ ـ المشورة : كقوله تعالى : (فَانْظُرْ ما ذا تَرى)(٤).

٢٥ ـ الاعتبار : كقوله تعالى : (انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ)(٥).

ويرى السبكى أنّ فى غالب هذه المعانى نظرا (٦).

الثانى النهى :

النهى طلب الكف عن الفعل على وجه الاستعلاء والإلزام. ويتفق مع الأمر فى :

١ ـ أنّ كل واحد منهما لا بدّ فيه من اعتبار الاستعلاء.

٢ ـ أنّهما يتعلقان بالغير ، فلا يمكن أن يكون الإنسان آمرا لنفسه أو ناهيا لها.

٣ ـ أنّهما لا بدّ من اعتبار حال فاعلهما فى كونه مريدا لهما.

ويختلفان فى :

١ ـ أنّ كل واحد منهما مختص بصيغة تخالف الآخر.

٢ ـ أنّ الأمر دالّ على الطلب ، والنهى دالّ على المنع.

__________________

(١) طه ٧٢.

(٢) آل عمران ٩٣.

(٣) الأنعام ١٥٠.

(٤) الصافات ١٠٢.

(٥) الأنعام ٩٩.

(٦) تنظر هذه الأغراض فى الصاحبى ص ١٨٤ ، ومفتاح العلوم ص ١٥٢ ، والإيضاح ص ١٤٣ ، وشروح التلخيص ج ٢ ص ٣١٣.

١١٦

٣ ـ أنّ الأمر لا بدّ فيه من إرادة مأموره ، وأنّ النهى لا بدّ فيه من كراهية منهيه (١).

وللنهى صيغة واحدة هى المضارع المقرون بـ «لا» الناهية الجازمة ، كقوله تعالى : (وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً)(٢).

وقد تخرج هذه الصيغة إلى معان مجازية كثيرة منها :

١ ـ الدعاء : ويكون صادرا من الأدنى إلى الأعلى ، كقوله تعالى : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا ، رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً)(٣) ، وقوله : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا)(٤).

وقول كعب بن زهير :

لا تأخذنّى بأقوال الوشاة ولم

أذنب ولو كثرت فىّ الأقاويل

٢ ـ الالتماس : ويكون صادرا من أخ إلى أخيه أو صديق إلى صديقه ، كقوله تعالى على لسان هارون يخاطب أخاه موسى : (قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي)(٥). وقول المعرى :

لا تطويا السرّ عنى يوم نائبة

فانّ ذلك ذنب غير مغتفر

٣ ـ التمنى : ويكون النهى موجها إلى ما لا يعقل ، كقول الخنساء :

أعينىّ جودا ولا تجمدا

ألا تبكيان لصخر الندى

٤ ـ النصح : كقوله تعالى : (وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ)(٦).

__________________

(١) الطراز ج ٣ ص ٢٨٥.

(٢) الحجرات ١٢.

(٣) البقرة ٢٨٦.

(٤) آل عمران ٨.

(٥) طه ٩٤.

(٦) البقرة ٢٨٢.

١١٧

وكقول الشاعر :

لا تحلفنّ على صدق ولا كذب

فما يفيدك إلّا المأثم الحلف

٥ ـ التهديد : كقولنا لمن لا يمتثل للأمر : «لا تمتثل أمرى».

٦ ـ التوبيخ : كقول الشاعر :

لاتنه عن خلق وتأتى مثله

عار عليك إذا فعلت عظيم

٧ ـ التحقير : كقول الحطيئة :

دع المكارم لا ترحل لبغيتها

واقعد فإنّك أنت الطاعم الكاسى

وقول المتنبى :

لا تشتر العبد إلّا والعصا معه

إنّ العبيد لأنجاس مناكيد

٨ ـ التيئيس : ومنه قوله تعالى : (لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ)(١) وقول المتنبى فى مدح سيف الدولة :

لا تطلبنّ كريما بعد رؤيته

إنّ الكرام بأسخاهم يدا ختموا

٩ ـ بيان العاقبة : كقوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً)(٢) ، أى : عاقبة الظلم العذاب لا الغفلة (٣).

الثالث : الاستفهام :

الاستفهام طلب العلم بشىء لم يكن معلوما من قبل ، وهو الاستخبار الذى قالوا فيه إنّه طلب خبر ما ليس عندك ، أى طلب الفهم. ومنهم من فرق بينهما

__________________

(١) التوبة ٦٦.

(٢) إبراهيم ٤٢.

(٣) تنظر هذه الأغراض المجازية فى مفتاح العلوم ص ١٥٢ ، والإيضاح ص ١٤٥ ، وشروح التلخيص ج ٢ ص ٣٢٥.

١١٨

وقال إنّ الاستخبار ما سبق أولا ولم يفهم حق الفهم ، فاذا سألت عنه ثانيا كان استفهاما (١). ولكن المستعمل فى الدراسات البلاغية مصطلح «الاستفهام».

وللاستفهام أدوات كثيرة وهى نوعان :

الأول : حرفان ، وهما الهمزة وهل. وتستعمل الهمزة لطلب التصديق وهو إدراك النسبة أى تعيينها مثل : «أقام محمد؟» الجواب عنها يكون بـ «نعم» أو «لا» ، وللتصور وهو إدراك المفرد أى تعيينه مثل «أقام محمد أم قعد؟» والجواب عنها يكون بتحديد المفرد.

أما «هل» فلا يطلب بها غير التصديق مثل : «هل قام محمد؟» ، الجواب عنها يكون بـ «نعم» أو «لا».

الثانى : أسماء ، ولا يطلب بها إلّا التصور ، وهى :

١ ـ ما : يطلب بها شرح السىء ، مثل : «ما البلاغة؟».

٢ ـ من : للسؤال عن الجنس مثل : «من هذا؟».

٣ ـ أى : للسؤال عما يميز أحد المتشاركين فى أمر يعمهما ، مثل : «أى الثياب عندك؟».

٤ ـ كم : للسؤال عن العدد ، مثل «كم كتابا عندك؟».

٥ ـ كيف : للسؤال عن الحال ، مثل : «كيف محمد؟».

٦ ـ أين : للسؤال عن المكان ، مثل : «أين كنت؟».

٧ ـ أنّى : تستعمل تارة بمعنى كيف ، كقوله تعالى : (أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها؟)(٢) وتارة بمعنى «من أين» كقوله تعالى : (يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا؟)(٣).

__________________

(١) الصاحبى ص ١٨١ ، والبرهان فى علوم القرآن ج ٢ ص ٣٢٦.

(٢) البقرة ٢٥٩.

(٣) آل عمران ٣٧.

١١٩

وتارة بمعنى «متى» مثل : «أنّى تسافر؟».

٨ ـ متى : للسؤال عن الزمان ، مثل : «متى جئت؟».

٩ ـ أيّان : للسؤال عن الزمان ، كقوله تعالى : (يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ)(١) وكقوله : (يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ)(٢).

ولكن الاستفهام قد يخرج عن معانيه الأصلية إلى معان كثيرة منها :

١ ـ النفى : كقوله تعالى : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ)(٣).

وقول البحترى :

هل الدهر إلّا غمرة وانجلاؤها

وشيكا وإلّا ضيقة وانفراجها

٢ ـ التعجب : كقوله تعالى على لسان سليمان ـ عليه‌السلام ـ : (ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ؟)(٤) وقوله : (ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ)(٥).

وقول المتنبى :

أبنت الدهر عندى كل بنت

فكيف وصلت أنت من الزحام؟

الثالث التمنى :

كقوله تعالى : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا؟)(٦).

وقول المتنبى :

أيدرى الربع أىّ دم أراقا

وأىّ قلوب هذا الركب شاقا

_________________

(١) القيامة ٦.

(٢) الذاريات ١٢.

(٣) الرحمن ٦٠.

(٤) النمل ٢٠.

(٥) الفرقان ٧.

(٦) الأعراف ٥٣.

١٢٠