الصوت اللغوي في القرآن

الدكتور محمد حسين علي الصّغير

الصوت اللغوي في القرآن

المؤلف:

الدكتور محمد حسين علي الصّغير


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المؤرّخ العربي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢١٥

تعالى : ( وإذ قال موسى لفتاه لآ أبرح حتّى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا ) (١).

٥ ـ الراء : وتدغم في مثلها في نحو قوله تعالى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) (٢).

٦ ـ السين : تدغم في مثلها في نحو قوله تعالى : ( وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ) (٣).

٧ ـ العين : تدغم في مثلها في نحو قوله تعالى : ( من ذا الذى يشفع عنده إلا بإذنه ) (٤).

٨ ـ الغين : تدغم في مثلها في نحو قوله تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الأخرة من الخاسرين ) (٥).

٩ ـ الفاء : تدغم في مثلها في نحو قوله تعالى : ( ألم تر كيف فعل ربّك بأصحاب الفيل ) (٦).

١٠ ـ القاف : وتتدغم في مثلها في نحو قوله تعالى :

( والطيبات من الرزق قل هي للّذين ءامنوا ) (٧).

١١ ـ الكاف : تتدغم في مثلها في نحو قوله تعالى :

( واذكر ربّك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار ) (٨).

١٢ ـ اللام : تتدغم في مثلها في نحو قوله تعالى :

( وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين ) (٩).

١٣ ـ الميم : تدغم في مثلها في نحو قوله تعالى :

( واتخذوا من مقام إبراهم مصلّى ) (١٠).

__________________

(١) الكهف : ٦٠.

(٢) البقرة : ١٨٥.

(٣) الحج : ٢.

(٤) البقرة : ٢٥٥.

(٥) آل عمران : ٨٥.

(٦) الفيل : ١.

(٧) الأعراف : ٣٢.

(٨) آل عمران : ٤١.

(٩) الجمعة : ٢.

(١٠) البقرة :١٢٥.

١٢١

١٤ ـ النون : تدغم في مثلها في نحو قوله تعالى :

( والاّتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع ) (١).

١٥ ـ الواو : تدغم في مثلها في نحو قوله تعالى :

( خذ العفو وامر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) (٢).

١٦ ـ الهاء : تدغم في مثلها في نحو قوله تعالى :

( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى لّلمتقين ) (٣).

١٧ ـ الياء : تدغم في مثلها في نحو قوله تعالى : ( فلمّا جاء أمرنا نجينا صالحا والّذين ءامنو معه برحمت منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوى العزيز ) (٤).

وقد لا حظنا أن للادغام عدة شروط يصح معها :

١ ـ إسكان الأول المتحرك قبل إدغامه وتحرك الثاني.

٢ ـ أن يلتقي المثلان في الرسم فلا يفصل بينهما حرف.

٣ ـ أن يكون المثلان مركبين من كلمتين ، فإن التقيا من كلمة واحدة فلا إدغام إلا في حرفين ( مناسككم ) في البقرة ، و( سلككم ) في المدثر.

وعندي أنهما مركبان من كلمتين ، فالمناسك كلمة ، والضمير لجمع المخاطب كلمة أخرى ، وسلك كلمة ، والضمير لجمع المخاطب كلمة أخرى ، فجرى القياس على أصوله ، فهما من الأصل دون الاستثناء المشار إليه.

٤ ـ أن لا يكون الأول تاء ضمير المتكلم أو خطاباً ، فلا يدغم حينئذ كقوله تعالى : ( أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون ) (٥).

__________________

(١) النساء : ٣٤.

(٢) الأعراف : ١٩٩.

(٣) البقرة : ٢.

(٤) هود : ٦٦.

(٥) يونس : ٤٢.

١٢٢

٥ ـ أن لا يكون الأول مشدداً ، فلا يدغم في نحو قوله تعالى : ( ذوقوا مسّ سقر ) (١).

٦ ـ أن لا يكون الأول مشدداً فلا يدغم في نحو قوله تعالى : ( إن الله غفوررحيم ) (٢).

* * *

ثانياً : الادغام في المتجانسين والمتقاربين وله شروط :

أ ـ أن لا يكون الحرف الأول مشدداً كقوله : ( أو أشد ذكرًا ) (٣).

ب ـ أن لا يكون منوناً كقوله تعالى : ( في ظلمات ثلاث ) (٤).

ج ـ أن لا يكون تاء ضمير كقوله تعالى : ( خلقت طيناً ) (٥).

وقد ظهر من الاستقراء القرآني أن هذا الادغام وارد في ستة عشر حرفاً ، وهي من ضم بعضها إلى بعض ، تمثل الحالات التفصيلية الآتية :

١ ـ الباء : وتدغم في الميم كقوله تعالى : ( يعذّب من يشاء ) (٦).

٢ ـ التاء : وتدغم في عشرة أحرف سواها هي :

أولاً : التاء في الثاء في نحو قوله تعالى : ( ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون ) (٧).

ثانياً : التاء في الجيم كقوله تعالى : ( ليس على الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وءامنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وءامنوا ثم

__________________

(١) القمر : ٤٨.

(٢) وردت لأول مرة في المصحف بسورة البقرة : ١٧٣.

(٣) البقرة : ٢٠٠.

(٤) الزمر : ٦.

(٥) الإسراء : ٦١.

(٦) العنكبوت : ٢١.

(٧) المائدة : ٣٢.

١٢٣

اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين ) (١).

ثالثاً : التاء في الذال كقوله تعالى : ( فالتاليات ذكرًا ) (٢).

رابعاً : التاء في الزاي كقوله تعالى : ( فالزاجرات زجرا )(٣).

خامساً : التاء في السين كقوله تعالى : ( والذين ءامنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات ) (٤).

سادساً : التاء في الشين كقوله تعالى : ( لولا جاءو عليه بأربعة شهداء ) (٥).

سابعاً : التاء في الصاد كقوله تعالى : ( والصافات صفّا ) (٦).

ثامناً : التاء في الضاد كقوله تعالى : ( والعاديات ضبحاً ) (٧).

تاسعاً : التاء في الطاء في نحو قوله تعالى : ( الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلو الجنة بما كنتم تعملون ) (٨).

عاشراً : التاء في الظاء : ( الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي انفسهم ) (٩).

٣ ـ الثاء : وتدغم في خمسة أحرف سواها هي :

أولاً : الثاء في التاء كقوله تعالى : ( أفمن هذا الحديث تعجبون ) (١٠).

ثانياً : الثاء في الذال كقول تعالى : ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب ) (١١).

ثالثاً : الثاء في السين كقوله تعالى : ( وورث سليمان داوود ) (١٢).

__________________

(١) المائدة : ٩٣.

(٢) الصافات : ٣.

(٣) الصافات : ٢.

(٤) النساء : ١٢٢.

(٥) النور : ١٣.

(٦) الصافات : ١.

(٧) العاديات : ١.

(٨) النحل : ٣٢.

(٩) النحل : ٢٨.

(١٠) النجم : ٥٩.

(١١) آل عمران : ١٤.

(١٢) النمل : ١٦.

١٢٤

رابعاً : الثاء في الشين كقوله تعالى : ( انطلقوا إلى ضلّ ذي ثلاث شعب ) (١).

خامساً : الثاء في الضاد كقوله تعالى : ( هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين ) (٢).

٤ ـ الجيم وتدغم في حرفين متقاربين هما :

أولاً : الجيم في التاء في نحو قوله تعالى : ( من الله ذي المعارج * تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) (٣).

ثانياً : الجيم في الشين في نحو قوله تعالى : ( كزرع أخرج شطئه ) (٤).

٥ ـ الحاء وتدغم في موضع واحد وهو قوله تعالى : ( فمن زحزح عن النّار ) (٥).

٦ ـ الدال ، وتدغم الدال ما لم تفتح بعد ساكن في عشرة أحرف إلا مع التاء فينتفي الشرط للتجانس ، وهي :

أولاُ : الدال في التاء في نحو قوله تعالى : ( تكاد تميّز من الغيظ ) (٦).

ثانياً : الدال في الثاء في نحو قوله تعالى : ( من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والأخرة وكان الله سميعا بصيراً ) (٧).

ثالثاً : الدال في الجيم في نحو قوله تعالى : ( وقتل داوود جالوت ) (٨).

رابعاُ : الدال في الذال في نحو قوله تعالى : ( فمن اعتدى بعد ذلك ) (٩).

خامساً : الدال في الزاي في نحو قوله تعالى : ( تريد زينة الحياة الدنيا ) (١٠).

____________

(١) المرسلات : ٣٠.

(٢) الذاريات : ٢٤.

(٣) المعارج : ٣ ـ ٤.

(٤) الفتح : ٣٩.

(٥) آل عمران : ١٨٥.

(٦) الملك : ٨.

(٧) النساء : ١٣٤.

(٨) البقرة : ٢٥١.

(٩) المائدة : ٩٤.

(١٠) الكهف : ٢٨.

١٢٥

سادساً : الدال في السين في نحو قوله تعالى : ( إنما صنعوا كيد ساحر ) (١).

سابعاً : الدال في الشين في نحو قوله تعالى : ( قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من اهلها إن كان قميصه قدّ من قبل فصدقت وهو من الكاذبين ) (٢).

ثامناً : الدال في الصاد في نحو قوله تعالى : ( في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) (٣).

تاسعاً : الدال في الضاد في نحو قوله تعالى : ( ولئن اذقناه رحمة منّا من بعد ضرّاء ) (٤).

عاشراً : الدال في الظاء في نحو قوله تعالى : ( وما الله يريد ظلماً للعباد ) (٥).

٧ ـ وتدغم الذال في حرفين هما السين والصاد :

أولاً : الذال في السين في نحو قوله تعالى : ( فاتّخذ سبيله في البحر سربا ) (٦).

ثانياً : الذال في الصاد في نحو قوله تعالى : ( ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ) (٧).

٨ ـ وتدغم الراء في اللام ما لم تفتح بعد ساكن في نحو قوله تعالى : ( أيود أحدكم أن تكون له جنّة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الأيات لعلكم تتفكرون ) (٨).

__________________

(١) طه : ٦٩.

(٢) يوسف : ٢٦.

(٣) القمر : ٥٥.

(٤) فصلت : ٥٠.

(٥) المؤمن = غافر : ٣١.

(٦) الكهف : ٦١.

(٧) الجن : ٣.

(٨) البقرة : ٢٦٦.

١٢٦

٩ ـ وتدغم السين في حرفين هما : الزاي والسين :

أولاً : السين في الزاي في نحو قوله تعالى : ( وإذا النفوس زوجت ) (١).

ثانياً : السين في الشين في نحو قوله تعالى : ( واشتعل الرأس شيبا ) (٢).

١٠ ـ وتدغم الشين في السين في نحو قوله تعالى : ( قل لو كان معه ءالهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلاً ) (٣).

١١ ـ وتدغم الضاد في الشين. في نحو قوله تعالى : ( فإذا استئذنوك لبعض شأنهم فأذن لّمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رّحيم ) (٤).

١٢ ـ وتدغم القاف في الكاف على أن يتحرك ما قبل القاف في نحو قوله تعالى : ( ذالكم الله ربكم لآ إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل ) (٥).

١٣ ـ وتدغم الكاف في القاف إذا تحرك ما قبل الكاف في نحو قوله تعالى : ( قد نرا تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولّوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون ) (٦).

١٤ ـ وتدغم اللام في الراء إذا تحرك ما قبلها في نحو قوله تعالى : ( قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلاّ امرأتك إنه مصيبها مآ أصابهم إن موعودهم الصّبح أليس الصّبح بقريب ) (٧).

ـ إلا لام قال فإنها تدغم حيث وقعت قبل الراء كقوله تعالى : ( قال

__________________

(١) التكوير : ٧.

(٢) مريم : ٤.

(٣) الإسراء : ٤٢.

(٤) النور : ٦٢.

(٥) الأنعام : ١٠٢.

(٦) البقرة : ١٤٤.

(٧) هود : ٨١.

١٢٧

رب أغفر لي وهب لي ملكا لاً ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب ) (١).

١٥ ـ وتدغم الميم في الباء ، والأصح صناعة أنها تخفى بالباء لأنها تسكن عند الباء إذا تحرك ما قبلها فتخفى بغنة ، لأن الميم لا تلغي الباء ولا تحل محلها فتعود مشددة ، بل تبقى الميم في غنة أنفية ، وهذا هو الاخفاء كما في قوله تعالى : ( لكى لا يعلم بعد علم شيئاً ) (٢).

١٦ ـ وتدغم النون في حرفين هما الراء واللام على أن يتحرك ما قبل النون :

أولاً : النون في الراء في نحو قوله تعالى : ( قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربّي ) (٣).

ثانياً : النون في اللام في نحو قوله تعالى : ( وقالوا لن نؤمن لك حتّا تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) (٤).

وقد ظهر مما تقدم رصد النتائج الصوتية التّالية :

١ ـ إن الحروف التي تدغم في أمثالها ، وعددها سبعة عشر حرفاً ؛ هي : ب. ت. ث. ح. ر. س. ع. غ. ف. ق. ك. ل. م. ن. و. ي. هـ.

٢ ـ إن الحروف التي تدغم في المتجانسين والمتقاربين دون المتماثلين ـ وعددها ستة عشر حرفاً ـ هي : ب. ت. ث. ج. ح. د. ذ. ر. س. ش. ض. ق. ك. ل. م. ن.

٣ ـ إن الحروف التي تدغم ويدعم فيها ـ وعددها ثمانية عشر حرفاً ـ هي : ب. ت. ث. ج. د. ذ. ر. س. ش. ف. ص. ض. ظ. ط. ك. ل. م. ن.

وقد خلص لنا مما تقدم بيانه في الادغام رصد الضوابط والقواعد الصوتية الآتية :

١ ـ إن كل حرفين التقيا أولهما ساكن ، وهما متماثلان أو متجانسان

__________________

(١) ص : ٣٥.

(٢) النحل : ٧٠.

(٣) الإسراء : ١٠٠.

(٤) الإسراء : ٩٠.

١٢٨

فيجب فيهما إدغام الأول عند علماء القراءة :

أ ـ في المتماثلين كقوله تعالى : ( فما ربحت تجارتهم ) (١).

ب ـ في المتجانسين كقوله تعالى : ( إذ همت طآئفتان منكم ) (٢).

٢ ـ إن الطاء إذا جاورت التاء أدغم الطاء وجوباً مع بقاء الأطباق كقوله تعالى : ( لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك ) (٣).

٣ ـ إن الاخفاء قد يختلط بالادغام في حالة واحدة منظورة في اللسان العربي ، والحالة هي : إخفاء الميم بالباء ، فيعده بعضهم في الإدغام ، ويعده بعضهم في الأخفاء ، وهو الصحيح فيما يبدو لي ، لأن الميم غير متلاشية في نحو قوله تعالى : ( أليس الله بأعلم بالشاكرين ) (٤).

فإن سكن ما قبلها أظهرت دون إخفاء أو إدغام ، كما في قوله تعالى : ( ولمّا جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى ) (٥).

هذا في الإدغام الكبير.

أما الإدغام الصغير فالجائز منه :

١ ـ إدغام حرف من كلمة في حروف متعددة من كلمات متفرقة وتقتصر عند القراء على ما يأتي :

إذ | قد | تاء التأنيت | هل | بل.

٢ ـ إدغام حروف قربت مخارجها ، وهي سبعة عشر حرفاً اختلف فيها عند القراء ، وقد استوعبها السيوطي في بحثه عنها (٦).

والحق أن الادغام الصغير لا يعنينا صوتياً ، لأن فك الادغام فيه أو عنه يعني تكرار الحرف ليس غير، ولا يفك إدغامه في السياق الجملي بل

__________________

(١) البقرة : ١٦.

(٢) آل عمران : ١٢٢.

(٣) المائدة : ٢٨.

(٤) الأنعام : ٥٣.

(٥) العنكبوت : ٣١.

(٦) ظ : السيوطي ، الاتقان في علوم القرآن : ١|٢٦٨.

١٢٩

عند تصريف الكلمة أو عند بيان صيغتها التفعيلة وهذا ما لا يحدت عند النطق في العبارة ، فيبقى الحرف في الواقع صوتاً واحداً وإن كان مشدداً كما في : قد. هل. بل من الأدوات ، وقل. سل. عد. من الأفعال. لهذه الأسباب العلمية استبعدنا الخوض عن الادغام الصغير في هذا البحث. نعم ألحق القراء في هذا المبحث أحكام النون الساكنة والتنوين من وجه لأن لهما أربعة أحكام هي :

الإظهار. الإدغام. الإقلاب. والإخفاء.

ولما كانت هذه الأحكام الأربعة تتحكم في إخراج الصوت وحدوثه ضمن حيثيته المؤشرة ، فحسن منا التنبيه عليها ، والإشارة إليها في حدود الصوت اللغوي دون التفصيلات الأخرى.

فالاظهار عند ستة أحرف ، وهي حروف الحلق :

الهمزة ، الهاء ، العين ، الحاء ، الغين ، الخاء.

وبعضهم يخفي عند الخاء والغين.

والإدغام عند ستة أحرف ؛ حرفان بلا غنّة ؛ وهما اللام والراء ، وأربعة بغنة ، وهي : النون ، والميم ، والياء ، والواو. والإقلاب عند حرف واحد ، وهو الباء بقلب النون ميماً في نحو قوله تعالى : ( قال يا آدم أنبئهم بأسمآئهم ) (١). ويقلب التنوين ميماً في نحو قوله تعالى : ( صم بكم عمي فهم لا يرجعون ) (٢). والاخفاء يكون عند بقية حروف المعجم العربي ، وهو حالة بين الادغام والاظهار ، ولا بد من الغنة معه (٣).

وفي هذا الضوء فإن النون الساكنة تخفى في خمسة عشر موضعاً عند خمسة عشر حرفاً من القرآن الكريم ، فلا تدغم نهائياً ، ولا تظهر بجوهرها ، وإنما هي حالة بين حالتين ، ومنزلة بين منزلتين ، كما في الكشف الآتي ، لنماذج من الآيات القرآنية بحسب الأصوات.

__________________

(١) البقرة : ٣٣.

(٢) البقرة : ١٨.

(٣) ظ : السيوطي ، الاتقان في علوم القرآن : ١|٢٧٠.

١٣٠

١ـ التاء ، وتخفى النون عندها في قوله تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) (١).

٢ـ الثاء ، وتخفى النون عندها في نحو قوله تعالى : ( كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا ) (٢).

٣ ـ الجيم ... في نحو قوله تعالى : ( قل أرءيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا ) (٣).

٤ ـ الدال ... في نحو قوله تعالى : ( أن دعوا للرحمن ولدا ) (٤).

٥ ـ الذال ... في نحو قوله تعالى : ( وسواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم ) (٥).

٦ ـ الزاى ... في نحو قوله تعالى : ( ما لكم من زوال ) (٦).

٧ ـ السين في نحو قوله تعالى : ( لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة ) (٧).

٨ ـ الشين في نحو قوله تعالى : ( إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً ) (٨).

٩ ـ الصاد في نحو قوله تعالى : ( ولا يجرمنّكم شنئان قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام ) (٩).

١٠ ـ الضاد في نحو قوله تعالى : ( ومن ضل فإنّما يضل عليها ) (١٠).

١١ ـ الطاء في نحو قوله تعالى : ( هو الذي خلقكم من طين ثم قضى اجلاً ) (١١).

١٢ ـ الظاء في نحو قوله تعالى : ( وما له منهم من ظهير ) (١٢).

__________________

(١) آل عمران : ١١٠.

(٢) البقرة : ٢٥.

(٣) القصص : ٧١.

(٤) مريم : ٩١.

(٥) يس : ١٠.

(٦) إبراهيم : ٤٤.

(٧) الزمر : ٤٧.

(٨) الإنسان : ٢٩.

(٩) المائدة : ٢.

(١٠) يونس : ١٠٨.

(١١) الأنعام : ٢.

(١٢) سبأ : ٢٢.

١٣١

١٣ ـ الفاء في نحو قوله تعالى : ( ثم قضى أجلا الله من فضله ) (١).

١٤ ـ القاف في نحو قوله تعالى : ( من ظهير من قرار ) (٢).

١٥ ـ الكاف في نحو قوله تعالى : ( وقل ءامنت بما أنزل الله من كتاب ) (٣).

* * *

والتنوين كذلك فإنه يخفى في خمسة عشر موضعاً عند خمسة عشر حرفاً من القرآن ، وهي الحروف المتقدمة نفسها :

١ـ التاء ، ويخفى التنوين عندها في نحو قوله تعالى : ( إن الذين ءامنو وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ) (٤).

٢ ـ الثاء ، في نحو قوله تعالى : ( من فضله عليك قولا ثقيلا ) (٥).

٣ ـ الجيم ، في نحو تعالى : ( إن الذين ءامنو وعملوا ) (٦).

٤ ـ الدال ، في نحو قوله تعالى : ( عليك قولاً ثقيلاً * حدآئق وأعناباً * وكواعب أترابا * وكأسا دهاقا )(٧).

٥ ـ الذال ، في نحو قوله تعالى : ( ألاّ تتخذوا من دوني وكيلا * هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا الله ) (٨).

٦ ـ الزاي ، في نحو قوله تعالى : ( قضى أجلا الله ) (٩).

٧ ـ السين ، في نحو قوله تعالى : ( ضرب إن الذين ءامنوا وعملو الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الانهار مثلا ) (١٠).

__________________

(١) النساء : ٣٧.

(٢) إبراهيم : ٢٦.

(٣) الشورى : ١٥.

(٤) البروج : ١١.

(٥) المزمل : ٥.

(٦) الإسراء : ٤٩.

(٧) النبأ: ٣١ ـ ٣٤.

(٨) الإسراء : ٢ ـ ٣.

(٩) الكهف : ٤٠.

(١٠) الزمر: ٢٩.

١٣٢

٨ ـ الشين ، في نحو قوله تعالى : ( إن الله غفور شكور ) (١).

٩ ـ الصاد ، في نحو قوله تعالى : ( كأنه جمالت صفر ) (٢).

١٠ـ الضاد ، في نحو قوله تعالى : ( وكلا ضربنا له الأمثال ) (٣).

١١ ـ الطاء ، في نحو قوله تعالى : ( فتيمّموا صعيدا طيّبا ) (٤).

١٢ ـ الظاء ، في نحو قوله تعالى : ( لهم فيها ازواج مّطهّرة وندخلهم ظلاً ظليلاً ) (٥).

١٣ـ الفاء ، في نحو قوله تعالى : ( ومن يقتل مؤمنا متعمّدا فجزاؤه جهنّم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً ) (٦).

١٤ ـ القاف ، في نحو قوله تعالى : ( نصر من الله وفتح قريب ) (٧).

١٥ ـ الكاف ، في نحو قوله تعالى : ( إني ألقي إلي كتاب كريم ) (٨).

وهكذا نجد الإخفاء متحكماً في النون الساكنة والتنوين.

توظيف الأداء القرآني في الأحكام :

كان أداء القرآن على الوجه العربي الصحيح ، وفي ضوء أصول التلاوة المعتبرة موضوعاً للأحكام الشرعية المتعلقة باعتبار قراء الفاتحة ـ مثلاً ـ فرضاً واجباً في كل صلاة سواءً أكانت فريضة أم نافلة ، وذلك في الأوليتين من الركعات ، ويجب في خصوص الفريضة قراءة سورة كاملة ـ على الأحوط ـ بعدها.

كان هذا الاعتبار الشرعي منطلقاً للأحكام الدقيقة الصادرة من الفقهاء بوجوب القراءة الصحيحة فيما يتلى من القرآن في الصلاة ، وذلك بأداء الحروف وإخراجها من مخارجها على النحو اللازم في لغة العرب ، بأن

__________________

(١) الشورى : ٢٣.

(٢) المرسلات : ٣٣.

(٣) الفرقان : ٣٩.

(٤) النساء : ٤٣ + المائدة : ٦.

(٥) النساء : ٥٧.

(٦) النساء : ٩٣.

(٧) الصف : ١٣.

(٨) النمل : ٢٩.

١٣٣

والمد الواجب ، وأمثال هذا ، فإن أخل بشيء من ذلك بطلت القراءة. حتى أن من لا يحسن القراءة بأصولها وجب عليه تعلمها ، وأن كان متمكناً من الائتمام ؛ وقيل : لا وجه لوجوبه مع التمكن من الصلاة الصحيحة بالائتمام.

هذه العناية في أمر القراءة مؤداةً على الوجه العربي الأمثل كانت مناطاً لأحكام أدائية موضوعة للوجوب وعدمه تارةً ، وللاحتياط الشرعي بشقيه الوجوبي والاستحبابي تارة ، وللجواز وعدمه تارة أخرى.

وكانت هذه الملاحظ الدقيقة مظنة لإبداء الحكم الشرعي بتلك الصور المختلفة ، وميداناً جديداً للفقهاء في رصد حياة الصوت اللغوي في مهمة الفرائض الدينية.

إن متابعة هذا الموضوع من أدلته التفصيلية في الشريعة الإسلامية ، قد يخرج البحث من موضوعيته ، وأحاول ـ قدر المستطاع ـ إعطاء أبرز الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الأمر ـ فيما يأتي ـ بمضمونها الفتوائي دون أدلتها التفصيلية ، وذلك من خلال الرجوع لأمهات المصادر في الموضوع ، والتوفيق بينها عند أغلبية المذاهب (١).

أولاً :

في الملحظ الصوتي للكلمة الواحدة في القراءة القرآنية عند الصلاة تتبلور الأحكام الصوتية الآتية :

١ ـ تجب الموالاة بين حروف الكلمة بالمقدار الذي يتوقف عليه صدق الكلمة ، فإذا فاتت الموالاة ـ سهواً ـ بطلت الكلمة ، وإذا كان ذلك عمداً بطلت الصلاة. وذلك حتى في( أل ) التعريف ، إذ تجب المولاة بينها وبين مدخولها ممّا يعد جزء الكلمة عند العرب.

__________________

(١) ظ : العروة الوثقى + مستمسك العروة الوثقى + مهذب الأحكام + كتاب الأم للشافعي ، باب القراءة : ١|١٠٧ + كتاب المحلى لابن حزم كتاب الصلاة المجلد الثالث. وقارن بين آراء الفقهاء فيما سبق

١٣٤

٢ ـ في حالة حصول فصل بين حروف كلمة واحدة اختياراً أو اضطراراً بحيث خرجت عن صدق تلك الكلمة عليها بطلت ، ومع العمد أبطلت هذا إذا كان من الأول قاصداً لذلك.

٣ـ إذا أعرب آخر الكلمة بقصد الوصل بما بعده فانقطع نفسه ، فحصل الوقف بالحركة ، فالأحوط إعادتها ، وإن لم يكن الفصل كثيراً اكتفى بها.

٤ ـ إذا شك في حركة كلمة أو مخرج حروفها لا يجوز أن يقرأ بالوجهين : فيما إذا لم يصدق على الآخر أنه ذكر ولو غلطاً ، ولو اختار أحد الوجهين جازت القراءة عليه ، فإذا انكشفت أنه مطابق للواقع لم يعد الصلاة ، وإلا أعادها.

٥ ـ إذا اعتقد كون الكلمة على وجه خاص من الاعراب ، أو البناء ، أو مخرج الحرف ، فعلى مده على ذلك الوجه ، ثم تبين أنه غلط ، فالظاهر الصحة ، والأحوط الاعادة أو القضاء ، وإن كان الأقوى عدم الوجوب.

٦ ـ إذا لم يدر إعراب الكلمة ، أو بناءها ، أو بعض حروفها ، أنه الصاد ـ مثلاً ـ أو السين ، أو نحو ذلك ، يجب عليه أن يتعلم ، ولا يجوز له أن يكررها بالوجهين لأن الغلط من الوجهين ملحق بكلام الآدميين ، وفي إطلاقه منع ظاهر.

٧ ـ يجب أن يعلم حركة آخر الكلمة إذا أراد أن يقرأها بالوصل بما بعدها ، مثلاً إذا أراد أن لا يقف على ( العالمين ) ويصلها بقوله ( الرحمن الرحيم ) يجب أن يعلم أن النون مفتوح وهكذا ، نعم إذا كان يقف على كل آية لا يجب عليه أن يعلم حركة آخر الكلمة.

ثانياً :

وفي الملحظ الصوتي عند كون الكلمتين أو الأكثر بنفس واحد دون فصل أو وقوف تتبين الأحكام الصوتية الآتية في القراءة القرآنية عند الصلاة.

١ـ تجب الموالاة بين الجار والمجرور ، والأحوط الموالاة بين

١٣٥

المضاف والمضاف إليه ، والمبتدأ وخبره ، والفعل وفاعله ، والشرط وجزائه ، والموصوف وصفته ، والمجرور ومتعلقة. ونحو ذلك مما له هيئة خاصة على نحو لا يجوز الفصل فيه بالأجنبي ، فإذا فاتت سهواً أعاد القراءة. وإذا فاتت عمداً ، فالأحوط وجوباً الإتمام والاستئناف.

٢ ـ إذا انقطع نفسه في مثل ( الصراط المسقيم ) بعد الوصل بالألف واللام وحذف الألف ، هل يجب إعادة الألف واللام بأن يقول ( المستقيم ) أو يكفي قول : مستقيم؟ الأحوط الأول ، وأحوط منه إعادة الصراط أيضاً ، وكذا إذا صار مدخول الألف واللام غلطاً ، فإذا أراد أن يعيده فالأحوط أن يعيد الألف واللام أيضاً ، بأن يقول المسقيم ، ولا يكتفي بقوله : مستقيم ، وكذا إذا لم يصح المضاف إليه فالأحوط إعادة المضاف ، فإذا لم يصح لفظ المغضوب فالأحوط أن يعيد لفظ ( غير) أيضاً.

٣ ـ ينبغي للمصلي أن يميز بين الكلمات ، ولا يقرأ بحيث يتولد بين الكلمتين كلمة مهملة ، كما إذا قرأ ( الحمدلله ) ، ووقف على الحم ، ولم يكملها بالدال ، وخلط من لفظ الجلالة الحرفين الأولين فتولدت كلمة (دلل) ، وهكذا في ( لله رب ) فتولدت كلمة ( هرب ) ، أو بأخذ الكاف من ( مالك ) فيدمجها مع (يو) من ( يوم ) فتتولد كلمة (كيو) وهكذا في بقية الكلمات بالنسبة لفاتحة الكتاب ، وهذا معنى قولهم : إن في الحمد سبع كلمات مهملات وهي :

دلل ، هرب ، كيو ، كنع ، كنس ، تع ، بع.

ثالثاً :

وفي إحكام مخرج الصوت ونطقه ، في الكلمات والحروف والحركات ، والاعراب والبناء ، ومظاهر الأداء تعتمد الأحكام الصوتية الآتية :

١ ـ لو أخل بشيء من الكلمات أو الحروف أو بدّل حرفاً بحرف حتى الضاد بالظاء أو العكس بطلت القراءة ، وكذا لو أخل بحركة بناء ، أو إعراب ، أو مدّ واجب ، أو تشديد ، أو سكون لازم ، وكذا لو أخرج حرفاً

١٣٦

من غير مخرجه بحيث يخرج عن صدق ذلك الحرف في عرف العرب ، فالقراءة باطلة.

٢ ـ لا يجب على المكلف أن يعرف مخارج الحروف على طبق ما ذكره علماء التجويد ، بل يكفي إخراجها منها ، وإن لم يلتفت إليها ، بل لا يلزم إخراج الحرف من تلك المخارج بل المدار صدق التلفظ بذلك الحرف ، وإن خرج من غير المخرج الذي عينوه. مثلاً إذا نطق بالضاد أو الظاء على القاعدة لكن لا بما ذكروه من وجوب جعل طرف اللسان من الجانب الأيمن أو الأيسر على الأضراس العليا صح ، فالمناط الصدق في عرف العرب ، وهكذا في سائر الحروف.

٣ ـ إذا شك في حركة كلمة ، أو مخرج حروفها ، لا يجوز أن يقرأ بالوجهين ، مع فرض العلم ببطلان أحدهما ، بل مع الشك أيضاً ، لكن لو اختار أحد الوجهين مع البناء على إعادة الصلاة لو كان الوجه المختار باطلاً فلا بأس بذلك.

رابعاً :

وفي الالتزم بمعطيات علماء الأداء القرآني ، وأئمة النحو العربي ، لإظهار أصول الأصوات الإحدات ، تعتمد عند القراءة في الصلاة الأحكام الآتية :

١ ـ يجب حذف همزة الوصل في الدرج مثل همزة : الله ، الرحمن ، الرحيم ، إهدنا ، ونحو ذلك في الفاتحة ، فإذا أثبتها بطلت القراءة ، وكذا يجب إثبات همزة القطع في : إياك ، أنعمت ، فلو حذفها حين الوصل بطلت القراءة.

٢ ـ الأحوط وجوباً عند الفقهاء : ترك الوقوف بالحركة ، والوصل بالسكون.

٣ ـ المد الواجب هو فيما إذا كان بعد حروف المد ـ وهي الواو المضموم ما قبلها ، والياء المسكور ما قبلها ، والألف المفتوح ما قبلها ، همزة مثل : جاء ، وسوء ، وجيء ، أو كان بعد أحدها سكون لازم خصوصاً

١٣٧

إذا كان مدغماً في حرف آخر مثل : الضالين.

ووجوب المد في الموارد الثلاثة الأولى مبني على الاحتياط.

٤ ـ إذ مد في مقام وجوب المد أو في غيره ، أزيد من المتعارف لا يبطل القراءة ، إلا إذا خرجت الكلمة عن كونها تلك الكلمة.

٥ ـ يكفي في المد مقدار ألفين ، والظاهر كفاية أداء الحرف على الوجه الصحيح ، وإن كان المد بأقل من ذلك ، وأكمله إلى أربع ألفات ، ولا يضر الزائد ما لم يخرج الكلمة عن الصدق.

٦ ـ لا يجب ما ذكر علماء التجويد من المحسنات : كالإمالة ، والإشباع ، والتفخيم والترقيق ونحو ذلك ، بل والإدغام إلا فيما سنذكره بعد هذا ، وإن كانت متابعتهم أحسن.

خامساً :

وفي مراعاة أصول الادغام لا سيما الادغام الكبير ، واختلاس الأصوات وإبدالها ، وقراءة القرآن بخصوصه ، تعتمد الأحكام الآتية :

١ ـ في ورود ( أل التعريف ) المركبة من الألف واللام يجب إدغام اللام في أربعة عشر صوتاً هي :

التاء ، الثاء ، الدال ، الذال ، الراء ، الزاي ، السين ، الشين ، الصاد ، الضاد ، الطاء ، الظاء ، اللام ، النون ، وإظهارها في بقية حروف المعجم. فتدغمها مثلاً في كل من : الله ، الرحمان ، الرحيم ، الصراط ، الضالين. وتظهرها في كل من : الحمد ، العالمين ، المستقيم ، المغضوب.

٢ ـ الادغام في مثل : مدّ وردّ ، مما اجتمع في كلمة واحدة منه مثلان : واجب سواءً أكانا متحركين كالفعلين المذكورين ، أو ساكنين كمصدرهما : مدّاً وردّاً.

٣ ـ الأحوط الادغام إذا كان بعد النون الساكنة أو التنوين أحد حروف يرملون ، مع الغنة فيما عدا اللام والراء ، ولا معها فيهما ، لكن الأقوى عدم وجوبه ، فهو حينئذ احتياط استحبابي.

١٣٨

٤ ـ الأحوط الادغام في مثل ( اذهب بكتابي ) و( يدرككم ) مما اجتمع المثلان منه في كلمتين مع كون الأول ساكناً ، لكن الأقوى عدم وجوبه.

٥ ـ ينبغي مراعاة ما ذكره علماء الأداء القرآني ، من إظهار التنوين ، والنون الساكنة ، إذا كان بعدها أحد حروف الحلق ، وقلبهما فيما إذا كان بعدهما حرف الباء ، وإدغامهما إذا كان بعدهما أحد حروف ( يرملون ) ، وإخفاؤهما إذا كان بعدهما بقية الحروف ، ولكن لا يجب شيء من ذلك.

٦ ـ يجوز في قوله تعالى : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) القراءة بإشباع كسر الهمزة وبلا إشباعه.

٧ ـ الأحوط القراءة بإحدى القراءت السبع ، وإن كان الأقوى عدم وجوبها ، بل يكفي القراءة على النهج العربي ، وإن كان الواجب هو قراءة القرآن كما نزل ، لا ما تصدق عليه القراءة العربية ، وإن كان الأقوى جواز القراءة بجميع القراءات التي كانت متداولة في زمان الأئمة عليهم‌السلام ، نعم الظاهر جواز الاكتفاء بكل قراءة متعارفة عند الناس ولو كانت من غير القراءات السبع.

وهناك مستحبان شرعيان نختتم بهما هذا المبحث :

الأول : يستحب تحسين الصوت بلا غناء في القراءة.

الثاني : يستحب الوقف على فواصل الآيات في القراءة.

وأخيراً ، فإن الدربة على أصول الأصوات في مثل هذه الأحكام ، مما تسهل وتضبط وتيسر سلامة الأداء القرآني صوتياً.

١٣٩
١٤٠