النحو العربى

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربى

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٩٤

وفى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ) [المائدة : ٩٤]. النكرة المجرورة (شىء) وصفت بشبه الجملة (مِنَ الصَّيْدِ) ، ثم نعتت نعتا ثانيا بالجملة (تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ) ، فتقدم النعت شبه الجملة على الجملة.

وفى قوله تعالى : (قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ) [المائدة : ٢٣] ، شبه الجملة (من الذين) فى محل رفع ، نعت للفاعل (رجلان) ، ومن أوجه إعراب الجملة الفعلية (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا) أنها نعت ثان ، فتقدمت شبه الجملة على الجملة ، ومن أوجه إعراب الجملة الفعلية أن تكون معترضة لا محل لها من الإعراب ، أو فى محل نصب ، حال من (رجلان) ، أو من الضمير فى يخافون.

وفى حال اجتماع أنواع النعت الثلاثة يقدم ـ غالبا ـ المفرد على شبه الجملة ، وشبه الجملة على الجملة ، فتقول : رأيت طائرا مغرّدا فوق غصن شجرة ، يختال بذيله ، حيث كلّ من الاسم (مغردا) ، وشبه الجملة (فوق غصن) ، والجملة (يختال) نعوت للنكرة المفعول به المنصوب (طائرا) ، فتقدم النعت الصريح بالاسم ، ثم النعت بشبه الجملة ، ثم النعت بالجملة.

من ذلك قوله تعالى : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ) [غافر : ٢٨] ، حيث (رجل) فاعل مرفوع ، و (مؤمن) نعت له ، وهو اسم ، أى : صفة صريحة ، وشبه الجملة (من آل) فى محل رفع ، نعت ثان له ، والجملة الفعلية (يكتم) فى محل رفع ، نعت ثالث. فتقدم الاسم ، ثم شبه الجملة ، ثم الجملة.

ولتتأمل النعت المتعدد فى :

(يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ) [النور : ٣٥].

(انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ) [المرسلات : ٣٠ ، ٣١].

٤١

(وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ) [الرعد : ٤].

وأجاز بعضهم تقديم الجملة وشبه الجملة على الاسم ، ومنهم أبو البقاء العكبرى (١) ، فتقول : مررت برجل غلامه قائم ضاحك ، على أن الجملة الاسمية (غلامه قائم) فى محلّ جرّ ، نعت للنكرة (رجل) ، ثم ذكر النعت بالاسم المفرد (ضاحك) ، وهو مجرور ، وعلامة جرّه الكسرة. واستدلّ بقوله تعالى : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ) [الأنعام : ٩٢] ، حيث جملة (أنزلناه) فى محل رفع ، نعت للنكرة (كتاب) ، ثم (مبارك) نعت اسم مفرد مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

ويجيب بعضهم عن ذلك بأن مباركا فى موضعه خبر لمبتدإ محذوف ، أى : هو مبارك. واتفقوا على أن تقديم المفرد أولى ، وذهب آخرون إلى منع هذا التقديم ، ورأوا أنّه لا يقع إلا ضرورة ، أو فى نادر كلام (٢) ، ومنهم من يرى أنه خبر ثان لاسم الإشارة (٣).

ومنه قوله تعالى : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) [الأنبياء : ٢](٤) ، حيث شبه الجملة (من ربهم) فى محل جر نعت لذكر ، و (محدث) نعت ثان لذكر ، فتقدمت شبه الجملة على الاسم. وهناك من يرى أن شبه الجملة فى محل نصب على الحالية من الضمير المستتر فى (محدث).

__________________

(١) إملاء ما من به الرحمن ١ ـ ٢٥٢.

(٢) ينظر : المقرب ١ ـ ٢٢٧ / همع الهوامع ٢ ـ ١٢٠.

(٣) ينظر : الدر المصون ٢ ـ ٥٤٨.

(٤) (ما) حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (يأتيهم) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، وضمير الغائبين مبنى فى محل نصب مفعول به. (من) حرف جر زائد مبنى لا محل له من الإعراب. (ذكر) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. (من ربهم) جار ومجرور ومضاف إلى المجرور ، وشبه الجملة فى محل جر ، نعت لذكر على اللفظ. (محدث) نعت ثان لذكر مجرور على اللفظ ، وعلامة جره الكسرة ، ويجوز أن تكون فى محل رفع على المحل ، ويجوز أن تحتسب حالا من الضمير المستتر فى محدث ، وفيه أوجه أخرى. (إلا) حرف استثناء مبنى لا محل له من الإعراب. (استمعوه) فعل ماض مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى

٤٢

ومثل ذلك قوله تعالى : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ) [الشعراء : ٥].

وقوله تعالى : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) [المائد : ٥٤] ، حيث الجملة الفعلية (يحبهم) ، والفعلية المعطوفة عليها (يحبونه) فى محل جرّ ، نعت لقوم ، ثم يكون النعت بالاسم (أذلة) ، وهو مجرور ، والاسم (أعزة) ، وهو مجرور ، فتقدمت الجملة النعت على الاسم ، ومنهم من يجعل الجملتين اعتراضا بين المنعوت (قوم) ، ونعته (أذلة أعزة) ؛ لأن فيها تأكيدا وتسديدا للكلام (١).

ومما تقدم فيه جملة النعت على الاسم قول امرئ القيس :

وفرع يغشّى المتن أسود فاحم

أثيث كقنو النخلة المتعثكل (٢)

حيث الجملة الفعلية (يغشى) فى محل جر ، نعت لفرع على اللفظ ، ثم يأتى ثلاثة نعوت أسماء ، وهى (أسود) نعت مجرور ، وعلامة جرّه الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف ، و (فاحم وأثيث) صفتان مجرورتان ، وعلامة جرهما الكسرة.

ولتتأمل النعت المتعدد فى قوله تعالى : (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) [الواقعة : ٤٣ ، ٤٤] ، حيث تقدمت شبه الجملة على الاسم.

وفى قوله تعالى : (وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ) [ص : ٥٨] ، شبه الجملة (من شكله) فى محلّ رفع ، نعت للمبتدإ (آخر) ، والخبر : أزواج ، أو أن الخبر محذوف تقديره منهم ، وأزواج نعت ثان لآخر.

__________________

فى محل رفع ، فاعل ، وضمير الغائب مبنى فى محل نصب مفعول به ، والجملة الفعلية فى محل جر ، نعت ثالث لذكر ، أو فى محل نصب على الحالية على أن النكرة (ذكر) قد خصص بالصفة ، أو أنها حال من المفعول به ضمير الغائبين فى يأتيهم فى محل نصب. (وهم) الواو للابتداء أو للحال. هم : ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (يلعبون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الفعلية فى محل رفع خبر المبتدإ ، والجملة الاسمية فى محل نصب على الحالية من ضمير الغائب فى استمعوه.

(١) ينظر : الدر المصون ٢ ـ ٥٤٨.

(٢) شرح القصائد العشر : ٩٢ / ديوانه ٤٤.

٤٣

يذكر أبو حيان فى جواز تقديم الجملة على المفرد : «وهو كثير موجود فى كلام العرب ، فقول من خصّه بالضرورة ، أو بنادر كلام ، أو بقليل فى الكلام ليس بشىء» (١).

الأغراض المعنوية التى يأتى لها النعت

يدخل النعت فى الجملة العربية للفصل بين المتشابهين فى التسمية وذلك عن طريق أداء إحدى الدلالات الآتية :

ـ التخصيص : ويكون فى نعت النكرات ، حيث تتخصص النكرة بالنعت ، فتقول : أعجبت برجل عالم.

ـ التوضيح : ويكون فى نعت المعارف ، حيث تتضح النكرة بالمعرفة ، نحو : جاء أحمد الخياط.

ـ المدح والثناء : ويكون فى المعارف ، كما هو فى صفات الله ـ تعالى ـ الجارية على اسمه ، نحو : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ،) حيث كلّ من (الرحمن ، والرحيم) نعت للفظ الجلالة (الله) ، وكل منهما مجرور ، وعلامة جرّه الكسرة (٢). ومثال المدح قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الفاتحة : ٢]. حيث (رب) نعت للفظ الجلالة ، مجرور وعلامة جره الكسرة (٣).

ـ الذمّ : نحو : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، حيث (الرجيم) نعت للشيطان مجرور ، وعلامة جرّه الكسرة (٤) ، وكأن تقول : سبّنى فلان الفاسق الخبيث.

وإذا كانت الصفات للمدح أو للذمّ يتعيّن فيها الترقّى من الأدنى إلى الأعلى.

__________________

(١) ارتشاف الضرب ٢ ـ ٥٩٥.

(٢) فى الموقع الإعرابى للرحمن والرحيم أوجه أخرى :

ـ يجوز أن يجرا على البدلية ، على أنهما اسمان من أسماء الجلالة.

ـ يجوز أن يرفعا على أنهما خبران لمبتدأين محذوفين ، على سبيل قطع النعت عن المنعوت.

ـ يجوز أن ينصبا على المفعولية لفعل محذوف ، تقديره : أمدح أو أعظم ، على سبيل القطع.

(٣) فى إعراب (ربّ) الأوجه الإعرابية السابقة للرحمن والرحيم.

(٤) يجوز فى إعراب (الرجيم) الأوجه الإعرابية السابقة ، مع تغيير المقدّر ليتوافق مع المعنى.

٤٤

ـ الترحم : توصف المعرفة للترحّم ، نحو قولك : مررت بزيد المسكين ، اللهم ارحم عبيدك الضعفاء ، حيث (المسكين) نعت لزيد مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، أما (الضعفاء) فهو نعت لعبيد منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

ـ التوكيد : قد يوصف المنعوت ـ معرفة أو نكرة ـ بما يقوى معناه ، ويؤكده ، ويكون النعت إعادة لمعنى المنعوت ، نحو قوله تعالى : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ) [الحاقة : ١٣] ، حيث (واحدة) نعت لنفخة مرفوع ، وعلامة رفعه الضممة. والمستفاد من لفظ (نفخة) أنها نفخة واحدة ، لكن ذكر النعت لتأكيد وحدتها. ومنه قوله تعالى : (وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ) [ص : ٢٣] ، (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) [البقرة : ١٦٣] ، ومنه كذلك : (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) [النحل : ٥١]. ومنه قولك : الأمس الدابر لا يعود ، أو : أمس الدابر لا يعود ، والميت الغابر سيرته حسنة.

ـ التعميم : قد يؤتى بالنعت لإفادة التعميم ، كأن يقال : إنّ الله يرزق عباده الطائعين والعاصين ، ويحشر الله المخلوقات الأولين والآخرين.

ـ التفصيل : من الأغراض المعنوية للنعت أن يفصّل به مجمل منعوت ، كأن تقول : جلست مع رجلين مصرىّ وسورىّ.

ـ الإبهام : قد يكون النعت لإفادة إبهام فى الموصوف ، كما يقال : تصدقت بصدقة قليلة أو كثيرة.

ملحوظات :

أ ـ إذا نعتت النكرة بنعتين لأغراض المدح أو الذمّ أو الترحّم ؛ ومعناهما واحد ؛ كان الأول للتخصيص ، والثانى للمدح أو الذم أو الترحم. كقولك : أعجبت برجل شجاع بطل ، فتكون الصفة (شجاع) للتخصيص ، والصفة (بطل) للمدح. ومثله أن تقول : عطفت على جارى الفقير المسكين.

ب ـ قد ينعت المنعوت بصفة منفية بـ (لا) ، فيلزم تكرير (لا) مع صفة أخرى ، حيث يجتمع الصفتان فى المنعوت ، وتكونان صفتين منفيتين ، ويكون المنعوت نكرة ـ حينئذ : من ذلك قوله تعالى : (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ)

٤٥

[النور : ٣٥] ، حيث (شرقية وغربية) نعتان لزيتونة ، وهما مجتمعان فيها ومتناقضان ، لذلك اجتمعا بالنفى ، ولزم تكرار (لا).

ومثله قوله تعالى : (قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) [البقرة : ٦٨] ، (فارض وبكر) نعتان لبقرة ، الثانى منهما معطوف على الأول ، ومنفيان عن المنعوت ، فلزم تكرار حرف النفى (لا).

ومنه أن تقول : جاءنى رجل لا طويل ولا قصير ، نحن مجتمع لا شيوعىّ ولا رأسمالىّ.

ومنه قوله تعالى : (وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ) [الواقعة : ٣٢ ، ٣٣].

وقوله تعالى : (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) [الواقعة : ٤٣ ، ٤٤] ، حيث شبه الجملة (من يحموم) فى محلّ جر ، نعت لظل ، ولما وصف الظلّ بالنعت المنفىّ (لا بارد) وجب أن تذكر صفة أخرى بعدها مسبوقة بلا النافية ، وقبل ذلك كان المنعوت نكرة.

ومنه قوله تعالى : (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ) [المرسلات : ٣٠ ، ٣١] ، (ذى) نعت بالاسم لظل ، فلما وصف مرة أخرى باسم منفى بلا ، وهو (لا ظليل) ، كررت (لا) ملحقا بها نعت آخر ، وهو الجملة الفعلية (لا يغنى).

ج ـ قد يكون مشكوكا فى الصفة ، فتؤتى مسبوقة بإمّا مكررة ، كقولك : هذا رجل إمّا جاهل وإما متجاهل ، مظهر هذا الفتى يدلّ على أنه فتى إما فقير وإما مسكين. إنك لطالب إما غافل وإما مستهتر ، وكلاهما عيب. لا بد من حساب إما شديد وإما يسير (١).

ما يصحّ أن يكون نعتا أو منعوتا

تنقسم الأسماء من حيث صلاحها لأن تكون نعتا أو منعوتا إلى أربعة أقسام :

__________________

(١) ينظر : المساعد : ٢ ـ ٤١٧.

٤٦

القسم الأول : ما لا ينعت ولا ينعت به :

الأسماء التى لا تصح أن تقع منعوتا كما لا تصح أن تقع نعتا خمسة أنواع :

أ ـ المضمرات : لا ينعت الضمير ، ولا ينعت به ، فهو أعرف المعارف ، لكن الكسائىّ أجاز أن ينعت الضمير الغائب إذا كان المعنى لمدح أو ذمّ أو ترحّم نحو : أعطف عليه المسكين ، بجرّ (المسكين) على أنه نعت لضمير الغائب الهاء فى (عليه) ، وهو فى محل جرّ.

وكذلك القول : صلّى الله عليه الرءوف الرحيم ، بجر (الرءوف والرحيم) على أنهما نعتان لضمير الغائب المجرور فى (عليه) ، ولكنهم يجعلون مثل هذا بدلا من الضمير (١).

وقد جعل منه الزمخشرىّ قوله تعالى : (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) [المائدة : ١٠٩] ، فى قراءة من نصب (علام) ، حيث جعله منصوبا على أنه نعت لاسم (إنّ) ، وهو ضمير المخاطب (الكاف) ، وهو فى محلّ نصب ، وقد يكون نصب (علام) على الاختصاص ، أو على النداء ، على احتساب أن الكلام قد تمّ بقوله : إنك أنت (٢).

ب ـ أسماء الاستفهام : لا تنعت أسماء الاستفهام ، ولا ينعت بها ، وهى : من ، ما ، متى ، أين ، أى ، كيف ، كم ، ...

ج ـ أسماء الشرط : لا تنعت أسماء الشرط ، ولا ينعت بها ، وهى : من ، ما ، مهما ، متى ، أيان ، أينما ، أنّى ، كيفما ، أى ، إذا ، ...

د ـ كم الخبرية : لا تنعت (كم) الخبرية ، ولا ينعت بها ، حملا لها على أسماء الاستفهام.

ه ـ الأسماء غير المتمكنة الموغلة فى البناء : لا تنعت الأسماء غير المتمكنة المتوغلة فى البناء ، ولا ينعت بها ، وهى ما لزم موضعا واحدا من الإعراب ، أو موضعين

__________________

(١) ينظر : ارتشاف الضرب : ٢ ـ ٥٩٥.

(٢) ينظر : الكشاف : ١ ـ ٢٧٩.

٤٧

كقبل وبعد ، وهى نحو : الآن ، ما ، من (إلا إذا كانتا نكرتين) ، والبصريون يجيزون وصفهما إذا كانتا موصولتين ، فيجيزون ، نحو : جاء من فى الدار العاقل ، على أن (العاقل) مرفوعة ؛ لأنها نعت للاسم الموصول (من). ويجيزون كذلك نحو : نظرت ما اشتريت الحسن ، بنصب (الحسن) على أنه نعت للاسم الموصول (ما) المفعول به. ومذهب الكوفيين أنه لا يجوز وصفهما (١).

ومن الأسماء غير المتمكنة المتوغلة فى البناء والتى لا تنعت ولا ينعت بها : قبل ، وبعد ، وبعض ، وكل ، إلا إذا أضيفت إلى نكرة ، ويجعلون منه القول : قتلنا منهم كلّ فتى أبيض حسانا

حيث (حسان) منصوبة على أنها نعت لكلّ ، وهى مفعول به منصوب.

ويجوز أن يوصف بـ (كل) إذا أضيفت إلى مثل الموصوف ، كأن تقول : جاء الرجل كلّ الرجل ، أى : الكامل الرجولة ، وأكرمنا البطل كلّ البطل ، وقدرنا الشجاع كلّ الشجاع.

و ـ المصدر : المصدر الذى بمعنى الدعاء ، والمصدر الذى بمعنى الأمر لا ينعتان ، ولا ينعت بهما ، نحو : سقيا لك ، وفهما الدرس.

القسم الثانى : ما ينعت ولا ينعت به :

الأسماء التى يجوز أن تقع منعوتا لكنها لا تقع نعتا قسمان :

أ ـ الأعلام : يجوز أن تنعت الأعلام ، فتقول : أكرمت محمدا المجتهد ، وجاء أحمد العاقل ، واحترمت سعاد المهذبة ، حيث (المجتهد والعاقل والمهذبة) نعوت للأعلام (محمد وأحمد وسعاد) ، لكنها لا تقع نعتا ، حيث لا يجوز أن ينعت بالعلم.

ب ـ الأسماء غير المشتقة : يجوز أن تقع الأسماء الجامدة منعوتة ، فتقول : إن هذا لظلم واضح ، يحتاج إلى عدل مبين ، حيث (واضح) نعت لظلم ، وهو مصدر ، أى : اسم جامد ، ومبين نعت لعدل ، وهو اسم جامد. لكن الأسماء الجامدة لا

__________________

(١) ينظر : ارتشاف الضرب : ٢ ـ ٥٩٦.

٤٨

تكون نعتا ، حيث إنه يشترط فى النعت أن تكون صفة مشتقة ، ويجوز أن ينعت بالمصدر مع تأويله بالمشتق ، فتقول : هو رجل عدل ، أى : عادل. أو يضاف إلى ما يؤدى معنى المشتق ، فتقول : هو رجل ذو عدل ، أى : عادل. كما يوصف بالأسماء الجامدة التى تؤدى معنى الصفة المشتقة ، كما ذكرنا فى مثل القول : هذا رجل أسد.

القسم الثالث : ما ينعت به ولا ينعت :

التوابع للصفات ينعت بها ، ولكنها لا تنعت ، من نحو : أبيض ناصع ، وأحمر قان ، وبسن من القول : حسن بسن ، وبثير من القول : كثير بثير ؛ وبلّ ، من القول : حلّ بلّ ، ونطشان من القول : عطشان نطشان.

القسم الرابع : ما ينعت وينعت به :

الأسماء التى تصح أن تكون نعتا ، كما يصحّ أن تكون منعوتا هى :

أ ـ أسماء الإشارة : نحو : هذا ، هذه ، هذان ، هاتان ، هؤلاء ، ذلك ، وتلك ، وذانك ، وتانك ، وأولئك ، ... نحو : أعجبت بهذا المواطن ، وأعجبت بالمواطن هذا. وليس من ذلك ما جمع بين إشارة ومعنى آخر ، نحو : ثمّ ، وهناك ، وهنالك ، وهنا ...

ب ـ الأسماء المشتقة : كما ذكرنا فى الوصف بالاسم ، حيث توصف الأسماء المشتقة ويوصف بها ، من نحو اسم الفاعل ، وصيغ المبالغة ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة ، ...

ج ـ ما فى حكم الأسماء المشتقة : من نحو : المصادر غير الدعائية وغير الأمرية ، والمنسوب ، وما أضيف إلى (ذى) بمعنى صاحب ، ...

كيف تنعت الأسماء؟

يجب أن يكون الموصوف أخصّ من الصفة فى الدلالة على الذات ، وليس المقصود بالخصوصية الاختلاف فى التعريف والتنكير ، ولكن المقصود بها أن تكون

٤٩

أخصّ منها أو مساوية لها فى مراتبها من التعريف أو التنكير ، فلا ينعت معرفة بنكرة ، فيكون إما مساويا لها فى التعريف ، وإما أعلى منها رتبة فى التعريف.

والنحاة يختلفون فيما بينهم فى ترتيب المعارف :

فمنهم من يجعلها المضمر ، فاسم الإشارة ، فالعلم ، فالمعرف بالأداة ، فالأسماء الموصولة ، ثم المضاف إلى أحد هذه المعارف ، ويكون مساويا لها فى رتبة التعريف ، عدا المضاف إلى الضمير فإنه يقلّ رتبة. ومن النحاة من يجعل المضاف إلى أحد المعارف يقل رتبة فى التعريف عما أضيف إليه. ومنهم من يسبق العلم اسم الإشارة.

والنكرة كلّ اسم شائع فى جنسه ، لا يختص به واحد من الجنس دون الآخر ، نحو : رجل ، وولد ، وفرس ، وثوب ، ...

تبعا لذلك فإن الأسماء فى أقسامها المختلفة فى اللغة العربية تنعت كما يأتى :

أ ـ الاسم العلم :

ينعت العلم بالأسماء ذات الصفات البنائية الآتية :

١ ـ بما فيه الألف واللام ، نحو : جاء محمد العالم ، وأكرمت عليا الأول ، واستمعت إلى الخطبة الأخيرة.

٢ ـ باسم الإشارة ، نحو : أعجبت بمحمود هذا. (هذا) اسم إشارة مبنى فى محل جر نعت لمحمود ، والتقدير : بمحمود المشار إليه.

٣ ـ بالاسم الموصول ، نحو : أحمد الذى أقبل إلينا هو الأول ، (الذى) اسم موصول مبنى فى محلّ رفع نعت لأحمد ، ويجوز أن يكون فى محل رفع على البدلية ، أو على عطف البيان.

٤ ـ بالمضاف إلى معرفة ، نحو : جاءنا علىّ صديق محمود ، أو : صديقى ، أو : صديق هذا ، أو : صديقه ، أو : صديق الأستاذ. ويجوز أن يعرب بدلا ، أو عطف بيان.

٥٠

ب ـ اسم الإشارة :

ينعت اسم الإشارة بالأسماء الآتية :

١ ـ بما فيه الألف واللام ، نحو : حصل هذا الطالب على درجات متفوقة.

(الطالب) نعت لاسم الإشارة (هذا) مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، ويجوز أن يعرب بدلا أو عطف بيان. ومنه : نالت هذه الفتاة شهادة تقدير.

٢ ـ بالاسم الموصول ، نحو : هذا الذى أتانا مكرم ، (الذى) اسم موصول مبنى فى محلّ رفع نعت لاسم الإشارة (هذا) ، ويجوز أن يكون بدلا أو عطف بيان.

ج ـ المعرف بالألف واللام :

ينعت المعرف بالأداة بالأسماء الآتية :

١ ـ بمثله المعرف بالأداة ، نحو : المواطن المخلص محترم.

٢ ـ بما أضيف إلى المعرف بالأداة ، نحو : المواطنة ذات الخلق الحسن محترمة ، (ذات) نعت للمواطنة مرفوع ، علامة رفعه الضمة.

٣ ـ بالاسم الموصول : المواطن الذى يتقن عمله ينال تقدير الآخرين ، (الذى) اسم موصول مبنى فى محل رفع نعت للمواطن ، ويجوز أن يكون بدلا أو عطف بيان.

ويرى بعض النحاة أنه يوصف بكلّ ما أضيف إلى معرفة ، من نحو : أعجبت بالرجل صاحبك ، وصاحب زيد ... ، ولكن مثل هذا يعرب بدلا عند كثير من النحاة.

د ـ المضاف إلى المعرفة :

ينعت الاسم المضاف إلى المعرفة بالأسماء الآتية :

١ ـ بمثله ، أى : بما أضيف إلى المعرفة ، نحو : سلّمت على أخيك صديق أخى ، (صديق) نعت لأخيك مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، ويجوز أن يكون بدلا.

٥١

٢ ـ بما فيه الألف واللام ، نحو : رأيت أخا زوجى الكريم ، (الكريم) صفة لأخ منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

٣ ـ باسم الإشارة ، نحو : أعجبت بصديق أخى هذا ، (هذا) اسم إشارة مبنى فى محل جر نعت لصديق.

٤ ـ بالاسم الموصول ، نحو : فهمت درس النحو الذى درسناه اليوم ، (الذى) اسم موصول مبنى فى محل نصب نعت لدرس.

والضابط ـ عند جماعة من النحاة ، وعلى رأسهم ابن السراج ـ أنه ما كان تابعا للمضاف إلى معرفة ؛ إن كان مثله فى رتبة التعريف أو أقلّ منه كان نعتا ، وإن كان أعلى منه فى مرتبة التعريف كان بدلا ، فمثلا ، إذا قلت : جاء صاحبك ابن علىّ ؛ كان (ابن) نعتا ، لكن (ابنا) فى مثل هذا الموضع أمكن فى البدلية وعطف البيان لأنه جامد ، أما متبوعه فهو مشتق ، ولا مانع من الصفة ، وأما القول : قام ابن الرجل صاحبك ؛ فإن (صاحبا) تكون بدلا ، لأن المضاف إلى الضمير أعلى مرتبة من المضاف إلى المعرف بالأداة ، فإذا قلت : مررت بصديق هذا ابن على ، كان (ابن) بدلا عند من جعل العلم أعلى مرتبة فى التعريف من اسم الإشارة ، وهو نعت عند من جعل العكس.

ه ـ النكرة :

يوصف الاسم النكرة بما يأتى :

١ ـ بالاسم النكرة ، كقولك : أعجبت بطالب منتبه ، ورأيت عصفورا طائرا ، ويوصف به النكرة.

٢ ـ بالجملة سواء أكانت اسمية أم فعلية ، كأن تقول : زارنا ضيف بلده بعيد ، حيث الجملة الاسمية (بلده بعيد) فى محلّ رفع ، نعت للنكرة (ضيف). وتقول : استمعت إلى خطيب يلقى فى إتقان ، الجملة الفعلية (يلقى) فى محل جر ، نعت للنكرة (خطيب).

٥٢

٣ ـ بشبه الجملة ، وذلك قولك : قرأت درسا فى كتاب النحو ، حيث شبه الجملة (فى كتاب) فى محل نصب ، نعت للنكرة (درس) ، أو متعلقة بنعت محذوف.

وتقول : أكرمت ضيفا عندك ، فتكون شبه الجملة (عندك) فى محل نصب ، نعت للنكرة ضيف ، أو متعلقة بنعت محذوف.

٤ ـ بأى : توصف النكرة بأى المضافة إلى النكرة للمبالغة ، فتقول : أعجبت بطالب أىّ طالب ، حيث (أى) نعت لطالب مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

نوعا النعت

للنعت فى التركيب اللغوىّ نوعان : حقيقىّ ، وسببىّ ، الفارق بينهما هو مدى العلاقة الوصفية المباشرة بين النعت والمنعوت كلّه أو جزئه ، أو ما يرتبط به.

القسم الأول : النعت الحقيقى

هو ما يكون صفة للشىء فى نفسه ، أى : أن الصفة تتوجه بذاتها إلى الموصوف بذاته ، لا بشىء متعلق به ، ولا بجزئه أو أن الصفة تشمل المنعوتّ كلّه ، نحو : الطالب المجتهد محترم ، حيث (المجتهد) نعت للطالب مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وقد توجه معنى الاجتهاد إلى الطالب كلّه ، فالنعت يصف المنعوت كلّه ، ومثل ذلك : المرأة الملتزمة أمينة ، (الملتزمة) صفة تتوجه إلى المرأة ذاتها وكلها ، فهو نعت حقيقى ، (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) [التوبة : ٨٠] ، (الفاسقين) صفة تصف القوم كلّهم ، وتتوجه إليه ذاته ، فهو نعت حقيقى منصوب ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه جمع مذكر سالم. ومنه : المواطنان المخلصان وفيان ، طالبتان منتبهتان فهمتا الدرس ، الوطن يحتاج إلى رجال مخلصين ، وأمهات مخلصات فى تربية الجيل.

تلحظ أن الصفات تتبع موصوفها فى : النوع أو الجنس (التذكير والتأنيث) ، والتعيين (التعريف والتنكير) ، والعدد (الإفراد والتثنية والجمع) ، والإعراب (الرفع أو النصب أو الجر).

فالطالب المجتهد يتطابقان فى الإفراد ، والتذكير ، والتعريف ، والرفع.

٥٣

والمرأة الملتزمة يتطابقان فى الإفراد والتأنيث والتعريف والرفع.

والقوم الفاسقين يتطابقان فى الجمع والتذكير والتعريف والنصب.

والمواطنان المخلصان يتطابقان فى التثنية والتذكير والتعريف والرفع.

وطالبتان منتبهتان يتطابقان فى التثنية والتأنيث والتنكير والرفع.

ورجال مخلصين يتطابقان فى الجمع والتذكير والتنكير والجرّ.

وأمهات مخلصات يتطابقان فى الجمع والتأنيث والتنكير والجرّ.

ملحوظة :

يوجب الجمهور تطابق النعت لمنعوته فى التعريف والتنكير ، لكن الأخفش أجاز نعت النكرة المخصصة بالمعرفة.

تأمل النعت الحقيقىّ فيما يأتى :

(وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) [القمر : ٢](١) ، (مستمر) نعت مرفوع لسحر ، وهو خبر لمبتدإ محذوف تقديره : هذا.

(هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى) [النجم : ٥٦] ، (الأولى) نعت للاسم المجرور (النذر) ، وهو مجرور ، وعلامة جره الكسرة المقدرة.

(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) [الواقعة : ٧٧ ، ٧٨] ، (كريم) نعت مرفوع لخبر إن المرفوع (قرآن) ، و (مكنون) نعت مجرور للاسم المجرور (كتاب).

__________________

(١) (إن) حرف شرط جازم مبنى على السكون لا محل له من الإعراب. (يروا) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (آية) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (يعرضوا) فعل جواب الشرط مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (ويقولوا) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له. يقولوا : فعل مضارع مجزوم بالعطف على فعل جواب الشرط ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ؛ لأنه فاعل (سحر) خبر لمبتدإ محذوف ، مرفوع وعلامة رفعه الضمة ، (مستمر) نعت لسحر. والجملة الأسمية فى محل نصب ، مقول القول.

٥٤

(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً) [الإنسان : ١٩] ، (مخلدون) نعت مرفوع للفاعل (ولدان) ، وعلامة رفعه الواو ، لأنه جمع مذكر سالم ، و (منثورا) نعت للمفعول به الثانى (لؤلؤا) منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) [المرسلات : ٣٢ ، ٣٣] ، شبه الجملة (كالقصر) فى محل جر ، نعت للمجرور (شرر) ، (صفر) نعت مرفوع لخبر كأن (جمالة) ، وعلامة رفعه الضمة ، أما الجملة الاسمية المنسوخة (كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) فهى فى محل جر نعت لشرر ، ويجوز أن تكون فى محل نصب حال.

(لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ (١٢) فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ) [الحاقة ١٢ ، ١٣ ، ١٤]. كل من (واعية ، وواحدة ، وواحدة) نعت لكل من (أذن ، ونفخة ، ودكة) وكلها مرفوعة.

(وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً) [الجن : ٦].

شبه الجملة (من الإنس) فى محل رفع نعت لاسم كان (رجال) ، وشبه الجملة (من الجن) فى محل جر نعت للمجرور بالباء (رجال).

(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً) [الطلاق ٨]. الجملة الفعلية (عتت) فى محل جر نعت (لقرية) ، (شديدا ونكرا) نعت لكل من المصدرين (حسابا وعذابا).

(وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً (٤٨) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً) [الفرقان : ٤٨ ، ٤٩] ، (طهورا ، ميتا ، كثيرا) نعت لكل من (ماء ، بلدة ، أناسى).

(وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) [يوسف ٦٧] ، (واحد ، متفرقة) نعت لكل من (باب ، أبواب).

٥٥

(أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) [الكهف ٧٩](١) ، (يعملون ، يأخذ) نعت لكل من (مساكين ، ملك).

ـ (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) [يونس ٦٧] (١) ، (لقوم ، يسمعون) نعت لكل من (آيات ، قوم) (٢).

(قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) [يوسف ٧٧] ، (له) نعت لأخ.

(وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ) [هود ٤٢] ، شبه الجملة (كالجبال) نعت لموج.

__________________

(١) (أما) حرف فيه معنى الشرط مبنى لا محل له من الإعراب. (السفينة) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (فكانت) الفاء فاء الجواب والجزاء حرف مبنى لا محل له إعرابيا ، كانت : فعل ماض ناقض ناسخ مبني على الفتح ، والتاء حرف تأنيث مبنى لا محل له ، واسم كان محذوف تقديره هى. (لمساكين) اللام : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. مساكين : اسم مجرور باللام ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة ، لأنه ممنوع من الصرف. وشبه الجملة فى محل نصب ، خبر كان ، وجملة (كان) فى محل رفع خبر السفينة. (يعملون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الفعلية فى محل جر ، نعت لمساكين. (فى البحر) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالعمل. (فأردت) الفاء عاطفة تعقيبية حرف مبنى لا محل له. أراد : فعل ماض مبنى على السكون ، وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (أن) حرف مصدرى ونصب مبنى لا محل له. (أعيبها) فعل مضارع منصوب بعد أن وعلامة نصبه الفتحة ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : أنا ، وضمير الغائبة مبنى فى محل نصب ، مفعول به ، والمصدر المؤول فى محل نصب ، مفعول به لأردت. (وكان) الواو حرف عطف مبنى. كان : فعل ماض ناقص ناسخ مبنى. (وراءهم) ظرف مكان منصوب وعلامة نصبه الفتحة ، وضمير الغائبين مبنى فى محل جر بالإضافة ، وشبه الجملة فى محل نصب ، خبر كان مقدم. (ملك) اسم كان مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (يأخذ) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو ، والجملة الفعلية فى محل رفع ، نعت لملك. (كل) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (سفينة) مضاف إلى كل مجرور وعلامة جره الكسرة. (غصبا) مصدر واقع موقع الحال منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، أو نائب عن المفعول المطلق بمرادف مصدر الفعل.

(٢) إن حرف توكيد ونصب مبنى لا محل له من الإعراب. (فى ذلك) فى : حرف جر مبنى ، ذلك : اسم إشارة مبنى فى محل جر بفى. وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر إن مقدم. (الآيات) اللام حرف ابتداء وتوكيد مبنى لا محل له من الإعراب. آيات : اسم إن مؤخر منصوب ، وعلامة نصبه الكسرة ؛ لأنه مجموع بالألف والتاء المزيدتين. (لقوم) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل نصب ، نعت لآيات. (يسمعون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية فى محل جر ، نعت لقوم.

٥٦

(قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) [الكهف ١١٠](١) ، (مثل) نعت لبشر ، و (واحد ، صالحا) نعت لكل من (إله وعملا) ، وجملة (يوحى) نعت ثان لبشر.

(قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ) [هود : ٤٣] ، الجملة الفعلية (يعصمنى) نعت للمجرور (جبل).

(وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) [طه : ١١١] ، (القيوم) نعت للحى.

(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) [الزمر : ٣] ، (الخالص) نعت مرفوع للدين.

ملحوظات فى النعت الحقيقى :

أولا : المخالفة بين النعت ومنعوته فى النوع :

قد يخالف النعت منعوته فى النوع على النحو الآتى :

أ ـ قد يوصف المذكر بالمؤنث :

قد يوصف لفظ مذكر بلفظ مؤنث ، أى : به علامة من علامات التأنيث ، نحو : رجل ربعة ، للمتوسط فى الطول ، وعلّامة ، ونسّابة ، ... كما قالوا : رجل هلباجة للأحمق ، وغلام يفعة لليافع ، وهو المرتفع ، كما قالوا : رجل همزة ، وامرأة همزة ، ومثلها لمزة ، والتاء فيها ليست للتأنيث ، ولكنها للمبالغة ، يذكرون أن الصفة فى مثل هذه التراكيب الوصفية للجثّة ، وعبّر عن الجثة بالرجل.

ومما تلحقه التاء للمبالغة : راوية ، فروقة ، ملولة ، حمولة.

ب ـ قد يوصف المؤنث بالمذكر :

قد يوصف لفظ مؤنث بآخر مذكر ، أى : ليس به علامة من علامات التأنيث ، فقالوا : امرأة طالق ، وحائض ، وحامل ، وقالوا : إنها صفات منسوبة ، أى : ذات

__________________

(١) (أنا) مبتدأ مرفوع. (أنما إلهكم) إله) مصدر مؤول فى محل رفع ، نائب فاعل ليوحى. (من) اسم شرط جازم فى محل رفع ، مبتدأ ، خبره جملتا الشرط والجواب. (يرجو) جملة فى محل نصب ، خبر كان.

(فليعمل) جملة فى محل جزم ، جواب الشرط. جواب الشرط لربطه بشرطه.

٥٧

طلاق ، وذات حيض ، وذات حمل ، مثل : لابن وتامر ، أى : ذو لبن وذو تمر ، حيث الصفة هنا ليست على الفعل (١).

ويذكر أنه متأوّل بتقدير : إنسان ، أو شىء ، أى : إنسان حائض ، أو شىء

حائض (٢).

ثانيا : المخالفة بين النعت ومنعوته فى العدد :

قد يخالف بين النعت والمنعوت فى العدد ، حيث قد ينعت المفرد بالجمع ، نحو : ثوب أسمال ، وقصعة أكسار ، وجفنة أعشار ، كل من : (أسمال ، وأكسار ، وأعشار) صفات لثوب ، وقصعة ، وجفنة ، والصفات جمع ، وموصوفها مفرد.

ويذكر أن الصفة قد جمعت لدلالة الموصوف على الجمع ، فالثوب يشتمل على الرقاع المجعولة على الخروق التى به ، والقصعة مجموعة من الكسور ، أما الجفنة فإنها يأكل عليها عشرة ، فقالوا : جفنة أعشار ، ومن ذلك : نطفة أمشاج ، وثوب أخلاق ، وقيل : إن النطفة مركبة من أشياء كلّ منها مشيج ، والثوب من قطع كلّ منها خلق.

ثالثا : الصفات الخالية من تاء التأنيث :

قد تلزم بعض الصفات التذكير ، ولا يدخلها علامة تأنيث ، سواء وصف بها المذكر ، أم وصف بها المؤنث ، على أن يذكر معها موصوفها ، أو يدل عليه ذلك فى الأمثلة أو الصيغ أو الأوزان الآتية :

أ ـ صيغة (فعول) بمعنى فاعل :

نحو : ضروب بمعنى ضارب ، فيقال : رجل ضروب ، وامرأة ضروب ، بمعنى ضاربة ، ورجل صبور ، وامرأة صبور ، بمعنى صابرة ، ورجل طهور ، وامرأة طهور ، وهى بمعنى : طاهرة ، هذه الصفات لا تلحقها تاء التأنيث. ومنه : (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) [مريم : ٢٠]. (وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) [مريم : ٢٨] ، حيث (بغى) على مثال :

__________________

(١) ينظر : الكتاب ٣ ـ ٢٣٦ ، ٢٣٧.

(٢) الموضع السابق.

٥٨

فعول ، بمعنى فاعل (١) ، ولذلك جاءت لمريم فى الموضع الأول ، ولأمها فى الموضع الثانى ، فلم تلحق الصفة تاء التأنيث.

وكأنهم أرادوا بسقوط التاء من المؤنث أن يفرقوا بين فعول بمعنى فاعل ، وبينه إذا كان بمعنى مفعول ، من نحو : حلوبة بمعنى محلوبة

ومنه : حقود ، وشكور ، ونفور ، وناقة أمون (وثيقة الخلق) ، وبئر شطون (بعيدة الحبل).

ب ـ صيغة (فعيل) بمعنى مفعول :

نحو : جريح ، وأسير ، وقتيل ، فنقول : رجل جريح وامرأة جريح ، بمعنى (مجروحة) ، ورجل أسير وامرأة أسير ، بمعنى مأسورة ، ورجل قتيل ، وامرأة قتيل ، بمعنى مقتولة ، هذه الصفات لا تلحقها تاء التأنيث ، ومنه : كف خضيب بمعنى مخضوب ، ودهين بمعنى مدهون. وقد حذفت التاء منه للفرق بينه وبين ما كان بمعنى فاعل ، نحو عليم ، وسميع (٢).

ج ـ صيغة (مفعال) بمعنى فاعل :

نحو : مضراب بمعنى ضارب ، فتقول : رجل مضراب ، وامرأة مضراب ، ورجل منحار وامرأة منحار ، بمعنى : ناحر ، ورجل مهذار وامرأة مهذار. ومنه : معطار ، ومعلام ، ومحلال ، ومعطاء ...

د ـ صيغة (مفعل) ، (بكسر فسكون ففتح):

نحو : مغشم (وهو الذى لا ينتهى عمّا يريده ويهواه من شجاعته) ، فتقول : رجل مغشم ، وامرأة مغشم ، وكذلك : مدعس (من الدعس ، وهو الطعن) ، فتقول : رجل مدعس ، وامرأة مدعس.

__________________

(١) اختلف فى وزن (بغى) على قولين :

أحدهما : ما ذهب إليه المبرد من أنه (فعول) ، والأصل : بغوى ، اجتمعت الواو والياء ، وكان الأسبق منهما ساكنا ، فقلبت الواو إلى ياء ، وأدغمت في الياء ، وكسر ما قبلها. والآخر : ما نقله الزمخشري عن أبي الفتح من أنه (فعيل) ، واختلف في كونه بمعنى فاعل ، أو بمعني مفعول ، فإذا قدر أن فعيلا هنا بمعنى فاعل فإنه يكون بمعنى النسب ، مثل : حائض ، وطالق ، أى : ذات بغى ، وإذا قدر أنها بمعنى مفعول ؛ فإنها لا تلحق بها تاء التأنيث ، كما يذكر فى الصيغة التالية.

(٢) شرح المفصل لابن يعيش ٣ ـ ٥٥ ، ٥٦.

٥٩

ه ـ صيغة (مفعيل):

نحو : رجل معطير ، وامرأة معطير ، ورجل منطيق ، وامرأة منطيق.

رابعا : النعت بأفعل التفضيل :

إذا كان أفعل التفضيل نعتا فإنه مع منعوته لهما أحوال خاصة فى التركيب على النحو الآتى :

وصف النكرة باسم التفضيل :

إذا وصفت النكرة بأفعل التفضيل فإن الصفة تتبع موصوفها فى الإعراب والتنكير ، وتلزم الصفة (أفعل التفضيل) الإفراد والتذكير ، فتقول : أعجبت برجل أفضل من سمير ، وبرجلين أفضل منه ، وبرجال أفضل منه. وكرمت فتاة أفضل من سعاد ، وفتاتين أفضل منها ، وفتيات أفضل منها. ويكون هذا حال تجرّد اسم التفضيل من التعريف والإضافة ، حيث يلزم الإفراد والتذكير ـ حينئذ ـ.

وصف المعرفة باسم التفضيل :

إذا وصفت المعرفة بأفعل التفضيل فإنها تأتى فى تركيبين (١) :

أولهما : أن يكون النعت (اسم التفضيل) معرفا بالأداة ، وفيه تتبع الصفة الموصوف فى الجوانب الأربعة من التطابق. فتقول : أعجبت بالمواطن الأفضل (الحظ المطابقة بين النعت (المواطن) والمنعوت (الأفضل) فى الإفراد والتذكير والتعريف والجر ، وتقول : أعجبت بالمواطنين الأفضلين ، وبالمواطنين الأفاضل ، أو الأفضلين ، وبالمواطنة الفضلى ، وبالمواطنتين الفضليين ، وبالمواطنات الفضليات أو الفضّل.

__________________

(١) فى استعمال اسم التفضيل فى الجملة تركيب آخر ، وهو أن يكون مضافا إلى نكرة من جنس المفضل ، وتحمل عدده ، فتقول : محمد أفضل رجل ، والمحمدان أفضل رجلين ، والمحمدون أفضل رجال ، ورجاء أفضل امرأة ، والبنتان أفضل امرأتين ، وهؤلاء الطالبات أفضل فتيات. فيلزم الإفراد والتذكير فى مثل هذا التركيب.

٦٠