النحو العربى

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربى

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٩٤

وقد قدّر النحاة للفاء فى هذا الموضع معانى تجمع بين (١) : السببية أو الربط السببى ، والعاطفة عطف جملة على جملة ، والابتداء (٢) ، والإتباع دون العطف ، وقد يفهم من بعضهم معنى التوكيد للفاء فى مثل هذا الموضع (٣).

لكننا إذا دققنا التأمل فى معانى اقتران جواب الشرط بالفاء فإننا نجد أنها تعطى معنى الإلفات والتركيز ، أى : إلفات انتباه المستمع وتركيز فكره على معنى جملة الجواب ؛ لأنه المعول الأساسىّ من التركيب الشرطى.

وتستطيع أن تدرك العلاقة المعنوية بين معنى الإلفات والتركيز ومعنى الربط السببى ، لأن المسبّب هو المقصود من عمل السبب أو المسبب عنه ، وبينه وبين معنى التوكيد.

وإذا كانت جملة جواب الشرط مقترنة بالفاء ؛ وكانت أداة الشرط غير جازمة ؛ فإنها لا محلّ لها من الإعراب.

مواضع اقتران جملة جواب الشرط بالفاء :

يجب أن تقرن جملة جواب الشرط بالفاء إذا كانت :

١ ـ جملة اسمية :

نحو : (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ) [الأنبياء : ٢٩](٤) ، جملة جواب الشرط (فذلك نجزيه) اسمية ، فاقترنت بالفاء ، وأصبحت فى محلّ جزم.

__________________

(١) ينظر : الكتاب ٣ ـ ٦٣ / أصول النحو ٢ ـ ١٩٥ / المقتصد ٢ ـ ١٠٤٠ / المرتجل ٢١٧ / التسهيل ٢٣٦ / الرضى شرح الكافية ٢ ـ ٢٦٢ / همع الهوامع ٢ ـ ٦٠ ، ٦٧.

(٢) معانى القرآن للأخفش ١ ـ ٦١.

(٣) الأزهية ٢ ـ ٢٥٥ ، ٢٥٦.

(٤) (من) اسم شرط جازم مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ. (يقل) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون. والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. (منهم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالقول. (إنى) حرف ناسخ مبنى لا محل له من الإعراب ، وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، اسم إنّ. (إله) خبر إن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة. والجملة فى محل نصب ، مقول القول. (من دونه) جار ومجرور ومضاف إليه ، وشبه الجملة فى محل رفع نعت لإله. (فذلك) الفاء رابطة جواب الشرط بشرطه حرف مبنى. واسم الإشارة مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (نجزيه) فعل مضارع

٤٤١

(فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ) [النساء : ٢٥].

جملة الجواب اسمية (فعليهن نصف) ، فكانت مقترنة بالفاء فى محل جزم. وهى مكوّنة من خبر مقدم (شبه جملة) ، ومبتدإ مؤخر (نصف).

(وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ) [غافر : ٢٨]. (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الإسراء : ١٠](مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) [القصص : ٨٤](١).

(وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) [هود : ١٧](٢).

(فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) [البقرة : ١١٥](٣).

(فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ) [البقرة : ٢٧٥](٤).

ومن الاسمية : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ) [البقرة : ١٩٦].

__________________

مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : نحن ، وضمير الغائب فى محل نصب ، مفعول به ، والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدإ ، والجملة الاسمية فى محل جزم ، جواب الشرط. (جهنم) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، أو منصوب على التوسع.

(١) (من) اسم شرط جازم مبنى فى محل رفع ، مبتدأ ، شرطه جملة (جاء) ، وجوابه الجملة الاسمية المقرونة بالفاء (فله خير منها) ، (له) شبه جملة فى محل رفع ، خبر مقدم ، (خير) مبتدأ مؤخر مرفوع. (منها) شبه جملة متعلقة بالخيرية.

(٢) (من) اسم شرط جازم مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. شرطه جملة (يكفر) ، وجوابه الجملة الاسمية المصدرة بالفاء (فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ).

(٣) (أينما) اسم شرط جازم مبنى على الفتح فى محل نصب على الظرفية متعلق بتولى. (تولوا) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (فثم) الفاء حرف رابط بين الشرط وجوابه مبنى لا محل له من الإعراب. ثم : ظرف مكان إشارى مبنى على الفتح فى محل نصب ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم ، (وجه) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الاسمية فى محل جزم جواب الشرط ، (الله) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(٤) (من) اسم شرط جازم مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. جملة شرطه (جاءه موعظة) ، وجملة جوابه الجملة الاسمية المقرونة بالفاء (فله ما سلف) ، (موعظة) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. شبه جملة (من ربه) فى محل رفع نعت لموعظة. جملة (انتهى) معطوفة على جملة الشرط ، (له) شبه جملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (ما) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، مبتدأ ، والجملة الاسمية (له ما سلف) فى محل جزم جواب الشرط. (سلف) جملة فعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

٤٤٢

جواب الشرط هو : «فصيام ثلاثة أيام» ، وتقديره : فصيام ثلاثة أيام عليه ، حيث تكون جملة جواب الشرط اسمية محذوفة الخبر ، وقد تكون محذوفة المبتدإ ، والتقدير : فالواجب صيام ، وفى التقديرين يجب أن تقرن بالفاء ، وتكون فى محلّ جزم.

ومثله : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) [الجاثية : ١٥] أى : فهو لنفسه ، أو فهو عليها ، (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ) [البقرة : ٢٧٢].

أى : فهو لأنفسكم.

ومنه : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) [البقرة : ١٩٦] ، أى : فعليه ما استيسر ، أو : فالواجب ما استيسر من الهدى.

ومنه قوله تعالى : (مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) [الأعراف : ١٣٢] ، حيث جملة الجواب المصدرة بـ (ما) المنفية (ما نحن لك) وجب اقترانها بالفاء. وخبرها (بمؤمنين) ، حيث الباء حرف جر زائد للتوكيد ، (مؤمنين) خبر المبتدإ مرفوع مقدرا.

ومن الاسمية الجملة الاسمية المنسوخة بحرف ناسخ ، (إنّ ، ولا النافية للجنس). ومثال ذلك : (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي) [البقرة : ٤٩](١) ، جملة جواب الشرط (إنه منّى) اسمية منسوخة ، فوجب اقترانها بالفاء ، وتكون فى محلّ جزم.

(فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) [البقرة : ١٩٧](٢) ، جملة الجواب (لا رفث .. فى الحج) جملة أسمية منسوخة بـ (لا) النافية للجنس ، فاقترنت بالفاء.

__________________

(١) (منى) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر إن ، أو متعلقة بخبر إن المحذوف.

(٢) (فى الحج) جار ومجرور ، وشبه الجملة خبر لا النافية للجنس فى محل رفع ، أو متعلقة به.

٤٤٣

ومنه : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ) [آل عمران : ١٦٠](١).

(وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ) [الشورى : ٤٨].

٢ ـ جملة طلبية :

ويشمل الطلب الأمر ، والنهى والاستفهام ، والتمنى والترجى ، والعرض ، والتحضيض ، والنداء ، والدعاء. من ذلك : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة : ١٨٥](٢) ، جملة جواب الشرط (فليصمه) مقرونة بالفاء ؛ لأنها طلبية ، حيث صدرت بلام الطلب الجازمة للفعل المضارع ، وجملة جواب الشرط فى محلّ جزم.

ومن الأمر كذلك : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) [البقرة : ١٩٤](٣).

__________________

(١) (إن) حرف شرط جازم مبنى على السكون لا محل له من الإعراب. (ينصركم) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وضمير المخاطبين مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (الله) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (فلا) الفاء واقعة فى جواب الشرط لربطه بشرطه حرف مبنى ، لا : النافية للجنس حرف مبنى لا محل له من الإعراب. (غالب) اسم لا النافية للجنس مبنى على الفتح فى محل نصب. (لكم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر لا ، أو متعلقة به ، والجملة الاسمية فى محل جزم ، جواب الشرط.

(٢) (من) اسم شرط جازم مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ. (شهد) فعل الشرط ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره هو. (منكم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بشهد.

(الشهر) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (فليصمه) الفاء رابط الشرط بجوابه حرف مبنى لا محل له من الإعراب. اللام : للأمر حرف مبنى لا محل له من الإعراب. يصم : فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. وضمير الغائب المتصل مبنى فى محل نصب ، مفعول به ، وجملة (فليصمه) فى محل جزم ، جواب الشرط.

(٣) (فاعتدوا) الفاء واقعة فى جواب الشرط حرف مبنى. اعتدوا : فعل أمر مبنى على حذف النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الفعلية فى محل جزم ، جواب الشرط. (عليه) شبه جملة متعلقة بالاعتداء. (بمثل) شبه جملة متعلقة بالاعتداء. (ما) اسم موصول مبنى فى محل جر بالإضافة. (اعتدى) جملة فعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. (عليكم) شبه جملة متعلقة بالاعتداء.

٤٤٤

(وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ) [آل عمران : ١٦٠](١) جملة الجواب (من ذا الذى ...) طلبية استفهامية ، فاقترنت بالفاء ، وأصبحت فى محلّ جزم ، ومنه (فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ) [الأنعام : ١٥٠].

ومنه قول أم عمرو :

فإن سبقت عليا هذيل بذحلها

خزاعة أو فاتت فكيف اعتذارها (٢)

جملة الجواب (كيف اعتذارها) اسمية استفهامية ، فاقترنت بالفاء.

ومنه أن تقول : إذا أردت أن تكون صديقا فلا تكثر من العتاب. جملة جواب الشرط (لا تكثر) مصدرة بالنهى.

إن أردت التفوق فلعلّك تترك العبث. جواب الشرط رجاء.

لو أردنا مسايرة التقدم فليتنا نبتعد عن الأقوال دون الأفعال. جملة الجواب تمنّ.

من يرد مواصلة الودّ فهلّا يزورنى. جملة الجواب تحضيض.

متى أغادر الاجتماع فيا محمد لتقم معى ، جملة الجواب نداء.

٣ ـ مصدرة بفعل جامد :

الأفعال الجامدة هى : ليس وعسى ، ونعم ، وبئس ، وحبذا ، ولا حبذا ، وتعلّم وهب ، وكلاهما فعل أمر ، فيكونان من الجملة الطلبية ، ومنها فعل التعجب (أفعل به) ، أما صيغة (ما أفعله) فتكون من الجملة الاسمية أو الإنشائية. ومثال ذلك :

__________________

(١) (فمن) الفاء حرف رابط الشرط بجوابه مبنى لا محل له من الإعراب. من : اسم استفهام مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ ، أو خبر مقدم. (ذا) اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، خبر المبتدإ ، أو مبتدأ مؤخر. والجملة الاسمية (من ذا) فى محل جزم جواب الشرط. (الذى) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، نعت أو بدل أو عطف بيان لاسم الإشارة فى محل رفع. (ينصركم) فعل وفاعل مستتر ، وضمير مبنى فى محل نصب ، مفعول به ، والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. (من بعده) جار ومجرور ومضاف إليه ، وشبه الجملة متعلقة بالنصر.

(٢) شرح السكرى لأشعار الهذليين ١ ـ ٣٩٦.

٤٤٥

(فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي) [البقرة : ٢٤٨] ، جملة الجواب مصدرة بفعل جامد (ليس) ، لذا فإنها قد اقترنت بالفاء ، وهى فى محل جزم.

(وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً) [النساء : ٣٨](١) ، تصدرت جملة الشرط بالفعل الجامد (ساء).

ومنه قول معقل بن خويلد :

بنو عمّنا جاؤوا فملّوا جنابنا

فمن ساءه فسيئ أن نتجمعا (٢)

جملة جواب الشرط (سيئ أن نتجمعا) فعلها جامد (ساء) ، فاقترنت بالفاء ، ويجوز أن تكون دعائية.

ومنه : ما تقدّمه من مساعدة لجيرانك فنعم ما تقوم به أو : فحبذا ما تقوم به ، جملة الجواب مصدرة بالفعل الجامد (نعم) ، أو (حبذا).

إن تتفان فى مصلحة وطنك فأعظم بهذا العمل. جملة الجواب مصدرة بفعل التعجب الجامد (أعظم). (تتفان) فعل جملة الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة ، وفاعله ضمير مستتر ، تقديره : أنت.

(هذا) اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، فاعل فعل التعجب. والباء حرف جر زائد للتوكيد والإلصاق.

__________________

(١) (من) اسم شرط جازم مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ. (يكن) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين. (الشيطان) اسم يكون مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (له) شبه جملة متعلقة بقرين. (قرينا) خبر يكون منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (فساء) الفاء حرف مبنى رابط الشرط بجوابه. (ساء) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة الفعلية فى محل جزم جواب الشرط. (قرينا) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(٢) شرح السكرى لأشعار الهذليين ١ ـ ٣٧٥. جنابنا : ناحيتنا. (بنو) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الواو ؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. خبره الجملة الفعلية (جاؤوا). جملة (ملوا) فى محل رفع بالعطف على جملة (جاؤوا). (من) اسم شرط جازم مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ. جملة الشرط (ساءه). جملة جواب الشرط (فسيئ أن نتجمعا) فى محل جزم ؛ لأنها مقرونة بالفاء. (أن نتجمعا) مصدر مؤول فى محل رفع ، نائب فاعل.

٤٤٦

(إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) [البقرة : ٢٧١](١). جملة الجواب (نعما هى) ، وهى مصدرة بفعل المدح الجامد (نعم) ، فوجب اقترانها بالفاء.

٤ ـ مصدرة بـ (ما ، ولن) النافيتين ، والماضى المنفى بـ (لا):

ومثال ذلك : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) [آل عمران : ٨٥] ، تصدرت جملة الجواب بالحرف النافى (لن). ومنه : (وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً) [المائدة : ٤٢] ، جملة جواب الشرط (فلن يضروك) مصدرة بالحرف النافى (لن) ، فوجب اقترانها بالفاء.

ومنه أن تقول : مهما تأتنا به فما يثنينا عن عزمنا. ومنه قول الشاعر :

فإن لم أصدق ظنّهم بتيقّن

فلا سقت الأوصال منى الرواعد (٢)

وقد تكون المصدرة بـ (ما) النافية جملة اسمية ، كما هو فى قوله تعالى :(وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) [الحج ١٨](٣) حيث جملة الجواب اسمية (ما له من مكرم) ، وقد صدرت بـ (ما) النافية ، فوجب اقترانها بالفاء.

__________________

(١) (ما) معرفة تامة فى محل رفع ، فاعل نعم ، والتقدير : نعم الشىء. أو أن تكون اسما موصولا فى محل رفع ، فاعل ، أو أن تكون مفسرة بمعنى (شىء) فى محل نصب على التمييز لفاعل نعم الضمير المستتر ، والتقدير :. فنعم هو شيئا ، أو : فنعم الشىء شيئا. (هى) ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ مؤخر ، خبره جملة المدح. أو محذوف. أو : خبر لمبتدإ محذوف ، والتقدير : فنعم الذى هو هى إبداؤها ، والجملة صلة الموصول ، والمخصوص بالمدح محذوف. وقد يعرب على الرفع مخصوصا بالمدح نائبا مناب الإبداء ، والتقدير : فنعم الشىء شيئا إبداؤها.

(٢) (إن) حرف شرط جازم مبنى لا محل له من الإعراب. (لم) حرف نفى وجزم وقلب مبنى لا محل له من الإعراب. (أصدق) فعل الشرط مضارع مجزوم بعد لم ، وعلامة جزمه السكون. وفاعله ضمير مستتر تقديره أنا. (ظنهم) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وضمير الغائبين مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (بتيقن) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل نصب حال. (فلا) الفاء حرف رابط الشرط بجوابه مؤكد مبنى لا محل له من الإعراب. لا : حرف نفى مبنى ، (سقت) سقى : فعل ماض مبنى على الفتح المقدر ، منع من ظهوره التعذر. والتاء حرف تأنيث مبنى لا محل له من الإعراب. (الأوصال) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. (منى) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل نصب ، حال (الرواعد) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الفعلية فى محل جزم ، جواب الشرط.

(٣) (من) اسم شرط جازم مبنى على السكون فى محل نصب ، مفعول به. (يهن) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون. وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين ، وحذف عين الفعل لالتقاء الساكنين.

٤٤٧

٥ ـ مصدرة بـ (قد) ظاهرة أو مقدرة :

نحو : (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) [المائدة : ٧٢]. صدرت جملة الجواب بـ (قد) ، فاقترنت بالفاء ، وأصبحت فى محل جزم.

(وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى) [طه : ٨١].

ـ ومما يقدر فيه (قد) قوله تعالى : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [يوسف : ٢٦ ، ٢٧] ، والتقدير فى جملتى الجواب فى الموضعين السابقين : فقد صدقت ، فقد كذبت.

٦ ـ مصدرة بحرف استقبال (السين وسوف):

نحو (وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى) [الطلاق : ٦]. جملة الجواب (سترضع) مصدرة بالسين ، فوجب اقترانها بالفاء.

وكذلك (مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) [المائدة : ٥٤]. صدرت جملة الجواب بحرف الاستقبال (سوف) ، فقرنت بالفاء.

(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) [النساء : ١١٤](١).

__________________

(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (فما) الفاء حرف واقع فى جواب الشرط مبنى لا محل له من الإعراب. ما : حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب (له) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (من مكرم) من : حرف جر زائد مبنى لا محل له من الإعراب. مكرم : مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. والجملة الاسمية فى محل جزم جواب الشرط.

(١) (من) اسم شرط جازم مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (يفعل) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون. والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. (ذلك) اسم إشارة مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (ابتغاء) مفعول لأجله منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (مرضاة) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (الله) مضاف إليه مرضاة مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (فسوف) الفاء : حرف مبنى رابط الشرط بجوابه لا محل له. سوف : حرف استقبال مبنى لا محل له من الإعراب. (نؤتيه) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : نحن. وضمير الغائب مبنى فى محل

٤٤٨

٧ ـ مصدرة بـ (رب):

كأن تقول : من يبادر أخاه بالمصالحة فربّما يكون ذلك خيرا. جملة جواب الشرط (فربما يكون ذلك خيرا) مصدرة بـ (ربما) ، فوجب اقترانها بالفاء.

ومنه أن تقول : إن تلق السّلام على أخيك فربما يزول الخصام بينكما.

٨ ـ مصدرة بـ (قسم):

نحو : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) [النحل : ٩٧](١) ، تصدرت جملة الجواب بالقسم ، حيث اللام دليل عليه ، وموطّئة له ، فوجب قرنها بالفاء ، وهى فى محل جزم.

ـ وتقول : إن نادى الوطن للجهاد فو الله لألبين النداء.

٩ ـ تركيبا شرطيا :

من ذلك قول أمية بن أبى عائذ :

إذا النعجة الأذناء كانت بقفرة

فأيّان ما يعدل بها الرئم تنزل (٢)

حيث جملة جواب الشرط (أيان ما يعدل تنزل) جواب لاسم الشرط (إذا) ، ولذلك وجب اقترانها بالفاء ، وهى لا محل لها من الإعراب.

(فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ) [النساء : ٢٥](٣) ، جملة جواب الشرط (إن (أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ) تركيب شرطىّ ، فاقترنت بالفاء ، وأصبحت فى محلّ جزم.

__________________

نصب مفعول به أول. والجملة الفعلية فى محل جزم جواب الشرط. (أجرا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة (عظيما) نعت لأجر منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(١) (فلنحيينه) : الفاء واقعة فى جواب الشرط. اللام : للقسم حرف مبنى لا محل له من الإعراب. نحيى :فعل مضارع مبنى على الفتح ؛ لاتصاله بنون التوكيد المباشرة فى محل رفع ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : نحن. والنون للتوكيد حرف مبنى لا محل له. وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، مفعول به ، والجملة الفعلية فى محل جزم جواب الشرط.

(٢) ديوان أشعار الهذليين ٢ ـ ١٩٤ / شرح السكرى ٢ ـ ٥٢٦. الأذناء : طويلة الأذنين. وفيه رواية (لها الدهر تنزل).

(٣) (إذا) اسم شرط غير جازم مبنى فى محل نصب على الظرفية مضاف إلى شرطه ، متعلق بجوابه.

٤٤٩

(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) [البقرة : ١٨٠].

(إذا) ظرف زمان فى محل نصب ، متعلق بـ (كتب) ، وليست شرطا. على أن (إن) شرط ، وجملة الشرط (ترك خيرا) ، وجملة الجواب (الوصية للوالدين) بتقدير الفاء ، أو (فعليه الوصية). ويجوز أن تكون (الوصية) نائب فاعل لكتب ، وكل من (إذا). و (إن) شرط حذف جوابه ، أو (إذا) ظرف ، و (إن) شرط حذف جوابه.

فى قوله : (فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) [البقرة : ١٩٦] ، جواب (إذا) التركيب الشرطى المقرون بالفاء (فمن تمتع ... فما استيسر) ، أما جواب اسم الشرط (من) فهو الجملة الاسمية المقرونة بالفاء (فَمَا اسْتَيْسَرَ).

ومثله (وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) [النساء : ٦]. جملة جواب (إذا) التركيب الشرطى المقرون بالفاء (فَإِنْ آنَسْتُمْ ... فَادْفَعُوا ...).

١١ ـ مصدرة باسم فعل :

منه قول المعطل :

فإن يمس أهلى بالرجيع ودوننا

جبال السراة مهور فعواهن

__________________

(أحصن) فعل الشرط ماض مبنى على السكون ، ونون النسوة ضمير مبنى فى محل رفع فاعل. والجملة فى محل جر بالإضافة. (فإن) الفاء واقعة فى جواب شرط إذا. إن : حرف شرط جازم مبنى لا محل له. (أتين) فعل الشرط ماض مبنى على السكون. ونون النسوة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (بفاحشة) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالإتيان. (فعليهن) الفاء واقع فى جواب شرط إن (عليهن) : جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (نصف) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والجملة الاسمية فى محل جزم جواب شرط إن ، والتركيب الشرطى (إن أتين فعليهن) جواب شرط إذا لا محل لها من الإعراب. (ما) اسم موصول مبنى فى محل جر بالإضافة إلى نصف. (على المحصنات) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر لمبتدإ محذوف ، والتقدير : ما هو على المحصنات من العذاب. (من العذاب) جار ومجرور ، وشبه الجملة إما متعلقة بالمحذوف من شبه الجملة الخبر ، أو مفسرة للضمير المحذوف.

٤٥٠

فهيهات ناس من أناس ديارهم

دفوق ودور الآخرين الأواين (١)

جملة جواب الشرط (فهيهات أناس) ، مصدرة باسم فعل ماض (هيهات) ، فاقترنت بالفاء فى محلّ جزم.

وتقول : إذا رفعت صوتك فوق صوت والديك فأفّ لما تفعله. مهما تقم به من طاعات لخالقك فشتّان ما بين عملك ونعم ربّك عليك. أيان ما يتحدّث أستاذك فصه. حيثما يطلب غيرك المساعدة فعليك بها. فى الأمثلة السابقة تلحظ أن جمل جواب الشرط مصدرة بأسماء أفعال وهى على الترتيب : (أف ، شتان ، صه ، عليك). ولذلك اقترنت بالفاء.

١٢ ـ أو كانت معنى تعجبيا :

وتكون بصيغتى (ما أفعله) ، وهى اسمية ، و (أفعل به) وهو فعل جامد.

ومنه : لله درّه ، وهى اسمية ، ويا له .. وهى ندائية ...

كأن تقول : إن يفعل هذا محمد فيا له بطلا ، لو قام على بمساعدة المحتاجين فلله درّه كريما.

(بطلا) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، (لله درّه) جملة اسمية مكونة من شبه جملة خبر مقدم ، ومبتدأ مؤخر (در). (كريما) تمييز نسبة منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

الحظ جملة جواب الشرط المقرونة بالفاء فيما يأتى :

قول عمرو ذى الكلب :

فإما تثقفونى فاقتلونى

وإن أثقف فسوف ترون بالى (٢)

(وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) [المؤمنون : ١١٧](٣).

__________________

(١) ديوان الهذليين ٣ ـ ٤٤ / شرح السكرى ١ ـ ٤٤٤. مهور ، وعواهن ، ودفوق والأواين أماكن.

(٢) ديوان الهذليين ٣ ـ ١١٤ / شرح السكرى ٢ ـ ٥٦٧. تثقفون : تظفرون بى ، بالى : حالى.

(٣) (من) اسم شرط جازم مبنى فى محل رفع ، مبتدأ ، شرطه جملة (يدع) ، وجوابه ـ على الأرجح ـ الجملة

٤٥١

(وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) [آل عمران : ٩٧].

(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) [الرعد : ٣٣].

(فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) [الزمر : ٤١](١).

(وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ) [سبأ : ١٢](٢).

(ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) [الزمر : ٢٣](٣).

(وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) (لقمان ١٢)

(وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً) [الكهف : ١٧].

(قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً) [مريم : ٧٥].

__________________

المقرونة بالفاء. (فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) ، أما جملة (لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ) فإنها ـ على الأرجح ـ فى محل نصب ، نعت ثان لإله. (برهان) اسم لا النافية للجنس ، مبنى على الفتح فى محل نصب. وخبرها شبه الجملة (له). (حساب) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، خبره شبه الجملة (عند ربه).

(١) (من) اسم شرط جازم مبنى فى محل رفع ، مبتدأ ، جملة شرطه (اهتدى) ، وجملة جوابه (فلنفسه) ، بتقدير : لنفسه. ويجوز أن تجعل (من) اسما موصولا فى محل رفع مبتدأ ، وجملة (اهتدى) صلته ، وخبره شبه الجملة (فلنفسه) ، أو الجملة الاسمية (فهو لنفسه) ؛ وحسن دخول الفاء على الخبر لما فيه معنى الجزاء.

(٢) (من الجن) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم والمبتدأ هو الاسم الموصول (من) فى محل رفع ، وصلته الجملة الفعلية (يعمل). أما اسم الشرط الجازم فهو (من) ، وهو فى محل رفع ، مبتدأ جملة شرطه (يزغ) ، وجملة جوابه (نذقه).

(٣) (ذلك) اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (هدى) خبر المبتدإ ، مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة. والجملة الفعلية (يهدى) فى محل رفع ، خبر ثان لاسم الإشارة ، أو فى محل نصب ، حال من الخبر ، والعامل فيه (هذا). ويجوز أن تجعل (هدى) بدلا من اسم الإشارة ، وتكون جملة (يهدى) هى الخبر. (من يشاء) من : اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به ، وجملة يشاء صلته. جملة جواب الشرط (فما له من هاد) ، وهى جملة اسمية ، فيها (من) حرف جر زائد ، و (هاد) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة.

٤٥٢

(وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً) [التوبة : ١٢٤].

(وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً) [المائدة : ٤١].

(مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) [النساء : ٨٠].

(أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) [النساء : ٨٨].

(وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) [النساء : ٤٨].

(يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) [البقرة : ٢٦٩].

(وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) [آل عمران : ١١٥].

(وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [آل عمران : ١٦١].

(ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) [النساء : ٧٩].

(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) [المائدة : ٤٧].

(فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ) [النمل : ٩٢](١).

(وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى) [القصص : ٦٠](٢).

__________________

(١) (أنا) ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ ، خبره شبه الجملة (من المنذرين) ، والجملة الاسمية فى محل نصب مقول القول.

(٢) (ما) الأولى : اسم شرط جازم مبنى فى محل نصب ، مفعول به ثان مقدم ، وشبه الجملة بيان لها ، أو نعت لها ، ويجوز أن تكون حالا منها. وجملة جواب الشرط الجملة الاسمية المقرونة بالفاء (فمتاع) ، والتقدير : فهو متاع. (ما) الثانية : اسم موصول مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. صلته شبه الجملة (عند الله) ، وخبره (خير).

٤٥٣

(ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) [فاطر : ٢].

(فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) [محمد : ٣٨](١).

أما قوله تعالى : (وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً) [البقرة : ١٢٦]. ففيه جملة جواب الشرط ـ إذا كانت (من) اسم شرط ـ هى (فأمتعه) ، وهى مصدرة بالفاء ؛ لأن تقديرها جملة اسمية ، وهى : فأنا أمتعه ، ولذلك قرنت بالفاء ، ويقال : إنه حسن اقترانها بالفاء لكون فعل الشرط ماضيا.

ويجوز أن تجعل (من) موصولة ، وجملة الصلة هى الفعلية (كفر) ، ودخلت الفاء على جملة الخبر (فأمتعه) لكون المبتدإ أشبه بالشرط.

ومثله : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) [لمائدة : ٩٥] ، حيث جملة جواب الشرط تقديرها : فهو ينتقم الله منه ، وهى اسمية ، ويجوز أن تكون الجملة خبرا للمبتدإ الاسم الموصول (من).

ومثله : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) [طه : ١٢٣] ، أى : فهو لا يضل.

وكذلك : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) [الأنعام : ١٦٠] ، أى : فهو لا يجزى ...

وكذلك : (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً) [لجن : ١٣] ، أى : فهو لا يخاف ...

(أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) [الزمر : ١٩].

__________________

(١) (من) الأولى : اسم موصول مبنى فى محل رفع ، مبتدأ مؤخر. وصلته الجملة الفعلية (يبخل). وخبره المقدم شبه الجملة (منكم). (من) الثانية : اسم شرط جازم مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. جملة شرطه (يبخل). جملة جوابه (فَإِنَّما يَبْخَلُ) ، وهى مقرونة بالفاء. الفعل المضارع (يبخل) فى الموضع الأول مرفوع ؛ لأنه فى صدر جملة الصلة ، وفى الثانى مجزوم ؛ لأنه فعل جملة الشرط ، وفى الثالث مرفوع ؛ لأنه بعد (إن) المكفوفة بما.

٤٥٤

إذا احتسبت (من) اسم شرط فجوابه (أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ) ، على أن همزة الاستفهام مؤكدة للإنكار الأول ، والفاء واقعة فى جواب الشرط ؛ لأنه جملة اسمية.

ويجوز أن تكون (من) اسما موصولا مبتدأ خبره محذوف ، وجملة (أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ) استئنافية.

(إذا) الفجائية فى جواب الشرط

مما يجازى به (إذا) الفجائية (١) ، حيث تكون بديلا للفاء فى بعض التراكيب ، وبخاصة أن يكون جواب الشرط جملة اسمية.

ومن أمثلتها قوله تعالى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) [الروم : ٣٦] ، حيث جملة الجواب (إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) جملة اسمية مصدرة بـ (إذا) الفجائية. وهى رابطة جواب الشرط بشرطه. ومن النحاة من يقدر الفاء قبلها ، ولكن لا جدوى من هذا التقدير.

وقد ذكرت فى جواب شرط (إن) ـ كما مثّلنا سابقا ـ وكما جاء فى قوله تعالى : (وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ) [التوبة : ٥٨].

وجاءت فى جواب شرط (إذا) ، كما فى قوله تعالى : (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) [الروم : ٢٥] ، (حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ) [المؤمنون : ٦٤].

(حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) [المؤمنون : ٧٧].

(وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) [النور : ٤٨].

(وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا) [يونس : ٢١].

وذكرت فى جواب (لما) ، نحو : (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ) [الأنبياء : ١٢] ، (فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) [يونس : ٢٣].

__________________

(١) ينظر : الكتاب ٣ ـ ٦٤ / معانى القرآن للفراء ١ ـ ٤٥٩ / المقتضب ٣ ـ ١٧٨ / المقتصد ٢ ـ ١٠٤٢ / المرتجل ٢١٨ / شرح المفصل لابن يعيش ٩ ـ ٣ / شرح الرضى للكافية ٢ ـ ٢٦٢ / الجنى الدانى ٣٧٥.

٤٥٥

(إذن) فى جملة جواب الشرط :

(إذن) حرف جواب وجزاء ، ويقال : إنه للتوكيد ، يقع فى صدر جملة جواب الشرط بديلا للفاء ، وقد تقع بديلا للام فى جواب (لو) ، وقد يجتمعان وتكون ـ حينئذ ـ ملغاة لا أثر لها إعرابيا ؛ لأنها لا تعمل النصب فى ـ المضارع ـ إذا توسطت بين الفعل وبين شىء الفعل معتمد عليه ، أو اقتضى ما قبلها ما بعدها وافتقر إليه ، كتوسطها بين المبتدإ والخبر ، وبين الشرط وجزائه ، وبين القسم وجوابه (١).

ويكثر ذكرها فى جواب (لو) ، و (إن) ، ومن أمثلتها.

(قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً) [الإسراء : ٤٢] ، حيث جواب (لو) (إِذاً لَابْتَغَوْا) وهو مصدر بحرف الجواب والجزاء (إذن) ، وتلحظ اجتماع (إذن) مع اللام.

ومنه (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) [الإسراء : ١٠٠].

ومنه قول جنوب أخت عمرو ذى الكلب :

فأقسم يا عمرو لو نبّهاك

إذن نبّها منك داء عضالا (٢)

وقد تتوسط (إذن) جملة جواب الشرط ، كما فى قوله تعالى : (فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ) [يونس : ١٠٦] ، وقول أمية بن أبى عائذ :

ولكنكم نفسى التى لو أصبتها

لحقت إذن تلك المنية مقتلى (٣)

__________________

(١) ينظر : الكتاب ٣ ـ ٤ / المقتصد ٢ ـ ١٠٤٠ / مغنى اللبيب ١ ـ ٢٠ / الجنى الدانى ٣٦١ / الإتقان ٢ ـ ١٨١.

(٢) ديوان الهذليين ٢ ـ ٢٣٥ / شرح السكرى ١ ـ ٢٧٧. عضالا : شديدا.

(٣) شرح السكرى لأشعار الهذليين ٢ ـ ٥٣١.

٤٥٦

اجتماع الشرط وبعض الأساليب

قد يجتمع التركيب الشرطىّ وبعض الكلمات أو الأساليب ذات المعانى المساعدة أو الموحية ، وهذه يمكن أن تقسم إلى مجموعات ثلاث :

الأولى : تشمل تلك الحروف التى لا تؤثر إعرابيا ولا تركيبيا ، ومنها التى تؤدى معانى الردع والزجر (كلّا) ، والحث والتحضيض (ألا ، ولو لا ، ولو ما ، وهلا) ، والابتداء والاستفتاح (ألا ، وأما).

والتركيب الشرطىّ لا يتأثر بدخول هذه الحروف إلا من حيث المعنى فقط ، وإنما تظلّ خصائصه التركيبية والإعرابية دون تأثر. ، فتقول : ألا من يأتنا نأته ، بجزم فعلى الشرط والجواب ، ويعرب اسم الشرط فى محلّ رفع ، مبتدأ.

وتقول : كلّا إن تزرنا نكرمك. بجزم الفعلين.

الثانية : تشمل أدوات الاستفهام.

الثالثة : تشمل أسلوب القسم.

ونفصل القول فى المجموعتين الثانية والثالثة.

اجتماع الشرط والاستفهام :

قد يجتمع استفهام وشرط ، وحينئذ يكون ذلك فى صورتين من التركيب :

أولاهما : أن يكون الاستفهام بواسطة الحرف ، وحرف الاستفهام لا يعمل نحويا ، فيكون التركيب الشرطى على حاله من قواعده التركيبية الخاصة ، فأدوات الشرط ـ حينئذ كما يذكر سيبويه ـ بمنزلة الواو ، والفاء ، ولا ، ونحو ذلك ؛ لا تغير الكلام عن حاله (١) ، فيكون الجواب للشرط بخاصة.

ومثال ذلك أن تقول : أإن أذاكر أنجح؟ ، بجزم فعلى الشرط والجواب ؛ لأن حرف الشرط (إن) عامل ، حيث حرف الاستفهام الهمزة لا يؤثر إعرابيا.

وتقول : أمن يأتنى أكرمه؟ ، أأىّ زائر يسع إلينا يلق الترحيب؟

__________________

(١) يرجع إلى : الكتاب ٣ ـ ٨٣.

٤٥٧

وذكر سيبويه أن يونس يجيز : أإن تأتنى آتيك؟ برفع المضارع فى جملة الجواب اعتمادا على الاستفهام ، ويذكر سيبويه أن هذا قبيح يكره فى الجزاء ، وإن كان فى الاستفهام (١).

والأخرى : أن يكون الاستفهام بواسطة الاسم ، فيكون اسم الاستفهام له موقعه الإعرابىّ فى التركيب ، أما التركيب الشرطىّ فله موقعه كذلك ، فهو بمثابة ركن الجملة ، أو جزء منها ، فلا يتأثر أجزاؤه بما قبله إعرابيا ، وتطبق كل قواعد الشرط التركيبية ، كأن تقول : من إن يزرنى أكرمه؟ فاسم الاستفهام فى محلّ رفع ، مبتدأ ، والتركيب الشرطىّ فى محلّ رفع ، خبره ، ولذلك فإن الشرط ركن من الجملة ، فيعمل حرف الشرط ، ويجزم كلّ من فعلى الشرط والجواب.

وتقول : أىّ رجل إن يأتنا نكرمه؟ على أن (أيّا) اسم استفهام ، وتكون مبتدأ مرفوعا ، خبره التركيب الشرطىّ (إن يأتنا نكرمه).

أين من يمش أمش معه؟ فتكون (أين) اسم استفهام مبنيا ، فى محلّ نصب على الظرفية متعلقا بالمشى ، ويكون اسم الشرط (من) مبنيا فى محلّ رفع ، مبتدأ.

اجتماع الشرط والقسم :

إذا اجتمع الشرط والقسم فإن القاعدة التى ينهجها جلّ النحاة أن الجواب يكون للأسبق منهما ، وحرص النحاة على دراسة هذه القضية هو حرصهم على دراسة التركيب ، وما يجب أن يكون عليه ، حيث إن جواب القسم يؤكد بدرجات من التوكيد مختلفة فى شروط مختلفة خاصة بالتركيب ، فلاحظ النحاة أن القسم إذا ذكر قبل الشرط كان فعل جملة الجواب مؤكدا غالبا ، كما لاحظوا أن الشرط إذا سبق القسم كان فعل جملة الجواب مجزوما إذا كان مضارعا والأداة جازمة.

فتقول : والله إن زرتنى لأكرمنّك ، فتؤكد فعل جملة الجواب باللام والنون الثقيلة ؛ لأنك قد أسبقت القسم الشرط.

__________________

(١) الموضع السابق.

٤٥٨

وتقول : إن والله تزرنى أكرمك ، وإن تزرنى والله أكرمك ، فتجزم الفعلين ؛ لأن حرف الشرط سبق القسم.

وإذا حاولنا أن نحصر التراكيب التى يمكن أن يجتمع فيها الشرط والقسم فى الكلام العربىّ من خلال احتمالات النحاة ، نجد أن لها قواعد تحكمها نطقا وحكما ، توجز فيما يأتى (١) :

أولا : فى حال تجريد القسم والشرط ، أى : كانا ابتدائيين :

المقصود بالتجريد ـ هنا ـ عدم سبقهما بما يطلب خبرا وهو المبتدأ وما فى حكمه.

١ ـ إذا اجتمع الشرط والقسم مجرّدين متواليين فى أول التركيب فإن الجواب يكون للأسبق منهما ـ كما ذكرنا سابقا ـ كأن تقول : والله إن ذاكرت لتنجحنّ.

تلاحظ أنه فى حال سبق القسم للشرط وجعل الجواب للقسم يكون فعل الشرط ماضيا ؛ لأنه لا يحذف جواب شرط إلا لفعل شرط ماض (٢) ، ويكون التركيب الشرطىّ جوابا للقسم لا محلّ له من الإعراب.

ومن النحاة ـ الفراء ـ من يرى أن الجواب يجوز أن يكون للشرط ، فيجوز عنده : والله إن تذاكر تنجح.

وتقول : إن ـ والله ـ تذاكر تنجح ، بجزم فعلى الشرط والجواب ، حيث سبق الشرط القسم ، فاستحق الجواب ، فانجزم فعله ، وتكون الجملة القسمية اعتراضية للتوكيد ، لا محلّ لها من الإعراب.

٢ ـ إذا وقع القسم فى بداية جملة الجواب وكانت أداة الشرط فى أول التركيب مجردة فهناك احتمالان :

أ ـ أن تحتسب القسم من جملة جواب الشرط ، فيكون الجواب المذكور للقسم ، وتكون الجملة القسمية من مقسم به ومقسم عليه جوابا للشرط مقرونا بالفاء فتقول : إن تذاكر فو الله لتنجحنّ.

__________________

(١) ينظر الكتاب ٣ ـ ٨٤ وما بعدها / المفصل ٢٥٦ / شرح المفصل ٣ ـ ٥٨ ، ٩ ـ ٢٢ / المقرب ١ ـ ٢٠٨ / التسهيل ١٥٣ / شرح الكافية ٢ ـ ٣٩٣ / الجملة الشرطية عند النحاة العرب ٤٤١.

(٢) ينظر : الكتاب ٣ ـ ٨٤.

٤٥٩

ب ـ ويجوز أن تحتسب جملة القسم (المقسم به فقط) اعتراضية ، ويكون الجواب المذكور للشرط بخاصة ، فتقول : إن تذاكر ـ والله ـ تنجح. تلحظ عدم اقتران القسم بالفاء ؛ لأنك لو أقرنته بالفاء لأصبح جواب الشرط جملة قسمية ، لكن القسم بهذا المبنى يكون جملة اعتراضية ، لا محلّ لها من الإعراب.

٣ ـ إذا وقع القسم فى نهاية التركيب ، والشرط فى بدايته ، وهو مجرد ، فلا محالة من احتمال واحد ، وهو كون الجواب للشرط بخاصة ، فتقول : إن تذاكر تنجح والله ، ويكون القسم لتأكيد الكلام ، لا محلّ له من الإعراب.

ثانيا : إذا كان القسم والشرط غير مجرّدين غير ابتدائيين :

إذا سبق القسم والشرط ما يطلب خبرا ـ أى المبتدأ وما فى حكمه ـ فإن هناك عدة احتمالات ، يحكمها عدة مبادئ :

ـ المبتدأ يحتاج إلى خبر.

ـ إن اجتمع الشرط والقسم متواليين بعد المبتدإ فإعمال أحدهما أو إهماله ، أو إهمال الاثنين بحسب احتساب الخبر.

ـ إن تأخر القسم فإن القواعد المذكورة فى (أولا) تطبق.

تفصيل ذلك على النحو الآتى :

١ ـ إذا اجتمع الشرط والقسم بعد مبتدإ يجوز لك :

أ ـ أن تحتسب التركيب الشرطىّ خبرا للمبتدإ ، فيكون الجواب له دون النظر إلى الأسبق ، فتقول : أنت والله إن تذاكر تنجح ، بجزم فعلى الشرط والجواب.

وتقول : أنت إن والله تذاكر تنجح ، بجزم الفعلين ويكون خبر المبتدإ (أنت) التركيب الشرطى فى الموضعين ، والجملة القسمية تكون اعتراضية للتوكيد ؛ لا محلّ لها من الإعراب.

ومنه قول أبى شهاب المازنى :

فإنك عمر الله إن تسأليهم

بأحسابنا إذ ما تجلّ الكبائر

٤٦٠