النحو العربى

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربى

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٩٤

والتقدير : ولكنه من لا يلق ، فأضمر منصوب (لكن) ، فعمل اسم الشرط (من) الحزم.

وإذا عدت إلى الأمثلة التى ذكرها سيبويه بين الإعمال والإهمال فإنك تتحقق من هذه الفكرة ، فإذا قلت : الذى إن تجر وراءه يجر وراءك محمود ؛ فإن أثر حرف الشرط (إن) فى الفعل الثانى (يجرى وراءك) يتوقف على احتساب جملة الصلة ، فإن احتسبتها التركيب الشرطىّ بأداته وجملتيه ، فإنه يكون متكاملا ، وممثلا لجملة تامة الركنين صلة الموصول ، وحينئذ تجزم الأداة الفعلين معا ، وإن احتسبت جملة الصلة (يجرى وراءك محمود) فإن الفعل الثانى يخرج من نطاق التركيب الشرطىّ ، ويمثل جملة الصلة فلا ينجزم ، وتكون جملة الجواب محذوفة دلّ عليها المذكور. ويكون التركيب الشرطى اعتراضا بين الاسم الموصول وصلته.

ومثال احتساب التركيب الشرطى جملة الصلة فعملت الأداة الجزم قوله تعالى : (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً) [آل عمران : ٧٥](١) ، التركيب الشرطى (إن تأمنه يؤده) صلة الموصول (من) لا محلّ لها من الإعراب.

ومن إعمالها أن يقع التركيب الشرطىّ جوابا للنداء ، وجملة جواب النداء لا محلّ لها من الإعراب ، فأصبح التركيب الشرطّى مستقلا فتعمل أداته الجزم ، من ذلك قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) [المائدة : ٥٤] ، التركيب الشرطى (من يرتد ... فسوف يأتى الله) جواب النداء لا محلّ له من الإعراب.

__________________

(١) (من أهل) شبه جملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (من) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، مبتدأ مؤخر. (تأمن) فعل الشرط مضارع مجزوم. (لا يؤد) حرف نفى مبنى ، وفعل جواب الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة. (قائما) خبر ما دام منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

٣٨١

وقول الشاعر :

خليلى أنّى تأتيانى تأتيا

أخا غير ما يرضيكما لا يحاول (١)

كما أن عمل أداة الشرط الجزم يحسن فى المواضع التى يحسن فيها الإضمار ، كما إذا ذكرت الأداة بعد (إذا) الفجائية ، و (لكن) المخففة.

كما أنه يجوز الإعمال فى المواضع التى يجوز فيها الإضمار ، وذلك بتقديره ؛ كما إذا ذكرت الأداة بعد (إنّ) وأخواتها ، و (كان).

ويجب عمل أداة الشرط الجزم فى المواضع التى يجب فيها الإضمار ، كما إذا ذكرت الأداة بعد (أن) المفتوحة الهمزة المخففة النون.

والإضمار يعنى تقدير الركن الأول للجملة ، ثم يكون التركيب الشرطىّ الركن الثانى لها ، لذا فإن أداة الشرط تعمل الجزم. من ذلك قول الأخطل التغلبى :

إن من يدخل الكنيسة يوما

يلق فيها جآذرا وظباء (٢)

__________________

(١) الأشمونى ٢ ـ ٣٢١ / شفاء العليل ٣ ـ ٩٥١ / شرح ابن عقيل ٤ ـ ٢٨ / شرح شذور الذهب ٣٣٦.

(خليلى) منادى منصوب ، وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى ، وحرف النداء محذوف ، وضمير المتكلم الباء الثانية فى محل جر بالإضافة إلى المنادى. (أنى) اسم شرط جازم مبنى فى محل نصب على الظرفية والعامل فيه تأتى. (تأتيانى) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وألف الاثنين ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والنون حرف وقاية مبنى. وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، مفعول به ، (تأتيا) فعل جواب الشرط مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون ، وألف الاثنين ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (أخا) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (غير) مفعول به مقدم ليحاول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف و (ما) اسم موصول مبنى فى محل جر مضاف إليه. (يرضيكما) يرضى ، فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها الثقل. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. وضمير المخاطبين مبنى فى محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب (لا) حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (يحاول) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة الفعلية فى محل نصب ، نعت لأخ.

(٢) (إن) حرف توكيد ونصب مبنى لا محل له من الإعراب ، واسمه ضمير الشأن محذوف. (من) اسم شرط جازم مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (يدخل) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين ، وفاعله ضمير مستتر تقديره (هو). (الكنيسة) منصوب على نزع الخافض ، وعلامة نصبه الفتحة. (يوما) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (يلق) فعل جواب الشرط مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة. وفاعله مستتر تقديره : هو. (فيها) جار ومجرور مبنيان ،

٣٨٢

والتقدير : إنه من يدخل .. ، ويقدر الضمير محذوفا ؛ كي يكون فاصلا بين الحرف الناسخ واسم الشرط ، فأسماء الشرط الجازمة لا تعمل الجزم إذا سبقت بأداة (حرف أو فعل) عاملة نحويا ، وتكون بمثابة الاسم الموصول ، ولما كان اسم الشرط هنا عاملا حيث جزم كلا من (يدخل ويلق) وجب تقدير ضمير الشأن فاصلا.

ومن إعمال أداة الشرط الجازمة أن يقع التركيب الشرطىّ خبرا ، كما فى قوله تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ) [الطلاق : ٤](١) حيث التركيب الشرطىّ (إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ) فى محلّ رفع ، خبر المبتدأ الاسم الموصول (اللائى).

ومن إعمال أداة الشرط الجازمة أن يقع التركيب الشرطى حالا ، كما فى قوله تعالى : (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) [التوبة : ٨](٢) ، التركيب الشرطى (وإن يظهروا لا يرقبوا) فى محلّ نصب ، حال من الضمير المحذوف المقدر بعد (كيف) ، وتقديره : كيف لا تقاتلونهم؟ أو : كيف يكون لهم عهد؟ والواو للابتداء أو للحال.

ومثل ذلك" أى : وقوع التركيب الشرطى حالا ، قوله تعالى : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ) [الأعراف ١٦٩] ، حيث التركيب الشرطى (وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ) فى محلّ نصب ، حال من الضمير النائب عن الفاعل فى (يغفر) ، فى أحد وجهيه ، والواو تكون للحال ، وفى التركيب الشرطىّ وجه الاستئناف ، وبينهما فرق دلالىّ ، حيث مع الحال لا يصح الغفران إلا بالتوبة ، فالغفران شرط التوبة ، وهو رأى المعتزلة لهذا التوجيه الإعرابى ، أما

الاستئناف فإنه يعنى الانفصال عما قبله معنويا ، مما يعنى جواز الغفران مع عدم التوبة ، وهو رأى أهل السنة على هذا التوجيه (٣).

__________________

وشبه الجملة متعلقة باللقاء ، والتركيب الشرطى فى محل رفع ، خبر إن. (جآذرا) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. ونون للضرورة الشعرية ؛ لأنه ممنوع من الصرف ؛ لأنه من منتهى الجموع. (وظباء) عاطف ومعطوف على جآذر منصوب.

(١) ينظر : الدر المصون ٣ ـ ٣٦٦.

(١) ينظر : الدر المصون ٣ ـ ٣٦٦.

(١) ينظر : الدر المصون ٣ ـ ٣٦٦.

٣٨٣

ومن إعمال أداة الشرط أن يقع التركيب الشرطىّ صفة كما فى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) [المائدة : ١٠١] ، حيث التركيب الشرطىّ (إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) فى محل جرّ ، نعت للنكرة الممنوعة من الصرف (أشياء) ، وهى مجرورة بالفتحة نيابة عن الكسرة.

ومن إعمالها أن يقع التركيب الشرطىّ مفعولا به ، كما فى قوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) [لأنفال ٣٨] فالتركيب الشرطى (إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ) فى محلّ نصب ، مقول القول.

ومثله قوله تعالى : (قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) [يوسف ٧٧].

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) [النساء : ٥٦] التركيب الشرطى (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ) ، فى محل نصب ، حال من ضمير الغائبين المفعول به فى (نصليهم) ، وقد تكون فى محلّ نصب ، نعت لنار.

ثانيا : أدوات الشرط غير الجازمة

تتنوع أدوات الشرط غير الجازمة التي اتفق عليها النحاة بين الاسمية والحرفية ، فالاسم : إذا ، أما الحرف فهو : لو. ولو لا ، ولو ما ، وهاك تفصيلا لها :

(إذا):

ظرف مبنى لما يستقبل من الزمان ، يتضمن معنى الشرط إذا اقتضى جملتين ، أو ربط بينهما ، وحينئذ تفيد التعلق الزمنى المطلق لحدثى جملتى الشرط والجواب ، وهو غير جازم ، يذكر ابن مالك" وتضاف أبدا إلى جملة مصدرة بفعل ظاهر أو مقدر قبل اسم يليه فعل ، وقد تغنى ابتدائية اسم بعدها عن تقدير فعل وفاقا للأخفش" (١) ويذكر مجىء الماضى بعدها كثيرا ، ومنه قوله تعالى : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) [النصر ١ ، ٢ ، ٣].

__________________

(١) التسهيل ٩٣ ، ٩٤.

٣٨٤

فإذا ذكر بعدها اسم فإنهم يقدرون فعلا محذوفا قبله ، خلافا لبعض النحاة ، ففى قوله تعالى : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) [الانشقاق : ١] ، يقدرون : إذا انشقت السماء انشقت ، فتكون (إذا) اسم شرط غير جازم مبنيا فى محلّ نصب على الظرفية ، مضافا إلى شرطه ، منصوبا بجوابه. و (السماء) فاعل لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور. وجملة الشرط هى : (انشقت السماء) ، وجملة (انشقت) الثانية المذكورة مفسرة للمحذوف.

(لو):

حرف شرط غير جازم مبنى لا محلّ له من الإعراب ، وهو حرف امتناع وقوع معنى جملة الجواب لامتناع وقوع معنى جملة الشرط ، إذ معنى كل من الجملتين ينتفى وقوعه لانتفاء وقوع معنى الآخر ، والانتفاء يدور مع معنى أىّ من الجملتين إثباتا ونفيا ، فنفى الإثبات نفى ، ونفى النفى إثبات ، والنفى لكل منهما يتحقق من معنى (لو).

ولذلك فانه يحلو لبعض النحاة أن يجعل معنى (لو) يفيد : الامتناع للامتناع.

والامتناع للوجوب ، والوجوب للامتناع. والوجوب للوجوب. تحقيقا للمعنى من الأمثلة :

ـ لو ذاكرت لنجحت ، امتناع النجاح لامتناع المذاكرة.

ـ لو لم تذاكر لفشلت ، امتناع الفشل لامتناع عدم المذاكرة.

ـ لو ذاكرت لم تفشل ، امتناع عدم الفشل لامتناع المذاكرة.

ـ لو لم تذاكر لم تنجح ، امتناع عدم النجاح لامتناع عدم المذاكرة.

فهى فى جميعها تفيد الامتناع للامتناع.

ويجعلها سيبويه حرفا لما كان سيقع لوقوع غيره (١) ، يفسر المرادى قول سيبويه «بأنها تقتضى فعلا ماضيا كان يتوقع ثبوته لثبوت غيره ، والمتوقع غير واقع ، فكأنه

__________________

(١) الكتاب ٤ ـ ٢٢٤.

٣٨٥

قال : (لو) حرف يقتضى فعلا امتنع لامتناع ما كان يثبت لثبوته» (١). ويؤيد تفسير الامتناع للامتناع. لكن ابن هشام يرفض هذا التفسير مستدلا فى ذلك بقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) [الأنعام : ١١١]. وقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) [لقمان : ٢٧] ففى الأولى ثبوت الإيمان مع عدم نزول الملائكة ، وفى الثانية نفاد الكلمات مع عدم كون كل ما فى الأرض من شجرة أقلاما ... وهذان فاسدان ؛ لذلك فإن تفسير سيبويه «للو» يعطى معناها ، ويؤيدون لذلك كذلك بقوله ـ عليه السّلام : «نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه «. حيث فساد المعنى مع دلالة الامتناع للامتناع ، وكذلك فساد نحو قولهم : لو كان إنسانا لكان حيوانا ، إذ لا يلزم من امتناع الإنسان امتناع الحيوان ، ولذلك فإنهم يرتضون تفسير سيبويه لها.

وأما ابن مالك فإنه يعرفها بقوله : «لو حرف شرط يقتضى نفى ما يلزم لثبوته ثبوت غيره» (٢) ، أو أنها حرف شرط يقتضى امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه (٣) ويطلب ابن هشام فى هذا التعريف أن يكون ما يليه فعلا ماضيا (٤).

وينتهى المرادى (٥) إلى القول بأن (لو) تدل على أمرين :

أحدهما : امتناع شرطها ، والآخر : كونه مستلزما لجوابها ، ولا تدل على امتناع الجواب فى نفى الأمر ولا ثبوته.

ويمكن القول أنها تفيد التعليق الحدثى الامتناعى ، ويتعلق بها أمور :

١ ـ أنها تختص بالفعل ، فلا يليها إلا فعل ، أو معمول فعل مضمر ، يفسره الظاهر بعده ، نحو قول عمر : «لو غيرك قالها يا أبا عبيدة» ، والتقدير : لو قالها غيرك قالها ...

__________________

(١) الجنى الدانى ٢٧٥ ، ٢٧٦.

(٢) التسهيل ٢٤٠

(٣) الجنى الدانى ٢٧٥

(٤) مغنى اللبيب ١ ـ ٢٦٠

(٥) الجنى الدانى ٢٧٤.

٣٨٦

٢ ـ تنفرد بذكر (أن) ومعموليها بعدها ، كقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) [النساء : ٦٦].

أما موقع (أنّ) مع معموليها بعد (لو) فإن له قسما من هذه الدراسة.

٣ ـ إذا ذكر بعدها مضارع فإنها تصرفه إلى دلالة الماضى ، نحو قول كثير عزة :

لو يسمعون كما سمعت حديثها

لخرّوا لعزة ركّعا وسجودا (١)

٤ ـ يكون جوابها : فعلا ماضيا مثبتا ، أو منفيا بـ (ما) ، أو ماضيا معنويا ، ويكثر اقتران الماضى المثبت باللام. نحو : (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران : ١٥٩] ، جملة جواب (لو) (لانفضوا) فعلها ماض مثبت مقرون باللام ، وهى لام التوكيد.

وكالمثل : لو ذاكرت لم تفشل ، حيث فعل جملة جواب (لو) ماض معنوى (لم تفشل) ، وقوله تعالى : (وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ) [الملك : ١٠] ، حيث جملة جواب (لو) (ما كنا) ، فعلها ماض منفى بـ (ما).

وقد تذكر (إذن) مع اللام فى الجواب ، كما فى قوله تعالى : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) [الإسراء : ١٠٠] ، جملة جواب (لو : (إذن لأمسكتم) مصدرة بـ (إذن) الجوابية مع لام التوكيد.

وقد تحذف اللام ، كقوله تعالى : (لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً) [الواقعة : ٧٠].

ويقل دخول اللام على المنفىّ بما ، كما فى قول مجنون ليلى :

كذبت وبيت الله لو كنت صادقا

لما سبقتنى بالبكاء الحمائم (٢)

__________________

(١) ديوانه ٤٤٢ / الخصائص ١ ـ ٢٧ / الجنى الدانى ٤٨٣ / شرح ابن عقيل ٢ ـ ٣٠٦.

(٢) ديوانه ٢٣٨ / الأغانى ٢ ـ ٧٦ / الجنى الدانى ٢٨٤ / العينى ٤ ـ ٤٧٣ ، وقد ذكر فى ديوان نصيب ١٢٤.

(كذبت) فعل ماض مبنى ، وتاء الفاعل ضمير مبنى فاعل فى محل رفع ، (وبيت) الواو : واو القسم ، حرف مبنى لا محل له من الإعراب. (بيت) مقسم به مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، وهو مضاف ، ولفظ الجلالة مضاف إليه مجرور ، (صادقا) خبر كان منصوب. (لما) اللام للتوكيد ، حرف واقع فى جواب لو مبنى. ما حرف نفى مبنى لا محل له .. (بالبكاء) شبه جملة متعلقة بالسبق. (الحمائم) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

٣٨٧

وفيه جملة جواب (لو) (لما سبقتنى) فعل ماض منفىّ بـ (ما) ، وقد صدر بـ (لام التوكيد).

٥ ـ وقد تكون (لو) للتمنى ، كما فى قوله تعالى : (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الشعراء ١٠٢]. فينصب الفعل المضارع بعدها (نكون) بفاء السببية ، ولا يكون لها جواب.

ومنهم من يرى أن (لو) فى هذا الموضع شرطية حذف جوابها ، وتقديره : لوجدنا شفعاء وأصدقاء.

٦ ـ قد تكون (لو) مصدرية ، أى : تكون مع ما يليها من فعل مصدرا مؤولا له موقعه الإعرابّى من الرفع والنصب والجرّ ؛ وحينئذ لا تحتاج إلى جواب ، ويؤول على ذلك قوله تعالى : (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ) [لبقرة : ٩٦] أى : يود تعميرا ، فيكون المصدر المؤول (لو يعمر) فى محل نصب ، مفعول به.

ومنه قوله تعالى : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) [القلم : ٩] ، أى : ودوا مداهنتك .. ، وقوله تعالى : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) [البقرة : ١٠٩]. أى : ودوا ردّكم.

ومنهم من يرى أن (لو) فى المواضع السابقة شرطية حذف جوابها.

٧ ـ من النحاة من يذكر الجزم بـ (لو) فى الشعر بخاصة ، ولكن ذلك يردّ بأن الشاعر يسكّن المرفوع للضرورة.

ومن أمثلة (لو):

(وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) [آل عمران : ١١٠].

(وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ) [النساء : ٩](١).

__________________

(١) (ليخش) اللام لام الأمر حرف مبنى لا محل له من الإعراب ، يخش : فعل مضارع مجزوم بعد لام الأمر ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة. (الذين) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، فاعل ، (لو) حرف شرط غير جازم مبنى لا محل له من الإعراب. (تركوا) فعل الشرط ماض مبنى على الضم ،

٣٨٨

(وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ) [الملك : ١٠].

(لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ) [الأنبياء : ٩٩].

(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً) [هود : ١١٨].

(يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ) [آل عمران : ١٥٤].

(إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ) [فاطر : ١٤].

(قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً) [الإسراء : ٤٢].

قول سويد :

القوم أعلم لو ثقفنا مالكا

لاصطاف نسوته وهنّ أوالى (١)

(لو لا ، ولو ما):

حرفا شرط غير جازمين مبنيان ، ولا محلّ لهما من الإعراب. وهما (لو) السابقة ، إلا أن التركيب أضاف إلى جملة الشرط بهما حرف نفى : (لا ، ما) ، فإذا

__________________

وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (من خلفهم) جار ومجرور ومضاف إليه ، وشبه الجملة متعلقة بالترك. (ذرية) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (ضعافا) نعت لذرية منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (خافوا) فعل جواب الشرط ماض مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والتركيب الشرطى صلة الموصول لا محل له من الإعراب.

(١) شرح السكرى لأشعار الهذليين ٢ ـ ٨١٢.

(القوم) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (أعلم) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (لو) حرف شرط غير جازم مبنى لا محل له من الإعراب ، يفيد الامتناع للامتناع. (ثقفنا) ثقف : فعل الشرط ماض مبنى على السكون. وضمير المتكلمين مبنى فى محل رفع ، فاعل. (مالكا) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (لاصطاف) اللام واقعة فى جواب لو للتوكيد. اصطاف : فعل جواب الشرط مبنى على الفتح. (نسوته) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وهو مضاف وضمير الغائب مبنى فى محل جر ، مضاف إليه ، والتركيب الشرطى سد مسد مفعولى أعلم. (وهن) الواو للإبتداء أو للحال حرف مبنى لا محل له من الإعراب. هن : ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (أوالي) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها الثقل. والجملة الاسمية فى محل نصب ، حال

٣٨٩

أفادت (لو) امتناع وقوع معنى الجملة الأولى ؛ فإن حرف النفى ينفى هذا النفى ، ونفى النفى إثبات ، وبذلك فإن (لو لا ، ولو ما) يفيدان وجوب معنى الجملة الأولى (جملة الشرط) ، أو : وقوعها ، ويذكر المرادىّ أنه يلزم على عبارة سيبويه فى (لو) أن يقال : «لو لا حرف لما كان سيقع لانتفاء ما قبله» (١).

أما سيبويه فإنه يذكر أنهما لابتداء وجواب ، فالأول سبب ما وقع وما لم يقع (٢). وإذا أمعنا دلالة التركيب بـ (لو لا ولو ما) فإننا نجد أن معنى جملة الشرط حادث ـ لا محالة ـ ولذلك فإن خبر الاسم الذى يليها يكون محذوفا دائما ما دام معناه عاما ، وهو الوجود المطلق أو الكينونة الدائمة ، والعرب تحذف ما كان ذا دلالة عامة شائعة إيجازا فى الكلام ، بما يدلّ على وجوب حدوث معنى جملة الشرط ، أما معنى جملة الجواب فإنه مناف لمعنى الجملة الأولى ، ولذلك فإنه يمكن القول : إن (لو لا ، ولو ما) تفيدان امتناع الشىء لوقوع غيره ، أى : امتناع وقوع معنى جملة الجواب لوقوع معنى جملة الشرط.

ويحلو لكثير من النحاة أن يذكروا أنها حرف امتناع لوجود ، جريا على أن (لو) حرف امتناع لامتناع.

يجب أن يلى (لو لا) و (لو ما) اسم ، ويكون مرفوعا على الابتدائية ـ على الوجه الأرجح ـ أما خبره فإنه يكون ـ فى الغالب ـ دالا على معنى عام ، كالكينونة ، أو الثبوت ، أو الوجود ، ويكون ـ حينئذ محذوفا حذفا واجبا.

وإذا دلّ على معنى خاص فإنه يجب أن يذكر ، وهذا نادر.

وجواب (لو لا ولو ما) يكون ماضيا مثبتا مقرونا باللام ، نحو : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ) [النور : ١٤] ، جملة جواب (لو لا) هى (لمسكم) ، وهى مصدرة بالفعل الماضى المثبت (مسّ) المقرون باللام.

__________________

(١) الجنى الدانى ٥٩٧.

(٢) الكتاب ٤ ـ ٢٣٥.

٣٩٠

ومنه قوله تعالى : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) [هود : ١١٠] جملة جواب (لو لا) (لقضى بينهم).

(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ) [النساء : ١١٣].

(وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) [البقرة : ٢٥١].

وقد سمع خلوّ الفعل الماضى المثبت من اللام فى قول تميم بن أبى مقبل :

لو لا الحياء وباقى الدين عبتكما

ببعض ما فيكما إذ عبتما عورى (١)

حيث جملة جواب (لو لا) هى (عبتكما) ، وهى مصدرة بالفعل الماضى المثبت الخالى من اللام (عاب) ، ويروى الشطر الأول منه : «لو ما الحياء ولو ما الدين عبتكما.

قد تأتى جملة جوابهما منفية ، فإذا كان النفى بـ (ما) قل اقتران ماضيها باللام ، وكثر حذفها ، فتقول : لو لا الصدق ما كانت الثقة فى الآخرين. ومنه قوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً) [النور : ٢١](٢).

ويذكر ابن عصفور أن حذف اللام مع (ما) أحسن من حذفها فى الموجب (٣).

__________________

(١) ديوانه ٧٦ / المقرب ١ ـ ٩٠ / الجنى الدانى ٥٩٨ / البحر المحيط ١ ـ ٣٤٤ / لسان العرب مادة : (بعض). (باقى) معطوف على الحياء مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة. (ما) اسم موصول مبنى فى محل جر بالإضافة. (فيكما) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة صلة الموصول ، أو متعلقة بمحذوف صلة. (إذ) ظرف زمان مبنى على السكون فى محل نصب. (عبتما) فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المخاطبين مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الفعلية فى محل جر بالإضافة. (عورى) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة المناسبة لضمير المتكلم ، وضمير المتكلم الياء مبنى فى محل جر بالإضافة ـ.

(٢) (رحمته) معطوف على فضل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة. (من أحد) من : حرف جر زائد مبنى لا محل له من الإعراب ، أحد : فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد ، وفى قراءة تضعيف الكاف يكون أحد مفعولا به منصوبا مقدرا ، والفاعل ضمير مستتر يعود على الله تعالى.

(٣) المقرب ١ ـ ٩٠.

٣٩١

ويجوز أن يقترن المنفى بـ (ما) باللام ، فتقول : لو لا الصدق لما كانت الثقة فى الآخرين ، ومنه قول الشاعر :

لو لا رجاء لقاء الظاعنين لما

أبقت نواهم لنا روحا ولا جسدا (١)

حيث جملة جواب (لو لا) هى (لما أبقت نواهم) ، وهى مصدرة بفعل منفى بـ (ما) مقرون باللام ، ومنه قول الشاعر :

ولو لا يحسبون الحلم عجزا

لما عدم المسيئون احتمالى

فإذا كان نفى جملة الجواب بغير (ما) وجب حذف اللام ؛ لئلا يتوالى لامان ، فتقول : لو لا هذا الضوء لم أستطع القراءة ، ولو لا أنك موجود فلن أتمّ هذا العمل.

من أمثلتها :

(لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) [الأنفال : ٦٨].

تلحظ تلوّها بالاسم المبتدإ (كتاب) ، وخبره محذوف وجوبا تقديره : ثابت أو موجود. وجملة جوابها (لمسكم) فعلية ، فعلها ماض مقرون بلام التوكيد.

(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ) [النور : ١٤](٢).

__________________

(١) الجنى الدانى ٥٩٩ / حاشية الصبان على الأشمونى ٤ ـ ٥٠.

(لو لا) حرف شرط غير جازم مبنى لا محل له من الإعراب يفيد الامتناع لوجود. (رجاء) مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة. وخبره محذوف وجوبا. وهو مضاف و (لقاء) مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة ، وهو مضاف ، و (الظاعنين) مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم (لما) اللام حرف توكيد واقع فى جواب لو لا مبنى لا محل له من الإعراب. ما : حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (أبقت) فعل جواب الشرط ماض مبنى على الفتح المقدر. والتاء حرف تأنيث مبنى لا محل له. (نواهم) نوى : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها التعذر ، وهو مضاف وضمير الغائبين مبنى فى محل جر مضاف إليه. (لنا) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل نصب حال من روح وجسد. (روحا) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. (ولا جسدا) حرف عطف مبنى ، وحرف زائد لتوكيد النفى ، ومعطوف على روح منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(٢) (لو لا) حرف شرط غير جازم مبنى لا محل له من الإعراب. (فضل) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه

٣٩٢

(فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) [البقرة : ٦٤].

(لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا) [القصص : ٨٢].

(أن منّ) مصدر مؤول فى محل رفع ، مبتدأ ، خبره محذوف وجوبا. شبه الجملة (علينا) متعلقة بالمنّ ، جواب (لو لا) الجملة الفعلية المصدرة بلام التوكيد (لخسف)

من أقسام (لو لا ، ولو ما):

١ ـ قد تأتى (لو لا ، ولو ما) فى التركيب حرفى تحضيض ابتدائيين مبنيين لا محلّ لهما من الإعراب ، ويكونان بمنزلة (هلا) ، وحينئذ ـ يختصان بالدخول على الفعل ظاهرا أو مضمرا ، ومنه قوله تعالى : (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) [الأنعام : ٣٧] ، (لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [النمل : ٤٦].

ومنه قوله تعالى : (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [الحجر : ٧].

وإذا ذكر الاسم بعد (لو لا ولو ما) فى معنى التحضيض فإن جمهور النحاة يقدرون فعلا مضمرا ، ومنه قول جرير :

تعدّون عقر النيب أفضل مجدكم

بنى ضوطرى لو لا الكمىّ المقنعا (١)

__________________

الضمة. وهو مضاف. ولفظ الجلالة (الله) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (عليكم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالفضل. (ورحمته) حرف عطف مبنى ، ومعطوف على فضل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، مضاف ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر مضاف إليه. (فى الدنيا) جار ومجرور بالكسرة المقدرة ، وشبه الجملة متعلقة بالرحمة. (والآخرة) حرف عطف مبنى ، ومعطوف على الدنيا مجرور. (لمسكم) اللام : حرف توكيد مبنى لا محل له من الإعراب ، واقع فى جواب لو لا. مس : فعل جواب الشرط ماض مبنى على الفتح. وضمير المخاطبين مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (فى) حرف جر مبنى. (ما) اسم موصول مبنى فى محل جر بفى. (أفضتم) فعل ماض مبنى على السكون ، وفاعله ضمير المخاطبين مبنى فى محل رفع. والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وشبه الجملة (فِيما أَفَضْتُمْ) متعلقة بالمس. (فيه) جار ومجرور مبنيان. وشبه الجملة متعلقة بالإضافة. (عذاب) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (عظيم) نعت لعذاب مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(١) ديوانه ٢ ـ ٩٠٧ / الخصائص ٢ ـ ٤٥ / أمالى الشجرى ١ ـ ٢٧٩ / الأزهية ١٧٧ / شرح ابن عقيل ٤ ـ ١٢١ / الخزانة ١ ـ ٤٦١. النيب : النوق المسنة ، وهى جمع ناب ، ضوطرى : حى من مجاشع ، بمعنى حمقاء.

٣٩٣

وتقديره : لو لا تبارزون الكمّى .. ، أو : لو لا تعدون الكمى ...

٢ ـ قد يؤول معنى (لو لا ولو ما) الابتدائيتين إلى التوبيخ ، ومن ذلك قوله تعالى : (فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ) [الأحقاف : ٢٨].

قد يلى (لو لا) ضمير كما هو فى قول يزيد بن الحكم :

وكم موطن لو لاى طحت كما هوى

بأجرامه من قلّة النّيق منهوى (١)

وحينئذ ينقسم النحاة إزاءها وإزاء موقع الضمير الذى يليها على النحو الآتى :

أ ـ تكون حرف جرّ عند الخليل ويونس وسيبويه (٢) ومن تبعهم ، والمضمر فى محلّ جرّ بها. ويرى بعض هذا الفريق أنها لا تتعلق بشىء كالزوائد ، ويرى الآخرون أنها تتعلق بفعل مضمر ، والتقدير : لو لاى حضرت ، فألصقت ما بعدها بالفعل (٣) ، وقد اتفق على ذلك أئمة الكوفيين والبصريين والكسائى.

ب ـ ذهب الأخفش والفراء إلى أن (لو لا) تكون حرف ابتداء ، والضمير فى موضع رفع بالابتداء نيابة عن ضمير الرفع المنفصل (٤).

ج ـ أما المبرد فقد أنكر هذا التركيب (٥).

__________________

(تعدون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع فاعل (عقر) مفعول به أول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (النيب) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (أفضل) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (بنى) منادى منصوب ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم ، وحذفت النون من أجل الإضافة.

(١) الكتاب ٢ ـ ٣٧٣ / الخصائص ٢ ـ ٢٥٩ / الجنى الدانى ٦٠٣ / الخزانة ١ ـ ٥٤ / الهمع ٢ ـ ٣٣. الموطن :المقصود : الموقف من الحرب ، طاح : هلك ، هوى : سقط ، الأجرام : الأجساد مفرده جرم بكسر الجيم ، قلة : ما استدار من رأس الجبل ، النيق : أعلى الجبل.

(٢) الكتاب ٢ ـ ٣٧٣.

(٣) ينظر : الجنى الدانى ٦٠٤.

(٤) ينظر : رصف المبانى ٣٦٤ / الجنى الدانى ٦٠٤.

(٥) المقتضب ٣ ـ ٧٣.

٣٩٤

القول فى بنيتهما :

اختلف فى (لو لا ولو ما) بين البساطة والتركيب ، فمن قائل ببساطتهما ، ومن قائل بأنهما مركبتان من (لو) و (لا وما) ، وقيل : إن (لو ما) فرع على (لو لا) ، حيث الميم مبدلة من اللام.

ثالثا : ما فيه معنى الشرط

يوجد بعض الكلمات التى تلمس فيها معنى الشرط لاقتضائها جملتين متعلقتين ببعضهما حدثيا ، وتستشعر فى معنى الجملة الثانية الجواب والجزاء لمعنى الجملة الأولى ، والنحاة يختلفون فيما بينهم فى كنهها ، وفى أدائها معنى الجزاء ، لذا آثرت أن أذكرها تحت هذا العنوان ، وهذه تجمع بين الحرفية والاسمية ، فالاسم منها : كلما ، وكيف ، والحرف منها ، أمّا ولمّا على خلاف.

وهاك تفصيلا لها :

(كلما):

فيها معنى الشرط ، حيث تقتضى جملتين فعليتين ، فعل كل منهما ماض ، تتراكب ثانيتهما على أولاهما ، وهى تفيد تعليق وقوع معنى الجملة الثانية على وقوع معنى الجملة الأولى تعليقا زمنيا تكريريا ، يتفقون على أنها منصوبة على الظرفية ، والعامل فيها الفعل الذى يوجد فى جملة جوابها ، ففى قوله تعالى : (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ) [البقرة : ٢٠] ، (كل) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وناصبه (مشى) ، واقتضى جملتين ، أولاهما (أضاء لهم) ، والأخرى (مشوا فيه) ، ولذلك فإن فيها معنى الشرط ، بخلاف ما إذا قلت : أقبّل يدى والدىّ كلّ صباح ، حيث (كل) منصوبة على الظرفية ، لكنها لا تحتمل معنى الشرط ، ولا تقتضى جملتين.

ويذكر أن كلا قد أفادت الظرفية من خلال إضافتها إلى (ما) وما بعدها من جملة فعلية ، حيث إن (ما) محتملة لوجهين (١) :

__________________

(١) ينظر : مغنى اللبيب ١ ـ ٢٠١.

٣٩٥

أولهما : أن يكون (ما) حرفا مصدريا ، والجملة الفعلية التى تليه صلته ، ثم أنيبا عن الزمان ، كما أنيب عنه المصدر الصريح فى القول : جئتك خفوق النجم ، أى : وقت خفوق ، ويكون التقدير : كلّ وقت ضوء ، والمصدر المؤول من (ما) والفعل فى محل جرّ بالإضافة إلى (كل) ؛ كما هو فى إضافة الجملة التى تلى (إذا) إليها.

والآخر : أن تكون (ما) اسما نكرة بمعنى (وقت) مضافا إلى (كلّ) فى محل جر ، والجملة الفعلية التى تليها فى محل جرّ ، نعت للنكرة (ما) ، ويكون التقدير : كل وقت أضاء فيه ..

والتقدير الأكثر وضوحا وقبولا ـ فى رأيى ـ أن تكون (ما) نكرة بمعنى (مرة) ، وهى دالة على الزمان ، فاكتسبت (كل) معنى الزمان من هذا التقدير ، كما إذا قلت : كل صباح ، وكل مساء .. إلخ.

و (كلما) فى مثل هذا التركيب تعطى معنى التكرار ، وقد اكتسبته من معنى جذرها مع ضمّ (ما) إليه ، حيث إنها تعنى ضمّ الأشياء إلى بعضها ، سواء أكان لذات الشىء أم الضام للذوات (١) ، ثم اكتساب دلالة الزمن من تأويل (ما) ؛ فإذا قلت : كلّما جئتنى أكرمتك ، فالمعنى : أكرمك فى كلّ فرد من جيئاتك إلىّ (٢).

يلحظ الخطأ الشائع من تكرير (كلما) قبل جملة الجواب ، فيلزم الإقلاع عنه.

حيث تستوجب (كلما) وجود جملتين.

ومن أمثلة (كلما) : (أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ) [البقرة : ٨٧].

(كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً) [آل عمران : ٣٧] الجملة الأولى (دخل عليها زكريا) ، وجملة الجواب (وجد).

__________________

(١) المفردات فى غريب القرآن ٤٣٧.

(٢) ينظر : البحر المحيط ١ ـ ٩٠.

٣٩٦

(مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) [الاسراء : ٩٧](١). الجملة الأولى (خبت) ، وجملة الجواب (زِدْناهُمْ سَعِيراً).

(كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها) [السجدة : ٢٠](٢).

(كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ) [المائدة : ٦٤].

(كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) [النساء : ٥٦](٣).

(كيف):

تفيد التعليق المطلق الدالّ على الحال ، وشرط كونها شرطا اقتضاؤها فعلين متفقين فى اللفظ والمعنى غير مجزومين ، نحو : كيف تصنع أصنع ، كيف تجلس أجلس ، برفع الأفعال المضارعة ، وفى مثل هذه التراكيب يكون فيها معنى الشرط ، فتفيد التعليق المطلق الدالّ على الحال.

ويذهب قطرب والكوفيون إلى الجزم بها ، وقيل : يجوز بشرط اقترانها بـ (ما) ، أى : كيفما (٤).

ويجعلون (كيف) شرطا فى قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ

__________________

(١) (مأواهم) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، وضمير الغائبين مبنى فى محل جر بالإضافة.

(جهنم) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ؛ ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف. (سعيرا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(٢) (أن يخرجوا) أن حرف مصدرى ونصب مبنى لا محل له من الإعراب. يخرجوا : فعل مضارع منصوب ، وعلامة نصبه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والمصدر المؤول فى محل نصب ، مفعول به. (منها) شبه جملة متعلقة بالخروج.

(٣) (جلودهم) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وضمير الغائبين مبنى فى محل جر بالإضافة (جلودا) مفعول به ثان على التوسع منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة أو منصوب على نزع الخافض. (غيرها) نعت لجلود منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وضمير الغائبة مبنى فى محل جر بالإضافة. (ليذوقوا) اللام للتعليل حرف مبنى لا محل له. يذوقوا : فعل مضارع منصوب بعد أن المحذوفة ، وعلامة نصبه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والمصدر المؤول فى محل جر باللام. وشبه الجملة متعلقة بالتبدل

(٤) مغنى اللبيب ١ ـ ٢٠٥.

٣٩٧

يَشاءُ) [آل عمران : ٦](١) ، والتقدير : كيف يشاء تصويركم يصوركم ، فـ (كيف) فى محل نصب على الحالية بالفعل بعده.

والأمر كذلك فى قوله تعالى : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) [المائدة : ٦٤] ، أى : كيف يشاء أن ينفق ينفق ، فتكون (كيف) شرطية مقتضية لفعلين ، أولهما مذكور ، والآخر وهو الجواب محذوف ، دلّ عليه ما سبق ، وتكون (كيف) منصوبة بالفعل (يشاء).

وكذلك قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ) [الروم : ٤٨] ، والتقدير ، كيف يشاء بسطه يبسطه.

(لمّا):

فى أحد شقّيها الأساسيين يكون فيها معنى الشرط ، والآخر تكون فيه جازمة للفعل المضارع ، جاعلة زمنه للماضى قريبا من الحال ، ويجوز أن تفسر على أنها حرف استثناء ، يدخل على الجملة الاسمية.

نفسّر القول فى هذا الموضع فى معناها الشرطى ، وذلك عند ما تستخدم (لمّا) فى التركيب مقتضية الربط بين جملتين تليانها ، توجد ثانيتهما عند وجود أولاهما ، فتربط بينهما ربطا حدثيا وجوديا ، أو : وجوبيّا ، ولذلك فإنه يطلق عليها حرف وجوب لوجوب ، أو حرف وجود لوجود ، والجملة الثانية تعدّ جوابا لها مع الأولى ، ويذكر سيبويه أنها للأمر الذى قد وقع لوقوع غيره (٢) ، وهى عنده لابتداء وجواب ، نحو (فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) [البقرة : ١٧] ، فقد ربطت (لما) بين الجملتين الفعليتين (أضاءت) ، و (ذهب الله) ، وفعل كلّ منهما ماض ، ويفيد الربط بينهما ـ دلاليا ـ وقوع معنى الجملة الثانية لوقوع معنى الجملة الأولى ، فهى مناقضة لـ (لو) معنويا. والاتفاق على أن جملتيها تكونان فعليتين ،

__________________

(١) فى (كيف) وجه إعرابىّ آخر ، وهو أن تكون ظرفا ليشاء ، والجملة فى محل نصب ، حال من فاعل (يشاء) ، أو من المفعول به فى (يصوركم).

(٢) ينظر : الكتاب ٤ ـ ٢٣٤.

٣٩٨

فعل كل منهما ماض ، نحو : لما جاءنى أكرمته ، لما هطل المطر اتّقيت بالمظلة ، ومنه قوله تعالى : (فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ) [الإسراء : ٦٧].

وقوله ـ تعالى : (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) [الأعراف : ١٤٣](١).

وقد يصدر جوابها بـ (ما) النافية ، كما هو فى قوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً) [فاطر : ٤٢].

لكن من النحاة من يرى أن جوابها قد يكون جملة اسمية مقرونة بإذا الفجائية أو بالفاء (٢) ، ويستدلون على ذلك بقوله تعالى : (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ) [العنكبوت : ٦٥]. وقوله تعالى : (فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) [يونس : ٢٣]. وفيهما كان جواب (لما) جملة اسمية مصدرة بـ (إذا) الفجائية.

وفى قوله تعالى : (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) [لقمان : ٣٢] ، نجد أن جملة جواب (لما) هى الجملة الاسمية (منهم مقتصد) ، وهى مصدرة بالفاء.

وبعضهم يؤول ما بعد الفاء على أن الجواب محذوف تقديره : انقسموا قسمين ، فمنهم مقتصد ...

ومن النحاة من يرى أن جواب (لما) قد يكون جملة فعلية فعلها مضارع ، ويجعلون من ذلك قوله تعالى : (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ) [هود : ٧٤] ، حيث إن جملة جواب (لما) هى الجملة

__________________

(١) (رب) منادى منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة المناسبة لضمير المتكلم ، وهو مضاف ، وضمير المتكلم المحذوف مبنى فى محل جر ، مضاف إليه ، والكسرة دليل على ضمير المتكلم. (أرنى) فعل أمر مبنى على حذف حرف العلة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت ، وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. المفعول به الثانى محذوف : تقديره : نفسك. (أنظر) فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وهو جواب الطلب ، أو جواب شرط محذوف. (إليك) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالنظر.

(٢) مغنى اللبيب ١ ـ ٢٧٨ وما بعدها ، ١ ـ ٣٠٩ وما بعدها. طبعة المكتبة العصرية.

٣٩٩

الفعلية (يجادلنا) ، وفعلها مضارع. لكن من النحاة من يؤول المضارع بالماضى (جادلنا) ، وقيل : إن جملة الجواب (جاءَتْهُ الْبُشْرى) ، والواو زائدة ، أو على تقدير محذوف ، أى : أقبل يجادلنا.

كما يختلف النحاة فيما بينهم فى نوعها من أقسام الكلمة ، فيذهب سيبويه إلى أنها حرف ، وذهب ابن السراج والفارسى وابن جنى وأبو البقاء وتبعهم جماعة إلى أنها اسم ظرف بمعنى (حين) ، لكن ابن مالك يجمع بين الرأيين حيث يذكر أنه : «إذا ولى (لمّا) فعل ماض لفظا ومعنى فهى ظرف بمعنى (إذ) فيه معنى الشرط ، أو حرف يقتضى فيما مضى وجوبا لوجوب» (١) ويفهم من ابن هشام ميله إلى اسميتها (٢).

لكننا نختار لـ (لمّا) صفة الحرفية لما يأتى :

ـ مقابلتها لـ (لو) معنويا ، حيث تكون (لمّا) فى الإيجاب ، و (لو) فى الامتناع.

ـ كلّ أنواع (لمّا) حرف.

ـ قد تكون جملة جوابها مصدرة بـ (إذا) الفجائية ، أو بـ (ما) النافية ، وكلاهما لا يعمل ما بعده فيما قبله ، فتنتفى ظرفيتها.

ـ جملة جواب (لما) تكون جملة فعلية فعلها ماض لفظا ومعنى ، أو جملة اسمية مصدرة بـ (إذا) المفاجأة أو الفاء ، وقد يكون فعلا مضارعا ـ حينئذ.

ومن أمثلتها : (فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى) [آل عمران : ٣٦] ، وتلحظ أن جملة الجواب فعلية ، فعلها ماض (قالت).

(فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) [النساء : ٧٧](٣) ، جملة جواب (لما) هى (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ) وهى اسمية

__________________

(١) التسهيل ٢٤١.

(٢) مغنى اللبيب ١ ـ ٢٨٠.

(٣) (القتال) نائب فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (فريق) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (منهم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل رفع ، نعت لفريق ، أو متعلقة بنعت محذوف. (يخشون)

٤٠٠