النحو العربى

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربى

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٩٤

وينعت بالمصدر وهو مضاف ، فقولهم : «مررت برجل حسبك من رجل ، وبرجل شرعك من رجل ، وبرجل هدّك من رجل ، وبرجل كفيك من رجل ، وبرجل همك من رجل ، ونحوك من رجل» ، فهذه كلها على معنى واحد ، بمعنى حسبك (١). وهذه المصادر لا تكتسب التعريف مما أضيفت إليه ؛ لأنها بمثابة الصفات المشتقة ، فإضافتها غير محضة أو غير حقيقية.

١٣ ـ العدد :

نحو قوله تعالى : (وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) [الرعد : ٣] ، (اثنين) نعت لزوجين منصوب ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه ملحق بالمثنى.

ومنه كذلك : (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) [النحل : ٥١] ، (اثنين) نعت لإلهين منصوب وعلامة نصبه الياء ، لأنه ملحق بالمثنى ، وواحد نعت لإله مرفوع وعلامة رفعه الضمة.

ومن ذلك : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَ) [الإسراء : ٤٤] ، (وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ) [ص : ١٥].

ومنه : (وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ) [الكهف : ٨٢].

ومنه مع مراعاة المجاز قوله تعالى : (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى) [الأعلى : ١٨].

(الأولى) نعت للصحف مجرور ، وعلامة جره الكسرة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر ، وهو لفظ من العدد (١) ، ولكنه هنا يفيد التقدم فى الزمن.

ومنه أن تقول : ذاكرت دروسا ثلاثة ، (ثلاثة) نعت لدروس منصوب.

ومن الوصف بالعدد ـ مجازيّا ـ القول : هذا رجل عشرون ذراعا ، أى : طويل. فعشرون صفة لرجل مرفوعة ، وعلامة رفعها الواو ؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم ، ومثله أن تقول : إنه ثوب خمسون ذراعا ، كأنك قلت : طويل ومنه قول الأعشى :

__________________

(١) شرح ابن يعيش ٣ ـ ٥٠.

٢١

لئن كنت فى جبّ ثمانين قامة

ورقّيت أسباب السماء بسلّم (١)

حيث وصف النكرة جبّا بالعدد (ثمانين قامة) ، وجرى على إعرابه ، ليعبر عن مدى عمقه.

١٤ ـ (ما):

وذلك فى التركيب «ما شئت من ...» ، وذلك أن تقول : إنه لرجل ما شئت من رجل ، على أن (ما) شرطية محذوفة الجواب ، لا مصدرية منعوت بها خلافا للفارسى (٢).

١٥ ـ النعت بالألفاظ الدالة على الوصفية :

والمراد بها معنى مجازى يفيد صفة ما فى الموصوف ، من ذلك :

مررت برجل أسد ، (أسد) نعت لرجل مجرور ، وعلامة جره الكسرة. وهو اسم جنس لكن المراد به هنا صفة الشجاعة ، فالمعنى : رجل شجاع.

رأيت قوما عربا ، وجبّا ثمانين قامة. (ثمانين) صفة لجب ، بمعنى (العمق) ، وقاعا عرفجا ، أى : حسنا ، وامرأة حجر الرأس.

١٦ ـ الكلمات المساعدة على إكمال الصفة مثل : حق ، جدّ ، كل :

نحو : محمد الرجل كلّ الرجل ، والعالم حق العالم ، والكريم جدّ الكريم ، أى : الكامل فى هذه الصفات ، وكلّ من : كل ، وحق ، وجد نعت لما قبله.

من ذلك قول الشاعر :

هو الفتى كلّ الفتى فاعلموا

لا يفسد اللحم لديه الصّلول (٣)

__________________

(١) ديوانه : ٩٤ / الكتاب ١ ـ ٢٣١ / الأصول ٢ ـ ٢٦ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ١٧٧ / شرح ابن يعيش ٢ ـ ٧٤.

(٢) ينظر : التسهيل ١٦٨.

(٣) شرح المفصل لابن يعيش : ٣ ـ ٤٩. الصلول : النتن ، صلّ اللحم صلولا إذا أنتن. الشطر الثانى كناية عن الكرم والجود. (هو) ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (الفتى) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها التعذر. (كل) نعت للفتى مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة (الفتى) مضاف إليه كل

٢٢

وقول كثير :

كم قد ذكرتك لو أجزى بذكركم

يا أشبه الناس كلّ الناس بالقمر (١)

١٧ ـ الكلمات الدالة على النسبية الذاتية (الشبه وعدمه):

نحو : مثل ـ شبه ـ غير ... وما يجىء منها مشتقا فيكون مع مثيله من المشتقات. من نحو : شبيه ، مشابه ، أشبه ، أمثل ، مثيل ، مغاير ، مناقض ، مماثل ... إلخ. ومن ذلك أن تقول : قرأت كتابا غير هذا الكتاب ، (غير) نعت لكتاب منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ومنه قوله تعالى : (قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ) [يونس : ١٥] ، حيث (غير) نعت لقرآن مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

وقوله تعالى : (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) [التين : ٦].

(إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) [الذاريات : ٢٣] ، حيث (مثل) نعت لحق ، مبنى على الفتح فى محل رفع ، وفى قراءة يجوز أن يرفع بالضمة.

__________________

مجرور ، وعلامة جره الكسرة المقدرة. (فاعلموا) الفاء تعقيبية حرف مبنى لا محل له من الإعراب ، اعلموا : فعل أمر مبنى على حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (لا) حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (يفسد) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (اللحم) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (لديه) ظرف ومضاف إليه ، وشبه الجملة متعلقة بيفسد. (الصلول) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والجملة الفعلية سدت مسد مفعولى (اعلم).

(١) (كم) خبرية مبنية على السكون فى محل رفع ، مبتدأ. (قد) حرف تحقيق مبنى لا محل له من الإعراب (ذكرتك) ذكر : فعل ماض مبنى على السكون. وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. كاف المخاطب ضمير مبنى فى محل نصب ، مفعول به. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدإ. (لو) حرف تمن مبنى على السكون ، لا محل له من الإعراب. (أجزى) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر مبنى للمجهول. ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره : أنا. والجملة للتمنى لا محل لها من الإعراب اعتراضية. (بذكركم) جار ومجرور ومضاف إليه ، وشبه الجملة متعلقة بالجزاء. (يا) حرف نداء مبنى. (أشبه) منادى منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف و (الناس) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (كل) نعت للناس مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، وهو مضاف و (الناس) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (بالقمر) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالشبه.

٢٣

(فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ) [الطور : ٣٤].

ومنها (دون) ، فى قوله تعالى : (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ) [الأنبياء : ٨٢] ، حيث (دون) نعت لعمل ، مبنىّ على الفتح فى محل نصب ، أو منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ) [طه : ٥٨] ، (مثل) نعت لسحر مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ) [الذاريات : ٥٩].

(مثل) نعت لذنوب منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ) [الطور : ٤٧] ، (دون) نعت لعذاب منصوب ، أو مبنى على الفتح فى محل نصب.

(ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) [المؤمنون : ٣٣] ، (مثل) نعت للخبر النكرة (بشر) مرفوع وعلامة رفعه الضمة.

(وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) [المؤمنون : ٣٤] ، (مثل) نعت للنكرة المنصوبة (بشرا) ، منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) [الأنعام : ١٣٣] ، (آخرين) نعت لقوم مجرور ، وعلامة جرّه الياء ؛ لأنه جمع مذكر سالم ، ومعناها فيه النسبية ، بمعنى : قوم غيركم.

من أوجه جرّ (غير) فى قوله تعالى : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة : ٧] أن تكون نعتا للاسم الموصول وهو مبنى فى محل جر بالإضافة إلى صراط ، وهى عرفت لأنها وقعت بين معرفتين متضادتين ، أو : متناقضتين ، وجاز وصف الاسم الموصول بها ؛ لأنه أشبه النكرات فى الإبهام ، وقيل : إن غيرا بدل من الاسم الموصول.

٢٤

١٨ ـ بإضافة اسم الجنس إلى لفظ المنعوت بعد تكريره : كأن تقول : أعجبت برجل رجل صدق ، حيث (رجل) نعت لرجل الأولى مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، كأنك قلت : برجل صادق. وتقول : تجنّبت زميلا زميل سوء ، أى : زميلا سيئا.

ثانيا : النعت بالجملة وشبه الجملة

ينعت بالجملة وشبه الجملة ، وتأخذ كلّ منهما المحلّ الإعرابىّ للمنعوت بهما ، إن رفعا وإن نصبا وإن جرا ، لكن يجب أن يتوافر ـ شروط ـ فى ـ كلّ ـ من ـ النعت والمنعوت ـ حينئذ.

الشروط الواجب توافرها فى المنعوت بالجملة وشبه الجملة :

أ ـ أن يكون المنعوت بهما نكرة :

يجب أن يكون المنعوت بالجملة وشبه الجملة نكرة ؛ لأنهما يكونان فى مستوى دلالىّ واحد من التنكير ؛ إذ الجملة تكون فى مقام الاسم النكرة ، فقولك : هذا رجل كرم أبوه ، أى : هذا رجل كريم أبوه ، وبعضهم يرى أن الجملة نكرة ، فالجملة وشبه الجملة لا يوصف بهما المعرفة ؛ لأن تعريفها أبلغ من تخصيص الجملة لها (١).

مثال النعت بالجملة قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) [البقرة : ٢٨١] ، حيث الجملة الفعلية (ترجعون فيه) فى محلّ نصب نعت ليوم ، وتلحظ أن المنعوت (يوما) نكرة.

وقوله تعالى : (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ) [الرعد : ٢]. الجملة الفعلية (ترونها) إذا جعلنا هاء الغائبة راجعا إلى العمد ، فهى فى محل جرّ نعت لعمد.

وتلحظ تنكير المنعوت (عمد).

وقوله تعالى : (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ) [آل عمران : ٨٦] ، الجملة الفعلية (كفروا) فى محلّ نصب ، نعت للنكرة المنصوبة (قوما).

__________________

(١) أذكر بالقاعدة الشائعة : الجمل بعد النكرات صفات ، وبعد المعارف أحوال ، وكذلك أشباه الجمل ، ذلك إذا لم تكن خبرا ولا صلة.

٢٥

(وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ) [الأنعام : ٩٢ ، ١٥٥]. الجملة الفعلية (أنزلناه) فى محل رفع ، نعت للخبر المرفوع (كتاب).

ومثال النعت بشبه الجملة قوله تعالى : (أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ) [يونس : ٢](١). حيث شبه الجملة (منهم) فى محل جر ، نعت لرجل ، أو متعلقة بصفة محذوفة له ، وتلحظ أن المنعوت (رجلا) نكرة.

ومنه قوله تعالى : (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) [الرعد : ٣٢]. شبه الجملة (من قبلك) فى محل جرّ نعت لرسل ، أو متعلقة بنعت محذوف ، والمنعوت (رسل) نكرة.

(لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ) [الذاريات : ٣٣]. شبه الجملة (من طين) فى محل نصب نعت للمفعول به (حجارة).

ب ـ أن يكون المنعوت بالجملة وشبه الجملة مذكورا ، إذا لم يكن بعض اسم مجرور بمن أو فى ، وأنت تلحظ ذلك فى الأمثلة السابقة.

ملحوظات :

أ ـ قد يوصف بالجملة الاسم المعرف بأل الجنسية ؛ ذلك لأن الاسم المفرد الدالّ على الجنس لا يدلّ على واحد بعينه ، وإنما فيه دلالة على كل فرد من أفراد الجنس كلّه.

من ذلك قول رجل من بنى سلول :

ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّنى

فأعفّ ثمّ أقول لا يعنينى (٢)

__________________

(١) (أكان) الهمزة حرف استفهام مبنى لا محل له من الإعراب ، وهى تفيد الإنكار ، كان : فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح. (للناس) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالعجب ، أو فى محل نصب ، حال منه. (عجبا) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (أن) حرف مصدرى مبنى لا محل له إعرابيا. (أوحينا) فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والمصدر المؤول فى محل رفع ، اسم كان مؤخر. (إلى رجل) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بأوحى. (منهم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل جر ، نعت لرجل.

(٢) الكتاب ٣ ـ ٣٤ / معانى القرآن للأخفش ١ ـ ١٣٩ / الخصائص ٣ ـ ٣٣٠ / البصريات ١ ـ ٤٤٣ / الصاحبى

٢٦

حيث الجملة الفعلية (يسبنى) ذكرت بعد اللئيم متعلقة به ؛ لأنها حدث وقع منه ، وهو اسم جنس لأى فرد يوصف باللؤم ، فلا يدلّ على واحد بعينه ، فهو ـ وإن كان معرفة لفظا ـ نكرة معنى ؛ ولذا فإن الجملة تكون فى محل جرّ ، نعت له.

وأنكر أبو حيان وصف اسم الجنس بالجملة ، ومن النحاة من يجعل هذه الجملة فى محلّ نصب على الحالية.

وفى قوله تعالى : (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) [النساء : ٩٨] ، جعل الزمخشرى الجملة الفعلية (لا يستطيعون) فى موضع الصفة للمستضعفين (١) ، وهى فى محل نصب ، حيث عدّ المستضعفين جمعا لاسم جنس.

ومثل ذلك قوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) [يس : ٣٧] ، حيث (الليل) ليسّ فيه (أل) أداة تعريف للتعريف ، لأنه اسم جنس ، فتكون الجملة الفعلية (نسلخ منه) فى محلّ رفع ، نعت لليل.

ب ـ إذا أردت أن تصف المعرفة بالجملة أو شبه الجملة توصلت إلى ذلك بالاسم الموصول ، حيث نصف المعرفة به ، ثم تكون الجملة أو شبه الجملة صلة له.

__________________

٣٦٤ / الصبان على الأشمونى على ألفية ابن مالك ٣ ـ ٦٠ / شرح التصريح ٢ ـ ١١١. (ولقد) الواو : حرف قسم مبنى لا محل له. اللام : حرف تأكيد مبنى لا محل له. قد : حرف تحقيق مبنى لا محل له. (أمر) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وفاعله مستتر تقديره : أنا ، والجملة جواب القسم لا محل لها. (على اللئيم) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بأمر. (يسبنى) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والفاعل مستتر تقديره : هو. والنون للوقاية حرف مبنى ، وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، مفعول به ، والجملة فى محل نصب ، حال ، أو فى محل جر ، نعت للئيم على أن (أل) الجنسية قربته من النكرة. (فأعف) استئناف ومضارع وفاعل ضمير مستتر تقديره : أنا. (ثم أقول) عاطف ومضارع وفاعل مستتر تقديره : أنا. (لا يعنينى) حرف نفى ومضارع مرفوع مقدرا ، ونون الوقاية ، وفاعل مستتر تقدير : ه هو ، وضمير المتكلم مفعول به فى محل نصب. والجملة فى محل نصب ، مقول القول.

(١) الكشاف ١ ـ ٥٥٧.

٢٧

من ذلك أن تقول : أعجب بالمواطن الذى يخلص فى عمله ، الاسم الموصول (الذى) مبنى فى محل جر نعت للمواطن ، والجملة الفعلية (يخلص) صلة الموصول لا محل لها من الإعراب ، تلحظ أن جملة الصلة هى التى تحمل معنى الصفة ، والتقدير : أعجب بالمواطن المخلص.

ومن ذلك : نحترم المواطنين الذين يتقنون أعمالهم ، (الذين) اسم موصول مبنى فى محل نصب ، نعت للمواطنين. وجملة (يتقنون) صلة الموصول.

فهمت المعلومات التى فى الموضوع. (التى) اسم موصول مبنى فى محلّ نصب ، نعت للمعلومات ، وصلته شبه الجملة (فى الموضوع).

ومنه قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) [الإسراء : ٣٣].

ج ـ إن أتيت بالجملة وشبه الجملة بعد المعرفة بدون ذكر الاسم الموصول كان ذلك حالا ، نحو : أعجبت بالمواطن ينتمى إلى وطنه ، الجملة الفعلية (ينتمى) فى محلّ نصب ، حال من المواطن.

الفرق بين الجملة فى هذا التركيب والتركيب الذى يسبقه فرق دلالىّ ؛ لأن الجملة بعد المعرفة تمثل نكرة بعد معرفة ؛ لأن الجملة نكرة كما ذكرنا ، فإذا ذكرنا الاسم الموصول قبل الجملة ، وجعلناها صلته ، فإنه يرتفع بمرتبتها من التنكير إلى التعريف ، فتتساوى بالاسم الموصول مع المعرفة فى الجانب الدلالىّ من التعيين ، فتصير صفة للمعرفة.

أما الحال فهى نكرة ، فإذا ذكرت الجملة بعد المعرفة فكأنك ذكرت نكرة بعدها فتصير حالا منها.

من الجملة الواقعة حالا بعد المعرفة أو صفة بعدها لأنها وصلت إليها بالموصول أن تقول : لا أحترم الرجل الذى افترى على الله كذبا ، ولا أحترم الرجل افترى على الله كذبا ، حيث جملة (افترى) فى المثال الأول صلة للاسم الموصول (الذى) وهو فى محل نصب ، نعت للرجل ، أما هى فى المثال الثانى فى محل نصب ، حال من الرجل.

٢٨

الشروط الواجب توافرها فى جملة النعت :

إذا أردنا النعت بالجملة ، فإلى جانب ما سبق من كون المنعوت بها نكرة ، وأن يكون مذكورا ، يجب أن تكون الجملة :

أ ـ خبرية :

أى : تحتمل التصديق والتكذيب ، وما يحتمل الصدق والكذب إنما هو الإخبار ، دون الطلب أو الإنشاء ، لأن أيا من معانيهما ليس فيه صدق ولا كذب ، كما هو واضح فى الأمثلة السابقة.

أما قول العجاج :

ما زلت أسعى نحوهم وأختبط

حتّى إذا جنّ الظلام واختلط

جاؤوا بمذق هل رأيت الذئب قط (١)

ففيه ذكرت الجملة الإنشائية (هل رأيت الذئب قط) بعد النكرة (مذق) ، مما يجعل ظاهر التركيب أنها صفة له ، ولكن النحويين يؤولون مثل هذا بتقدير (قول)

__________________

(١) أمالى الزجاجى ٢٣٧ / المقتصد فى شرح الإيضاح ٢ ـ ٩١٢ / شرح ابن يعيش ٣ ـ ٥٣ / المقرب ١ ـ ٢٢٠ / شرح الكافية الشافية ٣ ـ ١١٥٩ / الرضى على الكافية ٢ ـ ١١٢ / شفاء العليل : ٢ ـ ٧٥٠ / شرح التصريح : ٢ ـ ١١٢ /. المذق : اللبن المخلوط بالماء.

(ما زلت) حرف نفى ، وفعل ماض ناقص ناسخ مبنى على السكون. وضمير المتكلم مبنى فى محل رفع اسم ما زال. (أسعى) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنا ، والجملة الفعلية فى محل نصب ، خبر ما زال. (نحوهم) ظرف مكان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة متعلق بالسعى ، وضمير الغائبين مبنى فى محل جر بالإضافة. (وأختبط) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له إعرابيا. أختبط : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وسكن من أجل الروى. والفاعل مستتر تقديره : أنا ، والجملة فى محل نصب بالعطف على سابقتها. (حتى) حرف غاية وجر مبنى لا محل له. (إذا) اسم شرط غير جازم مبنى على السكون فى محل نصب على الظرفية ، مضاف إلى ما بعده ، منصوب بجوابه. (جن) فعل الشرط ماض مبنى على الفتح. (الظلام) فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. (أختلط) حرف عطف وجملة فعلية معطوف على سابقتها. (جاؤوا) فعل جواب الشرط ماض مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (بمذق) جار ومجرور وشبه الجملة متعلقة بالمجىء. (هل) حرف استفهام مبنى لا محل له. (رأيت) فعل ماض مبنى على السكون ، وتاء المخاطب فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الاستفهامية فى محل نصب ، مقول قول محذوف ، والمحذوف فى محل جر نعت لمذق. (الذئب) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (قط) ظرف زمان مبنى على السكون فى محل نصب ، دال على المضى ، متعلق بالرؤية.

٢٩

محذوف ، فيكون التقدير : جاؤوا بمذق مقول عند رؤيته هل ... ، أى : أن نعت (مذق) محذوف يقدر بلفظ من ألفاظ القول ، فتكون الجملة الإنشائية المذكورة مقولا للقول.

والجملة الخبرية التى يوصف بها النكرة قد تكون جملة اسمية ، وقد تكون اسمية منسوخة ، وقد تكون فعلية ، وقد تكون فعلية محولة ، وقد تكون تركيبا شرطيا.

فمثال النعت بالجملة الاسمية أن تقول : هذا غلام أبوه موجود ، الجملة الاسمية (أبوه موجود) فى محل رفع ، نعت للنكرة (غلام).

ومثال النعت بالجملة الاسمية المنسوخة أن تقول : استمعت إلى درس إنه لشيّق ، الجملة الاسمية المنسوخة (إنه لشيق) فى محل جر ، نعت للنكرة (درس).

ومثال النعت بالجملة الفعلية أن تقول : هذا عامل يتقن عمله ، الجملة الفعلية (يتقن) فى محل رفع ، نعت للنكرة (عامل).

ومثال النعت بالجملة الفعلية المحولة أن تقول : أكرمنا ضيفا كان موجودا عندنا.

الجملة الفعلية المحولة (كان موجودا) فى محل نصب ، نعت للنكرة (ضيف).

ومثال النعت بالتركيب الشرطى أن تقول : صادفت رجلا إن تكرمنى يكرمك ، التركيب الشرطى (إن تكرمنى يكرمك) فى محلّ نصب ، نعت للنكرة (رجل).

ب ـ أن تشتمل جملة النعت على ضمير يربطها بالمنعوت ، سواء أكان مذكورا فى أحد ركنيها الأساسيّين ، أم مذكورا فى مكملاتها ، وقد يكون منسوبا أو متعلقا بأحد ذلك ، ويتضح ذلك فى الأمثلة السابقة.

ومثاله كذلك قوله تعالى : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها) [يونس : ٩٨].

حيث الجملة الفعلية (آمنت) ذكرت بعد النكرة (قرية) ، وهى متعلقة بها معنويا ، فتكون فى محلّ رفع ، نعت لها ، وتلحظ فيها الضمير الرابط الفاعل المستتر (هى) ، ويعود على المنعوت (قرية).

٣٠

وفى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) [المائدة : ٥٤](١) ، الجملة الفعلية (يحبهم) فى محلّ جرّ ، نعت لقوم ، حيث إنها جملة ذكرت بعد نكرة ، وارتبطت بها معنويا. ولذلك تضمنت الضمير الرابط ضمير الغائبين (هم) الذى يعود على المنعوت ، وهو فى محل نصب ، مفعول به ، ولما عطف على جملة النعت بجملة أخرى (ويحبونه) تضمنت الضمير الرابط ، وهو الفاعل واو الجماعة.

ولتتأمّل الضمير الرابط فى الجمل المنعوت بها فيما يأتى :

(يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (٣٦) رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) [النور : ٣٦ ، ٣٧](٢) ، الجملة الفعلية (لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ) فى محل رفع نعت للنكرة (رجال) ، والضمير الرابط ضمير الغائبين (هم) فى جملة النعت ، وهو فى محل نصب مفعول به.

__________________

(١) (يا أيها) حرف نداء ، ومنادى مبنى على الضم ، وحرف وصلة لا محل له. (الذين) اسم موصول مبنى فى محل رفع نعت لأى. (آمنوا) فعل ماض مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. (من) اسم شرط مبنى على السكون فى محل رفع مبتدإ. (يرتد) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون المقدر ، وأصله : يرتدد ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. (منكم) جار ومجرور مبنيان وشبه الجملة فى محل نصب ، حال من الفاعل. (عن دينه) جار ومجرور ومضاف إليه ، وشبه الجملة متعلقة بيرتد. (فسوف) الفاء واقعة فى جواب الشرط حرف مبنى لا محل له ، سوف : حرف استقبال مبنى لا محل له. (يأتى) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة. (الله) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط (بقوم) جار ومجرور وشبه الجملة متعلقة بيأتى. (يحبهم) فعل مضارع ، وفاعل مستتر ، وضمير الغائبين فى محل نصب ، مفعول به ، والجملة فى محل جر ، نعت لقوم. (ويحبونه) حرف عطف ، وفعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة فى محل نصب ، فاعل ، وضمير الغائب فى محل نصب ، مفعول به ، والجملة فى محل جر بالعطف على سابقتها ، وخبر اسم الشرط (من) جملتا الشرط وجوابه ، أو جملة الجواب ، والتركيب الشرطى جواب النداء مبنى لا محل له من الإعراب.

(٢) (رجال) فاعل يسبح مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (تجارة) فاعل تلهى.

٣١

(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) [آل عمران : ٧](١). الجملة الاسمية (هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) فى محل رفع نعت ثان للنكرة آيات ، والرابط ضمير الغائبات المبتدأ فى جملة النعت (هن).

(وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ) [ص : ١٥](٢). الجملة الاسمية (ما لَها مِنْ فَواقٍ) فى محل نصب ، نعت ثان لصيحة ، والرابط ضمير الغائبة فى خبر الجملة النعت ، وهو الهاء فى (لها).

ـ قد يقدر الضمير الرابط إذا كان غير موجود ، نحو قول ثابت بن قطنة :

إن يقتلوك فإنّ قتلك لم يكن

عارا عليك وربّ قتل عار (٣)

__________________

(١) (هو) ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدإ. (الذى) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، خبر المبتدإ. (أنزل) فعل ماض مبنى على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو ، والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. (عليك) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بأنزل. (الكتاب) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (منه) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (آيات) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والجملة فى محل نصب حال من الكتاب. (محكمات) صفة لآيات مرفوعة ، وعلامة رفعها الضمة. (هن) ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (أم) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والجملة الاسمية فى محل رفع ، نعت لآيات. (الكتاب) مضاف إليه أم مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (وأخر) حرف عطف مبنى ، ومعطوف على آيات مرفوع. (متشابهات) نعت لأخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(٢) (هؤلاء) اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، فاعل. (صيحة) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(واحدة) نعت لصيحة منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(٣) المقتضب ٣ ـ ٦٥ / المقرب ١ ـ ٢٢٠ / شرح التصريح ٢ ـ ١١٢.

(إن) حرف شرط جازم مبنى على السكون ، لا محل له من الإعراب. (يقتلوك) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، وضمير المخاطب مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (فإن) الفاء : رابطة الشرط بجوابه حرف مبنى لا محل له. إن : حرف توكيد ونصب مبنى لا محل له. (قتلك) اسم إن منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وضمير المخاطب مبنى فى محل جر بالإضافة.

(لم) حرف نفى وجزم وقلب مبنى لا محل له. (يكن) فعل مضارع ناقص ناسخ مجزوم وعلامة جزمه السكون ، واسمه ضمير مستتر تقديره : هو. (عارا) خبر يكون منصوب وعلامة نصبه الفتحة ، وجملة (يكون عارا) فى محل رفع خبر إن ، وجملة إن مع معموليها فى محل جزم ، جواب الشرط. (عليك) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل نصب ، نعت لعار ، ويجوز أن تتعلق به. (الواو) استئنافية لا

٣٢

أى : هو عار ، حيث الجملة الاسمية (هو عار) فى محل جر نعت لقتل على اللفظ ، وفى محلّ رفع على المحلّ.

وقول الشاعر :

وما شيء حميت بمستباح

أى : (حميته) ، وهى جملة فى محل رفع ، نعت لشىء ، وحذف الضمير العائد الرابط بين جملة النعت ومنعوتها.

ومنه قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) [البقرة : ٤٨](١).

الجملة الفعلية (لا تجزى نفس) فى محل نصب ، نعت ليوم ، والعائد الرابط محذوف ، والتقدير : لا تجزى فيه نفس.

ومن ذلك قول جرير :

وما أدرى أغيّرهم تناء

وطول العهد أم مال أصابوا (٢)

وفيه الجملة الفعلية (أصابوا) فى محل رفع ، نعت لمال ، وقد حذف منها الضمير العائد الرابط ، وهو ضمير الغائب ، والتقدير : مال أصابوه.

__________________

محل لها. (رب) حرف جر شبيه بالزائد مبنى لا محل له. (قتل) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد. (عار) خبر لمبتدإ محذوف ، تقديره : هو ، والجملة الاسمية فى محل جر ، نعت لقتل ، على اللفظ ، أو فى محل رفع نعت لقتل على المحل ، وخبر قتل محذوف تقديره : موجود ...

(١) (يوما) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة لا تقوا.

(٢) الكتاب ١ ـ ٨٨ / شرح ابن عقيل ٣ ـ ١٩٧ ، وفيه رواية : وطول الدهر.

(ما) حرف نفى مبنى لا محل له إعرابيا. (أدرى) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : أنا. (أغيرهم) الهمزة حرف استفهام مبنى ، غير : فعل ماض مبنى على الفتح ، وضمير الغائبين مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (تناء) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة. والجملة الفعلية فى محل نصب مفعولى أدرى ؛ لأن الفعل معلق عنها بالاستفهام. (وطول) عاطف ومعطوف على التنائى. (أم) المعادلة حرف مبنى لا محل له من الإعراب ، وهى عاطفة. (مال) معطوف على تناء مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (أصابوا) فعل ماض مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، وفيها ضمير رابط محذوف مفعول به ، والجملة الفعلية فى محل رفع ، نعت لمال.

٣٣

ومنه قوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) (الذاريات : ٦٠].

حيث تقدير جملة الصلة : يوعدونه ، فتتضمن الضمير العائد على الاسم الموصول فحذف.

من النعت بالجملة : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ) [النحل : ٤٣].

(نُوحِي إِلَيْهِمْ) جملة فعلية فى محل نصب ، نعت للمفعول به المنصوب (رجالا) ، والرابط ضمير الغائبين فى (إليهم).

(وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها) [التوبة : ٢٦] ، الجملة الفعلية (لَمْ تَرَوْها) فى محل نصب ، نعت للمفعول به النكرة (جنودا) ، والرابط ضمير الغائبة.

(قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) [التوبة : ٢٤](١). الجملة الفعلية (اقترفتموها) فى محل رفع ، نعت للنكرة المرفوعة بالعطف على اسم كان (أموال). وكذلك الجملة الفعلية (تَخْشَوْنَ كَسادَها) فى محل رفع ، نعت للنكرة (تجارة) ، والجملة الفعلية (ترضونها) فى محل رفع ، نعت للنكرة (مساكن) ، وهى معطوفة بالرفع على اسم كان.

(وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) [يونس : ١٩](٢) ، (سبقت) جملة فعلية فى محل رفع ، نعت للنكرة المبتدإ (كلمة) ، والرابط ضمير الغائبة الفاعل المستتر فى سبقت.

__________________

(١) التركيب الشرطى (إن كان .. فتربصوا) فى محل نصب مقول القول. (أحب) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (فتربصوا) الفاء واقعة فى جواب الشرط حرف مبنى لا محل له من الإعراب. تربصوا : فعل أمر مبنى على حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة فى محل جزم جواب الشرط.

(٢) (كلمة) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، خبره محذوف وجوبا تقديره : موجود. (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) اللام للتوكيد حرف مبنى لا محل له إعرابيا ، قضى : فعل جواب الشرط ماض مبنى على الفتح ، مبنى للمجهول. بينهم : ظرف مكان منصوب وعلامة نصبه الفتحة ، وضمير الغائبين مبنى فى محل جر بالإضافة ، وشبه الجملة فى محل رفع ، نائب الفاعل. (فيما) حرف جر مبنى لا محل له. ما : اسم

٣٤

(وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) [النحل : ٧](١). (لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ) جملة فعلية محولة من (كان ومعموليها) فى محل جر ، نعت للنكرة المجرورة بإلى ، وهى (بلد) ، والرابط ضمير الغائب فى بالغيه.

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [النحل : ١١]. الجملة الفعلية (يتفكرون) فى محل جر ، نعت للنكرة المجرورة باللام وهى (قوم) ، والرابط واو الجماعة.

(كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ) [الرعد : ٣٠]. (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ) جملة فعلية فى محل جر ، نعت للنكرة المجرورة بحرف الجر فى ، وهى (أمة). والرابط ضمير الغائبة فى (قبلها).

(وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) [الطلاق : ١١](٢). جملة (تجرى الأنهار) فى محل نصب ، نعت للنكرة (جنات) ، والرابط ضمير الغائبة فى المتعلق (تحتها).

__________________

موصول مبنى فى محل جر بفى ، وشبه الجملة متعلقة بقضى. (فيه) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بيختلفون. (يختلفون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

(١) (لم) حرف نفى وجزم وقلب مبنى على السكون لا محل له. (تكونوا) فعل مضارع مجزوم بعد لم وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع اسم تكون. (بالغيه) خبر تكون منصوب ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه جمع مذكر سالم ، وحذفت النون من أجل الإضافة اللفظية. وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة. (إلا) حرف استثناء مبنى لا محل له. (بشق) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل نصب ، حال من الضمير المستتر فى بالغيه. (الأنفس) مضاف إلى شق مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(٢) (من) اسم شرط جازم مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ. (يؤمن) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون. والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. (بالله) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالإيمان. (ويعمل) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له. عاطف جملة على جملة ، يعمل : فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وفاعله مستتر تقديره : هو ، والجملة الفعلية معطوفة على جملة الشرط. (صالحا) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، أو نائب عن المفعول المطلق إن احتسبت المحذوف مصدرا. (يدخله) فعل جملة جواب الشرط مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو ، وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (جنات) منصوب على التوسع ، أو على نزع الخافض ، وعلامة نصبه الكسرة ؛ لأنه مجموع بالألف والتاء. (تجرى) فعل مضارع مرفوع

٣٥

(إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ) [غافر : ٥٦].

(أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ) [الكهف : ٧٩]. الجملة الفعلية (يعملون) فى محل جر ، نعت لمساكين ، والرابط الضمير الفاعل واو الجماعة.

(وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [المؤمنون : ٦٢]. الجملة الفعلية (ينطق) فى محل رفع ، نعت للمبتدإ المؤخر النكرة (كتاب) ، والرابط الضمير الفاعل المستتر فى (ينطق).

(إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ) [المؤمنون : ٣٨](١) ، جملة (افترى) فى محل رفع ، نعت للنكرة الخبر (رجل) ، والرابط الضمير الفاعل المستتر فى (افترى).

(وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى) [طه : ١٢٩].

(وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ) [الأنبياء : ٧].

(وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [البقر : ٢٣٠](٢). جملة (يعلمون) فعلية فى محل جر ، نعت لقوم ، والرابط واو الجماعة الفاعل فى يعلمون.

__________________

وعلامة رفعه الضمة المقدرة. (من تحتها) جار ومجرور ومضاف إليه ، وشبه الجملة فى محل نصب على الحال من الأنهار ، أو متعلقة بتجرى. (الأنهار) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الفعلية فى محل نصب ، نعت لجنات. (خالدين) حال منصوبة ، وعلامة نصبها الياء. (فيها) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالخلود. (أبدا) ظرف زمان منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(١) (كذبا) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة ، أو نائب عن المفعول المطلق ، والتقدير : افتراء كذبا ، أو أنه مرادفه. أو أنه مصدر واقع موقع الحال فنصب. والتقدير : كاذبا ، وتكون حالا مؤكدة. (وما) الواو ابتدائية حرف مبنى ، (ما) حرف نفى مبنى. (نحن) ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ ، إن كانت (ما) تميمية ، وإن كانت حجازية فيكون فى محل رفع اسمها. (له) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بمؤمنين. (بمؤمنين) الباء : حرف جر زائد مبنى لا محل له. مؤمنين : خبر المبتدإ نحن مرفوع مقدرا ، أو خبر ما الحجازية منصوب مقدرا ؛ لأن الياء الملحقة به علامة جرّ بحرف الجر الزائد.

(٢) (تلك) اسم إشارة مبنى فى محل رفع مبتدإ ، خبره (حدود) مرفوع ، ولفظ الجلالة مضاف إلى حدود مجرور. (يبينها) فعل مضارع مرفوع وفاعل مستتر تقديره : هو ، ومفعول به ضمير الغائبة ، والجملة الفعلية فى محل رفع خبر ثان لاسم الإشارة ، ويجوز أن تحتسبها فى محل نصب حال من (حدود) ، وشبه الجملة (لقوم) متعلقة بالفعل يبين.

٣٦

(هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى) [طه : ١٢٠]

(مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) [المائدة : ٧٥].

(وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ) [المائدة : ٧٧].

(لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها) [الأعراف : ١٧٩].

(رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) [النور : ٣٧].

(إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) [إبراهيم : ٤٢].

(كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ) [المائدة : ٧٩].

(وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) [الأعراف : ١٨١].

(أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها) [الأعراف : ١٩٥].

(فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ) [طه : ٨٨].

قد يكون الوصف بالتركيب الشرطى :

قد تكون الجملة الموصوف بها تركيبا شرطيّا ، نحو : فى هذه المجموعة طالب إن وفقه الله فهو الأول ، حيث التركيب الشرطىّ (إن وفقه الله فهو الأول) فى محل رفع نعت للنكرة (طالب) ، وقد اجتمعت كلّ شروط النعت والمنعوت بالجملة.

ومنه قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ) [المائدة : ١٠١]. التركيب الشرطىّ (إن تبد لكم تسؤكم) فى محل جرّ ، نعت للنكرة (أشياء) ، والتركيب الشرطىّ المعطوف عليه فى محلّ جرّ بالعطف على النعت.

٣٧

ومنه أن تقول : فهمت اليوم درسا إن شرحته أفهمته غيرى ، حيث التركيب الشرطى (إن شرحته أفهمته) فى محل نصب ، نعت للمفعول به المنصوب (درسا) وتقول : هذه فرصة إن أحسنّا استخدامها كانت النتيجة خيرا.

النعت بشبه الجملة :

للنعت بشبه الجملة فإنه ـ إلى جانب ما ذكر سابقا من كون المنعوت بها نكرة ، وأن يكون مذكورا ـ يشترط فيها أن تكون تامة فى معناها مع منعوتها ، ومعنى التمام فى شبه الجملة أن يكون فى الوصف بها فائدة ، ذلك كما فى قوله تعالى : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) [التوبة : ١٢٨] ، شبه الجملة (من أنفسكم) فى محل رفع ، نعت لرسول ، أو متعلقة بنعت محذوف ، وفيها التمام لأنها أعطت فائدة للموصوف.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ) [المائدة : ٩٠].

(مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ...) [محمد : ١٥].

(هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى) [النجم : ٥٦].

(وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) [الأحقاف : ٢٩].

(لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) [المائدة : ١١٥].

اسم الجثة والوصف بالزمان :

لا يوصف اسم الجثة أو الذات أو الهيئة بما فيه معنى الزمان ، لكن يوصف بالمكان. فتقول : أعجبت برجل عندك ، حيث شبه الجملة الدالة على المكان (عندك) فى محل جرّ ، نعت للنكرة (رجل). ولا يقال : أعجبت برجل مساء ،

٣٨

ولا فى الصباح ، حيث لا يفيد الزمان عن اسم الجثة ؛ لأن الزمان لا يختص به اسم جثة عما عداها ، ولكن أسماء الجثث كلّها تشترك فى زمان واحد ، لكن كلّ جثة تختصّ بمكان دون غيرها ، فلا تشترك جثتان فى مكان واحد ، وهى فكرة عدم الإخبار بالزمان عن المبتدإ اسم الجثة.

الواو قبل النعت :

قد تسبق الواو الجملة إذا وقعت نعتا تأكيدا للصفة ، كما هو فى الحال ، وإلصاقا لها بمنعوتها ، وهذا ما ذهب إليه أبو البقاء العكبرى ، وتبعه الزمخشرى ، وقيل : ابن جنى ، واختار ذلك بعض من جاء بعدهم ، يجعلون من ذلك قوله تعالى : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) [الحجر : ٤] ، حيث الجملة الاسمية (لها كتاب) نعت لـ (قرية) ؛ لأنها نكرة (١) ، ويجوز حذف الواو من الكلام لوجود الضمير ، وقد قرأها ابن أبى علبة بإسقاط الواو.

والأمر كذلك فى قوله تعالى : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) [البقرة : ٢١٦] ، حيث الجملة الاسمية (وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) ، والجملة الاسمية (وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) فى محلّ نصب ، ويجوز أن تكون صفة لشىء ، وساغ دخول الواو عليهما لما كانت صورة الجملة هنا كصورتها إذا كانت حالا (٢).

ويجوز أن تكون الجملة فى الموضع الأول فى محلّ نصب على الحالية ، وجاز أن يكون صاحب الحال نكرة فى هذا التركيب ؛ لأنها مسبوقة بالنفى ومسبوقة كذلك بحرف الجرّ الاستغراقى الزائد (من) ، فتكون نكرة مختصة.

كما يجوز أن تكون الجملتان فى الموضعين الآخرين منصوبتين على الحالية من النكرة ؛ لأن المعنى يقتضيه.

وفى قوله تعالى : (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) [الكهف : ٢٢] ، نجد أنّ الجملتين.

__________________

(١) إملاء ما منّ به الرحمن ٢ ـ ٧٢ / مشكل إعراب القرآن ٢ ـ ٤ / الدر المصون ٤ ـ ٢٨٧.

(٢) الموضع السابق.

٣٩

الاسميتين (رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) ، و (سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ) صفتان للنكرتين (ثلاثة وخمسة) ، ولا تصح أن تكونا حالين ؛ لأنه لا عامل لهما ، فالتقدير : هم ثلاثة ، هم خمسة ، والضمير لا يعمل ، ولا يصحّ تقدير اسم إشارة ، نحو : (هؤلاء ...) لأنه إشارة إلى حاضر ، ولا يحتمل المعنى فى الآية الإشارة إلى الحاضر.

ومثل ذلك في الجملة الاسمية (وثامنهم كلبهم) بعد النكرة (سبعة) ، إلا أن هذه الجملة النعتية قد سبقت بالواو التى تؤكد الصفة ، أو ما تسمى بواو الثمانية ، والجملة إذا وقعت صفة للنكرة جاز أن تدخلها الواو (١).

وسائر النحويين يخالفون ذلك (٢).

الرتبة بين أنواع النعوت :

إذا وصفت النكرة باسم وما هو فى تقديره من شبه الجملة والجملة قدّمت الاسم على غيره ، فتقول : مررت برجل قائم فى الدار ، حيث اجتمعت الصفة الصريحة الاسم (المشتق) قائم ، والصفة شبه الجملة غير الصريحة (فى الدار) ، فتقدم الاسم على شبه الجملة. هذا على اعتبار أن شبه الجملة ليست متعلقة بالقيام.

وتقول : مررت برجل ضاحك غلامه قائم ، حيث المنعوت المجرور (رجل) نعت بالاسم النعت الصريح (ضاحك) ، وبالنعت غير الصريح الجملة الاسمية (غلامه قائم) ، فتقدمت الصفة الصريحة على الصفة غير الصريحة.

ومنه قوله تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ) [المائدة : ١٥ ، ١٦] ، الاسم (مبين) نعت للنكرة (كتاب) ، ثم نعت بالجملة الفعلية (يهدى به الله) (٣).

__________________

(١) ينظر : إملاء ما منّ به الرحمن ٢ ـ ١٠٠ / الكشاف ٢ ـ ٤٧٨.

(٢) ينظر : ارتشاف الضرب ٢ ـ ٥٨٤ / ٣٨ ـ ١٢٠.

(٣) فى الجملة الفعلية أوجه أخرى ، فقد تكون فى محل نصب حال من كتاب حيث إنه نكرة خصصت بالنعت ، وقد تكون حالا من الضمير فى مبين.

٤٠