النحو العربى

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربى

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٩٤

أولا : أدوات الشرط الجازمة

تتنوع أدوات الشرط الجازمة بين الحرفية والاسمية ، فالحروف منها اثنتان : إن وإذ ما ، والأسماء : من ، وما ومهما ، ومتى وأيان ، وأين وأنى وحيثما ، وأىّ.

وهاك تفصيلا لهذه الأدوات الجازمة ، مع إتباعها بقضايا الجزم فى فعليها ، من : عامل الجزم ، وإعراب الفعلين ، وإعراب المتوسط بين فعلى الشرط والجواب ، وإعراب التابع لفعل الجواب المجزوم ، ثم بيان مواضع إهمال أداة الشرط الجازمة ، ومواضع إعمالها.

(إن):

تستعمل (إن) الشرطية دلاليا لتعليق وقوع معنى جملة الجواب على وقوع معنى جملة الشرط ، أى : تعطى معنى التعليق الحدثى. وهى أمّ الباب. و (إن) حرف شرط جازم مبنيّ لا محلّ له من الإعراب ، ومثاله : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) [فاطر : ٢٥] ، جملة الشرط (يكذبوك) ، فعلها مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وجملة جواب الشرط مقرونة بالفاء (فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ) ، وفاعلها الاسم الموصول (الذين).

(إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ) [آل عمران : ٢٩] ، جملة الشرط (تخفوا) ، فعلها مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، والفعل المضارع المجزوم (تبدوا) معطوف عليه ، أما جملة جواب الشرط فهى (يَعْلَمْهُ اللهُ) وفعلها مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، ولفظ الجلالة فاعله.

(وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) [النور : ٥٤] ، جملة جواب الشرط (تطيعوه) ، وجملة الجواب (تهتدوا) ، وفعل كل منهما مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة فيهما فاعل.

(إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) [فاطر : ١٦].

٣٤١

(وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) [الفتح ١٦](١) ، جملة الشرط (تتولوا) ، وفعلها مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وجملة جواب الشرط (يعذبكم) وفعلها مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون.

(إذما):

للتعليق المطلق للزمن ، يختلف النحاة فى حرفيّتها ، فيذهب سيبويه وابن مالك ومن تبعهما إلى أنها حرف ، وذهب المبرد وابن السراج وأبو على ومن وافقهم إلى أنها باقية على اسميتها بعد دخول (ما) عليها ، وأن مدلولها من الزمان صار مستقبلا بعد أن كان ماضيا (٢).

و (إذ) مجردة من (ما) اسم ظرف ، ولكنها تصير إلى الحرفية ـ عند من يقول بحرفتيها ـ بعد أن تلحق بها (ما) ، واسمية (إذ) يستوجب إضافتها ، فلمّا كانت فى هذا الباب ـ باب المجازاة ـ جازمة وجب إلحاق (ما) بها حتى لا تضاف ، وبذلك نقلت من الاسمية إلى الحرفية ؛ لأنها فى اسميتها ملازمة للإضافة ، وفى حرفيتها احتمال لعملها الجزم فى الأفعال. وبذلك يفرق بين كونها مضافة ، وكونها جازمة عن طريق اسميتها وحرفيتها.

منه قول الشاعر :

وإنّك إذ ما تأت ما أنت آمر

به تلف من إيّاه تأمر آتيا (٣)

__________________

(١) (كما) الكاف : حرف جر مبنى لا محل له. (ما) حرف مصدرى مبنى لا محل له. (توليتم) فعل ماض مبنى على السكون وضمير المخاطبين مبنى فى محل رفع ، فاعل. والمصدر المؤول فى محل جر بالكاف ، وشبه الجملة (كما توليتم) فى محل نصب نعت لمفعول مطلق محذوف ، والتقدير : إن تتولوا توليا كتوليكم. (من قبل) حرف جر مبنى. قبل : اسم مبنى على الضم ؛ لأنه مقطوع عن الإضافة لفظا فى محل جر بمن. وشبه الجملة متعلقة بالتولى. (عذابا) مفعول مطلق منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(أليما) صفة لعذاب منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة.

(٢) ينظر : الكتاب ٣ ـ ٥٦ ، ٥٧ / رصف المبانى ١٤٨ / الجنى الدانى ١٩٠ / مغنى اللبيب ١ ـ ٨٧.

(٣) شفاء العليل ٣ ـ ٩٥٢ / شذور الذهب ٣٣٥ / شرح قطر الندى ١٢٢ / شرح ابن عقيل ٤ ـ ٢٨ / المساعد ٣ ـ ١٤٠.

(إنك) إن : حرف توكيد ونصب مبنى لا محل له من الإعراب ، وضمير المخاطب مبنى فى محل نصب ،

٣٤٢

(من):

للتعليق المطلق للعاقل ، أى : لتراتب حدوث معنى جملة جواب الشرط على حدوث معنى جملة الشرط لعاقل مطلق ، أى : عاقل غير محدد ، والذى يخصص هذا العاقل أو يحدده إنما هو معنى جملة الشرط ، و (من) اسم شرط جازم مبنى له محلّه الإعرابىّ من الرفع والنصب والجرّ ، ومثاله : (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) [الأنعام : ١٢٥](١) ، جملة الشرط (يرد) ، وجملة الجواب (يجعل) ، وفعل كلّ منهما مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، أمّا (من) فهو اسم شرط جازم مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ.

(وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ) [غافر : ٩] ، جملة الشرط (تق) فعلها مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة ، وجملة الجواب (فقد رحمته) مقرونة بالفاء فى محل جزم ، واسم الشرط الجازم المبنى على السكون (من) فى محل نصب مفعول به.

__________________

اسم إن. (إذما) حرف شرط جازم مبنى لا محل له من الإعراب. (تأت) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (ما) اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (أنت) ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (آمر) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الأسمية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. (به) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالأمر. (تلف) فعل جواب الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (من) اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (إياه) ضمير مبنى فى محل نصب ، مفعول به مقدم. (تأمر) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والفاعل ضمير مستتر تقديره : أنت. والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. (آتيا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، والتركيب الشرطى فى محل رفع خبر إن.

(١) (أن يضله) أن : حرف مصدرى ونصب مبنى لا محل له من الإعراب. يضل : فعل مضارع منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. وضمير الغائب المتصل مبنى فى محل نصب مفعول به. والمصدر المؤول فى محل نصب ، مفعول به ليريد. (صدره) مفعول به أول ليجعل منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة. (ضيقا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (حرجا) نعت لضيق منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وقد ينصب على المفعولية للتكرير.

٣٤٣

(وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها) [آل عمران : ١٤٥] ، جملة الشرط (يرد) ، وجملة الجواب (نؤته) ، فعل كلّ منهما مجزوم ، وعلامة جزم الأول السكون ، وعلامة جزم الثانى حذف حرف العلة ، واسم الشرط (من) فى محل رفع ، مبتدأ.

وتقول : بمن تستبشر أرسله إليك ، حيث جملة الشرط (تستبشر) ، وجملة الجواب (أرسل) ، وفعل كلّ منهما مجزوم ، واسم الشرط (من) فى محل جر بالباء.

وتقول : ابن من يزرك تكرمه ، حيث جملة الشرط (يزرك) ، وجملة الجواب (تكرمه) ، وفعل كل منهما مجزوم ، واسم الشرط (من) فى محل جر بالإضافة إليه (ابن).

(ما ومهما):

للتعليق المطلق لغير العاقل ، أى لتراتب حدوث معنى جملة جواب الشرط على حدوث معنى جملة الشرط لغير عاقل مطلق ، سواء أكان فى موضع الرفع أم النصب أم الجرّ ، فهو اسم مبنىّ له محلّه الإعرابىّ ، يخصصه معنى جملة الشرط.

ويختلف النحاة فى أصل (مهما):

فمنهم من يرى بساطتها ، وألفها إما للتأنيث وإما للإلحاق ، وقيل : إن ألفها أصل.

ويرى الخليل (١) أن (مهما) مركبة من (ماما) ، والأولى للجزاء ، والثانية زائدة بعدها ، فلما استقبحوا التكرير أبدلوا من الألف هاء ، وجعلوهما كلمة واحدة.

ويرى الأخفش والزجاج والبغداديون (٢) أنها مركبة من (مه وما) ، والأولى بمعنى : اسكت ، والثانية هى الشرطية ، وفى تركيبها آراء أخرى.

من أمثله (ما) ، و (مهما):

(ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) [البقرة : ١٠٦](٣) ، جملة

__________________

(١) الكتاب ٣ ـ ٥٩

(٢) الجنى الدانى ٦١٢.

(٣) تعرب (ما) و (مهما) فى مثل التراكيب المذكورة فى الآيات الكريمة على وجهين :

٣٤٤

الشرط (ننسخ) فعلها مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وجملة الجواب (نأت) ، وفعلها مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة.

أما (ما) فهو اسم شرط جازم ، مبنى على السكون فى محل نصب ، مفعول به ـ على الأرجح والمختار.

(وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ) [البقرة : ١١٠] جملة الشرط (تقدموا) فعلها مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وجملة الجواب (تجدوه) ، وفعلها مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون. وواو الجماعة فى الفعلين فاعل. أما (ما) فهو مبنى فى محل نصب ، مفعول به.

(وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) [البقرة : ٢١٥] جملة الشرط (تفعلوا) ، وهو مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وجملة جواب الشرط (فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) ، وهى مقرونة بالفاء فى محلّ جزم.

(وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) [البقرة : ٢٧٢] ، جملة الشرط (تنفقوا) ، وجملة الجواب (يوفّ) ، وعلامة جزم المضارع الأول حذف النون ، وعلامة جزم الثانى حذف حرف العلة. (ما) مفعول به.

(وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) [الأعراف : ١٣٢] ، جملة الشرط (تأتنا) فعلها مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة ، وجملة جواب الشرط (فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) ، وهى اسمية مقرونة بالفاء

__________________

أ ـ مفعول به مقدم للفعل المذكور.

ب ـ أنها فى محل نصب على المصدرية من الفعل المذكور ، والتقدير : أى نسخ ننسخ ، أى تقديم ، أى فعل ... والأول أرجح.

ويعرب المجرور المذكور بعد فعل الشرط (من آية ، من خير ، من شىء) على أوجه : أظهرها : أن تكون شبه الجملة متعلقة بمحذوف نعت لاسم الشرط. وقد يعرب المجرور منصوبا مقدرا ، على المفعولية على أن يكون اسم الشرط مصدرا. و (من) زائدة.

ومنهم من يرى أنها فى موضع نصب على التمييز لاسم الشرط ، ومنهم من يذهب إلى أنها حال ، على أن (من) زائدة ، ويضعف الوجهان الأخيران.

٣٤٥

فى محل جزم. أما (مهما) فهو اسم شرط جازم مبنى على السكون ، فى محل نصب مفعول به.

(وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) [الأنفال : ٦٠].

وقول مليح بن الحكم :

ونحن قتلنا مقبلا غير مدبر

تأبّط ما تزهق به الحرب يزهق (١)

(ما) اسم شرط جازم مبنى فى محلّ رفع مبتدأ ، جملة الشرط (تزهق) وجملة الجواب (يزهق) ، وفعل كلّ منهما مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وحرك الثانى بالكسر من أجل الروىّ.

وقول أمية بن أبى عائذ :

فكن أسدا أو ثعلبا أو شبيهه

فمهما تكن أنسب إليك وأشكل (٢)

اسم الشرط الجازم (مهما) يدلّ على غير العاقل ، وهو فى محل نصب ، خبر كان ، وجملة شرطه (تكن) ، وجملة الجواب (أنسب) ، وفعل كلّ منهما مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وحرك الثانى بالكسر من أجل الروى.

ومن أمثلة (مهما) قول طفيل الغنوى :

نبّئت أنّ أبا شتيم يدّعى

مهما يعش يسمع بما لم يسمع (٣)

__________________

(١) شرح السكرى لأشعار الهذليين ٣ ـ ١٠٠٣. تزهق ـ تخرج نفسه ويهلك.

(نحن) ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. خبره جملة (قتلنا) ، مقبلا حال منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة. (غير) حال ثانية مؤكدة للأولى.

(٢) شرح السكرى لأشعار الهذليين ٢ ـ ٥٣٠.

(كن) فعل أمر مبنى على السكون ، وفاعله مستتر تقديره : أنت ، (أسدا) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، (أو) حرف عطف مبنى لا محل له ، (ثعلبا) معطوف على أسد منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(٣) (نبئت) فعل ماض مبنى على السكون. وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محل رفع ، نائب فاعل. (أن) حرف توكيد ونصب مبنى لا محل له من الإعراب. (أبا) أسم أن منصوب ، وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الستة. وهو مضاف. (وشتيم) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (يدعى) فعل

٣٤٦

وقول زهير :

ومهما يكن عند امرئ من خليقة

وإن خالها تخفى على الناس تعلم (١)

وقول الأسود بن يعفر :

ألا هل لهذا الدهر من متعلّل

عن الناس مهما شاء بالناس يفعل (٢)

(متى وأيّان):

يفيدان التعليق الزمنى المطلق ، ، أى : ارتباط الحدثين ببعضهما ارتباطا زمنيا ،

__________________

مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة للثقل ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر أن. والمصدر المؤول سد مسد المفعولين الثانى والثالث لنبأ. (الحظ أن المفعول الأول حل محل الفاعل المجهول وأصبح نائب فاعل). (مهما) اسم شرط جازم على الظرفية عند من يجيز ظرفيتها ، أو فى محل نصب على المصدرية عند من يمنع ظرفيتها. (يعش) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. (يسمع) فعل جواب الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. والتركيب الشرطى فى محل نصب ، مفعول للادعاء. (بما) حرف جر واسم موصول مبنى فى محل جر. وشبه الجملة متعلقة بالسماع. (لم) حرف نفى وجزم وقلب مبنى. (يسمع) فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

(١) ديوانه ٨٨ / جمل الزجاجى ٢١٤ / الكشاف ٢ ـ ١٠٧ / الجنى الدانى ٦١٢ / شرح قطر الندى ٤٩.

(مهما) اسم شرط جازم مبنى فى محل رفع ، مبتدأ ، أو فى محل نصب خبر يكون مقدم ، (يكن) فعل الشرط مضارع ناقص ناسخ مجزوم ، وعلامة جزمه السكون. (عند) ظرف مكان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة متعلق بخبر يكون المحذوف ، أو متعلق بيكون إذا جعلت مهما خبرها المقدم ، وعند مضاف و (امرئ) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (من) حرف جر زائد مبنى لا محل له من الإعراب. (خليقة) اسم يكون مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد ، (وإن) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب إن : حرف شرط جازم مبنى لا محل له من الإعراب. (خالها) خال : فعل الشرط ماض مبنى على الفتح. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، وضمير الغائبة مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (تخفى) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة للتعذر ، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره : هى. والجملة الفعلية فى محل نصب ، مفعول به ثان (على الناس) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالخفاء ، وجملة جواب شرط إن محذوفة دل عليها ما سبق ، والتقدير : إن خالها تخفى على الناس فليست تخفى عليهم. (تعلم) فعل جواب شرط مهما مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وحرك بالكسر من أجل الروى ، وهو مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره : هى.

(٢) الكتاب ١ ـ ٣٣٢ / الجمل المنسوب للخليل ٢٠١.

٣٤٧

وتراتبهما على هذا المعنى ، وهما ظرفا زمان مبنيان فى محلّ نصب بفعل الشرط ، جازمان للفعل المضارع.

ويقال : إن (أيان) أصلها : (أىّ) و (آن) أو : أى أوان فيكونان : أى وقت ، فحذفت الألف ، ثم جعلت واو (آن) ياء فأدغم فى ياء (أى) ، فصارت (أيان) ، وأصل (آن) أوان.

ومن أمثلتهما قول أبى دؤاد الإيادى :

أيّان نؤمنك تأمن غيرنا وإذا

لم تدرك الأمن منا لم تزل حذرا (١)

حيث (أيان) اسم شرط مبنى فى محل نصب على الظرفية ، وجملة الشرط (نؤمنك) ، فعلها مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وجملة جواب الشرط (تأمن) ، وفعلها مضارع مجزوم.

وقول أمية بن أبى عائذ :

إذا النعجة الأذناء كانت بقفرة

فأيّان ما تعدل لها الدهر تنزل (٢)

وفيه (أيان) ألحق بها (ما) التوسعية التوكيدية ، وجملة شرطها (تعدل) مضارعها مجزوم ، وجملة جوابها (تنزل) مضارعها مجزوم ، وحرّك بالكسر من أجل الروىّ.

__________________

(١) ديوانه ٣٥٠ / تأويل المشكل ٥٦ / معانى القرآن للفراء ١ ـ ٨٨ / الخصائص ١ ـ ١٧٦.

(تدرك) فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (منا) شبه جملة متعلقة بالأمن أو بالإدراك. (تزل) فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون. جملة شرط (إذا) (لم تدرك) ، وجملة جوابها (لم تزل). (حذرا) خبر تزال منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(٢) ديوان الهذليين ٢ ـ ١٩٤ / شرح الكسرى ٢ ـ ٥٢٦. الأذناء : عظيمة الأذنين.

(بقفرة) شبه جملة فى محل نصب ، خبر (كان). (النعجة) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. أو اسم كان المحذوفة بعد إذا دل عليها الموجودة (الأذناء) صفة للنعجة مرفوعة ، وعلامة رفعها الضمة. جملة (كانت بقفرة) فى محل رفع ، خبر المبتدإ أولا محل لها من الإعراب مفسرة للمحذوفة. (الدهر) منصوب على الظرفية ، وعلامة نصبه الفتحة.

٣٤٨

وقول حبيب الأعلم :

متى ما تلقنى ومعى سلاحى

تلاق الموت ليس له عديل (١)

وفيه (متى) اسم شرط جازم مبنى فى محلّ نصب على الظرفية ، وجملة شرطها (تلقنى) ، وجملة جوابها (تلاق) ، وفعل كلّ منهما مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة.

وقول مالك بن خالد :

متى تنزعوا من بطن ليّة تصبحوا

بقرن ولم يضمر لكم بطن محمر (٢)

جملة الشرط (تنزعوا) ، وجملة الجواب (تصبحوا) ، والربط بينهما باسم الشرط الظرف (متى) ربط زمنى.

وقول الشاعر :

متى تأت الكريم وتستجره

فقد وجب الدّفاع على الكريم (٣)

__________________

(١) ديوان الهذليين ٢ ـ ٨٥ / شرح السكرى ١ ـ ٣٢٢. ليس له عديل : لا منجى منه.

(ومعى سلاحى) الواو للابتداء أو للحال حرف مبنى لا محل له ، معى : ظرف ومضاف إليه ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر المبتدإ ، والجملة الاسمية فى محل نصب على الحالية من ضمير المتكلم فى تلقنى. (ليس) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح. (له) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل نصب ، خبر (ليس) مقدم ، و (عديل) اسم ليس مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وجملة (ليس له عديل) فى محلّ نصب على الحالية من الموت.

(٢) ديوان الهذليين ٣ ـ ٧ / شرح السكرى ١ ـ ٤٥١. تنزعوا : تخرجوا منه ، لم يضمر لكم بطن محمر : لم تتعب دوابكم لقرب السير ، المحمر : الذى ليس بعتيق من الخيل ، لية : موضع. (لية) مضاف إلى بطن مجرور ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف. (من بطن) شبه جملة متعلقة بالنزع. (بطن) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، (محمر) مضاف إلى بطن مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(٣) (متى) اسم شرط جازم مبنى فى محل نصب على الظرفية. (تأت) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (الكريم) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (وتستجره) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. تستجر : فعل مضارع مجزوم بالعطف على فعل الشرط ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره :أنت ، وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (فقد) الفاء حرف واقع فى جواب الشرط للربط لا محل له من الإعراب. قد : حرف تحقيق مبنى لا محل له من الإعراب (وجب) فعل جواب الشرط ماض مبنى على الفتح (الدفاع) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والجملة الفعلية فى محل جزم جواب الشرط. (على الكريم) جار مبنى ومجرور بالكسرة ، وشبه الجملة متعلقة بالوجوب.

٣٤٩

(أين وأينما وحيثما وأنى):

تفيد التعلق المكانىّ المطلق ، أى : ارتباط حدثى الشرط والجواب ببعضهما ارتباطا مكانيا ، وتراتبهما على هذا المعنى ، وهى ظروف مكانية مبنية فى محل نصب بفعل الشرط الذى يليها ، تجزم الفعل المضارع ، فهى تجزم فعل شرطها ، وهو ينصبها ، ويشترط في (أين وحيث) زيادة (ما) بعدهما ، خلافا للفراء ، ومثالها : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) [البقرة : ١٤٤](١) ، جملة الشرط (كنتم) ، وجملة الجواب مقرونة بالفاء (فولوا). و (حيث) اسم شرط جازم ، مبنى على الضم ، فى محل نصب على الظرفية ، و (ما) حرف زائد ، لا محل له من الإعراب.

(أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) [البقرة : ١٤٨] جملة الشرط (تكونوا) ، وفعلها مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وجملة الجواب (يأت) فعلها مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة.

(أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) [النساء : ٧٨] جملة الشرط (تكونوا) ، فعلها مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة فاعل ، وجملة جواب الشرط (يدرككم الموت) فعلها مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وفاعله (الموت) مرفوع.

وتقول : أنّى تسر تجد ما يسرّك. حيث فعل الشرط (تسر) مضارع مجزوم ، وفعل جواب الشرط (تجد) مضارع مجزوم ، وقد أفادت (أنى) التعليق المكانىّ المطلق بين الفعلين ، فهى اسم شرط جازم مبنى فى محلّ نصب على الظرفية المكانية.

وتقول : " أنّى تنزل تلق مودّة ، أنّى تزرع شجرة تفد البشرية. أنّى توجد فلتكن مصدر خير. ويذكر سيبويه : (وأنّى) تكون فى معنى : كيف وأين" (٢). ومنه قول لبيد :

__________________

(١) (شطر) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ؛ إن جعلت (ولى متعديا) لاثنين ، وإن جعلته متعديا لواحد ، فهو ظرف مكان منصوب.

(٢) الكتاب ٤ ـ ٢٣٥.

٣٥٠

أصبحت أنّى تأتها تستجر بها

كلا مركبيها تحت رجليك شاجر (١)

وقول الشاعر :

حيثما تستقم يقدّر لك

الله نجاحا فى غبر الأزمان (٢)

ومثال الجزم بـ (أين) قول عبد الله بن همام السلولى :

أين تصرف بنا العداة تجدنا

نصرّف العيس نحوها للتلاقى (٣)

جملة جواب الشرط (تصرف العداة) فعلية ، فعلها مضارع مجزوم ، وجملة جواب الشرط (تجد) مضارعها مجزوم.

(أىّ):

للتعليق المطلق الدالّ على العاقل ، أو غير العاقل ، أو الزمان ، أو المكان ، أو المصدر ، وذلك بحسب ما تضاف إليه ، وما يدلّ عليه من أحد هذه الدلالات الخمس ، وهى اسم شرط معرب جازم. له موقعه الإعرابى.

تقول : أىّ رجل يقابلك فألق عليه السّلام ، فتكون (أى) اسم شرط جازما مبتدأ مرفوعا ، وعلامة رفعه الضمة ، وهو دال على العاقل لإضافته إلى (رجل) ، فيتراتب حدوث معنى إلقاء السّلام على حدوث معنى مقابلتك لأى رجل من الرجال ، فأفادت ارتباط حدث الشرط بالعاقل ، وجملة الشرط (يقابلك) فعلها مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، جملة الجواب (فألق عليه السّلام) مقرونة بالفاء فى محل جزم.

وتقول : أىّ عمل يسند إليك تؤدّه بإخلاص. فتكون (أى) للتعليق المطلق الدالّ على غير العاقل. وجملة الشرط (يسند) ، وجملة الجواب (تؤده).

__________________

(١) الكتاب ٣ ـ ٥٨ / المقتضب ٢ ـ ٤٧ / شرح النحاس لأبيات سيبويه ١٦٤ / شرح قطر الندى ١٢٤. شاجر : مضطرب.

(٢) المساعد ٣ ـ ١٤ / شفاء العليل ٣ ـ ٩٥٣ / شرح ابن عقيل ٤ ـ ٢٨ / شرح شذور الذهب ٣٣٧ / شرح قطر الندى ١٠٥.

(٣) الكتاب ٣ ـ ٥٨ / المقتضب ٢ ـ ٤٧ / شرح ابن يعيش ٧ ـ ٤٥ / المساعد ٣ ـ ١٤٠.

٣٥١

أىّ وقت تنه فيه عملك تنصرف. تدل (أى) على التعليق المطلق للزمان ، وتكون منصوبة على الظرفية ، وجملة الشرط (تنه) ، وجملة الجواب (تنصرف).

أىّ موضع توجد فيه فليخل من الباطل. تدل (أى) على التعليق المطلق للمكان ، وتكون منصوبة على الظرفية ، وجملة الشرط (توجد) ، وجملة الجواب (فليخل) طلبية مقرونة بالفاء فى محلّ جزم.

ومنه قوله تعالى : (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الإسراء : ١١٠] ، (١) حيث (أى) اسم شرط جازم مفعول به ، وعلامة نصبه الفتحة ، ونوّن عوضا من الإضافة المحذوفة ، والتقدير : أىّ الاسمين تدعوا. أما (ما) فهى زائدة للتأكيد ، ويكثر زيادة (ما) بعد كثير من أدوات الشرط للتوكيد والاتساع ، ومنهم من يرى أنها شرطية لتأكيد (أى) ، أو أنها مع ما بعدها شرط آخر دالّ على شرط (أى).

وقوله تعالى : (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) [القصص : ٢٨]. (أى) اسم شرط جازم منصوب بالفعل (قضى) ، و (ما) زائدة للتوكيد حرف مبنى ، و (الأجلين) مضاف إلى (أى) ، وفعل جملة الشرط (قضى) ، وجملة الجواب (فلا عدوان علىّ) فى محل جزم.

قد تكون (ما) اسما نكرة مبنيا فى محل جرّ بالإضافة إلى (أى) ، وكلمة (الأجلين) بدل من (ما) النكرة مجرور ، وعلامة جرّه الياء.

وتقول : أىّ تشذيب تشذب الأشجار تجعل منظرها جميلا. فيكون (أى) اسم شرط جازما منصوبا على المصدرية ، وهو مضاف ، و (تشذيب) مضاف إليه مجرور ، وجملة الشرط (تشذب) ، وجملة الجواب (تجعل).

__________________

(١) (أى) اسم شرط جازم مفعولا به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (ما) حرف توكيد زائد مبنى لا محل له من الإعراب. (تدعوا) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (فله) الفاء حرف واقع فى جواب الشرط رابط بين جملتيه مبنى لا محل له. له : جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (الأسماء) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والجملة الاسمية فى محل جزم جواب الشرط. (الحسنى) نعت للأسماء مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة.

٣٥٢

ومنه : أىّ إتقان تتقن عملك يؤدّ إلى حب الله لك. أىّ انتماء تنتم إلى وطنك تكن وفيا.

عامل الجزم فى فعلى الشرط المجزومين :

يكاد النحاة يتفقون على أن عامل الجزم فى فعل الشرط إنما هو أداة الشرط.

لكن الخلاف بين النحاة بيّن فى عامل الجزم فى فعل جواب الشرط ، ونوجز ذلك فيما يأتى :

أ ـ ذهب جماعة إلى أن فعل جواب الشرط قد انجزم بأداة الشرط وفعل الشرط معا ، وهو مذهب الخليل وسيبويه والأخفش ، ويعلل هؤلاء لرأيهم بأنّ أداة الشرط ضعيفة ، فلا تعمل فى شيئين ، فتقوى بالثانى لعمل الجزم. ويأخذ المبرد بهذا الرأى.

ب ـ ذهب جماعة إلى أنه قد انجزم بفعل الشرط وحده ، ويعزى ذلك إلى بعض البصريين ، والأخفش ـ فى رأى ـ ويعلل هؤلاء لرأيهم بأن الأداة تقتضى الفعل الأول ، أما الفعل الأول فهو الذى يقتضى الفعل الثانى فعمل فيه. وأخذ ابن مالك بهذا الرأى (١).

ج ـ ذهب جماعة إلى أن أداة الشرط هى العامل فى كل من فعلى الشرط والجواب ، وهو مذهب المحققين من البصريين ، ويعلل هؤلاء لرأيهم بأن الأداة تقتضى الفعلين ، فعملت فيهما ، ككان ، وإنّ ، وظننت.

د ـ ذهب المازنى إلى أن الفعلين مبنيان ، وينسب إليه رأى آخر مفاده أن الأول معرب ، وفعل الجواب أو الجزاء مبنى.

ه ـ يذهب الكوفيون إلى أن فعل الشرط ينجزم بأداة الشرط ، أما فعل جواب الشرط فإنه ينجزم على الجوار ، وحجتهم فى ذلك أن الحرف ليس فى قوته العمل فى الفعلين ، كما أن الفعل لا يعمل فى الفعل ، فتعين ـ فى رأيهم ـ أن يكون الجزم على الجوار لما فيه من مشاكلته للأول ، وقد جاء الإعراب على الجوار كثيرا.

(١) ينظر : الكتاب ٣ ـ ٦٢ / المقتضب ٢ ـ ٤٩ / أسرار العربية ٣٣٧ / اللباب ٢ ـ ٤٧١ / شرح الرضى ٢ ـ ٢٨٢ / ارتشاف الضرب ٢ ـ ٥٥٧.

__________________

(٢) التسهيل ٢٣٧.

٣٥٣

وبإمعان النظر فى هذه القضية نجد أن الذى أدّى إلى الجزم فى الفعلين المجزومين فى التركيب الشرطىّ إنما هو وجود أداة الشرط الجازمة ، فإذا لم توجد ؛ أو كانت أداة غير جازمة فإنه لا يحدث جزم لأى من الفعلين ، لذا فإننا نذهب إلى أن أداة الشرط الجازمة هى عامل الجزم فى الفعلين ، ففى قول أبى كبير الهذلى :

من يأته منهم يؤب بمرشّة

نجلاء تزغل مثل عطّ المستر (١)

تجد أن فعل الشرط (يأت) مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة ، وفعل الجواب (يؤب) مجزوم ، وعلامته السكون ؛ ذلك لأن اسم الشرط الرابط بينهما ربطا يفيد التعليق الحدثى هو (من) ، وهو جازم ، ولو أنك حذفت (من) أو جعلته اسما موصولا لرفع الفعلان ، وصارا : يأتيه ، يؤوب ؛ لأن عامل الجزم فى الحالين قد زال ، فزال لذلك دليل الجزم.

الحظ الجزم فيما يأتى :(إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ) [آل عمران : ١٠٠](٢)(وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ)(٣) [النساء : ١٣٠]. (وَمَنْ

__________________

(١) ديوان الهذليين ٢ ـ ١٠٤ / شرح السكرى ٣ ـ ١٠٨٣. مرشة : طعنة ذات رشاش ، تزغل : تدفع بالدم دفعة بعد دفعة ، عط : شق ، المستر : الثوب يستر به الإنسان.

(٢) إن) حرف شرط جازم مبنى على السكون لا محل له من الإعراب. (تطيعوا) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (فريقا) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (من الذين) جار واسم موصول مبنى فى محل جر ، وشبه الجملة فى محل نصب ، نعت لفريق ، أو متعلقة بنعت محذوف. (أوتوا) فعل ماض مبنى على الضم المقدر ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، نائب فاعل. (الكتاب) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة (يردوكم) فعل جواب الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، وضمير المخاطبين مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول (بعد) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة متعلق بالرد ، (إيمانكم) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، وضمير المخاطبين مبنى فى محل جر بالإضافة. (كافرين) مفعول به ثان منصوب. وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه جمع مذكر سالم ، على أن (رد) بمعنى (صير أو حوّل) ويجوز أن تعرب (كافرين) حالا منصوبة ، على أن رد لا يتضمن معنى صيّر.

(٣) (يتفرقا) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وألف الاثنين ضمير مبنى فى محل

٣٥٤

يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً) [الفتح : ١٧]. (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها) [الأنعام : ٢٥](١) ، (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [آل عمران ١٦١](٢).

إعراب فعلى جملتى الشرط والجواب بعد الأدوات الجازمة :

يختلف النحاة فيما بينهم فى كون فعلى الشرط والجواب معربين أو مبنيّين ، ونظرتهم هذه لا تؤثر فى كيفية نطق الفعل تبعا لقسمه ، وما يسبقه من أدوات نصب أو جزم أو خلوّه منها ، لكن أدوات الشرط تؤثر فى الفعل بشرط أن :

ـ تكون أداة شرط جازمة.

ـ وأن يكون الفعل مضارعا.

أما الماضى فإنه يظلّ على حاله من البناء على الفتح أو السكون أو الضمّ تبعا لما أسند إليه من ضمائر. ومع ذلك فإن كثيرا من النحاة يجعلونه فى محلّ جزم ، ما دامت أداة الشرط جازمة ، مع التنويه إلى أن الجزم خاصّ بالفعل المضارع ، واحتمال احتواء التركيب الشرطىّ على نوعى فعليه يكون كالآتى :

أ ـ أداة شرط جازمة+ مضارع+ مضارع.

__________________

رفع ، فاعل. (يغن) فعل جواب الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة. (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (كلا) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة (من سعته) جار ومجرور ومضاف إليه ، وشبه الجملة متعلقة بيغن.

(١) (يروا) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع فاعل. (كل) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (آية) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (لا) حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (يؤمنوا) فعل جواب الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل (بها) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالإيمان.

(٢) من) اسم شرط جازم مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ وفعل شرطه (يغلل) مجزوم ، وفعل جوابه (يأت) مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة ، (بما) الباء حرف جر مبنى لا محل له. ما : اسم موصول مبنى فى محل جر. وصلته الجملة الفعلية غل ، والعائد محذوف ، وشبه الجملة متعلقة بالإتيان ، ويجوز أن تجعل (ما) مصدرية ، والمصدر المؤول من (ما) والفعل (غل) فى محل جر بالباء ، وشبه الجملة متعلقة بالإتيان. (يوم) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، (القيامة) : مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بالإتيان.

٣٥٥

ب ـ أداة شرط جازمة+ ماض+ ماض.

ج ـ أداة شرط جازمة+ ماض+ مضارع.

د ـ أداة شرط جازمة+ مضارع+ ماض

أولا : إذا كان الفعلان مضارعين :

إذا كان فعلا جملتى الشرط والجواب مضارعين ـ وأداة الشرط جازمة ـ فلا يجوز فى أىّ من الفعلين إلا الجزم ، من ذلك قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً) [النساء ١٤](١) ، فعل جملة الشرط مضارع (يعص) ، وهو مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة ، وفعل جملة الجواب (يدخل) مجزوم ، وعلامته السكون.

ومنه قوله تعالى : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) [النساء : ٧٨](٢) فعل الشرط (تكونوا) مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وفعل الجواب (يدرك) مضارع مجزوم ، وعلامته السكون.

تأمل فعلى الشرط والجواب المضارعين المجزومين فيما يأتى :

(وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ) [الأحزاب : ٣١](٣).

__________________

(١) (من) اسم شرط جازم مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. فعل شرطه (يعص) مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة ، وفاعله مستتر تقديره : هو. (يتعد) فعل مضارع معطوف على فعل الشرط مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو.

(٢) (الموت) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(٣) (من) اسم شرط جازم مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (يقنت) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. (منكن) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل نصب ، حال من فاعل يقنت لله جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالقنوت. (ورسوله) عاطف ومعطوف على لفظ الجلالة مجرور ، ومضاف إليه مبنى مجرور. (وتعمل) حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب ، تعمل : فعل مضارع معطوف على فعل الشرط مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : هى (صالحا) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، ويجوز أن يكون نائبا عن المفعول المطلق منصوبا ، (نؤتها) فعل جواب الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة ،

٣٥٦

(أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ) [النحل : ٧٦](١)(وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها) [آل عمران ١٤٥]. (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها) [آل عمران : ١٤٥]. (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الأنعام ٣٩].

وقول أبى المثلم السابق :

أصخر بن عبد الله من يغو سادرا

يقل ـ غير شك ـ لليدين وللفم

فإذا ذكر المضارع الثانى مرفوعا فى هذا التركيب فإنه لا يحسن ، ويخرج على أن الثانى مؤخر عن الأول ، ومنه قول جرير بن عبد الله البجلى :

يا أقرع بن حابس يا أقرع

إنك إن يصرع أخوك تصرع (٢)

حيث رفع فعل جواب الشرط (تصرع) على سبيل التأخير ، والتقدير : إنك تصرع إن يصرع أخوك. وقد يجعلون ذلك من قبيل الضرورات الشعرية.

ثانيا : الفعلان ماضيان :

إذا كان فعلا جملتى الشرط والجواب ماضيين فإن جمهور النحاة يذهبون إلى أنهما يكونان فى محلّ جزم إذا كانت أداة الشرط جازمة ، من ذلك قوله تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ) [لإسراء : ١٨] فعل الشرط (كان) ماض مبنى على الفتح ، أما فعل جواب الشرط (عجل) فهو مبنى على السكون ، لإسناده إلى ضمير المتكلمين.

(إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ) [الإسراء : ٧] ، كل من فعل الشرط (أحسن) وفعل جواب الشرط (أحسن) ماض مبنى على السكون لإسناده إلى ضمير المخاطبين. ومنه قول حذيفة بن أنس :

__________________

وفاعله ضمير مستتر تقديره : نحن ، وضمير الغائبة مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (أجرها) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وضمير الغائبة مبنى فى محل جر بالإضافة. (مرتين) نائب عن المفعول المطلق منصوب ، وعلامة نصبه الياء ، وقد تكون منصوبة على الظرفية.

(١) (يأت) فعل جواب الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو.

(٢) الكتاب ٣ ـ ٦٧ / المقرب ١ ـ ٢٧٥.

٣٥٧

أخو الحرب إن عضّت به الحرب عضّها

وإن شمّرت عن ساقها الحرب شمّرا (١)

كل من فعلى الشرط (عض ، شمر) وفعلى الجواب (عض ، شمر) فى الشطرين مبنى على الفتح ، لإسناد الأولين إلى مظهر ، والآخرين إلى ضمير مستتر.

(مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) [فصلت : ٤٦]. جملة جواب الشرط : فهو لنفسه ، أى : فعمله لنفسه. وكذلك جملة جواب الشرط الثانى : فهو عليها.

وقد يكون الفعلان ماضيين معنويّين ، كما فى قول أبى المثلّم :

أصخر بن عبد الله قد طال ما ترى

ومن لم يكرّم نفسه لم يكرّم (٢)

كلّ من فعلى الشرط والجواب (يكرم ، يكرم) مجزوم بـ (لم) ، وعلامة جزمه السكون.

ومن خلال الأمثلة السابقة يمكن التنويه إلى عدة نقاط :

أ ـ لم يتغير الفعل الماضى عن حاله بدخول أدوات الشرط الجازمة عليه.

ب ـ ظلّ كما هو على حاله من البناء عند إسناده إلى ضمائر الرفع البارزة المتصلة ، وعند إسناده إلى الظاهر ، فلم تغير أدوات الشرط الجازمة كيفية بنائه على السكون أو الضمّ أو الفتح.

ج ـ إذا كان الفعل الماضى قد بنى فى بعض حالات إسناده إلى ضمائر الرفع على السكون ، فلو أنه فى التركيب الشرطىّ فى محلّ جزم لكان الأولى به ـ عندئذ ـ أن تظهر السكون عليه ، وهى علامة جزم.

د ـ إذا كان النحاة يجيزون رفع الفعل المضارع فى جملة جواب الشرط إذا كان فعل جملة الشرط ماضيا ، فمن الأولى أن يظلّ الفعل الماضى على حاله من البناء دون تقدير جزم له.

__________________

(١) ديوان الهذليين ٣ ـ ٢١ / شرح السكرى ٢ ـ ٥٥٧.

(٢) ديوان الهذليين ٢ ـ ٢٢٦.

٣٥٨

ه ـ لم يعرف عن الفعل الماضى أنه معرب ، فلا يكون فى محلّ نصب ولا فى محلّ رفع ، فلماذا يختار له محلّ الجزم؟!

من كلّ ما سبق نجد أن الفعل الماضى لا يتأثر بأدوات الشرط الجازمة ، ولا تغيره عن حالات بنائه ، بل يظلّ كما هو على أحواله المعهودة من البناء طبقا لإسناده إلى ضمير معين أو إلى مظهر.

ثالثا : الأول ماض والثانى مضارع :

يذكر ابن عصفور : «وإن كان أحدهما ماضيا والآخر مضارعا قدمت الماضى ويكون فى موضع جزم ، وأخرت المضارع ، ويكون فيه الجزم والرفع ، والجزم أحسن ، وإن أدخلت عليه الفاء لم يجز إلا الرفع» (١) ، لكن الأمر كما حلّلنا سابقا أن الفعل الماضى يظلّ على حاله من البناء دون أن يكون فى موضع جزم ، أما الفعل المضارع ـ وهو فعل جملة الجواب ـ فإنه يجوز فيه الرفع والجزم ، ويحسنون الجزم ، لكن الرفع أقيس ـ كما أرى. ومن النحاة (الجرجانى) من يرى أن الفعل المضارع يكون مجزوما فى المعنى حينئذ (٢).

منه قوله تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها) [الشورى : ٢٠]. (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها) [هود ١٥] ، تلحظ أن فعل الشرط فى التراكيب الثلاثة ماض (كان) ، وخبره مضارع (يريد) ، وكان فعل جواب الشرط مضارعا مجزوما.

وتجد من النحاة من يقدر (كان) زائدة ليبرر لجزم فعل الجواب ، وليس برأى يؤخذ به ، ويذكر المبرد أن معناه : لم يكن (٣).

ومنه قول الفرزدق :

دسّت رسولا بأنّ القوم إن قدروا

عليك يشفوا صدورا ذات توغير (٤)

__________________

(١) المقرب ١ ـ ٢٧٥.

(٢) المقتصد ٢ ـ ١٠٤٦.

(٣) المقتضب ٢ ـ ٥٨.

(٤) ديوانه ١ ـ ٢١٣ / الكتاب ٣ ـ ٦٩ / التركيب الشرطى (إن قدروا يشفوا) فى محل رفع ، خبر أن.

٣٥٩

وكذلك قوله :

تعشّ فإن عاهدتنى لا تخوننى

تكن مثل من ياذئب يصطحبان

ومما جاء فيه المضارع مرفوعا من هذا التركيب قول أبى صخر الهذلى :

أبا خالد من ذا سواك يريشنى

ومن ذا الذى إن بنت يوما أعاتب (١)

فعل الشرط (بان) ماض مبنى على السكون ، أما فعل الجواب (أعاتب) فهو مضارع مرفوع. وقوله كذلك :

ولا بالذى إن بان يوما خليله

يقول ويخفى الصبر إنى لجازع (٢)

وقول أبى المثلّم :

لعلّى إن دعوتك من قريب

إلى خير لتأتيه تريث (٣)

وقول زهير :

وإن أتاه خليل يوم مسألة

يقول لا غائب مالى ولا حرم (٤)

وقول الآخر :

وإن شلّ ريعان الجميع مخافة

نقول جهارا ويلكم لا تنفّروا (٥)

__________________

(١) شرح السكرى لأشعار الهذليين ٢ ـ ٩٤٨. التركيب الشرطى صلة الموصول لا محل له من الإعراب.

(٢) السابق ٢ ـ ٩٣٥. بان : فارق. التركيب الشرطى (إن بان يقول) صلة الموصول لا محل له من الإعراب.

(٣) ديوان الهذليين ٢ ـ ٢٢٥ / شرح السكرى ١ ـ ٢٦٤. تريث : تبطئ.

(٤) ينظر : الكتاب ٣ ـ ٦٦ / المقتضب ٢ ـ ٥٩ / أصول النحو ٢ ـ ١٦٧ / المقتصد ٢ ـ ١٠٤٦.

(٥) (ريعان) نائب فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (مخافة) مفعول لأجله منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة .. (نقول) فعل جواب الشرط مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والفاعل ضمير مستتر تقديره : نحن ، (جهارا) حال منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة ، أى : مجاهرين (ويلكم) منصوب على المصدرية ، وعلامة نصبها الفتحة ، وفعله محذوف وجوبا ، وضمير المخاطبين مبنى فى محل جر بالإضافة ، وهى جملة دعائية (لا تنفروا) لا : حرف نهى جازم مبنى لا محل له من الإعراب. تنفروا : فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون. واو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة فى محل نصب ، مقول القول.

٣٦٠