النحو العربى

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربى

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٩٤

ومن النحاة من يؤول العطف بأنه علي الضمير المستتر فيما تعلق به شبه الجملة (عليك) ، وعطف من غير توكيد للضرورة ، و (السّلام) مبتدأ مؤخر ، والتقدير : السّلام حصل عليك ورحمة الله.

وهذا التركيب يشترط فيه :

ـ أن يكون العاطف الواو عند البصريين.

ـ ألا يكون حرف العطف صدر الجملة.

ـ ألا يباشر حرف العطف عاملا غير متصرف ، نحو (إن) وأخواتها ، وفعل التعجب ، ونعم وبئس ، وهب وتعلم ...

ـ ألا يكون المعطوف مجرورا.

رابعا : مبنى المتعاطفين :

يأتى المتعاطفان على الصور الآتية من المبنى :

العطف على الاسم الظاهر :

يعطف على الاسم الظاهر فى مواقعه الإعرابية بلا شروط ، نحو قوله تعالى : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) [آل عمران : ١٨٦] ، (أنفس) معطوفة على (أموال) مجرورة ، وعلامة جرها الكسرة. وتلحظ أن ضمير المخاطبين (كم) فاصل بينهما ، وهو مبنى فى محل جر بالإضافة.

قوله تعالى (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [آل عمران : ١٨٩] ، (الأرض) معطوفة على (السموات) مجرورة ، وعلامة جرها الكسرة.

الحظ المتعاطفين فى :

(فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) [النساء : ١١٢]. (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ) [النساء : ١١٣](١) (رحمته) معطوف على (فضل) مرفوع ،

__________________

(١) (لو لا) حرف شرط غير جازم يفيد الامتناع لوجود مبنى لا محل له من الإعراب (فضل)

٣٠١

وعلامة رفعه الضمة. (أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) [المائدة : ٦٠](١).

(أضل) معطوف على (شر) مرفوع وعلامة رفعه الضمة.

(قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً) [المائدة : ٧٦](٢). (نفعا) معطوف على (ضرا) منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وحرف العطف هو الواو ، أما (لا) فهى حرف زائد لتأكيد النفى.

(أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) [الأعراف : ١٢٧](٣).

ويعطف الضمير على الظاهر ، كما هو فى قوله تعالى : (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ) [النساء : ١٣١].

__________________

مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف ، ولفظ الجلالة (الله) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. والخبر محذوف وجوبا تقديره : ثابت أو موجود. (عليكم) على : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب ، وضمير المخاطبين مبنى فى محل جر بعلى. شبه الجملة متعلقة بالفضل. (ورحمته) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. رحمة : معطوف على فضل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف وضمير الغائب مبنى فى محل جر مضاف إليه. (لهمت) اللام : للتوكيد حرف واقع فى جواب لو لا مبنى لا محل له من الإعراب. هم : فعل جواب الشرط ماض مبنى على الفتح. والتاء : حرف تأنيث مبنى لا محل له من الإعراب. (طائفة) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (منهم) من : حرف جر مبني علي السكون لا محل له من الإعراب. وضمير مبنى فى محل جر بمن ، وشبه الجملة في محل رفع نعت لطائفة ، أو متعلقة بنعت محذوف. (أن) حرف مصدري ونصب مبني لا محل له من الإعراب (يضلوك) فعل مضارع منصوب ، وعلامة نصبه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبني في محل رفع فاعل ، وضمير المخاطب مبني في محل نصب مفعول به ، والمصدر المؤول فى محل نصب على نزع الخافض ، أو في محل نصب مفعول به على السعة.

(١) (أولئك شر) جملة اسمية. (مكانا) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (أضل) معطوف على شر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(٢) (ما) اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به لتعبدون. وجملة صلته (لا يملك).

(٣) (أتذر) الهمزة : حرف استفهام مبنى لا محل له من الإعراب. تذر : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت. (موسى) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة منع من ظهورها التعذر. (وقومه) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (ليفسدوا) اللام : حرف تعليل مبنى لا محل له من الإعراب. يفسدوا : فعل مضارع منصوب بعد لام التعليل ، أو بأن المضمرة ، وعلامة نصبه حذف النون. واو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والمصدر المؤول فى محل جر ، باللام ، وشبه الجملة متعلقة بتذر. (فى الأرض) جار مبنى ومجرور وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بالفساد.

٣٠٢

(الذين) اسم موصول مبنى فى محل نصب مفعول به. (إياكم) ضمير منفصل مبنى فى محل نصب بالعطف على الاسم الموصول.

ومنه : (يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ) [الممتحنة : ١].

العطف على الضمير المنفصل المرفوع والمنصوب :

يعطف على الضمير المنفصل مرفوعا كان أو منصوبا بلا شرط ، كأن تقول : أنا وهو قد حصلنا على الدرجة النهائية.

(أنا) ضمير مبنى فى محل رفع مبتدأ. (الواو) حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (هو) ضمير غائب منفصل مبنى فى محل رفع بالعطف على (أنا).

إياك والكذب ، (إياك) ضمير منفصل مبنى فى محل نصب بفعل محذوف تقديره : احذر. (الواو) حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (الكذب) معطوف على (أياك) منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

وذلك لأن كلّا منهما ليس كالجزء فأجرى مجرى الظاهر فى العطف.

العطف على الضمير المتصل المنصوب :

يعطف على الضمير المتصل المنصوب بلا شرط ، ومنه قوله تعالى : (جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ) [المرسلات : ٣٨].

ضمير المخاطبين (كم) مبنى فى محل نصب مفعول به. والواو حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (الأولين) معطوف على ضمير المخاطبين (كم) منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم.

(نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) [الأنعام : ١٥١]. (إياهم) ضمير منفصل مبنى فى محل نصب بالعطف على ضمير المخاطبين (كم) ، وهو فى محل نصب ؛ لأنه مفعول به.

ومثله : (نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) [الإسراء : ٣١](وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [سبأ : ٢٤] ، ضمير المتكلمين (نا) مبنى فى محل نصب اسم إن. (أو)

٣٠٣

حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (إياكم) ضمير منفصل مبنى فى محل نصب بالعطف على اسم إن.

(اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ) [العنكبوت : ٦٠]. (لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ) [الأعراف : ١٥٥](١).

(لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا) [الأعراف : ٨٨](٢).

(كاف المخاطب) ضمير مبنى فى محل نصب مفعول به. (الذين) اسم موصول مبنى فى محل نصب بالعطف على ضمير المخاطب.

(وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ) [الأعراف : ١٢٧]. (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ) [الأعراف : ١١١ ، الشعراء : ٣٦] ، (أرجه) فعل أمر مبنى على السكون المقدر على الهمزة

__________________

(١) (لو) حرف شرط غير جازم مبنى لا محل له من الإعراب يفيد الامتناع للامتناع.

(شئت) شاء : فعل الشرط ماض مبنى على السكون. وضمير المخاطبين التاء مبنى فى محل رفع فاعل. (أهلكتهم) أهلك : فعل جواب الشرط ماض مبنى على السكون. وتاء المخاطب ضمير مبنى فى محل رفع فاعل. وضمير الغائبين هم مبنى فى محل نصب محل مفعول به. (من قبل) من : حرف جر مبنى على السكون لا محل له من الإعراب. قبل : اسم مبنى على الضم فى محل جر لأنه من الظروف المنقطعة عن الإضافة لفظا لا معنى ، وشبه الجملة متعلقة بأهلك. (وأ إياى) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. إياى : ضمير مبنى فى محل نصب بالعطف على ضمير الغائبين المفعول به.

(٢) (لنخرجنك) اللام : واقعة فى جواب قسم محذوف مؤكد مبنى لا محل له من الإعراب. والتقدير : والله لنخرجنك. نخرج : فعل مضارع مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد المباشرة فى محل رفع ، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن ، والنون الثقيلة : نون التوكيد حرف مبنى لا محل له من الإعراب. والكاف :ضمير المخاطب مبنى فى محل نصب مفعول به. (يا شعيب) يا : حرف نداء مبنى لا محل له من الإعراب. شعيب : منادى مبنى على الضم فى محل نصب. وجملة النداء اعتراضية لا محل لها من الإعراب. (والذين) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. الذين : اسم موصول فى محل نصب بالعطف على الضمير المخاطب المفعول به. (آمنوا) آمن : فعل ماض مبنى على الضم. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع فاعل. والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. (معك) مع : ظرف مكان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف ، وضمير المخاطب مبنى فى محل جر مضاف إليه. وشبه الجملة متعلقة بالإيمان.

(من قريتنا) من : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. قرية : اسم مجرور بعد من ، وعلامة جره الكسرة. وهو مضاف ، وضمير المتكلمين نا مضاف إليه مبنى فى محل جر. وشبه الجملة متعلقة بالإخراج.

٣٠٤

المحذوفة ، فأصله : أرجئ ، وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت ، وضمير الغائب مبنى فى محل نصب مفعول به ، وتسكين الهاء لغة. (وأخاه) الواو : حرف عطف مبنى لا محلّ له من الإعراب.

أخا : معطوف على هاء الغائب منصوب وعلامة نصبه الألف ؛ لأنه من الأسماء الستة ، وهو مضاف ، وهاء الغائب ضمير مبنى فى محل جر مضاف إليه.

(فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ) [القلم : ٤٤]. (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) [المدثر : ١١]. (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ) [المزمل : ١١]. (المكذبين) معطوف على ضمير المتكلم الياء منصوب ، وعلامة نصبه الياء ، لأنه جمع ذكر سالم.

(إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) [الأنبياء : ٨٠](١).

العطف على الضمير المرفوع المتصل :

إذا عطف على الضمير المرفوع المتصل بارزا كان أو مستترا فلا بدّ من وجود فاصل بين المعطوف عليه الضمير المرفوع المتصل المرفوع المتصل والمعطوف ، وهذا مذهب البصريين ، ويعللون لذلك بعدم توهم العطف على العامل فى الضمير ، فالضمير كالجزء من عامله أو كبعض حروفه ، فلو عطف عليه كان العطف على جزء الكلمة ، فإذا أكد بالمنفصل دل إفراد التأكيد وانفصاله على انفصاله فى الحقيقة. أما الكوفيون فإنهم لا يشترطون وجود فاصل.

__________________

(١) (إنكم) إن : حرف توكيد ونصب مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المخاطبين كم مبنى فى محل نصب اسم إن. (وما) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. ما : اسم موصول مبنى فى محل نصب بالعطف على اسم إن. (تعبدون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع فاعل. وفيه ضمير مقدر عائد على الاسم الموصول مفعول به. والتقدير : وما تعبدونه. والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. (من دون الله) من : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. دون : اسم مجرور بعد من ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بالعبادة. ودون مضاف ، ولفظ الجلالة (الله) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، (حصب جهنم) حصب : خبر إن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وهو مضاف. وجهنم : مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف.

٣٠٥

ويكون الفاصل واحدا من :

ـ التوكيد اللفظى بالضمير المنفصل المرفوع ، ويكون مطابقا للضمير المتبوع مرادفا له ، وهذا هو الأصل ، من ذلك قوله تعالى : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) [البقرة : ٣٥]. (اسكن) فعل أمر مبنى على السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت ، (أنت) ضمير منفصل مبنى فى محل رفع توكيد للضمير المستتر. (وزوجك) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. زوج : معطوف على الضمير المستتر الفاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة (١) ، وهو مضاف ، وضمير المخاطب الكاف مبنى فى محل جر مضاف إليه.

ومنه قوله تعالى : (قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ) [الشعراء : ٧٥ ، ٧٦](٢). (آباء) معطوف على الفاعل واو الجماعة فى (تعبدون) مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وقد أكدت واو الجماعة بضمير الرفع المنفصل المطابق (أنتم).

(قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [الأنبياء : ٥٤].

ضمير المخاطبين المتصل (تم) فى محل رفع اسم (كان) ، فلما عطف عليه (آباء) أكد بضمير الرفع المنفصل المطابق (أنتم).

__________________

(١) فى رفع (زوج) وجه آخر ، وهو الفاعلية لفعل محذوف تقديره : ولتسكن زوجك ، حيث الأمر الظاهر فى الآية ، للمذكر والمعطوف مؤنث.

(٢) (قال) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره هو.

(أفرأيتم) الهمزة : حرف استفهام مبنى لا محل له من الإعراب. الفاء : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. رأى : فعل ماض مبنى على السكون. وضمير المخاطبين تم مبنى فى محل رفع فاعل. (ما) اسم موصول مبنى فى محل نصب مفعول به. (كنتم) كان : فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على السكون. وضمير المخاطبين تم مبنى فى محل رفع اسم كان. (تعبدون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع فاعل. وفيه ضمير محذوف عائد مفعول به ، والتقدير : ما كنتم تعبدونه. وجملة تعبدون فى محل نصب خبر كان. وجملة كان ومعموليها صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. (أنتم) ضمير مؤكد لاسم كان مبنى فى محل رفع. (وآباؤكم) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. آباء : معطوف على اسم كان مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وهو مضاف. وضمير المخاطبين كم مبنى فى محل جر مضاف إليه. (الأقدمون) نعت لآباء مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم.

٣٠٦

(وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) [إبراهيم : ٨]. (من) اسم موصول مبنى على السكون فى محل رفع بالعطف على الضمير المتصل الفاعل واو الجماعة ، ولذلك فقد فصل بينهما بالضمير المنفصل المرفوع المطابق المؤكد (أنتم).

(لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ) [المؤمنون : ٨٣](١).

ـ وقد يكون الفصل بالتوكيد المعنوى ، من ذلك قول الشاعر :

ذعرتم أجمعون ومن يليكم

برؤيتنا وكنّا الظّافرينا (٢)

(من) اسم موصول مبنى فى محل رفع بالعطف على ضمير المخاطبين (تم) ، وهو فى محل رفع نائب فاعل.

__________________

(١) (لقد) اللام : جواب قسم محذوف حرف مؤكد مبنى لا محل له من الإعراب ، والتقدير : والله لقد ..

قد : حرف تحقيق مبنى على السكون لا محل له من الإعراب. (وعدنا) وعد : فعل ماض مبنى على السكون مبنى للمجهول. وضمير المتكلمين نا مبنى فى محل رفع نائب فاعل. (نحن) ضمير مؤكد لنائب الفاعل مبنى فى محل رفع. (وآباؤنا) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. آباء : معطوف على نائب الفاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف وضمير المتكلمين نا مبنى فى محل جر مضاف إليه. (هذا) اسم إشارة مبنى فى محل نصب على نزع الخافض ، أو مفعول به ثان منصوب محلا. (من قبل) من : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. قبل : اسم مبنى على الضم لأنه ظرف منقطع عن الإضافة لفظا لا معنى ، وهو فى محل جر بمن. وشبه الجملة متعلقة بالوعد.

(٢) ينظر : المساعد على التسهيل ٢ ـ ٤٦٩ / شرح التصريح ٢ ـ ١٥٠.

(ذعرتم) ذعر : فعل ماض مبنى على السكون مبنى للمجهول ، وضمير المخاطبين مبنى فى محل رفع نائب فاعل. (أجمعون) توكيد معنوى لنائب الفاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم. (ومن) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. من : اسم موصول مبنى فى محل رفع بالعطف على نائب الفاعل. (يليكم) يلى : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها الثقل. وفاعله ضمير مستتر تقديره هو. وضمير المخاطبين كم مبنى فى محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. (برؤيتنا) الباء : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب .. رؤية : اسم مجرور بالباء ، وعلامة جره الكسرة. وهو مضاف وضمير المتكلمين نا مبنى فى محل جر مضاف إليه. وشبه الجملة متعلقة بالذعر. (وكنا) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. كان : فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على السكون. وضمير المتكلمين نا مبنى فى محل رفع اسم كان. (الظافرين) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم. والألف للإطلاق حرف لا محل له من الإعراب.

٣٠٧

قد يكون الفاصل غير مؤكد :

قد يفصل بين المعطوف عليه الضمير المتصل وما عطف عليه بغير الضمير المنفصل المؤكد لفظيا ، وبغير التوكيد معنويا ، كما وجّه فى قوله تعالى : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) [الرعد : ٢٣](١). (من) اسم موصول مبنى فى محل رفع بالعطف على الفاعل الضمير المتصل واو الجماعة.

والفاصل بينهما ضمير النصب المتصل (ها) ، وهو فى محل نصب مفعول به.

تلحظ أن المفعول به ذكر قبل العاطف ، أى : بين المعطوف عليه والعاطف.

أما قوله تعالى. (لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) [الأنعام : ١٤٨] ، ففيه قد عطف (آباء) على الضمير المرفوع المتصل الفاعل (نا) ، وكان الفاصل بينهما (لا) الزائدة لتوكيد النفى المذكورة بعد واو العطف.

تلحظ أن (لا) النافية ذكرت بعد العاطف ، أى : بين حرف العطف والمعطوف.

وقد يفصل بالنداء كما هو فى قول الشاعر :

لقد نلت عبد الله وابنك غاية

من المجد من يظفر بها نال سوددا (٢)

__________________

(١) (جنات) مرفوع وعلامة رفعه الضمة لأنه مبتدأ خبره جملة يدخلونها ، أو خبر لمبتدإ محذوف ، والتقدير : هى جنات ، أو بدل أو عطف بيان من الفاعل عقبى فى قوله السابق : فنعم عقبى الدار. وهو مضاف ، و (عدن) مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة. (يدخلونها) يدخلون : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع فاعل. وضمير الغائبة ها مبنى فى محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية إما فى محل رفع خبر جنات ، وإما فى محل نصب حال منها ، وإما لا محل لها من الإعراب استئنافية. (ومن) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. من : اسم موصول مبنى فى محل رفع بالعطف على الفاعل واو الجماعة. (صلح) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره هو. والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. (من آبالئهم) من : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. آباء : اسم مجرور بعد من وعلامة جره الكسرة. وهو مضاف وضمير الغائبين هم مبنى فى محل جر مضاف إليه ، وشبه الجملة فى محل نصب حال من الفاعل. (وأزواجهم) حرف عطف مبنى ومعطوف على آباء مجرور ، وضمير مبنى فى محل جر مضاف إليه. (وذرياتهم) كإعراب : وأزواجهم.

(٢) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٤٦٩ / الدرر ٦ ـ ١٤٨ رقم ١٦٤٦.

٣٠٨

المنادى (عبد الله) فاصل بين الضمير المرفوع المتصل الفاعل تاء المخاطب والمعطوف عليه بالواو (ابن).

ملحوظة :

قد يفصل بين الضمير المرفوع المتصل وما عطف عليه بأكثر من فاصل من الفواصل المذكورة سابقا (التوكيد اللفظى بالضمير ـ التوكيد المعنوى ـ المفعول به ـ لا النافية) مع المحافظة على موقع كلّ فاصل فى التركيب.

مثال اجتماع المفعول به مع الضمير المنفصل قوله تعالى : (سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) [يوسف : ٤٠]. (آباء) معطوف على الفاعل ضمير المخاطبين المرفوع المتصل (تم) ، وكان الفاصل بينهما المفعول به الضمير المنصوب المتصل (ها) الغائبة ، والضمير المنفصل المؤكد ضمير المخاطبين (أنتم).

وقوله تعالى : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ) [الزخرف : ٧٠] يجوز أن يكون الضمير المنفصل (أنتم) توكيدا لواو الجماعة لأنه عطف عليها (أزواج) ، ويحسن أن يستأنف بالضمير (أنتم) على أنه مبتدأ ، وجملة (تحبرون) خبره ، وحين

__________________

(لقد) اللام : لام جواب قسم محذوف ، حرف مؤكد مبنى لا محل له من الإعراب. قد : حرف تحقيق مبنى لا محل له من الإعراب. (نلت) نال : فعل ماض مبنى على السكون. وتاء المخاطب ضمير مبنى فى محل رفع فاعل. (عبد الله) عبد : منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وحرف النداء محذوف .. وعبد مضاف ولفظ الجلالة (الله) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (وابنك) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. ابن : معطوف على تاء المخاطب مرفوع وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف وضمير المخاطب الكاف مبنى فى محل جر مضاف إليه. (غاية) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. (من المجد) من : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. المجد : اسم مجرور بعد من وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة فى محل نصب نعت لغاية. (من) اسم شرط جازم مبنى على السكون. فى محل رفع مبتدأ. (يظفر) فعل الشرط مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون. وفاعله ضمير مستتر تقديره هو. (بها) الباء : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير الغائب ها مبنى فى محل جر بالباء. وشبه الجملة متعلقة بيظفر. (نال) فعل جواب الشرط ماض مبنى على الفتح. وفاعله ضمير مستتر تقديره هو. (سؤددا) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. والألف للإطلاق حرف مبنى لا محل له من الإعراب.

٣٠٩

يكونان متعاطفين يكون الفاصل بينهما المفعول به (الجنة) ، والضمير المرفوع المنفصل المؤكد (أنتم). ومثال اجتماع الضمير مع (لا) النافية قوله تعالى : (وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ) [الأنعام : ٩١] ، حيث عطف (آباء) بالرفع على الفاعل ضمير المخاطبين المتصل المرفوع (تم) ، وكان الفاصل بينهما الضمير المنفصل المرفوع المؤكد (أنتم) ، و (لا) النافية المذكورة بعد حرف العطف الواو.

وقد تجتمع ثلاثة فواصل ، كما جاء فى قوله تعالى : (فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً) [طه : ٥٨](١). [الضمير (أنت) فى محل رفع بالعطف على الفاعل الضمير المستتر فى (نخلف) ، وتقديره نحن ، وكان الفاصل بينهما المفعول به الضمير المتصل (هاء الغائب) ، مع ضمير الرفع المنفصل المطابق المؤكد (نحن) ، ومع (لا) الزائدة لتأكيد النفى المذكورة بعد واو العطف.

تنويه :

ذكرنا أن الكوفيين لا يشترطون وجود فاصل بين الضمير المرفوع وما عطف عليه. ويستشهدون لذلك بقول عمر بن أبى ربيعة :

قلت إذ أقبلت وزهر تهادى

كنعاج الفلا تعسّفن رملا (٢)

__________________

(١) (اجعل) فعل أمر مبنى على السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت. (بيننا) بين : ظرف مكان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، متعلق بالجعل وهو مضاف ، وضمير المتكلمين نا مبنى فى محل جر مضاف إليه. (وبينك) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. بين : ظرف مكان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل جر مضاف إليه ، وشبه الجملة معطوفة على سابقتها. (موعدا) منصوب على الظرفية ـ ظرف زمان أو ظرف مكان ـ ، ويجوز أن ينصب على المصدرية ، والتقدير : عد وعدا. (لا نخلفه) لا : حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. نخلف : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة ، فاعله ضمير مستتر تقديره نحن. وضمير الغائب مبنى فى محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية فى محل نصب نعت لموعد. (نحن) ضمير مؤكد للفاعل المستتر مبنى فى محل رفع مصحح للعطف عليه. (ولا أنت) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. لا : حرف زائد لتأكيد النفى مبنى لا محل له من الإعراب. أنت : ضمير مبنى فى محل رفع بالعطف على الفاعل المستتر. (مكانا) مفعول ثان لا جعل منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أو منصوب على الظرفية لا جعل ، أو منصوب بإضمار فعل. (سوى) نعت لمكان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة منع من ظهورها التعذر.

(٢) ينظر : ملحق ديوانه ٤٩٠ / الكتاب ٢ ـ ٤٧٩ / الخصائص ٢ ـ ٣٨٦ / شرح ابن يعيش ٣ ـ ٧٤ /

٣١٠

حيث عطف (زهر) على الضمير المستتر المرفوع فاعل (أقبلت) دون فاصل.

وأجيب عن ذلك بأن الواو ليست محضة ـ هنا ـ فى العطف ، لأنها لا تصلح للحال : وقيل : إنه شاذ ويمكن أن ينصب زهر على المعية.

وكذلك قول جرير يهجو الأخطل :

ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه

ما لم يكن وأب له لينالا (١)

__________________

البسيط فى شرح الجمل ١ ـ ٣٤٥ / شرح ابن عقيل ٣ ـ ٢٣٨ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١١٤ / العينى ٤ ـ ١٦١. تهادى : تتهادى ، نعاج : بقر الرمل ، الفلا : الصحراء ، تعسفن : ملن عن الطريق. (قلت) قال : فعل ماض مبنى على السكون. وضمير المتكلم التاء مبنى فى محل رفع فاعل. (إذ) ظرف زمان مبنى على السكون فى محل نصب متعلق بالقول. (أقبلت) فعل ماض مبنى على الفتح. والتاء : حرف تأنيث مبنى لا محل له من الإعراب. وفاعله ضمير مستتر تقديره هى. والجملة الفعلية فى محل جر بالإضافة إلى إذ. (وزهر) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. زهر : معطوف على الضمير المستتر فى أقبلت مرفوع وعلامة رفعه الضمة. (تهادى) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. المقدرة منع من ظهورها التعذر. وفاعله ضمير مستتر تقديره هى. والجملة الفعلية فى محل نصب حال من فاعل أقبلت. (كنعاج) الكاف : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. نعاج : اسم مجرور بعد الكاف وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة فى محل نصب حال ثانية من فاعل أقبلت أو من فاعل تتهادى.أو متعلقة بحال محذوفة من أيهما. ونعاج مضاف ، و (الفلا) مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة منع من ظهورها التعذر. (تعسف) : فعل ماض مبنى على السكون. ونون النسوة ضمير مبنى فى محل رفع فاعل. والجملة فى محل نصب حال من نعاج. (رملا) منصوب على نرع الخافض ، وعلامة نصبه الفتحة. والألف حرف إطلاق مبنى لا محل له من الإعراب. والتقدير : تعسفن فى رمل. (١) ديوانه ٤٥١ / المقرب ٥٠ / شرح ابن الناظم ٥٤٣ / العينى ٤ ـ ١٦٠ / شرح التصريح ٢ ـ ١٥١ / الأشمونى ٣ ـ ١١٤ / ضياء السالك ٣ ـ ٥٩ / الدرر رقم ١٦٤٨. (رجا) فعل ماض ماض مبنى على الفتح المقدر. (الأخيطل) فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. (من سفاهة) من : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. سفاهة : اسم مجرور بعد من وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة برجا. (رأيه) رأى : مضاف إلى سفاهة مجرور وعلامة جره الكسرة. وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة إلى رأى. (ما) اسم موصول مبنى فى محل نصب مفعول به. أو نكرة بمعنى شىء ، فى محل نصب مفعول به. (لم يكن) لم : حرف نفى وجزم وقلب مبنى لا محل له من الإعراب. يكن : فعل مضارع ناقص ناسخ مجزوم وعلامة جزمه السكون. واسمه ضمير مستتر تقديره هو

٣١١

حيث عطف (أب) بالرفع على الضمير المستكن فى (يكن) ، وهو اسمه فى محل رفع ، وكان العطف على الضمير المستتر المرفوع بدون توكيد. وفيه أوجه أخرى.

وقد روى عن على ـ رضى الله عنه ـ أنه قال : «كنت أسمع رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يقول وأبو بكر وعمر ، وفعلت وأبو بكر وعمر ، وانطلقت وأبو بكر وعمر» (١).

وروى عن عمر ـ رضى الله عنه ـ : كنت وجار لى من الأنصار (٢).

ونقل عن بعض العرب : مررت برجل سواء والعدم (٣) ، برفع (العدم) عطفا على الضمير المستتر المرفوع الفاعل فى (سواء) ، لأنه يؤول بالمشتق ، والتقدير : مستو والعدم.

العطف على الضمير المجرور :

اختلف النحاة فيما بينهم فى العطف على الضمير المجرور من حيث إعادة الجارّ على ثلاثة مذاهب :

أولها : وهو مذهب الجمهور من البصريين حيث يذهبون إلى وجوب إعادة الجارّ مع المعطوف إلا فى ضرورة ، ذلك لشدة الاتصال بين الجارّ والمجرور حتى صارا كشىء واحد ، فصار كبعض حروفه ، فلم يجز العطف عليه ، كما لم يجز العطف على بعض حروف الكلمة.

__________________

(وأب) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. أب : معطوف على الضمير المستتر فى يكن مرفوع وعلامة رفعه الضمة. (له) باللام) حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير الغائب مبنى فى محل جر باللام. وشبه الجملة فى محل رفع نعت لأب. أو متعلقة بنعت محذوف. (لينالا) اللام : لام الجحود حرف مبنى لا محل له من الإعراب. ينالا : فعل مضارع منصوب بعد لام الجحود ، أو بأن المضمرة بعدها. وعلامة نصبه حذف النون. أو فى محل نصب خبر يكون. وجملة يكون ومعموليها صلة الموصول لا محل لها من الإعراب ، أو فى محل نصب نعت لما النكرة. (١) البخارى : كتاب فضائل أصحاب النبى ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ٦٢ / شرح التسهيل ٣ ـ ٣٧٤ / شواهد التوضيح ١١٢.

(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ٣٧٤ / شواهد التوضيح ١١٢.

(٣) الكتاب ٢ ـ ٣١ ، ٤٣.

٣١٢

مثال ذلك قوله تعالى : (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) [فصلت : ١١](١). لما أريد عطف (الأرض) على الضمير المجرور باللام (ها) الغائبة أعيد مع المعطوف ما جرّ المعطوف عليه ، وهو حرف الجرّ (اللام).

ويجعلون من ذلك ما أضيف إلى الاسم فجرّ بالإضافة ، ثم عطف عليه ، بشرط ألا يحدث التباس ، مثل قوله تعالى : (قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ) [البقرة : ١٣٣] حيث عطف (آباء) على ضمير المخاطب المتصل المجرور بالإضافة (الكاف) ، فأعاد معه ما جرّه ، وهو (إله).

والأفضل أن نجعل الجارّ والمجرور معطوفين على الجارّ والمجرور.

ملحوظة :

قد يحدث التباس إذا أعيد الجارّ الاسمىّ المعطوف عليه ، كما فى قولك : جاءنى أخوك ومحمد ، حيث إن الجائى أخ لك ولمحمد ، فإذا كررت المضاف إليه فقلت : (جاءنى أخوك وأخو محمد) توهم أن الجائى اثنان أخوان لا أخ واحد ، وهذا غير المقصود.

والثانى : ما ذهب إليه الكوفيّون ، ومن تبعهم من مثل أبى الحسن ويونس والشلوبين هو جواز ذلك فى السّعة مطلقا ، وهو كثير مما يجعله جوازا مطلقا.

من ذلك قراءة حمزة قوله ـ تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) [النساء : ١] ، بجر الأرحام وعلامة جرها الكسرة ، ويؤول الجرّ بالعطف على ضمير الغائب (الهاء) المتصل المجرور بالباء (٢) ، وكان العطف على الضمير المجرور بدون إعادة حرف الجر.

وسمع قولهم : (ما فيها غيره وفرسه) ، بجر (فرس) عطفا على ضمير الغائب (الهاء) المجرور بالإضافة إلى (غير) ، وذلك دون إعادة الجار ، وهو مضاف.

__________________

(١) (طوعا أو كرها) مصدران وإقعان موقع الحال منصوبان ، والتقدير : طائعتين أو مكرهتين.

(٢) فى تعليل ـ قراءة الجر توجيه آخر مفاده أن الواو للقسم و (الأرحام) مقسم به مجرور بواو القسم.

٣١٣

ومنه قوله ـ تعالى ـ فى أحد التأويلات الإعرابية : (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ) [الحجر : ٢٠] ، حيث يكون من أوجه إعراب الاسم الموصول (من) أنه مبنى على السكون فى محل جر بالعطف على ضمير الغائبة (ها) المجرور بحرف الجرّ (فى) ، ويلحظ عدم إعادة حرف الجر مع المعطوف (١).

ومنه قوله تعالى : (قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ ..) [النساء : ١٢٧]. من التوجه الإعرابى لـ (ما) أن تكون فى محلّ جر بالعطف على ضمير الغائبات (هن) المجرور بـ (فى) (٢). وتلحظ عدم إعادة حرف الجر.

وقد ورد ذلك فى الشعر ، منه قول مسكين الدرامى :

تعلّق فى مثل السوارى سيوفنا

وما بينها والأرض غوط نفائف (٣)

__________________

(١) من الأوجه الإعرابية الأخرى للاسم الموصول (من) :

أ ـ أنه منصوب بفعل مقدر ، والتقدير : وأعشنا من لستم له برازقين.

ب ـ أنه معطوف على (معايش) منصوب ، والتقدير : ومن لستم له برازقين من الدواب.

ج ـ أنه منصوب بالعطف على محل (لكم) وهو متعلق بالجعل ، أو فى محل نصب حال من (معايش).

د ـ أنه مبتدأ خبره محذوف ، والتقدير : ومن لستم له برازقين جعلنا له فيها معايش.

(٢) فى موقع (ما) أوجه أخرى ، أظهرها :

أ ـ أن يكون مرفوعا بالعطف على الضمير المستتر فى (يفتى).

ب ـ أنه مبتدأ ، خبره شبه الجملة (عليك) ، أو : محذوف.

ج ـ أنه مجرور على أنه مقسم به ، حيث الواو واو القسم الجارة.

د ـ أنه منصوب بإضمار فعل ، والتقدير : ويبين لكم ما يتلى لكم.

(٣) ينظر ديوانه ٥٣ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ١٤٢ / الإنصاف ٤٦٥ / شرح ابن يعيش ٣ ـ ٩٧ / شرح ابن الناظم ٥٤٥ / العينى ٣ ـ ١٦٤ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١١٥. ويروى : والكعب بدلا من الأرض.

السوارى ـ جمع سارية وهى الأسطوانة / غوط ـ جمع غائط وهو المطمئن من الأرض / نفائف ـ جمع نفنف ـ وهو الهواء بين الساريتين ، والهواء الشديد. كنى بذلك عن طول القامة.

(تعلق) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة مبنى للمجهول. (فى مثل السوارى) فى : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. مثل : اسم مجرور بعد فى ، وعلامة جره الكسرة المقدرة منع من ظهورها الثقل. وشبه الجملة متعلقة بالتعلق. (سيوفنا) سيوف : نائب فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف وضمير المتكلمين نا مبنى فى محل جر مضاف إليه. (وما) الواو : واو الحال أو الابتداء حرف مبنى لا محل له من الإعراب. ما : اسم موصول مبنى فى محل رفع مبتدأ. (بينها) بين : ظرف مكان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف وضمير الغائبة ها مبنى فى محل جر مضاف إليه. وشبه الجملة صلة

٣١٤

عطف (الأرض) بالجر على ضمير الغائبة (ها) المجرور بالإضافة إلى (بين) ، ولم يتكرر المضاف ، وكان حرف العطف (الواو).

وقول الآخر :

أكرّ على الكتيبة لا أبالى

أفيها كان حتفى أم سواها (١)

عطف (سوى) بالجر على ضمير الغائبة المجرور (ها) ، وحرف الجر (فى) لم يتكرر فى المعطوف. وكان حرف العطف (أم).

وقول الشاعر :

هلّا سألت بذى الجماجم عنهم

وأبى نعيم ذى اللواء المحرق (٢)

عطف (أبى) بالجر على ضمير الغائبين (هم) ، وهو فى محل جرّ بـ (عن) ، ولم يتكرر مع المعطوف.

وقول الآخر :

إذا أوقدوا نارا لحرب عدوّهم

فقد خاب من يصلى بها وسعيرها (٣)

__________________

الموصول أو متعلقة بصلة محذوفة لا محل لها من الإعراب. (والأرض) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. الأرض : معطوف على ضمير الغائب مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (غوط) خبر المبتدإ مرفوع وعلامة رفعه الضمة. (نفائف) نعت لغوط مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والجملة الاسمية فى محل نصب حال.

(١) (أكر) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وفاعله ضمير مستتر تقديره أنا. (على الكتيبة) على حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. الكتيبة : اسم مجرور بعد على ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بالكسر. (لا أبالى) لا : حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. أبالى : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها الثقل ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : أنا. والجملة الفعلية فى محل نصب حال. (أفيها كان حتفى) الهمزة : حرف استفهام مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير الغائبة ها مبنى فى محل جر بفى. وشبه الجملة فى محل رفع خبر مقدم. كان : فعل ماض زائد مبنى لا محل له من الإعراب حتف : مبتدإ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة : وهو مضاف ، وضمير المتكلم الياء مبنى فى محل جر مضاف إليه ، والجملة الاسمية فى محل نصب مفعولى أبالى ، والفعل معلق بحرف الاستفهام. (أم) حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (سواها) سوى : معطوف على ضمير الغائبة مجرور ، وعلامة جره الكسرة المقدرة الغائبة ها مبنى فى محل جر مضاف إليه.

(٢) ينظر الإنصاف ٤٦٦ / البحر المحيط ٢ ـ ٣٨٨ / الدر المصون ١ ـ ٥٣٠

(٣) ينظر : الإنصاف ٤٦٥ / العينى ٤ ـ ١٦٦ / البحر المحيط ٢ ـ ٣٨٨ / الدر المصون ١ ـ ٥٣٠.

٣١٥

(سعير) معطوف بالجرّ على ضمير الغائبة (ها) المجرور بالباء ، ولم يتكرر حرف الجر مع المعطوف.

وقوله :

لو كان لى وزهير ثالث وردت

من الحمام عدانا شرّ مورود (١)

(زهير) معطوف بالجر على ضمير المتكلم (الياء) ، وهو فى محل جر باللام ، ولم يتكرر حرف الجر مع المعطوف.

وقول الشاعر :

بنا أبدا لا غيرنا تدرك المنى

وتكشف غمّاء الخطوب الفوادح (٢)

__________________

(إذا) اسم شرط جازم مبنى فى محل نصب على الظرفية مضاف إلى شرطه منصوب بجوابه. (أوقدوا) فعل الشرط ماض مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع فاعل. (نارا) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. (لحرب) اللام : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. حرب : اسم مجرور بعد اللام وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بالإيقاد. (عدوهم) عدو : مضاف إلى حرب مجرور ، وعلامة جره الكسرة. وهو مضاف ، وضمير الغائبين مبنى فى محل جر مضاف إليه. (فقد) الفاء : حرف واقع فى جواب الشرط رابط مؤكد مبنى لا محل له من الإعراب. قد : حرف تحقيق مبنى لا محل له من الإعراب (خاب) فعل ماض مبنى على الفتح. (من) اسم موصول مبنى فى محل رفع فاعل. والجملة جواب شرط إذا لا محل لها من الإعراب. (يصلى) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. وفاعله ضمير مستتر تقديره هو. والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. (بها) الباء : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير الغائبة ها مبنى فى محل جر بالباء. وشبه الجملة متعلقة بيصلى. (وسعيرها) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. سعير : معطوف على ضمير الغائبة مجرور ، وعلامة جره الكسرة. وهو مضاف وضمير الغائبة مبنى فى محل جر مضاف إليه.

(١) ينظر : البحر المحيط ٢ ـ ٣٨٨ / الدر المصون ١ ـ ٥٣٠.

(٢) ينظر : شرح ابن الناظم ٥٤٦ / العينى ٤ ـ ١٦٤ / العينى ٤ ـ ١٦٤ / البحر المحيط ٢ ـ ٣٨٨ / الدر المصون ١ ـ ٥٣٠.

(بنا) الباء : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلمين نا مبنى فى محل جر بالباء. وشبه الجملة متعلقة بتدرك. (أبدا) منصوب على الظرفية ، وعلامة نصبه الفتحة. (لا غيرنا) لا : حرف نفى عاطف مبنى لا محل له من الإعراب. غير : معطوف على ضمير المتكلمين مجرور وعلامة جره الكسرة. وضمير المتكلمين نا مبنى فى محل جر مضاف إلى غير. (تدرك) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. (وتكشف) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. تكشف :

٣١٦

عطف (غير) بالجرّ على ضمير المتكلمين (نا) ، وهو فى محل جر بالباء ، ولم يتكرر مع المعطوف حرف الجر ، وكان حرف العطف (لا).

وقول آخر :

فاليوم قد بتّ تهجونا وتشتمنا

فاذهب فما بك والأيام من عجب (١)

(الأيام)

(الأيام) معطوفة بالجر على ضمير المخاطب (الكاف) ، وهو فى محل جر بالباء ، ولم يتكرر حرف الجر ، والحرف العاطف (الواو).

__________________

فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة مبنى للمجهول. (غماء) نائب فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف ، و (الخطوب) مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة. (الفوادح) نعت للخطوب مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(١) ينظر : الكتاب ٢ ـ ٣٨٣ / معانى القرآن وإعرابه للزجاج ٢ ـ ٣ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ١٤١ / شرح ابن يعيش ٣ ـ ٧٨ / المقرب ١ ـ ٢٣٤ / شرح ابن عقيل ٣ ـ ٢٤٠ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١١٥ / الخزانة رقم ٣٥٣ ، ٥ ـ ١٢٣ ، ٥ ـ ١٢٣ / الدر المصون ١ ـ ٥٣١ / الدرر رقم ٢ ـ ١٥١ رقم ١٦٤٩.

(اليوم) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة متعلق بالهجاء أو بالمبيت / (قد) حرف تحقيق مبنى لا محل له من الإعراب. (بت) بات : فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على السكون ، وتاء المخاطب ضمير مبنى فى محل رفع اسم بات. (تهجونا) تهجو : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع ظهورها الثقل. وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت ، وضمير المتكلمين نا مبنى فى محل نصب مفعول به ، والجملة الفعلية فى محل نصب خبر بات. (وتشتمنا) الواو حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. تشتم :فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ،. وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت. وضمير المتكلمين نا مبنى فى محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية معطوفة على سابقتها فى محل نصب. (فاذهب) الفاء : حرف واقع فى جواب شرط محذوف مؤكد مبنى لا محل له من الإعراب. اذهب : فعل أمر مبنى على السكون. وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت. والجملة الفعلية فى محل جزم جواب الشرط المحذوف. والتقدير : فإن فعلت فاذهب. (فما) الفاء : حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. ما : حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (بك) الباء : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المخاطب الكاف مبنى فى محل جر بالباء. وشبه الجملة فى محل رفع خبر مقدم. أو متعلقة بخبر محذوف مقدم. (والأيام) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. الأيام : معطوف على كاف المخاطب مجرور وعلامة جره الكسرة (من عجب) من : حرف جر زائد مبنى لا محل له من الإعراب. عجب : مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.

٣١٧

ومنه تأويل جرّ (المسجد) فى قوله تعالى : (قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) [البقرة : ٢١٧] ، حيث يكون أحد تأويلات جرّ (المسجد) أن يكون معطوفا على ضمير الغائب (الهاء) المجرور بحرف الجرّ (الباء) (١) ، ولم يتكرر حرف الجر.

الثالث من آراء النحاة فى المعطوف على الضمير المجرور ما ذهب إليه الجرمّى ومن تبعه من أنه إن كان الضمير مؤكدا جاز العطف عليه بدون إعادة الجار ، فتقول : مررت بك نفسك وأخيك ، حيث أكد الضمير المجرور (كاف المخاطب) بلفظ التوكيد (نفس) فعطف عليه (أخى) مجرورا بدون إعادة حرف الجر (الباء).

وإن لم تؤكد الضمير المجرور فإنه يجب إعادة الجارّ إلا فى ضرورة.

عطف الفعل على الفعل أو الصفة المشتقة :

يجوز أن يعطف الفعل على الفعل بشرط الاتحاد فى الزمن معنويا وليس لفظيا ، أى أن معنى كلّ من الفعلين المتعاطفين يتحد مع الآخر زمانيا ، دون النظر إلى بنية الفعل.

وتكون صور عطف الفعل على الفعل على النحو الآتى :

ـ عطف الماضى على الماضى :

نحو قولك. كتب وفهم محمد الدرس ، حيث الفعل الماضى (فهم) معطوف على الماضى (كتب) مبنى على الفتح. ويجوز أن يعدّ ذلك من قبيل عطف الجملة على الجملة.

__________________

(١) يؤول جر (المسجد) على أوجه أخرى ، منها :

أ ـ أن يكون معطوفا على (سبيل) ، والتقدير : وصد عن سبيل الله وعن المسجد.

ب ـ أن يعطف على (الشهر) فى قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ ،) والتقدير : ويسألونك عن المسجد.

ج ـ أن يتعلق بفعل محذوف ، والتقدير : ويصدون عن المسجد الحرام.

٣١٨

ـ عطف المضارع على المضارع :

كما فى قوله تعالى : (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً ..) [الفرقان : ٤٩]. الفعل المضارع (نسقى) معطوف على الفعل المضارع (نحيى) منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

ونصب الثانى دليل على عطفه على الأول ، وتلحظ أن الثانى صالح للاشتراك مع الأول فى عامله ، وهو الحرف الناصب المذكور مع الأول دون الثانى.

ومنه قوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ) [محمد : ٣٦](١) ، الفعل (تتقوا) معطوف على فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون.

ويظهر أثر العطف فى الجزم ، حيث لا يجزم الفعل المضارع إلا إذا سبق بعامل جازم.

والفعل (يسأل) مجزوم بالعطف على فعل جواب الشرط المجزوم (يؤت).

ومنه قوله تعالى : (إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ) [محمد : ٣٧]. (يحف) معطوف على فعل الشرط (يسأل) ، والعاطف الفاء. والفعل المضارع (يخرج) مجزوم بالعطف على فعل جواب الشرط (تبخلوا).

__________________

(١) (إن) حرف شرط جازم مبنى على السكون لا محل له من الإعراب. (تؤمنوا) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (وتتقوا) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (تتقوا) فعل مضارع مجزوم بالعطف على فعل الشرط وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مستتر تقديره : هو. وضمير المخاطبين كم مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (أجوركم) أجور : مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف وضمير المخاطبين كم مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (ولا يسألكم) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. لا : حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. يسأل : فعل مضارع مجزوم بالعطف على يؤت ، وعلامة جزمه السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هى ، وضمير المخاطبين كم مبنى فى محل نصب مفعول به أول. (أموالكم) أموال : مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف ، وضمير المخاطبين كم مبنى فى محل جر مضاف إليه.

٣١٩

(وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) [محمد : ٣٨](١) (يكونوا) مجزوم بالعطف على فعل جواب الشرط (يستبدل) ، وعلامة جزمه حذف النون.

وقوله تعالى : (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) [محمد : ٣٥](٢).

(لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) [فاطر : ٣٠].

ـ عطف الماضى على المضارع :

يعطف الفعل الماضى على الفعل المضارع ، إذا اتحدا فى الزمان ، وذلك كما هو فى قوله ـ تعالى ـ : (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) [هود : ٩٨](٣).

(أورد) فعل ماض مبنى على الفتح معطوف على (يقدم) ، وذلك لأن الفعل (أورد) ماض لفظا مستقبل معنى (٤) ، فاتحدا فى الزمن ، فصحّ العطف.

__________________

(١) (إن) حرف شرط جازم مبنى على السكون لا محل له من الإعراب. (تتولوا) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل (يستبدل) فعل جواب الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. (قوما) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (غيركم) غير : نعت لقوم منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف وضمير المخاطبين كم مبنى فى جر مضاف إليه. (ثم) حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (لا) حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (يكونوا) فعل مضارع مجزوم بالعطف على يستبدل ، وعلامة جزمه حذف النون ، وهو ناقص ناسخ ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، اسم يكون. (أمثالكم) أمثال : خبر يكون منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف وضمير المخاطبين كم مبنى فى محل جر مضاف إليه.

(٢) (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) الواو : واو الإبتداء أو الحال حرف مبنى لا محل له من الإعراب. أنتم : ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. الأعلون : خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الواو ، لأنه جمع مذكر سالم ، والجملة الاسمية فى محل نصب ، حال.

(٣) (يقدم) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. (قومه) قوم : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف وضمير الغائب الهاء مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (يوم القيامة) يوم : ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف. والقيامة : مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، وشبه الجملة متعلقة بالقدوم. (فأوردهم) الفاء : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. أورد : فعل ماض مبنى على الفتح. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. وضمير الغائبين هم مبنى فى محل نصب مفعول به أول. (النار) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(٤) يقال : قد وقع الماضى هنا لتحققه ، وقيل : هو ماض على حقيقته ، لأنه قد وقع وانفصل ، وذلك أنه

٣٢٠