النحو العربى

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربى

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٩٤

(لكن)

يرى جمهور النحاة أن (لكن) ـ. بنون ساكنة ـ حرف عطف استدراكى ، خلافا ليونس وتبعه ابن مالك (١) ، حيث يذهبان إلى كونها للاستدراك ؛ لأنها تكون مخففة من الثقيلة فى كلّ مواقعها ، وليست بحرف عطف ، فهى صالحة لجواز دخول الواو عليها ، فإذا ذكر مفرد بعدها فإنه يقدر العامل ـ حينئذ ـ فإذا قلت : (ما جاء محمد لكن محمود) فيكون التقدير عند من يجعلها غير عاطفة : (لكن جاء محمود).

وموجز أقوال النحاة فى احتساب (لكن) عاطفة أربعة اتجاهات :

أولها وثانيها : أنها استدراكية وليست بعاطفة ، والواو المذكورة قبلها عاطفة مفردا على مفرد قبلها ، وعلى رأس هؤلاء يونس ، ووافقه ابن مالك ، ومنهم من يجعل الواو عاطفة جملة حذف بعضها على جملة.

ثالثها : أنها تكون عاطفة ، ولكن لا بدّ من دخول الواو عليها ، وتكون الواو زائدة ، وهو ما ذهب إليه أكثر النحاة ، وعلى رأسهم الفارسى.

وصححه ابن عصفور ، ونوّن إلى أنه يجب أن يحمل عليه مذهب سيبويه والأخفش.

رابعها : ومن النحاة من يرى أنها عاطفة ، وأنت مخير بين أن تأتى بالواو أو أن لا تأتى بها (٢).

ونأخذ بالرأى الثالث الذى يذهب إليه جمهور النحاة ، وهو أن تكون عاطفة استدراكية.

و (لكن) موضوعة لمخالفة ما بعدها لما قبلها فى الحكم المسند إليه.

وتكون (لكن) الخفيفة عاطفة فى اجتماع الشروط الآتية :

أ ـ ألا تكون مخففة من الثقيلة ، فالمخففة من الثقيلة حرف ابتداء غير عامل ، خلافا لبعض النحاة ـ وعلى رأسهم الأخفش ـ حيث يجعلونها مخففة عاملة باحتساب اسمها ضمير الشأن محذوفا ، وما بعدها من جملة يكون خبرها.

__________________

(١) ينظر : التسهيل ١٧٥ / شرح التصريح ٢ ـ ١٤٦.

(٢) ينظر : شفاء العليل ٢ ـ ٧٧٧.

٢٨١

فإذا قلت : (جاء محمود ولكن لم يلحق بافتتاح الحفل) ؛ فإن (لكن) تكون مخففة من الثقيلة استدراكية ابتدائية حرفا غير عامل عند جمهور النحاة ولإهماله فإنه قد دخل على الجملة الفعلية ، ولكنه عند بعض النحاة ، يكون عاملا اسمه محذوف يقدر بضمير الشأن ، والجملة المذكورة (لم يلحق) تكون خبره.

ب ـ أن يكون ما بعدها مفردا لا جملة ، وحينئذ تكون متصلة كـ (أم) ، وتكون استدراكية ، نحو قولك : لم يصل محمود لكن علىّ. فيكون (على) معطوفا على (محمود) مرفوعا ، وعلامة رفعه الضمة.

ج ـ أن تكون مسبوقة بنفى أو نهى ، وهذا الشرط عند البصريين دون الكوفيين ، نحو : لم أفتح الباب لكن الشباك ، فيكون (الشباك) معطوفا على (الباب) منصوبا ، وعلامة نصبه الفتحة.

وتقول : (لا تظنّ سوءا لكن خيرا) ، فيكون (خيرا) معطوفا على (سوءا) منصوبا ، وعلامة نصبه الفتحة. وتقول : ما عندنا امرأة سوء لكن رجل ، ولا تصادق مرائيا لكن ناصحا. ما عندنا امرأة لكن رجل. وما بعدها يكون مثبتا دائما لامتناع تقدير النفى فى المفرد.

فإذا لم يكن نفى أو نهى فإن ما يليها يكون جملة على الوجه الأرجح ، وتكون منفية ، كقولك : وصل محمد لكن السيد لم يصل. فيكون (السيد لم يصل) جملة اسمية ، المبتدأ فيها (السيد) ، وخبره الجملة الفعلية (لم يصل) ، وتكون عاطفة جملة على جملة ، وقيل : لا تكون عاطفة ـ حينئذ ـ بل ابتدائية.

د ـ ألا تقترن بالواو ، أى : ألا تكون تالية للواو ، فإذا سبقتها الواو فإن (لكن) تكون حرف ابتداء ، وليست عاطفة ، مثال ما تلت واوا قوله ـ تعالى ـ : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) [الأحزاب : ٤٠] ، (رسول) بالنصب ، ويرجح النصب على أنه خبر (كان) المحذوفة ، والتقدير : ولكن كان رسول الله. وصحّ حذفها لدلالة ما سبق عليها ، وترجح ذلك لكون (لكن) مسبوقة بالواو.

٢٨٢

وفى النصب وجه آخر ، وهو العطف على خبر (لكن) ، وهذا الرأى مرجوح لذكر واو العطف قبل (لكن).

ومنه قوله ـ تعالى ـ : (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ)(١) [يونس : ٣٧]. حيث (تصديق) معطوف على خبر (كان) ، وهو المصدر المؤول (أن يفترى) ، وموضعه النصب (٢).

ملحوظة :

إذا قلت : ما زيد قائما لكن قاعد ، برفع (قاعد) ، فإن (لكن) لا يكون حرف عطف ، ولكنه يكون حرف استدراك مخففا ، ويكون (قاعد) خبرا لمبتدإ محذوف ، تقديره : هو. ذلك لأنه يمتنع فيه العطف على اللفظ حيث انتقاض نفى (ما) بـ (لكن). كما يمتنع العطف على المحل لزوال الابتداء بدخول الناسخ. فلزم الرفع على الخبرية.

__________________

(١) (ما) حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (كان) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى لا محل له من الإعراب. (هذا القرآن) هذا : اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، اسم كان. القرآن : بدل ، أو عطف بيان ، أو نعت لاسم الإشارة مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (أن يفترى) أن : حرف مصدرى ونصب مبنى على السكون لا محل له من الإعراب. يفترى : فعل مضارع منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر مبنى للمجهول. ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. والمصدر المؤول فى محل نصب ، خبر كان. (من دون الله) من : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. دون : اسم مجرور بعد من ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بالافتراء. ودون مضاف ولفظ الجلالة الله مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (ولكن) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. لكن : حرف استدراك مبنى لا محل له من الإعراب. (تصديق) معطوف على خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، أو خبر كان المحذوفة منصوب ، وهذا أرجح. وهو مضاف ، و (الذى) اسم موصول مبنى فى محل جر مضاف إليه. (بين) ظرف مكان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وشبه الجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. أو متعلقة بصلة محذوفة. وبين مضاف و (يدى) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الياء لأنه مثنى ، وهو مضاف وضمير الغائب (الهاء) مضاف إليه مبنى فى محل جر.

(٢) فى نصب (تصديق) أوجه أخرى :

أ ـ أن يكون خبر (كان) مضمرة دل عليها ما سبق.

ب ـ أن يكون منصوبا على المصدرية ، والتقدير : ولكن يصدق تصديق.

ج ـ أن يكون مفعولا لأجله ، والتقدير : ولكن أنزل تصديقا.

وفى (تصديق) قراءة بالرفع ، وتوجه على أنه خبر لمبتدإ محذوف ، والتقدير : ولكن هو تصديق.

٢٨٣

ـ لا يجوز لك أن تقول : جاءنى زيد لكن عمرو ، وتسكت ؛ لأنهم قد استغنوا بـ (بل) فى مثل هذا التركيب عن (لكن) ، فتقول : جاءنى زيد لكن عمرو لم يجئ ، وجاءنى زيد بل عمرو.

(حتى)

معناها فى العطف ترتيب أجزاء ما قبلها ذهنا ، ولا يقصد بها الترتيب الخارجى ، حيث تكون مثل الواو فى الترتيب ، فلا يقصد بها خلافا للزمخشرى أنها للترتيب.

والذين يرون أنها للترتيب يختلفون فيما بينهم فى إفادتها مهلة ، أو عدم دلالتها على مهلة ، ويختار أغلبهم الرأى الأول ، ويعللون لذلك بأن ما بعدها يكون جزءا مما قبلها ، فلو لم تفد الترتيب لجاز تقدم جزء الشىء عليه.

والعطف بحتى قليل عند البصريين ، وينكره الكوفيون ، ويحملونها فى هذا المعنى على أنها ابتدائية ، والعامل فى ما بعدها محذوف يفسره المذكور. فإذا قلت : حضر القوم حتى أبوك. يكون (أبو) عند الكوفيين فاعلا لفعل محذوف يفسره المذكور (حضر).

ولذلك فإن (حتى) إذا وقعت فى تركيب يجوز فيه أن تكون جارة ، وأن تكون عاطفة فإنه يستحسن كونها جارة ، حيث العطف بها قليل ، بل هو ممنوع عند الكوفيين.

شروط العطف بحتى :

يشترط فى التركيب الذى يصح فيه (حتى) عاطفة ما يأتى :

أ ـ أن يكون المعطوف بها اسما ، فلا يصح أن تعطف بها الأفعال ، ويعلل لذلك بأن (حتى) فى العطف منقولة من الجارة ، وهى لا تدخل على الأفعال. وقد أجاز ذلك ابن السيد.

ب ـ أن يكون المعطوف بها ظاهرا ، فلا يجوز أن يعطف بها الضمير ، كما لا يجوز أن يجرّ الضمير بها (١).

__________________

(١) ينظر : الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٩٧.

٢٨٤

ومنهم من أجاز أن يكون المعطوف بها ضميرا ، حيث يجيزون مثل : قام القوم حتى نحن ، وأكرم الأمير الناس حتى إيانا (١).

ج ـ أن يكون المعطوف بها جزءا من المعطوف عليه ، سواء أتحققت الجزئية من طريق الإفراد من المجموع ، نحو : حضر الطلاب حتى محمود ، (محمود) معطوف على الطلاب مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. حيث (حتى) حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. وتلحظ أن المعطوف (محمودا) مفرد ، وهو جزء من المعطوف عليه (الطلاب) ، وهو جمع.

ومنه أكلت السمكة حتى رأسها. بنصب (رأس) فيكون معطوفا على السمكة منصوبا ، ويكون داخلا فى حيز الحدث الأول ، وهو الأكل ، فتكون الرأس مأكولة بكون (حتى) حرف عطف.

أم تحققت من طريق أن يكون بعضا من المعطوف عليه ، نحو قولك : قدم الحجاج حتى المبحرون ، (المبحرون) معطوف على الحجاج مرفوع ، وعلامة رفعه الواو ؛ لأنه جمع مذكر سالم.

وحرف العطف (حتى) مبنى لا محلّ له من الإعراب. وتلحظ أن المعطوف (المبحرون) جماعة بعض من المعطوف عليه (الحجاج).

أم تحققت الجزئية من طريق أن يكون المعطوف نوعا من جنس ، نحو : أعجبنى التمر حتى البرنى ، (البرنى) نوع من (التمر) ، وهو جنس ، والبرنى معطوف على التمر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

أحبّ المانجو حتى الهندىّ ، نربى البطّ حتى البلدىّ.

وقد تتحقق الجزئية من طريق كون المعطوف بعضا من المعطوف عليه بالتأويل.

كما هو فى قول مروان النخوى :

ألقى الصحيفة كى يخفف رحله

والزاد حتى نعله ألقاها (٢)

__________________

(١) ينظر : شرح ألفية ابن معطى ١ ـ ٧٨١.

(٢) الكتاب ١ ـ ٩٧ / ابن يعيش ٨ ـ ١٩ / رصف المبانى ١٨٢ / شرح ابن الناظم ٥٢٦ / المساعد

٢٨٥

بنصب (نعل) ، فقد جعل النعل مما يثقله ، فعطفها على الصحيفة والرحل مما يخفف الرحل (١) ، فالنعل بعض هذه معنويا.

وقد تكون الجزئية من طريق الشبه بالبعضية ، كما تقول : أعجبتنى الجارية حتى كلامها ، فكلامها كالجزء منها ، حيث هو شديد الاتصال بها ، وضابط ذلك أن يحسن فى المعطوف والمعطوف عليه التركيب الاستثنائى المتصل ، لأنه فى الاستثناء المتصل يدخل ما بعد إلا فيما قبلها ، وكذلك العطف بحتى ، فلا تقول : أعجبتنى الجارية حتى ولدها ، لأنه لا يجوز أعجبتنى الجارية إلا ولدها على الاستثناء المتصل ، فمسمى الجارية لا يتناول ولدها (٢).

ومنه : خرج الصيادون حتى كلابهم. استضفت الزائرين حتى سياراتهم. أعجبت بالموظف حتى كتابته.

__________________

على التسهيل ٢ ـ ٤٥٢ / شرح التصريح ٢ ـ ١٤١ / شرح التحفة الوردية ٢٩٨ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٩٧ / الدرر رقم ١٠٦٤ ، ١٦٤٠. (ألقى) فعل ماض مبنى على الفتح المقدر ، منع من ظهوره التعذر. وفاعله ضمير مستتر تقديره :هو. (الصحيفة) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (كى) حرف مصدرى ونصب مبنى لا محل له من الإعراب. (يخفف) فعل مضارع منصوب ، وعلامة نصبة الفتحة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. والمصدر المؤول فى محل جر بلام تعليل محذوفة. وشبه الجملة متعلقة بالإلقاء. (رحله) رحل : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف وضمير الغائب الهاء مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (والزاد) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. الزاد : معطوف على رحل منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (حتى نعله) بنصب نعل يكون الإعراب : حتى حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. نعل : معطوف على الزاد منصوب وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف وضمير الغائب الهاء مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. ويجوز أن يكون نعل منصوبا بفعل محذوف يفسره الفعل المذكور. (ألقاها) ألقى : فعل ماض مبنى على الفتح المقدر منع من ظهوره التعذز. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. وضمير الغائبة ها مبنى فى محل نصب ، مفعول به. والجملة مؤكدة ، أو مفسرة لا محل لها من الإعراب.

(١) قد يكون نصب (نعل) على إضمار فعل يفسره المذكور ألقى. وفى (نعل) رواية الرفع على أنه مبتدأ ، خبره الجملة الفعلية (ألقاها). وتكون حتى ابتدائية. وفى (نعل) الجر ، على أن (حتى) حرف غاية وجر ، وشبه الجملة متعلقة بالتخفيف ، وجملة (ألقاها) مؤكدة للجملة الفعلية الأولى.

(٢) شرح التصريح ٢ ـ ١٤١.

٢٨٦

د ـ أن يكون المعطوف بها غاية لما قبلها فى التزايد والتنامى أو فى التناقص والتقليل الشديد : قد يكون المعطوف بحتى دليلا على المعطوف عليه فى إثبات التزايد أو التناقص حسيا أو معنويا.

مثال التزايد الحسى أو التنامى الحسى أن تقول : محمد ينفق الأموال الكثيرة حتى الألوف ، (الألوف) معطوف على (الأموال) منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، والمعطوف غاية حسية للمعطوف عليه.

أما مثال التزايد المعنوى أو التنامى المعنوى فأن تقول : يموت الناس حتى الملوك ، حيث (الملوك) معطوف على الناس مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وهو غاية معنوية للناس ، فهم يودون الاتصاف بهذا المعنى.

ومنهما أن تقول : مات الناس حتى الأنبياء. قدم الحجاج حتى المشاة. هلك الحيوان حتى الفيل. أحصيت الأشياء حتى الرمال. وكلّها تعبر عن معانى الزيادة والشرف ، والعظم والكثرة.

ومثال التناقص الحسى أن تقول : يحاسب الإنسان على أعماله حتى مثقال الذرة. (مثقال) معطوف على (أعمال) مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، وهو غاية فى التناقص الحسى.

ومنه أن : تقول : أعطيته المال حتى القروش.

ومثال التناقص المعنوى قولك : تجرّأ عليه الناس حتى الأطفال .. (الأطفال) معطوف على الناس مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وهو غاية فى النقص المعنوى حيث الاتصاف بالطفولة.

ومنه : غلبك الناس حتى النساء. خرج على رأيه الموجودون حتى الجهلاء.

وقد اجتمع التزايد والتناقص فى قول الشاعر :

قهرناكم حتى الكماة فأنتم

تهابوننا حتى بنينا الأصاغرا (١)

__________________

(١) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٤٥٢ / شفاء العليل ٢ ـ ٧٨٤ / الجنى الدانى ٥٤٩ / الصبان على الأشمونى

٢٨٧

فالكماة معطوف على ضمير المخاطبين المفعول به المنصوب (كم) ، و (بنين) معطوف على ضمير المتكلمين المفعول به (نا). والعاطف فى الموضعين (حتى).

ملحوظة :

يجب أن يكون ذكر الغاية بـ (حتى) مفيدا معنويا ، وذلك كما ذكرنا من أمثلة سابقة ، لكنه لا يجوز القول : أتيتك الأيام حتى يوما ، لأن ذكر (حتى) وما بعدها لا يفيد فى المعنى.

ه ـ أن يكون المعطوف مشتركا مع المعطوف عليه فى العامل ، فإذا قلت : حضر الطلبة حتى محمد ، فإن المعطوف محمدا يشترك مع المعطوف عليه (الطلبة) فى الحضور ، لكنك إن قلت : صمت الأيام حتى يوم الفطر ؛ فإنه لا يصح ؛ لأن ما بعد حتى لا يشترك مع ما قبلها فى الفعل (صام) ، فيوم الفطر لا يصام فيه.

و ـ إذا عطف بها على مجرور ولم يتعين بها العطف فإنه يحسن أن يعاد حرف الجر مع المعطوف ، ليفرق به بين الجارة والعاطفة ، فتقول : اعتكفت فى الشهر حتى فى آخره ، حيث حلول (إلى) محلّها ، فلزم إعادة حرف الجر (فى) قبل المعطوف.

فإن تعينت للعطف فإنه لم يلزم إعادة حرف الجر ، وضابط ذلك ألا يصحّ حلول (إلى) محلّها ، كما فى القول : عجبت من القوم حتى بنيهم ، وقول الشاعر :

جود يمناك فاض فى الخلق حتى

بائس دان بالإساءة دينا (١)

__________________

(١) ينظر : / المساعد على التسهيل ٢ ـ ٤٥٣ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٩٨ / المغنى رقم ٢٠٨.

٢٨٨

وفيهما يتعين كون (حتى) عاطفة ، فلم يلزم إعادة حرف الجر المذكور فى العطف علبه ؛ لم يلزم إعادته مع المعطوف.

ملحوظة : فى معنى الجزء مع (حتى) (١) : قد يكون الجزء الذى يلى (حتى) ينتهى به الشىء الذى يسبقها ، نحو : صمت الأسبوع حتى الجمعة ، أو : أكلت السمكة حتى رأسها ، حيث الجمعة جزء ينتهى به الأسبوع ـ وإن افتراضا ـ وكذلك رأس السمكة جزء تنتهى بها السمكة ، وهذا يجوز فيه الجرّ والعطف.

لكنه إذا كان الجزء الذى يلى (حتى) يلاقى آخر جزء مما قبله ، نحو : نمت البارحة حتى الصباح ، حيث (الصباح) بداية النهار ، وليس من البارحة ؛ فهذا يمتنع فيه العطف.

(إمّا) الثانية

(إما) فى التركيب العربى إذا كانت شرطية فإنها تتكون من (إن) الشرطية و (ما) التوسعية أو التوكيدية ، وإذا لم تكن كذلك فإنه يؤتى بها لتعطى ـ على الوجه الأرجح ـ بعض معانى (أو) ، ويكون خصائص التركيب ما يلى (٢) :

أ ـ يكون ذلك فى الطلب والخبر.

__________________

(جود يمناك) جود : مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف ، ويمنى : مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. وهو مضاف ، وضمير المخاطب الكاف مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (فاض) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدأ. (فى الخلق) فى : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. الخلق : اسم مجرور بعد فى ، وعلامة جره الكسرة ، وشبه الجملة متعلقة بالفيض. (حتى) حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (بائس) معطوف على الخلق مجرور وعلامة جره (بالإساءة) الباء : حرف مبنى لا محل له من الإعراب. الإساءة : اسم مجرور بعد الباء ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بالدين. (دنيا) مفعول مطلق منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(١) ينظر : شرح ألفية ابن معطى ١ ـ ٧٨٠.

(٢) ينظر : شرح المفصل ٨ ـ ١٠٣ / شرح الجمل لابن عصفور ١ ـ ٢٢٣ / شرح عمدة الحافظ ٦٥٧ / البسيط فى شرح الجمل ١ ـ ٣٣١ / مغنى اللبيب ١ ـ ٦٠ / شرح التصريح ٢ ـ ١٤٦ / الأشباه والنظائر ١ ـ ٣١٣ ، ٣١٤.

٢٨٩

ب ـ تكرر (إما) ، والثانية منهما تسبق غالبا بواو العطف.

ج ـ اتفق النحويون على أن (إما) الأولى ليست بحرف عطف ، فهى تفيد التفصيل فقط ، والاختلاف فى (إما) الثانية بين كونها عاطفة وغير عاطفة ، ويعلل الذين يجعلونها غير عاطفة بدخول حرف العطف عليها ، وهو الواو ، ولا يجوز إسقاط الواو ، وهو قول يونس وابن كيسان والزجاج وابن السراج وأبى على ، وصححه ابن عصفور وابن مالك.

د ـ تؤدى (إما) الثانية معانى (أو) من الشك ، والإبهام ، والتخيير ، والإباحة ، والتفصيل.

لذلك فإنها تكون لأحد الشيئين لا بعينه ، أو أحد الأشياء لا بعينه ، فإذا قلت : قام إما على وإما محمود فإنك تريد أحدهما.

مثال (إما) الثانية مؤدية معنى الشك أن تقول : حصلت إمّا على ستّ درجات وإما على تسع. حيث لم تتأكد من قراءتك لما حصلت عليه من درجات.

وتقول : يلقى المحاضرة اليوم إما الدكتور محمود وإما الدكتور أحمد. إذا لم تعلم من أول الأمر من المحاضر منهما.

ومن هذا المعنى قول الشاعر :

سأحمل نفسى على حالة

فإمّا عليها وإمّا لها (١)

__________________

(١) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٤٦٠.

(سأحمل) السين : حرف استقبال مبنى لا محل له من الإعراب. أحمل : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنا. (نفسى) نفس : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها الكسرة المناسبة لضمير المتكلم ، وهو مضاف ، وضمير المتكلم الياء مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (على حالة) على حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. حالة : اسم مجرور بعد على ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بالحمل. (فأما) الفاء : حرف استئناف عاطف مبنى لا محل له من الإعراب. حالة : اسم مجرور بعد على ، وعلامة جره الكسرة. (عليها) على : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير الغائبة ها مبنى فى محل جر بعلى. وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر لمبتدإ محذوف. (وإما) حرفان بمعنى أو مبنيان لا محل لهما فى من الإعراب يفيدان العطف والتفصيل. (لها) شبه جملة فى محل رفع بالعطف على شبه الجملة (عليها).

٢٩٠

فالشك بـ (إما) يتملك المتحدث فى أول كلامه ، بخلاف (أو) يكون شك المتكلم من أول الحديث بها ذاتها.

ومثالها مؤدية معنى الإبهام أن تقول : لقد اجتمعنا اليوم إما للقيام بالرحلة ، وإما لتحديد موعد آخر.

ومنه قوله تعالى : (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ)(١) [التوبة : ١٠٦] .. ففى (إما) إبهام على المخاطبين.

ومن أمثلتها مؤدية معنى التخيير أن تقول : علينا أن نبدأ المباراة ، فإما أن تبدأوا بالركلة الأولى وإما أن نبدأ بها. ، وإما أن تجيب عن السؤال ، وإمّا أن أسأل سؤالا آخر.

ومنه قوله تعالى : (قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً) [الكهف : ٨٦](٢). (قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى)(٣) [طه : ٦٥].

__________________

(١) (آخرون) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم. (مرجون) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم. أو نعت مرفوع. (لأمر الله) اللام : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. أمر : اسم مجرور بعد اللام ، وعلامة جره الكسرة ، وشبه الجملة متعلقة بمرجون ، ولفظ الجلالة (الله) مضاف إليه أمر مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (إما) حرف تفصيل مبنى لا محل له من الإعراب. (يعذبهم) يعذب : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو.

وضمير الغائبين هم مبنى فى محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية فى محل خبر ثان للمبتدإ ، رفع ، أو فى محل نصب حال. (وإما) حرفان بمعنى أو مبنيان لا محل لهما من الإعراب يفيدان العطف والتفصيل. (يتوب) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، والجملة فى محل رفع أو نصب بالعطف على جملة يعذبهم. (عليهم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالتوبة.

(٢) (ذا القرنين) ذا : منادى منصوب ، وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الستة. القرنين : مضاف إلى ذى مجرور ، وعلامة جره الياء لانه مثنى. (أن تتخذ) مصدر مؤول فى محل رفع ، مبتدأ خبره محذوف ، أو فى محل رفع ، خبر لمبتدإ محذوف ، أو فى محل نصب ، مفعول به لفعل محذوف. والتقدير : تعذيبك واقع ، أو : هو تعذيبك ، أو : أن تفعل التعذيب.

(٣) (قالوا) فعل ماض مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (يا موسى) يا : حرف نداء مبنى لا محل له من الإعراب : موسى منادى مبنى على الضم المقدر ، منع من ظهوره التعذر فى محل نصب. وجملة النداء اعتراضية لا محل لها من الإعراب. (إما) حرف تفصيل مبنى لا محل له

٢٩١

ومثالها فى معنى الإباحة ما ذكر فى (أو) من مثل : جالس إما الحسن وإما ابن سيرين ، استمع إمّا إلى المحاضرة الأولى ، وإمّا إلى المحاضرة الثانية.

أما مثالها فى معنى التفصيل ـ أو التفريق المجرد فقوله تعالى : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)(١) [الإنسان : ٣].

وقد تكون للإباحة فى هذه الآية ، فالإنسان إن شكر فقد هديناه ، وإن كفر فقد هديناه.

ومنه قول بيهس الفزارى :

البس لكلّ حالة لبوسها

إمّا نعيمها وإمّا بوسها (٢)

__________________

من الإعراب. (أن تلقى) أن : حرف مصدرى ونصب مبنى لا محل له من الإعراب. تلقى : فعل مضارع منصوب بعد أن ، وعلامة نصبه الفتحة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. والمصدر المؤول فى محل رفع ، مبتدأ خبره محذوف ، أو خبر لمبتدأ محذوف ، أى : إلقاؤك واقع ، أو : هو إلقاؤك. ويجوز أن تجعله فى محل نصب مفعول به لفعل محذوف. (وإما) حرفان بمعنى أو مبنيان لا محل لهما من الإعراب يفيدان العطف والتفصيل. (أن نكون أول) أن : حرف مصدرى ونصب مبنى لا محل له من الإعراب. نكون : فعل مضارع ناقص ناسخ منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، واسمه مستتر تقديره نحن. أول : خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. والمصدر المؤول فى محل رفع ، مبتدأ خبره محذوف ، أو خبر لمبتدإ محذوف ، أو فى محل نصب مفعول به (من) اسم موصول مبنى على السكون فى محل جر مضاف إلى أول. (ألقى) فعل ماض مبنى على الفتح المقدر ، منع من ظهوره التعذر. وفاعله ضمير مستتر تقديره :هو.

(١) جملة (هديناه) فى محل رفع خبر إن. (السبيل) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، أو منصوب على التوسع أو نزع الخافض. (شاكرا) حال مقدرة منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة إما من هاء الغائب وإما من السبيل.

(٢) جمهرة الأمثال ١ ـ ١٩٧ / ٢ ـ ٢١٢ / الوسيط فى الأمثال ٣٩ / المساعد على التسهيل ٢ ـ ٤٦٠٤.

اللبوس : الثياب والسلاح. (بوس) : بؤس ، وسهلت الهمزة. (البس) فعل أمر مبنى على السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (لكل حالة) اللام : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. كل : اسم مجرور بعد اللام ، وعلامة جره الكسرة ، وشبه الجملة متعلقة باللبس. وكل مضاف ، وحالة : مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (لبوسها) لبوس : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف وضمير الغائبة ها مضاف إليه مبنى فى محل جر. (إما) حرف تفصيل مبنى ، لا محل له من الإعراب. (نعيمها نعيم : بدل اشتمال من لبوس منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف وضمير الغائبة ها مبنى فى محل جر مضاف إليه .. (وإما) حرفان مبنيان بمعنى أو للعطف والتفصيل. (بوسها) بوس : معطوف على نعيم منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف وضمير الغائبة ها مبنى فى محل جر ، مضاف إليه.

٢٩٢

ملحوظة :

الفرق فى هذه المعانى بين (أو) و (إما) أن (أو) تأتى بعد أن يمضى الكلام على اليقين ، ثم يدركه الشكّ أو غيره من المعانى التى ذكرت ، أما (إمّا) فإن المتكلم بها يبنى كلامه على الشكّ من أوله (١).

ه ـ قد تفتح همزة (أمّا) ، وقد تقلب ميمها الأولى ياء مع فتح الهمزة شذوذا.

من ذلك قول أبى القمقام :

تلقحها أمّا شمال عريّة

وأمّا صبا جنح العشى هبوب (٢)

بفتح همزة (أمّا) ، والشائع فيها الكسر.

أما قول الشاعر ، وينسب إلى سعد بن قرط أو إلى معبد بن قرط العبدى :

يا ليتما أمّنا شالت نعامتها

أيما إلى جنة أيما إلى نار (٣)

__________________

(١) ينظر : التبصرة والتذكرة ١ ـ ١٣٤.

(٢) المحتسب ١ ـ ٢٤١ ـ ٢٨٤ / المقرب ٤٩ / الدرر رقم ١٦٢٦ ، ٦ ـ ١٢٠.

الشمال : الريح التى تهب من ناحية القطب ، عرية : على وزن فعلية كقضية أى باردة ، الصبا : ريح ، جنح العشى : حين مالت الشمس للغروب. (تلقحها) تلقح : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وضمير الغائبة ها مبنى فى محل نصب مفعول به. (أما) لغة فى المكسورة الهمزة حرف تفصيل مبنى لا محل له من الإعراب. (شمال) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (عرية) نعت لشمال مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (وأما) حرفان مبنيان بمعنى أو للعطف والتفصيل. (صبا) معطوف على شمال مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. (جنح) منصوب على الظرفية ، وعلامة نصبه الفتحة ، أو منصوب على نزع الخافض ، أى : فى جنح. وهو مضاف ، و (العشى) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (هبوب) نعت لصبا مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(٣) المحتسب ١ ـ ٤١ / ٢ ـ ٢٨٤ / شرح ابن يعيش ٦ ـ ٧٥ / رصف المبانى ١٠٢ / شفاء العليل ٢ ـ ٧٨٨ / المساعد على التسهيل ٢ ـ ٤٦١ / مغنى اللبيب ١ ـ ٥٩ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٠٩ / الدرر رقم ١٦٢٨ ، ٦ ـ ١٢٢. شالت نعامتها : كناية عن موتها ، والنعامة باطن القدم ، وشالت ارتفعت.

(يا) حرف تنبيه مبنى لا محل له من الإعراب. أو حرف نداء والمنادى به محذوف. (ليتما) ليت : حرف تمن ونصب مبنى لا محل له من الإعراب. ما : حرف كاف لليت ، أو زائد مؤكد مبنى لا محل له من الإعراب. (أمنا) أم : مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة. ويجوز أن ينصب على أنه اسم ليت حيث ما زائدة. (شالت نعامتها) شال : فعل ماض مبنى على الفتح. والتاء حرف تأنيث مبنى لا محل له من

٢٩٣

ففيه فتحت همزة (أما) ، وقلبت الميم الأولى إلى ياء ، كما أن واو العطف قد حذفت قبل (أما) الثانية. ويروى بكسر الهمزة.

ومثله فى فتح الهمزة وقلب الميم ياء والاستغناء عن الواو قبل الثانية قول الشاعر :

لا تفسدوا آبالكم

أيما لنا أيما لكم (١)

أى : إمّا لنا وإمّا لكم ، ففتح الهمزة ، وأبدل الميم الأولى ياء ، وحذف الواو.

و ـ قد يستغنى عن ذكر (إما) الثانية بذكر ما يغنى عنها ، من مثل (وإلّا) ، نحو قول المثقّب العبدى :

فإمّا أن تكون أخى بصدق

فأعرف منك غثّى من سمينى

وإلّا فاطّر حنى واتّخذنى

عدوّا أتّقيك وتتّقينى (٢)

أى : وإمّا اطرحنى ...

__________________

الإعراب. نعامة : فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف وضمير الغائبة ها مبنى فى محل جر مضاف إليه. والجملة فى محل رفع ، خبر المبتدإ ، أو خبر ليت. (أيما) حرف تقسيم وتفصيل مبنى لا محل له من الإعراب. (إلى جنة) إلى حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. جنة اسم مجرور ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بشالت. (أيما) حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (إلى نار) جار ومجرور ، وشبه الجملة معطوفة على ما قبلها.

(١) المحتسب ١ ـ ٢٨٤ / شفاء العليل ٢ ـ ٧٨٩ / الدرر ، رقم ١٦٢٧.

آبال : جمع إبل اسم جمع.

(٢) ينظر : ديوانه ٢١١ ، ٢١٢ / المفضليات ٢٩٢ / الأمالى الشجرية ٢ ـ ٣٤٤ / المقرب ١ ـ ٢٣٢ / شفاء العليل ٢ ـ ٧٨٩ / المساعد على التسهيل ٢ ـ ٤٦٢ / مغنى اللبيب ١ ـ ٦١ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١١٠ / الدرر ، رقم ١٦٣١.

(إما) حرف تفصيل مبنى لا محل له من الإعراب. (أن تكون أخى) أن : حرف مصدرى ونصب مبنى لا محل له من الإعراب ، تكون : فعل مضارع ناقص ناسخ منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. واسمه ضمير مستتر تقديره : أنت. أخ : خبر تكون منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة. وهو مضاف ، وضمير المتكلم مبنى فى محل جر مضاف إليه. والمصدر المؤول فى محل رفع ، مبتدأ خبره محذوف ، أو فى محل رفع خبر لمبتدإ محذوف ، أو فى محل نصب مفعول به لفعل محذوف. (بصدق): (الباء) : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. صدق : اسم مجرور بعد الباء ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة فى محل نصب حال ، أو متعلقة بحال محذوفة. (فأعرف) الفاء : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. أعرف : فعل مضارع منصوب بالعطف على تكون ، وعلامة نصبه الفتحة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنا. (منك)

٢٩٤

ومنه أن تقول : إمّا أن تحضر المحاضرة ، وإلّا فلا تجلس معنا. وإمّا أن توفى بالوعد ، وإلّا فاذهب بمفردك.

ز ـ قد تحذف (إمّا) الأولى لفظا ، ومنه قول الفرزدق :

تلمّ بدار قد تقادم عهدها

وإمّا بأموات ألمّ خيالها (١)

__________________

من : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المخاطب الكاف مبنى فى محل جر بمن ، وشبه الجملة متعلقة بالمعرفة. (غثى) غث : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة المناسبة لضمير المتكلم. وهو مضاف ، وضمير المتكلم الياء مبنى فى محل جر مضاف إليه (من سمينى) من : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب .. سمين : اسم مجرور بعد من ، وعلامة جره الكسرة المقدرة ، منع من ظهورها الكسرة المناسبة لضمير المتكلم ، وهو مضاف وضمير المتكلم الياء مبنى فى محل جر مضاف إليه ، وشبه الجملة المتعلقة بالمعرفة. (وإلا) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. إن : حرف شرط جازم مبنى لا محل له من الإعراب (لا) : حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. وجملة الشرط محذوفة دل عليها ما سبق. (فاطرحنى) الفاء حرف واقع فى جواب الشرط مؤكد مبنى لا محل له من الإعراب. اطرح : فعل أمر مبنى على السكون لا محل له من الإعراب. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. والنون للوقاية حرف مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلم الياء مبنى فى محل نصب ، مفعول به. والجملة الفعلية فى محل جزم جواب الشرط. (واتخذنى) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. اتخذ : فعل أمر مبنى على السكون. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. والنون للوقاية ، حرف مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلم الياء مبنى فى محل نصب ، مفعول به.أول. والجملة فى محل جزم بالعطف على جملة جواب الشرط. (عدوا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (أتقيك) أتقى : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها الثقل. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنا. وضمير المخاطب مبنى فى محل نصب ، مفعول به والجملة الفعلية فى محل نصب حال. (وتتقينى) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. تتقى : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها الثقل. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. والنون : للوقاية حرف مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، مفعول به. والجملة الفعلية فى محل نصب بالعطف على سابقتها.

(١) ينظر : ديوانه ٢ ـ ٧١ / المنصف ٣ ـ ١١٥ / المقرب ١ ـ ٢٣٢ / شفاء العليل ٢ ـ ٧٨٨ / المساعد على التسهيل ٢ ـ ٤٦١ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١١٠ / الدرر ، رقم ، ١٦٢٩. وفيه رواية : تهاض بدار. وينسب إلى ذى الرمة. (تلم) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هى. (بدار) الباء : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. دار : اسم مجرور بعد الباء ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بتلم. وقبلها حرف تفصيل محذوف تقديره إما. (قد تقادم عهدها) قد : حرف تحقيق مبنى لا محل له من الإعراب. تقادم : فعل ماض مبنى الفتح. عهد : فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف ومضير الغائبة ها مبنى مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. والجملة الفعلية فى محل جر ، نعت لدار. (وإما) حرفان مبنيان يفيدان العطف والتفصيل لا محل له من الإعراب. (بأموات) الباء حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. أموات : اسم مجرور بعد الباء ، وعلامة

٢٩٥

أى : تلمّ إمّا بدار .. وإما بأموات .. ، «ويقيسه الفراء ، فيجيز : زيد يقوم وإما يقعد ، كما يجوز : أو يقعد». أى : زيد إما يقوم وإما يقعد.

ح ـ قد يستعاض بـ (أو) عن (إمّا) الثانية والواو التى تسبقها ، من ذلك قول الشاعر:

يعيش الفتى فى الناس إمّا مشيّعا

على الهمّ أو هلباجة ميتا غمّا (١)

والتقدير : إما مشيعا وإما هلباجة.

ومنه قول الشاعر (ينسب إلى الأخطل وليس فى ديوانه) :

وقد شفّنى أن لا يزال يروعنى

خيالك إمّا طارقا أو مغاديا (٢)

أى : إما طارقا وإما مغاديا ، فاستغنى بـ (أو) عن (وإما).

__________________

جره الكسرة. وشبه الجملة المعطوفة على (يدار). (ألم خيالها) ألم : فعل ماض مبنى على الفتح. خيال : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف ، وضمير الغائبة ها مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. والجملة الفعلية فى محل جر ، نعت لأموات

(١) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٤٦٢.

المشيع : الشجاع ، الهلباجة : الأحمق الذى لا أحمق منه. (يعيش الفتى) يعيش : فعل مضارع ، مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. الفتى : فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر (فى الناس) ، فى : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. الناس : اسم مجرور وعلامة جره الكسرة ، وشبه الجملة متعلقة بالعيش. (إما) حرف تفصيل مبنى لا محل له من الإعراب. (مشيعا) حال من الفتى منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة. (على الهم) على : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. الهم : اسم مجرور بعد الهم ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بالتشييع. (أو) حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (هلباجة) معطوف على الحال منصوب ، وعلامة نصبها الفتحة. (ميتا) نعت لهلباجة منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (غما) منصوب على المصدرية لفعل محذوف. أو مفعول لأجله من ميت منصوب. أو نعت لمصدر محذوف منصوب ، والتقدير : ميتا موتا غما.

(٢) الجنى الدانى ٥٣١ / شفاء العليل ٢ ـ ٧٨٩ / لدرر ، رقم ، ١٦٣٢

(قد شفنى) قد : حرف تحقيق مبنى لا محل له من الإعراب. شف : فعل ماض مبنى على الفتح. والنون للوقاية حرف مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلم الياء مبنى فى محل نصب مفعول به. (أن لا يزال يروعنى خيالك) أن : حرف ناسخ مبنى مخفف من الثقيل مبنى لا محل له من الإعراب. واسمه ضمير الشأن محذوف مبنى فى محل نصب. لا : حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (يزال) فعل مضارع ناقص ناسخ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. واسمه ضمير مستتر تقديره : هو. يروعنى : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والنون للوقاية حرف مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب مفعول به ، خيالك : فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وخيال مضاف وضمير المخاطب الكاف مبنى فى محل جر مضاف إليه. والجملة الفعلية يروعنى فى محل نصب ، خبر يزال. والجملة الفعلية لا يزال يروعنى فى محل خبر أن. والمصدر المؤول أن لا يزال فى محل رفع فاعل. (إما) حرف تفصيل مبنى لا محل له من الإعراب. (طارقا) حال منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة. (أو) حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (مغاديا) معطوف على طارق منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

٢٩٦

قضايا تتعلق بعطف النسق

يدرس فى هذا القسم من دراسة عطف النسق تلك القضايا التى تتعلق بالتركيب العطفى ، سواء القضايا التى تقارن بين حروف عطف النسق ، أم التى تتعلق بالمتعاطفين إخبارا ورتبة ومبنى ، أم التى تبحث فى العامل فى المعطوف ، أم تلك العلاقة الخاصة بين بعض حروف العطف وهمزة الاستفهام ، مع الإشارة إلى ما يسمى بعطف التفسير.

أولا : فى المشاركة بين حروف العطف

تشترك بعض حروف العطف بعضها فى معان مشتركة ، أو يؤاخى حرف العطف حرفا آخر أو أكثر فى معنى رئيس ، وذلك على النحو الآتى (١) :

ـ (الواو) و (الفاء) و (ثمّ) يشتركن فى أنهن يدخلن ما بعدهن فى معنى ما قبلهن ، وفى إعرابه.

وبينهن تفاوت فى الاجتماع للأول ، والتعقيب للثانى ، والتراخى للثالث.

ـ (أو) و (أم) و (إمّا) يشتركن فى أنهن لأحد الشيئين فقط.

ـ (بل) و (لكن) يشتركان فى أنهما موجبان للثانى دون الأول ، ففيهما الانتقال من كلام إلى آخر.

ـ أما (لا) و (حتى) فهما متخالفتان ، حيث تخرج (لا) الثانى فيما دخل فيه الأول ، أما (حتى) فإنها تدخل الثانى فيما دخل فيه الأول.

ـ (لا) و (بل) و (لكن) تشترك فى إثبات الحكم بثلاثتها لواحد بعينه ، ولكن (لا) تثبت الحكم للأول دون الثانى ، أما (لكن) فقد وضعت لمخالفة ما بعدها لما قبلها ، وما بعدها مثبت دائما ، وما قبلها منفى دائما فى حال العطف ؛ لأنها تعطف المفرد فقط ، وأما (بل) فللإضراب مطلقا مثبتا كان الأول أو منفيا.

__________________

(١) ينظر : شرح عيون الإعراب ٢٤٧.

٢٩٧

ثانيا : فى الإخبار عن المتعاطفين :

إذا وقع المتعاطفان فى موقع الابتداء فإن الإختبار عنهما يختلف عددا باختلاف حرف العطف ، ويكون ذلك على النحو الآتى :

ـ إذا كان حرف العطف الواو فالاختيار أن يكون الخبر على عدد المتعاطفين ، فتقوم : محمد ومحمود حضرا. أحمد وسمير منتبهان. عبد الله ورفيق وأخوهما ناقشوا فى وعى واستمعنا إليهم.

فإذا جعلت الخبر للواحد فقلت : (أحمد ومحمود قائم ، أو قام) فإنك تكون قد جعلت الخبر المذكور لأحد ، المتعاطفين ويكون خبر الآخر محذوفا.

ومنه قوله تعالى : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ) [التوبة : ٦٢].

حيث (أحق) خبر الأقرب وهو (رسول) ، أو خبر المذكور أولا. ويكون خبر الآخر محذوفا دلّ عليه الخبر المحذوف.

ومما كان فيه الخبر للأقرب وهو المعطوف قول قيس بن الخطيم :

نحن بما عندنا وأنت بما

عندك راض والرأى مختلف (١)

(راض) خبر المبتدإ المعطوف (أنت) ، فيكون خبر المبتدإ المعطوف عليه (نحن) محذوفا دلّ عليه الخبر المذكور.

__________________

(١) ينظر : الكتاب ١ ـ ٣٧ / المقتضب ٣ ـ ١١٢ ، ٤ ـ ٧٣ / معانى القرآن ٢ ـ ٣٦٣ / الدرر رقم ١٥١٨ (نحن) ضمير مبنى فى محل رفع مبتدأ وخبره محذوف دل عليه خبر المبتدإ المعطوف عليه ، والتقدير : نحن راضون.

(بما) الباء : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. (ما) اسم موصول مبنى فى محل جر بالباء. وشبه الجملة متعلقة بالخبر المحذوف. (عندنا) عند : ظرف مكان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وشبه الجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. أو متعلقة بصلة محذوفة. وعند مضاف وضمير المتكلمين نا مبنى فى محل جر بالإضافة. (وأنت) الواو حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. أنت : ضمير مبنى فى محل رفع مبتدأ. (بما عندك) حرف جر واسم موصول وصلته وشبه الجملة متعلقة براض. (راض) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الاسمية معطوفة على سابقتها. (والرأى) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. والرأى : مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (مختلف) خبر المبتدإ مرفوع وعلامة رفعه الضمة.

٢٩٨

ـ إذا كان حرف العطف (الفاء) أو (ثمّ) كان الخبر دالّا على الواحد أو مطابقا ، فتقول : محمد فعلىّ قائم ، ، سمير ثم أحمد حاضر ، ويجوز أن تجعل الخبر دالّا على المثنى ، فتقول : قائمان ، حاضران ، والإفراد مع (ثم) أحسن.

ـ إذا كان حرف العطف (أو) أو (إمّا) أو (بل) أو (أم) أو (لكن) أو (لا) فإن الخبر يجب أن يدلّ على الواحد. وذلك لأن (أو) للاختيار ، والاختيار لواحد لا غير ، فتقول : محمد أو علىّ أجاب السؤال ، و (إمّا) بمنزلة (أو) فى الشّكّ أو الاختيار ، فتقول : إمّا محمود وإمّا سمير يتكفل بهذا الأمر.

و (بل) للإضراب والاستدراك ، فيكون المعنى لما بعدها ، فتقول : على بل محمود قام بهذا العمل.

و (أم) بعد ألف الاستفهام بمعنى (أىّ) فيكون السؤال عن أحد المعدولين ، فتقول : أمحمد أم علىّ خرج من القاعة؟

و (لكن) للتدارك بعد النفى بخاصة ، فيكون المعنى لما بعدها ، فتقول : ما محمد ولكن أحمد هو الذى يقود السيارة.

و (لا) تنفى عن الثانى ما دخل فيه الأول ، فيكون المعنى للأول ، فتقول : محمد لا علىّ يحظى بالمرتبة الأولى.

ـ إذا كان حرف العطف (حتى) فإن الخبر يكون مجموعا على الأرجح ، ذلك لأن (حتى) كالواو إلا أن ما بعدها فى تزايد أو تناقص بالنسبة لما قبلها ، فتقول الطلبة حتى محمود جاءوا.

ويجوز أن تفرد ، فتقول : (جاء) على أن خبر الأول (الطلبة) محذوف.

ويكون المذكور خبر الثانى (محمود).

ثالثا : الرتبة بين المتعاطفين :

سمع تقديم المعطوف بالواو على المعطوف عليه فى قول يزيد بن الحكم :

جمعت وفحشا غيبية ونميمة

ثلاث خصال لست عنها بمرعوى (١)

__________________

(١) ينظر : أمالى القالى ١ ـ ٦٨ / الخصائص ٢ ـ ٣٨٣ / شرح ألفية ابن معطى ٧٧٥ / العينى ٣ ـ ٨٦ / شرح

٢٩٩

الأصل : جمعت غيبة وفحشا ، فقدم المعطوف مع حرف العطف على المعطوف عليه وقد عللوا لإجازة ذلك فى عطف النسق دون سائر التوابع بأن حرف العطف يؤذن بالتبعية ورتبة التأخير ، فهو دليل عليهما.

وقد يكون منه قول الأحوص :

ألا يا نخلة من ذات عرق

عليك ورحمة الله السّلام (١)

حيث الترتيب : عليك السّلام ورحمة الله فقدم المعطوف والواو على المعطوف عليه.

__________________

التصريح ١ ـ ٣٤٤ / الأشمونى ٢ ـ ١٣٧ / الدر رقم ٨٧٧. (جمعت) جمع فعل ماض مبنى على السكون. والتاء ضمير مبنى فى محل رفع فاعل. (وفحشا) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. فحشا : معطوف مقدم على غيبة منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (ونميمة) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. نميمة : معطوف على غيبة منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (ثلاث) خبر لمبتدإ محذوف مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والتقدير : هى ثلاث. (لست) ليس : فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على السكون. والتاء ضمير مبنى فى محل رفع اسم ليس. (عنها) عن : حرف جر مبنى على السكون لا محل له من الإعراب. وضمير الغائبة ها مبنى فى محل جر بعن. وشبه الجملة متعلقة بالارعواء. (بمرعوى) الباء : حرف جر زائد مؤكد مبنى لا محل له من الإعراب. مرعو : خبر ليس منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.

(١) ينظر : / مجالس ثعلب ٢٣٩ / الخصائص ٢ ـ ٣٨٦ / الجمل ١٥٩ / البسيط فى شرح الجمل ١ ـ ٨٠٣ / شرح ألفية ابن معطى ١ ـ ٧٧٥ / شرح التصريح ١ ـ ٣٤٤ / شرح اللمحة البدرية ٢ ـ ١٠٠ / الدرر رقم ٦٦٦ ، ٨٧٦ ، ١٦٥٦.

(ألا) حرف استفتاح وتنبيه مبنى لا محل له من الإعراب. (يا) حرف نداء مبنى لا محل له من الإعراب. (نخلة) منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة. (من ذات) من : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. (ذات) اسم مجرور بعد من وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة فى محل نصب نعت لنخلة.أو متعلقة بنعت محذوف ، وذات مضاف و (عرق) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (عليك) علي : حرف جر مبني لا محل له من الإعراب وضمير المخاطبة مبنى فى محل جر بعلى. وشبه الجملة في محل رفع خبر مقدم ، أو متعلقة بخبر مقدم محذوف. (ورحمه) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. رحمة : معطوف مقدم على السّلام مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف. ولفظ الجلالة (الله) مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسره. (السّلام) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمه ، والجملة الاسمية جواب النداء لا محل له من الإعراب.

٣٠٠