النحو العربى

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربى

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٩٤

وصلته الجملة الفعلية (يقوم) ، وتلحظ تضمنها الضمير العائد المستتر (هو). عطفت عليه الجملة الفعلية (يغضب زيد) ، ولا تصح أن تكون صلة لخلوّها من الضمير العائد ، فكان العاطف الفاء ، أما (أخو) فهو خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الواو ؛ لأنه من الأسماء الستة.

ومثل ذلك أن تقول : التى تدخل فتخرج سعاد هانم. اللذان يأتيان فيفرح الأستاذ الفائزان. الذين يخرجون فيدخل الجار الضيوف.

ـ كذلك العكس وهو عطف ما يصلح أن يكون صلة على ما لا يصلح أن يكون صلة ، نحو : الذى يقوم أخواك فيغضب هو زيد ، (الذى) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. صلته (يقوم أخواك) ، وهى خالية من الضمير العائد ، وجاز ذلك لأن ما يتضمن الضمير العائد معطوف عليها بالفاء ، وهو الجملة الفعلية (يغضب هو) ، و (هو) هنا فاعل يغضب ، ويجب إظهاره لأن الفعل إذا جرى على غير ما هو له فإنه يجب إبراز الضمير ، أو أن الضمير مؤكد للمستتر لزيادة الإيضاح ، والعطف هنا لا يكون إلا بالواو ، و (زيد) خبر المبتدإ مرفوع وعلامة رفعه الضمة.

ومثل ذلك قولك : التى تدخل سعاد فتخرج هى زينب. اللذان يفرح الأستاذ فيأتيان الفائزان. الذين يدخل الجار فيخرجون الضيوف.

ب ـ الخبر الجملة :

عطف الجملة التى لا تصلح أن تكون خبرا على ما تصلح ، وكذلك العكس.

فمن الأول قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) [الحج : ٦٣] ، الجملة الفعلية (أنزل) فى محل رفع خبر (أن) ، وهى تتضمن ضميرا يعود على اسمها ليربطها به ، لكن الجملة (تصبح الأرض مخضرة) لا تتضمن ضميرا يعود على اسم إن ، فلا تصلح أن تكون خبرا ؛ لذا كان العطف بالفاء.

٢٢١

ومنه قول الشاعر :

فعيناك طورا تغرقان من البكا

فأغشى وطورا تحسران فأبصر (١)

حيث (عينا) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى ، وخبره الجملة الفعلية (تغرقان) ، وقد تضمنت ضميرا رابطا يعود على المبتدإ ، وهو ألف الاثنين ، لكنه عطف عليها الجملة الفعلية (أغشى) ، وهى غير متضمنة لضمير يعود على المبتدإ ، وجاز ذلك لأن العطف كان الفاء ، وتلحظ فيها معنى السببية. ومثله قوله : تحسران فأبصر.

ومن الثانى قول ذى الرمة غيلان :

وإنسان عيني يحسر الماء تارة

فيبدو وتارات يجمّ فيغرق (٢)

وفيه (إنسان) مبتدأ مرفوع ، خبره الجملة الفعلية (يحسر الماء) وهى خالية من الضمير الرابط العائد على المبتدإ حيث فاعل (الماء) ، ولكن يجوز ذلك لأنه قد عطف عليها جملة تتضمن الضمير العائد ، وهى جملة (يبدو) ، ففاعلها ضمير مستتر يعود على (إنسان) ، وكان العطف بالفاء.

ج ـ التركيب الوصفى بالجملة :

تعطف الفاء الجملة التى لا تصلح أن تكون نعتا لخلوها من الضمير الرابط الذى يربطها بالموصوف ويعود عليه على الجملة التى تصلح نعتا لتضمنها هذا الضمير ، والعكس كذلك.

فمن الأول قولك : مررت برجل يبكى فيضحك عمرو ، حيث جملة (يبكى) فى محل جر نعت لرجل ، وهى تتضمن ضميرا عائدا على المنعوت ، وهو الفاعل

__________________

(١) شرح الشيخ يس على شرح التصريح ٢ ـ ١٤٠.

(طورا) منصوب على أنه نائب عن المفعول المطلق ، أو : على الظرفية.

(٢) شرح التصريح ٢ ـ ١٤٠ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٩٦.

يحسر : يغور وينكشف ، إنسان العين : سوادها ، جم : يكثر. المعنى : إذا غار الماء ظهر إنسان العين وإذ اكثر غرق واستتر.

(تارة) منصوب على أنه نائب عن المفعول المطلق ، أو على الظرفية.

٢٢٢

والضمير المستتر ، لكن الجملة المعطوفة عليها (يضحك عمرو) لا تتضمن ضميرا يعود على المنعوت. فعمرو فاعل يضحك ، ولكنه جاز لأن العطف بالفاء ، وفيها معنى السببية.

ومنه أن تقول : كافأنا طالبا ينطق صحيحا فيفرح محمود.

أقدم علينا رجلان يسرعان فى مشيهما فينصرف الموجودون.

ومن الثانى أن تقول مما سبق : مررت برجل يضحك عمرو فيبكى هو. وكافأنا طالبا يفرح محمود فينطق صحيحا هو. أقدم علينا رجلان ينصرف الموجودون فيسرعان هما فى مشيهما.

د ـ التركيب الحالى :

تعطف الفاء الجملة التى لا تصلح أن تكون حالا لعدم تضمنها الضمير العائد على صاحب الحال على الجملة التى تصلح أن تكون حالا لتضمنها هذا الضمير ، والعكس.

من الأول ما يذكرونه من القول : عهدت زيدا يغضب فيطير الذباب ، حيث الجملة الفعلية فى محل نصب حال من (زيد) ، وهى تتضمن ضميرا مستترا هو الفاعل ، يعود على (زيد) فهو الرابط. أما الجملة المعطوفة عليها (يطير الذباب) فإنها لا تتضمن رابطا ؛ لذا كان العطف بالفاء ، وتلحظ فيها معنى السببية.

ومنه أن تقول : رأيت الأستاذ يشرح فيفهم الطلاب. جلس المتفرجون ينصتون فيفرح الممثلون.

ومن الثانى أن تقول مما سبق : عهدت زيدا يطير الذباب فيغضب هو. رأيت الأستاذ يفهم الطلاب فيشرح هو. جلس المتفرجون يفرح الممثلون فينصتون ، أو ينصتون هم.

ملحوظة : قد يحكم على الفاء بالزيادة وفاقا فى ذلك للأخفش ، ويفهم

٢٢٣

زيادتها فى قول الشاعر :

يموت أناس أو تشيب فتاتهم

ويحدث ناس والصغير فيكبر (١)

فمن يقول بزيادة الفاء يقدر : والصغير يكبر.

وقول الآخر :

لما اتّقى بيد عظيم جرمها

فتركت ضاحى جلدها يتذبذب (٢)

أى : تركت ضاحى ، وقد يحتسب العطف على محذوف ، والتقدير : ضربتها فتركت.

وقول زهير :

أرانى إذا ما بتّ بتّ على هوى

فثمّ إذا أصبحت أصبحت غاديا (٣)

أى : ثم إذا أصبحت ..

(ثم)

حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب ، يفيد الجمع والترتيب مع التراخى ـ على الأصح ـ كقوله تعالى : (ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ) [عبس : ٢١ ، ٢٢] فالبعث بعد الإقبار بزمن طويل لا يعلمه إلا الخالق ـ جل شأنه.

وفى (ثم) لغات ، فقد تنطق (فمّ) ، و (ثمّت) ، و (ثمّت). قد تأتى (ثم) بمعنى (الواو) ، ومنه قوله تعالى : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها) [الزمر : ٦] ، أى : وجعل منها زوجها.

وقد تكون على معناها من الترتيب مع المهلة ، وتفسر على أنه ـ تعالى ـ أخرجنا من ظهر آدم كالذّرّ ، ثم خلق حواء بعد ذلك بزمان. أو أن تكون للترتيب فى الأخبار لا فى الزمان الوجودى ، أو أن استعمال (ثم) لتدّل على أن خلق حواء من قصيرى آدم آية لم تتكرر ، أما خلقنا فهو متكرر (٤).

__________________

(١) شفاء العليل ٢ ـ ٧٨٢ / الدر ، رقم ١٦٠٢.

(٢) المغنى ١ ـ ١٨٠ / شرح شواهد المغنى ١ ـ ٤٧٣ / شرح أبيات المغنى ٤ ـ ٥٤ / شفاء العليل ٢ ـ ٧٨٢.

(٣) ديوانه / ١٦٨ الأمالى الشجرية ٢ ـ ٣٢٦ / شفاء العليل ٢ ـ ٧٨٣ / الخزانة ٣ ـ ٥٨٨ / الدر ٢ ـ ٩١.

(٤) ينظر : الدر المصون ٦ ـ ٥.

٢٢٤

وما يمثلون به من القول : أعجبنى ما صنعت اليوم ، ثم ما صنعت أمس أعجب.

فإن (ثم) فيه بمعنى الواو كذلك.

وقد تأتى بمعنى (الفاء) كما هو فى قول أبى دواد حارثة بن الحجاج :

كهزّ الرّدينى تحت العجاج

جرى فى الأنابيب ثم اضطرب (١)

حيث إن الهزّ إذا جرى فى الأنابيب اضطرب الرمح بلا مهلة ولا تراخ ، فالهزّ كناية عن سرعة الحركة وشدة الجرى ، ومنهم من يجعل الهزّ والاضطراب فى زمن واحد ، فتكون (ثم) بمعنى (الواو).

وقد يؤتى بـ (ثم) لمجرد ترتيب الأخبار ، ويكون منه قوله تعالى : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣) ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) [الأنعام :١٥٣ ، ١٥٤!](٢). (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها) ، وقول الشاعر :

إنّ من ساد ثم ساد أبوه

ثم قد ساد قبل ذلك جدّه (٣)

حيث أتى الجدّ السؤدد من قبل الأب ، وأتى الأب من قبل الولد.

__________________

(١) ينظر ، ديوانه ٢٩٢ ، أوضح المسالك رقم ٤١٥ / شرح التصريح ٢ ـ ١٤٠ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٩٤ / الدرر ، رقم ١٦٠٦ / شرح ابن الناظم ٥٢٥ ، الردينى : الرمح المنسوب إلى ردينة / العجاج :الغبار ، الأنابيب : جمع أنبوبة ما بين كل عقدتين من القصبة.

(كهز) الكاف : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. هز : اسم مجرور بعد الكاف ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بسابق. (الردينى) مضاف إليه. مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (تحت) ظرف مكان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة متعلق بهز. (العجاج) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (جرى) فعل ماض مبنى على الفتح المقدر ، منع من ظهوره التعذر. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو يعود إلى هز. (فى الأنابيب) فى : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. الأنابيب : اسم مجرور ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بالجرى. (ثم) حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (اضطرب) فعل ماض مبنى على الفتح ، وسكن لأجل الوقف. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو.

(٢) الجملة الفعلية (وصاكم) فى رفع خبر المبتدإ (ذلكم) الجملة الفعلية (تتقون) فى محل رفع ، خبر لعل ،. (الكتاب) مفعول به ثان منصوب. (تماما) حال من الكتاب ، أو من الفاعل ضمير المتكلمين ، أو منصوب على أنه نائب عن المفعول المطلق ، أو مفعول لأجله.

(٣) ينظر : الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٩٤.

٢٢٥

وقد تكون (ثم) زائدة ، ويؤول على ذلك قول زهير :

أرانى إذا أصبحت أصبحت ذا هوى

فثمّ إذا أمسيت أمسيت عاديا (١)

أى : أرانى إذا أصبحت ... ثم إذا أمسيت ...

ويؤوّل قوله تعالى (حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا) [التوبة : ١١٨]. على حذف (ثم) ، حيث تكون جملة (تاب) جواب شرط (إذا).

ما تختص به (ثم):

يجوز أن يحذف المعطوف عليه بـ (ثم) مشتركا فى ذلك مع الواو والفاء ، ومنه ما يؤول من قوله تعالى : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها) [الزمر : ٦] ، حيث يقدر الكلام من نفس واحدة أنشأها ، ثم خلقه منها زوجها ، حتى لا يكون خلق الذرية قبل خلق الزوج (٢).

كما أنه مما تختص به (ثم) أنه يكثر ذكرها بين الجملتين المكررة أولاهما للتوكيد اللفظى. ومنه قوله ـ تعالى : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) [التكاثر : ٣ ، ٤].

وقوله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) [الأنفطار : ١٧ ، ١٨].

__________________

(١) ينظر : الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٩٥.

وفيه رواية أخرى :

أرانى إذا ما بتّ بتّ على الهوى

فثمّ إذا أصبحت أصبحت غاديا

(٢) يذكر أن (ثم) تكون للترتيب بمهلة ، وذلك أن الله تعالى ـ أخرجنا من ظهر آدم كالذر ثم خلق حواء بعد ذلك بزمن ، وعليه فلا شاهد.

أو أن المقصود بواحدة (وحدت) فعطف ما بعد ثم على ما فهم من الصفة (واحدة). وقد تكون (ثم) للترتيب فى الأخبار.

٢٢٦

(أو)

تكون (أو) فى الخبر والاستفهام. وتثبت بها بعض الأشياء ، وتدخل الاستفهام على هذا الحد (١).

وهى حرف عطف لأحد الشيئين ، فتكون فى الخبر كذلك ، فتقول : قام محمد أو علىّ ، ويكون التشكيك فى أحدهما ، ثم يدخل على الجملة الاستفهام ، فتسأل عن ثبات القيام لأحدهما (٢) ، فتقول : أقام محمد أو علىّ؟ أى : أقام أحدهما؟

حيث يكون الجواب بنعم أو لا.

وتتضح دلالة (أو) فى السؤال فى قول سيبويه : «تقول : ألقيت زيدا أو عمرا أو خالدا؟ وأعندك زيد أو خالد أو عمرو؟ كأنك قلت : أعندك أحد من هؤلاء؟ وذلك أنك لم تدّع أن أحدا ثمّ. ألا ترى أنه إذا أجابك قال لا ، كما يقول ـ إذا قلت : أعندك أحد من هؤلاء (٣).

لذلك فإن جمهور النحاة يجعل (أو) تشرك فى الإعراب دون المعنى ، حيث يقع الفعل من أحد ما تشرك بينهما ، لكن بعض النحاة ـ وعلى رأسهم ابن مالك ـ يجعلها تشرك فى الإعراب والمعنى ، حيث الشكّ واقع على كلّ مما تشترك بينهما (٤).

فـ (أو) تكون لأحد الشيئين أو أحد الأشياء لا بعينه ، فتقول : قام محمد أو على ، تريد أحدهما ، ولذلك فإنك تعيّن ، وتفرد الضمير فى ما إذا قلت : محمد أو علىّ قام.

يذكر لـ (أو) المعانى الآتية :

١ ـ الشك :

كأن يقال : جاء محمود أو علىّ ، فيكون هذا المعنى فيما أسلوبه خبرىّ ، يحتمل التصديق والتكذيب ، ويكون الشكّ من المتكلم ، أو من المتكلم والمخاطب ، ومنه قوله تعالى : (لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) [الكهف : ١٩ ، المؤمنون : ١١٣].

__________________

(١) ينظر : الكتاب ٣ ـ ١٦٩.

(٢) ينظر : المنتخب الأكمل على شرح الجمل للخفاف ٧١٤.

(٣) الكتاب ٣ ـ ١٧٩.

(٤) ينظر : الجنى الدانى ٢٢٧.

٢٢٧

والمتحدث بـ (أو) يكون شكّه من بداية النطق بها ، فإذا قلت : فإنك أردت الإخبار بضرب زيد دون عمرو ، ثم اعترضك الشكّ فأدخلت عمرا باستخدام (أو) ، هذا بخلاف الشكّ باستخدام (إمّا) ، حيث يكون منذ بداية الحديث بالجملة ، فالشكّ واقع على المتعاطفين بها. حيث إذا قلت : ضربت إمّا زيدا وإمّا عمرا ، فالمعنى : ضربت أحدهما ، حيث الشكّ من بداية الكلام.

٢ ـ الإبهام :

يكون الإبهام على المخاطب دون المتكلم ، وهذا فرق بينه وبين الشك ، حيث يكون الشكّ من المتكلم فى المقام الأول ، وقد يكون من المتكلم والمخاطب ، ومن أمثلة الإبهام ـ قوله تعالى : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [سبأ : ٢٤].

والشاهد فى (أو) فى الموضعين ـ على الوجه الأرجح ـ وفى خبر (إن) فى هذا الموضع أوجه ، أظهرها :

أ ـ أن شبه الجملة (لعلى هدى) خبر (إن) ، وحذف خبر الثانى للدلالة عليه.

ب ـ أن يكون المذكور خبر الثانى ، وحذف خبر الأول للدلالة عليه.

ج ـ كلّ من المذكورين خبر عن كلّ من اسم (إن) والمعطوف عليه ، من باب اللف والنشر.

د ـ لا يقدر محذوف لكون (أو) لأحد الشيئين ، والتقدير : أحدنا فى أحد الاثنين.

ومنه قول لبيد :

تمنّى ابنتاى أن يعيش أبوهما

وهل أنا إلّا من ربيعة أو مضر (١)

__________________

(١) ديوانه ٢١٣ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ١٣٢ / شرح ابن يعيش ٨ ـ ٩٩ / شذور الذهب ١٧٠.

(تمنى ابنتاى) تمنى : فعل ماض مبنى على الفتح المقدر ، منع من ظهوره التعذر. ابنتاى : فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الألف ؛ لأنه مثنى. (أن يعيش أبوهما) أن : حرف مصدرى ونصب مبنى لا محل له من

٢٢٨

حيث يعلم (لبيد) أنه من (مضر) وليس من ربيعة ، وإنما أبهم ليبين أنه أفنى كما فنوا (١).

ويجعلون منه قول توبة بن الحميرى :

وقد زعمت ليلى بأنى فاجر

لنفسى تقاها أو عليها فجورها (٢)

فالإنسان إما أن يكون تقيا فله تقاه ، وإما أن يكون فاجرا فعليه فجوره. فدخلت (أو) لأحد الأمرين ، وفيها معنى الإبهام.

__________________

الإعراب. يعيش : فعل مضارع منصوب بعد أن وعلامة نصبه الفتحة. أبو : فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الواو ؛ لأنه من الأسماء الستة. وهو مضاف وضمير الغائبين هما مبنى فى محل جر مضاف إليه. والمصدر المؤول فى محل نصب مفعول به. (وهل) الواو : حرف استئناف مبنى لا محل له من الإعراب. هل : حرف استفهام مبنى لا محل له من الإعراب. (أنا) ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدإ. (إلا) حرف استثناء مسهمل يفيد القصر والحصر مبنى ، لا محل له من الإعراب. (من ربيعة) من : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. ربيعة : اسم مجرور بعد من ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف. وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر المبتدإ. أو متعلقة بخبر محذوف. (أو مضر) أو : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. مضر : معطوف على ربيعة مجرور ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف. وسكن من أجل الروى والوقف.

(١) التبصرة والتذكرة ١ ـ ١٣٢.

(٢) التبصرة والتذكرة ١ ـ ١٣٢ / أمالى القالى ١ ـ ٨٨ / أمالى ابن الشجرى ٢ ـ ٣١٧.

(قد زعمت ليلى) قد : حرف تحقيق مبنى ، لا محل له من الإعراب. زعمت : فعل ماض مبنى على الفتح. والتاء حرف تأنيث مبنى لا محل له من الإعراب. ليلى : فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. (يأتى فاجر) الباء حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. أن : حرف مصدرى ونصب ناسخ مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلم الياء مبنى فى محل نصب ، اسم إن. فاجر : خبر أن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والمصدر المؤول فى محل جر بالباء. وشبه الجملة متعلقة بالزعم. (لنفسى) اللام : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. نفس : اسم مجرور وعلامة جره الكسرة. المقدرة منع من ظهورها الكسرة المناسبة لضمير المتكلم ، وهو مضاف ، وضمير المتكلم الياء مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (تقاها) تقى : مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. وهو مضاف ، وضمير الغائبة ها مبنى فى محل جر مضاف إليه. (أو) حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (عليها فجورها) عليها : جار ومجرور مبنيان. وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. فجور : مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف ، وضمير الغائبة مبنى فى محل جر ، مضاف إليه.

٢٢٩

٣ ـ التخيير :

يكون هذا المعنى لـ (أو) بعد الطلب الأمرى بخاصة ، وفى معنى يمتنع فيه الجمع بين المعطوفين ، كأن يقال : تزوج هندا أو أختها ، حيث لا يجوز الجمع بين الاثنتين ، وإنما فيهما تخيير لإحداهما.

ومنه أن تقول : اشرب شايا أو قهوة ، أى : لا تجمع بينهما ، وقد يكون الطلب مقدرا غير ملفوظ به ، كما يفسر فى قوله ـ تعالى : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) [البقرة : ١٩٦](١) ، والشاهد فى (أو) الثانية والثالثة ، والتقدير : فعلية فدية أو : فيجب عليه فدية ، معنى الطلب ، وفيها قراءة شاذة بنصب (فدية) على تقدير : فليفد فدية ، وهو طلب لفظى.

__________________

(١) (من) اسم شرط جازم مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ. (كان منكم مريضا) كان : فعل شرط ماض مبنى على الفتح ناقص ناسخ. واسمه ضمير مستتر تقديره : هو. من : حرف جر مبنى على السكون لا محل له من الإعراب. وضمير المخاطبين مبنى فى محل جر بمن. وشبه الجملة فى محل نصب ، حال من مريض. مريضا : خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (أو) حرف عطف مبنى على السكون ، لا محل له من الإعراب. (به أذى) الباء : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب.

وضمير الغائبه (ها) مبنى فى محل جر بالباء. وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. أذى : مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة. والجملة الاسمية فى محل نصب بالعطف على خبر كان. ويجوز أن تجعلها فى محل نصب ، خبر لكان المحذوفة. أو شبه الجملة فى محل نصب ، خبر كان مقدرة. وأذى اسمها. (من رأسه) من : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. رأس : اسم مجرور بمن ، وعلامة جره الكسرة ، والهاء مضاف إليه فى محل جر. وشبه الجملة فى محل رفع ، نعت لأذى. أو متعلقة بنعت محذوف. (ففدية) الفاء : حرف واقع فى جواب الشرط رابط مؤكد مبنى لا محل له من الإعراب. فدية : مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة ، وخبره محذوف ، والتقدير : فعليه فدية. أو خبر لمبتدإ محذوف ، والتقدير : فالواجب عليه فدية ، أو فجزاؤه فدية. أو فاعل لفعل محذوف ، تقديره : فتجب عليه فدية. والجملة الاسمية فى محل جزم ، جواب الشرط. (من صيام) من : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. صيام : اسم مجرور بعد من ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة فى محل جر ، نعت لفدية (أو صدقة) أو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. صدقة : معطوف مبنى على صيام مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (أو نسك) حرف عطف مبنى ومعطوف على صيام مجرور. ويجوز أن تجعل (من) اسما موصولا مبنيا فى محل رفع ، مبتدأ. خبره الجملة (ففدية ...).

٢٣٠

وقوله تعالى : (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) [المائدة : ٨٩](١)(وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ ...) [النور : ٦١].

٤ ـ الإباحة :

تؤدى (أو) معنى الإباحة بشرطين :

أولهما : أن تسبق بطلب.

والآخر : جواز الجمع بين ما بعدها وما قبلها.

نحو : جالس العلماء أو الزهاد ، حيث يكون المعنى : جالس أحدهما ، ويجوز الجمع بينهما. ومنه القول : تعلّم الفقه أو النحو. ومنه قوله تعالى : (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) [البقرة : ٧٤]. (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) [النجم : ٩].

وأنت تلمس أن الفرق بين التخيير والإباحة أنه لا يجوز الجمع بين المتعاطفين فى الأول ، ولكنه جائز فى المعنى الثانى.

والإباحة فى النهى تعنى المنع عن الجميع. فإذا قلت : لا تكلّم محمودا أو عليا ، كان التقدير : لا تكلم أحدهما. وهذا يعنى منع التكلم عنهما ، أو عن أحدهما.

ومن ذلك قوله تعالى : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) [الإنسان : ٢٤] ، أى : لا تطع أحدهما ، فإذا جعلت التقدير : لا تطع منهما آثما ولا كفورا ، أى : تكون (أو) بمعنى (ولا) كان ذلك إباحة كذلك ؛ لأن فيه امتناعا عن إطاعة الاثنين.

ونعلم أن المعنى قبل النهى : أطع آثما أو كفورا ، أى : واحدا منهما ، فإذا كان النهى ورد على ما كان ثابتا فى المعنى ، فيصير : لا تطع واحدا منهما ، فيكون التعميم فيهما من حيث النهى الداخل (٢).

__________________

(١) (كفارة) مبتدأ خبره إطعام. (مساكين) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف.

(٢) يرجع إلى : الكتاب ٣ ـ ١٨٤ / الإيضاح فى شرح المفصل ٢ ـ ٢١٢.

٢٣١

ومن مواضع معاقبة (أو) الواو أن يكون فيها معنى الإباحة ، كأن يقال : جالس الحسن أو ابن سيرين ، ومنه : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ ...) [النور : ٣١](١).

٥ ـ التفصيل :

وهو تبيين للأمور المجتمعة بلفظ واحد ، نحو : الكلمة اسم أو فعل أو حرف.

٦ ـ التقسيم :

ويستحسن بعضهم مصطلح التفريق المجرد من الشك والإبهام والتخيير بدلا من التقسيم ، ويعنى به تبيين لما دخل تحت حقيقة واحدة ، ويوجد تداخل والتباس بين التفصيل والتقسيم عند اللغويين والمفسرين.

ومنه قوله تعالى : (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما) [النساء : ١٣٥](٢)(وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا)(٣) [البقرة : ١٣٥]. وقد يكون فى هذا المعنى تفصيل.

وتلمس معنى التقسيم الذى هو أقرب إلى التفصيل فى قول جعفر بن علبة الحارثى :

فقالوا لنا ثنتان لا بدّ منهما

صدور رماح أشرعت أو سلاسل (٤)

__________________

(١) (لا) حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (يبدين) يبدى : فعل مضارع مبنى على السكون المقدر لإسناده إلى نون النسوة فى محل رفع. ونون النسوة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (زينتهن) زينة : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف وضمير الغائبات هن مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (إلا لبعولتهن) إلا : حرف استثناء مهمل يفيد الحصر والقصر ، مبنى لا محل له من الإعراب.

بعولة : اسم مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، وهو مضاف ، وضمير الغائبات هن مبنى فى محل جر ، مضاف إليه ، وشبه الجملة متعلقة بالإبداء.

(٢) لفظ الجلالة (الله) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، (أولى) خبر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. والجملة الاسمية فى محل جزم جواب شرط إن.

(٣) جملة (كُونُوا هُوداً) فى محل نصب ، مقول القول. (تهتدوا) فعل مضارع مجزوم فى جواب طلب كونوا ، وعلامة جزمه حذف النون ؛ لأنه من الأفعال الخمسة. أو : مجزوم لأنه جواب شرط مقدر. والتقدير : إن تكونوا هودا .. تهتدوا. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل.

(٤) ينظر : المساعد على التسهيل ٢ ـ ٤٥٧ / مغنى اللبيب ١ ـ ٦٥ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٠٧ / الدرر ، رقم ١٦٢٥.

٢٣٢

ويصرح بأن استعمال الواو فى التقسيم أحسن.

٧ ـ التبعيض :

قد تلمس معنى التبعيض فى الآية الأخيرة السابق ة «وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا» أى : قال بعضهم : كونوا هودا ، وقال بعضهم : كونوا نصارى.

٨ ـ الشرطية :

أى تلمس فى التركيب الذى توجد فيه (أو) معنى الشرط ، نحو : لأحترمنّه عاش أو مات ، أى : إن عاش أو إن مات. ومثل : لآتينّك أعطيتنى أو حرمتنى. لأفهمن هذا الدرس شرحته تفصيلا أم شرحته إيجازا.

٩ ـ الإضراب :

ك (بل) ، وتقدر بها ، ويشترط معظم النحاة لذلك أن تسبق (أو) بنفى أو نهى ، وأن يتكرر العامل الذى يسبقها مع إعادة النفى أو النهى. فيقال : ما قام زيد أو ما قام عمرو. لا يقم زيد ، أو لا يقم عمرو.

ومنه قولك : لا تقل هذا الكلام ، أو لا تقل شيئا. لم أفهم هذه الفكرة ، أو لم أفهم كلمة منها.

__________________

(قالوا) فعل ماض مبنى على الضم. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (لنا ثنتان) اللام : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلمين نا مبنى فى محل جر باللام :. وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. ثنتان : مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الألف ؛ لأنه ملحق بالمثنى. والجملة الاسمية فى محل نصب ، مقول القول. (لا بد منهما) لا : نافية للجنس حرف مبنى لا محل له من الإعراب. بد : اسم لا النافية للجنس مبنى على الفتح فى محل نصب. من : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير الغائبين هما مبنى فى محل جر بمن. وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر لا النافية للجنس. أو متعلقة بخبرها المحذوف .. جملة لا مع معموليها فى محل رفع ، نعت للمبتدأ. (صدور رماح) صدور : خبر لمبتدإ محذوف مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وهو مضاف ورماح مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة. (أشرعت) فعل ماض مبنى على الفتح مبنى للمجهول ، والتاء للتأنيث حرف مبنى لا محل له من الإعراب. ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره : هى. والجملة الفعلية فى محل جر نعت لرماح. (أو) حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (سلاسل) معطوف على صدور مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

٢٣٣

ويجعل منه قوله تعالى : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) [النحل : ٧٧](١).

ولا يشترط الكوفيون وأبو على وابن برهان وابن جنى سبق (أو) بالنفى أو النهى حين دلالتها على الإضراب ، بل يجعلون تلك الدلالة مطلقا ، ويستشهدون لذلك بقول جرير :

كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية

لو لا رجاؤك قد قتلت أولادى (٢)

والتقدير : بل زادوا ثمانية ...

ويكون على هذا المعنى قوله تعالى : (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) [البقرة : ٧٤)]. أى : بل هى أشدّ قسوة.

__________________

(١) (ما) حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (أَمْرُ السَّاعَةِ) أمر : مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف والساعة مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (إلا) حرف استثناء مهمل يفيد الحصر والقصر مبنى ، لا محل له من الإعراب. (كَلَمْحِ الْبَصَرِ) الكاف : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. لمح : اسم مجرور بعد الكاف ، وعلامة جره الكسرة وهو مضاف ، والبصر مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة فى محل رفع خبر المبتدأ. أو متعلقة بخبر محذوف. (أو) حرف دال على الإضراب مبنى على السكون لا محل له من الإعراب. هو : ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. أقرب : خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(٢) ينظر : الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٠٦ / شرح ابن عقيل ٢ ـ ٢٣٣ / العينى ٤ ـ ١٤٤ / شرح ابن عقيل ٢ ـ ٢٣٣ شرح اللمحة البدرية ١ ـ ٣١٥ الدرر ، رقم ١٦٢٢.

(كانوا) كان : فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع اسم كان (ثمانين) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. (أو) حرف عطف مبنى على السكون ، لا محل له من الإعراب يفيد الإضراب. (زادوا) فعل ماض مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة معطوفة على سابقتها. (ثمانية) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (لو لا) حرف امتناع لوجود مبنى لا محل له من الإعراب. (رجاؤك) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وخبره محذوف وجوبا تقديره : موجود. وضمير المخاطب الكاف مبنى فى محل جر ، مضاف إلى وجود. (قد) حرف تحقيق مبنى لا محل له من الإعراب ، (قتلت) قتل : فعل جواب الشرط ماض مبنى على السكون. وضمير المتكلم التاء مبنى فى محل رفع فاعل. (أولادى) أولادى : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها الكسرة المناسبة لضمير المتكلم. وهو مضاف وضمير المتكلم الياء مبنى فى محل جر ، مضاف إليه.

٢٣٤

وكذلك : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) [الصافات : ١٤٧].

وقيل : إن (أو) تفيد الإبهام ، وقيل : هى بمعنى الواو (١).

ومن معنى (أو) للإضراب قول ذى الرمة :

بدت مثل قرن الشمس فى رونق الضحى

وصورتها أو أنت للعين أملح (٢)

والتقدير : بل أنت للعين أملح. ويروى بـ (أم) موضع (أو).

ويمكن لك أن تلمس معنى الواو لـ (أو) فى المواضع السابقة ، ويكون التقدير : وزادوا ... ، وأشدّ ... ، ويزيدون ... ، وأنت للعين ...

١٠ ـ الجمع المطلق كالواو :

وذلك إذا أمن اللبس ، ومنه قول النابغة الذبيابى :

قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا

إلى حمامتنا أو نصفه فقد

فحسبوه فألفوه كما ذكرت

ستا وستين لم تنقص ولم تزد (٣)

__________________

(١) ينظر : شرح ألفية ابن معطى ١ ـ ٧٨١.

(٢) ينظر : معانى الفراء ١ ـ ٧٢ / المحتسب ١ ـ ٩٩ / الخصائص ٢ ـ ٤٥٨ / الإنصاف ، مسألة ٦٧ / شرح ألفية ابن معطى ١ ـ ٧٨٣.

(٣) ينظر : مغنى اللبيب ١ ـ ٦٣ / الدرر ، رقم ١٧٦ ، ٥٤٢.

(قالت) قال : فعل ماض مبنى على الفتح. والتاء حرف تأنيث مبنى لا محل له من الإعراب. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هى. (ألا) حرف استفتاح وتنبيه مبنى ، لا محل له من الإعراب. (ليتما) ليت : حرف تمن لا محل له من الإعراب. ما : كافة لإن ، أو زائدة حرف مبنى لا محل له من الإعراب (هذا) اسم إشارة مبنى فى محل رفع مبتدإ ، أو اسم ليت مبنى منصوب محلا. (الحمام) بدل من اسم الإشارة ، إما مرفوع وعلامة رفعه الضمة ، وإما منصوب وعلامة نصبه الفتحة. (لنا) اللام حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل جر باللام ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر المبتدإ ، أو خبر ليت ، أو متعلقة بمحذوف خبر المبتدإ ، أو محذوف خبر ليت. (إلى حمامتنا) إلى : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. حمامة : اسم مجرور بإلى ، وعلامة جره الكسرة. وضمير المتكلمين مبنى فى محل جر ، مضاف إلى حمامة. وشبه الجملة فى محل نصب حال ، أو متعلقة بحال محذوفة (أو) حرف عطف بمعنى الواو مبنى لا محل له من الإعراب. (نصفه) نصف : معطوف على اسم الإشارة مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، أو منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف ، وضمير الغائب الهاء مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (فقد)

٢٣٥

أي : ونصفه ، حيث الجمع بين الحمام الست والستين ونصفه وحماميها فيكون المجموع مائة. فأعطت (أو) معنى (الواو).

ومنه قول جرير :

جاء الخلافة أو كانت له قدرا

كما أتى ربّه موسى على قدر (١)

__________________

الفاء : فاء الفصيحة حرف مبنى لا محل له من الإعراب. قد : اسم بمعنى كاف خبر لمبتدإ محذوف ، والجملة الاسمية فى محل جزم ، جواب شرط محذوف ، والتقدير : إن حدث ذلك فهو كاف. (فحسبوه) الفاء حرف عطف تعقيبى مبنى ، لا محل له من الإعراب. حسبوه : فعل ماض مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (فألفوه) الفاء : حرف عطف تعقيبى مبنى ، لا محل له من الإعراب. ألفوه : فعل ماض مبنى على الضم المقدر. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. وهاء الغائب ضمير مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (كما ذكرت) الكاف : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. ما : اسم موصول مبنى فى محل جر بالكاف. ذكرت : فعل ماض مبنى على الفتح. والتاء : حرف تأنيث مبنى لا محل له من الإعراب. والفاعل ضمير مستتر تقديره : هى. وفيه ضمير عائد محذوف تقديره هاء الغائب. والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. ويجوز أن تجعل ما مصدرية. ويكون المصدر المنسبك من ما والفعل فى محل جر بالكاف. وشبه الجملة من الكاف ومجرورها فى محل نصب ، نعت لمصدر محذوف ، والتقدير : فألفوه إلفاء كما (ستا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (وستين) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من ستين : معطوف على ست منصوب ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. (لم) حرف نفى وجزم وقلب مبنى ، لا محل له من الإعراب (تنقص) فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هى. والجملة فى محل نصب ، نعت لست وستين. والتقدير : ستا وستين كاملة ، أو تامة. (ولم تزد) الواو حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. لم : حرف نفى وجزم ، تزد : فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون ، وحرك بالكسر من أجل الروى. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هى. والجملة فى محل نصب بالعطف على سابقتها.

(١) ينظر : ديوانه ٢٧٥ / أمالى الشجرى ٢ ـ ٣١٧ / شرح ابن الناظم ٥٣٤ / شرح ابن عقيل ٣ ـ ٣٢٣ / مغنى اللبيب ١ ـ ٦٢ / العينى ٢ ـ ٤٨٥ ، ٤ ـ ١٤٥ / شرح التصريح ١ ـ ٢٨٣ / الصبان على الأشمونى ٢ ـ ٤٨٥ / الدرر ، رقم ١٦٢٤.

(جاء) فعل ماض مبنى على الفتح. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. (الخلافة) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (أو) حرف عطف مبنى بمعنى الواو لا محل له من الإعراب. (كانت) كان : فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح ، والتاء حرف تأنيث مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير الغائب مبنى فى محل جر باللام. وشبه الجملة متعلقة بقدر. (قدرا) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (كما) الكاف : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. ما : حرف مصدرى مبنى لا محل له من الإعراب. (أتى) فعل ماض مبنى على الفتح المقدر ، منع من ظهوره

٢٣٦

أى : وكانت له قدرا.

ومنه قول حميد بن ثور الهلالى :

قوم إذا سمعوا الصريخ رأيتهم

ما بين ملجم مهره أو سافع (١)

حيث البينية تتطلب العطف بالواو.

وهناك من يرى أن (أو) على بابها من المعنى للاختيار ، ويكون المعنى : بين فريق ملجم أو فريق سافع ، ويرى بعضهم أنها للتفصيل.

ومنه قول امرئ القيس :

فظلّ طهاة اللحم ما بين منضج

صفيف شواء أو قدير معجّل (٢)

__________________

التعذر. (ربه) رب : مفعول به مقدم منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف وضمير الغائب مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (موسى) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر.

(على قدر) جار ومجرور. وشبه الجملة حال ، فى محل نصب. أو متعلقة بالإتيان.

(١) ينظر : ديوانه ١١١ / شرح ابن الناظم ٥٣٥ / مغنى اللبيب ١ ـ ٦٣ / شرح التصريح ٢ ـ ١٤٦ / العينى ٤ ـ ١٤٦ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٠٧ / أوضح المسالك رقم ٤٢١.

(قوم) خبر مبتدإ محذوف مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والتقدير : هم قوم. (إذا) اسم شرط غير جازم مبنى فى محل نصب على الظرفية. (سمعوا) فعل شرط ماض مبنى على الضم. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الفعلية فى محل جر بالإضافة. (الصريخ) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (رأيتهم) رأى : فعل جواب الشرط ماض مبنى على السكون. وتاء المخاطب ضمير مبنى فى محل رفع فاعل. وضمير الغائبين هم مبنى قى محل نصب ، مفعول به. (ما بين) ما : حرف زائد مبنى لا محل له من الإعراب. بين : ظرف مكان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف ، و (ملجم) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بالرؤية. (مهره) مهر : مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. وهو مضاف ، وضمير الغائب الهاء مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (أو) حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (سافع) معطوف على ملجم مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(٢) ينظر : شرح ابن الناظم ٥٣٥ / العينى ٤ ـ ١٤٦ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٠٧.

صفيف : ما فرق وصف من اللحم على الجمر ، قدير : ما طبخ فى القدر. (ظل) فعل ماض مبنى على الفتح ناقص ناسخ. (طهاة) اسم ظل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف و (اللحم) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة (ما بين) ما : حرف زائد مبنى لا محل من الإعراب ، (بين) ظرف مكان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وشبه الجملة فى محل نصب خبر ظل ، مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (أو) حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (قدير) معطوف على منضج مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (معجل) نعت لقدير مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

٢٣٧

وفيه (أو) بمعنى الواو ، فيكون التقدير : بين منضج وطابخ قدير.

وقول الراجز :

إن بها أكتل أو رزاما

خويربين ينفقان الهاما (١)

التقدير : أكتل وزام ، بدليل أنه ثنّى خويرب ، ليجمع لفظ التثنية أكتل ورزاما ، وهما اسما رجلين. ولا يكون ذلك إلا إذا كانت (أو) بمعنى الواو لتجمع بينهما ، وإلا أفرد خويربا.

وقول الآخر :

وقالوا لنا ثنتان لا بدّ منهما

صدور رماح أشرعت أو سلاسل (٢)

(أو) بمعنى (الواو) حتى يتطابق آخر الكلام مع أوله ، فأوله ثنتان ، ويوافيهما (صدور رماح وسلاسل) ، فكان لـ (أو) أن تكون بمعنى الواو ، وقد يعبر عنها فى هذا المعنى بأنها تفيد التفريق المجرد من الشك أو التقسيم ، حيث الإجمال ، ثم تقسيم ما أجمل ، فيوافى العجز الصدر.

ومنه ما ذكره سيبويه من قوله : خذه بما عزّ أو هان ، أى : خذه بهذا أو بهذا ، أى : لا يفوتنّك على كلّ حال (٣). ثم يذكر أن العرب قد تستعمل الواو هنا فتقول : خذه بما عزّ وهان.

__________________

(١) ينظر : الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٠٧. أكتل ورزام : اسما رجلين ، خويربين : تثنية خويرب والمقصود به اللص ، وهو تصغير خارب ، ينقف : بضم القاف : يكسر الرأس ، الهام : جمع هامة ، وهى الرأس.

(إن) حرف توكيد ونصب مبنى لا محل له من الإعراب. (بها) الباء : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير الغائب الهاء مبنى فى محل جر بالباء. وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (أكتل) اسم إن مؤخر منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (أو) حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (رزاما) معطوف على أكتل منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (خويربين) حال مقدمة من ألف الاثنين فاعل ينفق منصوبة ، وعلامة نصبها الياء لأنها مثنى. ويجوز أن تكون الحال من الضمير فى بها. (ينقفان) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ؛ لأنه من الأفعال الخمسة. وألف الاثنين ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (الهاما) مفعول به منصوب. وعلامة نصبه الفتحة. والألف للإطلاق.

(٢) ينظر : مغنى اللبيب ١ ـ ٦٥ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٠٧ / المساعد على التسهيل ٢ ـ ٤٥٧.

(٣) الكتاب ٣ ـ ١٨٤.

٢٣٨

١١ ـ أن تكون بمعنى (إلا) فى الاستثناء :

وينتصب الفعل المضارع بعدها بإضمار (أن) المصدرية ، وتصير (أو) بمعنى (إلّا أن) ، كقولك : لأخاصمنّه أو يعطينى حقّى ، أى : إلا أن يعطى ، ويكون (يعطى) فعلا مضارعا منصوبا بعد (أن) المضمرة.

ومنه قول زياد الأعجم :

وكنت إذا غمرت قناة قوم

كسرت كعوبها أو تستقيما (١)

أى : إلّا أن تستقيما.

وجعل بعضهم من هذا المعنى قوله تعالى : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) [البقرة : ٢٣٦]. أى : إلا أن تفرضوا ، ويكون الفعل المضارع منصوبا بعد (أن) المضمرة (٢).

١٢ ـ أن تكون بمعنى (إلى):

وحينئذ ينصب الفعل المضارع بعدها بـ (أن) مضمرة ، من ذلك القول : لألزمنّك أو تقضينى حقى ، أى : إلى أن ، فيكون (تقضى) فعلا مضارعا منصوبا بـ (أن) مضمرة.

__________________

(١) ينظر : مغنى اللبيب ١ ـ ٦٦ / شرح الشذور ، رقم ١٤٧ / شرح القطر ، رقم ١٧.

(كنت) كان : فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على السكون ، وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محل رفع ، اسم كان. (إذا) اسم شرط غير جازم مبنى فى محل نصب على الظرفية. (غمزت) غمز : فعل الشرط ماض مبنى على السكون. وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (قناة) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف. و (قوم) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (كسرت) كسر : فعل جواب الشرط ماض مبنى على السكون. وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والتركيب الشرطى فى محل نصب ، خبر كان. (كعوبها) كعوب : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف ، وضمير الغائبة ها مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (أو) حرف بمعنى إلا مبنى على السكون لا محل له من الإعراب. (تستقيما) فعل مضارع منصوب بعد أن المقدرة بعد أو ، وعلامة نصبه الفتحة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هى. والألف للإطلاق حرف مبنى لا محل له من الإعراب.

(٢) يجوز فى إعراب (تفرضوا) أن يكون معطوفا بالعطف على (تمسوا) ، فتكون (أو) مفيدة التخيير ، أو بمعنى الواو للجمع.

٢٣٩

ومنه قول الشاعر :

لأستسهلنّ الصعب أو أدرك المن

فما انقادت الآمال إلا لصابر (١)

أى : إلى أن أدرك المنى. (أدرك) فعل مضارع منصوب بعد (أن) مضمرة.

١٣ ـ التقريب :

نحو : لا أدرى أسلّم أو ودّع.

والمحقق من المعانى السابقة ، أن (أو) تكون لأحد الشيئين أو أحد الأشياء ، وقد تخرج إلى معنى (بل) أو (الواو) ، إلا أن ينصب الفعل المضارع بعدها فتكون بمعنى (إلّا أن) الاستثنائية ، أو (إلى أن) الغائية.

وأما سائر المعانى فمستفادة من التركيب الذى ذكرت فيه (أو).

ملحوظتان :

أولا : اختصاص (أو) بالعطف بين الحاليتين :

تستعمل (أو) للعطف بين جملتين حاليتين ، فتلتبس بـ (أم) ، كقولك : أنا أضرب زيدا قام أو قعد. حيث الجملة الفعلية (قام) فى محل نصب على الحالية ، وقد عطف عليها الجملة الفعلية (قعد) ، وكان العاطف (أو).

__________________

(١) ينظر : مغنى اللبيب ١ ـ ٦٧ / شرح الشذور ، رقم ١٤٦ / شرح القطر ، رقم ١٦ / أوضح المسالك ، رقم ٤٩٨.

(لأستسهلن) اللام : واقعة فى جواب قسم مقدر ، حرف مبنى لا محل له من الإعراب. أستسهل : فعل مضارع مبنى على الفتح ؛ لاتصاله بنون التوكيد المباشرة ، فى محل رفع ، وفاعله ضمير مستتر تقديره :أنا ، والنون المضعفة للتوكيد حرف مبنى لا محل له من الإعراب. والجملة جواب قسم مقدر لا محل له من الإعراب. (الصعب) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (أو) حرف بمعنى إلى مبنى لا محل له من الإعراب. (أدرك) فعل مضارع منصوب بعد أن المقدرة بعد أو ، وعلامة نصبه الفتحة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنا. (المنى) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. (فما) الفاء : تعليلية حرف مبنى لا محل له من الإعراب. ما : حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (انقادت) فعل مبنى على الفتح. والتاء للتأنيث مبنى لا محل له من الإعراب. (الآمال) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (إلا) حرف استثناء مهمل مبنى لا محل له من الإعراب يفيد الحصر والقصر. (لصابر) اللام : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. صابر : اسم مجرور بعد اللام ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بالانقياد.

٢٤٠