النحو العربي - ج ٤

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ٤

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٩٥

والآخر : ما ذهب إليه المبرد (١) واختاره الزجاج من جواز وصفه ؛ لأن الميم المشددة عوض من حرف النداء ، فكان اللفظ (اللهم) هو (يا الله) ، لما جاز وصف المنادى (الله) بعد (يا) جاز وصف (اللهم).

فى قوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ ...) [آل عمران : ٢٦] يعرب (مالِكَ) على الأوجه الآتية :

ـ أن يكون بدلا من (اللهم) منصوبا ، وعلامة نصبه الفتحة.

ـ أن يكون عطف بيان له منصوبا.

ـ أن يكون منادى ثانيا وقد حذف حرف النداء ، والتقدير : يا مالك الملك.

ـ أن يكون نعتا للمنادى (اللهم) فى محلّ نصب ، على المحل ؛ لأنه منادى مبنى على الضم فى محلّ نصب ، والميم عوض من حرف النداء. والإعراب على النعت فى رأى المبرد ومن ذهب مذهبه.

ومثله قوله تعالى : (قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ) [المائدة : ١١٤]. وكذلك قوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) [الزمر : ٦٤].

والموضع الثانى من موضعى عدم اجتماع أداتى النداء والتعريف هو : الجملة المسمّى بها :

فيقال : يا الكاتب درسه محمود أقبل ، يا المنطلق علىّ أسرع ، يا اللاعب الكرة محمد انتبه إلى دروسك.

وتقول : يا المنطلق زيد ... وذلك فى رجل مسمى بإحدى هذه الجمل أو بغيرها ، حيث يدخل حرف النداء على ما فيه الألف واللام حينئذ.

ملحوظة :

دخول حرف النداء على ما فيه (ال) فى غير هذين الموضعين يكون من الضرورة الشعرية ، منه قول الراجز :

__________________

(١) ينظر : المقتضب ٤ ـ ٢٣٩.

٤١

فيا الغلامان اللذان فرّا

إيّا كما أن تكسبانا شرّا (١)

حيث دخل حرف النداء (يا) على ما فيه الألف واللام (الغلامان) ، وليس من الموضعين المذكورين استثناء.

نداء ما فيه أداة التعريف

ذكرنا أنه لا يجتمع حرفا التعريف والنداء إلا فى مواضع أو تراكيب معينة ، فإذا أردنا أن ننادى ما فيه (أل) فى غير هذه المواضع فإنه يكون بإحدى طريقتين : إما باستخدام (أى) ، وإما باستخدام اسم الإشارة.

ويجعل قسم من النحاة هذه الفكرة تحت موضوع (المنادى المبهم) ، وبقصدون بالمنادى ـ حينئذ : (أى ، واسم الإشارة) ، فالمنادى فى هذا التركيب هو الاسم المعروف بالأداة عند بعض النحاة ، وعند الآخرين هو الاسم المبهم ، ذلك على التفصيل الآتى :

أ ـ (أى) منادى :

تستخدم (أى) لنداء المعرف بالألف واللام ، فكأنها بمثابة الصلة بين حرف النداء والمنادى المحلّى بـ (ال) ، فيكون الاسم المقصود بالنداء صفة لأى ، وهى منادى ، فتقول : يا أيّها الرجل ، ويراعى فى هذا التركيب ما يلى :

١ ـ تكون (أى منادى مبنيا على الضمّ فى محلّ نصب ؛ لكونه منادى مقصودا مشارا إليه ، فهو بمنزلة : يا رجل.

__________________

(١) المقتضب ٤ ـ ٢٤٣ / شرح ابن يعيش ٢ ـ ٩ / شرح ابن الناظم ٥٧١ / المقرب ٣٧ ، ٨٥ / شرح التصريح ٢ ـ ١٧٣.

(يا) حرف نداء مبنى ، لا محل له من الإعراب. (الغلامان) منادى مبنى على الألف فى محل نصب. (اللذان) نعت للمنادى مرفوع على اللفظ. (فرّا) فعل ماض مبنى على الفتح ، وألف الاثنين ضمير مبنى فى محل رفع فاعل ، والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (إياكما) ضمير مبنى فى محل نصب على التحذير بفعل مضمر وجوبا. (أن) حرف مصدرى ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. (تعقبانا) فعل مضارع منصوب بعد أن ، وعلامة نصبه حذف النون. وألف الاثنين ضمير مبنى ، فى محل رفع فاعل ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل نصب مفعول به أول ، والمصدر المؤول فى محل جر بمن المقدرة. (شرا) مفعول به ثا منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

٤٢

٢ ـ تلحق (ها) هاء مفتوحة فتحة طويلة ، (أى : ذات ألف مد) بـ (أى) ، فتكون (أيها) ، وهى حينئذ مقحمة بين (أى) وما توصف به ، ويختلف النحاة فى (ها) الملحقة بـ (أى) :

ـ فمنهم من يرى أنها (ها) التنبيه تكون عوضا من حرف النداء (يا) ، فكأنك كررت يا ، فقلت : يا يا ، وعلى رأس هؤلاء سيبويه (١).

ـ ومنهم من يرى أنها عوض مما تستحقه (أى) من الإضافة ؛ لأن أيّا ملازمة للإضافة ، فلمّا لم تضف فى هذا التركيب جعلت (ها) عوضا من الإضافة.

ـ ومنهم من يرى أنها للتنبيه ، أو لتكثير الوحدات الصوتية.

ويجوز فى لغة أن تضمّ الهاء وتحذف الألف (الفتحة الطويلة).

و (ها) هذه وصلة بين المنادى المنعوت (أى) ، والمنادى النعت المقصود المعرف بالأداة ؛ لأنه لو لم تكن موجودة لالتبس بين النعت والمضاف إليه.

ولا بد من التأكد أنه لو لا هذه الوصلة (ها) لأصبح الاسم المعرف بعد (أى) لازم الإضافة إليها ، وما (أى) فى حد ذاتها ـ فى رأيى ـ إلا سبيل للتوصل إلى نداء ما فيه الألف واللام.

٣ ـ توصف (أى) باسم جنس أو باسم إشارة أو اسم موصول محلّى بالألف واللام. فتقول : يا أيها المواطن ... ، يا أيها المؤمن .. وتقول : يا أيهذا ... يا أيها الذى ...

٤ ـ صفة (أى) يجب أن تكون مرفوعة ، أو فى محل رفع ، ذلك لأن الصفة هى المقصودة بالنداء ، فكأنها بمثابة النكرة المقصودة التى تكون مبنيّة على ما يرفع بها ، فلما جاوز النداء إلى الصفة أصبح معربا ، وبذلك استحقت الصفة الرفع.

٥ ـ من الأفضل أن يلحق بأى تاء التأنيث مقحمة بينها وبين (ها) التنبيه إذا كان المقصود مؤنثا ، فتقول : يا أيتها المواطنة .. يا أيتها الطالبة .. يا أيتهذه.

__________________

(١) ينظر : الكتاب ٢ ـ ١٩٧ ، ١ ـ ٢٩١.

٤٣

٦ ـ اختلف النحاة فى المقصود بالنداء المذكور بعد (أى) على النحو الآتى :

ـ يذهب الأكثرون إلى أنه نعت لأى ، ويكون مرفوعا دائما ، ويعللون للرفع بأن النعت إنما هو المقصود بالنداء ، فكان حقّه الضمّ أو ما يرفع به ، فالتزم بالضمّ لذلك ، إلا أن علامته تكون علامة إعراب لزوال علة البناء بوجود الألف واللام.

وتكون (أى) و (ها) وصفة (أى) بمنزلة اسم واحد ، ولذلك فإن ما فيه حرفا التعريف يكون صفة لازمة.

ـ يجيز المازنى والزجاج نصب نعت (أى) قياسا على ما يذكر فى نعت المنادى بالنعت المعرف بالأداة ، حيث يجوز فيه النصب على المحل ، والضمّ على اللفظ ، فتقول : يا محمود الكريم (بنصب الكريم وضمّه).

ـ ذهب بعضهم إلى أنه بدل ، وليس نعتا ، ويعلل لذلك بأنه غير مشتق.

لكننا علينا أن نستحضتر ـ هنا ـ فكرة أن البدل فى نية تكرير العامل ، فالبدل والمبدل منه بمثابة ـ جملتين ، ولا يجوز تكرير العامل حال احتساب المعرف بالأداة بدلا.

ـ ذهب آخرون إلى أنه عطف بيان ، ويختار ابن يعيش هذا الرأى ، ويعلّل له بأن النعت تحلية الموصوف بشىء فيه ، أو فى شىء من سببه ، لكن هذه أجناس ، فهى شرح وبيان للأول المنادى (١).

ـ وذهب الأخفش إلى أنه خبر مبتدإ محذوف ، وتكون الجملة الاسمية صلة (أى) ، لأن أيّا بمعنى الذى عنده فهى موصولة ، ويردّ بأن الموصول لا يبنى فى النداء لطوله.

٧ ـ يستوى فى نعت (أى) فى النداء المفرد والمثنى والجمع ، وكذلك المذكر والمؤنث ، فتقول : يا أيها الطالب .. ، يا أيها الطالبان .. ، يا أيها الطلاب .. يا أيتها الطالبة ، يا أيتها الطالبتان .. ، يا أيتها الطالبات.

__________________

(١) شرح ابن يعيش ١ ـ ١٣٠.

٤٤

وتكون (أى ، وأية) منادى مبنيا على الضمّ فى محلّ نصب ، أما (الطالب ، والطالبة. والطلاب والطالبات) فهى نعت لأى مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، أما (الطالبان ، الطالبتان) فهما نعت مرفوع ، وعلامة رفعه الألف ، لأنهما مثنى.

أما (ها) فهى حرف زائد مبنى لا محل له من الإعراب.

٨ ـ نعت (أى) المرفوع فى هذا التركيب يكون واحدا من :

ـ الاسم المعرف بأداة التعريف التى تفيد الجنس ، نحو : أيها الطالب ... ، يا أيتها المؤمنة ...

ومنه قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ) [الأحزاب : ١] ، (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) [الكافرون : ١] ، (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ) [النساء : ١] ، (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) [الفجر : ٢٧].

ـ الاسم الموصول المحلى بأل ، نحو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) [الحجر : ٦] ، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ) [البقرة : ٢٥٤].

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبه : ١١٩].

ـ اسم الإشارة المنعوت باسم معرف بالأداة ، كما هو فى قول الشاعر :

أيّهذان كلا زاديكما

ودعانى واغلا فيمن يغل (١)

__________________

(١) عمدة الحافظ ١٧٩ / شرح شذور الذهب ١٥٤ / الدرر ١ ـ ١٥٢. الواغل : الذى يدخل على القوم يشربون ولم يدع إلى ذلك.

(أيهذان) أى : منادى مبنى على الضم فى محل نصب ، وحرف النداء محذوف ، هذان : اسم إشارة مرفوع لأنه نعت للمنادى ، وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى. ويجوز أن تجعل (ها) حرف تنبيه مبنيا لا محل له من الإعراب. (كلا) فعل أمر مبنى على حذف النون ، وألف الاثنين ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (زاديكما) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى ، وضمير المخاطبين مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (ودعانى) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له. دعا : فعل أمر مبنى على حذف النون ، وألف الاثنين ضمير مبنى فى محل رفع فاعل. والنون حرف وقاية مبنى لا محل له. وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (واغلا) حال منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة. (فى) حرف جر مبنى. (من) اسم موصول مبنى فى محل جر ، وشبه الجملة فى محل نصب نعت لواغل ، أو متعلقة بمحذوف نعت. (يغل) فعل مضارع مرفوع ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

٤٥

حيث نعت المنادى (أى) باسم الإشارة (هذان) ، وهو للمثنى ، ولم ينعت باسم معرف بالأداة ، وهو قليل.

وقول طرفة :

ألا أيهذا الزاجرى أحضر الوغى

وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدى (١)

حيث نعت (المنادى) باسم الإشارة (هذا) ، وقد وصف باسم محلى بأل.

٩ ـ إن كان صفتها غير اسم جنس معرف بالأداة أو اسم إشارة أو اسم موصول محلى بالأداة فإنها تؤول على أن الموصوف محذوف ، وصفته المذكورة أقيمت مقامه ، فقولك : يا أيها الكريم .. أصله : يا أيّها الرجل الكريم ... و (الكريم) تعرب نعتا لأى مرفوعا.

ومنه قوله ـ تعالى ـ : (قالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ) [الزخرف : ٤٩]. (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) [المزمل : ١].

١٠ ـ إن أتبعت الصفة بتابع آخر فإنه يكون مرفوعا ، فتقول : يا أيها الرجل ذو المال وذو الجمة.

وقد ينصب على البدل فتقول : يا أيها الرجل ذا المال ، وذا الجمة.

١١ ـ قد يذكر اسم الإشارة بين (أى) وصفتها ، فيقال : يا أيهذا الرجل ... يا أيها ذى المرأة .. ، يا أيتها ذى المرأة ...

ويكون اسم الإشارة مبنيا فى محلّ رفع ، نعت للمنادى (أى). أما الاسم المعرف بالأداة فإنه يكون نعتا ثانيا لأى مرفوعا ، أو يكون نعتا لاسم الإشارة.

وأنت تلحظ أن اسم الإشارة فى مثل هذا التركيب قد وصف بما وصف به (أى) من اسم جنس معرف بالأداة ، وتكون (أى) فى هذا التركيب مقحمة لنداء اسم الإشارة الموصوف بما فيه أداة التعريف ، مع أنه هو المقصود بالنداء. من ذلك قول طرفة :

__________________

(١) الكتاب ٢ ـ ٣٣٨ / المقتضب ٨٥٠٢ / شرح شذور الذهب ١٥٣.

٤٦

ألا أيّهذا الزاجرى أحضر الوغى

وأن أشهد اللذّات هل أنت مخلدى (١)

وقول ذى الرّمة :

ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه

لشىء نحته عن يديه المقادر (٢)

وقول الآخر :

ألا أيّهذا المنزل الدارس الذى

كأنّك لم يعهد بك الحىّ عاهد

١٢ ـ قد يستعمل هذا التركيب فى غير إرادة النداء ، ولكن للاختصاص ، وعندئد يحذف حرف النداء دون تقدير ذكره ، كأن تقول : أمّا أنا ـ أيها المتحدث ـ فأفهم الدرس ، وأما نحن ـ أيها الطلاب ـ فمنتبهون ، والتقدير فى كلتا الجملتين :أنا أختص بذلك ، ونحن نختص بذلك ، ويلحظ أن الغرض من ذكر المخصوص تخصيص مدلوله من بين أمثاله ، وتحديده واختصاصه بما نسب إليه من حكم.

ويختص هذا التركيب فى الاختصاص بما يأتى :

__________________

(١) (ألا) حرف استفتاح وتنبيه مبنى ، لا محل له من الإعراب. (أيهذا) أى : منادى مبنى على الضم فى محل نصب ، وحرف النداء محذوف. وها : حرف تنبيه مبنى ، لا محل له من الإعراب. ذا : اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، نعت لأى. (الزاجرى) بدل من اسم الإشارة ، أو عطف بيان له ، مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها مناسبة الكسرة لضمير المتكلم ، والياء ضمير مبنى فى محل نصب ، مفعول به ، أو فى محل جر بالإضافة. (أحضر) فعل مضارع مرفوع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وفاعله مستتر تقديره : أنا ، ويروى بالنصب على تقدير أن المصدرية محذوفة. (الوغى) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. (وأن) حرف عطف وحرف مصدرى ونصب مبنيان ، لا محل لهما من الإعراب. (أشهد) فعل مضارع منصوب بعد أن ، وعلامة نصبه الفتحة ، وفاعله مستتر تقديره : أنا ، والمصدر المؤول معطوف على أحضر. (اللذات) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة. (هل) حرف استفهام مبنى ، لا محل له من الإعراب. (أنت) ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (مخلدى) خبر المبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها مناسبة الكسرة لضمير المتكلم ، والياء ضمير مبنى فى محل جر بالإضافة.

(٢) (الوجد) فاعل للباخع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (نفسه) مفعول به منصوب ، وضمير الغائب فى محل جر بالإضافة. (لشىء) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بباخع. (نحته) فعل ماض مبنى على الفتح المقدر. والتاء : حرف تأنيث مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (المقادر) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الفعلية فى محل جر ، نعت لشىء (عن يديه) جار ومجرور ومضاف إليه ، وشبه الجملة متعلقة بنحى.

٤٧

ـ تكون (أى) مبنية على الضمّ ، فى محلّ نصب بفعل محذوف وجوبا ، تقديره : أخص ، ومن النحاة من يرى أنها معربة.

ولا يعوض عن الفعل المحذوف ، بخلاف النداء فإنه يعوض فيه عن الفعل المحذوف بحرف النداء.

وبناء (أى) على الضمّ فى محل نصب مذهب جمهور النحاة. لكن الأخفش يذهب إلى أن أيا منادى ، ولا ينكر أن ينادى الإنسان نفسه متمثلا فى ذلك بقول عمر : «كلّ الناس أفقه منك يا عمر».

لكن السيرافىّ قد ذهب إلى أن أيا فى الاختصاص معربة من أحد وجهين :

أولهما : أن تكون خبرا لمبتدإ محذوف ، ويكون التقدير : ... ـ هو أيها الرجل ـ أى : هو المخصوص به ، أو : من أريد الرجل المذكور.

والآخر : أن تكون مبتدأ خبره محذوف ، ويكون التقدير : ـ أيها الرجل المخصوص أنا المذكور ـ. أو : أيها الرجل المخصوص من أريد ـ ...

ـ تكون ـ (أى) موصولة بـ (ها) ، أى : هاء مفتوحة فتحة طويلة ، أى : بألف مد.

ـ تكون (أى) موصوفة باسم جنس دون اسم الإشارة أو الاسم الموصول المحلّى بـ (أل) ، ويكون مرفوعا لفظا ، ولا يجوز نصبه كما هو فى النداء عند بعض النحاة.

ـ يجوز إلحاق تاء التأنيث بـ (أى) إذا كان نعتها مؤنثا.

ـ يجب أن تسبق جملة الاختصاص بهذا التركيب بضمير التكلم (أنا ، نحن).

ـ تكون (أيّها) فى الإفراد والتثنية والجمع ، والتذكير والتأنيث ، ومن الأفضل أن تلحق تاء التأنيث بأيها إذا كان النعت مؤنثا.

ـ يذهب جمهور النحاة إلى أن جملة الاختصاص اعتراضية بين المبتدإ والخبر ، لا محلّ لها من الإعراب ، ولكن من النحاة من يذهب إلى أنها فى محلّ

٤٨

نصب على الحالية ، ويكون تقديرهم لها : ... مخصوصا من بين ... أو : مخصوصين من بين ...

من ذلك قولك :

أنا ـ أيها المواطن ـ أرعى حقوق الوطن.

نحن ـ أيها المواطنان ـ نرعى حقوق الوطن.

نحن ـ أيها المواطنون ـ نرعى حقوق الوطن.

أنا ـ أيتها المسلمة ـ أرعى حقوق الجار.

نحن ـ أيتها المسلمتان ـ نرعى حقوق الجار.

نحن ـ أيتها المسلمات ـ نرعى حقوق الجار.

ب ـ اسم الإشارة منادى :

يتوصل إلى نداء ما فيه أداة التعريف باستعمال اسم الإشارة ، ويكون المقصود بالنداء المعرف بالأداة صفة له ، فتقول : يا هذا المؤمن ، يا هذه المؤمنة ، يا هذان المؤمنان ، يا هاتان المؤمنتان ، يا هؤلاء المؤمنون والمؤمنات ... وتقول : يا ذا المؤمن ، ويا ذى المؤمنة ...

ومثل هذا التركيب (حرف النداء يتلوه اسم الإشارة المتلوّ بما فيه أداة التعريف) يحتمل وجهين :

أولهما : أن تجعل المقصود بالنداء المعرف بالأداة ، فيكون اسم الإشارة وصلة له ، فيجب لذلك رفع الصفة ، مثله فى ذلك مثل (أى).

ونكرر ـ هنا ـ أنه يجوز عند المازنى فى الصفة ـ حينئذ ـ الرفع والنصب.

والآخر : أن تجعل المقصود بالنداء اسم الإشارة نفسه فيجوز فى الصفة ـ حينئذ ـ الرفع والنصب ، فتقول : يا هذا الرجل أو الرجل ، حيث يجوز رفعه

٤٩

على أنه صفة ، كما يجوز نصبه على النعت على المحل ، أو على البدل ، أو عطف البيان.

ومنه قول ابن لوذان السدوسى :

يا صاح ياذا الضامر العنس

والرحل والأقتاب والحلس (١)

حيث (ذا) اسم إشارة ، ويروى برفع (الضامر) ونصبه على الأوجه السابقة من التعليل.

ملحوظة :

يجر (الرحل) وما بعده فى البيت السابق ، ولجرّه عند البصريين توجيهان (٢) :

أولهما : أنه معطوف على العنس ، ووصفه مع ما بعده بالضمور مجاز.

والآخر : أنه مع ما بعده مجرور بنداء آخر ، والتقدير. يا صاحب الرجل.

فحذف المضاف وأبقى المضاف إليه مقامه.

أما الكوفيون فإنهم يجعلون (ذا) بمعنى صاحب ، ويجعلون (الضامر) مجرورا بالإضافة ، أما العنس فهو عطف بيان ، حيث عطف عليه الرحل وما بعده ، وهى لا توصف بالضمور.

ومنه قول عبيد بن الأبرص :

يا ذا المخوّفنا بمقتل شيخه

حجر تمنّى صاحب الأحلام (٣)

__________________

(١) الضامر : الدقيق اللحم ، العنس : الناقة الشريرة ، الأقتاب : جمع قتب ، وهو رحل السنام ، الحلس : ما يوضع تحت البردعة على ظهر الدابة.

ينظر : الكتاب ٢ ـ ١٩٠ / المقتضب ٤ ـ ٢٢٣ / الأصول ١ ـ ٣٣٩ / الخصائص ٣ ـ ٣٠٢ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ٣٤٥ / الإيضاح فى شرح المفصل ٢ ـ ٢٧١ / المقرب ١ ـ ١٧٩ / شرح الرضى على الكافية ١ ـ ١٤٠ / المساعد ٢ ـ ٥١٥ / الخزانة ١ ـ ٣٢٩.

(٢) ينظر : شرح القمولى على الكافية ٧٣ ، ٧٤.

(٣) الكتاب ٢ ـ ١٩١ / أمالى ابن الشجرى ٢ ـ ٣٢٠ / الخزانة ٢ ـ ٢١٢ / ديوانه ٢٠ /.

(يا) حرف نداء مبنى ، لا محل له من الإعراب. (ذا) اسم إشارة منادى مبنى على الضم المقدر. (المخوفنا) نعت للمنادى مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل نصب مفعول به. (بمقتل)

٥٠

حيث وصف المنادى اسم الإشارة بما فيه أداة التعريف (المخوفنا).

تابع المنادى المبنى :

يتنوع تابع المنادى المبنى بين النعت والتوكيد وعطف البيان والبدل وعطف النسق ، حيث تكون هذه صور التابع ، وفى ذلك أحكام ، هى :

أ ـ إذا كان التابع نعتا أو توكيدا أو عطف بيان وهو مضاف إضافة معنوية غير معرف بالألف واللام : فإنه يجب فيه النصب. لأن هذه التوابع لو وقعت موقع صاحبها لكانت منصوبة ، ولا يجوز رفعها على لفظ المنادى.

فتقول : يا علىّ صاحب محمود ، حيث (على) منادى مبنى على الضمّ فى محلّ نصب ، و (صاحب) نعت أو عطف بيان من (على) منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

وتقول : يا محمود ذا علم ، (ذا) نعت للمنادى (محمود) ، منصوب وعلامة نصبه الألف ؛ لأنه من الأسماء الستة.

وتقول : يا طلاب كلّكم ، وكلّهم ، بنصب (كل) ؛ لأنه توكيد للمنادى.

ومنه : يا محمد نفسك ونفسه ، بنصب (نفس) ، يا طالبان كليكما وكليهما ، ويا قوم جميعكم وجميعهم ، بنصب (كلا وجميع) ؛ لأن كلا منهما توكيد للمنادى.

وتقول : يا أحمد عبد الله ، بنصب (عبد) ، على أنه عطف بيان للمنادى المبنى على الضمّ (أحمد).

ومنه قول الشاعر :

أزيد أخا ورقاء إن كنت ثائرا

فقد عرضت أحناء حقّ فخاصم (١)

__________________

جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالتخويف. (شيخه) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة إلى شيخ. (حجر) بدل من شيخ مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (تمنى) مفعول مطلق لفعل محذوف منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. والتقدير : تمنى تمنى. (صاحب) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (الأحلام) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(١) الكتاب ٢ ـ ١٨٣ / المقتصد ٢ ـ ٧٧١ / المفصل ٣٨ / شرح ابن يعيش ٢ ـ ٤ /. أحناء : جمع حنو ، وهو الجانب ، ثائرا : طالبا الدم.

٥١

حيث (أخا) نعت للمنادى المبنى على الضم (زيد) ، والنعت مضاف إضافة غير لفظية ، فنصب على المحل ، فالمنادى إذا وصف بالمضاف فهو بمنزلته

إذا كان فى موضعه ، فكأنك قلت : يا أخا ورقاء (١) ، والصفة من تمام الموصوف لأنها مخصصة له (٢) ، ولذا لم يجز فى مثل هذه الصفة إلا النصب.

ب ـ إذا كان التابع توكيدا غير مضاف ؛ أو عطف بيان غير مضاف : جاز فيه الرفع على اللفظ ، والنصب على المحل.

فتقول فى التوكيد : يا طلاب أجمعون (وأجمعين) انتبهوا ، حيث (أجمعون) توكيد للمنادى المبنى على الضمّ (طلاب) والتوكيد غير مضاف ، فيجوز فيه الرفع على اللفظ ، والنصب على المحلّ.

وتقول : يا طالب محمود ، ومحمودا ، حيث (محمود) عطف بيان للمنادى المبنى على الضم (طالب) ، فيجوز فيه وجها الرفع على اللفظ ، والنصب على المحل.

وعطف البيان بمثابة الصفة لأن كلا منهما من البيان.

ج ـ إذا كان التابع نعتا مضافا إضافة لفظية ؛ وهو مقرون بالألف واللام : جاز فيه الإتباع على اللفظ وعلى المحلّ ، فتقول : يا محمد الجميل الخلق ، بضمّ (الجميل)

__________________

(أزيد) الهمزة حرف نداء مبنى ، لا محل له من الإعراب. زيد : منادى مبنى على الضم فى محل نصب. (أخا) نعت للمنادى منصوب ، وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الستة. (ورقاء) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف. (إن) حرف شرط جازم مبنى ، لا محل له من الإعراب. (كنت) فعل الشرط ماض مبنى على السكون. وضمير المخاطب مبنى فى محل رفع ، اسم كان. (ثائرا) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (فقد) الفاء رابط الشرط بجوابه ، حرف مبنى لا محل له من الإعراب. قد حرف تحقيق مبنى ، لا محل له من الإعراب. (عرضت) فعل جواب الشرط ماض مبنى على الفتح ، والتاء حرف تأنيث مبنى ، لا محل من الإعراب. (أحناء) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (حق) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (فخاصم) عاطف ومعطوف مجرور.

(١) الكتاب ٢ ـ ١٨٣ / المقتصد ٢ ـ ٧٧١.

(٢) شرح ابن يعيش ٢ ـ ٤.

٥٢

وفتحه ؛ لأنه نعت للمنادى المبنى على الضمّ (محمد) ، والضمة للإتباع على لفظ المنادى ، والفتحة للإتباع على المحل ، حيث محلّ المنادى النصب.

ومنه قولك : يا أحمد الحسن الخط ، ويا محمود الكريم اليد ، ويا سعاد المهذبة الخلق.

كل من (الحسن ، والكريم ، والمهذبة) نعت للمنادى المبنى على الضمّ ، وهو فى محلّ نصب ، فتضمّ على اللفظ ، وتفتح منصوبة على المحل.

د ـ فإذا كان التابع عطف بيان أو نعتا مقرونا بأداة التعريف ؛ وهو غير مضاف ولا شبيه بالمضاف : فإنه يجوز أن يعرب على اللفظ أو على المحلّ ، فتقول : يا محمد الكريم ، حيث (الكريم) نعت لمحمد يرفع بالضمة مراعاة للفظ ، وينصب بالفتحة مراعاة للمحلّ.

وتقول ، يا علىّ الأب ، بنصب (الأب) ورفعه ، ويا محمود والأول ، بنصب (الأول) ورفعه ، ومن نصب النعت قول جرير :

فما كعب بن مامة وابن سعدى

بأفضل منك يا عمر الجوادا (١)

حيث (الجواد) نعت للمنادى المبنى على الضم (عمر) ، والنعت منصوب على المحل ، ويجوز فيه الرفع على اللفظ.

__________________

(١) ديوانه ١٣٥ / المقتضب ٤ ـ ٢٠٨ / المقتصد ٢ ـ ٧٧٠ شرح التصريح ٢ ـ ١٦٩. كعب بن مامة هو الإيادى الذى آثر على نفسه بالماء حتى هلك عطشا. ابن سعدى كان مشهورا بالجواد.

(ما) حجازية حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب يعمل عمل ليس. (كعب) اسم ما مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (ابن) بدل أو عطف بيان أو نعت لكعب مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (مامة) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف. (وابن) عاطف ومعطوف على كعب مرفوع. (سعدى) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الفتحة المقدرة نيابة عن الكسرة للتعذر. (بأفضل) الباء : حرف جر زائد للتوكيد لا محل له ، أفضل : خبر ما الحجازية منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها فتحة جر الممنوع من الصرف بحرف الجر الزائد نيابة عن الكسرة. (منك) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بأفضل. (يا) حرف نداء مبنى. (عمر) منادى مبنى على الضم فى محل نصب. (الجوادا) نعت لعمر منصوب على المحل ، والألف للإطلاق حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب.

٥٣

فإذا كان المنادى مبنيا فإن تابعه يتخذ العلامة الإعرابية الخاصة به ، مع مراعاة ما يمكن أن يحتمله من تقدير على محلّ المنادى أو لفظه. فتقول : يا سيبويه العالم ؛ يرحمك الله ، حيث (سيبويه) يكون منادى مبنيا على الضمة المقدرة ، منع من ظهورها الكسرة التى بنى عليها فى محل نصب ، ويكون (العالم) نعتا مرفوعا على اللفظ ، وعلامة رفعه الضمة ، مراعاة للضمة المقدرة التى بنى عليها المنادى المنعوت ، ويجوز أن يكون منصوبا بالفتحة على المحل ؛ لأن المنادى فى محلّ نصب.

كما تقول : يا نحمده البخيل أعط للفقراء ، حيث (نحمده) علم مبنى على الضم المقدر ، والنعت (البخيل) يجوز فيه الرفع بالضمة على اللفظ ، والنصب بالفتحة على المحلّ.

ه ـ إن كان التابع بدلا أو معطوفا عطف نسق غير معرف بالأداة : فحكمه حكمه لو كان غير تابع ، أى : تحتسبهما منادى مستقلا مقصودا فى نفسه.

فتقول : يا رجل محمود أقبل ، بضم المنادى (رجل) وتابعه البدل (محمود) بالبناء على الضم ، كما لو كان كل منهما منادى مستقلا.

وتقول : يا محمود وعلىّ أقبلا ، ببناء كل من (محمود وعلى) على الضم.

ومن ذلك قولك : يا محمود أبا علىّ ساعدنى ، ببناء (محمد) على الضمّ ؛ لأنه علم غير مضاف ، ونصب البدل (أبا) بالألف ؛ لأنه مضاف.

ومنه : يا محمود وعبد الله ساعدانى ، ببناء (محمد) على الضم ، ونصب (عبد) بالفتحة.

من النحاة من يجيز حمل المعطوف على المنادى على موضعه مطلقا ، فتقول : يا محمود وعليّا أقبلا ، ويا عبد الله ومحمودا ساعدانى ، لكن الرأى الأول هو المختار ، وهو بناء ما يستحق البناء.

ومنه : يا أحمد وسمير ، ببناء الاسمين على الضم. يا سمير وبائع اللبن ، ببناء الأول على الضم ، ونصب الثانى. يا بائع اللبن وسمير ، بنصب الأول ، وبناء الثانى على الضم.

٥٤

وتقول : يا رجل سمير ، ببناء الاسمين على الضم ، ويا رجل عبد الله ، ببناء الأول على الضم ، ونصب الثانى. يا بائع اللبن أحمد ، بنصب الأول ، وبناء الثانى على الضمّ.

و ـ يذهب النحاة إلى أن المنسوق إذا كان معرفا بالألف واللام : جاز فيه الرفع والنصب ، فتقول : يا سمير والابن (بالضمة والفتحة) ؛ وذلك لأنه يمتنع تقدير حرف النداء قبله لوجود الألف واللام ، ولا يجتمعان مع حرف النداء إلا فى مواضع ، فأشبه بذلك النعت.

ومنه قوله تعالى : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ) [سبأ : ١٠] بنصب (الطير) فى قراءة العامة ، ورفعه فى قراءة السلمى والأعرج ويعقوب وأبى نوفل وأبى يحيى وعاصم فى رواية.

ويوجه النصب على أنه بالعطف على محل المنادى المبنى على الضمّ (جبال) ، ومحلّه النصب ، وفيه أوجه أخرى (١).

أما الرفع فإنه يوجه على أنه معطوف عطف نسق على المنادى المبنى على الضم (جِبالُ)(٢). ومنه قول الشاعر :

ألا يا زيد والضحّاك سيرا

فقد جاوزتما خمر الطريق (٣)

__________________

(١) يوجه نصب (الطير) كذلك على :

ـ أنه مفعول به لفعل محذوف ، والتقدير : وسخرنا الطير.

ـ أنه مفعول معه ، ويرد هذا الرأى بأن قبله لفظ (معه).

ـ أنه معطوف على المنصوب (فضلا) فى قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً).

(٢) يوجه الرفع كذلك على الابتداء والخبر محذوف ، والتقدير : والطير مؤوبة ، أو : بالعطف على الضمير فى (أوبى).

(٣) (ألا) حرف استفتاح مبنى ، لا محل له من الإعراب. (يا) حرف نداء مبنى. (زيد) منادى مبنى على الضم فى محل نصب. (والضحاك) الواو حرف عطف مبنى. الضحاك : معطوف على زيد مرفوع على اللفظ ، وينصب على المحل. (سيرا) فعل أمر مبنى على حذف النون. وألف الاثنين ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (فقد) الفاء : تعقيبية سببية حرف مبنى. قد حرف تحقيق. مبنى لا محل له. (جاوزتما) فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المخاطبين مبنى فى محل رفع ، فاعل. (خمر) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (الطريق) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

٥٥

حيث رفع (الضحاك) بالعطف على المنادى المبنى على الضم (زيد) ، ويروى بالنصب بالعطف على محلّ المنادى.

وكان أبو العباس المبرد يرى أن مثل (الضحاك) يختار بناؤه على الضم ، حيث (الضحاك) علم ، ومثله قولك : يا زيد والحارث.

والنحاة على خلاف فيما بينهم فى المختار من الرفع والنصب فى هذا التركيب.

تنبيهات :

أ ـ إذا كان الاسم مبنيا وأردت وصفه بعد النداء جاز لك أن ترفعه على حركة البناء المقدرة فى المنادى المنعوت ،

فتقول : يا هذا المجيب ، أقبل ، حيث (هذا) اسم إشارة مبنى على الضمة المقدرة فى محلّ نصب ، و (المجيب) نعت مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

ب ـ تقول : يا أيها الرجل زيد :

إذا أردت بزيد عطف بيان فإنك ترفع وتنون ، ويجوز نصبه على الموضع. فإن جعلته بدلا من (أى) فإنك تبنى على الضمّ لا غير.

وترفع الثانى كذلك فى قولك : يا أيّها الرجل عبد الله ؛ لأنه عطف بيان ، فإن جعلته بدلا من المنادى فإنك تنصب (عبد).

وتقول : يا زيد وعمرو ؛ تبنى الاثنين على الضم. ويا زيد وعبد الله ، بضمّ الأول ، ونصب الثانى.

ويا عبد الله وزيد ، بنصب الأول ، وضم الثانى.

ح ـ القول : يا زيد زيد أقبل :

(زيد) الأولى منادى مبنى على الضمّ فى محلّ نصب ، أما (زيد) الثانية فيجوز لك فيها ثلاثة أوجه (١) :

__________________

(١) ينظر : شرح القمولى على الكافية ٦٥.

٥٦

ـ الرفع مع التنوين على أن يكون عطف بيان تابعا للفظ المنادى.

ـ النصب مع التنوين على أن يكون عطف بيان تابعا لمحلّ المنادى ، وهو النصب.

ـ البناء على الضمّ على أن يكون بدلا من المنادى ، فكأنه منادى مستقل ؛ لأن البدل فى نية تكرير العامل.

د ـ قول رؤبة :

إنى وأسطار سطرن سطرا

لقائل يا نصر نصر نصرا (١)

فيه (يا نصر نص نصرا) توجه كالآتى :

أ ـ (نصر) الأول منادى مبنى على الضمّ فى محل نصب.

ب ـ (نصر) الثانى فيه أوجه ثلاثة : الرفع مع التنوين على أنه عطف بيان للمنادى تابع له لفظا ، والنصب مع التنوين على أنه عطف بيان للمنادى تابع له محلا ، أو أنه صفة منصوبة على المحل ، أو على الإغراء.

والبناء على الضم على أنه بدل من المنادى.

ج ـ (نصرا) الثالث مفعول مطلق لفعل محذوف ، فهو منصوب على المصدرية ، أو منصوب على أنه صفة ثانية للمنادى منصوبة على المحل ، أو على الإغراء.

وصف المنادى بـ (ابن):

إذا وصف المنادى بكلمة (ابن) فإنه تكون فيه الأحكام الآتية :

__________________

(١) (إنى) حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب ، وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، اسم إن. (وأسطار) الواو حرف قسم مبنى ، لا محل له من الإعراب.

أسطار : مجرور بعد واو القسم ، وعلامة جره الكسرة. وجملة القسم اعتراضية ، لا محل لها من الإعراب. (سطرن) فعل ماض مبنى على السكون ، ونون النسوة ضمير مبنى فى محل رفع ، نائب فاعل.

والجملة الفعلية فى محل جر ، نعت لأسطار. (سطرا) مفعول مطلق منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(لقائل) اللام : للتوكيد أو للابتداء أو المزحلقة حرف مبنى. قائل : خبر إن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

٥٧

أ ـ إذا كان المنادى علما مفردا ووصف بـ (ابن) المضافة إلى علم دون فصل ، سواء أكان اسم أبيه ، أو لقبه ، أو كنيته ، كقولك : يا محمد بن على ، ويا محمد بن أبى بكر ، ويا محمد بن المنصورى ، فإن للعرب فيه مذهبين :

أولهما : البناء على الضم ، على أصله من بناء المنادى ، فتقول : يا محمد بن على ، ويا محمد بن أبى بكر ، ويا محمد بن المنصورى. ببناء (محمد) على الضمّ فى المواضع الثلاثة ، ونصب النعت (ابن) بالفتحة.

والآخر : فتح المنادى (محمد) فى المواضع الثلاثة السابقة ، والفتحة فتحة إتباع وتخفيف ، أى : إتباع المنادى لحركة إعراب (ابن) ، وهى الفتحة ، وحينئذ يكون (ابن) نعتا لا غير ، ويلحظ عدم التنوين إلا فى ضرورة.

واختلف النحاة فيما بينهم فى توجيه فتحة المنادى بين البناء والإعراب على النحو الآتى :

ـ منهم من يرى أنها فتحة بناء ، حيث جعلوا الصفة مع الموصوف بمثابة الاسم المركب ، كما فعلوا فى نعت اسم (لا) النافية للجنس مع اسمها حال بنائهما ، نحو : لا رجل ظريف هناك ، وعلى رأس هؤلاء عبد القاهر الجرجانى (١).

ـ ومنهم من يرى أنها فتحة إعراب ، فليس فيه تركيب ، وجعل هؤلاء حركة البناء تابعة لحركة الإعراب ، كما فى (امرئ) ، حيث تغير حركة الراء تبعا لحركة الهمزة الإعرابية.

ب ـ إذا لم يقع (ابن) بعد علم ، أو لم يقع بعده علم ؛ وجب بناء المنادى العلم على الضمّ ، فيقال. يا غلام ابن محمد ، ببناء المنادى (غلام) على الضم ، ونصب النعت (ابن) على الفتح.

وتقول : يا أحمد ابن أخى ، ببناء (أحمد) على الضم ، ونصب (ابن) على النعت.

__________________

(١) ينظر : المقتصد فى شرح الإيضاح ٢ ـ ٧٨٥.

٥٨

كما تقول : يا محمد الظريف ابن أخى ، ببناء (محمد) على الضم فى محل نصب. لأن النعت (الظريف) فصل بين العلم المنادى و (ابن).

وتقول : يا علىّ المجتهد بن سعيد.

ملحوظات :

أ ـ ينبه إلى أن جمهور النحاة قد اشترطوا كون المنادى ، ظاهر الإعراب ، كى يكون مبنيا على الضم ، أو مفتوحا فتحة إتباع ، فيمتنع ذلك مع الأعلام التى لا تظهر على آخرها العلامة الإعرابية ، كالمقصور فى قوله تعالى : (يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) [المائدة : ١١٠]. حيث يبنى (عيسى) على الضم المقدر لا غير ، ولا يجوز فيه الفتحة المقدرة عند جمهور النحاة ، إذ لا يرون فائدة فى ذلك.

لكن بعض النحاة ـ وعلى رأسهم الفراء وأبو البقاء ـ يرون جواز البناء على الضم والفتح للإتباع.

ب ـ إذا فصل بين المنادى العلم المفرد و (ابن) بفاصل فإنه يبنى على الضمّ لا غير ، ولا يجوز فيه فتحة الإتباع ، كقولك : يا محمد الكريم ابن علىّ ... ، حيث يبنى (محمد) على الضم ، ولما فصل بينه وبين (ابن) بالصفة (الكريم) امتنع فى المنادى فتحة الإتباع.

ح ـ يكون (ابن) مفردا لا مثنى ولا مجموعا.

د ـ تعامل (ابنة) صفة للمنادى معاملة (ابن) فى الأحكام السابقة.

ه ـ (ابن) أو (ابنة) فى التراكيب السابقة يكونان من التوابع على أنهما نعت ، أو بدل مطابق ، أو عطف بيان. فإذا احتسبتهما بدلا أو عطف بيان لا تكون الفتحة إتباعا ، وإنما توجه إلى أنها فتحة إعراب على محلّ المنادى.

نداء الاسم المتكرر المضاف

قد ينادى الاسم العلم غير المضاف ، ثم يكرر مضافا ، مثل قولهم : يا سعد سعد الأوس ، وقول جرير :

٥٩

يا تيم تيم عدىّ لا أبالكم

لا يلقينّكم فى سوأة عمر (١)

يجوز فى الأول الضمّ والفتح ، أما الثانى فإنه يكون مفتوحا.

أولا : ضم الأول وفتح الثانى :

يضم الأول على أنه منادى مبنى على الضم ، حينئذ يفتح الثانى على أوجه ، هى :

ـ البدلية من الأول ، والبدل فى نية تكرير العامل ، فلو أنه منادى لكان منصوبا ، لأنه مضاف.

ـ عطف بيان للأول ، وعطف البيان توضيح للأول ، فهو منصوب على محلّ الأول.

ـ توكيد له توكيدا لفظيا.

ـ منادى ثان مضاف بإضمار حرف النداء ، والمنادى المضاف يكون منصوبا.

ـ مفعول به منصوب لفعل محذوف ، وتقديره : أعنى.

ثانيا : فتح الأول والثانى :

ذكرنا أنه يجوز فى هذا التركيب أن يفتح الأول والثانى ، وحينئذ اختلف النحاة فى توجيه فتحة الأول على النحو الآتى :

__________________

(١) ديوانه ٢١٩ / الكتاب ١ ـ ٥٣ / المقتضب ٤ ـ ٢٢٩ / الخصائص ١ ـ ٣٤٥ التبصرة والتذكرة ١ ـ ٣٤٢ / شرح ابن يعيش ٢ ـ ١٠ / المساعد ٢ ـ ٥١٩.

(يا) حرف نداء مبنى ، لا محل له من الإعراب. (تيم) منادى مبنى على الضم فى محل نصب. ويجوز نصبه على أنه منادى مضاف إلى ما بعد الثانى ، أو أن المضاف إليه محذوف ، أو أن فتحته فتحة إتباع أو بناء. (تيم) منصوب لأنه بدل من الأول أو عطف بيان له ، أو توكيد ، أو منادى محذوف النداء ، أو مفعول به لأعنى ، (عدى) مضاف إلى الأول أو إلى الثانى مجرور وعلامة جره الكسرة. (لا) نافية للجنس حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (أبا) اسم لا النافية للجنس منصوب ، وعلامة نصبه الألف على أنه مضاف إلى ضمير المخاطبين ، واللام فى لكم مقحمة. (لا) حرف نهى ، مبنى لا محل له من الإعراب. (يلقينكم) فعل مضارع مبنى ، على الفتح فى محل جزم ، والنون حرف توكيد مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المخاطبين مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (فى سوأة) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة باللقيا. (عمر) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

٦٠