النحو العربي - ج ٤

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ٤

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٩٥

فإذا قلت : كيف ظننت محمدا؟ فإن (كيف) يكون اسم استفهام مبنيا فى محل نصب ، مفعول به ثان لظن ، وأصله كان خبرا لمحمد ، فلما دخل الفعل القلبى (ظن) صار محمد مفعولا أول ، ويصير (كيف) مفعولا ثانيا.

وعند ما تقول : كيف أعلمته الخبر؟ فإن (كيف) تكون مفعولا به ثالثا ، حيث ضمير الغائب الهاء مفعول به أول ، والخبر مفعول به ثان ، والفعل (أعلم) قد يتعدى إلى ثلاثة مفعولات ، فتكون (كيف) المفعول الثالث ؛ لأنه قائم مقام المعوض عنه فى الإجابة ، فتقول : أعلمته الخبر سارا.

وإذا كانت الإجابة : أعلمته الخبر وأنا مسرور ، أو مسرورا ، فإن كلا من الجملة : (وأنا مسرور) ، واللفظ المفرد (مسرورا) يكون حالا ، وكلّ منهما عوض من (كيف) حال الإجابة عنها. ذلك لأن (أعلم) قد تقتصر على مفعولين ، حيث إنها بمعنى (عرف).

و ـ قد تكون أحد ركنى الجملة الفعلية المحولة ، نحو : كيف كان محمد؟

(كيف) اسم استفهام مبنى على الفتح فى محل نصب ، خبر كان مقدم. (كان) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح. (محمد) اسم كان مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والتقدير كما سبق.

ويجوز أن تجعل (كان) تامة ، ويكون (محمد) فاعلا مرفوعا ، وعلامة رفعه الضمة ، و (كيف) يكون اسم استفهام مبنيا على الفتح فى محلّ نصب على الحالية.

ومنه قوله ـ تعالى : (فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) [آل عمران : ١٣٧].

(كيف) فى محل نصب خبر (كان) مقدم. وهى معلقة للفعل القلبى. والجملة فى محل نصب بنزع الخافض ، والتقدير : انظروا فى كيف كان ...

(فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) [الرعد : ٣٢].

وقد تجعل (كان) تامة فى الموضعين ، وتكون (كيف) فى محل نصب على الحالية ، والعامل (كان) التامة.

٤٦١

ـ وقد تكون فضلة فى الجملة الفعلية مصدّرة بها منصوبة على الحالية ، نحو : كيف صنع محمد هذا؟

(كيف) اسم استفهام مبنى على الفتح فى محل نصب ، حال. (صنع) فعل ماض مبنى على الفتح. (محمد) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (هذا) اسم إشارة مبنى فى محل نصب ، مفعول به.

فى قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ) [الفيل : ١] يرى ابن هشام أن (كيف) فى محل نصب على المصدرية ، والتقدير : أىّ فعل فعل؟

ويرى غيره أنها فى محل نصب على الحالية ، ولكن لا يكون صاحبها لفظ الجلالة.

فى قوله تعالى : (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ) [إبراهيم : ٤٥]. (كيف) فى محل نصب بفعل على المصدرية ، أو على الحالية ، أما فاعل (تبين) فإنه واحد من :

أ ـ أن يكون مصدرا مقدرا من الفعل المذكور فى الجملة التالية له ، وهو : الفعل ، والتقدير : تبين الفعل ...

ب ـ أن يكون مقدرا من السياق ، وهو : الرأى ... أو القول

ج ـ أن يكون مصدرا مقدرا من الفعل (تبين) ، والتقدير : تبين التبيان ...

د ـ أن يكون الجملة ذاتها (كيف فعلنا) عند الكوفيين ، وهذا مرفوض عند جمهور النحاة.

أما قوله تعالى : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) [الغاشية : ١٧]. ففيه : (كيف) فى محل نصب بالفعل (خلق) على الحالية ، وجملة (كيف خلقت) فى محل جر ، بدل اشتمال من (الإبل).

ومثله : (إِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) [الغاشية ١٨ ، ١٩ ، ٢٠].

٤٦٢

فى قوله ـ تعالى : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ) [البقرة : ٢٨]. (كيف) اسم استفهام مبنى فى محل نصب ، حال متعلقة بالكفر. ومنهم من يرى أنها فى محل نصب على الظرفية.

(وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً) [البقرة : ٢٥٩]. (كيف) فى محل نصب على الحالية ، والعامل فيها (ننشز) ، وصاحب الحال ضمير الغائبة المفعول به فى (ننشزها).

* وقوله : (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ) [آل عمران : ٦]. يجوز فى (كيف) الأوجه الآتية :

أ ـ أن يكون المعنى : على أى حال شاء أن يصوركم صوركم ، فتكون (كيف) فى محل نصب ، حال من الفعل بعدها.

ب ـ أن تكون ظرفا ليشاء. وجملتها فى محل نصب ، حال ، من ضمير اسم الجلالة ، أو المفعول به فى يصوركم (١).

(ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) [الصافات : ١٥٤] (ما لكم) جملة اسمية من مبتدإ ، وخبره شبه الجملة ، أو ما تتعلق به من محذوف ، (كيف) فى محل نصب على الحالية ، والعامل فيها (تحكمون) ، وجملة (كيف تحكمون) معمول للحال المحذوفة ـ على رأى جمهور النحاة ـ ، والتقدير يقال لكم ، أو : مقولا لكم ، أو هى الحال فى محل نصب. فكيف حال من حال.

وفى إيجاز فإنه إذا أبدل من (كيف) اسم ، أو وقع اسم جوابا لها ؛ فإنه يعامل إعرابيا كما يأتى :

ـ إن ذكر بعدها فعل متسلط عليها فإن الاسم الذى يحل محلها يكون منصوبا ، نحو : كيف قمت؟

وتقول : كيف سرت؟ فتقول راشدا.

__________________

(١) والتقدير : يصوركم على مشيئته ، أى : مريدا ، أو : يصوركم متقلبين على مشيئته. ينظر : الدر المصون ٢ ـ ١٣.

٤٦٣

ـ إن لم يقع بعدها فعل فما يحلّ محلّها يكون مرفوعا ، نحو : كيف محمد؟

أصحيح أم سقيم؟

وتقول : كيف محمد؟ فتقول : راشد.

ـ إن وقع بعدها اسم مسؤول عنه بها فهى خبر مقدم ، والاسم مؤخر ، نحو كيف محمد؟

ـ هذا بالإضافة إلى أنه قد يحذف الفعل بعدها ، كما ذكر.

ح ـ شذ دخول حرف الجر عليها ، فقالوا : على كيف تبيع الأحمرين (١)؟

ط ـ قد يقال فيها (كى) فتحذف الفاء ، كما قيل فى (سوف) : سو ، بحذف الأخير ، لكننى أرى أن فى هذا إلباسا لكيف بكى.

ى ـ يحذف الفعل بعدها ، من ذلك قوله تعالى : (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) [التوبة : ٨](٢). التقدير : كيف توالونهم ، أو : كيف تطمئنون ، أو كيف لهم عهد ... و (كيف) فى محل نصب على الحالية.

ومثله : (فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ) [محمد : ٢٧](٣).

__________________

(١) الأحمرين : الخمر واللحم.

(٢) (كيف) اسم استفهام مبنى على الفتح في محل نصب علي الحالية متعلق بمحذوف. (وإن) الواو : واو الابتداء أو الحال حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. إن : حرف شرط جازم مبنى على السكون ، لا محل له من الإعراب. (يظهروا) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (عليكم) على : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير المخاطبين مبنى فى محل جر بعلى. وشبه الجملة متعلقة بيظهر. (لا) حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. (يرقبوا) فعل جواب الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (إلا) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (ولا ذمة) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب ، لا : حرف زائد لتوكيد النفى مبنى ، لا محل له من الإعراب.

ذمة : معطوف على إل منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. والتركيب الشرطى حال فى محل نصب.

(٣) (كيف) اسم استفهام مبنى على الفتح فى محل نصب على الحالية. وعامله محذوف ، والتقدير : كيف يصنعون. (إذا) ظرف زمان مبنى فى محل نصب ، وهو مضاف إلى ما بعده. (توفتهم) توفى : فعل الشرط ماض مبنى على الفتح المقدر رفعه. والتاء للتأنيث ، وضمير الغائبين مبنى فى محل نصب ، مفعول به.

(الملائكة) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الفعلية فى محل جر بالإضافة إليه. (يضربون)

٤٦٤

فى قوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ) [آل عمران : ٢٥](١).

التقدير : كيف يكون حالهم ... وتكون (كيف) فى محل نصب على الحالية ، أو على التشبيه بالظرف إذا جعلت (يكون) تامة ، أما إذا جعلتها ناقصة فإن كيف تكون فى محل نصب على أنها خبرها.

وقد يكون التقدير : كيف حالهم ، فتكون (كيف) فى محل رفع ، خبر لمبتدإ محذوف.

فى قوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) [النساء : ٤١]. التقدير : فكيف حالهم ، فتكون (كيف) فى محل رفع ، خبر مقدم لمبتدإ مؤخر مقدر.

أو التقدير : فكيف تكونون ، فتكون (كيف) فى محل نصب ، خبر مقدم ليكون المقدرة الناقصة ، أو فى محل نصب ، حال إذا عددت يكون تامة.

أو التقدير : فكيف تصنعون ، فتكون (كيف) فى محل نصب ، حال.

ففى المواضع الأربعة لا بدّ أن يقدر محذوف بعد (كيف) إما أن يكون فعلا ، وإما أن يكون اسما ، وتعرب (كيف) على حسب المقدر.

وفى المواضع الثلاثة الأخيرة تكون (إذا) ظرفية مضافة إلى ما بعدها ، وليست شرطية.

ومثل هذا التركيب ، قوله ـ تعالى : (فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) [النساء : ٦٢].

المعانى التى تخرج إليها (كيف) الاستفهامية :

تخرج (كيف) (٢) من معنى الاستفهام الحقيقى إلى :

__________________

فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير فى محل رفع ، فاعل. (وجوههم) وجوه : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف. وضمير الغائبين مبنى فى محل جر ، مضاف إليه ، والجملة الفعلية حال فى محل نصب. (١) جملة (لا ريب فيه) نعت ليوم فى محل جر.

(٢) تأتى (كيف) اسم شرط غير جازم فيقتضى جملتين للشرط والجواب ، فعلاهما متفقان فى اللفظ والمعنى ، ويكونان مضارعين ، وكثيرا ما يلحق بها (ما) المؤكدة التوسعية. وإعرابها كإعرابها استفهامية. نحو : كيف تصنع أصنع.

٤٦٥

أ ـ التعجب ، منه قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ) [الفيل : ١].

(ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) [الصافات : ١٥٤]. (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) [الغاشية : ١٧].

ب ـ التعجب الإنكارى ، منه قوله ـ تعالى ـ : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) [البقرة : ٢٨]. (ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) [القلم : ٣٦]. (وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ) [الأنعام : ٨١]. (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ) [النساء : ٢١]. (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ) [آل عمران : ٨٦]

وقد تلحظ فى بعضها معنى النفى المحض.

أنى : بفتح فتشديد بالفتح (١) :

من أسماء الاستفهام (٢) التى تبنى على السكون ، وهى مبنية لتضمنها حرف الاستفهام ، أو تضمينها حرف الشرط ، وسماتها التركيبية :

١ ـ تتصدر الجملة كسائر أدوات الاستفهام.

٢ ـ تدخل على الاسم والفعل على السواء ، لكن دخولها على الاسم أكثر.

٣ ـ يتنوع استعمالها فى الاستفهام فيتنوع معناها ، حيث :

ـ تكون بمعنى (كيف) ، وهو معنى راجح ، ومنه قوله ـ تعالى ـ (فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ) [محمد : ١٨]. (وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) [سبأ : ٥٢].

ـ تستعمل بمعنى (من أين) ، ومنه : (قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا) [البقرة : ٢٤٧] ، أى : من أين؟

__________________

(١) يرجع إلى : أسرار العربية ٣٨٥ / شرح عمدة الحافظ ١ ـ ٢٨٢.

(٢) تستعمل (أنى) شرطا ، نحو : (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) [البقرة : ٢٢٣] ، أى : أنى شئتم فأتوه.

٤٦٦

وقوله ـ تعالى : (قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا) [آل عمران : ٣٧] ، أي : من أين لك ...؟

وقوله : (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ) [الأنعام : ١٠١].

(أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) [مريم : ٢٠].

ـ تستعمل بمعنى (متى) ، ومنه : (قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها) [البقرة : ٢٥٩] أى : متى؟

ومنه أن تقول : أنى وصلت؟ وأنّى تصل إلى المكان المأمول؟

وقد تتداخل هذه المعانى وتتعاقب ، فقد يفهم من المواضع معنى الحالية ، ومعنى الظرفية المكانية ، ويفهم من كثير منها معنى الظرفية الزمانية.

٤ ـ الجواب عنها يكون بالتعويض ، حيث يذكر فى الجواب ما يعوّض به عنها ، ويكون المعنى الإخبارى.

ففى قوله ـ تعالى : (قُلْتُمْ أَنَّى هذا) [آل عمران : ١٦٥] ، يكون الجواب : (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ). سواء فى ذلك تفسيرها بمعنى (أين) ، أو (متى) أو (كيف).

وإذا قلت : أنّى مكثت هناك؟ فتكون الإجابة : مكثت هناك سعيدا ، للتعبير عن الحالية ، أو : مكثت هناك شهرا ، للتعبير عن الظرفية الزمانية ، أو مكثت هناك فى حجرة لائقة. للتعبير عن الظرفية المكانية.

أىّ : بفتح فتشديد (١) :

فى بعض أوجهها التركيبية تكون اسم استفهام (٢) ، وسماته التركيبية :

__________________

(١) يرجع إلى : الكتاب ٢ ـ ٣٩٨ / ٣ ـ ٤١١ / ٤ ـ ٢٣٣ / المقتضب ٢ ـ ٢٩٣ / اللمع ٣١٣ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ٤٦٨ / أسرار العربية ٣٨٥ / شرح ابن يعيش ٤ ـ ٢١ / شرح عمدة الحافظ ١ ـ ٢٨٠ / شرح التصريح على التوضيح ١ ـ ١٤٩.

(٢) تأتى (أى) فى التركيب على أوجه أخرى ، هى :

أ ـ أن تكون شرطية ، نحو (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الإسراء : ١١٠]

٤٦٧

١ ـ اسم ملازم للإضافة إضافة لفظية أو ذهنية ومعنوية ، وكلمة (أى) جزء مما تضاف إليه (١).

٢ ـ يكون معناها بحسب ما تضاف إليه ، وقد يكون دالا على العاقل ، أو غير العاقل ، أو الزمان ، أو المكان ، أو المصدرية وهى تصلح لكلّ هذه المعانى.

٣ ـ تكون معربة ، وليست مبنية كسائر أسماء الاستفهام (٢).

٤ ـ يكون إعرابها بحسب معناها ، وبحسب القواعد الإعرابية من نصب إن كانت ظرفية أو مصدرية ، ومن رفع ونصب وجر إن دلّت على العاقل أو غير العاقل. فهى تأخذ الأحكام التى يكون عليها كلّ اسم استفهام دالّ على معنى من المعنى السابقة ، عدا أنها معربة وتلك الأسماء مبنية.

مثالها دالة على العاقل :

(فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ) [الأنعام : ٨١]. (أى) اسم استفهام مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة ، وهو مضاف ، و (الفريقين) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الياء لأنه مثنى.

(أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً) [التوبة : ١٢٤](٣).

(أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها) [النمل : ٣٨].

(سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ) [القلم : ٤٠](٤).

__________________

ب ـ أن تكون موصولة ، نحو (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) [مريم : ٦٩]

ج ـ أن تكون دالة على الكمال ، نحو : أعجبت برجل أىّ رجل.

(١) ينظر : التبصرة والتذكرة ١ ـ ٤٧٩.

(٢) أسرار العربية ٣٨٩.

(٣) (أيكم) أي : اسم استفهام مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. وهو مضاف وضمير المخاطبين مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (زادته) زاد : فعل ماض مبنى على الفتح. والتاء حرف تأنيث مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (هذه) اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدإ. (إيمانا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(٤) (أى) مبتدأ مرفوع ، خبره (زعيم) ، شبه جملة (بذلك) متعلقة بزعيم ، وجملة الاستفهام فى محل نصب على نزع الخافض.

٤٦٨

ومثالها دالة على غير العاقل : (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) [الأعراف : ١٨٥]. (أى) اسم استفهام مجرور بعد الباء ، وعلامة جره الكسرة ، وشبه الجملة متعلقة بالإيمان ..

(بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) [التكوير : ٩](١).

(مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) [عبس : ١٨](٢).

(فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) [غافر : ٨١]. (أي) اسم استفهام مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف ، و (آيات) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

ومثالها دالة على الظرفية :

أن تقول : أىّ وقت نصل إلى القاهرة؟ (أى) اسم استفهام منصوب على الظرفية ، وعلامة نصبه الفتحة ، متعلق بالوصل وهو مضاف ، و (وقت) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

أىّ موضع يقف الأستاذ؟. (أى) اسم استفهام منصوب على الظرفية ، وعلامة نصبه الفتحة ، متعلق بالوقوف وهو مضاف ، و (موضع) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

ومثالها دالة على المصدرية : أىّ فهم فهمت؟ (أى) اسم استفهام منصوب على المصدرية. وهو مضاف ، و (فهم) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

وتكون الإجابة : فهمت فهم الواعين ، فيكون (فهم) مفعولا مطلقا منصوبا.

٥ ـ الإجابة عنها تكون بالتعويض بحسب معناها. فإذا قلت : أىّ رجل صادقت؟ كانت الإجابة : صادقت الرجل المخلص الأمين.

__________________

(١) شبه جملة (بأى) متعلقة بالقتل.

(٢) شبه الجملة (من أى) متعلقة بالخلق.

٤٦٩

وإذا قلت : أىّ باب فتح؟ فالإجابة : فتح الباب الخلفى. وتقول : أىّ وقت نتقابل؟ فتكون الإجابة : نتقابل مساء.

كم (١) : (بفتح فسكون):

اسم استفهام مبنى على السكون ، يسأل به عن عدد مبهم ، وسماته التركيبية :

١ ـ يتصدر الجملة.

٢ ـ يسأل به عن العدد المبهم.

٣ ـ يحتاج إلى تمييز ، يكون مفردا منصوبا على رأى الجمهور ، ويرى بعضهم جواز جره بمن مضمرة ، ويذهب الزجاج إلى جواز جره بالإضافة.

٤ ـ الإجابة عنه بالتعويض عنه فى الجواب بصريح العدد أو ما ينوب عنه ، فتقول : كم جنيها أنفقت؟ فتكون الإجابة : أنفقت عشرة جنيهات.

٥ ـ إعرابه كإعراب أسماء الاستفهام (من ، ما ، أى) ، حيث يقع مفعولا ، كما يقع مبتدأ ، وظرفا ... بحسب دلالة مميزه.

ف (كم) فى المثال السابق مفعول به ؛ لأن الفعل (أنفق) متعد ، ويحتاج إلى مفعول به ؛ لأنه غير مذكور تكون (كم) اسم استفهام مبنيا على السكون فى محل نصب ، مفعول به.

وتقول : كم فردا عددهم؟ فتكون (كم) اسم استفهام مبنيا على السكون فى محل رفع ، مبتدأ ، أو خبر مقدم ، (فردا) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، و (عدد) خبر مرفوع ، أو مبتدأ مؤخر.

فى قوله ـ تعالى ـ : (كَمْ لَبِثْتَ) [البقرة : ٢٥٩] ، (كم) اسم استفهام مبنى فى محل نصب على الظرفية.

__________________

(١) يرجع إلى : الكتاب ٢ ـ ١٥٦ / ٤ ـ ٢٢٨ / المقتضب ٣ ـ ٥٥ / الأصول فى النحو ١ ـ ٣١٥ / اللمع ٢٢٦ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ٣٢١ / أسرار العربية ٢١٤ / شرح ابن يعيش ٤ ـ ١٣٠ / شرح عمدة الحافظ ١ ـ ٢٨١ / الجنى الدانى ٢٦١ / المغنى ١ ـ ١٨٣ / شرح التصريح ٢ ـ ٢٧٩.

٤٧٠

تلحظ حذف التمييز ، وتقديره : كم يوما ، أو : كم وقتا لبثت ، ولذلك كانت الإجابة بالتعويض عن (كم) بظرف الزمان : (قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ). حيث (يوما) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة

ومثله : (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) [الكهف : ١٩] ، (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ) [المؤمنون : ١١٢](١).

٦ ـ يجوز أن يفصل بين (كم) الاستفهامية وما عملت فيه من تمييز : فتقول :كم ضربت رجلا (٢)؟ ، وحينئذ يجوز أن :

ـ تجعل (كم) دالة على عدد المرات ، فيكون التقدير : كم مرة ضربت رجلا؟

وتكون (كم) فى محل نصب على الظرفية أو المصدرية. ويكون المضروب رجلا واحدا.

ـ أو تجعل (كم) اسم استفهام مبنيا دالا على العدد المسئول عنه فى محل نصب ، مفعول به مقدم. ويكون (رجلا) بدلا من (كم) منصوبا.

٧ ـ قد يجر بحرف ، نحو : بكم جنيها اشتريت هذا الكتاب؟ وللنحاة فى تمييزها ـ حينئذ ـ رأيان :

أ ـ أنه يلزم النصب على التمييز.

ب ـ أنه يجوز أن يجرّ إذا سبق بحرف جر ، فتقول : بكم جنيه اشتريت؟

٨ ـ قد يحذف تمييزه لدليل عليه.

__________________

(١) (قال) فعل ماض مبنى على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو. (كم) اسم استفهام مبنى فى محل نصب على الظرفية متعلق بلبث. (لبثتم) لبث : فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المخاطبين تم مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية فى محل نصب. مقول القول. (فى الأرض) فى : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. الأرض : اسم مجرور ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بلبث.

(عدد) تمييز كم منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. أو بدل منها. وهو مضاف ، و (سنين) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الياء ؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.

(٢) ينظر : المسائل المنثورة ٨٢.

٤٧١

٩ ـ يختلف النحاة فيما بينهم فى أصله البنيوى ، حيث :

أ ـ يذهب بعضهم ـ وعلى رأسهم الكسائى والفراء ـ إلى أنه مركب من كاف التشبيه و (ما) الاستفهامية محذوفة الألف.

ب ـ يذهب كثير منهم إلى أنه بسيط ، فهو كلمة واحدة.

من تراكيب (كم) (١) :

تقول : ابن كم سنة زيد؟ أثلاث أم أربع؟ (كم) اسم استفهام مبنى فى محل جر بالإضافة إليه (ابن) الذى هو مبتدأ ، أو خبر مقدم. (سنة) تمييز كم منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (ثلاث) بدل من كم مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

ـ إذا قلت : على كم جذعا بيتك مبنيا؟ فإن (كم) اسم استفهام مبنى فى محل جر بعلى ، و (على كم) شبه جملة فى محل رفع ، خبر مقدم ، أو متعلقة بخبر مقدم محذوف. (بيت) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (جذعا) تمييز كم منصوب. (مبنيا) حال منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة.

ـ أما إذا قلت : على كم جذعا بيتك مبنى؟ فإن (مبنى) تكون خبر المبتدإ (بيت) ، وتكون شبه الجملة (على كم) متعلقة بالبناء.

إعراب أدوات الاستفهام

تتنوع أدوات الاستفهام ـ كما ذكرنا ـ بين الحروف ، وهى لا محلّ لها من الإعراب ؛ والأسماء التى يجب أن يكون لها موقعها الإعرابى ، وتتنوع أسماء الاستفهام بين الظروف التى تلزم محلا إعرابيا واحدا ، وغير الظروف التى يتنوع محلّها بين الرفع والنصب والجر ، وربما لزم أحدها محلا إعرابيا واحدا للزومه موقعا واحدا ؛ كموقع المصدرية أو الحالية ، تفصيل ذلك على النحو الآتى :

أدوات استفهام (حروف) لا محل لها من الإعراب :

وهى (الهمزة وهل) حيث هما حرفان مبنيان لا محل لهما من الإعراب.

__________________

(١) ينظر : المسائل المنثورة ٨٢.

٤٧٢

أسماء استفهام فى محل نصب دائما :

إذا كان اسم الاستفهام ظرف زمان أو مكان غير مخبر بأىّ منهما عن الزمان والمكان ؛ أو كان دالا على المصدرية كأن يضاف إلى مصدر فإنه يكون فى

محلّ نصب ، وقد ذكرت الأمثلة لذلك فيما دل على زمان أو مكان.

ومثاله : متى تأتينا؟ (متى) اسم استفهام مبنى فى محل نصب على الظرفية.

أين نلتقى؟ (أين) اسم استفهام مبنى فى محل نصب على الظرفية.

أىّ مكان أضع هذا الكتاب؟ (أى) اسم استفهام منصوب على الظرفية المكانية.

أىّ وقت أذهب إليه؟ (أى) اسم استفهام منصوب على الظرفية الزمانية.

وتقول : كيف وجدته؟ فيكون (كيف) اسم استفهام مبنيا على الفتح فى محل نصب على الحالية.

كما تقول : كيف أفعل ذلك؟ كيف أتمّ هذا العمل؟ كيف أجبت عن الأسئلة؟ ... إلخ.

وفى قوله تعالى : (أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء : ٣٧] ، إذا احتسبنا (أيا) استفهاما فإنها تكون منصوبة على المصدرية.

ومثل ذلك قولك : أىّ إجابة أجبت؟ أىّ سؤال سألت؟ أىّ مساعدة ساعدت؟

أىّ مشاركة شاركت؟ ... (أىّ) فى هذه المواضع اسم استفهام منصوب على المصدرية مضاف.

أما بقية أسماء الاستفهام ، وهى ما كانت غير ظرف وغير مصدرية أو حالية فإنها يتغير موقعها الإعرابى طبقا لموقعها فى التركيب ، وعلاقتها المعنوية بما يجاورها ، ذلك على التفصيل الآتى :

ـ تكون مجرورة إذا سبق اسم الاستفهام بحرف جرّ فإنه يكون فى محل جر به.

مثال ذلك :

٤٧٣

(لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) [غافر : ١٦](١). (اللام) حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. (من) : اسم استفهام مبنى على السكون فى محل جر باللام. وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (الملك) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

ومنه : (لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها) [المؤمنون : ٨٤](٢).

(لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ) [آل عمران ٦٥].

(فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) [آل عمران : ٦٦].

(ما) فى الموضعين اسم استفهام مبنى فى محل جر باللام. تلحظ حذف الألف تدوينا.

(لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) [الصف : ٢]. (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ) [الجاثية : ٦].

من أى كوب أخذت هذا الماء؟

لأى شخص أعطيت هذه الجائزة؟

ـ إذا لم يوجد فى جملة الاستفهام فعل فإنها تكون فى إحدى ثلاث صور :

أولاها : أن يذكر مع اسم الاستفهام غير الظرف شبه جملة ، وحينئذ يعرب اسم الاستفهام (من ـ ما ـ أىّ) مبتدأ بالضرورة ، وتكون شبه الجملة خبرا : مثال ذلك : من فى القاعة؟ (من) اسم استفهام مبنى فى محل رفع ، مبتدأ ، خبره شبه الجملة (فى القاعة) ، أو ما تتعلق به من محذوف.

ومنه : (ما لَنا لا نَرى رِجالاً) [ص : ٦٢](٣).

__________________

(١) (لمن) اللام : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب ، من : اسم استفهام مبنى فى محل جر باللام.

وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (الملك) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (اليوم) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(٢) (من) الأولى اسم استفهام مبنى على السكون فى محل جر باللام. و (من) الثانية اسم موصول مبنى على السكون فى محل رفع بالعطف على الأرض. وصلته (فيها) أو ما تعلقت به.

(٣) الجملة الفعلية (لا نرى) فى محل نصب على الحالية.

٤٧٤

(ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ) [غافر : ٤١](١).

(وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها) [الزلزلة : ٣].

(وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [النساء : ٣٩].

(قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [يونس : ١٠١].

ثانيتها : أن يسبق اسم الاستفهام بحرف جر ، فيكون حرف الجر وما بعده من اسم الاستفهام شبه جملة فى محل رفع ، خبر مقدم ، ويكون الاسم المسئول عنه مبتدأ مؤخرا.

مثال ذلك : (لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها) [المؤمنون : ٨٤].

(اللام) حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. (من) اسم استفهام مبنى على السكون فى محل جر باللام. وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم.

و (الأرض) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

ومثله : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) [غافر : ١٦].

ثالثتها : أن يذكر بعد اسم الاستفهام اسم مسئول عنه ، فيعرب اسم الاستفهام مبتدأ ـ على الأرجح ـ ، والاسم يعرب خبره. ويجوز العكس : مثال ذلك : (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) [فصلت : ١٥](٢) ، (من) اسم استفهام مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ.

أو خبر مقدم. (أشد) خبر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، أو مبتدأ مؤخر.

ومثله : (مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ) [القصص : ٧١](٣).

(مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [المؤمنون : ٨٦].

(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً) [النساء : ٨٧](٤).

__________________

(١) جملة (أدعوكم) حال فى محل نصب.

(٢) (قوة) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (منا) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بأشد.

(٣) (غير) نعت لإله مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(٤) (حديثا) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (من الله) جار مبنى ، ومجرور بالكسرة. وشبه الجملة متعلقة بأصدق.

٤٧٥

(ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) [يوسف : ٥٠](١).

(فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُ) [طه ٩٥].

(مَا الْحَاقَّةُ) [الحاقة : ٢]. (ما حِسابِيَهْ) [الحاقة : ٢٦](٢).

(ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً) [يوسف : ٢٥].

(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً) [الأنعام : ١٩](٣).

(أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً) [مريم : ٧٣](٤).

وتقول : كيف الحال؟ فتكون (كيف) ـ علي الوجه الأرجح ـ مبتدأ خبره الحال ، أو تكون خبرا مقدما للمبتدإ المؤخر (الحال).

ـ أو أن يذكر بعد هذه الأسماء فعل فيكون موقع هذه الأسماء تبعا لما يتطلبه الفعل من معمول أو عدم تطلبه له ، مع التذكير بأن الفاعل ملازم للفعل مذكور بالضرورة بعده ، فيكون المعمول المقصود ما ينصبه الفعل ، ذلك على النحو الآتى :

ـ إذا ذكر بعدها فعل لازم فإنه لا يتطلب مفعولا به ، فيعرب اسم الاستفهام مبتدأ :

__________________

(١) (ما بال النسوة) ما : اسم استفهام مبنى فى محل رفع ، مبتدأ ، أو خبر مقدم. بال : خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، أو مبتدأ مؤخر. وهو مضاف والنسوة : مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(اللاتى) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، نعت للنسوة أو بدل منها. (قطعن) قطع : فعل ماض مبنى على السكون لإسناده إلى نون النسوة. ونون النسوة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (أيديهن) أيدى : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

وهو مضاف ، وضمير الغائبات مبنى فى محل جر ، مضاف إليه.

(٢) الهاء فى حسابيه للسكت حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب.

(٣) (قل) فعل أمر مبنى على السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (أى شىء) أى : مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة ، وهو اسم استفهام مضاف. وشىء : مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(أكبر) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الاسمية مقول القول فى محل نصب. (شهادة) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(٤) (مقاما) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، (أى) مبتدأ مرفوع خبره (خير).

٤٧٦

نحو : (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) [الحجر : ٥٦] ، (يقنط) فعل لازم ، وفاعله (الضالون) ، فيكون اسم الاستفهام (من) مبتدأ خبره الجملة الفعلية (يقنط الضالون).

ومثله أن تقول : من خرج؟ من حضر اليوم؟ من بدأ أولا؟

ـ إذا ذكر بعدها فعل متعدّ وقد ذكر كلّ ما يتطلبه من مفعول به فإن اسم الاستفهام يعرب مبتدأ ، خبره ما بعده من جملة فعلية :

نحو : (مَنْ يُعِيدُنا) [الإسراء : ٥١] ، (يعيد) فعل متعد إلى واحد ، وقد ذكر المفعول به ضمير المتكلمين (نا) ، فيكون (من) مبتدأ فى محل رفع ، خبره الجملة الفعلية (يعيد).

ومثله : (مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) [يونس : ٣١].

(مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) [الأنعام : ٦٣].

(مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا) [الأنبياء : ٥٩].

(فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ) [التين : ٧](١). (ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا) [طه : ٩٢](٢). (ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) [الانفطار : ٦].

وإذا قلت : من أعطاكم الجائزة؟ فإن الفعل (أعطى) يتعدى إلى مفعولين ، وقد ذكرا ، وهما ضمير المخاطبين (كم) و (الجائزة) ، فيعرب اسم الاستفهام (من) مبتدأ.

وتقول : من أعلمك محمدا حاضرا؟ ، فيكون الفعل (أعلم) متعديا إلى ثلاثة مفعولين ، وقد ذكر الثلاثة. (ضمير المخاطب الكاف ، ومحمدا ، وحاضرا) ، فيعرب اسم الاستفهام (من) مبتدأ خبره الجملة (أعلمك ...).

__________________

(١) (بعد) ظرف زمان مبنى على الضم لانقطاعه عن الإضافة لفظا لا معنى فى محل نصب.

(٢) (إذ) ظرف زمان مبنى على السكون فى محل نصب متعلق بالمنع. جملة (رأيتهم) فى محل جر بالإضافة. جملة (ضلوا) فى محل نصب ، حال إذا كانت رأى البصرية.

٤٧٧

(أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً) [التوبة : ١٢٤].

ومن ذلك إذا ذكر بعد اسم الاستفهام فعل مبنى للمجهول فإن مفعولا به من مفعولاته يتحول إلى نائب فاعل مرفوع مذكور بعده بالضرورة ، وبالتالى فإن تعديه ينقص مفعولا به ، ويعرب اسم الاستفهام تبعا لعدد المفعولات المتطلبة بعد ذلك.

نحو : من كوفئ؟ (كوفئ) فعل متعد إلى واحد ، ولكن هذا المفعول أصبح نائب فاعل ، فلا يحتاج إلى مفعول ، فيعرب اسم الاستفهام مبتدأ ، خبره الجملة الفعلية (كوفئ).

وإذا قلت : من منح المكافأة؟. فإن (منح) فعل يتعدى إلى مفعولين ، أولهما تحول إلى نائب فاعل ، والآخر مذكور منصوبا ، فلا يحتاج إلى مفعول به ، فيعرب مبتدأ ، وتكون الجملة الفعلية (منح) خبره.

وإذا قيل : من خبر محمودا موجودا ، فإن (خبّر) فعل يتعدى إلى ثلاثة ، أولها تحول إلى نائب فاعل ، وذكر الآخران فى جملة الاستفهام ، فلا يحتاج إلى مفعول به ، فيعرب اسم الاستفهام مبتدأ خبره الجملة الفعلية (خبّر).

ـ إذا ذكر بعد اسم الاستفهام فعل يتطلب مفعولا به واسم الاستفهام يتحمل معنى هذه المفعولية فإنه يعرب مفعولا به :

نحو : (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا) [الممتحنة : ١٠]. الفعل (أنفق) فى الموضعين متعدّ إلى واحد ، ولم يذكر المفعول به ، واسم الاستفهام (ما) يتحمل معنى المفعولية ، فيكون مفعولا به فى محل نصب.

ومثله : (ما ذا تَفْقِدُونَ) [يوسف : ٧١] ، باحتساب (ماذا) كلمة واحدة ، أو (ذا) زائدة فإن الفعل (يفقد) يحتاج إلى مفعول به يكون اسم الاستفهام ، ولهذا فإن الإجابة ، كانت : (نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ) ما عوض به عن اسم الاستفهام فى الإجابة ، وهو المسئول عنه ، مفعول به.

وتقول : من كافأت؟ فيكون (من) اسم استفهام مبنيا فى محل نصب ، مفعول به.

٤٧٨

وتقول : من أعطيت الجائزة؟ من أعلمت المحاضرة مؤجلة؟ فيكون اسم الاستفهام فى الموضعين مفعولا به ؛ لأن (أعطى) يتطلب مفعولين ، ولم يذكر إلا واحد ، و (أعلم) يتطلب ثلاثة ، ولم يذكر إلا اثنان. واسم الاستفهام (من) يتحمل معنى المفعولية.

(فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) [غافر : ٨١]. (أى) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

أحرف الجواب

يحصرها النحاة فى أحرف التصديق والإيجاب ، وذلك لأنك تصدق بها ما يقوله المتكلم. فيقصد بها النحاة الحروف التى تستخدم فى الإيجاب والإثبات فقط ، لكننا نضيف إليها ما يفيد النفى كذلك ، بما فيها (نعم) حيث يجاب بها نفيا وإيجابا ، ونسمى هذه الأحرف بأحرف الجواب بعامة.

والأحرف التى يمكن أن يجاب بها ستة ، هى : نعم ، بلى ، لا ، أجل ، جير ، إنّ. وكلّها حروف مبنية لا محلّ لها من الإعراب. واستخداماتها الدلالية كما يأتى :

نعم (بفتح ففتح فسكون ـ على الأشهر):

يفيد التصديق على ما يتضمنه السؤال من معنى ، سواء أكان موجبا أم منفيا ، فإذا قلت : أأذيعت الأخبار؟ فإنك تثبت ذلك وهو موجب ، فتجيب : نعم.

وإذا قلت : ألم تسمع هذا الخبر؟ فإنك تثبت ذلك وهو منفى ، فتجيب : نعم.

لم أسمع هذا الخبر.

وقد تأتى (نعم) لتصديق موجب ، ويكون هذا بعد الإخبار ، كأن يقال : حضر محمد ، فيصدق على ذلك بالقول : نعم.

كما يكون لوعد طالب ، ويكون بعد الطلب ، كأن يقال : كافئ الملتزم. فيكون الوعد بالقول : نعم ؛ أكافئه.

٤٧٩

ولذلك فإن سيبويه يذكر أن «نعم عدة وتصديق» (١). فهى عدة بعد الطلب ، وتصديق بعد الخبر والاستفهام.

وفى (نعم) ثلاث لغات : نعم (بفتح العين) ، ونعم (بكسر العين) فى لغة كنانة ، ونحم (بإبدال العين حاء) ، حكاها النضر بن شميل ، وقرأ بها ابن مسعود.

إى (بكسر الهمزة):

حرف جواب بمعنى (نعم) مبنى لا محلّ له من الإعراب ، وهى مختصة بالقسم ويكون بعدها ، فتكون لتصديق مخبر ، إذا قيل : محمد أجاب فأجاد ، فيصدق على هذا الخبر بالقول : إى وربّى.

وتكون لإعلام مستخبر ، فإذا سئل : أهذه إجابتك؟ فيجاب : إى والله؟ هذه إجابتى. وتكون لوعد طالب ، حينما يقال : أكرم زائرك. فيعقّب على ذلك بالقول : إى لعمرى.

ومنه قوله تعالى : (أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌ) [يونس : ٥٣](٢).

ويكون المقسم به (الله ، ربى ، لعمرى) ولاستعمالها بنيويا فى التركيب مع القسم أربعة أوجه :

أ ـ وجوب إثبات يائها إذا ذكر حرف القسم : إى والله.

ب ـ جواز حذف الياء إذا لم يذكر حرف القسم ، إ الله.

__________________

(١) الكتاب ٢ ـ ٣١٢.

(٢) (أحق) الهمزة : حرف استفهام مبنى ، لا محل له من الإعراب. حق : مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، أو خبر مقدم ، (هو) ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل سد مسد الخبر ، أو المبتدإ المؤخر. (قل) فعل أمر مبنى على السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت. (إى) حرف جواب مبنى ، لا محل له من الإعراب. (وربى) الواو : حرف قسم مبنى ، لا محل له من الإعراب. رب : مقسم به مجرور ، وعلامة جره الكسرة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة المناسبة لضمير المتكلم ، وهو مضاف ، وضمير المتكلم مضاف إليه مبنى فى محل جر. (إنه) إن : حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير الغائب الهاء مبنى فى محل نصب. (لحق) اللام : لام التوكيد أو الابتداء أو اللام المزحلقة ، حرف مبنى لا محل له من الإعراب. حق : خبر إن مرفوع وعلامة رفعه الضمة. والجملة جواب القسم ، لا محل لها من الإعراب.

٤٨٠