النحو العربي - ج ٤

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ٤

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٩٥

ه ـ يسأل به عن ثبوت علاقة معنوية بين عنصرين من عناصر الجملة أو نفيها ، وهو ما يعنى به النحاة التصديق.

و ـ الإجابة عنه يكون بالتصديق والإيجاب والتقرير أو عدم ذلك بالنفى.

فتقول فى الإجابة عن السؤالين السابقين : نعم : حضر الأستاذ. نعم ؛ السيارة مباعة. فى حال التصديق والإقرار ، وتقول : لا ، لم يحضر الأستاذ. لا ؛ السيارة غير مباعة. فى حال النفى.

ز ـ إذا ذكر بعده فعل مضارع فإنه يكون للاستقبال بخاصة. نحو : هل تسافر؟

ح ـ لا يدخل على (إنّ) ، ولا على الشرط ، ولا على اسم بعده فعل فى الاختيار بخلاف الهمزة.

ط ـ يقع بعد حرف العطف لا قبله بخلاف الهمزة.

ى ـ إذا جاء مع (أم) فإن (هل) تذكر بعده ، وقد لا تذكر ، بخلاف الهمزة فإنها لا تذكر.

وقد وردت (أم) مع (هل) فى قول علقمة بن عبدة الفحل :

أم هل كبير بكى لم يقض عبرته

أثر الأحبة يوم البين مشكوم (١)

وقول عنترة :

هل غادر الشعراء من متردّم

أم هل عرفت الدهر بعد توهّم

وحينئذ تكون (أم) للعطف دون الاستفهام ، لأنه لا يجتمع حرفان بمعنى واحد ، فـ (أم) فيها معنيان : العطف والاستفهام ، فلما دخلت على (هل) خلع منها معنى الاستفهام ، وبقى لها معنى العطف.

وقد اجتمع ذكر (هل) بعد (أم) وعدم الذكر فى قوله ـ تعالى ـ : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ ..) [الرعد : ١٦].

__________________

(١) ينظر : شرح ابن يعيش ٨ ـ ١٥٣.

٤٤١

أصلية (هل) فى الاستفهام :

أوضع الحرف (هل) أصلا للاستفهام؟ ، أم أن له معنى آخر ليس منه الاستفهام؟ ، للنحاة فى ذلك أربعة أوجه :

١ ـ ذهب جماعة ـ على رأسهم الزمخشرى ـ أن أصل (هل) أن تكون بمعنى (قد) ، أما الاستفهام بها فإنه بتقدير همزة الاستفهام (أهل) ، ولكن لمّا كثر استعمالها للاستفهام حذفت الهمزة. وقد تجتمع الهمزة مع (هل) كما هو فى قول زيد الخيل :

سائل فوارس يربوع بشدّتنا

أهل رأونا بسفح القفّ ذى الأكم (١)

فهل فى الاستفهام بخاصة بمعنى (قد) ، وهذا ما ذهب إليه الزمخشرى. أى أن همزة الاستفهام موجودة دائما مع (هل) ، سواء أكانت مذكورة أم مقدرة. ويؤول على هذا المعنى قوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) [الإنسان : ١].

أى : أهل أتى ...؟ أى : أقد أتى .. ومثله : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) [الغاشية : ١].

ويروى البيت : (أم هل) ولا شاهد فيه ـ حينئذ ـ.

٢ ـ ذهب جماعة وعلى رأسهم الفراء والكسائى والمبرد أن (هل) بمعنى (قد) دون استفهام مقدر. وعندهم أنها تكون للاستفهام أيضا.

٣ ـ يذهب جماعة وعلى رأسهم ابن مالك أنها تتعين لمعنى قد إن دخلت عليها همزة الاستفهام ، فإن لم تدخل عليها فإنه يجوز أن تكون بمعنى (قد) ، وأن تكون للاستفهام.

__________________

(١) ينظر : ديوانه ١٠٠ / المقتضب ٣ ـ ٢٩١ / الخصائص ٢ ـ ٤٦٣ / شرح ابن يعيش ٨ ـ ١٥٢ / الإيضاح فى شرح المفصل ٢ ـ ٢٤٠ / مغنى اللبيب رقم ٥٧١.

يربوع : أبو حيى من تميم ، شدّة : بفتح الشين جملة ، وبكسرها قوة ، بشدتنا : عن شدتنا ، سفح : أسفل وقاع ، القف : جبل ليس بعال ، الأكم : جمع أكمة وهى التل. ويروى : أم هل ، ولا شاهد فيه حينئذ.

٤٤٢

٤ ـ ذهب جماعة ـ وعلى رأسهم أبو حيّان وكثيرون ـ إلى أن (هل) تكون للاستفهام قط ، ولا تكون بمعنى (قد).

ويؤولون البيت على أنه مما توالى فيه حرفان للتأكيد ، والذى حسّن ذلك اختلاف لفظيهما (١). وقد أكّدوا مع اتفاق اللفظ (٢) ، وأنه شاذ.

أما الآيتان الكريمتان فإن (هل) فيهما للاستفهام الذى يخرج إلى معنى التقرير.

خروج (هل) عن معنى الاستفهام :

قد تخرج (هل) عن معنى الاستفهام الحقيقى إلى معنى النفى ، ويعيّن ذلك دخول (إلّا) فى جملتها ، ومن ذلك قوله تعالى : (وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) [سبأ : ١٧] ، حيث التقدير : لا نجازى إلا الكفور ، وأنبه إلى ما قد ذكره بعضهم من خروج (هل) إلى معنى (قد) كما تقدم ، فتعطى معنى التحقيق ، وقد يجعلها بعضهم للتقرير ، ولكنه ضعيف ، وقد يذكر لها معنى (إنّ) ، لكنه ضعيف أيضا.

وقد يفهم من (هل) معنى الأمر ، كما هو فى قوله تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة : ٩١] ، حيث التقدير : انتهوا ـ والله أعلم.

بين الهمزة و (هل):

للهمزة خصائص لا تكون لـ (هل) ، فالاستخدام التركيبىّ لها أوسع وأشمل مما هو لـ (هل) ، وقد ذكرت هذه الخصائص فى أثناء دراسة الحرفين ، وسأوجز السمات التركيبية الفارقة فيما يأتى :

__________________

(١) ومما توالى فيه حرفان للتوكيد وهما مختلفان لفظا قوله :

فأصبحن لا يسألنه عن بما به

أصعّد فى علوّ الهوى أم تصوبّا

حيث الباء بمعنى عن ، وتكون مؤكدة لها.

ومن ذلك أن تجعل (كى) بمعنى لام التعليل فى مثل القول : أذاكر لكى أنجح. والتقدير : لكى أن أنجح ، فيكون الفعل منصوبا بأن مضمرة. وتكون اللام مؤكدة لكى التعليلية فى القول : ذاكرت كى لأنجح.

(٢) مما توالى فيه حرفان متفقا اللفظ للتوكيد قوله :

فلا والله لا يلفى لما بى

ولا للما به أبدا دواء

٤٤٣

أ ـ تخرج همزة الاستفهام من السؤال الحقيقى إلى معان أخرى عديدة لا تكون عليها (هل) ، ذكرناها فى موضعها.

ب ـ تختص (هل) بالإيجاب ، أما الهمزة فإنها تكون للسؤال عن الموجب والمنفى.

ج ـ تختص (هل) بالتصديق ، أما الهمزة فإنها تكون للتصديق وطلب التصور.

د ـ تدخل (هل) على الفعل المضارع فتخصصه للاستقبال ، وليس كذلك الهمزة.

ه ـ تدخل الهمزة على (إنّ) ، لكن (هل) لا تدخل عليها.

و ـ تدخل الهمزة على الشرط ، لكن (هل) لا تدخل عليه.

ز ـ تدخل الهمزة على اسم له علاقته المعنوية والموقعية بفعل يليه ، وذلك فى الاختيار ، فتقول : أمحمد أجاب؟ ، لكن هل ليس لها هذا الجواز إلا على الشذوذ.

ح ـ تقع الهمزة قبل العاطف ، أما (هل) فإنها تقع بعده.

ط ـ يجوز أن تعاد (هل) بعد (أم) وألا تعاد ، لكن الهمزة لا تعاد معها.

ى ـ تستعمل الهمزة لإثبات ما دخلت عليه على وجه الإنكار دون (هل) ، فتقول : أتضرب زيدا وهو أخوك؟.

أسماء الاستفهام :

أسماء معينة وضعت فى اللغة لإفادة معنى الاستعلام ، أو الاستفهام ، أو الاستخبار ، وهى : من ، ما ، أين ، أيان ، أنّى ، متى ، كيف ، وأىّ (مضافة). ولكلّ منها مدلول خاص ، كما أنها تؤدى وظائف تركيبية أخرى فى الجملة العربية غير وظيفة الاستفهام ، ومن خصائص أسماء الاستفهام التركيبية ما يأتى :

٤٤٤

أ ـ تتصدر الجملة حتى تؤدى دلالة الاستفهام. وقد يسبقها حرف الجر.

ب ـ لها مواقعها الإعرابية ؛ لأن الاسم فى اللغة العربية له موقعه الإعرابى بالضرورة ، وذلك من ابتداء أو خبر أو مفعولية أو جرّ ... إلخ.

ـ تدخل على الأسماء والأفعال بتفصيل فى كلّ اسم يذكر فيما بعد.

ـ يسأل بكل اسم منها عن جماعة معينة من الأسماء تشترك فى صفة واحدة ، تفصل فى دراسة كلّ اسم فيما بعد.

ـ أسماء الاستفهام فى جملة الاستفهام قد تمثل ركنا من ركنى الجملة ، فيقال من أبوك؟ وقد تكون فضلة.

تفصّل هذه السمات أثناء دراسة كل اسم على حدة فى الصفحات القادمة :

من (١) : بفتح فسكون :

اسم استفهام مبنى على السكون ، يسأل به عن العاقل ومن خصائص (من) التركيبية ما يأتى :

أ ـ تتصدر الجملة.

ب ـ تدخل على الاسم والفعل على السواء.

ج ـ يسأل بها عن العاقل ، سواء أكان سؤالا عن ذاته ، نحو : من الحاضر؟ ، فيجاب : الحاضر محمد ، ويسأل : من معنا؟ معنا محمود ، أو سؤالا عن صفة

__________________

(١) يرجع إلى : الكتاب ٣ ـ ١٨٩ / المقتضب ٢ ـ ٢٩٥ ، ٣٠٥ / الأصول فى النحو ٢ ـ ٣٩٤ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ٤٧٥ / شرح عمدة الحافظ ١ ـ ٢٧٩ / ارتشاف الضرب ٣ ـ ١٠٥٣ / مغنى اللبيب ١ ـ ٣٢٧.

تأتى (من) فى اللغة غير استفهامية على أوجه :

١ ـ أن تكون شرطية ، نحو : (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). [البقرة : ٢٢٩]. (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها) [النساء : ٨٥].

٢ ـ أن تكون موصولة ، نحو : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) [آل عمران : ٢٦]

٣ ـ نكرة موصوفة فى قول الشاعر :

ربّ من أنضجت غيظا قلبه

قد تمنّى لى موتا لم يطع

٤٤٥

فيه ، نحو : من محمود؟ محمود هو الأول ، أو : التاجر ، أو المجيب عن السؤال ... إلخ.

وقد يسأل بها عن معمول الحدث ، نحو : من أجاب عن السؤال؟ أجاب عن السؤال سمير. من كافأناه؟ ، كافأنا محمدا ، أو : الأول ، أو المحترم .. إلخ.

د ـ الإجابة عنها تكون بالتعويض ، حيث يعوض عنها فى الإجابة بما هو مطلوب ذكره ، أو بما هو مسئول عنه ، كما هو واضح فى الأمثلة السابقة.

وفى قوله تعالى : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) [غافر : ١٦] فتكون الإجابة : «لله الواحد القهّار» ، حيث يسبق كلّ من اسم الاستفهام وما عوض به عنه بلام الجر.

(قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) [التحريم : ٣] فعوض فى الجواب عن (من) بما هو مسئول عنه ، وهو (العليم الخبير).

ه ـ قد يسال بها عن غير العاقل إذا صدر منه ما هو للعقلاء ، أو إذا جمع بين العاقل وغيره ، وأردنا تغليب العاقل.

من أمثلة (من) الاستفهامية : (قالَ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى) [طه : ٤٩]. (من) اسم استفهام مبنى فى محل رفع ، مبتدأ ، أو خبر مقدم. (رب) خبر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، أو مبتدأ مؤخر.

(قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا) [الأنبياء : ٩٥]. (من) اسم استفهام مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ. (فعل) فعل ماض مبنى على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدإ.

(قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) [المؤمنون : ٨٨].

(مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) [يس : ٥٢].

(وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) [فصلت : ١٥].

٤٤٦

و ـ قد تلحق بـ (من) (ذا) ، فتكون (من ذا) ، نحو : من ذا لقيت؟ وللنحاة فى نوع (ذا) أوجه خلافية ينبنى عليها التوجيه الإعرابى ، وذلك على النحو الآتى :

١ ـ أن يكون (ذا) اسما موصولا خبرا لاسم الاستفهام (من) المبتدإ. والجملة التى تليه (لقيت) صلته.

٢ ـ أن يكون (من ذا) اسم استفهام مركبا ، كما فى (ماذا) ، فيكونان بمثابة الكلمة الواحدة مبتدأ. ومنع ذلك بعض النحاة ـ على رأسهم أبو البقاء وثعلب ـ حيث أجازوا التركيب فى (ماذا) دون (من ذا) لأن (ما) أشدّ إبهاما من (من) ، فحسن أن تكون مع غيرها كشىء واحد. لكن المختار أن حكمهما واحد.

٣ ـ أن يكون (ذا) زائدة لا محلّ لها من الإعراب.

٤ ـ فإذا ذكر اسم بعد (من ذا) ؛ نحو : (مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ) [الأحزاب : ١٧] ، فإنه يجوز أن تجعل (ذا) اسم إشارة خبرا ، والاسم الموصول يكون نعتا له ، أو بدلا منه.

ز ـ إذا استفهم بها فى الحكاية عن نكرة فإنك تلحق بها ألفا حال النصب إذا كان منصوبا فى جملة الإخبار ، وياء حال جرّه ، وواوا حال رفعه ، فإذا قيل : جاءنى رجل. سألت فقلت : منو؟. وإذا قيل : رأيت رجلا ، سألت : منا؟ .. وإذا قيل : أعجبت برجل ، سألت : منى؟. وتثنى حال التثنية ، وتجمع حال الجمع مع مراعاة الرفع والنصب والجر.

ح ـ قد يخرج الاستفهام بـ (من) إلى معنى النفى ، ويكون ذلك فى تركيبين :

أولهما ، أن يتضمن استثناء ، من هذا قوله ـ تعالى : (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ)(١). [آل عمران : ١٣٥] ، أى : لا يغفر الذنوب إلا الله.

__________________

(١) (من) اسم استفهام مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ. (يغفر) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدإ. (الذنوب) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (إلا) حرف استثناء مهمل يفيد الحصر والقصر مبنى ، لا محل له من الإعراب. (الله) لفظ الجلالة بدل من فعل يغفر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

٤٤٧

ومنه قول تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [البقرة ٢٥٥].

(وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) [البقرة : ١٣٠](١).

(وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) [الحجر : ٥٦](٢).

والآخر : ألا يتضمن التركيب استثناء ، لكنّ معناه النفى أو الإنكار ، من ذلك قوله تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) [البقرة : ١٣٨]. أى : لا أحد أحسن ..

(فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ) [هود : ٦٣].

(مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ) [القصص : ٧٢](٣).

(فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا) [غافر : ٢٩].

(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً) [فصلت : ٣٣](٤).

(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ) [الأحقاف : ٥].

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ) [الصف : ٧](٥).

(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً) [النساء : ٨٧].

__________________

(١) (من) مبتدأ ، خبره الجملة الفعلية (يرغب). (إبراهيم) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف ، (من) اسم موصول مبنى على السكون فى محل رفع ، بدل من فاعل يرغب. ويجوز أن تجعله منصوبا على الاستثناء. (سفه) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. ولك أن تجعل (من) نكرة موصوفة بإعرابيها السابقين ، فتكون جملة (سفه) نعتا لها. (نفسه) نفس : منصوب على أنه مفعول به ، أو على نزع الخافض.

(٢) (الضالون) بدل من فاعل يقنط مرفوع ، وعلامة رفعه الواو ؛ لأنه جمع مذكر سالم.

(٣) (غير) نعت لإله مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. جملة (تسكنون) فى محل جر ، نعت لليل.

(٤) (قولا) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(٥) الجملة الفعلية (يدعى) فى محل رفع ، خبر المبتدإ (هو) ، والجملة الاسمية (هو يدعى) فى محل نصب ، حال من فاعل افترى.

٤٤٨

(وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) [النساء : ١٢٥].

(وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ) [التوبة : ١١١].

(قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً) [الأحزاب : ١٧].

ط ـ قد يخرج الاستفهام بـ (من) إلي معنى الحث والتحضيض على أمر محبب ، ومنه قوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) [البقرة : ٢٤٥](١) ، ففى المعنى حث على الصدقات.

ما (٢) : بفتح طويل :

اسم استفهام (٣) مبنى على السكون ـ فى عرف النحاة ، حيث يعدّون المدّ ساكنا ـ يسأل به عن غير العاقل ، ومن خصائص (ما) التركيبية ما يأتى :

__________________

(١) (من) اسم استفهام مبنى فى محل رفع ، مبتدأ ، أو خبر مقدم. (ذا) اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، خبر ، أو مبتدأ مؤخر. (الذى) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، نعت أو بدل من اسم الإشارة. ويجوز أن يكون من ذا اسم استفهام مركبا مبتدأ ، والاسم الموصول خبره. ويجوز أن تجعل ذا اسما موصولا خبر المبتدإ ، والاسم الموصول توكيد له ، أو خبر لمبتدإ محذوف. (يقرض) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. فاعله ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (قرضا) نائب عن المفعول المطلق لأنه اسم مصدر منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وإذا جعلتها بمعنى المفعول (مقروض) فإنه يكون مفعولا به منصوبا. (حسنا) نعت لقرض منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (فيضاعفه) الفاء : فاء السببية حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. يضاعف : فعل مضارع منصوب بعد فاء السببية ، أو بأن المضمرة بعدها ، وعلامة نصبه الفتحة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. وضمير الغائب الهاء مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (له) اللام : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير الغائب الهاء مبنى فى محل جر باللام. وشبه الجملة متعلقة بيضاعف. (أضعافا) مفعول مطلق منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وقد تكون حالا من هاء الغائب. (كثيرة) نعت لأضعاف منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(٢) يرجع إلى : الكتاب ٣ ـ ١٧٥ / المقتضب ١ ـ ١٧٩ / معانى الحروف ٨٦ / اللمع ٣١٣ / الأزهية ٧٥ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ٤٦٨ / شرح اللمع ٤٣٧ / شرح ابن يعيش ٤ ـ ٦ / شرح عمدة الحافظ ١ ـ ٢٧٩ / مغنى اللبيب ١ ـ ٢٩٦.

(٣) تأتى (ما) فى الجملة العربية على أوجه أخرى :

أ ـ أن تكون شرطية ، نحو : ما تفعلوا من خير يعلمه الله.

ب ـ أن تكون اسما موصولا ، نحو فعلت ما أردته.

٤٤٩

أ ـ تتصدر الجملة.

ب ـ تدخل على الاسم والفعل على السواء.

ج ـ يسأل بها عن غير العاقل ، سواء أكان سؤالا عن ذاته وماهيته وحقيقته ، أم عن صفته ، أم عن معمول حدث مذكور في السؤال ، نحو : ما هذا؟ هذا هو السلم. ما لنا؟ لكم هذا القدر. ما لونه؟ لونه أحمر. ما فهمت اليوم؟ فهمت اليوم قضية الاستفهام.

د ـ الإجابة عنها يكون بالتعويض ، حيث يعوض عنها فى الإجابة بما هو مسئول عنه. كما هو واضح فى الأمثلة السابقة.

ه ـ أحوالها الإعرابية تذكر مكتملة مع (من) فى نهاية هذه الصفحات.

وأمثلتها : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى)(١) [طه : ١٧]

(ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها) [الكهف : ٤٩].

__________________

ج ـ أن تكون نافية ، نحو : ما جاء محمد. ما محمد حاضرا.

د ـ أن تكون كافة ، نحو : إنما محمود مجتهد. ربما فهمت ذلك.

ه ـ أن تكون زائدة ، نحو : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ) [آل عمران : ١٥٩] ومنها ما هى عوض ، نحو : أما أنت منطلقا انطلقت ، وما جاء فى : حيثما ، وإذ ما ، ولا سيما فى وجه.

و ـ أن تكون مصدرية ، نحو : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) [هود : ١٠٨] ، أعجبنى ما صنعت ، أى : صنعك.

ز ـ أن تكون نكرة موصوفة ، نحو : حصلت على ما معجب لك ، أى : على شىء.

ح ـ أن تكون نكرة غير موصوفة ، نحو : ما أجمل الربيع! ، نعم ما قمت به.

ط ـ أن تكون صفة ، نحو : لأمر ما أجيئك.

ى ـ أن تكون نكرة مميّزة ، نحو : أهتم بدروسى لا سيّما درسا جديدا.

(١) (ما) اسم استفهام مبنى فى محل رفع ، مبتدأ أو خبر مقدم. (تلك) اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، خبر أو مبتدأ مؤخر. تلحظ أن تى اسم إشارة ، واللام للبعد ، والكاف للخطاب. (بيمينك) الباء : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. يمين : اسم مجرور بعد الباء وعلامة جره الكسرة ، وهو مضاف ، وكاف المخاطب مبنى فى محل جر مضاف إليه. وشبه الجملة فى محل نصب حال ، أو متعلقة بحال محذوفة. (يا موسى) يا : حرف نداء مبنى ، لا محل له من الإعراب ، موسى : منادى مبنى على الضم المقدر منع من ظهوره التعذر فى محل نصب.

٤٥٠

(ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها) [البقرة : ١٤٢].

و ـ قد يقرن بها (ذا) ، فتكون : ماذا؟ وتدخل على الاسم والفعل على السواء ، والإعراب يختلف باختلاف اعتبار (ذا) بين اسم الإشارة وعدمه على التفصيل الآتى :

١ ـ أن يكون (ذا) اسم إشارة ، و (ما) استفهامية ، كقولك : ماذا الوضع؟ ماذا العمل؟. (ما) اسم استفهام مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. أو خبر مقدم. (ذا) اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، خبر ، أو مبتدإ مؤخر. (العمل) نعت أو بدل من اسم الإشارة مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

٢ ـ أن يكون (ذا) اسما موصولا ، و (ما) استفهامية. نحو : ماذا تفعل؟ ، ماذا تكتب؟ ، حيث (ما) اسم استفهام مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (ذا) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، خبر المبتدإ. والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب.

ومنه : (ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) [البقرة : ٢١٩] (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً) [النحل : ٣٠]. (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) [المائدة ٤](١).

ومنه قول لبيد :

ألا تسألان المرء ما ذا يحاول

أنحب فيقضى أم ضلال وباطل (٢)

__________________

(١) (يسألونك) يسألون : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. وضمير المخاطب الكاف مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (ماذا) ما : اسم استفهام مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. ذا : اسم موصول مبنى فى محل رفع ، خبر. (أحل) فعل ماض مبنى على الفتح مبنى للمجهول. ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو. والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. والجملة الاستفهامية فى محل نصب ، مفعول به ثان. ويجوز أن تكون (ماذا) اسم استفهام مبتدأ ، خبره الجملة الفعلية أحل. (لهم) اللام : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير الغائبين هم مبنى فى محل جر باللام. وشبه الجملة متعلقة بأحل. (قل) فعل أمر مبنى على السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (أحل) فعل ماض مبنى على الفتح مبنى للمجهول. (لكم) اللام : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير المخاطبين كم مبنى فى محل جر باللام. وشبه الجملة لكم متعلقة بأحل. (الطيبات) نائب فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(٢) (ألا) حرف استفتاح وتحضيض مبنى ، لا محل له من الإعراب. (تسألان) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة

٤٥١

(وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [النساء : ٣٩].

٣ ـ أن يكون (ماذا) اسم استفهام مركبا ، نحو : لماذا تفعل ذلك؟ (اللام) حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. (ماذا) اسم استفهام مبنى فى محل جر باللام.

وشبه الجملة متعلقة بالفعل. (تفعل) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (ذلك) اسم إشارة مبنى فى محل نصب ، مفعول به.

٤ ـ أن يكون (ما) استفهاما ، و (ذا) زائدة. وهذا الرأى غير مقبول.

ز ـ إذا سبقت بحرف جر فإن ألفها يحذف تدوينيا ، وتبقى الفتحة دليلا عليها ، فتقول : فيم؟ إلام؟ علام؟ بم؟ حتّام؟ ممّ؟

وتحذف الألف من (ما) الاستفهامية المسبوقة بحرف الجر فرقا بين الاستفهام والخبر.

ومن أمثلتها : (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) [النازعات : ٤٣] ، (لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) [الصف : ٢].

(لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ) [آل عمران : ٦٥].

__________________

رفعه ثبوت النون. وألف الاثنين ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (المرء) مفعول به أول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (ماذا) ما : اسم استفهام مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. ذا : اسم موصول مبنى فى محل رفع ، خبر. (يحاول) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. العائد محذوف. أى : يحاوله. ويجوز أن تجعل ما ذا مبتدأ. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدأ. (أنحب) الهمزة : حرف استفهام مبنى ، لا محل له من الإعراب. نحب : بدل من ما مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (فيقضى) الفاء : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب يفيد السبب. يقضى : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر مبنى للمجهول. ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. (أم) حرف عطف معادل لهمزة الاستفهام مبنى ، لا محل له من الإعراب. (ضلال) معطوف على نحب مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (وباطل) الواو : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. باطل : معطوف على ضلال مرفوع ، وعلامة رفعة الضمة.

٤٥٢

ومنه قول الشاعر :

فتلك ولاة السّوء قد طال مكثهم

فحتّام حتّام العناء المطوّل (١)

متى (٢) :

اسم استفهام (٣) مبنى فى محل نصب على الظرفية ، وسمات (متى) التركيبية ما يأتى :

أ ـ ظرف يستفهم به عن زمان المذكور فى السؤال مطلقا.

ب ـ يدخل على الاسم والفعل بنوعيه : (الماضى والمضارع).

ج ـ يتصدر الجملة.

د ـ الأسماء التى يجوز أن يستفهم به عن زمنها أسماء المعانى فقط دون الذوات ، لأن الذوات لا يخبر عنها بالزمان ، فلا يجوز الاستفهام بـ (متى) عن أسماء الذوات إلا بتقدير محذوف يكون اسم معنى.

__________________

(١) مغنى اللبيب رقم ٤٩٣.

(تلك ولاة السوء) تلك : اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، مبتدأ ، ولاة : خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف ، والسوء : مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (قد طال مكثهم) قد : حرف تحقيق مبنى ، لا محل له من الإعراب. طال : فعل ماض مبنى على الفتح. مكث : فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف ، وضمير الغائبين مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. والجملة الفعلية فى محل نصب ، حال. (فحتام) الفاء : حرف تعقيبى مبنى ، لا محل له من الإعراب. حتى : حرف غاية وجر مبنى ، لا محل له من الإعراب. ما : اسم استفهام مبنى فى محل جر بحتى. وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (حتام) توكيد لفظى. (العناء) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (المطول) نعت للعناء مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(٢) يرجع إلى : الكتاب ١ ـ ٢١٧ / ٤ ـ ٣٣٣. اللمع ٣١٤ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ٤٧٠ / شرح اللمع ٤٣٧ / شرح عمدة الحافظ ١ ـ ٢٨١ / مغنى اللبيب ١ ـ ٣٣٤.

(٣) تكون (متى) غير استفهام فيما يأتى :

أ ـ أن تكون اسم شرط جازما فى محل نصب على الظرفية ، فيقتضى جملتين للشرط والجواب والجزاء. وقد يلحق بها (ما) التوسعية التوكيدية ، نحو : متى تلقنى أستضفك. متى ما تزرنى أكرمك.

ب ـ أن تكون حرف جر فى لغة هذيل.

٤٥٣

ه ـ يسأل به عن زمن الفعل ، فيكون ظرفا محضا فى محل نصب. تقول : متى بدأت المحاضرة؟ فيكون (متى) اسم استفهام مبنيا فى محل نصب متعلقا بالبدء.

و ـ إذا سئل به عن زمن الاسم ـ ولا يكون إلا اسم معنى نحو : متى ذهابنا إلى الصديق؟ ـ فإن للنحاة فيه مذهبين :

أولهما : أن يكون مبنيا فى محلّ نصب على الظرفية ، ويكون متعلقا بمحذوف ، و (ذهاب) يكون فاعلا للمحذوف ، وهذا من قبيل إلباس المبتدإ بالفاعل.

والآخر : أن يكون خبرا مقدما ، و (ذهاب) يكون مبتدأ مؤخّرا ، وأرى أنه فى هذا التركيب يكون ظرفا مبنيا فى محل نصب ، ويمثل شبه جملة تكون فى محل رفع خبر مقدم ، و (ذهاب) يكون مبتدأ مؤخرا.

وقد يكون لشبه جملته موقعها الإعرابى ، كقولك : متى إلقاء المحاضرة؟ (متى) اسم استفهام مبنى فى محل نصب على الظرفية ، وشبه الجملة فى محل رفع على الخبرية ، أو كما يرى جمهور النحاة تكون شبه الجملة متعلقة بخبر محذوف.

ز ـ الإجابة عن (متى) يكون تعويضيا ، أى يعوض فى الجواب عن موضعها فى السؤال ، ويتخذان موقعا إعرابيا واحدا.

فإذا قلت : متى تزورنا اليوم؟ فإن الإجابة تكون : أزوركم اليوم مساء ، حيث عوّض بالمساء عن (متى) ، وكلّ منهما ظرف زمان منصوب.

وإذا سألت : متى الحضور؟ فإن الإجابة تكون : الحضور ظهرا. فيكون كل من (متى ، وظهرا) فى محل رفع ، خبر المبتدإ.

ولذا فإنه يجوز أن يجاب عنها بخبر مرفوع ، فعند ما يسأل بالقول : متى الزيارة؟

فإن الجواب يكون : الزيارة قريبة. فإن ما عبر به عن زمن الزيارة ـ وهو القرب ـ موقعه خبر.

ح ـ حاصل ما تقدم فى الفقرتين السابقتين أن الظرف (متى) يمثل شبه جملة ، وشبه الجملة إما أن تكون متعلقة بالفعل أو ما يشبهه ، وإما أن يكون لها موقع إعرابى.

٤٥٤

فظرف الزمان (متى) قد يكون متعلقا بالفعل أو شبهه ، كقولك : متى تذهب إلى المحطة؟. (متى) اسم استفهام مبنى على السكون فى محل نصب على الظرفية ، وشبه الجملة متعلقة بالسفر.

ومنه قوله ـ تعالى : (مَتى نَصْرُ اللهِ) [البقرة : ٢١٤].

وكانت الإجابة : (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) [البقرة : ٢١٤] فما عوض به فى الإجابة عن (متى) ، وهو (قريب) ، يقع خبرا كموقع اسم الاستفهام (متى) فى محل نصب ، خبر مقدم.

وإذا قلت : إلى متى يستمر هذا الوضع؟ فإن الإجابة تكون : يستمر هذا الوضع إلى المساء ، أو : إلى أن يرضى عنه ، أى : إلى زمن أن يرضى عنه.

فتجد أن كلا من (متى) وما عوض به عنه فى الإجابة من : المساء ، أو المصدر المؤول (أن يرضى عنه) مجرور بحرف الجر (إلى) ، وإنك لتجد أن حرف الجر السابق لاسم الاستفهام سابق للمعوض به فى الإجابة ..

أيّان : بفتح فتشديد بالفتح.

اسم استفهام (١) مبني فى محل نصب على الظرفية غير متصرف ، وسمات (أيان) التركيبية ما يأتى :

أ ـ تتصدر الجملة

ب ـ ظرف يستفهم به عن زمان المذكور فى السؤال.

ج ـ يدخل على الاسم والفعل المضارع دون الماضى والأمر.

__________________

(١) قد تكون (أيان) اسم شرط جازما ، فيقتضى جملتين للشرط والجواب والجزاء. وكثيرا ما يلحق به (ما) التوسيعية التوكيدية. ومن أمثلتها شرطا :

أيان نؤمنك تأمن غيرنا وإذا

لم تدرك الأمن منا لم تزل حذرا

ومن أمثلتها شرطا ملحقا بها (ما) قول ساعدة بن جؤية :

إذا النعجة الأذناء كانت بقفرة

فأيان ما تعدل بها الريح تنزل

٤٥٥

د ـ يستفهم به عن زمان أسماء المعانى دون الذوات ؛ لأن الذوات لا يخبر عنها بالزمان.

ه ـ يسأل به عن زمن الفعل ، فيكون ظرفا محضا فى محل نصب ، تقول : أيان نذهب إلى الكلية؟ (أيان) ظرف زمان مبنى فى محلّ نصب.

و ـ إذا سئل به عن زمن الاسم ـ اسم معنى نحو : أيان إلقاء خطبة الرئيس؟

ـ فإن للنحاة فيه وجهين :

أولهما : أن يكون مبنيا فى محل نصب على الظرفية متعلقا بمحذوف ، و (إلقاء) يكون فاعلا للمحذوف ، وهذا من قبيل إلباس المبتدإ بالفاعل.

والآخر : أن يكون خبرا مقدما ، و (إلقاء) يكون مبتدأ مؤخرا.

وأرى أنه مبنى فى محل نصب على الظرفية ، ويمثل شبه جملة فى محل رفع ، خبر مقدم للمبتدإ المؤخر (إلقاء).

ز ـ الجواب عن السؤال به من قبيل التعويض عنه ، ويتخذ مع ما يعوض به عنه موقعا إعرابيا واحدا ، فإذا سئل : أيّان الامتحان؟ فيجاب : الامتحان فى العاشر من مايو ، فإن كلا من (أيّان) وشبه جملة (فى العاشر) فى محل رفع ، خبر.

وإذا سئل : أيّان حضرت اليوم؟ فأجيب : حضرت اليوم ظهرا ، فإن كلا من (أيّان) و (ظهرا) منصوب على الظرفية.

ح ـ فى همزتها الفتح وهو الأفصح ، وسمع فيها الكسر.

ط ـ اختلف النحاة فيما بينهم فى كون كلمة (أيّان) بسيطة أم مركبة ، حيث يذهب معظمهم إلى بساطتها ، ولكن بعضهم يرى أن أصلها : (أىّ أوان) فحذفت الهمزة على غير قياس ، ولم يعوض منها شىء ، وقلبت الواو ياء على غير قياس ، فاجتمع ثلاث ياءات ، فاستثقل اجتماعها فحذفت إحداها ، وبنيت الكلمة على الفتح ، فصارت (أيّان).

٤٥٦

ى ـ اختلفوا فيما بينهم هل هى مشتقة أم لا؟ وذهب من يرى اشتقاقا ـ وعلى رأسهم أبو الفتح ـ إلى أنها مشتقة من : أويت إليه ، فالبعض آو إلى الكل ، والمعنى : أىّ وقت؟ ويكون وزنها : فعلان ، بفتح الفاء أو بكسرها بحسب اللغتين.

ويمتنع أن يكون وزنه (فعّالا) بتشديد العين ، لأنه يكون ـ حينئذ ـ مشتقا من (أين) ، و (أين) ظرف مكان.

ومثالها استفهامية قوله ـ تعالى ـ : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) [الأعراف : ١٨٧ / المرسلات : ٤٢](١). (أيان) اسم استفهام مبنى فى محل نصب على الظرفية ، وشبه الجملة فى محلّ رفع خبر مقدم. (مرسى) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر ، وهو مضاف ، وضمير الغائبة مبنى فى محل جر ، مضاف إليه.

(أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) [النحل : ٢١](٢). (أيان) ظرف زمان مبنى فى محل نصب متعلق بالبعث.

(يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ)(٣) [الذاريات : ١٢]. (يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) [القيامة : ٦].

__________________

(١) الجملة الاسمية الاستفهامية (أيان مرساها) بدل من موضع شبه الجملة (عن الساعة) فى محل نصب.

(٢) (أموات) خبر لمبتدأ محذوف مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (غير أحياء) غير : خبر ثان للمبتدإ المحذوف ، مرفوع وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف وأحياء : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة. ويجوز أن تجعل غير أحياء مؤكدة لأموات. (وما يشعرون) الواو استئناف مبنى ، لا محل له من الإعراب. ما :حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب يشعرون : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فاعل فى محل رفع. (أيان يبعثون) أيان : اسم استفهام مبنى فى محل نصب على الظرفية متعلق بالبعث. يبعثون : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، نائب فاعل. والجملة الفعلية فى محل نصب على إسقاط الخافض. أو فى محل نصب على تضمن يشعرون معنى يعلمون ، فالجملة معلقة ليشعرون.

(٣) تلحظ أن (أيان) خبر مقدم ، والمبتدأ المؤخر (يوم) ، وقد أخبر بالزمان عن يوم ، وهو اسم ذات ، وذلك بتقدير محذوف ، والتقدير : أيان وقوع يوم الدين ، ومثل ذلك قولهم : اليوم خمر وغدا أمر ، أى : اليوم وقوع خمر ، وغدا حدوث أمر. وكقولهم : الليلة الهلال ؛ أى : الليلة رؤية الهلال.

الجملة الاستفهامية الاسمية (أيان يوم) فى محل نصب بإسقاط الخافض.

٤٥٧

أين : بفتح فسكون ففتح (١) :

اسم استفهام مبنى على الفتح فى محل نصب له موقعه الإعرابى ، يسأل به عن مكان المذكور فى السؤال ، ومن خصائص كلمة (أين) التركيبية ما يأتى :

أ ـ تتصدر الجملة.

ب ـ تدخل على الاسم و ـ الفعل على السواء.

ج ـ يسأل بها عن المكان المنسوب إلى المذكور فى السؤال ، فإذا كان المذكور اسم ذات فإنه يسأل بها عن المكان الموجود فيه ، نحو : أين محمد؟ أى : ما المكان الذى يوجد فيه محمد؟

وإذا كان اسم معنى غير حدث فإنه يسأل به عن المكان الموجود فيه ، نحو : أين الجهل؟

وإذا كان اسم معنى حدثا أو كان فعلا فإنه يسأل به عن مكان إحداثه ، نحو : أين حضورنا؟ أين نحضر؟ أى : فى أى مكان يحدث حضورنا؟

د ـ الإجابة عنها يكون بالتعويض ، حيث يعوض عنها فى الإجابة بما يكون متخذا موقعها الإعرابىّ الموجود فى السؤال. فإذا سألت : أين إلقاء المحاضرة؟

فأجبت : إلقاء المحاضرة فى المدرج الكبير ؛ فإن كلا من : (أين ، وما عوض به عنه من القول (فى المدرج الكبير) يقع خبرا.

وإذا سألت : أين نلتقى؟ فأجيب عنك : نلتقى أمام المسجد ، فإن كلا من (أين) وما عوض به عنه من القول (أمام المسجد) يكون ظرفا.

ه ـ إذا ذكر فى سؤال ما فإن للنحاة فيه رأيين :

أولهما : أن يكون مبنيا في محل نصب على الظرفية متعلقا بمحذوف ، ويكون الاسم فاعلا للفعل المحذوف ، وهذا من قبيل إلباس المبتدإ بالفاعل.

__________________

(١) يرجع إلى : الكتاب ٢ ـ ١٢٨ / اللمع ٣١٤ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ٤٦٨ / أسرار العربية ٣٨٥ / شرح عمدة الحافظ ٢٨٠.

٤٥٨

فإذا قلت : أين محمد؟ (أين) ظرف مكان مبنى على الفتح فى محل نصب متعلق بفعل محذوف ، و (محمد) فاعل للمحذوف مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

والآخر : أن يكون الظرف خبرا مقدما ، فيكون الاسم مبتدأ مؤخرا. وهذا الرأى نميل إليه.

و ـ إذا ذكر مع فعل فإنه يكون ظرفا فى محل نصب ، فتقول : أين نذهب الآن؟

نذهب أسفل المكتبة. أين أضع الكتاب؟ تضع الكتاب فوق المكتب. أو : داخل الحقيبة. كلّ من : (أسفل ، وفوق ، داخل) ظرف مكان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة متعلق بالفعل المذكور (نذهب ، أضع).

وأرى أن ذلك ضرورة مع الاسم الحدثى ، نحو : أين لقاؤنا؟ لقاؤنا أمام باب القاعة الشرقية.

فإذا كانت الإجابة بجار ومجرور فإن شبه الجملة تكون متعلقة بالفعل المذكور ، كأن تقول : أين سافر علىّ؟ فيجاب : سافر على إلى المنصورة ، فتكون شبه الجملة (إلى المنصورة) متعلقة بالسفر.

كيف (١) :

اسم استفهام مبنى على الفتح ، وهو مبنى لتضمنه همزة الاستفهام ـ كما ذكر ، أى : أكيف؟ يسأل به عن الأحوال فى كلّ مواقعه وتراكيبه ، فيقال : كيف أنت؟

أى : ما حالك؟ كيف وصلت؟ أى : على أى حال وصلت؟ كيف تعاملوا معك؟

كيف كانت مناقشاتهم؟

ومن سمات (كيف) التركيبية ما يأتى :

أ ـ تتصدر الجملة.

ب ـ معناها الحال فى كلّ تركيب ، حيث يستفهم بها عن حال الشىء لا عن ذاته.

__________________

(١) يرجع إلى : الكتاب ٤ ـ ٢٣٣ / الصاحبى ٢٤٣ / أسرار العربية ٣٨٥ / شرح ابن يعيش ٤ ـ ١٠٩ / شرح عمدة الحافظ ١ ـ ٢٨٢.

٤٥٩

ج ـ الإجابة عنها يكون بذكر حال من أحوال المذكور فى السؤال ، فالجواب عنها من قبيل التعويض ، فإذا قلت : كيف السؤال؟ فالإجابة تكون بذكر حال من أحوال السؤال معوضا بها عن كيف ، ولتكن الإجابة : السؤال سهل.

وعند ما يقال : كيف أصبحت؟ يعوض فى الإجابة عن (كيف) بذكر حالة من أحوال تاء المخاطب ، ولتكن الإجابة : أصبحت فى خير ، أو : معافى ، أو سليما ... إلخ.

د ـ تلحظ أن الموقع الإعرابىّ لـ (كيف) فى السؤال يكون الموقع الإعرابىّ لما عوّض به عنها فى الإجابة.

فتقول : كيف الامتحان؟ فيجاب : الامتحان سهل ، عوض فى الإجابة بـ (سهل) عن (كيف) فى السؤال ، وكلّ منهما خبر.

وتقول : كيف أقبلت عليه؟ فيجاب : أقبلت عليه مسرورا ، حيث عوض بـ (مسرورا) فى الإجابة عن (كيف) فى السؤال ، وكلّ منهما حال.

ه ـ قد تكون ركنا من ركنى الجملة الاسمية ، إذا وقعت قبل ما لا يستغنى عنها ، أى : لا يمثل ما بعدها جملة كاملة ، نحو : كيف محمد؟ ، كيف السفر؟

(كيف) اسم استفهام مبنى على الفتح فى محلّ رفع ، خبر مقدم. (محمد) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والتقدير : محمد أى حال ؛ أو حال محمد أى حال؟ أو : فى أى حال؟ أو : على أى حال.

فإذا أبدلت من (كيف) فى هذا الموقع رفعت البدل ، تقول : كيف أنت؟

أصحيح أم سقيم؟ (صحيح) بدل من (كيف) مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

و (أم) حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (سقيم) معطوف على صحيح مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

وتقول : كيف أصبحت؟ فيجاب : أصبحت سليما ، فيكون (سليما) خبر أصبحت منصوبا ، وعلامة نصبه الفتحة.

٤٦٠