النحو العربي - ج ٤

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ٤

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٩٥

وتكون فى محلّ رفع ، ويستغنى عن الرابط الذى يربط جملة الخبر بالمبتدإ ؛ لأن فى الخبر الجملة اسما أعمّ من المبتدإ وهو الفاعل ، ففاعل فعلى المدح والذم أعمّ من المخصوص.

ملحوظات :

أولا : أسلوب المدح أو الذم جملة اعتراضية :

يجوز أن يقع أسلوب المدح أو الذمّ جملة اعتراضية بين العامل ومعموله.

فيقال : أكرمت ـ ونعم الرجل هو ـ محمدا. حيث (أكرم) فعل ماض مبنى على الفتح ، وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محلّ رفع ، فاعل له. (محمدا) مفعول به لأكرم منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. أما أسلوب المدح (نعم الرجل هو) فيعرب تفصيلا بأحد أوجه الإعراب المذكورة سابقا ، ثم يذكر : وأسلوب المدح اعتراضى للمدح لا محل له من الإعراب.

ومنه أن تقول : اجتنبت ـ فبئس الصديق هو ـ سميرا. حيث جملة الذم اعتراضية لا محل لها من الإعراب.

ثانيا : الرابط بين المخصوص وجملة المدح أو الذم :

لمّا كان المخصوص يعرب فى أحد الأوجه مبتدأ خبره الجملة الفعلية الخاصة بالمدح أو الذم احتاج إلى رابط يربطه بجملة الخبر ، وهذا الرابط هو شمول الخبر على اسم أعمّ من المبتدإ ، فالمخصوص يدخل فى جنس فاعل (نعم وبئس) ، وفاعلهما فيه معنى الجنس ، فهو بمثابة الاسم العام ، والمخصوص هو الخاصّ.

ثالثا : لا يفصل بين الفعلين والمرفوع :

لا يجوز الفصل بين الفعلين (نعم وبئس) ومرفوعهما ، سواء أكان بشبه جملة أم بغير ذلك.

من تراكيب (ما):

قد تأتى (ما) بعد أحد فعلى المدح والذمّ فى عدة صور ، منها :

١٦١

أ ـ أن تذكر (ما) بعد الفعل دون ذكر لفظ بعدها :

من ذلك القول : دققته دقا نعمّا. فيكون التقدير أحد أمرين :

ـ إما أن يكون التقدير : نعم الشىء الدقّ ، فتكون (ما) معرفة تامة فى محلّ رفع ، فاعل (نعم) ، وهو ما عبر عنه بالشىء. أما المخصوص فإنه يكون محذوفا ، وهو ما قدّر بـ (الدق).

ـ وإما أن يكون التقدير : نعم شيئا الدقّ ، فيكون فاعل (نعم) ضميرا مستترا مميزا بنكرة ، وتكون (ما) نكرة تمييزا للفاعل المستتر فى محلّ نصب. والمخصوص محذوف تقديره : الدق. وهذا ما يذهب إليه الزمخشرى ومن تبعه.

ب ـ أن تذكر (ما) بعد الفعل ، وتتلى بمفرد :

ومنه قوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) [البقرة : ٢٧١]. توجه (ما) فى مثل هذا التركيب على ما يأتى :

ـ أن تجعل التقدير : فنعم الشىء هى. وعليه فإن (ما) تكون معرفة تامة فى محلّ رفع فاعل (نعم) ، ويكون الضمير (هى) مخصوصا بالمدح ، وفيه الأوجه الإعرابية الثلاثة.

ـ أن تجعل التقدير : فنعم شيئا هى ، أى : نعم الشيء شيئا هى ، فتكون (ما) نكرة تامة تمييزا لفاعل (نعم) المستتر الذى يقدر بـ (هو) ، أى : الشىء الذى يعود على الصدقات. ويكون الضمير (هى) مخصوصا بالمدح.

ويجوز أن يكون التقدير : فنعم الذى هو هى إبداؤها ، فتكون (ما) اسما موصولا ، صلته الجملة الاسمية محذوفة المبتدإ ، وخبرها هى ، أما المخصوص فهو محذوف.

ـ أن تكون (ما) مركبة مع الفعل (نعم) تركيب (ذا) مع (حبّ) ، وهذا ما يذهب إليه الفراء ومن تبعه ، حينئذ لا موضع لها من الإعراب ، ويكون (هى) فاعل (نعم). وهو أردأ الأقوال.

١٦٢

ومنه قولهم : بئسما تزويج ولا مهر.

ج ـ أن تذكر (ما) بعد الفعل ، ويتلوها جملة فعلية :

ومنه قوله تعالى : (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ) [البقرة : ٩٠]. يحلل التركيب الذمّى طبقا للآراء السابقة فى (ما) كما يأتى :

ـ أن يكون التقدير : بئس الشىء شىء اشتروا به أنفسهم أن يكفروا ...

ـ (بئس) : فعل ماض مبنى على الفتح.

ـ (ما) : اسم معرفة تامة مبنى فى محل رفع فاعل.

ـ والمخصوص بالذمّ محذوف تقديره (شىء) فى محل رفع ، مبتدأ خبره محذوف ، أو خبر لمبتدإ محذوف ، أو مبتدأ مؤخر ، خبره المقدم جملة الذم.

ـ (اشتروا) فعل ماض مبنى على الضمة المقدرة ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع فاعل ، والجملة الفعلية فى محل رفع ، نعت للمخصوص بالذم المحذوف.

ـ (به) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالاشتراء.

ـ (أنفسهم) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وضمير الغائبين مبنى فى محل جر بالإضافة.

ـ (أن) حرف مصدرى ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب.

ـ (يكفروا) فعل مضارع منصوب بعد أن ، وعلامة نصبه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والمصدر المؤول فى محلّ رفع ، بدل من المخصوص بالذم. أو عطف بيان له.

هذا هو الوجه الأكثر قبولا فى إعراب مثل هذا التركيب لكن فيه أوجها أخرى مفادها :

ـ أن يكون التقدير : بئس الذى اشتروا به أنفسهم أن يكفروا. فتكون (ما) اسما

١٦٣

موصولا فى محل رفع ، فاعل ، وجملة (اشتروا) صلة لا محل لها من الإعراب ، والمصدر المؤول (أن يكفروا) هو المخصوص بالذم.

ـ أن يكون التقدير : بئس اشتراؤهم كفرهم ، فتكون (ما) حرفا مصدريا ، لا محل له من الإعراب ، والمصدر المؤول (ما اشتروا) فى محل رفع ، فاعل بئس ، أما المصدر المؤول (أن يكفروا) هو المخصوص.

ـ أن يكون التقدير : بئس شيئا اشتروا به أنفسهم أن يكفروا ، فتكون (ما) منصوبة على التمييز لفاعل (بئس) المستتر وتقديره : هو ، أما جملة (اشتروا) فهى فى محل نصب ، نعت لما ، ويكون المصدر المؤول (أن يكفروا) هو المخصوص.

ـ أن يكون التقدير : بئس شيئا شىء اشتروا به أنفسهم أن يكفروا ، فتكون (ما) منصوبة على التمييز لفاعل بئس المستتر ، أما المخصوص فهو محذوف ، وجملة (اشتروا) فى محل رفع ، نعت للمخصوص المحذوف ، والمصدر المؤول (أن يكفروا) فى محل رفع ، بدل منه ، أو بيان.

ـ أن يكون التقدير : بئس ما ما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا ، أى : بئس شيئا الذى اشتروا ، وعليه فإن (ما) تكون منصوبة على التمييز لفاعل بئس المستتر ، أما المخصوص فهو محذوف يقدر باسم موصول (ما) ، وجملة (اشتروا) صلته ، والمصدر المؤول (أن يكفروا) بدل من المخصوص.

أو التبادل بين إعراب (ما) الظاهرة وإعراب (ما) المحذوفة. فتكون (ما) المذكورة مع صلتها المخصوص بالذم ، ويكون فاعل (بئس) ضميرا محذوفا مميزا بـ (ما) أخرى محذوفة فى محلّ نصب على التمييز.

ـ هذا إلى جانب ما إذا جعلت (ما) لا محلّ لها من الإعراب كافة لبئس عن العمل ، فدخل الفعل على الجملة الفعلية التى تتلوها كما هو فى : طال وقلّ وكثر.

ـ فى قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) [النساء : ٥٨]. يمكن لنا أن نطبق الأوجه السابقة كلها ، إلا أننا فى بعض هذه الأوجه سنقدر محذوفا مخصوصا بعد جملة (يعظكم) ، وفى أوجه أخرى سنقدره بين جملة (يعظكم) و (ما).

١٦٤

من تراكيب (نعم وبئس) غير المألوفة (١) :

فاعل (نعم وبئس) نكرة :

قد يكون فاعل (نعم وبئس) منكرا مفردا ، نحو : نعم رجل زيد ، وعليه يقال :

نعم مواطن الذى ينتمى إلى وطنه.

فيكون النكرتان (رجل ومواطن) فاعلى (نعم) مرفوعان ، وقد ذكرنا أن فاعلهما يكون معرفا بالأداة أو مضافا إلى المعرف بالأداة ، أو ضميرا مستترا مميزا بنكرة ، أو (ما) ، فخرجت النكرة عن السمات البنيوية لفاعلى (نعم وبئس) ، وهو قليل جدا.

فاعل (نعم وبئس) مضافا إلى نكرة :

قد يكون فاعل (نعم وبئس) مضافا إلى نكرة مفردة ، كما جاء فى قول الشاعر (ينسب إلى حسان بن ثابت أو إلى كثير بن عبد الله النهشلى) :

فنعم صاحب قوم لا سلاح لهم

وصاحب الركب عثمان بن عفانا (٢)

حيث فاعل (نعم) هو النكرة (صاحب) ، وهو مفرد مضاف إلى نكرة (قوم) ، فخرج بذلك عن السمات البنيوية لفاعلى (نعم وبئس) ، وهذا قليل جدا.

فاعلهما مضافا إلى ضمير ما فيه أداة التعريف :

أجاز بعض النحويين أن يكون فاعل (نعم وبئس) مضافا إلى ضمير ما فيه الألف واللام. فيقال : القوم نعم صاحبهم أنت. حيث فاعل (نعم) هو (صاحب) ، وهو مضاف إليه ضمير يعود على (القوم) ، وهو اسم معرف بالأداة.

ومنه قول الشاعر (٣) :

فنعم أخو الهيجا ونعم شهابها

__________________

(١) يرجع إلى : شرح ابن يعيش ٧ ـ ١٣١ / الرضى على الكافية ١ ـ ٣١٧ ، ٣١٨.

(٢) ينظر : شرح المفصل ٧ ـ ١٣١ / المقرب ١ ـ ٦٦ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٢٨.

(٣) ارتشاف الضرب ٣ ـ ٢٠ / الأشمونى ٣ ـ ٢٨.

١٦٥

حيث (شهاب) فاعل (نعم) الثانى ، وهو مضاف إلى ضمير يعود على الاسم المعرف بالأداة (الهيجا) ، وهذا لا يقاس عليه لقلّته.

فاعل (نعم وبئس مقرونا بالباء الزائدة :

قد يقرن فاعل (نعم وبئس) بالباء الزائدة تشبيها لهما بفعل التعجب ، وتضمينا لهما معناه ، فقد روى قولهم : مرّ بقوم نعم بهم قوما ، حيث زيدت الباء فى فاعل (نعم) الضمير ، وكأنه قال : أنعم بهم قوما! على لفظ التعجب ومعناه.

المخصوص مسبوقا بحرف الجر الزائد :

قد تدخل الباء الزائدة على المخصوص بالمدح أو الذم ، ومنه قوله عليه السّلام : «نعمّا بالمال الصالح للرجل الصالح» ، والتقدير : نعم شيئا المال الصالح للرجل الصالح ، حيث دخل حرف الجرّ الزائد (الباء) على المخصوص بالمدح (المال).

وقد سبق حرف الجر الزائد (من) المخصوص فى قول الشاعر :

تخيّره ولم يعدل سواه

فنعم المرء من رجل تهامى (١)

حيث (من) حرف جر زائد للتوكيد ، وهذا ضرورة ، أو شذوذ.

فاعلهما الضمير ظاهرا :

فاعل (نعم وبئس) إذا كان ضميرا فإنه يجب أن يستتر وأن يكون مميزا بنكرة ، لكنه قد يظهر ، حيث روى قولهم : مررت بقوم نعموا قوما. حيث فاعل (نعم) ضمير مميز بالنكرة (قوما) ، فكان يجب أن يكون مستترا ، لكنه ظهر وهو واو الجماعة ، وهذا قليل.

المخصوص مساو لفاعل (نعم وبئس):

قد يأتى تركيب المدح أو الذمّ على مثال : نعم عبد الله زيد ، وبئس عبد الله هو ، حيث يكون المخصوص بالمدح أو الذمّ مساويا فى معناه الظاهر الدالّ عليه لفظه مع فاعل (نعم وبئس) ، وقد ذكرنا أن المخصوص يجب أن يكون واحدا من

__________________

(١) ينظر : المقرب ١ ـ ٦٩ / أوضح المسالك ٢ ـ ١١٣.

١٦٦

جنس فاعل المدح أو الذم ، أى : يكون الفاعل دالا على الجنس ، وهذا مخالف لهذه السمة التى يجب أن يكون عليها الفاعل.

وإن قبل هذا التركيب فإنه يكون على سبيل تنكير المضاف ، كأن يفهم من الفاعل (عبد الله) معنى (عبد).

فاعل (نعم وبئس) اسما موصولا :

أجاز المبرد (١) والفارسىّ (٢) إسناد فعلى المدح والذمّ إلى الاسم الموصول (الذى) على أنه يدلّ على الجنس (٣) ، فتقول : نعم الذى يأمر بالمعروف محمد ، أى : نعم الأمر ... فيكون دالا على الجنس.

كما أجاز قوم ذلك مع (من وما) الموصولتين مقصودا بهما الجنس ، فيقال عند هؤلاء : نعم من يتقن عمله علىّ ، نعم ما تتصف به من صفة الصدق.

حذف التمييز والمخصوص :

قد يحذف تمييز فاعل (نعم وبئس) والمخصوص بالمدح والذمّ معا ، كأن تقول : إن فعلت كذا فبها ونعمت ، والتقدير : نعمت فعلة فعلتك ، بحذف التمييز واسم الممدوح (٤).

ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم : «من توضّأ يوم الجمعة فبها ونعمت» (٥). والتقدير : فبالسّنة أخذ ، ونعمت السّنّة هذه الحالة. أو : ونعمت سنة.

قد يلحق الفعلين علامة التأنيث مع المخصوص المؤنث :

إذا كان المخصوص بالمدح أو الذمّ مؤنثا فإنه قد يلحق الفعلين (نعم وبئس) علامة التأنيث مع الفاعل المذكر ، تأثرا بتأنيث المخصوص. من ذلك قول الشاعر :

__________________

(١) المقتضب ٢ ـ ١٤٢.

(٢) الإيضاح العضدى ٤٥.

(٣) شفاء العليل ٢ ـ ٥٨٩.

(٤) ينظر : المقرب ١ ـ ٦٦ ، ٦٧.

(٥) سنن ابن ماجة ١ ـ ٣٤٧.

١٦٧

نعمت جزاء المتقين الجنة

دار الأمانى والمنى والمنة (١)

حيث المخصوص بالمدح (الجنة) ، وهو مؤنث ، أما فاعل (نعم) وهو (جزاء) مذكر ، ولكن الفعل لحقته علامة التأنيث جوازا لتأنيث المخصوص.

ومنه ـ كذلك ـ قول ذى الرمة :

أو حرة عيطل ثبجاء مجفرة

دعائم الزّور نعمت زورق البلد (٢)

حيث فاعل (نعم) زورق ، وهو مذكر ، لكن الفعل لحقته علامة التأنيث ، وذلك لأن المخصوص مؤنث ، وهو (حرة).

(حب) فى المدح والذم

يستعمل التركيب (حبّذا) للمدح العام ، أمّا للذمّ العام فإنه يستخدم هذا التركيب منفيّا بالسلب (لا حبذا). حيث :

__________________

(١) ينظر : المساعد ٢ ـ ١٣٩.

(نعمت) فعل ماض مبنى على الفتح ، والتاء : حرف تأنيث مبنى على السكون ، لا محل له من الإعراب. (جزاء) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (المتقين) مضاف إليه مجرور ، وعلامة ، جره الياء ؛ لأنه جمع مذكر سالم. والجملة الفعلية لا محل له من الإعراب ، أو فى محل رفع ، خبر مقدم. (الجنة) خبر لمبتدإ محذوف ، أو مبتدأ خبره محذوف ، أو مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والتقدير :هى دار. (الأمانى) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة المقدرة. (والمنى) عاطف ومعطوف على الأمانى مجرور ، (والمنة) عاطف ومعطوف مجرور.

(٢) ينظر : التبصرة والتذكرة ١ ـ ٢٧٦ / شرح ابن يعيش ٧ ـ ١٣٦ / المساعد شرح التسهيل ٢ ـ ١٣٩ / المقرب ١ ـ ٦٨ / ديوانه ١٤٦.

العيطل : طويلة العنق ، ثبجاء : عريض ما بين الكاهل إلى الظهر ، المجفرة : الناقة العظيم وسطها ، الدعامة : خشبة الحيمة ، والمقصود بها هنا : القوائم ، زورق : السفينة والبلد الأرض والمفازة ، الزوراء : أعلى الصدر. (أو) حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (حرة) معطوف على مرفوع سابق مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (عيطل ثبجاء مجفرة) صفات لحرة مرفوعة وعلامة رفع كل منها الضمة. (دعائم) مفعول به لمجفرة منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (الزور) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (نعمت) فعل ماض مبنى على الفتح ، والتاء حرف تأنيث مبنى. (زورق) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر مقدم ، أو لا محل لها من الإعراب. (البلد) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. والمخصوص بالمدح محذوف ، وهو إما مبتدأ مؤخر ، وإما مبتدأ خبره محذوف ، وإما خبر لمبتدإ محذوف.

١٦٨

(حب):

فعل ماض على مثال (فعل) مضموم العين ، ثم أدغم المتماثلان ، وأصله : (حبب) بفتح العين ، وهو فعل غير متصرف لخروجه عن أصل معناه إلى المدح.

(ذا):

اسم إشارة للمفرد ، خلع منه الإشارة ـ وهى للتعريف ـ لغرض الإبهام ، ولذلك فإن تقدير (حبذا) : حب الشىء.

واسم الإشارة (ذا) يلزم الفعل (حب) لإفادة المدح العام ، أو الذمّ العام ، فإذا انفرد الفعل عنه كان من قبيل المدح الخاص والذمّ الخاص.

وتخصيص اسم الإشارة (ذا) فى هذا التركيب لأنه اسم مبهم ينعت بالأجناس ، فيقال : هذا الرجل ، هذه المرأة ... إلخ.

وحكم (حب) كحكم (نعم وبئس) فى الإسناد إلى ما يدلّ على الجنس ، فركّبوا (حب) مع (ذا) لينوب عن أسماء الأجناس ، فهو يجرى مجرى ما فيه الألف واللام من أسماء الجنس.

ولذلك فإنه يقال : حبذا الصديق الأمين ، كما تقول : نعم الرجل الصديق الأمين ، فقابل اسم الإشارة (ذا) اسم الجنس (الرجل).

كما أنه يكون بمنزلة المضمر فى (نعم) ، ولذلك فإنه فسر بالنكرة وميّز بها ، فيقال : حبذا رجلا وحبذا امرأة ، بنصب كلّ من (رجل وامرأة) على التمييز. كما ميّز الضمير فى (نعم) بالنكرة المنصوبة ، حيث يقال : نعم رجلا ، ونعم امرأة ، أو : نعمت ، والتقدير : نعم هو رجلا ، وهى امرأة.

ولذلك فإنك تقول : حبذا رجلا المواطن الوفى ، كما تقول : نعم رجلا المواطن الوفى ، حيث ميز كلّ من اسم الإشارة (ذا) والضمير المستتر فى (نعم) بالنكرة المنصوبة (رجلا).

١٦٩

(لا):

حرف نفى يدخل على التركيب (حبذا) الدالّ على المدح ، ليجعله مفيدا للذمّ ، فتقول : لا حبّذا الكذب ، لا حبذا المرأة غير الوفية. لا حبذا المواطن الخائن.

يلحظ فى دخول حرف النفى (لا) على (حبذا) ما يأتى :

ـ (لا) لا يدخل على الفعل الماضى الجامد فى أصل وضعه.

ـ كما أنه لا يدخل على الاسم ـ إن لم يفد الجنس ، وإن لم يكرّر.

فتقول : لا مواطن خائن ، لا بائع غشاش حيث أفاد كلّ من (مواطن) و (بائع) التعبير عن الجنس.

ولكنك تقول : لا المواطن خائن ولا المواطنة ، لا إهمالك مفيد ولا تراخيك ، فقد كررت (لا) لأنها دخلت على معارف لم تفد الدلالة على الجنس.

من ذلك قول الشاعر :

ألا حبذا عاذرى فى الهوى

ولا حبذا الجاهل العاذل (١)

الشطر الأول مدح ، والآخر ذمّ.

وقول كنزة صاحبة ذى الرمة ، أو : لذى الرمة :

ألا حبّذا أهل الملا غير أنه

إذا ذكرت مىّ فلا حبذا هيا (٢)

__________________

(١) شفاء العليل ٢ ـ ٥٩٦ / شرح التصريح ٢ ـ ٩٩ / الهمع ٢ ـ ٨٩ / أوضح المسالك ٢ ـ ٢٩٠.

(ألا) حرف استفتاح وتنبيه مبنى لا محل له من الإعراب. (حبذا) حب : فعل ماض مبنى على الفتح. ذا : اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، فاعل. وجملة المدح الفعلية إما لا محلّ لها من الإعراب ، وإما فى محل رفع ، خبر مقدم. (عاذرى) عاذر : المخصوص بالمدح ، وهو إما مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة المناسبة لضمير المتكلم ، وخبره محذوف ، وإما خبر مرفوع مقدرا لمبتدإ محذوف ، وإما مبتدأ مؤخر ، وخبره المقدم جملة المدح. وضمير المتكلم مبنى فى محل جر بالإضافة. (فى الهوى) جار ومجرور بكسرة مقدرة للتعذر ، وشبه الجملة متعلقة بعاذر. (ولا) الواو : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. لا : حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. (حبذا الجاهل) كإعراب حبذا عاذر. (العاذل) نعت للجاهل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(٢) شرح ابن الناظم ٤٧٤ / شرح ابن عقيل ٣ ـ ١٦٩.

١٧٠

حيث ذمّ أهل الملا وذم مىّ أو ميّا.

الأوجه الإعرابية المحتملة فى تركيب (حبذا):

يذهب النحاة مذاهب شتّى ومختلفة فى إعراب تركيب (حبذا) على النحو الآتى :

ـ الرأى الأكثر شيوعا وقبولا إعراب تركيب المدح بـ (حبذا) بالأوجه الإعرابية الشائعة فى تركيبى (نعم وبئس) ، حيث يكون إعراب المثل : (حبذا الوفاء) على النحو الآتى : (حبّ) فعل ماض مبنى على الفتح.

(ذا) اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، فاعل.

والجملة الفعلية إما فى محلّ رفع خبر مقدم ، وإما لا محلّ لها من الإعراب.

(الوفاء) وهو المخصوص بالمدح ، فيكون إما : مبتدأ مؤخرا مرفوعا ، وعلامة رفعه الضمة ، على أن جملة المدح الفعلية فى محل رفع ، خبر مقدم.

وإما مبتدأ خبره محذوف ، والتقدير : الوفاء الممدوح. أو : خبر لمبتدإ محذوف ،

__________________

(ألا) حرف استفتاح وتنبيه مبنى ، لا محل له من الإعراب. (حبذا) فعل وفاعل ، والجملة إما خبر مقدم ، وإما لا محل لها من الإعراب. (أهل) هو المخصوص ، فيكون إما مبتدأ مؤخرا ، وإما مبتدأ حذف خبره ، وإما خبرا محذوف المبتدإ. (الملا) مضاف إلى مجرور ، وعلامة جره الكسرة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. (غير) اسم استثناء منصوب وعلامة نصبه الفتحة. (أنه) أن : حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، اسم أن. (إذا) اسم شرط غير جازم مبنى فى محل نصب على الظرفية. (ذكرت) فعل ماض مبنى على الفتح مبنى للمجهول ، والتاء للتأنيث حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (مى) نائب فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والجملة الفعلية فى محل جر بالإضافة. (فلا) الفاء حرف واقع فى جواب الشرط للربط والتأكيد مبنى ، لا محل له من الإعراب. لا : حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. (حبذا) فعل وفاعل ، والجملة إما خبر مقدم ، وإما لا محل لها من الإعراب. (هى) المخصوص بالذم ، فيعرب إما مبتدأ مؤخرا ، وإما خبرا لمبتدإ محذوف ، وإما مبتدأ خبره محذوف. والألف للإطلاق ، وجملة فلا حبذا هى) لا محل لها من الإعراب جواب شرط إذا ، والتركيب الشرطى فى محل رفع ، خبر أن ، والمصدر المؤول من أن ومعموليها فى محل جر بالإضافة.

١٧١

والتقدير : هو الوفاء ، أو الممدوح الوفاء ، على أن الجملة الفعلية لا محلّ لها من الإعراب.

فإذا قلت : حبذا الوفاء صفة ، فإن (صفة) تعرب تمييزا للفاعل اسم الإشارة.

لكن هناك مذاهب أخرى فى إعراب التركيب ، وهى :

ـ يرى بعض النحاة ـ وعلى رأسهم المبرد وابن السراج وابن عصفور ـ غلبة صفة الاسمية على الفعلية فى التركيب ، حيث إن الفعل (حب) عند ما ركّب مع الاسم (ذا) أزال (ذا) فعلية (حب) إلى اسميته ، وعلى ذلك يكون التقدير فى التركيب : المحبوب الوفاء ، فيعرب (حبذا) مبتدأ خبره المخصوص.

ـ يذهب بعضهم نقيض الرأى السابق ، حيث يرى غلبة الفعلية على الاسمية ، حيث أزال التركيب اسمية (ذا) ، فصار الفاعل كبعض حروف الفعل ، ويكون الإعراب : (حبذا) فعل ، والمخصوص (الوفاء) فاعله ، و (ذا) لغو.

ـ يذهب قوم إلى أن المخصوص يكون عطف بيان لاسم الإشارة.

ـ ويذهب آخرون إلى أنه بدل من اسم الإشارة.

ولكن هذا يردّ بأنه لا يجوز الاستغناء عنه ، كما لا يحل محلّ المبدل منه ، كما هو حدّ البدل ، حيث البدل فى نية تكرير العامل.

ـ يذهب آخرون ـ وعلى رأسهم الربعى ـ إلى أن (ذا) زائدة ، وعليه فإن (حب) فعل ، والمخصوص فاعله ، فتكون (حبذا) عند هؤلاء مثال (ما ذا).

ـ يرى بعضهم أن (حب) و (ذا) بمنزلة كلمة واحدة ، مثل : لو لا ، وهو اسم مرفوع ، حينئذ يكون المخصوص خبرا له ، وينسب هذا إلى الخليل.

خصائص تركيب (حبذا):

لتركيب (حبذا) فى المدح والذم سمات أو خصائص خاصة ، بعضها يختص به ، والأخرى مقرونة بينه وبين تركيب (نعم وبئس) ، ذلك على النحو الآتى :

١٧٢

أ ـ مبنى اسم الإشارة فى التركيب :

يلزم اسم الإشارة فاعل (حبّ) الإفراد والتذكير.

فيقال : حبّذا الأمين. ـ حبذا الأمينة.

حبّذا الأمينان. ـ حبذا الأمينتان.

حبذا الأمناء. ـ حبذا الأمينات.

ويعلّل لذلك بما يأتى :

ـ إما لأن تركيب (حبذا) للمدح والذمّ ـ ببنيته هذه ـ صار بمنزلة المثل ، والأمثال لا تتغير بنيتها عبر الأجيال ؛ لذلك فإن هذا التركيب فى معنى المدح والذم لا يتغير بنيويا.

ـ وإما لأن اسم الإشارة (ذا) فى هذا التركيب صار اسم جنس شائعا ، فالتزم فيه الإفراد.

ـ وإما لأن اسم الإشارة مع الفعل صارا بمنزلة كلمة واحدة ، فصار اسم الإشارة فى منزلة بعض الكلمة ، فلا يجوز فيه شىء من التغير العددى أو الجنسى ، ذلك لأنه لا يتغير جزء الكلمة إلا فى الكلمات المعربة ، حيث يتغير

ضبط أواخرها لتغير موقعها فى الكلام.

ويدلّل على ذلك بأنه لا يفصل بين الفعل (حبّ) و (ذا) بشىء.

ب ـ ينصب (حبذا) النكرة :

لا ينصب (حبذا) إلا النكرات ، حيث تكون تمييزا لاسم الإشارة الفاعل ، وقد تذكر النكرة المنصوبة تمييزا بعد المخصوص أو قبله. فتقول : حبذا المؤمن إنسانا ، وحبذا إنسانا المؤمن.

١٧٣

ومنه قول الشاعر :

ألا حبذا قوما سليم فإنهم

وفوا إذ تواصوا بالإعانة والنّصر (١)

تقدم التمييز النكرة المنصوبة (قوما) على المخصوص بالمدح (سليم).

وقول الآخر :

حبذا القبر شيمة لامرئ

رام مباراة مولع بالمعالى (٢)

حيث ذكرت النكرة المنصوبة تمييزا لفاعل (حب) بعد المخصوص بالمدح (الصبر).

قد يكون المنصوب بعد (حبذا) حالا ، كما هو فى قول الشاعر :

يا حبذا المال مبذولا بلا سرف

فى أوجه البرّ إسرارا وإعلانا (٣)

__________________

(١) شفاء العليل ٢ ـ ٥٩٦ / الدرر ٢ ـ ١١٧ / (ألا) حرف استفتاح وتنبيه مبنى ، لا محل له من الإعراب.

(حبذا) حب : فعل ماض مبنى على الفتح. ذا : اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، فاعل. (قوما) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. والجملة الفعلية خبر مقدم فى محل رفع ، أو لا محل لها من الإعراب. (سليم) المخصوص وهو مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، أو : خبر لمبتدإ محذوف ، أو : مبتدأ خبره محذوف. (فإنهم) الفاء عاطفة سببية حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. إن : حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير الغائبين مبنى فى محل نصب ، اسم إن. (وفوا) فعل ماض مبنى على الضم المقدر. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر إن : (إذ) ظرف زمان مبنى على السكون فى محل نصب متعلق بالوفاء. (تواصوا) فعل ماض مبنى على الضم المقدر ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية فى محل جر بالإضافة. (بالإعانة) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالتواصى. (والنصر) عاطف مبنى ومعطوف على الإعانة مجرور.

(٢) شفاء العليل ٢ ـ ٥٩٦ / الدرر ٢ ـ ١١٧ / (لامرئ) شبه جملة فى محل نصب ، نعت لشيمة ، ويجوز أن تتعلق به. (رام) جملة فعلية فى محل جر نعت لامرئ. (مولع) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (بالمعالى) جار ومجرور بالكسرة المقدرة ، وشبه الجملة متعلقة بمولع.

(٣) المساعد ٢ ـ ١٤٤ / شفاء العليل ٢ ـ ٥٩٧.

(يا) حرف تنبيه مبنى ، لا محل له من الإعراب ، أو حرف نداء مبنى حذف المنادى منه. (حبذا) فعل ماض مبنى على الفتح. ذا : اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة فى محل رفع ، خبر مقدم ، أو لا محل لها من الإعراب. (المال) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، أو مبتدأ حذف خبره ، أو خبر لمبتدأ محذوف. (مبذولا) حال منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة. (بلا) حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب ، وحرف نفى مبنى ، (سرف) اسم مجرور بعد الباء ، وعلامة جره الكسرة ، وشبه الجملة

١٧٤

(مبذولا) حال منصوبة ، والعامل فيها (حبّ).

ومنه أن تقول : حبذا الأستاذ شارحا ، وحبذا شارحا الأستاذ.

واختلف النحاة فى توجيه إعراب المنصوب بعد (حبذا) :

ـ فمنهم من جعله تمييزا مطلقا.

ـ ومنهم من جعله حالا مطلقا.

ـ ومنهم من جعله مفعولا به لفعل محذوف تقديره ، أعنى.

ـ ومنهم من جعله تمييزا إذا كان اسما جامدا ، وحالا إذا كان مشتقا.

وأرى أن الرأى الأخير أكثر قبولا.

ج ـ حذف مخصوص (حبذا)

قد يحذف المخصوص لقرينة دلت عليه ، ومنه قول عبد الله بن رواحة الأنصارى :

باسم الإله وبه بدينا

ولو عبدنا غيره شقينا

فحبّذا ربّا وحبّ دينا (١)

أى : فحبذا الإله ربّا ، وحب دينه دينا.

وقول الآخر :

ألا حبذا لو لا الحياء وربما

منحت الهوى من ليس بالمتقارب (٢)

__________________

فى محل نصب ، حال من الضمير فى مبذول ، أو متعلقة بالبذل. (فى أوجه) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالبذل. (البر) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (إسرارا) مصدر واقع موقع الحال منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (وإعلانا) عاطف مبنى ومعطوف على (إسرارا) منصوب.

(١) شرح ابن الناظم ٤٧٧ / المساعد ٢ ـ ١٤٤ / شفاء العليل ٢ ـ ٥٩٧ / الدرر ٢ ـ ١١٥.

(٢) المساعد ٢ ـ ١٤٥ / شفاء العليل ٢ ـ ٥٩٧ / الدرر ٢ ـ ١١٦.

(ألا) حرف تنبيه واستفتاح مبن ، ى لا محل له من الإعراب. (حبذا) فعل ماض وفاعل ، والجملة خبر مقدم لمبتدأ مؤخر محذوف. (لو لا) حرف شرط غير جازم مبنى ، لا محل له من الإعراب. (الحياء) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وخبره محذوف تقديره (يمنعنى). (وربما) حرف عطف ، وحرف جر

١٧٥

والتقدير : ألا حبذا حالى معك ، إشارة إلى ما سبق هذا البيت من معنى.

د ـ إسناد (حب) إلى غير (ذا):

قد يسند الفعل (حبّ) إلى غير اسم الإشارة (ذا) ، فتفتح فاؤه ، أو تضم ، ويكون فيه معنى المدح التعجبى.

فتقول : حبّ الصدق ، وحبّ

ويجوز أن يجرّ الفاعل ـ هنا ـ بالباء ، كما ورد فى قول الأخطل :

فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها

وحبّ بها مقتولة حين تقتل (١)

بضمّ حاء (حب) ، وفتحها.

ه ـ إسقاط اسم الإشارة من (حبذا):

يجوز أن يسقط اسم الإشارة (ذا) من (حبذا) ، وحينئذ يلزمه التفسير كما يلزم

__________________

شبيه بالزائد ، وحرف كاف لرب ، وكل منها مبنى لا محل له من الإعراب. (منحت) فعل وفاعل. (الهوى) مفعول به أول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. (من) اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به ثان. (ليس) فعل ماض ناقص مبنى على الفتح ، واسمه ضمير مستتر تقديره : هو. (بالمتقارب) الباء : حرف جر زائد مبنى ، لا محل له من الإعراب. المتقارب : خبر ليس منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. وجملة ليس مع معموليها صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب.

(١) ينظر : الأصول ١ ـ ١٣٧ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ٢٨١ / أسرار العربية ١٠٨ شرح ابن يعيش ٧ ـ ١٢٩ / الخزانة ٤ ـ ١٢٢.

(فقلت) الفاء بحسب ما قبلها. قال : فعل ماض مبنى على السكون ، وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (اقتلوها) فعل أمر مبنى على حذف النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، وضمير الغائبة مبنى فى محل نصب ، مفعول به ، والجملة الفعلية فى محل نصب ، مقول القول. (عنكم) جار ومجرور مبنيان. وشبه الجملة متعلقة بالقتل. (بمزاجها) جار ومجرور بالكسرة مضاف ، وضمير الغائبة مبنى فى محل جر بالإضافة ، وشبه الجملة متعلقة بالقتل. (وحب) الواو حرف استئناف لا محل له. حب : فعل ماض مبنى على الفتح. (بها) الباء : حرف جر زائد مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير الغائبة مبنى فى محل رفع ، فاعل حب. (مقتولة) حال منصوبة ، أو : تمييز منصوب. (حين) ظرف زمان مبنى على الفتح فى محل نصب متعلق بحب. (تقتل) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هى ، والجملة الفعلية فى محل جر بالإضافة.

١٧٦

(نعم) حين إسناده إلى الضمير المستتر ، فتقول : حبّ رجلا محمد. بفتح الحاء وبضمها.

ز ـ دخول حرف النداء على (حب):

يكثر دخول حرف النداء (يا) على (حبّ) ، ولم يستوحش مباشرة حرف النداء له ، ومنه قول جرير :

يا حبّذا جبل الريّان من جبل

وحبّذا ساكن الريّان من كانا (١)

ح ـ ذكر التمييز بين (حبذا) و (نعم):

ذكرنا أن اسم الإشارة من (حبذا) يجرى مجرى اسم الجنس المعرف بالأداة مع (نعم) ، كما أنه يجرى مجرى الضمير الفاعل المستتر معه ، ولذلك فإنه قد يميز بنكرة منصوبة جوازا ، أى : يجوز أن تذكر النكرة المنصوبة مع (حبذا) ، ويجوز ألا تذكرها ، فتقول : حبذا مسلما الذى يعمل بشعب الإيمان ، وحبذا الذى يعمل بشعب الإيمان مسلما ، وحبذا الذى يعمل بشعب الإيمان.

ولكن التمييز فى (نعم) إذا كان فاعله ضميرا مستترا فإن ذكره واجب ، فلا يجوز لك إلا القول : نعم مؤمنا الذى يعمل بشعب الإيمان ، حيث فاعل

__________________

(١) ينظر : المقرب ١ ـ ٧٠ / ديوانه ٥٩٦.

(يا) حرف نداء مبنى ، لا محل له من الإعراب ، والمنادى محذوف ، والتقدير : يا قومى ، أو حرف تنبيه مبنى ، لا محل له من الإعراب. (حبذا) فعل ماض مبنى على الفتح ، واسم الإشارة فاعله مبنى فى محل رفع. والجملة فى محل رفع ، خبر مقدم ، أو لا محل لها من الإعراب. (جبل) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. أو مبتدأ محذوف الخبر ، أو خبر لمبتدأ محذوف. (الريان) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (من) حرف جر زائد مبنى ، لا محل له من الإعراب. (جبل) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. (وحبذا) عاطف مبنى ، وفعل ماض مبنى ، وفاعل مبنى ، والجملة خبر مقدم ، أو لا محل لها من الإعراب. (ساكن) مبتدأ مؤخر ، أو خبر لمبتدإ محذوف ، أو مبتدأ خبره محذوف. (الريان) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (من) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، بدل من ساكن. (كانا) فعل ماض تام مبنى على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو. والألف للإطلاق حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب ، وجملة (كان) صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب.

١٧٧

(نعم) ضمير مستتر تقديره (هو) ، فكان ذكر تمييزه المنصوب واجبا ، وهو : (مسلما) ، ولا يجوز حذفه.

ط ـ دخول النواسخ على مخصوص (حبذا):

لا يجوز أن يدخل النواسخ على المخصوص فى تركيب (حبذا) ، حيث لا يجوز أن يتقدم على جملتى المدح والذم.

ولكنه يجوز أن تدخل عليه فى تركيب (نعم وبئس) ، فيقال : إن محمدا نعم الطالب ، وبئس المتحدث كان الكذوب.

ى ـ رتبة مخصوص (حبذا)

لا يجوز أن يتقدم المخصوص فى تركيب (حبذا) ، على خلاف المخصوص فى تركيب (نعم وبئس) ، حيث يجوز تقديمه. فتقول : محمد نعم المسلم ، ونعم المسلم محمد.

ولكنه لا يجوز إلا أن تقول : حبذا محمد ، على هذا الترتيب فى التركيب.

ما كان مضموم العين فى الماضى فى المدح والذم :

يرى معظم النحاة أن كلّ فعل صالح للتعجب منه يجوز أن يستخدم استخدام (نعم وبئس) فى إرادة معنى المدح أو الذم.

الفعل الذى يصلح التعجب منه :

يشترط فيه أن يكون : ثلاثيا ، متصرفا ، تاما ، مثبتا ، قابلا للتفاوت أو التفاضل ، ليس الوصف منه على مثال : أفعل مذكرا ، وفعلاء مؤنثا ، مبنيّا للمعلوم. وكلّ فعل تتوافر فيه هذه الشروط يصحّ التعجب منه ، كما أنه يجوز أن تضمّ عينه فى الماضى ليستعمل فى المدح والذمّ.

ضم عين الفعل الماضى :

ضمّ عين الفعل الماضى فى هذا الباب يكون جوازا :

١٧٨

إما من طريق الأصالة ، أى : أن الفعل مضموم عين ماضيه فى بنائه الأصلى ، نحو ظرف ، كرم ، شرف ، جمل ، حسن ، طهر ...

وإما من طريق التحويل ، أى : أن ماضى الفعل ليس مضموم العين فى بنائه الأصلى ، لكن تضمّ العين لتحويل صيغة الماضى إلى المعنى المقصود من المدح أو الذم ، وذلك نحو : فهم ، سمع ، علم ، نزل ، قتل ، ضرب ... إلخ ، وكلّها مضموم العين ، فيصير المتعدى منها لازما ، ويكتسب هذا البناء معنى الغرائز.

استخدامه استخدام (نعم وبئس):

مثل هذه الأفعال التى تضمّ عينها فى الماضى يجوز ـ عند أكثر النحاة ـ أن تستعمل استعمال (نعم وبئس) ، من حيث :

أ ـ إفادة معنى المدح والذمّ حسب دلالة الجذر ، إن حسنا وإن قبحا. فيكون (فهم وجمل وحسن وعظم) مفيدا معنى المدح ، أما (خبث وقبح وفسق وغدر) فإنها تفيد معنى الذم.

ب ـ حكم فاعل (نعم وبئس) : إن ظاهرا وإن مضمرا.

ج ـ أحكام المخصوص بالمدح أو الذم ، من حيث : الموقع الإعرابى ، وأوجه رفعه ، وتقديمه وتأخيره ، وجواز حذفه إذا تقدم ما يدلّ عليه أو يشعر به.

فتقول : فهم الطالب محمد ، ويكون بمثابة قولك : نعم الفاهم محمد. وتقول : خبث الرجل المرائى ، ويكون بمثابة القول : بئس الخبيث المرائى.

ومنه القول : حسن الخلق حلم الحلماء. وعظم الكرم تقوى الأتقياء ، وقبح العمل عناد المبطلين. وفسق الرجل خائن العهد. وتقول : صدق رجلا أبو بكر.

ومنه قوله تعالى : (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) [الكهف : ٥] ، حيث يوجه التركيب (كبرت كلمة) على وجهين :

أولهما : أن يكون التقدير : ما أكبرها كلمة ، وذلك على معنى التعجب ، فيكون فاعل (كبر) ضميرا مستترا عائدا على ما قالوه. وتكون (كلمة) منصوبة على التمييز ، أما الجملة الفعلية (تخرج) فتكون فى محل نصب ، نعت لكلمة.

١٧٩

والآخر : أن يكون على معنى الذم ، نحو قولك : بئس رجلا ، فيكون فاعل (كبر) ضميرا مستترا مميزا بالنكرة المنصوبة (كلمة) ، ويكون المخصوص محذوفا تقديره (هى) تعود على كلمة ، وجملة (تخرج) فى محل رفع ، صفة للمخصوص بالذم.

وقوله تعالى : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) [النساء : ٦٩]. وقوله : (وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) [الكهف : ٣١] ، (وَساءَتْ مُرْتَفَقاً) [الكهف : ٢٩].

ومنه قول الشاعر :

حسن فعلا لقاء ذى الشروة المم

لق بالبشر والعطاء الجزيل (١)

ومنه : ساء ، حيث تقول : ساء الرجل الصديق الخائن ، وساء رجلا الصديق الخائن ، فيكون كقولك : بئس الرجل ... ، وبئس رجلا ... ، حيث (الرجل) فاعل (ساء) ، أما (رجلا) فهو تمييز منصوب للفاعل الضمير المستتر ، والتقدير : ساء هو رجلا. و (الصديق) فى القولين هو المخصوص.

وساء من السوء ، وأصلها : سوأ بفتح العين ، ضمت الواو ، فتحركت ، وانفتح ما قبلها ، فقلبت إلى ألف ، وصارت إلى ما هى عليه من النطق.

ومنه قوله تعالى : (وَساءَتْ مُرْتَفَقاً) [الكهف : ٢٩]. وقوله : (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) [الأنعام : ١٣٦].

حيث تكون (ما) معرفة اسما موصولا فى محلّ رفع ، فاعل ، والتقدير : ساء الذى يحكمون به قولهم ، أو حكمهم ...

__________________

(١) المساعد ٢ ـ ٥٩٧ / الهمع ٢ ـ ٨٩.

(حسن) فعل ماض مبنى على الفتح. (فعلا) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (لقاء) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، (ذى) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الياء ؛ لأنه من الأسماء الستة. (الثروة) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (المملق) نعت لذى مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (بالبشر) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالمملق ، (والعطاء) حرف عطف مبنى ، ومعطوف على البشر مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (الجزيل) نعت للعطاء مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

١٨٠