تهذيب اللغة - ج ٥

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٥

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٧٠

إذا امتاحَ حَرُّ الشَّمسِ ذِفْرَاهُ أَسْهَلَتْ

بِأَصْفَرَ منها قَاطِر كُلَّ مَقْطَرِ

الهاء في ذِفْراه للمُعَذِّر.

أبو العباس عن عمرو عن أبيه قال : يقال لصُفْرة البَيْض المَاحُ ولبياضه الآح.

وقال ابنُ شميل مح البيض بالتشديد ما في جَوْفهِ من أصْفَرَ وأبْيَضَ كلُّه مح. قال ومنهم من يقول المُحَّةُ الصّفْرَاءُ.

وحم : قال الليث : يقال للمرأة الحُبْلَى إذا اشتهت شيئاً : قد وَحِمَتْ وهي تَحِمُ فهي وَحْمَى بيِّنَة الوِحَام ، قال والوَحَمُ والوِحَام في الدواب إذا حملت استعْصَت فيقال وَحِمَتْ. وأنشد :

قد رَابَهُ عِصْيَانُهُا وَوِحَامُها

أبو عبيد عن الأصمعي : من أمثالهم في الشهوان : وَحْمَى ولا حَبَلٌ : أي أنه لا يذكر له شيء إلَّا تَشَهَّاه كَتَشَهِّي الحُبْلَى قال : وليس يكون الوِحامُ إلا في شَهْوَةِ الحَبَل خاصَّةً.

وقال أبو عبيدة : ومن أمثالهم : وَحْمَى وأمّا حَبَلٌ فَلَا ، يقال ذلك لمن يطْلُب ما لا حاجَةَ له فِيه من حِرْصِه ، لأنّ الوَحْمَى التي تَرْحَمُ فتشتهي كُلَّ شيء على حَبَلها ، فقال هذا يشتهي كما تشتهي الحُبلى وليس به حَبَلُ.

قال : وقيل لحُبْلَى : ما تشتهين؟ فقالت التَمْرَةَ وبِيَهْ دَوَاهاً ، وأَنَا وَحَمَى للدّكَة أي للوَدَك. قلت : الوحَمُ شدة شهوة الحُبْلَى لشيء تأْكُلُه ، ثم يقال لكل مَن أفرط شهوته في شيء قد وَحِمَ يَوْحَمُ وَحَماً ومنه قول الراجز :

أَزْمانَ ليلى عامَ ليلى وَحْمَى

فجعل شهوته للقاء لَيْلَى وَحَماً وأصل الوَحَمَ للحَبَالى.

وأما قول الليث : الوِحَام في الدّوابّ استعصاؤها إذا حَمَلت ، فهو تفسير باطل فأراه غلْطَةً إنما غَرَّهُ قول لبيد يصف عَيْراً وأُتنَه فقال :

قد رَابَهُ عِصْيَانُها وَوِحَامُها

فظن أنه لما عطف قوله ووِحَامُها على قوله عِصْيانُها أنهما شيء واحد ، والمعنى في قوله وِحَامُها شهوة الأُتُنِ للعَيْرِ أراد أنها تَرْيحُه سَرَّةً وتستعصي عليه مع شَهْوتِها له فقد رابه ذلك منها حين ظهر له منها شيئان متضادّان.

ومح : أهمل الليثُ هذا البابَ.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال :

الومْحَةُ الأثَرُ من الشمس. وقرأت بخط شَمِر أنّ أبا عمروٍ أنشد هذه الأرجوزة :

لما تَمشَّيْتُ بُعَيْدَ العَتَمَهْ

سَمِعْتُ من فوقِ البُيوتِ كَدَمَهْ

إذا الخَرِيعُ العَنْقَفِيرُ الحَزَمَهْ

يَؤُرُّها فَحْلٌ شديدُ الضَّمْضَمَه

أي الضم للأنثى إلى نفسه.

أَرّاً بِعَتَّارٍ إذا ما قَدَّمَهْ

فيها انْفَرَى وَمَّاحُها وخَزَمَه

سدَّه بذكره.

قال : ومَّاحُها صَدْعُ فَرْجها. انْفَرَى أي انْفَتح وانفتَقَ لإيلاجه ألا يريقه قلت ولم أسمع هذا الحرف إلا في هذا الرَّجَز وهو من نوادر أبي عمرو.

١٨١

باب اللفيف من حرف الحاء

حاء ، وحوح ، حيّ ، حيا ، حوى ، ويح ، وحي ، محّ ، حوي.

حاء : قال الليث الحَاءُ حَرْفُ هِجَاءٍ مقصور موقوف فإذا جعلته اسماً مددته كقولك : هذه حَاءٌ مكتوبة ومدتها ياءان قال كل حرف على خُلقتها من حروف المعجم فألِفُها إذا مُدَّت صارت في التصريف ياءين.

قال : والحَاءُ وما أشبهها تؤنَّث ما لم تسمّ حَرْفاً وإذا صغّرتها قلت حُيَيَّة ، وإنما يجوز تصغيرها إذا كانت صغيرة في الخطّ أو خفِيّة وإلَّا فلا.

قال ابن المظفر : وحاء ممدودة قبيلة.

قلت : وهي في اليمن حاء وَحَكَمُ.

قال الليث : ويقولون لابن مائةٍ : لا حَاءَ ولا سَاءَ أي لا محسنٌ ولا مُسِيءٌ ، ويقال : لا رجُلٌ ولا امرأةٌ. وقال بعضهم تفسيره أنه لا يستطيع أن يقول حا ، وهو زَجْرٌ للكبش عند السفاد ، وهو زَجْرٌ للغنم أيضاً عند السَّقْي ، يقال حَأْحَأْتُ به وحاحَيْتُ ، وقال أبو خيرة : حَأْحَأْ ، وقال أبو الدُقَيش أُحُو أُحُوَ ولا يستطيع أن يقول سَأْ وهو للحمار ، ويقول : سأْسأتُ بالحمار إذا قلت سَأْسَأْ وقال امرؤ القيس :

قَوْمٌ يُحَاحُونَ بِالبهَامِ ونِسْ

وَانٌ قِصَارٌ كهَيْئَةِ الحَجَلِ

أبو عبيد عن أبي زيد الأنصاري : حَاحَيْتُ بالمِعْزَى حَيْحاءً ومحاحاة. قال وقال الأحْمَرُ سَأْسَأْتُ بالحمار وقال أبو عمر حَاحِ بِغَنَمك أي أدَعُهَا عمرو عن أبيه قال : الْحَوَّة الكلمة من الحق من قولهم لا يُعْرَفُ الحَوُّ من اللَّوِ أي لا يُعرف الحق من الباطل. وقال ابن المظفر الأُحَاحُ الغيظ وأنشد :

طعناً شَفَى سرائر الأُحَاحِ

وقال غيره : أخّ كأنه توجّع مع تَنَحْنحْ ، وأحَّ الرجل إذا ردَّدَ التنحْنح ، ورأيت لفلان أحِيحاً وأُحَاحاً وهو توجُّعٌ من غيظ أو حزْن وقال أبو عبيد : الأُحاحُ العطش قال : وقال الفراء في صدره أُحَاحٌ ، وأحَيْحَة من الضيق وفي صدْرِه أُحَيْحَةٌ وأُحَاحٌ من الغيظ والْحقد وبه سمي أُحَيْحَة بن الجُلاح ، وأنشد غيره :

يطوى الْحيازيم على أُحَاح

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الأُحاح من الحر أو العطش أو من الحزن.

وحوح : قال الليث : الوَحْوَحَةُ الصوت. وقال ابن دريد وحْوَحَ الرجل من البَرْد إذا ردّد

١٨٢

نَفَسه في حَلْقه حتى تسمع له صَوْتاً. قال : وضَرْبٌ من الطَّيْرِ يسمى الوَحْوَحَ. وقال الكميت :

ووَحْوَحَ في حِضْنِ الفَتَاةِ ضَجِيعُها

ولم يَكُ في النُّكْدِ المَقاليتِ مَشْخَبُ

قال اللحياني : وحْ زجر البقرة ، وقد وَحْوَحَ بها. ورجل وَحْوَحٌ شديد يَنْحِمُ عند عمله لنشاطه وشدَّته ورجال دَحادِحُ ، وقال الراجز :

يا رُبَّ شيْخٍ من لُكَيْزٍ وَحْوَحٍ

عَبْلٍ شديدٍ أَسْرُهُ صَمَحْمَح

قال والصمَحْمحُ : الشديد. وتوحْوحَ الظليمُ فوق البَيْضِ إذا رَئمهَا وأظهر وَلُوعَه بها. وقال تميمُ بن مقبل :

كَبَيْضَةِ أُدْحِيٍ تَوَحْوَحَ فَوْقَها

هِجَفَّانِ مِرْيَاعا الضُّحَى وَحَدَانِ

حي ـ مثقلة : يُندَبُ بها ويدعى بها ، يقال : حيَ على الفداء حيَ على الخير. قال ولم يشتقَّ منه فِعْلٌ قال ذلك الليث وقال غيره : حَيَ حَثٌّ ودُعَاءٌ ومنه قول المؤذِّن : حيَ على الصلاة ، حيَ على الفلاح معناه عجّل إلى الصلاة وإلى الفلاح ، وقال ابن أحْمر الجاهلي :

أنشأُتُ أسأَلُه ما بالُ رُفْقَتِه

حَيَ الحُمُولَ فإنّ الرَكْبَ قد ذهبَا

أي عليك بالْحُمولِ فقد مَرُّوا. وأخبرني أبو الفضل عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : العَرَبُ تقول حَيَ هَلْ بفلان وحَيَ هَلَ بفلان وحَيّ هَلاً بفلان أي أعْجِل.

أبو عبيد عن الأسمر مثلُه في اللغات الثلاث. قال شمر : أنشد مُحاربٌ لأعرابيّ ونحن في مسجدٍ يدعو مؤذنُه :

حَيَ تعالَوْا وما نَامُوا وما غَفَلُوا

قال : ذهب إلى الصوت نحو طاقٍ طاقٍ وغاقٍ غاقٍ. وزعم عمر بن الخطاب أن العرب تقول حيَ هَلَ الصلاة ائْتِ الصلاة ، جعلَهُما اسمين فنصبَهما وقال :

بِحَيَ هلاً يُزْجُونَ كُلَّ مَطِيَّةٍ

أَمَامَ المَطَايَا سيرُهُنّ تَقَاذُفُ

وقال أبو عبيدة : سمع أبو مَهْدية رجلاً يقول بالفارسية زُدذْ زُدذْ فقال : ما يقول؟ فقيل يقول عجِّلْ عجِّلْ فقال : أو لا يقول حَيَ هَلَكْ وروي عن ابن مسعودٍ أَنَّه قال إذا ذُكر الصالحون فحيّ هَلْ بِذِكْر عمر معناه عجِّلْ بِذكْرِ عُمَر وقال لبيد :

ولقد يَسْمَعُ قَوْلي حَيَ هَلْ

وقال النضر الْحَيْهَلُ شجر ، رأيت حَيْهَلاً وهذا حَيْهَلٌ كثيرٌ.

وقال أبو عمرو الهَرْمُ من الحَمْض يقال له حَيْهَلٌ ، الواحدة حيهَلَةٌ : قال : وسُمِّيَ به لأنّه إذا أصابه المطر نَبَتَ سريعاً وإذا أكلَتْهُ الإبل فلم تَبْعَر ولم تَسْلَحْ مُسْرِعةً ماتَتْ.

حيا : قال الليث : يقال حَيِي يحيا فهو حَيٌ ويقال للجميع حَيُّوا بالتشديد. قال ولغة أخرى يقال حَيَ يَحَييُ ، والجميع حَيُوا خفيفة.

١٨٣

وقال الله جلَّ وعزَّ : (وَيَحْيى مَنْ حَيَ عَنْ بَيِّنَةٍ) [الأنفال : ٤٢] قال الفرّاء : كِتَابُها على الإدغام بياءٍ واحدةٍ وهي أكثرُ القراءة.

وقال بعضهم حَيِيَ عن بيّنَةٍ بإظهارهما. قال : وإنما أدْغَمُوا الياءَ مع اليَاءِ ، وكان ينبغي أن لا يفعلوا لأن الياء الآخِرَةَ لزمها النصبُ في فعلٍ فأدغموا لَمّا الْتَقَى حَرْفَانِ متحرِّكَانِ من جنسٍ واحِد. قال ويجوز الإدغام في الاثنين للحركة اللّازمة للياةء الآخِرة. فتقول حَيَّا وحَيِيَا ، وينبغي للجميع أن لا يُدْغَم إلا بِيَاءٍ لأن ياءَها يصيبُها الرفعُ وما قبلها مكسورٌ فينبغي لها أن تسْكُنَ فتسقط بِواوِ الجَمْعِ ، وربّما أظهرت العربُ الإدغَامَ في الجمع إرَادَة تأليفِ الأفْعَال وأن تكون كلُّها مشدّدة فقالو في حَيِيتُ حَيُّوا وفي عَيِيتُ عَيُّوا قال : وأنشدني بعضهم :

يَحْدِنَ بنا عَنْ كُلِ حَيٍ كأنَّنَا

أَخَارِيْسُ عَيُّوا بالسَّلَامِ وبالنَّسَبْ

قال : وقد أجمعت العرَبُ على إدغام التحيّة لحركة الياء الآخِرة كما استحبوا إدغام حَيّ وعَيّ للحركة اللّازمة فيها. فأمّا إذا سكنت الياء الأخيرة فلا يجوز الإدغامُ مثل يُحْيِي ويُعْيِي. وقد جاء في بعض الشعر الإدْغَامُ وليس بالوجْه. قلت : وأنكر البصريون الإدغام في مثل هذا الموضع ولم يَعْبأ الزجّاج بالبيت الذي احتجّ به الفرّاء وقال : لا يعرف قائله.

وكأَنّها بينَ النِّسَاءِ سَبِيكَةٌ

تَمْشِي بِسُدَّةِ بَيْتِها فَتُحَيَ

حدثنا الحسين عن عثمان بن أبي شَيْبَة عن أبي معاوية عن إسماعيل بن سُمَيعْ عن أبي مالك عن ابن عباس في قول الله : (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) [النّحل : ٩٧] قال هو الرِّزْقُ الحلالُ في الدُّنْيَا (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [النّحل : ٩٧] إذا صارُوا إلى الله جَزَاهم أجرهم في الآخرة بأحسنِ ما عملوا.

ثعلب عن ابن الأعرابي الحَيُ : الحقُّ واللَّيُّ الباطِلُ ومنه قولهم : هو لا يَعرِف الحَيَ من اللَّيِّ وكذلك الحوُّ من اللَّوِ في المعنيين. قال : وأخبرني المنذريّ عن ابن حَمُّويَةَ ، قال سمعت شمراً يقول في قول العرب فلان لا يعرف الحَوَّ من اللَّوِّ الحَوُّ نَعَمْ واللَّوُّ : لو قال ، والحَيُ الحَوِيّةُ واللَّيُّ لَيُّ الحَبْلِ أي فَتْلُه يُضرب هذا لِلأَحمق الذي لا يعرف شيئاً.

قال والحيُ فَرْج المرأة ، ورأى أعرابيٌ جهازَ عَروسٍ فقال : هذا سَعَفُ الحَيّ أي جهازَ فَرْجِ امرأةٍ. قال : والحيُ كلُّ متكلِّم ناطق. قال والحَيّ من النَّبَات ما كان طرِيّاً يهتزُّ ، والحيُ الواحِدُ من أَحْيَاءِ العرب. قال والحِيّ بكسر الحاء جمع الحياة وأنشد :

ولو ترى إذا الحياةُ حِيّ

قال الفرّاء كسروا أَوّلها لئلا يتبدل الياءُ واواً كما قالوا بِيضٌ وعِينٌ. قال الأزهري : الحيُ من أَحْياءِ العرب يقع على بني أبٍ كَثُروا أم قلّوا ، وعلى شَعْبٍ يجمع القبائل من ذلك قول الشاعر :

١٨٤

قَاتَلَ اللهُ قَيْسَ عَيْلَانَ حَيّاً

ما لَهُمْ دُونَ غَدْرَةٍ مِنْ حِجَابِ

أنشده أبو عبيدة.

وقال الليث : الحياة كتبت بالواو في المصحف ليُعلم أن الواو بعد الياء ، وقال بعضهم بل كتبت واواً على لغة من يفخِّم الألف التي مرجعها إلى الواو ، نحو الصلوة ، والزكوة ، وحَيْوَة اسم رجل بسكون الياء ، وأخبرني المنذري عن الغساني عن سَلَمة عن أبي عبيدة في قوله : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) [البَقَرَة : ١٧٩] أي منفعةٌ ، ومنه قولهم ليس بفلان حياة أي ليس عنده نَفْعٌ ، ولا خيرٌ.

ويقال حايَيْتُ النار بالنفْخ كقولك أحْيَيْتُها.

وقال الأصمعيّ : أنشد بعض العرب بيت ذي الرمة :

فقلتُ له ارْفَعْهَا إليكَ وَحَايِها

بِرُوحِكَ واقْتَتْهُ لها قِيتَةً قَدْرا

وغيره يرويه وأحْيها ، وسمعتُ العربَ تقول إذا ذَكَرَتْ مَيِّتاً : كُنَّا سَنَة كَذَا وكَذَا بمكان كَذَا وكَذَا ، وَحَيُ عمروٍ معنا ، يريدون : عَمْرُو مَعَنَا حَيٌ بذلك المكان ، وكانوا يقولون : أتينا فلاناً زَمَانَ كذا وحيُ فلان شاهدٌ وحيُ فلانَةَ شاهدَةٌ ، المعنى وفلانٌ إذ ذاك حَيٌ وأنشد الفرّاء في هذا

ألا قَبَحَ الإِلهُ بَنِي زِيَادٍ

وحَيَ أبِيهِمُ قَبْحَ الحِمَارِ

أي قبّح الله بني زياد وأباهم. وقال ابن شميلٍ : يقالُ أتانا حَيُ فلانٍ أي أَتانا في حَيَاتِه وسمعتُ حَيَ فلان يقولون كذا أي : سمعته يقول في حياتِه. أخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي أَنَّهُ أنشده :

ألا حَيَ لي مِنْ ليلةِ القَبْرِ أَنَّهُ

مَآبٌ ولو كُلِّفْتُه أنا آئِبُهْ

قال : أراد ألا يُنْجِيَنِي من ليلة القَبْرِ. وقال الكسائيّ : يقال لا حَيّ عنه أي لا مَنْعَ منه وأنشد :

ومَنْ يَكُ يَعْيَا بالبيَان فإنَّه

أبو مَعْقِلٍ لا حَيَ عنه ولا حَدَدْ

قال الفرّاء معناه : لا يَحُدُّ عَنْه شيءٌ ، ورواه :

فإِنْ تَسْأَلُوني بالبيَانِ فإناه

أبو مَعْقِلٍ ...

الخ والعرب تذكّر الحيَّةَ وتؤنّثها فإذا قالت : الحيُّوتُ عَنَوْا الحية الذَّكَر.

وقال الليث : جاء في الحديث أَنّ الرجل الميّتَ يُسأل عن كلّ شيء حتى عن حيَّة أَهْلِه قال معناه عن كل شيء حيٍ في منزله مثل الهِرّة وغيره ، فأنَّث الحيّ وقال حيَّة ، ونحوَ ذلك.

قال أَبُو عبيد في تفسير هذا الحرف : قال وإنَّما قال حيَّةٌ لأنَّه ذهب إلى كلّ نفس أو دَابَّةٍ فأنّث لذلك.

عمرو عن أبيه : العرب تقول : كيف أنت وكيف حَيَّةُ أهْلِك ، أي كيف مَنْ بقي منهم حَيّاً. قلت : وللعرب أَمْثَالٌ كثيرة في الحَيّة نَذْكُرُ ما حضرَنا منها ، سمعتُهم يقولون في باب التشبيه : هو أَبْصَرُ من حيَّةٍ ؛ لِحدَّة بَصَره ويقولون : هو أظْلمُ من حيّة ، لأنها تأتي جُحْرَ الضبّ فتأكل حِسْلها وتسكن

١٨٥

جُحْرُهُ. ويقولون : فلانٌ حَيَّةُ الْوادِي إذا كان شديدَ الشكيمة حاميَ الحقيقة. وهم حَيَّةُ الأرْضِ إذا كانُوا أَشِدَّاء ذوي بَسالة ، ومنه قول ذي الإصبع العَدْوانيّ :

عَذِيرَ الحَيِ من عَدْوَا

نَ كَانُوا حَيَّةَ الأرْضِ

أراد أَنَّهم كانوا ذوي إِرْبٍ وشِدَّة لا يضيعون ثأراً. ويقال : فلان رأسُه رأْسُ حيَّةٍ إذا كان متوقِّداً ذَكيّاً شَهْماً. وفلانٌ حَيَّةٌ ذَكَرٌ أي شجاع شديدٌ. ويُدْعَى على الرجُلِ فيقالُ : سقاه الله دم الحيَّاتِ أي أهْلَكَه اللهُ. ويقال : رأيت في كتابٍ كتَبَه فلانٌ في أمرِ فلان حيَّاتٍ وعَقَارِبَ إذا مَحَلَ كاتبهُ برجُلٍ إلى سلطانٍ ليُوقِعَه في وَرْطة. ويقال للرجُلِ إذا طال عُمْره وللمرأَة المعمَّرة : ما هو إلا حيَّةٌ وما هي إلا حَيَّةٌ ، وذلك أن عمر الحيَّة يطول وكأنه سمّي حيَّةً لطول حياته وأنه قَلَّمَا يوجد ميِّتاً إلا أن يُقْتل. أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : فلان حيَّةُ الوادي ، وحيَّةُ الأرْضِ وشيطان الحَمَاطِ إذا بلغ النهاية في الإرْب والخُبْثِ وأنشد الفرّاء :

كَمِثْلِ شَيْطَانِ الحَمَاطِ أَعْرَفُ

وقول مالك بن الحارث الكاهلي :

فلا يَنْجُو نَجَائي ثَمَ حَيٌ

من الحَيَواتِ لَيْسَ له جَنَاحُ

كل ما هُوَ حَيٌ ، فجمعه حَيَوات ، وتجمع الحيَّة حَيَوَات ، وفي الحديث : «لا بأس بقتل الحَيَوَات» جمع الحيَّة.

والحيَوَانُ اسمٌ يقع على كل شيءٍ حَيٍ. وسمَّى الله جلَّ وعزَّ الآخرة حيواناً فقال : (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) [العَنكبوت : ٦٤] فحدثنا ابن هَاجَك عن حمزة عن عبد الرازق عن معمر عن قتادة في قوله : (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) قال : هي الحَيَاةُ. قال الأزهري : معناه أَنَّ من صار إلى الآخرة لم يَمُتْ ودام حَيّاً فيها لا يموت ، فمن أُدْخِلَ الجنَّةَ حَيِيَ فيها حياة طيبة ، ومن دَخَلَ النارَ فإنّه لا يموت فيها ولا يَحْيَا ، كما قال الله جلَّ وعزَّ. وكُلُّ ذي رُوح حيوانٌ. والحيوان عَيْنٌ في الجنة. ابن هانىء عن زيد بن كَثوة : من أمثالهم : حَيَّهِنْ حِماري وحمارَ صاحبي. حَيِّهِنْ حِماري وَحْدي. يقال ذلك عند المَزْرِئَة على الذي يستحقّ ما لا يملِكُ مكابرَةً وظُلْماً ، وأَصْلُه أنَّ امرأَةً كانت رافقت رَجُلاً في سفَرٍ وهي راجلة وهُو على حِمَار ، قال فَأَوَى لَها وأَفْقَرها ظَهرَ حِمَارِه ، ومشى عنها ، فبينما هما في مسيرهما إذ قالت وهي راكبة عليه حَيَّهِن حِمارِي وحِمار صاحبي ، فسمع الرجل مقالَتهَا فقال : حَيَّهِنْ حِماري وَحْدي ، ولم يَحْفِل لقولها ولم يُنْغِضْها ، فلم يزالا كذلك حتى بلغت النَّاسَ فلمَّا وثقت قالت : حَيَّهِنْ حِمَاري وحْدِي وهي عليْه فنازَعَها الرجلُ إيّاه ، فاستغاثت عليه ، فاجتمع لهما الناسُ والمرأةُ راكبةٌ على الحمار والرجل راجل ، فَقُضِي لهَا عليه بالحمارِ لِمَا رَأَوْا فذهبت مثلاً.

وقال أبو زيد : يقال أرض مَحْيَاةٌ ومَحْوَاةٌ من الحَيَّات.

١٨٦

وقال ابن المظفّر : الحَيَوانُ كلٌّ ذِي رُوحٍ ، والجميع والواحد فيه سواءٌ. قالً : والحَيَوان مَاءٌ في الجنة لا يصيب شيئاً إلا حَيِيَ بإذن الله. قال : واشتقاق الحيَّةِ من الحيَاةِ ، ويقال هي في أصل البناء حَيْوَة فأُدْغِمت الياء في الواو ، وجُعلتا ياءً شديدة. قال ومن قال لصاحب الحيَّاتِ حَايٍ فهو فاعلٌ من هذا البِنَاءِ وصارت الواو كسْرةً كواو الغازِي والعالي.

ومن قال حَوّاء على فَعَّال فإنه يقول : اشتقاق الحيَّةِ من حَوَيْتُ لأنها تَتَحَوَّى في الْتوائها ، وكُل ذلك تقول العربُ. قلت : وإن قيل حَاوٍ على فاعل فهو جائز ، والفرْقُ بينه وبين غازِي أَنَّ عين الفعل من حاوٍ وَاوٌ وعينَ الفعل من الغازِي الزاي فبينهما فرق. وهذا يَجُوزُ على قولِ من جعل الحيَّة في أصل البناء حَوْيَةً.

وقال الليثُ الحياءُ من الاستحياء ممدودٌ ورجل حَيِيٌ بوزن فَعِيلٍ وامرأة حَيِيَّةٌ ويقال : استحيا الرجل واستحْيَتْ المرأةُ. قلت : وللعرب في هذا الحرف لغتان يقال اسْتَحى فلان يستَحِي بياءٍ واحدةٍ ، واستحْيَا فلان يَسْتَحيي بياءين. والقرآنُ نَزَلَ باللُّغة التامَّة.

قال الله جلَّ وعزَّ : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً) [البَقَرَ : ٢٦].

وأما قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «اقْتُلوا شُيُوخَ المُشْركين واستَحْيُوا شَرْخَهُمْ فهو بمعنى استفْعِلُوا من الحياة أي استبْقوهم ولا تقتلوهم.

وكذلك قول الله (يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ) [القَصَص : ٤] أي يستبْقِيهِنّ فلا يقتلُهن. وليس في هذا المعنى إلا لُغَةٌ واحدة. ويقال فلانٌ أحيا من الهَدِيِّ وأحيا من كَعَابٍ وأحيا من مُخَدَّرةٍ ومن مخبَّأَةٍ ، وهذا كله من الحياء ممدودٌ ، وأما قولُهم أحيا من الضَّبِّ فهي الحياةُ.

وقال أبو زيد يقال حَيِيتُ من فعل كذا أَحْيَا حَيَاءً أي استَحْيَيتُ وأنشد :

ألا تَحْيَوْنَ من تَكْثِيرِ قَوْمٍ

لِعَلَّاتٍ وأمُّكُمُ رَقُوبُ

معناه ألا تَسْتَحْيُونَ.

ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال «الحَيَاءُ شعبةٌ من الإيمان». واعترض هذا الحديثَ بعضُ الناس ، فقال كيفَ جعل الحيَاءَ وهو غرِيزةٌ شعبةً من الإيمان وهو اكتسابٌ؟ والجواب في ذلك أن المستحِي ينقطع بالحياءِ عن المعَاصِي وإن لم تكن له تقِيَّةٌ ، فصار كالإيمان الذي يُقْطعُ عَنْها ويحول بين المؤمنين وبيْنهَا ، وكذلك قِيلَ إذا لم تَسْتَحِ فاصنعْ ما شِئْتَ ، يُرَادُ أَنَّ من لم يَسْتَحِ صَنَع ما شَاءَ لأنّه لا يكون له حياءٌ يَحْجِزُه عن الفواحِش فيتهافَتُ فيها ولا يتوقّاها ، والله أعلم.

وأما قول الله جلَّ وعزَّ مُخْبِراً عن طائفةٍ من الكفّار لم يؤمنوا بالبعث والنشور بعد الموت (وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ) [الجَاثِيَة : ٢٤] فإنّ أبا العباس أحمد بن

١٨٧

يحيى سُئِل عن تفسيرِها فقال : اختُلِفَ فيه ، فقالت طائِفَةٌ : هو مقدم ومؤخر ومعناه نحيا ونموت ولا نحيا بعد ذلك.

وقالت طائِفَةٌ : معناه نَحْيَا ونَمُوتُ ولا نَحْيَا أبداً ، ويحيا أولادُنا بَعْدَنا فجعلوا حياةَ أَوْلَادِهم بَعْدَهُم كحياتهم ، ثم قالوا : ويموت أَوْلَادُنا فلا نحيا وَلَا هُمْ.

وقال ابْنُ المظَفَّر في قول المصلّي في التشهد : التحيَّاتُ للهِ ، قال : معناه : البقاء للهِ ، ويقال : المُلْكُ للهِ.

وأخبرني المنذريُّ عن أبي العباس عن سلَمَةَ عن الفرّاء أَنّه قال في قول العرب حَيَّاكَ اللهُ ، معناه : أبقاك اللهُ ، قال : وحَيّاكَ أَيْضاً أي ملّكك اللهُ ، قال : وحيّاك أي سلّم عليك. قال وقولنا في التشهد : التَّحِيَّاتُ للهِ يُنْوَى بها البقاءُ للهِ والسلام من الآفاتِ لله والمُلْكُ للهِ. وَنَحْوَ ذلك قال أبو طالب النحويُّ فيما أفادني عنه المنذري.

وقال أبو عبيد قال أبو عمرو : التحيَّةُ : المُلْكُ وأنشد قول عمرو بن معدي كرب :

أسيِّرُها إلى النُّعْمَانِ حتى

أُنِيْخَ على تَحِيَّتِه بِجُنْدي

يعني على مُلْكِه ، وأنشد قول زهير بن جَنَابٍ الكَلْبي :

وَلَكُلُّ ما نال الفَتَى

قَدْ نِلْتُه إلَّا التَّحِيَّة

قال يعني المُلْكَ.

قال أبو عبيد : والتحيَّةُ في غير هذا : السلامُ.

قال خالد بن يزيد : لو كانت التحيَّةُ المُلْكَ لما قيل التحيَّاتُ لِلَّهِ ، والمعنى السلَامَاتُ من الآفات كلها لِلَّهِ ، وجَمَعَها لأنه أراد السلام من كل آفَةٍ.

وقال القتبي : إنما قيل التحيّات لِلَّهِ على الجمع لأنه كان في الأرض مُلُوك يُحَيَّوْن بتحيّاتٍ مختلفة يقال لبعضهم : أبيتَ اللَّعْن ، ولبعضهم اسْلَمْ وانْعَمْ ، وَعِشْ ألفَ سنَةٍ ، فقيل لنا قُولُوا : التحيَّاتُ لِلَّهِ ، أي الألفاظ التي تَدُل على المُلْكِ ويُكَنَّى بها عن المُلْكِ هي للهِ تعالى.

وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه كان يُنكر في تفسير التحية ما رويناه عن هؤلاء الأئمة ، ويقول : التحيَّةُ في كلام العرب ما يُحيِّي به بعضُهم بعضاً إذا تلاقَوْا. قال : وتحيّةُ اللهِ التي جعلها في الدنيا والآخرةِ لِمُؤْمِنِي عبادِه إذا تلاقَوْا ودعا بعضُهم لبعض بأَجْمَع الدُّعَاءِ أن يقول : السلام عليكم ورَحْمَةُ اللهِ.

قال اللهُ في أهل الجنة : (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) [الأحزاب : ٤٤] وقال في تحيَّة الدنيا (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها) [النِّساء : ٨٦] وقال في قول زهير بن جناب :

ولَكُلُّ مَا نَال الْفَتَى

قَدْ نِلْتُهُ إلا التّحِيَّة

يريد إلّا السلامة من المنيّة والآفات فإن أحداً لا يسلم من الموتِ على طول البقَاءِ. فجعل أبو الهيثم معنى (التحياتُ لِلَّهِ) أي السلام له من الآفات التي تلحق العباد من العَناء وأسباب الفناء

١٨٨

قلت : وهذا الذي قاله أبو الهيثم حسَنٌ ودلائله واضحة غير أن التحيّة وإن كانت في الأَصْلِ سلاماً فجائز أن يُسَمَّى المُلْكُ في الدنيا تحيّةً كما قال الفرّاء وأبو عمرو ، لأن المَلِكَ يُحيَّا بِتَحِيّة المُلْكِ المعروفة للملوك التي يباينون فيها غيرَهم ، وكانت تحية ملوك العجم قريبةً في المعنى من تحية مُلوكِ العرب ، كان يقال لِمَلِكِهم زِهْ هَزَارْ سَالْ ، المعنى عِشْ سالماً ألفَ سنة. وجائز أن يقال للبقاء تحيَّةً لأن من سَلِمَ من الآفات فهو باقٍ ، والباقي في صفة اللهِ من هذا لأنه لا يموت أبداً ، فمعنى حيَّاك اللهُ : أي أَبقاك صحيحٌ ، من الحياة ، وهو البقاء. يقال : أَحْيَاهُ اللهُ وحيَّاه بمعنىً واحد ، والعرب تسمي الشيءَ باسم غيرِه إذا كان معه أو من سببه.أخبرني محمد بن مُعاذ عن حاتم بن المظفّر أنه سأل سَلَمة بن عاصم عن قوله : حيّاك اللهُ ، فقال : بمنزلة أَحْيَاكَ اللهُ أي أبقاك اللهُ مثل كرّم اللهُ وأكرم اللهُ ، قال : وسألت أبا عثمان المازني عن حيّاك اللهُ فقال عَمَّرك اللهُ.

وقال الليثُ : المحاياةُ الغِذاء للصبيّ بما به حَيَاتُه ، وقال : حَيَا الربيع ما تحيا به الأرض من الغيث.

وروى أَبُو عبيد عن أبي زيد يقال أحيا القومُ إذا مُطِروا فأصابت دوابُّهم العشب وسمنت. وإن أرادُوا أنفسَهم قالوا : حَيُوا بعد الهزال. والحَيَا الغيثُ مقصورٌ لا يمدّ. وحَيَاءُ الشَّاةِ والناقةِ والمرأةِ ممدودٌ ولا يجوز قصْره إلا لشاعرٍ يُضطرّ في شعره إلى قَصْره. وما جاء عن العرب إلا ممدوداً ، وإنما قيل له حَيَاءٌ باسم الحياءِ من الاستحياء لأنه يُسْتَرُ من الآدميّ ، ويكنّى عنه من الحيوان ويستفحش التصريح بذكره واسمه الموضوع له ، ويستحى من ذلك ، سمّي حياءً لهذا المعنى. وقد قال الليث : يجوز قصر الحياء ومدُّه وهو غلطٌ لا يجوز قصره لغير الشاعر لأن أصْلَه الحياء من الاستحياء.

حوى : قال الليث : حَوى فلانٌ مالَه حَيّاً وحَوَايةً : إذا جمعه وأَحْرزه. واحْتَوَى عليه. قال : والْحوِيُ استدارةُ كل شيءٍ كَحوِيّ الحيّة ، وكحويّ بعضِ النجوم إذا رأيتَها على نَسَق واحدٍ مستديرةً. وقال أبو العباس قال ابن الأعرابي : الحَوِيُ المَالِكُ بعد استحقاق. والحَوِيُ العليل والدويُّ الأحْمَقُ مشدَّدَات كلها. قلت : والحَوِيُ الحُوَيْضُ الصغير يسوِّيه الرجلُ لبعيره يسقيه فيه وهو المرْكُوّ يقال قد احتويت حَوِيّاً وأمّا الحَوَايَا التي تكون في القِيعانِ والرِياض ، فهي حفائرُ ملتوِيةٌ يملؤُها ماءُ السيلِ فيبقى فيها دهْراً لأنّ طين أسفلها عَلِكٌ صُلْبٌ يُمْسِكُ الماءَ ، واحدتها حَوِيّةٌ. وقد تسميها العرب الأَمْعاء تَشْبِيهاً بحوايا البطْن.

أبو عُمَرَ : الحَوايَا المساطِح ، وهو أن يَعْمِدوا إلى الصَّفا فيَحْوون له تراباً يحبس عليهم الماءَ ، واحدتها حَوِيّة حكاها عن ابن الأعرابي وأخبرني المنذريُّ عن أبي طالب عن أبيه عن الفرّاء في قول اللهِ جلَّ وعزَّ (أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ)

١٨٩

[الأنعَام : ١٤٦] ، قال : وهي المباعِرُ وبنات اللبن ، وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : هي الحِوَايَّةُ والحاوِية وهي الدَّوَّارة التي في بطن الشاة ، وأخبرني المنذريّ عن الحرّاني عن ابن السكيت أَنَّه قال : الحاوِياتُ بنات اللّبن ، يقال حاوِيةٌ وحاوِيَات وحاوِياءُ ممدود.

قال : وحَوِيّة وحوايا وحَوِيّات. قال : الحَاوِياءُ وَاحِدَةُ الحَوَايَا. وقال أبو الهيثم : يقال حَاوِيَةٌ وحَوايا مثل زَاوِيةٌ وزَوَايا ، وراوية وروايا قال : ومنهم من يقول حَوِيَّةٌ وحوَايَا ، مثل الحَوِيّة التي تُوضَع على ظهر البعير ويُركب فوقها. قال : ومنهم من يقول لوحداتها حَاوِياءُ ، وجمعها الحَوَايَا. وأنشد قول جرير :

تَضْفُو الخَتانِيصُ والغُولُ التي أكلتْ

في حَاوِياء دَرُومِ اللّيلِ مِجْعار

وقال الليث : الحَوِيّة مَرْكَبٌ يُهَيَّأُ للمرأة لتركبَه ، وهي الحَوايَا.

قال وقال عُمير بن وهب يوم بدرٍ حين رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه وحَزَرَهُم ، فرجع إلى أصحابه فقالُوا له : وراءَك؟ فأجابهم وقال : رأيت الحَوَايَا عليها المنايَا.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : العرب تقول : المنَايا على الحَوايَا أي قد تأتي المنيَّةُ الشجاعَ وهو على سرجه. وقال الأصمعيّ : الحويَّةُ كساء يحوي سَنَامِ البعير ثم يُركب.

وقال الليث الحِواءُ أَخْبِيَةٌ تَدَانى بعضُها من بَعْضٍ ، تقول : هم أهْل حِوَاءٍ واحدٍ ، وجمع الحِواء أحْوِيةٌ. أبو عبيد عن الأصمعيّ : الحِوَاءُ جماعاتُ بيوتِ الناس.

والحُوّاءُ نبت معروف الواحدة حُوَّءَةٌ.

وقال ابن شميل هما حُوَّاءَانِ أحدهما حُوّاء الذَّعاليق وهو حُوَّاءُ البقر وهو من أحرار البقول ، والآخر حُوَّاءُ الكِلاب ، وهو من الذكور ينبت في الرَّمْث خَشِناً وقال الشاعر :

كما تَبَسَّمَ للحُوَّاءَةِ الجَمَلُ

وذلك أَنّه لا يقْدر على قلعها حتى يكْشِرَ عن أنيابه للزوقها بالأرض. وقال النضر : الأَحْوَى من الخيل هو الأحمر السراة. وقال أبو عبيدة : الأَحْرَى هو أصفى من الأحَمّ ، وهما يتدانَيَان حتى يكون الأحْرَى مُحْلفِاً يُحْلَفُ عليه أنه أحمُّ. قال ويقال : احْوَاوَى يَحْوَاوِي احْوِيوَاءً.

والحُوَّةُ في الشفاه شبيه باللَّمَى واللَّمَس قال ذو الرُّمَّة :

لَمْياءُ في شَفَتَيْهَا حُوَّةٌ لَمَسٌ

وفي اللِّثاتِ وفي أَنْيَابِها شَنَبُ

وقال الفراء في قول اللهِ تعالى (وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى * فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى) [الأعلى : ٤ ، ٥] قال : إذا صار النبَتُ يَبِيساً فهو غُثَاءٌ ، والأحْوَى الذي قد اسودّ من القِدَم والعتْقِ قال : ويكون معناه أيضاً : أخرج المَرْعَى أَحْوَى ، أي أخضرَ فجعله غُثَاءً بعد خُضْرَتِه ، فيكون مؤخراً ، معناه التقديمُ.

والأحْوَى الأسودُ من الخُضْرَة كما قال : (مُدْهامَّتانِ) [الرَّحمن : ٦٤]. وقال شمر : حُوَيُ خَبْتٍ طائِرٌ ، وأنشد :

١٩٠

حُوَيَ خَبْتٍ أينَ بِتَّ اللّيلَه

بِتُّ قريباً أحْتَذِي نُعَيْلَهْ

وقال الآخر :

كَأَنَّكَ في الرّجالِ حُوَيُ خَبْتٍ

يُزَقِّي في حُوَيَّاتٍ بِقَاعِ

وقال أبو خيرة الحُوُّ من النمل نمل حُمْرٌ يقال لها : نمل سليمان.

والعرب تقول لمجتمع بيوت الحي : مَحَوَّى وَحِواءٌ ومُحْتَوًى والجميع أحْويةٌ ومَحَاء.

أبو العباس عن ابن الأعرابي وعن أبي نجدة عن أبي زيد وعن الأثرم عن أبي عبيدة وعن عمرو عن أبيه قالوا كلهم : يُوحُ اسم للشمس مَعْرِفَةٌ لا يدخله الصرف ولا الألف واللام. قلت : وقد جاء يُوحُ اسماً للشمس في كتاب «الألفاظ» المَعْزِيّ إلى ابن السكيت وهو صحيح. ولم يأت به أبو عبيد ولا ابن شميل ولا الأصمعيّ.

ويح : وقال الليث : وَيْحَ يقال إنه رحمة لمن تنزل به بَلِيّة ، وربما جعل مع «ما» كلمةً واحدة فقيل : وَيْحَمَا.

وقال إسحاق بن الفَرَج : الوَيْحُ والوَيْلُ والوَيسُ بمعنى واحد.

قال وقال الخليل : وَلَيْسَ كلمةٌ في موضع رَأْفة واستملاح كقولك للصَّبِيِ ويْحَهُ ما أمْلَحَهُ ، ووَيْسَه ما أَمْلحه. قال : وسمعت أبا السَّميذع يقول : ويْحَك ووَيْسَك ووَيلك بمعنى واحِدٍ.

قال وقال اليزيديُّ : الوَيْح والويْلُ بمعنى واحدٍ.

وقال الحسن : وَيْح كلمةُ رَحْمةٍ.

وقال نصير النحويّ : سمعت بعض المتنطعين يقولون : الوَيْحُ رَحْمةٌ ، قال وليس بَيْنَه وبين الوَيْل فُرْقَانٌ إلا كأنه أَلْيَنُ قليلاً.

قال ومن قال : هو رَحْمَةٌ فعسى أن تكون العربُ تقول لمنْ ترحَمُه : وَيْحَهُ رثايةً له. وقال ابن كَيْسَانَ : سمعت ثعلباً قال : قال المازنيّ : قال الأصمعيّ : الويل قَبُوح والوَيْحُ ترحُّم ووَيْسَ تصغيرُها أي هي دُونها.

وقال أبو زيد : الويل هُلْكَةٌ والويْحُ قبوحٌ والويس ترحُمٌ.

وقال سيبويه : الويل يقال لمن وَقَع في هُلْكَةٍ ، والوَيْحُ زَجْرٌ لمن أَشْرَف على الهُلْكَةِ. ولم يذكر في الويْسِ شيئاً.

وقال أبو تراب : جاء عن رسول اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال لعمَّارٍ : «ويْحَكَ يا ابن سُمَيَّة بُؤْساً لك تَقْتُلك الفِئةُ الباغِيَةُ». قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعائشة ليلةَ تبعت النبيَّ وقد خرج من حُجرَتِها ، فنظر إلى سوادِها فلحقها وهي في جوف حُجرتها ، فوجد لها نَفَساً عالياً ، فقال : وَيْسَهَا ، ماذا لقِيَت الليلةَ؟

وقال أبو سعيد ، وَيْحَ كلمةُ رَحْمَةٍ. قلت : وقد قال أَكْثَر أهل اللُّغَةِ : إن الويلَ كلمةٌ تقال لمن وقع في هُلْكَةٍ أو بَلِيَّة لا يُتَرحَّمُ عليه معها ووَيْحَ تقال لمن وقع في بَلِيّة يرثى له ويُدْعَى له بالتخلُّص منها ، ألا ترى أن الويل في القُرآن ما جاء إلا لمن

١٩١

استحقّ العذاب بجرمه من ذلك قول اللهِ جلّ وعزّ (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ١) [الهُمَزة : ١] وقال : (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ* الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) [فصلت : ٦ ، ٧] وقال : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ١) [المطفّفِين : ١] فما جاء ويلٌ إلا لأهل الجرائم نعوذ باللهِ من سخط اللهِ ، وأما وَيْحَ فقد صحّ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قالها لعمَّار الفاضلِ كأنه أُعْلِمَ ما أصابه من القتْل فتوجّع له وترحّمَ عليه.

وقال بعضهم الأصل في وَيْح ووَيْس وويل وَيْ ، وُصِلَتْ بحاء مرةً ومرةً بسين ومرةً بلام.

وقال سيبويه سألت الخليل عنها ، فزعم أن كل مَن ندم فأظهر ندامته قال وَيْ معناها التنديمُ والتنبيهُ.

وقال ابن كيسان إذا قالوا : ويلٌ له وويح له وويس له فالكلام فيهن الرفعُ على الابتداء ، واللام في موضع الخبر ، فإن حذفت اللام لم يكن إلا النصبُ ، كقولك ويحَهُ وويسَهُ.

وحي : قال أبو الهيثم : يقال وحيْتُ إلى فلان أَحِي إليه وَحْياً وأَوْحَيْتُ إليه أُوحِي إيحاءً : إذا أشرتَ إليه وأومأْتَ ، قال فأمّا اللُّغَةُ الفاشية في القرآن فبالألف ، وأما في غيرِ القرآن فوحيْتُ إلى فلان مشهورةٌ قال العجّاج :

وَحَى لها القرارَ فاستقرَّتِ

أي وَحَى اللهُ الأرضَ بأن تَقِرّ قراراً فلا تميدُ بأهلها ، أي أشار إليها بذلك. قال : ويكون وَحَى لها القرارَ أي كتب لها القَرار ، ويقال : وَحَيْتُ الكتاب أَحِيه وَحْياً أي كتبته فهو مَوْحِيّ وقال لبيد بن ربيعة :

فَمَدَافِعُ الرَّيَانِ عُرِّيَ رَسْمُها

خَلَقاً كما ضَمِنَ الوُحِي سلَامُها

قال والوُحِيُ جمع وَحَى وقال رؤبة :

إِنْجِيلُ تَوراة وَحَى مُنَمْنِمُه

أي كتبَه كاتِبُه. أبو عبيد عن الكسائي وَحَى إليه بالكلام يَحِي به وَحْياً ، وأَوْحَى إليه ، وهو أن يكلِّمه بكلام يُخفِيه من غيره.

وقال أبو إسحاق الزجّاج في قوله (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي) [المَائدة : ١١١].

قال بعضُهُمْ : معناه أَلْهَمْتُهم كما قال (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) [النّحل : ٦٨].

وقال بعضهم : أوحيتُ إلى الحواريّين أمرْتُهم. ومثله :

وَحَى لها القَرار فاستقرَّت

أي أَمَرها. وقال بعضهم : معنى قوله (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ) أتيتُهم في الوحْي إليك بالبراهين التي استدلُّوا بها على الإيمان فآمنوا بي وبك.

وقال الفرّاء في قوله تعالى (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ) [مريم : ١١] أشار إليهم. قال : والعربُ تقول : أَوْحى وَوَحى ، وأَوْمى ووَمَى بمعنى واحد ، وَوَحى يحِي وَوَمى يمِي. وقال جلّ وعزّ (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ) [القَصَص : ٧] قيل إن الوحي ههنا إِلْقَاءُ اللهِ في قلبها وما بعد هذا يدلُّ ـ واللهُ أعلم ـ على أنه وَحْيٌ من اللهِ على

١٩٢

جهة الإعلام للضمان لها (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [القَصَس : ٧] وقد قيل إن معنى الوحْي ههنا الإلْهَامُ ، وجائز أن يُلْقي اللهُ في قلبها أنه مردودٌ إليها وأنه يكون مرسَلاً ولكن الإعلام أبْينَ في معنى الوَحْي ههنا.

وقال أبو إسحاق : وأصل الوَحْي في اللغة كلّها إعلامٌ في خفاءٍ ، ولذلك صار الإلمامُ يُسمَّى وحْياً. قلت : وكذلك الإشارَةُ والإيماءُ يسمى وَحْياً ، والكتابة تسمى وَحْياً.

وقال اللهُ جلّ وعزّ : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) [الشورى : ٥١] معناه إلا أنْ يُوحِي اللهُ إليه وحياً فيُعلمه بما يعلم البشر أنه أَعْلَمَه إمّا إِلْهَاماً وإما رُؤْيَا ، وإما أن يُنْزِل عليه كِتَاباً ، كما أَنْزَل على موسى أو قُرآناً يُتْلَى عليه كما أَنْزَل على محمدٍ ، وكل هذا إعلام وإن اختلفت أسبابُ الإعلام فيها.

وأفادني المنذريّ عن ابن اليزيدي عن أبي زيد في قوله : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ) [الجنّ : ١] من أَوْحَيْتُ. قال : وناسٌ من العرب يقولون : وَحَيْتُ إِليه ، ووحيْتُ له ، وأَوْحَيْتُ إليه وله. قال وقرأ جُؤَيّةُ الأسديّ : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ) [الجن : ١] من وَحَيْتُ ، همزَ الواوَ. وذكر الفراءُ عن جؤية نحواً مما ذكَرَ أبو زيد.

ثعلب عن ابن الأعرابي : أَوْحَى الرجلُ إذا بعثَ برسولٍ ثقةٍ إلى عبد من عبيده ثِقَةٍ ، وأوحى أيضاً إذا كلّم عبده بلا رَسُولٍ. وأَوْحَى الإنسانُ إذا صار مَلِكاً بعد فقر. وأَوْحَى الإنسان وَوَحى وأَحَى إذا ظلم في سلطانه. واستَوْحَيْتَهُ أي استفهمته. قال : واستوحيْتُ الكلبَ واستوشيْتُه وآسَدْتُه : إذا دَعْوتَه لتُرْسِله. قال : والوَحَى النار ، ويقال للملك وَحى من هذا.

وقال بعضُهم : الإيحاءُ البكاء ، يقال فلان يُوحِي أبَاه أي يَبْكِيه ، والنائحة تُوحِي الميِّتَ تَنُوح عليه ، وقال :

تُوحِي بحالٍ أبَاهَا وهو مُتَّكِىءٌ

على سِنَانٍ كأنْفِ النَّسْرِ مَفْتُوقِ

أي مُحدَّد. أبو عبيد عن أبي زيد : الوَحَاةُ الصوتُ ويقال : سمعت وَحَاه ووَعَاه.

والوَحَاءُ ممدود : السرعة. يُقال : تَوَحَ في شأُنِك أي أَسْرِع فيه. وَوَحَّى فلانٌ ذبيحته إذا ذبحه ذبحاً وَحِيّاً. وقال الجَعْدِيُّ :

أسِيرَانِ مَكْبُولانِ عِنْدَ ابنِ جَعْفَرٍ

وآخَرُ قد وحَّيْتُمُوه مُشَاغِبُ

والعرب تقول الوَحَاءَ الوحاءَ ، والوحَا والوحَا ، ممدوداً ومقصوراً ، وربما أدخلوا الكاف مع الألف فقالوا : الوحَاكَ الوحَاكَ ، ورَوى سلمةُ عن الفرَّاء قال : العرب تقول النَّجَاءَ النَّجَاءَ والنَّجَا النَّجَا ، والنجاءَك النجاءَك ، والنَّجَاك النّجَاك. وقال أبو العباس : قلت لابن الأعرابي : ما الوَحَى؟ فقال : المُلْكُ ، فقلْت : ولم سُمِّي المُلْكُ وحىً؟ فقال. الوَحَى النّارُ فكأنّه مثلُ النار ، ينفَعُ ويضرُّ. وقال أبو زَيْدٍ من أمثالِهم وَحْيٌ في حَجَرٍ ، يُضْرَبُ مثَلاً لمن يكتم سِرَّه ، يقول الحَجَرُ لا يُخْبِرُ أحداً بشيءٍ فأنا مثْلُه لا أُخبر أحداً بشيء أكتُمُه. قلت : وقد يُضْرَبُ مَثَلاً للشيء

١٩٣

الظاهر البيّن ، يقال هو كالوحْي في الحجر إذا نُقِرَ فيه نَقْراً ، ومنه قول زهير :

كالوَحْي في حَجَرِ المَسِيلِ المُخْلِدِ

وقال لبيد :

فَمَدَافِعُ الرَّيَّان عُرِّي رَسْمُها

خَلَقاً كما ضَمِن الوَحِيُ سِلامُها

وحّ : أبو العباس عن ابن الأعرابي : الوحُ الوَتد يقال هو أفقر من وحٍ وهو الوتد وهذا قول المفضل. وقال غيره وحٌ كان رجلاً فقيراً فَضُرِب به المثلُ في الحاحة.

قال اللحياني : وحْ زجرٌ للبقر يقال : وحوحْتُ بها ، ورجل وَحْوَحٌ شديد القوّة يَنْحِمُ بنشاطه إذا عمل عملاً ورجال وَحَاوِحُ ، والأصل في الوَحْوَحَةِ الصوتُ من الحلق وكلب وَحْوَاحٌ ووَحْوَحٌ وقال :

يا رُبَّ شيْخٍ من لُكَيْزٍ وَحْوَحِ

عَبْلٍ شديدٍ أسرهُ صَمَحْمَحِ

حوي : أبو عمرو : الحوايا المَساطح وهو أن يعمدوا إلى الصَّفَا فيحوون له تراباً وحجارَةً ليحبس عليهم الماءَ واحدها حَوِيَّةٌ. وقال الليث أرض مَحْوَاةٌ كثيرة الحيّات. واجتمعوا على ذلك. وقال اليزيديُّ : أرض محياةٌ ومَحْوَاةٌ كثيرة الحيّات.

عمرو عن أبيه : أوْحَى الرجلُ إذا ملك بعد مُنَازَعَةٍ.

الحراني عن ابن السكيت ، تقول استوحِ لنا بَنِي فلان ما خبرُهُم؟ أي استخبِرْهُم. عمرو عن أبيه : يقال لبياض البيضة الذي يؤكل : الآحُ ولصفرتها : الماح.

ابن هانىء عن ابن كَثْوة من أَمْثَالِهم : إنّ من لا يعرف الوَحَا أحمق يقولها الذي يُتَوَاحى دُونَه بالشيء ، أو يقال عند تعبير الذي لا يعرف الوَحَا.

وفي الحديث «إذا أردْتَ أمراً فتدبّر عاقبته فإن كانت شراً فانْتَهِ وإن كانت خيراً فَتَوَحَّهْ» أي أسرع إليه.

١٩٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أبواب الرباعي من حرف الحاء

[أبواب الحاء والقاف]

ح ق

[سخن] : أخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم أنه كتب عن أعرابيٍّ قال : السخينة (١) دقيق يُلْقى على ماءٍ أو على لبن فيطبخ ثم يؤكل بتمر أو يُحسى وهو الحَسَاءُ قال : وهي السُّخُونة أيضاً وهي النفية.

[حدرق] : وَالحُدُرّقَّةُ والخَزِيرَةُ. قال : والحَرِيرَةُ أرَقُّ منها وقالت جويريةٌ لأمها : يا أُمَّتَاه أنَفِيتَةً فتّخذ أم حُدْرُقَّة؟ قال : وَالحُدْرُقَّة مثل ذَرْق الطائر في الرقَّة.

[حرقد] : ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الحِرْقِد أصل اللسان. والحِلْقِد هو السّيء الخُلُق الثقيلُ الرُّوع.

وقال الليث الحَرْقَة هو عُقْدة الحُنْجُور ، والجميع الحراقِدُ.

[قردح] : قال : والقُرْدُح : الضخم من القِرْدان. والقَرْدَحُ : ضرب من البُرُود : ويقال : قد قَرْدَحَ الرجلُ إذا أقَرَّ بما يُطْلَبُ إليه أو بما طُلب منه.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال القَرْدَحَةُ الإقرارُ على الضَّيْمِ. قال وأوصى عبد لله بن حازم بَنِيه عند موته فقال : إذا أصابتكم خُطَّة ضَيْم لا تَقْدِرُون على دَفْعِهِ فَقَرْدِحُوا له فإنّ اضطرابكم أشد لِرُسُوخكم فيه. أخبرني به المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي أبو زيد القَمَحْدُوَةُ لا أشرف على القَفا من عَظْمِ الرأس والهامةُ فَوْقَها والقَذَال دُونها مما يلي المَقَذّ.

[حرقف] : قال الليث : الحُرْقُفة عظم الحَجَبَةِ والدابَّةُ الشديدةُ الهُزال يقال لها حُرْقُوفٌ وقد بدت حَرَاقِيفُه. شَمِر الحُرْقُفَةُ رأسُ الوَرِك والجميع الحَرَاقِفُ. وقال غيره هي الحَرْكَكَة أيضاً وجمعها الحَرَاكِكُ.

[حلقم] : وقال الليث الحَلْقَمَةُ قطْع الحُلقوم ، وجمعه حَلَاقِمُ وحَلَاقِيمُ. وقال أبو عبيد قال الأصمعيّ يقال رُطَبٌ مُحَلْقِنٌ ومُحَلْقِمٌ وهي الحُلْقانَةُ والحُلْقامَة وهي التي بدأ

__________________

(١) «هذه الكلمة ثلاثية مزيدة ، وفي هذا خلط بين الثلاثي والرباعي» ، كذا جاء في هامش المطبوعة ، والمادة من (باب الثلاثي الصحيح لحرف الخاء).

١٩٥

فيها النُّضْج من قِبَل قِمَعِها ، فإذا أَرْطَبَتْ من قبل ذَنبِهَا فهي التَّذْنُوبة.

والحُلْقُوم وهي الحُنْجُور ، وهو مَخْرَجُ النَّفْس ، لا يَجْرِي فيه الطعامُ والشرابُ ، والذي يجري فيه الطعام والشراب يقال له المَرِيء وتمام الذَّكاة بقطع الحُلْقُوم والمريء والوَدَجَيْن.

[حلقن] : ورُوِي عن أبي هريرة أنه قال : لما نزل تحريم الخمر كنا نعْمِدُ إِلى الحُلْقَانةِ وهي التَّذْنُوبَةُ فنقطعُ ما ذَنَّبَ منها حتى نَخْلُصَ إلى البُسْرِ ثم نفتَضِخُه.

أبو عبيد يقال للمبسر إذا بدأ فيه الإرْطاب من قِبَل ذَنَبه : مُذنَّب ، فإذا بلغ الإرطاب نصفه فهو مُجَزَّعٌ ، فإذا بلغ ثلثيه ، فهو حُلْقَانٌ ومُحَلْقِنٌ

[حملق] : وقال الليث : الحِمْلاقُ ما غَطَّت الجنونَ من بياض المُقْلة. وقال غيره حمالِيقُ فرج المرأة ما انضمَّ عليه شَفْرَا أحيَائها. وقال الراجز :

ويْحَكِ يا عرَابُ لا تُبَرْبِري

هَلْ لكِ في ذَا العَزَب المُخَصَّر

يَمشي بِعَرْدٍ كالوَظِيفِ الأعْجَرِ

وفَيْشَةٍ متى تَرَيْها تَشْفرِي

تَقْلِبُ أحياناً حَمَالِيقَ الحِرِ

أبو زيد : الحماليق بياض العين أجمع ما خلا السوادَ ، واحدُها حِمْلاقٌ. وقال أبو عبيدة : عين مُحَمْلِقَةٌ وهي التي حوْل مقلتها بياضٌ لم يخالط السوادَ. قال والحِمْلَاقُ ما وَلِيَ المقلة من جلد الجَفْن.

وحَمْلَقَ الرجل : إذا انْقَلَبَ حِمْلاقُ عينه من الفزع وأنشد :

رَأَتْ رَجُلاً أَهْوَى إليها فَحَمْلَقَتْ

إليه بِمَأْقَي عَيْنِها المُتَقَلِّبِ

وقال أبو مالك رجل إنْقَحْرٌ وإنْقَحْلٌ وقَحْرٌ وقَحْلٌ إذا كان كبيراً. وقال غيره : رجل إنْقَحْلٌ وامرأة إنْقَحْلَةٌ إذا أسنَّا وأنشد :

لما رأيتني خَلَقاً إنْقَحْلا*

[قلحم] : وقال أبو خيرة : شيخٌ قِلْحَمٌ وقِلْعَمٌّ مُسِنٌّ وأنشد :

لا ضَرَعَ السِّنِّ ولا قِلْحَمّا*

[حرقص] : وقال الليث : الحُرْقُوص : دُوَيْبَة مُجزّعة لها حُمَةٌ كحمة الزُّنبور وتلدغ ، يشبَّه به أطراف السِّيَاطِ ، فيقال : أخذته الحراقِيصُ ، يقال ذلك لمن يُضْرَب بالسياط. قلت : الحَرَاقِيصُ دوابٌّ صِغَارٌ تثقُب الأساقِيَ وتَقْرِضُها. وسمعت الأعرابَ يزعمون أنّها تدخل في فُروج الجواري ، وهي من جنس الجعْلان إلا أنّها أصغر منها ، وهي سُوْدٌ مُنَقَّطة ببياض ، وأنشدتني أعرابية من بني نُمَير :

ما لَقِي البِيضُ من الحُرْقُوصِ

يَدْخُلُ تحتَ الغَلَقِ المَرْصُوصِ

بِمَهْرٍ لا غَالٍ ولا رَخِيصِ

قلت : ولا حُمَةَ لها إذا عضّتْ ولكن عضَّتها تُؤْلم ، ولا سمّ فيه.

[سمحق] : وقال الليث : السِّمْحَاقُ : جلدة رقيقة فوق قَحْفِ الرأْس إذا انتهت الشجّة إليها سميت سِمْحَاقاً. وكل جلدة رقيقةٍ تشبهها تسمى سِمْحَاقاً ، نحو سماحيقِ

١٩٦

السّلا على الجنين ، ومنه قيل : في السماء سماحِيقُ من غيمٍ.

وقال الأصمعي السِّمْحَاقُ من الشِّجَاجِ هي التي بيْنهَا وبين العَظْمِ قُشَيْرَةٌ رقيقة. قال : وعلى ثُرْب الشاة سماحيقُ من شحْم. وقال شمر يقال : شجّة سمحاقٌ.

[حرزق] : وقال الليث : يقال حَرْزَقَ الرجلُ ، وفي لغة حُرْزِق : فُعل به ، إذا انضمّ وخضع. قلت : لم يَجُدْ في تفسير حرزق.

وقال أبو عبيد : يقال حرزقْتُه حبسته في السجن ، وأنشد :

فذَاكَ وما أَنْجَى من الموتِ رَبَّهُ

بِسَابَاطٍ حتى ماتَ وَهُو مُحَرْزَقُ

الأصمعي وابن الأعرابي محرزَق ورواه المؤرج مُحَزْرَق. وقال هو المضيَّق عليه المحبوس قال المؤرج والنَبَط تسمي المحبوس المُهَزْرَق بالهاء. قال : والحبس يقال له هُزْرُوقى وأنشد شمر :

أَرِيْنِي فتىً ذَا لَوْثَةٍ وهو حازِمٌ

ذَرِيني فإنّي لا أخافُ المُحَزْرَقَا

وقال الليث : القُرْزُح : اسم فرس. وقال أبو عُمَر القُرزُوح شجر ، الواحدة قرزُوحة. وقال الليث شيء كُنَّ نساءُ العرب يَلْبَسْنَه.

ثعلب عن ابن الأعرابي : امرأة قُرْزُحَةٌ قصيرة ، ابن السكيت عن أبي عمرو : القُرْزُحة من النساء الدميمة القصيرة ، والجميع قَرَازِحُ.

[قحطب] : وقال الليث يقال قَحْطَبهُ بالسيف إذا عَلاه فضربه ، وقَحْطَبَهُ إذا صرعه.

[حقطب] : وقال أبو عمر الحَقْطبَة صِياحُ الحَيْقُطَان وهو ذكر الدُّرَّاج.

[قدحس] : وقال القُدَاحِسُ من الرجال الجريء الشجاع.

[قمحد] : قال : والقَمَحْدُوَة مؤخر القَذال وهي صفحة ما بين الذؤابة وفأسِ القفا ويجمع قماحيد وقَمَحْدُوَات.

[حثرق] : قال ابن دريد الحُثْرُقَة : خشونة وحُمْرة تكون في العين.

[قحثر] : وقال : قَحْثَرْتُ الشيءَ من يدي إذا رَدَدْتَه.

[حزقل] : وقال الليث : حِزْقَل اسم رجل.

قلت : ولا أدري ما أصْلُه في كلام العرب.

[قلحس] : وقل الليث : القِلْحَاسُ من الرجال السمج القبيح.

[حبلق] : قال : والحَبَلَّقُ أغنام تكون بِجُرَش.

وقال أبو عبيد : الحبلَّقُ غنم صغار وأنشد :

واذْكُر غُدَانةَ عِدَّاناً مُزَنَّمةً

من الحَبَلَّقِ تُبنى حَولَها الصِّيَرُ

[حندق] : وقال الليث : الحَنْدَقُوق حشيشة كالقَتّ الرَّطْب.

أبو عبيد عن أبي عمرو : هي الذُّرَق.

وقال شمر يقال : حَيْدقوقى وحَنْدَقُوقى وحَنْدَقُوقى. وقال ابنُ هانىء عن أبي عبيدة : الحَنْدَقُوق : الرأراء العين ، وأنشد :

وهَبْتَهُ ليس بِشَمْشَلِيقِ

ولا دَحُوقِ العينِ حَنْدَقُوقِ

والشَّمشَلِيقُ الخفيف ، والدَّحُوق الرّأرَاء.

١٩٧

[قحذم] : وقال الليث : القَحْذَمَة والتَّقَحذُم الهُوِيُّ على الرأس وأنشد :

كَمْ مِنْ عَدُوٍّ زالَ أو تَذَحْلَما

كأنَّه في هُوَّةٍ تَقَحْذَما

وتذحلمَ إذا تدهْور في بئرٍ أو من جبلٍ ، وستراه في موضعه.

[حذلق] : وقال الليث : الحِذْلَاقُ الشيء المُحَدَّد ، يقال : قد حَذْلَق ، قال : والحذْلقة التَّظَرّف. وقال أبو عبيد : إنه ليتحذلَقُ في كلامه ويتَلَتَّعُ ، أي يتظرف ويتكيَّس ، وقد قاله غيره.

[سمحق] : وقال الليث : السُّمْحُوق هو الطويل الدقيق ولم أسمع هذا الحرف في باب الطويل لغيره.

[حيقط] : وقال الليث : الحَيْقَطان هي التَّذْرُجَّة ، وقال غيره هي الدُّرّاجة. وقال ابن دريد : الدُّرَّاج يقال له حَنْقط ، وجمعه حَنَاقِطُ. وقال : حَنْقِطان وحَيقُطان وحُنْقُطٌ.

[زحلق] : أبو عبيد عن الأصمعي : الزَّحاليف أثَر تزلج الصبيان من فوق إلى أسفل ، واحدتها زُحْلوفة في لغة أهل العاليَة ، وأما تميم فتقول : زُحْلُوقَة بالقاف.

[قحزن] : أبو عبيد عن أبي زيد : ضربه فَقَحْزَنَهُ أي صرعه. شمر عن ابن الأعرابيّ : قَحْزَنه وقَحْزَلَه وضربه حتى تَقَحْزَن وتقحزَل ، أي وقع. قال : والقُحْزَنَة العصا.

ثعلب عن ابن نجدة عن أبي زيد قال القَحْزَنَةُ : العصا. وقال ابن شميل : هي الِهرَاوة وأنشد :

ضَرَبَتْ جَعَارِ عِنْد بَيْتٍ وجارُها

يِقَحْزَنَتي عن جَنْبِها جَلَدَاتِ

[قحذم] : وقال غيره : تقحْذمَ الرجلُ في أمره إذا تشدّد وقَحْذَمٌ اسم رجل منه.

[حقلد] : أبو عبيد : الحَقَلَّدُ الرجل الضيّق الخلُق ، ويقال : الضّعيف وهو الإثم عند بعضهم في قول زهير :

بِنَهْكَةِ ذِي قُرْبَى ولا بِحَقَلَّدِ

وقال شمر قال الأصمعي : الحقلَّد : الحِقْدُ والعداوة في قول زهير. قال شمر : والقولُ ما قالَ أَبُو عبيد إنه الإثم. وقول الأصمعيّ ضعيف. قال شمر ورواه ابن الأعرابي : ولا بحفلَّد ، بالفاء وفَسَّره أنه البخيل.

وقال أبو الهيثم : الحفلّد بالفاء باطل ، والرواة مجمعون على القاف.

[قذحر] : وقال شمر : المُقْذَحِرُّ الغضبان وهو الذي لا تراه إلّا وهو يشارّ الناس ويُفحش عليهم ، وقال أبو عمرو : والاقْذِحْرَارُ سوء الخُلُق وأنشد :

في غَيْرِ تَعْتَعةٍ ولا اقْذِحْرَارِ

وقال آخر :

مالَكَ لا جُزِيْتَ غَيْرَ شَر

مِنْ قَاعِدٍ في البيتِ مُقْذَحِر

أبو عبيد عن الفراء قال : المُقْذَحِرُّ : المتهيّىء للسِّباب. قال : واقذحرّ واقدحَرّ بمعنى واحد.

١٩٨

أبو عبيد عن الأصمعي وغيره ذهبوا قِذَّحْرةً بالذال وذلك إذا تفرقوا في كل وجه.

[حدلق] : أبو عبيد عن الأصمعي : أكل الذئب من الشاة الحُدَلِقَة ، وهو شيء من جسدها. قال : ولا أدري ما هو قال ، وقال غيره : الحُدَلِقة ، العين الكبيرة. وقال اللحياني قال أبو صفوان : عَيْنٌ حُدَلِقَة جاحظة.

[فقحل] : أبو العباس عن ابن الأعرابي : فَقْحَلَ الرجلُ إذا أسرع الغَضَب في غير موضعه ، سلمة عن الفراء رجلٌ فُقْحُلٌ : سريع الغضب.

[قلفح] : ابن دريد قَلْفَحَ ما في الإناءِ إذا شَرِبه أجمع.

[حفلق] : قال ورجل حَفَلَّقٌ ، وهو الضعيف الأحمق.

[حلفق] : عمرو عن أبيه الحُلْفُق الدرابزين وكذلك التَّفَارِيجُ.

حرقم : قُرىء على شمر في شعر الحطيئة :

فقلتُ لَهُ أَمْسِكْ فَحَسْبُكَ إِنَّما

سَأَلْتُكَ صِرْفاً مِنْ جِيَادِ الحَرَاقِمِ

قال : الحراقم الأَدَمُ الصِّرْف الأحمر.

أبواب الحاء والكاف

[حبرك] : قال الليث : الحَبرْكَى الضعيفُ الرِّجْلين الذي قد كاد يكون مُقْعَداً من ضعفهما.

أبو عبيد عن الأصمعي : الحَبَرْكَى هو الطويل الظهر القصيرُ الرِّجْل.

[زحمك] : أبو العباس عن ابن الأعرابي : الزُّحْمُوك الكَشُوثَاء ، وجمعه زَحَامِيك.

[كرمح] : وقال الليث : الكَرْمَحَةُ في العَدْوِ دون الكَرْدَمة ، ولا يُكَرْدِمُ إلّا الحمارُ والبغلُ.

[كردح] : قال والكرْدَحَة من عَدْوِ القصير المتقارب الخَطْوِ المجتهد في عَدْوِه.

ونحوَ ذلك روى أبو عبيد وأنشد الأصمعي :

يَمُرُّ مَرَّ الرِّيحِ لا يُكَرْدِحُ

وقال ابن الأعرابي : هو سَعْيٌ في بطءٍ.

[كلحب] : وقال الليث : كَلْحَبَةُ من أسماء الرجال. قلت : لم يُدْرَ ما هو. وقد روى ثعلب عن ابن الأعرابي أنه قال : الكَلْحَبَةُ صوتُ النار ولهيِبُها ، يقال : سمعت حَدَمةَ النار وكَلْحَبَتها.

[كنسح] : كِنْسِيحٌ ، قال الليث : هو أصلُ الشيءِ ومَعْدِنُه.

[حسكل] : ثعلب عن ابن الأَعرابي : إذا جاء الرجلُ ومعه صبيانه قلنا جاء بحِسْكِلِه وبِحِسْفِلِه وحَمَكِهِ ودهْدَائِه. وقال ابن الفرج : الحَساكِلُ والحَسَافِلُ : صغار الصِّبيان ، يقال : مات فلان وخلّف يتامى حَسَاكِلَ ، واحدها حِسْكِلُ وكذلك صغار كل شيء حَساكِل.

[زحلك] : قال : والزَّحَالِيكُ والزَّحَالِيقُ واحد.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : التزحْلُك التزحْلُق ، وهي الزّحالِيكُ والزّحَالِيقُ.

[حنكل] : أبو عبيد عن الأحمر : الحَنْكَلُ هو القصير. وقال غيره : امرأة حَنْكَلَةٌ دميمة وأنشد :

حَنْكَلة فيها قِبَال أَوْفَجَا

١٩٩

وقال الليث : الحَنْكَلُ : اللئيم.

[حبكر] : أبو عبيد عن الأصمعي : جاء فلان بأمِ حَبَوْكَرى ، أي بالداهية وأنشد :

فلما غَسَا لَيْلِي وأَيْقَنْتُ أَنَّها

هي الأُرَبَى جاءتْ بأُمِ حَبَوْكَرَى

وقال شمر قال الفرّاء : وقع فلانٌ في أُمِ حَبَوْكَرَى وأُمِ حَبَوْكَرٍ وحَبَوْكَرَانَ وتُلقى منها أُمٌّ ، فيقال : وقعوا في حَبَوْكَرٍ ، وأصله الرمل الذي يُضَلُّ فيه. قال ويقال : مررت على حَبَوْكَرَى من الناس أي جماعاتٍ من أَمْكُنٍ شَتَّى لا يجوز فيهم شيءٌ ولا يستَبْرِئهم شيء.

وقال الليث : حَبَوْكَرٌ : دَاهِيةٌ ، وكذلك حَبَوْكَرَى. وفي «النوادر» يقال : تَحَبْكَرُوا في الأمر إذا تَحَيَّروا ، وتَحَبْكَرَ الرّجُلُ في طريقه مثلُه إذا تحيَّر.

[فركح] : قال الفرّاء : الفِرْكَاحُ الرجل الذي ارتفع مِذْرَوَا اسْتِه وخرج دُبُره وهو المُفَركَحُ وأنشد الفرّاء :

جاءتْ به مُفَرْكَحاً فِرْكَاحَا

[حلكم] : قال الأصمعيّ : الحُلْكُم : الرجلُ الأَسْوَد وفيه حَلْكمَةٌ. سلمة عن الفرّاء : الحُلْكُم الأسود من كل شيء في باب فُعْلُل.

[كلحم] : وقال اللحياني : الكِلْحِم والكِلْمِحُ : هو التراب.

[حسكل] : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : حَسْكَلَ الرجلُ إذا نحر صغار إبله.

[سحكك ـ حلكك] : قال : ويقال : أسودُ سُحْكُوكٌ ومسحَنْكِكٌ وحَلْكوك وحُلَكُوك ومُحلنحِككٌ إذا كان شديد السواد. قلت :

وهذا كله ثلاثيُّ الأصل أُلحق بالرباعي.

[كثحم] : أبو زيد : رجل كُثْحُمُ اللحيةِ ولحية كُثْحُمَةٌ ، وهي التي كَثُفَتْ وقَصُرَتْ وجَعُدَتْ ومثلها الكَثَّة.

[حفنك] : وقال ابن دريد رجل حَفَبْكى وحَفَنْكى ، إذا كان ضعيفاً قال : وحَطَنْطَى : يُعَيَّر بها الرجل إذا نسب إلى الحمق.

قال ورجل كَنْتَح وكَنْثَح بالتاء والثاء وهو الأحمق.

باب الحاء والجيم

[حرجل] : قال الليث : الحَرْجَل : قطيع من الخيل والحرُجْلُ والحراجل الطويل الرجلين.

وقال غيره : جاء القوم حَرَاجِلَةً على خيلهم وجاءوا عَرَاجِلَةً أي مُشاةً. أبو العباس عن ابن الأعرابي : الحَرْجَلَةُ العَرَج. قال ويقال : حَرْجَل الرجل إذا تمَّم صفّاً في صلاة وغيرها. ويقال : حَرْجِلْ : أي تَمِّمْ. وحَرْجَل إذا طال.

وروى أبو عبيد عن الأصمعي : الحُرْجُل الطويل.

[جحدر] : وقال الليث : الجَحْدَرُ : الرجل الجَعْدُ القصير ، ويقال جَحْدَرَ صَاحِبَهُ وَجَحْدَلَه إذا صَرَعه.

[دحرج] : والدَّحَارِيجُ ما يُدَحْرِجُ الجُعَلُ من العَذِرَة. ثعلب عن ابن الأعرابي قال : يقال للجُعَلِ المُدَحْرِجُ ، وهي الدُّحْرُوجَة العَذِرَة التي يُدَحْرِجُها. وقال العُجَيْر السلولي :

٢٠٠