تهذيب اللغة - ج ٥

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٥

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٧٠

أَعْرَابٌ باديةٌ خارجَ الحرمِ. وضَاحِيَةُ كل بلدة ظاهِرَتُها البادَيةُ ، يقال هؤلاء ينزلون الباطِنَة ، وهؤلاء ينزِلُون الضّوَاحِي.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه كتب لأُكَيْدِرِ دَوْمَةِ الجنْدَل «إن لنا الضاحيةَ من الضّحْلِ ، ولكم الضامنَةُ من النَّخْلِ». قال أبو عبيد : الضاحِيَةُ ما ظهر وبَرَزَ وكان خارِجاً من العمارة. وقال شمر : كلُّ ما بَرَزَ وظَهَرَ فقد ضَحَا ، يقول : خرج الرَّجُلُ من مَنْزِلِه فَضَحَا لي ، والشجرة الضَّاحِيَةُ البارزةُ للشّمْسِ ، وأنشد لابن الدُّمَيْنَةِ يصف القوْسَ :

وخُوطٍ من فروع النبع ضاحٍ

لها في كَفِّ أَعْسَرَ كالضُّبَاحِ

قال : الضّاحِي عُودُها الذي نَبَتَ في غَيْرِ ظِل ولا في ماء فهو أصْلَبُ لَهُ وأَجْوَدُ وأما قول الشاعر :

عمِّي الذي منعَ الدينَارَ ضَاحيةً

فمعناه أنه منعه نهاراً جهاراً أي جاهَرَ بالامتناع ممن كان يُجِيبُه.

أبو عبيد عن الفرّاء : ليلة إضْحِيَانَةُ وضَحْيَاءُ إذا كانت مُضيئةً. وقال الليث : يوم إِضْحِيَانٌ لا غَيْمَ فيه ، وليلة إضْحِيَانَةٌ مضيئة شمر عن ابن الأعرابي : ليلة أَضْحِيالةُ وليلة إِضْحِيَانَة وضَحْيَاءُ وضحْيَانَةٌ إذا كانت مُقمِرة قال وليلة ضاحِيَةٌ مثل ضحْيَاءَ. وقال أبو عبيدة : فرس أضحَى إذا كان أبْيَض ولا يقال فرس أبْيَضُ. وإذا اشتدّ بياضُه قيل أَبْيَضُ قِرْطَاسِيّ.

أبو زيد : يقال ضاحَيْتُه أي أتيتُه ضُحىً ، وفلان يُضاحِينَا ضَحْوَة كلِّ يومٍ أي يأتينا.أبو العباس عن ابن الأعرابي يقال للرجل إذا مات ضَحَا ظِلُّه لأنه إذَا مات صار لا ظِلَّ له. وشجرةٌ ضاحِيَةُ الظِّلِّ أي لا ظِلَّ لها لأنها عَشَّةٌ دقيقَةُ الأغْصانِ. قلت : وهذا معنى جيدٌ في بيت جرير الذي نقدم تفسيره وقال الشاعر :

وقَحَّمَ سيرنَا من قُورِ حِسْمَى

مَروتُ الرعي ضاحيةُ الظلال

يقول رعيها مَرْتٌ فيه وظلالُها ضاحية أي ليس بها ظل لقلة شَجَرِها. وفي «نوادِرِ الأعراب» : رجل ضَحَيانُ متضحٍ مستضحٍ مضطحٍ إذا أَضْحَى ، ويومُ ضحيانُ أي طَلْقٌ ، وسراجٌ ضَحْيَانُ مُضِيءٌ ، ومفازة ضَاحِيَة الظّلالِ ليس فيها شَجَرٌ يستظَلُّ به. وفي الدعاء : لا أَضْحَى الله ظِلَّكَ ، معناه : لا أَمَاتَكَ الله حتى يُذْهِبَ ظِلَّ شَخْصِكَ القائم.

وقال أبو عبيدة : فرس ضَاحِي العِجَان يوصف به المحبَّب يُمدح به وضحَّيْنَا بني فُلانٍ أَتَيْنَاهم ضُحًى مُغِيرين عليْهم. وقال :

أَرَاني إذا ناكَبْتُ قوماً عَدَاوَةً

فضحيتهم ، إنّي على الناسِ قَادِر

وقال شمر : أَضْحَى الرجل إذا صار في وَقْتِ الضُّحَى ، وأَضْحَى في الغُدُوِّ إذا أَخَّرَه. وضَحِيَ الشيءُ وأضحيْتُه أنا أَي أَظهَرْتُه. وقال الراعي :

حَفَرْن عُروقَه حتى أظَلَّتْ

مَقَاتِلُه وَأَضْحَيْن القُرونَا

١٠١

قال : وضَاحِيةُ كلِّ بَلْدَةٍ ناحيَتُها ، والجَوُّ باطنها ، يقال هؤلاءِ يَنْزِلُون الباطِنَة وهؤلاء ينزلون الضَّوَاحي وضواحي الأرض التي لم يُخَطَّ عَلَيْها.

وضح : قال الليث : الموضَحُ بياضُ الصُّبْح.

وقال الأعشى :

إِذْ أَتَتْكمْ شيْبَانُ في وَضَح الصُّبْ

ح بكبشٍ ترى له قُدَّامَا

قال والموضَحُ بياضُ البرصِ وبياض الغُرَّةِ والتَحجِيلُ في القَوائم وغير ذلك من نحوِه. ومِنَ الألوانِ إذا كان بياضٌ غَالبٌ في ألوان الشَّاءِ قَدْ نَشَأ في الصَّدْرِ والظَّهْرِ والوجهِ يقالُ به تَوْضِيحٌ شَدِيدٌ ، وقد توضّح.

ويقال : أَوْضحْتُ أمراً فَوَضَح ووَضّحْتُه فتَوَضَّح ، ويقال من أين أَوْضَحَ الراكبُ؟ ومن أين أَوْضَعَ الراكب؟ أبو عبيدة عن أبي عمرو استوضحتُ الشيءَ واستَشْرَفْتُ واستكْفَفتُه ، وذلك إذا وضعْتَ يدك على عَيْنَيْكَ في الشَّمس تنظرُ هَلْ تراه تُوَقِّي بكفِّك عيْنَكَ شُعَاعَ الشَّمْسِ. والْموَاضِحَةُ الأسنانُ الَّتي تَبْدُو عند الضَّحِك. وقال الشاعر :

كلُّ خليلٍ كنتُ صافَيْتُه

لا تَرَكَ الله لَهُ وَاضِحَهْ

كلَّهم أروَغَ من ثَعْلَبٍ

ما أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بالبَارِحَهْ

ويقال : استَوْضِح عن هذا الأمْرِ ، أي ابْحَثْ عَنْهُ ، ويقال للرجُلِ الحسنِ الوجْهِ : إنه لوضَّاحُ. قال : والمُوضحةُ الشَّجَّةُ التي تصِلُ إلى العِظَام ، تقول به شَجَّةٌ أَوْضَحَتْ عن العظم. وقال أبو عبيد : المُوضحةُ من الشِّجَاجِ التي تُبدي وَضَحَ العظم.

وقال الليث : إذا اجتمعت الكواكبُ الْخُنَّسُ مع الكواكبِ المُضِيئةِ من كواكبِ المنازلِ سُمِّين جميعاً الوُضَّحَ. وفي الحديث : أن يهوديّاً قتل جُوَيْرِية على أَوْضَاحٍ لها ، قال أبو عبيد يعني حَلْيَ فضة ، وتُوضِحُ موضع معروف.

وقال اللحياني : يقال : فيها أَوْضَاحٌ من الناس وأَوْبَاشٌ وأسقاطٌ يعني جماعاتٍ من قبائلَ شتَّى. قال : لم يُسْمَعْ لهذه الحروف بواحدٍ.

وقال الأصمعي : يقال : في الأرض أوضَاحٌ من كَلأ إذا كان فيها شَيْءٌ قد ابيضّ ، قلتُ وأكْثَرُ ما سمعْتُ العربَ يقولون الوَضَحُ في الكلأ إنما يَعْنون به النَّصِيِّ والصِّلِّيَّان الصيْفِيّ الذي لم يسوَدّ من القِدَم ولم يَصِرْ دِريناً. للنَّعَم وضيحةٌ ووضائح ومنه قول أبي وجزة :

لِقَوْميَ إذْ قَوْمي جميعٌ نَوَاهم

وإذْ أَنَا في حَيّ كثيرِ الوضائح

ويقال لِلَّبن الموَضَحُ ومنه قول الهذلي :

ثم استفاءوا وقالوا حبَّذا الوضح

أي قالوا : اللَّبَنُ أحبُّ إلينا من القَوَد.

ويقال كَثُرَ الوضَحُ عِنْدَ بَني فُلَانٍ أي كَثُرَتْ أَلْبَانُ نَعَمِهمْ. والعرب تسمي النهار الوَضَّاح والليلَ الدُّهْمَان وبِكْرُ الوَضَّاحِ صلاة الغَدَاةِ وفي أحاديث المَبْعث ودلائل نبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل أن أَوْحى الله إليه : أنه

١٠٢

كان صلى‌الله‌عليه‌وسلم يلْعَبُ وهو صغيرٌ مع الغلمان بعظم وضَّاح ، وهي لُعبة لصبيانِ الأعراب يعمِدون إلى عظمٍ أبيضَ فيرمونه في ظُلمة الليل ، ثم يتفرّقون في طلبه ، فمن وجده منهم فله القَمْر قلت وقد رأيت وِلدانهم يصغّرونه ويقولون عُظيمُ وضَّاح. وأنشد بعضهم :

عظيم وضاح ضِحَنَ الليلَة

لا تَضِحَنَ بعدها منْ لَيْلة

وقولهم : ضِحَنّ أمرٌ بتثقيل النون من وَضَح يَضِح ومعناه أُظْهَرَنّ وَأُبْدُوَنّ ، كما يقال من الوصل صِلَنّ.

ويقال أَوْضَحَ الرَّجُلُ إذا جاء بأوْلادٍ بيض ، وأوضحت المرأَةُ إذا ولدت أولاداً بيضاً.

وَوَضَحُ القدم بياض إخْمصه. وقال الجميح :

وَالشوْكُ في وَضَح الرَّجْلَيْن مَرْكُوزُ

وقال النضر بن شميل : المتوضِّحُ والواضِحُ من الإبل الأبيضُ وليس بالشّديد البياضِ ، أشدُّ بياضاً من الأعْيس والأصْهب وهو المُتَوَضِّح الأقراب وأنشد :

متوضِّح الأقْرَابِ فيه شُهلَةٌ

شَنِجُ اليدين تَخَالُه مشكولا

قال المنذري أُخبِرْتُ عن أبي الهيثم أَنه قال في قولهم جاء فلان بالضِّحّ والرِّيح ، وأصل الضِّحّ الوَضَحُ وهو فوْرُ النهار وضوْء الشمس ، فأسقطت الواو وزيدت الحاءُ مكانها فصارت مع الأصلية حاءً ثقيلة قال وكذلك القحة الوقْحة فأسقطت الواو وزيدت الحاء مكانها فصارت قِحَّةً بحائين وقال أبو عبيدة الضِّحُّ البرازُ الظّاهر.

وقال ابن الأعرابي : الضِّحُّ ماضحا للشمس ، والرِّيحُ ما نَالهُ الريح. وقال الأصمعي : الضِّحّ الشمس بعينها وأنشد :

أبيضُ أبرزه للضَّحِّ راقِبُه

مقلَّدٌ قُضُبَ الرّيْحَان مفعُوم

وقال أبو زيد : تقول من أين وَضَحَ الرَّاكبُ؟ أي من أين بدأ؟ وقال غيره من أين أَوْضَحَ بالألف.

حوض ـ حيض : قال الليث : الحَوْضُ معروف ، والجميع الحِيَاضُ والأحوَاضُ ، والفعل التّحْوِيضُ ، واستحوضَ الماءُ أَي اتخذ لنفسه حَوْضاً ، وحَوْضَى اسم موضعٍ. الأصمعي إني لأُدَوِّرُ حول ذاك الأمر وأُحَوِّض وأُحَوِّط حولَه بمعنى واحد.

وقال الليث : الحَيْضُ معروف ، والمرة الواحدة الحَيْضَةُ ، والاسم الحِيضَةُ وجمعها الحِيض والحِيضَات جماعة. والفعل حاضت المرأة تَحِيضُ حَيْضاً ومَحِيضاً ، فالمحيضُ يكون اسماً ويكون مَصْدراً. وامرأة حائِضُ ، ونساء حُيَّضٌ على فُعَّل ، والمستحاضةُ المرأة التي يسيل منها الدَّمُ فلا يرقأُ ، ولا يَسِيلُ من المحِيضِ ، ولكنه يسيل من عِرْقٍ يقال له العَاذِل ، وإذا استُحِيضَت المرأةُ في غير أيام حَيْضِها واستَمرّ بها الدَّمُ صلّت وصامت ولم تَقْعُد عن الصَّلاة كما تقعد الحائض وقال الله جل وعز : (وَيَسْئَلُونَكَ

١٠٣

عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً) [البَقَرَة : ٢٢٢] قال أبو إسحاق : يقال قَدْ حَاضَتِ المرأة تَحِيضُ حَيْضاً ومحيضاً ومحاضاً. قال وعند النحويين أن المصدر في هذا الباب بابه المَفْعَل والمَفْعِل جيّد بَالغٌ ، وقال غيره المحِيضُ في هذه الآية المَأْتَى من المرأة لأنه مَوْضعُ الحيْض فكأنه قال اعْتزلوا النساء في موضِع الْحَيض ولا تجامِعُوهنّ في هذا المكان. ويقالُ حاضَ السيلُ وفاضَ إذا سال ، يحيض ويفيضُ. وقال عمارة :

أجالت حصاهن الذَّوَارِي وحَيّضَت

عليهنّ حَيْضَاتُ السُّيُول الطّواحِم

أنشدنيه المنذريُّ عن المبرِد أن عمارة أنشده. ومعنى حيّضت أي سيّلت. قلت : ومِنْ هذا قيلَ للحوضِ : حَوْضُ الماء ؛ لأن الماء يَحيضُ إليه أي يسيلُ ، والعرب تدخل الواوَ على الياء والياءَ على الواوِ ؛ لأنهما من حيِّزٍ واحِدٍ وهو الهوَاءُ وهما حَرْفا لِين. وقال اللِّحيانيُّ في باب الضّاد والصاد : حاضَ وحاص بمعنًى واحد. وقال أبو سعيد : إنما هو حاضَ وجاضَ بمعنى واحد. وقال الفراء حاضَت السَّمُرَةُ تحيض إذا سال منها الدُّوَدِم ويجمع الحوض حياضاً وأحواضاً والمحوَّض الموضع الذي يسمَّى حوضاً.

ضيح : قال الليث : الضَّيَاحُ اللبن الخاثرُ يُصَبُّ فيه الماءُ ثم يُجدَحُ ، يقال ضَيّحْتُه فَتَضَيَّح. قال : ولا يسمى ضَياحاً إلا اللبنُ وتضيُّحُه تزيّده. قلت : الضَّيَاحُ والضّيْحُ عند العرب أن يُصَبَّ الماءُ على اللبَنِ حتى يَرِق ، وسواء كان اللبنُ حليباً أو رائباً ، وسمعت أعرابيَّاً يقول ضَوِّحْ لي لُبَيْنَةً ولم يقل ضَيِّحْ وهذا مما أَعْلمْتُكَ أَنَّهم يدخلون أحد حرفي اللبن على الآخَرِ كما يُقالُ حَيضه وحَوَّضه وتَوّهه وتيّهه. أبو عبيد عن الأصمعيّ : إذا كثر الماء في اللبن فهو الضَّيْحُ والضّيَاح وقال الكسائي قد ضيّحه من الضّيَاحِ. ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : من اعتذَر إليه أخُوه من ذَنْبٍ فردّه لم يَرِدْ عليَّ الْحوضَ إلا مُتَضَيِّحاً وأنشد شمر :

قد علمت يوم وَرَدْنا سَيْحا

أنِّي كفيْت أَخَوَيْهَا الميْحَا

فامتَحَضا وسقَّيا في ضَيْحَا

وقال الليث : يقال الرِّيحُ والضِّيحُ تقويةٌ لِلَفْظِ الرِّيح فإذَا أفْرَدْتَه فليس له معنى.

قلت : وغيْرُ الليث لا يُجيز الضِّيحَ.

وقال أبو عبيد : جاء فلان بالضِّح والرِّيح قال : ومعنى الضِّحِّ الشمسُ ، أي إنما جَاء بمثْل الشَّمس والرِّيح في الكثْرَةِ. قال : والعامّة تقول : جاء بالضِّيح والرِّيح. وليس الضيح بشيء.

باب الحاء والصَاد

[ح ص (وايء)]

حصا ، حصأ ، حاص ، صحا ، صاح ، (صواح) ، صوح ، وحص.

صحا : قال الليث : الصّحْوُ ذهابُ الغيْم ، يقال اليومُ يومٌ صَحْوٍ. وأصحَتِ السماءُ فهي مُصْحِيَةٌ ويومٌ مُصْحٍ. قال : والصَّحْوُ ذهابُ السُّكْرِ وتَرْكُ الصِّبا والباطِل ، يقال

١٠٤

منه : صَحَا قَلْبُه ، وصَحَا مِنْ سُكْرِه. قلت : وهكذا قال غَيْرُه. ورَوى الحرَّانِيُّ عن ابن السكيت : أَصْحَت السماءُ تُصْحِي فهي مُصْحيَةٌ ، وقد صَحَا السكرانُ يَصْحُو صُحُوَّا فهو صاحٍ ، ونحوَ ذلك قال الفراءُ والأصمعيُّ.

قال الليث : والمِصْحَاةُ جَامٌ يُشْرَبُ فيه. وقال الأصمعيُّ فيما روَى عنه أبو عبيد : المِصْحَاةُ إِنَاءٌ ، قال : ولا أَدْري مِنْ أَيِّ شَيءٍ هُو. شمِرٌ عن ابن الأعرابي المِصْحَاةُ الكَأْسُ قال وقال غيرُه هو القَدَحُ من الفضّة واحتج بقول أوس :

كمِصْحَاةِ اللُّجَين تأكّلا

وقال ابن بُزُرْج : من أَمْثالهم «يريد أَنْ يَأْخُذَها من الصَّحْوَة والسَّكْرَةِ» مَثَلٌ لطالب الأمْرِ يتجاهلُ وهو يَعْلَم.

حوص ـ حيص : قال الليث : الحَوَصُ ضِيقٌ في إحدى العينين دونَ الأُخْرى ، ورجل أَحْوَصُ وامرأة حَوْصَاءُ ، قلت : الحَوَصُ عند جميعهم ضيقٌ في العينين معَاً ، رجل أَحْوَصُ إذا كان في عينيْه ضيقٌ ، وقد حَوِصَ يَحْوَصُ حَوَصاً.

أبو العبّاس عن ابن الأعرابي أنه قال : الحَوَص بفتح الحاء الصِّغَارُ العيون ، وهم الحُوصُ. قلت : من قال حَوَصٌ أراد أنهم ذوُو حَوَص.

أبو عبيد عن الأصمعيّ الحَوْصُ الخِياطة وقد حُصْت الثوب أَحوصُهُ حَوْصاً إذا خطِتْهُ. وفي حديث عليّ أنه اشترى قميصاً فَقَطع ما فضل من الكُمَّين عن يَدِه ، ثم قال للخياط حُصْه أي خِطْ كِفَافَهُ ، ومنه قيل للعين الضيّقة حَوْصَاءُ كأنما خِيط جانِبٌ منها. قال وحُصْت عينَ البازي إذا خِطْته.

وقال ابن السكيت : الأَحْوَصَانِ : الأَحْوَصُ بن جعفر بن كلابٍ ، واسمه ربيعةُ ، وكان صغيرَ العيْنَيْنِ ، وعمرو بن الأحوص وقد رأس وقال الأعشى :

أَتَاني وَعِيدُ الحُوصِ منْ آل جَعْفَر

فيا عَبْدَ عَمْرٍو لو نهيْت الأحَاوِصَا

يعني عبدَ عمرِو بنِ شريح بنِ الأحوص ، وعَنَى بالأحاوص مَنْ وَلَده الأحْوَصُ ، منهم عَوْفُ بنُ الأحْوص ، وعَمْرو بن الأحْوص ، وشُرَيْحٌ بن الأحوص ، وربيعة بن الأحوص.

وقال أبو زيدٍ يقال : لأطْعَنَنّ في حَوصك أي لأكيدَنَّك ولأجِدّن في هَلَاكِكَ. وقال النضر : من أمثال العربِ طَعَنَ فلانٌ في حَوْصٍ ليس مِنْه في شيء. إذا مارس ما لا يُحْسِنه وتكلّف ما لا يَعْنيه. وحَاصَ فلَانٌ سِقَاءَه إذا وَهَى ولم يكن معه سِرَادٌ يخرزه به فأدخلَ فيه عُودَيْنِ وسد الوَهْي بينهما يخَيْط دُون الخَرْزِ.

وقال ابن شميل : ناقَة مُحتَاصَةٌ وهي التي احْتاصَتْ رَحِمُها دُونَ الفحْل فلا يقدرُ عليها الفحلُ ، وهو أن تعقِد حَلَقَها على رَحِمِها فلا يقدر الفَحْلُ أن يُجيز عليْها ، يقال قد احْتاصَت الناقةُ واحتاصَتْ رَحِمها سواءٌ ، وناقة حائص ومحتاصَةٌ ولا يقال حَاصَت الناقة ، وبئر حَوْصاءُ ضيقةٌ.

١٠٥

وروي أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الحيصاءُ الناقة الضيّقة الحَيَا. قال والمِحْيَاصُ الضيّقة الملاقي.

الأصمعيّ والفرّاء : الحائص والناقة التي لا يَجُوز فيها قضيبُ الفَحْلِ كأنّ بها رَتْقاً. وقال الليث الحَيْصُ الحَيْدُ عن الشيء. يقال هو يحيصُ عني أي يَحيدُ ، وهو يحايصني ، وما لك من هذا الأمْرِ مَحِيصٌ أي مَحِيد ، وكذلك مَحَاصٌ ، وفي حديث مطرّف : أنه خرج من الطَّاعُون ، فقيلَ له في ذَلك ، فقال : هو الموتُ نحَايصُه ولا بُدّ منه.

قال أبو عبيد : معناه نزوغ عنه. يقال حاص يحيص حَيْصاً ، ومنه قول الله جلّ وعزّ : (ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) [فُصّلَت : ٤٨].

ورُوي عن ابن عُمَرَ أنَّه ذكر قتَالاً أوْ أَمْراً ، فقال : فَحَاصَ المُسْلِمون حَيْصَةً.

ويروى فَحَاضَ المسلمون حَيْضَةً ، معناهما واحد.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : وقع القَوْمُ في حَيْصَ بَيْصَ ، أي في اختلاط من أمْر لا مَخْرَجَ لَهُمْ منه. وأنشدنا لأميَّة بن عائِذ الهذلي :

قد كنتُ خَرَّاجاً وَلُوجاً صَيرَفاً

لم تَلْتَحِصْني حَيْصَ بَيْصَ لَحَاصِ

ونصبَ حَيْصَ بيْصَ على كل حالٍ. قال وقال الكسائي في حيصَ بيص مثلَه إلّا أنه قالها بكسر الحاء والباء حِيصَ بِيصَ.

الحَرّاني عن ابن السكيت إنك لتحسَبُ عليَّ الأرض حَيْصاً بَيْصاً وحِيصاً بِيصاً.

وفي حديث سعيد بن جبير وسئل عن المكاتَب يَشْتَرِطُ عليه أهلُه أن لا يخرُجَ من بلده ، فقال : أَثْقَلْتُمْ ظهْره وجعلتم الأرْض عليه حَيصَ بَيصَ

أي ضيقتم الأرض عليه حتى لا مَضْربَ له فيها ولا مُتَصَرَّفَ للكَسْبِ.

وأخبرني المنذري عن أبي طالب عن أبيه عن الفراء قال : هُمْ في حَيْصَ بَيْصَ وحِيصَ بِيصَ.

وقال : إذا أفْردوه أجْرَوْه وربما تركوا إجراءَه وقالوا وقعوا في حِيصٍ أي في ضيق. وفي «كتاب ابن السكيت» في القلب والإبدال في باب الصاد والضاد.

يقال : حَاصَ وحَاضَ وجَاضَ بمعنى واحدٍ. وكذلك ناصَ وناضَ. وقال عزَّ من قائل (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) [ص : ٣] أي لات حينَ مَهْرَب.

وروى الليث بيت الأعشى :

لقد نَال حَيْصاً من عُفَيْرَةَ حائصاً

قال يروى بالحاء والخاء. قلت : والرُّواة روَوْهُ بالخاء خَيْصاً وهو الصحيح.

وقال ابن شميل الخِيَاصة سيْرٌ طويل يشدُّ به حِزَامُ الدّابّةِ.

حصا : قال الليث : الحَصَى صِغَارُ الحِجَارَةِ ، الواحدة حَصَاةٌ وثلاثُ حَصَيَاتٍ. قال والحَصى كثرة العَدَدِ شُبِّه بحصى الحجارة في الكثرة ، وقال الأعشى :

١٠٦

فلستُ بالأكْثَرِ منْهُم حَصًى

وإنما العزَّةُ للْكاثِر

قال : وحَصَاةُ اللّسَانِ ذَرَابَتُهُ. قال وفي الحديث : «وهل يُكَبُّ الناسُ على مناخرهم في جَهنَّم إلا حَصَا أَلْسِنَتهم». قلت والرّواية الصحيحة «إلَّا حصائدُ ألسنتهم»؟ وقد مرّ تفسيره في بابه ، وأَمَّا الحَصَاةُ فهو العقل نفسه.

وروى ابن السّكيت عن الأصمعي أنه قال : فلان ذُو حَصَاةٍ وأَصَاةٍ إذا كان حازِماً كَتُوماً على نفْسِه يحفظ سرَّه. قال والحَصَاة العقل ، وهو فَعَلَة من أحْصَيْتُ قال طرفة :

وإنّ لسانَ المَرْءِ ما لم يَكُنْ له

حصاةٌ على عَوْرَاتِه لَدلِيلُ

يقول إذا لم يكنْ مع اللسان عقل يحجزه عن بسْطه فيما لا يجب دَل اللسان على عَيبه بما بلفظ به من عُور الكلام.

قال الليث ويقال لكل قطعَة من المسك حصاةٌ. قال : والحصاةُ داءٌ في المثانَة ، وهو أن يخثُرَ البول فيشتد حتى يصير كالحصاة. يقال حصِيَ الرجلُ فهو مَحْصِي.

ثعلب عن ابن الأعرابي الحَصْوُ هو المَغَسُ في البَطْنِ. وفلان ذو حَصى أي ذو عَددٍ ، بغير هاء. وهو من الإحْصَاء لا من حَصَى الحجارة وفلان حَصِيٌ وحَصيفٌ ومُسْتَحْصٍ إذا كان شديدَ العَقْل ، وقال الله جلّ وعزّ : (وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) [الجن : ٢٨] أي أحاط علمُه باستيفاء عَدَدِ كلِّ شيء.

وقال الفراء في قوله (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ) [المُزمّل : ٢٠] قال علم أن لنْ تحفظوا مواقيت اللَّيلِ ، وقال غيره معناه (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) أي عَلِمَ أن لن تُطِيقوه ، وأما قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «إن لله تسعةً وتسعين اسماً من أحْصَاها دخلَ الجَنّة» فمعْناه والله أعلم من أحْصَاهَا عِلْماً وإيماناً بها ويقيناً بأنها صفاتُ الله جلّ وعزّ ، ولم يُرد الإحصاء الذي هو العَدّ. والحَصَاةُ العقل : اسم من الإحصاء في هذا الموضع وقال أبو زُبَيد :

يُبْلغُ الجَهْدَ ذَا الحصاة من القو

مِ ومن يُلْفَ وَاهناً فهو مُود

يقول : يُبلغ ذا الحصاة من القوم الجَهْد أي ذا القوة والرزانة والعقل والعلم بمصادر الأمور ومواردها.

صوح ، صيح : أبو عبيد عن الأصمعيّ وأبي عمرو قال : الصُّوحُ حائط الوادي وهما صُوحَانِ. وفي الحديث أَن مُحَلم بن جُثَامة قتل رجلاً يقول لا إله إلّا الله ، فلمّا مات دفنوه قال فلفَظَتْه الأرض فألْقَوْه بين صُوحيْن فأكلته السباع.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : الصَّوْحُ بفتح الصاد الجانبُ من الرأسِ والجبلِ. قلت : وغيرُه يقول صُوحٌ لوجه الجبل القائم كَأنه حائط ، وهما لغتان صَوْحٌ وصُوحٌ.

سلمة عن الفراء قال : الصُّوَاحِيُ مأخوذ من الصُّوَاح وهو الْجصّ وأنشد :

جَلَبْنَا الخيلَ من تثْليث حتى

كأنّ على مَنَاسِجِها صُواحَا

١٠٧

قال : شبّه عَرَقَ الخيْلِ لما ابيضّ بالصُّوَاح وهو الجصّ.

وقال ابن شميل : الصَّاحَةُ من الأرض التي لا تنْبِتُ شيئاً أبداً.

وقال الليث : التصوّح تشقّق الشعر وتناثُره وربما صوَّحه الجُفُوف.

قال : والبقلُ إذا أصابته عاهة فيبِس قيل تَصَوّح البَقْلُ وصوّحَتْه الريحُ.

أبو عبيد عن الأصمعي قال : إذا تهيّأ النباتُ لليُبْس قيل قد اقْطَارَ فإذا يَبِس وانْشَقّ قِيل قد تَصَوَّح.

قلت : وتصوُّحُه من يُبْسِهِ زمانَ الحَرِّ لا مِنْ آفةٍ تصيبُه.

وقال ذو الرمة يصف هَيْج البقل في الصيف :

وصوح البقْلَ نآجٌ تجيءُ به

هَيْفُ بما نِيَةٌ في مَرِّهَا نكَبُ

أبو عبيد عن أبي عبيدة : فإنْ تشقَّق الثوب من قِبَل نَفْسه قيل قد انْصَاحَ انْصِياحاً ومنه قول عبيد :

من بين مرتَتِقٍ منها ومُنْصاح

قال شمر : ورواه ابن الأعرابيّ :

من بين مرتَفِقٍ منها ومنصاح

وفسر المُنصَاحَ الفائِضَ الجارِي على وجْهِ الأرْضِ. قال : والمُرْتَفِق الممتلىءُ.

قال : ويروى عن أبي تمام الأسدي أنه أنشده :

من بين مرتفِق منها ومِنْ طَاحِي

قال : والطَّاحِي الذي قَدْ سالَ وفاضَ وذهب.

وقال الأصمعيُّ : انْصَاحَ الفَجْرُ انصِياحاً إذا اسْتَنَارَ وأَضَاءَ ، وأصله الانْشِقَاق.

وتَصَايحَ غِمْدُ السيف إذا تشقّق.

وقال الليث الصُّوَّاحَةُ على تقدير فُعَّالة من تشقق الصوف إذا تصوَّح.

وفي «النوادر» : صوّحتْه الشمسُ ولوَّحتْه وصَمَحَتْه إذا أَذْوَتْه وآذَتْه.

ومن بنات الياء ، أبو عبيد عن أبي زيد : لقيته قبْلَ كل صَيْحٍ ونَفْرٍ ، فالصَّيْحُ الصِّيَاح والنَّفْر التفَرُّق. ويقال غَضِبَ فلانٌ من غير صَيْحٍ ولا نَفْرٍ ، من غير قليل ولا كثيرٍ.

وقال الشاعر :

كَذُوبٌ محولٌ يجعلُ الله عُرْضَةً

لأَيْمانِه من غير صيْحِ ولا نَفْر

قال : معناه من غير شيء. ويقال : تصيّح النبْتُ إذا تشقّق بمعنى تصوَّح.

وقال الليث : تصيّح الخَشَبُ وغيرُه إذا تصدّع.

وأنشدني أعرابيٌّ من بني كليب بن يربوع :

ويومٍ من الجوْزَاءِ مُؤتَقِد الحَصَى

تكَادُ صَيَاصِي العيْنِ منه تَصَيَّحُ

قال : والصِّيَاحُ صوتُ كُلِّ شيء إذا اشتدّ. والصَّيْحَةُ العذابُ.

قال الله : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ) [الحِجر : ٧٣] يعني به العذَاب. ويقال : صِيحَ في آلِ فلان إذا هلكوا.

وقال امرؤ القيس :

١٠٨

دعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَرَاته

ولكن حديثٌ ما حديثُ الرَّوَاحل

وقال الله : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ) أي الهلَكَةُ. وصَيْحةُ الغارة إذا فاجأتْهم الخيلُ المُغيرةُ والصَّائِحَةُ صَيْحَةُ المَنَاحَة. ويقال : ما ينْتَظِرُون إلا مثلَ صَيْحَةِ الحُبْلَى أي شرّاً يَفْجَؤُهم. والصيْحانيّ ضَرْبٌ من التَّمْرِ أسْوَدُ صُلْبُ المَمْضَغَةِ شديدُ الحلاوَةِ.

قلت : وسُمِّي صَيْحَانِياً لأنّ صيْحانَ اسمُ كَبْشٍ كان يُرْبَطَ عِنْدَ نَخْلةٍ بالمدينة فأثمرت ثمْراً صيْحَانِيّاً فنُسِبَ إلى صَيْحَان.

وقول الله جلّ وعزّ : (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) [هُود : ٦٧] فذكّر الفعل لأن الصّيْحَةَ مصدَرٌ أُرِيدَ به الصِّيَاحُ ، ولو قيل وأخذت الذين ظلموا الصيحةُ بالتأنيث كان جائزاً تذهب به إلى لفظ الصّيْحَةِ.

حصأ : ـ مهموزاً ـ. أبو عبيد عن الأُمَوِيّ : حَصَأْتُ من الماء أي رَوِيتُ.

وقال أبو زيد : حَصَأْ الصَّبيُّ من اللَّبن حَصْأ إذا أُرْضِع حتى تمتلىء إنْفَحَتُه إن كان جَدْياً ، وإن كان صبِياً فبطْنُه.

وقال أبو عبيد : قال الأصمعيُّ : يقال للرجل وغيره حَصَأ بِهَا وحَصَمَ بِهَا إذا ضَرَط.

وقال غيره : أحْصَأتُه أي أَرْوَيتْهُ.

وقال ابن شميل : الحَصَا ما خَذَفْت به خَذْفاً وهو ما كان مثلَ بَعْرِ الغنم.

وقال أبو أسلم : العظيمُ مثل بَعْرِ البعيرِ من الحصى.

وقال أبو زيد حصاة وحِصِيّ وقناة وقِنِيٌّ ونواة ونِوَيٌّ ودواةٌ ودِوِيّ ، هكذا قيّده شمر ، وغيرُه يقول بفتح الحَاء والقَافِ والنون والدال حَصَّى وقَنَّى ونوَّى ودَوَّى. ويقال نهر حَصَوِيٌّ أي كثيرُ الحَصَى.

وقال الأحمر : أرض مَحْصَاةٌ من الحَصَا وحَصِيَّة وقد حَصِيتْ تَحْصَى. ويقال حَصَيْتُه بالحَصَى أحْصِيه أي رمَيْتُه.

وقال الليث في قولهم وقع فلان في حَيْص بَيْص أي في ضيقٍ والأصل فيه بَطْنُ الضبّ يُبْعَج فيخْرَجُ مَكْنُه وما كان فيه ثم يحَاصُ.

وحص : أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الوحْصُ البَثْر يخرج في وجه الجَارِية المَلِيحة.

وقال ابن السكيت : أصبَحَتْ وليس بها وَحْصَةٌ ولا وَذْيَةٌ.

قال الأزهريُّ معناه ليس بها عِلَّة.

أبواب الحاء والسين

[حس (وايء)]

حسا ، حاس ، سحا ، ساح : [مستعملة].

حسا : قال الليث : الحَسْوُ الفعل ، يقال حَسا يَحْسو حَسْواً ، والشيءُ الذي يُحْسَى اسمُه الحَسَاء ممدود. والحُسوَةُ مِلْءُ الفَم. ويقال اتخذوا له حَسِيَّةً. والحُسْوَةُ الشيء القليل منه.

الحرَّاني عن ابن السكيت : حَسَوْتُ حَسْوَةً واحدةً والحُسْوَةُ مِلءُ الفم.

وقال اللحياني : حَسوة وحُسوة وغَرفة وغُرفة بمعنى واحد.

١٠٩

وقال يونس : حَسوت حَسوة وفي الإناء حُسوةٌ.

وقال ابن السكيت : شربت حَسُوّاً وحَسَاءً ، وشربت مَشُوّاً ومَشَاءً.

قال وقال أبو عبيدة : قال أبو ذبيان بن الرعبل : أبغض الشيوخ إليَ الحَسُوُّ الفَسُوُّ. قال : الحَسُوُّ الشروبُ.

قلت : جمع الحُسْوَةِ حُسًى ، وَالعرب تقول : نمت نَوْمة كحَسْوِ الطير إذا نام نوماً قليلاً. وَيقول الرجلُ للرجلِ هل احتسيت من فلان شيئاً؟ على معنى هَل وَجَدْتَ ، وقول أبي نخيلة :

لما احْتَسَى مُنْحَدِرُ من مُصْعِد

أن الحَيَا مُغْلوْلِبٌ لم يَجْحَدِ

احتسى أي استَخْبَرَ فأُخْبِرَ أن الخِصْب فاشٍ.

وسمعت غيرَ واحدٍ من بني تميم يقول : احتَسَيْنا حِسْياً أي أنْبطْنا ماءَ حَسْيٍ ، والحَسْيُ الرَّمْل المتراكم أسفله جبل أصلدُ ، فإذا مُطِرَ الرمل نَشِفَ ماء المطر ، فإذا انتهى إلى الجبل الذي أسفَلُه أمسكَ الماء ومنع الرملُ حرَّ الشمس أن ينشف الماء فإذا اشتد الحر نُبِثَ وجْهُ الرمل عن الماء فنبَعَ بارداً عذباً يتَبَرَّضُ تبرُّضاً ـ وقد رأيت في البادية أحْسَاءُ كثيرة على هذه الصِّفَة منها أحْساءَ بَنِي سَعْدٍ بحذاء هَجَرَ وقُرَاها وهي اليومَ دارُ القَرَامِطَةِ ، وبها مَنَازِلُهم ومنها أَحْسَاءُ خِرْشَافِ وأَحْسَاءُ القَطِيف. وبحذاء حاجِرٍ في طريق مكة أَحْساءٌ في وادٍ مُتَطَامِن ذي رَمْلِ إذا رَوِيَتْ في الشتاء من السيول الكثيرة لم ينقطع ماءُ أحْسائها في القَيْظ.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الحِسَى الماء القليل.

وقال شَمِر : يقال جعلت له حَسوًا وحَساء وحَسِيّة إذا طُبَخَ له الشيء الرقيق يتحسَّاه إذا اشتكى صدرَه ، ويجمع الحِسْيُ حِسَاءً وأحْساءً.

سحا : قال الليث : سَحَوْتُ الطِّينَ بالمِسْحَاةِ عن الأَرْضِ سَحْواً وسَحْياً ، وأنا أَسْحَاهُ وأَسْحُوه وأسْحِيه ، ثلاثُ لُغَاتٍ.

أبو عبيد عن أبي زيد : سَحَوْتُ الطِّين عن الأرْضِ أَسْحُوهُ وأَسْحَاه ، ولم يذكر أسحِيه. قال وسَحْوُ الشحم عن الإهاب قَشْرُه ، وما قْشِرَ عنه فهو سِحاءَة نحو سحاءةِ النواة ، وسحاءة القرطاس وفي السماء سِحَاءةٌ من سَحَاب ، أي غيمٌ رقيقٌ. ويقال : سحَّيْتُ الكتاب تَسْحِيَةً لِشَدِّهِ بالسِّحَاءَةِ ، ويقال بالسِّحَاية ، لغتان.

قال الليث : وسَمّى رؤبة سنابك الحُمُرِ مَسَاحِيَ لأنها تُسْحَى بها الأرض فقال :

سَوَّى مساحِيهِنّ تقطيطَ الحُقَق

قال : ورجل أُسْحُوان : كثير الأَكْلِ. قال والأُسْحِيَّة كل قشرة تكونُ على مضائِغ اللحم من الجلد. ومتَّخِذُ المساحي سَحَّاءٌ على فَعال وحرفته السِّحَايةُ.

وقال الأصمعيُّ : الساحِيَةُ المَطْرَةُ الشديدة الوقعِ التي تَقْشِر الأرضَ. وأنشد أبو عبيد :

١١٠

أَصَابَ الأرْضَ مُنْقَمِشُ الثريَّا

بساحِيَةٍ وأَتْبَعَها طِلَالا

قال : وسَحَوْتُ القرطاسَ وسَحَيْتُه والسِّحَاةُ الخُفّاش وجمعها سَحاً. قال : والسِّحاء ضربٌ من الشجر يرعاه النحل. وكتب الحجاج إلى عامل له أن أرسل إليَّ بعسل السِّحاء أخْضَرَ في الإناء.

وقال ابن السكيت : ضَبٌ سَاحٍ حابلٌ إذا رعى السَّحَاءَ والحُبْلَة. وسِحَاءَةٌ أُمِّ الرأس التي تكون فيها الدماغ ، قال : وسِحَاءَةُ القِرْطاس ممدودةٌ وسِحَاءٌ ممدود بلا هاء. قال والسِّحاءُ الخفاش بكسر ويُمَدّ ، ويُفْتَحُ فيُقْصر ، فيقال هو السَّحا ، مقصورٌ كما ترى.

حوس ، حيس : ثعلب عن ابن الأعرابي : الحَوْسُ الأكلُ الشديد ، والحُوسُ الشجعان. قال والحَوْسَاءُ الناقة الشديدة الأكْلِ.

قال ويقال حاسُوهم وجاسُوهم ودَرْنَجُوهم وفَنَّخُوهم أي ذَلّلوهم.

وقال الليث الحَوْس انتشارُ الغَارة والقَتْل ، والتحركُ في ذلك ، يقال حُسْتُه أي وطئْتهُ وخالطْتُه.

وقال الفراء : حَاسَهم وجَاسَهم إذا ذهبوا وجاءوا يَقْتُلُونهم.

ابن السكيت عن الأصمعي قال : تركت فلاناً يَحُوس بَنِي فلان ويَجُوسهم. يقول يَدُوسُهمْ ويطْلُب فيهم.

وقال الليث : الأَحْوَسُ الجَرِيءُ الذي لا يهوله شيء وأنشد :

أَحُوسُ في الظَّلْمَاءِ بالرُّمْحِ الخَطِلْ

ثعلب عن ابن الأعرابي : قال الأحْوسُ الشديدُ الأكلِ ، والأحْوسُ الكثير القَتْلِ من الرجال ، والأحْوَسُ الذي لا يَبْرَح مكانَه حتى ينالَ حاجته.

وقال الفرزدق يصف إبلاً :

حَوَاسَاتُ الشتاء خَبَعْثِنَاتٌ

إذا النَّكْبَاءُ ناوحت الشمالا

ابن السكيت : يقال للرجُل إذا ما تحبَّس وأَبْطَأَ : ما زال يتحوَّسُ ، وإبِلٌ حُوسٌ بَطِيئةُ التحرُّك من مَرْعاها وإبلٌ حُوسٌ كثيرات الأكل.

وقال الليث : التحوُّس الإقامة كأنَّه يريد سفَراً ولا يَتَهَيَّأ له لانشغاله بشيء بعد شَيءٍ وقال المتلمس :

سِرْقد أنَى لك أَيُّها المُتَحَوِّسُ

فالدار قد كادَت لِعَهْدِك تدرُس

ورجل حَوَّاسٌ عَوَّاسٌ طَلَّابٌ بالليل ، وغيث أحْوَسِيٌ دائم لا يقطع. قال الراجز :

أَنْعَتُ غيثاً رائحاً عُلْوِيّا

صَعَّدَ في نَخْلَةَ أَحْوَسِيّا

يَجُرُّ من عَفَائِهِ حَبِيّا

جَرّ الأسِيفِ الرَمَك الَمرعِيَّا

أنشده شمر. وفي حديث عُمر أنّه قال لرجل : بَلْ تَحُوسُكَ فِتْنَةٌ قال أبو عبيد : قال العَدَبَّس الكناني في قوله : بَلْ تَحُوسُك فِتْنَةٌ ، أي تُخَالِطُ قَلْبك وتَحُثُّك وتُحَرِّكُكَ على رُكُوبها.

١١١

وقال أبو عبيد : وكل موضع خَالَطْته وَوَطِئْتَه فقد حُسْتَه وجُسْتَه وقال الحطيئة :

رهْطُ ابنِ أَفْعَلَ في الخُطُوبِ أَذِلَّةٌ

دُنُسُ الثيابِ قَنَاتُهُمْ لم تُضْرَس

بِالْهَمْزِ من طُولِ الثِّقَافِ وجَارُهم

يُعطِي الظَّلامَةَ في الخطوب الحُوَّسِ

يعني الأمورَ التي تنزلُ بهم فتفْشَاهم وتَخلَّلُ دِيارَهُم.

وقَالَ ابنُ الأعرابيّ : الإبِلُ الكثيرة يقال لها حَوْسى وأنشد :

تبدَّلَتْ بعد أَنِيسٍ رُغُب

وبعد حَوْسى جامل وسرب

وحاست المرأة ذيلَها حَوْساً إذا سحبتها وامرأةٌ حَوْسَاءُ الذيل وأنشد شمر قوله :

تَعيِبينَ أَمْراً ثم تأتينَ مِثْلَه

لقد حَاسَ هذا الأَمْرَ عندك حائس

وذلك أن امرأةً وجدت رَجُلاً على فُجُورٍ فعيّرته فلم تلبث أَنْ وَجَدها الرجلَ على ذلك. ومثلٌ للعرب : عاد الحيس يُحَاس ؛ أي عاد الفاسد يُفْسِد ، ومعناه أن تقول لصاحبك : إن هذا الأمر حَيْس أي ليس بِمُحْكم وهو ردِيءٌ ، ومنه البيت : تعيبني أَمْراً.

قال شمر رُوي عن الفراء : لقد حِيس حَيْسَهم كما تقول دَنَا هَلَاكُهُمْ.

أبو عبيد عن الأُمَوِيّ : إذا أَحْدَق بالرَّجُلِ ونَسَبِه الإمَاءُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فهو مَحْيُوسٌ ، وذلك لأَنَّه يشبَّه بالحَيْس وهو يخلط خَلْطاً شديداً.

وقال أبو الهيثم : إذا كانت جدّتاه من قِبَلِ أبيه وأُمِّه أَمَةً فهو المحْيُوس من الحَيْس ، يقال حُست أَحِيسُ حَيْساً وأنشد :

عن أَكْلِيَ العِلْهِزَ أَكْلَ الحَيْس

والحيْسُ التمر البرنيُّ والأَقِطُ يُدَقَّانِ ويُعْجَنَان بالسَّمْنِ عَجْناً شديداً حتى تَنْدُرَ منه نواةٌ ثم يسوى كالثريد وهي الوطيئَةُ أيضاً ، إلّا أنّ الحيس ربما جُعل فيه السَّوِيقُ وأَمَّا في الوطيئةِ فلا وأنشد :

وإذا تكونُ كَرِيهَةٌ أُدْعَى لَهَا

وإذَا يُحَاسُ والحيس يدعى جُنْدُبُ

شمر ومن أمثالهم : عاد الحَيْسُ يُحَاسُ ومعناه أن رجلاً أُمر بأَمْرٍ فلم يُحْكِمْه فذمّه آخر فقام لِيُحْكمَه فجاء بِشَرٍّ منه فقال الآمر : عَادَ الحَيْسُ يُحَاسُ ، أي عاد الفَاسد يُفْسدُ وامرأة حوْساء الذيل أي طويلة الذيل. قال : قد علمت صفراء حوساء الذيل وقد حَاست ذَيْلَها تَحُوسُه إذا وطئَتْهُ تسحَبُه ، كما يقال حاسَهم وجَاسهم إذا وَطِئَهم.

سيح ـ سوح : قال الليث : السَّيْحُ الماء الظَّاهِرُ على وجْه الأرْض يَسِيحُ سَيْحاً.

الأصمعي : ساحَ الماءُ يسيحُ سَيْحاً إذا جرَى على وجه الأرض ، وماء سَيْح وغَيْلٌ إذا جرَى على وجه الأرض ، وجمعه سَيُوح وأَسْيَاحٌ ، ومنه قوله :

تِسْعَةُ أَسْيَاح وسَيْحُ الغَمَرْ

وقال الليث : السِّيَاحَةُ ذهاب الرجل في الأرْضِ للعبادة والتَّرَهُّبِ ، وسياحَةُ هذه الأمّة الصيَامُ ولزومُ المساجد.

١١٢

وَرُوِيَ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال «لا سياحة في الإسلام» ، أراد بالسياحة مفارَقَةَ الأَمْصَارِ والذهابَ في الأرضِ وأصله من سَيْح الماءِ الجاري.

وقال الله جلّ وعزّ : (الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ) [التّوبَة : ١١٢] وقال (سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) [التّحْريم : ٥] جاء في التفسير أن السائحين والسائحات الصائمون.

وقال الحسن : هم الذين يَصومُون الفرض.

وقد قيل : إنهم الذين يُدِيمُون الصِّيام. وقول الحسن أَبْيَنُ. وقيل للصائم : سائح لأن الذي يسيح مُتَعبِّداً يذهبُ في الأرض لا زادَ مَعه فحين يَجِد الزاد يَطْعَمُ ، والصائم لا يَطْعَم أيضاً ، فَلِشَبهَه به سمي سائحاً.

وفي الحديث على أنه وصف قَوْماً فقال : «ليسوا بالمسَايِيح البُذُر».

قال شمر : المسايِيحُ ليس من السّياحة ولكنه من التسييح في الثوْبِ أن يكون فيه خطُوطٌ مختلفةٌ ليس من نحوٍ واحدٍ وقال ابن شميل : المُسَيَّحُ من العَبَاءِ الذي فيه جُدَدٌ ، واحدةٌ بيضاءُ وأُخْرى سَوْدَاءُ ليست بشديدةِ السَواد. وكل عباءة سَيْحٌ ومُسَيَّحَةٌ. يقال : نِعْم السَّيْحُ هَذَا ، وما لم يكن ذَا جُدَدٍ ، فإنما هو كِسَاء وليس بِعَبَاءٍ. وقال : وكذلك المُسَيَّح من الطرق المبيَّنُ ، وإنما سيَّحه كثرة شَرَكِه ، شُبِّه بالعَباءِ المُسَيَّح. ويقال للحمار الوحش مُسيَّح لجُدَّته التي تفْصِل بين البَطْن والجَنْبِ.

أبو عبيد عن الأصمعي : السيْح مِسْحٌ مُخَطَّطٌ يكونُ في البيت يصلح أن يُفْتَرَش وأن يستتر به.

وقال الأصمعيُّ : إذا صارَ في الجَرَادِ خطوطٌ سودٌ وصُفْرٌ وبيضٌ فهو المُسَيَّح ، فإذا بدا حَجْمُ جَناحِه فذلك الكُتْفَان لأنه حينئذٍ يَكْتِف المشي فإذا ظَهَرَتْ أجْنِحَتُه وصار أحْمَرَ إلى الغُبْرَةِ فهو الغَوْغَاءُ والواحدة غَوْغَاءَةٌ ؛ وذلك حين يَمُوجُ بعضُه في بَعْضٍ ولا يتوجّه جِهَةً واحدةً ، هذا في رواية عمر بن بَحْرٍ.

وقال شمر : المسايِيحُ الذَين يسيحون في الأرْض بالشَّرِّ والنميمةِ والإفسادِ بين الناس ، والمَذَايِيعُ الذين يُذيعُون الفواحش.

وقال الليثُ : السَّاحة فَضَاءٌ يكون بين دُور الحَيِّ ، والجمعُ سوحٌ وسَاحَاتٌ ، وتصغيرها سُوَيْحَةٌ.

وقال ابن الأعرابي : يقال للأتان قد انْسَاح بَطْنُها وأنْدَال سِيَاحاً إذا ضَخُمَ ودَنَا من الأَرْض. ويقال : أساحَ الفَرَسُ ذَكَرَه وأَسابَه إذا أخرجه من قُنْبِه. قاله خليفة الحصيني قال وسيَّبه وسيَّحه مثلُه.

وقال غيره : أسَاحَ فلانٌ نَهْراً إذا أَجْراه.

وقال الفرزدق :

وكم لِلْمُسلمِين أسَحْتَ يَجْرِي

بإذن الله من نَهْر ونَهْرِ

يقول : كم من نَهْرٍ أجريتَه للمسلمين فانتفعوا بمائه.

١١٣

باب الحاء والزاي

[ح ز (وايء)]

حزى حزا ، حاز (تحوز ، تحيز) ، زاح ، أزح.

حزي : قال الليث : الحَازِي الكاهِنُ تقول : حَزَا يَحْزُو ويَحْزِي ويَتَحَزَّى.

وأنشد :

ومن تَحَزَّى عَاطساً أو طَرَقا

وقال آخر :

وحازِيَةٍ ملبونة ومنجِّسٍ

وطارقةٍ في طرقها لم تُسَدَّد

قال الأصمعيُ التحزّي التكهن.

وقال ابن شميل : الحازِي أقَلُّ عِلْماً من الطّارق ، والطّارقُ كاد أن يكونَ كاهِناً ، والحازِي يقول بِظَنٍّ وخَوْفٍ ، والعائف العالمُ بالأمور ولا يُسْتعافُ إلا من عَلِم وحَرَّب وعرَف ؛ والعَرَّاف الذي يَشُمُّ الأرض فيعرفُ مواقِع المياه ، ويعرف بأيِّ بلدٍ هو.

أبو عبيد عن الأصمعي : حَزَيْت الشيء أحْزيه إذا خَرَصْتَه وحزوتُه مثلُه ، لغتان من الحازِي ، ومنه حَزَيْتُ الطيرَ إنما هو الخَرْصُ وحَزَا السرابُ الشيءَ يحزوه : رَفَعه. ابن هانىء عن أبي زيد : حزونا الطير نحزوها حَزْواً ، زجرناها زجراً قال : وهو عندهم أن ينعَقَ الغراب مُسْتقبِلَ رَجُلٍ وهو يريد حَاجَةً فيقول : هو خيرٌ فيخرج ، أو ينعق مُستَدْبِرَه فيقول : هذا شَرٌ فلا يخرج ، وإن سنح له عن يمينه شيءٌ تَيَمَّنَ به ، أو سَنَح عن يساره تشاءم به ، فهو الحَزْوُ والزَّجْرُ ، ويقال أحْزَى يُحزي إحْزاء إذا هاب وأبى. وأنشدوا :

ونفسي أرادت هجر سلمى ولم تطقْ

لها الهجر هابته وأحْزَى جَنِينُها

وقال أبو ذؤيب :

كعُوذِ المعطِّف أحْزَى لها

بمصدرة الماء رَأْمٌ

أي رجع لها ، رَأْمُ أي وقد رُدَّ هالكٌ ضعيفٌ والعُوذُ الحديثَةُ العهد بالنتاج.

وقال الليث : الحَزَا مقصورٌ : نبات يُشْبِه الكرفْسَ من أحرار البقول ، ولريحه خَمْطةٌ يزعم الأعراب أن الجن لا تدخل بيتاً يكون فيه الْحَزَا ، والواحدة حَزَاةٌ. أبو عبيد عن الأصمعي : الحَزَاءُ ممدودٌ : نبتٌ. وقال شمر : تقول العرب ريحُ حَزَاء فالنَّجاءَ ، قال وهو نبات ذَفِرٌ يَتَدَخَّنُ به للأرواح ، يُشْبِهُ الكَرَفْسَ ، وهو أعْظَمُ منه.

فيقال اهرُب إن هذا ريحُ شَر. قال : ودخل عمر بن الحكم النهدي عَلَى يزيد بن المهلّب وهو في الحَبْس فلما رآه قال : أبا خالد

ريحُ حزاء فالنَّجا لا تكن

فريسة للأسد اللابد

أي أن هذا تباشيرُ شَر وما يجيء بعد هذا شَرٌ منه. وقال أبو الهيثم الحَزَاءُ ممدودة لا يُقصر. وقال شمر : الحَزَاءُ يمَدُّ ويقصر.

وحَزْوَى جبلٌ من جبالِ الدهناء ، وقد مررتُ به

ومن مهموز هذا الباب :

١١٤

حزأ حَزَأْتُ : الإبلَ وأَنا أَحْزُؤُها ، وهو أن تَضُمَّها وتسوقَها. وقال : واحْزَوْزَأَتْ الإبلُ إذا اجتمعت. والطائِر يحزَوْزِئ ، وهو ضمُّه نفْسَه وتجَافِيه عن بيضه وأنشد :

مُحْزَوْزأيْنِ الزِّفَّ عن مَكَوَيْهِما

وقال رؤبة فلم يهمز :

والسيرُ محزوزٍ به أحْزِيزَاؤُه

قال ذلك كلُّه الليث. وقال أبو زيد في كتاب الهمز :

حَزَأْتُ الإبل حَزْأً

إذا جمعتَها وسقتَها

حوز ـ حيز : قال الليث : الحَوْزُ السيْرُ اللين.

أبو عبيد عن أبي زيد : الحَوْزُ السيْر الروَيْدُ. قال : وقال أبو عمرو : الحَيْز السيْرُ الروَيْدُ. وَقد حِزْتُها أَحِيزُها. وقال الأصمعي هو الْحَوْزُ وأنشد قول الحطيئة :

وقد نظرْتكم إيناءَ صَادِرةٍ

للوِرْد طال بها حَوْزِي وتَناسِي

وقال عائشةُ في شمر : كان ـ والله ـ أحْوَزِيّا نسيجَ وحْدِه. قال السائق الحسن السياق وفيه معَ سياقه بعض النفار. وكان أبو عمرو يقول : الأحوزي.

أبو عبيد قال الأصمعي الأحوزيّ الخفيثُ. وقال العجاج يصف ثوراً وكلاباً :

يحوزهن وله حُوزِيّ

كما يحوز الفِئَة الكَمِيُ

وبعضهم يرويه ، كان والله أحْوَذِياً بالذال ، وهو قريب من الأحوزي.

قال شمر الحَوْز من الأرْض أن يتخذَها رجلٌ ، ويبيّن حدودَها فيستحقُّها ، فلا يكونُ لأحدٍ فيها حقٌّ معه ، فذلك الحَوْز. وقولُ العجاج وله حُوزِي أي له مَذْخُورُ سَيْرٍ لم يَبْتَذِلْه أي يَغْلبهنّ بالهُوَيْنَى.

وقال شمر في قوله : وله حُوزِيّ ، أي له طَارِدٌ يطرُد عن نَفْسه من نشاطِه وحْدَه.

قال : وسمعت ابن الأعرابي يقول : جمل حُوزِيّ ورجُلٌ حُوزِيٌ ورجُلٌ أَحْوَزِيٌ قد حاز الأمورَ وأحكمَها.

وقال الليث : الحَوْزُ أيضاً موضعٌ يحوزُه الرجلُ يتَّخذْ حواليه مُسَنَّاة ، والجميع الأحْوَازُ ، قال وكلُّ من ضمَّ شيئاً إلى نَفْسه من مال وغيرِ ذلك فقد حازَه واحْتَازَه.

قال وحَوْزُ الرجُلِ طبيعتُه من خير أو شر.

قال والحَوْزُ النكاح وأنشد :

تقول لمّا حَازَها حَوْزَ المَطِي

أي جَامعها. وفي الحديث : «فَلَمَّا تحوّز له عن فِراشه». قال أبو عبيد التحوُّزُ هي التنَحي. وفيه لغتان : التحوُّز والتحيُّز.

وقال الله جلّ وعزّ : (أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ) [الأنفَال : ١٦] فالتحوز تَفَعُّلٌ والتحيّز التَّفَيْعلُ ، ونحوَ ذلك قال الفراءُ وحذّاقُ النحويين. وقال القطامي يصف عجوزاً استضَافها فجعلت تروغُ عنه فقال :

تَحَوَّزُ عنّي خَشْيَةً أن أضِيفَها

كما انحازَت الأفْعى مخافَة ضَارِب

وقال أبو إسحاق في قول الله : (أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ) [الأنفال : ١٦] نصب (مُتَحَرِّفاً) و (مُتَحَيِّزاً) على الحال ، إلا أن

١١٥

يتحرّف لأن يُقاتل أو أن ينْحازَ أي ينفرِدَ ليكُون مع المقاتِلة. قال وأصل متحيز محيوِز فأدْغِمت الواوُ في الياء.

قال شمر : الإثم حَوَّاز القلوبِ أي يحوزَ القلْبَ ويغلبُ عليه حتى يركب ما لا يَجِبُ ، وكأنّه من حاز يحوز. قال الأزهري : وأكثر الرواية «الإثم حزّاز القلوب» أي حزّ في القلبِ وحاكَ فيه.

وقال شمر : حُزْتُ الشيء أي جمعتُه أو نحيته قال والحوزِي المتوحّد في قول الطرماح :

يَطُغْنُ بِحُوزِي لم يُرَعْ بواديه

من قَرْع القِسيّ الكِنَائنُ

قال : الحوزيُ المتوحدُ وهو الفَحْلُ منها وهو مِنْ حُزْتُ الشيء إذا جمعته أو نحَيتَه.

وقال الليث : يقال مالك تَتَحَوَّزُ إذا لم تَسْتقرَّ على الأرضِ ، والاسم منه التحوُّز.

قال : وحَيِّزُ الدّار ما انضمَّ إليها من المرافق والمنافِع ، وكلُّ ناحِية حيّزُ على حدَةٍ ، بتشديد الياء ، والجميع أحْيَازٌ ، وكان القياس أن يكون أحْوَازاً ، بمنزلة الميّت والأموات ولكنهم فرّقوا بينهما كراهةَ الالتباس ، وقال الراعي يصف إبلاً :

حوزيَّةٌ طُوِيَتْ على زَفَراتِها

طيَّ القناطِر قد بزلْن بزولا

قال والحُوزية النوق التي لها خِلْقَةٌ انقطعت عن الإبل في خِلْقَتِها وفراهتها ، كما تقول منقطِع القرين.

وقيل ناقة حُوزِيةٌ أي مُنْحازَة عن الإبل لا تخالطها من سَيْرها مصونٌ لا يُدْرك ، وكذلك الرجل الحُوزيّ الذي له أبداً ، من رأيه وعقله مذخور.

وقيل بل الحُوزية التي عندها مذخورٌ ، وقال العجّاج

«يحوزُهنّ وله حُوزِيٌ»

أي يَغْلِبُهن بالهوينَى ، وعنده مذخورٌ منه لم يبتذلْه وفي حديث : «فلم نزل مفطرين حتى بلغنا ماحُوزَنَا». قال شمر : في قوله «ماحُوزَنا» : هو الموضع الذي أرادُوه ، وأهل الشام يسمون المكانَ الذي بينهم وبين العدوّ الذي فيه أَساميهِم ومكاتبُهم الماحُوزُ.

قال شمر : قال بعضهم : هو من قولك حُزْتُ الشيء إذا أحرزْتَه.

قال الأزهري : لو كان منه لقيل مَحازَنا أو مَحُوزَنَا ، وحزت الأرضَ إذا أعلَمْتُها وأحيْيتُ حدودَها ، وهو يُحاوِزُه أي يُخالطه ويجامِعُه. قلت : أحسَبُ قوله : «ماحوزنا» بلغة غير عربية وكأنَّه فاعُولٌ ، والميم أصليّة مثل الفاخُور لنبْت والرّاحول للرّحْلِ.

وقال الأصمعيُّ : إذا كانت الإبِلُ بعيدة المَرْعَى من الماءِ فأوَّلُ ليلَةٍ توجِّهِها إلى الماء ليلةُ الجَوْزِ وقد حوَّزْتُها وأنشد :

حوَّزَها من بُرَقِ الغَيَمِ

أهدأُ يَمْشِي مِشْيَة الظلِيم

ويقال للرجل إذا تحبّس في الأمر : دعني من حَوْزك وطِلْقِك. ويقال : طوَّلَ فلانٌ علينا بالحَوْزِ والطِّلْقِ ، والطِّلْقُ أن يخلِّيَ

١١٦

وُجُوه الإبل إلى الماء ويتركَهَا في ذلك تَرْعَى لَيْلَتَئِذٍ ، فهي ليلة الطِّلْقِ وأنْشدَ ابنُ السكيت :

قد غرَّ زيداً حُوْزُه وطِلْقُهُ

وقال أبو عمرو : تحوُّز الحيةِ وهو بُطْء القِيَامِ إذا أراد أَنْ يَقُوم. وقال غيره : التحوُّس مثله عمرو عن أبيه : الحوْزُ الملك الملك وحَوْزَةُ المرأة فرجها وقالت امرأة :

فَظَلْتُ أحْثِي التُّرْبَ في وَجْهِه

عنّي وأَحْمِي حَوْزَةَ الغَائب

أخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي يقال حوزاته وأنشد :

لها سَلَفُ يعوذُ بكل رَيْعٍ

حَمَى الحوْزَاتِ واشتَهر الإفَالا

قال السَّلَفُ الفحْل حَمى حَوْزَاته ، أي لا يدنو فحل سواه منها وأنشد الفراء :

حمى حَوْزَاتِه فَتُرِكْن قَفْراً

وأَحْمَى ما يَلِيه من الإجَامِ

أراد بحوْزاته نواحيَه من المراعي.

زيح ـ زوح : قال الليث : الزَّيحُ ذهاب الشيء ، تقول : قد أَزَحْتُ عِلَّتَه فزاحَتْ ، وهي تَزِيحُ ، وقال الأعشى :

هَنَأْنَا فلم نَمْنن عَليْهَا فأصبحَتْ

رَخِيَّةَ بَالٍ قد أَزَحْنَا هُزَالَها

أبو العباس عن ابن الأعرابي : أزاحَ الأمْرَ إذا قَضَاه ، عمرو عن أبيه : الزَّوْح تفريقُ الإبل ، ويقال الزَّوْحُ جَمْعها إذا تفرَّقت ، والزَّوْحُ الزَّوَلَان. شمر : زَاحَ وزَاخ بالحاء والخاء بمعنَى واحدٍ إذا تنحَّى قال ومنه قول لبيد :

لو يقوم الفيلُ أبو فَيَّالُه

زَاحَ عن مثل مَقامي وزَحل

قال ومنه زاحت عِلَّتُه وأزَحْتُها أنا.

أزح : قال أبو عبيد أزَح يَأزِح أُزُوحاً ، إذا تخلّف وقال العجاج :

جَرَى ابنُ لَيْلَى جِرْيةَ السُّبُوح

جِرْيَةَ لا كابٍ ولا أَزُوحِ

قال الأزُوح : الثقيل الذي يَزْحَرُ عند الحَمْل.

وقال شمر الأَزُوح المتقاعِس عن الأَمْر.

وقال الكميت :

ولم أك عند مَحْملِها أَزُوحاً

كما يَتَقَاعَسُ الفَرسُ الحزوَّرْ

يصف حِمَالة تحمّلها. أبو عبيد عن الأصمعي أَزَحَ الإنسانُ وغيرُه يأزِح أُزوحاً وأَرَزَ يأْرِزُ أروزاً إذا تقبَّض ودنا بعضُه من بعض. وقال غيره أَزَاحَتْ قدمُه إذا زلَّت ، وكذلك أَزَحت نَعْلُهُ قال الطرّماح يصف ثوراً وحشياً :

تزِلُّ عن الأرض أَزْلامُه

كما زلّت القدَمُ الآزحه

والله أعلم.

باب الحاء والطاء

[ح ط (وايء)]

حطا ، حاط ، طحا ، طاح ، وطح (احطوطى).

١١٧

حطأ : ثعلب عن ابن الأعرابي : قال : الحَطْءُ تحريكُ الشيء مُزَعْزَعاً. ومنه حديث ابنِ عبّاس ، أتاني رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فَحَطَاني حُطْوةً. هكذا رواه ابن الأعرابيّ غيرَ مهموز ، وهمزه غيرُه. وقرأت بخط شمر فيما فَسَّر من حديث ابن عباس قال : تناول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بَقَقَايَ فحطأَنِي حَطْأًةَ ، قال شمر : قال خالد بن جَنبة : لا تكون الحَطَأَةُ إلا صَربة بالكفِّ بين الكتفين ، أو على حبراش الجَنْبِ أو الصدْر أو الكَتَدِ ، فإن كانت بالرأس فهي صَقْعَةٌ وإن كانت بالوجْه فهي لَطْمَةٌ. وقال أبو زيد ، حَطَأتْ رأسه حَطَأَةً شديدة شديدة وهي شدَّة القَعْدِ بالرّاحة وأنشد :

وإن حطَأْتُ كَتِفَيْه ذَرْمَلَا

قال شمر : وقال ابن الأعرابي حطَأْتُ به الأرضَ حَطَأً إذا ضربتَ به الأرضَ وأنشد شمر :

ووالله لا أتى ابنَ حاطِئَةِ اسْتِها

سَجِيسَ عُجَلْيسٍ ما أَبَان لسانيا

أي ضارِبةَ اسْتِها. وقال الليث : المطْءُ مهموزٌ شدّة الصَّرَع ، تقول : احتمله فَحَطأ به الأرضَ ، وَقال أبو زيد حطأت الرّجُل حَطْأً إذا صرعتْه ، وقال : حطَأْتُه حَطْأً بيدي إذا فَقَدْتَه.

أبو عبيد عن أبي زيد الحَطِيءُ من الناس مهموز على مثال فعِيلٍ هم الرُّذَالَةُ من الناس.

وقال غيره : حطأ يحْطِئُ إذا جَعَس جَعْساً رَهْواً ، وأنشد :

إحْطِئ فإنّك أنْتَ أقْذَرُ من مَشى

وبذاك سُمِّيتَ الحُطَيْئَة فاذْرُق أي أسلح.

قال : حَطَأْتُه بيدِي ضرَبتهُ ، والحطيْئَةُ من هذا تصغيرٌ حَطْأة ، وهي العزبةُ بالأرض ، أقْرَأَنِيهِ الإيادي.

وقال قطرب : الحَطأَةُ ضربةٌ باليد مبسوطةً أيّ الجسدِ أصابَ ، والحطيئة منه مأخوذٌ ، وقيل الحَطْءُ الدفعُ ، وحَطأَت القدرُ بزِبَدِها إذا دفَعته فرمَتْ به عند الغليان ، وبه سمي الحطيْئَةُ.

وفي «النوادر» يقال : حِطْء من تمر وحِثْى من تمر أي رَفَض قدرُ ما يحمله الإنسانُ فوق ظهره.

طحا : قال الليث : الطَّحْوُ كالدّحو ، وهو البَسْطُ. وفيه لغتان طحا يَطْحُو وطَحَا يَطْحَى ، والطُّحِيُ من الناس الرُّذَّال ، والقوم يَطْحَى بعضُهُمْ بَعْضاً أي يَدْفَعُ.

وقال الليثُ : سألْت أبَا الدقَيْش عن قوله : المُدَوِّمة الطَّواحي ، فقال : هي النُّسور تستدِير حوَالي القتيل.

قال : وطحا بك همُّك أي ذهب بك في مَذْهَبٍ بعيدٍ ، وهو يَطْحَى بِكَ طَحْواً وطَحْياً.

وقال الله تعالى : (وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) [الشّمس : ٦].

قال الفرّاء : طحاها ودحاها واحد.

وقال شمر : (وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) ٦). معناه والله أعلم ، ومَنْ دَحَاها. فأبدل الطّاء من الدال.

قال : و (دَحاها) وسَّعَها ، ونام فلان فتدحَّى أي اضْطَجَع في سَعَةٍ من الأرض.

١١٨

وقال ابن شميل المُطَحِّي اللازق بالأرْض ، رأيته مَطْحِيّاً أي مُتَبَطِّحاً.

قال : والبَقْلَةُ المُطَحِّيَةُ النّابِتَةُ على وجْهِ الأرض قد افترشَتْها.

أبو عبيد عن الأصمعي إذا ضربَه حتى يمتدّ من الضّرْبة على الأرض قيل طَحَا منها وأنشد :

من الأَنَسِ الطاحي غَلَيْك العرمْرَم

قال : ومنه قيل طَحَا بِه قلْبُه أيْ ذهب به في كُلّ مَذْهَبٍ ، وطَحَى البعير إلى الأرض إما خِلاءً وإما هُزالاً ، أي لَزِق بها.

وقد قال شمر : قال الفراء : شربَ حتى طَحَى يريد مَدَّ رِجْلَيْه.

قال : وقرأْتُه بخطّ الإياديّ طَحَّى مشدَّداً ، وهو أَصَحُّ إذا ما دعوْه في نصرٍ أو معروفٍ فلم يأتِهِمْ.

قال : والمطحي اللازق بالأرض ، كل ذلك بالتشديد.

قلت : كأنه عارض بهذا الكلام ما قال الأصمعيُّ في طحا بالتخفيف.

أبو العباس عن ابن الأعرابي الطَّاحي الجمعُ العظيم ، والطائح الهالك ، والحائط البستان.

قال : وطَحا إذا مد الشيء ، وطَحَا إذا هَلَك ، وحَطَى ألقى إنساناً على وجْهه.

وقال غيره : طَحَوْتُه أي بطحْتُه وصرعْتُه فطَحَّى أي انبطح انبِطَاحاً ، وفرس طاحٍ مشرِفٌ.

وقال بعض الأعراب في يمين له : لا والقمرِ الطَّاحي أي المرتَفِع ، والطَّاحي أيضاً المنبِسط. أبو زيد يقال للبيت العظيم مِظَلَّةٌ مطحوَّة ومطحيَّة وطاحِيَةٌ وهو الضَّخْمُ.

حوط : قال الليث : حاط يَحوط حَوْطاً وحياطَة ، والحمار يحوطُ عانَته يجمعها ، والاسم الحِيطَة ، يقال حاطَه حِيطَةً إذا تعاهده.

قال : واحتاطَتْ الخيلُ وأَحَاطَتْ بفلانٍ إذا أَحْدَقَتْ به ، وكلُّ من أحرز شيئاً كلَّه ، وبلغ علمُه أقصاه فقد أحاطَ به ، يقال هذا أَمْرٌ ما أحَطْتُ به عِلْماً.

قال : والحائِط سمِّي بذلك لأنه يحوط ما فيه ، وتقول حَوَّطْتُ حائطاً.

قال : والحُوَّاط عظيمةٌ تُتَّخَذُ للطعام أو الشيء يُقْلَعُ عنه سريعاً ، وأنشد :

إنا وجدنا عُرُس الحَنَّاط

مذمومةً لئيمةَ الحُوَّاط

وجمع الحائط حيطانٌ.

قال ابن بُزُرْج : يقولون للدراهم إذا نقصت في الفرائضِ أو غيرها : هَلُمَ حِوَطَها.

قال : والحِوَطُ ما يتمُّ به دَرَاهِمه.

وقال غيرُه : حَاوَطْتُ فلاناً مُحاوطَةً إذا دَاوَرْتَهُ في أمرٍ تريدُه منه وهو يأباه كأنك تَحُوطُه ويحُوطُك.

وقال ابن مقبل :

وحاوطتْهُ حتى ثَنَيْتُ عِنَانَه

على مُدْبر العِلْباءِ رَيَّانَ كَاهِلُه

١١٩

وأُحِيطَ بفُلانٍ إذَا دنا هلاكُه ، فهو مُحَاطٌ به. قال الله جلّ وعزّ : (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ) [الكهف : ٤٢] أي أصابه ما أهلكه وأفسده.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الحَوْطُ خَيْطٌ مفتول من لونين أحمرَ وأسودَ ، يقال له البَرِيمُ تشدُّه المرأةُ في وسطها لئلا تصيبَها العينُ فيه خَرَزَاتٌ وهلالٌ من فضَّة يسمى ذلك الهلالُ الحَوْطَ ، فسمِّي الخيط به.

قال ويقال للأرْضِ المُحاطِ عَلَيهَا حائِط وحَديقةٌ ، فإذا لم يُحَطْ عليها فهي ضاحِيَةٌ.

أبو زيد : حُطت قومي وأحطت الحائط. وقال ابن الأعرابي : حُطْ حُطْ إذا أمرته بصلة الرحم ، وحُطْ حُطْ إذا أمرته بأن يحلِّي صبيَّه بالحَوْط وهو هلالٌ من فضَّةٍ.

طوح ـ طيح : قال : الطائحُ الهالك أو المشرِف على الهلاك. وكلُّ شيء ذهب وفَنِي فقد طاح يطِيح طَيْحاً وطَوْحاً لغتان. وقال طوَّحُوا بفلان إذا حملوه على رُكوبِ مفازة يخاف هلاكُه فيها.

وقال أبو النجم :

يُطَوِّح الهادي به تَطْويحا

وقال ذو الرمة :

ونَشْوانَ من كأسِ النُّعاس كأنّه

بحبْلين في مَشْطُونةٍ يتطَوَّحُ

أي يجيءُ ويذهبُ في الهواء ، يقال طوّح الرجل بثوبه إذا رمَى به في مهلَكة ، وطيّح به مثلُه.

ثعلب عن سلمة عن الفرَّاء قال طيّحتُه وطوّحْتُه ، وتضوَّع ريحُه وتضَيَّعَ ، قال والمياثِق والموَاثِق ، ويقال طاح به فرَسُه إذا مضى به يَطِيحُ طَيْحاً ، وذلك كذهاب السهم بسرعة.

يقال أين طُيِّح بك؟ أي أين ذُهِب بك؟ قال الجعديُّ يذكر فرساً :

يَطيحُ بالفارس المدجّج ذي القونَس

حتى يغيب في القَتَمِ

أراد القتَامَ وهو الغُبَارُ.

وقال أبو سعيدٍ : أصابت النّاسَ طَيْحةٌ أي أُمورٌ فرَّقت بينهم ؛ وكان ذلك في زَمَن الطَّيْحة.

وقال الليث : الطَّيْحُ الهلاك.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أطاح مالَه وطوَّحه إذا أهلكه ، وطوّح بالشيء إذا ألقاه في الهواء.

وطح : الليث : الوطْحُ ما تعلّق بالأظلاف ومخالب الطّير من العُرّة والطينِ وأشباه ذلك. والواحدة وَطْحَةٌ بجزم الطاء.

أبو عبيد عن الأموي : تَوَاطَحَ القومُ تداولوا الشَّرّ بينهم.

قال الشاعر :

يَتَواطَحُون به على دينارِ

وقال أبو وجزة :

وأكثر منهم قائلا بمقالة

تُفَرِّج بين العسكر المُتَواطح

وتواطحت الإبل على الحوْض إذا ازدحمت عليه.

١٢٠