النحو العربي - ج ٢

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ٢

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٧١

لام الجحود :

ما بعدها مجحود فى المعنى بالنسبة لما قبلها ، وخصائص تركيبها أن تكون مسبوقة بكون ماض منفى ، أى : تسبق بفعل ماض مشتقّ من الكينونة مقرون بنفى ، نحو قوله تعالى : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) [آل عمران : ١٧٩] ، حيث اللام للجحود ، حرف مبنى لا محل له من الإعراب ، (يذر) فعل مضارع منصوب بعد لام الجحود ، أو (أن) المضمرة بعدها ، وعلامة نصبه الفتحة ، وتلحظ سبق اللام بكون منفى (ما كان) ، ومعنى ما بعدها منكور أو مجحود.

وفى خبر (كان) قبل لام الجحود رأيان :

أولهما : وهو الأكثر شيوعا ، وهو قول البصريين ، أنه محذوف ، واللام مقوية لتعديته وذلك لضعفه ، وتقديره : مريدا ، فيكون الكلام : ما كان الله مريدا لأن يذر المؤمنين.

والآخر : وهو رأى الكوفيين ، أن اللام زائدة لتأكيد النفى ، وأن الفعل بعدها هو خبر (كان) ، واللام عندهم هى الناصبة للفعل بنفسها لا بإضمار (أن) ، فيكون الكلام عندهم : ما كان الله يذر المؤمنين.

__________________

محل له من الإعراب. لا : حرف زائد للتوكيد مبنى (لا) محل له من الإعراب. والتقدير : ليعلم أهل الكتاب. ومنهم من جعل (لا) غير زائدة ، وهى نافية على أصل وضعها اللفظى والمعنوى فى اللغة ، ويكون التقدير : لئلا يعلم أهل الكتاب عجز المؤمنين. (يعلم) فعل مضارع منصوب بعد أن ، وعلامة نصبه الفتحة. (أهل) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف. و (الكتاب) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. والمصدر المؤول فى محل جر باللام. (ألا يقدرون) أن : حرف توكيد ونصب مصدرى مخفف من الثقيلة مبنى لا محل له من الإعراب. يقدرون : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر أن. والمصدر المؤول سد مسد مفعولى يعلم. (على شىء) على : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. شىء : اسم مجرور بعد على ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بعدم القدرة. (من فضل الله) من : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. فضل : اسم مجرور بعد من ، وعلامة جره الكسرة. وهو مضاف ، ولفظ الجلالة (الله) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة فى محل جر ، نعت لشىء ، أو متعلقة بنعت محذوف.

٦١

من ذلك قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ)(١) [الأنفال : ٣٣].

وقد يكون الكون المنفىّ ماضيا معنويا ، كما هو فى قوله تعالى : (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) [النساء : ١٣٧]. (وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) [فاطر : ٤٤].

لام العاقبة :

تسمى لام الصيرورة ، ولام المآل ، حيث ترد فى تركيب يكون ما بعدها غير متراتب أو متناسق معنويا مع ما قبلها ، ومثلها قوله تعالى : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) [القصص : ٨] ، حيث تجد أن آل فرعون التقطوا موسى ـ عليه السّلام ـ ليكون قرة عين ينفعهم أو يتخذونه ولدا ، فإذا هو عدوّ لهم وسبب لأحزانهم ، فسميت اللام لهذا المعنى لام العاقبة ، والفعل الذى يليها (يكون) منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

ومن ذلك أن تقول : أكرمتك لتهيننى ، استمعت إليه فى تركيز ليتهمنى بالشرود ، جريت خلف الجانى لأتهم.

اللام الزائدة :

تكون بعد الفعل المتعدى ، ولو أخرجتها من الكلام لكان صحيحا ، لذلك سمّوها بالزائدة ، ومثلها قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) [النساء : ٢٦]. ويصح (أن يبين لكم) بدون اللام ؛ لذا كانت زائدة ، والفعل المضارع منصوب بعدها.

وفى هذا التركيب مذاهب للنحاة ، أهمها :

__________________

(١) (ما كان) ما : حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. كان : فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح. (الله) لفظ الجلالة اسم كان مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وخبر كان محذوف تقديره : مريدا.

(ليعذبهم) اللام : لام الجحود حرف مبنى لا محل له من الإعراب متعلق بخبر كان المحذوف. يعذب : فعل مضارع منصوب بعد اللام ، أو بأن المضمرة ، وعلامة نصبه الفتحة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، وضمير الغائبين (هم) مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (وأنت فيهم) الواو : واو الابتداء أو الحال حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. أنت : ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. فى : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير الغائبين (هم) مبنى فى محل جر بفى. وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر المبتدإ ، أو متعلقة بخبر محذوف. والجملة الاسمية فى محل نصب ، حال.

٦٢

ـ أن يكون التقدير : يريد الله هذا لأجل التبيين لكم ، وبذلك تكون اللام وما بعدها متعلقة بالفعل المذكور. ومفعوله محذوف دل عليه السياق.

ـ أن يكون التقدير : إرادة الله للتبيين ، فيقدر الفعل المذكور أو لا مصدرا مبتدأ خبره الجار والمجرور (ليبين).

ـ أن تكون اللام ناصبة للفعل الذى يليها بدون إضمار (أن) ، وهى مع ما بعدها مفعول ما سبقها.

ـ أن تكون اللام زائدة للتوكيد ، والفعل بعدها منصوب بأن مضمرة ، ويكون المصدر المؤول مفعول الإرادة. والتقدير : يريد الله أن يبين لكم. وإلى هذا الرأى يذهب جمهور النحاة.

ومن ذلك قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ)(١) [الأحزاب : ٣٣].

(يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ) [الصف : ٨]. (ليطفئوا) اللام : حرف زائد مؤكد ، لا محل له من الإعراب. يطفئوا : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام ، وعلامة نصبه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والمصدر المؤول فى محل نصب ، مفعول به للإرادة.

وقد تذكر (أن) بعد اللام الزائدة كما فى قوله تعالى : (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ)(٢) [الزمر : ١٢].

__________________

(١) (ليذهب) اللام : حرف زائد للتوكيد مبنى ، لا محل له من الإعراب. يذهب : فعل مضارع منصوب بعد أن المضمرة ، وعلامة نصبه الفتحة ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. والمصدر المؤول (أن يذهب) فى محل نصب ، مفعول به للإرادة.

(٢) (أمرت) أمر : فعل ماض مبنى على الفتح مبنى للمجهول. وتاء الفاعل ضمير مبنى ، فى محل رفع ، نائب فاعل. (لأن) اللام : حرف زائد للتوكيد مبنى ، لا محل له من الإعراب. أن : حرف مصدرى ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. (أكون) فعل مضارع ناقص ناسخ منصوب بعد أن ، وعلامة نصبه الفتحة. واسمه ضمير مستتر تقديره : أنا. (أول) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف ، و (المسلمين) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الياء ؛ لأنه جمع مذكر سالم. والمصدر المؤول (أن أكون أول) فى محل نصب على التوسع ، أو على نزع الخافض.

٦٣

ملحوظة :

يلحظ أن الأنواع الأربعة للّام يلمس فيها معنى التعليل ، والمعنى واضح فى الأولى (لام التعليل) ، وفى النوع الثانى (لام الجحود) ، فإن عدم الكونية يكون معلّلا بما بعد اللام من معنى غير مرضى عنه. وفى النوع الثالث يبدو التعليل وإن كان تعليلا غير متوقّع ، فهذا النوع يشترك فى وضوح مع الأول فى معنى التعليل ، لكن الفرق بينهما أن التعليل الأول متوافق ، فالعلة والمعلول متوافقان ، لكنهما غير متوافقين فى النوع الثالث ، ويتضح التعليل فى النوع الرابع من العلاقة بين ما بعد اللام وما قبلها.

ويجب أن أنوه إلى أن الكون المنفى يستوجب جحودا معنويا بعده ؛ لأن الكونية ثابتة ، أما التناقض بين المعنيين وعدم التناسق المعنوى فيستوجبان كون اللام للعاقبة والجزاء ، وليس التناقض مقصودا لذاته ، فالمعنى الثانى ليس متوقّعا ، وليس متناسقا مع سابقه ، كما أن الحدثية تكون لسبب يتضح فى معنى ما يسمى باللام الزائدة.

فما يفرق بين الأنواع الأربعة للام خيوط معنوية رفيعة ، يمكن أن تضاف إلى معنى التعليل ، وينوه إلى أن زمن ما بعد اللام بأنواعها الأربعة زمن مستقبلى بالنسبة لزمن الفعل السابق عليها.

حتى (١) :

ترد (حتى) التى ينصب الفعل المضارع بعدها على ثلاثة معان ، هى : الغاية ، والتعليل ، وبمعنى : إلى أن ، وكلّ معنى من الثلاثة يحدده السياق الذى هو العلاقة المعنوية بين ما قبلها وما بعدها.

__________________

(١) تأتى (حتى) فى الجملة العربية على أربعة أوجه من الوظيفة النحوية :

أ ـ أن تكون حرف جر بمعنى إلى ، فتجر الاسم بعدها ، نحو قوله تعالى : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر : ٥].

وتكون كذلك فى كل موضع ينصب فيه المضارع مقدرا (أن) المصدرية محذوفة ، نحو : (وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ) [البقرة : ١٠٢] ، والتقدير : إلى أن يقولا. ومنه : تكلم القوم حتى زيد ، حدثت الجميع حتى أخيك ، قعدت حتى طلوع الشمس ، دخلت البلاد حتى المدينة ، و (حتى) فيها غاية بمعنى إلى فيجر ما بعدها ، ولا يدخل ما بعدها فى معنى ما قبلها فلا يأخذ حكمه المعنوى ، وبالتالى لا يأخذ حكمه الإعرابى.

٦٤

وفكرة نصب (حتى) للفعل المضارع كسائر الأدوات الناصبة له ، وهى استقبالية زمن المضارع بعدها ، فإذا كان ما بعد (حتى) مستقبلىّ الزمن بالنسبة لما قبلها نصبت ما بعدها ، وهى ـ حينئذ ـ غائية أو تعليلية أو بمعنى (إلى أن) ، ذلك نحو قولك : يعيد الشاعر النظر فى شعره حتى تكون أبيات القصيدة كلّها مستوية ، وواضح فى ما بعد حتى معنى التعليل ، كما يلمس فيه معنى الغائية ، ويجوز أن يكون بمعنى (إلى أن).

فنصب الفعل المضارع بعد (حتى) يكون على أحد وجهين من المعنى :

أولهما : أن يكون ما بعد (حتى) غاية لما قبلها ، فتكون (حتى) غاية بمعنى (إلى) ، فإذا قلت : تودّدت حتى أكلم محمودا. فإنك قد جعلت تكليمك محمودا غاية لتوددك ، والمعنى : توددت إلى أن أكلم محمودا ، فتنصب (أكلم).

والآخر : أن يكون ما بعد (حتى) تعليلا لما قبلها ، فتكون (حتى) بمنزلة (كى) ، والتقدير : توددت كى أكلم ، فينصب ما بعد (حتى).

وتلحظ أن الفعل المضارع مستقبلىّ الزمن فى المعنيين.

ومثل ذلك قوله تعالى : (قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى)(١) [طه : ٩١]. ويمكن توجيه المعنى إلى الأوجه الثلاثة.

__________________

ب ـ أن تكون حرف عطف ، فيدخل ما بعدها فيما قبلها ، كأن تقول : شربت الدواء حتى آخر قطرة ، أى : وشربت آخر قطرة.

ومنه : جاءنى القوم حتى أخوك ، ناقشت الطلاب حتى محمدا ، أعجبت بالحاضرين حتى محمود ، استمعت إليهم حتى أخيك.

ج ـ أن تكون حرف ابتداء ، فلا يقع بعدها إلا الجمل ، كقول جرير :

فما زالت القتلى تمجّ دماءها

بدجلة حتى ماء دجلة أشكل

أى : وماء دجلة أشكل ، فالواو ابتدائية.

ينظر : ديوانه ٣٤٤ / شرح ابن يعيش ٨ ـ ١٨ / الأشمونى ٢ ـ ٣٠٠ / الدرر رقم ١٠٦٢ ، ٤ ـ ١١٢.

والأوجه الثلاثة تدور فى معنى الغاية ؛ لأن ما بعدها لا يكون إلا غاية لما قبلها ، إما فى القوة ، وإما فى الضعف ، وإما فى غيرهما. ينظر : الدر المصون ١ ـ ٣٢٤.

د ـ أن تدخل على الفعل المضارع فيكون معناها وحكم ما بعدها كما هو مذكور فى هذه الدراسة فى الصفحات الآتية.

(١) (لن) حرف نفى مستقبلى ونصب مبنى على السكون ، لا محل له من الإعراب. (نبرح)

٦٥

ومنه : (وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا)(١) [البقرة : ٢١٧].

وقولك : لأسيرنّ حتى تطلع الشمس ، اذهب حتى تكلم سميرا ، أطع الله حتى يرحمك ، كلّمته حتى يعطينى.

فإذا لم يكن ما بعدها مستقبلىّ الزمن بالنسبة لما قبلها ، وكان زمنه للحال ، فإن المضارع بعدها يرفع ، ومنه قولهم : شربت الإبل حتى يجىء البعير يجرّ بطنه : أى : ويجىء البعير يجر بطنه الآن. وقولهم : مرض زيد حتى لا يرجونه (٢) ، أى : وهم لا يرجونه ، وتلمس فى (حتى) فى المثالين معنى الحالية أو الاستئناف ، وليس فيها معنى الغائية ، أو التعليل ، أو إلى أن.

__________________

فعل مضارع ناقص ناسخ منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. واسمه ضمير مستتر تقديره : نحن. (عليه) على : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير الغائب مبنى فى محل جر بعلى. وشبه الجملة متعلقة باسم الفاعل عاكف. (عاكفين) خبر نبرح منصوب ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه جمع مذكر سالم.

(حتى) حرف غاية وجر مبنى ، لا محل له من الإعراب. (يرجع) فعل مضارع منصوب بأن المقدرة بعد حتى ، وعلامة نصبه الفتحة. (إلينا) إلى : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلمين (نا) مبنى فى محل جر بإلى. وشبه الجملة متعلقة بالرجوع. (موسى) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. والمصدر المؤول (أن يرجع) فى محل جر بحتى. وشبه الجملة متعلقة بالعكوف.

(١) (لا يزالون) لا : حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. يزالون : فعل مضارع ناقص ناسخ مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، اسم لا يزال. (يقاتلونكم) يقاتلون : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. وضمير المخاطبين (كم) مبنى فى محل نصب ، مفعول به. والجملة الفعلية فى محل نصب ، خبر لا يزال.

(حتى) حرف غاية وجر مبنى لا محل له من الإعراب. (يردوكم) فعل مضارع منصوب بأن المقدرة بعد حتى ، وعلامة نصبه حذف النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. وضمير المخاطبين (كم) مبنى فى محل نصب ، مفعول به. والمصدر المؤول فى محل جر بحتى. وشبه الجملة متعلقة بالقتال. (عن دينكم) عن : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. دين : اسم مجرور بعن ، وعلامة جره الكسرة. وهو مضاف وضمير المخاطبين مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. وشبه الجملة متعلقة بالرد. (إن استطاعوا) إن : حرف شرط جازم مبنى على السكون ، لا محل له من الإعراب. وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين. استطاعوا : فعل الشرط ماض مبنى على الضم. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. وجملة جواب الشرط محذوفة دل عليها ما سبق.

(٢) ينظر : الكتاب ٣ ـ ١٨ / المقتضب ٢ ـ ١٤.

٦٦

فرفع الفعل المضارع بعد (حتى) يكون على أحد وجهين :

أولهما : أن تكون (حتى) عاطفة ، حيث تريد اتصال ما بعدها بما قبلها فى حديث ليس مستقبلىّ الزمن ، وإنما هو حديث محكىّ ، فإذا قلت : توددت حتى أكلم محمودا ، فالمعنى يكون : توددت فكلمت محمودا ، أى : كان منى تودد فتكليم متصل. فترفع المضارع لذلك ، فما بعد (حتى) يعدّ ابتداء واستئنافا ؛ لأن العطف بمثابة استقلال ما بعده فى جملة تامة.

والآخر : أن تكون (حتى) حالية ، أى : تفيد الزمن الحالىّ ، أى : وقع حدث لإحداث حدث واقع الآن ، فإذا قلت : توددت حتى أكلم محمودا بالرفع ، و (حتى) حالية ، يكون التقدير : توددت وأنا الآن فى حال تكليم لمحمود. فترفع الفعل المضارع.

والفارق المعنوى بين قولنا : سرت حتى أدخل القاعة ، (بنصب المضارع) ؛ وقولنا : سرت حتى أدخل القاعة ، (برفع المضارع) ؛ هو تقدير زمن الدخول بالنسبة إلى السير ، فإذا قلت ذلك قبل دخولك القاعة فأنت تجعل الدخول تعليلا أو غاية للسير ، حسب إرادة المتحدث ، ويكون مستقبل الزمن فتنصب المضارع ، وإذا قلت ذلك أثناء دخولك القاعة فإنك لم تجعله غاية ولا تعليلا ، ولا يكون المضارع مستقبل الزمن ، وإنما هو فى الحال ، أى : حال الحديث ، فلذلك ترفع.

وقد يكون رفع المضارع بعد (حتى) على أنك جعلتها حرف عطف مفيدا لاتصال الحدث والحديث ، فإذا قلت : (سرت حتى أدخل القاعة) فإنه يجوز أن يكون المعنى : سرت فأدخل القاعة ، أى : كان منى سير فدخول متصل.

وفى قوله تعالى : (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ) [البقرة : ٢١٤] قرئ الفعل المضارع (يقول) بالنصب والرفع : أما النصب فعلى زمن الاستقبال ، وتكون (حتى) بمعنى (إلى أن) ، فهى غائية.

وينصب كذلك على أن (حتى) بمعنى (كى) فهى للعلة ، وهذا ضعيف.

وأما الرفع فعلى حكاية الحال ، فكأن المعنى : زلزلوا فقالوا ، و (حتى) ـ حينئذ ـ تكون عاطفة مفيدة اتصال الحديث والحدث.

٦٧

وأنت ترى مما سبق أن المعنى المراد مع زمن الفعل المضارع المذكور بعد (حتى) بالنسبة لزمن الفعل الذى يسبقه أو زمن الحديث هو الفيصل بين نصب الفعل المضارع بعد (حتى) ورفعه.

ونوجز تراكيب (حتى) مع الفعل المضارع معنويا ولفظيا فيما يلى :

أ ـ (حتى) غائية أو بمعنى إلى أن ، أو تعليلية ، يليها بالضرورة فعل مضارع مستقبلى الزمن منصوب.

معنى التركيب : يفيد إحداث ما قبل (حتى) لإحداث ما بعدها ، فيكون ما بعدها غاية أو تعليلا لما قبلها.

ب ـ (حتى) حالية يليها بالضرورة فعل مضارع حالى الزمن مرفوع.

معنى التركيب : يفيد الإخبار بما بعد (حتى) فى الزمن الحالى من الحديث.

يصح أن توضع (الواو) موضع (حتى) ، ويوضع بعد المضارع (الآن).

ج ـ (حتى) عاطفة+ فعل مضارع يكون مرفوعا.

معنى التركيب : يفيد اتصال الأحداث والحديث. فما بعد حتى يعد استئنافا وابتداء ، ويكون فى الحديث المحكى. يصح أن توضع (الفاء) موضع (حتى).

ولتلحظ ما يأتى :

حتى+ فعل مضارع زمنه المستقبل ـ نصب المضارع.

حتى+ مضارع زمنه الحال ـ يرفع المضارع.

معنى (حتى) فى التركيب الأول : الغاية أو إلى أن أو التعليل.

ومعناها فى التركيب الثانى : الحالية بمعنى الواو والآن ، أو العطف بمعنى الفاء.

من أمثلة (حتى) قبل المضارع : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ)(١) [البقرة : ١٨٧].

__________________

(١) (كلوا) فعل أمر مبنى على حذف النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (الخيط) فاعل يتبين مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

٦٨

(حتى) تفيد الغاية أو بمعنى (إلى أن).

(فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ)(١) [المعارج : ٤٢].

(وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ)(٢) [البقرة : ١٠٢].

(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)(٣) [الأنفال : ٥٣].

(فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي) [يوسف : ٨٠].

__________________

(١) (ذرهم) ذر : فعل أمر مبنى على السكون. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. وضمير الغائبين (هم) مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (يخوضوا) فعل مضارع مجزوم فى جواب الأمر ، أو جواب شرط محذوف ، وعلامة جزمه حذف النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (ويلعبوا) الواو : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. يلعبوا : فعل مضارع مجزوم بالعطف على يخوضوا ، وعلامة جزمه حذف النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (حتى) حرف غاية وجر مبنى ، لا محل له من الإعراب. (يلاقوا) فعل مضارع منصوب بأن المضمرة ، وعلامة نصبه حذف النون.

وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والمصدر المؤول فى محل جر بحتى. وشبه الجملة متعلقة بالخوض واللعب. (يومهم) يوم : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف ، وضمير الغائبين مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (الذى) اسم موصول مبنى فى محل نصب ، نعت ليوم ، أو بدل ، أو عطف بيان. (يوعدون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، نائب فاعل. فى الجملة ضمير محذوف هو العائد ، والتقدير : يوعدونه ، أو يوعدون به. والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

(٢) (ما) حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (يعلمان) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون.

وألف الاثنين ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (من) حرف جر زائد لتأكيد الاستغراق مبنى لا محل له من الإعراب. (أحد) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. (حتى) حرف غاية وجر مبنى ، لا محل له من الإعراب. (يقولا) فعل مضارع منصوب بأن المضمرة ، وعلامة نصبه حذف النون. وألف الاثنين ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل.

والمصدر المؤول فى محل جر بحتى. وشبه الجملة متعلقة بالتعليم. (إنما) إن : حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. ما : حرف كاف لإن عن العمل مبنى لا محل له من الإعراب. (نحن) ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (فتنة) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الاسمية فى محل نصب ، مقول القول.

(٣) (يك) فعل مضارع مجزوم بعد لم ، وعلامة جزمه السكون على النون المحذوفة ، واسمه ضمير مستتر تقديره : هو. (مغيرا) خبر يك منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (أنعمها) جملة فعلية فى محل نصب ، نعت لنعمة. (ما) اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به ليغير.

٦٩

(وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ)(١) [البقرة : ٢٢١).

(وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ)(٢) [الطلاق : ٦].

فاء السببية :

ينصب الفعل المضارع المذكور بعد فاء تسمى بفاء السببية فى وجود شرطين ، وهما (٣) :

أ ـ أن تكون فى معنى التعليل.

ب ـ أن تكون مسبوقة بنفى صريح ، أو طلب بالفعل.

وعندئذ يلحظ أن زمن ما بعدها مستقبل بالنسبة لزمن ما قبلها.

ويكون مدلول ما بعدها مسبّبا عمّا قبلها ، فيكون بمثابة الجواب عنه. فالعلاقة بين ما قبلها وما بعدها سببية جوابية وجزائية.

__________________

(١) (لا) حرف نهى مبنى ، لا محل له من الإعراب. (تنكحوا) فعل مضارع مجزوم بعد لا الناهية ، وعلامة جزمه حذف النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (المشركات) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الكسرة ؛ لأنه مختوم بالألف والتاء المزيدتين. (حتى) حرف غاية وجر مبنى ، لا محل له من الإعراب. (يؤمن) فعل مضارع مبنى على السكون فى محل نصب بأن المضمرة. ونون النسوة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والمصدر المؤول فى محل جر بحتى. وشبه الجملة متعلقة بالنكاح.

(٢) (إن) حرف شرط جازم مبنى على السكون. (كن) كان : فعل الشرط ماض مبنى على السكون. ونون النسوة ضمير مبنى فى محل رفع ، اسم كان. (أولات) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الكسرة ؛ لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. وهو مضاف ، و (حمل) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(فأنفقوا) الفاء : حرف واقع فى جواب الشرط رابط ، مبنى لا محل له من الإعراب. أنفقوا : فعل أمر مبنى على حذف النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية فى محل جزم ، جواب الشرط. (عليهن) على : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير الغائبات مبنى فى محل جر بعلى. وشبه الجملة متعلقة بالإنفاق. (حتى) حرف غاية وجر مبنى ، لا محل له من الإعراب. (يضعن) يضع : فعل مضارع مبنى على السكون فى محل نصب بأن المضمرة. ونون النسوة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والمصدر المؤول فى محل جر بحتى. وشبه الجملة متعلقة بالإنفاق.

(حملهن) حمل : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف ، وضمير الغائبات (هن) مبنى فى محل جر مضاف إليه.

(٣) ينظر : الكتاب ٣ ـ ٣٣ / المقتضب ٢ ـ ١٤.

٧٠

ومثالها مسبوقة بالنفى قوله تعالى : (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا) [فاطر : ٣٦].

حيث الفاء سببية ، إذ المعنى : لا يكون قضاء عليهم فلا يكون موت لهم ، انتفى السبب فانتفى المسبّب عنه. ويكون المضارع (يموتوا) منصوبا ، وعلامة نصبه حذف النون بعد فاء السببية التى أضمر بعدها (أن) المصدرية عند جمهور النحاة.

وتلحظ أن زمن المسبب يكون مستقبلا بالنسبة لسببه ؛ لأن السبب يحدث أو لا فينتج عنه المسبب.

ومنه قولك : ما تحترم غيرك فيقدروك ، لا يفتح الشباك فيتجدد الهواء.

وقولهم (١) : ما يأتينى زيد فأعطيه ، يحتمل وجهين من المعنى :

أولهما : أن يكون الإتيان سبب العطاء ، والآخر : أن يكون العطاء حالا للإتيان ، أما المعنى الأول فإنه من القاعدة الحالية حيث لا يكون إتيان فلا يكون عطاء ، فانتفاء السبب يحدث عنه انتفاء المسبب عنه ، فتكون الفاء سببية ، وينصب المضارع بعدها ؛ لأن المسببية تستوجب للمسبب عنها استقبالا فى الزمن ، وأما المعنى الثانى فإن المضارع يرفع معه ؛ لأن الحالية تستوجب اقترانية الزمن وحاليته ، وبالتالى لا ينصب معها ، وإنما يرفع.

مثال فاء السببية بعد الطلب بأنواعه المختلفة ما يأتى :

ـ بعد الأمر : قول أبى النجم العجلى :

يا ناق سيرى عنقا فسيحا

إلى سليمان فنستريحا (٢)

__________________

(١) ينظر : الرد على النحاة : ٣٥.

(٢) ينظر : الكتاب ٣ ـ ٣٥ / المقتضب ٢ ـ ١٤ / شرح ابن يعيش ٧ ـ ٢٦ / شرح الشذور ٣١٨ / ضياء السالك ٣ ـ ١٧٦.

عنقا : ضرب من السير. (يا ناق) يا : حرف نداء مبنى لا محل له من الإعراب. ناق : منادى مبنى على الضم فى محل نصب. (سيرى) فعل أمر مبنى على حذف النون ، وياء المخاطبة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل.

والجملة الفعلية جواب النداء لا محل لها من الإعراب. (عنقا) نائب عن المفعول المطلق منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (فسيحا) نعت لعنق منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (إلى سليمان) إلى : حرف جر مبنى ،

٧١

(نستريح) فعل مضارع منصوب بعد فاء السببية بأن المضمرة ، وعلامة نصبه الفتحة.

ويشترط فى الأمر أن يكون فى صيغة الطلب بلفظ فعل الأمر ، فلا يكون بلفظ اسم الفعل ، وأجاز الكسائىّ النصب مطلقا بعد ما يدلّ على الأمر ، وأجاز غيره النصب بعد اسم الفعل إذا كان من لفظ الفعل كالقول : دراكنا فتشاركنا ، سراع فتلحق بالقطار.

ـ بعد التمنى : قوله تعالى : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً) [النساء : ٧٣] ، وفيه الفاء حرف تعليلى مبنى ، لا محلّ له من الإعراب. (أفوز) فعل مضارع منصوب بعد (أن) المقدرة بعد فاء السببية ، وعلامة نصبه الفتحة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنا.

ومن التمنى قول أمية بن أبى الصلت :

ألا رسول لنا منها فيخبرنا

ما بعد غايتنا من رأس مجرانا (١)

__________________

لا محل له من الإعراب. سليمان : اسم مجرور بعد إلى ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف. وشبه الجملة متعلقة بالسير. (فنستريحا) الفاء : حرف سببى مبنى لا محل له من الإعراب. نستريح : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة ، وعلامة نصبه الفتحة. والألف للإطلاق حرف مبنى.

(١) الكتاب ٣ ـ ٣٣ / شرح الشذور ٣٢٣.

منها : أى : من القبور ، الغاية : مسافة تسابق الخيل ، رأس مجرانا : مبتدأ إجرائنا الخيول. والمعنى : إذا مات الإنسان لم يعرف مدة إقامته فى القبر حتى يبعث ، ويتمنى أن يأتيه رسول من القبور يخبره بذلك.

(ألا) الهمزة : حرف استفهام مبنى ، لا محل له من الإعراب. لا : نافية للجنس حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (رسول) اسم لا النافية للجنس مبنى على الفتح فى محل نصب. (لنا) اللام : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلمين (نا) مبنى فى محل جر باللام. وشبه الجملة فى محل نصب ، نعت لرسول ، أو متعلقة بنعت محذوف. (منها) من : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب.

وضمير الغائبة مبنى فى مجل جر بمن. وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر لا النافية للجنس ، أو متعلقة بخبر محذوف. (فيخبرنا) الفاء : سببية حرف مبنى لا محل له من الإعراب. يخبر : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. وضمير المتكلمين مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (ما) اسم استفهام مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (بعد) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

والجملة الاسمية فى محل نصب ، مفعول به ثان ليخبر. (غايتنا) غاية : مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره

٧٢

حيث (ألا) همزة استفهام ، و (لا) النافية للجنس ، ومعنى هذا التركيب يخرج إلى التمنى ؛ لذا فقد جاز مجىء فاء السببية بعده ، ونصب المضارع (يخبر) بعدها.

ـ ومثالها بعد النهى قوله تعالى : (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي) [طه : ٨١] ، (يحل) فعل مضارع منصوب بعد فاء السببية ، وعلامة نصبه الفتحة.

وإذا انتقض النفى بـ (إلا) قبل الفاء فإن المضارع لا ينصب ، كأن تقول : لا تكافئ إلا المجدّ فيستثار الآخرون. برفع الفعل المضارع (يستثار) ؛ لأن النهى انتقض بإلا قبل الفاء.

ـ وبعد الدعاء : قولك : اللهم وفقنى إلى الخير فأعمله ، حيث (أعمل) فعل مضارع منصوب بعد فاء السببية بـ (أن) المضمرة ، وعلامة نصبه الفتحة.

ومنه قول الشاعر :

ربّ وفّقنى فلا أعدل عن

سنن الساعين فى خير سنن (١)

وفيه (أعدل) فعل مضارع منصوب بعد فاء السببية بـ (أن) المضمرة ، وهى مسبوقة بالدعاء (رب وفقنى).

__________________

الكسرة ، وهو مضاف وضمير المتكلمين مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (من رأس) من : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. رأس : اسم مجرور بمن ، وعلامة جره الكسرة ، وشبه الجملة متعلقة ببعد. (مجرانا) مجرى : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة منع من ظهورها التعذر. وهو مضاف وضمير المتكلمين مبنى فى محل جر مضاف إليه.

(١) شرح ابن عقيل رقم ٣٢٥ / شرح الشذور ٣٠ / شرح قطر الندى ١٠٠.

(رب) منادى منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة المناسبة لضمير المتكلم المحذوف المضاف إليه المنادى ، وحرف النداء محذوف. (وفقنى) وفق : فعل أمر مبنى على السكون. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. والنون للوقاية حرف مبنى. وياء المتكلم ضمير مبنى فى محل نصب. والجملة جواب النداء لا محل لها من الإعراب. (فلا) الفاء : سببية حرف مبنى لا محل له من الإعراب. لا : حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (أعدل) فعل مضارع منصوب بأن مضمرة ، وعلامة نصبه الفتحة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (عن سنن) عن : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. سنن : اسم مجرور بعد عن ، وعلامة جره الياء ؛ لأنه جمع مذكر سالم. (فى خير) فى : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. (خير) اسم مجرور بفى ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بالساعين. (سنن) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

٧٣

ويشترط فى الدعاء أن يكون بلفظ الفعل ، فإذا قيل : (سقيا لك فيرويك الله) ؛ لم يجز نصب الفعل (يروى) المذكور بعد فاء السببية إلا عند الكسائى.

ـ بعد الاستفهام : قوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ)(١) [البقرة : ٢٤٥] ، حيث (يضاعف) فعل مضارع منصوب بعد فاء السببية بـ (أن) المضمرة وجوبا ، وعلامة نصبه الفتحة ، وتلحظ وجوده بعد استفهام.

ومنه قوله تعالى : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا)(٢) [الأعراف : ٥٣].

ـ ومثل فاء السببية بعد العرض قولهم : ألا تقع الماء فتسبح ، بنصب (تسبح) بأن المضمرة بعد فاء السببية المذكورة بعد عرض ، ومنه قول الشاعر :

يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما

قد حدّثوك فما راء كمن سمعا (٣)

__________________

(١) (من) اسم استفهام مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ ، أو خبر مقدم. (ذا) اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، خبر المبتدإ ، أو مبتدأ مؤخر. (الذى) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، نعت لاسم الإشارة ، أو بدل ، أو عطف بيان. (يقرض) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (قرضا) مفعول مطلق مبين للنوع منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(حسنا) نعت لقرض منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (فيضاعفه) الفاء : سببية حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. يضاعف : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة ، وعلامة نصبه الفتحة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. وضمير الغائبة (الهاء) مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (له) اللام : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب ، وضمير الغائب (الهاء) مبنى فى محل جر باللام. وشبه الجملة متعلقة بالمضاعفة.

(٢) (شفعاء) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالفتحة النائبة عن الكسرة حركة حرف الجر الزائد (من).

(٣) شرح ابن عقيل ٢٣٦ / شرح الشذور رقم ١٥٢ ، ص ٣٠٨ / شرح التصريح ٢ ـ ٢٣٩.

(يا ابن الكرام) يا : حرف نداء مبنى ، لا محل له من الإعراب. ابن : منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف. والكرام : مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (ألا) حرف عرض مبنى ، لا محل له من الإعراب. (تدنو) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها الثقل ، وفاعله مستتر تقديره : أنت. (فتبصر) الفاء : سببية حرف مبنى لا محل له من الإعراب تبصر : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة ، وعلامة نصبه الفتحة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (ما) اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (قد حدثوك) قد : حرف تحقيق مبنى ، لا محل له من الإعراب. حدث : فعل ماض مبنى على الضم. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. وضمير المخاطب الكاف مبنى فى محل نصب ، مفعول به. وفى الجملة ضمير محذوف عائد على الموصول تقديره : حدثوكه فيكون مفعولا ثانيا. أو حدثوك به فيكون متعلقا مع الجار بالفعل. والجملة صلة

٧٤

بنصب الفعل المضارع (تبصر) المذكور بعد فاء السببية.

ـ بعد الترجى : ألحق الرجاء بالتمنى ، ومنه قوله تعالى : (لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى) [عبس : ٣ ، ٤] ، حيث قراءة عاصم بنصب المضارع (تنفع) لأنه جواب للرجاء ، فيكون منصوبا بـ (أن) المضمرة بعد فاء السببية.

وقوله تعالى : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) [غافر : ٣٦ ، ٣٧].

بعد التحضيض : (١) قولك : هلّا تبت إلى الله فيغفر لك ، بنصب المضارع (يغفر) المذكور بعد فاء السببية المسبوقة بالتحضيض (هلّا).

وقوله تعالى : (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ) [المنافقون : ١٠].

ملحوظات (تنبيهات معنوية ونحوية) :

١ ـ نصب المضارع بعد الفاء باحتسابها سببية تبعا للمعنى ، والفعل يكون مستقبلىّ الزمن بالنسبة لما قبله ، أو بالنسبة لزمن الحديث.

٢ ـ يجوز عدّ الفعل المضارع المذكور بعد الفاء معطوفا على ما سبقه ، فيرفع أو يجزم تبعا للفعل السابق له إذا وجد.

كما يجوز عدّ المضارع بعد فاء السببية مرفوعا مطلقا على سبيل القطع والاستئناف ، ذلك على النحو الآتى (٢) :

أولا : إن تقدم الفاء جملة فعلية منفية ؛ وكان فعلها مرفوعا ، فإن الفعل الذى

__________________

(١) الفرق المعنوى بين العرض والتحضيض : أن العرض طلب فى رفق ولين ، أما التحضيض فطلب فى حث وإلحاح وإزعاج.

(٢) ينظر : المقرب ١ ـ ٢٦٣ / وارجع إلى : شرح ألفية ابن معطى ١ ـ ٢٤٧.

٧٥

يلى الفاء يجوز فيه الرفع والنصب. مثال ذلك : ما تأتينا فتحدثنا. (تحدث : بالرفع والنصب).

الرفع على وجهين :

أ ـ أن يكون ما بعد الفاء من فعل معطوفا على الفعل الذى يسبقها ، فيكون معناه النفى مثله ، ويكون التقدير : ما تأتينا فما تحدثنا. (برفع تحدث).

ب ـ أن يكون ما بعد الفاء مقطوعا عما قبله فكأنه ابتداء ، ويكون التقدير : فأنت تحدثنا.

أما النصب فإنه يكون على إضمار (أن) ، ويكون فيه معنيان :

أ ـ أن يكون قد قصد نفى الأول فانتفى لأجله الثانى ، فكأن المعنى : ما تأتينا فكيف تحدثنا؟ فكلاهما مقترن بالآخر نفيا وإيجابا.

ب ـ أن يكون قصد إيجاب الأول ونفى الثانى ، فكأنه قال : ما تأتينا محدثا ، بل غير محدث ، أى : أنك تأتينا غير محدّث لنا.

ثانيا : إن تقدم الفاء جملة فعلية منفية فعلها منصوب ، فإنه يجوز فيما بعد الفاء الرفع والنصب ، مثال ذلك : لن تأتينا فتحدثنا. (تحدث بالرفع والنصب).

والرفع على القطع ، والتقدير : فأنت تحدثنا.

أما النصب فعلى ثلاثة أوجه :

أ ـ العطف ، فيكون الفعلان مشتركين فى معنى النّفى ، فيكون التقدير : لن تأتينا فلن تحدثنا.

ب ـ النصب بإضمار (أن) مع قصد نفى الأول فانتفى لأجله الثانى ، ويكون التقدير : لن تأتينا فكيف تحدثنا؟

ج ـ النصب بإضمار (أن) مع قصد إيجاب الأول ونفى الثانى ، فيكون التقدير : لن تأتينا محدثا بل غير محدث ، أى : بل أتيت غير محدث.

٧٦

ثالثا : إن تقدم فاء السببية جملة فعلية منفية ، وفعلها مجزوم ، جاز فى الفعل الذى يلى الفاء الرفع والنصب والجزم. مثال ذلك : لم تأتنا فتحدثنا.

الرفع على القطع ، والتقدير : فأنت تحدثنا.

والجزم على العطف ، والتقدير : فلم تحدثنا.

والنصب على إضمار (أن) فيكون فيه الوجهان السابقان ، ويكون التقدير : لم تأتنا فكيف تحدثنا؟ والتقدير الآخر : لم تأتنا محدثا بل غير محدث.

رابعا : إن تقدم الفاء جملة اسمية فإنه يجوز فيما بعد الفاء أن ينصب على الوجهين السابقين ، وأن يرفع على القطع ، مثال ذلك : سمير غير محترم فأحادثه.

التقدير فى حالى النصب : سمير غير محترم فكيف أحادثه؟

والتقدير الآخر : سمير غير محترم محادثا ، بل غير محادث ، أى : بل هو محترم غير محادث.

أما التقدير فى حال العطف : فأنا أحادثه.

خامسا : إن تقدم الفاء جملة استفهامية فعلية جاز فى الفعل الذى يليها الرفع والنصب. مثال ذلك : هل تأتينا فتحدثنا؟

أما الرفع فإنه على سبيل العطف ، فيكون الثانى مسئولا عنه كالأول ، فيكون التقدير : هل تأتينا؟ فهل تحدثنا؟

ويوجه الرفع كذلك على سبيل القطع ، ويكون التقدير : هل تأتينا فأنت تحدثنا.

أما النصب فعلى سبيل السبب ، الأول سبب للثانى ، ويكون التقدير : هل تأتينا فيكون بسببه حديث.

سادسا : إن تقدم الفاء جملة استفهامية اسمية جاز فى الفعل الذى يليها الرفع والنصب ، مثال ذلك : أمحمد ضيفك؟ فنكرمه.

أما الرفع فعلى القطع ، والتقدير : فنحن نكرمه ، وأمّا النصب فعلى السببية.

٧٧

سابعا : إن تقدم الفاء جملة تمنّ أو ترجّ فيها فعل جاز فيما بعد الفاء الرفع والنصب ، نحو : ليتنى أجد مالا فأنفقه.

ويكون الرفع على سبيل العطف ، والتقدير : فأنفقه ، أو على سبيل الاستئناف ، ويكون التقدير : فأنا أنفقه. أما النصب فيكون على معنى السببية. فالتمنى سبب للإنفاق.

ففى قوله تعالى : (وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) [غافر : ٣٦ ، ٣٧]. الفعل المضارع (أطلع) فيه قراءتان :

أولاهما : النصب ، وفيه أوجه :

أ ـ بعد فاء السببية المذكورة بعد الأمر (ابن لى).

ب ـ بعد فاء السببية المذكورة بعد الرجاء (لعلى أبلغ).

ج ـ على التوهم بالعطف على خبر (لعل) ، حيث يتوهم نصب المضارع بـ (أن) المضمرة ؛ لأنه يكثر مجىء خبر (لعل) إذا كان مضارعا مقرونا بـ (أن).

والأخرى : الرفع بالعطف على (أبلغ) ، فيكون داخلا فى معنى الترجى.

ثامنا : إن تقدم فاء السببية جملة تمنّ ليس فيها فعل جاز فيما بعد الفاء الرفع على القطع ، والنصب على السببية ، نحو : ليت لى مالا فأنفقه. برفع (أنفق) على القطع ، ويكون التقدير : فأنا أنفقه ، وبالنصب على تقدير : فيكون المال سببا للإنفاق.

تاسعا : إن تقدم الفاء جملة نهى ، أو جملة أمر بلام الأمر ، جاز فيما بعد الفاء من فعل الرفع والنصب والجزم ، مثال ذلك : لاتهن غيرك فيهينك ، لتحترم غيرك فيحترمك. برفع (يهين ويحترم) على الاستئناف ، والتقدير : فهو يهينك ، وهو يحترمك. وبنصبهما على السببية. وجزمهما بالعطف على المجزوم قبلهما.

عاشرا : إن تقدم الفاء جملة أمر بغير لام الأمر جاز فى الفعل المذكور بعدها الرفع على القطع ، والنصب على السببية ، فتقول : انتبه فتفهم الدرس ، برفع

٧٨

(تفهم) على تقدير : فأنت تفهم ، وبنصبه على السببية بتقدير : فيكون الانتباه سببا للفهم.

حادى عشر : إن تقدم الفاء دعاء فى صيغة الأمر فحكم ما بعدها حكمه إذا تقدمها أمر كما فى الفقرة السابقة.

ثانى عشر : إن تقدمها جملة عرض أو تحضيض أو دعاء على غير صيغة الأمر جاز فى الفعل بعدها الرفع على العطف أو القطع ، والنصب على السببية ، مثال ذلك : ألا تأتينا فتحدثنا؟ غفر الله لك فيدخلك الجنة. برفع (تحدث ويدخل) على العطف والقطع ، وبنصبهما على أنها فاء السببية.

واو المعية :

إذا جاء الفعل المضارع بعد الواو التى تفيد معنى المصاحبة أو المعية فإنه ينصب إذا سبقت الواو بنفى أو طلب (١) مثل فاء السببية.

وقد ورد نصب الفعل المضارع بعد واو المعية المسبوقة بما يأتى :

ـ النفى : فى قوله تعالى : (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) [آل عمران : ١٤٢] ، فى قراءة العامة بفتح (يعلم) بعد الواو على أن الواو للمصاحبة والمعية ، والمضارع بعدها منصوب بأن المضمرة (٢).

ـ الأمر : فى قول الشاعر :

فقلت ادعى وأدعو إنّ أندى

لصوت أن ينادى داعيان (٣)

__________________

(١) ينظر : الكتاب ١ ـ ٢٩٨ / التسهيل ٢٢٢ / الجنى الدانى ١٥٥.

(٢) فى فتح الفعل المضارع (يعلم) الثانى توجيه آخر ، وهو العطف على المجزوم قبله (يعلم) الأول ، فلما التقى ساكنان تحرك آخره وكانت الفتحة أخف ، لكن توجيه النصب أشهر.

وفيه قراءتان أخريان ، أولاهما : بالكسر ، وذلك بالعطف على ما قبله بالجزم بالسكون ، فالتقى ساكنان فتحرك آخره بالكسر. والأخرى : بالرفع على الاستئناف.

ينظر : الكشاف ١ ـ ١٦٨ / إملاء ما منّ به الرحمن ١ ـ ١٥٠ / البيان ١ ـ ٢٢٢ / الدر المصون ٢ ـ ٢١٩.

(٣) ينسب إلى الأعشى ، ينظر : الكتاب ٣ ـ ٤٥ / المفصل ١٣١ / شرح ابن يعيش ٧ ـ ٣٥ / شرح ابن عقيل ٢ ـ ٢٧٥ / شرح الشذور ٢٣٨ ، ٣١٢ / شرح التحفة الوردية ٣٧٧.

٧٩

حيث نصب الفعل المضارع (أدعو) بعد واو المعية بـ (أن) المضمرة ، وقد سبق هذا التركيب بأمر (ادعى) ، والتقدير : ليكن منا أن تدعى وأدعو ...

ـ النهى : فى قول الشاعر :

لا تنه عن خلق وتأتى مثله

عار عليك إذا فعلت عظيم (١)

(تأتى) مضارع منصوب بعد واو المعية بـ (أن) المضمرة ، وقد سبقت الواو بنهى : (لا تنه)

__________________

(فقلت) الفاء : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. قلت : فعل ماض مبنى على السكون. وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. و (ادعى) فعل أمر مبنى على حذف النون. وياء المخاطبة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية فى محل نصب ، مقول القول. (وأدعو) الواو : للمصاحبة حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. أدعو : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة ، وعلامة نصبه الفتحة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنا. (إن) حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. (أندى) اسم إن منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. (لصوت) اللام : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. صوت : اسم مجرور بعد اللام ، وعلامة جره الكسرة.

وشبه الجملة متعلقة بأندى. (أن ينادى داعيان) أن : حرف مصدرى ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. ينادى : فعل مضارع منصوب بأن ، وعلامة نصبه الفتحة. داعيان : فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى. والمصدر المؤول فى محل رفع ، خبر إن.

(١) ينسب إلى الأخطل أو أبى الأسود الدؤلى كما نسب إلى آخرين.

ينظر : الكتاب ٣ ـ ٤٢ / المقتضب ٢ ـ ٢٦ / الإيضاح العضدى ٣١٤ / شرح ابن يعيش ٧ ـ ٢٤ / الهادى فى الإعراب ١٤٢ / شرح الشذور ٢٥٠ / العينى ٤ ـ ٣٩٣.

(لا تنه) لا : حرف نهى مبنى ، لا محل له من الإعراب. تنه : فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (عن خلق) عن : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب ، خلق : اسم مجرور بعد عن ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بعدم النهى. (وتأتى) الواو : للمصاحبة حرف مبنى لا محل له من الإعراب. تأتى : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الواو ، وعلامة نصبه الفتحة. والفاعل ضمير مستتر تقديره : أنت. (مثله) مثل : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (عار) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (عليك) على : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المخاطب مبنى فى محل جر بعلى. وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر المبتدإ ، أو متعلقة بخبر محذوف ، ويجوز أن تجعل عارا خبرا لمبتدإ محذوف. وتكون شبه الجملة عليك متعلقة بعظيم. (إذا) اسم شرط غير جازم مبنى فى محل نصب على الظرفية. (فعلت) فعل : فعل الشرط ماض مبنى على السكون. وتاء المخاطب ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة فى محل جر بالإضافة. وجملة جواب الشرط محذوفة دل عليها الكلام. (عظيم) نعت لعار مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

٨٠