إبراهيم إبراهيم بركات
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٧١
والضمير الشاغل أو ما تضمنه ، ولكلّ من هذه الأطراف الثلاثة شروط ، ندرسها فيما يلى (١) :
أولها : المشغول عنه :
وهو الاسم المتقدم على الفعل الذى شغل بضمير هذا الاسم ، ويشترط فيه :
١ ـ ألا يتعدد فى اللفظ والمعنى ، بل يكون اسما واحدا كما سبق ذكره ، فلا يقال : محمدا كتابا أعطيته ، حيث تعدد الاسم السابق (محمد ، وكتاب) فى اللفظ والمعنى. فـ (محمد) وإن كان مفعولا به للإعطاء ، فهو فاعل فى المعنى ؛ لأنه آخذ ، أما (كتاب) فهو مفعول به ؛ لأنه مأخوذ.
ويجوز أن يتعدد فى اللفظ دون المعنى ، نحو : صديقى وأخى أكرمتهما.
٢ ـ أن يتقدم على الفعل العامل ، فإن تأخر عنه فهو بدل من الضمير إن نصبت ، ومبتدأ مؤخر إن رفعت. فإذا قلت : أكرمته محمدا ، فإن (محمدا) المنصوب يكون بدلا من ضمير الغائب المنصوب المفعول به. ويجوز أن ترفع محمدا على أنه مبتدأ مؤخر ، خبره المقدم الجملة الفعلية (أكرمته).
٣ ـ أن يقبل الإضمار ، حيث يشغل العامل بضمير المشغول عنه ، إذ لا يصح الاشتغال عن غير المفعول به ، أو ما فى حكمه ، فلا يصحّ الاشتغال عن الحال والتمييز والمصدر المؤكد والمجرور بما لا يجرّ المضمر من نحو : حتى.
٤ ـ أن يعتمد فى معناه على العامل ، أى : أن يرتبط معنويا بالفعل الذى يليه ، وإلا كان منفصلا عنه معنويا ، وبالتالى ينفصل عنه نحويا ، وهو ما يعبر عنه بالافتقار إلى ما بعده ، فإذا قلت : (فى القاعة طلبة فناقشهم) لما صحّ ؛ لأن ما قبل الفعل (ناقش) ـ وهو (طلبة) ـ ليس معتمدا على الفعل ؛ لأنه مبتدأ مؤخر ، خبره المقدم شبه الجملة (فى القاعة).
٥ ـ أن يصلح لأن يبتدأ به ، حيث يجوز ـ كما علمنا ـ أن يعرب على الابتدائية فى أغلب أحواله ، أى : أن يكون معرفة ، أو نكرة مختصة.
__________________
(١) ينظر هامش شرح ابن عقيل لمحمد محيى الدين ٢ ـ ١٢٨.
ثانيها : العامل المشغول :
العامل المشغول عن معموله المتقدم عليه هو الفعل أو ما يعمل عمله الذى نصب ما بعده من ضمير ، أو ما نسب إلى الضمير ـ إن لفظا ، وإن محلا ـ ويشترط فيه ما يلى :
١ ـ أن يتصل بالاسم المشغول عنه اتصالا مباشرا ، أى : بلا فاصل بينهما ، كقولك : الخبر تسمعه ، حيث (الخبر) مشغول عنه ، والمشغول العامل (تسمع) ، ولا فاصل بينهما ، ولكنك إن قلت : الخبر أنت تسمعه ، فإنه لا يكون قضية اشتغال لوجود الفاصل الضمير (أنت) بين المشغول عنه والعامل المشغول.
ولكن العامل المشغول إذا كان صفة عاملة فيما قبلها فإنه يكون الفصل بما تعتمد عليه الصفة ، كقولك : الدرس أنا مذاكره غدا.
٢ ـ أن يكون صالحا للعمل فيما قبله ، وإلا ارتفع ما قبله على الابتداء ، وذلك أن يكون فعلا متصرفا ، أو اسم فاعل ، أو اسم مفعول ، وألا يكون حرفا ، أو اسم فعل ، أو صفة مشبّهة ، أو فعلا جامدا كفعل التعجب ، وهب ، وتعلّم ، ونعم ، وبئس ، وليس ، فهذه لا تعمل فيما قبلها.
فتقول : محمد إنه فاضل ، بالرفع ـ ضرورة ـ لأن الحرف (إنّ) لا يعمل فيما قبله.
وتقول : علىّ دراكه ، بالرفع ؛ لأن اسم الفعل لا يعمل فيما قبله.
وتقول : كريم ما أفضله ، بالرفع ؛ لأن أفعل التعجب لا يعمل فيما قبله.
ثالثها : المشغول به :
المشغول به هو المنصوب بالعامل المشغول ، سواء أكان ضميرا يعود على الاسم المتقدم ، أم كان اسما ظاهرا منسوبا إلى ضمير هذا الاسم ، ويشترط فيه : أن يعود على الاسم المتقدم ، أو يتعلق به تعلقا سببيا من طريق العلاقة المعنوية واحتوائه ضميره ، فلا يكون أجنبيا عنه ، وذلك كقولك : الصدق التزمته. والابن نظفت أسنانه. العلم سعيت إليه. المثل احترمت من يتمسك بها.
شرط عام فى صحة الاشتغال :
يشترط فى صحة الاشتغال ـ بوجه عام ـ أن يربط بين الاسم المتقدم والفعل المشغول برابط ، هذا الرابط هو الضمير الذى يعود على الاسم المتقدم ، سواء أكان موقع هذا الضمير فى جملة المشغول ، فقد يكون الضمير :
أ ـ متصلا بالفعل ، نحو : محمد أجبته ، محمدا. سمير كافأته ، سميرا.
ب ـ منفصلا عنه بحرف الجر الذى يجر ضميره ، نحو : الصديق مررت به ؛ علىّ سلمت عليه ، عليا.
ج ـ منفصلا عنه باسم منسوب إلى ضميره ، نحو : على أكرمت أخاه ، عليا.
فاطمة استمعت إلى حديثها.
د ـ منفصلا عنه باسم أجنبى عن الاسم المتقدم ، لكن هذا الاسم الأجنبى متبوع بما يشتمل على ضمير الاسم المتقدم ، ومن أمثلة ما يتبع به الأجنبىّ :
ـ النعت ، نحو : علىّ قابلت صديقا يحترمه ، عليا. محمود سلمت على ضيف عنده.
ـ عطف النسق ، نحو : محمود احترمت عليا وأخاه ، محمودا. علىّ سلمت على محمود وأخيه.
ـ عطف البيان ، سمير أكرمت أحمد صديقه ، سميرا. محمود سلمت على محمد أخيه.
ـ جملة الصلة ، نحو : فاطمة عاقبت الذى يهينها ، فاطمة. فاطمة عاقبت الذى يهين أخاها ، فاطمة.
ـ صلة الاسم المعطوف على الشاغل ، أو صفته ، نحو : خالد أحببت سميرا والذى يحبه ، خالدا. على أكرمت أحمد وصديقا يحترمه ، عليا. حيث يعود الضمير فى (يحبه ويحترمه) على المشغول عنه (خالد ، وعلى).
والفكرة الأساس فى قضية الاشتغال أن تشتمل جملة المشغول فى أى جزء من أجزائها ـ سواء أكان عمدة أم فضلة ، أم متعلقا بأىّ منهما أم منسوبا إليهما ـ على
ضمير يعود على الاسم المتقدم على الفعل المشغول. والجملة التى يتوافر فيها ذلك تكوّن قضية اشتغال ، بشرط أن يكون الضمير المشغول به أو الاسم الذى يتضمن هذا الضمير فى أى متعلق به منصوبا ، أو يكون فى شبه جملة متعلقة.
الأسماء العاملة عمل الفعل وقضية الاشتغال :
لا تعمل الأسماء العاملة عمل الفعل فى باب الاشتغال إلا إذا كان الاسم منها يجوز عمله فيما قبله (١) ، وعلى ذلك فإننا يمكن لنا أن نصنف هذه الأسماء فى قضية الاشتغال إلى ثلاثة أقسام :
أولها : أسماء غير عاملة ، وهى :
ـ الصفة المشبهة باسم الفاعل ، لا تعمل فى المشغول عنه ؛ لأنها لا تعمل فيما قبلها.
ـ المصادر وأسماء الأفعال ، لا تعمل فى باب الاشتغال ؛ لأنها ليست بوصف.
ثانيها : أسماء تعمل بشرط الدلالة الزمنية والتنكير ، وهى :
ـ اسم الفاعل ، وصيغ المبالغة ، حيث لا يعمل ما يدلّ على الماضى منهما ، فيشترط للإعمال فيما قبلهما أن يكون : دالا على الحاضر أو المستقبل ، غير معرف بالأداة ، فتقول : عليا أنا مكلّمه الآن أو غدا ، بنصب (على) على المفعولية ؛ لأن اسم الفاعل (مكلم) غير معرف بالألف واللام ، ودالّ على الحاضر (الآن) ، أو المستقبل (غدا).
ومنه قولك : الدواء أنا شرّابه بعد ساعة فأربع ساعات. بنصب (الدواء) على المفعولية.
ولكنك تقول : الدرس أنا مذاكره أمس ، بالرفع فى (الدرس) على الابتدائية ؛ لدلالة زمن اسم الفاعل (مذاكر) على الماضى (أمس).
__________________
(١) ينظر : الرد على النحاة ١١٢ / الجامع الصغير ٨١ / شرح التصريح ١ ـ ٢٠٥ ، ٢٠٦.
ثالثها : أسماء تعمل بشرط التنكير :
وهو اسم المفعول ، حيث يعمل فيما قبله مطلقا ، بشرط عدم تعريفه بالألف واللام ، حيث لا يعمل المتصل بهما فيما قبله ، فتقول : الكتاب أنت معطاه (بالرفع والنصب).
التراكيب التى يأتى فيها الاسم المشغول عنه :
يأتى الاسم الذى يمكن أن يكون مشغولا عنه فى ثلاثة تراكيب ، هى :
الأول : أن يتقدم الاسم المشغول عنه عامل يطلبه نحويا ؛ كالحروف الناسخة أو الأفعال الناقصة ، حينئذ يكون الاسم المشغول عنه مرتبطا بهذا العامل النحوىّ ، ويخضع له فى العمل ، من ذلك : إن محمدا أكرمه. (محمدا اسم إن منصوب).
كان الضّيف عليا الذى أحترمه. (عليا خبر كان منصوب).
كان الزميل الذى زارنى بالأمس محمدا ، (الزميل اسم كان مرفوع).
الثانى : ألا يتعلق الاسم المشغول عنه بعامل نحوىّ سابق عليه ، لكن الفعل المشغول المذكور بعده عامل فى ضمير الاسم السابق ، أو فيما نسب إليه بإحدى الصور السابقة بالرفع ، حينئذ يجب فى الاسم المشغول عنه الرفع على الابتدائية ، ذلك نحو : محمود أقبل إلينا. (محمود مبتدأ مرفوع).
محمد أحسن به ، أو بأخلاقه. حيث (الضمير المشغول به (الهاء) فى به ، والاسم الذى يتضمن ضمير المشغول عنه (أخلاق) مرفوعان.
ومنه قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ) [البقرة : ٤٤].
الثالث : التركيب السابق ، إلا أن الفعل المشغول يكون عاملا فى الضمير أو ما تضمن الضمير فى صورة من الصور السابقة بالنصب ، فتكون هذه ـ حينئذ ـ قضية
اشتغال من نوع هذه الدراسة ، ويعرب الاسم المتقدم على وجهين تبعا لتقدير نوع الجملة ، ذلك على النحو الآتى (١) :
أولا : الجملة اسمية :
لك أن تقدر الجملة اسمية ، المبتدأ فيها هو الاسم المتقدم ، والخبر هو الجملة الفعلية التى تليه ، وبذلك فإنه يرفع على الابتدائية ، وهذا أرجح عندى ، حيث إن تقدم الاسم يدلّ على معلوميته ، ثم يخبر عنه بالجملة الفعلية التى تتضمن ضميرا يربطها بالمبتدإ ، هذا إذا لم يتقدم الاسم ما يتطلب فعلا ، أى : ما يختص بالدخول على الجملة الفعلية.
ثانيا : الجملة فعلية :
لك أن تقدر الجملة كلّها فعلية ، فينصب الاسم على المفعولية ، ويكون عامله محذوفا يقدر تبعا للمعنى ـ على رأى جمهور النحاة ـ وهذا الرأى مرجوح عندى ؛ نظرا لحاجتنا إلى التقدير والتأويل والبحث عن فعل ملائم للمعنى.
وتكون الجملة الفعلية المذكورة مفسرة للجملة المحذوفة ، وبذلك فلا محلّ لها من الإعراب (٢).
أما الكوفيون فإنهم يرون أن المشغول عنه حال نصبه يكون منصوبا بالفعل المذكور ، وينقسمون فى ذلك إلى قسمين :
أولهما : يرى أنصاره أن الفعل نصب الاسم والضمير معا. ويرد على هؤلاء بأن العامل لا يعمل فى ضمير اسم ومظهره.
والآخر : يرى أصحابه أن المنصوب إنما هو الاسم ، أما الضمير فهو ملغى. ويرد على هؤلاء بأن الأسماء لا تلغى بعد اتصالها بالعوامل (٣).
__________________
(١) ينظر : المقرب ١ ـ ٨٧ / شرح الشذور ٤٢٧ / الجامع الصغير ٨١.
(٢) المقتضب ٢ ـ ٦٧ / شرح الشذور ٤٢٦ / شرح التصريح ١ ـ ٢٩٧.
(٣) ينظر : الإنصاف فى مسائل الخلاف ، المسألة رقم ١٢.
ومنه قوله تعالى : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها) [النور الآية الأولى] ، فى (سورة) قراءتان :
أولاهما : قراءة الجمهور بالرفع ؛ على أنها خبر لمبتدإ محذوف ، والتقدير : هذه سورة. أو : المتلوّ عليكم سورة.
والأخرى : قراءة عيسى بن عمر وآخرين بالنصب ؛ على أنها مفعول به لفعل محذوف يفسره المذكور.
وقوله تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) [فصلت : ١٧]. حيث (ثمود) بالرفع على الابتدائية ، وفيها قراءة بالنصب على تقدير (ثمود) مفعولا به مقدما لفعل محذوف يقدر من المذكور.
مفعولا به مقدما لفعل محذوف يقدر من المذكور.
أما قوله تعالى : (وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها) [الحديد : ٢٧]. ففيه يوجّه نصب (رهبانية) على وجهين :
أولهما : أنها معطوفة على (رأفة) ، وهى مفعول به لجعل الذى هو بمعنى خلق ، أو : صير ، أما جملة (ابتدعوها) فهى فى محلّ نصب ، نعت لرهبانية.
والآخر : أن تنصب على أنها قضية اشتغال ، فيكون نصبها بفعل مقدر من الفعل المذكور. إلا أن هذا الوجه يجعلونه من إعراب المعتزلة ، حيث يجعلون الرأفة والرحمة منسوبا خلقهما إلى الله تعالى ، أما الرهبانية فيجعلونها من فعل العبد ، وذلك لأنه لا يصح أن تكون قضية اشتغال ؛ لأن رهبانية نكرة لا يجوز الابتداء بها ، والمشغول عنه يجب أن يصحّ الابتداء به. ولكن غيرهم يجعلون العطف مسوغا للابتداء.
تقدير الفعل الناصب :
ذكرنا أن الاسم المشغول عنه إذا كان منصوبا فإنه ينصب عند جمهور النحاة بفعل محذوف ، يقدر تبعا للفعل المذكور المشغول بالضمير ، أو بالاسم الذى نسب إليه الضمير بطريقة من الطرق السابقة.
وهذا الضمير يقدر كما يلى (١) :
أ ـ أن يكون من لفظ الفعل المذكور إذا كان المعنى يصحّ به ، نحو : عليا أفهمته ، هذه احترمتها ، الطفل أرضعته. والتقدير : أفهمت عليا أفهمته ، احترمت هذه ... ، أرضعت الطفل ....
ويكون كلّ من (على ، وهذه ، والطفل) مفعولا به منصوبا بفعل محذوف يفسره الفعل المذكور.
ويجوز أن تقدر فعلا ملائما للمعنى الكامن فى الفعل المذكور ، كأن تقدر : خصصت عليا أفهمته ... إلخ.
ب ـ أن يكون الفعل المشغول متعديا إلى ضمير الاسم بواسطة حرف الجر والاسم ظرف ، فيقدر الفعل من لفظ الفعل المذكور ، نحو قولك : يوم الجمعة ألقاك فيه ، برفع (يوم) ، ولكنك إذا نصبت فإنك تقدر فعلا من جنس المذكور فيكون : ألقاك يوم الجمعة ألقاك فيه.
ج ـ إذا كان الفعل المشغول متعديا إلى ضمير الاسم المشغول عنه غير الظرف بواسطة حرف الجرّ فإننا نختار فعلا متعديا مرادفا له ، نحو : محمودا مررت به ، التقدير : جاوزت محمودا مررت به. عليا أحسنت إليه ، التقدير : أكرمت عليا أحسنت إليه. ومنه قوله تعالى : (يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً)(٢). [الإنسان : ٣١] ، والتقدير : ويعذّب الظالمين أعدّ لهم عذابا ، فاختير فعل متعدّ يلائم معنى الفعل اللازم مع حرف الجرّ المتعلق به.
__________________
(١) ينظر : الكتاب ١ ـ ٨١ ، ٩٣ ، ٩٦ / شرح التصريح ١ ـ ٢٩٧.
(٢) (يدخل) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. (من) اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (يشاء) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو ، والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (فى رحمته) جار ومجرور ومضاف إليه ، وشبه الجملة متعلقة بالإدخال. (والظالمين) الواو : حرف استئناف مبنى ، لا محل له من الإعراب. الظالمين : مفعول به لفعل محذوف منصوب ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه جمع مذكر سالم. (أعد) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة تفسيرية لا محل لها من الإعراب. (لهم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالإعداد. (عذابا) مفعول به
ومنه قول جرير :
أثعلبة الفوارس أم رياحا |
|
عدلت بهم طهيّة والخشابا (١) |
حيث الناصب لثعلبة فعل يقدر من معنى (عدلت) ، نحو : قاس ، مثّل ، ظلم ... إلخ.
د ـ أن يكون الفعل المقدر متعديا صالحا للمعنى ، ولكنه ليس من لفظ الفعل المشغول المذكور ولا معناه ، ويكون ذلك فى موضعين :
أولهما : أن يكون الفعل المذكور المشغول متعديا إلى ما نسب إلى ضمير الاسم المتقدم بواسطة حرف الجرّ (٢). إذ لا يصح ـ معنويا ـ تقدير المرادف ؛ لكونه لا يقع على الاسم المشغول عنه ؛ لأن الفعل المذكور يقع معنويا على الاسم المنسوب إلى الضمير لا الضمير ذاته ، وبالتالى لا يصح المرادف ، ذلك نحو قولك : محمدا رحبت بغلامه. التقدير : أكرمت محمدا رحبت بغلامه ، إذ الترحيب واقع على غلام محمد لا محمد ، وبالتالى فإن الترحيب لا يصح وقوعه معنويا على الاسم المتقدم ، فيقدر فعل يكون ملائما فى المعنى للترحيب بغلام محمد ، وهو الإكرام مثلا ، أو التقدير ، فتقدر : قدّرت ، أو الاحترام ، فتقدر : رحبت.
ومنه قولك : عليا مررت بصديقه ، يكون التقدير : لابست عليا مررت بصديقه ، إذ المرور ليس بعلىّ وإنما هو بصديق على.
والآخر : أن يكون الفعل المذكور متعديا ناصبا للاسم المنسوب إلى ضمير المشغول عنه فى أى صورة من صور النسب والارتباط المعنوى ، ولا يصلح بمعناه ولفظه أن يقع على الاسم المشغول عنه حتى لا يتغير معنى الجملة ، ذلك نحو قولك : محمدا ضربت خصمه. التقدير : أكرمت محمدا ضربت خصمه ، إذ
__________________
منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (أليما) صفة لعذاب منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة. وجملة (والظالمين) استئنافية لا محل لها من الإعراب.
(١) الكتاب ١ ـ ١٠٢ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ٣٣٥ / أمالى ابن الشجرى ٢ ـ ٣١٧ / شرح التصريح ١ ـ ٣٠٠ / الأشمونى ٢ ـ ٩٦.
(٢) ينظر : الكتاب ١ ـ ٨٣.
الضرب لم يقع على محمد ، وإنما على خصمه ، وهذا ضرب من ضروب إكرامه ، ولذلك صلح الناصب (أكرمت) لفظا ومعنى.
ومثله قولك : محمدا ضربت أخاه. التقدير : أهنت محمدا ضربت أخاه ، فالضرب لم يقع على محمد ، وإنما على أخيه ، وهو نوع من أنواع إهانته ؛ لذا صلح الفعل (أهان).
ومنه قولك : زيدا أكرمت أباه ، وعمرا ضربت غلامه ، والتقدير : أكرمت زيدا أكرمت أباه ، وأهنت عمرا ضربت غلامه.
وإذا صحّ وقوع الفعل المشغول لفظا ومعنى على الاسم المشغول قدّر ، نحو قولك : محمدا أكرمت أخاه. التقدير : أكرمت محمدا أكرمت أخاه ، إذ إكرام أخى محمد ضرب من إكرامه ؛ لذا صلح : فعل أكرم ، ويلحظ أنه يجوز أن تقدر فعلا آخر من غير لفظ المذكور ومعناه ، نحو : قدرت ، احترمت ....
الأحوال النحوية للاسم المشغول عنه
يذكر النحويون (١) حالات لإعراب الاسم المشغول عنه تتباين بين وجوب النصب ، وجوازه ، وامتناعه ، فى ثلاثة أقسام ، تفصل على النحو الآتى :
القسم الأول : ما يجب فيه النصب :
يذكر وجوب نصب الاسم المشغول عنه إذا ذكر بعد ما يختص بالدخول على الفعل ، ويكون فى المواضع الآتية :
أ ـ بعد أدوات الشرط :
يذكر أن الاشتغال لا يقع بعدها إلا فى الضرورة الشعرية ، ويحدد سيبويه منها (إن) وحدها (٢) ، وذكر المبرد (من) و (إذا) (٣) ، وأما فى النثر فإن الاشتغال يقع بعد الأداتين ، بشرط أن يلى (إن) فعل ماض ، أما (إذا) فمطلقا.
__________________
(١) ينظر : الكتاب ١ ـ ٨٢ / الرد على النحاة ٩٥ ـ ١١٤ / المقرب ١ ـ ٨٨ / التسهيل ٨٠ ـ ٨٢ / الجامع الصغير ٨١ ـ ٨٣ / شرح الشذور ٤٢٦ ، ٤٢٧ / شرح التصريح ١ ـ ٢٩٨ وما بعدها.
(٢) ينظر : الكتاب ١ ـ ١٣٤.
(٣) المقتضب ٢ ـ ٧٤ / المقرب ١ ـ ٩١.
تقول : إن عليا قابلته فأنا أرحب به (١). فيكون نصب (على) بفعل محذوف يفسره الفعل المذكور (قابل) ، والتقدير : إن قابلت عليا قابلته ...
كما تقول : إذا محمودا حادثته فأنا أثق فى حديثه. فيكون (محمودا) منصوبا بفعل محذوف تقديره : حادثت.
ولا يجوز ـ عند جمهور النحاة ـ رفع الاسم المتقدم على أنه مبتدأ ؛ لأن هذه الأدوات (حروفا وأسماء) لا يليها ـ عندهم ـ إلا فعل ، فإذا لم يكن مذكورا فإنه يقدر عامل طبقا للعلاقة المعنوية بينه وبين الاسم المذكور بعد الأداة.
ويستشهد لذلك بقول النمر بن تولب :
لا تجزعى إن منفسا أهلكته |
|
وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعى (٢) |
__________________
(١) (إن) حرف شرط جازم مبنى على السكون ، لا محل له من الإعراب. (عليا) مفعول به لفعل الشرط المحذوف ، منصوب وعلامة نصبه الفتحة. (قابلته) فعل ماض مبنى على الفتح. وتاء المتكلم ضمير فى محل رفع ، فاعل ، وهاء الغائب ضمير فى محل نصب ، مفعول به. والجملة الفعلية تفسيرية لجملة الشرط المحذوفة ، لا محل لها من الإعراب. وضمير المتكلم المنفصل مبنى فى محل رفع ، مبتدأ.
(أرحب) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والفاعل ضمير مستتر تقديره : أنا. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدإ ، والجملة الاسمية فى محل جزم ، جواب الشرط. (به) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالترحيب.
(٢) ينظر : الكتاب ١ ـ ١٣٤ / المقتضب ٢ ـ ٧٤ / ديوانه ٧٢.
(لا) حرف نهى مبنى لا محل له من الإعراب. (تجزعى) فعل مضارع مجزوم بعد لا الناهية ، وعلامة جزمه حذف النون. وضمير المخاطبة مبنى فى محل رفع ، فاعل. (إن) حرف شرط جازم مبنى على السكون. وفعل الشرط محذوف دل عليه المذكور. (منفسا) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.
(أهلكته) فعل ماض مبنى على السكون ، وتاء الفاعل ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، وضمير الغائبة مبنى فى محل نصب ، مفعول به ، والجملة تفسيرية لجملة الشرط المحذوفة ، لا محل لها من الإعراب.
(وإذا) الواو حرف ابتداء مبنى. إذا : ظرف زمان ضمن معنى الشرط مبنى فى محل نصب ، مضاف إليه.
(هلكت) فعل ماض مبنى على السكون ، وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة فى محل جر بالإضافة. (فعند) الفاء حرف زائد مبنى ، لا محل له من الإعراب. عند : ظرف زمان مبنى فى محل نصب. (ذلك) اسم إشارة مبنى فى محل جر بالإضافة ، وشبه الجملة متعلقة بالجزع. (فاجزعى) الفاء واقع فى جواب الشرط حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. اجزعى : فعل أمر مبنى على حذف النون وياء المخاطبة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الأمرية جواب الشرط ، لا محل لها من الإعراب.
حيث ينصب (منفس) فى رواية ، فيقدر نصبها على المفعولية لفعل محذوف ، يفسره المذكور.
وقول ذى الرمة :
إذا ابن أبى موسى بلالا بلغته |
|
فقام بفأس بين وصليك جازر (١) |
بنصب (ابن ـ بلالا) فى رواية ، فيكون (ابن) مفعولا به لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور. أما (بلالا) فنصبه على البدلية أو عطف البيان.
لكنه يلاحظ على البيتين السابقين ما يأتى :
ـ البيت الأول : يروى فى كثير من المواضع برفع (منفس) ، ويخرجونه على أنه مسبوق بفعل محذوف تقديره : إن هلك منفس ، ويذكر المبرد أنه يجوز الرفع بإضمار (هلك) مبنيا للمجهول (٢).
ـ البيت الثانى : يروى فى كتاب سيبويه (٣) برفع (ابن وبلال).
لنا رأى فى هذه القضية مذكور بالتفصيل فى دراسة التركيب الشرطى ، عليه فإن ذكر الاسم بعد أدوات الشرط لا يجوز إلا مع أدوات الشرط غير الجازمة ؛ لأنها غير مختصة بالفعل ؛ لأنها لا تؤثر فيه إعرابا ، وعندئذ يخرج حكم ذكر الاسم المشغول عنه بعد أداة الشرط من حالة وجوب النصب إلى حالة الجواز ، أو وجوب الرفع.
أما (إن) أداة الشرط الجازمة التى ذكرها النحاة فى هذه القضية فهى أمّ الباب ، وتحتمل ما لا يحتمله غيرها من سائر أدوات الشرط الجازمة.
ومما ذكر من وقوع المرفوع بعد (إن) الشرطية قول الشاعر :
فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب |
|
لعلّك تهديك القرون الأوائل |
__________________
(١) ينظر : المقتضب ٢ ـ ٧٤.
وصليك : مفصليك. يدعو على ناقته.
(٢) المقتضب ٢ ـ ٧٦.
(٣) الكتاب ١ ـ ٨٢.
ويقدر بالقول : إن لم تنتفع بعلمك ، فلما حذف الفعل ظهر الضمير المرفوع المنفصل (أنت).
ب ـ بعد أدوات العرض والتحضيض :
نحو : هلا الصديق أكرمته ، ألا الدرس فهمته ، لولا الأمر عرضته علينا أولا.
كل من : الصديق ، والدرس ، والأمر مفعول به منصوب بفعل محذوف ، يفسره الفعل المذكور (أكرم ، فهم ، عرض).
ج ـ بعد أدوات الاستفهام غير الهمزة :
نحو : هل كتابا اشتريته؟ التقدير : هل اشتريت كتابا؟ .. متى صديقنا زرته؟ أى : متى زرت صديقنا؟ .. أين القلم وجدته؟ كيف محمدا قابلته؟
كلّ من : كتاب ، وصديق ، والقلم ، ومحمد ، منصوب بفعل محذوف يقدر بعد أداة الاستفهام ، يفسره الفعل المذكور بعد الاسم المنصوب.
أما الهمزة فإنها تدخل على الاسم والفعل سواء ، وإن كان دخولها على الفعل أكثر.
د ـ فى ما إذا كان النصب يظهر المعنى :
وذلك كما فى قوله تعالى : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) [القمر : ٤٩] ، حيث العامة على نصب (كل) على الاشتغال ، والنصب يوضح المعنى ، إذ يدلّ ذلك على عموم الخلق ، حيث يكون التقدير : إنا خلقنا كلّ شئ خلقناه بقدر ، فخلقنا تأكيد وتفسير للمحذوف المقدر. أما الرفع فإنه يدلّ على غير ذلك ، أى : على غير عموم الخلق لله تعالى.
القسم الثانى : ما يجب فيه الرفع :
يرى بعض النحاة أن هذا القسم من مواضع وجوب رفع الاسم فى جملة الاشتغال لا يجوز أن يدرس فى هذا الباب ؛ لأن الاسم فيه يكون مرفوعا ضرورة ، والاشتغال لا يعنى إلا بما هو منصوب ، سواء أكان واجبا ، أم راجحا ، أم
مرجوحا ، أم متساويا ، لكننى آثرت أن أذكر مواضع وجوب الرفع حتى تتضح وتتبين من غيرها من مواضع الأحكام الأخرى ، ولأن الاسم الواجب رفعه فى هذا القسم بنية جملته ـ معنويا ـ تجعل الاسم المتقدم غير منصوب فى أىّ حكم من أحكام النصب ، بحيث إنه لو زالت هذه الموانع لاتخذ الاسم حكما من أحكام النصب.
ويمتنع نصب الاسم المشغول عنه ، ويجب رفعه فى موضعين رئيسين (١) :
أ ـ أن يذكر الاسم المشغول عنه بعد أداة تختص بالدخول على الجملة الاسمية ، كـ (إذا) الفجائية ، نحو قولك : فتحت الباب فإذا الصديق أراه ، (الصديق) مرفوع على الابتدائية ، ولا يجوز نصبه على الاشتغال ؛ لأنه واقع بعد (إذا) الفجائية.
و (ليتما) ، وهى (ليت) المكفوفة بما ، حيث لا يليها إلا اسم ، فتقول : ليتما محمد كافأته ، بالرفع ضرورة ، فـ (إذا وليتما) لا يليهما فعل ولا معمول فعل.
ب ـ أن يذكر الاسم قبل أداة لا يعمل ما بعدها فيما قبلها ، أى : يذكر الاسم المشغول عنه فى المواضع الآتية :
١ ـ قبل أدوات الشرط :
يكون الاسم المتقدم على أداة الشرط مبتدأ ، خبره التركيب الشرطىّ ، أو جملة الجواب على أن الشرط اعتراض بين المبتدإ وخبره.
من ذلك قولك : محمد إن قابلته فأعطه ماله. حيث (محمد) مبتدأ خبره التركيب الشرطى (إن قابلته فأعطه) أو جملة (فأعطه). ولا تصح هذه قضية اشتغال ؛ لأن الاسم المتقدم ذكر قبل أداة شرط ، وما بعدها لا يصلح للعمل فيما قبلها.
ومنه أن تقول : ثمار الشجرة متى ما نضجت فاجنها ، أموالك ما تخرجه منها فى سبيل الله يوفّه إليك ، طلبة الفرقة من يحصل على درجات متفوقة منهم ينل المكافأة.
__________________
(١) ينظر : الكتاب ١ ـ ١٣٤ / المقرب ١ ـ ٨٨ / التسهيل ٨٠ / شرح الشذور ٤٢٧.
كلّ من : (ثمر ، وأموال ، وطلبة) مرفوع على الابتدائية ؛ لوقوعه قبل أداة شرط ، وخبر كلّ منها التركيب الشرطى.
وتقول : صديقك إن تدعه يجبك ؛ المتعاونون إن كانوا على خير فقد أدّوا ما أمر الله به ، أخوك إن ترد نصرته وهو ظالم فلتردّه إلى الحق (١) ، الحديقة أينما تسر فى أرجائها تسعد.
٢ ـ قبل أدوات الاستفهام :
يكون الاسم المتقدم على أداة الاستفهام مبتدأ ، خبره محذوف ـ على رأى جمهور النحاة ـ يقدر من القول ، فإذا قلت : علىّ هل قابلته؟ ، فإن عليا يكون مرفوعا على الابتدائية ، ويكون الخبر محذوفا تقديره : مقول له ، أو : يقال له ؛ لتكون الجملة الاستفهامية فى محلّ نصب ، مقول القول المحذوف ؛ لأن الخبر ـ عند هؤلاء ـ لا يكون جملة إنشائية.
ومنه أن تقول : أخوك متى تزوره؟ ذو العلم أتحترمه؟ الوالدان أين أجدهما؟
٣ ـ قبل (كم) الخبرية :
لا يعمل ما بعد (كم) الخبرية فيما قبلها ، فهى بمثابة قسيمتها الاستفهامية فى هذه السمة ؛ لذلك فإن الاسم المشغول عنه إذا وقع قبل (كم) الخبرية فإنه يرفع على
__________________
(١) (أخوك) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الواو ؛ لأنه من الأسماء الستة ، وكاف المخاطب ضمير مبنى في محل جر بالإضافة. (إن) حرف شرط جازم مبنى على السكون ، لا محل له من الإعراب. (ترد) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (نصرته) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة. (وهو) الواو : للابتداء أو للحال حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب ، هو : ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (ظالم) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والجملة الاسمية في محل نصب ، حال. (فلترده) الفاء : حرف واقع فى جواب الشرط مبنى ، لا محل له من الإعراب. اللام : حرف أمر مبنى ، لا محل له من الإعراب.
ترد : فعل مضارع مجزوم بعد لام الأمر ، وعلامة جزمه السكون ، وحرّك لالتقاء الساكنين ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. وهاء الغائب ضمير مبنى في محل نصب ، مفعول به. والجملة الفعلية فى محل جزم ، جواب الشرط ، والتركيب الشرطى فى محل رفع ، خبر المبتدإ. (إلى الحق) جار ومجرور ، وعلامة جره الكسرة ، وشبه الجملة متعلقة بالرد.
الابتداء وجوبا ، ولا يجوز نصبه ، نحو : أموال كم أنفقتها. (أموال) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وخبره الجملة الاسمية (كم أنفقتها).
ومثل ذلك قولك : أوقات كم ضيّعتها من عمرك.
٤ ـ قبل أدوات العرض والتحضيض :
إذا تقدم الاسم المشغول عنه على أدوات العرض والتحضيص فإنه يرفع على الابتدائية ؛ لأن ما بعد هذه الأدوات لا يعمل ما بعدها فيما قبلها.
من ذلك قولك : سمير ألا تصافحه. حيث (سمير) مبتدأ ، خبره محذوف يقدر من القول.
ومثله أن تقول : علىّ أما ترضيه. محمود هلا تطيعه. وكذلك : لو لا ، ولو ما وهلا ، وهلّا ...
ومعنى تركيب التحضيض والعرض فيه جواب للاسم المتقدم عليهما.
٥ ـ قبل الجملة المضافة :
نحو : الوال ـ دان يوم تزورهم ـ ا يفرحان. الط ـ لاب وقت يفهمون يسعدون.
كلّ من الاسمين المشغول عنهما (الوالدان ، الطلاب) يجب فيه الرفع ؛ لأن الفعل المشغول والضمير الشاغل فى جملة مضافة ، حيث الجملتان الفعليتان (تزورهما ، ويفهمون) فى محلّ جرّ بالإضافة إلى (يوم ، ووقت).
ومنه قولك : العمال ساعة تقدرهم يخلصون ، الطلاب زمن تمتحنهم يلتزمون ، الزرع سنة ترعاه تحصل على إنتاج وفير.
وأنت تلحظ أن التركيب فيه معنى الجواب ، فكأنه شرط ، أو استفهام مسبوق بالاسم المشغول عنه.
٦ ـ قبل اللام الداخلة على جواب القسم :
إذا تقدم المشغول عنه اللام الداخلة على جواب القسم فإنه يكون مرفوعا على الابتداء ، ولا يجوز نصبه ، نحو : المجدّ والله لتكافئنّه ، حيث (المجد) مبتدأ
مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، ولا يجوز نصبه على الاشتغال ؛ لأن لام القسم دخلت بينه وبين الفعل المشغ ـ ول ، وما بعدها لا يعم ـ ل فيما قبلها. والفكرة هنا تتسق مع كل التراكيب التى فيها معنى الجواب والجزاء.
ومنه أن تقول : علىّ وربّى لأزورنّه ، المريض بالله لتعودنّه ، جارى وعمرى لأحافظن عليه ، الصلوات الخمس تالله لأؤدينّها فى أوقاتها.
٧ ـ قبل التعجب :
نحو : الصديق ما أكرمه ، الكتاب ما أشدّه وفاء.
كلّ من : (الصديق والكتاب) يجب رفعه على الابتدائية ، ولا يجوز نصبه لأنه مذكور قبل (أفعل) التفضيل.
ومنه : علىّ ما أحسنه خطا ، ومحمود ما أجمله خلقا. وأحمد ما أشدّ إخلاصه فى العمل.
٨ ـ قبل الحروف الناسخة :
العامل يضعف إذا وقع بعد الأحرف الناسخة ؛ لذلك فإن الاسم المشغول عنه إذا تقدم الحرف الناسخ فإن الفعل المشغول المذكور بعده يجوز عمله فيه ؛ لذا وجب فيه الرفع على الابتداء ، ذلك كقولك : الفتاة إنى احترمتها. (الفتاة) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، خبره الجملة الاسمية المنسوخة (إنى احترمتها).
ومثل ذلك أن تقول : الصديق لعلنى أزوره اليوم ، المتوفّى لعل الله يرحمه.
القطار لعلّنى أدركه فى موعده. أسئلة الامتحان لعلّى أحلها جميعها.
٩ ـ قبل لام الابتداء :
ما بعد لام الابتداء من عامل لا يعمل فيما قبله ، ولذلك فإن الاسم إذا كان مشغولا عنه فإنه لا ينصب إذا ذكر العامل المشغول بعد لام الابتداء ، نحو قولك : المجتهد لقد كافأناه ، (المجتهد) مرفوع على الابتداء ، وخبره الجملة الفعلية التى تليه.
ومثله قولك : القاعة لقد نظفناها ، والمقاعد لقد رتبناها ، والطلاب لقد جلسوا منتظمين.
١٠ ـ قبل الأسماء الموصولة :
الاسم الموصول لا يعمل ما بعده فيما قبله ، فالاسم المشغول عنه إذا تقدم الاسم الموصول فإنه يرفع على الابتدائية وجوبا ، نحو : محمد الذى أسلّمه الأمانة ، حيث (محمد) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، خبره الاسم الموصول (الذى).
ومنه أن تقول : الصديق هو الذى أدعوه الليلة ، والكتاب أنا الذى أشتريه.
يجب الرفع فى كلّ من : (الصديق والكتاب) ، حيث الضمير العائد على كلّ منهما فى جملة صلة ، والاسم الموصول مذكور بعد الاسم المشغول عنه ، فوجب رفعه حيث لا يعمل ما بعد الاسم الموصول فيما قبله.
ومنه الساعة التى اشتراها غالية الثمن. المبادئ التى يلزمها سامية.
١١ ـ قبل الاسم الموصوف بالعامل المشغول :
العامل المشغول إذا كان صفة فإنه لا يصح أن يعمل فى المشغول عنه ؛ لأنه تابع له ، فيجرى مجراه فى الإعراب ، فلا يجوز أن يعمل التابع فى متبوعه ، فقولك : محمد رجل أحترمه ؛ فيه الجملة الفعلية (أحترمه) فى محل رفع ، نعت لرجل ، وهو اسم مشغول عنه بضميره هاء الغائب والمشغول الفعل (أحترم) ، فلا يجوز نصب (رجل) بالفعل المشغول حيث إنه يتصدر جملة النعت.
ومن أمثلة سيبويه (١) فى ذلك القول : هذا رجل ضربته ، الناس.
رجلان : رجل أكرمته ورجل أهنته. ومن ذلك قول جرير :
أبحت حمى تهامة بعد نجد |
|
وما شئ حميت بمستباح (٢) |
__________________
(١) الكتاب ١ ـ ٨٧ ، ٨٨.
(٢) الكتاب ١ ـ ٨٧ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ٣٢٩ / أمالى الشجرى ١ ـ ٥ ، ٧٨ ، ٣٢٦.
حيث رفع (شىء) على الابتدائية ، وتكون جملة (حميت) فى محل رفع ، نعت (شىء) بتقدير الضمير الرابط ، أى : حميته : ولا يجوز النصب فى (شىء) كى لا ينتقض المعنى ، حيث النصب يدلّ على عدم الحماية للشىء المستباح ، أى التقدير : وما حميت شيئا بمستباح ، لكن الشاعر يريد أن الشىء الذى يحميه لا يستباح.
ومنه قولك : الصديق رجل أنصحه بأمانة ، والسفيه إنسان أجتنبه وأقاطعه.
الإخلاص صفة لا أفارقها.
١٢ ـ قبل ما النافية :
لا يعمل ما يقع بعد (ما) النافية فيما قبلها ؛ لذلك فإن قولك : علىّ الصديق ما أشكوه أبدا ، فيه (على) يرفع على الابتدائية ، لأنه وقع قبل (ما) النافية ، والعامل المشغول ذكر بعدها ، ولا يجوز أن ينصب ما بعد (ما) النافية ما قبلها.
ومنه أن تقول : محمد ما أهمل حقّه ، محمود ما أتركه وحده ، علىّ ما أعود منزله.
١٣ ـ قبل (لا) النافية الواقعة فى جواب القسم :
لا يعمل ما بعد (لا) النافية فيما قبلها إذا وقعت فى جواب القسم ، نحو : محمد والله لا أعاتبه ، حيث (محمد) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، خبره محذوف ـ عند جمهور النحاة ـ تقديره من القول : يقال له ، أو : مقول له ؛ لأن القسم إنشاء.
__________________
(أبحت) فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المخاطب مبنى فى محل رفع ، فاعل. (حمى) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. (تهامة) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة. (بعد) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف متعلق بالإباحة. (نجد) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (وما) الواو : حرف استئناف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (ما) حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. (شىء) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (حميت) فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المخاطب مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية فى محل رفع ، نعت لشئ. (بمستباح) الباء : حرف جر زائد مبنى ، لا محل له من الإعراب :مستباح : خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
ومنه قولك : محمود والله لا أهمله ، وسمير وعمرى لا أرحل عنه ، وعلىّ بالله لا أصيبه.
١٤ ـ قبل أدوات الاستثناء :
نحو : ما محمد إلا أحبه ، وما محمود إلا يكافئه المدير.
كلّ من (محمد ، ومحمود) اسم مشغول عنه ، وهو واجب الرفع ؛ لأن العامل المشغول واقع بعد استثناء.
ومنه أن تقول : ما سعيد إلا أحترمه ، وما علىّ إلا أجانبه ، وما السفيه إلا أجتنبه.
١٥ ـ قبل اسم الفعل :
نحو : أخوك عليكه ، القطار دراكه ، السلم نزال عليه.
كل من (أخ والقطار والسلم) واجب الرفع على الابتدائية ؛ لأن اسم الفعل المذكور بعد كلّ منها لا يعمل فيما قبله نصبا.
ج ـ إذا ذكر الاسم المشغول عنه قبل إنشاء ، وضميره مرفوع فيه ، فإنه يرفع : كصيغة التعجب (أفعل به) ، فتقول : محمد أكرم به ، يجب أن يرفع.
(محمد) ؛ لأن ضميره (الهاء) فى (به) فاعل مبنى فى محلّ رفع ، وحرف الجرّ الباء زائد.
ومنه قولك : علىّ أحسن بخطّه ، أكرم أجمل بخلقه.
د ـ يرفع الاسم المشغول عنه إذا ذكر قبل ما يصفه من جملة فعلية ؛ لأن النعت لا يعمل فى المنعوت ، نحو قوله تعالى : (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) [القمر : ٥٢].
حيث لا اختلاف فى رفع (كل) ، إذ إن نصبه يؤدى إلى فساد المعنى ، إذ يكون التقدير حال النصب : فعلوا كلّ شئ فى الزّبر : وهو خلاف الواقع ، لكن الرفع يدلّ على أن كلّ شىء فعلوه ثابت فى الزّبر. فجملة (فعلوه) فى محل جرّ ، نعت لشىء ، والنعت لا يعمل فى منعوته ، ورفع (كل) يكون على الابتدائية ، وخبره شبه الجملة (فى الزبر).