النحو العربي - ج ٢

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ٢

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٧١

والضمير الشاغل أو ما تضمنه ، ولكلّ من هذه الأطراف الثلاثة شروط ، ندرسها فيما يلى (١) :

أولها : المشغول عنه :

وهو الاسم المتقدم على الفعل الذى شغل بضمير هذا الاسم ، ويشترط فيه :

١ ـ ألا يتعدد فى اللفظ والمعنى ، بل يكون اسما واحدا كما سبق ذكره ، فلا يقال : محمدا كتابا أعطيته ، حيث تعدد الاسم السابق (محمد ، وكتاب) فى اللفظ والمعنى. فـ (محمد) وإن كان مفعولا به للإعطاء ، فهو فاعل فى المعنى ؛ لأنه آخذ ، أما (كتاب) فهو مفعول به ؛ لأنه مأخوذ.

ويجوز أن يتعدد فى اللفظ دون المعنى ، نحو : صديقى وأخى أكرمتهما.

٢ ـ أن يتقدم على الفعل العامل ، فإن تأخر عنه فهو بدل من الضمير إن نصبت ، ومبتدأ مؤخر إن رفعت. فإذا قلت : أكرمته محمدا ، فإن (محمدا) المنصوب يكون بدلا من ضمير الغائب المنصوب المفعول به. ويجوز أن ترفع محمدا على أنه مبتدأ مؤخر ، خبره المقدم الجملة الفعلية (أكرمته).

٣ ـ أن يقبل الإضمار ، حيث يشغل العامل بضمير المشغول عنه ، إذ لا يصح الاشتغال عن غير المفعول به ، أو ما فى حكمه ، فلا يصحّ الاشتغال عن الحال والتمييز والمصدر المؤكد والمجرور بما لا يجرّ المضمر من نحو : حتى.

٤ ـ أن يعتمد فى معناه على العامل ، أى : أن يرتبط معنويا بالفعل الذى يليه ، وإلا كان منفصلا عنه معنويا ، وبالتالى ينفصل عنه نحويا ، وهو ما يعبر عنه بالافتقار إلى ما بعده ، فإذا قلت : (فى القاعة طلبة فناقشهم) لما صحّ ؛ لأن ما قبل الفعل (ناقش) ـ وهو (طلبة) ـ ليس معتمدا على الفعل ؛ لأنه مبتدأ مؤخر ، خبره المقدم شبه الجملة (فى القاعة).

٥ ـ أن يصلح لأن يبتدأ به ، حيث يجوز ـ كما علمنا ـ أن يعرب على الابتدائية فى أغلب أحواله ، أى : أن يكون معرفة ، أو نكرة مختصة.

__________________

(١) ينظر هامش شرح ابن عقيل لمحمد محيى الدين ٢ ـ ١٢٨.

٤٠١

ثانيها : العامل المشغول :

العامل المشغول عن معموله المتقدم عليه هو الفعل أو ما يعمل عمله الذى نصب ما بعده من ضمير ، أو ما نسب إلى الضمير ـ إن لفظا ، وإن محلا ـ ويشترط فيه ما يلى :

١ ـ أن يتصل بالاسم المشغول عنه اتصالا مباشرا ، أى : بلا فاصل بينهما ، كقولك : الخبر تسمعه ، حيث (الخبر) مشغول عنه ، والمشغول العامل (تسمع) ، ولا فاصل بينهما ، ولكنك إن قلت : الخبر أنت تسمعه ، فإنه لا يكون قضية اشتغال لوجود الفاصل الضمير (أنت) بين المشغول عنه والعامل المشغول.

ولكن العامل المشغول إذا كان صفة عاملة فيما قبلها فإنه يكون الفصل بما تعتمد عليه الصفة ، كقولك : الدرس أنا مذاكره غدا.

٢ ـ أن يكون صالحا للعمل فيما قبله ، وإلا ارتفع ما قبله على الابتداء ، وذلك أن يكون فعلا متصرفا ، أو اسم فاعل ، أو اسم مفعول ، وألا يكون حرفا ، أو اسم فعل ، أو صفة مشبّهة ، أو فعلا جامدا كفعل التعجب ، وهب ، وتعلّم ، ونعم ، وبئس ، وليس ، فهذه لا تعمل فيما قبلها.

فتقول : محمد إنه فاضل ، بالرفع ـ ضرورة ـ لأن الحرف (إنّ) لا يعمل فيما قبله.

وتقول : علىّ دراكه ، بالرفع ؛ لأن اسم الفعل لا يعمل فيما قبله.

وتقول : كريم ما أفضله ، بالرفع ؛ لأن أفعل التعجب لا يعمل فيما قبله.

ثالثها : المشغول به :

المشغول به هو المنصوب بالعامل المشغول ، سواء أكان ضميرا يعود على الاسم المتقدم ، أم كان اسما ظاهرا منسوبا إلى ضمير هذا الاسم ، ويشترط فيه : أن يعود على الاسم المتقدم ، أو يتعلق به تعلقا سببيا من طريق العلاقة المعنوية واحتوائه ضميره ، فلا يكون أجنبيا عنه ، وذلك كقولك : الصدق التزمته. والابن نظفت أسنانه. العلم سعيت إليه. المثل احترمت من يتمسك بها.

٤٠٢

شرط عام فى صحة الاشتغال :

يشترط فى صحة الاشتغال ـ بوجه عام ـ أن يربط بين الاسم المتقدم والفعل المشغول برابط ، هذا الرابط هو الضمير الذى يعود على الاسم المتقدم ، سواء أكان موقع هذا الضمير فى جملة المشغول ، فقد يكون الضمير :

أ ـ متصلا بالفعل ، نحو : محمد أجبته ، محمدا. سمير كافأته ، سميرا.

ب ـ منفصلا عنه بحرف الجر الذى يجر ضميره ، نحو : الصديق مررت به ؛ علىّ سلمت عليه ، عليا.

ج ـ منفصلا عنه باسم منسوب إلى ضميره ، نحو : على أكرمت أخاه ، عليا.

فاطمة استمعت إلى حديثها.

د ـ منفصلا عنه باسم أجنبى عن الاسم المتقدم ، لكن هذا الاسم الأجنبى متبوع بما يشتمل على ضمير الاسم المتقدم ، ومن أمثلة ما يتبع به الأجنبىّ :

ـ النعت ، نحو : علىّ قابلت صديقا يحترمه ، عليا. محمود سلمت على ضيف عنده.

ـ عطف النسق ، نحو : محمود احترمت عليا وأخاه ، محمودا. علىّ سلمت على محمود وأخيه.

ـ عطف البيان ، سمير أكرمت أحمد صديقه ، سميرا. محمود سلمت على محمد أخيه.

ـ جملة الصلة ، نحو : فاطمة عاقبت الذى يهينها ، فاطمة. فاطمة عاقبت الذى يهين أخاها ، فاطمة.

ـ صلة الاسم المعطوف على الشاغل ، أو صفته ، نحو : خالد أحببت سميرا والذى يحبه ، خالدا. على أكرمت أحمد وصديقا يحترمه ، عليا. حيث يعود الضمير فى (يحبه ويحترمه) على المشغول عنه (خالد ، وعلى).

والفكرة الأساس فى قضية الاشتغال أن تشتمل جملة المشغول فى أى جزء من أجزائها ـ سواء أكان عمدة أم فضلة ، أم متعلقا بأىّ منهما أم منسوبا إليهما ـ على

٤٠٣

ضمير يعود على الاسم المتقدم على الفعل المشغول. والجملة التى يتوافر فيها ذلك تكوّن قضية اشتغال ، بشرط أن يكون الضمير المشغول به أو الاسم الذى يتضمن هذا الضمير فى أى متعلق به منصوبا ، أو يكون فى شبه جملة متعلقة.

الأسماء العاملة عمل الفعل وقضية الاشتغال :

لا تعمل الأسماء العاملة عمل الفعل فى باب الاشتغال إلا إذا كان الاسم منها يجوز عمله فيما قبله (١) ، وعلى ذلك فإننا يمكن لنا أن نصنف هذه الأسماء فى قضية الاشتغال إلى ثلاثة أقسام :

أولها : أسماء غير عاملة ، وهى :

ـ الصفة المشبهة باسم الفاعل ، لا تعمل فى المشغول عنه ؛ لأنها لا تعمل فيما قبلها.

ـ المصادر وأسماء الأفعال ، لا تعمل فى باب الاشتغال ؛ لأنها ليست بوصف.

ثانيها : أسماء تعمل بشرط الدلالة الزمنية والتنكير ، وهى :

ـ اسم الفاعل ، وصيغ المبالغة ، حيث لا يعمل ما يدلّ على الماضى منهما ، فيشترط للإعمال فيما قبلهما أن يكون : دالا على الحاضر أو المستقبل ، غير معرف بالأداة ، فتقول : عليا أنا مكلّمه الآن أو غدا ، بنصب (على) على المفعولية ؛ لأن اسم الفاعل (مكلم) غير معرف بالألف واللام ، ودالّ على الحاضر (الآن) ، أو المستقبل (غدا).

ومنه قولك : الدواء أنا شرّابه بعد ساعة فأربع ساعات. بنصب (الدواء) على المفعولية.

ولكنك تقول : الدرس أنا مذاكره أمس ، بالرفع فى (الدرس) على الابتدائية ؛ لدلالة زمن اسم الفاعل (مذاكر) على الماضى (أمس).

__________________

(١) ينظر : الرد على النحاة ١١٢ / الجامع الصغير ٨١ / شرح التصريح ١ ـ ٢٠٥ ، ٢٠٦.

٤٠٤

ثالثها : أسماء تعمل بشرط التنكير :

وهو اسم المفعول ، حيث يعمل فيما قبله مطلقا ، بشرط عدم تعريفه بالألف واللام ، حيث لا يعمل المتصل بهما فيما قبله ، فتقول : الكتاب أنت معطاه (بالرفع والنصب).

التراكيب التى يأتى فيها الاسم المشغول عنه :

يأتى الاسم الذى يمكن أن يكون مشغولا عنه فى ثلاثة تراكيب ، هى :

الأول : أن يتقدم الاسم المشغول عنه عامل يطلبه نحويا ؛ كالحروف الناسخة أو الأفعال الناقصة ، حينئذ يكون الاسم المشغول عنه مرتبطا بهذا العامل النحوىّ ، ويخضع له فى العمل ، من ذلك : إن محمدا أكرمه. (محمدا اسم إن منصوب).

كان الضّيف عليا الذى أحترمه. (عليا خبر كان منصوب).

كان الزميل الذى زارنى بالأمس محمدا ، (الزميل اسم كان مرفوع).

الثانى : ألا يتعلق الاسم المشغول عنه بعامل نحوىّ سابق عليه ، لكن الفعل المشغول المذكور بعده عامل فى ضمير الاسم السابق ، أو فيما نسب إليه بإحدى الصور السابقة بالرفع ، حينئذ يجب فى الاسم المشغول عنه الرفع على الابتدائية ، ذلك نحو : محمود أقبل إلينا. (محمود مبتدأ مرفوع).

محمد أحسن به ، أو بأخلاقه. حيث (الضمير المشغول به (الهاء) فى به ، والاسم الذى يتضمن ضمير المشغول عنه (أخلاق) مرفوعان.

ومنه قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ) [البقرة : ٤٤].

الثالث : التركيب السابق ، إلا أن الفعل المشغول يكون عاملا فى الضمير أو ما تضمن الضمير فى صورة من الصور السابقة بالنصب ، فتكون هذه ـ حينئذ ـ قضية

٤٠٥

اشتغال من نوع هذه الدراسة ، ويعرب الاسم المتقدم على وجهين تبعا لتقدير نوع الجملة ، ذلك على النحو الآتى (١) :

أولا : الجملة اسمية :

لك أن تقدر الجملة اسمية ، المبتدأ فيها هو الاسم المتقدم ، والخبر هو الجملة الفعلية التى تليه ، وبذلك فإنه يرفع على الابتدائية ، وهذا أرجح عندى ، حيث إن تقدم الاسم يدلّ على معلوميته ، ثم يخبر عنه بالجملة الفعلية التى تتضمن ضميرا يربطها بالمبتدإ ، هذا إذا لم يتقدم الاسم ما يتطلب فعلا ، أى : ما يختص بالدخول على الجملة الفعلية.

ثانيا : الجملة فعلية :

لك أن تقدر الجملة كلّها فعلية ، فينصب الاسم على المفعولية ، ويكون عامله محذوفا يقدر تبعا للمعنى ـ على رأى جمهور النحاة ـ وهذا الرأى مرجوح عندى ؛ نظرا لحاجتنا إلى التقدير والتأويل والبحث عن فعل ملائم للمعنى.

وتكون الجملة الفعلية المذكورة مفسرة للجملة المحذوفة ، وبذلك فلا محلّ لها من الإعراب (٢).

أما الكوفيون فإنهم يرون أن المشغول عنه حال نصبه يكون منصوبا بالفعل المذكور ، وينقسمون فى ذلك إلى قسمين :

أولهما : يرى أنصاره أن الفعل نصب الاسم والضمير معا. ويرد على هؤلاء بأن العامل لا يعمل فى ضمير اسم ومظهره.

والآخر : يرى أصحابه أن المنصوب إنما هو الاسم ، أما الضمير فهو ملغى. ويرد على هؤلاء بأن الأسماء لا تلغى بعد اتصالها بالعوامل (٣).

__________________

(١) ينظر : المقرب ١ ـ ٨٧ / شرح الشذور ٤٢٧ / الجامع الصغير ٨١.

(٢) المقتضب ٢ ـ ٦٧ / شرح الشذور ٤٢٦ / شرح التصريح ١ ـ ٢٩٧.

(٣) ينظر : الإنصاف فى مسائل الخلاف ، المسألة رقم ١٢.

٤٠٦

ومنه قوله تعالى : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها) [النور الآية الأولى] ، فى (سورة) قراءتان :

أولاهما : قراءة الجمهور بالرفع ؛ على أنها خبر لمبتدإ محذوف ، والتقدير : هذه سورة. أو : المتلوّ عليكم سورة.

والأخرى : قراءة عيسى بن عمر وآخرين بالنصب ؛ على أنها مفعول به لفعل محذوف يفسره المذكور.

وقوله تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) [فصلت : ١٧]. حيث (ثمود) بالرفع على الابتدائية ، وفيها قراءة بالنصب على تقدير (ثمود) مفعولا به مقدما لفعل محذوف يقدر من المذكور.

مفعولا به مقدما لفعل محذوف يقدر من المذكور.

أما قوله تعالى : (وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها) [الحديد : ٢٧]. ففيه يوجّه نصب (رهبانية) على وجهين :

أولهما : أنها معطوفة على (رأفة) ، وهى مفعول به لجعل الذى هو بمعنى خلق ، أو : صير ، أما جملة (ابتدعوها) فهى فى محلّ نصب ، نعت لرهبانية.

والآخر : أن تنصب على أنها قضية اشتغال ، فيكون نصبها بفعل مقدر من الفعل المذكور. إلا أن هذا الوجه يجعلونه من إعراب المعتزلة ، حيث يجعلون الرأفة والرحمة منسوبا خلقهما إلى الله تعالى ، أما الرهبانية فيجعلونها من فعل العبد ، وذلك لأنه لا يصح أن تكون قضية اشتغال ؛ لأن رهبانية نكرة لا يجوز الابتداء بها ، والمشغول عنه يجب أن يصحّ الابتداء به. ولكن غيرهم يجعلون العطف مسوغا للابتداء.

تقدير الفعل الناصب :

ذكرنا أن الاسم المشغول عنه إذا كان منصوبا فإنه ينصب عند جمهور النحاة بفعل محذوف ، يقدر تبعا للفعل المذكور المشغول بالضمير ، أو بالاسم الذى نسب إليه الضمير بطريقة من الطرق السابقة.

٤٠٧

وهذا الضمير يقدر كما يلى (١) :

أ ـ أن يكون من لفظ الفعل المذكور إذا كان المعنى يصحّ به ، نحو : عليا أفهمته ، هذه احترمتها ، الطفل أرضعته. والتقدير : أفهمت عليا أفهمته ، احترمت هذه ... ، أرضعت الطفل ....

ويكون كلّ من (على ، وهذه ، والطفل) مفعولا به منصوبا بفعل محذوف يفسره الفعل المذكور.

ويجوز أن تقدر فعلا ملائما للمعنى الكامن فى الفعل المذكور ، كأن تقدر : خصصت عليا أفهمته ... إلخ.

ب ـ أن يكون الفعل المشغول متعديا إلى ضمير الاسم بواسطة حرف الجر والاسم ظرف ، فيقدر الفعل من لفظ الفعل المذكور ، نحو قولك : يوم الجمعة ألقاك فيه ، برفع (يوم) ، ولكنك إذا نصبت فإنك تقدر فعلا من جنس المذكور فيكون : ألقاك يوم الجمعة ألقاك فيه.

ج ـ إذا كان الفعل المشغول متعديا إلى ضمير الاسم المشغول عنه غير الظرف بواسطة حرف الجرّ فإننا نختار فعلا متعديا مرادفا له ، نحو : محمودا مررت به ، التقدير : جاوزت محمودا مررت به. عليا أحسنت إليه ، التقدير : أكرمت عليا أحسنت إليه. ومنه قوله تعالى : (يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً)(٢). [الإنسان : ٣١] ، والتقدير : ويعذّب الظالمين أعدّ لهم عذابا ، فاختير فعل متعدّ يلائم معنى الفعل اللازم مع حرف الجرّ المتعلق به.

__________________

(١) ينظر : الكتاب ١ ـ ٨١ ، ٩٣ ، ٩٦ / شرح التصريح ١ ـ ٢٩٧.

(٢) (يدخل) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. (من) اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (يشاء) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو ، والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (فى رحمته) جار ومجرور ومضاف إليه ، وشبه الجملة متعلقة بالإدخال. (والظالمين) الواو : حرف استئناف مبنى ، لا محل له من الإعراب. الظالمين : مفعول به لفعل محذوف منصوب ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه جمع مذكر سالم. (أعد) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة تفسيرية لا محل لها من الإعراب. (لهم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالإعداد. (عذابا) مفعول به

٤٠٨

ومنه قول جرير :

أثعلبة الفوارس أم رياحا

عدلت بهم طهيّة والخشابا (١)

حيث الناصب لثعلبة فعل يقدر من معنى (عدلت) ، نحو : قاس ، مثّل ، ظلم ... إلخ.

د ـ أن يكون الفعل المقدر متعديا صالحا للمعنى ، ولكنه ليس من لفظ الفعل المشغول المذكور ولا معناه ، ويكون ذلك فى موضعين :

أولهما : أن يكون الفعل المذكور المشغول متعديا إلى ما نسب إلى ضمير الاسم المتقدم بواسطة حرف الجرّ (٢). إذ لا يصح ـ معنويا ـ تقدير المرادف ؛ لكونه لا يقع على الاسم المشغول عنه ؛ لأن الفعل المذكور يقع معنويا على الاسم المنسوب إلى الضمير لا الضمير ذاته ، وبالتالى لا يصح المرادف ، ذلك نحو قولك : محمدا رحبت بغلامه. التقدير : أكرمت محمدا رحبت بغلامه ، إذ الترحيب واقع على غلام محمد لا محمد ، وبالتالى فإن الترحيب لا يصح وقوعه معنويا على الاسم المتقدم ، فيقدر فعل يكون ملائما فى المعنى للترحيب بغلام محمد ، وهو الإكرام مثلا ، أو التقدير ، فتقدر : قدّرت ، أو الاحترام ، فتقدر : رحبت.

ومنه قولك : عليا مررت بصديقه ، يكون التقدير : لابست عليا مررت بصديقه ، إذ المرور ليس بعلىّ وإنما هو بصديق على.

والآخر : أن يكون الفعل المذكور متعديا ناصبا للاسم المنسوب إلى ضمير المشغول عنه فى أى صورة من صور النسب والارتباط المعنوى ، ولا يصلح بمعناه ولفظه أن يقع على الاسم المشغول عنه حتى لا يتغير معنى الجملة ، ذلك نحو قولك : محمدا ضربت خصمه. التقدير : أكرمت محمدا ضربت خصمه ، إذ

__________________

منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (أليما) صفة لعذاب منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة. وجملة (والظالمين) استئنافية لا محل لها من الإعراب.

(١) الكتاب ١ ـ ١٠٢ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ٣٣٥ / أمالى ابن الشجرى ٢ ـ ٣١٧ / شرح التصريح ١ ـ ٣٠٠ / الأشمونى ٢ ـ ٩٦.

(٢) ينظر : الكتاب ١ ـ ٨٣.

٤٠٩

الضرب لم يقع على محمد ، وإنما على خصمه ، وهذا ضرب من ضروب إكرامه ، ولذلك صلح الناصب (أكرمت) لفظا ومعنى.

ومثله قولك : محمدا ضربت أخاه. التقدير : أهنت محمدا ضربت أخاه ، فالضرب لم يقع على محمد ، وإنما على أخيه ، وهو نوع من أنواع إهانته ؛ لذا صلح الفعل (أهان).

ومنه قولك : زيدا أكرمت أباه ، وعمرا ضربت غلامه ، والتقدير : أكرمت زيدا أكرمت أباه ، وأهنت عمرا ضربت غلامه.

وإذا صحّ وقوع الفعل المشغول لفظا ومعنى على الاسم المشغول قدّر ، نحو قولك : محمدا أكرمت أخاه. التقدير : أكرمت محمدا أكرمت أخاه ، إذ إكرام أخى محمد ضرب من إكرامه ؛ لذا صلح : فعل أكرم ، ويلحظ أنه يجوز أن تقدر فعلا آخر من غير لفظ المذكور ومعناه ، نحو : قدرت ، احترمت ....

الأحوال النحوية للاسم المشغول عنه

يذكر النحويون (١) حالات لإعراب الاسم المشغول عنه تتباين بين وجوب النصب ، وجوازه ، وامتناعه ، فى ثلاثة أقسام ، تفصل على النحو الآتى :

القسم الأول : ما يجب فيه النصب :

يذكر وجوب نصب الاسم المشغول عنه إذا ذكر بعد ما يختص بالدخول على الفعل ، ويكون فى المواضع الآتية :

أ ـ بعد أدوات الشرط :

يذكر أن الاشتغال لا يقع بعدها إلا فى الضرورة الشعرية ، ويحدد سيبويه منها (إن) وحدها (٢) ، وذكر المبرد (من) و (إذا) (٣) ، وأما فى النثر فإن الاشتغال يقع بعد الأداتين ، بشرط أن يلى (إن) فعل ماض ، أما (إذا) فمطلقا.

__________________

(١) ينظر : الكتاب ١ ـ ٨٢ / الرد على النحاة ٩٥ ـ ١١٤ / المقرب ١ ـ ٨٨ / التسهيل ٨٠ ـ ٨٢ / الجامع الصغير ٨١ ـ ٨٣ / شرح الشذور ٤٢٦ ، ٤٢٧ / شرح التصريح ١ ـ ٢٩٨ وما بعدها.

(٢) ينظر : الكتاب ١ ـ ١٣٤.

(٣) المقتضب ٢ ـ ٧٤ / المقرب ١ ـ ٩١.

٤١٠

تقول : إن عليا قابلته فأنا أرحب به (١). فيكون نصب (على) بفعل محذوف يفسره الفعل المذكور (قابل) ، والتقدير : إن قابلت عليا قابلته ...

كما تقول : إذا محمودا حادثته فأنا أثق فى حديثه. فيكون (محمودا) منصوبا بفعل محذوف تقديره : حادثت.

ولا يجوز ـ عند جمهور النحاة ـ رفع الاسم المتقدم على أنه مبتدأ ؛ لأن هذه الأدوات (حروفا وأسماء) لا يليها ـ عندهم ـ إلا فعل ، فإذا لم يكن مذكورا فإنه يقدر عامل طبقا للعلاقة المعنوية بينه وبين الاسم المذكور بعد الأداة.

ويستشهد لذلك بقول النمر بن تولب :

لا تجزعى إن منفسا أهلكته

وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعى (٢)

__________________

(١) (إن) حرف شرط جازم مبنى على السكون ، لا محل له من الإعراب. (عليا) مفعول به لفعل الشرط المحذوف ، منصوب وعلامة نصبه الفتحة. (قابلته) فعل ماض مبنى على الفتح. وتاء المتكلم ضمير فى محل رفع ، فاعل ، وهاء الغائب ضمير فى محل نصب ، مفعول به. والجملة الفعلية تفسيرية لجملة الشرط المحذوفة ، لا محل لها من الإعراب. وضمير المتكلم المنفصل مبنى فى محل رفع ، مبتدأ.

(أرحب) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والفاعل ضمير مستتر تقديره : أنا. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدإ ، والجملة الاسمية فى محل جزم ، جواب الشرط. (به) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالترحيب.

(٢) ينظر : الكتاب ١ ـ ١٣٤ / المقتضب ٢ ـ ٧٤ / ديوانه ٧٢.

(لا) حرف نهى مبنى لا محل له من الإعراب. (تجزعى) فعل مضارع مجزوم بعد لا الناهية ، وعلامة جزمه حذف النون. وضمير المخاطبة مبنى فى محل رفع ، فاعل. (إن) حرف شرط جازم مبنى على السكون. وفعل الشرط محذوف دل عليه المذكور. (منفسا) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(أهلكته) فعل ماض مبنى على السكون ، وتاء الفاعل ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، وضمير الغائبة مبنى فى محل نصب ، مفعول به ، والجملة تفسيرية لجملة الشرط المحذوفة ، لا محل لها من الإعراب.

(وإذا) الواو حرف ابتداء مبنى. إذا : ظرف زمان ضمن معنى الشرط مبنى فى محل نصب ، مضاف إليه.

(هلكت) فعل ماض مبنى على السكون ، وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة فى محل جر بالإضافة. (فعند) الفاء حرف زائد مبنى ، لا محل له من الإعراب. عند : ظرف زمان مبنى فى محل نصب. (ذلك) اسم إشارة مبنى فى محل جر بالإضافة ، وشبه الجملة متعلقة بالجزع. (فاجزعى) الفاء واقع فى جواب الشرط حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. اجزعى : فعل أمر مبنى على حذف النون وياء المخاطبة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الأمرية جواب الشرط ، لا محل لها من الإعراب.

٤١١

حيث ينصب (منفس) فى رواية ، فيقدر نصبها على المفعولية لفعل محذوف ، يفسره المذكور.

وقول ذى الرمة :

إذا ابن أبى موسى بلالا بلغته

فقام بفأس بين وصليك جازر (١)

بنصب (ابن ـ بلالا) فى رواية ، فيكون (ابن) مفعولا به لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور. أما (بلالا) فنصبه على البدلية أو عطف البيان.

لكنه يلاحظ على البيتين السابقين ما يأتى :

ـ البيت الأول : يروى فى كثير من المواضع برفع (منفس) ، ويخرجونه على أنه مسبوق بفعل محذوف تقديره : إن هلك منفس ، ويذكر المبرد أنه يجوز الرفع بإضمار (هلك) مبنيا للمجهول (٢).

ـ البيت الثانى : يروى فى كتاب سيبويه (٣) برفع (ابن وبلال).

لنا رأى فى هذه القضية مذكور بالتفصيل فى دراسة التركيب الشرطى ، عليه فإن ذكر الاسم بعد أدوات الشرط لا يجوز إلا مع أدوات الشرط غير الجازمة ؛ لأنها غير مختصة بالفعل ؛ لأنها لا تؤثر فيه إعرابا ، وعندئذ يخرج حكم ذكر الاسم المشغول عنه بعد أداة الشرط من حالة وجوب النصب إلى حالة الجواز ، أو وجوب الرفع.

أما (إن) أداة الشرط الجازمة التى ذكرها النحاة فى هذه القضية فهى أمّ الباب ، وتحتمل ما لا يحتمله غيرها من سائر أدوات الشرط الجازمة.

ومما ذكر من وقوع المرفوع بعد (إن) الشرطية قول الشاعر :

فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب

لعلّك تهديك القرون الأوائل

__________________

(١) ينظر : المقتضب ٢ ـ ٧٤.

وصليك : مفصليك. يدعو على ناقته.

(٢) المقتضب ٢ ـ ٧٦.

(٣) الكتاب ١ ـ ٨٢.

٤١٢

ويقدر بالقول : إن لم تنتفع بعلمك ، فلما حذف الفعل ظهر الضمير المرفوع المنفصل (أنت).

ب ـ بعد أدوات العرض والتحضيض :

نحو : هلا الصديق أكرمته ، ألا الدرس فهمته ، لولا الأمر عرضته علينا أولا.

كل من : الصديق ، والدرس ، والأمر مفعول به منصوب بفعل محذوف ، يفسره الفعل المذكور (أكرم ، فهم ، عرض).

ج ـ بعد أدوات الاستفهام غير الهمزة :

نحو : هل كتابا اشتريته؟ التقدير : هل اشتريت كتابا؟ .. متى صديقنا زرته؟ أى : متى زرت صديقنا؟ .. أين القلم وجدته؟ كيف محمدا قابلته؟

كلّ من : كتاب ، وصديق ، والقلم ، ومحمد ، منصوب بفعل محذوف يقدر بعد أداة الاستفهام ، يفسره الفعل المذكور بعد الاسم المنصوب.

أما الهمزة فإنها تدخل على الاسم والفعل سواء ، وإن كان دخولها على الفعل أكثر.

د ـ فى ما إذا كان النصب يظهر المعنى :

وذلك كما فى قوله تعالى : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) [القمر : ٤٩] ، حيث العامة على نصب (كل) على الاشتغال ، والنصب يوضح المعنى ، إذ يدلّ ذلك على عموم الخلق ، حيث يكون التقدير : إنا خلقنا كلّ شئ خلقناه بقدر ، فخلقنا تأكيد وتفسير للمحذوف المقدر. أما الرفع فإنه يدلّ على غير ذلك ، أى : على غير عموم الخلق لله تعالى.

القسم الثانى : ما يجب فيه الرفع :

يرى بعض النحاة أن هذا القسم من مواضع وجوب رفع الاسم فى جملة الاشتغال لا يجوز أن يدرس فى هذا الباب ؛ لأن الاسم فيه يكون مرفوعا ضرورة ، والاشتغال لا يعنى إلا بما هو منصوب ، سواء أكان واجبا ، أم راجحا ، أم

٤١٣

مرجوحا ، أم متساويا ، لكننى آثرت أن أذكر مواضع وجوب الرفع حتى تتضح وتتبين من غيرها من مواضع الأحكام الأخرى ، ولأن الاسم الواجب رفعه فى هذا القسم بنية جملته ـ معنويا ـ تجعل الاسم المتقدم غير منصوب فى أىّ حكم من أحكام النصب ، بحيث إنه لو زالت هذه الموانع لاتخذ الاسم حكما من أحكام النصب.

ويمتنع نصب الاسم المشغول عنه ، ويجب رفعه فى موضعين رئيسين (١) :

أ ـ أن يذكر الاسم المشغول عنه بعد أداة تختص بالدخول على الجملة الاسمية ، كـ (إذا) الفجائية ، نحو قولك : فتحت الباب فإذا الصديق أراه ، (الصديق) مرفوع على الابتدائية ، ولا يجوز نصبه على الاشتغال ؛ لأنه واقع بعد (إذا) الفجائية.

و (ليتما) ، وهى (ليت) المكفوفة بما ، حيث لا يليها إلا اسم ، فتقول : ليتما محمد كافأته ، بالرفع ضرورة ، فـ (إذا وليتما) لا يليهما فعل ولا معمول فعل.

ب ـ أن يذكر الاسم قبل أداة لا يعمل ما بعدها فيما قبلها ، أى : يذكر الاسم المشغول عنه فى المواضع الآتية :

١ ـ قبل أدوات الشرط :

يكون الاسم المتقدم على أداة الشرط مبتدأ ، خبره التركيب الشرطىّ ، أو جملة الجواب على أن الشرط اعتراض بين المبتدإ وخبره.

من ذلك قولك : محمد إن قابلته فأعطه ماله. حيث (محمد) مبتدأ خبره التركيب الشرطى (إن قابلته فأعطه) أو جملة (فأعطه). ولا تصح هذه قضية اشتغال ؛ لأن الاسم المتقدم ذكر قبل أداة شرط ، وما بعدها لا يصلح للعمل فيما قبلها.

ومنه أن تقول : ثمار الشجرة متى ما نضجت فاجنها ، أموالك ما تخرجه منها فى سبيل الله يوفّه إليك ، طلبة الفرقة من يحصل على درجات متفوقة منهم ينل المكافأة.

__________________

(١) ينظر : الكتاب ١ ـ ١٣٤ / المقرب ١ ـ ٨٨ / التسهيل ٨٠ / شرح الشذور ٤٢٧.

٤١٤

كلّ من : (ثمر ، وأموال ، وطلبة) مرفوع على الابتدائية ؛ لوقوعه قبل أداة شرط ، وخبر كلّ منها التركيب الشرطى.

وتقول : صديقك إن تدعه يجبك ؛ المتعاونون إن كانوا على خير فقد أدّوا ما أمر الله به ، أخوك إن ترد نصرته وهو ظالم فلتردّه إلى الحق (١) ، الحديقة أينما تسر فى أرجائها تسعد.

٢ ـ قبل أدوات الاستفهام :

يكون الاسم المتقدم على أداة الاستفهام مبتدأ ، خبره محذوف ـ على رأى جمهور النحاة ـ يقدر من القول ، فإذا قلت : علىّ هل قابلته؟ ، فإن عليا يكون مرفوعا على الابتدائية ، ويكون الخبر محذوفا تقديره : مقول له ، أو : يقال له ؛ لتكون الجملة الاستفهامية فى محلّ نصب ، مقول القول المحذوف ؛ لأن الخبر ـ عند هؤلاء ـ لا يكون جملة إنشائية.

ومنه أن تقول : أخوك متى تزوره؟ ذو العلم أتحترمه؟ الوالدان أين أجدهما؟

٣ ـ قبل (كم) الخبرية :

لا يعمل ما بعد (كم) الخبرية فيما قبلها ، فهى بمثابة قسيمتها الاستفهامية فى هذه السمة ؛ لذلك فإن الاسم المشغول عنه إذا وقع قبل (كم) الخبرية فإنه يرفع على

__________________

(١) (أخوك) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الواو ؛ لأنه من الأسماء الستة ، وكاف المخاطب ضمير مبنى في محل جر بالإضافة. (إن) حرف شرط جازم مبنى على السكون ، لا محل له من الإعراب. (ترد) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (نصرته) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة. (وهو) الواو : للابتداء أو للحال حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب ، هو : ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (ظالم) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والجملة الاسمية في محل نصب ، حال. (فلترده) الفاء : حرف واقع فى جواب الشرط مبنى ، لا محل له من الإعراب. اللام : حرف أمر مبنى ، لا محل له من الإعراب.

ترد : فعل مضارع مجزوم بعد لام الأمر ، وعلامة جزمه السكون ، وحرّك لالتقاء الساكنين ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. وهاء الغائب ضمير مبنى في محل نصب ، مفعول به. والجملة الفعلية فى محل جزم ، جواب الشرط ، والتركيب الشرطى فى محل رفع ، خبر المبتدإ. (إلى الحق) جار ومجرور ، وعلامة جره الكسرة ، وشبه الجملة متعلقة بالرد.

٤١٥

الابتداء وجوبا ، ولا يجوز نصبه ، نحو : أموال كم أنفقتها. (أموال) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وخبره الجملة الاسمية (كم أنفقتها).

ومثل ذلك قولك : أوقات كم ضيّعتها من عمرك.

٤ ـ قبل أدوات العرض والتحضيض :

إذا تقدم الاسم المشغول عنه على أدوات العرض والتحضيص فإنه يرفع على الابتدائية ؛ لأن ما بعد هذه الأدوات لا يعمل ما بعدها فيما قبلها.

من ذلك قولك : سمير ألا تصافحه. حيث (سمير) مبتدأ ، خبره محذوف يقدر من القول.

ومثله أن تقول : علىّ أما ترضيه. محمود هلا تطيعه. وكذلك : لو لا ، ولو ما وهلا ، وهلّا ...

ومعنى تركيب التحضيض والعرض فيه جواب للاسم المتقدم عليهما.

٥ ـ قبل الجملة المضافة :

نحو : الوال ـ دان يوم تزورهم ـ ا يفرحان. الط ـ لاب وقت يفهمون يسعدون.

كلّ من الاسمين المشغول عنهما (الوالدان ، الطلاب) يجب فيه الرفع ؛ لأن الفعل المشغول والضمير الشاغل فى جملة مضافة ، حيث الجملتان الفعليتان (تزورهما ، ويفهمون) فى محلّ جرّ بالإضافة إلى (يوم ، ووقت).

ومنه قولك : العمال ساعة تقدرهم يخلصون ، الطلاب زمن تمتحنهم يلتزمون ، الزرع سنة ترعاه تحصل على إنتاج وفير.

وأنت تلحظ أن التركيب فيه معنى الجواب ، فكأنه شرط ، أو استفهام مسبوق بالاسم المشغول عنه.

٦ ـ قبل اللام الداخلة على جواب القسم :

إذا تقدم المشغول عنه اللام الداخلة على جواب القسم فإنه يكون مرفوعا على الابتداء ، ولا يجوز نصبه ، نحو : المجدّ والله لتكافئنّه ، حيث (المجد) مبتدأ

٤١٦

مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، ولا يجوز نصبه على الاشتغال ؛ لأن لام القسم دخلت بينه وبين الفعل المشغ ـ ول ، وما بعدها لا يعم ـ ل فيما قبلها. والفكرة هنا تتسق مع كل التراكيب التى فيها معنى الجواب والجزاء.

ومنه أن تقول : علىّ وربّى لأزورنّه ، المريض بالله لتعودنّه ، جارى وعمرى لأحافظن عليه ، الصلوات الخمس تالله لأؤدينّها فى أوقاتها.

٧ ـ قبل التعجب :

نحو : الصديق ما أكرمه ، الكتاب ما أشدّه وفاء.

كلّ من : (الصديق والكتاب) يجب رفعه على الابتدائية ، ولا يجوز نصبه لأنه مذكور قبل (أفعل) التفضيل.

ومنه : علىّ ما أحسنه خطا ، ومحمود ما أجمله خلقا. وأحمد ما أشدّ إخلاصه فى العمل.

٨ ـ قبل الحروف الناسخة :

العامل يضعف إذا وقع بعد الأحرف الناسخة ؛ لذلك فإن الاسم المشغول عنه إذا تقدم الحرف الناسخ فإن الفعل المشغول المذكور بعده يجوز عمله فيه ؛ لذا وجب فيه الرفع على الابتداء ، ذلك كقولك : الفتاة إنى احترمتها. (الفتاة) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، خبره الجملة الاسمية المنسوخة (إنى احترمتها).

ومثل ذلك أن تقول : الصديق لعلنى أزوره اليوم ، المتوفّى لعل الله يرحمه.

القطار لعلّنى أدركه فى موعده. أسئلة الامتحان لعلّى أحلها جميعها.

٩ ـ قبل لام الابتداء :

ما بعد لام الابتداء من عامل لا يعمل فيما قبله ، ولذلك فإن الاسم إذا كان مشغولا عنه فإنه لا ينصب إذا ذكر العامل المشغول بعد لام الابتداء ، نحو قولك : المجتهد لقد كافأناه ، (المجتهد) مرفوع على الابتداء ، وخبره الجملة الفعلية التى تليه.

٤١٧

ومثله قولك : القاعة لقد نظفناها ، والمقاعد لقد رتبناها ، والطلاب لقد جلسوا منتظمين.

١٠ ـ قبل الأسماء الموصولة :

الاسم الموصول لا يعمل ما بعده فيما قبله ، فالاسم المشغول عنه إذا تقدم الاسم الموصول فإنه يرفع على الابتدائية وجوبا ، نحو : محمد الذى أسلّمه الأمانة ، حيث (محمد) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، خبره الاسم الموصول (الذى).

ومنه أن تقول : الصديق هو الذى أدعوه الليلة ، والكتاب أنا الذى أشتريه.

يجب الرفع فى كلّ من : (الصديق والكتاب) ، حيث الضمير العائد على كلّ منهما فى جملة صلة ، والاسم الموصول مذكور بعد الاسم المشغول عنه ، فوجب رفعه حيث لا يعمل ما بعد الاسم الموصول فيما قبله.

ومنه الساعة التى اشتراها غالية الثمن. المبادئ التى يلزمها سامية.

١١ ـ قبل الاسم الموصوف بالعامل المشغول :

العامل المشغول إذا كان صفة فإنه لا يصح أن يعمل فى المشغول عنه ؛ لأنه تابع له ، فيجرى مجراه فى الإعراب ، فلا يجوز أن يعمل التابع فى متبوعه ، فقولك : محمد رجل أحترمه ؛ فيه الجملة الفعلية (أحترمه) فى محل رفع ، نعت لرجل ، وهو اسم مشغول عنه بضميره هاء الغائب والمشغول الفعل (أحترم) ، فلا يجوز نصب (رجل) بالفعل المشغول حيث إنه يتصدر جملة النعت.

ومن أمثلة سيبويه (١) فى ذلك القول : هذا رجل ضربته ، الناس.

رجلان : رجل أكرمته ورجل أهنته. ومن ذلك قول جرير :

أبحت حمى تهامة بعد نجد

وما شئ حميت بمستباح (٢)

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ٨٧ ، ٨٨.

(٢) الكتاب ١ ـ ٨٧ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ٣٢٩ / أمالى الشجرى ١ ـ ٥ ، ٧٨ ، ٣٢٦.

٤١٨

حيث رفع (شىء) على الابتدائية ، وتكون جملة (حميت) فى محل رفع ، نعت (شىء) بتقدير الضمير الرابط ، أى : حميته : ولا يجوز النصب فى (شىء) كى لا ينتقض المعنى ، حيث النصب يدلّ على عدم الحماية للشىء المستباح ، أى التقدير : وما حميت شيئا بمستباح ، لكن الشاعر يريد أن الشىء الذى يحميه لا يستباح.

ومنه قولك : الصديق رجل أنصحه بأمانة ، والسفيه إنسان أجتنبه وأقاطعه.

الإخلاص صفة لا أفارقها.

١٢ ـ قبل ما النافية :

لا يعمل ما يقع بعد (ما) النافية فيما قبلها ؛ لذلك فإن قولك : علىّ الصديق ما أشكوه أبدا ، فيه (على) يرفع على الابتدائية ، لأنه وقع قبل (ما) النافية ، والعامل المشغول ذكر بعدها ، ولا يجوز أن ينصب ما بعد (ما) النافية ما قبلها.

ومنه أن تقول : محمد ما أهمل حقّه ، محمود ما أتركه وحده ، علىّ ما أعود منزله.

١٣ ـ قبل (لا) النافية الواقعة فى جواب القسم :

لا يعمل ما بعد (لا) النافية فيما قبلها إذا وقعت فى جواب القسم ، نحو : محمد والله لا أعاتبه ، حيث (محمد) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، خبره محذوف ـ عند جمهور النحاة ـ تقديره من القول : يقال له ، أو : مقول له ؛ لأن القسم إنشاء.

__________________

(أبحت) فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المخاطب مبنى فى محل رفع ، فاعل. (حمى) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. (تهامة) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة. (بعد) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف متعلق بالإباحة. (نجد) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (وما) الواو : حرف استئناف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (ما) حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. (شىء) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (حميت) فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المخاطب مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية فى محل رفع ، نعت لشئ. (بمستباح) الباء : حرف جر زائد مبنى ، لا محل له من الإعراب :مستباح : خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.

٤١٩

ومنه قولك : محمود والله لا أهمله ، وسمير وعمرى لا أرحل عنه ، وعلىّ بالله لا أصيبه.

١٤ ـ قبل أدوات الاستثناء :

نحو : ما محمد إلا أحبه ، وما محمود إلا يكافئه المدير.

كلّ من (محمد ، ومحمود) اسم مشغول عنه ، وهو واجب الرفع ؛ لأن العامل المشغول واقع بعد استثناء.

ومنه أن تقول : ما سعيد إلا أحترمه ، وما علىّ إلا أجانبه ، وما السفيه إلا أجتنبه.

١٥ ـ قبل اسم الفعل :

نحو : أخوك عليكه ، القطار دراكه ، السلم نزال عليه.

كل من (أخ والقطار والسلم) واجب الرفع على الابتدائية ؛ لأن اسم الفعل المذكور بعد كلّ منها لا يعمل فيما قبله نصبا.

ج ـ إذا ذكر الاسم المشغول عنه قبل إنشاء ، وضميره مرفوع فيه ، فإنه يرفع : كصيغة التعجب (أفعل به) ، فتقول : محمد أكرم به ، يجب أن يرفع.

(محمد) ؛ لأن ضميره (الهاء) فى (به) فاعل مبنى فى محلّ رفع ، وحرف الجرّ الباء زائد.

ومنه قولك : علىّ أحسن بخطّه ، أكرم أجمل بخلقه.

د ـ يرفع الاسم المشغول عنه إذا ذكر قبل ما يصفه من جملة فعلية ؛ لأن النعت لا يعمل فى المنعوت ، نحو قوله تعالى : (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) [القمر : ٥٢].

حيث لا اختلاف فى رفع (كل) ، إذ إن نصبه يؤدى إلى فساد المعنى ، إذ يكون التقدير حال النصب : فعلوا كلّ شئ فى الزّبر : وهو خلاف الواقع ، لكن الرفع يدلّ على أن كلّ شىء فعلوه ثابت فى الزّبر. فجملة (فعلوه) فى محل جرّ ، نعت لشىء ، والنعت لا يعمل فى منعوته ، ورفع (كل) يكون على الابتدائية ، وخبره شبه الجملة (فى الزبر).

٤٢٠