النحو العربي - ج ٢

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ٢

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٧١

يلاحظ أن الحدثية فى الأفعال السابقة مشتركة بين طرفين ؛ لذا تعدّى الفعل ، أما إذا كانت الحدثية مقصورة على واحد فإن الهمزة والسين والتاء لا تعدى الفعل ، بل يظلّ لازما ، نحو : استراح المتعب ، استفاق الغائب ، استقام العود.

ـ حذف حرف الجر على التوسع ، فينصب ما بعده بعد أن كان مجرورا ، ويكون نصبه على السعة ، أو الاتساع ، أو حذف حرف الجر ، أو نزع الخافض ، ومنه قول جرير :

تمرّون الديار ولم تعوجوا

كلامكم علىّ إذن حرام (١)

والأصل : تمرون بالديار ، ويطرد حذف حرف الجر مع (أنّ ، وأن) المصدريتين بشرط أمن اللبس ، ومنه قوله تعالى : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) [آل عمران : ١٨] ، أى : شهد الله بأنه ، فلما حذف حرف الجر تعدى الفعل (شهد) على السعة أو نزع الخافض ، فأصبح المصدر المؤول (أنه لا إله إلا هو) فى محل نصب ، ويجوز أن تقدر وجود حرف الجر فتجعل المصدر فى محل جر.

ومنه قوله تعالى :(بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) [ق : ٢] ، أى : عجبوا من أن جاءهم ...

(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) [البقرة : ٢٥] ، أى بشر بأن ...

__________________

(١) ينظر : شرح ابن عقيل رقم ١٥٩ / الدرر رقم ١٤٠١ ، ٥ ـ ١٨٩.

(تمرون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (الديار) منصوب على التوسع ، وعلامة نصبه الفتحة ، أو منصوب على نزع الخافض. (ولم) الواو : للابتداء أو للحال حرف مبنى لا محل له من الإعراب. لم : حرف نفى وجزم وقلب مبنى لا محل له من الإعراب. (تعوجوا) فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية فى محل نصب ، حال. (كلامكم) كلام : مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف ، وضمير المخاطبين مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (علىّ) على : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلم مبنى فى محل جر بعلى. وشبه الجملة متعلقة بالحرمة. (إذن) حرف جواب وجزاء مبنى ، لا محل له من الإعراب. (حرام) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

١٢١

(إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً) [البقرة : ٢٦] ، أى : لا يستحيى من أن يضرب ... الفعل (استحيى) يتعدى بنفسه تارة ، وأخرى بحرف الجر. (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها)(١) [النساء : ٥٨] ، أى : بأن تؤدوا ..

(وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) [النساء : ١٢٧]. أى : فى أن تنكحوهن.

وينوه إلى أن حذف حرف الجر وذكره يجعلان الفعل متعديا ، إلا أنه يتعدى بنفسه تارة ، وبواسطة تارة أخرى. ومن ذلك : رحبتكم الطاعة ، طلع بشر اليمن ، بضم العين فيهما ، أى : وسعتكم الطاعة ، بلغ اليمن.

كما ينوه إلى أنه إن لم يتعين حرف الجر فإنه لا يحذف ، فلا يقال : رغبت محمدا ؛ لأنه لا يدرى إن كان : رغبت فى ... ، أو : رغبت عن ....

ـ التضمين النحوى ، من وسائل تعدية الفعل اللازم تضمينه أو إكسابه معنى فعل متعد ، فيتعدى تعديته ، ويجعلون منه قوله تعالى : (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ)(٢) [البقرة : ٢٣٥]. حيث تضمن الفعل اللازم (تعزموا) ـ وهو

__________________

(١) (إن) حرف توكيد ونصب ناسخ مبنى ، لا محل له من الإعراب. (الله) لفظ الجلالة اسم إن منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (يأمركم) يأمر : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. وضمير المخاطبين مبنى فى محل نصب ، مفعول به. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر إن. (أن) حرف مصدرى ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. (تؤدوا) فعل مضارع منصوب بعد أن ، وعلامة نصبه حذف النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والمصدر المؤول مبنى فى محل نصب ، مفعول به ثان على التوسع ، أو منصوب على نزع الخافض. (الأمانات) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الكسرة ؛ لأنه مختوم بالألف والتاء المزيدتين. (إلى أهلها) إلى : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. أهل : اسم مجرور بعد إلى ، وعلامة جره الكسرة ، وهو مضاف ، وضمير الغائبة مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. وشبه الجملة متعلقة بالتأدية.

(٢) (لا) حرف نهى مبنى لا محل له من الإعراب. (تعزموا) فعل مضارع مجزوم بعد لا الناهية ، وعلامة جزمه حذف النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع فاعل. (عقدة) مفعول به منصوب على التوسع ، وعلامة نصبه الفتحة. أو منصوب على نزع الخافض. وهو مضاف. و (النكاح) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (حتى) حرف غاية وجر مبنى لا محل له من الإعراب. بمعنى (إلى أن) ، متعلق بعدم العزم. (يبلغ) فعل مضارع منصوب بعد حتى ، أو بعد أن المضمرة ، وعلامة نصبه الفتحة.

(الكتاب) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (أجله) أجل : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

وهو مضاف ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر ، مضاف إليه.

١٢٢

لا يتعدى إلا بواسطة حرف الجر (على) ـ معنى الفعل المتعدى (تنووا أو تعقدوا) ، فاكتسب التعدية بنفسه.

ومنه قول على ـ عليه السّلام : «إن بشرا قد طلع اليمن» أى : بلغ اليمن ، فضمن اللازم (طلع) معنى المتعدى (بلغ).

ومنه : أمرتك الخير ، أى : كلفتك.

ـ حرف الجر : ذكرنا سابقا أن الفعل يتعدى إلى مفعوله بواسطة حرف الجر المناسب معنويا ، نحو : خرجت به ، مال إليه ، انصرف عنه ، تمّت النعمة له.

الأفعال التى تتعدى لمفعولين

تتنوع الأفعال التى تتعدى إلى مفعولين بتنوع الأثر النحوى أو اللفظى ، والأداء الدلالى لها فى المفعولين ، فقد يكون بواسطة أو بدون واسطة أو بالجمع بينهما ، وإلى جانب ما ذكرناه ـ سابقا ـ من تعدى بعض الأفعال إلى اثنين بواسطة أحرف الجر نذكر الأقسام الأخرى للأفعال التى تتعدى إلى مفعولين فيما يأتى :

ـ أفعال تتعدى إلى مفعولين : إلى أحدهما بنفسها ، وإلى الآخر بواسطة :

نحو : شبّه الابن الوفىّ أباه بالملائكة. سمّى الرجل ابنه بمحمد. أوقع المدير بهم أشدّ الجزاء. أتبع القارئ كلّ صفحة بما يليها.

تلحظ أن الأفعال السابقة قد تعدت إلى مفعولين ، وقد تعدت إلى أحدهما بنفسها سواء أكان الأول أم الثانى ، وهو على الترتيب : أبا ، ابن ، أشد ، كل ، وتعدّت إلى الآخر بواسطة ، وهو ـ مع حرف الجرّ السابق عليه على الترتيب : بالملائكة ، بمحمد ، بهم ، بما.

ومن ذلك أن تقول : أتمّ الله نعمته عليك ، أذكّرك بالواجبات التى عليك ، خصّك الخالق ـ تعالى ـ بالفضائل ، عقدنا الزعامة له ، أتاه بكل ما يشاء ، دفعت هذا الأمر إليك. اسغفرت الله من ذنبى ، اخترت من الرجال محمودا.

ـ أفعال تتعدى لمفعولين مرة بنفسها ، وأخرى لأحدهما بواسطة :

نحو : منعتك فعل الشرّ ، منعتك من فعل الشر ، منعت الشرّ منك.

١٢٣

تجد أن الفعل (منع) قد تعدى إلى المفعولين (كاف المخاطب ، وفعل) بنفسه فى الجملة الأولى ، ولكنه تعدى إلى أحد المفعولين بنفسه ، ويكون ذلك على

التوسع ، أو السعة أو نزع الخافض ، وإلى الآخر بواسطة فى الجملتين الثانية والثالثة.

ومن ذلك الأفعال : أمر ، سأل ، سقى ، اختار ، استغفر ، كنّى ، سمّى ، دعا (بمعنى سمّى) ، صدق ، زوّج ، وزن (١). وكذلك : نبّأ ، خبّر ، أخبر ، حدّث ، غير مضمنة معنى (أعلم).

فتقول : سقيت الحيوان الماء ، سقيت الحيوان بالماء ، سقيت الماء للحيوان. كنّيت محمدا الكريم ، كنيت محمدا بالكريم ، كنيت الكريم لمحمد ، زوّجت فاطمة عليا ، زوجت فاطمة لعلى ، زوجت عليا لفاطمة.

وقد جمعا فى قول الشاعر :

أمرتك الخير فافعل ما أمرت به

فقد تركتك ذا مال وذا نشب (٢)

__________________

(١) ينظر : شرح شذور الذهب ٣٦٩ وما بعده.

(٢) ينظر : الكتاب ١ ـ ٣٧ / المقتضب ٢ ـ ٣٥ ، ٨٣ ، ٣٢٠ / الجمل ٤٠ / شرح ابن عصفور للجمل ١ ـ ٣٠٥ / شرح ابن يعيش ٢ ـ ٤٤ ، ٨ ـ ٥٠ / البسيط فى شرح الجمل ١ ـ ٤٢٦ / خزانة الأدب رقم ٥٢ ، ١ ـ ٣٣٩.

(أمرتك) أمر : فعل ماض مبنى على السكون. وضمير المتكلم (التاء) مبنى فى محل رفع ، فاعل.

وضمير المخاطب (الكاف) مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (الخير) مفعول به منصوب على التوسع أو على نزع الخافض ، وعلامة نصبه الفتحة. (فافعل) الفاء فاء الفصيحة حرف مبنى لا محل له من الإعراب. افعل : فعل أمر مبنى على السكون. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (ما) اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (أمرت) أمر : فعل ماض مبنى على السكون مبنى للمجهول ، وتاء الفاعل ضمير مبنى فى محل رفع ، نائب فاعل. (به) الباء : حرف مبنى لا محل له من الإعراب.

وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالباء ، وشبه الجملة متعلقة بالأمر. (فقد) الفاء حرف تعليل مبنى ، لا محل له من الإعراب. قد : حرف تحقيق مبنى ، لا محل له من الإعراب. (تركتك) ترك : فعل ماض مبنى على السكون. وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. وضمير المخاطب مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (ذا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الألف ؛ لأنه من الأسماء الستة.

وهو مضاف ، و (مال) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (وذا نشب) حرف عطف مبنى ، ومعطوف عليه منصوب مضاف ، ومضاف إليه.

١٢٤

حيث تعدى الفعل (أمر) إلى مفعولين بنفسه مرة (أمرتك فعل) ، وأخرى إلى أحدهما بواسطة حرف الجر (أمرت به).

وتقول : أنبأتك الخبر ، أو : بالخبر ، حدّثتك بالصدق ، أو : الصدق. استغفرت الله من الذنوب ، استغفرت الله ذنوبى.

ـ أفعال تتعدى لمفعولين مرة ، ولا تتعدى أخرى :

هذه الأفعال تتعدى فى معنى ، وتلزم فى معنى آخر ، نحو : نقص المال ، نقصت المال جنيهين.

(نقص) فى الجملة الأولى فعل لازم ، وفاعله (المال) ، أما هو فى الجملة الثانية ففعل متعد إلى اثنين ، أولهما (المال) ، والثانى (جنيهين).

ومنه قوله تعالى : (ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً) [التوبة : ٤] ، حيث (ينقص) تعدّى إلى مفعولين : (كاف المخاطبين وشيئا) ، وبعضهم يرى أن (شيئا) نائب عن المفعول المطلق ، والتقدير : نقصا ما ، أو : شيئا من النقصان (١).

ـ أفعال تتعدى إلى مفعولين صرفيّا (بنيويا):

الأفعال التى تتعدى إلى مفعول واحد بلا واسطة تتعدى إلى مفعولين بواسطة الهمزة (٢). والفعل المنقول بالهمزة متعدّ دائما ، فإذا كان متعديا قبلها إلى واحد ، فإنه ينقل بها إلى التعدى إلى اثنين.

فتقول : أفهمت محمدا الدرس. (محمدا) مفعول به أول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، (الدرس) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

ومنه : أعلمت عليّا الخبر ، بمعنى (أعرفته). أسمعنا المدرس الشرح. أكسبته التجارة مالا وفيرا. ألحقت المسافر القطار.

ومثل التعدى الصرفى بالهمزة التعدى بالهمزة والسين والتاء ، فتقول : استنطقت محمدا الخبر ، وقد كان : نطق محمد الخبر ، متعديا إلى مفعول واحد ، فلما أردت

__________________

(١) ينظر : إملاء ما منّ به الرحمن ٢ ـ ١١ / الدر المصون ٣ ـ ٤٤٣.

(٢) ينظر : المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٦١١.

١٢٥

للفعل معنى الطلب ضممت إليه الهمزة والسين والتاء. فنقلته إلى التعدّى إلى اثنين.

ومنه : استكتبت عليّا الإيصال. استغفرت الله الذنوب جميعها. استعملت الرجل خفيرا. ومثلهما فى التعدى الصرفى أو البنيوى التعدى بالتضعيف ، فتقول : ملّكت صديقى أمرا مهما ، وقد كان : ملك صديقى أمرا. حيث تعدى الفعل (ملك) إلى مفعولين بعد تضعيف عينه ؛ لأن تضعيف العين من وسائل نقل الفعل فى التعدّى.

ومنه : ذكّرته الحلّ ، عرّفته الصواب.

ـ ما يتعدى لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر :

تسمى أفعال القلوب ، حيث تقوم معانيها بالقلب ، وأنوه إلى أن أفعال القلوب ثلاثة أقسام :

أ ـ فمنها ما لا يتعدى إلا بواسطة الحرف ، نحو : فكّر ، وتفكّر ، حيث تقول : فكّرت فى الأمر ، وتفكّرت فى السؤال.

ب ـ ومنها ما يتعدى إلى واحد ، نحو : عرف وفهم ، وتبين وتحقق ، فتقول : عرفت حلّ المسألة ، وفهمت الشرح ، تبينت الخبر.

ج ـ ومنها ما يتعدى لاثنين أصلهما المبتدأ والخبر :

هذه المجموعة من الأفعال تحتاج إلى مفعولين كانا يكونان جملة اسمية قبل دخولها عليهما ، فينصب المبتدأ ليكون مفعولا به أول ، وينصب الخبر ليكون مفعولا ثانيا ، ولا يصحّ الاقتصار على أحد المفعولين ، أو حذف أحدهما ، كما أن المفعول الثانى الذى كان خبرا يجوز أن تكون بنيته بنية الخبر ، من : مفرد وجملة وشبه جملة ، وتنقسم هذه الأفعال إلى ثلاث مجموعات ـ على الوجه الأرجح ـ بحسب ما تؤديه من علاقة دلالية بين المفعول الأول والمفعول الثانى ، تتباين فى جانب الظن أو اليقين ، وهى :

١٢٦

المجموعة الأولى : ما يفيد الظنّ أو الرّجحان : تدلّ أفعال هذه المجموعة على ظنّ فى الخبر (المفعول به الثانى) ، أى : إن علاقة الخبر بالمبتدإ علاقة ظنية ، والمعنى الذى يصلح لأفعال هذه المجموعة هو معنى الرجحان ، أى : رجحان حدوث معنى الخبر فى المبتدإ أوله ، ومعنى الرجحان يجنبنا معنى الزعم أو الكذب أو الافتراء الذى يمكن أن يفهم من هذا التركيب.

ويحلو لبعض النحاة أن يجعلوا أفعال هذه المجموعة قسمين ، أولهما : ما يدل على الظنّ ، وأفعاله : (زعم وجعل وحجا ، وهب وعدّ) ، ويلحق بها (توهم).

والآخر : ما يدل على الظنّ واليقين ، وأفعاله : (حسب ، وظنّ ، وخال ، وعلم ، وتعلم) ، لكننا نذكر هذه الأفعال فى مجموعة واحدة تفيد الرجحان ، حيث يغلب حدوث معنى الخبر فى المبتدإ فى تراكيب جميع أفعالها ـ على الوجه الأرجح :

ظنّ :

ومن أمثلته : قوله تعالى : (إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً) [الإسراء : ١٠١] ، ضمير المخاطب (الكاف) فى محلّ نصب ، مفعول به أول ، (مسحورا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

وكذلك : (بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ) [هود : ٢٧] ، (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً)(١) [الإسراء : ١٠٢]. (إِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً) [غافر : ٣٧].

أما قوله تعالى : (وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها) [يونس : ٢٤] ، فإن المصدر المؤول فيه (أنهم قادرون) سدّ مسدّ مفعولى (ظن). ومن النحاة من يرى أنه سادّ مسدّ المفعول الأول ، أما المفعول الثانى فإنه يكون محذوفا دالا على الثبوت ، ولكن لا حاجة إلى هذا التقدير.

__________________

(١) (إنى) إن : حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلم (الياء) مبنى فى محل نصب ، اسم إن. (لأظنك) اللام : لام الابتداء أو التوكيد أو اللام المزحلقة حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. أظن : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والفاعل ضمير مستتر تقديره : أنا. وضمير المخاطب (الكاف) مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (يا فرعون) يا : حرف نداء مبنى ، لا محل له من الإعراب. فرعون : منادى مبنى على الضم فى محل نصب. وجملة النداء اعتراضية ، لا محل لها من الإعراب. (مثبورا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

١٢٧

ومثله قوله تعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) [البقرة : ٤٦]. (قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً) [الكهف : ٣٥]. (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) [الحاقة : ٢٠]. (وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ) [الأعراف : ١٧١].

وفى قوله تعالى : (وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ) [الأعراف : ٦٦] شبه الجملة (من الكاذبين) فى محلّ نصب ، مفعول به ثان ، أو متعلقة بالمفعول به الثانى المحذوف.

وقد يرد بمعنى (اتهم) فيتعدى لواحد ، فيقال : ظننت محمدا ، أى : اتهمته ، ومنه قراءة من قرأ : (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ)(١) [التكوير : ٢٤] ؛ أى : بمتهم.

فإذا قلت : ظننت اللصّ منطلقا ، بمعنى (اتهمت) فإن منطلقا تكون حالا منصوبة.

ومن معنى الرجحان فى (ظن) قول الشاعر :

ظننتك إن شبّت لظى الحرب صاليا

فعردت فيمن كان عنها معرّدا (٢)

__________________

(١) قراءة عبد الله وابن عباس وزيد بن ثابت وابن عمر وابن الزبير ومجاهد وابن كثير وأبى عمر والكسائى وغيرهم.

ينظر : السبعة ٦٧٢ / التيسير ٢٢٠ / إبراز المعانى ٤٩٢ / النشر ٢ ـ ٣٩٨ / إتحاف فضلاء البشر ٥٢٥.

(٢) ينظر : شرح التصريح ١ ـ ٢٤٨ / ضياء السالك ١ ـ ٣٠٤.

التعريد : الانهزام والجبن. والمعنى : ظننتك صاليا الحرب عند ما تشب ، فانهزمت فيمن كان منهزما.

(ظننتك) ظن : فعل ماض مبنى على السكون. والتاء ضمير المتكلم مبنى فى محل رفع فاعل ، وضمير المخاطب (الكاف) مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (إن) حرف شرط جازم مبنى على السكون ، لا محل له من الإعراب. (شبت لظى) شب : فعل الشرط ماض مبنى على الفتح مبنى للمجهول. والتاء للتأنيث حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. لظى : نائب فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. وفيه رواية : شبّ مبنيا للمعلوم فيكون لظى فاعلا مرفوعا. ولظى مضاف و (الحرب) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. وجملة جواب الشرط محذوفة دل عليها ما سبقها وما لحق بها. والتركيب الشرطى اعتراض لا محل له من الإعراب. (صاليا) مفعول به ثان لظن منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (فعردت) الفاء : حرف عطف تعقيبى لا محل له من الإعراب. عرد : فعل ماض مبنى على السكون. وضمير المخاطب التاء مبنى فى محل رفع ، فاعل. (فيمن) فى : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. من : اسم موصول مبنى فى محل جر بفى. وشبه الجملة متعلقة بالتعريد. (كان) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح. (عنها) عن : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب.

وضمير الغائبة الهاء مبنى فى محل جر بعن. وشبه الجملة متعلقة بالتعريد التالى. (معردا) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وجملة كان مع معموليها صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب.

١٢٨

كاف المخاطب ضمير مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول ، و (صاليا) مفعول به ثان منصوب.

زعم :

اختلفوا فى معنى الزعم بين الاعتقاد ـ وهو المعنى السائد ـ وكونه يكثر فى الباطل ، وبين العلمية والكذب ، كما يذكر أن الزعم بمعنى الظن أكثر ما يقع على (أنّ) الثقيلة و (أن) المخففة المصدريتين ، فيكون المصدر المؤول سادا مسدّ مفعولى (زعم) ، ومن ذلك : قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ)(١) [النساء : ٦٠]. المصدر المؤول (أنهم آمنوا) سد مسدّ مفعولى (زعم) فى محل نصب.

(وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ) [الأنعام : ٩٤].

(زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَ)(٢) [التغابن : ٧]. أى : أنهم

__________________

(١) (ألم) الهمزة : للاستفهام حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. لم : حرف نفى وجزم وقلب مبنى على السكون ، لا محل له من الإعراب. (تر) فعل مضارع مجزوم بعد لم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (إلى الذين) إلى : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. الذين : اسم موصول مبنى فى محل جر بإلى. وشبه الجملة متعلقة بالرؤية. (يزعمون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (أنهم) أن : حرف توكيد ونصب مصدرى مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير الغائبين مبنى فى محل نصب ، اسم أن. (آمنوا) فعل ماض مبنى على الضم. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر أن. والمصدر المؤول من أن ومعموليها سد مسد مفعولى يزعم. (بما) الباء حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. ما : اسم موصول مبنى فى محل جر بالباء. وشبه الجملة متعلقة بالإنزال.

(٢) (زعم) فعل ماض مبنى على الفتح. (الذين) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، فاعل (كفروا) فعل ماض مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (أن) حرف توكيد ونصب ناسخ مخفف من الثقيلة مبنى ، لا محل له من الإعراب. واسمه ضمير الشأن محذوف. (لن) حرف نفى ونصب للمضارع مبنى ، لا محل له من الإعراب. (يبعثوا) فعل مضارع منصوب بعد لن ، وعلامة نصبه حذف النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، نائب فاعل. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر أن ، والمصدر المؤول من أن ومعموليها سد مسد مفعولى زعم. (قل) فعل أمر مبنى على السكون. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (بلى)

١٢٩

لن يبعثوا : (بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً)(١) [الكهف : ٤٨]. (إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ) [الجمعة : ٦].

ومنه أن تقول : أزعم أنك تفهم القضية ، يزعمون أنّ لكلّ زمان تدبيرا ، يزعم أنه أجاب عن هذا السؤال.

وقول كثير عزة :

وقد زعمت أنى تغيرت بعدها

ومن ذا الذى يا عزّ لا يتغير (٢)

__________________

حرف جوابى مبنى ، لا محل له من الإعراب. (وربى) الواو : واو القسم حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (رب) اسم مجرور بعد واو القسم ، وعلامة جره الكسرة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة المناسبة لضمير المتكلم ، وهو مضاف ، وضمير المتكلم مبنى فى محل جر ، مضاف إليه.

(لتبعثن) اللام : واقعة فى جواب القسم حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. تبعثون : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون المحذوفة لتوالى الأمثال. (نون الرفع ونونى التوكيد) ، وفاعله واو الجماعة المحذوفة لتلاقى الساكنين (واو الجماعة ونون التوكيد الأولى الساكنة). والنون للتوكيد حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. والجملة جواب القسم ، لا محل لها من الإعراب.

(١) (نجعل) يجوز أن تكون بمعنى (صار) فيكون (موعدا) مفعولا به أول ، وشبه جملة (لكم) فى محل نصب مفعول ثان. ويجوز أن تكون بمعنى (أوجد) فتكون شبه جملة (لكم) متعلقة بالجعل.

(٢) ينظر : شرح شذور الذهب ٣٥٩ / أوضح المسالك ١ ـ ٣٠٢ / الأشمونى رقم ٣٠٢ / شرح التصريح ١ ـ ٢٤٨.

(قد) حرف تحقيق مبنى لا محل له من الإعراب. (زعمت) زعم : فعل ماض مبنى على الفتح. والتاء : حرف تأنيث مبنى ، لا محل له من الإعراب. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هى. (أنى) أن : حرف توكيد ونصب مصدرى مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، اسم أن.

(تغيرت) تغير : فعل ماض مبنى على السكون. وضمير المتكلم مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر أن. والمصدر المؤول من أن ومعموليها سدّ مسدّ مفعولى زعم. (بعدها) بعد : ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة متعلق بالتغير. وهو مضاف ، وضمير الغائبة (ها) مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (ومن) الواو : ابتدائية حرف مبنى لا محل له من الإعراب. من : اسم استفهام مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ. (ذا) اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، خبر المبتدإ. (الذى) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، بدل من اسم الإشارة ، أو عطف بيان له. (يا عز) يا : حرف نداء مبنى ، لا محل له من الإعراب. عزّ : منادى مبنى على الضم فى محل نصب. مرخم عزة. وجملة النداء اعتراضية لا محل لها من الإعراب. (لا يتغير) لا : حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. يتغير : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب.

١٣٠

وقد دخل (زعم) على مبتدإ وخبر دون (أن) فى قول أبى أمية الحنفى :

زعمتنى شيخا ولست بشيخ

إنما الشيخ من يدبّ دبيبا (١)

ضمير المتكلم (الياء) مبنى في محل نصب مفعول به أول ، (شيخا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

جعل :

من أمثلته : قوله تعالى : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً)(٢) [الزخرف : ١٩] ، (الملائكة) مفعول به أول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (إناثا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

ومنه : جعلوا الكلام عيارا على كلّ نظر ، جعل الحظّ فيه دنية.

ومنه قوله تعالى : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ) [الأنعام : ١٠٠].

ويتضح من الأمثلة السابقة معنى الظنّ أو الاعتقاد فى (جعل) ، وقد ترد بمعنى : صيّر أو تحوّل ـ كما يذكر فى المجموعة الرابعة.

__________________

(١) ينظر : الأشمونى رقم ٣١٩ ، ٢ ـ ١٢ / شرح شذور الذهب رقم ١٧٩ ، ص ٣٥٨ / أوضح المسالك رقم ١٧٥ ، ١ ـ ٣٠١.

(زعمتنى) زعم : فعل ماض مبنى على الفتح. والتاء حرف تأنيث مبنى ، لا محل له من الإعراب.

وفاعله ضمير مستتر تقديره : هى. والنون : حرف وقاية مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (شيخا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (ولست) الواو : واو الابتداء أو واو الحال حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. ليس : فعل ماض ناقص ناسخ مبنى ، لا محل له من الإعراب. وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محل رفع اسم ليس. (بشيخ) الباء : حرف جر زائد مبنى لا محل له من الإعراب. شيخ : خبر ليس منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. (إنما) إن : حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. ما : كافة لإن حرف مبنى لا محل له من الإعراب. (الشيخ) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (من) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، خبر المبتدإ. (يدب) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (دبيبا) مفعول مطلق منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(٢) (الذين) اسم موصول مبنى فى محل نصب ، نعت للملائكة ، أو بدل منه ، أو عطف بيان له. (هم عباد) مبتدأ وخبر ، والجملة الاسمية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

١٣١

إن ورد الفعل (جعل) بمعنى : أوجد أو أوجب أو ألقى فإنه يتعدى إلى واحد ، لكنه لا بدّ من وجود شبه جملة ـ حينئذ ـ وكأنه تعدى إلى المفعول الثانى بواسطة حرف الجر ، ومن ذلك : جعلوا له الأمور. (الأمور) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، (له) اللام : حرف جرّ مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير الغائب مبنى فى محل جر ، وشبه الجملة متعلقة بالجعل ، وما التعلق إلا مفعولية فى أغلب معانيها.

ومنه قوله تعالى : (قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً) [آل عمران : ٤١]. (قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ) [يوسف : ٥٥].

حجا :

من أمثلته قول تميم بن مقبل :

قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة

حتى ألّمت بنا يوما ملمّات (١)

(أبا) مفعول به أول منصوب ، وعلامة نصبه الألف ؛ لأنه من الأسماء الستة ، (أخا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الألف.

__________________

(١) ينظر : شرح ابن الناظم ١٩٩ / شرح ابن عقيل رقم ١٢٦ / شرح الشذور رقم ١٧٨ ، ص ٣٥٧ / شرح التحفة الوردية ١٩٤ / الأشمونى ٢ ـ ١٧ / شرح التصريح ١ ـ ١٤٨ / الدرر ١ ـ ١٣٠.

(قد) حرف تحقيق مبنى لا محل له من الإعراب. (كنت أحجو) كان : فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على السكون ، وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محل رفع ، اسم كان. أحجو : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنا. والجملة الفعلية فى محل نصب ، خبر كان. (أبا عمرو) أبا : مفعول به أول منصوب ، وعلامة نصبه الألف ؛ لأنه من الأسماء الستة ، وهو مضاف ، وعمرو مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (أخا ثقة) أخا : مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الألف ؛ لأنه من الأسماء الستة. وهو مضاف ، وثقة مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(حتى) حرف غاية وجر مبنى ، لا محل له من الإعراب متعلق بـ (أحجو). (ألمّت) فعل ماض مبنى على الفتح. والتاء حرف تأنيث مبنى ، لا محل له من الإعراب. (بنا) الباء : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلمين (نا) مبنى فى محل جر بالباء ، وشبه الجملة متعلقة بالإلمام. (يوما) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة متعلق بألم. (ملمات) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والمصدر المؤول من أن المضمرة وجملة ألم فى محل جر بحتى ، وشبه جملة حتى مع مجرورها متعلقة بـ (أحجو).

١٣٢

وقد يرد بمعنى (قصد) ، فيتعدى إلى واحد ، فتقول : حجوت بيت الله ، أى : قصدته.

(هب)

بمعنى (اعتقد). فعل أمر جامد غير متصرف ، حيث لا يصاغ منه الماضى ولا المضارع ، ومن أمثلته قول عبد الله بن همّام السلولى :

فقلت أجرنى أبا خالد

وإلّا فهبنى امرا هالكا (١)

ضمير المتكلم (الياء) مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (امرا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

عدّ

ورد فى قول النعمان بن بشير :

فلا تعدد المولى شريكك فى الغنى

ولكنما المولى شريكك فى العدم (٢)

__________________

(١) ينظر : شرح ابن الناظم ١٩٩ / شرح ابن عقيل رقم ١٢٧ / الأشمونى ٢ ـ ٢٤ / شرح الشذور ٣٦١ / أوضح المسالك رقم ١٧٤ ، ١ ـ ٣٠٠ / شرح التصريح ١ ـ ٢٤٨ / الدرر رقم ٥٧٨ ، ٢ ـ ٢٤٣.

(قلت) قال : فعل ماض مبنى على السكون. وضمير المتكلم مبنى فى محل رفع ، فاعل. (أجرنى) أجر : فعل أمر مبنى على السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. والنون للوقاية حرف مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (أبا خالد) أبا : منادى منصوب ، وعلامة نصبه الألف ؛ لأنه من الأسماء الستة. وهو مضاف ، وخالد : مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (وإلا) الواو : عاطفة حرف مبنى لا محل له من الإعراب. إن : حرف شرط جازم مبنى ، لا محل له من الإعراب. لا : حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. وجملة الشرط محذوفة دل عليها ما سبق. والتقدير : وإلا تجرنى (فهبنى) الفاء حرف واقع فى جواب الشرط مؤكد مبنى ، لا محل له من الإعراب. هب : فعل أمر مبنى على السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. والنون للوقاية حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول ، والجملة الفعلية فى محل جزم جواب الشرط. (امرا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (هالكا) نعت لامرئ منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(٢) ينظر : شرح ابن الناظم ١٨٩ / شرح ابن عقيل رقم ١٢٤ / الأشمونى ٢ ـ ٢٢ / شرح التصريح ١ ـ ٢٤٨ / الدرر رقم ٥٧٢ ، ٢ ـ ٢٣٨.

(لا) حرف نهى مبنى لا محل له من الإعراب. (تعدد) فعل مضارع مجزوم بعد لا الناهية ، وعلامة جزمه السكون ، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (المولى) مفعول به

١٣٣

(المولى) مفعول به أول للفعل المضارع (تعدد) ، و (شريك) مفعول به ثان.

ومنه قول أبى دؤاد الإيادى :

لا أعدّ الإقتار عدما ولكن

فقد من قد فقدته الإعدام (١)

ويلحق بهذه المجموعة (توهم) ، فيقال : توهمت أنك وفىّ. توهمت أنّ السؤال سهل الإجابة ، توهمت القطّ نمرا ، توهمت الإجابة ميسورة.

علم :

مثاله : قوله تعالى : (وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة : ٢٦٠]. المصدر المؤول (أن الله عزيز) سدّ مسدّ مفعولى (اعلم) فى محل نصب.

(فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ) [الممتحنة : ١٠] ، ضمير الغائبات (هن) مبنى فى

__________________

أول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. (شريكك) شريك : مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف ، وضمير المخاطب مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (فى الغنى) فى : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. الغنى : اسم مجرور بعد فى وعلامة جره الكسرة المقدرة منع من ظهورها التعذر. وشبه الجملة متعلقة بالشرك. (ولكنما) الواو : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. لكن : حرف استدراك مبنى ، لا محل له من الإعراب. ما : كافة للكن حرف مبنى لا محل له من الإعراب. (المولى) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. (شريكك) شريك : خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف ، وضمير المخاطب مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (فى العدم) فى : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. العدم : اسم مجرور بعد فى ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بالشرك.

(١) ينظر : شرح ابن الناظم ١٩٨ / العينى ٢ ـ ٣٩١ / المزهر ٢ ـ ٤٨١ / الدرر رقم ٥٧٣ ، ٢ ـ ٢٣٨.

(لا) حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. (أعد) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنا. (الإقتار) مفعول به أول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (عدما) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (ولكن) الواو : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. لكن : حرف استدراك مبنى لا محل له من الإعراب. (فقد) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف ، و (من) اسم موصول مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (قد) حرف تحقيق مبنى لا محل له من الإعراب. (فقدته) فقد : فعل ماض مبنى على السكون. وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. وهاء الغائب ضمير مبنى فى محل نصب ، مفعول به. والجملة صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (الإعدام) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. ويجوز أن تجعل (فقد) خبرا مقدما ، و (الإعدام) مبتدأ مؤخرا.

١٣٤

محل نصب ، مفعول به أول ، (مؤمنات) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الكسرة.

وقوله تعالى : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ)(١). [التوبة : ١٠٤].

(اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المائدة : ٩٨].

فإن جاء بمعنى المعرفة تعدّى إلى واحد ، نحو قوله تعالى : (عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ) [البقرة : ٦٠] ، أى : عرف كل أناس ، (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) [النساء : ٤٣]. (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ) [الأنفال : ٦٠].

وقد يأتى (علم) لازما بمعنى شقّ الشفة ، تقول : علمت شفته ، وهو معلوم الشفة.

حسب

مثاله : قوله تعالى : (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً) [الإنسان : ١٩]. ضمير الغائبين (هم) مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (لؤلؤا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً)(٢)

__________________

(١) (ألم) الهمزة : حرف استفهام مبنى ، لا محل له من الإعراب. لم : حرف نفى وجزم وقلب مبنى ، لا محل له من الإعراب. (يعلموا) فعل مضارع مجزوم بعد لم ، وعلامة جزمه حذف النون. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (أن) حرف توكيد ونصب مصدرى مبنى ، لا محل له من الإعراب.

(الله) لفظ الجلالة اسم أن منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (هو يقبل) هو : ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. يقبل : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة الفعلية في محل رفع ، خبر المبتدإ. والجملة الاسمية في محل رفع ، خبر أن ، والمصدر المؤول سد مسد مفعولى يعلم. (التوبة) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (عن عباده) عن : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. عباده : اسم مجرور بعد عن ، وعلامة جره الكسرة ، وهو مضاف ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. وشبه الجملة متعلقة بالتوبة.

(٢) (الذين) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (كفروا) فعل ماض مبنى على الضم. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (أعمالهم كسراب) أعمال : مبتدأ ثان مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف ، وضمير الغائبين مبنى فى محل

١٣٥

[النور : ٣٩] ، (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ)(١) [الكهف : ١٨]. (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ) [آل عمران : ١٦٩].

أما قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) [الكهف : ٩]. فإن المصدر المؤول (أن أصحاب كانوا عجبا) سدّ مسدّ مفعولى

(حسب).

ومثله قوله تعالى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ)(٢) [المؤمنون : ١١٥]. (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ) [الفرقان : ٤٤].

(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ) أن لن (نَجْمَعَ عِظامَهُ)(٣) [القيامة : ٣].

__________________

جر ، مضاف إليه. الكاف : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. سراب : اسم مجرور بعد الكاف. وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر المبتدإ الثانى ، أو متعلقة بخبر محذوف. والجملة الاسمية فى محل رفع ، خبر المبتدإ الأول الاسم الموصول. (بقيعة) الباء : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. قيعة : اسم مجرور بعد الباء ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة فى محل جر ، نعت لسراب. (يحسبه) يحسب : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (الظمآن) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة (ماء) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. والجملة الفعلية فى محل جر ، نعت ثان لسراب ، ويجوز أن تكون فى محل نصب ، حال من سراب ، حيث إنه نكرة موصوفة.

(١) (وهم رقود) جملة اسمية فى محل نصب ، حال من ضمير الغائبين (هم).

(٢) (أفحسبتم) الهمزة حرف استفهام مبنى ، لا محل له من الإعراب. الفاء : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. حسب : فعل ماض مبنى على السكون. وضمير المخاطبين مبنى فى محل رفع ، فاعل. (أنما) أن : حرف توكيد ونصب مصدرى مبنى ، لا محل له من الإعراب. ما : كافة لأن حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (خلقناكم) خلق : فعل ماض مبنى على السكون. وضمير المتكلمين مبنى فى محل رفع ، فاعل. وضمير المخاطبين مبنى فى محل نصب ، مفعول به. والمصدر المؤول من أن وما بعدها سد مسد مفعولى حسب. (عبثا) مصدر واقع موقع الحال منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، أو حال منصوبة ، على المصدرية. (وأنكم) الواو : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. أن : حرف توكيد ونصب مصدرى مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير المخاطبين مبنى فى محل نصب ، اسم أن. (إلينا) إلى : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلمين مبنى فى محل جر بإلى. وشبه الجملة متعلقة بعدم الرجوع. (لا ترجعون) لا : حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. ترجعون : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، نائب فاعل. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر أن. والمصدر المؤول من أن ومعموليها فى محل نصب بالعطف على المصدر المؤول السابق.

(٣) أن : مخففة من الثقيلة. اسمها ضمير الشأن محذوف. وخبرها الجملة الفعلية (لن نجمع) ، والمصدر المؤول من أن ومعموليها سد مسد مفعولى يحسب.

١٣٦

ومنه أن تقول : أحسب ما رووه شيئا مصنوعا ، حسبتك مجتهدا فى دروسك.

قوله تعالى : (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ) [المنافقون : ٤] ، فيه (كل) مفعول به أول ليحسب منصوب ، أما المفعول به الثانى فإنك تلمسه فى وجهين :

أولهما : شبه جملة (عليهم) هى المفعول به الثانى ، فتكون الجملة الاسمية (هم العدو) استئنافية.

والآخر : الجملة الاسمية (هم العدو) فى محل نصب المفعول به الثانى ، وتكون شبه الجملة (عليهم) متعلقة بصيحة.

ومما جاء فيه (حسب) قول زفر بن الحارث الكلابى :

وكنّا حسبنا كلّ بيضاء شحمة

عشية لاقينا جذام وحميرا (١)

خال :

مثله قول الشاعر :

إخالك إن لم تغضض الطرف ذا هوى

يسومك ما لا يستطاع من الوجد (٢)

__________________

(١) ينظر : شرح ابن الناظم ١٩٧ / ضياء السالك ١ ـ ٣٠٥ / العينى ٢ ـ ٣٨٢ / شرح التصريح ١ ـ ٢٤٩.

(كنا) كان : فعل ماض ناقص ناسخ ، مبنى على السكون. وضمير المتكلمين مبنى فى محل رفع ، اسم كان. (حسبنا) حسب : فعل ماض مبنى على السكون. وضمير المتكلمين مبنى فى محل رفع ، فاعل.

والجملة الفعلية فى محل نصب ، خبر كان. (كل بيضاء) كل : مفعول به أول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف. وبيضاء : مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف. (شحمة) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (عشية) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة متعلق بحسب. (لاقينا) لاقى : فعل ماض مبنى على السكون. وضمير المتكلمين مبنى فى محل رفع فاعل. والجملة الفعلية فى محل جر بالإضافة. (جذام) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ؛ ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف. (وحميرا) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. حميرا : معطوف على جذام منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. والألف للإطلاق حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب.

(٢) ينظر : ضياء السالك ١ ـ ٣٠٧.

(إخالك) إخال : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنا. وضمير المخاطب مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (إن) حرف شرط جازم مبنى على السكون. (لم) حرف

١٣٧

كاف المخاطب ضمير مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول ، (ذا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الألف ؛ لأنه من الأسماء الستة.

ومنه أن تقول : خلت أنك فعلت ذلك ، فيكون المصدر المؤول (أنك فعلت) سادا مسدّ مفعولى (خال).

ومثله : إخال أنك تفهم هذا الموضوع ، خال علىّ أنّ هذا الدرس سهل.

تعلّم :

بمعنى (اعلم) ، فعل أمر جامد ، منه قول زياد بن سيّار :

تعلّم شفاء النفس قهر عدوّها

فبالغ بلطف فى التحيّل والمكر (١)

__________________

نفى وجزم وقلب مبنى لا محل له من الإعراب. (تغضض) فعل الشرط مضارع مجزوم بعد لم ، وعلامة جزمه السكون. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (الطرف) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

وجملة جواب الشرط محذوفة دل عليها السياق. والتركيب الشرطى اعتراض لا محل له من الإعراب.

(ذا هوى) ذا : مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الألف ؛ لأنه من الأسماء الستة ، وهو مضاف ، وهوى : مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. (يسومك) يسوم : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، يعود على الهوى. وضمير المخاطب (الكاف) مبنى فى محل نصب ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، يعود على الهوى. وضمير المخاطب (الكاف) مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (ما) اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به ثان. (لا يستطاع) لا : حرف نفى مبنى ، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره : هو ، يعود إلى ما الموصولة. والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة يسومك فى محل جر ، نعت لهوى. (من الوجد) من : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. الوجد : اسم مجرور بعد من ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة فى محل نصب ، حال من ما الموصولة. أو متعلقة بحال محذوفة.

(١) ينظر : شرح الناظم ١٩٦ / شرح ابن عقيل رقم ١٢٠ / شرح شذور الذهب ٣٦٢ / شرح التصريح ١ ـ ٢٤٧ / الأشمونى ٢ ـ ٢٤ / ضياء السالك ١ ـ ٢٩٥ / الدرر رقم ٥٨٢ ، ٤ ـ ٢١٦.

(تعلّم) فعل أمر مبنى على السكون. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (شفاء) مفعول به أول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف ، و (النفس) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(قهر) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف و (عدو) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. وهو مضاف ، وضمير الغائبة (ها) مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (فبالغ) الفاء سببية حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. بالغ : فعل أمر مبنى على السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (بلطف) الباء : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. لطف : اسم مجرور بعد الباء وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة باللطف. (والمكر) الواو : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. المكر : معطوف على التحيل مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

١٣٨

(تعلم) فعل أمر جامد مبنى على السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت.

(شفاء) مفعول به أول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، (قهر) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

المجموعة الثانية : ما دلّ على اليقين :

تفيد أفعال هذه المجموعة دلالة اليقين ؛ أى : قوة حكم إثبات الخبر للمبتدإ ، وأفعالها :

وجد :

يكون بمعنى العلمية اليقينية ، ومصدره (وجدان) عند الأخفش ، و (وجد) عند السيرافى ، ومثاله قوله تعالى : (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)(١) [ص : ٤٤] ، ضمير الغائب (الهاء) مبنى فى محلّ نصب ، مفعول به أول ، و (صابرا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وقوله تعالى : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) [الضحى : ٧] ، (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى)(٢) [المائدة : ٨٢].

(تجد) الفعل المضارع الأول مفعولاه (أشد واليهود). أما الفعل الثانى (تجد) فمفعولاه (أقرب والذين قالوا).

__________________

(١) (إنا) إن : حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلمين مبنى فى محل نصب ، اسم إن. (وجدناه) وجد : فعل ماض مبنى على السكون. وضمير المتكلمين (نا) مبنى فى محل رفع ، فاعل. وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (صابرا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر إن. (نعم العبد) نعم : فعل ماض مبنى على الفتح.

العبد : فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر لمبتدإ محذوف تقديره : هو. (إنه) إن : حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، اسم إن. (أواب) خبر إن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(٢) (لتجدن) اللام موطئة للقسم حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. تجد : فعل مضارع مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد المباشرة مرفوع محلا. والفاعل ضمير مستتر تقديره : أنت. والنون الثقيلة للتوكيد حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب.

(عداوة) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وكذلك (مودة) (نصارى) خبر إن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. وجملة إن مع معموليها فى محل نصب ، مقول القول.

١٣٩

فإن كان بمعنى (أصاب وأدرك وصادف) تعدّى إلى واحد ، كما فى قوله تعالى : (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً) [آل عمران : ٣٧]. أى : أصاب أو صادف عندها رزقا ، فيكون (رزقا) مفعولا به منصوبا ، وعلامة نصبه الفتحة.

ومنه قوله تعالى : (وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً)(١) [الكهف : ١٧].

(فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ)(٢) [القصص : ١٥].

وقد يكون (وجد) بكسر (الجيم) بمعنى (حزن أو حقد أو استغنى) ، فلا يتعدى إلا بواسطة ، فتقول : وجد عليه ، أى : حزن عليه ، أو : حقد ..

رأى :

من النحاة من يرى أنه يستعمل فى الظنّ كما يستعمل فى اليقين إذا كان معناه قلبيا ، ومثله قوله تعالى : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (٦) وَنَراهُ قَرِيباً) [المعارج : ٧ ، ٨] ، (هاء) الغائب فى الموضعين ضمير مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول ، أما كلّ من (بعيدا وقريبا) فهو مفعول به ثان منصوب.

ومنه قول خداش بن زهير :

رأيت الله أكبر كلّ شئ

محاولة وأكثرهم جنودا (٣)

__________________

(١) (من) اسم شرط جازم مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ. (يضلل) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. (فلن) الفاء : واقعة فى جواب الشرط حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. لن : حرف نفى ونصب للمضارع مبنى ، لا محل له من الإعراب.

(تجد) فعل مضارع منصوب بعد لن ، وعلامة نصبه الفتحة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. والجملة الفعلية فى محل جزم ، جواب الشرط. (وليا) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (مرشدا) نعت لولى منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(٢) الجملة الفعلية (يقتتلان) فى محل نصب نعت لرجلين.

(٣) ينظر : المقتضب ٤ ـ ٩٧ / شرح ابن الناظم ١٩٥ / الأشمونى ٢ ـ ١٩ / العينى ٢ ـ ٣٧١.

(رأيت) رأى : فعل ماض مبنى على السكون. وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (الله) مفعول به أول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (أكبر) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

وهو مضاف. و (كل) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. وكل مضاف و (شىء) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (محاولة) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (وأكثرهم) الواو : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. أكثر : معطوف على أكبر منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف ، وضمير الغائبين مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (جنودا) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

١٤٠