النحو العربي - ج ٢

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ٢

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٧١

ومنه : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ)(١) [هود : ١١٤].

وتقول : عليكن أن تؤدّين واجبكن ، وتخلصن فى أدائه ، وتتقنّ ما هو مطلوب منكن ، ولا تحجمن عن جانب منه ، واللّاتى يفعلن ذلك ينلن احترام غيرهن ، وينتزعن تقدير رؤسائهن (٢).

بناء الفعل المضارع على الفتح :

يبنى الفعل المضارع على الفتح إذا اتصلت به نون التوكيد المباشرة ، أى : اللاصقة به دون فاصل ظاهر أو محذوف ، نحو قوله تعالى : (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ)(٣) [الحج : ٤٠] ، (ينصر) فعل مضارع مبنى على الفتح فى محل رفع ، والنون للتوكيد ، حرف مبنى لا محلّ له من الإعراب. ومنه : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)(٤) [إبراهيم : ٤٢] ، (تحسب) فعل مضارع مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد المباشرة فى محل جزم بعد (لا) الناهية.

__________________

(١) (إن) حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. (الحسنات) اسم إن منصوب ، وعلامة نصبه الكسرة لأنه جمع مؤنث سالم. (يذهبن) يذهب : فعل مضارع مبنى على السكون فى محل رفع ، ونون النسوة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدإ. (السيئات) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الكسرة لأنه جمع مؤنث سالم.

(٢) المصدر المؤول (أن تؤدين) فى محل رفع ، مبتدأ مؤخر ، ويجوز أن تجعل (عليكن) اسم فعل أمر فيكون المصدر المؤول فى محل نصب ، مفعول به.

(ما هو مطلوب) ما : اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به. هو : ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. مطلوب : خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الاسمية فى محل نصب ، مفعول به.

(اللاتى) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (يفعلن) فعل مضارع مبنى على السكون فى محل رفع. ونون النسوة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (ذلك) اسم إشارة مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (ينلن) فعل مضارع مبنى على السكون فى محل رفع. ونون النسوة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتد ، الاسم الموصول.

(٣) (من) اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به. والجملة الفعلية (ينصره) صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب.

(٤) (لا) حرف نهى مبنى لا محل له من الإعراب. (تحسبن) تحسب : فعل مضارع مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد المباشرة فى محل جزم. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. والنون الثقيلة للتوكيد حرف مبنى لا محل له من الإعراب. (الله) لفظ الجلالة مفعول به أول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (غافلا)

١٠١

ومنه : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً)(١) [الأنفال : ٢٥].

(وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ)(٢) [الأنبياء : ٥٧].

(وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ)(٣) [آل عمران : ١٧٨].

(يحسبن) يحسب : فعل مضارع مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد المباشرة ،

__________________

مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (عما) عن : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب.

ما : اسم موصول مبنى فى محل جر بعن. وشبه الجملة متعلقة بالغفلة. (يعمل الظالمون) يعمل : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. الظالمون : فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الواو ؛ لأنه جمع مذكر سالم. وفى الجملة ضمير محذوف مفعول به عائد على الاسم الموصول ، والتقدير : عما يعمله الظالمون.

والجملة الفعليّة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. ويجوز أن تجعل (ما) مصدرية ، ويكون المصدر المؤول فى محل جر بعن. والتقدير : عن عمل الظالمين. (١) (اتقوا) فعل أمر مبنى على حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (فتنة) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (لا تصيبن) لا : حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. تصيب : فعل مضارع مبنى على الفتح فى محل رفع ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هى ، والنون الثقيلة للتوكيد حرف مبنى لا محل له من الإعراب. والجملة الفعلية فى محل نصب ، صفة لفتنة. (الذين) اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (ظلموا) ظلم : فعل ماض مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (منكم) من : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير المخاطبين (كم) مبنى فى محل جر بمن. وشبه الجملة فى محل نصب ، حال. (خاصة) مفعول مطلق لفعل محذوف من لفظه منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وجملته فى محل نصب ، حال. ويجوز أن تكون منصوبة على الحالية.

(٢) (تالله) التاء : حرف قسم مبنى ، لا محل له من الإعراب. (الله) لفظ الجلالة مقسم به مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (لأكيدن) اللام : واقعة فى جواب القسم حرف مؤكد مبنى ، لا محل له من الإعراب.

أكيد : فعل مضارع مبنى على الفتح فى محل رفع ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنا ، والنون الثقيلة للتوكيد حرف مبنى لا محل لها من الإعراب. والجملة جواب القسم لا محل لها من الإعراب.

(أصنامكم) أصنام : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف ، وضمير المخاطبين (كم) مبنى فى محل جر ، مضاف إليه.

(٣) (أنما) أن : حرف توكيد ونصب مبنى لا محل له من الإعراب. ما : اسم موصول مبنى فى محل نصب ، اسم أن. (نملى) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها الثقل. وفاعله ضمير مستتر تقديره : نحن. والجملة الفعلية صلة الموصول لها من الإعراب. وفيها ضمير محذوف مفعول به عائد ، والتقدير : نمليه. (لهم) اللام حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير الغائبين مبنى فى محل جر باللام. وشبه الجملة متعلقة بالإملاء. (خير) خبر أن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والمصدر المؤول سد مسد مفعولى (يحسب).

١٠٢

فى محل جزم بلا الناهية ، والنون الثقيلة للتوكيد حرف مبنى. و (الذين) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، فاعل.

(وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) [الكهف : ٢٣ ، ٢٤].

(هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ)(١) [الحج : ١٥].

فإذا لم تكن نون التوكيد مباشرة للفعل المضارع فإنه لا يبنى ، كما فى قوله تعالى : (قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ) [التغابن : ٧] ، أى : لتبعثوننّ ولتنبؤوننّ ، فتحذف نون الرفع لتوالى ثلاثة نونات ، فيصير الفعلان إلى : لتبعثونّ ولتنبؤونّ ، فيلتقى ساكنان ، أولهما واو الجماعة ، والآخر نون التوكيد الأولى ، وهى ساكنة ، فتحذف واو الجماعة لدلالة الضمة السابقة عليها ، فينتهى الفعلان إلى ما انتهيا إليه. ويكون إعراب (تبعثن) كما يأتى : (تبعثون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون المحذوفة لتوالى الأمثال ، وواو الجماعة المحذوفة لالتقاء ساكنين ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل.

والنون الثقيلة للتوكيد حرف مبنى لا محلّ له من الإعراب.

ومنه : (لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) [الإسراء : ٤].

(لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) [آل عمران : ٨١].

(وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً) [آل عمران : ١٨٦]

(لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ) [المؤمنون : ٤٠].

__________________

(١) (هل) حرف استفهام مبنى لا محل له من الإعراب. (يذهبن) يذهب : فعل مضارع مبنى على الفتح فى محل رفع لاتصاله بنون التوكيد المباشرة ، والنون الثقيلة للتوكيد حرف مبنى لا محل له من الإعراب.

(كيده) كيد : فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف ، وضمير الغائب (الهاء) مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (ما يغيظ) ما : اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به. يغيظ : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو ، عائد إلى الاسم الموصول. والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب.

١٠٣

الأفعال (تفسدنّ ، تعلنّ ، تسمعنّ ، تؤمننّ ، تنصرنّ ، يصبحنّ) أفعال مضارعة مرفوعة ، وعلامة رفعها ثبوت النون المحذوفة لتوالى الأمثال (النونات الثلاثة : نون الرفع ، ونونى التوكيد الثقيلة) ، وفاعل كل منها واو الجماعة المحذوفة لالتقاء الساكنين (واو الجماعة الساكنة ، ونون التوكيد الأولى ، وهى ساكنة كذلك) ، وقد دل على واو الجماعة الضمة التى تسبقها.

أما قوله تعالى : (وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(١) [آل عمران : ١٠٢] ففيه الفعل المضارع (تموتن) مجزوم بعد لا الناهية ، وعلامة جزمه حذف النون ، والنون للتوكيد ، وفاعله واو الجماعة المحذوفة لالتقاء الساكنين. (واو الجماعة وهى ساكنة ، ونون التوكيد الأولى ، وهى ساكنة).

٥ ـ فعل الأمر

فعل الأمر (٢) مبنى دائما حيث يلزم زمنه اتجاها زمنيا واحدا هو المستقبل ، وبناؤه يكون على ما يجزم به الفعل المضارع ، ذلك على النحو الآتى :

بناؤه على حذف النون :

إذا أسند فعل الأمر إلى ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطبة ؛ وهى الضمائر التى تجعل الفعل المضارع من الأفعال الخمسة ؛ فإنه يبنى على حذف النون ، نحو قوله تعالى : (انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ)(٣) [النساء : ١٧١] ، (انتهوا) فعل أمر مبنى على حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل.

__________________

(١) (لا) حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. (تموتن) أصلها : تموتون ، وهو فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون. والفاعل واو الجماعة المحذوفة لالتقاء الساكنين ، والنون الثقيلة للتوكيد حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (إلا) حرف استثناء مهمل يفيد القصر والحصر مبنى ، لا محل له من الإعراب. (وأنتم) الواو : للابتداء أو للحال حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. أنتم : ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (مسلمون) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الواو ؛ لأنه جمع مذكر سالم.

والجملة الاسمية فى محل نصب ، حال.

(٢) هو ما يطلب به إحداث شىء ، فهو فعل طلبى ، ويكون الإحداث بعد زمن التكلم ، ففيه زمن الاستقبال ، نحو : اسمع ، افهموا ، اعملا ، استمعى ، انتبهن ... ، ومن علامته : قبول نونى التوكيد الثقيلة والخفيفة ، نحو : اسمعنّ ، انتبهن ، وكذلك قبوله ياء المخاطبة ، نحو : اكتبى ، اعلمى ، مع دلالته على الطلب.

ينظر : التسهيل ٤ / شرح ابن عقيل ١ ـ ٢٤ / شرح التصريح ١ ـ ٥٤.

(٣) (انتهوا) فعل أمر مبنى على حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (خيرا) مفعول

١٠٤

ومنه أن تقول : انتبهوا إلى دروسكم ، اعملا لخير وطنكما ، أقبلى على بيت الزوجية بالوفاء. كل من (انتبهوا ، واعملا ، وأقبلى) فعل أمر مبنى على حذف النون ، وكل من (واو الجماعة وألف الاثنين وياء المخاطبة) ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل.

وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الحج : ٧٧].

كل من (اركعوا ، واسجدوا ، واعبدوا ، وافعلوا) فعل أمر مبنى على حذف النون ، وواو الجماعة فى كل منها ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل.

(يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) [آل عمران : ٤٣].

كل من (اقنتى ، واسجدى ، واركعى) فعل أمر مبنى على حذف النون ، وياء المخاطبة فى كل منها ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل.

(اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (٤٣) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً) [طه : ٤٣ ، ٤٤](١). الفعلان (اذهبا ، قولا) فعلا أمر مبنيان على حذف النون ، وألف الاثنين فيهما ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل.

(يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ)(٢) [يوسف : ٨٧].

__________________

به لفعل محذوف منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، والتقدير : وأتوا خيرا لكم ، ويجوز أن يكون نائبا عن المفعول المطلق ، حيث هو صفة المصدر المحذوف ، والتقدير : انتهاء خيرا لكم. وقد يكون منصوبا على أنه خبر يكون محذوفة ، والتقدير : يكن خيرا لكم.

(١) (فرعون) اسم مجرور بإلى ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف. الجملة الفعلية (طغى) فى محل رفع ، خبر إن. (قولا) أى : مقولا ، فيكون مفعولا به للقول منصوبا ، وعلامة نصبه الفتحة.

(٢) (يا بنى) يا : حرف نداء مبنى ، لا محل له من الإعراب. بنى : منادى منصوب لأنه مضاف ، وعلامة نصبه الياء ، وحذف النون من أجل الإضافة ، وياء المتكلم ضمير مبنى فى محل جر مضاف إليه. (اذهبوا) فعل أمر مبنى على حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة جواب النداء لا محل لها من الإعراب. (فتحسسوا) الفاء : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. تحسسوا : فعل أمر مبنى على حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (من يوسف) من : حرف

١٠٥

بناؤه على حذف حرف العلة :

إذا كان فعل الأمر ناقصا ـ أى : معتلّ الآخر بالألف أو الواو أو الياء الممدودتين ـ فإنه يبنى على حذف حرف العلة ، وبه تنتهى الحركة الطويلة ـ أى : حرف المد ـ إلى حركتها القصيرة ، مثال ذلك : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة : ٥] ، (اهد) فعل أمر مبنى على حذف حرف العلة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره (أنت) ، وضمير المتكلمين (نا) مبنى فى محل نصب ، مفعول به.

ومنه قوله تعالى : (ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً)(١) [البقرة : ٢٦٠].

(يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [لقمان : ١٧].

بناؤه على السكون :

يبنى الفعل الأمرىّ على السكون إذا كان غير ما سبق ، أى : إن لم يكن مسندا إلى ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطبة ، وإن لم يكن معتلّ الآخر ـ ، أى : إن كان صحيح الآخر مسندا إلى الواحد أو مأمورا به المخاطب.

من ذلك قوله تعالى : (افْعَلْ ما تُؤْمَرُ) [الصافات : ١٠٢] ، (افعل) فعل أمر مبنى على السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره (أنت).

__________________

جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. يوسف : اسم مجرور بعد من ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف. (وأخيه) الواو : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. أخى : معطوف على يوسف مجرور ، وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الستة ، وهو مضاف ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر ، مضاف إليه.

(١) (ادعهن) ادع : فعل أمر مبنى على حذف حرف العلة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. وضمير الغائبات (هن) مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (يأتينك) يأتين : فعل مضارع مبنى على السكون المقدر لإسناده إلى نون النسوة ، وهو مجزوم محلا لأنه جواب الأمر السابق. ونون النسوة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. وكاف المخاطب ضمير مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (سعيا) مصدر واقع موقع الحال منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، والتقدير : ساعيات ، أو ساعيا ، فهى حال من ضمير الطير ، أو من ضمير المخاطب. ويجوز أن ينصب على أنه نائب عن المفعول المطلق ، حيث السعى نوع من الإتيان.

١٠٦

ومنه : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً) [آل عمران : ٤١].

وقولك : اصنع خيرا ، وقل صدقا ، وانصر حقّا.

فإذا تلا الفعل ـ حينئذ ـ ساكن فإن سكون الفعل يتحرك بالكسر ـ على الأرجح ـ نظرا لتوالى ساكنين أو التقائهما ، من ذلك : افتح النافذة. (افتح) فعل أمر مبنى على السكون ، وحرّك بالكسر لالتقاء الساكنين ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت.

ومنه قولك : شذّب الشجرة. افتح الكتاب. أغلق الباب.

١٠٧

العمل النحوى للفعل

كلّ فعل له محدث ، ويجوز أن يكون له محدث عليه ، ومحدث فيه زمانا أو مكانا ، ومحدث من أجله ، ومحدث معه ، وحدث. والمحدث ـ كما ذكرنا ـ مرفوع دائما ، أو فى محلّ رفع ، أما المحدثات فكلّها منصوبات إن لم تسبق بحرف جرّ ظاهر أو مقدر غير منزوع أو مسقط.

كلّ الأفعال يجوز أن تركب فى الجملة مع أحد ما سبق ؛ سواء أكان ذلك التركيب أو الارتباط بلا واسطة ، أم بواسطة حرف الجر.

ولم يعرض النحاة أقساما للفعل أثناء ارتباطها بما سبق إلا فيما إذا كان مسندا إلى الفاعل أو المفعول ، وما إذا كان متعدّيا إلى المفعول به (المحدث عليه) بواسطة ، أم بدون واسطة.

والفعل من حيث الجانب الأخير (التعدى إلى المفعول به) ينقسم إلى قسمين عند النحاة : لازم ومتعد ، لكننى أرى ـ بوجه عام ـ أن كلّ فعل لا بدّ له من محدث عليه ، أى : مفعول به ، والأفعال تنقسم إلى قسمين من حيث ارتباطها بمفعولها ، يحدد كلّ قسم علاقة الفعل بمفعوله ، فإذا كانت هذه العلاقة يمكن أن تتعدد فإن الفعل يلزمه حرف جر يصل به إلى مفعوله ؛ ليحدد الجهة المقصودة من جهاته المتعددة ، وإذا كانت هذه العلاقة واحدة ـ أى : غير متعددة ـ فإن الفعل يصل إلى مفعوله بلا واسطة ، ولذلك فإن الفعل ينقسم من حيث علاقته المعنوية بفعله إلى قسمين ، جعلهما النحاة اللازم والمتعدى.

والضابط للزوم والتعدى هو عدم نصب الفعل لمفعول به ، أو نصبه له.

وأقصد بالعمل النحوى أثر الفعل إعرابيا فيما يليه من أسماء ، فنجد أن الفاعل مرفوع دائما ، وموجود مع الفعل دائما ، أو يوجد ما ينوب عنه ، والفعل والفاعل ـ أو ما ينوب عنه ـ متلازمان دائما ، حتى تكون الجملة فعلية ؛ لذا لا يعد الفاعل جهة من حيث تقسيم الفعل ، ولكن أثر النصب أو الجزم يمكن أن يكون جهة تقسيم للفعل ، حيث تختلف الأفعال فى هذا الأثر.

١٠٨

الفعل اللازم

يسمّى الفعل القاصر ، أو غير المتعدى ، أو اللازم ، حيث يقصر إلى فاعله عن مفعوله ، أو لا يتعدى إلى مفعول به ، أو يلزم فاعله دون مفعوله ، مثال ذلك : نزل ، خرج ، قدم ، وقع ... إلخ.

وهى الأفعال التى لا تنصب مفعولا به ، وإن كان يظنّ أنها الأفعال التى لا مفعول لها ؛ فإننى أرى أن هذا ظنّ غير صحيح ؛ لأنه ـ كما ذكرنا ـ كلّ فعل له فاعل ومفعول به حتى تتحقق الحدثية ، ولكن بعض الأفعال يصل إلى مفعولاتها بلا واسطة فتنصبها ، وبعضها الآخر يصل إلى مفعوله بواسطة فلا ينصب ، وهذا النوع الأخير هو ما يسميه النحاة بالأفعال اللازمة.

ومهما كان المفهوم من لزوم الفعل فإن كلّ الأفعال تتعدى إلى اسم الحدث (المصدر) ، كما تتعدى إلى الزمان والمكان اللذين يقع فيهما ، كما تتعدى إلى سائر المنصوبات حسب المقصود البنيوى والمعنوى من الجملة.

فتقول : نزل محمد والسلم مسرعا نزولا مساء وسط الصالة أملا فى لقاء صديقه. تجد أن الفعل (نزل) فعل لازم لا ينصب مفعولا به ، لكنه نصب فى الجملة السابقة المفعول معه (السلم) ، والحال (مسرعا) ، والمفعول المطلق (نزولا) ، وظرف الزمان (مساء) ، وظرف المكان (وسط) ، والمفعول لأجله (أملا).

وتجعله متعديا إلى مفعوله بواسطة حرف الجر تبعا للجهة المعنوية المرادة منه ، فتقول : نزل العامل إلى أسفل ، نزل من أعلى ، نزل عن مكانه .... إلخ.

يلاحظ على الأفعال اللازمة فى اللغة العربية ما يأتى :

أولا : من حيث الجانب اللفظى :

أ ـ الأوزان التى لا تكون إلا أفعالا لازمة هى :

ـ فعل : بضمّ العين فى الماضى والمضارع ، ولك أن تصوغ من كل فعل فى اللغة على هذا المثال ؛ ليدلّ على معنى اللزوم والثبات ، مثل ذلك : حسن خطّه ، جمل خلقه ، نبلت مبادئه ، ظرف طبعه ، حلا طعمه.

١٠٩

كما أن هذا الوزن إنما وضع للغرائز والطبائع ، نحو : شرف ، كرم ، جبن ...

ـ انفعل : لا يأتى هذا الوزن إلا لمعنى المطاوعة ، ولا يكون إلا لازما ، وتعنى المطاوعة مطاوعة فاعل هذا الفعل لفاعل فعله المتعدى إلى واحد ، ففاعل هذه الجملة لا يحدث منه الفعل مباشرة ، ولكن بتأثير فاعل آخر غير ظاهر فى بنية الجملة ، فهذه الصيغة التى تكون للمطاوعة تكون لفاعل هو مفعول به أصلا ، والفاعل مهمل ، واستجاب المفعول به لتأثير الفاعل ، فحولت إليه الفاعلية ، ويكون الفعل لازما ، مثال ذلك : أغلق محمد الباب ، فانغلق الباب ، كسر الولد الزجاج ، فانكسر الزجاج ، كلّ من (الباب والزجاج) مفعول به فى الجملة مع الفعل المتعدى (أغلق ، كسر) ، ولما طاوع فاعل الثانى فاعل الأول لزمت صيغة الفعل المطاوعة فكانا (انغلق ، وانكسر).

ومن ذلك : دفعت الكرة ، فاندفعت الكرة. فتحت النافذة ، فانفتحت النافذة.

وكذلك : انصرف المشاكس ، انساق الإمّعة ، انهال التراب ، انفلق الحجر ، انشقت البرتقالة ، انطفأت الشمعة ، انكشفت حيلته ، انفردت بالعمل ، لا ننتفع بالمنافق ، انحطم الهشيم ، انقاد الإبل.

ـ افعلّ : لا يأتى هذا الوزن إلا لازما ، ويؤتى به فى اللغة لأداء دلالة واحدة غالبا ، وهى قوة اللون أو قوة العيب ، ومثاله : احمرّ وجهه خجلا ، ابيضّ الثوب ، اعورّت عينه ، اسودّت الورقة.

وقد يخرج عن هذه المعانى كما فى قوله تعالى : (فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ) [الكهف : ٧٧] ، (انقض) يجعل على وزن (انفعل) ، فيكون من انقضاض الطائر ، أو من القضّة ، وهى الحصى الصغار ، ويكون المعنى ، أن يتفتت كالحصى. ويجعل على وزن (افعلّ) كاحمرّ فيكون من النقض ، وهو الهدم.

ـ افعال : لازم دائما نحو : احمارّ وجهه ، (إذا زادت حمرته) ، اصفارّ ، اخضارّ ... ويكون فى الألوان ، وقد جاء فى غير الألوان قليلا ، فقد قالوا : اقطارّ النبت (١) ، أى : يبس وأخذ يجف ، ويمكن أن يرجع إلى اللون ، حيث اصفرار لون النبات إذا يبس وجف.

__________________

(١) ينظر : الكتاب ٤ ـ ٧٦ / البسيط فى شرح الجمل ١ ـ ٤١٤ / اللسان ، مادة (قطر).

١١٠

ـ افعنلل : نحو : اقعنسس الجمل (إذا أبى أن يقاد) ، احرنبى الديك ، (إذا أنفش ريشه للقتال) ، وهو لازم دائما ، احرنجم (اجتمع).

ـ تفعلل : لازم دائما ، مثل : تجورب ، تجلبب ، تدحرج ...

ومنه : تدحرجت الكرة ، تجورب محمد ، أى : لبس الجورب ، تجلبب الرجل ، أى : لبس الجلباب.

ـ افعنلى : نحو : اسلنقى. (أى : انبطح على قفاه).

ـ افعللّ : لا يأتى إلا لازما ، نحو : اقشعرّ بدنه ، لم تطمئنّ نفسه ، اشمأزّت أساريره. واطمأنت نفسه.

ـ افعلّل : نحو : اكوهّد الفرخ (إذا ارتعد) ، وهو لازم دائما.

ـ افعوعل : لا يكون إلا لازما ، اعشوشب المكان. (إذا كثر به العشب) ، ومنه : اخضوضر ، اخشوشن ، احدودب ...

ـ افعولل : نحو : اعتوجج البعير ، إذا أسرع.

ـ افونعل : نحو : احونصل الطائر ، إذا ثنى عنقه وأخرج حوصلته.

ـ افعيّل : نحو : اهبيّخ الرجل ، إذا كان فى مشيته تبختر وتهاد.

الأوزان الثلاثة (افعولل وافونعل وافعيّل) فى أمثلتها المذكورة تكون لازمة ، ويذكر ابن عصفور : (لم يذكرها أحد إلا صاحب العين ، فلا يلتفت إليها) (١).

ب ـ الأفعال التى قد تكون لازمة فى بعض دلالتها هى :

ـ فعل ، وفعل : (بفتح العين وكسرها) اللذان وصفهما على مثال (فعيل) ، من ذلك : سمن الأكول فهو سمين ، ذلّ المجرم فهو ذليل.

ومنه : مرض ، سقم ، حزن ، أشر ، بطر ، شهب ، سود ، سلم ، سعد ، فرح.

وقد يأتى الوزن (فعل) متعديا ، نحو : رحمه الله ، علم محمد الخبر ، حذف كثيرا منه.

__________________

(١) الممتع فى التصريف ١ ـ ١٧١.

١١١

وكذلك (فعل) قد يتعدى ، نحو : طرد الأستاذ الطالب المهمل ، ضربه.

ـ تفعّل : يكون هذا الوزن مطاوعا لوزن (فعّل) مضعف العين ، نحو : تحوّل الجار ، تشبّه بأفعالنا ، تمرّد على عادته السيئة ، تحرّك القطار ، تقدّم على غيره.

تلحظ أن كلّ الأفعال السابقة مطاوعة لأفعالها التى على مثال (فعّل).

قد يأتى هذا الوزن متعديا إذا لم يكن مطاوعا ، نحو : تعقّبه ، تصفّح الكتاب ، تفهّم أقواله ...

ـ تفاعل : قد تأتى هذه الصيغة لمطاوعة صيغتى : فاعل وفعل ، فتكون لازمة ، مثال ذلك : باعدته فتباعد ، خاصمته فتخاصم ، عاديته فتعادى ، حاورته فتحاور ، لازمته فتلازم.

وكذلك : نهيته فتناهى ، سموته فتسامى ، ومنه : تهادى ، تناوم ، تظاهر ، تقارب ، تهاون ، تمازح ، تعاهد.

وقد تأتى متعدية ، نحو : تغافل الرأى السديد ، تذاكروا العلم ، تجاذبا الثوب ، تعاطينا الدواء.

ـ افتعل : قد تأتى هذه الصيغة مطاوعة للثلاثى منها (فعل) ، نحو : رفع الشئ فارتفع الشىء ، عدل البستانى الغصن فاعتدل الغصن ، جمع محمد الأصدقاء ، فاجتمع الأصدقاء ، منعته من عمل السوء فامتنع عن عمله ، كواه فاكتوى ، رماه فارتمى ، هداه فاهتدى ، لواه فالتوى.

وقد تأتى بمعنى المبالغة فتكون لازمة ، نحو : اشتدّ جزعه ، امتدّ ، اقتدر ، ارتدّ ، اكتمل ، انتظم.

وقد ترد متعدية ، نحو : اكتسب الطباع النبيلة ، اقتسموا الربح ، اشتهى علىّ هذا الطعام ، احتذى محمود المنهج السليم ، اغتنم الكيّس الفرصة ، ابتدره بالسؤال ، احتسبه.

ـ أفعل : يأتى نادرا لازما ، نحو : أنسل الريش ، أعرض الشىء (أى : ظهر) ، أكبّ الرجل على وجهه ، أقشع السحاب. أنفض الزاد.

١١٢

ـ استفعل : يكون لازما إذا جاء فيه معنى التحول ، أو الصيرورة حقيقة ، نحو : استحجر الطين ، استحصن المهر ، استأسد الرجل ، استأذب الكلب.

ثانيا : من حيث الجانب الدلالى :

يمكن أن يلاحظ أن الفعل اللازم يأتى فى اللغة لأداء العلاقات المعنوية الآتية :

أ ـ أن يدلّ على حدوث من ذات مصحوب بحركة حسية أو معنوية ، ولكن تلحظ أنه لا يكون حدوثا قدر ما هو إحداث من عامل غير مذكور ، مثال ذلك : هبّت الريح ، غلى الماء ، خرج الصديق ، قامت سوق العلم ، ينبت الشحم ، ظهرت النابتة.

تلحظ فى العلاقات المعنوية السابقة بين الفعل اللازم وفاعله معنى الإحداث.

ب ـ أن يكون كذلك ، لكن الفاعل اسم معنى ، كما إذا قيل : كسد الجهل ، وقع الوصف ، جاء التغيير ، استبدّ به الظلم ، أخذ به الجدّ والالتزام.

ج ـ أن يدلّ على عرض ، وهو ما ليس بحركة جسم من وصف غير ثابت ، نحو : غاب الصديق عنى ، مرض المهمل ، بطر الجشع ، ضحك المتفرج ، طابت نفسه ، غلى المغيظ.

نتيجة :

عند ما نمعن الفكر فى الأفعال اللازمة نجد أنها تتعلق بالجارّ والمجرور ، أو يتعلق حرف الجرّ بها على حدّ قول النحاة. وبتمحيص العلاقة المعنوية بين هذه الأفعال ومجروراتها نجد أن بعضها تقع عليه الفاعلية ، وبعضها الآخر لا تقع عليه ، وإنما تكون لعلاقات معنوية أخرى ؛ لذا فإن هذا النوع الأول الذى تقع الفاعلية على مجروره تكون أفعاله مشتركة بين اللزوم والتعدى ، فهى تشارك اللازم فى مبناها ، وتشارك المتعدى فى معناها ، وهى تصل إلى مفعولها بواسطة حرف الجر الذى يؤدى المعنى المقصود ، حيث تكون العلاقة بين الفعل المتعدى بحرف الجر ومفعولاتها علاقة متعددة الجوانب المعنوية ، فيلجأ المتحدث إلى اختيار حرف الجر الذى يؤدى المعنى المراد ، أو العلاقة المعنوية المرادة.

١١٣

هذا إلى جانب تلك الصيغ التى ذكرناها خاصة باللزوم ، وقد ذكرنا أن الفاعل فيها أصله المفعولية لكنه لمعنى المطاوعة أصبح فاعلا.

ويمكن إدراك ذلك من خلال الأمثلة الآتية : المجرور مفعول به فى معناه : غضب عليه ، لم يخرج منه ، دلّ ذلك على إيمانه ، وقف على الحقيقة ، مال إليه ، انصرف عنه ، مضى به. الغضب وعدم الخروج والإغارة والدلالة والوقوف والميل والانصراف كلّها معان واقعة على المجرورات التى تليها ، واختيار حرف الجر وتنوعه من فعل إلى آخر يكون لتحديد العلاقة بين الفعل وما تعدّى إليه ، فالغضب يكون عليه ومنه ، وعدم الخروج يكون إليه ومنه ، والدلالة تكون عليه وإليه ، والوقوف يكون عليه ومنه وبه ، والميل يكون إليه وعنه ، والانصراف يكون عنه وإليه ، والمضى يكون به وإليه. ولذلك نجعل شبه الجملة متعلقة بالفعل.

وقد يتعدى الفعل إلى مفعولين بواسطة ، نحو : أمر الحاكم للناس بانتشار العدل بينهم ، فالأمرية وقعت على الناس وعلى انتشار العدل ، وتلحظ أن كلّ مفعول مسبوق بحرف جرّ معين لاختلاف العلاقة بين كلّ مفعول والفعل ، فيكون كلّ شبه جملة متعلقة بالفعل.

ومثله : أمر له بجائزة ، حكم عليه بالغرامة ، أعطى من ماله للفقراء ، أعاد لك بالخير ، استغفرت لك من الله ، خرج من القاعة إلى المدرج ، رووا عليه من أشعار أبى تمام ، سوف أبعث إليك بالكتاب ، احتجّ عليه بحججه القارعة ، شهدنا له بالتفوق. تحدّث إليه بالنصائح المفيدة. وكلّ شبه جملة متعلقة بالفعل الذى يسبقها.

ثالثا : لزوم الفعل المتعدى :

أنوّه هنا إلى أن النحاة قد ذكروا طرائق للزوم الفعل المتعدى ، وقصره عن نصبه مفعولا به ، وهى :

أ ـ التضمين المعنوى : هو أن يتضمن فعل متعدّ معنى فعل لازم فيقصر قصوره ، وجعلوا من ذلك قوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ)

١١٤

[النور : ٦٣] ، حيث تضمن الفعل المتعدى (يخالف) معنى الفعل اللازم (يخرج ، أو صدّ ، أو أعرض) ، ويكون الكلام : يخرجون عن أمره.

ومنه قوله تعالى : (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) [النمل : ٧٢] ، الفعل (ردف) يتعدى بنفسه ، ولكنه تعدى هنا باللام لتضمنه معنى (دنا وقرب).

وقد يتعدى بواسطة (من) ، ويجعلون منه قول الشاعر :

فلمّا ردفنا عمير وصحبه

تولّوا سراعا والمنية تعتق (١)

الكلام : ردفنا من عمير ، أى : دنونا من عمير.

ويجوز أن يكون منه قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة : ١٩٥] ، حيث إنه من أوجه هذا الموضع أن الفعل (تلقوا) قد ضمّن معنى الفعل اللازم (تفضوا) ، أى : تطرحوا. وهو يتعدى بالباء ، فقولك : أفضيت بجنبى على الأرض ، أى : طرحت جنبى على الأرض.

ب ـ تحويل الفعل المتعدى إلى باب (فعل) بضمّ العين فى الماضى والمضارع مقصودا به التعجب والمبالغة : أو الثبوت واللزوم ، مثال ذلك : ضرب ، أى : ما أضربه ، ربح التاجر ، أى : ما أربحه ، وكسب ، أى : دائم الكسب.

ج ـ صيرورة الفعل المتعدى مطاوعا ، نحو : أنهيته فانتهى ، كسرته فانكسر ، حرّكت اللعبة فتحرّكت اللعبة ، خاصمته فتخاصم ، سابقته فتسابق.

د ـ ضعف العامل بتأخيره ، وجعلوا منه قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) [يوسف : ٤٣] ، حيث (تعبر) فعل يتعدى إلى المفعول بدون واسطة ، لكنه لمّا تقدم المعمول (الرؤيا) ضعف العامل لتقدم المعمول عليه ، فقوّى العامل بحرف الجرّ (اللام).

وقيل : تضمن الفعل (تعبرون) معنى ما يتعدى باللام ، والتقدير : (تنتدرون لعبارة الرّؤيا).

ومنه قوله تعالى : (لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) [الأعراف : ١٥٤] حيث سبق حرف الجرّ (اللام) المفعول به المقدم (ربهم) لتقوية العامل (يرهبون) لتأخره.

__________________

(١) ينظر : البحر المحيط ٧ ـ ٩٥ / الدر المصون ٥ ـ ٣٢٦.

١١٥

ه ـ الضرورة : من ذلك قول حسان بن ثابت :

تبلت فؤادك فى المنام خريدة

تسقى الضجيع ببارد بسّام (١)

أى : تسقى الضجيع باردا بساما. فالفعل (سقى) يتعدى بلا واسطة ، ولكنه تعدى بحرف الجر (الباء) هنا ضرورة. ومنه قول الشاعر :

فلمّا أن تواقفنا قليلا

أنخنا للكلاكل فارتمينا (٢)

والأصل : أنخنا الكلاكل ، فتعدّى الفعل (أناخ) بحرف الجر (اللام) للضرورة.

و ـ أن يكون العامل فرعا ، وحينئذ يجوز أن تسبق مفعوله باللام المقوّية ، فتجرّه ، نحو قوله ـ تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) [هود ١٠٧].

وزيدت اللام فى المفعول به بسببى العامل الفرعى والتقدم مجتمعين فى قوله تعالى : (لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) [المؤمنون ٥]. (وَهُمْ لَها سابِقُونَ) [المؤمنون ٦١] ، أى وهم سابقونها.

__________________

(١) (تبلت) فعل ماض مبنى على الفتح. والتاء للتأنيث حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (فؤادك) فؤاد : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف ، وكاف المخاطب ضمير مبنى فى محل جر ، مضاف إليه. (فى المنام) فى : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. المنام : اسم مجرور بفى ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بتبل. (خريدة) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (تسقى) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها الثقل. وفاعله ضمير مستتر تقديره :هى. (الضجيع) مفعول به أول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (ببارد) الباء : حرف جر زائد مبنى ، لا محل له من الإعراب. بارد : مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد ، والجملة الفعلية فى محل رفع ، نعت لخريدة. (بسام) نعت لبارد مجرور على اللفظ ، وعلامة جره الكسرة.

(٢) ينظر : الحماسة البصرية ١ ـ ١٨٥ / الدر المصون ٥ ـ ٣٢٦.

(لما) حرف وجوب لوجوب مبنى ، لا محل له من الإعراب. أو : ظرف مبنى فى محل نصب متعلق بأناخ. (أن) حرف زائد مبنى ، لا محل له من الإعراب. (تواقفنا) تواقف : فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المتكلمين (نا) مبنى فى محل رفع ، فاعل. (قليلا) منصوب على الظرفية ، وعلامة نصبه الفتحة ، والتقدير : زمنا قليلا ، أو نائب عن المفعول المطلق ، والتقدير : تواقفا قليلا. (أنخنا) أناخ : فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المتكلمين (نا) مبنى فى محل رفع ، فاعل. (للكلاكل) اللام : حرف جر زائد للتوكيد مبنى ، لا محل له من الإعراب. الكلاكل : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. (فارتمينا) الفاء : حرف عطف تعقيبى مبنى ، لا محل له من الإعراب. ارتمى : فعل ماض مبنى على السكون. وضمير المتكلمين فاعل مبنى.

١١٦

الفعل المتعدى

يسمى الفعل المجاوز ، أى : ما يجاوز رفع الفاعل إلى نصب المفعول به بنفسه ، أى : دون واسطة حرف جر ، ويسمى كذلك واقعا ومتعديا ، فالتعدى يعنى المجاوزة ، وهو فى هذا الباب يعنى مجاوزة الفعل فاعله إلى مفعول به ، وله علامتان (١) :

أولاهما : أن تصل به هاء تعود على غير مصدره ، فتقول : الدرس كتبته ، الموضوع فهمته ، الخطّ حسّنته ، (الهاء) فى الأمثلة السابقة ضمير مبنى فى محل نصب مفعول به ، وهو يعود على الاسم المبتدإ به الجملة ، وليس عائدا على مصدر الفعل.

أما فى الفعل اللازم فإنك لا تستطيع أن تجعل مثل هذا الضمير يعود على اسم سابق إلا بواسطة حرف الجر ، فتقول : المنزل خرجت منه ، الصديق قدمت إليه ، محاضرة اليوم أغيب عنها. تلحظ أن الضمير العائد على الاسم السابق على الفعل لا يصل إليه الفعل إلا بواسطة حرف الجر.

ويجوز أن يصل الفعل اللازم إلى ضمير مصدره كأن تقول : نزلته ، أى : نزلت النزول ، فالضمير يعود على مصدر الفعل.

والأخرى : أن يصاغ من الفعل المتعدى اسم مفعول تام غير مقترن بحرف جر أو ظرف ، أى : يصل إلى نائب الفاعل بدون واسطة ، فتقول : علىّ محمود خلقه.

(خلق) نائب فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والعامل فيه اسم المفعول (محمود) ، وتلحظ رفعه لنائب الفاعل بدون وساطة.

ولكن اسم المفعول المصاغ من الفعل اللازم لا يصل إلى نائب الفاعل إلا بواسطة حرف الجر ، فتقول : الصديق منزول إليه ، حيث (منزول) اسم مفعول من الفعل اللازم (نزل) ، ولم يصل إلى نائب فاعله إلا بواسطة حرف الجر (إلى).

__________________

(١) ينظر : الكتاب ١ ـ ٣٤ / اللباب ١ ـ ٢١١ / المفصل ٢٥٧ / البسيط فى شرح الجمل ١ ـ ٤١١ / شرح ابن عقيل ١ ـ ١٥٩ / التسهيل ٨٣ / شرح الشذور ٣٥٤ / شرح التصريح ١ ـ ٣٠٨.

١١٧

وتقول : القاعة مخروج منها ، الخير مسعىّ إليه ، الخير منساق إليه.

يلاحظ أن التعدى والمجاوزة والوقوع ضوابط معنوية حيث تستنتج هذه الضوابط من خلال السياق المعنوى. وحقيقة الفعل المتعدى أنه يصل إلى مفعول به أو أكثر وقع عليه فعل الفاعل : إما بواسطة ، وإما بغير واسطة ، وإما بالجمع بينهما ، ويمكن تقسيم الفعل المتعدى إلى مفعوله على النحو الآتى ، مستتبعين آراء النحاة التى نجمعها فيما يأتى (١) :

أ ـ قد نذكر هنا تلك الأفعال التى تتعدى إلى مفعولاتها بواسطة حروف الجر ، وقد أثبتنا بعضها فى الأفعال اللازمة. ومنها قولك : مررت بمحمود ، نظرت إلى بشر ، رغبت فى محمد ، رغبت عن سمير ، انصرفت إلى أحمد ، انصرفت عن منصور ، تعدى الفعل إلى مفعوله ، دخلت فى الدار.

ب ـ الفعل المتعدى إلى واحد :

طبقا للفكرة السابقة من التعدى من حيث جواز تعدى الفعل بواسطة حرف الجر يمكن تقسيم هذا النوع إلى أربعة أقسام :

أولها : ما يتعدى لمفعول به بنفسه دائما دون واسطة ، وضابطه أن تكون هذه الأفعال دالة على حاسة من الحواس (٢) ، نحو : رأيت الصورة ، شممت رائحته ، ذقت طعمه ، لمست نعومته ، سمعت صوته.

كلّ من : (رأى ، شمّ ، ذاق ، لمس ، سمع) فعل يدلّ على حاسة ؛ لذا كان متعديا بنفسه.

ثانيها : ما يتعدى لواحد تارة بنفسه ، وأخرى بحرف الجر ، ومن ذلك :

ـ كشفت عن قناعها ، كشفت قناعها.

ـ رفعت عن ذيل مرطها ، رفعت ذيل مرطها.

ـ مدّ الله فى عمرك ، مدت الفتاة حبلها.

__________________

(١) ينظر : شرح عيون الإعراب ٨٢ / شرح شذور الذهب ٣٥٤.

(٢) ينظر : شرح شذور الذهب ٣٥٦.

١١٨

ـ فرّقوا بينهما ، فرّقوهما.

ومن ذلك الأفعال : شكر ، نصح ، قصد ، زجرت ، فضل ، رجع ..

فتقول : شكرته ، شكرت له ، نصحته ، نصحت له .. إلخ. فضلته ، وفضلت عليه ، ورجعته إليه ... إلخ

ومنه : مسحت برأسى ، ومسحت رأسى ، وخشنت بصدره ، وخشنت صدره ، وكلته ، وكلت له ، وزنته ، وزنت له. ومنه قوله تعالى : (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) [المطففين : ٣].

جئتك وجئت إليك ، دخلت الدار ودخلت فى الدار ، قرأت السورة وقرأت بالسورة.

ثالثها : ما يتعدى لواحد بنفسه تارة ، ولا يتعدى أخرى لا بنفسه ولا بالجار ، أى : يكون متعديا مرة ، ومطاوعا أخرى ، ومنه : فغرفاه. (متعديا) ، فغرفوه. (لازما) ، بمعنى (انفتح) ، ورجع زيد ورجعته ، شحافوه وشحافاه (١) (انفتح) ، وربما كانت هذه لغات.

رابعها : ما يتعدى لإسقاط الخافض أو نزعه ، نحو قولهم : دخل الدار ، ذهب الشام ، ومنه : (افْعَلْ ما تُؤْمَرُ) [الصافات : ١٠٢].

ومن هذا النوع من الأفعال ما يكون متعديا أو لازما من خلال حركة العين بين الفتح والكسر.

ومن ذلك : شترت عينه (بكسر التاء) ، فيكون لازما ، وشترها الله (بفتح التاء) ، فيكون متعدى.

وكذلك : حزن (بكسر الزاى يحزن ، وهو لازم ، وحزنه (بفتح الزاى) ، مثل : أحزنه وحزّنه ، بتضعيف الزاى.

__________________

(١) ينظر : البسيط فى شرح الجمل ١ ـ ٤١٩.

١١٩

ونجعل من هذا القسم أمثال الفعل (وقف) ، حيث يكون لازما ، كما قد يكون متعديا ، فتقول : وقف الأستاذ ، ولكنك تقول : وقفت دابّتى وقوفا ووقفا ، ومنه قوله تعالى : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) [الصافات : ٢٤].

وقف الدار والحديقة ، حبسهما فى سبيل الله.

ومنه : زاد ، خسأ ، غاض ...

تقول : زدت الماء ، وزاد الماء ، خسأته وخسأ ، غاض الماء وغاض الله الماء.

ج ـ الفعل المتعدى لمفعولين. وستفصل دراسته فيما بعد.

د ـ الفعل المتعدى لثلاثة ، وسيفصل فيما بعد.

كيفية تعدى الفعل اللازم

أنوه إلى أن الفعل اللازم يمكن أن يتعدى باستخدام إحدى الوحدات الصرفية المخصصة لذلك من سوابق وحشايا وحذف ، أو باستخدام جانب معنوى ، وذلك على النحو الآتى :

ـ الهمزة ، نحو : أجلسته ، أنزلته ، أخرجته ، أعظمته ، أكرمته.

ومن الأفعال ما هو مزيد بالهمزة لكنه يستخدم دلاليّا لازما ، نحو : أعرض ، أسرع ، أبطأ. أكبّ ... إلخ.

ومنه قوله تعالى : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) [طه ١٢٤].

وقد يكون الفعل المزيد بالهمزة مترددا بين اللزوم والتعدى مثل الفعل (أفاض) ، فتقول : أفاض الحجيج من عرفات ، وأفاض القوم فى الحديث ، وتقول : أفاض الله الخير ، وأفاض دمعه ...

ـ تضعيف عين الفعل ، نحو : عظّمته ، نزّلته ، كرّمته ، قدّمته.

ـ ألف المفاعلة ، نحو : جالسته ، خاصمته ، نازلته.

ـ الهمزة والسين والتاء ، نحو : استخرجته ، استبعدت الظنّ ، استوجب محمد التكريم.

١٢٠