النحو العربي - ج ١

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ١

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٦٣

أى : إن كان المقول حقا ، وإن كان المقول كذبا ، فيكون كلّ من (حقا وكذبا) خبرا لكان المحذوفة.

وقول ابن همام السّلولى :

وأحضرت عذرى عليه الشهو

د إن عاذرا لى وإن تاركا (١)

أى : إن كان عاذرا لى ، وإن كان تاركا ، ويجوز الرفع بتقدير : إن كان لى فى الناس عاذر.

وقول النابغة :

حدبت علىّ بطون ضنّة كلّها

إن ظالما فيهم وإن مظلوما (٢)

ومنه قولهم : مررت برجل صالح ، وإن لا صالحا فطالح (٣) ، أى : وإن لا يكن صالحا فهو طالح ، فيكون المنصوب (صالحا) خبرا لـ (كان) المحذوفة مع اسمها ، والمرفوع (طالح) يكون خبرا لمبتدإ محذوف.

ويجوز القول : وإن صالحا فطالحا ، والتقدير : وإن لا يكن صالحا فقد لقيته طالحا ، فينصب الثانى على الحالية.

وضعّف سيبويه قول يونس : إن لا صالح فطالح ، على التقدير : إن لا أكن مررت بصالح فبطالح. حيث إضمار فعل آخر بعد (إن لا) غير إضمار (يكن) فى التقدير : إن لا يكن.

وورد حذف (كان) مع اسمها بعد (لو) الشرطية فى قول الشاعر :

انطق بحقّ ولو مستخرجا إحنا

فإن ذا الحقّ غلاب وإن غلبا (٤)

__________________

وشبه الجملة متعلقة بالاعتذار. (إذا) ظرف زمان مبنى فى محل نصب تضمن الشرط. (قيلا) فعل الشرط ماض مبنى على الفتح مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. والألف للإطلاق ، والجملة فى محل جر بالإضافة ، وجملة جواب الشرط محذوفة دل عليها ما سبق.

(١) الكتاب ١ ـ ٢٦٢.

(٢) الكتاب ١ ـ ٢٦٢ / الأشمونى ١ ـ ٢٤٢ / الهمع ١ ـ ١٢١.

(٣) الكتاب ١ ـ ٢٦٢.

(٤) (انطق) فعل أمر مبنى على السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (بحق) جار ومجرور بالكسرة ،

٣٨١

أى : ولو كنت مستخرجا ، فحذفت (كان) مع اسمها) ، وبقى خبرها المنصوب (مستخرجا).

وقول الآخر :

لا يأمن الدهر ذو بغى ولو ملكا

جنوده ضاق عنها السهل والجبل (١)

والتقدير : ولو كان الباغى ملكا فلا يأمن الدهر. فحذفت (كان) مع اسمها بعد (لو) الشرطية.

وفى الحديث الشريف : «التمس ولو خاتما من حديد» (٢) أى : ولو كان الملتمس خاتما.

__________________

وشبه الجملة فى محل نصب حال ، أو متعلقة بحال محذوفة. (ولو) الواو عاطفة على محذوف ، لو :حرف شرط غير جازم مبنى على السكون ، لا محل له من الإعراب. (مستخرجا) خبر كان المحذوفة مع اسمها ، وجملتها جملة الشرط. وجملة جواب الشرط محذوفة دل عليها ما سبق ، والتقدير : ولو كنت مستخرجا إحنا فانطق بحق. (إحنا) مفعول به لاسم الفاعل (مستخرجا) منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(فإن) الفاء تعليلية حرف مبنى لا محل له من الإعراب ، إن حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. (ذا) اسم منصوب ، وعلامة نصبه الألف ؛ لأنه من الأسماء الستة. وهو مضاف و (الحق) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (غلاب) خبر إن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (وإن) الواو حرف عطف مبنى. إن : حرف شرط جازم مبنى على السكون ، لا محل له من الإعراب (غلبا) فعل الشرط ماض مبنى على الفتح ، مبنى للمجهول. ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. والألف للإطلاق. وجملة جواب الشرط محذوفة دل عليها ما سبق.

(١) (لا) حرف نهى مبنى لا محل له من الإعراب. (يأمن) فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين. (الدهر) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (ذو) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الواو ؛ لأنه من الأسماء الستة ، وهو مضاف و (بغى) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (ولو) الواو حرف عطف على محذوف. لو : حرف شرط غير جازم مبنى لا محل له من الإعراب. (ملكا) خبر كان المحذوفة مع اسمها منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وجملته جملة الشرط.

وجملة جواب الشرط محذوفة دل عليها ما سبق ، والتقدير : لو كان ذو البغى ملكا فلا يأمن الدهر.

(جنوده) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة. (ضاق) فعل ماض مبنى على الفتح. (عنها) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالضيق. (السهل) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الفعلية فى محل نصب ، نعت لـ (ملكا). (والجبل) عاطف مبنى ، ومعطوف على السهل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(٢) صحيح البخارى ، نكاح ١٤ ، ٢٣.

٣٨٢

والقول : ألا ماء ولو باردا (١) أى : ولو كان الماء باردا.

وتحذف بقلة بعد (لد) كما هو فى قول الراجز :

من لد شولا فإلى إتلائها (٢).

أى : من لد كان شولا ، فـ (شولا) خبر (كان) المحذوفة منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

وقد حذفت مع اسمها بعد (لكن) فى قوله تعالى : (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) [يونس : ٣٧] ، والتقدير : ولكن كان تصديق ، وهذا ما ذهب إليه الكسائى والفراء وابن سعدان والزجاج ، فيكون (تصديق) خبر (كان) المحذوفة منصوبا ، وعلامة نصبه الفتحة ، وفيه أوجه أخرى (٣)

ملحوظة :

فى القول : الناس مجزيون بأعمالهم ، إن خيرا فخير ، وإن شرّا فشرّ (٤).

أربعة أوجه :

الأول : أن يكون التقدير : إن كان العمل خيرا فجزاؤه خير ، فينصب الأول ، ويرفع الثانى ، والنصب على أنه خبر (كان) المحذوفة مع اسمها ، والرفع على أنه خبر لمبتدإ محذوف.

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ٢٦٩ ، ٢٧٠.

(٢) الكتاب ١ ـ ٢٦٤ ، ٢٦٥ / الأشمونى ١ ـ ٢٤٣ الخزانة ٢ ـ ٨٤ ، الشول : الناقة التى جف لبنها ؛ لأنه قد أتى من نتاجها سبعة أشهر ، أو مصدر شال ، وهو رفع الناقة ذيلها للضاب. الإتلاء : أن تصير الناقة متلية ، أو يتلوها ولدها بعد الوضع.

(٣) من الأوجه الأخرى لنصب (تصديق) :

أ ـ أن يكون معطوفا على خبر (كان) السابقة فى قوله تعالى : (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ.)

ب ـ أن يكون مفعولا لأجله لفعل مقدر ، أى : ولكن أنزل تصديق الذى.

ج ـ أن يكون مصدرا لفعل مقدر ، والتقدير : ولكن يصدق تصديق الذى ...

(٤) الكتاب ١ ـ ٢٥٨ / أوضح المسالك ١ ـ ١٨٥.

٣٨٣

الثانى : أن ينطق : إن خير فخيرا ، وإن شرّ فشرا. فيكون التقدير : إن كان خير كان الجزاء خيرا ، على أن (كان) تامة بمعنى وقع ، فيكون المرفوع فاعلا ، والمنصوب خبرا لكان المحذوفة مع اسمها.

ويجوز أن تقدر : إن كان فى عمله خير فيكون الجزاء خيرا. فيكون المرفوع اسم (كان) المحذوفة مع خبرها.

الثالث : أن ينطق : إن خيرا فخيرا ، فيكون التقدير : إن كان العمل خيرا فالجزاء يكون خيرا ، وكلّ من المنصوبين خبر لكان المحذوفة.

الرابع : أن ينطق : إن خير فخير ، فيكون التقدير : إن كان خير (أى : وقع وثبت) فالجزاء خير ، أو : إن كان فى عمله خير فجزاؤه خير ، فيكون المرفوع الأول فاعلا لكان التامة المحذوفة ، أو اسما لكان المحذوفة مع اسمها ، أما المرفوع الثانى فإنه يكون خبرا لمبتدإ محذوف.

والأوجه السابقة تكون فى القول : إن شرا فشرّ ، وتكون كذلك فى قولهم : المرء مقتول بما قتل به ، إن خنجرا فخنجر ، وإن سيفا فسيف. ولتلحظ النطق والتقدير فى القول السابق :

ـ إن خنجرا فخنجر ، أى : إن كان الذى قتل به خنجرا فالذى يقتل به خنجر.

ـ إن خنجرا فخنجرا ، أى : إن كان الذى قتل به خنجرا كان الذى يقتل به خنجرا.

ـ إن خنجر فخنجر ، أى : إن كان خنجر فالذى يقتل به خنجر ، أو : إن كان معه خنجر كان الذى يقتل به خنجر.

ـ إن خنجر فخنجرا ، أى : إن كان خنجر قتل به كان الذى يقتل به خنجرا.

والتقديرات الأربعة فى الجملة الأخرى من القول : وإن سيفا فسيف.

٣٨٤

٤ ـ حذف (كان) مع اسمها وخبرها

تحذف كان مع اسمها وخبرها جوازا بعد (إن) الشرطية المتلوة بـ (ما) التى تكون عوضا عن المحذوف ، وذلك كقولك : افعل هذا إمّا لا (١) ، والتقدير : افعل هذا إن كنت لا تفعل غيره.

وتلحظ أن (إمّا) أصلها (إن) و (ما) ، وحوفظ على معنى النفى ، وقد حذفت جملة (كان) بعد (إن) فى قول الشاعر :

قالت بنات العمّ يا سلمى وإن

كان فقيرا معدما قالت وإن (٢)

أى : وإن كان فقيرا معدما تمنّيته.

٥ ـ (كان) ناقصة

وهى التى لا تكتفى بمرفوعها أو بفاعلها ، وإنما لا بدّ لإتمام معناها مع مرفوعها من ذكر المنصوب بها ، فلا يستغنى المعنى عن المنصوب ، وهى التى ذكرت فى الصفحات السابقة ، وهذه لا تنصب حالا ، فمنصوبها الخبر يغنى عن نصبها الحال.

٦ ـ (كان) تامة :

وتكون ـ كما ذكرنا ـ بمعنى : وقع ووجد (٣) ، ومنه قولك : أنا أعرفه مذ كان ، أى : مذ وقع أو وجد ، فيكون (كان) فعلا ماضيا تاما مبنيا على الفتح ، وفاعله مستتر تقديره : هو.

ومنه قولك : قد كان الأمر ، أى قد وقع.

ظللت أمشى حتى إذا كان السلم صعدت ، أى : إذا وقع السلم.

وقد وردت (كان) تامة فى قوله تعالى : (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا) [المائدة : ٧١] ، أى : ألا تقع فتنة ... أو : ألا تحدث فتنة ، فـ (فتنة) فاعل (تكون) مرفوع ، حيث (تكون) فعل مضارع تام منصوب.

__________________

(١) ينظر : المقتضب ٢ ـ ١٥١ / المقرب ١ ـ ٢٧٦ / مغنى اللبيب ٢ ـ ١٥٩ / شرح التصريح ١ ـ ١٩٥.

(٢) ينظر : المقرب ١ ـ ٢٧٦ / شرح التصريح ١ ـ ١٩٥.

(٣) الكتاب ١ ـ ٤٦ / المقتضب ٤ ـ ٩٥.

٣٨٥

ومنه قوله تعالى : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) [البقرة : ١٩٣].

وقوله تعالى : (وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [البقرة : ١١٧].

ومثله : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران : ٥٩].

(إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(١) [النحل : ٤٠].

(إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ)(٢) [الأنفال : ٧٣].

ومنه قول الربيع بن ضبع الفزارى :

إذا كان الشتاء فأدفئونى

فإن الشيخ يهرمه الشتاء (٣)

__________________

(١) (إنما) إن : حرف توكيد ونصب مبنى لا محل له من الإعراب. ما : كافة لإن حرف مبنى لا محل له من الإعراب. (قولنا) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وضمير المتكلمين مبنى فى محل جر بالإضافة.

(لشىء) جار ومجرور بالسرة ، وشبه الجملة متعلقة بالقول. (إذا) اسم شرط غير جازم مبنى في محل نصب على الظرفية. (أردناه) فعل الشرط ماض مبنى على السكون ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل رفع ، فاعل. وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، مفعول به. وجملة جواب الشرط محذوفة دل عليها ما سبق. (أن) حرف مصدرى ونصب مبنى على السكون لا محل له من الإعراب. (نقول) فعل مضارع منصوب بعد أن ، وعلامة نصبه الفتحة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : نحن ، والمصدر المؤول في محل رفع ، خبر المبتدإ. (له) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالقول. (كن) فعل أمر مبنى على السكون ، وفاعله مستتر تقديره : أنت. والجملة الفعلية فى محل نصب ، مقول القول. (فيكون) عاطف وجملته معطوفة على ما سبقها.

(٢) (إلا) إن : حرف شرط جازم مبنى على السكون ، لا محل له من الإعراب. لا : حرف نفى مبنى لا محل له. (تفعلوه) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (تكن) فعل جواب الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون. (فتنة) فاعل تكن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (في الأرض) جار ومجرور بالكسرة ، وشبه الجملة متعلقة بالكينونة. (وفساد) حرف عطف مبنى لا محل له ، ومعطوف على فتنة مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (كبير) نعت لفساد مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(٣) جمل الزجاجى ٦٢ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ٨٦٥ / شرح جمل الزجاجى لابن هشام ١٤٢ / شذور الذهب ٣٥٤. وفى رواية : يهدمه ...

(إذا) اسم شرط غير جازم مبنى فى محل نصب على الظرفية معمول للجواب مضاف إلى شرطه.

٣٨٦

أى إذا وقع الشتاء ...

٧ ـ (كان) زائدة :

قد تأتى (كان) فى الجملة العربية زائدة ، أى : إنها لا يؤتى بها لإسناد ، وإنما يؤتى بها لتفيد اقتران مضمون الجملة بالزمن الذى وضعت له (كان) ، ويشترط فيها ـ حينئذ ـ ما يأتى :

١ ـ أن تكون بين شيئين متلازمين ، كالمضاف والمضاف إليه ، والمبتدإ والخبر ، والفعل وفاعله ، والصفة والموصوف ، و (ما) التعجبية وفعله ، وبين المعطوف والمعطوف عليه ، واسم (إن) وخبرها (١) ، ولا تكون بين الجارّ ومجروره.

ويقبح زيادة (كان) بين الجارّ ومجروره ، كما ورد فى قول الشاعر :

جياد بنى أبى بكر تساموا

على ـ كان ـ المسومة العراب (٢)

__________________

(كان) فعل ماض تام مبنى على الفتح. (الشتاء) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة (فأدفئونى) الفاء : حرف رابط بين الشرط وجوابه مؤكد مبنى ، لا محل له من الإعراب. أدفئونى : فعل أمر مبنى على حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والنون للوقاية حرف مبنى لا محل له من الإعراب ، وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية فى محل جزم ، جواب الشرط. (فإن) الفاء : حرف سببى مبنى لا محل له من الإعراب. إن : حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. (الشيخ) اسم إن منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (يهرمه) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (الشتاء) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر إن.

(١) ينظر : الكتاب ١ ـ ٧٣ / ٢ ـ ١٥٣.

(٢) الجامع الصغير ٥٤ / شرح التصريح ١ ـ ١٩٢ / أوضح المسالك ١ ـ ١٥١ / تهذيب التوضيح ١ ـ ٧٩ /. وقد روى : سراة بنى أبى بكر ، وتسامى.

سراة : جمع سرى ، وهو السيد الشريف ، المسومة : الخيل المعلمة ، العراب : الخيل العربية.

(جياد) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وهو مضاف. (بنى) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الياء ؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم ، وهو مضاف. (أبى) مضاف إلى بنى مجرور وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الستة ، وهو مضاف. (بكر) مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة. (تساموا) فعل ماض مبنى على الضم المقدر. وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدإ. (على) حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. (كان) زائدة لا محل لها من الإعراب. (المسومة) اسم مجرور بعد على ، وعلامة جره الكسرة. (العراب) نعت للمسومة مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

٣٨٧

حيث زيد الفعل (كان) بين حرف الجرّ (على) ومجروره (المسومة) ، ومنهم من يجعل ذلك شذوذا.

ويفهم من شرط وجودها بين متلازمين ألا تكون فى أول الكلام ؛ لأن وجودها فى أول الكلام يدل على الاهتمام والعناية ، والزيادة تدل على عدمها. فيكون هناك تناقض.

٢ ـ أن تكون بلفظ الماضى ، وجوّز بعض النحاة ـ وعلى رأسهم الفراء ـ زيادتها بلفظ المضارع ، كما أجاز ذلك ابن مالك وابنه ، وارتضاه ابن هشام.

وجعلوا زيادتها إذا كانت بلفظ المضارع شذوذا ، ومن ذلك قول أم عقيل :

أنت تكون ماجد نبيل

إذا تهبّ شمأل بليل (١)

حيث الفعل المضارع (تكون) زائدة بين المبتدإ وخبره ، والأصل : أنت ماجد نبيل ، والدليل رفع (ماجد ونبيل) ، ولكن الفعل الزائد جاء فى لفظ المضارع مما يعدّ عند أكثرهم شذوذا.

كما زيدت (كان) بلفظ المضارع فى قول حسان بن ثابت :

كأنه سبيئة من بيت رأس

يكون مزاجها عسل وماء (٢)

__________________

(١) التصريح ١ ـ ١٩١ / الأشمونى ١ ـ ١٤١ / الخزانة ٩ ـ ٢٥٥ / أوضح المسالك ١ ـ ١٨٠.

بليل : رطبة ندية.

(أنت) ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (تكون) زائدة لا محل لها من الإعراب. (ماجد) خبر المبتدإ مرفوع وعلامة رفعه الضمة. (نبيل) خبر ثان للمبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (إذا) اسم شرط غير جازم مبنى فى محل نصب على الظرفية ، مضاف إلى ما بعده. (تهب) فعل الشرط مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (شمأل) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الفعلية فى محل جر بالإضافة. (بليل) نعت لشمأل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وجملة جواب الشرط محذوفة دل عليها ما سبق. والتقدير : إذا تهب شمأل فأنت ماجد.

(٢) المقتضب ٤ ـ ٩٢ / الجمل ٥٨ / المحتسب ١ ـ ٢٧٩ / ابن يعيش ٧ ـ ٩١ ، ٩٣ / خزانة الأدب ٩ ـ ٢٢٤. السبيئة : الخمر التى تشترى ، بيت رأس : موضع.

وفى رواية : كأن سبيئة .. (الكتاب ١ ـ ٤٩) ، وفى رواية أخرى : كأن سلافة ... (المقتضب ٤ ـ ٩٢) ، وعليهما أكثر كتب النحاة ، ويكون خبر كأن فى البيت الذى يليه ، ويزعم بعض النحاة أنه مصنوع. (كأنه)

٣٨٨

برفع (مزاج وعسل) على أنهما جملة اسمية من مبتدإ وخبر ، والجملة فى محل رفع ، نعت لسبيئة. والفعل (يكون) يكون زائدا ، ولما كان مضارعا كان عند الكثيرين شذوذا. وفيه توجيه آخر ، ذكرناه سابقا.

كما أجاز الفراء أن تكون فى آخر الجملة.

ومن زيادة (كان) قول عبد الله بن رواحة :

ما كان أسعد من أجابك آخذا

بهداك مجتنيا هوى وعنادا (١)

حيث زيد الفعل (كان) بين (ما) التعجبية وفعل التعجب (أسعد).

وكذلك فى قولهم : لم يوجد ـ كان ـ مثلهم ، برفع (مثل) على أنه نائب فاعل ليوجد ، ويكون الفعل (كان) زائدا ، لا محل له من الإعراب.

كما هو زائد فى القول : إن من أفضلهم كان زيدا ، على أن (زيدا) اسم (إن) منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وخبر (إن) شبه الجملة (من أفضلهم) ، ويكون الفعل (كان) زائدا لا محلّ له من الإعراب.

__________________

كأن : حرف تشبيه ناسخ ناصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، اسم كأن. (سبيئة) خبر كأن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (من بين) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل ، رفع نعت لسبيئة. (رأس) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (يكون) زائدة لا محل لها من الإعراب. (مزاجها) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وضمير الغائبة مبنى فى محل جر بالإضافة إليه. (عسل) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الاسمية فى محل رفع ، نعت ثان.

لسبيئة. (وماء) عاطف ومعطوف على عسل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(١) الكتاب ٢ ـ ١٥٣ / المقتضب ٤ ـ ١١٦ / الجامع الصغير ٥٤.

(ما) تعجبية نكوة اسم مبنى فى محل رفع ، مبتدأ ، بمعنى : شىء. (كان) فعل ماض زائد لا محل له من الإعراب. (أسعد) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدإ. (من) اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (أجابك) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. وكاف المخاطب ضمير مبنى فى محل نصب مفعول به.

والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (آخذا) حال منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة.

(بهداك) جار ومجرور بفتحة مقدرة منع من ظهورها التعذر ، وضمير المخاطب مبنى فى محل جر بالإضافة. (مجتنيا) حال ثانية منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة. (هوى) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. (وعنادا) حرف عطف مبنى ومعطوف عليه منصوب ، والألف للإطلاق.

٣٨٩

ومن زيادة (كان) قول الشاعر :

ولبست سربال الشباب أزورها

ولنعم كان شبيبة المحتال (١)

حيث التقدير : ولنعم شبيبة المحتال ، فزيدت (كان) بين فعل المدح وفاعله.

وكذلك قول الشاعر :

فى غرف الجنة العليا التى وجبت

لهم هناك بسعى كان مشكور (٢)

حيث زيد (كان) بين المنعوت (سعى) ونعته (مشكور).

وزيد (كان) بين المعطوف والمعطوف عليه فى قول الفرزدق :

فى لجة غمرت أباك بحورها

فى الجاهلية كان والإسلام (٣)

حيث الأصل : فى الجاهلية والإسلام.

وقول ربيعة بن عبيد الأسدى :

ولقد علمت على التجلد والأسى

أن الرزية كان يوم ذؤاب (٤)

الأصل : أن الرّزية يوم ذؤاب ، فزيدت (كان) بين اسم (أن) وخبرها. وقد دار الخلاف بين النحاة فى (كان) المزيدة من حيث فكرة وجود فاعل لها من عدمه :

__________________

(١) شرح ألفية ابن معطى للموصلى ٢ ـ ٨٦٨ / الأشمونى ١ ـ ٢٤٠.

(٢) انظر الموضعين السابقين.

(٣) شرح الموصلى لألفية ابن معطى ٢ ـ ٨٦٧ / الأشمونى ١ ـ ٢٤٠ / خزانة الأدب ٩ ـ ٢١١.

(٤) أمالى ابن الشجرى ٢ ـ ٧٣ / البسيط فى شرح جمل الزجاجى ٢ ـ ٧٠٠ ـ ٧٤١.

(لقد) اللام حرف توكيد مبنى لا محل له من الإعراب ، واقع فى جواب قسم مقدر. قد : حرف تحقيق مبنى ، لا محل له من الإعراب. (علمت) فعل ماض مبنى على السكون. والتاء ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (على التجلد) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل نصب ، حال. (والأسى) حرف عطف مبنى ، ومعطوف على التجلد مجرور ، وعلامة جره الكسرة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. (أن) حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. (الرزية) اسم أن منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (كان) فعل زائد مبنى لا محل له من الإعراب. (يوم) خبر أن مرفوع وعلامة رفعه الضمة (ذؤاب) مضاف إلى يوم مجرور وعلامة جره الكسرة. ويجوز فى (يوم) النصب على الظرفية ، ويكون متعلقا بخبر أن المحذوف. والمصدر المؤول (أن الرزية يوم) سد مسد مفعولى (علم) فى محل نصب.

٣٩٠

ـ فيذهب السيرافىّ إلى أنها رافعة لضمير المصدر الدالّ على الفعل ، كأنه قيل : كان هو ، أى : كان الكون.

ـ ويذهب السيرافىّ إلى أنها لا فاعل لها ، واختار ابن مالك هذا الرأى (١).

كما يختلف النحاة فيما بينهم فى الغرض التركيبى من زيادة (كان) ، وهم فى ذلك على ثلاثة مذاهب (٢) :

أولها : ما ذهب إليه ابن السراج وابن يعيش من أن زيادة (كان) تعنى دخولها كخروجها من الكلام ، فهى لا تعمل ولا تكون لوقوع شىء ، وإنما تؤدى معنى التوكيد.

ثانيها : ما ذهب إليه السيرافى من أن زيادتها يعنى أنها ليست بلا عمل ، كما أنها ليست لوقوع شىء مذكور ، ولكنها تدل على الزمن الماضى.

ثالثها : ما يذهب إليه كثير من النحاة من أنّ (كان) تزاد على وجهين :

أ ـ أن يلغى عملها ويبقى معناها ، فهى زيادة مجازية ، ويمثل لذلك بقولهم : ما كان أحسن زيدا ، وإن من أفضلهم كان زيدا ، فالمراد أن ذلك كان في الزمن الماضى ، وهى لا تعمل ، فكأن المراد : ما أحسن زيدا أمس ، ثم إن عملها ملغى.

ومنه قول امرئ القيس :

أرى أمّ عمرو دمعها قد تحدرا

بكاء على عمرو وما كان أصبرا (٣)

__________________

(١) ينظر : التسهيل ٥٥ / الهمع ١ ـ ١٢٠ / حاشية الخضرى على ابن عقيل ١ ـ ١٠٣.

(٢) ينظر : خزانة الأدب ٩ ـ ٢٠٧.

(٣) ديوانه ٦٩ / الخزانة ٩ ـ ٢١١.

(أرى) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنا. (أم) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (عمرو) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (معها) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وضمير الغائبة مبنى فى محل جر بالإضافة. (قد) حرف تحقيق مبنى لا محل له من الإعراب. (تحدرا) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، والألف للإطلاق. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدإ. والجملة الاسمية (دمعها قد تحدرا) فى محل نصب ، حال. على أن (أرى) بصرية. (بكاء) مفعول لأجله منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (على عمرو) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالبكاء. (الواو) حرف عطف مبنى لا محل له. (ما) تعجبية نكرة

٣٩١

ب ـ أن يلغى معناها وعملها معا ، وإنما تزاد مرادا بها التوكيد ، فهى زيادة حقيقية ، فيكون وجودها فى الكلام وعدم وجودها سواء ، ويمثل لذلك بقوله تعالى : (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) [مريم : ٢٩]. فلو أنها دلّت على الزمان الماضى لما كان لعيسى عليه السّلام معجزة ، لأن الناس سواء فى ذلك ، ويجعلون منه كذلك قول الشاعر المذكور سابقا :

جياد بنى بكر تساموا

على كان المسوّمة العراب

وكذلك قولهم : لم يوجد كان مثلهم.

ملحوظة :

قول الفرزدق :

فكيف إذا رأيت ديار قوم

وجيران لنا كانوا كرام (١)

فيه توسط الفعل (كان) بين الموصوف (جيران) وصفته (كرام) ، ويستدلّ على ذلك بأن القافية ميم مكسورة ، فيجعل فريق من النحاة هذا الموضع دليلا على زيادة (كان) بين المنعوت ونعته ، وعلى رأس هؤلاء سيبويه (٢) ، لكن المبرد يرى أن هذا الموضع ليس من قبيل زيادة (كان) ، والتقدير : وجيران كرام كانوا لنا (٣) ، فذكر اسم (كان) وهو واو الجماعة ، وخبرها شبه جملة (لنا) ، وفصل بين النعت ومنعوته بجملة (كان) مع اسمها وخبرها ، فـ (كان) عند المبرد هنا ناقصة.

٨ ـ (كان) بمعنى (صار) (٤) :

ومنه قوله تعالى : (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) [الرحمن : ٣٧] ، أى فصارت ـ والله أعلم. ومنه قول الشاعر :

__________________

اسم مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (كان) فعل زائد مبنى لا محل له من الإعراب. (أصبرا) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، والألف للإطلاق. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدإ. وفيه ضمير محذوف تقديره (ها) الغائبة فى محل نصب ، مفعول به. والتقدير : وما كان أصبرها.

(١) المقتضب ٤ ـ ١١٦ / شرح التصريح ١ ـ ١٩٢.

(٢) الكتاب ٢ ـ ١٥٣.

(٣) المقتضب ٤ ـ ١١٧.

(٤) المفصل ٢٦٥ / التسهيل ٥٣.

٣٩٢

بتيهاء قفر والمطىّ كأنها

قطا الحزن قد كانت فراخا بيوضها (١)

أى : صارت فراخا بيوضها ، وتقدر (كان) بمعنى (صار) هنا ليصحّ المعنى ، إذ لو كانت على أصلها من المعنى لفسد ، ولكان محالا

ومن ذلك قوله تعالى : (فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ) [آل عمران : ٤٩] ، أى : فيصير طيرا.

٩ ـ مرادفة (لم يزل) (٢) :

تأتى (كان) مرادفة (لم يزل) كثيرا ، حيث تأتى دالة على الاستمرار والدوام ، ومن ذلك : قوله تعالى تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [آل عمران : ١١٠] ، (كان) هنا بمنزلة (لم يزل) ، والتقدير : لم تزالوا خير ... وفى (كان) هنا أوجه أخرى (٣).

__________________

(١) المحتسب ٢ ـ ١٤٤ / شرح ابن يعيش ٧ ـ ١٠٢ / شرح ألفية ابن معطى للموصلى ٢ ـ ٨٦٨ / الأشمونى ١ ـ ٢٣٠ / الخزانة ٤ ـ ٣١.

التيهاء : المفازة ، القطا : طائر سريع الطيران ، الحزن : ما غلظ من الأرض ، وهو نقيض السهل.

(بتيهاء) الباء : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. تيهاء : اسم مجرور بعد الباء ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف ، وشبه الجملة متعلقة بما سبق. (قفر) نعت لتيهاء مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (والمطى) الواو : واو الابتداء أو الحال حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. المطى : مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (كأنها) كأن : حرف تشبيه مؤكد مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير الغائبة مبنى فى محل نصب ، اسم كأن. (قطا) خبر كأن مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. وجملة (كأنها) فى محل رفع ، خبر المبتدإ ، والجملة الاسمية (والمطى كأنها ..) فى محل نصب ، حال من فاعل فى البيت السابق فى (تجرى). (الحزن) مضاف إلى قطا مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (قد) حرف تحقيق مبنى ، لا محل له من الإعراب. (كانت) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح. والتاء حرف تأنيث مبنى ، لا محل له من الإعراب. (فراخا) خبر كان مقدم منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (بيوضها) اسم كان مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وضمير الغائبة مبنى فى محل جر بالإضافة. وجملة (كان) مع معموليها في محل نصب ، حال من القطا.

(٢) المقتضب ٤ ـ ١١٩ ، ١٢٠.

(٣) أبرزها : أ ـ أنها بمعنى (صار) ، والتقدير : صرتم خير أمة.

ب ـ أنها تامة بمعنى : وجدتم ، فيكون (خير) منصوبا على الحالية.

ج ـ أنها زائدة ، والتقدير : أنتم خير أمة ، ويردّ هذا الرأى.

د ـ أنها بمعناها على حالها ، والتقدير : كنتم فى علم الله ...

ينظر : الدر المصون ٢ ـ ١٨٦.

٣٩٣

ومثل ذلك : (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) [النساء : ١٠٠].

(إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) [النساء : ١١].

ويماثل هذا التركيب فى القرآن الكريم قوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً) [النساء : ٢٢] (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) [النساء : ٧٦].

وأنت تلمس أن المعنى يكون أكثر استقامة إذا أدت (كان) معنى الاستمرار. وإن كان الأصل فيها أن تدلّ على حصول ما دخلت عليه فيما مضى مع انقطاعه ، أو سكوتها عن الانقطاع وعدمه ، وجزم به ابن مالك (١).

أمثلة لكان وأخواتها فى جملتها :

(فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ) [الأعراف : ٧٨].

(قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) [الأنبياء : ٦٩].

(فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) [الشعراء : ٤].

(لَيْسُوا سَواءً) [آل عمران : ١١٣].

(إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا ...) [النور : ٥١].

(وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) [آل عمران : ٧٩].

(فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) [الأنعام : ٨٩].

(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً) [النور : ٦١].

(ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) [الأنعام : ٢٣].

__________________

(١) التسهيل ٥٥ / الهمع ١ ـ ١٢٠.

٣٩٤

قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) [البقرة : ١٨٩] فيه : شبه جملة (عليكم) فى محل نصب ، خبر (ليس) مقدم ، و (جناح) اسم (ليس) مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. أما المصدر المؤول (أن تبتغوا) فأصله : فى أن تبتغوا ، فيكون فيه وجهان :

الأول : النصب على نزع الخافض ، وهذا عند سيبويه والفراء.

الثانى : الجرّ باعتبار حرف الجرّ على رأى الخليل والأخفش.

أما شبه الجملة فهى متعلقة بجناح ؛ لأن فيه معنى الفعل حيث مصدريته ، أو فى محلّ رفع نعت لجناح ، أو متعلقة بنعت جناح المحذوف.

(وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) [فصلت : ٢٣].

(لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) [الشعراء : ٣].

(يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ) [الشورى : ٣٣].

(فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ) [العنكبوت : ٢٤].

(جواب) خبر كان مقدم ، واسم كان هو المصدر المؤول (أن قالوا). وجملة (اقتلوه) فى محل نصب ، مقول القول.

(فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ) [الحاقة : ٣٥].

(قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) [النساء : ٩٧].

فى قول عبدة بن الطيب التميمى :

فما كان قيس هلكه هلك واحد

ولكنه بنيان قوم تهدّما (١)

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ١٥٦ / جمل الزجاجى ٥٦ / شرح ابن يعيش ٣ ـ ٦٥ / ٨ ـ ٥٥ / شرح جمل الزجاجى لابن هشام ١٣٩.

(ما) حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. (كان) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح.

(قيس) اسم كان مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (هلكه) بدل اشتمال من اسم كان مرفوع ، وعلامة رفعه

٣٩٥

اسم (كان) قيس ، وخبرها (هلك) منصوب.

(وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها) [الكهف : ٤٢].

(أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ) [هود : ١٦]. (النار) اسم كان مؤخر مرفوع ، وخبره المقدم شبه الجملة (لهم).

(ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ) [يوسف : ٣٨]. خبر كان مقدم ، وهو شبه الجملة لنا ، أما اسم كان فهو المصدر المؤول (أن نشرك).

(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ) [النور : ٢٩].

(وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ) [القصص : ٨٢].

(قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً) [مريم : ٨].

(أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) [العنكبوت : ٦٨].

(لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) [الحج : ٧٨].

(إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) [هود : ٨١].

ـ فى قوله تعالى : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) [المجادلة : ٧].

(يكون) فعل تام. بمعنى يوجد ، أو يثبت ... إلخ.

ـ (من) حرف جر زائد للتوكيد.

__________________

الضمة ، وهو مضاف ، وضمير الغائب مضاف إليه مبنى فى محل جر. (هلك) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (واحد) مضاف إلى هلك مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (ولكنه) الواو : حرف ابتداء مبنى لا محل له ، لكن : حرف استدراك مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، اسم لكن. (بنيان) خبر لكن مرفوع وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف و (قوم) مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة (تهدما) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو.

والألف للإطلاق. والجملة الفعلية فى محل رفع ، نعت لبنيان ، ويجوز أن تكون فى محل نصب ، حال منه لأنه تخصص بالإضافة.

٣٩٦

ـ (نجوى) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر ، وهو مصدر بمعنى التناجى ، ويجوز أن يكون على حذف مضاف ، والتقدير : ما يكون من ذوى نجوى ، ويجوز أن يكون على المصدرية للمبالغة.

ـ (ثلاثة) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. أو بدل أو نعت لذوى المحذوفة ، أو لنجوى. وقرئت بالنصب على الحالية.

(فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ) [المائدة : ٥٢].

(وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) [النور : ٤٩].

(وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ) [الروم : ٥١].

(فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ) [التوبة : ٧٤].

(أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) [الزمر : ٣٦].

(أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ) [الزمر : ٣٧].

(إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً) [الإسراء : ٢٥].

(وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) [النجم : ٣٩].

(وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ) [غافر : ٢٨].

(وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) [البقرة : ١٤٣].

قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ) [الشعراء : ١٩٧].

فيه ثلاث قراءات :

الأولى : قراءة ابن عامر (أو لم تكن لهم آية) ، برفع (آية) ، وبالتاء فى (تكن) ، وفيها أوجه :

أ ـ (آية) اسم (تكون) ، وخبرها شبه الجملة (لهم) ، والمصدر المؤول (أن يعلمه) بدل من آية فى محل رفع ، أو خبر لمبتدإ مضمر ، والتقدير : هى أن يعلمه.

٣٩٧

ب ـ اسم (تكون) ضمير الشأن محذوف ، و (آية) خبر مقدم ، و (أن يعلمه) مصدر مؤول فى محل رفع ، مبتدأ مؤخر ، والجملة فى محل نصب خبر تكون.

ج ـ اسم (تكون) ضمير الشأن ، (لهم) خبر مقدم ، و (آية) مبتدأ مؤخر ، والجملة الاسمية فى محل نصب ، خبر تكون ، والمصدر المؤول (أن يعلمه) خبر لمبتدإ مضمر ، أى بدل من (آية).

د ـ أن يكون (آية) اسم (تكون) ، والمصدر المؤول فى محل نصب ، خبرها ، ويعترض على هذا التوجيه بأن المبتدأ نكرة ، والخبر معرفة ، ويرد على هذا بأنه للضرورة.

ه ـ قد تجعل (تكون) تامة ، فتكون (آية) فاعلها ، وشبه الجملة (لهم) متعلقة بها ، أو فى محلّ نصب ، حال منها. والمصدر المؤول (أن يعلمه) وإما بدل من آية ، وإما خبر مبتدإ مضمر.

الثانية : قراءة الباقين (أو لم يكن لهم آية) بالياء فى (يكن) ، وبنصب (آية) ، وتوجه على أن (آية) خبر (يكون) مقدم منصوب ، والمصدر المؤول (أن يعلمه) فى محل نصب ، اسم كان مؤخر ، وشبه جملة (لهم) فى محلّ نصب ، حال من (آية).

الثالثة : قراءة ابن عباس : (أو لم تكن لهم آية) بالتاء فى (تكن) ، وبنصب (آية) ، وتوجه على أن (آية) خبر (تكن) مقدم ، والمصدر المؤول اسمها مؤخر ، وسبقت تاء التأنيث الفعل على أن المصدر المؤول بمثابة المؤنث ، فتقديره : مقالتهم ، ومقالة مؤنثة.

٣٩٨

الحروف المشبهات بـ (ليس) (١)

وهى أربعة أحرف : ما ، ولا ، ولات ، وإن ، تشبه بـ (ليس) من حيث :

ـ أداء دلالة النفى ، أى : نفى مضمون الخبر عن مسمّى المبتدإ الذى يعدّ اسمها ، وهى فى نفيها تدلّ على زمن الحال كما هو عليه (ليس).

ـ دخولها على الجملة الاسمية كدخول (ليس) عليها.

ـ أثرها الإعرابى ، فهى تعمل عمل (ليس) فى رفعها المبتدأ ، ونصبها الخبر ، لكن هذا لا يكون على الإطلاق ، وإنما فى ظلّ شروط تدرس تفصيلا من خلال كلّ حرف.

لكننا نثبت ـ هنا ـ أن أقوى المراتب فى إعمال هذه الكلمات الدالة على النفى هى (ليس) ، يليها (ما) ، ثم (لا) ثم (لات) ، فـ (إن) النافية ، ولم يعملها بعض النحاة.

(ما)

أعملها الحجازيون ، وأهملها بنو تميم ؛ ولذا فإنها تسمى بـ (ما) الحجازية ، حيث نطقوا بعدها المبتدأ مرفوعا ، والخبر منصوبا ، يذكر سيبويه : «وأمّا بنو تميم

__________________

(١) يرجع فيها إلى : الكتاب ١ ـ ٥٧ / الواضح ٩٣ / اللمع فى اللغة العربية ١٢٣ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ١٩٨ / العوامل المائة ٢٢٣ / شرح المقدمة المحسبة ١ ـ ٢٧٦ / المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٤٣٧ / شرح عيون الإعراب ١٠٥ / المفصل ٣٠ ، ٧٢ / أسرار العربية ١٤٣ / المقدمة الجزولية فى النحو ١٥٧ / الإيضاح فى شرح المفصل ١ ـ ٣٩٧ / شرح الرضى على الكافية ١ ـ ١١٢ ، ٢٦٦ / المقرب ١ ـ ١٠٢ / التسهيل ٥٦ / عمدة الحافظ ١١٧ / الإرشاد إلى علم الإعراب ١٥٩ / شرح ابن الناظم ١٤٥ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ٨٨٤ / شرح ابن عقيل ١ ـ ٣٠١ / المساعد على تسهيل الفوائد ١ ـ ٢٧٧ / شفاء العليل ١ ـ ٣٢٨ / الجامع الصغير ٥٧ / شذور الذهب ١٩٢ / أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ١ ـ ١٩١ / الصبان على الأشمونى ١ ـ ٢٤٨ / شرح القمولى على الكافية ٢ ـ ٣٤٤ / الفوائد الضيائية ١ ـ ٣٠٥ ، ٤٥١ / ارتشاف الضرب ٢ ـ ١٠٣ / شرح اللمحة البدرية ٢ ـ ٣٨ / شرح التحفة الوردية ١٧٧ / شرح التصريح ١ ـ ١٩٦ / الهمع ١ ـ ١٢٣.

٣٩٩

فيجرونها ـ أى : ما ـ مجرى (أما وهل) ، أى : لا يعملونها فى شىء ، وهو القياس ؛ لأنه ليس بفعل ، وليس (ما) كـ (ليس) ، ولا يكون فيها إضمار ، وأما أهل الحجاز فيشبهونها بـ (ليس) ، إذ كان معناها كمعناها» (١).

وبهذا فقد نظر التميميون إلى (ما) على أنها حرف عام فلا يعمل ، أى : هو حرف غير مختصّ ، حيث يدخل على الأسماء والأفعال ، أما الحجازيون فقد نظروا إليها على أنها حرف خاصّ ، يختصّ بالدخول على الأسماء ، فأعملوها لذلك (٢).

وإذا كان الحجازيّون قد أعملوها عمل (ليس) فإن النحاة انقسموا إزاء عملها فى الجزأين إلى قسمين :

أولهما : ما يذهب إليه البصريون من إعمالها فى الجزأين معا ، أى ترفع المبتدأ رفعا جديدا غير ما كان عليه قبل دخولها عليه. وتنصب الخبر.

والآخر : يدل على رأى الكوفيين ، حيث يذهبون إلى إعمالها فى الجزء الأول ، أما الخبر فقد نصب فى رأيهم على إسقاط الخافض.

وقد جاء التنزيل بلغة الحجازيين حيث إعمال (ما) عمل (ليس) فى قوله تعالى : (ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ)(٣) [يوسف : ٣١]. اسم الإشارة (هذا) فى محلّ رفع ، اسم (ما) ، أما (بشرا) فهو خبر (ما) منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

وأذكر بأنه منصوب على نزع الخافض عند الكوفيين ، لكنه منصوب على الخبرية لـ (ما) عند البصريين ، وهو الرأى الشائع ، والذى يعتدّ به.

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ٥٧ / وينظر : المقتضب ٤ ـ ١٨٩.

(٢) المقرب ١ ـ ١٠٢.

(٣) (إن) حرف نفى مبنى لا محلّ له من الإعراب ، غير عامل. (هذا) الثانية اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (إلا) حرف استثناء يفيد هنا الحصر والقصر مبنى ، لا محل له من الإعراب. (ملك) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (كريم) نعت لملك مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

٤٠٠