النحو العربي - ج ١

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ١

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٦٣

كما يجب أن يدلّ على اقتران معنى الخبر بمعنى المبتدإ فى وقت الضحى ، فإذا دلّ على الدخول فى وقت الضحى كان تاما ، كأن تقول : لمّا أضحيت توجهت إلى الكلية ، أى : دخلّت فى وقت الضحى ؛ ولذلك فإن (أضحى) فعل ماض بنى على السكون ، وضمير المتكلم مبنى فى محل رفع ، فاعل.

وقد جاء (أضحى) فعلا تاما فى قول عبد الواسع بن أسامة :

ومن فعلاتى أننى حسن القرى

إذا الليلة الشهباء أضحى جليدها (١)

أى : دخل فى وقت الضحى جليدها ، فيكون الفعل هنا تاما.

كما أنه قد يدلّ على معنى البروز للشمس فيكون تاما ، من ذلك قول عمر بن أبى ربيعة :

رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت

فيضحى وأما بالعشىّ فيحضر (٢)

أى فبرز للشمس ، (يضحى) فعل مضارع تامّ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو.

أمسى :

يفيد التوقيت وقت المساء ، أى : اقتران معنى الخبر بمعنى المبتدإ فى وقت المساء ،

__________________

(١) شرح ابن يعيش ٧ ـ ١٠٣ / شرح ابن معطى ٢ ـ ٨٧١ / شفاء العليل ١ ـ ٣٠٨ / الأشمونى ١ ـ ٢٣٦ /. (من فعلاتى) جار ومجرور بالكسرة المقدرة مضاف ، ومضاف إليه مبنى فى محل جر. وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (أننى) أن : حرف توكيد ونصب مبنى لا محل له من الإعراب.

والنون : للوقاية حرف مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، اسم أن.

(حسن) خبر أن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والمصدر المؤول فى محل رفع ، مبتدأ مؤخر. (القرى) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة المقدرة. (إذا) ظرف زمان مبنى فى محل نصب تضمّن معنى الشرط. (الليلة) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة لفعل محذوف يفسره المذكور ، وأرى أنه مبتدأ حيث اسم الشرط غير جازم. (والشهباء) نعت لليلة مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (أضحى) فعل ماض تام مبنى على الفتح المقدر (جليدها) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وضمير الغائبة مبنى فى محل جر بالإضافة. والجملة مفسرة للسابقة لا محل لها من الإعراب. وجملة جواب الشرط محذوفة دل عليها ما سبق.

(٢) ديوانه ١٢١ / جامع البيان ١٦ ـ ١٦٢ / معانى الفراء ٢ ـ ١٩٤ / البحر المحيط ٦ ـ ٢٧١ / الدر المصون ٥ ـ ٦١.

٣٠١

ويجب أن يكون على هذه الصيغة (أفعل يفعل) ، فتقول : أمسى الطائر عائدا إلى عشّه ، وأمسى الفلاح آيبا إلى بيته. حيث كل من (الطائر والفلاح) اسم (أمسى) مرفوع وعلامة رفعه الضمة ، أما كلّ من (عائدا ، وآيبا) فهو خبر (أمسى) منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

فإذا دلّ (أمسى) على الدخول فى المساء أصبح تاما ، كأن تقول : لما أمسيت عدت إلى منزلى ، أى : دخلت فى المساء ، فيكون (أمسى) فعلا ماضيا مبنيا على السكون ، وضمير المتكلم مبنى فى محلّ رفع ، فاعل.

ظل :

يفيد التوقيت طول النهار ، أى : اقتران معنى الخبر بمعنى المبتدإ طول النهار ، كأن تقول : ظلّ العامل دؤوبا فى عمله ، أى : أن العامل كان دؤوبا فى عمله طول النهار ، فيكون (ظل) فعلا ماضيا ناقصا ناسخا مبنيا على الفتح ، و (العامل) يكون اسم (ظل) مرفوعا ، وعلامة رفعه الضمة. أما (دؤوبا) فإنه يكون خبر (ظل) منصوبا ، وعلامة نصبه الفتحة.

ومنه قوله تعالى : (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ)(١) [النحل : ٥٨] حيث (وجه) اسم (ظل) مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، أما (مسودّا) فهو خبر (ظلّ) منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ) [الشعراء : ٧١].

وفى (ظل) حين إسناده إلى ضمير رفع بارز لغات ، أشهرها :

__________________

(١) (إذا) اسم شرط غير جازم مبنى فى محل نصب على الظرفية ، مضاف. (بشر) فعل الشرط ماض على الفتح مبنى للمجهول. (أحدهم) نائب فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة مضاف ، وضمير الغائبين مبنى فى محل جر بالإضافة إلى أحد. والجملة الفعلية فى محل جر بالإضافة. (الأنثى) جار ومجرور بالفتحة المقدرة منع من ظهورها التعذر. وشبه الجملة متعلقة بالتبشير. (ظل) فعل جواب الشرط ماض مبنى على الفتح.

(وجهه) اسم ظل مرفوع ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة. (مسودا) خبر ظل منصوب. (وهو) الواو : واو الابتداء أو الحال حرف مبنى لا محل له من الإعراب. هو : ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ.

(كظيم) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الاسمية فى محل نصب ، حال.

٣٠٢

فكّ الإدغام ، فتقول : ظللت ، بكسر اللام الأولى.

حذف أحد اللامين مع فتح الظاء : ظلت. أو كسرها : ظلت ، أو ضمها : ظلت.

ومنه قوله تعالى : (وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً) [طه : ٩٧]. حيث قرئ (ظل) بالروايات الأربع المذكورة (١). وفيه (تاء المخاطب) ضمير مبنى فى محل رفع ، اسم (ظل) ، و (عاكفا) خبر (ظل) منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

ومثله قوله تعالى : (لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) [الواقعة : ٦٥]

فإذا أفاد (ظل) معنى (دام أو طال) كان تاما ، فتقول : ظلّ اليوم ، أى : دام ظلّه.

بات :

تفيد التوقيت طول الليل ، أى تفيد استمرار زمن اقتران معنى الخبر بالمبتدإ طول الليلة ، أو : ليلة. فإذا قلت : بات الطائر نائما فى عشه ، دلّ ذلك على استمرار نوم الطائر فى عشّه طول الليل.

ومنه قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً) [الفرقان : ٦٤] حيث (سجّدا) خبر (يبيت) منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وشبه جملة (لربهم) متعلقة بـ (سجدا). ومنهم من يرى أن (يبيت) فعل تام ، و (سجدا) حال منصوبة ، وهو ضعيف.

فإذا أفاد (بات) معنى الدخول فى الليل كان تامّا ، ومنه الوجه الضعيف فى آية سورة الفرقان السابقة ، فإذا قلت : إذا بتّ تهيأت للنوم ، أى : إذا دخلت فى الليل تهيأت .... كان فعلا تاما.

ومنه قولك : بات القوم ، أى نزل بهم. وقول امرئ القيس :

وبات وباتت له ليلة

كليلة ذى العائر الأرمد (٢)

__________________

(١) يرجع إلى : تفسير القرطبى ١١ ـ ٢٤٢ / البحر المحيط ٧ ـ ٣٧٩ / فتح القدير ٣ ـ ٣٨٤.

(٢) أوضح المسالك ١ ـ ١٧٩. العائر : القذى فى العين ، وقيل : الرمد.

٣٠٣

حيث استعمل (بات) فى الموضعين فعلا تاما بمعنى الدخول فى المبيت. وإذا خرج عن هذه الصيغة (فعل) كان تاما ، كما هو فى قوله تعالى : (فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ) [النساء : ٨١]. حيث (بيّت) ماض مضعف العين ، فأصبح تاما ، فـ (طائفة) فاعل (بيّت) مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

و (غير) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

صار :

معناه التحول من صفة إلى أخرى ، فهو موضوع فى اللغة لإفادة معنى التحول ، أما معنى التحول المفهوم من الفعل فإنما لزم من دلالته على التجدد والحدوث ، لا من الوضع ، فحصل الفرق بينه وبين غيره من الأفعال (١) ، فإذا قلت : صار الطالب مجتهدا ، كان ذلك مفيدا لتحول الطالب من صفة إلى أخرى ، حيث كان متصفا بغير الاجتهاد ، ومنه أن تقول : صار الماء ثلجا ، وصارت الشوارع نظيفة ، بعد هطول الأمطار صارت شوارع القرية وحلا.

فإن أفاد (صار) معنى رجع أو ضمّ أو قطع (٢) كان تاما ، ومنه قوله تعالى : (أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) [الشورى : ٥٣] أى : ترجع الأمور ، فتكون (الأمور) فاعلا لصار مرفوعا ، وعلامة رفعه الضمة. وشبه الجملة (إلى الله) متعلقة بالصيرورة.

ومنه قول امرئ القيس :

فصرنا إلى الحسنى ورقّ كلامنا

ورضت فذلّت صعبة أىّ إذلال (٣)

__________________

(بات) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله مستتر تقديره : هو. (وباتت) عاطف وفعل ماض مبنى على الفتح ، وتاء التأنيث حرف مبنى لا محل له من الإعراب. (له) جار ومجرور مبنيان. وشبه الجملة فى محل نصب حال. (ليلة) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (كليلة) جار ومجرور بالكسرة ، وشبه الجملة فى محل رفع ، نعت لليلة. وليلة مضاف و (ذى) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الستة. (العائر) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة (الأرمد) نعت للعائر مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(١) ينظر : حاشية الخضرى على ابن عقيل ١ ـ ٩٩.

(٢) التسهيل ٥٣.

(٣) المقتضب ١ ـ ٧٤ / المحتسب ٢ ـ ٢٦٠ / الخزانة ٩ ـ ١٨٧. (رضت) راض : فعل ماض مبنى على

٣٠٤

أى : رجعنا إلى الحسنى ، أو انتقلنا ، فتكون فعلا تاما ، فاعله ضمير المتكلمين (نا) ، وشبه الجملة (الحسنى) متعلقة بالصير أو الصيرورة.

وقد جاء الفعل (صار) تاما فى قول قسّ بن ساعدة :

أيقنت أنى لا محا

لة حيث صار القوم صائر (١)

أى : أنى منتقل حيث انتقل القوم.

ليس :

لنفى مضمون الجملة فى الحال (٢) ، أى : تنفى حكم الخبر عن المبتدإ فيما نطق فيه من زمن ، فإذا قلت : ليس الوقت ملائما ، فإنه يعنى : ليس هذا الوقت ملائما ، فنفى الملاءمة عن الوقت الحاضر.

ويرفض الزمخشرىّ فكرة تقييد الزمن المنفىّ بظروف تدل على الاستقبال ، حيث يذكر أنه يستعمل عند الإطلاق لنفى الحال ، حيث لا تقول : ليس زيد قائما غدا.

أما السيوطى فإنه يذكر أنّ (ليس) لنفى الحال فى الجملة غير المقيدة لزمان ، وأما المقيدة فإنه ينفيها على حسب القيد (٣).

__________________

السكون ، وضمير المتكلم مبنى فى محل رفع فاعل. (فذلت) حرف عطف مبنى ، وفعل ماض مبنى على الفتح معطوف على سابقه. وتاء التأنيث حرف مبنى ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : هى. (صعبة) مفعول به لراض منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (أى) نائب عن المفعول المطلق منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف ، و (إذلال) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(١) الخزانة ٩ ـ ١٨٨.

(أيقنت) فعل ماض مبنى على السكون ، وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (أنى) حرف توكيد ونصب مبنى لا محل له من الإعراب ، وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، اسم أن. (لا) نافية للجنس حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (محالة) اسم لا النافية للجنس مبنى على الفتح فى محل نصب. وخبرها محذوف ، والجملة اعتراضية توكيدية لا محل لها من الإعراب ، (حيث) ظرف مكان مبنى على الضم فى محل نصب متعلق بصائر ، وهو مضاف. (صار) فعل ماض تام مبنى على الفتح.

(القوم) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والجملة الفعلية فى محل جر بالإضافة. (صائر) خبر أن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والمصدر المؤول (أنى صائر) سدّ مسد مفعولى أيقن.

(٢) المفصل : ٢٦٨.

(٣) الهمع : ١ ـ ١١٠.

٣٠٥

وهو يلزم النقصان ، كما أنه لا يتصرف باتفاق النحاة (١) ، وجهته النفى (٢).

مذهب الجمهور (٣) أن وزنه (فعل) ، بكسر العين ، ولزم التخفيف لثقل الكسرة على الياء فخففت بحذف الحركة ، ويستدلّ على أن أصل حركة العين كسرة بأنها لو كانت بالفتح لصار بعد التخفيف إلى (لاس) بالقلب ، مثل (باع) ، وأنها لو كانت بالضمّ لصار إلى (لست) بضمّ اللام ، حين إسناده إلى تاء الفاعل ، ولا يكون هذا ولا ذاك.

أما قضية حرفيته وفعليته وقضايا أخرى تدور حولها فإنها ستدرس فى موضع لاحق.

ومنه قوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً)(٤) [النساء : ٩٤] حيث (تاء المخاطب) ضمير مبنى فى محلّ رفع ، اسم ليس ، أما خبر ليس فهو المنصوب (مؤمنا).

ـ (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً) [الرعد : ٤٣]. (مرسلا) خبر (ليس) منصوب ، واسم (ليس) تاء المخاطب ضمير مبنى فى محلّ رفع.

ـ (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ)(٥) [هود : ٨]. اسم (ليس) ضمير مستتر تقديره (هو) ، و (مصروفا) خبره منصوب.

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ٤٦ / التسهيل ٥٣ / رصف المبانى ٣٠١.

(٢) اللغة العربية معناها ومبناها ١٢٤.

(٣) المقتضب ١ ـ ٢٤٦ / مغنى اللبيب ١ ـ ٢٠٩ / الجنى الدانى ٤٩٣ ، ٤٩٤ / الهمع ١ ـ ١١٥.

(٤) (لا) حرف نهى مبنى لا محل له من الإعراب. (تقولوا) فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (لمن) اللام : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب.

(من) : اسم موصول مبنى فى محل جر باللام. وشبه الجملة متعلقة بالقول. (ألقى) فعل ماض مبنى على الفتح المقدر. والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

(إليكم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالإلقاء. (السّلام) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (لست مؤمنا) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على السكون ، واسمه ضمير المخاطب التاء مبنى فى محل رفع. وخبره (مؤمنا) منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، والجملة فى محل نصب مقول القول.

(٥) (يأتيهم) فعل وفاعل مستتر ومفعول به ، والجملة فى محل جر بالإضافة (عنهم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بمصروف.

٣٠٦

ويكثر اقتران خبر (ليس) بالحرف الزائد (الباء أو الكاف) ، ومنه قوله تعالى : (لَسْتَ عَلَيْهِمْ) بمسيطر [الغاشية : ٢٢]. حيث خبر (ليس) (مصيطر) ، وهو خبر منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجرّ الزائد ، فالباء حرف جر زائد للتوكيد ، واسم (ليس) تاء المخاطب ضمير مبنى فى محل رفع.

ـ (وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [الأحقاف : ٣٢] (١).

اسم (ليس) ضمير مستتر تقديره (هو) ، (بمعجز) ، الباء : حرف جر زائد للتوكيد لا محل له من الإعراب. معجز : خبر ليس منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.

ومثل ما سبق :

ـ (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [الأنفال : ٥١].

ـ (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى : ١١]. خبر (ليس) المقدم (مثل) ، وهو منصوب بالفتحة المقدرة. واسمها المؤخر (شىء).

__________________

(١) (من) اسم شرط جازم مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ. (لا) حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (يجب) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره :هو ، (داعى) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة مضاف ، ولفظ الجلالة (الله) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (فليس) الفاء واقعة فى جواب الشرط حرف رابط مؤكد مبنى لا محل له من الإعراب. ليس : فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح ، واسمه ضمير مستتر تقديره : هو. (بمعجز) الباء حرف جر زائد مبنى لا محل له من الإعراب. معجز : خبر ليس منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. وجملة ليس مع معموليها فى محل جزم ، جواب الشرط. (فى الأرض) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل نصب خبر ليس مقدم. (من دونه) جار ومجرور ومضاف إليه ، وشبه الجملة فى محل نصب ، حال من أولياء. (أولياء) اسم ليس مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة فى محل جزم بالعطف على سابقتها. (أولئك) اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (فى ضلال) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر المبتدإ ، أو متعلقة بخبر محذوف. (مبين) نعت لضلال مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

٣٠٧

ـ (أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ) [التين : ٨] ، (أحكم) خبر (ليس) منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.

ـ (وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) [البقرة : ٢٦٧] (آخذيه) خبر ليس منصوب مقدرا.

وتختص (ليس) بكثرة دخولها على النكرة ؛ لأن النفى من مسوغات الابتداء بالنكرة ، فتقول : ليس أحد غائبا ، وليس طالب فاهما هذه الفكرة.

كما يجوز الاقتصار على النكرة معها ، فتقول : ليس طالب ، أى : ليس طالب هنا.

وألحق قوم ـ منهم ابن مالك ـ (١) بـ (صار) ما جاء بمعناها من أفعال ، وعدّها عشرة ، وهى : آض ، عاد ، آل ، رجع ، حار ، استحال ، تحوّل ، ارتدّ ، وجاء فى قولهم : ما جاءت حاجتك (٢) ، أى : ما صارت حاجتك ، وفى (جاء) ضمير مستتر يعود على (ما) وهو اسم (جاء) ، أما (حاجة) فهى خبر (جاء) منصوب.

وحكى المثل برفع (حاجة) على أنها اسم (جاء) ، وتكون (ما) فى محلّ نصب ، خبر (جاء) مثل ما تقول : من كان أخوك؟ فيكون اسم الاستفهام (من) فى محلّ نصب ، خبر (كان) مقدما.

و (قعد) فى قولهم : شحذ شفرته حتى قعدت كأنّها حربة ، (٣) أى : حتى صارت كأنها حربة ، واسم (قعد) التى بمعنى (صار) ضمير مستتر تقديره : هى ، أما خبرها فهو (كأنها حربة).

ويذهب الفراء والزمخشرى (٤) إلى كون (قعد) بمعنى (صار) فى غير هذا الموضع ، وذلك فى قوله تعالى : (لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً)

__________________

(١) التسهيل ٥٣.

(٢) يرجع إلى الكتاب ١ ـ ٥١ / المقرب ١ ـ ٩٢.

(٣) يرجع إلى : المفصل ٢٦٣ / الهمع ١ ـ ١١٢ ، ١١٣.

(٤) ينظر : معانى الفراء ٢ ـ ٢٧٤ / الكشاف ٢ ـ ٤٤٧ / البحر ٦ ـ ٢٢ / الدر المصون ٤ ـ ٣٨١.

٣٠٨

[الإسراء : ٢٢] ، وفى قوله تعالى : (فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) [الإسراء : ٢٩] فيكون كل من (مذموما وملوما) خبرا لتقعد التى بمعنى صار ، وإذا لم تكن بمعنى صار فإن كلا منهما يكون حالا منصوبة ، وأنشد فى ذلك (١) :

لا يقنع الجارية الخضاب

ولا الوشاحان ولا الجلباب

من دون أن تلتقى الأركاب

ويقعد الأثير له لعاب

أى : ويصير الأثير له لعاب.

لكن البصريين لا يقيسون هذا كلّه ، ويقتصرون به على المثل المذكور فى قولهم : «شحذ شفرته حتى قعدت كأنها حربة».

وألحق قوم منهم الزمخشرىّ (٢) وأبو البقاء والجزولى وابن عصفور (٣) بأفعال هذا الباب غدا وراح بمعنى صار. وألحق الفراء (٤) بها : أسحر ، وأفجر ، وأظهر ، أى : فيكون ذلك ملحقا بالأفعال : أصبح ، وأضحى ، وأمسى.

ويذكر ابن مالك (٥) أن الأصحّ ألا يلحق بهذا الباب آل ، وغدا ، وراح ، وأسحر ، وأفجر ، وأظهر.

ففى قول الشنفرى فى لاميته :

غدا طاويا يعارض الريح هافيا

يخوت بأذناب الشّعاب ويعسل (٦)

__________________

(١) يرجع إلى الموضعين السابقين.

(٢) المفصل ٢٦٣.

(٣) المقرب ١ ـ ٩٢.

(٤) ينظر : الهمع ١ ـ ١١٢ ، ١١٣.

(٥) التسهيل ٥٤.

(٦) الخزانة ٩ ـ ١٩٠.

طاويا : جائعا ، يعارض : يصادم ويقابل ، هافيا : مسرعا وقد اشتد عدوه ، أو : خفق وطار. يخوت : يختل ويختلس ، أو : ينقض على الصيد ، أذناب : جمع ذنب وهو مؤخر الشىء ، الشعاب : جمع شعبة بالكسر وهو الطريق فى الجبل ، وبالضم : المسيل الصغير ، يعسل : العسل والعسلان أى الخبب ، نوع من السير السريع.

(غدا) فعل ماض تام مبنى على الفتح المقدر ، منع من ظهوره التعذر ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو.

(طاويا) حال منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة. (يعارض) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة

٣٠٩

(طاويا) منصوبة ، فإن كان (غدا) فعلا ناقصا كان المنصوب خبرها ، وإن كان تاما كان المنصوب حالا. وفى (غدا) ضمير مستتر تقديره : هو ، إمّا اسم (غدا) الناقصة ، وإما فاعل (غدا) التامة.

ومثله قوله عليه السّلام : «كالطير تغدو خماصا وتروح بطانا» ؛ فإن كانت (غدا) بمعنى ذهب غدوة ، أو : دخل فى الغدوة ، أو ذهب فى أى وقت فهى تامة.

وإن كانت بمعنى كان فى وقت الغدوة ، أو : يكون فى الغدوة كانت ناقصة. ومثلها (يروح) إن كانت بمعنى : يرجع فى الرواح ، أو يرجع مطلقا فى أى وقت كان ، أو يدخل فى الرواح فهى تامة ، وإن كانت بمعنى يكون فى الرواح كانت ناقصة.

المجموعة الثانية

أربعة أفعال يشترط فيها أن يتقدمها ما فيه نفى ، سواء أكان باستخدام الحرف أو الاسم أو الفعل ، أم النهى ، أم الدعاء حتى تفيد الاستمرار واللزوم ، وهى :

زال ماضى (يزال) (١) : يلحظ الفرق بين ماضى (يزول) وماضى (يزيل) وماضى (يزال) ، وذلك على النحو الآتى :

ـ زال يزول زوالا وزويلا وزءولا : يعنى الذهاب والاستحالة والاضمحلال والانتقال والتحول ، وهو فعل تام قاصر ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ) [فاطر : ٤١] أى : أن تنتقلا ، ولئن انتقلتا.

__________________

وفاعله مستتر تقديره هو ، والجملة فى محل نصب حال ثانية من فاعل غدا ، أو حال من الضمير فى (طاويا). (الريح) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (هافيا) حال ثالثة من فاعل غدا ، أو حال من فاعل يعارض. (يخوت) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وفاعله مستتر تقديره : هو ، والجملة فى محل نصب ، حال رابعة من فاعل غدا ، أو حال من ضمير ما قبلها. (بأذناب) جار ومجرور بالكسرة ، وشبه الجملة متعلقة بـ (يخوت). (الشعاب) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(ويعسل) حرف عطف مبنى ، وجملة فعلية فى محل نصب بالعطف على جملة يخوت.

وإن جعلت (غدا) ناقصة جعلت الأحوال أخبارا لها.

(١) ينظر : التسهيل ٥٣ / شرح الشذور ١٨٤ ، ١٨٥ / الهمع ١ ـ ١١٢ / شرح التصريح ١ ـ ١٨٥ / لسان العرب مادتا (زول ، زيل).

٣١٠

ـ زال يزيل زيلا : فعل تام متعدّ بمعنى ماز يميز أو عزل ، فقولك : (زل ذا من ذا) يعنى : مز ذا من ذا. ويقال : زل ضأنك من معزاك ، أى : ميّزه.

ـ زال يزال : قلّما يتكلم به إلا بحرف النفى ، ويراد به مع النفى ملازمة الشىء ، والحال الدائمة ، ووزنه (فعل) بكسر العين ، فهو من باب علم يعلم ، ويذكر أنه لا يوصف بتعدّ ولا قصور ولا مصدر له ، وأذهب إلى أنه من معنى الانتقال والانصراف من حال إلى حال ، فلما دخل عليه حرف النفى جعله بمعنى الثبات والاستمرار على الحال التى يؤدى الخبر معناها ، وهذا الوزن هو الذى يكون ناقصا ناسخا ، وهو المقصود به هذه الدراسة.

وذكر الكسائىّ والفراء للفعل (زال) مضارعا آخر هو (يزيل) ، ويقال : إن الناقص (زال) بكسر العين تحوّل من التامّ بفتح العين للتفرقة بين ما يدل على النقصان وما يدل على التمامّ ، كما يذكر أن الناقص منقول من (زال يزيل) فتكون عينه ياء.

و (زال) بنقصانها تلزم النقصان فلا تكون تامة حينئذ.

برح :

يجب أن يدلّ على زمن يفيد استمرار حدوث الخبر المسند إلى المبتدإ ، فإذا كان دالا على الترك والهجر أو الذهاب أو الظهور كان تامّا.

ولتلحظ الفرق المعنوىّ لبرح فى القولين : ما برح محمد واقفا حتى جلس الأستاذ.

ما برحت المكان حتى غادره صديقى.

حيث يفيد استمرار وقوف محمد فى الأول ، لكنه يفيد الهجر والترك فى الثانى ، حيث معناه : ما تركت المكان ...

فتئ :

(بكسر التاء) وفيه فتأ (بفتح التاء) ، وأفتأ ، وفتؤ (بضم التاء) يفتؤ ، على وزن : ظرف ، ومثله أن تقول : ما فتئت منصتا لأستاذى.

٣١١

فإن أريد بها معنى : (سكّن أو أطفأ) كانت تامة. ويلحق بها مرادفا : ونى ورام ، ومنه فلان لا بنى يفعل كذا ، أى : لا يزال. فإن أريد بـ (ونى) معنى (فتر) وب (رام) معنى (ذهب أو فارق) كانا تامّين.

انفكّ :

نحو : ما انفكّ محمد ملتزما بما تعهد به ، أى : ما زال ...

فإن أريد بها معنى : خلص أو انفصل كانت تامة.

هذه الأفعال الأربعة التى يشترط سبقها بالنفى تفيد معنى استمرار الفعل بفاعله فى زمانه (١) ، أو ملازمة الخبر المخبر عنه على حسب ما يقتضيه الحال (٢) ، ويمكن القول : إنها تفيد استمرارية مدلول الخبر للمبتدإ ، أى : استمرار الحكم على المبتدإ بما فيه من معنى للخبر ، ولذلك فإن فيها معنى الزمن ، ويجب أن تدلّ عليه. فإذا قلت : ما زال الجوّ معتدلا ، فإننى أفيد استمرار معنى الاعتدال المحكوم به على الجوّ ، فأفاد الفعل (ما زال) استمرار الحدث.

وهذه الأفعال جذورها فيه معنى الانتقال والذهاب ، فعندها يدخل عليها النافى فإنه ينفى الانتقال ، وبالتالى يحول معناه إلى الاستمرار والثبات.

وبمعنى آخر ؛ هذه الأفعال فيها معنى المفارقة ، وهى فى معنى النفى ، فلما دخل عليها ما فيه معنى النفى صار معناها مفيدا الإثبات ، فنفى النفى إثبات ، ولذلك يمتنع نقض معناها بنفى آخر ، فلا يقال : ما زال محمد إلا فاهما ، لأن الاستثناء نفى. فأما قول ذى الرمة :

حراجيج ما تنفك إلّا مناخة

على الخسف أو نرمى بها بلدا قفرا

فإنه يخرج على أوجه : (تنفك) فعل تام ، و (مناخة) حال.

__________________

(١) يرجع إلى : الفصل ٢٦٧.

(٢) ينظر : شرح ابن عقيل ١ ـ ١٠٠ / الأشمونى ١ ـ ٢٢٦.

٣١٢

أو هو فعل ناقص ، خبره متعلق الجار والمجرور ، و (مناخة) حال.

أو هو فعل ناقص ، خبره محذوف ، و (على الخسف) متعلق بمناخة.

أو هو فعل ناقص ، خبره (مناخة) ، و (إلا) زائدة.

أو أن (إلا) بالتنوين بمعنى : الشخص ، وهو خبر الفعل الناقص ، ومناخة صفة للإل منصوبة.

ذكرنا أن هذه الأفعال الأربعة الدالة على الاستمرار يجب أن تسبق بنفى ، والنفى فيها يتحقق من ذكر كلّ ما يدل على معناه ، من حرف أو نهى ، أو دعاء ، أو غير ذلك ، ومثل هذه الأفعال : قوله تعالى : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) [هود : ١١٨] ، (واو الجماعة) ضمير مبنى في محلّ رفع ، اسم (لا يزال) ، (مختلفين) خبر (لا يزال) منصوب ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه جمع مذكر سالم. الحظ سبق الفعل (يزال) بالحرف النافى (لا).

(قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) [طه : ٩١]. (نبرح) فعل مضارع ناقص ناسخ منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، الحظ سبقه بالحرف النافى الناصب (لن) ، واسمه ضمير مستتر تقديره (نحن) ، (عاكفين) خبر نبرح منصوب ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه جمع مذكر سالم ، وشبه جملة (عليه) متعلقة بالعكوف.

(لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ) [التوبة : ١١٠]. خبر (لا يزال) المنصوب هو (ريبة).

ما انفكّت المباراة قائمة. ما فتئ الوالد مداعبا طفله.

ـ (فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ) [الأنبياء : ١٥]. اسم (زال) هو اسم الإشارة (تلك) ، أما خبره فهو (دعوى) وهو منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر.

٣١٣

ومثال هذه الأفعال بعد النهى قول الشاعر :

صاح شمّر ولا تزل ذاكر المو

ت فنسيانه ضلال مبين (١)

حيث (لا) ناهية ، و (تزل) فعل مضارع مجزوم بعد لا الناهية ، واسمه ضمير مستتر فيه تقديره : أنت. وخبره المنصوب (ذاكر).

ومثاله بعد الدعاء قول ذى الرمة :

ألا يا اسلمى يا دارمىّ على البلى

ولا زال منهلا بجرعائك القطر (٢)

حيث قوله : لا زال منهلا فيه معنى الدعاء لدارمىّ.

وقد يكون نفى الفعل الناقص اللازم نفيه بـ (ليس) ، نحو قول الشاعر :

ليس ينفكّ ذا غنى واعتزاز

كلّ ذى عفة مقلّ قنوع (٣)

__________________

(١) الأشمونى ١ ـ ٢٨٨ / شرح التصريح ١ ـ ١٨٥ / شرح ابن الناظم ١٣١ / شفاء العليل ١ ـ ٣٠٧ / أوضح المسالك ١ ـ ١٦٥.

(صاح) منادى منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، وفيه حرف النداء محذوف ، وضمير المتكلم محذوف ، وأصله : يا صاحبى. (شمر) فعل أمر مبنى على السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (ولا تزل) عاطف وناف ومضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وضمير مستتر تقديره : أنت. (ذاكر) خبر لا تزال منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف. (الموت) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (فنسيانه) الفاء سببية عاطفة حرف مبنى لا محل له من الإعراب. نسيان. مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة. (ضلال) خبر المبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (مبين) نعت لضلال مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(٢) الصاحبى ٣٨٦ / معانى الحروف للرمانى ٩٣ / الأمالى الشجرية ٢ ـ ١٥١ / شرح ابن الناظم ١٢٩ / شفاء العليل ١ ـ ٣٠٧ / الأشمونى ١ ـ ٢٢٨ / البيان فى غريب إعراب القرآن ٢ ـ ٢٢١. (ألا) حرف استفتاح وتنبيه مبنى لا محل له من الإعراب. (يا) حرف نداء مبنى لا محل له من الإعراب. والمنادى محذوف ، والتقدير : يا دار مية. (اسلمى) فعل أمر مبنى على حذف النون ، وياء المخاطبة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة دعائية. (يا) حرف نداء مبنى لا محل له من الإعراب. (دار) منادى منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف. (مى) مضاف إليه مجرور وعلامة جره الفتحة المقدرة على الحرف المحذوف نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف. (على البلى) جار ومجرور مقدرا للتعذر ، وشبه الجملة متعلقة بالسلامة. (ولا زال) عاطف وناف وماض ناقص مبنى على الفتح. والفعل دعائى. (منهلا) خبر لا زال مقدم منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (بجرعائك) جار ، ومجرور بالكسرة ، ومضاف إليه مبنى ، وشبه الجملة متعلقة بمنهل. (القطر) اسم زال مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(٣) شرح ابن الناظم ١٣٠ / المساعد ١ ـ ٢٤٨ / شفاء العليل ١ ـ ٣٠٥ / شرح التصريح ١ ـ ١٨٥ / الأشمونى ١ ـ ٢٢٧.

٣١٤

حيث عمل الفعل الناقص (ينفكّ) ، واسمه ضمير مستتر تقديره هو ، وخبره (ذا) ، وهو منصوب وعلامة نصبه الألف ؛ لأنه من الأسماء الستة.

وكذلك قول الحسين بن مطير الأسدى :

قضى الله يا أسماء أن لست زائلا

أحبّك حتى يغمض العين مغمض (١)

وقد يكون النافى الاسم (غير) نحو قول الشاعر :

عسير توقّيك الهوى غير بارح

معلّل نفس باختلاسة ناظر (٢)

__________________

(ليس) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح ، واسمه ضمير مستتر تقديره : هو ، ويجوز أن تجعل ليس مهملة بمعنى (ما) فيكون لا محل لها من الإعراب. (ينفك) فعل مضارع ناقص ناسخ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (ذا) خبر ينفك منصوب ، وعلامة نصبه الألف ؛ لأنه من الأسماء الستة. (غنى) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. (واعتزاز) عاطف ومعطوف على غنى مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (كل) اسم ينفك مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وجملة ينفك مع معموليها فى محل نصب خبر ليس إذا كانت عاملة. (ذى) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الياء ؛ لأنه من الأسماء الستة. وهو مضاف و (عفة) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (مقل قنوع) نعتان لذى مجروران ، وعلامة جر كلّ منهما الكسرة. فى (مقل وقنوع) رواية بالرفع على أنهما خبر مقدم ومبتدأ مؤخر. والتقدير : قنوع مقل.

(١) مجالس ثعلب ١ ـ ٢٦٥ / عمدة الحافظ ١٠٠ / الأشمونى ١ ـ ٢٣١ / شرح التصريح ١ ـ ١٨٧.

(قضى) فعل ماض مبنى على الفتح المقدر ، منع من ظهوره التعذر. (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (يا أسماء) يا : حرف نداء مبنى لا محل له من الإعراب. أسماء : منادى مبنى على الضم فى محل نصب. (أن) حرف وتوكيد ونصب مخفف من الثقيل مبنى لا محل له من الإعراب. واسمه ضمير الشأن محذوف. (لست) ليس : فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على السكون ، وضمير المتكلم مبنى فى محل رفع ، اسم ليس. (زائلا) خبر ليس منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وجملة ليس ومعموليها فى محل رفع ، خبر أن ، والمصدر المؤول : (أن لست زائلا) فى محل نصب على نزع الخافض ، والتقدير : بأن لست زائلا ، وفى (زائلا) ضمير مستتر تقديره : أنا فى محل رفع اسمه.

(أحبك) أحب : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنا ، وضمير المخاطبة مبنى فى محل نصب ، مفعول به. وجملة أحبك فى محل نصب ، خبر زائلا. (حتى) حرف غاية وجر مبنى لا محل له من الإعراب ، وهو بمعنى إلى أن ، وهو متعلق بالحب. (يغمض) فعل مضارع منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (مغمض) فاعل يغمض مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(٢) عمدة الحافظ ١٠١. (عسير) خبر مقدم مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (توقيك) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، وضمير المخاطب مبنى فى محل جر بالإضافة ، وهو الفاعل

٣١٥

وفيه تقدم الاسم النافى (غير) على اسم الفاعل من (برح) ، وهو (بارح) ، واسم (بارح) ضمير مستتر فيه ، أما خبره فهو (معلل) ، وهو منصوب.

وقد يغنى عن الحرف النافى (قلما) ، كما ورد فى قول الشاعر :

قلّما يبرح المطيع هواه

وجلا ذا كابة وغرام (١)

حيث تقدم الفعل الناقص (يبرح) (قلما) فأغنت عن الحرف النافى الواجب سبقه له.

وإذا ذكرت هذه الأفعال ناقصة ولم يذكر النفى قبلها فإنه يقدّر محذوفا ، ويكون ذلك بعد قسم متقدم على الفعل الناقص ، من ذلك قوله تعالى : (قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) [يوسف : ٨٥].

أى : لا تفتؤ تذكر بحذف حرف النفى ، ولو أنه كان بدون نفى للزمه نون التوكيد ولام الابتداء معا ؛ لأنه جواب القسم (تالله) ، فلما خلا الفعل (تفتؤ) منهما دلّ على أن فيه نفيا محذوفا ، وأصبح فعلا ناقصا ، واسمه الضمير المستتر فيه تقديره : أنت ، وخبره الجملة الفعلية (تذكر).

__________________

(الهوى) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. (غير) حال منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة. وهى مضاف و (بارح) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(معلل) حال ثانية منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة. وهى مضاف و (نفس) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (باختلاسة) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بمعلل. (ناظر) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(١) عمدة الحافظ ١٠٠.

(قلما) فعل ماض مبنى على الفتح ، و (ما) كافة له حرف مبنى لا محل له من الإعراب. (يبرح) فعل مضارع ناقص ناسخ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (المطيع) اسم يبرح مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(هواه) مفعول به للمطيع منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة. (وجلا) خبر يبرح منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (ذا) خبر ثان ليبرح منصوب ، وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الستة. وهو مضاف ، و (كآبة) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. و (غرام) حرف عطف مبنى ومعطوف على كآبة مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

٣١٦

ومنه قول امرئ القيس :

فقلت يمين الله أبرح قاعدا

ولو قطعوا رأسى لديك وأوصالى (١)

ومثل ما سبق فى حذف حرف النفى بعد القسم قول الآخر :

لعمر أبى دهماء زالت عزيزة

على قومها ما فتّل الزّند قادح (٢)

أى : لا زالت عزيزة. ويروى هذا البيت فى شذوذ آخر مفاده الفصل بين الحرف النافى وزال ، حيث يروى :

فلا وأبى دهماء زالت عزيزة

__________________

(١) أوضح المسالك ١ ـ ١٦٣.

(فقلت) الفاء بحسب ما قبلها. قال : فعل ماض مبنى على السكون. وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (يمين) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وخبره محذوف. والتقدير : يمين الله قسمى ، أو يمين لى. ويجوز أن يكون منصوبا على نزع الخافض ، أو على أنّه مفعول مطلق. (الله) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (أبرح) فعل مضارع ناقص ناسخ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. واسمه ضمير مستتر تقديره : أنا. (قاعدا) خبر أبرح منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (ولو) الواو عاطفة للإحاطة والتوكيد. لو : حرف شرط غير جازم مبنى ، لا محل له من الإعراب. (قطعوا) فعل الشرط ماض مبنى على الضم ، واو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (رأسى) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة المناسبة لضمير المتكلم. وضمير المتكلم مبنى فى محل جر مضاف إليه. (لديك) ظرف مكان مبنى فى محل نصب متعلق بالقطع ، وضمير المخاطبة مبنى فى محل جر بالإضافة. و (أوصالى) عاطف ومعطوف على رأس ومضاف إليه.

وجملة الشرط محذوفة دل عليها ما سبق.

(٢) ينظر : شرح ابن يعيش ٧ ـ ١٠٩ / شفاء العليل ٣٠٥ / الخزانة ٩ ـ ٢٤٢ / هداية السالك على أوضح المسالك ١ ـ ١٦٤.

(لعمر) اللام حرف ابتداء وتوكيد مبنى لا محل له من الإعراب. عمر : مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وهو مضاف و (أبى) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الياء ؛ (دهماء) مجرور بالفتحة لأن الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف. وخبر المبتدإ محذوف يقدر بـ (قسمى). (زالت) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح ، والتاء : حرف تأنيث مبنى لا محل له من الإعراب ، وفيه حرف نفى مقدر ، والتقدير : لا زالت ، وفيه ضمير مستتر تقديره : هى ، فى محل رفع ، اسم زال. (عزيزة) خبر زال منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وجملة زالت جواب القسم لا محل لها من الإعراب. (على قومها) جار ومجرور مضاف ، وضمير الغائبة فى محل جر بالإضافة ، وشبه الجملة متعلقة بعزيزة. (ما) مصدرية ظرفية حرف مبنى (فتل) فعل ماض مبنى على الفتح. (الزند) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (قادح) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والمصدر (ما فتل الزند قادح) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والمصدر (ما فتل الزند قادح) نائب عن ظرف زمان متعلق بعزيزة.

٣١٧

فإذا افتقد الحرف النافى ولم يسبق بقسم عدّ حذف النافى شذوذا ، ومنه قول خداش بن زهير :

وأبرح ما أدام الله قومى

بحمد الله منتطقا مجيدا (١)

والتقدير : لا أبرح منتطقا ...

وقول خليفة بن براز :

تنفكّ تسمع ما حيي

ت بهالك حتى تكونه

والتقدير : ما تنفك تسمع.

المجموعة الثالثة

فعل واحد (دام) ، شرطه أن يسبقه (ما) الظرفية المصدرية ، حيث تكوّن معه مصدرا وهى دالة على الزمن ، أى : مدة دوام ؛ ولذلك فإنه يستساغ لها مصطلح (التوقيتية). وهو توقيت لحدث يقترن بجملته ، لهذا كان مفتقرا إلى أن يشفع بكلام ؛ لأنه ظرف لا بدّ له مما يقع فيه (٢) ، أو لمقارنة الصفة للموصوف فى الحال (٣) ، أو للتعليق الزمنى (٤) لكنه فى إيجاز محدد ؛ فإن (ما دام) يفيد تحديدا لميقات الفعل أو الحدث الآخر الذى يقترن بجملته ، حيث يربط بين جملتين تتضمنان جانبا زمانيا أو استغراقا زمنيا ، ويحدّد زمن الأول بزمن الثانى ، ولا أقول بمصطلح التعلق أو مصطلح الارتباط ، فإذا قلت : لن يثبت العرب ذاتهم ما داموا مختلفين. فإنه يفاد منه : أن زمن عدم إثبات العرب لذاتهم ـ وهو الحدث الأول ـ

__________________

(١) تنظر المصادر السابقة.

(ما أدام الله) (ما) حرف مصدرى زمانى أو ظرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (أدام) فعل ماض مبنى على الفتح. (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (قومى) مفعول به منصوب بفتحة مقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة المناسبة لضمير المتكلم ، وهو مضاف وضمير المتكلم في محل جر بالإضافة. والمصدر نائب مناب ظرف الزمان فى محل نصب متعلق بمنتطق أو مجيد.

(٢) ينظر : المفصل ٢٦٨.

(٣) المقرب ١ ـ ٩٤.

(٤) اللغة العربية معناها ومبناها ١٢٩.

٣١٨

محدد بزمن اختلافهم ـ وهو الحدث الثانى ـ الموجود فى جملة (ما دام) والذى أفاد هذا التوقيت الزمنى ، أو التحديد الزمنى ، أو بيان المدة ، إنما هو (ما دام) ، فهو لإفادة التوقيت الزمنى. وقد تضامن فى إظهار هذا المفهوم كلّ من (ما) بما تدلّ عليه من الظرفية والمصدرية معا ، وجذر الفعل (دام) بما يدلّ عليه من معنى الدوام ، فصارا معا بمعنى (مدة دوام) ، أو : (وقت دوام). ويكون هذا الظرف متعلقا أو مقرونا بخبر جملته (الاختلاف) ، ومعناه معنى الخبر ـ (أى مدة دوام اختلاف العرب) ـ يكون محددا لزمن حدث الجملة الأخرى ، (عدم إثبات العرب ذاتهم) ، وغالبا تكون سابقة على جملة (ما دام) ، ويكون (ما دام) مع معموليها نائبة مناب ظرف زمان متعلق بالفعل الذى يحدد زمن حدوثه ، وهو ما يسبقه لفظا أو تقديرا.

وقد تسبق جملة (ما دام) الجملة التى تحدد زمن حدثيتها ، كأن تقول : ما دام العرب مختلفين فلن يستطيعوا تحقيق ذاتهم.

وتقول : لن أخرج اليوم ما دام الجوّ ممطرا ، كما تقول : ما دام الجوّ ممطرا فلن أخرج اليوم.

تستطيع أن تلمس أن (ما) أعطت للتركيب معنى الشرط الزمنى ، ويتضح المفهوم السابق فى قوله تعالى : (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) [المائدة : ٩٦].

__________________

(١) (قالوا) فعل ماض مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (يا) حرف نداء مبنى لا محل له من الإعراب. (موسى) منادى مبنى على الضم المقدر فى محل نصب. والجملة الندائية تنبيهية. (إنا) حرف توكيد ونصب ، مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلمين مبنى فى محل نصب ، اسم إن. (لن) حرف نفى ونصب للفعل المضارع يعطى زمن الاستقبال مبنى لا محل له من الإعراب. (ندخلها) فعل مضارع منصوب بعد أن ، وعلامة نصبه الفتحة. والفاعل ضمير مستتر تقديره : نحن. وضمير الغائبة مبنى في محل نصب ، مفعول به. والجملة الفعلية فى محل نصب ، مقول القول. (أبدا) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (ما داموا) ما : مصدرية وقتية حرف مبنى لا محل له من الإعراب. دام : فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، اسم ما دام. (فيها) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل نصب ، خبر ما دام ، أو متعلقة بخبرها المحذوف. والمصدر المؤول نائب مناب ظرف الزمان ، وهو متعلق بعدم الدخول.

٣١٩

(قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها)(١) [المائدة : ٢٤].

حيث كلّ من (حرما ، وشبه الجملة : فيها) خبر لـ (ما دام) ، الأول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، والثانى فى محلّ نصب.

فإذا خرج (ما دام) عن معنى بيان المدة إلى معنى بقاء الفاعل وسكونه كان تامّا ، وخلا من (ما) الظرفية المصدرية ، فتقول : دام الجوّ معتدلا ، فيكون (دام) فعلا ماضيا تاما مبنيا على الفتح. (الجو) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، (معتدلا) حال منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة. ومن ذلك قوله تعالى : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) [سورة هود : ١٠٧ ، ١٠٨]. أى : ما بقيت السموات والأرض ، فكلّ من (السموات والأرض) فاعل مرفوع للفعل التام (دام).

وما الظرفية مصدرية فى محل نصب ، والتقدير : مدة دوام السموات والأرض.

قضية التمام والنقصان

تسمى هذه الأفعال أفعالا ناقصة ، وللنحاة فى تعليل نقص هذه الأفعال مذهبان :

أولهما : ما ذهب إليه قوم من النحاة أن هذه الأفعال ناقصة لعدم دلالتها على الحدث بناء على أنها لا تفيده ، فأصحاب هذا الرأى يرون أن هذه الأفعال ليس فيها معنى الحدث ، وإنما هو الزمان المرتبط بمعنى الفعل.

والآخر : ما ذهب إليه آخرون من عدم اكتفائها بالمرفوع ، حيث إن فائدتها لا تتم به وحده ، وإنما هى مفتقرة دائما إلى المنصوب فى حال نقصانها ، وقد سماها الزمخشرى الأفعال الناقصة (٢) ، وعلل ابن مالك تسميتها بذلك لعدم اكتفائها بالمرفوع ، ورفض تعليل عدم دلالتها على الحدث (٣).

وتعليل أكثرهم هو كون هذه الأفعال قد سلبت الدلالة على الحدث وتجردت للدلالة على الزمان (٤).

__________________

(١) المفصل : ٢٦٣.

(١) المفصل : ٢٦٣.

(٢) ينظر : التسهيل ٥٢ ، ٥٣ / ابن عقيل ١ ـ ١٠٢ / الهمع ١ ـ ١١٥.

(٣) شرح التصريح ١ ـ ٤٥ ، ٤٦.

٣٢٠