مظلوميّة الزهراء عليها السلام

السيّد علي الحسيني الميلاني

مظلوميّة الزهراء عليها السلام

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-261-X
الصفحات: ٨٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

Description: image001

١

٢

دليل الكتاب :

مقدّمة المركز ............................................................  ٥

تمهيد ...................................................................  ٧

المطلب الأول : أحاديث في مقام الزهراء عليها‌السلام ومنزلتها عند الله وعند الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ...................................................  ١١

المطلب الثاني : في أنّ من آذىٰ عليّاً عليه‌السلام فقد آذىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ......................................................  ١٩

المطلب الثالث : في أنّ بغض علي عليه‌السلام نفاق ..............................  ٢١

المطلب الرابع : في إخبار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً عليه‌السلام بأنّ الأُمّة ستغدر به ..............................................................  ٢٣

المطلب الخامس : ضغائن في صدور أقوام ..................................  ٢٥

المطلب السادس : في أنّ قريشاً هم سبب هلاك الناس بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .......................................................  ٢٧

المطلب السابع : لم يروَ من الضغائن والغدر إلاّ القليل ......................  ٢٩

المطلب الثامن : أحقاد قريش وبني أُميّة علىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٣

وأهل بيته عليهم‌السلام ........................................................  ٣٧

المطلب التاسع : في بعض ما كان منهم مع علي والزهراءعليهما‌السلام ..............  ٤١

المسألة الاُولىٰ : مصادرة ملك الزهراء عليها‌السلام وتكذيبها ......................  ٤٥

المسألة الثانية : إحراق بيتها عليها‌السلام ........................................  ٥٩

١ ـ التهديد بالإحراق .................................................  ٦٠

٢ ـ المجيء بقبس أو بفتيلة ..............................................  ٦٢

٣ ـ إحضار الحَطَب ليحرّق الدار .......................................  ٦٣

٤ ـ المجيء للإحراق ...................................................  ٦٤

المسألة الثالثة : إسقاط جنينها عليها‌السلام ......................................  ٦٧

المسألة الرابعة : كشف بيتها عليها‌السلام .......................................  ٧٣

قضايا أُخرىٰ ...........................................................  ٧٧

٤



بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة المركز :

لا يخفى أنّنا لا زلنا بحاجة إلىٰ تكريس الجهود ومضاعفتها نحو الفهم الصحيح والإفهام المناسب لعقائدنا الحقّة ومفاهيمنا الرفيعة ، ممّا يستدعي الالتزام الجادّ بالبرامج والمناهج العلمية التي توجد حالة من المفاعلة الدائمة بين الأُمّة وقيمها الحقّة ، بشكل يتناسب مع لغة العصر والتطوّر التقني الحديث.

وانطلاقاً من ذلك ، فقد بادر مركز الأبحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة آية الله العظمىٰ السيد السيستاني ـ مدّ ظلّه ـ إلىٰ اتّخاذ منهج ينتظم علىٰ عدّة محاور بهدف طرح الفكر الإسلامي الشيعي علىٰ أوسع نطاق ممكن.

ومن هذه المحاور : عقد الندوات العقائديّة المختصّة ، باستضافة نخبة من أساتذة الحوزة العلمية ومفكّريها المرموقين ، التي تقوم نوعاً علىٰ الموضوعات الهامّة ، حيث يجري تناولها بالعرض والنقد

٥

والتحليل وطرح الرأي الشيعي المختار فيها ، ثم يخضع ذلك الموضوع ـ بطبيعة الحال ـ للحوار المفتوح والمناقشات الحرّة لغرض الحصول علىٰ أفضل النتائج.

ولأجل تعميم الفائدة فقد أخذت هذه الندوات طريقها إلىٰ شبكة الإنترنت العالمية صوتاً وكتابةً.

كما يجري تكثيرها عبر التسجيل الصوتي والمرئي وتوزيعها علىٰ المراكز والمؤسسات العلمية والشخصيات الثقافية في شتىٰ أرجاء العالم.

وأخيراً ، فإنّ الخطوة الثالثة تكمن في طبعها ونشرها علىٰ شكل كراريس تحت عنوان « سلسلة الندوات العقائدية » بعد إجراء مجموعة من الخطوات التحقيقية والفنيّة اللازمة عليها.

وهذا الكرّاس الماثل بين يدي القارئ الكريم واحدٌ من السلسلة المشار إليها.

سائلينه سبحانه وتعالى أن يناله بأحسن قبوله.



مركز الأبحاث العقائدية

فارس الحسّون

٦



بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد :

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام علىٰ سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ولعنة الله علىٰ أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.

موضوع البحث ـ كما طلبتم ـ مظلوميّة الزهراء عليها‌السلام ، ولماذا لم تقولوا مناقب الزهراء ؟ أو لم تقولوا حياة الزهراء ؟ وإنما عنونتم مظلوميّة الزهراء.

قد يقال ـ كما قيل ـ قضايا الزهراء سلام الله عليها قضايا تاريخية ، ولا ينبغي أن تثار ، والقضيّة التاريخية قد تكون صادقة وقد تكون كاذبة.

سنحاول أن نبحث عن هذه القضية بلا أيّ تعصب وتشنج ، وإنْ كان الصبر علىٰ ما وقع ، وقراءة ما وقع ، والحديث عمّا وقع ،

٧

وتحمل ذلك كلّه أمراً صعباً ، سترون أنّي لا أذكر شيئاً لا من مصادر القوم فحسب ، بل من أعظم مصادرهم ، وأشهر كتبهم ، وأصح كتبهم ، وأسبق كتبهم وأقدمها ، سأحاول ذلك قدر الإمكان.

ولو كانت قضيةً تاريخيةً فحسب ، فحروب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغزواته كلّها قضايا تاريخية ، ومواقف أمير المؤمنين عليه‌السلام في تلك الغزوات والحروب قضايا تاريخية ، ومبيت أمير المؤمنين في ليلة الهجرة علىٰ فراش رسول الله قضية تاريخية ، وزواج علي من فاطمة الزهراء ـ بعد أن ردّ رسول الله غيره ـ قضية تاريخية ، وحروبه أيضاً قضايا تاريخية ، وقضية كربلاء وشهادة الحسين عليه‌السلام وأصحابه وأولاده قضية تاريخية ، فلماذا نبحث عنها ؟

وحتى عند أهل السنة أيضاً : كون أبي بكر مع رسول الله في الغار قضية تاريخية ، صلاته التي يزعمونها في مكان رسول الله في مرضه قضية تاريخية ، وهكذا بقية الأمور التي يستدلّون بها في كتبهم بزعمهم علىٰ فضائل أئمّتهم ومناقب أُمرائهم وخلفائهم.

الحقيقة أنّ قضية الزهراء سلام الله عليها أساس مذهبنا ، وجميع القضايا التي لحقت تلك القضية وتأخّرت عنها كلّها مترتبة علىٰ تلك القضية ، ومذهب الطائفة الإمامية الاثني عشرية بلا قضية الزهراء سلام الله عليها وبلا تلك الآثار المترتبة علىٰ تلك القضية ـ

٨

هذا المذهب ـ يذهب ولا يبقىٰ ، ولا يكون فرقٌ بينه وبين المذهب المقابل.

سنبحث عن قضية الزهراء سلام الله عليها في ضمن مطالب ، وهذه المطالب مترتبة ، أي كل مطلب منها يترتب علىٰ المطلب الذي قبله ، حتى نصل إلىٰ المطلب الأخير ، ونستنتج من جميع هذه المطالب ، ثم نذكر أهمّ مسائل القضيّة ، وسترون أنها قضية علميّة عقائدية مذهبية ، لها كلّ التأثير في مصير هذا المذهب ، ولها كلّ التأثير في سلوك أبناء هذا المذهب ، وإليكم المطالب بالتفصيل :

٩

١٠



المطلب الأول :

أحاديث في مقام الزهراء عليها‌السلام ومنزلتها

عند الله وعند الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

الأحاديث في هذا الباب كثيرة ، حتى أن عدّةً من علماء الفريقين دوّنوها في كتب مفردة ، وقد انتخبت من تلك الأحاديث هذه الأحاديث التي سأقرؤها ، وسترون أن مصادرها من أقدم المصادر وأهمّها :

الحديث الأول :

« فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة » ، أو « سيّدة نساء هذه الأُمّة » ، أو « سيّدة نساء المؤمنين » ، أو « سيّدة نساء العالمين ».

هذا الحديث بألفاظه المختلفة موجود في : صحيح البخاري

١١

في كتاب بدء الخلق ، وفي مسند أحمد ، وفي الخصائص للنسائي ، وفي مسند أبي داود الطيالسي ، وفي صحيح مسلم في باب فضائل الزهراء ، وفي المستدرك وصحيح الترمذي ، وفي صحيح ابن ماجة ، وغيرها من الكتب (١).

ففاطمة سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين.

الحديث الثاني :

في أن فاطمة سلام الله عليها بضعة من النبي :

« فاطمة بضعة منّي من أغضبها أغضبني ».

هذا الحديث بهذا اللفظ في : صحيح البخاري ، وعدّة من المصادر (٢).

« فاطمة بضعة منّي يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها ».

بهذا اللفظ في : صحيح البخاري ، ومسند أحمد ، وصحيح أبي داود ، وصحيح مسلم ، وغيرها من المصادر (٣).

__________________

(١) الخصائص للنسائي : ٣٤ ، الطبقات ٢ / ٤٠ ، مسند أحمد ٦ / ٢٨٢ حلية الأولياء ٢ / ٣٩ ، المستدرك ٣ / ١٥١.

(٢) صحيح البخاري ، كتاب بدء الخلق ، باب مناقب قرابة الرسول ومنقبة فاطمة عليها‌السلام.

(٣) مسند أحمد ٤ / ٣٢٨.

١٢

« إنّما فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها ».

بهذا اللفظ في : صحيح مسلم (١).

« إنّما فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها ».

بهذا اللفظ في : مسند أحمد وفي المستدرك وقال : صحيح علىٰ شرط الشيخين ، وفي صحيح الترمذي (٢).

« فاطمة بضعة منّي يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها ».

بهذا اللفظ في : المسند ، وفي المستدرك وقال : صحيح الإسناد ، وفي مصادر أُخرىٰ (٣).

الحديث الثالث :

« إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضىٰ لرضاها ».

هذا الحديث تجدونه في : المستدرك ، وفي الإصابة ، ويرويه صاحب كنز العمال عن أبي يعلىٰ والطبراني وأبي نعيم ، ورواه غيرهم (٤).

__________________

(١) صحيح مسلم ، باب مناقب فاطمة عليها‌السلام.

(٢) مسند أحمد ٤ / ٥ ، المستدرك ٣ / ١٥٩.

(٣) المستدرك ٣ / ١٥٨ ، مسند أحمد ٤ / ٣٢٣.

(٤) المستدرك علىٰ الصحيحين ٣ / ١٥٣ ، كنز العمال ١٣ / ٦٧٤ ، ١٢ / ١١١.

١٣

الحديث الرابع :

في أنّ النبي أسرّ إليها أنّها أوّل أهل بيته لحوقاً به.

هذا كان عند وفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّه دعاها فسارّها فبكت ، ثمّ دعاها فسارّها فضحكت [ في بعض الالفاظ : فشقّ ذلك على عائشة أن يكون سارّها دونها ] فلمّا قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حلّفتها عائشة أنْ تخبرها ، فقالت : سارّني رسول الله أو سارّني النبي ، فأخبرني أنّه يقبض في وجعه هذا فبكيتُ ، ثمّ سارّني فأخبرني أنّي أوّل أهل بيته أتْبعه فضحكتُ.

هذا الحديث في : الصحيحين ، وعند الترمذي والحاكم ، وغيرهما (١).

الحديث الخامس :

عن عائشة قالت : ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة منها غير أبيها.

هذا الحديث تجدونه في : المستدرك وقال : صحيح على

__________________

(١) صحيح البخاري كتاب بدء الخلق ، صحيح مسلم فضائل فاطمة ، صحيح الترمذي ، المستدرك ٤ / ٢٧٢.

١٤

شرط الشيخين ، وأقرّه الذهبي ، وفي الاستيعاب ، وفي حلية الأولياء (١).

الحديث السادس :

عن عائشة أيضاً : كانت إذا دخلت عليه ـ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ قام إليها فقبّلها ورحّب بها وأخذ بيدها فأجلسها في مجلسه.

قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ، وأقرّه الذهبي أيضاً (٢).

الحديث السابع :

أخرج الطبراني أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعلي : « فاطمة أحبّ إليّ منك وأنت أعزّ عليّ منها ».

قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح (٣).

هذه هي الأحاديث التي انتخبتها ، لتكون مقدمةً لبحوثنا

__________________

(١) المستدرك علىٰ الصحيحين ٣ / ١٦٠ ، حلية الأولياء ٢ / ٤١ ، الاستيعاب ٤ / ١٨٩٦.

(٢) المستدرك علىٰ الصحيحين ٣ / ١٥٤.

(٣) مجمع الزوائد ٩ / ٢٠٢.

١٥

الآتية ، وسنستنتج من هذه الأحاديث في المطالب اللاحقة ، وفي الحوادث الواقعة ، وهي أحاديث ـ كما رأيتم ـ في المصادر المهمّة بأسانيد صحيحة ، ودلالاتها أيضاً لا تقبل أيّ مناقشة.

ومن دلالات هذه الأحاديث : إنّ فاطمة سلام الله عليها معصومة ، بالإضافة إلىٰ دلالة آية التطهير وغيرها من الأدلة.

مضافاً إلىٰ أن غير واحد من حفّاظ القوم وكبار علمائهم قالوا بأفضليّة الزهراء سلام الله عليها من الشيخين ، بسبب هذه الأحاديث وحديث « فاطمة بضعة منّي » بالخصوص ، بل قال بعضهم بأفضليّتها من الخلفاء الأربعة كلّهم ، ولا مستند لهم إلاّ الأحاديث التي ذكرتها.

ولأقرأ لكم عبارة المنّاوي وكلامه المشتمل علىٰ بعض الأقوال من كبار علماء القوم ، ففي فيض القدير في شرح حديث « فاطمة بضعة منّي » قال : استدل به السهيلي [ وهو حافظ كبير من علمائهم ، وهو صاحب شرح سيرة ابن هشام وغيره من الكتب ] علىٰ أن من سبّها كفر [ ولماذا ؟ لاحظوا ] لأنّه يغضبه [ أي لأن سبّها يغضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ! إستدل به السهيلي علىٰ أن من سبّها كفر لأنّه يغضبه ] وأنّها أفضل من الشيخين.

وإذا كانت هذه اللام لام تعليل « لأنّه يغضبه » ، والعلة إمّا

١٦

معمّمة وإمّا مخصّصة ، ولابد أنْ تكون هنا معمّمة ، يوجب الكفر ، لأنّه أي السب يغضبها ، فيكون أذاها أيضاً موجباً للكفر ، لأن الأذىٰ ـ

أذىٰ الزهراء سلام الله عليها ـ يغضب رسول الله بلا إشكال.

قال المنّاوي : قال ابن حجر : وفيه ـ أي في هذا الحديث ـ تحريم أذىٰ من يتأذّىٰ المصطفىٰ بأذيّته ، فكلّ من وقع منه في حقّ فاطمة شيء فتأذّت به فالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتأذّىٰ به بشهادة هذا الخبر ، ولا شيء أعظم من إدخال الأذىٰ عليها في ولدها ، ولهذا عرف بالاستقراء معاجلة من تعاطىٰ ذلك بالعقوبة بالدنيا ولعذاب الآخرة أشد.

ففي هذا الحديث تحريم أذىٰ فاطمة ، وتحريم أذىٰ فاطمة لأنّها بضعة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل هو موجب للكفر كما تقدّم.

وقال المنّاوي : قال السبكي : الذي نختاره وندين الله به أنّ فاطمة أفضل من خديجة ثمّ عائشة.

قال المنّاوي : قال شهاب الدين ابن حجر : ولوضوح ما قاله السبكي تبعه عليه المحققون.

قال المنّاوي : وذكر العَلَم العراقي : إنّ فاطمة وأخاها إبراهيم

١٧

أفضل من الخلفاء الأربعة باتفاق (١).

إذن ، لا يبقىٰ خلاف بيننا وبينهم في أفضلية الزهراء من الشيخين ، وأن أذاها موجب للدخول في النار.

ثمّ إنّ هذه الأحاديث ـ كما قرأنا وسمعتم وترون ـ أحاديث مطلقة ليس فيها أي قيد ، عندما يقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّ الله يغضب لغضب فاطمة » لا يقول إنْ كانت القضية كذا ، لا يقول بشرط أن يكون كذا ، لا يقول إنْ كان غضبها بسبب كذا ، ليس في الحديث أيّ تقييد ، إن الله يغضب لغضب فاطمة ، هذا الغضب بأيّ سبب كان ، ومن أيّ أحد كان ، وفي أيّ زمان ، أو أيّ وقت كان. وعندما يقول : « يؤذيني ما آذاها » ، لا يقول رسول الله : يؤذيني ما آذاها إنْ كان كذا ، إنْ كان المؤذي فلاناً ، إن كان في وقت كذا ، ليس فيه أيّ قيد ، بل الحديث مطلق « يؤذيني ما آذاها ».

ودلّت الأحاديث هذه علىٰ وجوب قبول قولها ، وحرمة تكذيبها ، وقد شهدت عائشة بأنّها سلام الله عليها أصدق الناس لهجةً ما عدا والدها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورسول الله قال كلّ هذا وفَعَله مع علمه بما سيكون من بعده.

__________________

(١) فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٤ / ٤٢١.

١٨



المطلب الثاني :

في أنّ من أذىٰ عليّاً عليه‌السلام فقد آذىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

كان المطلب الأوّل في أنّ من آذىٰ فاطمة فقد آذىٰ رسول الله ، وهذا المطلب الثاني في أنّ من آذىٰ عليّاً فقد آذىٰ رسول الله ، وذاك قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من آذىٰ عليّاً فقد آذاني ».

هذا الحديث تجدونه في : المسند ، وفي صحيح ابن حبّان ، وفي المستدرك ، وفي الإصابة ، وأُسد الغابة ، وأورده صاحب كنز العمّال عن ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في تاريخه والطبراني ، وله أيضاً مصادر أُخرىٰ (١).

__________________

(١) مسند أحمد ٣ / ٤٨٣ ، المستدرك ٣ / ١٢٢ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٢٩ ، أُسد الغابة والاصابة بترجمته عن عدّة من الأئمة ، كنز العمال ١١ / ٦٠١.

١٩
٢٠