تهذيب اللغة - ج ٣

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٣

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٣

شيئين : أحدهما العَيَس ، والآخر من العَوْس وهو السياسة ، فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. فأمّا اسم نبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فمعدول عن أيسُوع كذا يقول أهل السريانية.

أبو عبيد عن الكسائي : إذا نسبت إلى عيسى وموسى وما أشبههما مما فيه الياء زائدة قلت موسِيٌّ وعيسيٌ بكسر السين وتشديد الياء.

وقال أبو عبيدة أعْيَس الزرعُ إعياساً إذا لم يكن فيه رَطْب ، وأَخْلس إذا كان فيه رطب ويابس ، ورجل أعيس الشعر : أبيضه. وَسْم أعيس : أبيض.

قال شمر : تسمّى الريح الجنوب النُعامَى بلغة هذيل ، وهي الأَزْيب أيضاً. قال بعضهم : نسميها مِسْعاً. وقال بعض أهل الحجاز : يُسْع بالياء مضمومة. وأما اسم النبي فهو الْيَسع. وقرىء : اللَّيْسع.

وسع : الواسع من صفات الله تعالى : الذي وسع رزقُه جميعَ خلقه ، ووسعت رحمتُه كلّ شيء ويقال : إنه ليسعني ما وسعك ، ورجل مُوسِع وهو المليء ، والوُسْع : الجِدّة وقدرة ذات اليد. وأوسع الرجلُ إذا كثر ماله. قال الله جلّ وعزّ : (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ) [البَقَرَة : ٢٣٦] ويقال : إنه لفي سعة من عيشه. ووسّعت البيت وغيره فاتّسع واستوسع ، وفرس وَسَاعٌ إذا كان جواداً ذا سعة في خَطْوه وذَرْعه. وقد وسُع وَسَاعة ، ووَسِع ماء لبني سعد. ويقال : ما أسع ذاك أي ما أطيقه.

ولا يسعني هذا الأمر مثله. ويروى عن عمر أنه كان يقول : اللهم لو أستطيع أن أسع الناس لوسعتهم اللهم إني لا أحلّ لَهم أشعارهم ولا أبشارهم ، من ظلمه أميره فلا إمرة عليه دوني. معنى قوله : أن أسع الناس أي أطيقهم ، يقال : هذا الكيل يسعه ثلاثة أمناء هذا الوعاء يسع عشرين كيلاً ، وهذا الوعاء يسع عشرون كَيْلاً على مثال قولك : أنا أسع هذا الأمر وهذا الأمر يسعني. والأصل في هذا أن تدخل فيه في وعلى واللام ؛ لأن قولك : هذا الوعاء يسع عشرين كيلاً معناه : يسع لعشرين كيلاً أي يتَّسع لذلك ، ومثله هذا الخُفّ يسع برجلي أي يسع لرجلي ويسع على رجلي أي يتّسع لها وعليها ، وتقول هذا الوعاء يسعه عشرون كيلاً معناه يسع فيه عشرون كيلاً أي يتَّسع فيه عشرون كيلاً ، والأصل في هذه المسألة أن يكون بصفة ، غير أنهم ينزعون الصفات من أشياء كثيرة حتى يتّصل الفعل إلى ما يليه ويفضي إليه كأنه مفعول به ، كقولك كلتك واستحيتك ومكَّنتك أي كلت لك واستحيت لك ومكَّنت لك. ويقال : وسعت رحمة الله كل شيء ولكل شيء. وقال (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) [البقرة : ٢٥٥] أي اتسع لها. وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إنكم لا تَسَعون الناس بأموالكم فليسعهم منك بَسَطُ الوجه». قال أبو إسحاق في قوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) [البَقَرَة : ١١٥] يقول : أينما تولوا فاقصدوا وجه الله بتيممكم القبلة (إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) يدلّ على أنه توسعة على الناس في شيء رخّص لهم.

٦١

ويقال : هل تسع هذا أي هل تطيقه ، وقال الله جلّ وعزّ : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) [الذّاريَات : ٤٧] قال أبو إسحاق يقول : جعلنا بينها وبين الأرض سعة ، جعل أوسع بمعنى وسّع. والسعة أصلها وِسْعة فحذفت الواو.

ويقال : ليسعك بيتك معناه القرار فيه ، وفي «النوادر» : اللهم سَعْ عليه أي وسِّع عليه.

قال ابن الأنباري : الواسع من أسماء الله : الكَثير العطايا الذي يسع لما يُسأل. وهذا قول أبي عبيدة. ويقال الواسع : المحيط بكل شيء من قولهم : (وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) أي أحاط. وقال :

* أعطيهم الجهد منى بَلْه ما أسع *

معناه : فدع ما أحيط به وأقدر عليه.

والمعنى أعطيهم ، لا أجده إلا بجهد فدع ما أحيط به.

سيع : الليث : السَّيَاع بالجصّ والطين والقِير. يقال : سيّعت به تسييعاً ؛ أي طليت به طَلْياً رفيقاً ، قال القَطاميّ :

فلما أن جرى سِمَنٌ عليها

كما بطَّنت بالفدن السَّياعا

قال يجوز السَّياع والسَّياع. قلت : معناه كما بطنت الفدن بالسياع فقلَب.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : السَّياع الطين.

وقال الليث المِسْيَعة : خشبة مملّسة يطيَّن بها والفعل منه سيّعته تسييعاً أيْ طينته تطييناً ، وقال رؤبة :

* من شِلّها ماء السراب لأسيعا*

قال يصفه بالرقّة. وقال الليث : قال بعضهم : السَّياع أيضاً : شجر اللُبان وهو من شجر العضاه له ثمرة كهيئة الفُستق.

قال ولثاهُ مثل الكُنْدُر إذا جَمَد.

باب العين والزاي

ع ز [وا يء]

عزا (عزو) ، عوز ، زوع ، وزع ، وعز ، زعا.

عزا (عزو): أبو عبيد وغيره : عزوته إلى أبيه ، أعزوه وأَعزِيه عَزْواً إذا نسبته. ويقال : إلى من تَعْزِي هذا الحديث؟ أي إلى من تَنْميه. ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «من تعزّى بعَزَاء الجاهلية فأعِضوه بهن أبيه ولا تكْنُوا». قال أبو عبيد : قال الكسائي : قوله تعزَّى يعني انتسب وانتمى كقولك : يالفلان ويا لبني فلان ، وقال الراعي :

فلما التقت فرساننا ورجالهم

دَعَوا يا لكلبٍ واعتزينا لعامر

وقال بشر بن أبي خازم :

نعلو القوانس بالسيوف ونعتزي

والخيلُ مُشْعَرة النحور من الدم

وقال إن جريح حدث عطاء بحديث فقيل له : إلى من تَعزيه؟ أي إلى من تَسنده. وأما الحديث الآخر : «من لم يتعز بعزاء الله فليس منّا» فإن له وجهين : أحدهما ألا يتعزَّى بعزاء الجاهلية ودعوى القبائل ولكن يقول يا للمسلمين فتكون دعوة المسلمين واحدة غير منهي عنها.

٦٢

والوجه الثاني أن معنى التعزّي في هذا الحديث التأسّي والتصبّر ، فإذا أصابت المسلمَ مصيبة تَفْجَعُه قال : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) ؛ كما أمره الله تعالى. ومعنى قوله : بعزاء الله أي بتعزية الله إيّاه ، فأقام الاسم مُقَام المصدر الحقيقيّ وهو التعزية من عزَّيت ؛ كما يقال : أعطيته عطاء ومعناه أعطيته إعطاء. وأما قول الله جلّ وعزّ : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ) [المعَارج : ٣٧] فمعنى (عِزِينَ) خِلَقاً خِلَقا ، وجماعة جماعة ، وعِزُون جمع عِزْوة ، فكانوا عن يمينه وعن شماله جماعات في تفرقة.

وقال الليث : العِزَة عُصبةٌ من الناس فوق الحَلْقة. والجماعة عزون. ونقصانها واو.

قلت أصل عزة عِزْوة ، كأن كل جماعة اعزازها أي انتسابها واحد عِزة. وهي مثل عِضَة أصلها عِضْوة. وقد مرّ تفسيرها.

وقال الليث يقال عَزِي الرجلُ يَعْزَى عزاء ممدود. وإنه لعزِيّ : صبور إذا كان حسن العزاء على المصائب. وتقول عزّيت فلاناً أعزّيه تعزية أي أسّيته وضربت له الأُسَى وأمرته بالْعزاء فتعزّى تعزّياً أي تصبَّر تصبّراً. والعزاء : الصبر نفسه عن كل ما فقدت.

وقال أبو زيد : عزا فلان نفسَه إلى بني فلان يعزوها عَزْواً إذا اعتزى إليهم ، محِقّا كان أو باطلاً ، وانتمى إليهم مثلُه. قال : والاسم العِزوة والنِمْو ويقال : النِمْيَة.

قلت : والعِزة الجماعة مأخوذة من هذا. وقال الليث : كلمة شنعاء من لغة أهل الشِّحْر يقولون يَعْزى ما كان كذا وكذا كما نقول نحن : لعمري لقد كان كذا وكذا.

وقال ابن دريد : العَزْو لغة مرغوب عنها يتكلم بها بنو مَهْرة بن حَيْدان يقولون : عَزْوَى كأنّها كلمة يتلطّف بها. وكذلك يقولون يَعزى. قال : وبنو عَزْوان حي من الجنّ والعرب تقول : إن النعام مراكب الجنّ وقال ابن أحمر يصف الظليم :

حَلَقَتْ بنو عَزْوان جُؤجؤَهُ

والرأسَ غير قنازع زُعْر

وقال الليث : الاعتزاء : الاتصال في الدعوى إذا كانت حرب. فكل من ادّعى في شعاره : أنا فلان بن فلان أو فلان الفلاني فقد اعتزى إليه.

عوز : قال الليث : العَوَز : أن يعوزك الشيء وأنت إليه محتاج. قال : وإذا لم تجد الشيء قلت : عازني. قلت عازني ليس بمعروف.

وقال أبو مالك : يقال : أعوزني هذا الأمر إذا اشتدّ عليك وعَسُر ، وقال غيره : أعوزني الأمر يُعوزني أي قلّ عندي مع حاجتي إليه. ورجل مُعْوِز : قليل الشيء. وقال الليث : أعوز الرجلُ إذا ساءت حاله. وأعوزه الدهر إذا حلّ عليه الفقر. قال والمِعْوَز والجميع المعاوز وهي الخِرق التي يلفّ فيها الصبيّ. وقال حسّان :

وموءودة مقرورة في معاوز

بآمتها مرموسة لم توسّد

وقال غيره : المعاوز : خُلْقان الثياب ، لُفّ

٦٣

فيها الصبيّ أو لم يلفّ.

وقال ابن هانىء : يقال : إنه لعَوِز لَوِز تأكيد له ، كما تقول : تعساً له ونعساً.

عمرو عن أبيه : العَوْز : ضيق الشيء. والمعروف العَوَز

أبو حاتم عن أبي زيد يقال : ما يُعوِز لفلان شيء إلّا ذهب به ، كقولك : ما يُوهِف له وما يُشرف. قاله أبو زيد بالزاي قال أبو حاتم : وأنكره الأصمعي. قال : وهو عند أبي زيد صحيح ، ومن العرب مسموع.

زعا : أهمله الليث. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : زَعَا إذا عدل ، وشعا إذا هرب ، وقعا إذا ذَلَّ ، وفعا إذا فتّت شيئاً.

وعز : قال الليث : الوَعْز : التقدِمة. يقال : أوعزت إلى فلان في ذلك الأمر إذا تقدّمت إليه. وروى الحراني عن ابن السكيت قال يقال : وَعزت وأوعزت ، ولم يُجِز وَعَزت مخففاً. ونحو ذلك روى أبو حاتم عن الأصمعي أنه أنكر وَعَزَت بالتخفيف.

وزع : قال الليث : الوَزْع : كفّ النفس عن هواها. يقال : وزعته أزَعه وَزْعاً. وفي الحديث : «لا بدّ للناس من وَزَعة» أي من سلطان يَزَع بعضهم من بعض. والوازع في الحرب : الموكلُ بالصفوف يزع من تقدّم منهم بغير أمره. وقال الله جلّ وعزّ : (فَهُمْ يُوزَعُونَ) [النَّمل : ٨٣] أي يُكِفّون. وجاء في التفسير : يُحبس أوّلهم على آخِرهم. وأما قوله : (قالَ رَبِ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ) [الأحقاف : ١٥] فمعنى (أَوْزِعْنِي) ألهمني. وتأويله في اللغة : كُفّني عن الأشياء إلّا عن شكر نعمتك ، وكُفّني عمّا يباعدني عنك. هكذا قال أبو إسحاق الزجّاج المنذري عن الحراني عن ابن السكيت قال : يقال : قد أوزعته بالشيء إيزاعاً إذا أغريته ، وإنه لموزَع بكذا وكذا أي مُغْرًى به والاسم الوَزُوع. وقد أوزعه الله إذا ألهمه. ونحو ذلك قال الفراء. قال معنى (أَوْزِعْنِي) ألهمني.

وقال الليث : التوزيع : القسمة. يقال وزّعنا الجَزُور فيما بيننا.

قلت : ومن هذا أُخِذ الأوزاع ، وهم الفِرَق من الناس. يقال : أتيتهم وهم أوزاع أي متفرقون.

وفي حديث عمر أنه خرج ليلة في رمضان والناس أوزاع أي يصلون متفرقين غير مجتمعين على إمام واحد.

وقال الأصمعيّ : يقال : بها أوزاع من الناس وأوباش ، وهم الضروب المتفرقون ، ولا واحد للأوزاع. وقال الشاعر يمدح رجلاً :

أحْللتَ بيتكَ بالجميع وبعضُهم

متفرِّق ليحلّ بالأوزاع

الأوزاع هاهنا : بيوت منتبِذة عن مجتمع الناس. وفي الحديث «مَن يزع السلطان أكثر ممن يزع الفرقان» معناه : أن من يكفّه السلطان عن المعاصي أكثر ممن يكفّه الفرقان بالأمر والنهي والإنذار. ويقال لا بدّ للناس من وَزَعة أي ممن يكفّهم عن الشرّ والفساد.

٦٤

وقوله حُصَيب الهذليّ يذكر قربه من عدوّ له :

لما رأيت بني عمرو ويازعهم

أيقنت أني لهم في هذه قَوَد

قال : يازعمهم لغتهم ، يريدون : وازعهم في هذه الواقعة أي سيستقيدون منا

أبو عبيد يقال : أُوزِعتُ بالشيء مثل أُلهمته وأُولعت به. قال : ووزّعت الشيء بين القوم قسمته.

زوع : أبو عبيد عن الأصمعيّ وَزَعته فأنا أزَعُه : كففته. وزُوْعته فأنا أزعه مثله. قال : ويقال : زُعته : قدَّمته. وقال ذو الرمّة :

وخافِق الرأس مثل السيف قلت له

زُعْ بالزمام وجَوْزُ الليل مركوم

أي ادفعه إلى قدام وقدّمه.

وقال شمر : زُعْ راحلتك أي استحثّها ، وبعضهم يقول زُعْ بالزمام أيْ هيّج وحرّك.

وقال الليث : الزُّوع جذبك الناقة بالزمام لتنقاد.

وقال أبو الهيثم : زُعته : حرّكته وقدّمته.

وقال ابن السكيت : زاعه يزوعه إذا عطفه.

وقال ذو الرمّة :

ألا لا تبالي العِيس مَن شدَّ كورها

عليها ولا من زاعها بالخزائم

ثعلب عن ابن الأعرابي : قال : الزاعة. الشُرط.

وفي «النوادر» : زوّعتِ الريحُ النبت تزوّعه ، وصوّعته ، وذلك إذا جمعته لتفريقها بين ذرّاه ، ويقال : زُوعة من نبت ، ولُمْعة من بنت.

وقال ابن دُرَيد : الزّوْع : أخذك الشي بكفّك ، نحو الثريد ، أقبل يزوع الثريد إذا اجتذبه بكفّه. قال : وزعت له زَوْعة من البِطِّيخ إذا قطعت له قطعة.

باب العين والطاء

[ع ط (وا يء)]

عطا ، عوط ، طعا ، طوع ، عيط ، يعط.

عطا : أبو عبيد العَطْو : التناول. يقال منه : عَطَوت أعطو. وقال بشر بن أبي خازم :

أو الأُدْم الموشَّحةِ العواطي

بأيديهن من سَلَم النِعاف

يعني الظباء وهي تتطالل إذا رفعت أيديها لتتناول ورق الشجر. والإعطاء مأخوذ من هذا. والمعاطاة : المناولة. وقال الليث : عاطى الصبيُّ أهلَه إذا عمِل وناولهم ما أرادوا. والعطاء : اسم لما يعطَى. ويقال : إنه لجزيل العطاء. وهو اسم جامع. فإذا أفرد قيل : العطيّة ، وجمعها العطايا. وأمّا الأعْطِية فهي جمع العطاء. يقال ثلاثة أعطية ، ثم أعطيات جمع الجمع. والتعاطي : تناول ما لا يجوز تناوله. يقال : تعاطى فلان ظلمك. وفي القرآن : (فَتَعاطى فَعَقَرَ) [القَمَر : ٢٩] أي فتعاطى الشقيُّ عَقْر الناقة فبلغ ما أراد.

وقال الليث : ويقال بل تعاطيه : جُرْأته.

ويقال للمرأة : هي تعاطي خِلْمها أي تناوله قُبَلها ورِيقها. وقال ذو الرمة :

تعاطيه أحياناً إذا جِيد جَودة

رُضَاباً كطعم الزنجبيل المعسَّل

٦٥

وقال غيره : يقال : عطَّيته وعاطيته أي خدمته وقمت بأمره ؛ كقولك : نعّمته وناعمته. تقول : من يُعَطِّيك أي من يتولّى خدمتك. وقوس مُعْطِية : ليّنة ليست بكزّة ولا ممتنعة على من يمدّ وترها. وقال أبو النجم : وهَتَفى مُعطية طروحاً أراد بالهَتَفى قوساً لوترها رنين. وقوس عَطْوى بمعنى المعطية. ويقال : هي التي عُطفت فلم تنكسر ، وقال ذو الرمة :

له نبعة عَطْوى كأن رنينها

بألوى تعاطته الأكفّ المواسح

أراد بالألوى : الوتر. والنسبة إلى عطيّة عَطَوِيّ ، وإلى عطاء عطائيّ. وسمعت غير واحد من العرب يقول لراحلته إذا انفسخ خَطْمه عن مَخْطِمه : أعطِ فيعوج رأسه إلى راكبه فيعيد الخطم على مَخطِمه. وقال أبو زيد : يقال هو يتعاطى معالَي الأمور ورفيعها ، ويتعاطى أمراً قبيحاً. قال : وقال رجل من قيس يكنى أبا قُوَّة أقول هو يتعاطى الرفعة من الأمر ، ويتعطّى القبيحَ تعطّياً. ويقال هو يستعطي الناس بكفّه ، وفي كفّه ، استعطاءً إذا سألهم وطلب إليهم.

أبو العباس عن ابن الأعرابي : قال : الأعطاء : المناولات. والمعاطاة أن يستقبل رجل رجلاً ومعه سيف فيقول : أرِني سيفك فيعطيه فيهزّه هذا ساعة وهذا ساعة وهما في سُوق أو مسجد ، وقد نُهي عنه. ومن أمثال العرب عاطٍ بغير أنواط ، يضرب مثلاً لمن انتحل عِلْماً لا يقوم به.

طوع : الحرّاني عن ابن السكيت : يقال : قد أطاع له المَرْتع إذا اتّسع له المرتع ، وأمكنه من الرَعْي. وقد يقال في هذا الموضع : طَاع. وقال أوس بن زُهَير :

كأن جيادهن بَرْعن زُمٍ

جرادٌ قد أطاع له الوَرَاقُ

أنشده أبو عبيد. وقال : الوراق : خضرة الأرض من الحشيش ، وليس من الورق.

وقال ابن السكيت : يقال أمره بأمر فأطاعه ، بالألف لا غير. والعرب تقول : له عليّ أمره مطاعة. قال : وقد طاع له إذا انقاد له بغير ألف.

وقال الليث : الطَّوع : نقيض الكَرْه ، لتفعلنّه طَوْعاً أو كرهاً ، وطائعاً أو كارهاً. وطاع له إذا انقاد له ، فإذا مضى لأمره فقد أطاعه ، وإذا وافقه فقد طاوعه. قال والطاعة : اسم من أطاعه إطاعة. والطواعية : اسم لما يكون مصدر المطاوَعةِ. يقال : طاوعت المرأةُ زوجها طواعِية. قال : ويقال للطائع : طاعٍ ، وهو مقلوب ومنه قول الشاعر :

حلفت بالبيت ومَن حوله

من عائذ بالبيت أو طاع

وهذا كقولهم : عاقني عائقٌ وعاقٍ. ويقال : تطاوعْ لهذا الأمر حتى تستطيعه. وإذا قلت : تطوَّع فمعناه تكلّف استطاعته. قال : والعرب تحذف التاء فتقول اسْطاع يَسْطيع. قال والتطوّع : ما تبرّعت به من ذات نفسك فيما لا يلزمك فرضُه. وفرس طَوْع العِنان إذا كان سَلِساً. وقول الله جلّ وعزّ : (ومن يطّوّع خيرا) [البَقَرَة : ١٥٨]

٦٦

الأصل فيه ومن يَتَطوّع ، فأدغمت التاء في الطاء وكل حرف أدغمته في حرف نقلته إلى لفظ المدغم فيه. ومن قرأ (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً) على لفظ المضيّ فمعناه الاستقبال ؛ لأن الكلام شرط وجزاء ، فلفظ الماضي فيه يئول إلى معنى الاستقبال ، وهذا قول حُذّاق النحويّين. وأما قول الله جلّ وعزّ : فما استطاعوا ان يظهروه [الكهف : ٩٧] فإن أصله استطاعوا بالتاء ، ولكن التاء والطاء من مخرج واحد ، فحذفت التاء ليخفّ اللفظ. ومن العرب من يقول : استاعوا بغير طاء ، ولا يجوز في القراءة. ومنهم من يقول : (فَمَا اسْطاعُوا) بألف مقطوعة ، المعنى : فما أطاعوا فزادوا السين ـ قال ذلك الخليل وسيبويه ـ عوضاً عن ذهاب حركة الواو ؛ لأن الأصل في أطاع أَطْوَع. ومن كانت هذه لغته قال في المستقبل يُسطِع بضمّ الياء.

وأخبرني المنذريّ عن الحراني عن ابن السكيت قال : يقال : ما أَستطيع وما اسطيع وما أَسْطيع وما أستطيع ، وكان حمزة الزيّات يقرأ (فما اسْطَّاعوا) بإدغام الطاء والجمع بين ساكنين.

وقال أبو إسحاق الزجّاج : من قرأ بهذه القراءة فهو لاحِنٌ مخطىء. زعم ذلك الخليل يونس وسيبويه ، وجميع مَن يقول بقولهم. وحجَّتهم في ذلك أن السين ساكنة ، وإذا أدغمت التاء في الطاء صارت طاء ساكنة ، ولا يجمع بين ساكنين. قال : ومن قال : أطرحُ حركة التاء على السين فأقرأ (فما اسَطَّاعوا) فخطأ أيضاً لأن سين استفعل لم تحرّك قطّ.

والمطّوّعة : قوم يتطوَّعون بالجهاد ، أدغمت التاء في الطاء ، كما قلنا في قوله : (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً). وأمّا قوله جلّ وعزّ : (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ) [المَائدة : ٣٠] فإن الفراء قال : معناه فتابعته نفسه. وقال المبرد ؛ (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ) فعَّلت من الطَوْع. وقال أبو عبيد : حدّثنا يزيد عن ورقاء عن ابن أبي نَجيح عن مجاهد ؛ (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ) قال شجَّعته. قال أبو عبيد عن مجاهد : إنها أعانته على ذلك وأجابته إليه. ولا أرى أصله إلّا من الطواعية.

قلت : والأشبه عندي أن يكون معنى (طوّعت) سمَّحت وسهَّلت له نفسهُ قتلَ أخيه أي جعلت نفسه بهواها المُردي قتلَ أخيه سهلاً وهوَّنته. وأمَّا على قول الفراء والمبرد فانتصاب قوله (قَتْلَ أَخِيهِ) على إفضاء الفعل إليه ؛ كأنه قال : فطوعت له نفسه أي انقادت في قتل أخيه ولقتل أخيه فحذف الخافض وأفضى الفعلُ إليه فنصبه. ويقال : فلان طَوْع المكاره إذا كان معتاداً لها ، ملقىً إيّاها. وقال النابغة :

فارتاع من صوت كَلّاب فبات له

طوعُ الشوامت من خوف ومن صَرَد

ويروى : طوعَ الشوامت. فمن رفع : أراد بات له ما أطاع شامته من البرد والخوف أي بات له ما اشتهى شامته ، وهو طَوْعه ، ومن ذلك تقول : اللهم لا تطيعنّ بي شامتاً أي لا تفعل بي ما يشتهيه ويحبّه.

٦٧

وقال ابن السكيت : يقال طاع له وأطاع ، سواءً. فمن قال : طاع قال يطاع ، ومن قال : أطاع قال يُطيع ، فإذا جئت إلى الأمر فليس إلّا أطاعه ؛ كما ذكرناه في أوّل الباب.

ومن روى بيت الذبياني : فبات له طوعَ الشوامت بالنصب أراد بالشوامت قوائمه واحدها شامتة يقول : فبات الثَوْر طوع قوائمه أي بات قائماً.

قلت : ومن العرب من يقول : طاع له يَطُوع طَوْعاً فهو طائع بمعنى أطاع أيضاً ، وطاع يطاع لغة جيّدة.

اللحياني : يقال : أطعت له وأطعته.

ويقال : طِعْت له وأنا أطِيع له طاعة ، ويقال : طُعْت له وأنا أطوع له طوعاً أي انقدت ، وفرس طَوْع العِنان وطوعة العنان. وبعير طيّع : سلِس القياد.

عوط : أبو عبيد عن الكسائيّ : إذا لم تحمل الناقةُ أوّل سنة يَطرُقها الفحل فهي عائط ، فإذا لم تحمل السنةَ المقبِلة أيضاً فهي عائطُ عُوطٍ وعُوطَطٍ.

قال : وقال العَدَبَّس الكنانيّ : يقال تعوَّطَت إذا حُمِلَ عليها الفحل فلم تحمل.

وقال ابن بُزُرْجَ : بَكْرة عائط ، وجمعها عِيطٌ ، وهي تَعِيط. قال : فأمَّا التي تعطاط أرحامُها نعائطُ عُوطٍ وهي مِنْ تَعُوطُ.

وأنشد :

يَرُعْنَ إلى صوتي إذا ما سمعته

كما ترعوى عِيط إلى صوت أعيسا

وقال آخر :

نجائب أبكار لقِحْن لعِيطط

ونعم فهنّ المهجِرات الخيائر

وقال الليث : يقال للناقة التي لم تحمل سنوات من غير عُقْر : قد اعتاطت. قال : وربما كان اعتياطها من كثرة شحمها ، أي اعتاصت. قال : وقد تعتاط المرأة. وناقة عائط. وقد عاطت تعِيط عِياطا ، ونُوق عِيط وعُوط من غير أن يقال : عاطت تعوط. قال : وجمع العائط عوائِط.

وقال غيره : العِيط : خيار الإبل ، وأفتاؤها ما بين الحِفّة إلى الرباعِية.

عيط : أبو عبيد عن الأصمعي : امرأة عَيْطاء : طويلة العنق. ورجل أعيط ، وقَارة عَيْطاء : مشرفة. والمصدر العَيَط. وفرس عيطاء ، وخيل عِيط : طوال.

وقال الليث : الأعيط : الطويل الرأس والعنق. والعيطاء : الناقة الطويلة العنق ، والذكر أعيط والجمع عِيط. قال وعِيطِ : كلمة ينادَى بها الأَشِرُ عند السكر ، ويُلهج بها عند الغلبة ، فإن لم يزد على واحدة قالوا عيّط ، وإن رجَّع قالوا : عطعط.

غيره التعيط : غضب الرجل واحْتلاطه وتكبره. وقال رؤبة :

* والبغي من تعيّط العيّاط*

ويقال : التعيّط هاهنا : الجلبة ، وصياح الأَشِر بقوله عِيطِ.

وقال الليث : التعيّط تنبّع الشيء من حجر أو شجر يخرج منه شيء فيصمِّغ أو يسيل. وذفرى الجمل تتعيّط بالعَرَق الأسود وأنشد :

٦٨

تَعَيّطُ ذفراها بجَوْن كأنه

كُحَيْل جرى من قنفذ اللِّيت نابع

ويقال عيَّط فلان بفلان إذا قال له : عِيط عِيط.

يعط : قال الليث : يَعَاط : زجرك للذئب إذا رأيته قلت : يَعَاطِ. يعاط وتقول : يعَطت به ويا عطت به وأنشد :

صُبَّ على شاء أبي رِباط

ذؤالةٌ كالأقُدح الأمراط

* يدنو إذا قيل له يَعَاطِ*

قال : وبعض يقول : يِعاط بكسر الياء.

قال : وهو قبيح ؛ لأن كسر الياء زادَها قبحاً. وذلك لأن الياء خُلِقَت من الكسرة ، وليس في كلام العرب كلمة على فِعَال في صدرها ياء مكسورة.

وقال غيره : يِسَار لغة في اليَسَار. وبعض يقول : إسار بقلب الياء همزة إذا كُسرت. قلت : وهو بشع قبيح ، أعنى يِسَار وإسار.

طعا : ثعلب عن ابن الأعرابي : طعا إذا تباعد. عمرو عن أبيه : الطاعي بمعنى الطائع إذا ذلَّ.

قال ابن الأعرابي : الأطعاء : الطاعة.

باب العين والدال

[ع د (وا يء)]

عدا ، عود ، دعا ، داع (١) ، ودع ، وعد ، يدع.

عدا ـ (عندأوة) : قال الله جلّ وعزّ : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) [الأنعام : ١٠٨] وقرىء (عُدُوّاً بغير علم).

قال المفسّرون : نُهوا قبل أن أُذن لهم في قتال المشركين أن يلعنوا الأصنام التي عبدوها.

وقوله : (فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي فيسبّوا الله ظلماً و (عَدْواً) منصوب على المصدر ، وعلى إرادة اللام ، لأن المعنى : فيَعْدون عَدْواً أي يَظلمون ظلما. ويكون مفعولاً له أي فيسبّوا الله للظلم. ومن قرأ (فيسبوا الله عُدُواً) فهو في معنى عَدْو أيضاً. يقال في الظلم قد عدا فلان عَدْواً وعُدُوّاً وعُدْواناً وعَدَاءً أي ظلم ظلماً جاوز من القدر ، وقرىء (فيسبوا الله عَدُوّاً) بفتح العين ، وهو ههنا في معنى جماعة ، كأنه قال : فيسبوا الله أعداء. و (عَدُوّاً) منصوب على الحال في هذا القول. وكذلك قوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍ عَدُوّاً شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ) [الأنعَام : ١١٢](عَدُوًّا) في معنى أعداء. المعنى : كما جعلنا لك ولأمّتك شياطين الإنس والجن أعداء كذلك جعلنا لمن تقدّمك من الأنبياء أو أممهم. و (عَدُوًّا) ههنا منصوب لأنه مفعول به و (شَياطِينَ الْإِنْسِ) منصوب على البدل. ويجوز أن يكون (عَدُوًّا) منصوباً لأنه مفعول ثان و (شَياطِينَ الْإِنْسِ) المفعول الأول.

__________________

(١) أهمله الليث. وجاء في «اللسان» (دوع ـ ٤ / ٤٤٢): «داع دوعاً : استنَّ عادِياً وسابحاً. والدُّوع : ضرب من الحيتان ، يَمانيةٌ».

٦٩

والعادي : الظالم. يقال لا أشمت الله بك عاديَك أي عدوّك الظالم لك.

والاعتداء والتعدّي والعُدْوان : الظلم.

وقول الله : (فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) [البَقَرَة : ١٩٣] أي فلا سبيل.

وكذلك قوله : (فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) [القَصَص : ٢٨] أي لا سبيل عليّ.

وقوله : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ) [البَقَرَة : ١٩٤] الأول ظلم ، والثاني جزاء. وهو مثل قوله : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) [الشّورى : ٤٠] السّيئة الأولى سيئة ، والثانية مجازاة ، وإن سُمّيت سيّئة. فالاعتداء الأول ظلم ، والثاني ليس بظلم ، وإن وافق اللفظ اللفظ. ومثل هذا في كلام العرب كثير. يقال : أثِم الرجلُ يأثَم إثماً ، وَأَثَمَهُ الله على إثمه أي جازاه الله عليه يَأثِمُه أثاماً.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً) [الفُرقان : ٦٨] أي جزاء لإثمه وقول الله جل ذكره : (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) [المَائدة : ٢] يقول : لا تعاونوا على المعصية والظلم ، وقوله : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها) [البَقَرَة : ٢٢٩] أي لا تجوزوها إلى غيرها ، وكذلك قوله : (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ) [البَقَرَة : ٢٢٩] أي يجاوزْها ، وقوله : (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) [المؤمنون : ٧] أي المجاوِزون ما حُدّ لهم وأُمروا به ، وقوله : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) [البقرة : ١٧٣] أي غير مجاوِز لما يُبلِّغُهُ ويغُنيه من الضرورة ، وأصل هذا كلّه مجاوزة القدر والحقّ ، يقال : تعديت الحقّ واعتديته ، وعَدَونه أي جاوزته ، وقد قالت العرب اعتدى فلان عن الحقّ ، واعتدى فوق الحق ، كأن معناه : جاز عن الحقّ إلى الظلم ، ويقال : عدا فلان طَوْره إذا جاوز قَدْره ، وعدا بنو فلان على بني فلان أي ظلموهم وقولهم : عدا عليه فضربه بسيفه لا يراد به عَدْو على الرجلين ، ولكن من الظلم.

ومن حروف الاستثناء قولهم : ما رأيت أحداً ما عدا زيداً ، كقولك ، ما خلا زيداً. وتنصب زيداً في هذين. فإذا أخرجت (ما) خفضت ونصبْت فقلت : ما رأيت أحداً عدا زيداً. وعدا زيد ، وخلا زيداً ، وخلا زيدٍ ، النصب بمعنى إلَّا ، والخفض بمعنى سوى.

وتقول : ما يعدو فلان أمرك ، أي ما يجاوزه.

وقال الله جلّ وعزّ : (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى) [الأنفَال : ٤٢] قال الفراء : العدوة : شاطىء الوادي ، الدنيا ممّا يلي المدينة ، والقُصْوى ممّا يلي مكّة.

وقال الزجّاج : العدوة : شَفِير الوادي.

وكذلك عدا الوادي مقصور.

وأخبرني المنذري عن الحراني عن ابن السكيت قال : عِدوة الوادي وعُدْوته جانبه ، والجميع عِدًى وعُدًى ، قال : والعِدَى : لأعداء يقال هؤلاء قوم عِدَى يكتب بالياء ؛ وإن كان أصله الواو لمكان الكسرة في أوله وعدى مثله.

وقال غيره : العُدى الأعداء ، والعِدى الذين لا قرابة بينك وبينهم والقول الأول. والعدى ألفه مقصور يكتب بالياء وقال :

٧٠

إذا كنت في قوم عِدًى لست منهم

فكل ما علفت من خبيث وطيب

وقال ابن السكيت زعم أبو عمرو أن العِدَى الحجارة والصخور. وأنشد قول كثير :

وحال السَفى بيني وبينك والعِدى

ورَهْنُ السفى غَمر النقيبة ماجد

أراد بالسَفَى : تراب القبر : وبالعِدَى : ما يُطْبقُ على اللحد من الصفائح.

وقال بدر بن عامر الهذليّ فمدّ العِدَى : ما يُطْبقُ على اللحد من الصفائح.

وقال بدر بن عامر الهذليّ فمدّ العِدَاء ، وهي الحجارة والصخور :

أو استمرّ لمسكن أثوِي به

بقرار ملحدة العداء شَطُون

وقال أبو عمرو : العِدَاء ممدودة : ما عاديت على الميت حين تدفنه من لبِن أو حجارة أو خشب أو ما أشبهه. والواحد عِدَاءة.

وقال أيضاً : العِدَاء : حجر رقيق ، يقال لكل حجر يوضع على شيء يستره فهو عداء. قال أسامة الهذلي :

تالله ما حُبّي عليا بشَوَى

قد ظعن الحيّ وأمسى قد ثوى

* مغادَرا تحْت العداء والثرى*

معناه : ما حبّي علياً بخطأ.

وأعداء الوادي وأعناؤه : جوانبه.

وقال الليث : العُدْوة : صلابة من شاطىء الوادي. ويقال : عِدوة : قال : والعُدَواء : أرض يابسة صُلبة.

وربما جاءت في البئر إذا حُفرت ، وربما كانت حجراً حتى يحيد عنها الحافر ، وقال العجّاج :

* وإن أصاب عُدَوَاء حروفا*

يصف الثور.

قلت : وهذا من قولهم : أرض ذات عُدَواء إذا لم تكن مستقيمة وطيئة ، وكانت متعادية.

شمر عن ابن الأعرابي : العُدَواء : المكان الغليظ الخشن.

وقال غيره : العدواء : البعد ، وأمَّا قوله :

* منه على عدواء الدار تستقيم*

قال الأصمعي عُدَواؤه : صَرْفه واختلافه.

وقال المؤرّج : عُدَواء على غير قصد. وإذا نام الإنسان على موضع غير مستوٍ ، فيه انخفاض وارتفاع قال : نمت على عُدَواء.

قال شمر : وقال محارب : العُدَوَاء : عادة الشغل.

وقال النضر : العدواء من الأرض المكان المشرف ، يَبْرك عليه البعير فيضطجع عليه ، وإلى جنبه مكان مطمئنّ فيميل فيه البعير فيتوهنّ ، فالمشرف العُدَواء ، وتوهّنه أنه يمدّ جسمه إلى المكان الوطىء فتبقى قوائمه على المشرف فلا يستطيع أن يقوم حتى يموت فتوهُّنُه اضطجاعه.

وقال أبو زيد : طالت عدواؤهم أي تباعدهم وتفرقهم.

وقال أبو عمرو : العُدَواء : المكان الذي بعضه مرتفع وبعضه متطأطىء : وهو المتعادِي. قال : والعُدَواء : إناخة قليلة.

وقال الأصمعي : جئتك على فرس ذي

٧١

عُدَواء غَيْرَ مُجْرَى إذا لم يكن ذا طمأنينة وسهولة.

وقال أبو عمر : عُدَواء الشّوْق : ما يَرَّح بصاحبه ، ويقال : آديتك وأعْديتك من العَدْوى وهي المَعُونة. والمتعدي من الأفعال : ما يجاوز صاحبه إلى غيره. ويقال : تعدّ ما أنت فيه إلى غيره أي تجاوزه ، وعُدْ عما أنت فيه أي اصرِف هَمّك وقولك إلى غيره ، وعدَّيت عني الهمّ أي نحّيته ، وتقول لمن قصدك : عدّ عني إلى غيري أي اصرف مركبك إلى غيري. والعَدَاوة اسم عام من العدوّ يقال عدو بَيِّنُ العداوة وهو عدوّ وهما عدوّ وهنّ عدوّ هذا إذا جعلته في مذهب الاسم والمصدر ، فإذا جعلته نعتاً محضاً قلت : قلت هو عدوّك ، وهي عدوّتك وهم أعداءك وهن عَدُوَّاتُكَ.

قال ابن الأنباري : قولهم : هو عدوّه معناه : يعدو عليه بالمكروه ويظلمه. ويقال فلانة عدوّ فلان وعدوّته. فمن قال : عدوّءه قال : هو خبر للمؤنث ، فعلامة التأنيث لازمة ، ومن قال : فلانة عدوّ فلان قال ذكَّرت عدوّاً لأنه بمنزلة قولك : امرأة ظلوم وصبور وغضوب.

والأعادي جمع الأعداء. ويقال : عَدَا الفرس يعدو عَدْواً إذا أَحضر. وأعديته أنا إذا حملته على الحُضْر. ويقال للخيل المغيرة : عادية. قال الله جلّ وعزّ : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) [العَاديَات : ١] قال ابن عباس : هي الخيل ، وقال عليّ : هي الإبل ههنا.

وقال الأصمعي : يقال للشديد العَدْو : إنه لعَدَوان.

وفرس عَدَوان : كثير العَدو. وذئب عَدَوان : يعدو على الناس. وأنشد :

تذكُرُ إذا أنتَ شديدُ القَفْز

عند القُصَيْرى عَدَوانُ الجَمْز

* وأنت تعدو بخَروف مُبْزى*

يخاطب ذئباً كان اختطف حروفاً له فقتله وقال ابن شميل : رددت عني عادية فلان أي حِدّته وغضبه.

وقال الليث : العادية ، الشُغل من أشغال الدهر يعدوك عن أمورك ، أي يَشغلك وجمعها عوادٍ. وقد عداني عنك أمْرٌ فهو يعدوني أي صرفني ؛ والعَدَاء : الشغل.

وقال زهير :

* وعادَك أن تلاقيها العَدَاءُ*

قالوا : معناه : عداك فقلبه. وقالوا : معنى قوله : عادك : عادلك وعاودك : ويقال : استعدى فلان السلطان على ظالمه أي استعان به ، فأعداه عليه أي أعانه عليه. والعَدْوى اسم من هذا ويقال استأداه بالهمز فآداه أي فأعانه وقوّاه. وبعض أهل اللغة يجعل الأصل في هذا الهمزَة ويجعل العين بدلاً منها. ويقال كُفّ عنا عاديتك أي ظُلْمك وشرّك. وهذا مصدر جاء على فاعلة كالراغية والثاغية. يقال : سمعت راغبة البعير ، وثاغية الشاء أي رُغَاء البعير وثُغَاء الشاء. وكذلك عادية الرجُل : عَدْوه عليك بالمكروه. ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «لا عَدْوى ولا هامة ولا صَفَر».

٧٢

والعَدْوى أن يكون ببعير جَرَب أو بإنسان جُذَام أو بَرَص فتتّقي مخالطته أو مؤاكلته حِذار أن يعدوه ما به إليك أي يجاوزه فيصيبك مثلُ ما أصابه. ويقال إن الجرب ليُعدى أي يجاوز ذا الجربِ إلى من قاربه حتى يَجْرَب. وقيل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن النُقْبة تبدو بمشفر البعير فتُعدى الإبل كلها. فقال عليه الصلاة والسلام للذي خاطبه : فما أعدى الأوّل ، وقد نهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مع إنكاره العدوى أن يُورِدَ مُصِحٌّ على مُجْرب مثلا يصيب الصحاحَ الجربُ ، فيحقّق صاحبُها العَدْوى. والعَدْوى اسم من أعدى يعدي فهو مُعْدٍ. ومعنى أعدى أي أجاز الجرب الذي به إلى غيره. أو أجاز جرباً بغيره إليه. وأصل هذا من عدا يعدو إذا جاوز الحدّ. ويقال : عادى الفارس بين صيدين وبين رَجُلين إذا طعنهما طعنتين متواليتين. والعِدَاء والمعاداة : الموالاة. يقال : عادى بين عشرة من الصيد أي والى بينها رمياً وقتلاً.

وروى شمر عن محارب أنه قال : العَدَاء والعِدَاء لُغتان. وهو الطَّلَقَ الواحد للفرس. وأنشد :

* يصرع الخَمْس عِدَاء في طَلْقْ*

قال : فمن فتح العين قال : جاز هذا إلى ذاك ، ومن كسر العداء فمعناه أنه يعادي الصيد من العَدْو ، وهو الحُضْر حتى يلحقه.

وقال الليث : العَدَاء : طَوَارُ الشيء ، تقول : لزمت عَدَاء النهر ، وعَدَاء الطريق والجبل أي طَوَاره. ويقال : الأكحل عرقٌ عَدَاء السَّاعدِ. وقد يقال عِدْوة في معنى العَدَاء. وعِدْوٌ في معناه بغير هاء. والتعداء : التفعال من كل ما مرّ جائز. وعَدْوان : حيّ من قيس ساكني الدال. ومعديكرب اسمان جُعلا اسماً واحداً فأُعطيا إعراباً واحداً ، وهو الفتح. والنسبة إلى عدِيّ الرُّباب عَدَوَيّ. وكذلك إلى بني عَدِيّ في قريش رهط عمر بن الخطاب.

وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : يقال للخُلَّة من النبات : العُدوة فإذا رعتها الإبل فهي إبل عُدْوِيَّة وعَدَوِيّة وإبل عوادٍ ، وقال ابن السكيت : إبل عادِيَة ترعى الخُلّة ، ولا ترعى الحَمْض ، وإبل آركة وأَوَارك مقيمة في الحمض. وأنشد لكثير :

وإن الذي ينوي من المال أهلُها

أوَارك لما تأتلفْ وعوادي

وروى الربيع عن الشافعي في باب السَلَم ألبان إبل عوادٍ وأوَارك. والفرق بينهما ما ذكرت.

وقال الليث : العَدَويَّة من نبات الصيف بعد ذهاب الربيع : أن يخضرّ صغار الشجر فترعاه الإبل. تقول : أصابت الإبلُ عَدَويَّة.

قلت : العَدَويّة : الإبل التي ترعى العُدْوة وهي الخُلّة. ولم يضبط الليث تفسير العدوية فجعله نباتاً وهو غلط. ثم خلّط فقال : والعَدَويّة أيضاً : سِخال الغنم ، يقال : هي بنات أربعين يوماً فإذا جُزّت عنها عقيقتها ذهب عنها هذا الاسم ، قلت ، وهذا غلط بل تصحيف منكر ،

٧٣

والصواب في ذلك الغَدَوية بالغين المعجمة أو الغَذَوية بالذال. والغِذَاء صغار الغنم واحدها غذِيّ. وهي كلها مفسّرة في معتل الغين. ومن قال : العَدَوية سخال الغنم فقد أبطل وصحّف. ويقال : فلان يعادي بني فلان من العداوة. قال الله جلّ وعزّ : (عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) [المُمتَحنَة : ٧] وقال المازني : عدا الماءُ يعدو إذا جرى. وأنشد :

وما شعرتُ أن ظهرت ابتلَّا

حتى رأيت الماء يعدو شَلَّا

ويقال تعادى القوم عليّ بنصرهم أي توالَوا أو تتابعوا.

وقال الخليل في جماعة العدوّ : عُدًى. قال وكان حدّ الواحد عَدُو بسكون الواو ففخموا آخره بواو فقالوا : عدوّ ، لأنهم لم يجدوا في كلام العرب اسماً في آخره واو ساكنة. قال : ومن العرب من يقول قوم عدًى. وقال الكوفيون إنما هو مثل قضاة وغزاة وعداة فحذفوا الهاء ، فصارت عُدى ، وهو جمع عادٍ.

ويقال رأيت عَدِيَ القوم مقبلاً أي مَن حَمَل من الرّجالة. وقال أبو عبيدة : العَدِيَ : جماعة القوم بلغة هذيل ، وقال مالك بن خالد الخناعي :

لما رأيت عَدِيّ القوم يسلُبُهم

طَلْحُ الشواجن والطَّرفاءُ والسلّم

وقال شمر : قال ابن الأعرابي في قول الأخطل :

* وإن كان حياناً عِدى آخر الدهر*

قال العِدَى : التباعد ، قوم عِدًى إذا كانوا متباعدين لا أرحام بينهم ولا حِلْف. وقوم عُدى إذا كانوا حرباً. وقال في قول الكميت :

يرمي بعينيه عَدْوة الأمد الأبعد

هل في مطافه رِيَب

قال : عدوة الأمد : مدّ بصره ينظر هل يرى ريبة تريبه.

أبو حاتم عن الأصمعي : يقول هؤلاء قوم عِدَى مقصور يكون للأعداء والغرباء ، ولا يقال : قوم عُدى إلا أن تُدْخل الهاء فتقول عُدَاة في وزن قضاة. قال : وربما جمعوا أعداء على أعاديّ.

وقال ابن شميل : العُدْوة. سَنَد الوادي ، وقال أبو خيرة : العُدوة : المكان المرتفع شيئاً على ما هو منه.

أبو عبيد عن أصحابه : تقادع القومُ تقادُعاً ، وتعادَوا تعادياً ، وهو أن يموت بعضهم في إثر بعض ، وأنشد قول عمرو بن أحمر :

فما لِك من أروى تعاديتِ بالعمى

ولاقيت كلَّابا مُطِلاً وراميا

وقال العكلي : يقال : عادِ رجلك عن الأرض أي جافِها.

وروي عن حذيفة أنه خرج وقد طَمّ شعره فقال : إن كان شعرة لا يصيبها الماء جنابة ، فمن ثم عاديت رأسي كما ترون. قال شمر معناه أنه طمّه واستأصله ليصل الماء إلى أصول الشعر.

٧٤

وقال غيره : عاديت رأسي أي جفوت شعره ولم أدهُنه. وقال آخرون عاديت رأسي أي عاودته بوُضوء وغسل. والمعاداة : الموالاة والمتابعة.

وروى أبو عدنان عن أبي عبيدة : عاديت شعري أي رفعته عند الغسل وعاديت الوسادة أي ثنيتها ، وعاديت الشيء : باعدته ، وتعاديت عنه أي تجافيت. ومكان متعادٍ : بعضه مرتفع ، وبعضه متطامن. وفي «النوادر» فلان ما يعاديني ولا يوادبني قال لا يعاديني أي لا يجافيني ولا يواديني أي : لا يواتيني.

وقال ابن شميل تعادت الإبل جمعاءُ أي موّتت ، وقد تعادت بالقَرْحة. ويقال : عاديت القِدْر ، وذلك إذا طامنت إحدى الأنافي ورفعت الأخريين لتُميل القِدْر على النار.

وقال الأصمعيّ : عداني منه شرّ أي بلغني ، وعداني فلان من شرّه بشرّ يعدُوني عَدْواً ، وفلان قد أعدى الناس بشر أي ألزق بهم منه شراً ، وقد جلست إليه فأعداني شراً أي أصابني بشره.

وروي عن علي رضي‌الله‌عنه أنه قال لبعض أصحابه وقد تخلّف عنه يوم الجمل : ما عدا مما بدا.

قال أبو عُمَر : قال أحمد بن يحيى معناه : ما ظهر منك من التخلّف بعدما ظهر منك من التقدم في الطاعة.

قال أبو العباس : ويقال فلان فعل ذلك الأمر عَدْواً بَدْواً أي ظاهراً جهاراً.

وقال غيره : معنى قوله : ما عدا مما بدا أي ما عداك مما كان بدا لنا من نصرك أي ما شغلك ، وأنشد :

عداني أزورك أنّ بَهْمي

عَجَايا كلُّها إلّا قليلا

وقال أبو حاتم قال الأصمعي في قول العامة : ما عدا من بدا هذا خطأ والصواب : أما عدا من بدأ على الاستفهام. يقول : ألم يتعدّ الحق من بدأ بالظلم ، ولو أراد الإخبار قال : قد عدا من بدأ بالظلم أي قد اعتدى ، وإنما عدا من بدأ.

وقال شمر : قال ابن شميل يقال : الزم عَدَاء الطريق وهو أن تأخذه لا تظلمه. ويقال : خذ عَدَاء الجبل أي خذ في سَنَده تدور فيه حتى تعلوه ، وإن استقام فيه أيضاً فقد أخذ عَدَاءَهُ. وعداء الخندق وعداء الوادي بطنه.

وقال ابن بزرج : يقال : الزم عَدْوَ أعداءِ الطريق ، وألزم أعداء الطريق أي وَضَحُه. وقال رجل من العرب لآخر : ألبناً نسقيك أم ماء؟ فأجاب : أيّهما كان ولا عداء معناه : لا بدّ من أحدهما ، ولا يكوننّ ثالث.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الأعداء : حجارة المقابر قال : والادعاء آلام النار.

عندأوة : شمر عن محارب : العِنْدَأَوة : التواء وعَسَر يكون في الرِجْل. تقول : إن تحت طرِّيقتك لعِنْدأْوة أي خلافاً وتعسُّفاً.

٧٥

وقال بعضهم : هو من العَدَاء والنون والهمزة زائدتان. وقال بعضهم : هو بناء على فِنْعَلْوة. وقال بعضهم : عندأْوة فِعْلَلْوة. والأصل قد أُميت فعله ، ولكن أصحاب النحو يتكلّفون ذلك باشتقاق الأمثلة من الأفاعيل. قال : وليس في جميع كلام العرب شيء تدخل فيه الهمزة والعين في أصل بنائه إلّا عِنْدأوة وإمَّعة وعَبَاء وعفاء وعماء. فأمّا عظاءة فهي لغة في عظاية ، وإعاء لغة في وعاء.

وقال شمر : قال ابن الأعرابي : ناقة عندأوة ، وقِنْدأوة ، وسِنْدأوة أي جريئة.

قال ومعنى قولهم : إن تحت طِرِّيقتك لعندأوة يقال ذلك للسِّكِّيت الداهي. وقال اللحياني : العنداوة : المكر والخديعة ولم يهمزه. وقال أبو عبيد : يقال ذلك للمُطْرق الذي يأتي بداهية. قال : والعنداوة أدهى الدواهي.

دعا : قال الله جلّ وعزّ : (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [البَقَرَة : ٢٣] قال أبو إسحاق يقول : ادعوا مَن استدعيتم طاعته ، ورجوتم معونته في الإتيان بسورة مثله. وقال الفراء (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) يريد : آلهتهم. يقول : استغيثوا بهم. وهو كقولك للرجل : إذا لقيت العدوّ خالياً فادع المسلمين ، ومعناه استغث بالمسلمين. فالدعاء هاهنا بمعنى الاستغاثة. وقد يكون الدعاء عبادة ؛ ومنه قول الله جلّ وعزّ : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) [الأعرَاف : ١٩٤] أي الذين تعبدون من دون الله. وقوله بعد ذلك : (فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) [الأعرَاف : ١٩٤] يقول : ادعوهم في النوازل التي تنزل بكم إن كانوا آلهة تقولون ، يجيبوا دعاءكم. فإن دعوتموهم فلم يجيبوكم فأنتم كاذبون أنهم آلهة. وقال أبو إسحاق في قول الله جلّ وعزّ : (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) [البَقَرَة : ١٨٦] يعني الدعاء لله على ثلاثة أضرب. فضرب منها توحيده والثناء عليه ؛ كقولك : يا الله لا إله إلا أنت ، وكقولك : ربّنا لك الحمد ، إذا قلته فقد دعوته بقولك ربّنا ، ثم أتيت بالثناء والتوحيد. ومثله قوله تعالى : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ) [غافر : ٦٠]. الآية فهذا الضرب من الدعاء. والضرب الثاني مسألة الله العفوَ والرحمة وما يقرِّب منه ، كقولك : اللهم اغفر لنا. والضرب الثالث مسألته الحظُّ من الدنيا ، كقولك : اللهم ارزقني مالاً وولداً. وإنما سمى هذا أجمعُ دعاء لأن الإنسان يصدّر في هذه الأشياء بقوله : يا الله يا ربّ يا رحمن. فلذلك سُمّي دعاء. وأما قول الله جلّ وعزّ : (فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) [الأعرَاف : ٥] المعنى أنهم لم يحصلوا ممّا كانوا ينتحلونه من المذهب والدين وما يدَّعونه إلَّا على الاعتراف بأنهم كانوا ظالمين. وهذا كله قول أبي إسحاق. والدعوى : اسم لما تدّعيه. والدعوى تصلح أن تكون في معنى الدعاء ، لو قلت : اللهم أشركنا في صالح دعاء المسلمين ودعوى المسلمين جاز ، حكى ذلك سيوبيه ، وأنشد :

٧٦

* قالت ودعواها كثير صَخَبُه*

وقال الله في سورة الملك [٢٧] : (وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) قرأ أبو عمرو (تَدَّعُونَ) مثقّلة وفسّره الحسن : تكذِبون من قولك : تدّعِي الباطل وتدّعي ما لا يكون. وقال الفرّاء : يجوز أن يكون (تَدَّعُونَ) بمعنى تَدْعون. ومن قرأ (تَدْعون) مخفّفة فهو من دعوت أدعو. والمعنى : هذا الذي كنتم به تستعجلون ، وتدْعون الله بتعجيله. يعني قولهم : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ) [الأنفال : ٣٢] ذكر ذلك لنا المنذريّ عن ابن فهم عن محمد بن سلّام عن يونس النحوي ، وقاله الزجاج أيضاً. قال : ويجوز أن يكون (تَدَّعُونَ) في الآية تفتعلون من الدعاء ، وتفتعلون من الدعوى. وقال الليث : دعا يدعو دَعْوة ودُعَاء ، وادّعى يدَّعي ادّعاء ودَعْوى. قال : والادّعاء في الحرب : الاعتزاء ، وكذلك التداعِي. قال : والتداعي : أن يدعوا القومُ بعضُهم بعضاً.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [يُونس : ٢٥] دار السلام هي الجنة والسلام هو الله. ويجوز أن تكون الجنة دار السلامة والبقاء. ودعاء الله خلقه إليها كما يدعو الرجل الناس إلى مَدْعاة أي مأدُبة يتَّخذها. وطعامِ يدعو الناس إليه. ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إن الله تعالى بني داراً واتَّخذ مأدبة ، فدعا الناس إليها». وقرأ هذه الآية: وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إذا دُعي أحدكم إلى طعام فليجب ، فإن كان مفطراً فليأكل ، وإن كان صائماً فليصَلّ». وهي الدّعْوة والمَدْعاة للمأدُبة. وأمَّا الدِّعوة ـ بكسر الدال ـ فادّعاء الولد الدعيّ غير أبيه. يقال دعِيّ بيّن الدعوة والدِّعاوة. والمؤذّن داعي الله ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم داعي الأمّة إلى توحيد الله تعالى وطاعته. قال الله تعالى مخبراً عن الجنّ ، الذين استمعوا القرآن و (وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ...) : (يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ) [الأحقاف : ٣١] ويقال لكل من مات : دُعي فأجاب. ويقال دعاني إلى الإحسان إليك إحسانك إليّ. والعرب تقول : دعانا غيث وقع ببلدة فأَمْرَع ، أي كان ذلك سبباً لانتجاعنا إياهُ. ومنه قول ذي الرمَّة :

* تدعو أنفَه الرببُ*

ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال للحالب «دَعْ داعي اللبن» ويقال داعية اللبن قال أبو عبيد يقول : أبقِ في الضرع قليلاً من اللبن ، فلا تستوعب كلّ ما فيه ؛ الذي تُبقيه فيه يدعو ما وراءه من اللبن فينزله ، وإذا استنفض كل ما في الضرع أبطأ دَرُّه على حالبه.

قلت : ومعناه عندي : دع ما يكون سبباً لنزول الدِرّة. وذلك أن الحالب إذا ترك في الضرع لأولاد الحلائب لُبَيْنةً تَرضعها طابت أنفسها ، فكان أسرع لإفاقتها والداعية : صريخ الخيل في الحروب. يقال : أجيبوا داعية الخيل اللحياني : الدعوة الحِلْف يقال : دَعوة فلان في بني فلان. قال : ويقال : لبني فلان الدعوة على قومهم إذا كان يبدأ بهم. والدعوة الوليمة. وفي نسبة دَعْوة أي دَعْوَى ،

٧٧

ودعِيّ بين الدِّعوة والدَّعاوة).

وقال الليث : النادبة تدعو الميت إذا ندبته. وقول الله جل ذكره حين ذكر لظى نعوذ بالله منها قال : (تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى) [المعَارج : ١٧] قال المفسرون : تدعو الكافَر باسمه ، والمنافق باسمه. وقيل : ليست كالدعاء : تَعالَ ، ولكن دعوتها إياهم ما تفعل بهم من الأفاعيل. ويقال : تداعى البناءُ والحائط إذا تكسّر وآذن بانهدام. ويقال : داعينا عليهم الحِيطان من جوانبها أي هدمناها عليهم. وتداعى الكَثِيب من الرمل إذا هِيل فانهال وتداعت القبائلُ على بني فلان إذا تألَّبوا ، ودعا بعضهم بعضاً إلى التناصر عليهم.

شمر قال : التداعي في الثواب إذا أخلق ، وفي الدار إذا تصَدَّع من نواحيها والبرق يتداعى في جوانب الغيم قال ابن أحمر :

ولا بيضاء في نَضَد تداعى

ببرق في عوارض قد شرِينا

والدُّعاة : قوم يَدْعون إلى بَيْعةِ هدى أو ضلالة ، واحدهم داعٍ ، ورجل داعية إذا كان يدعو الناس إلى بدعة أو دين ، أدخلت الهاء فيه للمبالغة.

وأما قول الله جل ذكره في صفة أهل الجنة : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [يُونس : ١٠] يعني أن دعاء أهل الجنة تنزيه الله وتعظيمه ، وهو قوله : (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَ) [يُونس : ١٠] ثم قال : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) أخبر أنهم يبتدئون بتعظيم الله وتنزيهه ، ويختمونه بشكره والثناء عليه ، فجعل تنزيهه دعاء ، وتحميده دعاء. والدعوى ههنا معناها الدعاء.

أبو عبيد : الأُدْعِيَّة مثل الأُحْجيَّة ، وهي الأُغلوطة ، وقد داعيته أداعيه. وأنشد :

أُداعيك ما مستحقَبات مع السُرى

حسان وما آثارها بحسان

أي أحاجيك. وأراد بالمستحقَبات السيوف. ويقال : بينهم أُدْعيَّة يتداعَون بها ، وأحجيَّة يتحاجَون بها وهي الأُلْقيَّة أيضاً.

ويقال : لبني فلان الدَّعوة على قومهم إذا بدىء بهم في الدعاء إلى أعطياتهم. وقد انتهت الدعوة إلى بني فلان. وكان عمر بن الخطاب رحمه‌الله يقدّم الناس في أعطياتهم على سوابقهم فإذا انتهت الدعوة إليه كبّر.

والتدعّي : تطريب النائحة في نياحتها على ميتها.

والدعوة الحِلف. وفلان يَدَّعي بكرم فعاله أي يخبر عن نفسه بذلك. ويقال تداعت إبل فلان فهي متداعية إذا تحطَّمت هَزْلاً.

وقال ذو الرمّة :

تباعدت مني أن رأيت حَمُولتي

تداعت وأن أحْيا عليك قطيع

والدَّاعي : نحو المساعي والمكارم. يقال : لذو مداعٍ ومساعٍ.

شمر عن محارب : دعا الله فلاناً بما يكره أي أنزل به مكروه.

قال أبو النجم :

رماك الله من عيش نافعي

إذا نام العيون سرت عليكا

٧٨

إذا أقبلته أحوى جميشا

أتيت على حيالك فانثنيتا

والحمامة تدعو إذا ناحت. وقال بشر :

أحببنا بني سعد بن ضَيَّة إذ دَعوا

ولله مولى دعوة لا يجيبها

يريد الله وليّ دعوة يُجيب إليها ، ثم يدعى فلا يجيب. وقال النابغة فجعل صوت القطا دعاء :

تدعو قطاً وبها تُدْعى إذا انتسبت

يا صدقها حين تدعوها فتنتسب

أي صوتها قطا وهي قطا ومعنى تدعو : أي تصوّت قطا قطا.

ويقال : ما دعاك إلى هذا الأمر أي ما الذي جرَّك إليه واضطرك.

قال الكلبي في قول الله جلّ وعزّ : (ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ) [البَقَرَة : ٦٨] قال سل لنا ربك.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «الدعاء هو العبادة» ثم قرأ : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي) [غَافر : ٦٠].

وقال مجاهد في قوله : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِ) [الكهف : ٢٨] قال يصلّون الصلوات الخمس. وروي مثل ذلك عن سعيد بن المسيَّب.

ويقال : تداعت السحابةُ بالبرق والرعد من كل جانب إذا رَعَدت وبرقت من كل جهة.

وقال أبو عدنان : كل شيء في الأرض إذا احتاج إلى شيء فقد دعا به ، ويقال للرجل إذا أخلقت ثيابه : قد دعت ثيابُك أي احتجت إلى أن تلبس غيرها من الثياب. وقال الأخفش : يقال : لو دُعينا إلى أمر لا ندعينا ، مثل قولك بعثته فانبعث.

وقال في قول الله جلّ وعزّ : (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً) [مريَم : ٩١] أي جعلوا. وقال ابن أحمر الباهلي :

* وكنت أدعو قذاها الإثْمِد القردا*

أي كنت أجعل وأُسَمّي.

وقوله : (لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً) [الكهف : ١٤] أي لن نعبد إلهاً دونه.

وقال جلّ وعزّ : (أَتَدْعُونَ بَعْلاً) [الصَّافات : ١٢٥] أي أتعبدون ربّاً سوى الله.

وقال : (فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) [الشُّعَرَاء : ٢١٣] أي لا تعبد.

وقال ابن هانىء في قوله : (وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) [يس : ٥٧] أي ما يتمنّون. تقول العرب ادّع عَلَيَّ ما شئت.

وقال اليزيدي : يقال لي في هذا الأمر دَعْوى ودَعاوى ودِعاوة. وأنشد :

تأبى قضاعة أن ترضى دِعاوتكم

وابنا نزار فأنتم بَيْضَة البلد

قال : والنصب في دعاوة أجود.

وقال الكسائي : لي فيهم دِعوة أي قرابة وإخاء.

قال وفي العُرْس دِعوة أيضاً. وهو في مدعاتهم كما تقول في عرسهم.

وقال ابن شميل : الدَّعوة في الطعام.

٧٩

والدَّعوة في النسب.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال المُدَّعَى : المتهم في نسبه وهو الدعيّ. والدعِيّ أيضاً : المتبنيَّ الذي تبنّاه رجل فدعاه ابنه ونَسَبُه إلى غيره.

وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تبنّى زيد بن حارثة فأمر الله جلّ وعزّ أن ينسب الناس إلى آبائهم ، وألّا ينسبوا إلى من تبنَّاهم فقال : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ) [الأحزَاب : ٥] وقال (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ) [الأحزَاب : ٤].

عمرو عن أبيه قال : الداعي المعذَّب : دعاه الله أي عذّبه.

وقال محمد بن يزيد في قول الله جلّ وعزّ : (تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى) [المعَارج : ١٧] تعذّب. وقال ثعلب : تنادي من أدبر.

والتدعّي : تطريب النائحة إذا نَدَبَت.

عود : قال شمر قال محارب : العَوْد : الجَمَل المسنّ الذي فيه بقية قوة ، والجميع عِوَدة. ويقال في لغة : عِيَدة وهي قبيحة وقد عوّد البعيرُ تعويداً إذا مضت له ثلاث سنين بعد بُزُوله أو أربعٌ. وسُودَد عَوْد إذا وُصف بالقدم.

قال : ولا يقال للناقة : عَوْدة ، ولا عَوَّدت.

قلت : وقد سمعت بعض العرب يقول لفرس له : أنثى عَوْدة.

ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه دخل على جابر بن عبد الله منزله.

قال جابر : فعَمَدت إلى عَنْزٍ لي لأذبحها ، فثغت ، فسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثَغْوتها ، فقال : يا جابر : لا تقطع دَرّاً ولا نسلا. فقلت : يا رسول الله إنما هي عَوْدة علفناها البَلَح والرُطَب فسمنت.

وقال ابن الأعرابي : عوّد الرجل تعويداً إذا أسنّ. وأنشد :

* فقلن قد أقصر أو قد عوّدا*

أي صار عَوْداً كبيراً.

قال : ولا يقال : عَوْدٌ إلا لبعير أو لشاة. ويقال للشاة : عَوْدة. ولا يقال للنعجة : عَوْدة قال وناقة معوِّد.

أبو عبيد عن الأصمعي : جمل عَوْد ، وناقة عَوْدة ، وناقتان عَوْدتان ، ثم عِوَدة في جَمْع العَوْدة مثل هِرَّة وهِرَر وعَوْد وعِوَدة مثل هِرّ وهِرَرةَ.

وفي «النوادر» : عَوْد وعِيَدة ، وجمل غَلْق وغِلَقة إذا هُزل وكبِر.

وأما قول أبي النجم :

حتى إذا تجلَّى أصحمه

وانجاب عن وجه أغرَّا دَهمُه

وتبع الأحمر عَوْد يزحمُه

فإنه أراد بالأحمر الصبح ، وأراد بالعَوْد الشمس.

وطريق عود إذا كان عادياً. وقال :

* عَوْد على عَوْد من القُدْم الأول*

أراد بالعَوْد الأول : الجمل المسنّ ، على عَوْد أي عن طريق قديم.

وقال الليث تقول : هذا الأمر أعْود عليك

٨٠