تهذيب اللغة - ج ٣

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٣

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٣

الجرداء المستوية ذات حصًى صغار. قال والصحصحان والصحصح واحد. قال : وأرض صحَاصح وصَحْصحان : ليس بها شيء ، ولا شجر ، ولا قرار للماء ، قلَّما تكون إلّا إلى سَنَد واد أو جبل قريب من سند واد. قال : والصحراء أشدّ استواء منها.

وقال الراجز :

تراه بالصحاصح السمالق

كالسيف من جفن السلاح الدالق

وقال آخر :

وكم قطعنا من نصابٍ عَرْفَج

وصَحْصحان قُذُف مخرّج

به الرذايا كالسفين المُخرج

قال نصاب العرفج ناحيته.

قال والقُذُف التي لا مَرْتَع بها ، والمخرّج الذي لم يصبه مطر ، وأرض مخرّجة ، فشبّه شخوص الإبل الْحَسْرَى بشخوص السفن. قال : ويقال : صحصاح ، وأنشذ : حيث ارثعنّ الوَدْق في الصحصاح قال : والترَّهَات الصحاصح هي الإباطيل.

وقال ابن مقبل :

وما ذكره دهماء بعد مزارها

بنجران إلّا التُرّهات الصحاصح

ويقال للذي يأتي بالأباطيل : مُصَحْصِح.

باب الحاء والسين

[ح س]

حس ، سح : مستعملان في الثنائي والتكرير.

حس : قال ابن المظفر : الحَسّ : القتل الذريع. وفي القرآن : (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ) [آل عمران : ١٥٢] أي تقتلونهم قتلاً شديداً كثيراً. قال : وَالْحَسّ : إضرار البَرْد بالأشياء.

يقال أصابتهم حاسَّة من البرد

الحراني عن ابن السكيت قال : الْحَسّ : مصدر حَسَسْتُ القوم أَحُسّهم حَسّاً إذا قتلتهم. قال وحَسَسْت الدابَّة أَحُسَها حَسّاً ، وذلك إذا فَرْجَنتها بالمِحَسَّة وهي الفِرْجَون. قال والْحِسّ بكسر الحاء من أحسست بالشيء. والْحِسّ أيضاً : وجع يأخذ النفساء بعد الولادة. وقال أوس :

فما جَبُنُوا أنا نشُد عليهم

ولكن لَقُوا نارا تَحُسّ وتَسْفَع

هكذا رواه شمر عن ابن الأعرابي ، وقال : تَحُس أي تُحرِق ، وتُفنى من الحاسَّة ، وهي الآفة التي تصيب الزرع والكلأ فتحرقه. وهكذا قال أبو الهيثم : وقال أبو إسحاق في قوله تعالى : (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ) [آل عِمرَان : ١٥٢] معناه : تستأصلونهم قتلاً. يقال حسَّهم القائد يَحُسّهم حسّاً إذا قتلهم.

وقال الفراء : الْحَسّ : القتل والإفناء هاهنا قال والحَسّ أيضاً العطف والرِّقَّة بالفتح وأنشد :

هل من بكى الدار راجٍ أن تَحِسّ له

أو يُبكى الدارَ ماءُ العَبْرة الخَضِل

قال وسمعت بعض العرب يقول : ما رأيت عُقَيْلياً إلّا حَسَسْت له يعني رَققت له.

٢٦١

قال الفراء : وحَسَسْت له أي رققت له ورحمته.

وقال الأصمعي : الْحِس بكسر الحاء : الرقّة وقال القطامي :

أخوك الذي يملك الحِسّ نفسُه

وترفَضّ عند المحفِظات الكتائِفُ

هكذا روي لنا عن أبي عبيد بكسر الحاء ومعنى هذا البيت معنى المثل السائر : الحفائظ تحلّل الأحقاد. يقول : إذا رأيتُ قرابتي يضام وأنا عليه واجد ، أخرجت ما في قلبي من السخيمة له ، ولم أَدَعْ نُصرته ومعونته. قال والكتائف : الأحقاد ، واحدها كَتِيفة.

وقال أبو زيد : حَسَسْت له ، وذلك أن يكون بينهما رَحِم فيرقّ له. وقال أبو مالك هو أن يشتكي له ويتوجَّع. وقال : أَطَّت مني له حاسَّة رَحِم. ويقال : إني لأجد حِسّاً من وجع.

وقال العجاج :

وما أراهم جُزَّعاً من حِسّ

عطف البلايا المسّ بعد المسّ

وعركات البأس بعد البأس

أن يسمهرُّوا لضِراس الضَرس

يسمهرُّوا : يشتدّوا ، والضراس : المعاضّة والضرس العضيّ.

وقال الليث : ما سمعت له حِسّاً ولا جِرْساً قال : والحِسّ من الحركة والجِرْس من الصوت.

قال ويقال ضُرِب فلان فما قال حَسِ ولا بَسِّ. ومنهم من يكسر الحاء ومنهم مَنْ لا ينون فيقول : فما قال حِسّ ولا بسّ.

والعرب تقول عند لذعة نار أو وجع حاد : حَسِ حَسِ. وبلغنا أن بعض الصالحين كان يمدّ أصبعيه إلى شُعلة نار ، فإذا لذعته قال : حَسِ حَسِ! كيف صبركَ على نار جهنم ، وأنت تجزع من هذا! قال : والحِسُ : مسّ الحمى أول ما تبدأ.

قلت وقد قال الأصمعي : أوّل ما يجد الإنسان مَسّ الحمى قبل أن تأخذه وتظهر فذلك الرَسّ. قال ويقال وَجَد حِسّاً من الحمى. قال ويقال جِيء به من حَسَّك وبَسّك أي من حيث كان ولم يكن. وقال الزجاج كذلك لفظ الأصمعي وتأويله : جيء به من حيث تدركه حاسّة من حواسّك أو يدركه تصرف من تصرفك. قال الأصمعي ويقال ضربه فما قال : حَسّ يا هذا قال وهذه كلمة كانت تكره في الجاهلية وَحَسِ مثل أوّه.

قلت وهذا صحيح قلت : وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان ليلة يسري في مسيره إلى تبوك فسار بجنبه رجل من أصحابه ، ونَعَسَا ، فأصاب قدمُه قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : حَسّ قال : والْحَسّ بَرْد يُحرق الكلأ. يقال : أصابتهم حاسَّة. ويقال : إن البرد مَحَسَّة للنبت.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال الحاسوس : المشؤوم من الرجال.

وقال الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (فَلَمَّا أَحَسَ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ) [آل عِمرَان : ٥٢] وفي قوله : (هَلْ تُحِسُ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ) [مريَم :

٢٦٢

٩٨] معناه فلمَّا وجد عيسى. قال : والإحساس : الوجود. تقول في الكلام هل أحسست منهم من أحد؟

وقال الزجاج معنى (أَحَسَ) علم ووجد في اللغة. قال : ويقال : هل أحسست صاحبك أي هل رأيته؟ وهل أحسست الخبر أي هل عرفته وعلمته؟ قال ويقال : هل أحَسْت بمعنى أحسست. ويقال حَسْت بالشيء إذا علمته وعرفته.

وقال الفراء تقول من أين حَسِيت هذا الخبر يريدون من أني تخبّرته وقال أبو زبيد :

خَلا أن العتاق من المطايا

حَسِين به فهن إليه شُوسُ

قال وقد تقول العرب ما أَحَسْتُ منهم أحداً فيحذفون السين الأولى. وكذلك في قوله : (وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً) [طه : ٩٧] وقال : (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) [الواقِعَة : ٦٥] وقرىء (فظِلتم) ألقيت اللام المتحركة وكانت فظللتم.

وقال لي المنذري : سمعت أبا العباس يقول حَسْت وحَسَسْت : ووَدْت ووَدِدْت ، وهَمْت وهَمَمْت وقوله جلّ وعزّ : (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها) [الأنبيَاء : ١٠٢] أي لا يسمعون حِسَّها وحركة تلهّبها والحَسِيس والحِسُ الحركة وقوله : (هَلْ تُحِسُ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ) معناه : هل تُبصر ، هل ترى.

قلت وسمعت العرب يقول ناشدهم لضوالّ الإبل إذا وقف على حَيّ : أَلَا وأَحِسّوا ناقة صفتها كذا وكذا. ومعناه : هل أحسستم ناقة فجاءوا به على لفظ الأمر.

وقال الليث في قوله : (فَلَمَّا أَحَسَ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ) أي رأى. يقال : أحسست من فلان ما ساءني أي رأيت. قال : والحِسّ والْحَسِيس تَسمعه من الشيء يمر قريباً منك ولا تراه. وأنشد في صفة بازٍ :

ترى الطير العتاق يظلن منه

جُنوحاً إن سمعن له حَسِيسا

وقال الله تعالى : (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها) [الأنبياء : ١٠٢]. قال ويقال : بات فلان بحِسَّة سَوْء أي بحال سيّئة وشدَّة.

قلت : والذي حفظناه من العرب وأهل اللغة بات فلان بحِيبة سَوْء ، وبِكينة سَوْء ، وبِبيئة سوء. ولم أسمع بحسة لغير الليث والله أعلم.

وقوله : (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ) [يوسف : ٨٧] قال أبو عبيد : تحسّست الخبر وتحسيته.

وقال شمر : وتندّسته مثله.

وقال أبو معاذ : التحسّس : شبه التسمّع والتبصّر. قال : والتجسّس البحث عن العورة ، قاله في تفسيره قول الله تعالى : ولا [الحجرات : ١٢]. ثعلب عن ابن الأعرابي : تنحست الخبر وتحسسته بمعنى واحد. قال ويقال أحسست الخبر وأحَسْته وحَسِيت وحَسْت إذا عرفت منه طَرَفاً. وتقول ما أحسست بالخبر وما أَحَسْتُ وما حسِيت وما حَسْته أي لم أعرف منه شيئاً.

وقال الأصمعي : يقال لسمك صغار تكون

٢٦٣

بالبحرين الحُسَاس ، وهو سمك يجفَّف.

ويقال : انحسّت أسنانه إذا تكسّرت وتحاتَّت.

وأنشد :

في معدن المُلْك الكريم الكِرْس

ليس بمقلوع ولا مُنْحسّ

ثعلب عن ابن الأعرابي : الحُساس الشؤم.

وأنشد للراجز :

رب شريب لك ذي حُسَاس

شِرابه كالحزّ بالمواسي

ذي حساس : ذي شؤم. قال : وقال ابن الأعرابي : يقال حشحشته النار وحسحسته بمعنى.

أبو عبيد عن أبي زيد : إذا جعلت اللحم على الجمر قلت حَسْحسته.

وقال الأصمعي : هو أن تقشِر عنه الرماد بعد ما يخرج من الجمر.

أبو العباس عن ابن الأعرابي ألزِق الحَسَ بالأَسِّ. قال : الحَسّ : الشر ، والأس : أصله.

أبو عبيد جاءنا بالمال من حَسّه وبَسّه ، ومن حَسّه وعَسَه. وقال أبو زيد مثله وزاد فيه من حِسِّه وبِسِّه ، أي من حيث شاء.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الحَسّ الحيلة. قال والْحُسَاس مثل الجذاذ من الشيء. وكسار الحجارة الصغار حُسَاس.

وقال الراجز يذكر حجر المنجنيق :

شُظِيّة من رَفْضة الحُسَاس

تَعْصِف بالمستلئم التَرَّاس

وحواس الإنسان خمس : وهي الطعم والشم والبصر والسمع واللمس.

وقال اللحياني : مرَّت بالقوم حَوَاسّ أيْ سنون شداد ، وأرض محسوسة : أصابها الجراد أو البَرْد أو البرد ويقال لآخذن منك الشيء بحَسِ أو ببَسِّ أي بمشادة أو رِفْق. ومثله : لآخذنه هَوْناً أو عَتْرسة ، ويقال اقتص من فلان فما تحسحس أي ما تحرك وما تضوّر.

سح : قال الليث : السَحّ والسُحُوح مصدران وهما سِمَن الشاة. يقال : سَحَّت وهي تَسِحّ سَحّاً وسُحُوحاً. وشاة ساحّ بغير هاء.

قال : وقال الخليل : هذا مما نحتج به أنه قول العرب فلا نبتدع فيه شيئاً.

وقال الأصمعي : سَحَّت الشاة تسِحّ سُحُوحاً وسُحُوحة إذا سمِنت.

وقال اللحياني : سحت الشاة تَسُحّ بضم السين ، وشاة ساحّ ، وقد سحَّت سُحُوحة ، وغنم سِحَاح.

وقال أبو سعد الكلابي : مهزول ، ثم مُنْفٍ إذا سمن قليلاً ، ثم شَنُون ، ثم سمين ثم ساحٌ ثم مُتَرطِّم وهو الذي انتهى سِمناً.

وقال الليث : سَحّ المطرُ والدمع وهو يَسُحّ سَحّاً وهو شدة انصبابه.

وقال الأصمعي : سحّ الماءُ يُسحّ سحّاً إذا سال من فوق. وساح يسيح سيحاً إذا جرى على وجه الأرض. وسحَ المطرُ والدمعُ يَسُحّ سَحّاً ، وقد سحَّه مائة سوط يُسحّه سحّاً إذا جَلَده.

أبو عبيد عن أبي عبيدة : سحّت الشاة

٢٦٤

تَسِحّ سُحُوحاً وسُحُوحة إذا سمنت ، وسحّ الماء يَسِحّ سَحّاً.

وقال الليث وغيره : فرس مِسَحّ : سريع ، شبّه في سرعته بانصباب المطر. وسمعت البحرانيين يقولون لجنس من القَسْب : السُّحّ ، وبالنِبَاج عين يقال لها عُرَيفِجان تسقي نخلاً كثيراً. ويقال لتمرها سُحّ عريفجان وهو من أجور قَسْب رأيت بتيك البلاد.

أبو عبيد عن الأحمر : اذهب فلا أرنّيك بسَحْسَحي وسَحَاتي وحَرَاي وحَرَاتي وعَقْوَتِي وعَقَاتي.

وقال ابن الأعرابي يقال نزل فلان بسَحْسَحه أي بناحيته وساحته وطعنة مُسَحسِحة : سائلة ومطر سحساح وأنشد :

* مسحسِحة تعلو ظهور الأنامل*

سلمة عن الفراء قال هو السَحَاح والإيّار واللُوح والحالِق للهواء.

وقال الليث السحسحة : عَرْصَة المحَلَّة.

ويقال انسحّ إبط البعير عَرَقاً فهو منسحّ أي انصبّ.

باب الحاء والزاي

[ح ز]

حز ، زح : مستعملان في الثنائي والمكرر.

حز : قال الليث : الحزّ : قطع في اللحم غير بائن. والفَرض في العظم والعُودِ غير طائل حَزّ أيضاً. ويقال : حززته حَزّاً ، واحتززته احتزازاً. وأنشد :

وعبدُ يغوثَ تحجُل الطيرُ حوله

قد احتزّ عُرْشَيْه الحسام المذكّر

فجعل الاحتزاز هاهنا قَطْع العنق ؛ والمَحَزّ موضعه. قال والتحزيز كثرة الحزّ ؛ كأسنان المِنْجَل. وربما كان في أطراف الأسنان تحزيز.

أبو عبيد عن الأصمعي : أعطيته حِذْية من لحم ، وحُزّة من لحم ، كلّ هذا إذا قطع طولاً.

قال ويقال : ما به وَذْية ، وهو مثل حُزَّة.

وقال الليث : جاء في الحديث : «أخذ بحُزّته».

قال ؛ يقال : أخذ بعُنُقه ، قال وهو من السراويل حُزَّة وحُجزة ، والعُنُق عندي مُشبّه به.

أبو حاتم عن الأصمعي : تقول : حُجْزة السراويل ، ولا تقول : حُزّة ، ونحو ذلك قال ابن السكيت.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي : يقال : حُجزته وحُذْلته وحُزّته وحُبْكَته.

وقال الليث : بعير محزوز : موسوم بسِمة الحَزّة ، تحزّ بشَفرة ثم تُفتل قال والحَزَاز : هِبْرِية في الرأس ، الواحدة حَزَازة ، كأنها نُخَالة. ونحو ذلك قال الأصمعي.

وقال ابن شميل : الحَزِيز ما غلظ وصلب من جَلَد الأرض ، مع إشراف قليل.

قال : وإذا جلست في بطن المِرْبَد فما أشرف من أعلاه حَزيز ، وهي الحُزَّان.

قال : وليس في القِفَاف ولا في الجبال حُزّان ، إنما هي في جَلَد الأرض. ولا يكون الحَزِيز إلّا في أرض كثيرة الحصباء.

٢٦٥

وقال الأصمعي وأبو عمرو : الحَزِيز : الغليظ من الأرض المنقادُ.

وقال ابن الرقاع يصف ناقة :

نعم قُرقور المَرَوراة إذا

غرِق الحُزّان في آل السراب

وقال زهير :

تهوي تُدافعُها في الحَزْن ناشزَة ال

أكتاف يَنْكُبها الْحِزّان والأكم

وقال الليث : الحَزِيز من الأرض : موضع كثرت حجارته ، وغلظت ، كأنها سكاكين. والجميع حِزّان وثلاثة أحِزّة.

قال : والحَزَازة : وجع في القلب من غيظ ونحوه. وتُجمع حَزَازات.

قال ويقال : حَزّاز بالتشديد قال الشماخ :

* وفي الصدر حَزّاز من اللوم حامز*

وقال آخر :

* وتبقى حزازات النفوس كما هيا*

ابن الأنباري في قولهم : في قلبي من الشيء حَزَّاز معناه : حُرقة وحزن.

قال : والحَزاز والحزازة مثله. وأنشد :

إذا كان أبناء الرجال حزازة

فأنت الحَلَال الحُلو والبارد العَذْب

وقال أبو الهيثم : سمعت أبا الحسن الأعرابي يقول لآخر : أنت أثقل من الجائر ، وفسره فقال : هو حزّاز يأخذ على رأس الفؤاد يُكرُه على غِبّ تُخَمة.

وفي الحديث : «الإثم حوازّ القلوب».

قال الليث يعني ما حَزّ في القلب وحكّ.

أبو عبيد عن العَدَّبس الكناني قال : العَرَك والحازّ واحد وهو أن يُحزّ في الذراع حتى يُخلص إلى اللحم ويقطع الجلد بحدّ الكِركِرة.

وقال ابن الأعرابي : إذا أثر فيه قيل : به ناكت ، فإذا حَزّ فيه قيل : به حازّ.

وقال الليث : إذا أصاب المرفقُ طرَف كِرْكِرة البعير فقطعه قيل : به حازّ.

وقال ابن الأعرابي : الحَزّ : الزيادة على الشرف. يقال : ليس في القبيل أحد يَحُزّ على كرم فلان أي يزيد عليه.

عمرو عن أبيه الحَزّة : الساعة. يقال أيّ حَزَّة أتيتني قضيتك حقّك. وأنشد :

* وأبَنْتُ للأشهاد حَزَّةَ أَدَّعي*

أي أبنت لهم قولي حين ادّعيت إلى قومي فقلت : أنا فلان بن فلان.

الليث الحَزَاز من الرجال : الشديد على السَوْق والقتال. وأنشد :

* فهي تَفَادى من حَزَاز ذي حَزِق*

أي من حزاز حَزِق ، وهو الشديد جذبِ الرباط.

وهذا كقولك : هذا ذو زُبْدٍ ، وأتانا ذو تمر.

قلت : والمعنى هذا زُبْدٌ وأتانا تمر.

وسمعت أعرابياً يقول : مرَّ بنا ذو عَوْن ابن عديّ ، يريد : مرَّ بنا عون بن عدي. ومثله في كلامهم كثير.

وقال بعض العرب : الحَزّ : غامض من الأرض ينقاد بين غليظين. والحَزّ : موضع بالسراة. والحَزّ : الوقت والحِين.

٢٦٦

وقال أبو ذؤيب :

* وبأي حَزّ مُلاوة يتقطع*

أي بأيّ حين من الدهر.

وقال مبتكر الأعرابي : المحازّة : الاستقصاء. وبينهما شركة حِزَاز إذا كان كل واحد منهما لا يثق بصاحبه.

وقال النضر : الحَزَاز من الرجال : الشديد على السَوْق والقتال والعمل. والحزحزة من فعل الرئيس في الحرب عند تعبئة الصفوف. وهو أن يقدّم هذا ويؤخر هذا يقال : هم في حَزَاحِز من أمرهم.

وقال أبو كبير الهذلي :

تبوأ الأبطالُ بعد حَزاحِز

هَكْع النواحز في مُنَاخ المَوْحِف.

والمَوْحِف : المَبْرك بعينه. وذلك أن البعير الذي به النُحَاز يُترك في مناخه لا يثار حتى يبرأ أو يموت.

أبو زيد : من أمثالهم : حَزَّت حازَّة من كُوعها يضرب عند اشتغال القوم بقول فالقوم مشغولون بأمورهم عن غيرها أي فالحازة قد شغلها ما هي فيه عن غيره.

زح : قال الله جلّ وعزّ : (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ) [آل عِمرَان : ١٨٥] قال بعضهم زُحْزِحَ أي نُحّي وبُعِّد ، فقال بعضهم : هذا مكرر من باب المعتلّ. وأصله من زاح يزِيح إذا تأخّر. ومنه قول لَبِيد :

* زاحَ عن مثل مقامي وزَحَلْ*

ومنه يقال : زاحت عِلّته وأزحتها. وقيل : هو مأخوذ من الزَوْح ، وهو السَوْق الشديد. وكذلك الذَّوْح.

وقال ابن دريد يقال زحّه يَزحُّه إذا دفعه ، وكذلك زَحْزَحه.

أبو عبيد عن الأموي : تزحزحت عن المكان وتحزحزت بمعنى واحد : باب الحاء والطاء

[ح ط] [حط ، طح : مستعملان].

حط : قال الليث : الحَطّ : وضع الأحمال عن الدوابّ. تقول : حَطَطْت عنها. وإذا طَنِي البعيرُ فالتزقت رئته بجنبه يقال : حَطَّ الرجلُ عن جنب بعيره بساعده دَلْكاً على حيال الطَنَى ، حتى ينفصل عن الجَنْب.

تقول حَطّ عنه ، وحَطّ ، قال : والحَطّ الحَدْر من العُلُوّ. وأنشد :

* كجلمُود صخر حَطّه السيلُ من عَلي*

والفعل اللازم الانحطاط. ويقال للهَبُوط : حَطُوط.

وقال الأصمعي : الحطّ : الاعتماد على السير. وناقة حَطُوط ، وقد حَطّت في سيرها. وقال النابغة :

فما وخَدتْ بمثلك ذات غَرْب

حَطُوطٌ في الزمام ولا لَجُونُ

وقال الأعشى :

فلا لعمر الذي حَطّت مناسِمُها

تَخْدِي وسِيق إليه الباقر الغُيُل

حَطَّت في سيرها وانحطت أي اعتمدت.

يقال ذلك للنجيبة السَّريعَة. قال ذلك الليث. ويقال : حَطّ الله عنك وِزْرَك في الدعاء أي خَفّف عن ظهرك ما أثقله من

٢٦٧

الإزْر.

وقال أبو إسحاق في قول الله جلّ وعزّ : (وَقُولُوا حِطَّةٌ) [البَقَرَة : ٥٨] قال : معناه : قولوا مسألتنا حطةٌ أي حُطّ ذنوبنا عنّا. وكذلك القراءة. قال : ولو قرئت (حِطَّةً) كان وَجْهاً في العربية ، كأن قيل لهم : قولوا احطُط عنا ذنوبنا حِطّة. فحرَّفوا هذا القول وقالوا لفظة غير هذه اللفظة التي أُمروا بها. وجملة ما قالوا إنه أمر عظيم سمَّاهم الله به فاسقين.

وأخبرني المنذري عن ابن فهم عن محمد ابن سَلّام عن يونس في قوله (وَقُولُوا حِطَّةٌ) هذه حكاية ، هكذا أمروا.

وقال الفراء في قوله (وَقُولُوا حِطَّةٌ) [البَقَرَة : ٥٨] يقال ـ والله أعلم ـ : وقولوا ما أمرتم به : (حِطَّةٌ) أي هي حِطَّة. فخالفوا إلى كلام بالنَبَطِيَّة. فذلك قوله (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) [البقرة : ٥٩].

وروى سَعِيد بن جُبَير عن ابن عباس في قوله : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) [البَقَرَة : ٥٨] قال : رُكّعاً ، (وَقُولُوا حِطَّةٌ) : مغفرة ، قالوا : حنطة ، ودخلوا على أستاههم ، فذلك قوله (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) الآية. وقال الليث : بلغنا أن بني إسرائيل حين قيل لهم : (وَقُولُوا حِطَّةٌ) إنما قيل لهم ذلك كي يستحِطّوا بها أوزارهم ، فتُحطَّ عنهم. قال : ويقال حَطّ الله عنك وِزْرك ، ولا أنقض ظهرك.

وقال ابن الأعرابي : قيل لهم (قُولُوا حِطَّةٌ) فقالوا حنطة سَمَقاثا أي حِنْطة جيّدة.

قال وقوله : أي كلمة بها تحطّ عنكم خطاياكم ، وهي لا إله إلّا الله.

الفراء : حَطّ السعرُ وانحطّ حُطوطاً وكَسَر وانكسر ، يريد فَتَر ، وقال : سعر مقطوط ، وقد قُطَّ السعرُ وقَطَّ السعرُ ، وقطَّ الله الشَّعر إذا غلا.

وقال الليث : الحَطَاطة : بَثْرة تخرج في الوجه صغيرة تُقَيِّح ولا تَقْرح ، وأنشد :

ووجه قد جلوتِ أميم صاف

كقَرْن الشمس ليس بذي حَطَاط

قال : وربما قالوا للجارية الصغيرة : يا حَطَاطة.

وقال الأصمعي : الحَطَاط : البثر ، الواحدة حَطَاطة. وأنشد :

قام إلى عذراء في الغُطاط

يمشي بمثل قائم الفُسطاط

* بمكفهرّ اللون ذي حَطاط*

وقال أبو زيد : الأجرب العين الذي تَبْثُر عينه ويلازمها الحَطَاط وهو الظَبظاب والجُدْجُد.

وقال الليث : جارية محطوطة المتن مَحْدُودة حسِنة وقال النابغة :

* محطوطة المتنين غير مفاضة*

وقال أبو عمرو : حطّ وحَتّ بمعنى واحد. وفي الحديث جلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى غصن شجرة يابسة فقال بيده وحَطّ ورقها مَعناه : وحَت ورقها.

والحطيطة : ما يُحَطّ من جملة الحساب فيُنقص منه ، اسم من الحطّ ، وتجمع حطائط ، يقال حطّ عنه حطيطة وافية.

٢٦٨

والمِحطّ من الأدواتِ قال ابن دريد : حطّ الأديم بالمِحطّ يحطّه حطّاً وهو أن ينقشه به ويقال يصقل به الأديم. وقال غيره : المِحَطّ من أدوات النَطَاعين والذين يجلّدون الدفاتر : حديدة معطوفة الطرف.أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الحُطُط : الأبدان الناعمة ، والحُطُط أيضاً : مراكد السفل.

عمرو عن أبيه الحِطّة : نقصان المرتبة.

وأديم محطوط : وأنشد :

تثير وتُبدي عن عروق كأنها

أعِنّة خَرّاز تُحَطّ وتُبْشَر

أبو عمرو الحُطائط : الصغير من الناس وغيرهم وأنشد :

والشيخ مثل النسر والحطائط

والنسوة الأرامل المَبَالط

ويقول صبيان الأعراب في أحاجيهم : ما حُطَائط بُطائط يميس تحت الحائط ، يعنون الذّرّة والحِطاط شِدة العَدْو. والكعب الحطيط : الأدرم. والحِطَّان : التيس. وحِطّان من أسماء العرب.

طح : الليث : الطَحّ : أن يضع الرجل عقبه على شيء ثم يَسْحَجُه بها. قال : والمِطَحَّة من الشاة : مُؤخّر ظِلْفها ، وتحت الظلف في موضع المِطَحّة عُظَيم كالفَلْكة.

وقال الكسائي : طحّان فعلان من الطّحّ : ملحق بباب فعلان وفعلى ، وهو السَحْج. وقال أحمد بن يحيى : يقال لهنة مثل الفَلْكة تكون في رِجل الشاة تسحَج بها الأرض : المَطَحَّة.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الطُّحُج : المَسَاحج. وقال ابن دريد : طححت الشيء طَحّاً إذا بسطت وأنشد :

قد ركبتْ منبسطاً مُنَطَحاً

تحسبه تحت السراب الملحا

أبو زيد : ما على رأسه طِحْطِحة أي ما عليه شعرة.

وقال اللحياني : أتانا وما عليه طِحْطِحة ولا طِحْربة.

وقال الليث : الطَّحْطَحة : تفريق الشيء هلاكاً ، وأنشد :

فيمسى نابذا سلطان قَسْر

كضوء الشمس طحطحه الغروب

ويروي بالخاء : طخطخهُ. وقال رؤبة :

* طحطحه آذِيّ بحر مُتْأق*

وروى أبو العباس عن عمرو عن أبيه قال يقال : طحطح في ضَحِكه. وطخْطخ : وطهطه ، وكتكت ، وكدكد ، وكركر بمعنى واحد.

باب الحاء والدال

[ح د]

حدّ ، دحّ : مستعملان.

حد : قال الليث : فصل ما بين كل شيئين حَدّ بينها ، ومنتهى كل شيء حَدّه.

قلت : ومنه أُخذ حُدُود الأرضين ، وحدود الحرم. وفي الحديث في القرآن : لكل حرف حدّ ، ولكل حد مُطّلع.

قيل : أراد لكل حرف منتهى له نهاية.

٢٦٩

وقال الليث : حَدّ كل شيء طَرَف شَباتِه ، كحد السنان وحدّ السيف ، وَهو ما دَقّ من شَفْرته ، ويقال حَدَّ السيف واحتدّ فهو حاد حديد ، وأحددته. واستحدّ الرجلُ ، واحتد الرجل حدّة فهو حديد.

قلت : والمسموع في حِدّة الرجل وطيشِه : احتدّ ، ولم أسمع فيه استحدّ إنما يقال استحد واستعان إذا حَلَق عانته.

وحدود الله : هي الأشياء التي بَيّن تحريمها وتحليلها ، وأمر ألا يُتعدّى شيء منها ، فيُجاوَز إلى غير ما أمر فيها أو نهى عنه منها.

والحَدّ حَدّ الزاني وحدّ القاذف ونحوه مما يقام على من أتى الزِّنَى أو القذف أو تعاطى السرقة.

قلت فحدود الله ضربان ؛ ضرب منها حدود حدّها للناس في مطاعمهم ومشاربهم ومناكحهم وغيرها ، وأمر بالانتهاء عما نهى عنه منها ونهى عن تعدّيها. والضرب الثاني عقوبات جُعلت لمن رَكب ما نهي عنه ، كحدّ السارق ـ وهو قطع يمينه في ربع دينار فصاعداً ـ ، وكحدّ الزاني البكر ، وهو جلد مائة وتغريب عام ، وحدُّ المحصَن إذا زَنَى الرجم. وحدّ القاذف ثمانون جلدة. سميت حدوداً لأنها تَحُد أي تمنع من إتيان ما جُعلت عقوبات فيها. وسميت الأولى حدوداً لأنها نهايات نهى الله عن تعدّيها.

وقال الليث : الحَدّ الصرف عن الشيء من الخير والشرّ. وتقول للرامي : اللهم احدده أي لا توفّقه للإصابة.

وتقول : حَدَدت فلاناً عن الشرّ أيْ منعته.

ومنه قول النابغة :

إلا سليمان إذ قال الإله له

قم للبريّة فاحدُدها عن الفَنَد

وقال الليث وغيره : الحُدّ : الرجل المحدود عن الخير.

قلت : المحدود المحروم. ولم أسمع فيه رجل حُدٌّ لغير الليث. وهو مثل قولهم رجل جُدّ إذا كان مجدوداً.

وقال الليث : حدّ الخمر والشراب صلابته وقال الأعشى :

وكأس كعين الديك باشرت حَدّها

بفتيان صدق والنواقيس تُضرب

قال والحدّ بأس الرجل ونفاذه في نجدته ، يقال : إنه لذو حدّ. وقال العجاج :

* أم كيف حدَّ مُضَر القِطْيَمُ*

والحديد معروف ، وصانعه الحدّاد.

ويقال : ضربه بحديدة في يده.

عمرو عن أبيه قال : الحَدَّة : الغضبة.

وقال أبو زيد : تحدَّد بهم أي تحرش بهم.

وقال الليث : أحدَّت المرأة على زوجها فهي مُحِدّ ، وحَدَّت على زوجها ، وهو تسلُّبها على زوجها.

وفي الحديث : «لا يحل لأحد أن يُحِدَّ على ميت أكثر من ثلاثة أيام ، إلا المرأة على زوجها ، فإنها تُحد أربعة أشهر وعشراً».

وقال أبو عبيد : إحداد المرأة على زوجها

٢٧٠

تركها الزينة ، ونُرى أنه مأخوذ من المنع لأنها قد مُنعت من ذلك.

ومنه قيل للبواب : حَدَّاد ، لأنه يمنع الناس من الدخول.

وقال الأعشى يصف الخمر والخَمّار :

فقمنا ولما يَصح ديكنا

إلى جَوْنة عند حَدَّادها

يعني صاحبها الذي يحفظها ويمنعها. والجَوْنة : الخابية. يقال : أحدت المرأة تُحِدُّ وحَدَّت تُحدُّ وتحِدّ حِداداً.

وقال الليث : حاددته أي عاصيته. ويقال : ما عن هذا الأمر حَدَد ولا مُحْتَدّ أي مَعْزِل.

وقال الأصمعي : حَدَّ الرجل يَحُدّ حَدّاً إذا جعل بينه وبين صاحبه حَدّاً. وحدّه يَحُدّه إذا ضربه الحدّ. وحدّه يَحُدّه إذا صرفه عن أمر أراده. وأما حدّ يحِدّ فمعناه أنه أخذته عجلة وطيش. وأحدَّ السيف إحداداً إذا شَحَذه وحدَّده فهي مُحَدَّد مثله.

وفي الحديث الذي جاء في عَشْر من السُنَّة «الاستحداد من العَشْر».

قال أبو عبيدة : الاستحداد : حَلْق العانة ، ومنه الحديث الآخر حين قَدِمَ من سفر فأراد الناس أن يطرقوا النساء ليلاً فقال : «أمهلوا حتى تمتشط الشعِثة ، وتستحدّ المُغِيبة» ، أي تحلق عانتها.

قال أبو عبيد : وهو استفعال من الحديدة يعني الاستحلاق بها.

وقال الأصمعي : يقال استحدَّ الرجل إذا أحدّ شَفْرة بحديدة وغيرها.

قال والحَدَّاد : صاحب السجن ، وذلك أنه يَمنع مَن فيه أن يخرج. ويقال : دون ذلك حَدَدٌ أي مَنْع. وأنشد :

لا تعبدون إلهاً غير خالقكم

وإن دُعيتم فقولوا دونه حَدَد

أي مَنْع. ويقال : فلان حديد فلان إذا كانت داره إلى جانب داره.

وقال ابن الأعرابي في قول الله جلّ وعزّ : (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) [ق : ٢٢] قال : أي لسان الميزان. ويقال (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) أي فرأيُك اليوم نافذ.

وقال شمر يقال للمرأة : الحَدّادة.

وقال أبو زيد : يقال : ما لي منه بُدّ ولا مُحْتَدّ ولا مُلتَدّ ، أي ما لي منه بُدّ.

وقال غيره : حُدّان : قبيلة في اليمن.

ويقال : حَدداً أن يكون كذا ، كقولك : مَعَاذ الله. وقال الكميت :

حَدَداً أن يكون سَيْبُك فينا

وَتِحا أو مُحَيّناً محصوراً

دح : قال الليث : الدَحَ : شبه الدَسّ ، تضع شيئاً على الأرض ، تدُحُّه وتدسُّه حتى يلزق. وقال أبو النجم :

* بيتاً خفِيّاً في الثَرَى مدحوحا*

ونحو ذلك قال أبو عمرو في الدَحّ.

وقال غيره : مدحوحاً : موسّعاً ، وقد دحَّه أي وسَّعه ، يعني قُتْرة الصائد.

وقال شمر : دَحّ فلان فلاناً يَدُحّه دَحّا ودَحَاه يدحوه إذا دفعه ورَمَى به ، كما قالوا : عراه وعرَّ إذا أتاه. ويقال : اندحّ بطنُه إذا اتسع. ودَحّ في الثرى بيتاً إذا

٢٧١

وسَّعه.

وأنشد بيت أبي النجم. وقال : مدحوحاً أي مُسَوًى. وقال نَهْشَل :

فذلك شِبْه الضبّ يوم رأيته

على الحُجْر مندحّاً خَصِيباً ثمائله

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الدُّحُح : الأرضون الممتدّة. ويقال : اندحّت الأرض كلأً اندِحاحاً إذا اتَّسعت بالكلأ. قال : واندحّت خواصِر الماشية اندحاحاً إذا تفتّقت من أكل البقل ، واندحّ بطن الرجُل. وفي الحديث : كان لأسامة بطن مُنْدَحّ.

وقال أبو عمرو : دَحَّها يَدُحّها دَحّاً إذا نكحها.

وحكى الفراء : تقول العرب : دحّاً محّاً يريدون : دعها معها.

أبو عبيد عن أبي عمرو الدَحْدَاح : الرجل القصير. وكان قاله بالذال ثم رجع إلى الدال وهو الصحيح.

وقال الليث : الدَحْداح ، والدَحداحة من الرجال والنساء : المستدير الململَم ، وأنشد :

أغركِ أنني رجل قصير

دُحيدِحة وأنكِ عَلْطَمِيس

باب الحاء والتاء

[ح ت]

حت ، تح ، تحت : مستعملة.

حت : قال الليث : الحَتّ : فَرْكك الشيء اليابس عن الثوب ونحوه. وحُتَات كل شيء : ما تحاتّ منه وأنشد :

تحتّ بقرنيها بَرِير أراكة

وتعطو بظِلفيها إذا الغصن طالها

قال : والحتّ لا يبلغ النحت.

أبو عبيد عن أبي عمرو الأصمعي : فرس حَتٌ إذا كان جواداً وجمعه أحتات.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال لسعد يوم أحُد : احتُتْهم يا سعد فِداك أبي وأمّي ، يعني ارددهم.

قلت : إن صحَّت هذه اللفظة فهي مأخوذة من حتّ الشيء وهو قَشره شيئاً بعد شيء وحكُه.

وقد روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لامرأة سألته عن الدم يصيب ثوبها فقال لها : «حُتّيه ولو بضِلْع». ومعناه حُكِّيه وأزيليه. ويقال : انحتّ شعرُه عن رأسه ، وانحصّ إذا تساقط.

عمرو عن أبيه : الحَتَّة : القَشرة. وحَتَّه مائة سوط إذا عجَّل ضربه ، وحتّه مائة درهم إذا نقده بالعَجَلة. والحَتّ. العجلة في كل شيء.

وقال شمر : تركتهم حتًّا فتّاً بتًّا إذا اسْتَأْصَلْتَهم. والحَتُوت من النخل : التي يتناثر بُسرها ، وهي شجرة مِحتات : منثار. وقال النحويون : حتى تجيء لوقت منتظر. وتجيء بمعنى إلى. وأجمعوا أن الإمالة فيها غير مستقيم. وكذلك في على. ولحتى في الأسماء والأفعال أعمال مختلفة ، وليس هذا المكان موضعاً لاستقصاء تفسيرها.

٢٧٢

وقال بعضهم : حتى فَعْلَى من الحتّ وهو الفراغ من الشيء ، مثل شَتّى من الشَتّ. قلت : وليس هذا القول ممّا يُعَرَّج عليه ؛ لأنها لو كانت فَعْلى من الحت كانت الإمالة جائزة ، ولكنها حرف أداة وليست باسم ولا فعل.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الحَتّ القَشْر. وفي الحديث «حُتيّة بضِلْع». قال والضلع : العُود. وأنشد :

وما أخذا الديوان حتى تصعلكا

زماناً وحتّ الأشهبان غناهما

حت : قشر وحك. تصعلكا : افتقرا.

تح : قال الليث : لو جاء في الحكاية تحتحه تشبيهاً بشيء لجاز وحسن.

تحت : قال : وتحت نقيض فوق. وفي الحديث : «لا تقوم الساعة حتى يظهر التحوت ، ويهلك الوعول.

والتحوت : الذين كانوا تحت أقدام الناس لا يُؤبه لهم. وهم السِفَل والأنذال : والوعول : الأشراف.

باب الحاء والظاء

[ح ظ]

استعمل منه : الحظّ : [الحظّ]

قال الليث : الحظّ : النصيب من الفضل والخير ، وجمعه حظوظ. وفلان ذو حَظّ وقِسم من الفضل. قال : ولم أسمع من الحظّ فِعْلاً. قال : وناس من أهل حِمْص يقولون : حَنْظ ، فإذا جمعوا رجعوا إلى الحظوظ. وتلك النون عندهم غُنّة ، ولكنهم يجعلونها أصلية. وإنما يجري هذا اللفظ على ألسنتهم في المشدد ؛ نحو الرُزّ يقولون : رُنْز ، ونحو أُتْرُجّة يقولون : أُتْرُنْجة.

قلت : للحظّ فعل جاء عن العرب وإن لم يعرفه الليث ولم يسمعه. قال أبو زيد فيما روى عنه أبو عبيد : رجل حظيظ جديد إذا كان ذا حظّ من الرزق. قال أبو عبيد : وقال أبو عمرو : رجل محظوظ ومجدود. قال : ويقال : فلان أحظَّ من فلان وأجدّ منه. قال : وقال أبو زيد : يقال حَظِظت في الأمر فأنا أحظّ حظّاً. وجمع الحظ أَحُظٌّ وحظوظ وحظاءٌ ممدود ، وليس بقياس.

وقال أبو الهيثم فيما كتبه لابن بزرج يقال هم يحظون بهم ويجِدُّون بهم قال : وواحد الأحظاء حَظٍ منقوص وأصله حَظّ.

وروى سلمة عن الفراء قال : الحَظِيظ : الغنِيّ الموسِر.

أبو عبيد عن اليزيدي : هو الحُظُّ ، وقال غيره : الحُظَظ على مثال فُعل.

قال شمر وهو الحُدُل.

باب الحاء والذال

[ح ذ

استعمل منه : حذ ، ذح].

حذ : قال الليث : الحَذّ. القطع المستأصل. والحَذَذ : مصدر الأحَذّ من غير فعل. والأحذّ يسمّى به الشيء الذي لا يتعلّق به شيء. والقلب يسمى أَحَذّ. والأحذّ : اسم عروض من أعاريض الشعر ، وهو ما كان من الكامل قد حذف من آخره وتِد تامّ ، يكون صدره ثلاثة أجزاء متفاعلن ، وآخره

٢٧٣

جزءان تامّان والثالث قد حذف منه علن وبقيت في القافية مُتَفا ، فجعلت فَعِلن أو فعْلن خفيفة كقول ضابىء.

إلَّا كُميتا كالقناة وضابئا

بالفَرج بين لَبانه ويدِهْ

وكقوله :

وحُرِمت منّا صاحبا ومؤازِرا

وأخاً على السّراء والضُرّ

وفي حديث عُتْبة بن غَزْوان أنه خطب الناس فقال : إن الدنيا قد آذنت بصُرْم ، وولّت حذّاء ، فلم يبق منها إلّا صُبَابة كصُبابة الإناء.

قال أبو عبيد : قال أبو عمرو وغيره قوله : ولّت حَذّاء هي السريعة الخفيفة التي قد انقطع آخرها. ومنه قيل للقطاة : حَذّاء لقصر ذَنَبها مع خفّتها. قال النابغة يصف القَطَا :

حَذّاء مُدبرة سكّاء مقبلة

للماء في النحر منها نَوْطة عَجَب

قال : ومن هذا قيل للحمار القصير الذَنَب : أحَذّ.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الحَذّ : الإسراع في الكلام والفَعال ، ومنه قوله : الدنيا ولّت حذّاء أي سريعة ، وأمر أَحَذّ إذا كان قاطعاً سريعاً.

وقال الليث : الدنيا ولّت حَذّاء : ماضية لا يتعلّق بها شيء ، وقصيدة حَذّاء : سائرة لا عيب فيها.

شمر : أمر أحَذّ أي شديد منكَر ، وجئتنا بخطوب حُذّ أي بأمور منكَرة. وقال الطِرِمّاح :

يقضي الأُمُور الحُذّ ذا إربة

في لَيّها شَزْراً وإبرامها

أي بقربها قَلْباً ذا إربة. وقَرَبَ حذحاذ : سريع ، أُحذ من الأحذّ : الخفيف. وقال في قوله :

* فزارياً أحذَّ يدِ القميص*

أراد : أحذ اليدّ ، فأضاف إلى القميص لحاجته ، أراد خفّة يده في السرقة.

ذح : قال أبو عبيد قال أبو عمرو : الذحاذح : القصار من الرجال واحدهم ذَحْذَاح ، ثم رجع إلى الدال. وهو الصحيح.

باب الحاء والثاء

[ح ث]

حث ، ثح : مستعملان.

حث : قال الليث : الحَثّ : الإعجال في الاتّصال والحِثّيثَى الاسم نفسه. يقال : اقبلوا دِلِّيلَي ربّكم ، وحِثِيثاه إيّاكم. ويقال : حثثت فلاناً فاحْتَثَ ، وهو حثيث محثوث. جادّ سريع ، وقوم حِثاث ، وامرأة حَثيث في موضع حاثّة ، وامرأة حَثيث في موضع محثوثة وقال الأعشى :

تدلّى حَثيثا كأن الصُوا

ريتبعه أَزْرَقِيّ لِحمْ

شبه الفرس في السرعة بالبازي.

ثعلب عن ابن الأعرابي : جاءنا بتمر فَذّ ، وفَضّ ، وحُثّ أي لا يلزق بعضه ببعض.

وقال الليث الحَثُوث : السريع. قال : والحَثْحَثة : اضطراب البرق في السحاب ،

٢٧٤

وانتخال المطر أو الثلج.

أبو عبيد عن الأصمعي : خِمْس حثحاث ، وحَذحاذ ، وقَسْقَاس : كل ذلك السَّيْر الذي لا وتيرة فيه.

عمرو عن أبيه قَرَب حثحاث وثحثاح وحذحاذ ومُنَحِّب أي شديد. ويقال : ما ذقت حَثَاثا ولا حِثَاثا أي ما ذقت نوماً ، قاله أبو عبيد وغيره.

وقال زيد بن كثوة : ما جعلت في عيني حِثاثا عند تأكيد السهر. قال والحُثحوث : السريع يقال : حثحِثوا ذلك الأمر أي حركوه. قال : وحيَّة حَثحاث وفَضفاض : ذو حركة دائمة. قال والحُث : المدقوق من كل شيء. وسويق حُثّ : غير ملثوث. وحَثّثَ الرجلُ إذا نام ، قاله أبو عمرو.

ثح : قال الليث : الثحثحة : صوت فيه بُحّة عند اللهاة وأنشد :

* أبح مثحثِح صَحِل الشحيج*

وقال أبو عمرو : قرب ثحثاح : شديد مثل حثحاث.

باب الحاء والراء

[ح ر]

حر ، رح ، حرح : مستعملات.

حر : قال الليث : الحَرّ نقيض البرد ، والحارّ : نقيض البارد. وتقول : حَرّ النهارُ وهو يَحِرّ حَرّاً. والحَرُور حَرّ الشمس. أبو عبيد عن الكسائي : حَرَرت يا يوم تَحِرّ وحَرِرت تَحَرّ إذا اشتدّ حر النهار. وقد حَرِرت تَحَرّ من الحرّية لا غير.

وقال ابن الأعرابي : حر يَحَرّ إذا عَتَق وحَرّ يَحِرّ إذا سخُن ماء أو غيره.

أبو عبيد عن أبي عبيدة : السَمُوم : الريح الحادّة بالنهار ، وقد تكون بالليل والحَرُور بالليل وقد تكون بالنهار وأنشد :

ونسجت لوامع الحرور

سبائبا كشرَق الحرير

الليث : حَرّت كبده ، وهي تَحَرُّ حِرّة ومصدره الحَرَر. وهو يُبْس الكبد عند العطش أو الحزن ورجل حَرّان : عطشان ، وامرأة حَرّى : عطشى. ويدعو الرجل على صاحبه فيقول : سلَّط الله عليه الحِرّة تحت القِرّة : يريد العطش مع البرد.

أبو عبيد عن الكسائي : شيء حارّ يارّ جارّ ، وهو حرّان يَرّان جَرّان. قال ويقال حُرّ بيّن الحُرّية والحُرُوريّة ، وزاد شمر فقال : وبيّن الحرار بفتح الحاء والحَرُوريّة أيضاً. وأنشد :

فما رُدّ تزويج عليه شهادة

ولا رُدّ من بعد الحَرَارِ عتيق

قال شمر : سمعت هذا البيت من شِيخْ من باهلة ، وما علمت أن أحداً جاء به.

عمرو عن أبيه ، قال : الحَرّة : البثرة الصغيرة.

وقال الليث : الحرارة : حُرقة في طعم أو في القلب من التوجّع.

وقال ابن شميل : الفُلفل له حَرَاوة وحرارة أيضاً بالراء والواو. وقال الفرزدق يصف نساء سُبِين :

خرجن حريرات وأبدين مِجْلدا

وجالت عليهن المكتَّبة الصُفْرُ

٢٧٥

حريرات أي محرورات يجدن حرارة في صدورهن. قال : والمِجْلد : المِئْلَاةُ والمكتَّبة : السهام التي أُجيلت عليهن حين اقتُسِمْن وأسهم عليهنّ.

الليث : الحرير : ثياب من إبريسم. قال والحَريرة دقيق يطبخ بلبن. وقال شمر : الحريرة من الدقيق ، والخزيرة من النُخالة. ثعلب عن ابن الأعرابي قال هي العصيدة ثم النَجِيرة ثم الحَرِير ثم الحَسُوّ.

الليث : الحَرّة : أرض ذات حجارة سود نَخِرة ؛ كأنما أُحرقت بالنار. والجميع الحَرّات والإحَرُّون والحِرَار.

أبو عبيد عن الأصمعي : الحَرّة : الأرض التي أُلبستها حجارة سود.

وقال ابن شميل : الحَرّة : الأرض مسيرة ليلتين سريعتين أو ثلاث فيها حجارة ، أمثال البُروك ، كأنما شُيِّطت بالنار ، وما تحتها أرض غليظة من قاع ليس بأسود ، وإنما سوّدها كثرة حجارتها وتدانيها.

وقال شمر : هي حِرار ذوات عَدَد ، منها حَرّة واقِم ، وحَرّة ليلى ؛ وحرّة النار ، وحرّة غَلَّاس. قال وحَرَّة النار لبني سُلَيم وهي تسمّى أمّ صَبَّار وأنشد :

لدن غدوة حتى استغاث شريدهم

بحرة غلَّاس وشِلو ممزّق

وقال شمر : قال ابن الأعرابي : الحَرّة الرجلاء : الصلبة الشديدة : وقال غيره هي التي أعلاها سود وأسفلها بيض.

وقال أبو عمرو : تكون الحَرّة مستديرة فإذا كان منها شيء مستطيلاً ليس بواسع فذلك الكُراع.

وقال الليث : الحُرّ فرخ الحمام.

وقال أبو عبيد : ساق حُرّ : الذكر من القَمَاريّ.

وقال شمر في ساق حُرّ قال بعضهم : الساق الحمام وحُرٌّ فرخها.

ثعلب عن ابن الأعرابي : ساق حُرّ : ذكر الحمام.

وقال أبو عدنان : يعنون بساق حُرّ لحن الحمامة.

وقال شمر : يقال لهذا الطائر الذي يقال له بالعراق باذنجان لأصغر ما يكون جثة : حُرّ. ويقال : ساق حر صوت القُمْرِيّ.

قال : ورواه أبو عدنان : ساق حَرّ بفتح الحاء. قال وهو طائر تسمّيه العرب ساق حر بفتح الحاء لأنه إذا هدر كأنه ساق حَرّ قال : والرواية الصحيحة في شعر حميد :

وما هاج هذا الشوق إلّا حمامه

دعت ساق حَرّ في حمام ترنما

الليث الحُرّ : ولد الحيَّة اللطيفة في قول الطرماح :

مُنطوفي جوف ناموسه

كانطواء الحُرّ بين السِّلَام

وقال شمر : الحُرّ زعموا أنه الأبيض. قال وأنكر ابن الأعرابي أن يكون الحُرّ في هذا البيت الحيَّة ، وقال الحر هاهنا الصقر. وسألت عنه أعرابياً فصيحاً يمامِيّاً فقال مثل قول ابن الأعرابي.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الحُرّ : الجانّ من الحيات. والحُرّ : رُطَب الأَزَاذِ.

٢٧٦

والحُرّ : كل شيء فاخر جيّد من شِعْر أو غيره قال : والحُرّ خدّ الرجل. ومنه يقال لطم حُرَّ وجهه. والحُرَّة : الوَجْنة.

الليث : الحُرّ : نقيض العبد. قال والحُرّ من الناس : خيارهم وأفاضلهم. قال والحُر من كل شيء أعتقه. وحُرّ الوجه : ما بدا من الوجنة. وحُرّة الذِفْرَى : موضع مجالِ القُرْط وأنشد :

* في خُشَشَاوَيْ حُرَّة التحرير*

يعني حُرّة الذِفْرَى. قال والحُرّ والحُرّة الرمل والرملة الطيّبة. والحُرّة : الكريمة من النساء. وقال الأعشى :

حُرّة طَفْلة الأنامل تَرْتَبّ

سُخَاما نكفُّه بِخلَال

قال : والحرة نقيض الأمة. وأحرار البقول ما يؤكل غير مطبوخ.

وقال : أبو الهيثم أحرار البقول : ما رَقّ منها ورَطُب ، وذكورها : ما غلظ منها وخَشُن.

وقال الليث : الحُرّ : ولد الظبي في قول طرفة :

بين أكنافٍ خُفافٍ فاللِّوَى

مُحْزِفٌ تَحنو لرَخْص الظِلْف حُرّ

قال : والحُرّ : الفعل الحسن في قوله :

لا يكن حبُّكِ داء داخلا

ليس هذا منكِ ماوِيّ بُحرَّ

أي بفعل حسن.

قلت : وأمّا قول امرىء القيس :

لعمرك ما قلبي إلى أهله بحر

ولا مُقصر يوماً فيأتيني بقُرْ

إلى أهله أي إلى صاحبه بحُرَّ : بكريم ؛ لأنه لا يصير ولا يكفُّ عن هواه. والمعنى أن قلبه ينبو عن أهله ، ويصبو إلى غير أهله ، فليس هو بكريم في فعله.

الليث : يقال لليلة التي تُزفّ فيها المرأة إلى زوجها ، فلا يقدر فيها على افتضاضها : ليلة حُرَّةٍ. وقال النابغة يصف نساء :

شُمُس موانع كلَّ ليلةِ حُرَّة

يُخلفن ظنَّ الفاحش المغيار

وقال غير الليث : فإن افتضَّها زوجها في الليلة التي زُفّت إليه فهي ليلة شَيْبَاءَ.

حَرَّان بلد معروف. وحَرُورَاء : موضع بظاهر الكوفة ، إليها نسبت الحَرُورِيَّة من الخوارج وبها كان أول تحكيمهم واجتماعهم حين خالفوا عليّاً رضى الله عنه.

قلت : ورأيت بالدهناء رملة وَعْثة يقال لها : رملة حَرُوراء.

وقال الله جلّ وعزّ : (إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي) [آل عِمرَان : ٣٥] قال أبو إسحاق : هذا قول امرأة عمران. ومعنى (إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً) أي جعلته خادماً يخدم في متعبّداتنا فكان ذلك جائزاً لهم. وكان على أولادهم فرضاً أن يطيعوهم في نذرهم. فكان الرجل ينذِر في ولده أن يكون خادماً في متعبّدهم ولعُبَّادهم. ولم يكن ذلك النذر في النساء ، إنما كان ذلك في الذكور. فلمَّا ولدت امرأة عمران مريم

٢٧٧

(قالَتْ : رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى) ، وليس الأنثى ممَّن يصلح للنذر فجعل الله تعالى من الآيات في مريم لِما أراده من أمر عيسى أن جعلها متقبَّلة في النذر. فقال الله تعالى : (فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ) [آل عِمرَان : ٣٧]. وقال الليث : المحرَّر : النذيرة. وكانت بنو إسرائيل إذا وُلد لأحدهم ولد ربَّما حرَّره أي جعله نذيرة في خدمة الكنيسة ما عاش ، لا يسعه في دينهم غيرُ ذلك. وقول عنترة :

* جادت عليه كل بِكر حرّة*

أراد كل سحابة غزيرة المطر كريمة.

وقال الليث : تحرير الكتابة : إقامة حروفها ، وإصلاح السَقَط.

قلت : وتحرير الحساب إثباته مستوياً ، لا غَلَت فيه ولا سَقَط ولا محو. ويجمع الحر أحراراً ويجمع الحرة حرائر.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الحَرُّ : زجر المعَز. وأنشد :

قد تركب حَيْهِ وقالت حَرِّ

ثم أمالت جانب الخِمَرِّ

* عمدا على جانبها الأَيْسرّ*

قال والحَيْه : زجر الضأن.

حرح : أخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال : الحِرُ في الأصل حِرْح ، وجمعه أحراح. وقد حَرَحْتُ المرأة إذا أصبْتَ ذلك المكان منها. قال : ورجل حَرِح : يحبّ الأحراح. قال : واستثقلت العرب حاء قبلها حرف ساكن فحذفوها وشدّدوا الراء. وَرَوى ابن هانىء عن أبي زيد أنه قال : من أمثالهم احمل حِرَك أودع ، قالتها امرأة أدَلّت على زوجها عند الرحيل ، تحثّه على حملها ولو شاءت لركبت. وأنشد :

كل امرىء يحمي حِرَه

أسوده وأحمره

والشعرات المنفذات مشفره

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الحَرَّة : الظلمة الكبيرة. وقال أبو عمرو : الحَرَّة : البثرة الصغيرة.

وقال ابن الأعرابي : الحَرّة : العذاب الموجع. قال : والحرّة : حرارة في الحلق ، فإن زادت فهي الحَرْوَة ثم الثحثحة ، ثم الجَأُز ثم الشَرَق ، ثم الفُئُوق ، ثم الجَرَض ، ثم العَسْف ، وهي عند خروج الروح.

قال ويقال : حَرّ إذا سخن ، وحَرّ إذا عَتَق وحُرّيَة العرب أشرافهم. وقال ذو الرمّة :

فصار حَيّاً وطَبَّق بعد خوف

على حُرّية العرب الهُزالى

أي على أشرافهم. قال والهُزالَى مثل الكُسَالى. ويقال : أراد الهُزالى بغير إمالة.

ويقال هو من حُرّيّة قومه أي من خالصهم. وأرض حُرّيّة : رملية لينة.

والحُرّان : السوادان في أعلى الأذنين.

رح : الأرَحّ من الرجال : الذي يستوي باطنُ قدمه ، حتى يمسّ جميعُه الأرض. وامرأة رحّاء القدمين. ويستحبّ أن يكون الرجل خميص الأخمصين ، والمرأة كذلك.

وقال الليث : الرَحَح : انْبسَاط الحافر ، وعِرَض القدم وكل شيء كذلك فهو أَرَحّ.

٢٧٨

وقال الأعشى :

فلو أن عزّ الناس في رأس صخرة

ململمة تعيي الأرحّ المخدّما

أراد بالأرحّ : الوعل ، وصفه بانبساط أظلافه.

أبو عبيد عن أبي عمرو : الأرحّ : الحافر العريض ، والمصرور : المنقبض. وكلاهما عيب وأنشد :

* لا رَحَح فيها ولا اصطرار*

يعني : لا فيه عِرَض مفرط ، ولا انقباض وضيق ولكنه وَأب بقدر محمود.

رَحْرَحان : اسم واد عريض في بلاد قيس.

وقال الليث : ترحرحت الفرس إذا فحَّجَت قوائمها لتبول.

وقال غيره : طَسْت رحراح : منبسط لا قعر له. وكذلك كلّ إناء نحوه. وجفنة رَحّاء : عريضة ليست بقعيرة.

عمرو عن أبيه : إناء رحراح ورَحْرَح ، ورَهْرَهٌ ورحرحان ورهرهان.

وقال أبو خيرة : قصعة رَحْرَح ورحرحانيّة : وهي المنبسطة في سعة.

وقال الأصمعي : رَحْرَح الرجلُ إذا لم يبالغ قعر ما يريد ، كالإناء الرحراح. قال وعَرّض لي فلان تعريضاً إذا رحرح بالشيء ولم يبيّن.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الرُحُح : الجفان الواسعة. وكِرْكِرة رحّاء : واسعة. والرَحّة الحَيّة إذا تطوّت. ويقال : رحرحتَ عنه إذا سترتَ دونه. والله أعلم.

باب الحاء واللام

[ح ل]

حل ، لح ، (لحح ، حلحل ، لحلح) : مستعملات.

حل : قال الليث : تقول : حل يَحُلّ حُلولاً : وذلك نزول القوم بمحلَّة. قال : وهو نقيض. الارتحال. والمَحَل : نقيض المرتحَل. وأنشد بيت الأعشى :

إن مَحَلًّا وإنّ مرتحلا

وإن في السفْر ما مضى مَهَلا

قال الليث : قلت للخليل : أليس تزعم أن العرب العاربة لا تقول : إن رجلاً في الدار ، لا تبدأ بالنكرة ، ولكنها تقول : إن في الدار رجلاً. قال : ليس هذا على قياس ما تقول ، هذا حكاية سمعها رجل من رجل : إن مَحَلّا وإن مرتحلا. ويصف بعد حيث يقول :

هل تذكر العهد في تَنَمُّصَ إذْ

تضرب لي قاعداً بها مثلاً

* إن مَحَلّا وإن مرتحلا*

المَحَلّ : الآخرة : والمرتحَل : الدنيا. وأراد بالسَفْر : الذين ماتوا فصاروا في البرزخ ؛ والمَهَل البقاء والانتظار.

قلت : وهذا صحيح من قول الخليل ، وهو كما حكاه عن الليث. وكلما قال : قلت للخليل فقال ، أو قال : سمعت الخليل فهو الخليل بن أحمد لا تدليس فيه ، وإذا قال قال الخليل ففيه نظر. قلت : ويكون المَحَلّ الموضع الذي يُحل به ، ويكون مصدراً ، وكلاهما بفتح الحاء ؛ لأنهما من

٢٧٩

حلّ يُحل. فأمَّا المحِلّ بكسر الحاء فهو من حَلّ يَحلّ أي وجب يجب. قال : الله جلّ وعزّ : (حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) [البَقَرَة : ١٩٦] أي الموضع الذي يَحِلّ فيه نحرُه. والمصدر من هذا بالفتح أيضاً ، والمكان بالكسر. وجمع المحلّ محالّ. ويقال : مَحَلّ ومحلَّة بالهاء ؛ كما يقال : منزِل ومنزلة.

وقال الليث : الحِلّة : قوم نزول. وقال الأعشى :

لقد كان في شيبان لو كنتَ عالما

قِباب وحَيّ حِلّة وقنابل

أبو عبيد : الحِلَال : جماعات بيوت الناس واحدها حِلّة. قال : وحَيّ حِلال أي كثير وأنشد شمر :

* حيّ حِلَال يَزَعون القَنْبلا*

والْحِلَال : متاع الرَحْل. ومنه قول الأعشى :

* ضرا إذا وضعت إليك حِلَالها*

وقال الليث : الحَلّ الحلول والنزول.

قلت : يقال حَلّ يُحل وحُلُولاً. وقال المثقِّب العبديّ :

أكلّ الدهر حَلّ وارتحال

أما تُبقي عليّ ولا تقيني

قال : والحَلّ : حَلّ العُقدة. يقال حللتها أحُلّها حَلاً ، فانحلَّت. ومنه المثل السائر : يا عاقد اذكر حَلّا.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى) [طه : ٨١] قرىء (وَمَنْ يَحْلِلْ) بضم اللام وكسرها. وكذلك قرىء : (فَيَحِلَ عَلَيْكُمْ غَضَبِي) [طه : ٨١] بكسر الحاء وضمها. قال الفراء : والكسر فيه أحبُّ إليَّ من الضم لأن الحلول ما وقع ، مِن يَحُلَ ، ويَحِلُ : يجب ، وجاء التفسير بالوجوب لا بالوقوع ، وكلّ صواب.

قال : وأمّا قوله جلّ وعزّ : (أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ) [طه : ٨٦] فهي مكسورة. وإذا قلت : حلّ بهم العذاب كانت يُحلّ لا غير. وإذا قلت : عليَّ أو قلت : يحلّ لك كذا وكذا فهي بالكسر.

وقال الزجاج : من قال : يحلّ لك كذا وكذا فهو بالكسر ، ومن قرأ : (فَيَحِلَ عَلَيْكُمْ) فمعناه فيجب عليكم. ومن قرأ : (فيحُلّ) فمعناه : فينزل. والقراءة (وَمَنْ يَحْلِلْ) بكسر اللام أكثر.

وقال الليث : يقال حَلّ عليه الحقّ يَحِلُ مَحَلّا. قال وكانت العرب إذا نظرت إلى الهلال قالت : لا مرحباً بِمُحلِ الديْن مُقرِّب الأجل. قال ومَحِلُ الهَدْي يوم النحر بمنى.

قلت : مَحِلّ الهَدْي للمتمتع بالعمرة إلى الحج بمكة إذا قدِمها ، وطاف بالبيت ، وسعى بين الصفا والمروة.

ومَحِلّ هَدْي القارن يومَ النحر بمنى.

وقال الليث : والحِلّ : الرجل الحلال الذي لم يُحرم ، أو كان أحرم فحلّ من إحرامه. يقال : حلّ من إحرامه حِلاً.

قالت عائشة : طيّبت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لِحرْمه حين أحرم ، ولِحلّه حين حَلّ من إحرامه.

ويقال رجل حِلّ وحَلَال ، ورجل حِرْم

٢٨٠