تهذيب اللغة - ج ٣

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٣

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٣

١
٢

٣
٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

باب

ع ن ف

عنف ، عفن ، فنع ، نفع ، نعف : مستعملة.

عنف : قال الليث : العُنْفُ ضد الرفق ، يقال عَنُفَ به يَعْنُف عُنْفاً فهو عَنيف إذا لم يكن رفيقاً في أمره. قال : وأعنفته أنا ، وعنّفته تعنيفاً. قال : وعُنْفوان الشباب أوّل بهجته ، وكذلك عُنْفُوان النبات.

قلت : عُنْفُوان فُعْلُوان من العُنْف ضدّ الرفق ، ويجوز أن يكون الأصل فيه : أُنْفُوَان ، من ائتنفت الشيء واستأنفته ، إذا اقتبلتَه ، فقُلبت الهمزة عيناً ، فقيل : عُنْفوان. وسمعت بعض تميم يقول : اعتنفت الأمر بمعنى ائتنفته ، واعتنفنا المراعي ، أي رعينا أُنفها. وهذا كقولهم : «أعن ترسّمت» ، موضع «أأن ترسّمت». وأخبرني المنذريّ عن أبي العبَّاس أن ابن الأعرابيّ أنشده :

لم يَخْتَرِ البَيْتَ على التعزُّبِ

ولا اعْتِنَافَ رُجْلَةٍ عن مركب

قال : والاعتناف الكراهة ، يقول لم يختر كراهة الرُّجلة فيركبَ ويدع الرُجْلة ، ولكنه اشتهى الرجلة ، وأنشد في الاعتناف بمعنى الكراهة :

إذا اعْتَنَفَتْني بلدةٌ لم أكن بها

نسيباً ولم تُسْدَدْ عليَّ المطالب

وقال أبو عُبَيد عن أصحابه : اعْتَنَفْتُ الشيء : كرهته ، ووجدت له عليّ مشقّة وعُنْفاً. وقال أبو عبيدة : اعتنفت الأمر اعتنافاً جهِلته ، وأنشد قول رؤبة : بأربع لا يَعْتَنِفْنَ العَفْقا أي لا يجهلْن شدّة العَدْو. قال : واعتنفت الأمر اعتنافاً أي أتيته ولم يكن لي به علم.

وقال أبو نُخَيْلة :

نَعَيْتَ امرأً زَيْناً إذا تُعْقَدُ الحُبَا

وإن أُطْلِقَتْ لم تَعْتَنِفْهُ الوقائع

يريد : لم تجده الوقائع جاهلاً بها.

وقال بن شميل : قال الباهلي : أكلتُ طعاماً فاعتنفتُه ، أي أنكرته. قلت : وذلك إذا لم يوافقه.

ويقال : طريق مُعْتَنِفٌ أي غير قاصد. وقد اعتنف اعتنافاً إذا جار ولم يقصد ، وأصله من اعتنفت الشيء إذا أخذته أو أتيته غير حاذق به ولا عالم.

٥

عفن : الليث : عَفِن الشيء يَعْفَنُ عَفَناً فهو عَفِنٌ ، وهو الشيء الذي فيه نُدُوّة ويُحْبَس في موضع مغموم فَيَعْفَنُ ويَفْسُد.

وقال اللحياني وغيره : عَفَنَ في الجبل وعَثَن فيه ، إذا صَعَّد فيه ، جاء به في باب الفاء والثاء.

فنع : قال الليث : الفَنَعُ نَفْحَة المسك ، ونَشْر الثناء الحسن. وقال سُوَيد بن أبي كاهل :

وفُرُوع سابغ أطرافُها

عَلَّلَتْها ريحُ مِسْكٍ ذي فَنَع

أبو عبيد : الفَنَع : الكرم والعطاء والجود الواسع. وقال أبو العباس : أنشدنا ابن الأعرابي :

أظلَّ بَيْتي أم حسناء ناعمةً

عَيَّرَتْني أم عَطَاء الله ذي الفَنَعِ

قال : الفَنَعِ : الكثير من كل شيء ، وكذلك الفَنِيعُ ، والفَنْع. ويقال : له فَنَعٌ في الجود ، ومال ذو فنعٍ وفَنَأ ، أي ذو كثرة. قال : والفَنَعُ أعرفً وأكثر في كلامهم ، قاله الليث.

نفع : قال الليث : يقال : نَفَعَ يَنْفَعُ نَفْعاً فهو نافع ، والنفْع ضدّ الضَّر ، وفلان ينتفع بكذا وكذا. قال : والنِّفعُ في المزادة في جانبيها ، يُشَقُّ الأديم فيُجْعَلُ في جانبيها ، في كل جانب نِفْعَةٌ.

وروى أبو العباس عن ابن نَجْدة قال أبو زيد : النَّفْعَةُ العصا ، وهي فَعْلَةٌ من النَّفْع.

عمرو عن أبيه : يقال أنفع الرجل إذا اتجَّر في النَّفَعَاتِ وهي العِصِيُّ.

وقال اللحياني : ما عندهم نَفِيعَةٌ أي منفعة. ويقال : رجل نفَّاعٌ : إذا كان ينفع الناس ولا يضرّهم.

نعف : قال الليث : النَّعْفُ من الأرض المكان المرتفِع في اعتراض ، وانْتَعَف الرجلُ إذا ارتقى نعفاً. قال : والنَّعْفَةُ : ذؤابة النعل ، والنَّعَفة : أَدَم يَضرب خلف شَرْخ الرَّحْلِ.

أبو عبيد عن الأصمعي : النَّعفة : الجلدة التي تعلّق على آخِرَةِ الرَّحْل.

شمر عن ابن الأعرابيّ : النَّعْفَة في النعل : السير الذي يضرب ظهر القدم من قبل وحْشِيِّها.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : النَّعْف ما ارتفع عن الوادي إلى الأرض ، وليس بالغليظ.

وقال غيره : النَّعَف : ما انحدر عن غِلظ الجبل ، وارتفع عن مَجْرَى السيل ، ومثله الخَيْف.

وقال أبو عبيد : يقال نعَافٌ نُعَّف ، وقِفَافٌ قُفَّف.

وقال ابن الأعرابي : نَعْف الرملة : مقدَّمها ، وما استَرقّ منها.

وفي «النوادر» : أخذت نَاعِفَةَ القُنَّة ، وراعفتها ، وطارفتها ، ورُعَافها ، وقائِدَتها ، كل هذا : متقادُها. اللحياني : يقال : ضعيف نَعِيفٌ إِتْباعٌ له. وقال غيره : الانْتِعَافُ : وضوح الشخص وظهوره.

يقال : من أين انْتعفَ الراكبُ أي من أين وَضَحَ ومن أين ظَهَر. والمُنْتعفُ الحَدُّ بين الحَزْنِ والسَّهلِ. وقال البَعيثُ :

٦

بمُنْتَعَفِ بين الحُزُونَةِ والسّهْل وقال ذو الرمة :

قطعتُ بنعف مَعْقُلَةَ العِدَالا يريد : ما استرقَّ من رمله.

ع ن ب

عنب عنب ، عبن ، نبع ، نعب : مستعملة.

عنب : العِنَبُ معروف ، والواحدة عِنَبَة. وقال الليث : رجل عَانِبٌ : ذو عنب ، كما يقولون : تَامِرٌ ، ولابِنٌ ، أي ذو تَمْرٍ وَلَبن. قال : والعُنَّابُ من الثَّمر يقال له : السَّنجِلان بلسان الفرس.

وقال ابن شُميل : العِنَبة : بَثْرَة تشتدّ فتَرِم وتمتلىءُ ماءً وتُوجِعُ ، تأخذ الإنسان في عينه وحَلْقه.

يقال : في عينه عِنَبة.

وقال الفرّاء : العِنَبَاءُ : العِنَبٌ ممدود ، رواه أبو عبيد عنه.

وقال ابن الأعرابي : إذا كان القَطرانُ غليظاً فهو مُعَنِّب وأنشد :

لو أن فيه الحنظل المقَشَّبا

والقطِرَان العاتِق المُعَنَّبا

وقال شمر قال ابن شميل : العُنَابُ : بَظْر المرأة ، قال شمر : وقال غيره : الأَعْنَبُ الأَنْف الضخمُ السَّمِجُ.

وقال أبو عبيد : العُنَاب : الرجل الضخم الأنف ، وأنشد :

وأفرق مَهْبُونِ التَّراتَى مُصَعَّدِ الْ

بلاعيم رِخْوِ المَنْكبيْن عُنَابِ

وقال شمر في كتاب «الجبال» : العُنَابُ : النَّبَكَةُ الطويلةُ في السماء الفاردةُ المُحَدَّدةُ الرأس ، يكون أسود وأحمر وأسمر ، وعلى كل لون يكون ، والغالب عليها السّمرة. وهو جبل طويل في السماء لا يُنبت شيئا مستدير. قال : والعُنَابُ واحد ، قال : ولا تَعُمُّه ، أي لا تَجْمَعُهُ ، قال : ولو جمعت لقلت : العُنُب. وقال الراجز :

* كَمَرَةٌ كأنها العُنَابُ *

قلت : وهذا من كتاب ابن شميل.

قال شمر : وعُناب : جبل في طريق مكَّة ، قال المَرَّارُ :

جعلن يمينهُنَّ رِعَانَ حَبْسٍ

وأعرض عن شمائِلها العُنَابُ

وقال الليث : العُنابُ : الجبل الصغير الأسود.

وقال أبو عبيد : العَنَبَان : التَّيْسُ من الظِّبَاء. وجمعه عِنْبَان.

وقال الليث : ظبي عَنَبان : نشيط.

عبن : ثعلب عن ابن الأعرابي : أعبن الرجلُ إذا اتّخذ جملاً عَبَنَّى ، وهو القويّ. قال : والعُبنَة : قوّة الجمل والناقة. قال : والعُبُنُ من الناس : السمان الملاح ، والعُبْنُ من الدواب : القويّات على السير ، الواحد عَبَنّى.

قال أبو عبيد : نَسْرٌ عَبَنيٌ ، وهو العظيم.

وقال أبو عمرو : العَبْن : الغِلَظُ في الجسم والخشونَةُ.

وقال الليث : العَبِّنُ والعَبَنَّى : الجمل الضخم الجسم ، وناقة عَبَنَّاةٌ ، وجمل عَبَنُ

٧

الخَلْق ، وناقة عَبَنَّةٌ.

نعب : قال الليث : نعَب الغرابُ يَنْعَب وينعِب نعْباً ونَعِيباً ونَعَباناً ونُعْاباً ، وهو صوته. وفرس مِنْعَب : جواد ، وناقة نَعَّابةٌ : سريعة.

أبو عبيد : النَّعْب من سير الإبل ، وقال غيره : النعْب : أن يحرّك البعير رأسه إذا أسرع ، وهو من سير النجائب ، يرفع رأسه فينْعَبُ نعباناً.

ثعلب عن ابن الأعرابي : أَنْعَبَ الرجلُ إذا نَعَر في الفِتن.

نبع : يقال : نَبَع الماءُ ينبُع نَبْعاً ونُبُوعاً إذا خرج من العين ، قاله الليث ، ولذلك سميت العين يَنْبُوعاً. قلت : وهو يَفْعُول من نبع الماءُ إذا جرى من العين ، وجمعه ينابيع. وأخبرني المنذري عن ثعلب عن سَلَمة عن الفراء قال : نبع الماءُ ينبَعُ وينبعُ وينبُعُ ، قال ذلك الكسائي. وبناحية الحجاز عَينٌ يقال لها : يَنبُع ، تسقِي نخيلاً لآل عليّ بن أبي طالب رضي الله عنْه. نُبايع : اسم مكان أو جبل أو وادٍ في بلاد هُذَيل ، ذكره أبو ذؤيب فقال :

وكأنها بالْجِزْعِ جِزْع نُبايع

وأُولات ذي العرجاء نَهْبٌ مُجْمَعُ

ويجمع على نُبَاعيات. والنَّبْعُ : شجر من أشجار الجبال يتّخذ منه القِسيُّ. وأخبرني المنذري عن المبرد أنه قال : النَّبْع والشَّوْحَط والشّرْيَانُ : شجرة واحدة ، ولكنها تختلف أسماؤها لاختلاف منابتها وتَكْرُم على ذلك ، فما كان منها في قُلَّةِ الجبل فهو النَّبْع ، وما كان في سَفْحه فهو الشِّرْيَان ، وما كان في الحَضِيض فهو الشَّوْحَطُ. والنَبْع لا نار فيه ، ولذلك يضرب به المثل فيقال : لو اقْتَدَحَ بالنَّبْع لأَوْرَى ناراً ، إذا وُصف بجَوْدَةِ الرَّأْي والحِذْقِ بالأمور.

ع ن م

عنم ، عمن ، منع ، معن ، نعم : مستعملات.

عنم : قال الليث : العَنمُ : ضرب من شجر السِّوَاكِ لَيِّنُ الأغصان لَطِيفُها ، كأنها بنان العَذَارى ، واحدتها عَنَمَةٌ. قال : ويقال العَنَمُ : شَوْكُ الطَّلحِ. قال : والعَنَمُ ضرب من الوَزَغ يشبه العَظَاية ، إلَّا أنه أحسن منها وأشدُّ بياضاً. وقال رؤبة :

* يُبدين أطرافاً لِطَافا عَنَمُهْ *

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : العَنَمُ : شجرة حِجَازِيَّةُ لها ثمرة حمراء يُشَبَّهُ بها البنانُ المَخْضُوبَةٌ.

وقال أبو خَيْرَةَ : العَنَمُ له ثمرة حمراءُ يُشَبَّهُ بها البنان المخضوب.

قلت : الذي قاله الليث في تفسير العَنَمِ أَنهُ الوَزَغُ وَشَوْكُ الطَّلْحِ غيرُ صحيح.

وقال ابن الأعرابي في موضع : العَنَمُ يُشْبِهُ العُنَّابَ ، الواحدةُ عَنَمةٌ ، قال : والعَنَمُ : الشَّجر الحُمْرُ.

وقال أبو عمرو : أَعْنَمَ إذا رعى الغَنَمَ ، وهو شجر يحمل ثَمراً أَحْمرَ مثل العُنَّاب ، والعَيْنُومُ : الضِّفْدِعُ الذَّكَرُ.

وقال ابن الأعرابي : العَنْمة : الشَّقَّةُ في شَفَةِ الإنسان ، قال : والعَنْمِيُ الحَسَنُ

٨

الوَجْه المُشْرَبُ حمرةً.

وقال أبو زيد في كتاب «النوادر» : العَنَمُ واحدته عَنَمة ، وهي أغصان تنبت في سُوقِ العِضَاهِ رَطْبَةٌ لا تُشْبِهُ سائر أغصانه ، أحمر النَّوْر ، يتفرق أَعالي نَوْرِهِ بأربع فرق ، كأنه فَنَنٌ من أراكة يخرجن في الشِّتَاءِ والقَيْظ.

نعم : قال الليث : نَعِمَ يَنْعَمُ نَعْمَةً فهو نَعِمٌ بَيِّنُ المَنْعَمِ.

أبو عُبيد عن الأصمعي : نَعِمَ يَنْعِمُ ويجوز يَنْعَمُ ، فهو ناعم.

ثعلب عن سَلَمة عن الفراء ، قالوا : نزلوا منزلاً يَنْعِمُهُمْ وَيَنْعَمُهُمْ ويَنْعِمُهُم ويُنْعِمُهُم عَيْناً ، أربع لغات.

وقال اللِّحياني : نَعِمَك الله عيناً ، ونَعِمَ الله بِك عَيْناً ونَعِمَ وأنعم الله بك عَيناً ، قال : وحكى الكسائيّ : نزل القوم منزلاً يَنْعُمُهُم ويَنْعمَهُم وَيْنعُمُهم ويُنْعِمُهم ، والعرب تقول : نَعَمْ ونُعْمَى عَيْنٍ ، ونَعَامَ عَيْنٍ ، ونَعْمَةَ عين ونَعِمَ عَينٍ ونِعَامَ عين ، حكاه كلَّه اللحياني ، وقال : يا نُعْم عيني ، أي يا قُرَّة عيني ، وأنشد الكسائي فيه :

صبَّحك الله بخيرٍ باكرِ

بنُعْمِ عين وشبابٍ فاخر

قال : ونَعْمَةُ العيش : حُسْنُه وغَضَارَتُه ، والمذكّر منه نَعْمٌ ، ويجمع أَنْعُما.

قال : ونِعْمَةُ الله : مَنُّه وعَطَاؤُه بكسر النون ، وقال الله جلّ وعزّ : (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) [لقمان : ٢٠]. قال الفراء : قرأه ابن عباس : (نعمة) قال : ولو كانت نعمة لكانت نعمة دون نعمة أو فوق نعمة ، قال الفراء : وقرئ (نِعَمَهُ) وهو وجه جيّد ، لأنه قد قال : (شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ) [النّحل : ١٢١] ، فهذا جمع النعم ، وهو دليل على أن (نِعَمَهُ) جائز. وقال ابن عباس : النعمة الظاهرة : الإسلام ، والباطنة : ستر الذنوب.

وقال أبو الهيثم : واحدة الأنْعُمِ نِعْمَةٌ ، وواحدة الأشُدِّ شِدَّةٌ.

وقال الزّجاج : قرأ بعضهم : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ) [لقمَان : ٣١] ، وقرئ : (بنعمَات الله) بفتح العين وكسرها. ويجوز (بنعْمات الله) بإسكان العين. فأمَّا الكسر فعلى من جمع كِسْرة كِسِرات ، ومن أسكن فهو أجود الأوجه على من جمع كِسْرة كِسْرات ، ومن قرأ (بنعمَات الله) فلأن الفتح أخفّ الحركات ، وهو أخفّ في الكلام من : (نِعِمات الله).

وقال الله جلّ وعزّ : (ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) [القَلَم : ٢] ، يقول : ما أنت بإنعام الله عليك وحمدك إيّاه على نعمته بمجنون.

والنِّعمة بالكسر اسم من : أنعم الله عليه يُنعم إنعاما ونِعْمَةً ، أُقيم الاسم مُقَام الإنعام ، كقولك : أنفقت عليه إنفاقاً ونَفَقَةً بمعنى واحد.

عمرو عن أبيه : أنعم الرجلُ إذا شيَّع صديقه حافياً خُطوات ، وأنعم : أفضل وزاد ، وفي الحديث : «إن أهل الجنة ليتراءون أهل عليين كما ترون الكوكب الدُرّيّ في أُفُق السماء ، وإن أبا بكر وعمر منهم وأَنْعَما. قال أبو عبيد ، قال الكسائيّ

٩

في قوله : وأَنْعما» ، أي زادا على ذلك ، يقال : قد أحسنتَ إليّ وأنعمت ، أي زدت على الإحسان ، ودققتُ دواء فأنعمتُ دقّه ، أي بالغت وزدت ؛ وأنشد ابن الأعرابي :

سمين الضواحي لم تؤرِّقه ليلةً

وأنعم أبكارُ الهُمُوم وعونُها

الضواحي : ما بدأ من جسده ، لم تؤرقه ليلةً أبكار الهموم وعونها وأنعم ، أي وزاد على هذه الصفة.

وقال أبو عمرو : أبكار الهموم : ما فجئَك وعُونها : ما كان همّاً بعد همّ. وحرب عَوَان إذا كانت بعد حرب كانت قبلها.

ويقال : جارية منعَّمة ومناعَمَة ، أي مترَفة.

ونعّم فلان ولده إذا ترَّفهم.

ويقال : ناعِمْ حبلَكَ وغيره ، أي أُحْكِمْهُ. والتنعيم : موضع يقرب من مكة. والنَّعامة هذا الطائر يجمع نَعَاماً ونعامات ونعائم.

الأصمعي : ومن أسماء الجَنُوب النُّعامى على فُعالَى.

وقال الليث : النَّعَام بغيرها : الظليم ، والنعامة الأنثى. قلت : وجائز أن يقال للذكر نعامة بالهاء ، وكذلك الأنثى يقال لها نعامة.

أبو عبيد عن أبي زيد : الزُّرْنُوقَان : منارتان تبنيان على رَأُسِ البئر ، والنعامة : الخشبة المعترِضة على الزُرنوقين ، ثم تعلّق القامة وهي البَكَرَةُ من النّعامة ، فإن كانت الزرانيق من خشب فهي دِعَمٌ.

وقال أبو الوليد الكلابيّ : إذا كانتا من خشب فهما النعامتان ، قال والمعترضة عليهما هي العَجَلة ، والغَرْبُ معلَّق بها.

قلت : وقد تكون النعامتان خشبتين يضم طرفاهما الأعليان ويُرْكَزُ طرفاهما الأسفلان في الأرض ، أحدهما من هذا الجانب ، والآخر من الجانب الآخر ويُصْقعان بحبل ثم يُمَدُّ طرفا الحبل إلى وتدين مثبتين في الأرض أو حجرين ضخمين وتعلّق القامة بين شُعْبَتَيْ النعامتين.

وقول الله جلّ وعزّ : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) [البقرة : ٢٧١] ، ومثله : (إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) [النِّساء : ٥٨].

قال أبو عبيد : قرأ أبو جعفر وشَيْبَة ونافع وعاصم وأبو عمرو : (فنِعْما) بكسر النون وجَزْم العين وتشديد الميم ، وقرأ حمزة والكسائي : (فَنَعِمَّا) بفتح النون وكسر العين.

وذكر أبو عبيد حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قال لعمرو بن العاص : «نَعِمَّا بالمال الصالح للرجل الصالح» ، وأنه يختار هذه من أجل هذه الرواية.

وقال الزّجاج : النحويّون لا يجيزون مع إدغام الميم تسكين العين ويقولون إن هذه الرواية في (نعما) ليست بمضبوطة.

ورُوي عن عاصم أنه قرأ : (فَنِعِمَّا) بكسر النون والعين.

وأما أبو عمرو فكان مذهبه في هذه كسرة خفيفة مختلسة.

والأصل في نعْم ، ونِعِم ثلاث لغات. وما في تأويل الشيء في نِعِمَّا ،

١٠

المعنى : نعم الشيء هي.

وأما قول الله جلّ وعزّ : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) [النّحل : ٦٦] ، فإن الفراء قال : الأنْعَامُ ههنا بمعنى النَّعَم ، والنَّعَمُ يذكر ويؤنّث. ولذلك قال جلّ وعزّ : (مِمَّا فِي بُطُونِهِ) [النّحل : ٦٦] ، والعرب إذا أفردت النعم لم يريدوا بها إلا الإبل ، فإذا قالوا : الأنعام ، أرادوا بها الإبل والبقر والغنم. قال الله تعالى : (وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) [الأنعَام : ١٤٢] الآية ، ثم قال : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) [الأنعام : ١٤٣] أي خلق منها ثمانية أزواج. وكان الكسائي يقول في قوله جلّ وعزّ : (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) [النّحل : ٦٦] قال : أراد في بطون ما ذكرنا.

قال : ومثله قوله : مثل الفراخ نَتَقَتْ حواصله.

قال : أراد حواصل ما ذكرنا.

وقال آخر في تذكير النعم :

في كلّ عام نَعَم تَحْوونه

يُلْقِحُه قوم وتَنْتِجُونه

ومن العرب من يقول للإبل إذا كثرت الأنعام والأناعيم. وقول الله جلّ وعزّ (فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ) [المَائدة : ٩٥] ، دخل في النعم ههنا الإبل والبقر والغنم والله أعلم.

عمرو عن أبيه قال : من أسماء الروضة : الناعمة والواضعة والناصفة والغَلْباء واللفَّاء. وروى سلمة عن الفراء قالت الدٌّبَيْرية يقال : حُقْت الحَشْرَبَةَ ونَعَمَتُها وصُلْتها. أي كنستها ، وهي المِحْوَقَة والمِنْعَم والمِصْوَل : المكنسة.

وقال الليث : النعامة : صخرة في الركيَّة ناشزة. قال : وزعموا أن ابن النعامة من الطرق كأنه مَرْكب النعامة في قوله :

* وابن النعامة يوم ذلك مركبي*

قال : ويقال : خفت نعامتهم أي استمرّ بهم السير.

وقال النحويون في نعم وبئس إذا كان معهما اسم جنس بغير ألف ولام فهو نصب أبداً ، وإذا كانت فيه الألف واللام فهو رفع ابداً ، وذلك قولك : نعم رجلاً زيد ونعم الرجل زيد ، نصبت رجلاً على التمييز ، ولا يعمل نعم وبئس في اسمٍ علمٍ ، إنما تعملان في اسم منكور دالّ على جنس أو اسم فيه ألف ولام يدلّ على جنس ، وإذا قلت بئسما فعل ، أو نعم ما فعل فالمعنى : بئس شيئا ونعم شيئاً فعل ، كذلك قول الله : (إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) [النِّساء : ٥٨] به معناه نعم شيئاً يعظكم به.

وقال الله جلّ وعزّ : (فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ) [الأعرَاف : ٤٤]. وفي بعض اللغات : نَعِمْ ، في معنى نَعَم ، موقوفة الآخر ، لأنها حرف جاء لمعنى ، وإنما يجاب بها الاستفهام الذي لا جحد فيه. وقد يكون نَعَمْ تصديقاً ، قال ذلك النحويون.

وروى أبو العباس بإسناده عن الكسائي قال : نَعَمْ يكون تصديقاً ويكون عِدَةً.

وقال اللحياني يقال للإنسان : إنه لخفيف النعامة إذا كان ضعيف العقل. وقال أبو

١١

عبيدة في كتاب «الخيل» : النعامة : الجلدة التي تَغْشى الدماغ ، ونحو ذلك قال الأصمعي ، وقال أبو عبيدة : يقال : أتيت أرضاً فنعَّمتني أي وافقتني وأقمت بها ، وتنعَّمت فلاناً : أتيته على غير دابَّة ، وتنعّم فلان قدميه أي ابتذلهما.

وقال الفراء : ابن النعامة عِرْق في الرجْل ، قال وسمعته من العرب.

وقال أبو عمرو النعامة الظلمة ، والعرب تقول : أصمّ من نعامة ، وذلك أنها لا تلوي على شيء إذا جَفَلت ، ويقولون : أشمّ من هَيْق لأنه يَشَمّ الريح. وقال الراجز :

* أشمّ من هَيْق وأهدَى من جمل*

ويقولون : أموق من نعامة ، وأشرد من نعامة ، ومؤوقها : تركُها بيضها وحَضنها بيض غيرِها ، ويقال أجبن من نعامة ، وأعدى من نعامة ، ويقال ركب فلان جناحي نعامة إذا جدَّ في أمره ، ويقال للمنهزمين : أضحَوا نعاماً ، ومنه قول بِشر :

فأمّا بنو عامر بالنِّسا

ر فكانوا غداة لَقُونا نعاما

وتقول العرب للقوم إذا ظعنوا مسرعين : خفّت نعامتهم ، وشالت نعامتهم ، ويقال للعذارى : كأنهم بيض نعام ، ويقال للفرس : له ساقا نعامة لقصر ساقيه ، وله جؤجؤ نعامة لارتفاع جؤجِئها. ومن أمثالهم : ما يجمع بين الأرْوَى والنعام ، وذلك أن مساكن الأروى شَعَف الجبال ، ومساكن النعام السهولة ، فهما لا يجتمعان أبداً. ويقال لمن يكثر علله عليك : ما أنت إلّا نعامة ، يعنون قوله :

ومثل نعامة تُدعى بعيرا

تُعاظمه إذا ما قيل طيري

ولو قيل احملي قالت فإني

من الطير المرِبَّة بالوُكور

ويقولون للذي يرجع خائبا : جاء كالنعامة لأن الأعراب يقولون : إن النعامة ذهبت تطلب قرنين : فقطعوا أذنيها فجاءت بلا أذنين ، وفي ذلك يقول بعضهم :

أو كالنعامة إذا غدت من بيتها

يصاغ قرناها بغير أذِين

فاجتُثَّت الأذنان منها فانتهت

جَمّاء ليس من ذوات قرون

عمرو عن أبيه : شالت نعامتهم إذا تفرقت كلمتهم ، وشالت نعامتهم إذا ذهب عزهم وشالت نعامتهم إذا دَرَست طريقتهم.

ثعلب عن ابن الأعرابي : ابن النعامة : عَظْم الساق ، وابن النعامة : عِرْق الرجل ، وابن النعامة مَحَجَّة الطريق ، وابن النعامة : الفرس الفاره.

وابن النعامة : الساقي الذي يكون على البئر.

والنَّعماء والنُّعمى ضدّ البأساء والبؤسى ، ونَعْمان : اسم جبل بين مكّة والطائف ، والنعائم منزل من منازل القمر ، والعرب تسميها : النعام الصادر ، وهي أربعة كواكب مربّعة في طرف المجرَّة ، وهي شأمية.

وقال ابن الأعرابي : النعامة الرِّجْل ، والنَّعَامَةُ الساق ، والنعامة الفَيْج المستعجِل ، والنعامة الفَرَحُ ، والنعامة

١٢

الإكرام والنعامة المحجَّة الواضحة ، ومن أمثالهم : أَنْتَ كصاحبة النعامة ، وكان من قصّتها أنها وجدت نعامة قد غصَّت بصُعرورة فأخذتها وربطتها بخمارها إلى شجرة ، ثم دنت من الحيّ فهتفت : من كان يَحُفُّنا ويَرُفُنا فليتَّرِكْ ، وقوَّضت بيتها لتحل على النعامة ، فانتهت إليها وقد أساغت غُصَّتها وأُفلتت ، وبقيت المرأة لا صَيْدها أحرزت ، ولا نصيبها من الحيّ حَفِظت. يقال ذلك عند المَزْرِيةِ على من يثق بغير الثقة.

وقال المبرد : النُعمان : الدم ، ولذلك قيل للشَّقِرِ : شقائق النعمان.

معن : قال الله عزوجل : (ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) [المؤمنون : ٥٠]. قال الفرّاء : (ذاتِ قَرارٍ) : أرضٍ منبسطة.

وقوله : (وَمَعِينٍ) الماء الظاهر الجاري ، قال : ولك أن تجعل المعِين مفعولاً من العيون ولك أن تجعله فعيلاً من الماعون ، يكون أصله المَعْن ، والماعون الفاعول ، وقال عَبِيد :

واهية أو مَعِنِ مُمعن

أو هَضْبة دونها لُهُوب

ثعلب عن ابن الأعرابي : مَعَن الماء يَمْعَن إذا جرى ، وأمعن أيضاً ، قال : وأمعنته أنا ، ومياه مُعْنان ، قال : وقول النمر بن تَوْلب :

* وإنّ ضياع مالك غَيْرُ مَعْن *

أي غير حزم ولا كيس ، من قولهم : أمعن لي بحقّي إذا أقرّ به وانقاد.

وقال الله عزوجل : (وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ) [المَاعون : ٧]. روي عن عليّ رضي‌الله‌عنه أنه قال : الماعون : الزكاة. وقال الفراء : سمعت بعض العرب يقول : الماعون هو الماء بعينه ، وأنشدني فيه : يَمُج صَبِيرُه الماعونَ صبّا وقال الزّجاج : من جعل الماعون الزكاة فهو فاعول من المَعْن ، وهو الشيء القليل ، فسميت الزكاة ماعوناً بالشيء القليل ؛ لأنه يؤخذ من المال ربع عشره ، وهو قليل من كثير. قال الراعي :

قوم على الإسلام لمَّا يمنعوا

ماعونهم ويُبَدِّلوا تبديلا

ومنهم من قال : الماعون المعروف كله ، حتى ذكر القصعة والقِدْر والفأس.

وقال ثعلب : الماعون : كلّ ما يُستعار من قَدُوم وسُفْرَة وشَفْرة.

وقالت طائفة : الزكاة ، وعليه العمل.

وقال بعضهم : الماعون : الطاعة ، يقال : ضرب الناقةَ حتى أعطت ماعونها وانقادت.

وقال ابن الأعرابي : روض ممعون ، يُسقى بالماء الجاري.

وقال عَدِيّ بن زيد العِبَاديّ :

وذي تناوير ممعون له صَبَح

يغْدوا أوابد قد أفلين أمهارا

ويقال للذي لا مال له : ماله سَعْنَةٌ ولا مَعْنَةٌ. وقال أبو عمرو : المَعْن : القليل ، والمَعْن : الكثير ، والمَعْن : الطويل ، والمَعْن : القصير ، والمَعْن : الإقرار بالحقّ ، والمَعْن : الذلّ ، والمَعْن : الجحود ، والكفر للنعم ،

١٣

والمَعْن : الماء الظاهر.

وقال الليث : المَعْن : المعروف ، والسَّعْن : الوَدَك ، قال ، ويقال معناه ما له قليل ولا كثير. وأنشد :

ولا ضيَّعتُه فأنامَ عنه

فإن ضياع مالك غير مَعْن

الليث : أمعن الفرس وغيره إذا تباعد في عَدْوه.

أبو زيد : أمْعَنَتِ الأرضُ ومُعِنَتْ إذا رَوِيت ، وقد مَعَنها المطرُ إذا تتابع عليها فأرواها.

ومَعِين : اسم مدينة باليمن. والمَعْن : الأديم في قوله : ولا حبٍ كمَقَدّ المَعْن وعَّسَهُ وقال ابن الأعرابي : المَعْنِيَ : الكثير المال ، والمَعْنِيُ : القليل المال.

وقال أبو عبيد : مَعَان القوم : منزلهم ، يقال : الكوفة مَعَان منا أي منزل منّا.

قلت : والميم من معان ميم مفعل.

عمرو عن أبيه : أمعن الرجل إذا كثر ماله ، وأمعن إذا قَلّ ماله ، وأمعن بالحق إذا أقر به بعد جحوده.

عمن : عُمَان : اسم كورة عربيّة ، يقال : أعمن وعمّن إذا أتى عُمَان. وقال رؤبة : نَوى شآمٍ بان أم معمِّن وقال ابن الأعرابيّ : العُمُن : المقيمون في مكان يقال : الرجل عامن وعَمون ، ومنه اشتق : عُمَان.

وروى عمرو عن أبيه : أعْمن : دام على المقام بعُمان ، قال : وعُمان يصرف ولا يصرف ، فمن جعله بلداً صرفه في حالتي المعرفة والنَّكرة ، ومن جعله بلدة ألحقه بطلحة.

وأما عَمَّان فهو بناحية الشأم : موضع ، يجوز أن يكون فَعْلان من عمّ يعمّ لا ينصرف معرفة وينصرف نكرة ، ويجوز أن يكون فعَّالاً من عَمن فينصرف في الحالتين إذا عُني به البلد.

منع : قال الليث : المَنعُ أن تَحُولَ بين الرجل وبين الشيء الذي يريده. يقال : مَنَعْتُهُ فامْتَنَعَ.

ورجل منيعٌ : لا يُخْلَصُ إليه ، وفلان في عز وَمَنَعَة ، ويقال : مَنْعة وامرأة مَنِعَةٌ : مُتَمَنِّعَةٌ لا تُؤَاتَى على فاحشة. وقد مَنُعَتْ مَنَاعَةً وكذلك حِصن منيع ، وقد مَنُعَ مناعة : إذا لم يُرَمْ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : المَنْعِيُ : أكَّال المُنُوع : وهي السَّرَطَانَاتُ ، واحدها مَنْع.

وقال غيره : رجل مَنُوع وَمَنَّاع إذا كان بخيلاً ممسِكاً ، قال الله تعالى : (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) [ق : ٢٥] وقال في آية أخرى : (وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) [المعارج : ٢١].

وقال ابن الأعرابيّ : رجل مَنُوع : يمنع غيره ، ورجل مَنِيعُ يمنع نفسه والمانع من صفات الله تعالى له معنيان ، أحدهما ما رُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «اللهم لا مَانِعَ لما أَعْطَيْتَ ، ولا مُعْطِيَ لما مَنَعْتَ» فكأنه عزوجل يعطي من استحقّ العطاء ، ويمنع من لم يستحقّ إلّا المنع ، ويعطي من يشاء ويمنع من يشاء ، وهو العادل في جميع ذلك ؛ والمعنى الثاني في

١٤

تفسير المانع : أنه تَبارك وتعالى يمنع أهل دينه أي يحوطهم وينصرهم ، ومن هذا يقال : فلان في مَنَعة أي في قوم يمنعونه ويحمونه ، وهذا المعنى في منعة الله بالغ ، إذ لا مَنَعة لمن لم يمنعه الله ، ولا يمتنع من لم يكن الله له مانعاً.

وقال ابن السِّكيت : المُتَمَنِّعَتانِ البَكْرة والعَنَاق تمنَّعان على السَّنةِ لفَنَائِهِمَا ، وأنهما تشبعان قبل الجِلَّة ، وهما المقاتلتان للزمان عن أنفسهما.

وروى ابن عرفة عن أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي أنه قال : المنِيع الممتنع ، والممنوع الذي يمنع غيره.

وقال عمرو بن معديكرب :

براني حُبّ من لا أستطيع

ومن هو للذي أهوى مَنُوع

باب

العين والفاء

ع ف ب

مهمل

ع ف م

استعمل منه :

فعم : الليث : فعُم يفعُم فَعَامة وفُعُومة فهو فَعْم : ممتلىء : وجه فعْمٌ ، وجارية فَعْمةٌ ونهر مُفْعَوعم : أي ممتلىء ، وقال الشاعر :

مُفْعَوْعمٌ صَخِبُ الآذيِّ منبعق

كأن فيه أكُفَّ القوم تصطفق

يصف نهراً. قال ويقال : أفعمت البيت برائحة العُود فافعوعم ، قال : وأفعم المسكُ البيتَ ، وأفعمت السقاء فهو مفعوم ، وأنشد ابن الأعرابي لكُثَيِّر :

أَتِيُّ ومفعوم حَثِيث كأنه

غُرُوب السواني أترعتها النواضح

قال وهو مثل قوله :

* ألناطق المبروز والمختوم*

قال ولم أسمعه إلّا في هذا ومثله : المضعوف من أضعفت.

وقال غيره : سِقَاء ، مُفْعَم ومُفْأم ، أي مملوء.

وقال أبو تراب : سمعت واقعاً السلمي يقول أفعمت الرجل وأفغمته إذا ملأته غضباً أو فرحاً.

باب العين والباء

ع ب م

استعمل من وجوهه : [عبم].

عبم : قال الليث : العَبَامُ الرجل الغليظ الْخِلْقة ، تقول عَبُم يعبُم عَبَامة فهو عَبَام.

وقال غيره : العَبَام : الفَدْم العَييّ الثقيل من الرجال.

وقال أبو العباس قال ابن الأعرابي : يقال للرجل الطويل العظيم الجسيم : عِبَمٌ وهُدَبِد. قال والعُبُم جمع عَبَام ، وهو الذي لا عقل له ولا أدب ولا شجاعة ولا رأس مال ، وهو عَبَمٌ وعَبَاماء. وقال الفراء : هو العبَاماء للأحمق.

والعبام ، وأنشد قول أوس بن حَجَر :

وشُبِّه الهَيْدَبُ العَبَامُ من الأق

وام سَقْباً مُجَللاً فَرعاً

١٥

آخر الثلاثي الصحيح من حرف العين ، والمنّة لله سبحانه وتعالى :

كتاب الثلاثي المعتل من حرف العين

[باب العين والهاء

ع ه [وا يء]

عوه ، عهو ، هيع ، (يهيع ، يهوع).

عوه ، (عاه): عاه : روي عن ابن عمر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه نَهَى عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة ، فقيل لابن عمر : ومتى ذلك؟ فقال : طلوعَ الثُريّا.

والعاهة : الآفة تصيب الزرع والثمار فتفسدها.

وقال ابن بُزُرْج : عِيهَ الزرعُ فهو مَعِيهٌ ومَعُوهُ ومَعْبُوهٌ.

وقال طبيب العرب : اضمنوا لي ما بين مغيب الثريّا إلى طلوعها أضمنْ لكم سائر السنة.

أبو عبيدة عن أبي زيد : أَعاه القومُ إذا أصابت ما شِيَتَهم العاهة. وقال غيره : أعاه القوم وَأَعَوَهُوا ، وقد عَاهَ المال يعُوه عاهة وعَوُوهاً.

شمر عن ابن الأعرابي : طعام مَعُوه ، أصابته عاهة ، وعِيهَ المالُ ، ورجل عائِهٌ وعاهٍ مثل مائِه وماهٍ ، ورجل عاه ، أيضاً كقولك كَبْشٌ صافٌ ، وقال طُفَيل :

ودارٍ يظعَن العاهون عنها

لنيّتهم وينسون الذِّماما

وقال ابن الأعرابيّ : العاهون : أصحاب الرِّيبِ والخُبْث.

وقال الليث : العاهة : البلايا والآفات ، أي فسادٌ يصيب الزرع ونحوه من حرّ أو عطش. وقال : أعاه الزرعُ إذا أصابته آفة من اليرقات ونحوه فأفسده ، وأعاه القوم إذا أصاب زرعهم خاصّةً عاهةٌ.

قلت : وسألت أعرابياً فصيحاً عن قول رؤبة :

* جَدْب المندَّى شئِزَ المعوَّهِ *

فقال : أراد به المُعَرَّج ، يقال عرَّج وعوَّج وعوّه بمعنى واحد.

وقال الليث : التعويه والتعريس : نومة خفيفة عند وجه الصبح. قال وعوّه الرجلُ إذا دعا الجحش ليلحق به فقال عَوْه الرجلُ إذا دعاه ، ويقال : عاه عاه إذا زُجِرَتِ الإبِلُ لتَحْتَبِس : وربما قالوا عَيْه عَيْه ، ويقولون عَهْ عَهْ ، ويقولون : عَهْعَهْت بالإبل.

ثعلب عن ابن الأعرابي : أعاه الرجلُ وأعْوه وعَاهَ وعَوَّه ، كله إذا وقعت العاهة في زرعه.

وقال ابن السكيت : أرض مَعْيوهة من العاهة.

عهو : عن شمر عن أبي عدنان عن بعضهم قال : العِفْو والعِهْوُ جميعاً : الجحش.

١٦

قلت : ووجدت لأبي وَجْزة السعديّ بيتاً في العِهْو :

قرَّبن كلَّ صَلَخْدَى مُحْنِق قَطِمِ

عِهْوٍ له ثَبَج بالنِّيِّ مضبورُ

وقيل : جمل عِهْو ، نبيل الثَبَج لطيفه ، وهو شديد مع ذلك. قلت : كأنه شبه الجمل به لنحفته.

هيع : هاع يهيع رُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «خير الناس رجل ممسك بعِنان فرسه كلّما سمع هَيْعة طار إليها».

قال أبو عبيد : قال أبو عبيدة : الهَيْعة : الصوت الذي تَفزع منه وتخافه من عدوّ.

قال : وأصل هذا الجزع ، يقال : رجل هاعٌ لاعٌ وهائِعٌ لائِعٌ إذا كان جباناً ضعيفاً ، وقد هاع يهيع هُيُوعاً وهَيَعاناً. وقال الطِرِمّاح :

أنا ابن حُماة المجد من آل مالك

إذا جعلت خُور الرجال تهِيع

وقال أبو عبيدة أيضاً : هاع الرجل يهاع إذا تهوّع أي قاء قَيْأ ، وهاع يهاع هَيْعاً إذا جاع هَيَعاناً ، وهاع يهيع إذا جَبُنَ.

وقال ابن بُزُرْجَ : هِعْت أهاع هَيْعاً من الحبّ والحزن والجزع ، قال وقالوا : هاع يهاع.

وقال ابن الأعرابيّ : الهاعُ الجَزُوع ، واللاع : الموجَع.

وقال اللِّحياني : هاع يهاع هَيْعة إذا جاع وهاع هَيْعوعة إذا تهوّع.

وقال أبو عبيد : قال أبو عمرو : الهائعة والواعية : الصوت الشديد ، قال : وهِعْت أَهَاع ، ولِعْت ألاع لَيَعاناً وهَيَعاناً إذا ضجِرت ، وقال عَدِيّ :

إذا أنت فاكهت الرجال فلا تَلَعْ

وقل مثل ما قالوا ولا تتزنَّدِ

وقال الليث : الهاعُ : سوء الحرص ، يقال هاع يهاعُ هَيْعة وهاعاً ، وأنشد لأبي قيس بن الأسلت :

الكَيْسُ والقُوَّة خير من ال

إشفاق والفَهَّة والهاع

وقال : رجل هاعٌ وامرأة هاعة ، قال : وهاع يَهُوع هَوْعاً وهُواعاً إذا جاءه القيء من غير تكلّف. وإذا تكلّف ذلك قيل : تهوَّع ، فما خرج من حلقه هُوَاعة ، ويقال : لأُهَوِّعَنَّه ما أكل ، أي لأستخرجنّه من حَلْقه ، ويقال أرض هَيِّعَةٌ : واسعة مبسوطة ، ورجل مُتَهَيِّع : حائر ، وطريق مَهْيَعٌ : مفعل من التَّهَيُّعِ وهو الانبساط ، قال ومن قال مَهْيَعٌ فَعْيَلَ فقد أخطأ ، لأنه لا فَعَيْل في كلامهم بفتح أوله ، قال : وانهاع السراب انهياعاً ، وطريق مَهْيَعٌ واضح ، وجمعه مهايع وأنشد :

* بالغَوْرِ يَهْدِيها طريق مَهْيَعُ *

قال : والهَيْعَة : سيلان الشيء المصبوب على وجه الأرض ، تقول هَاعَ يَهيعُ ، وماء هائع ، والرَّصَاص يَهيعُ في المِذْوَب.

وقال غيره : هاعت الإبل إلى الماء تَهيعُ إذا أرادته ، فهي هائعة.

وروي عن علقمة أنه قال : الصائم إذا ذَرَعَهُ القَيْء فليتمّ صومه ، وإذا تهوّع فعليه القضاء ، أي استقاء ، يقال : تهوّع نَفْسَه إذا قاء بنفسه كأنه يُخرجها. وقال رؤبة يصف

١٧

ثوراً طعن كِلاباً :

ينهى به سَوَّارَهُنَّ الأشجعا

حتى إذا ناهزها تَهوّعا

وقال بعضهم : تهوَّع أي قاء الدم ، ويقال قاء بنفسه فأخرجها.

أبو عبيد : المَهْيَع : الطريق الواسع الواضح وقال أبو العيال الهذلي :

ارْجِع منيحتك التي أُتْبعْتَها

هَوْعاً وحَدَّ مذلَّق مسنون

يقول : رُدّها فقد جزِعت نفسُك في أثرها. وقيل الهُوع : العداوة ، وقيل : شدّة الحرص ، يقال : هاعت نفسه هُوعاً أي ازدادت حرصاً.

وفي «النوادر» : فلان منهاع إليّ ومُتَهَيِّع ، وتيّع ومتتيّع وتَرْعان وتَرِعٌ أي سريع إلى الشرّ.

باب العين والخاء

ع خ [وا يء]

خوع : الليث : الخَوْعُ : جبل أبيض ، وأنشد :

* كما يلوح الخَوْعُ بين الأجبالْ*

وقال غيره : الخَوْع : بطن من الأرض يُنْبِتْ الرِّمث ، وأنشد :

وأزفلةٍ ببطن الخَوْعِ شُعْثٍ

تنوء بهم مُنَعْثِلَةٌ نَئولُ

والخائع : اسم جبل يقابله جبل آخر يقال له : نائع ، وقال أبو وجزة السعدي يذكرهما :

والخائع الجَوْنُ آتٍ عن شمائلهم

ونائع النَّعْفِ عن أيمانهم يَفَعُ

أي مرتفع.

أبو عبيد : خوّع وخوّف أي نقص ، وقال طَرَفة :

وجاملٍ خَوَّع من نِيبه

زجُرا لمعلَّى أُصُلا والسفيح

ويروى : ... خوَّف من نيبه. وقال حُمَيد بن ثور :

ألَثَّت عليه دِيمة بعد وابل

فللجِزْع من خَوْع السيول قَسِيب

يقال : جاء السيل فخوّع الوادي أي كسر جَنْبَتَيْه.

باب العين والقاف

ع ق [وا يء]

عوق ، عقي ، قوع ، قعا ، وعق ، وقع : مستعملة.

عوق :قال الليث : تقول : عاق يعوق عَوْقاً ، ومنه التعويق والاعتياق ، وذلك إذا أردت أمراً فصرفك عنه صارف. تقول : عاقني عن الوجه الذي أردتُ عائق ، وعاقتني العوائق ، الواحدة عائقة. قال : ويجوز عاقني وعَقَاني بمعنى واحد. والتعويق تربيث الناس عن الخير. ورجل عُوَقَةٌ : ذو تعويق للناس عن الخير. قال : والعَوْق : الرجل الذي لا خير عنده ، وقال رؤبة :

* فَدَاك منهم كلُ عَوْقٍ أَصْلَدِ*

والعَوَقَةُ حيّ من اليمن ، وأنشد :

إني امرؤ حنظليّ في أَرومتها

لا من عَتِيك ولا أخوالي العَوَقُ

ثعلب عن ابن الأعرابي : العَوْق ، الأمر الشاغل ، والعُوق أبو عُوج بن عُوق.

١٨

وقال الليث : العَيُّوق : كوكب أحمر مُضِيءٌ بحيال الثريّا ، إذا طلع عُلم أن الثريا قد طلعت وعيّوق : فيعول ، يحتمل أن يكون بناؤه من عوْق ومن عيْق ، لأن الياء والواو في ذلك سواء ، وأنشد :

وعاندت الثريّا بعد هَدْءٍ

معاندة لها العيُّوق جار

قال : ويَعُوق : اسم صنم كان يُعبد على زمن نوح عليه‌السلام. قال : ويَعُوق يقال : إنه كان رجلاً من صالحي زمانِه قبل نوح ، فلمَّا مات جزع عليه قومه ، فأتاهم الشيطان في صورة إنسان فقال : أمثّله لكم في محرابكم حتى ترَوه كلّما صلَّيتم ، ففعلوا ذلك ، فتمادى بهم ذلك إلى أن اتّخذوا على مثاله صنماً فعبدوه من دون الله.

وأمّا قول الله جل وعز : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ) [الأحزَاب : ١٨] فإن المعوّقين قوم من المنافقين كانوا يثبِّطون أنصار النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عنه ، وذلك أنهم قالوا لهم : ما محمد وأصحابه إلا أَكَلَةُ رأس ، ولو كانوا لحماً لالتقمهم أبو سفيان وحزبه ، فخلُّوهم وتعالَوا إلينا ، فهذا تعويقهم إياهم عن نُصرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو تفعيل من عاق يعوق.

وقال أبو الهيثم : عاقني عنك عائق وعقاني عنك عاقٍ على القلب ، وأنشد :

فلو أني دعوتك من بعيد

لعاقك عن وعاء الذئب عاقى

أراد : عائق فقلبه. وقال العجّاح :

* لاثٍ به الأشاءُ والعُبْرِيُّ*

وإنما هو لائث من لاث يلوث فهو لائث فجعله من لثا يلثو فهو لاثٍ. ومثله : جُرُف هائر وهارٍ على القلب.

وقال الفراء : مثله عاث وعثا وقاف وقفا. أبو عبيد عن الأمويّ يقال للمرأة إذا لم تحظَ عند زوجها : ما لاقت ولا عَاقت ، أي لم تلصق بقلبه ، ومنه يقال : لاقت الدواةُ أي لصِقت وأنا ألقْتها. قلت : كأن عاقت إتباع للاقت.

وروى شمر لأبي عبيد عن الأمويّ : ما في شقائه عَيْقة من الرُّب. قلت : كأنه ذهب به إلى قوله ما لاقت ولا عاقت. وغيره يقول : ما في نِحْيِه عَبَقَةٌ ولا عَمَقَةٌ. وقال ابن الأعرابي : رجل عَوْقٌ لَوْقٌ وضَيِّقٌ لَيِّقٌ عَيِّقٌ.

أبو عبيد عن الأصمعي : العَيْقة : ساحل البحر. قلت : وتجمع عَيْقان.

قال الليث : عُوقٌ وَالِدُ عُوج ، قال : وعَوْقٌ موضع بالحجاز ، وأنشد :

فَعَوْق فُرمَاح فاكَ

سلوى من أهله قفرُ

وقال اللِّحياني : سمعت عاقِ عاقِ وغاقِ غاقِ لصوت الغراب ، قال : وهو نُعاقه ونُغاقه بمعنى واحد.

عقي : أبو العباس : عقا يَعْقُو ويَعْقِي إذا كرِه شيأ ، والعاقي : الكاره للشيء.

الحرَّانيّ عن ابن السكيت : أعقى الشيء يُعقي إعقاء إذا اشتدَّت مرارته. ويقال في مثل : لا تكن مُرّاً فتُعقِي ولا حُلْواً فتُزْدَرَد ويقال : فتُعْقَى ، فمن رواه فتُعْقِي تُفْعِل

١٩

فمعناه : فتشتدَّ مرارتك ، ومن قال : فتُعْقَى فتُلْفَظَ لمرارتك. ويقال : عَقَاه واعتقاه إذا احتبسه ومنه قول الراعي :

* صباً تعتقيها مرة وتقيمها*

قال بعضهم : معنى تعتقيها تُمضيها ، وقال الأصمعيّ : تحبسها.

أبو عبيد عن الأحمر يقال لأوّل ما يخرج من بطن الصبي : العِقْيُ ، وقد عَقَى يَعْقِي عَقْياً فإذا رضع فما بعد ذلك فهو الطَّوْف ، ويقال في مَثَلٍ : أحرص من كلب على عِقْي صبيّ.

وقال شمر قال ابن شميل : الحِوَلَاء مُضَمَّنة لما يخرج من جوف الولد وهو فيها ، وهي أعقاؤه والواحد عِقْي ، وهو شيء يخرج من دُبُره وهو في بطن أمّه أسود بعضِهِ وأصفر بعضٍ ، وقد عَقَى يَعْقي ، يعني الحُوار إذا نُتجت أُمُّه فما خرج من دُبُره عِقْيُ حتى يأكل الشجر.

وفي حديث ابن عباس حين سئل عن المرأة تُرضع الصبيّ الرَضْعة فقال : إذا عَقَى حرمت عليه المرأة وما ولدت.

قال أبو عبيد : إنما ذكر ابن عباس العِقْيَ ليعلم أن اللبن قد صار في جوفه لأنه لا يَعْقى من ذلك اللبن حتى يصير في جوفه وقد عَقَى المولود من الإنس والدوابّ ، وهو أوّل شيء يخرج من بطنه وهو يخرؤه.

وقال الليث : العِقْيُ : ما يخرج من بطن الصبي حين يولد ، أسودُ لَزِجٌ كالغِراء.

ويقال هل عقَّيتم صبيّكم أي هل سقيتموه عَسَلاً ليسقط عِقْيُه.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال المُعَقِّي : الحائم المستدير من العِقْبان بالشيء ، قال : وعَقَّت الدلوُ إذا ارتفعت في البئر وهي تستدير. وأنشد :

لا دَلْوَ إلَّا مِثْلُ دَلْوٍ أُهْبان

واسعةُ الفَزْغِ أدِيمان اثنان

مما ينقِّي من عُكَاظَ الركبان

إذا السقاة اضطجعوا للأذقان

عَقَّت كما عقَّت دَلُوف العِقْبان

بها فناهِبْ كل ساقٍ عجلان

قال : عقت : ارتفعت ـ يعني الدلو ـ كما ترتفع العُقاب في السماء.

قلت : قوله : عقّت بمنى ارتفعت. وأصله عقَّقَتْ ، فلما توالت ثلاث قافات قلبت إحداهن ياء ؛ كما قال العجّاج :

* تقضِّي البازي إذا الباز كَسَرْ*

ومثله قولهم : التظَني من الظنّ ، والتلعِّي لِلُّعاعة. وأصل تعقية الدلو من العقّ وهو الشقّ. يقال : عَقَّ الرجلُ بسهمه إذا رمى به في السماء فارتفع. ويسمى ذلك السهم العقيقة ، وقد مر تفسيره في مضاعف العين. وأنشد أبو عمرو في التعقية :

وعقَّت دلوُه حين استقلّت

بما فيها كتعقية العُقَاب

وقال أبو عبيدة : عقّى الرامي بسهمه من عقَّق. وعَقْوَةُ الدار : ساحتها. يقال : نزلت بعَقْوته.

٢٠