تهذيب اللغة - ج ٢

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٦

وقال الليث : الأعزل من الدواب : الذي يميل بذَنَبه عن دُبُره. والأعزل من الرجال : الذي لا سلاح معه. وأنشد أبو عبيد :

وأرى المدينة حين كنت أميرها

أمِنَ البريء بها ونام الأعْزَلُ

وفي نجوم السماء سِمَاكَانِ : أحدهما السِمَاك الأعزل ، والآخر السماك الرامح. فأمَّا الأعزل فهو من منازل القَمَر ، ينزل القمر وهو شآمٍ وسُمّي أعزل لأنه لا شيء بين يديه من الكواكب ؛ كالأعزل الذي لا سلاح معه. ويقال : سُمِّي أعزل لأنه إذا طلع لا يكون في أيامه ريحٌ ولا بَرْدٌ.

وقال أوْس بن حَجَر :

كأنّ قُرُون الشمس عند ارتفاعها

وقد صادفتْ قَرْناً من النجم أعْزَلَا

تردَّد فيه ضوؤها وشعاعها

فاحْصِنْ وأزْيِنْ لامرىءٍ إن تَسَرْبَلَا

أراد إن تسربل بها ، يصف الدرع أنك إذا نظرت إليها وجدتها صافية برّاقةً ، كأنّ شعاع الشمس وقع عليها في أيام طلوع الأعزل والهواءُ صافٍ. وقوله : تردَّد فيه يعني في الدرع فذكّره للَّفظ ، والغالب عليها التأنيث. وقال الطرِمَّاح :

محاهُنّ صَيّبُ نَوْء الربيع

من الأنجم العُزْلِ والرامحهْ

وعَزْلاء المزادة : مَصَبّ الماءِ منها في أسفلها حيث يُستفرغ ما فيها من الماء ، وجمعها العَزَالِي ؛ سمّيت عزلاء لأنها في أحد خُصْمَيِ المزادة لا في وسطها ، ولا هي كفمها الذي منه يُسْقَى فيها ، ويقال للسحابة إذا انهمرت بالمطر الْجَوْد : قد حَلَّتْ عَزَالِيهَا ، وأرسلت عَزَالِيهَا. والمِعْزَالُ من الناس : الذي لا ينزل مع القوم في السَفَر ، ولكن ينزل وحده. وهو ذمّ عند العرب بهذا المعنى. ويكون المِعْزَال : الذي يستبِدّ برأيه في رَعْي أُنُف الكَلأ ، ويتّبع مساقط الغيث ، ويَعْزُبُ فيها ، فيقال له : مِعْزَابه ومِعْزال. ومنه قوله :

وتلوى بلَبُون المِعْزَابَة المِعْزَالِ

وهذا المعنى ليس بذمّ عندهم لأن هذا من فعل الشجعان وذوي البأس والنَجْدة من الرجال. ويجمع الأعزل من الرجال الذي لا سلاح معه : عزلاً وأعْزَالاً. ومنه قول الفِنْد الزِمّاني ـ واسمه شَهْل ـ :

رأيت الفتية الأعْزَا

ل مثل الأيْنُق الرُعْلِ

فجمع الأعزل على أعزال ، وكأنه جَمْع العُزُلِ. وقد جاء في الشِعر : عُزَّلاً. ومنه قول الأعشى :

غير مِيل ولا عواوير في الهي

جا ولا عُزَّلٍ ولا أكْفَالِ

وقال أبو منصور : الأعزال جمع العُزُل على فُعُل كما يقال : جُنُب وأجناب ومياه أسدام جمع سُدُم.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الأعزل من اللحم يكون نصيبَ الرجل الغائب. والجمع عُزْلٌ. قال : والأعزل من الرمال : ما انعزل عنها أي انقطع.

٨١

ويقال لسائق الحمار : اقْرع عَزَلَ حمارك أي مؤخِّره. والعَزَلَة : الحَرْقَفة. والأعزل : الناقص إحدى الحَرْقَفتين. وأنشد :

قد أعجلت ساقتها قرع العَزَلْ

أبو داود عن ابن شميل : مرّ قتادة بعمرو ابن عبيد فقال : ما هذه المُعْتَزِلَةُ : فسُمُّوا المعتزلة. وهو عمرو بن عبيد بن باب. وفيه يقول القائل :

بَرِئتُ من الخوارج لستُ منْهم

من العُزَّالِ منهم وابن بَاب

وعازلة : اسم ضَيْعة كانت لأبي نُخَيلة الْحِمَّاني. وهو القائل فيها :

عازلة عن كل خير تُعْزَل

يابسة بطحاؤها تُفَلْفِلُ

للجنّ بين قارَتَيْها أفكل

أقبل بالخير عليها مقبلُ

ومقبل : اسم جبل بأعلى عازلة.

علز : قال الليث : العَلَزُ : شِبه رِعْدة تأخذ المريض والحريص على الشيء. تقول : ما لي أراك عَلِزاً. وأنشد :

عَلَزَان الأسِير شُدَّ صِفَادا

قلت : والذي ينزل به الموت يوصف بالعَلَز ، وهو سياقه نفسَه. يقال : هو في عَلَز الموت.

وقال الأصمعي : عَلِزَ الرجل يَعْلَزُ عَلَزاً إذا غَرِضَ. قلت : معنى قوله : غَرِضَ ههنا أي قَلِق.

أبو عبيد عن أبي عمرو : العِلَّوص والعِلَّوز جميعاً : الوجع الذي يقال له اللَوَى.

وعَالِز : اسم موضع ويقال للبظْر إذا غَلُظَ : عِلْوَذّ وعِلْوَدّ. والعِلْوَز : الجنون. وأعلزني أي أعوزني.

زلع : في الحديث أن المُحْرِم إذا تزلّعَتْ رجلُه فله أن يَدْهُنها. تزلّعَتْ أي تشقّقت. قال ذلك أبو عبيد وغيره.

وقال الليث : الزُّلُوع : شُقُوق تكون في ظهر القدم وباطنِه ، يقال زَلَعَتْ رِجْلُهُ وقدمُهُ. قال : والزَلْعُ استلابٌ في خَتْل ؛ تقول زَلَعْتُهُ وازدلعته. وقال المفضل : ازدلع فلان حَقِّي إذا اقتطعته. وقال : ازْدَلَعْتُ الشجرة إذا قطعتها. وهو افتعال من الزَلْع. والدال في ازدلعت كانت في الأصل تاءً.

وقال الليث : أزْلَعْتُ فلاناً في كذا أي أطْعَمْتُهُ. وقال ابن دريد : الزَيْلَعُ خَرَز معروف.

قال : وزَيْلَعُ : موضع. وقال زَلِعَتْ جراحته إذا فسدتْ.

وقال النضر : الزُلُوع والسُلوع : صُدوع في الْجَبَل في عُرْضه.

وقال أبو عبيد : زَلَعْتُ رِجْله بالنار أزْلَعُهَا. المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي يقال : زلعته وسلقته ودثثته وعصوته وهروته وفأوته بمعنى واحد رجل أزلع : قصير الشفتين في استحالة عن وضَح الفم. وامرأة زَلْعاء وَلْعاء : واسعة الفرج).

زعل : أبو عبيد : الزَعَل : النشاط. وقال الليث الزَعِلُ النشيط الأشِر. وحِمَار زَعِل. وقد أزْعَلَهُ الرِعْيُ. وقال أبو ذؤيب :

٨٢

أكل الْجمِيم وطاوعَتْهُ سَمْحَجٌ

مثلُ القناة وأزْعَلَتْهَا الأَمْرُعُ

وقال أبو زيد : الزَعَلُ والعَلَزُ : التضوُّر. وقال الليث : الزَعْلة من الحوامل : التي تلد سنة ولا تلد سنة ، كذلك تكون ما عاشت.

لعز : الليث : لَعَز فلان جاريته يَلْعَزُهَا إذا جامعها. قال : وهو من كلام أهل العراق. وقال ابن دريد : اللعْز : كناية عن النكاح ، بات يَلْعَزها. قال : وفي لغة قوم من العرب لَعَزَت الناقةُ فصيلها إذا لَطِعته بلسانها.

باب العين والزاي مع النون

[ع ز ن]

عنز ، نزع ، عزن. [مستعملة].

عزن : أبو العباس عن ابن الأعرابي : أعزن الرجل إذا قاسم نصيبه فأخذ هذا نصيبه وهذا نصيبه. قلت : وكأن النون مبدلة من اللام في هذا الحرف.

عنز : أبو عبيد : العَنَزَة : قَدْرُ نصف الرُمْح أو أكبر شيئاً وفيها زُجٌ كزُجّ الرمح. وقال الليث : العَنَزَة ـ والجميع العَنَزُ ـ يكون بالبادية ، دقيقُ الخَطْم. وهو من السِبَاع يأخذ البعير من قِبَل دُبُره ، وقلّما يُرَى. ويزعمون أنه شيطان. قلت : العَنَزة عند العرب من جنس الذئاب ، وهي معروفة ، ورأيت بالصَمَّان ناقة مُخِرَتْ من قِبَل ذَنبها ليلاً : فأصبحت وهي ممخورة قد أكلت العَنَزَة من عجزها طائفة والناقة حَيّة ، فقال راعي الإبل ـ وكان نُمَيريًّا فصحياً ـ طرقها العَنَزَةُ فمخرهَا والمَخْرُ : الشق وقلَّما تظهر العَنَزَة لخُبْثها. ومن أمثال العرب المعروفة : ركبتْ عَنْز بِحِدْج جملاً. وفيها يقول الشاعر :

شَرَّ يوميها وأغواه لها

ركِبتْ عنزٌ بحِدْج جَمَلَا

وقال أبو عبيد : قال الأصمعي : أصله أن امرأة من طَسْم يقال لها عَنْزٌ ، أُخِذَتْ سَبِيّة فحملوها في هودج وألطفوها بالقول والفعل. فعند ذلك قالت : شرَّ يَوْمَيْهَا وأغواه لها. تقول شرُّ أيامي حين صرت أُكرَم للسِبَاء ، يضرب مثلاً في إظهار البِرّ باللسان والفعلِ لمن يراد به الغوائل. وعُنَيْزَة من أسماء النساء تصغير عَنَزَة أو عَنْزَةٍ. وقبيلةٌ من العرب ينسب إليها فيقال : فلان العَنَزِي. والقبيلة اسمها عَنَزَة ، والعَنْزُ الأنثى من المِعْزَى. وأنشد ابن الأعرابي :

أَبُهَيُّ إنّ العَنْز تمنع ربها

مِن أن يُبَيِّتَ جاره بالحَائِلِ

أراد يا بُهَيَّة فرخّم. والمعنى : أن العَنْز يتبّلغ أهلها بلبنها فتكفيهم الغارةَ على مال الجار المستجير بأصحابها. وحَائل : أرض بعينها أدخل عليها الألف واللام للضرورة. وقال الليث : وكذلك العَنْز من الأوعال والظباء. قال : والعنْزُ : ضربٌ من السمك يقال له : عَنْز الماء. قلت : وسألني أعرابيّ عن قول رؤبة :

وأرَمٍ أعيسُ فوق عَنْزِ

فلم أعرفه. فقال : العَنْز القارة السوداء. والأرَم : عَلَم يبنى فوقها. وجعله أعيس لأنه بُني من حجارة بيض ليكون أظهر لمن

٨٣

يريد الاهتداء به على الطريق في الفلاة. وعُنَيْزَة : موضع في البادية معروفٌ ، وقال الليث : العَنْز في قول رؤبة ، صخرة تكون في الماء ، والذي قاله الأعرابيّ أصحّ. وقال الليث : العَنْز من الأرض : ما فيه حُزُونة من أكمة أو تَلّ أو حجارة. وقال غيره : يقال نَزَل فلان معتنِزاً إذا نزل حَرِيداً في ناحية من الناس. ورأيته مُعْتَنِزاً ومنتبِذاً إذا رأيته متنحِّياً عن الناس. وقال النضر : رجلٌ مَعَنَّزُ الوجه إذا كان قليل لحم الوجه. وأنشد :

مُعَنَّز الوجه في عِرْنينه شَمَمُ

وقال أبو داود : سمعت أعرابياً يقول لرجل : هو معنَّز اللحية ، وفسّره أبو دواد : بَزْرِيش كأنه شبّه لحيته بلحية التيْس. ومن أمثال العرب : حَتْفَها تحمل ضأنٌ بأظلافها. وقال أبو عبيد : من أمثالهم في هذا لا تَكُ كالعَنْز تبحث عن المُدْية ، يضرب مثلاً للجاني على نفسه جناية يكون فيها هلاكه ، وأصله أن رجلاً كان جائعاً بالفلاة فوجد عَنْزاً ولم يجد ما يذبحها به ، فبحثت بيديها وأثارت عن مُدْيةٍ ، فذبحها بها. ومن أمثالهم في الرجُلين يتساويان في الشرف : قولهم : هما كَرُكْبَتَي العَنْز ، وذلك أن ركبتيها إذا أرادت أن تَرْبض وقعتا معاً. ونحوُ ذلك قولهم : هما كعِكْمَي العَيْر. ويروى هذا المثل عن هَرِم بن سِنَان أنه قاله لعلقمة وعامر حين سافرا إليه فلم ينفِّر واحداً منهما على صاحبه ، ومن أمثالهم لقِي فلان يوم العَنْز ، يضرب مثلاً للرجل يَلْقي ما يُهلكه. نزع : أبو عبيد : الأنزع : الذي انحسر الشَعَرُ عن جانبَيْ جَبهته. والنَّزَعتان : ناحيتا منحسِر الشَعَرِ عن الجبينين. وقد نَزِعَ الرجل يَنْزَع نَزَعاً. والعرب تحبّ النزَع وتتيّمن بالأنزع ، وتذمّ الغَمَم وتتشاءم بالأغَمّ ، وتزعم أن الأغمّ القفا والجبينِ لا يكون إلَّا لئيماً. ومنه قول هُدْبَة بن خَشْرمَ :

لا تنكحي إنْ فرّق الدهر بيننا

أغمَّ القفا والوجهِ ليس بأنزَعا

قال أبو عبيد. والنزائع من الخيل : التي نَزَعت إلى أعراق. ويقال : التي انتُزِعت من أيدي قوم آخرين. قال : وقال الأصمعي : بئرٌ نزوع إذا نُزِعَ منها الماء باليد نَزْعاً. قال : وقال أبو عمر : هي النَّزَيع والنَّزُوع.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال رأيتُني أنْزِع على قَلِيب. معناه : رأيتني في المنام أسقِي بيدي من قَلِيب يقال : نزع بيده إذا استقى بدَلْوٍ عُلّق فيها الرشَاءُ. وفي حديث آخر أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلَّى يوماً بقوم فلمّا سلَّم من صلاته قال : «ما لي أنازَع القرآنَ». وذلك أن بعض المؤمنين جهر خلفه فنازعه قراءته ، فنهاه عن الجهر بالقراءة في الصلاة خَلْفه. والمُنَازعة في الخصومة : مجاذبة الحُجَج فيما يَتنازع فيها الخَصْمان. ومنازعة الكأس : معاطاتها. قال الله تعالى : (يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ) [الطور : ٢٣] ويقال نازعني فلان بنانه أي صافحني ، والمنازعة المصافحة. وقال الراعي :

٨٤

ينازعننا رخص البنان كأنما

ينازعننا هُدَّاب رَيْط معضَّد

سَلَمة عن الفرّاء قال : المَنْزَعة : الصخرة التي يقوم عليها الساقي قال والمَنْزَعة : القوس الفَجْواء. والمَنْزَعة. قوّة عزم الرأي والهمّة. ويقال للرجل الجيّد الرأي : إنه لجيّد المَنْزَعة. وأما المِنْزَعة بكسر الميم فخشبة عريضة نحو المِلْعَقة ، تكون مع مُشتار العسل ينزِع بها النحلَ اللاصق بالشَهْد وتسمّى المِحْبَضَة. ويقال للإنسان إذا هوى شيئاً ونازعته نفسه إليه : هو يَنْزِع إليه نِزَاعاً. ونَزَع في القوس يَنْزِع نَزْعاً إذا مَدّ وتَرها. قال الله جلّ وعزّ : (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً) [النازعات : ١] قال الفرّاء : تَنْزع الأنفسَ من صدور الكفّار ، كما يُغْرِق النازع في القوس إذا جَذَب الوَتر. وقال ابن السكيت : قال الكسائي : يقولون لتعلمنّ أينا أضعف مِنْزعة. والمِنزعة : ما يرجع إليه الرجل من رأيه وتدبيره ، جاء به ابن السكيت في باب مِفْعَلة ومَفعلة قال : وقوله (يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً) أي يتعاطون ، والأصل فيه يتجاذبون. وقال ابن عباس وابن مسعود في قوله : (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً). هي الملائكة. ويقال : فلان يَنْزِع نَزْعاً إذا كان في السياق عند الموت. وكذلك هو يسوق سَوقاً. ويقال نَزَعَ الرجل عن الصِبَا ، ينزِع نزوعاً إذا كفّ عنه. وربما قالوا : نَزْعاً. ويقال نَزَع فلان إلى أبيه يَنْزِع إذا أشبهه ، ونَزَعَ إلى عِرْق ، يَنْزِع ، وقد نَزَعَ شَبَهَهُ عِرْق. وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إنما هو عِرْق نَزَعَه. ونُزَّاعُ القبائل : غرباؤهم الذين يجاورون قبائل ليسوا منهم الواحد نَرِيع. ويقال للرجل إذا استنبط معنى آية من كتاب الله : قد انتزع معنًى جيّداً ، ونَزَعَهُ مثله إذا استخرجه. والمِنْزَعُ : السهم الذي يُرْمَى به. ومنه قول أبي ذؤيب :

فأنفذ طُرَّتَيه المِنْزَعُ

وقال ابن السكيت : انتزاع النيَّة : بُعْدها ، أخبرني بذلك المنذري عن الحراني عنه. قال أبو منصور : ومنه نزع فلان إلى وطنه. النزائع الغرباء وكذلك النُزّاع الواحد نزيع ونازع. وشرابٌ طيّب المِنْزَعة إذا كان طيّب الخِتام ، وهو ساعة ينزعه عن فيه. وقيل في قوله : (خِتامُهُ مِسْكٌ) [المطففين : ٢٦] إنهم إذا شرِبوا الرحِيق ففنِي ما في الكأس وانقطع الشُّرب انختم ذلك بريح المسك وطيبِه والله أعلم. وقال الليث : يقال للخيل إذا جَرَت : لقد نَزَعت سنَناً. وأنشد :

والخيل تنزِع قُبًّا في أعنّتها

كالطير تنجو من الشُؤْبُوبِ ذي البَرَدِ

والنَّزَعَة : الرُمَاة ، واحدهم نازع. ومنه المثل عاد الرميُ على النَّزَعة يضرب مثلاً للذي يَحيق به مَكْرُه. أبو عبيد عن الأموي : أنْزَعَ القوم فهم مُنْزِعون إذا نزعَتْ إبلُهم إلى أوطانها. وأنشد :

فقد أهافوا زعموا وأنْزَعُوا

ويقال هذه أرض تنازِع أرضنا إذا كانت تتاخمها. وقال ذو الرمّة :

لَقًى بين أجمادٍ وجَرْعاء نَازَعَتْ

حِبالا بهنّ الجازئات الأوابد

٨٥

والنزائع من الرياح : هي النُكْب ، سمّيتْ نزائع لاختلاف مَهَابِّها. وقال الليث : غَنَمٌ نُزُعٌ إذا حَنّت فاشتهت الفَحْل. وبها نزاع وشاةٌ نَازِع. ابن السكيت : النَّزَعة نبتٌ معروف. ابن الأعرابي : أنزع الرجل إذا ظهرت نزعاته.

باب العين والزاي مع الفاء

[ع ز ف]

عزف ، عفز ، زعف ، فزع : مستعملة.

عزف : يقال عَزَفَتْ نَفْسُه عن الشيء إذا انصرفت عنه عُزُوفاً. ورجلٌ عَزُوف عن اللهو إذا لم يشتههِ ، وعَزُوفٌ عن النساء إذا لم يَصْبُ إليهنّ. وقال الفرزدق :

عَزَفْتَ بأعشاشٍ وما كِدت تَعْزِفُ

والعَزِيفُ : صوت الرِمَال إذا هبّت بها الرياح. والعرب تجعل العَزِيف أصوات الجِنّ. وفي ذلك يقول قائلهم :

وإنّي لأجتاب الفلاة وبينها

عوازفُ جِنّانٍ وهام صَوَاخِدُ

وهو العَزْف أيضاً والعُزْف : الحَمَام الطُورانية في قول الشمَّاخ :

حتى استغاث بأحوى فوقه حُبُك

يدعو هديلاً به العُزْف العزاهيل

وهي المهملة. والعُزْف : التي لها صوت وهَدِير. وعَزَف الدُفّ : صوته. وقال الراجز :

للخَوْتع الأزرقِ فيها صاهلْ

عَزْف كعزف الدُفّ ذي الجَلَاجلْ

والمَعَازِف : قال الليث : هي الملاعب التي يُضرب بها ، يقولون للواحد : عَزْفٌ وللجميع مَعَازف رواية عن العرب ، فإذا أُفرد المِعْزَف فهو ضَرْبٌ من الطنابير يتَّخذه أهل اليمن وغيره يجعل العُود مِعْزَفاً.

وفي حديث أمّ زَرْع : «إذا سمعن صوت المَعَازف أيقَنّ أنهن هوالك». قلت : والعَزّاف : جبل من جبال الدهناء قد نزلتُ به. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي : عَزَفَتْ نفسُه أي سَلَتْ. وعَزَفَ الرجل يَعْزِف إذا أقام في الأكل والشرب. وأعْزَفَ سمع عَزِيف الرمال. عفز : أهمله الليث. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : العَفْز : الجَوْز الذي يؤكل. وقال أبو عمرو : مثله في العَفْز. وقال ابن الأعرابي : يقال للجوز عَفْزٌ وعَفَازٌ. والواحدة عَفْزة وعَفَازَة. قال والعَفَازَة : الأكمَة ، يقال : لقيته فوق عَفَازَة أي فوق أكمَة. وقال ابن دريد : العَفْز : الملاعبة ، يقال : باتَ يُعافز امرأته أي يغازلها. قلت هو من قولهم : بات يعافسها. فأبدل السين زاياً.

زعف : أهمله الليث. وهو مستعمل صحيح. رَوَى أبو عبيد عن الكسائي موت زُعَاف وذُعَاف وذُؤَاف بمعنًى واحد. قال : وقال الأصمعي : الموت الزعَاف : الوَحِيُّ. وقد أزعفته إذا أقْعَصْته. وكذلك ازدعفته. أبو عبيد عن أبي عمر : المُزْعِفُ : السمّ القاتل. وقال غيره : سيفٌ مُزْعِفٌ : لا يُطْنِي. وكان عبد الله بن سَبْرة أحد الفتّاك في الإسلام ، وكان له سيف سمّاه المزعِفَ. وفيه يقول :

٨٦

علوت بالمُزْعِف المأثورِ هامتَه

فما استجاب لداعيه وقد سَمِعَا

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الزُّعُوف : المَهَالك. عمرو عن أبيه قال : من أسماء الحيّة المِزعافة والمِزعامة.

فزع : قال الله تعالى : (حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) [سبإ : ٢٣] اتّفق أهل التفسير وأهلُ اللغة أن معنى قوله (فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) : كُشِف الفزع عن قلوبهم ، وتأويل الآية أنّ ملائكة سماء الدنيا كان عهدُهم قد طال بنزول الوَحْي من السموات العُلا ، فلمَّا نزل جبريل بالوحي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أوّلَ ما بُعث نبيًّا ظنّت الملائكة الذين في السماء الدنيا أن جبريل نزل لقيام الساعة ، ففزِعوا له ، فلمَّا تقرَّر عندهم أنه نزل لغير ذلك كُشِف الفَزَع عن قلوبهم فأقبلوا على جبريل ومن معه من الملائكة ، و (قالُوا) لهم (ما ذا قالَ رَبُّكُمْ؟. قالُوا) قال الله (الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ).

والذين (فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) ههنا ملائكة السماء الدنيا. وقيل : إن ملائكة كلّ سماء فَزِعوا لنزول جبريل عليه‌السلام ومن معه من الملائكة ، فقال كل فريق منهم لهم : (ما ذا قالَ رَبُّكُمْ)؟ وقال الفرّاء : المُفَزَّعُ يكون جَبَاناً ، ويكون شُجَاعاً ، فمن جعله مفعولاً به قال : بمثله تَنْزِل الأفزاع. ومن جعله جَبَاناً جعله يَفْزَع من كل شيء. قال : وهذا مثل قولهم للرجل : إنه لمُغَلَّبٌ ، وهو غالبٌ ، ومُغَلَّبٌ وهو مغلوب. قلت : ويقال : فَزَّعْتُ الرجل وأفزعته إذا رَوَّعته. وقال الليث : الفَزَع : الغَرَق. وقد فَزعَ يَفْزَع فَزَعاً فهو فَزعٌ. وفلان لنا مَفْزَعٌ. وامرأةٌ لنا مَفْزَع. معناه : إذا دَهِمنا أمر فَزِعنا إليه أي لجأنا إليه واستغثنا به. وقد يقال : فلان مَفْزَعة بالهاء يستوي فيه التذكير والتأنيث إذا كان يُفْزَع منه. ورجلٌ فَزَّاعة : يُفَزِّع الناسَ كثيراً. قلت : والعرب تجعل الفَزع فَرَقاً ، وتجعله إغاثةً للفَزِع المروَّع ، وتجعله استغاثة. فأمّا الفَزع بمعنى الاستغاثة فإنه جاء في حديث يرويه ثابت عن أنسٍ : أنه فَزِع أهل المدينة ليلاً ، فركب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فَرَساً لأبي طلحة عُرْياً ، فلمَّا رجع قال : «لن تُراعوا ، لن تُراعوا ، إني وجدته بَحْراً». معنى قوله فزِع أهل المدينة أي استَصْرخوا ، وظنّوا أن عدوًّا أحاط بهم ، فلمَّا قال لهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لن تُرَاعوا» سَكَن ما بهم من الفَزَع. وأما الحُجّة في الفزع أنه بمعنى الإصراخ والإغاثة فقول كَلْحَبة اليربوعي حيث يقول :

فقلت لكأسٍ ألجميها فإنما

حَلَلْنا الكَثِيب من زَرُودَ لنفزَعَا

معناه : لنغيث ونُصْرِخ مَن استغاث بنا. وقال بعضهم : أفزعت الرجل إذا رَوّعته ، وأفزعته أي أغَثْته. وهذه الألفاظ كلّها صحيحة ، ومعانيها عن العرب محفوظة. ويقال : فَزِعْتُ إلى فلان إذا لجأت إليه ، وهو مَفْزَع لمن فزِع إليه أي مَلْجأ لمن التجأ إليه.

باب العين والزاي مع الباء

[ع ز ب]

عزب ، زعب ، زبع ، بزع : مستعملة.

عزب : قال الله جلّ وعزّ : (عالِمِ الْغَيْبِ لا

٨٧

يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) [سبإ : ٣] معناه لا يغيب عن علمه شيء. وفيه لغتان : عَزَبَ يَعْزُبُ ويَعْزِبُ إذا غاب. ورجلٌ عَزَبٌ لا أهل له. أبو عبيد عن الفرّاء : امرأة عَزَبَة : لا زوج لها. وقال الكسائي مثله. وقال ابن بُزُرْج ـ فيما قرأت له بخطّ أبي الهيثم ـ : رجلٌ عَزَبٌ ، ورجلان عَزَبان ، وقومٌ أعزابٌ ، وامرأةٌ عَزَبة ونسوةٌ عَزَبَاتٌ ونساءٌ عُزَّابٌ : لا أزواج لهنّ ، وإن كان معهنّ أولادهنّ. وقال النضر : قال المنتجِع : يقال امرأة عَزَبٌ بغير هاء. قال ولا تقل : امرأة عَزَبَة. وأنشد في صفة امرأة جعلها عَزَباً بغير هاء :

إذا العَزَبُ الهوجاء بالعطر نَافَحَتْ

بَدَتْ شمس دَجْنٍ طلَّةً لم تَعَطّر

أبو حاتم عن الأصمعي : رجلٌ عَزَبٌ ، ولم يَدْرِ كيف يقال للمرأة. قال أبو حاتم : ويقال للمرأة أيضاً عَزَبُ. وأنشد :

يا من يَدُلُ عَزَباً على عَزَبْ

على ابنة الحُمَارِس الشيخ الأزَبْ

قال : ولا يقال رجل أعزب. وأجاز غيره : رجل أعزب. ويقال : إنه لعَزَب لَزَب وإنها لعَزَبة لَزَبة. ويقال عَزَبَ يَعْزُبُ وتعزَّب بعد التأهّل. وقالوا : رجلٌ عَزَبٌ للذي يَعْزُب في الأرض. وقال الليث : المِعْزَابة : الذي طالت عُزُوبته ، حتى ما له في الأهل من حاجة. قال وليس في الصفات مِفعالة غير هذه الكلمة. قلت : قال الفرّاء : ما كان من مفعال كان مؤنَّثه بغير هاء ، لأنه انعدل عن النعوت انعدالاً أشدّ من انعدال صَبُور وشَكُور وما أشبههما ممّا لا يؤنَّث ، ولأنه شُبِّه بالمصادر ، لدخول الهاء فيه. يقال امرأة مِحْماق ومِذْكار ومِعْطار. قال : وقد قيل رجل مجذامة إذا كان قاطعاً للأمور جاء على غير قياس. وإنما زادوا فيه الهاء لأن العرب تُدخل الهاء في المذكَّر على جهتين : إحداهما المدح والأخرى الذمّ إذا بولغ في الوصف. قلت والمِعزبة دخلتها الهاء للمبالغة أيضاً. وهو عندي : الرجل الذي يُكْثِر النهوض في ماله العزِيبِ يتتبَّعُ مساقط الغيث وأُنُف الكلأ. وهو مدح بالغٌ على هذا المعنى. قال الليث : ويقال أعْزَبَ عن فلان حِلْمُه يَعْزُب عُزُوباً ، وأعزب الله حِلْمه أي أذهبه الله وأنشد :

وأعزبتَ حلمي بعد ما كان أعْزَبَا

قلت : جعل أعزب لازماً وواقعاً. ومثله أملق الرجل إذا أعدم ، وأملق مالَه الحوادثُ. وقال الليث : العَازِبُ من الكلأ : البعيدُ المُطْلِب. وأنشد : وعَازِبٍ نَوّر في خلائه قال : وأعزب القوم : أصابوا عازِباً من الكلأ. قلت : وعَزَبَ الرجل بإبله إذا رعاها بعيداً من الدار التي حلّ بها الحيُّ لا يأوي إليهم. وهو مِعْزَابٌ ومِعْزابَةٌ وكلّ منفرد عَزَبٌ. ومُعَزِّبَةُ الرجل : امرأة يأوي إليها فتقوم بإصلاح طعامه وحِفظ أداته. ويقال ما لفلانٍ مُعَزِّبَة تُقَعّدُه. وقال أبو سعيد الضرير : ليس لفلان امرأة تُعَزِّبه أي تُذْهِبُ عُزْبته بالنكاح ، مثل قولك : هي تمرِّضه أي تقوم عليه في مَرَضه. وفي «نوادر الأعراب» : فلان يعزّب فلاناً ويُرَبِّض فلاناً ويَرْبِضه : يكون له مثل الخازن. والعَزِيبُ :

٨٨

المال العَازِبُ عن الحيّ ، سمعته من العرب. ومن أمثالهم : إنما اشتريتُ الغنم حِذارَ العازبة ، والعازبة : الإبل. قاله رجل كانت له إبل فباعها واشترى غنماً لئلا تَعْزُبَ ، فعَزَبتْ غَنَمُه فعاتب على عزوبها. يقال ذلك لمن ترفّق أهون الأمور مئونةً ، فلزمه فيه مشقَّةٌ لم يحتسبها. وهِراوة الأعْزاب : فرسٌ كانت مشهورة في الجاهليّة ، ذكرها لَبِيد وغيره من قدماء الشعراء. عمرو عن أبيه : يقال لامرأة الرجل : هي محصّنته ومُعَزّبته وحاصِنته وحاضِنته وقابِلته ولحافه وقال ابن شميل في قوله : ستجدونه معزّباً قال : هو الذي عَزَب عن أهله في إبله أي غاب. والعَزِيب : المال العازب عن الحيّ.

زعب : قال شمر : جاء فلان بقِرْبة يَزْعَبُهَا أي يحملها مملوءة ، ويَزْأبها : كذلك. وقال الفرّاء : قِربة مزعوبة ومَمْزورة : مملوءة. وأنشد :

من الفُرْنِيّ يَزْعَبُهَا الجميلُ

أي يملؤها. ومطرٌ زاعِبٌ : يزعَبُ كل شيء أي يملؤه وأنشد يصف سيلاً :

ما حازت العُفْر من ثُعَالة

فالرَوْحَاءُ منه مزعوبة المُسُلِ

أي مملوءة. وقال الأصمعي : مرّ السيل يَزْعَبُ إذا جَرَى. ومرَّ يَزْعَبُ بِحِمْله إذا مَرّ سريعاً. ورُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال لعمرو بن العاص : «إني أرسلت إليك لأبعثك في وجهٍ يسلّمك الله ويغنّمك ، وأزْعَبُ لك زَعْبَة من المال». قال أبو عبيد قال الأصمعي : قوله : أزعبُ لك زَعبة من المال أي أعطيك دُفْعة من المال. قال والزَّعْبُ : هو الدفع. وجاءنا سيل يَزْعَبُ زعْباً أي يتدافع. وقال الليث : زَعَبْتُ الإناء إذا ملأته. والرجل يَزْعَبُ المرأة إذا جامعها فملأ فرجها بفرجه. وقال غيره : الزَّعِيبُ والنعيبُ : صوت الغراب ، وقد زَعَبَ ونَعَبَ بمعنًى واحد. وزَعَبَ الرجل في قَيْئه إذا أكثر حتى يدفع بعضُه بعضاً. وزَعَبَتِ القِرْبةُ إذا دفعتْ ماءها. وقال المبرّد : الزَّاعِبِيُ من الرماح : منسوب إلى رجل من الخَزْرَج يقال له : زاعِب كان يَعْمل الأسنّة. قال : وقال الأصمعيّ : الزَّاعِبيُ الذي إذا هُزَّ كأنّ كعوبه يجري بعضُها في بعض لِلِينه. وهو من قولك مرّ يَزْعَبُ بِحملِه إذا مرّ مرًّا سهلاً وأنشد :

ونَصْلٌ كنَصْلِ الزَّاعِبيِ فَتِيق

قال أراد : كنصل الرمح الزاعبيّ. وقال ابن شميل : الزاعبية : الرِمَاح كلّها. وقال شمر في قوله :

زَعَبَ الغرابُ وليته لم يَزْعَب

يكون زَعَبَ بمعنى زعم أبدل الميم باءً ، مثل عَجْب الذنَب وعَجْمه. وقال ابن السكيت : الزُّعْب : اللئام القصار. واحدهم زُعْبُوبٌ على غير قياس. وأنشد الفرَّاء في الزُّعب :

من الزُّعبِ لم يضرب عدوًّا بسيفه

وبالفأس ضَرَّابٌ رؤوسَ الكرانِفِ

وروى أبو تراب عن أعرابي من قيس أنه قال هذا البيت :

مجتزىء بزِعْبه وزِهْبِهِ

٨٩

أي بنفسه. وزعَبَ لي زُعْبَةً من ماله وزَهَبَ لي زُهْبَةً إذا أعطاه قطعة وافرة. وأعطاه زِهْباً من ماله فازدهبه وزِعباً فازدعبه أي قطعةً. وقال الأصمعي : ازْدَعَبَ الشيء إذا حمله ، ومرّ به فازدعبه أي حَمَله.

زبع : الزَّبْع أصل بناء التزبُّع. أبو عبيد عن الأصمعي قال : المُتَزَبِّعُ : الذي يؤذي الناس ويشارّهم وقال متمِّم :

وإنْ تلقه في الشَرْب لا تلق فاحشاً

لدى الكأس ذا قاذورة مُتَزَبِّعا

وفي الحديث أن معاوية عزل عمرو بن العاص عن مصر ، فضرب فُسْطَاطه قريباً من فسطاط معاوية ، وجعل يتزبّع لمعاوية. قال أبو عبيد : التزبّع هو التَّغَيُّظ وكل فاحش سيّىء الخلق مُتَزَبِّعٌ.

وقال أبو عمرو : الزَّبِيع : الرجل المدَمْدِم في غضب. وهو المتزبّع.

وقال الليث : الزَّوْبَعة : اسم شيطان. ويكون الإعصار أبا زَوْبَعَةَ ، يقولون فيه شيطان مارد.

وقال ابن دريد : زَوْبَعَةُ : ريح تدور ولا تقصد وجهاً واحداً ، وتحمل الغبار ، أُخِذَت من التزبع.

وروي عن المفضل : الزوبعة مشية الأحرد. قلت : ولا أدري من رواه عن المفضّل ، ولا أعتمد هذا الحرف ولا أحُقّه.

بزع : عمرو عن أبيه قال : البَزِيع : الظريف.

وقال الليث : يقال : غلامٌ بَزِيعٌ ، وجاريةٌ بَزِيعَةٌ إذا وُصِفا بالظَرْف والمَلَاحة وذَكَاء القلب. ولا يقال إلا للأحداث. قال : وبَوْزَع : اسم رَمْلة من رمال بني سعدٍ. قلت : وبَوْزَع : اسم امرأة ، وكأنه فَوعل من البَزِيع.

باب العين والزاي مع الميم

[ع ز م]

عزم ، زمع ، زعم ، مزع ، معز : مستعملة.

عزم : قال الله جلّ وعزّ : (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) [محمد : ٢١] سمعت المنذري يقول : سمعت أبا الهيثم يقول في قوله تعالى : (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) هو فاعل معناه المفعول ، وإنما يُعْزَم الأمر ولا يَعزِم ، والعزم للإنسان لا للأمر. قال : وهكذا كقولهم : هَلَك الرجلُ وإنما أُهْلِكَ.

وقال الزجّاج في قوله : (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) : فإذا جدّ الأمرُ ولزم فرضُ القتال. قال : هذا معناه. والعرب تقول : عَزَمتُ الأمر وعزمتُ عليه. قال الله تعالى : (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة : ٢٢٧].

وقال الليث : العَزْمُ ما عَقَد عليه قلبُك من أمرٍ أنك فاعله. وتقول : ما لفلان عزيمة ، أي لا يثبت على أمرٍ يعزِم عليه.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «خير الأمور عوازمها». وله معنيان : أحدهما : خير الأمور ما وكّدت عَزْمَك ورأيك ونِيّتك عليه ، ووَفَيت بعهد الله فيه.

وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال : إن الله عزوجل يحبّ أن تؤتى رُخَصه ، كما يحبّ أن تؤتى عزائمه. قال أبو منصور :

٩٠

عزائمه : فرائضه التي أوجبها وأمرنا بها. ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : العَزْمِيُ من الرجال : المُوفِي بالعهد. والمعنى الثاني في قوله «خير الأمور عوازمها» أي فرائضها التي عَزَم الله عليك بفعلها. وأما قول الله جل وعزَّ في قصة آدم : (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) [طه : ١١٥] فإن الفرّاء قال : لم نجد له صَرِيمة ولا حَزْماً فيما فَعَل.

وقال أبو الهيثم : الصَرِيمة والعَزِيمة واحدة ، وهي الحاجة التي قد عزمْتَ على فعلها. يقال : طَوَى فلان فؤاده على عَزِيمة أمرٍ إذا أسَرّها في فؤاده.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : العرب تقول : ما له مَعْزِمٌ ولا مَعْزَم ولا عَزِيمة ولا عَزْمٌ ولا عُزْمَانٌ. وقال بعضهم في قوله : (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) أي رأياً معزوماً عليه. والعَزِيمُ والعَزِيمة واحد ، يقال : إن رأيه لذو عَزِيم. وقال الليث : العَزِيمة من الرُقَى : التي يُعْزَمُ بها على الجنّ والأرواح.

وقال غيره : عَزَمْتُ عليك لتفعلنَّ أي أقسمتُ. وعَزْمُ الراقِي والحَوّاء كأنه إقسام على الداء والحَيّة.

وقال الليث : الاعتزام : لزوم القَصْد في الحُضْر. وأنشد لرؤبة :

إذا اعتزمن الرَهْو في انتهاضِ

والرحل يَعْتزِم الطريقَ : يمضي فيه ولا ينثني ، وقال الأُرَيْقِط :

معتزماً للطُرُق النواشط

وعزائم السجود : ما عُزِمَ على قارىء آيات السجود أن يسجد لله فيها. والفَرَس إذا وُصِف بالاعتزام فمعناه تجليحُه في حُضْره غير مجيب لراكبه إذا كَبَحه. ومنه قول رؤبة :

مُعْتَزِم التجليح ملّاخ المَلَقْ

حدثنا محمد بن مُعَاذ عن عبد الجبار عن سُفْيَان عن إسماعيل بن أبي خالد قال : سمعت قيساً يقول : سمعت الأشعث يقول لعمرو بن معديكرب : أما والله لئن دنوتُ لأضرطنّك ، قال : كلّا والله إنها لعَزُوم مُفزعة. أراد بالعزوم اسْته.

أراد أن لها عَزْماً وليست بواهية فتضرِط وإنما أراد نفسه. وقوله : مفزَّعة : بها تنزل الأفزاع فتجليها. عزوم : ذات صرامة وحَزْم.

قال شمر : العزوم الصَبور المجدّة الصحيحة العَقْد. قال : والدُبُر يقال لها : أمّ عَزْم ، يقال : كذبته أمُ عزمِهِ. شمر : عزمت عليك أي أمرتك أمراً جِداً ، وهي العَزْمة. وعزائم السجود : ما أمِر السجود فيها. قال الأصمعي : العَزُوم من الإبل التي قد أسنَّت وفيها بقية من الشباب.

وقال ابن الأعرابي : العَزْمِيُ : بيَّاع الشجِير. قال والعُزُمُ : عَجَم الزبيب واحدها عَزْمٌ. قال والعَزُومُ والعَرْزَمُ : الناقة الهَرِمَة الدِلْقِم. قال والعَزْم : الصَبْرُ في لغة هُذَيل. يقولون : ما لي عنك عَزْمٌ أي صبرٌ.

وقال جلّ وعزّ : (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) [طه : ١١٥].

٩١

وأخبرني ابن مَنيع عن عليّ بن الجَعْد عن شُعْبة عن قَتَادة في قوله تعالى : (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) قال : صبراً.

وقال ابن الأعرابي : العُزُمُ : العجائز واحدتهنّ عَزُوم. قال والعَزْمُ : شَجِير الزَبِيب.

وقال أبو زيد : عُزْمَةُ الرجل : أُسْرته وقبيلته ، وجماعها العُزَمُ.

وقال أبو عمرو : العَزَمَةُ : المصحّحون للمودّة.

وقال ابن شميل في قوله : عَزْمَة من عَزَمَات الله قال : حقٌّ من حقوق الله أي واجب مما أوجبه الله. وقال في قوله تعالى : (كُونُوا قِرَدَةً) [البقرة : ٦٥] هذا أمر عَزْم. وقوله : (كُونُوا رَبَّانِيِّينَ) [آل عمران : ٧٩] هذا فَرْضٌ وحُكْمٌ.

زمع : الأصمعي : الزَّمَعُ : رِعْدة تعتري الإنسان إذا همّ بأمر ورجلٌ زَمِيعٌ ، وهو الشجاع الذي إذا أزْمَعَ الأمرَ لم يَنْثَنِ عنه. والمصدر : الزَّمَاعُ

أبو عبيد عن الكسائي : أزْمَعتُ الأمر ، وأنكر أزْمَعْتُ عليه. قال شمر : وغيره يجيز أزمعت عليه. أبو عبيد : الزَّمَعُ : الزيادة الناتئة فوق ظِلْف الشاة.

الأصمعي : الزَّمُوع من الأرانب : التي تقارِب عَدْوَهَا وكأنها التي تَعْدُو على زَمعتها. وهي الشَعَرات المُدَلّاة في مؤخِّر رِجْلها. أبو عمر : يقال منه : قد أزْمَعَتْ أي عَدَتْ.

وقال أبو زيد : الزَّمَعَةُ : الزائدة من وراء الظِلْف ، وجمعها زَمَع.

وقال الليث : الزَّمَعُ : هَنَات شِبْهُ أظفار الغنم في الرُسْغ ، في كل قائمة زَمَعَتَانَ كأنما خُلِقتا من قِطَع القُرُون. قال : وذكروا أن للأرنب زَمَعات خَلْف قوائمها. ولذلك تنعت فيقال لها : زَمُوع. قال : ويقال : بل الزَّمُوع من الأرانب النشيطةُ السريعة ، تَزْمَعُ زَمَعَاناً أي تخف وتسرع. قال : ويقال لرُذالة الناس : إنما هم زَمَعٌ ، شُبِّهُوا بزَمَع الأظلاف.

وقال الليث : الزَّمَّاعة بالزاي : التي تتحرك من رأس الصبيِّ في يافوخه. قال : وهي الرمّاعة واللَمَّاعة. قلت : المعروف فيها الرَمَّاعَة بالراء ، وما علمت أحداً روى الزَّمَّاعة غير الليث والله أعلم.

وقال ابن شميل : الزَّمَعُ : الأُبَنُ تخرج في مخارج العناقيد. وقد أزْمَعَت الحَبَلَةُ إذا أعظمت زَمَعَتها ودنا خروج الحِجنة منها والحِجنة والنامية شُعَب. إذا عظمت الزَّمَعة فهي البَنِيقة. وأكمحت الزَّمَعة إذا ابيَضَّت وخرج عليها مثل القُطْن ، وذلك الإكماح ، والزَّمَعة أول شيء يخرج منه فإذا عظم فهو بَنِيقة.

وقال الليث : أزمَع النَبْتُ إزماعاً إذا لم يَسْتَوِ العُشْب كله وكان قِطَعاً متفرّقة وبعضه أفضل من بعض.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الزَّمْعِيُ : الخسيس. والزَّمْعِيُ : السريع الغضب. وهو الداهية من الرجال.

سَلَمة عن الفرّاء قال : قَزَعَ قَزَعَاناً وزَمَعَ

٩٢

زَمَعَاناً وهو مَشيٌ متقارِبٌ.

وقال ابن الأعرابي : جاء فلان بالأزامع أي بالأمور المُنكَرات. قال : والزَّمَعُ من النبات : شيء ههنا وشيء ههنا مثل القَزَع في السماء. قال : والرَشَم من النبات مثل الزمَع : رَشَمَةٌ ههنا وَرَشَمَةٌ ههنا.

وفي «نوادر الأعراب» : زُمْعَةٌ من نَبْت ورُمْعَةَ من نبت وزُوعَة من نبت ولُمْعَة من نبت ورُقْعة من نبت بمعنى واحد.

زعم : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الزَّعْمُ يكون حقًّا ويكون باطلاً. وأنشد في الزَّعْم الذي هو حَقّ :

وإنّي أذينُ لكم أنه

سيُنجزكم ربّكم ما زَعَمْ

قال : والبيت لأُمَيَّة. وقال الليث : سمعت أهل العربية يقولون : إذا قيل : ذَكَر فلان كذا وكذا فإنما يقال ذلك لأمر يُسْتَيقَنُ أنه حَقّ ، فإذا شُكّ فيه فلم يُدْرَ لعلّه كذِب أو باطل قيل : زعم فلان. قال : وكذلك تفسّرُ هذه الآية : (فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ) [الأنعام : ١٣٦] أي بقولهم الكذبَ.

وسمعت المنذريّ يقول : سمعت أبا الهيثم يقول : تقول العرب قال إنه ، وزَعَم أنه ، فكسروا الألف مع قال ، وفتحوها مع زَعم ؛ لأن زعم فِعْل واقع بها أي بالألف متعدّ إليها ؛ ألا ترى أنك تقول : زعمتُ عبد الله قائماً ، ولا تقول : قلتُ زيداً خارجاً ، إلا أن تُدخِل حرفاً من حروف الاستفهام فتقول : هل تقولُه فعل كذا ، ومتى تقولني خارجاً؟ وأنشد :

قال الخليط غداً تَصَدُّعُنَا

فمتى تقول الدارَ تَجْمعُنَا

فمعناه فمتى تظنّ ومتى تزعم.

وقال ابن السكيت في قوله :

عُلِّقْتُهَا عَرَضاً وأقتُلُ قومها

زَعْماً لَعَمْرُ أبيك ليس بمزعَمِ

قال يقول : كان حُبّها عَرَضاً من الأعراض اعترضني من غير أن أطلبه. فيقول : عُلِّقْتُهَا وأنا أقتل قومها ، فكيف أحبّها وأنا أقتلهم أم كيف أقتلهم وأنا أحبّها! ثم رجع على نفسه مخاطِباً لها فقال : هذا فِعل ليس بفعل مثلي. قال : والزَّعْمُ إنما هو في الكلام. يقال : أمرٌ فيه مُزَاعَم أي أمرٌ غير مستقيم ، فيه منازعة بعدُ. قلت : والرجل من العرب إذا حدّث عمّن لا يحقق قولَه يقول : ولا زَعَمَاتِه ومنه قوله :

لقد خَطَّ رُومِيٌّ ولا زعماتِهِ

أبو عبيد عن الأصمعي : الزَّعُوم من الغنم التي لا يُدْرَى أبها شَحم أم لا. ومنه قيل : فلانٌ مُزَاعِم وهو الذي لا يوثَق به. عمرو عن أبيه قال : الزَّعُوم : القليلة الشحم ، وهي الكثيرة الشحم. وهي المُزْعِمة. قال فمن جعلها القليلة الشحم فهي المزعومة ، وهي التي إذا أكلها الناس قالوا لصاحبها توبيخاً له : أزَعَمْت أنها سمينة. وقال أبو سعيد : أمرٌ مُزْعِم أي مُطمِع وتزاعم القوم على كذا تزاعُماً إذا تظافروا عليه. قال : وأصله أنه صار بعضهم لبعض زعيماً. وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «الدَّيْنُ مَقْضِيٌّ والزعيمُ غارِم». وقال الله تبارك وتعالى :(وَأَنَا بِهِ)

٩٣

زَعِيمٌ [يوسف : ٧٢] قلت : وما علمت المفسّرين اختلفوا في قوله (وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ). قالوا جميعاً : معناه : وأنا به كفيل ، منهم سَعِيد بن جُبَير وغيره. أبو عبيد عن الكِسائيّ قال : زَعَمتُ به أزعمُ به زَعْماً وزَعَامَةً أي كفَلتُ به. وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : زَعَمَ يَزْعُمُ زَعَامَةً إذا كفَلَ. وزَعِمَ يَزْعَم زَعَماً إذا طمِع وقال لَبِيد :

تَطير عدائدُ الأشراك شَفْعاً

ووِتْراً والزَّعَامة للغلامِ

قال أبو العباس : الزَّعَامة يقال : الشرف والزعامة يقال الشرف والرياسة. قال وقال غير ابن الأعرابي : الزَّعَامة : الدِرْع. وزعيم القوم سيّدهم والمتكلِّم عنهم. وقال الفرّاء : زعيم القوم سيّدهم ومِدْرَهُهم وقال الليث : يقال زُعْم وزَعْمٌ. قال : والزُّعْمُ تميميّة. والزَّعْمُ حجازية. قال : وتقول : زعمتْ أني لا أحبّها ، وزعمتْني لا أحبّها ، يجيء في الشِعر. فأمَّا في الكلام فأحسن ذلك أن تُوقِع الزَّعْم على (أن) دُون الاسم. وأنشد :

فإن تزعُميني كنت أجهل فيكمُ

فإني شَرَيت الحِلْم بعدكِ بالجهل

قال : ويقال : زعِم فلان في غير مَزْعَم أي طَمِعَ في غير مطمَع. قال والتزعّم : التكذب وأنشد :

فأيّها الزاعِم ما تَزَعّمَا

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الزَّعْمِيُ الكذَّاب والزَّعْمِي الصادق. وقال شمر : روي عن الأصمعي أنه قال : الزَّعْم الكذب. قال الكميت :

إذا الإكام اكتست مآليها

وكان زَعْمَ اللوامع الكَذِبُ

يريد السراب. قال شمر : والعرب تقول أكذب من يَلْمَع. وقال شُرَيح : زعموا كنيةُ الكذب. وقال شمر : الزعم والتزاعم أكثر ما يقال فيما يُشَكُّ فيه ولا يُحَقَّق. وقد يكون الزعم بمعنى القول. ويروى للجعديّ يصف نوحاً :

نُودِيَ قُمْ واركبنْ بأهلك إنَ

الله موْفٍ للناس ما زَعَمَا

فهذا معناه التحقيق. والمِزْعَامَة الحيّة.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن سَلَمة عن الفرّاء قال الكسائيّ : إذا قالوا : عُزمَةٌ صادقة لأتينَّك رفعوا ، وحَلْفَةٌ صادقة لأقومنَّ قال : وينصبون يميناً صادقة لأفعلنَّ. قال : والزَّعْم والزُّعم والزِّعم ثلاث لغات.

معز : المَعْزُ والمعَزُ : ذوات الشعرِ من الغَنَم. ويقال للواحد مَاعِز. ويجمع مِعْزىً ومَعيزاً وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : مِعْزى تُصْرَفُ إذا شُبِّهَتْ بمِفْعَل. قال وأصله فِعْلَى فلا تصرف. قال : وهو المعتمد عليه. قال : وكذلك دُنْيَا لا تصرف : لأنها فُعْلَى. قلت الميم في المِعْزَى أصليّة. قال : ومن صرف دُنْيا شبَّهها بفُعْلَل ، والأصل ألَّا تصرف. ويقال : رجل ماعِز إذا كان حازماً مانعاً ما وراءه شَهْماً ، ورجلٌ ضائن إذا كان ضعيفاً أحمق. قال ذلك ابن حبيب. ثعلب عن

٩٤

ابن الأعرابي قال : المعْزِيّ : البخيل الذي يجمع ويَمْنَع. وقال الليث : الرجل الماعِز : الشديد عَصْبِ الخَلْق : يقال ما أمعزه من رجل ، أي ما أشدَّه وأصلبه. والأمْعُوز : جماعة الثياثل من الأوعال. وقال غيره : رجل مَعَّاز : صاحب مِعْزى. وقال الأصمعي : عِظَام الرمل ضوائنه ، ولِطَافه : مواعزه. وقال : رجل ضائن : كثير اللحم. ورجل ماعِز إذا كان معصوباً. وما أمعز رأيه إذا كان صُلْب الرأي. الرياشي عن الأصمعيّ قال الأمْعَز : المكان الكثير الحَصى والمَعْزاء مثله. وتجمع أمَاعِز ومَعْزاوات. وربما جُمعت على مُعْزٍ وأنشد الليث :

جَمادٌ بها البَسْبَاسُ يُرْهِصُ مُعْزهَا

بناتِ اللبون والصلاقمةَ الحمُرَا

وقال مثمر قال ابن شميل : المَعْزَاء : الصحراء فيها إشرافٌ وغلِظٌ ، وهي طينٌ وحَصًى مختلطانِ غير أنها أرض صُلْبة غليظة الموطىء ، وإشرافها قليل لئيم تقود أدنى من الدعوة وهي مَعِرَة من النبات. أبو عبيد عن أبي زيد : الأُمْعُوز : الثلاثون من الظِباء إلى ما زادت. وقال ابن شميل : المِعْزِى للذكور والإناث ، والمَعْزُ مثلها والمعيز مثلها وكذلك الضِئين.

مزع : في الحديث : «ما عليه مُزْعَةُ لَحْمٍ» معناه : ما عليه حُزّة لحم وكذلك ما في وجهه لحادة لحْم روى ابن المبارك عن معمر عن عبد الله بن مسلم عن حمزة بن عبيد الله عن ابن عمر قال : لا تزال المسألة تأخذكم حتى يلقى الله ما في وجهه مُزْعةُ لحم ويقال : مَزَّعَ فلان أمره تمزيعاً إذا فرّقه. وقال الكسائي ـ فيما رَوَى عنه أبو عبيد ـ ما عليه مُزعَة لحم في باب النفي. وقال الليث المِزْعَة من الريش والقطن كالمِزقة والبِتْكة وجمعها مِزَعٌ ومزَاعَة الشيء : سُقَاطتهُ. ثعلب عن ابن الأعرابي : المَزْعِيُ النمّام ويكون السيّار بالليل والقنافذ تَمْزَع بالليل مَزْعاً إذا سعت فأسرعتْ. وأنشد الرياشي لعَبْدة بن الطَبِيب :

قومٌ إذا دَمَسَ الظلام عليهم

حَدَجوا قنافذ بالنميمة تمزعُ

تضرب مثلاً للنمّام. ومزّع اللحم تمزيعاً إذا قطَّعه وقال خُبَيب :

وذلك في ذات الإله وإن يشأ

يبارك على أوصال شِلْو ممزَّع

وقال الليث : يقال مَزَعَ الظبْيُ يمزَعُ إذا أسرع في عَدْوه. والمرأة تمزّع القطن بيدها إذا زَبَّدَتهُ تقَطّعه ثم تؤلفه فتجوّده بذلك. وقال ابن الأعرابي : القُنْفُذ يقال له : المزَّاع. ويقال للظبي إذا عَدَا : مَزَعَ وقَزعَ. عمرو عن أبيه : ما ذقتُ مُزعَةَ لحم ولا حِذْفَةً ولا حِذبة ولا لحبَةً ولا حِرْباءة ولا يَرْبوعةً ولا مَلاكاً ولا مَلوكاً بمعنى واحد.

أبواب العين والطاء

ع ط د

استعمل من وجوهه : [عطد].

عطد : أبو العباس عن ابن الأعرابي : سَفَر عَطَوَّدٌ : شاقٌ شديد. وفي «نوادر

٩٥

الأعراب» : جَبَلٌ عَطَوَّدٌ وعَطَرَّدٌ وعَصَوَّدٌ أي طويل. وقال ابن شميل : هذا طريق عَطَوَّدٌ أي بيِّن يذهب فيه حيثما شاء. وقال الليث : العَطَوَّد السفر الشاقّ الشديد. وأنشد :

فقد لقينا سَفَراً عَطَوَّدَا

يترك ذا اللون البصيصِ أسْوَدَا

قال : وبعضٌ يقول : عَطَوَّط. وقال الفرّاء : العَطَوَّدُ : الطويل.

وقال أبو عبيد : العَطَوَّدُ الانطلاق السريع. ويقال ذهب يوماً عَطَوَّداً أي يوماً أجمع وأنشد :

أقِم أديم يومها عَطَوَّدَا

مثل سُرَى ليلتها أو أبْعَدَا

(ع ط ت) ، (ع ط ظ):

مهملات.

[باب العين والطاء مع الذال]

ع ط ذ

عذط ، ذعط. [مستعملات].

عذط : أبو العباس عن ابن الأعرابي : العِذْيوْطُ هو : الزُمَّلق والزَلق وهو الثَمُوت والثَّتّ. وقال : العِذيَوطَة من النساء : التي تحدث إذا أُتِيَتْ وهي التيتاءة ويقال : رجل تيتاء إذا كان كذلك وقال شمر : العِذيَوط الذي إذا غشي المرأة أكسل أو أحدث. وقال الليث : العِذْيَوْط : الذي إذا أتى أهله أبدَى. والجميع العذاويط والعذاييط.

وقد عَذْيطَ الرجلُ يُعَذيطُ عَذْيطَةً. ويجمع أيضاً على عِذْيَوْطِين. ومنهم من يقول عِظْيَوْط بالظاء.

ذعط : الأصمعيّ : الذاعط : الذابح ، ذَعَطَه إذا ذبحه. وقال الهُذَليّ :

إذا وردوا مصرهم عوجلوا

من الموت بالهِمْيَغ الذاعِطِ

وقال الليث : الذَّعْط : الذبح نفسه. وقد ذعطْته بالسكين ، وذَعَطَته المنيةُ وسَحَطته.

[باب العين والطاء مع الثاء]

ع ط ث

استعمل من وجوهه : ثطع ، ثعط.

ثطع : أبو العباس عن سَلَمة عن الفرّاء قال : الثُّطَاعِي مأخوذ من الثُّطاع وهو الزُكام. وقال الليث : ثُطِعَ فهو مثطوع. وهو مثل الزكام والسعال.

ثعط : عمرو عن أبيه : ثَعِط اللحمُ ثَعَطاً إذا أنتن. وأنشدني أبو بكر الإيادي :

يأكل لحماً بائتاً قد ثَعِطَا

أكثر منه الأكل حتى خَرِطَا

قال وخَرِط به أي غَصّ به. وقال أبو عمرو : إذا مَذِرت البَيْضة فهي الثَّعِطَة. وقال بعض شعراء هُذيل يهجو نساء :

يُثَعّطْنَ العَراب وهن سُودٌ

إذا خَالسْنَهُ فُلُحٌ فِدَامُ

العَرَاب : فثم الخَزَم ، واحدته عَرَابة. يُثَعّطْنَه : يرضَحْنَه ويَدْقُقْنه. فُلح : جمع الفَلْحَاء : الشفةِ. فدَام : هَرِمَات.

باب العين والطاء مع الراء

[ع ط ر]

عطر ، عرط ، طعر : مستعملة.

رعط ، رطع ، طرع : مهملة.

٩٦

عطر : قال الليث : العِطْر : اسم جامع لهذه الأشياء التي تعالج للطيب. وبَيَاعه : العَطّار ، وحِرْفته : العِطارة. ورجلٌ عَطِر وامرأةٌ عَطرَة إذا تعاهدا أنفسهما بالطيب. وقال غيره : رجلٌ عَطِر وامرأةٌ عَطِرَة إذا كانا طيّبَيْ ريح الجِرْمِ وإن لم يتعطّرا. وقال ابن الأعرابي : رجلٌ عاطِرٌ ، وجمعه عُطُر ، وهو المحِبّ للطِيبِ. وقال : رجلٌ عاطِر وعَطِر ومِعطار ومِعطِير. والمرأة مثله. وزاد غيره : يقال امرأة عَطِرة مَطِرة بَضّة مَضَّة. قال : والمَطِرة : الكثيرة السِوَاك ، وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : ناقة مِعْطَرة ومِعطار وعِرْمِسٌ أي كريمة. وروى أبو العباس عن عمرو عن أبيه : تأطَّرت المرأةُ وتعطّرت إذا أقامت في بيت أبويها ولم تتزوَّج. وقرأت في كتاب «المعاني» للباهليّ في قول الراجز :

لهْفي على عَنْزين لا أنساهُما

كأنَّ ظِل حَجَرٍ صغراهما

وصَالِغٌ مُعْطَرة كبراهما

قال مُعطَرة : حمراء. وجعل الأخرى ظل حجر لأنها سوداء. قال شمر : ناقة عَطَّارة وعطِرة وتاجرة إذا كانت نافقة في السوق. وقال أبو عبيدة : يقال : بطني أعْطِري وسائري فذري يقال ذلك لمن أتاك بما لا يحتاج إليه ويمنعك ما تحتاج إليه ، كأنه في التمثيل رجل جائع أتى قوماً فطيَّبوه.

عرط : أهمله الليث. وقال أبو الحسن اللِحْياني : العَقْرب يقال لها أُمّ العِرْيَط. ويقال عَرَط فلان عِرض فلان واعترطه إذا اقترضه بالغِيبة وأصل العَرْطُ : الشقّ حتى يَدْمَى.

طعر : روى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الطَّعْرُ إجبار القاضي الرجلَ على الحكم. قلت : وهذا مما أهمله الليث. وهو حرف غريب لم يروِه غير أبي عُمَر صاحب كتاب «الياقوت».

وقال ابن دريد في «كتابه» : طَعَرَ فلان جاريته طَعْراً ورَطَعَها رَطْعاً ، يكنَى به عن الجماع. ولم أسمعها لغيره ولا أدري ما صحتها. قال : وقال : اعترط الرجلُ إذا أبعَدَ في الأرض.

باب العين والطاء مع اللام

[ع ط ل]

عطل ، علط ، لعط ، لطع ، طعل ، طلع : مستعملات.

طعل : أهمل الليث طعل. وروى أبو عُمَر عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الطاعِل : السهم المقوَّم. والطَّعْل : القَدْح في الأنساب. قلت : وهما حرفان غريبان لم أسمعهما لغيره.

لعط : أهمله الليث أيضاً ، وهو معروف. قال النضر بن شُمَيْل ـ فيما قرأت بخطّ شَمِر له ـ : اللُّعْطُ : ما لَزِق بنجَفة الجَبَل. يقال : خذ اللُّعْطَ يا فلان. ومرّ بفلان لَاعِطاً أي مَرّ مُعَارِضاً إلى جَنْب حائط أو جَبَل. وذلك الموضع من الحائط والجبل يقال له : اللُّعْطُ. والمَلَاعِطُ : المراعِي حول البيوت. يقال : إبل فلان تَلْعَط المَلَاعِط أي ترعى قريباً من البيوت وأنشد شمر :

٩٧

ما راعني إلا جَنَاحٌ هابطا

على البيوت قَوطَه العُلابطَا

ذات فُضُول تَلْعَطُ المَلَاعِطَا

قال : وجَنَاح : اسم راعي غَنَم. وجعل هابطاً ههنا واقعاً وقال غيره : لَعَطني فلان بحقّي لَعْطاً أي لوانِي به ومَطَلَنِي. وروى أبو عُمَر عن ثعلب عن ابن الأعرابي : ألْعَطَ الرجلُ إذا مشى في لُعْط الجبل وهو أصله.

ويقال لَعْط الجبل أيضاً. ورأيته لاعِطاً أي ماشياً في جَنْب الجَبَل. أبو عبيد عن أبي زيد : نَعْجة لَعْطَاء وهي التي بِعُرْض عُنُقها لُعْطَة سوداء وسائرها أبيض. قلت : وهذه الحروف كلها صحيحة وقد أهملها الليث. عطل : أبو عبيد عن الفرّاء : امرأة عاطِل بغير هاء : لا حُلِيّ عليها. قال : وامرأة عُطُلٌ مثلها. وأنشدنا القَنانيّ :

ولو أشرَفَت من كُفَّة السِتْر عاطلاً

لقلتَ غزالٌ ما عيه خَضَاضُ

وقال الشمّاخ :

يا ظبيةً عُطُلاً حُسَانَةَ الجِيد

وقوسٌ عُطُل : لا وَتَر عليها. والأعطال من الخيل : التي لا أرسان عليها. وقال الليث : عَطِلَتِ المرأة تَعْطَلُ عَطَلاً وعُطُولاً وتَعَطَّلَت إذا لم تَلْبَس الزِينة وإذا تُرِك الثَغْرُ بلا حامٍ يحميه فقد عُطِّلَ. والمواشي إذا أهمِلَتْ بلا راع فقد عُطِّلَت وكذلك الرعيّة إذا لم يكن لها والٍ يسوسها فهم مُعَطَّلون ، وقد عُطِّلُوا أي أهمِلوا. و (بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ) لا يُسْتقى منها ولا ينتفع بمائها. وتعطيل الحدود : ألَّا تقام على مَن وجبت عليه. وعُطِّلَت الغَلّات والمزارع إذا لم تُعْمَرْ ولم تُحْرَث. وسمعتُ العرب تقول : فلان ذو عُطْلة إذا لم تكن له صنعة يمارسها. ودَلْوٌ عَطِلَة : إذا تَقَطع وذَمُها فتعطَّلت من الاستقاء بها وفي حديث عائشة في صفة أبيها : فرأب الثَأْي وأوذم العطِلة ، أرادت أنَّه ردّ الأمور إلى نظامها وقوَّى أمر الإسلام بعد ارتداد الناس ، وأوهى أمر الردَّة حتى استقامت له الناس. والعَطِيل : شِمْراخ من شماريخ فُحّال النخل يؤبَر به. سمعته من أهل الأحساء. والعَطَل : تمام الجسم وطولُه. وامرأة حَسَنة العَطَل إذا كانت حسنة الجُرْدَة. وقال أبو عمرو : ناقة حسنة العَطَل وهي ناقة عَطِلة إذا كانت تامَّة الجسم والطول. ونوق عَطِلَات. وقال لبيد :

فلا نتجاوز العَطِلات منها

إلى البَكْر المقارب والكَزُومِ

وقال الليث : شاة عَطِلَة : يعرف في عُنُقها أنها غزيرة. والعَيْطَل : الناقة الطويلة في حُسْن مَنْظَر وسِمَن. وقال ابن كُلْثوم :

ذِراعَيْ عَيْطَلٍ أدماء بِكْر

هِجان اللون لم تقرأ جَنِيناً

وقال الليث : امرأة عَيْطَلٌ : طويلة من النساء في حُسْن جسم. وامرأة عَطِلة ذات عَطَلٍ أي حُسن جسمٍ. وأنشد أبو عمرو :

وَرْهَاءُ ذاتُ عَطَلٍ وَسِيمُ

ورأيت بالسَّوْدَة من ديارات بني سعد جبلاً منيفاً يقال له : عَطَالَة وهو الذي يقول فيه القائل :

٩٨

خليليّ قُومَا في عَطَالَة فانْظُرَا

أناراً تَرَى من ذي أبانين أم برْقَا

وقال شمر : التعطّل : ترك الحُليّ : والمِعْطال من النساء : التي تُكثر التعطّل. وقال ابن شميل : المعطال من النساء : الحسناء التي لا تبالي ألّا تتقلّد قِلَادة لجمالها وتمامها. قال ومَعَاطِل المرأة : مواقع حُليّها. وقال الأخطل :

زَانَتْ مَعَاطِلها بالدُرّ والذهبِ

قال ويقال : امرأة عَطْلَاء : لا حليّ عليها.

علط : أبو عبيد : سمعت الأصمعيّ يقول ناقة عُلُط : بلا خِطام. قال أبو عبيد : وقيل ناقة عُلُطٌ لا سِمَةَ عليها. وقال الأحمر : العِلَاط سِمَة في العُنُق بالعَرْض وقد عَلَطْتها أعْلُطُها عَلْطاً. وقال غيره : عِلَاطا الحمامة طوقها في صَفْحَتَيْ عنقها بسوادٍ. وأنشد :

من العُلْط سفعاء العِلاطين بادرتْ

فُرُوعَ أشَاءٍ مَطلِع الشمس أسحَما

وقال ابن السكيت : العُلْطَة : القِلادة. وأنشد :

جاريةٌ من شِعْب ذي رُعَينِ

حَيَّاكة تمشي بعُلطَتَين

وقال أبو زيد : عَلطتُ البعير عَلْطاً إذا وَسَمْتَه في عُنُقه. قال : وعلَّطته تعليطاً إذا نزعتَ حَبْله من عنقه. وهو بعير عُلُطٌ من خِطَامه. وقال ابن دريد : العُلْطَةُ سواد تخطّه المرأة في وجهها تتزيَّن به. وكذلك اللُعْطة. قال : ولُعْطة الصقر : سُفْعَةٌ في وجهه. أبو العباس عن ابن الأعرابي : العُلُطُ : الطوال من النوق. والعُلُط أيضاً : القِصَار من الحَمِير. قلت : وهذا من «نوادر ابن الأعرابي». وقال : الإعلِيط : وعاء ثمر المَرْخ. وأنشد :

كإعليط مَرْخٍ إذا ما صَفِرْ

شبّه به أُذُن الفرس. وقال الليث : عِلَاط الإبْرة : خيطها. وعِلاط الشمس : الذي كأنّه خيط إذا نظرْت إليها. وكذلك النجوم. وأنشد :

وأعلاط النجوم مُعَلَّقَاتٌ

كحبل الفَرْق ليس له انتصابُ

قال : الفَرْق : الكتَّان. قلت : ولا أعرف الفرق بمعنى الكتّان. وقال غيره : أعلاط الكواكب هي النجوم المسمّاة المعروفة كأنها معلوطة بالسِمَاتِ. وقال بعضهم : أعلاط الكواكب هي الدَرَاريّ التي لا أسماء لها من قولهم : ناقة عُلُط : لا سِمَة عليها ولا خِطام. ونوق أعلاط. والأعلوَّاط : ركوب الرأس والتقحم على الأمور بغير رَوِيَّة. يقال : اعلوَّطَ فلان رأسَه ، واعلوَّط الجملُ العنَّاقةَ يَعلوِّطها إذا تسدَّاها ليضربها. وهو من باب الأفعوّال مثل الأخروّاط والاجلوَّاذ.

طلع : يقال : طلعَت الشمسُ تطلُع طُلُوعاً ومَطْلعاً فهي طالِعَة. وكذلك طلع الفجر والنجم والقمر. والمطلِع : الموضع الذي تطلع عليه الشمس وهو قوله تعالى : (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ) [الكهف : ٩٠]. وأمَّا قول الله جلّ وعزّ : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر : ٥] فإن الكسائي قرأها (هي حتى مَطْلِعِ الفجر)

٩٩

بكسر اللام. وكذلك روى عبيد عن أبي عمرو بكسر اللام. وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر واليزيديّ عن أبي عمرو وعاصم وحمزة (هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) بفتح اللام. وقال الفرّاء : أكثر القرّاء على (مَطْلَعِ). قال : وهو أقوى في قياس العربية ؛ لأن المطلَع بالفتح هو الطلوع ، والمطلِع بالكسر هو الموضع الذي يُطْلَع منه ، إلا أن العرب تقول : طلعت الشمس مطلِعاً فيكسرون وهم يريدون المصدر. وقال : إذا كان الحرف من باب فَعَلَ يَفْعُل ـ مثل دَخَلَ يدخُل وخَرَجَ وما أشبههما ـ آثرت العرب في الاسم منه والمصدر فتح العين إلا أحرفاً من الأسماء ألزموها كسر العين في مفعِل. من ذلك المسجِد والمطلِع والمغرِب والمشرِق والمَسْقِط والمفرِق والمَجْزِرُ والمسكِنُ والمرفِقُ والمنسِك والمنبِتُ فجعلوا الكسر علامة للاسم ، والفتح علامة للمصدر. قلت أنا : والعرب تضع الأسماء مواضع المصادر ، ولذلك قرأ من قرأ (هي حتى مَطْلِعِ الفجر) لأنه ذهب بالمطلِع ـ وإن كان اسماً ـ إلى الطلوع مثل المطلَع. وهذا قول الكسائي والفرّاء. وقال بعض البصريين : من قرأ (مَطْلِعِ الفجر) بكسر اللام فهو اسم لوقت الطلوع. قال ذلك الزجّاج. وأحسبه قول الخليل أو قول سيبويه. وقال الليث : يقال طلع فلان علينا من بعيد. قال : وطَلْعته : رؤيته. يقال حيّا الله طَلْعَتَك. قال : واطَّلَعَ فلان إذا أشرف على شيء ، وأطلع غيره. وقول الله جلّ وعزّ : (قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ) [الصافات : ٥٤ ، ٥٥] القرّاء كلهم على هذه القراءة ، إلا ما رواه حسين الجُعْفِيّ عن أبي عمرو أنه قرأ (هل أنتم مُطْلِعونِ) ساكنة الطاء مكسورة النون ـ فأُطلِعَ بضم الألف وكسر اللام على فأُفْعِلْ قلت : وكسر النون في (مُطْلِعُونِ) شاذ عند النحويّين أجمعين ، ووجهه ضعيف. ووجه الكلام على هذا المعنى : هل أنتم مُطْلِعيَ وهل أنتم مُطْلِعُوه بلا نون ؛ كقولك : هل أنتم آمِروه وآمِريّ. وأما قول الشاعر :

هم القائلون الخير والآمِرُونَهُ

إذا ما خَشُوا من محدَث الأمر مُعظَمَا

فوجه الكلام : والآمرون به. وهذا من شواذّ اللغات. والقراءة الجيّدة الفصيحة (هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ) [الصافات : ٥٤ ، ٥٥]. ومعناها : هل تحبون أن تتطلَّعوا فتَعْلموا أين منزلتكم من منزلة أهل النار فاطَّلع المسلم فرأى قَرِينَه (فِي سَواءِ الْجَحِيمِ) أي في وسط الجحيم. وإن قرأ قارىء : (هل أنتم مُطْلِعونَ) بفتح النون فأطْلَع فهي جائزة في العربيّة ، وهي بمعنى هل أنتم طَالِعُون ومطّلعُون. يقال : طَلَعْتُ عليهم واطّلعت عليهم بمعنًى واحدٍ. وقال ابن السكيت : يقال : نخلة مُطْلِعَة إذا طالت النخلةَ التي بحذائها فكانت أطول منها. وقد أطْلَعْتُ من فوق الجبل واطّلَعْتُ بمعنًى واحد.

وقال أبو زيد : يقال أطْلَعَ النخلُ الطَّلْع إطْلَاعاً ، وطَلَعَ الطَّلْع يَطْلُع طلوعاً ، وطَلَعْتُ على أمرهم أطلُع طُلُوعاً ، واطّلعتُ عليهم اطّلاعاً وطَلَعْتُ في الجبل أطلُعُ طلوعاً إذا أدبرت فيه حتى لا يراك

١٠٠