تهذيب اللغة - ج ٢

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٦

فهي ههنا الفرسان. وقال بعضهم : السعالِيَ من أخبث الغِيلان. ويقال للمرأة الصخَّابة : قد استسعلت. وقال أبو عدنان : إذا كانت المرأة قبيحة الوجه سيِّئة الْخُلُق شُبِّهت بالسِّعْلاة. وقيل : السِّعْلاة هي الأنثى من الغيلان ، وتجمع سعالِيَ وسِعْلَيات ، وقال أبو زيد : مثل قولهم : استسعلت المرأة قولهم. عَنْزٌ نَزَت في جبل فاستَتْيَسَتْ ، ثم من بعد استتياسها استعْنَزت ، ومثله : إن البغاث بأرضنا يستَنْسِر واستنوق الجمل. وقد استسعلت المرأة إذا صارت كأنها سِعْلاة خَبْثاً وسَلَاطة ؛ كما يقال : استأسد الرجل واستكلبت المرأة. ويقال : سَعَل الإنسان يَسْعل سُعَالاً وسَعَل سُعْلة. ويقال : به سُعَال ساعل ؛ كقولهم : شغل شاغل وشعر شاعر. والساعل الفم في بيت ابن مقبل :

على إثر عجَّاج لطيفٍ مصيرُه

يمجُّ لُعَاعَ العَضْرَس الجَوْنِ ساعلُهْ

أي فمه لأن الساعل به يسعل. أبو عبيدة : فرس سَعِل زعِل أي نشيط ، وقد أسعله الكلأ وأزعله بمعنى واحد. ثعلب عن ابن الأعرابي قال : السَّعَل : الشيص اليابس.

باب العين والسين مع النون

[ع س ن]

عسن ، عنس ، سنع ، سعن ، نسع ، نعس : مستعملات.

عسن : أبو عبيد عن الفراء قال : إذا بقيتْ من شحم الناقة ولحمها بقيَّة فاسمها الأُسْن والعُسْن وجمعهما آسان وأعسان ، وناقة عاسنة : سمينة. ونوق مُعْسِنات : ذوات عُسْن. وقال الفرزدق :

فَخُضْتُ إلى الأنقا منها وقد يَرَى

ذات النقايا المُعْسِناتُ مكانيا

أبو عمرو : أعسن إذا سمن سِمَناً حسناً.

وقال : العَسَن : الطول مع حسن الشعر والبياض. ويقال : هو على أعسان من أبيه وآسان. وقد تعسَّن أباه وتأسَّنه وتأسَّله إذا نزع إليه في الشَّبَه ، قال ذلك اللحياني وغيره. وقال الليث : العَسَن : نجوع العَلَف والرعْي في الدوابّ. تقول : عَسِنَت الإبل عسنَاً إذا نجع فيها الكلأ وسمِنت.

والعَسِن مثل الشكُور. والعَسْن : موضع معروف. أبو العباس عن ابن الأعرابي : العُسُن جمع أعسن وعَسُون وهو السمين. ويقال للشحمة : عُسْنة وجمعها عُسَن. وقال أبو تراب : سمعت غير واحد من الأعراب يقول : فلان عِسْل مال وعسنُ مال : إذا كان حسن القيام عليه. التعسين : خفّة الشحم من الجَدْب وقلّة المطر وكلأ معسَّن قال الراجز :

نِعْمَ قريعُ الشَّوْل في التعْسين

ويقال : التعسين : الشتاء. وأعسنت الناقةُ : حملت العُسْن وأعسنها الجَدْب : ذهب بعُسْنها وشحمها. وهذا كما يقال : قذّيت العين : أخرجت قذاها ، وأقذيتها : ألقيت فيها القَذَى.

عنس : العَنْس : الناقة الصُّلْبة ، وقال الليث : تسمَّى عَنْساً إذا تمَّت سِنّها واشتدَّت قُوَّتها ووَفَر عظامُها وأعضاؤها. قال : واعنونس

٦١

ذَنَب الناقة ، واعنيناسه : وفور هُلْبه وطولُه. وقال الطرمَّاح يصف ثوراً وحشياً :

يمسحُ الأرض بمعنونِس

مثل مِثلاة النِّيَاح القيام

أي بذنَب سابغ. أبو عبيد عن أبي زيد : العانس : المرأة التي تُعَجِّز في بيت أبويها لا تتزوج ، وقد عَنَست تَعْنُس عُنُوساً.

وقال الأصمعيّ : لا يقال : عَنَست ولا عَنَّست ولكن يقال : عُنِّست فهي مُعَنَّسة.

وفي الحديث أن الشعبي أو غيره من التابعين سئل عن الرجل يدخل بالمرأة على أنها بِكر فيقول : لم أجدها عَذراء ، فقال : إن العُذْرة يُذهبها التعنيس والحَيضة. وتُجمع العانس عُنّساً وعوانس. ويقال للرجل إذا طعن في السنّ ولم يتزوّج : عانس أيضاً ، والجميع العانسون ومنه قول الشاعر :

منا الذي هو ما إن طَرّ شارُبه

والعانسون ومنا المُرْدُ والشيبُ

وقال الليث : عَنَست المرأة عُنُوساً إذا صارت نَصَفاً وهي بِكر لم تتزوّج. وعنّسها أهلها إذا حبسوها عن الأزواج حتى جاوزت فَتاء السنّ ولمَّا تُعَجِّز فهي معنَّسة. وتجمع مَعَانس ومعنَّسات. وعَنْس : قبيلة من اليمن. وقال غيره : أعنس الشيبُ رأسَه إذا خالطه. وقال أبو ضَبّ الهذليّ :

فتى قَبَلا لم يُعْنِس الشيبُ رأسه

سوى خُيُط كالنَّور أشرقن في الدُجَى

روى المبرّد : لم تَعْنُس السنّ وجهه ، وهو أجود. وناقة عانسة وجمل عانس : سمين تامّ الخَلْق. وقال أبو وَجْزة السعديّ :

بعانسات هُزِمات الأزْمَل

جُشّ كبحريّ السحاب المُخْيِل

عمرو عن أبيه : العُنُس : المَرَايا ، واحدها عِنَاس للمرآة. قال : وعَنَست المرأة وعَنِست وعَنّست وأعْنست وتأطَّرت إذا لم تُزوَّج. وقال ابن السكّيت : يقال : رجل عانس وامرأة عانس وقد عَنَست تَعْنُس عِنَاساً.

سنع : أبو عبيد عن أبي عمرو : السَّنِيع : الحَسَن. وقال شمر : أهدى أعرابيّ ناقة لبعض الخلفاء فلم يقبلها فقال : لم لا تقبلها وهي حَلْبانة رَكْيانة مِسناع مرباع. قال المِسناع : الحسنة الخَلْق. والمرباع : التي تبكّر في اللِقاح. ورواه الأصمعيّ : إنا مِسْياع مِرْياع. قال : والمِسياع : التي تحمل الضَيْعة وسوءَ القيام عليها. والمِرْياع : التي يسافَر عليها ويعاد. وهذا في رواية الأصمعيّ. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : السَّنَع : الجَمَال. وقال : الإبل ثلاثة فذكر السانعة. عمرو عن أبيه : أسنع الرجل إذا اشتكى سِنْعه أي سِنْطَه وهو الرُسْغ. وقال ابن الأعرابي : السِّنْع : الحَزّ الذي في مَفْصِل الكفّ والذراع. وقال الليث : السِّنْع : السُلَامى الذي يصل بين الأصابع والرسغ في جوف الكفّ ، والجميع : الأسناع والسِّنَعة. والسَّنَائع : الطُرُق في الجبال ، الواحدة سَنِيعة. وقال :

إذا صدرت عنه تمشَّت مَخَاضُها

إلى السَّرْو تدعوها إليه السنائع

٦٢

ومَهْر سَنيع مُسْنَع : كثير. أسنع مَهْر المرأة ، وأسناه : أكثر ، قال :

مفرّكٌ مجتوىً لم ترض طَلّته

ولو أتاها بمَهر مُسْنَع رُغُب

وسُنُع الإبل : خيارها.

سعن : أبو العباس عن ابن الأعرابي : أسعن الرجلُ إذا اتخذ السُّعْنة وهي المِظَلَّة. وقال الليث : السُّعْنُ : ظُلّة يتّخذها أهل عُمَان فوق سُطُوحهم من أجل نَدَى الوَمَد. والجميع السُّعُون. قال : والسَّعْن : الوَدَك. وقال أبو سعيد : السَّعْن : قِرْبة أو إداوة يُقطع أسفلها ويشدّ عُنُقها وتعلَّق إلى خشبة ثم يُنبذ فيها. وقال الليث : السُّعْن شيء يتَّخذ من الأدَم شبه دَلْو إلا أنه مستطيل مستدير ، وربما جعِلت له قوائم يُنبذ فيه ، الجميع : السِّعَنة ، والأسعان. والمُسَعَّن من الغُرُوب يتّخذ من أدِيمين يقابل بينهما فيعرقان عراقين وله خُصْمان من جانبين لو وُضع قام قائمه في استواء أعلاه وأسفلِه. أبو عبيد عن أصحابه : يقال : ما لفلان سَعْنة ولا مَعْنة أي ما له قليل ولا كثير. قال : كان الأصمعيّ لا يعرف أصلها. وقال غيره : السُّعْنة من المِعْزَى : صغار الأجسام في خَلْقها ، والمَعْن : الشيء الهيّن وأنشد :

وإن هلاك مالك غير مَعْن

أبو العباس عن ابن الأعرابي : السَعْنة : الكثرة من الطعام وغيره ، والمَعْنة : القِلَّة من الطعام وغيره ، حكاه عن المفضل في قولهم : ما له سَعْنة ولا مَعْنة. قال : والسُّعْنة : القِرْبة الصغيرة يُنبذ فيها.

والسُّعْنة : المِظلَّة. نسع : ثعلب عن ابن الأعرابي : النِّسْع والسِّنْع : المَفْصِل بين الكفّ والساعد. وقال الأصمعيّ : يقال لريح الشّمال : نِسْع ومِسْع وأنشد :

نِسْع لها بعضاه الأرْض تهزيز

قلت : سُمّيت الشَّمَالِ نِسْعاً لدقَّة مَهَبّها ، فشبّهت بالنِّسْع المضفور من الأدَم ، وهو سَيْر يُضفر على هيئة أعِنَّة البِغال يُشدّ به الرحال. ويجمع نسوعاً وأنساعاً. الأصمعيّ : نسَّعَتْ أسنانُه تنسِيعاً ، وهو أن تطول وتسترخي اللثَات حتى تبدو أصولها وقد انحسر عنها ما كان يواريها من اللثَات ، وقال ابن الأعرابي : انتسعت الإبل وانتسغت بالعين والغين إذا تفرَّقت في مراعيها. وقال الأخطل :

رَجَنّ بحيث تنتسِع المطايا

فلا بقًّا تخاف ولا ذبابا

وقال الليث : امرأة ناسعة : طويلة البَظْر ونُسوعه : طولُه. قلت : ويَنْسُوعة القُفّ : مَنْهلة من مناهل طريق مكة على جادَّة البصرة ، بها ركايا عَذبة الماء عند منقطَع رمال الدهناء بين ماوِيّة والنِبَاج ، وقد شربْتُ من مائها. عمرو عن أبيه : أنسع الرجلُ إذا كثر أذاه لجيرانه. وقال أبو العباس : قال ابن الأعرابي : هذا سِنْعه وسَنْعه وشِنْعه وشَنْعُه وسِلْعه وسَلْعه ووَفْقه ووِفَاقه بمعنى واحد.

نعس : قال الله جل وعز : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ) [الأنفال : ١١]. يقال : نَعَس يَنْعُس نُعَاساً فهو ناعس ، وبعضهم

٦٣

يقول : نَعْسان. قال الفرّاء : ولا أشتهيها يعني نعسان. وقال الليث : قالوا : رجل نعسان وامرأة نَعْسَى ، حملوا ذلك على وَسْنان ووَسْنَى ، وربما حملوا الشيء على نظائره ، وأحسن ما يكون ذلك في الشعر. قلت : وحقيقة النعاس : السِّنَة من غير نوم ، كما قال ابن الرِّقَاع :

وَسْنان أقصده النعاسُ فرنَّقت

في عينه سِنَةٌ وليس بنائم

أبو العباس عن ابن الأعرابي : النَّعْس : لِين الرأي والجسم وضعفهما. قال : ورَوَى عمرو عن أبيه : أنعس الرجل إذا جاء ببنين كُسالى. وناقة نَعُوس : تُغمض عينيها عند الحلب. ونَعَست السوقُ إذا كَسَدت. والكلب يوصف بكثرة النعاس.

ومن أمثالهم :

يَمْطُل مَطْلاً كنُعاس الكلب

باب العين والسين مع الفاء

[ع س ف]

عسف ، عفس ، سعف ، سفع ، فعس : مستعملات.

عسف : رُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه بعث سَرِيَّة فَنَهى عن قتل العُسَفاء والوُصَفاء. وفي حديث أبي هريرة أن رجلاً جاء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إن ابني كان عَسيفاً على رجل كان معه ، وإنه زنى بامرأته. قال أبو عبيد : قال أبو عمرو وغيره : العُسَفاء : الأُجراء ، والواحد عَسِيف. وقوله : إن ابني كان عَسِيفاً على هذا أي كان أجيراً. وقال ابن السكيت في العَسِيف مثلَه. وقال غيرهم : العَسْف : ركوب الأمر بغير رَوِيَّة وركوبُ الفلاة وقطعها على غير توخّي صَوْب ولا طريق مسلوك. يقال : اعتسف الطريق اعتسافاً إذا قطعه دون صَوْب توخّاه فأصابه. وقال شمر : العَسْف : السَّيْر على غير عَلَم ولا أثَر. ومنه قيل : رجل عَسُوف إذا لم يَقْصِد قَصْد الحقّ. وعَسَف المفازة : قطعها بلا هداية ولا قصد. وتعسَّف فلان فلاناً إذا ركبه بالظلم ولم يُنْصِفه. ورجل عَسُوف إذا كان ظلوماً. أبو عبيد عن الأصمعي قال : إذا أشرف البعير على الموت من الغُدّة قيل : عَسَف يَعسِف ، هو بعير عاسف وناقة عاسف بغير هاء. والعَسْف : أن يتنفّس حتى تَقْمُصَ حَنْجرته أي تنتفخ. وقال ابن الأعرابي : أعسَف الرجل إذا أخذ بعيرَه العَسْفُ وهو نَفَس الموت. قال : وأعسف الرجل إذا لزِم الشرب في العَسْف وهو القَدَح الكبير. وأعسف إذا أخذ غلامه بعمل شديد ، وأعسف إذا سار بالليل خبط عشواء. وأما قول أبي وَجْزة السعديّ :

واستيقَنَت أن الصليفَ منعَسفْ

هو من عسف الحنجرة إذا قمصت للموت. وعُسفان : مَنْهَلَة من مناهل الطريق بين الجُحْفة ومَكّة.

عفس : أبو عبيد : عفست الرجل عَفْساً : إذا سجنته. وقال الرياشي ـ فيما أفادني المنذري له ـ : العَفْس : الكَدّ والإتعاب. وقال شمر : العَفْس الإذالة والاستعمال. وقال العجّاج :

٦٤

كأنه من طول جَذْع العَفْس

يُنحَت من أقطاره بفأس

وقال الليث : العَفْس : شدّة سَوْق الإبل. وأنشد :

يَعفِسها السوَّاقُ كل مَعْفَس

قال : الإنسان يَعفِسُ المرأةَ برجله إذا ضربها على عَجِيزتها يعافسها وتعافسه. وقال غيره : المعافسة : الممارسة : فلان يعافس الأمور أي يمارسها ويعالجها. والعِفَاس : العِلاج. والعِفَاس : اسم ناقة ذكرها الراعي في شعره فقال :

بمَحْنِية أشلى العِفَاس وبَرْوعا

وقال ابن الأعرابي : العِفَاس والمعافسة : المعالجة. وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال : عَفَسته وعكسته وعَتْرسته إذا جذبته إلى الأرض فضغطته إلى الأرض ضغطاً شديداً. قال : وقيل لأعرابيّ : إنك لا تحسن أكل الرأس ، فقال : أما والله إني لأعفس أذنيه ، وأفكّ لَحْييه وأسْحَى خدَّيه وأرمي بالمخّ إلى من هو أحوج مني إليه. قلت : أجاز ابن الأعرابي الصاد والسين في هذا الحرف. العِيَفْس : الغليظ. قال حُمَيد الأرقط :

وصار ترجيم الظنون الحَدْس

وتَيَهان التائه العِيَفْس

وثوب معفَّس : صبور على البِذْلة ، ومعفوس : خَلَق. وقال رؤبة :

بَدَّل ثوبَ الجِدَّة الملبوسا

والحُسْن منه خَلَقاً معفوسا

والمَعْفِس : المفصِل. وقال الحميريّ :

فلم يبق إلا مَعْفِس وعِجَانها

وشُنْتُرَة منها وإحدى الذوائب

سفع : قال الله جل وعز : (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ) [العلق : ١٥ ، ١٦] قال الفراء : ناصيته : مقدّم رأسه أي لَنَهصِرنَّها ولنأخذنَّ بها أي لنُقْمِئنَّه ولَنذِلَّنه. ويقال : لنأخذَنَّ بالناصية إلى النار كما قال : (فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) [الرحمن : ٤١] قال : ويقال : معنى لَنَسْفَعاً : لنسوّدنْ وجهه ، فكفت الناصية لأنها في مقدَّم الوجه قلت : أما من قال : (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) أي لنأخذنه بها إلى النار فحجَّته قوله :

قوم إذا فَزِعُوا الصريخ رأيتهم

من بين ملجم مُهره أو سافع

أراد : وآخذٍ بناصيته. ومن قال : لَنَسْفَعاً أي لنسوّدَنْ وجهه فمعناه : لنسِمَنّ موضع الناصية بالسواد ، اكتفَى بها من سائر الوجه لأنها في مقدم الوجه. والحُجَّة له قوله :

وكنتُ إذا نَفْسُ الغَوِيّ نزتَ به

سفعت على العِرنين منه بمِيسم

أراد : وسمته على عِرْنينه ، وهو مثل قوله : (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) [القلم : ١٦]. وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أُتي بصبيّ فرأى به سَفْعة من الشيطان فقال : «اسْتَرْقُوا له». قوله : سَفْعة أي ضربة منه ، يقال : سفعته أي لطمته ، والمسافعة : المضاربة. ومنه قوله الأعشى :

يسافع وَرْقاء جُونّية

ليدركها في حمام تُكَنْ

٦٥

أي يضارب. وروى أبو العباس عن عمرو عن أبيه قال : السُّفْعة والشُّفعة بالسين والشين : الجنون ، ورجل مسفوع ومشفوع أي مجنون. ورَوَى أبو عبيد عن الأمويّ أنه قال : المسفوعة من النساء : التي أصابتها سَفْعة وهي العين. ففي الحديث على هذا التفسير أنه رأى بالصبيّ عَيْناً أصابته من الشيطان فأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالاسترقاء له. وأحسبه أراد أن يُقرأ عليه المعوِّذتان ويُنفَث فيه. فهذه ثلاثة أوجه في قوله : رأى به سَفْعة. وأحسنها ما قاله الأمويّ ، والله أعلم. وفي حديث آخر : «أنا وسفعاء الخدَّين الحانيةُ على ولدها يوم القيامة كهاتين» وضمّ إصبعيه ، أراد بسفعاء الخدّين امرأة سوداء عاطفة على ولدها. وأراد بالسواد أنها ليست بكريمة ولا شريفة. وإذا قالت العرب : امرأة بيضاء فهي الشريفة الكريمة. وقال أبو حاتم : قال الأصمعيّ : الأسفع : الثور الوحشيّ الذي في خدّيه سواد يقرب إلى الحمرة قليلاً. قال : ويقال للأسفع : مُسَفَّع. وقال غيره : يقال للحمامة المطوَّقة : سفعاء لسواد عِلَاطها في عنقها. ومنه قوله :

من الوُرق سفعاء العِلَاطين باكرت

فروعَ أشَاءٍ مطلع الشمس أسحما

وقال الآخر يصف ثوراً وحشياً شبَّه ناقته في السرعة به :

كأنها أسفع ذو حِدَّة

يمسُده البقلُ وليل سَدِي

كأنما ينظر من برقع

من تحت رَوْق سَلِب مِذْوَد

شبَّه السُّفْعة في وجه الثور ببرقع أسود ولا تكون السفعة إلا سواداً مشرباً وُرْقة. ومنه قول ذي الرمَّة :

أو دِمْنة نسفت عنها الصَّبَا سُفَعا

كما تُنَشَّر بعد الطِيَّة الكُتُب

أراد : سواد الدِمَن أن الريح هبَّت به فنسفته وألبسته بياضَ الرمل ، وهو قوله :

بجانب الرزق أغشته معارفها

ويقال للأثافي التي أوقد بينها النار : سُفْع ؛ لأن النار سوَّدت صفاحها التي تلي النار. وقال زهير :

أثافيَ سُفْعاً في معرَّس مِرْجل

وأمَّا قول الطرمَّاح :

كما بَلَّ مَتْنَيْ طُفْية نَضْحُ عائط

يُزيِّنها كِنٌّ لها وسُفُوعُ

فإنه أراد بالعائط : جارية لم تحمل ، وسُفُوعها : ثيابها ؛ يقال : استفعت المرأة ثيابها إذا لبِستها. وأكثر ما يقال ذلك في الثياب المصبوغة. ويقال : سفعته النار تسفَعه سَفْعاً إذا لَفَحته لَفْحاً يسيراً فسوَّدت بَشَرته ، وسفعته السَّمُوم إذا لوَّحت بَشَرة الوجه. والسوافع : لوافح السَّموم.

سعف : أبو العباس عن ابن الأعرابي : السُّعُوف : جِهاز العَروس ، والعُسُوف : الأقداح الكبار وأخبرني المنذريّ عن الخرَّاز عن ابن الأعرابي أنه قال : كل شيء جاد وبَلَغ من عِلْق أو مملوك أو دار ملكْتها فهو سَعَف. يقال للغلام : هذا سَعَف سَوْءٍ. وقال ابن الأعرابي : والسُّعُوف : طبائع الناس من الكَرَم وغيره

٦٦

يقال : هو طيّب السُّعُوف أي الطبائع ، لا واحد لها. وفلان مسعوف بحاجته أي مُسْعَف. قال الغنويِّ :

فلا أنا مسعوف بما أنا طالب

والسُّعَاف : شُقَاق في أسفل الظُّفُر. وتسعف أطراف أصابعه أي تشقّقت وقال أبو عمرو : يقال للضرائب : سُعُوف. قال : ولم أسمع لها بواحد من لفظها. قال : والسَّعَف ـ محرّك ـ : جِهاز العروس. الحرَّاني عن ابن السكيت : السَّعَف : داء في أفواه الإبل كالجَرَب ، بعير أسعف ، والسَّعَف : وَرَق جَرِيد النخل الذي يسَفَّ منه الزُبْلان والجِلال والمراوح وما أشبهها. ويجوز السعف. والواحدة سَعَفة. وقال الليث : أكثر ما يقال له السَّعَف إذا يبس ، وإذا كانت رَطْبة فهي الشَّطْبة. قلت : ويقال للجَرِيد نفسه سَعَف أيضاً ، وواحدة الجريد جَرِيدة. وتجمع السَّعَفة سَعَفاً وسَعَفات. الحرَّاني عن ابن السكيت : يقال : في رأسه سَعْفة ـ ساكنة العين ـ وهو داء يأخذ الرأس. وقال أبو حاتم : السَعْفة يقال لها : داء الثعلب ، تورِث القَرَع ، والثعالب يصيبها هذا الداء ، فلذلك نُسب إليها. أبو عبيد عن الكسائي : سَعُفت يدُه وسَعِفت وهو التشعّث حول الأظفار والشُّقَاق. قال : وقال أبو زيد : ناقة سَعْفاء وقد سَعِفت سَعَفاً ، وهو داءٌ يتمعَّط منه خُرطومها ويسقط منه شعر العين قال : وهو في النوق خاصَّة دون الذكور. قال : ومثله في الغنم الغَرَب. وقال أبو عبيدة في كتاب «الخيل» : من شيات نواصي الخيل ناصية سعفاء وفرس أسعف إذا شابت ناصيته.

قال : وذلك ما دام فيها لون مخالف البياض. فإذا خلصت بياضاً كلها فهي صبغاء. وقال ابن شميل : التسعيف في المِسْك : أن يروِّح بأفاويه الطيب ويُخلط بالأدهان الطيّبة. يقال : سعِّف لي دُهْني. ويقال : أسعفتْ داره إسعافاً إذا دَنَت : وكل شيء دنا فقد أسعف. ومنه قول الراعي :

وكائنْ ترى من مُسْعِف بمنيَّة

ومكان مساعِف ومنزل مساعف أي قريب. وقال الليث : الإسعاف قضاء الحاجة. والمساعفة : المواتاة على الأمر في حسن مصافاة ومعاونة. وأنشد :

إذ الناس ناس والزمانُ بِغِرَّة

وإذ أُمُّ عمَّار صديق مساعِفُ

فعس : أهمل الليث هذا الحرف. وأخبرني المنذري عن أبي العباس أن ابن الأعرابي أنشده :

بالموت ما عَيَّرتِ يا لَمِيس

قد يَهْلِك الأرقم والفاعوس

والأسد المذرَّع النَّهوسُ

والبَطَل المستلئم الجَئُوس

واللَّعْلع المهتَبِل العَسوس

والفِيل لا يبقى ولا الهِرميس

قال : الجئوس : القتَّال. والفاعوس الأفعى. والمذرَّع : على ذراعه دم فرائسه. وقال ابن الأعرابي : يقال للداهية من الرجال : فاعوس ، قال : والهِرْمس : الكَرْكَدَنّ واللعلع : الذئب. والفاعوسة :

٦٧

فرج المرأة لأنها تتفاعس أي تنفرج. قال حُمَيد الأرقط يصف الكمرة :

كأنما ذُرَّ عليها الخَرْدَل

تبيت فاعوستها تَأكَّلُ

والفاعوس : الكمرة ، والفُعُس : الحيَّات. والفاعوس : الوَعِل والكَرَّاز والفَدْم والمُلاعِب.

باب العين والسين مع الباء

[ع س ب]

عسب ، عبس ، سبع ، سعب : مستعملة.

عسب : رُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه نَهَى عن عَسْب الفَحْل. قال أبو عبيد : قال الأموي : العَسْب : الكِرَاء الذي يؤخذ في ضِراب الفحل ، يقال منه : عسبت الرجلَ أعسِبه عَسْباً إذا أعطيته الكِرَاء على ذلك. قال : وقال غيره : العَسْب : هو الضِرَاب نفسه.

وقال زهير :

ولو لا عَسْبه لتركتموه

وشرّ مَنِيحة أيْر مُعَارُ

قال أبو عبيد : معنى العَسْب في الحديث : الكِراء ، والأصل فيه الضراب ؛ والعرب تسمّي الشيء باسم غيره إذا كان معه أو من سبَبه ، كما قالوا للمزادة : راوية وإنما الراوية : البعير الذي يُستقَى عليه. والعسيب : عسيب الذَّنَب وهو مستدَقُّه. والعَسِيب : جريد النخل إذا نحِّي عنه خُوصه. ويجمع عُسُباً وعُسْبَاناً. وعَسِيب : جبل بعالية نَجْد معروف ، يقال : لا أفعل كذا ما أقام عسيب. وفي حديث عليّ أنه ذكر فتنة فقال : «فإذا كان ذلك ضَرَب يَعْسُوبُ الدِين بذنبه فيجتمعون إليه كما يجتمع قَزَع الخَرِيف». قال أبو عبيد : قال الأصمعي : أراد بقوله : يعسوب الدين أنه سيّد الناس في الدين يومئذ. وفي حديث آخر لعليّ أنه مرّ بعبد الرحمن بن عتَّاب بن أسِيد مقتولاً يوم الجَمَل ، فقال : هذا يعسوب قريش ، يريد : سيّدها. قال الأصمعي : وأصل اليعسُوب : فَحْل النحل وسيّدها ، فشبَّهه في قريش بالفحل في النحل. قال أبو سعيد : معنى قوله : ضرب يعسوب الدين بذَنَبه أراد بيعسوب الدين ضعيفه ومحتقَره ، وذليله ، فيومئذ يعظم شأنه حتّى يصير غير اليعسوب. قال : وضَرْبه بذنبه : أن يغرِزه في الأرض إذا باض كما تَسْرأ الجراد. فمعناه : أن القائم يومئذ يثبت حتى يثوب الناس إليه وحتى يظهر الدين ويفشو. قال : وقول عليّ في عبد الرحمن بن أسِيد على التحقير له والوضع من قدره ، لا على التفخيم لأمره. قال الأزهري : والقول ما قاله الأصمعيّ لا ما قاله أبو سعيد في اليعسوب. قلت : وروى شمر الحديث الأول : ضرب يعسوب الدين بذَنبه فما زاد في تفسيره على ما قال أبو عبيد شيئاً. قلت : ومعنى قوله : ضرب يعسوبُ الدين بذنبَه أي فارق الفتنة وأهلها في أهل دينه. وذَنَبه : أتباعه الذين يتّبعونه على رأيه ويَجْتَبُون ما اجتباه من اعتزال الفِتن. ومعنى قوله : ضَرَب أي ذهب في الأرض مسافراً ومجاهداً ، يقال : ضرب في الأرض مسافراً وضرب فلان الغائط إذا أبعد فيها للتغوّط. وقوله : بذَنَبه أي

٦٨

في ذَنَبه وأتباعه ، وأقام الباء مُقَام في أو مقام مع ، وكلُّ ذلك من كلام العرب. ورَوَى ابن الأعرابي عن المفضّل أنه أنشده :

وما خير عيش لا يزال كأنه

مَحَلَّة يعسوبٍ برأس سِنان

قال : ومعناه : أن الرئيس إذا قُتل جُعل رأسُه على سِنَان ، فمعناه أن العيش إذا كان هكذا فهو الموت. وقال شمر : قال ابن شُميل : عَسْب الفحل : ضِرَابه. يقال : إنه لشديد العَسْب. ويقال للولد : عَسْب. وقال كثيّر يصف خيلاً أسقطت أولادها :

يغادرن عَسْب الوالقيّ وناصح

تخُصّ به أُمُّ الطريق عيالَها

فالعَسْب : الولد ويقال : ماء الفحل. والعرب تقول : استعسب فلان استعساب الكلب وذلك إذا ما هاج واغتلم. وكلب مُسْتَعْسِب. وقال الليث : اليعسوب : دائرة عند مَرْكَض الفارس حيث يركُض برجله من جَنب الفرس. قلت : وهذا غلط ، اليعسوب عند أبي عبيدة وغيره : خطّ من بياض الغُرَّة ينحدر حتى يمسّ خَطْم الدابَّة ثم ينقطع. وقد قاله ابن شميل. وقال الأصمعي : اليعسوب أيضاً : طائر أصغر من الجرادة طويل الذَنَب. وقال الليث : هو طائر أعظم من الجرادة. والقول ما قال الأصمعيّ.

عبس : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه نظر إلى نَعَم بني المُصْطَلِق وقد عَبِست في أبوالها وأبعارها فتقنَّع بثوبه وقرأ : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ) [طه : ١٣١] قال أبو عبيد : قوله : قد عَبِست في أبوالها يعني : أن تجفَّ أبوالُها وأبعارها على أفخاذها ، وذلك إنما يكون من كثرة الشحم ، وذلك العَبَسُ. وأنشد لجرير يصف راعية :

ترى العَبَس الحَوْليّ جَوْناً بكُوعها

لها مَسَكاً من غير عاج ولا ذَبْل

ونحو ذلك قال الليث في العَبَس. قال : وهو الوَذَح أيضاً. ويقال للرجل إذا قطَّب ما بين عينيه : عَبَس يَعْبِس عبُوساً فهو عابس ، وعبّس تعبيساً إذا كرَّه وجهَهُ. فإن كَشَر عن أسنانه مع عبوسِه فهو كالح. وعَبْس : قبيلة من قَيس عَيْلان ، وهي إحدى الجَمَرات. وعُبَيس : اسم. وعبّاس : اسم. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : العبّاس : الأسَد الذي تَهْرُبُ منه الأُسْد ، وبه سمّي الرجل عبّاساً. وقال أبو تراب : يقال : هو جِبْس عِبْس لِبْس إتباع ، ويوم عَبُوس : شديد.

سبع : السَّبْع من العدد معروف. تقول : سبع نسوة وسبعة رجال. والسبعون معروف ، وهو العِقْد الذي بين الستّين والثمانين. وفي الحديث : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «للبِكر سَبْع وللثيِّب ثلاث». ومعناه : أن الرجل يكون له امرأة فيتزوّج أخرى ، فإن كانت بِكراً أقام عندها سَبْعاً لا يحسبها في القَسْم بينهما ؛ وإن كانت ثيّباً أقام عندها ثلاثاً غير محسوبة في القَسْم. وقد سبَّع الرجلُ عند امرأته إذا أقام عندها سبع ليال. وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأمّ سَلَمة حين تزوّجها وكانت ثيّباً : «إن شئتِ سبَّعت

٦٩

عندك ثم سبَّعت عند سائر نسائي ، وإن شئت ثلثت ثم دُرْت» ، أي لا أحتسِب الثلاث عليك. ويقال : سبَّع فلان القرآن إذا وظَّف عليه قراءته في سبع ليال. وفي الحديث : سبَّعت سُلَيم يوم الفتح أي تمَّت سبعمائة رجل. وقال الليث : الأُسبوع من الطواف سبعة أطواف ، ويجمع على أسبوعات. قال : والأيّام التي يدور عليها الزمان في كل سبعة منها جمعة تسمَّى الأُسبوع وتجمع أسابيع ، ومن العرب من يقول سُبُوع في الأيام والطواف بلا ألف ، مأخوذة من عدد السبع. والكلام الفصيح : الأُسْبوع ، أبو عبيد عن أبي زيد : السَّبِيع بمعنى السُّبُع كالثَمين بمعنى الثُمن ، وقال شمر : لم أسمع سَبيعاً لغيره. وفي الحديث : «أن ذئباً اختطف شاة من غنم فانتزعها الراعي منه فقال الذئب : مَن لها يوم السَّبْع»؟ قال ابن الأعرابي : السبع : الموضع الذي إليه يكون المحشَر يوم القيامة ، أراد : من لها يوم القيامة وروي عن ابن عباس أنه سئل عن مسألة فقال : إحدى من سَبْع. قال شمر : يقول إذا اشتدّ فيها الفُتْيا قال : يجوز أن يكون الليالي السبع التي أرسل الله العذاب فيها على عاد ، ضربها مثلاً للمسألة إذا أشكلت. قال : وخلق الله السموات سبعاً والأرضين سبعاً وروي في حديث آخر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نهى عن السِّبَاع قال ابن الأعرابي : السِّباع : الفِخار كأنه نهَى عن المفاخرة بكثرة الجماع.

وحكى أبو عمرو عن أعرابي أعطاه رجل درهماً فقال : سبَّع الله له الأجر ، قال : أراد : التضعيف ، وفي «نوادر الأعراب» : سبّع الله لفلان تسبيعاً وتبَّع له تَتْبيعاً أي تابع له الشيء بعد الشيء ، وهي دعوة تكون في الخير والشر ، والعرب تصنع التسبيع موضع التضعيف وإن جاوز السبع ، والأصل فيه قول الله جل وعز : (كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ) [البقرة : ٢٦١] ثم قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة». قلت : وأُرَى قول الله جَلّ ثناؤه لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) [التوبة : ٨٠] من باب التكثير والتضعيف لا من باب حَصْر العَدَد ، ولم يُرد الله جل ثناؤه أنه عليه‌السلام إن زاد على السبعين غَفَر لهم ، ولكن المعنى : إن استكثرتَ من الدعاء والاستغفار للمنافقين لم يغفر الله لهم. وأمَّا قول الفرزدق :

وكيف أخاف الناس والله قابض

على الناس والسَّبْعَين في راحة اليد

فإنه أراد بالسبعَين : سبع سموات وسبع أرضين. ويقال : أقمت عنده سَبْعين أي جمعتين وأسبوعين.

أبو عبيد عن أبي عمرو : المُسْبَع : المهمَل. وهو في قول أبي ذؤيب :

صخِب الشواربَ لا يزال كأنه

عبد لآل أبي ربيعة مُسْبَعُ

ورَوَى شمر عن النضر بن شميل أنه قال : المُسْبَع : الذي يُنْسَب إلى أربع أمَّهات كلُّهن أمَة. وقال بعضهم : إلى سبع أمَّهات. قال : ويقال أيضاً : المُسْبع :

٧٠

التابعة. يقال : الذي يولد لسبعة أشهر فلم تُنْضجه الرحِم ولم تتمَّ شهوره.

وقال العجّاج :

إن تميماً لم يراضع مُسْبَعا

قال النضر : ربّ غلام قد رأيته يراضِع. قال : والمراضعة : أن يرضع أمّه وفي بطنها ولد. وروى أبو سعيد الضرير قول أبي ذؤيب :

عبد لآل أبي ربيعة مسبع

بكسر الباء وزعم أن معناه : أنه قد وقع السباع في ماشيته فهو يصيح ويصرخ ، ويقال : سبَّعت الشيء إذا صيَّرته سبعة ، فإذا أردت أنك صيَّرته سبعين قلت : كمَّلته سبعين ، ولا يجوز ما قال بعض المولَّدين : سبعنته ولا قولهم : سبعنَتْ دراهمي أي كَمُلتْ سبعين. وقولهم : أخذت منه مئة درهم وزناً وزنَ سبعة المعنى فيه : أن كل عشرة منها تزن سبعة مثاقيل ولذلك نصب وزناً.

والسُبُع يقع على ماله ناب من السِباع ويَعْدُو على الناس والدوابّ فيفترسها ؛ مثل الأسَد والذئب والنَّمِر والفَهْد وما أشبهها.

والثعلب وإن كان له ناب فإنه ليس بسَبُع لأنه لا يعدو على صغار المواشي ولا ينيّب في شيء من الحيوان.

وكذلك الضَبُع لا يعدّ من السباع العادِية ، ولذلك وردت السنَّة بإباحة لحمها وبأنها تُجزَى إذا أصيبت في الحَرَم أو أصابها المحرم.

وأما الوَعْوع ـ وهو ابن آوى ـ فهو سَبُع خبيث ولحمه حرام لأنه من جنس الذئاب إلا أنه أصغر جِرْماً وأضعف بَدَناً. ويقال : سبَع فلان فلاناً إذا قَصَبه واقترضه أي عابه واغتابه. وسبع فلاناً إذا عضَّه بسنّه.

ومن أمثال العرب السائرة قولهم : أخذه أخذ سَبْعة. قال ابن السكيت : إنما أصلها سَبُعَة فخُفّفتْ. قال : واللَبُؤة ـ زعموا ـ أنزقُ من الأسَد ، قال وقال ابن الكلبيّ هو سَبْعة بن عَوْف بن ثعلبة بن سَلامَان من طيّىء ، وكان رجلاً شديداً.

وقال ابن المظفّر : أرادوا بقولهم : لأعملنّ بفلان عمل سَبْعة : المبالغة وبلوغَ الغاية. قال : وقال بعضهم : أرادوا : عمل سبعة رجال. وأرضٌ مَسْبَعَة : كثيرة السِباع : ويقال : سَبَعْتُ القوم أسْبَعُهم إذا أخذت سُبُعَ أموالهم. وكذلك سَبَعْتُهُم أسْبَعُهم إذا كنت سَابِعَهُم. وفي أظمَاء الإبل السِّبْعُ ، وذلك إذا أقامت في مراعيها خمسة أيام كواملَ ، ووردت اليوم السادس ، ولا يُحسب يومُ الصَدَر. وسَبُعَتْ الوحشيّةُ فهي مسبوعة إذا أكل السَبُع ولدها.

قال أبو بكر في قولهم : فلان يَسْبَع فلاناً قولان. أحدهما : يرميه بالقول القبيح من قولهم : سبعت الذئب إذا رميته. قال : ويدلّك على ذلك حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه نهى عن السّبَاع وهو أن يتسابّ الرجلان فيرمي كلّ واحد منهما صاحبه بما يسوءه من القَذْع. وقيل : هو إظهار الرَفَث والمفاخرة بالجماع ، والإعراب بما يُكنَى عنه من أمر النساء.

٧١

قال والسَّبُعَان : موضعٌ معروفٌ في ديار قَيس. ولا يعرف من كلامهم اسم على فَعُلَان غيره.

وقال النضر بن شميل : السُّبَاعِيُ من الجِمال : العظيم الطويل. قال والرُباعيّ من الجمال ، مثل السُّبَاعِي على طوله. قال : وناقة سُبَاعِيَّة ورباعيّة. وقال غيره : ثوبٌ سُبَاعِي إذا كان طوله سَبْع أذرع أو سبعة أشبار ؛ لأن الشِبْر مذكّر ، والذراع مؤنثة. أبو عبيد عن الأصمعي : سَبَعْتُه إذا وقعت فيه ، وأسْبَعْتُه إذا أطعمته السِّباع.

وقال ابن السكيت : أسْبَعَ الراعي إذا وقع في ماشيته السِّبَاع. وسَبَعَ الذئبُ الشاةَ إذا فرسها. وسَبَعَ فلان فلاناً إذا وقع فيه ، وأسْبَعَ عَبْدُه إذا أهمله.

سعب : أهمل الليث هذا الحرف ، وهو مستعمل. يقال : انسعب الماءُ ، وانْثَعَبَ إذا سال ، وفُوه يَجْرِي سَعَابِيبَ وثعابيبَ إذا سال مَرْغُه أي لُعَابه. أبو عبيد عن أبي عمرو : السَّعَابيب التي تمتد شِبه الخيوط من العَسَل والخِطْمِيّ ونحوه. وقال ابن مقبل :

يَعْلُون بالمردقوش الوَرد ضاحيةً

على سعابيب ماء الضالة اللجِنِ

وقال ابن شميل : السعابيب ما اتَّبع يدَك من اللبن عند الحَلَب مثل النخاعة يتمطط والواحدة سُعْبوبة. وفي «نوادر الأعراب» : فلان مُسَعَّبٌ له كذا وكذا ، ومُسَغَّبٌ ، ومُسَوَّعٌ له كذا ، ومُسَوَّغٌ ومُزَغَّبٌ ، كل ذلك بمعنًى واحدٍ.

باب العين والسين مع الميم

[ع س م]

عسم ، عمس ، سمع ، سعم ، معس ، مسع : [مستعملات].

عسم : قال النَضْر : يقال : ما عَسَمْتُ بمثله أي ما بَلِلْت بمثله.

ويقال : ما عَسَمت هذا الثوب أي لم أجْهده ولم أنهكه. قال : وذكر أعرابي أمَة فقال : هي لَنَا وكلُّ ضربة لها من عَسَمة قال : العَسَمة : النَسْل. أبو عبيد عن الفرّاء : عَسَمْتُ أعْسِمُ أي كَسَبْتُ ، وأعْسَمْتُ أي أعطيت.

وقال شمر في قول الراجز :

بئر عَضُوض ليس فيها مَعْسَمُ

أي ليس فيها مَطْمَع. أبو العباس عن ابن الأعرابي : العَسَمُ : انتشار رُسْغ اليد من الإنسان. وقال أيضاً : العَسَمُ : يُبْسُ الرُسْغ.

وقال الليث : العَسَمُ : يُبْسٌ في المِرْفَق تعوجّ منه اليد. يقال : عَسِمَ الرجل عَسَماً فهو أعْسَم ، والمرأة عَسْمَاء. قال والعُسُومُ : كِسَر الخبز اليابس.

وأنشد قول أمية بن أبي الصَلْت في نعت أهل الجنة :

ولا يتنازعون عِنَان شِرْك

ولا أقواتُ أهلهم العُسُومُ

وقال يونس أيضاً في العُسُوم : إنها كِسر الخبز اليابس. وقوله :

كالبحر لا يَعْسِمُ فيه عَاسِمُ

٧٢

أي لا يطمع فيه طامع أن يغالبه. والرجل يَعْسِمُ في جماعة الناس في الحرب ، أي يركب رأسه ويرمي بنفسه وسطهم غير مكترِث. يقال عَسَمَ بنفسه إذا اقتحم. وقال غيره : عَسَمَت العَيْنُ تَعْسِمُ فهي عَاسِمة إذا غمَّضت ، وقال غيره : عَسَمَتْ إذا ذَرَفَت ، رواه الأثرم عن أبي عبيدة.

وقال ذو الرُمّة :

ونِقْضٍ كرِئْمِ الرملِ نَاجٍ زَجَرته

إذا العين كادت من كَرَى الليل تعْسِمُ

قيل : تَعْسِمُ تغمّض ، وقيل : تَذْرِف.

وقال الآخر :

كِلنا عليها بالقَفِيز الأعظم

تِسْعِين كُرًّا كلُّه لم يُعْسَم

أي لم يُطَفَّفْ ولم يُنقصْ.

وقال المفضّل : يقال للإبل والغنم والناس إذا جُهِدُوا : عَسَمَهُمْ شِدّة الزمان. قال والعَسْمُ الانتقاص. وحمارٌ أعْسَمُ : دقيق القوائم. وما في قِدْحِه مَعْسَم أي مَغْمز. ثعلب عن ابن الأعرابيّ : العَسْمِيُ : الكَسُوبُ على عياله. والعَسْمِيُ المُخَاتِل. والعَسْمِيُ المصلح لأموره ، وهو المعوجّ أيضاً. قال والعُسُمُ : الكادّون على العِيال ، واحدهم عَسُومٌ وعَاسِمٌ. قال والعَسُومُ : الناقة الكثيرة الأولاد.

عمس : أبو عبيد عن أبي عمرو قال : العَمُوسُ : الذي يَتَعَسَّفُ الأشياء كالجاهل. ومنه قيل : فلان يَتَعَامس أي يتغافل. قلت : ومن قال : يتغامس ـ بالغين ـ فهو مخطىء.

وقال أبو عمرو : يومٌ عَمَاسٌ مثل قَتَامٍ شديد.

وقال الأصمعي : يومٌ عَمَاسٌ ، وهو الذي لا يُدْرَى من أين يؤتى له. قال : ومنه قيل : أتانا بأمور مُعَمِّسَاتٍ ومُعَمَّسَاتٍ بنصب الميم وجرها أي مُلَوَّيَاتٍ.

وقال الليث : جمع عَمَاسٍ عُمْسٌ ؛ وأنشد للعجّاج :

ونزلوا بالسهل بعد الشأس

ومَرَّ أيامٍ مَضَين عُمْسِ

وأسد عَمَاس : شديد. وقال :

قبيِّلتان كالحذف المندّى

أطافٍ بين ذو ليد عَمَاسُ

وقد عَمُسَ يومُنا عَمَاسَةً وعُمُوسةً. ويقال : عَمَّسْت عليَّ الأمرَ أي لبَّسته. وعَامَسْتُ فلاناً مُعَامَسَةً إذا ساترته ولم تجاهره بالعداوة. وامرأة مُعَامِسَةٌ : تتستَّر في شَبِيبتها ولا تتهتّك وقال الراعي :

إن الحلال وخَنْزَراً وَلَدَتْهُمَا

أُمٌ مُعَامِسَةٌ على الأطهارِ

أي تأتي ما لا خير فيه غير معالِنة به. وقال أبو تراب : قال خليفة الْحُصَينيّ : يقال تَعَامَسْتُ عن الأمر وتَعَامَشْتُ وتَعَامَيْتُ بمعنًى واحدٍ. عمرو عن أبيه قال : العَمِيسُ الأمر المغطَّى. وقال الفرّاء : المُعَامَسَةُ السِّرَار. وفي «النوادر» حَلفَ فلان على العُمَيْسِيَّة ، وعلى الغُمَيْسِيَّة ، أي على يمين غير حقّ.

سعم : أبو عبيد : السَّعْمُ من سير الإبل. وقد سَعَمَ البعيرُ يَسْعَمُ سَعْماً. وناقةٌ سَعُومٌ

٧٣

وجَمَلٌ سَعُوم. وقال الليث : السَّعْمُ : سرعة السير والتمادي فيه. وأنشد :

سَعْمُ المَهَارَى والسُرَى دواؤُهُ

سمع : أبو زيد : يقال لسمع الأذن : المِسْمَع وهو الخَرْق الذي يُسمَع به. وقد يقال لجميع خُرُوق الإنسان. عينيه ومَنْخِريه وإسته : مَسَامع ، لا يفرد واحدها. الحرّاني عن ابن السكيت : السَّمْع سِمْع الإنسان وغيره. ويقال : قد ذهب سِمْعُ فلان في الناس وصِيتُه أي ذِكْره. قال : والسِّمْعُ أيضاً : ولد الذئب من الضَبُع. ويقال : سِمْع أزَلّ. قال : وقال الفرّاء : يقال : اللهم سِمْعٌ لا بِلْغٌ وسَمْعٌ لا بَلْغٌ وسَمْعاً لا بَلْغاً وسِمْعاً لا بِلْغاً معناه : يُسْمَعُ ولا يَبْلغُ. قال وقال الكسائي : إذا سمع الرجل الخبر لا يعجبه قال : سِمْعٌ لا بِلْغٌ وسَمْعٌ لا بَلْغٌ أي أسْمَعُ بالدواهي ولا تَبْلغني. الليث : السَّمْع : الأُذُن وهي المِسْمَعَةُ. قال : والمِسْمَعُ : خَرْقها. والسِّمْعُ : ما وَقَر فيها من شيء تسمعه. ويقال أساء سَمْعاً فأساء جَابَة أي لم يسمع حَسَناً. قال وتقول العرب : سَمِعَتْ أذني زيداً يفعل كذا أي أبصرْتُه بعيني يفعل ذاك. قلت : لا أدري من أين جاء الليث بهذا الحرف ، وليس من مذاهب العرب أن يقول الرجل : سَمِعَتْ أذني بمعنى أبصرتْ عيني وهو عندي كلام فاسد ، ولا آمن أن يكون ممّا ولّده أهل البِدَع والأهواء وكأنه من كلام الجَهْميَّة وقال الليث : السّمَاعُ : اسم ما استلذَّت الأذنُ من صوتٍ حسنٍ. والسَّمَاعُ أيضاً ما سَمِعْتَ به فشاع وتُكُلِّمَ به. والسَّامِعَتَان : الأذنان من كل ذي سَمْعٍ ، ومنه قوله :

وَسَامِعَتَانِ تعرف العِتْق فيهما

كَسَامِعَتَيْ شاةٍ بحَوْمَلِ مُفْرَدِ

و (السَّمِيعُ) من صفات الله وأسمائه. وهو الذي وسِعَ سَمْعُهُ كلّ شيء ؛ كما قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. قال الله تبارك وتعالى : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها) [المجادلة : ١] وقال في موضع آخر : (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى) [الزخرف : ٨٠] قلت : والعَجَب من قوم فسَّروا السَّمِيع بمعنى المُسْمِع ، فراراً من وصف الله بأن له سَمْعاً. وقد ذكر الله الفعل في غير موضع من كتابه. فهو سَمِيعٌ : ذو سَمْعٍ بلا تكييف ولا تشبيه بالسميع من خَلْقه ، ولا سَمْعُه كسمع خَلْقه ، ونحن نَصِفُهُ بما وصف به نفسه بلا تحديد ولا تكييف. ولست أنكر في كلام العرب أن يكون السَّمِيعُ سَامِعاً ، ويكون مُسمِعاً. وقد قال عمرو بن مَعْدِي كَرِبَ :

أمِنْ ريحانة الداعي السَّمِيعُ

يؤرِّقني وأصحابي هجوعُ

وهو في هذا البيت بمعنى المُسْمِع ، وهو شاذّ ؛ والظاهر الأكثر من كلام العرب أن يكون السميع بمعنى السامع ، مثل عليم وعالم وقدير وقادر. ورجلٌ سَمَّاعٌ إذا كان كثير الاستماع لما يقال ويُنْطَق به. قال الله جلّ وعزّ : (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) [المائدة : ٤٢] وفُسِّرَ قوله : (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) على وجهين أحدهما : أنهم يسمعون لكي يكذبوا فيما سمعوا.

٧٤

ويجوز أن يكون معناه : أنهم يسمعون الكذب ليُشيعوه في الناس والله أعلم بما أراده. عمرو عن أبيه أنه قال : من أسماء القيد المُسْمِعُ. وأنشد :

وَلِي مُسْمِعَانِ وَزَمَّارَةٌ

وظلٌّ ظليلٌ وحصْنٌ أَمَقْ

أراد بالزمّارة : السّاجور. وكتب الحجّاج إلى عامل له : أن ابعثْ إليّ فلاناً مُسَمَّعاً مُزَمَّراً أي مَقيَّداً مُسَوْجَراً. وقال الزجّاج : المِسْمَعَانِ جَانِبا الغَرْب. وقال أبو عمرو : المِسْمَعُ العُرْوة التي تكون في وسط المزادة. ووسط الغَرْب ليعتدل. أبو عبيد عن الأحمر قال : المِسْمَعَانِ : الخشبتان اللتان تُدْخَلان في عُرْوتي الزَبِيل إذا أخْرج به التراب من البئر ، يقال منه : أسمَعتُ الزَبِيل. وروى أبو العباس عن أبي نصر عن الأصمعي قال : المِسْمَعُ عُرْوة في داخل الدلو بإزائها عروة أخرى ، فإذا استَثقل الصبيُّ أو الشيخ أن يستقي بها جمعوا بين العُرْوتين وشدّوهما لتخفّ. وأنشد :

سألتُ زيداً بعد بَكْرٍ خُفَّا

والدَلْوُ قد تُسْمَعُ كَيْ تَخِفَّا

قال : سأله بَكْراً من الإبل فلم يعطه ، فسأله خُفًّا أي جَمَلاً مُسِنًّا. وقال آخر :

ونَعْدِلُ ذا المَيْلِ إنْ رَامَنَا

كما عُدِلَ الغَرْبُ بالمِسْمَعِ

وسمعت بعض العرب يقول للرجلين اللذين ينزِعان المِشْئاة من البئر بترابها عند احتفارها ، أسْمِعَا المِشْئاة أي أبيناها عن جُول الرَكِيَّة وفمها. وقال الله جلّ وعزّ : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) [البقرة : ٧] فمعنى خَتَمَ :

طَبَعَ على قلوبهم بكفرهم ، وهم كانوا يسمعون ويبصرون ، ولكنهم لم يستعملوا هذه الحواسّ استعمالاً يُجدي عليهم ؛ فصاروا كمن لم يسمع ولم يبصر ولم يعقل ؛ كما قال الشاعر :

أصَمُّ عَمَّا ساءه سَمِيعُ

وأما قوله : على سمعهم فالمراد منه على أسماعهم. وفيه ثلاثة أوجه أحدها : أن السمع بمعنى المصدر ، والمصدر يوحّد يراد به الجميع. والثاني أن يكون المعنى على مواضع سمعهم ، فحذفت المواضع كما تقول : هم عَدْلٌ أي ذوو عَدْلٍ. والوجه الثالث : أن يكون إضافته السمع إليهم دالاً على أسماعهم ؛ كما قال :

في حَلْقكم عَظْم وقد شَجِينا

معناه : في حلوقكم. ومثله كثير في كلام العرب. ورُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «من سَمَّعَ الناس بعمله سَمَّعَ الله به سَامِعُ خَلْقِه وحقّره وصغّره». ورواه بعضهم : أسَامِعَ خَلْقِه. قال أبو عبيد : قال أبو زيد : يقال سَمَّعْتَ بالرجل تسميعاً إذا ندَّدت به وشهَّرته وفضحته. قال : ومَن روى سامعُ خَلْقِه فهو مرفوع أراد : سَمَّعَ الله سامعُ خلقه به أي فضحه. ومن رواه أسَامِع خلقه فهو منصوب ، وأسَامِع جمع أسْمُع وهو جمع السَّمْع ، ثم أسَامِعُ جمع الأَسْمُع. يريد إن الله ليسمع أسماع خلقه بهذا الرجل يوم القيامة. والسُّمْعَةُ : ما

٧٥

سَمَّعْتَ به من طعام أو غيره رياءً. وسَمَّعْت بفلان في الناس إذا نوَّهتَ بذكره. وحدّثنا أبو القاسم بن مَنيع قال : حدّثنا محمد بن ميمون قال : حدّثنا سفيان قال : حدثنا الوليد بن حرب عن سَلمة بن كُهَيل عن جندب البَجَليّ قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من سمَّع يسمّع الله به ، ومن يُراء يراءِ الله به». زاد هذا الجنيد عن سفيان بإسناده. أبو عبيد عن أبي زيد في المؤلف : شتَّرت به تشتيراً ـ بالتاء ـ وندَّدت به وسمَّعت به وهجَّلت به إذا أسمعته القبيح وشتمته. قال الأزهري : من التسميع بمعنى الشتم وإسماع القبيح قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من سمَّع يُسمِّع الله به» أبو عبيد عن الأصمعي أو الأموي : السّمَعْمَعُ : الصغيرُ الرأس. ورَوَى شمر عن ابن الكلبي أن عَوَانَة حَدَّثه أن المغيرة سأل ابن لِسَان الحُمَّرة عن النساء ، فقال : النساء أربع : فربيع مُرْبع. وجَميعٌ تَجمع. وشيطانٌ سَمَعْمَع. ويروى سُمَّعَ ، وغُلٌّ لا يُخْلَع. قال : فَسِّرْ. قال : الربيع المُرْبعُ : الشابَّة الجميلة ، التي إذا نظرْت إليها سرّتك ، وإذا أقسمت عليها أبَرّتك. وأمَّا الجميع التي تَجمع فالمرأة تَزَوَّجُها ولك نَشَبٌ ولها نَشَبٌ فتجمع ذلك. وأمَّا الشيطان السَّمَعْمَع فهي الكالحة في وجهك إذا دَخَلْتَ ، المولولِة في أثرك إذا خرجتَ. قال شمر : وقال بعضهم امرأة سَمَعْمَعَة كأنها غُول. قال : والشيطان الخبيث يقال له سَمَعْمَع. قال : وأما الغُلّ الذي لا يُخْلع فبنت عمك القصيرة الفوهاء ، الدَمِيمة السوداء ، التي قد نَثَرتْ لك ذا بطنِها. فإن طلّقتها ضاع ولدك ، وإن أمسكْتها أمسكْتها على مثل جَدْع أنفك. وقال الليث : السَّمَعْمَع من الرجال : المنكمش الماضي. قال : وغُولٌ سَمَعْمَعٌ وامرأة سَمَعْمَعةٌ كأنها غولٌ أو ذئبةٌ. والمِسْمَعان الأذنان ، يقال : إنه لطويل المِسْمَعَين. وقال الليث : السميعان من أدوات الحرّاثين : عودان طويلان في المِقْرَن الذي يُقْرن به الثَوْران لحراثة الأرض. وقال أبو عبيد عن أبي زيد : امرأةٌ سُمْعُنَّة نُظْرُنَّة ، وهي التي إذا سَمِعتْ أو تبصّرتْ فلم تر شيئاً تظنَّتْ تَظَنِّياً أي عمِلتْ بظنّ. قال وقال الأحمر أو غيره : سِمْعَنَّةٌ نِظْرَنَّةٌ. وأنشد :

إنَّ لنا لكَنَّهْ مِعَنَّة

مِفَنَّهْ سِمْعَنَّةً نِظْرَنَّهْ

إلَّا ترهْ تَظُنَّهْ

كالذئب وَسْطَ العُنَّهْ

وقال أبو زيد : يقال فعلتُ ذلك تَسْمِعَتَكَ وتَسْمِعَةً لك أي لِتَسْمَعَهُ. وفي حديث قَيْلَة أن أختها قالت : الويلُ لأختي ، لا تخبرها بكذا فتخرجَ بين سمع الأرض وبصرها. قال أبو زيد : يقال خرج فلان بين سَمْعِ الأرض وبصرها إذا لم يَدْرِ أين يتوجَّه. وقال أبو عبيد : معنى قولها : تخرج أختي معه بين سمع الأرض وبصرها : أن الرجل يخلو بها ليس معها أحد يسمع كلامها أو يبصرها إلّا الأرض القَفْر ، ليس أن الأرض لها سَمْع ولكنها وَكّدت الشناعة في خلوتها بالرجل الذي صحبها. وقيل معناه : أن تخرج بين سَمْع أهل الأرض

٧٦

وأبصارهم ، فحذفت الأهل كقول الله جلّ وعزّ : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] أي أهلها.

وقال ابن السكيت : يقال لقِيته يمشي بين سَمْع الأرض وبصرها أي بأرضٍ خلاءٍ ما بها أحد. قلت : وهذا يقرب من قول أبي عبيد ، وهو صحيح. وقال بعضهم : غولٌ سُمَّعٌ : خفيف الرأس. وأنشد شمر البيت :

فليست بإنسان فينفعَ عقلُه

ولكنها غولٌ من الجنّ سُمَّعُ

والسَّمَعْمَع والسَمْسَام من الرجال : الدقيق الطويل. وامرأةٌ سَمَعْمَعة سَمْسامة. وأنشد غيره :

وَيْلٌ لأجمال العجوز مِنِّي

إذا دنوتُ ودَنَوْنَ مِنِّي

كأنني سَمَعْمَع من جِنّ

وأمّ السَّمْعِ وأمّ السَّمِيعِ : الدماغ. قال :

نَقَبْنَ الحَرّة السوداء عنهم

كنقب الرأس عن أُمّ السَّمِيعِ

ويُقال في التشبيه : هو أَسْمَعُ من الفرس والقُرَاد وفرخ العُقاب والقُنْفُذ.

معس : أهمله الليث. وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرَّ على أسماء بنت عُمَيس وهي تَمعَسُ إهاباً لها. ئ تَمْعَسُ أي تَدْبُغ. وأصل المَعسْ : الدلك للجِلْد بعد إدخاله في الدِبَاغ. وقال ابن السكيت : قال الأصمعي : بعثت امرأة من العرب بنتاً لها إلى جارتها : أن ابعثي إلي بنَفْسٍ أو نَفْسَيْنِ من الدباغ أمعَسُ به مَنِيئتي فإني أفِدَةٌ. والمَنِيئَة المَدْبغة. والنَفْسُ : قَدْر ما يُدْبَغ به من ورق القَرَظ أو الأرْطَى. وأنشدني المنذري وذكر أن العباس أخبره عن ابن الأعرابي أنه أنشده :

يُخْرِجُ بين الناب والضُرُوس

حمراءَ كالمنيئة المَعُوسِ

أراد : شِقْشِقة حمراء ، شبّهها بالمنيئة المحرّكة في الدباغ.

وقال آخر :

وصاحبٍ يَمْتَعِسُ امْتِعَاساً

والمَعْسُ : النكاح ، وأصله الدلك : قال الراجز :

فشِمْتُ فيها كعمود الحِبْسِ

أمْعَسُهَا يا صاحِ أيّ مَعْسِ

والرجل يَمْتَعِسُ أي يمكّن استه من الأرض ويُحرّكها عليه. مسع : أهمله الليث. أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : المَسْعِيُ من الرجال : الكثير السيرِ القويّ عليه.

وقال أبو عُبَيد قال الأصمعيّ : يقال للشمَال : نِسْع ومِسْعٌ.

أبواب العين والزاي

ع ز ط

استعمل من وجوهها : [طزع].

طزع : يقال : رجلٌ طَزِعٌ وطَزِيعٌ وطَسِعٌ وطَسِيعٌ ؛ وهو الذي لا غَيْرة له وقد طَزِع طَزَعَاً.

ع ز د

أهملت وجوهه.

٧٧

دعز – عزد وذكر ابن دريد حرفين : دعز ، عزد. قال : الدَّعْز : الدفع يقال دَعَزَ المرأة إذا جامعها.

وقال غيره معه : العَزْد والعَصْد الجماع.

وقد عَزَدَهَا عَزْداً إذا جامعها.

(ع ز ت) (ع ز ظ) ، (ع ز ذ) ، (ع ز ث).

أهملت [وجوهها].

باب العين والزاي مع الراء

[ع ز ر]

عزر ، عرز ، زرع ، زعر : مستعملة.

رعز ، رزع : مهملان.

عزر : قال الله جلّ وعز : (وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) [الفتح : ٩] وقال : (وَعَزَّرْتُمُوهُمْ) [المائدة : ١٢] جاء في التفسير في قوله تعالى : ل (تُعَزِّرُوهُ) : أي لتنصروه بالسيف. ومَن نصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقد نصر الله تعالى. وقال أبو عبيدة في قوله : (وَعَزَّرْتُمُوهُمْ) [المائدة : ١٢] قال : عظَّمتموهم. وقال غيره : عَزَّرْتُمُوهُمْ : نصرتموهم.

وقال إبراهيم بن السّرِيّ : وهذا هو الحق والله أعلم. وذلك أن العَزْر في اللغة : الردّ وتأويل عزَّرْت فلاناً أي أدَّبته إنما تأويله : فعَلتُ به ما يَرْدَعه عن القبيح ؛ كما أن نكَّلت به تأويله : فعَلت به ما يجب أن يَنْكُل معه عن المعاودة. فتأويل عَزَّرْتُمُوهُمْ نصرتموهم ، بأن تردّوا عنهم أعداءهم. ولو كان التعزير هو التوقير لكان الأجود في اللغة الاستغناء به. والنُصْرة إذا وجبت فالتعظيم داخل فيها ؛ لأن نُصْرة الأنبياء هي المدافعة عنهم ، والذبّ عن دينهم وتعظيمهم وتوقيرهم. قال : ويجوز : تَعْزُرُوه من عَزَرته عَزْراً بمعنى عَزَّرْته تعزيراً. أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : العَزْرُ : النصرُ بالسيف. والعَزْرُ : التأديب دون الحَدّ. والعَزْرُ : المنعُ والعَزْرُ : التوقيف على باب الدين. قلت : وحديث سَعْدٍ يدلُ على أن التعزير هو التوقيف على الدين ؛ لأنه قال : لقد رأيتني مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما لنا طعام إلا الحُبْلَة وورق السَمُر ، ثم أصبحتْ بنو أسد تعزّرني على الإسلام ، لقد ضللتُ إذاً وخاب عملي. وقال ابن الأعرابي أيضاً : التعزير في كلام العرب : التوقير. والتعزير : النصر باللسان والسيف. والتعزير : التوقيف على الفرائض والأحكام. وقال أبو عبيد : أصل التعزير التأديب. ولهذا يسمى الضرب دون الحَدّ تعزيراً ، إنما هو أدبٌ. قال : ويكون التعزير في موضع آخر : تعظيمَك الرجل وتبجيلَه : وقال ابن الأعرابيّ : معنى قول سعدٍ : أصبحتْ بنو أسدٍ تعزرني على الإسلام أي توقِّفني عليه. قلت وأصل العَزْر الردّ والمنع. وقال الليث : العَزِيرُ بلغة أهل السواد هو ثمن الكَلأ والجميع العزائر. يقولون : هل أخذت عَزِير هذا الحَصِيد؟ أي هل أخذت ثمن مراعيها ؛ لأنهم إذا حصدوا باعوا مراعيها. وعُزَير : اسم نبيّ. وقال ابن الأعرابي : هي العَزْوَرَة والحَزْوَرَةُ والسَرْوَعَة والقائدة :

٧٨

الأكمة. أبو عمرو : مَحَالة عَيْزَارَة : شديدة الأسر. وقد عَيْزَرَهَا صاحبها. وأنشد :

فابْتَغِ ذات عَجَل عَيَازِرَا

صَرَّافَةَ الصوت دَمُوكا عَاقِرَا

والعَزَوَّرُ : السّيء الخُلُق عن أبي عمرو. أبو العباس عن ابن الأعرابي : العَيْزَارُ الغُلَام الخفيف الروح النشيط. وهو اللَقْنُ الثَقْفُ وهو الريشة ، والمماحل والمماني. عَزْوَرُ : موضع قريب من مكَّة. قال ابن هَرْمَة :

ولم ننس أظعاناً عَرَضْن عشيةً

طوالع من هَرْشَى قواصد عَزْوَرَا

والعَيَازِرُ : بقايا الشجر الذي أُخذت أعاليه بالقطع والأكل.

عرز : أبو عبيد عن أبي زيد : المُعارَزة : المعاندة والمجانبة وأنشد للشمّاخ :

وكلُّ خليل غيرِها ضم نفسِه

لوصل خليل صارِمٌ أو مُعَارِزُ

شمر : المُعَازِرُ : المُعَاتِبُ وقال الليث : العَارزُ : العاتبُ. قال : والعَرَز ـ والواحدة عَرَزة ـ وهي شجرة من أصاغر الثُمَام وأدقّ شجره ، له ورق صغار متفرِّقة. وما كان من شجر الثُمَام من ضَرْبه فهو ذو أمَاصِيخ ، يمصوخةٌ في جوف أمصوخة ، تنقلع العليا من السفلى انقلاع العِفَاص من رأس المُكْحُلة. وقال غيره : العَرْز : الانقباض ، وقد اسْتَعْرزَ الشيءُ أي انقبض واجتمع. ويقال : عَرَزت لفلان عرزاً ، وهو أن تقبِض على شيء في كفّك وتضم عليه أصابعك وتُرِي منه شيئاً صاحبَك لينظر إليه ولا تريه كله. وفي «نوادر الأعراب» أعرزتني من كذا أي أعوزْتني منه. وروى أبو تراب للخليل قال : التعريز كالتعريض في الخصومة.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : العُرَّازُ المغتابون للناس. قال : والعَرَز : شجر الثُمام.

زرع : الليث : الزَرْع : نبات كل شيء يُحْرَث. والله يَزْرعه أي يُنَمِّيه حتى يبلغ غايته. ويقال للصبيّ : زرعه الله أي أنبته.

والمُزْدَرِع : الذي يزدرع زَرْعاً يتخصَّص به لنفسه والمُزْدَرَعُ موضع الزراعة. وقال الشاعر :

واطلبْ لنا مِنْهُمُ نخلاً ومُزْدَرَعاً

كما لجيراننا نَخْلٌ ومُزْدَرَعٌ

مُفْتَعَلٌ من الزرع. ومَنِيُّ الرجل : زَرْعُهُ.

وقال النضر : الزِرِّيعُ : ما ينبت في الأرض المستحيلة ، مما يتناثر فيها أيام الحصاد من الحَبِّ.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الزَرَّاعُ : النمّام الذي يَزْرع الأحقادَ في قلوب الأحِبَّاء. أزْرعَ الزرعُ : أحصد. ولا ينزرع أي لا ينبت. وكل بَذْر أردت زرعه فهو زُرْعَة. والزَرّاعات : مواضع الزرع كالمَلّاحات مواضع المِلْح. قال جرير :

فقَلَّ غَنَاءٌ عنك في حرب جعفرٍ

تُغَنِّيك زَرَّاعَاتُهَا وقصُورهَا

والمَزْرَعَةُ المَزْرَعَة. وزُرعَ لفلان بعد

٧٩

شقاوة أي أصاب مالاً بعد حاجة. وتَزَرَّعَ إلى الشيء : تسرع. ويقال للكلاب : أولاد زارع. قال :

وأخرج منه الله أولاد زارع

مُوَلَّعة أكنافها وجُنُوبها

والمَزْروعان من بني كعب بن سعد لَقَبان لا إسمان.

زعر : الليث : الزَعَر في شَعر الرأس وفي ريش الطائر : قلّةٌ ورِقَّة وتفرّق. وذلك إذا ذهبت أصولُ الشَعر وبقي شكيره. وقال : ذو الرمة يصف الظليم :

كأنه خَاضِبٌ زُعْرٌ قوادمه

أجْنَى له باللِوَى آءٌ وتَنَوُّمُ

وقد زَعِرَ رأسه يَزْعَرُ زَعَراً. أبو عبيد : في خُلُقه زَعَارَّةٌ ـ بتشديد الراء مثل حَمارة الصيف ـ أي شَرَاسة وسوء خُلُق وربما قالوا : هو زَعِرَ الْخُلُق. ومنهم من يخفِّف فيقول في خُلُقه زَعَارَة ، وهي لغة.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الزَعَر : قِلَّة الشَعَر. ومنه قيل للأحداث : زُعْرَان. وقال ابن شُمَيل : الزُعْرُورُ : شجرة الدُبّ. وقال غيره الزعرور ثم شجر ، منه أحمرُ وأصفر ، له نوًى صُلْبٌ مستدير. وقال أبو عمرو : الفُلْك : الزُعْرور. رواه أبو العباس عن عمرو عن أبيه.

باب العين والزاي مع اللام

[ع ز ل]

عزل ، علز ، زلع ، زعل ، لعز : مستعملة.

عزل : العَزْل : عَزْل الرجل الماءَ عن جاريته إذا جامعها لئلَّا تحمل. وفي حديث أبي سعيد الخُدْرِيّ أنه قال : بينا أنا جالس عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جاء رجل من الأنصار فقال : يا رسول الله إنا نصيب سَبْياً فنحب الأثمان ، فكيف ترى في العَزْل؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا عليكم ألّا تفعلوا ذلك فإنها ما من نَسَمة كتب الله أن تخرج إلا وهي خارجة» وفي حديث آخر : «ما عليكم ألَّا تفعلوا». قلت من رواه «لا عليكم ألا تفعلوا» فمعناه عند النحويين : لا بأس عليكم ألا تفعلوا ، حذف منه (بأس) لمعرفة المخاطب به. ومن رواه «ما عليكم ألا تفعلوا» فمعناه أي شيء عليكم ألا تفعلوا ، كأنه كرِه لهم العَزْل ولم يحرِّمه. قلت وفي قوله : «نُصِيبُ سَبْياً فنحبّ الأثمان فكيف ترى في العزل» كالدلالة على أن أمّ الوَلَد لا تباع. ويقال : اعزِلْ عنك ما يَشِينك أي نَحِّه عنك. وكنتُ بمَعْزِلٍ من كذا وكذا أي كنت بموضع عُزْلةٍ منه وكنتُ في ناحية منه. واعتزلت القوم أي فارقتهم وتنحَّيت عنهم. وقومٌ من القَدَريَّة يلقَّبون المعتزِلة ، زعموا أنهم اعتزلوا فئتي الضلالة عندهم ، يعنون أهلَ السّنة والجماعةِ والخوارجَ الذين يستعرِضون الناس قتلاً. والعَزَلُ في ذنَب الدابّة : أن يَعزِل ذَنَبَه في أحد الجانبين ، وذلك عادةٌ لا خِلْقة. وفرسٌ أعزلُ الذَنَب إذا كان كذلك. ومنه قول امرىء القيس :

بِضَافٍ فُوَيْقَ الأرض ليس بأَعْزَلِ

وقال النضر : الكشَفُ أن ترى ذَنَبَه زائلاً عن دُبُره. وهو العَزَل.

٨٠