تهذيب اللغة - ج ٢

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٦

النعت ، ويقال في رفعه عُنُقه : سَطَع يَسْطَع. أبو عبيد عن أبي زيد : السِّطَاع : عمود من أعمدة البيت. وقال القُطَاميّ :

أليسوا بالألى قَسَطوا جميعاً

على النعمان وابتدروا السِّطَاعا

قلت : ويقال للبعير الطويل : سِطَاع تشبيهاً بسِطَاع البيت. وقال مُلَيح الهذَليّ :

وحتى دعا داعي الفراق وأُدْنيتْ

إلى الحيّ نُوقْ والسِّطَاعُ المُحَمْلَجُ

وقال أبو زيد : السِّطَاع من سمات الإبل في العُنق بالطول ، فإذا كان بالعَرْض فهو العِلَاط. وناقة مسطوعة وإبل مسطَّعة. وقال لَبيد :

مسطَّعَة الأعناق بُلْقَ القوادم

والسِّطاع : اسم جبل بعينه. وقال صخر الغيّ :

فذاك السِّطاع خلافَ النِجَا

ء تحسبه ذا طِلاء نتيفا

خلاف النِّجَاء أي بعد السحاب تحسبه جملاً أجرب نُتِف وهُنِىء. اللحياني : خطيب مِسْطع ومِصْقع. وأما قولك : لا أسطيع فالسين ليست بأصلية وقد خرّجته في باب أطاع. وفي حديث أم مَعْبد وصفتها المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قالت : وكان في عُنُقه سَطَع أي طول ، يقال : عُنُق سَطْعاء. وقال أبو عبيدة : العُنُق السطعاء : التي طالت وانتصبت علابِيُّها. ذكره في صفات الخيل.

وفي حديث قيس بن طَلْق عن أبيه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «كلوا واشربوا ولا يَهيدَنَّكم الساطع المصعد ، و (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ) الأحمر» ، وأشار بيده في هذا الموضع من نحو المشرق إلى المغرب عَرْضاً. قال الشيخ : وهذا دليل على أن الصبح الساطع هو المستطيل. ومنه عنق سطعاء إذا طالت وانتصبت علابِيُّها. قال ذاك أبو عبيدة. قال الشيخ : ولذلك قيل للعمود من أعمدة الْخِباء : سِطَاع ، وللبعير الطويل : سِطَاع. وظليم أسطع : طويل العنق.

سعط : السَّعُوط والنَّشُوع والنَشُوق في الأنف. ويقال للآنية التي يُسعط بها العليل : مُسْعُط بضمّ الميم وجاء نادراً مثل المُكْحُل والمُدُقّ والمُدْهُن والمُنْصُل : للسيف. ابن السكيت عن أبي عمرو : لخَيْتَه ولخوته وألخيته إذا سَعَطته. ويقال : أسعطته ، وكذلك وَجَرْته وأوجرته ، فيها لغتان. ويقال : نُشِعَ وأُنشِع. وأمّا النَّشُوق فيقال فيه : أنشقته إنشاقاً. وقال الليث : يقال : أسعطْته الرمحَ إذا طعنه في أنفه. وقال غيره : يقال : أسعطته عِلْماً إذا بالغت في إفهامه وتكرير ما تُعلِّمه عليه. أبو عبيد عن أبي عمرو : السَّعِيط : الريح من الخمر وغيرها من كل شيء. وقال ابن السكيت : ويكون من الخَرْدل. وقال ابن بُزُرْج يقال : سعطته وأسعطته.

الإياديُّ عن شمر : تقول : هو طيّب السَّعُوط والسُّعَاط والإسعاط. وأنشد يصف إبلاً وألبانها :

حَمْضيَّة طيّبة السُّعَاط

حدَّثنا السَّعْديّ عن الزعفرانيّ قال : حدّثنا

٤١

سفيان عن الزهريّ عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتْبة بن مسعود عن أم قيس بنت مِحْصَن قالت : دخلت بابن لي على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد أعلقتُ من العُذْرة فقال : «علام تدغَرْنَ أولادكن! عليكنّ بهذا العُود الهنديّ فإن فيه سبعةَ أشفية ، يُسْعَط من العُذْرة ، ويُلَدّ من ذات الجَنْب».

طسع : أبو العباس عن ابن الأعرابي : رجل طسِع وطزِع : لا غَيْرة له. وقال ابن المظفر مثله. وقد طسِع طَسَعاً وطَزِع طَزَعاً. عمرو عن أبيه : الطسِع والطزيع : الذي يَرَى مع أهله رجلاً فلا يغار له.

باب العين والسين مع الدال

[ع س د]

عسد ، عدس ، سعد ، سدع ، دسع ، دعس : مستعملات.

عسد : قال ابن المظفّر : العَسْد لغة في العَزْد ، كالأسْد والأزْد. قلت : يقال : عَسَد فلان جاريته وعَزَدها عَصَدها إذا جامعها. وقال الليث : العِسْوَدّة : دويبة بيضاء كأنها شحمة يقال لها : بِنْت النَقَا تكون في الرمل يشبَّه بها بنات العَذَارَى ، وتجمع عساود وعِسْوَدَّات وقال ابن شميل : العِسْوَدّ ـ بتشديد الدال ـ : العَضْرَفُوط. قلت : بِنْت النقا غير العضرفوط ، لأن بِنْت النَقَا تشبه السمكة ، والعضرفوط من العَظَاء ولها قوائم. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : العِسْوَدّ والعِرْبَدّ : الحَيَّة. قلت : وقال بعضهم : العِسْوَدّ هو البَبْر ، وأنا لا أعرفه.

عدس : أبو عبيد عن الأمويّ : عَدَس يعدِس ، وحَدَس يحدِس إذا ذهب في الأرض. ومن أسماء العرب عُدَس وحُدَس. ثعلب عن ابن الأعرابي قال : العَدَس من الحُبُوب يقال له : العَلَس والعَدَس والبُلُس. وقال الليث : الحَبَّة الواحدة عَدَسة. قال : والعَدَسة : بَثْرة تخرج ، وهي جِنْس من الطاعون ، وقلَّما يُسْلَم منها. قال : وعَدَسْ : زَجْر البَغْل ، وناس يقولون : حَدَسْ. قال : وزعم ابن الأرقم أن حدَسْ كانوا على عهد سليمان بغَّالِين يَعْنَفُون على البِغال ، وكان البغل إذا سمع باسم حَدَس طار فَرَقاً مما يَلْقى منهم ، فلهج الناس بذلك ، والمعروف عند الناس عَدَسْ. وقال ابن مفرِّغ فجعل البغلة نفسها عَدَساً :

عَدَسْ ما لعبَّاد عليكِ إمارة

نجوتِ وهذا تحملين طليق

وقال غيره : سمَّت العرب البغل عَدَساً بالزجر وسببه لا أنه اسم له. العَدُوس : الجَرِيئة. وقال جرير :

لقد ولَدَت غسَّانَ ثالبةُ الشَوَى

عَدُوس السُرَى لا يقبل الكَرْمَ جِيدُها

الثالبة : المَعيبة. والعَدْس : الرَعْي.

عَدَسْت المالَ. والعَدْس : ضرب من السير خفيف. ومنه قول الراعي :

مجسَّمة العِرنين منقوبة العَصَا

عَدُوس السُرَى باقٍ على الخَسْف عودُها

والعَدَسانُ والعِداس أيضاً : السَيْر والمشي السريع ، قال :

٤٢

مارِسْ فهذا زمن المِرَاس

واعْدِس فإن الجَدّ بالعِدَاس

سعد : رُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه كان يقول في افتتاح الصلاة : «لبَّيك وسَعْديك ، والخير في يديك ، والشرّ ليس إليك». قلت : وهذا خبر صحيح ، وحاجة أهل العلم إلى معرفة تفسيره ماسَّة. فأما لبَّيك فهو مأخوذ من لَبَّ بالمكان وألَبَّ أي أقام به ، لَبّاً وإلباباً ، كأنه يقول : أنا مقيم في طاعتك إقامة بعد إقامة ، ومجيب لك إجابة بعد إجابة. وأخبرني المنذريّ عن الحَرّانيّ عن ابن السكيت في قوله : «لبَّيك وسعديك» ، تأويله إلباباً بعد إلباب أي لزوماً لطاعتك بعد لزوم ، وإسعاداً لأمرك بعد إسعاد.

وأخبرني المنذري عن أحمد بن يحيى أنه قال : سَعْدَيك أي مساعدة لك ثم مساعدة وإسعاداً لأمرك بعد إسعاد.

وقال ابن الأنباري : معنى سعديك أسعدك الله إسعاداً بعد إسعاد. قال : وقال الفرَّاء : لا واحد للبَّيك وسعديك على صحة. قال : وحنانيك : رحمك الله رحمة بعد رحمة. قلت : وأصل الإسعاد والمساعدة متابعة العبد أمر ربّه. وقال سيبويه : كلام العرب على المساعدة والإسعاد ، غير أن هذا الحرف جاء مثنَّى على سَعْديك ولا فعل له على سَعَد. قلت : وقد قرىء قول الله جلّ وعزَّ : (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا) [هود : ١٠٨] وهذا لا يكون إلّا من سَعَده الله لا من أسعده ، وبه سُمّي الرجل مسعوداً. ومعنى سَعَده الله وأسعده أي أعانه ووفَّقه. وأخبرني المنذريّ عن أبي طالب النحويّ أنه قال : معنى قولك لبَّيك وسعديك أي أسعدني الله إسعاداً بعد إسعاد. قلت : والقول ما قال أبو العباس وابن السكيت ، لأن العبد يخاطب ربَّه ويذكر طاعته له ولزومه أمره ، فيقول : سعديك كما يقول : لبَّيك أي مساعدة لأمرك بعد مساعدة. وإذا قيل : أسعد الله العبدَ وسَعَده فمعناه : وفَّقه الله لما يرضيه عنه فيَسْعد بذلك سعادة. وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «لا إسعاد في الإسلام». وتأويله أن نساء أهل الجاهلية كنّ إذا أُصيبت إحداهن بمصيبة فيمن يَعِزُّ عليها بكته حولاً ، ويُسعدها على ذلك جاراتُها وذوات قراباتها ، فيجتمعن معها في عِداد النياحة وأوقاتها ويتابعنها ويساعدنها ما دامت تنوح عليه وتبكيه ، فإذا أصيب صواحباتها بعد ذلك بمصيبة أسعدتهنّ بعد ذلك ، فنهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن هذا الإسعاد. والساعد ساعد الذراع وهو ما بين الزَنْدين والمِرْفَق ، سمّي ساعداً لمساعدته الكف إذا بَطَشَت شيئاً أو تناولته. وجمع الساعد سواعد. وساعد الدَّرّ ـ فيما أخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي ـ : عِرْق ينزل الدَّر منه إلى الضرْع من الناقة. وكذلك العِرْق الذي يؤدّي الدَرّ إلى ثَدْي امرأة يسمَّى ساعداً. ومنه قوله :

ألم تعلمي أن الأحاديث في غد

وبعد غد يا لُبْنَ ألْبُ الطرائد

وكنتم كأُمٍّ لَبَّةٍ ظَعَن ابنُها

إليها فما درّت عليه بساعد

قال : رواه المفضل : طعن ابنها بالطاء أي

٤٣

شخص برأسه إلى ثَدْيها كما يقال : طعن هذا الحائط في دار فلان أي شخص فيها.

وقال أبو عبيد : قال أبو عمرو : السواعد مجاري البحر التي تَصُبّ إليه الماء ، واحدها ساعد بغير هاء ، وأنشد شمر :

تأبّد لَأْيٌ منهمُ فعُتائدهْ

فذو سَلَم أنشاجُه فسواعدُهْ

والأنشاج أيضاً : مجاري الماء ، واحدها نَشَج. وساعدة من أسماء الأسد معرفة لا ينصرف ، وكذلك أسامة. وسَعِيد المزرعةِ نهرها الذي يسقيها. وقال ابن المظفَّر : السَّعْد ضدّ النَحْس ، يقال : يوم سَعْد ويومُ نَحْسٍ. قال : وأربعة منازل من منازل القمر تسمَّى سُعُوداً ، منها سعد الذابح وسعد بُلَعَ وسعد السُّعُودِ وسعد الأخبيةِ. وهذه كلها في بُرْجَيِ الدلْو والجَدْي. وقال ابن كُناسة : سعد الذابِح : كوكبان متقاربان سمّي أحدهما ذابحاً لأن معه كوكباً صغيراً غامضاً يكاد يلزَق به فكأنه مكِبّ عليه يَذبحه والذابح أنور منه قليلاً ، قال : وسعد بُلَعَ : نجمان معترضان خفيّان. قال أبو يحيى : وزعمت العرب أنه طلع حين قال الله عزوجل : (يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي) [هود : ٤٤] ويقال : إنما سمّي بُلَع لأنه كأنه لقرب صاحبه منه يكاد أن يبلعه.

قال : وسعد السعود : كوكبان ، وهو أحمد السعود ولذلك أضيف إليها. وهو يُشْبه سعد الذابح في مطلعه. وسعد الأخبية : ثلاثة كواكب على غير طريق السعود مائلة عنها ، وفيها اختلاف وليست بخفيّة غامضة ، ولا مضيئة منيرة. سميت سعد الأخْبِية لأنها إذا طلعت خرجت حَشَرَاتُ الأرض وهَوَامُّها. من جِحَرتها ، جُعِلت لها كالأخبية. وفيها يقول الراجز :

قد جاء سعد مقبلاً بحَرّه

راكدة جنودُه لشرّه

فجعل هوامّ الأرض جنود السعد الأخبية وهذه السعود كلها يمانِيَة ، وهي من نجوم الصيف وهي من منازل القمر تطلع في آخر الربيع وقد سكنت رياح الشتاء ولم يأت سلطانُ رياح الصيف ، فأحسن ما تكون الشمس والقمر والنجوم في أيامها ، لأنك لا ترى فيها غَبَرة. وقد ذكرها الذبياني فقال :

قامت تَرَاءَى بين سِجْفَيْ كِلَّة

كالشمس يوم طلوعها بالأسعُد

والسُّعُود مصدر كالسعادة ؛ قال :

إن طول الحياة غير سُعود

وضلالاً تأميل نَيْل الخلود

وفي المثل :

أوردها سعد وسعد مشتمل

يضرب مثلاً في إدراك الحاجة بلا مشقَّة ، أي أوردها الشرِيعة ويوردها بئراً يحتاج إلى أن يَستقي منها بالدُلِيّ. ومثله : أهون السَّقْي التشريع. وقال ابن المظفّر : يقال سعِد يَسْعد سَعْد أو سعادة فهو سعيد ، نقيض شقِي. وجمعه السعَداء. ويقال : أسعده الله وأسعد جَدَّه. قلت : وجائز أن يكون سعيد بمعنى مسعود من سَعَده الله ؛

٤٤

ويجوز أن يكون من سَعِد يَسْعَد فهو سعيد. والسَّعْدانُ : نبت له شَوْك كأنه فَلْكة ، يَسْلَنْقِي فتنظر إلى شوكه كالحاً إذا يبِس ، ومنبتِه سهولة الأرض. وهو من أطيب مراعي الإبل ما دام رَطْباً. والعرب تقول : أطيب الإبل ألباناً ما أكل السَّعْدان والحُرْبُث. وخلَّط الليث في تفسير السعدان ، فجعل الحَلَمة ثمر السعدان ، وجعل حَسَكاً كالْقُطب ، وهذا كله غلط. القُطْب : شوك غير السعدان يشبه الحَسَك والسَّعْدان مستدير شوكه في وجهه. وأمَّا الحَلَمة فهي شجرة أخرى وليست من السَّعْدان في شيء وواحدة السَّعْدان سَعْدانة. وسَعْدانة الثَدْي : ما أطاف به كالفَلْكة. وقال أبو عبيد : العُقَد التي في أسفل الموازين يقال لها : السعدانات. قال : والسَّعْدانة : عُقْدة الشسْع ممَّا يلي الأرض والقِبالُ مثل الزمام بين الإصبع الوسطى والتي تليها ؛ قال ذلك كله الأصمعيّ. وقال أبو زيد : السَّعْدانة أيضاً كِرْكِرة البعير ، سمّيت سَعْدانة لاستدارتها. والسعدانة : الحَمَامة أيضاً. وسعدانة الإست : حِتَارها ، وأمَّا قول الهذليّ يصف الظليم :

على حَتّ البُرَاية زَمْخَرِيّ الس

واعد ظَلَّ في شَرْي طِوال

فقد قيل : سواعد الظليم : أجنحته ؛ لأن جناحيه له كاليدين. وقال الباهليّ : السواعد : مجاري المُخّ في العظام. قال : والزمخريّ من كل شيء : الأجوف مثل القَصَب ، وعظام النَعَام جُوف لا مُخَّ فيها.

والحتّ السريع ، والبُرَاية ، البقيَّة ، يقول : هو سريع عند ذهاب بُرَايته أي عند انحسار لحمه وشحمه. وقال غيره : الساعدة : خشبة تُنْصَب لتمسِك البَكْرة. وجمعها السواعد. وقال الأصمعيُّ : السواعد : قَصَب الضَرْع. وقال أبو عمرو : هي العروق التي يجيء منها اللبن ، شُبِّهت بسواعد البحر وهي مجاريها. أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : السَّعِيد : النهر وجمعه سُعُد وأنشد :

وكأن ظُعْن الحيّ مُدْبِرة

نخل مَوَاقرُ بينها السُّعُد

قال : السُّعُد ههنا : الأنهار واحدها سعيد قال : ويقال لِلَبْنة القميص سعيدة. والسُّعْد : نبت له أصل تحت الأرض أسود طيّب الريح. والسُّعادَى : نبت آخر. وقال الليث : السُّعادى : بنت السُّعد. ومن أمثال العرب : مَرْعًى ولا كالسَّعدان يريدون أن السعدان من أفضل مراعيهم. والسُّعُود في قبائل العرب كثير ، وأكثرها عدداً سعدُ بن زيد مَنَاة بن تميم. ومنها بنو سعد بن بكر في قيس عَيْلان ، ومنها سعد هُذَيم في قُضاعة. ومنها سعد العَشِيرة. وبنو ساعدة في الأنصار. ومن أسماء الرجال سعد ومسعود وسَعِيد وأسعد وسُعَيد وسَعْدان. ومن أسماء النساء سُعَاد وسُعْدَى وسَعِيدة وسَعْدِيَّة وسُعَيْدة. ومن أسماء الرجال مُسْعَدة. والسُّعْد : ضرب من التمر ؛ قال أوس :

وكأن ظُعْنَ الحيّ مُدْبرة

نخل بزارة حَمْلها السُعُد

٤٥

والسَّعَادة : رُقعة تزاد في الدَلْو ليتَّسع ساعد المزادة. وتسمَّى زيادة الخفّ وبنائق القميص سعادة. وخرج القوم يتسعَّدون أي يطلبون مراعيَ السعدان. والسَّعْدانة : اللّحَمات النابتات من الحلق. قال :

جاء على سعدانة الشيخ المُكِلّ

يعني الفالوذ.

دعس : أبو عبيد : المَدَاعِس : الصُمُّ من الرماح قال : ويقال : هي التي يُدْعَس بها. قال : وقال بعضهم : المِدْعَس من الرماح : الغليظ الشديد الذي لا ينثني ، وقد دَعَسه بالرمح إذا طعنه ، ورُمْح مِدْعَس. وقال الليث : الدَّعْس شدّة الوَطْء. ويقال : دَعَس فلان جاريته دَعْساً إذا نكحها. والمُدَّعَس : مُخْتَبَز المَلِيل ومنه قول الهذليّ :

ومُدَّعَسٍ فيه الأنِيض اختفيته

بجرداء مثل الوَكْف يكبو غرابها

وطريق مِدْعاس ومدعوس ، وهو الذي دَعَسته القوائم ووطأته. وقال أبو عبيد : الدعْس : الأثَر. وفي «النوادر» : رجل دَعُوس وعَطوس وقَدُوس ودَقُوس ، كل هذا في الاستقدام في الغَمَرات والحروب.

سدع : أهمله الثقات. وقال الليث : رجل مِسْدَع : ماضٍ لوجهه ، نحوُ الدليل المِسْدِع الهادي. وقال ابن دريد : السَّدْع : صَدْم الشيء الشيءَ ، سَدَعه سَدْعاً. قال : وسُدِع الرجل إذا نُكب ، لغة يمانية. قلت : ولم أجد لما قال الليث وابن دريد شاهداً من كلام العرب.

دسع : يقال : دَسَعَ فلان بقَيْئه إذا رَمَى به ، ودسع البعيرُ بجرّته إذا دفعها بمرَّة إلى فيه. وقال ابن المظفر : المَدْسع : مَضِيق مَوْلِج المَرِيء وهو مَجْرَى الطعامِ في الحَلْق ، ويسمَّى ذلك العظم الدَّسِيع ، وهو العظم الذي فيه التَرْقُوتان. وقال سَلَامة بن جندل :

يُرْقَى الدسيعُ إلى هادٍ له تَلِعٍ

في جؤجؤ كَمَدَاك الطِيب مخضوب

وقال ابن شميل : الدَّسِيع : حيث يَدْسع البعير بجِرَّته ، وهو موضع المرِيء من حَلْقه ، والمَرِيء : مدخل الطعام والشراب. وقال الأصمعي : الدَّسِيع : مَفْرِز العُنُق في الكاهل وأنشد البيت. والعرب تقول : فلان ضخم الدَّسيعة يقال ذلك للرجل الجَوَاد. وقال الليث : الدَّسِيعة : مائدة الرجل إذا كانت كريمة. وقيل معنى قولهم : فلان ضخم الدَّسِيعة أي كثير العطيَّة. سُمِّيت دَسِيعة لدفع المعطي إيّاها مرّة واحدة ، كما يَدْفَع البعيرُ جِرّته دَفْعة واحدة. والدَّسَائع : الرغائب الواسعة. وفي الحديث : «إن الله تبارك وتعالى يقول يوم القيامة : يا بن آدم ألم أحْملك على الخيل ، ألم أجعلك تَرْبَع وتَدْسع» تَرْبع : تأخذ رُبُعَ الغَنيمة وذلك من فعل الرئيس ، وتَدْسَع : تعطى فتُجزل. وروى ثعلب عن ابن الأعرابي : قال : الدَّسِيعة : الجَفْنة. وقال الليث : دَسَعْت الجُحْرَ إذا أخذت دِسَاماً من خِرقة فسددته به. قال الليث : دَسع البحرُ بالعنبر ودسر إذا جمعه كالزَبَد ثم يقذفه إلى ناحية فيؤخذ

٤٦

وهو أجود الطيب. وناقة دَيْسَع : ضخمة كثيرة الاجترار في سيرها. قال ابن ميّادة :

حملتُ الهوى والرَّحْل فوق شِمِلَّة

جُمَاليَّة هو جاءَ كالفحل دَيْسَعِ

أي لم تظهر لأنها خفيت في اللحم اكتنازاً. والدَّسيع والدسيعة : العُنُق والقوّة قال الأعور :

رأيت دسيعة في الرحل ينبي

على دِعَم مخوِّية الفِجَاج

الدِّعَم : القوائم ، والفِجاج : ما بين قوائمه.

باب العين والسين مع التاء

[ع س ت]

استعمل من وجوهها : تعس ، تسع.

تسع : قال الليث : التِّسْع والتِّسْعة من العَدَد يَجري وجوهُه على التأنيث والتذكير : تسعة رجال وتسع نسوة. ويقال : تسعون في موضع الرفع وتسعين في الجرّ والنصب ، واليوم التاسع والليلة التاسعة ، وتسع عشرة مفتوحتان على كل حال ؛ لأنهما اسمان جعلا اسماً واحداً فأُعطِيا إعراباً واحداً ، غير أنك تقول : تسع عَشْرة امرأة وتسعة عَشَر رجلاً ، قال الله جل وعز : (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) [المدثر : ٣٠] يعني : تسعة عشر مَلَكاً. وأكثر القرّاء على هذه القراءة. وقد قرىء : (تسعة عْشر) بسكون العين ، وإنما أسكنها من أسكنها لكثرة الحركات. والتفسير أنّ على سَقَر تسعة عشر مَلكاً. والعرب تقول في ليالي الشهر : ثلاثٌ غُرَر ، ولثلاث بعدها : ثلاثٌ نفَل ، ولثلاث بعدها : ثلاثٌ تُسَع. سُمِّين تُسَعاً لأن آخِرتها الليلة التاسعة ، كما قيل لثلاث بعدها : ثلاثٌ عُشَر ؛ لأن بادئتها الليلة العاشرة. أبو عبيد عن أبي زيد قال العَشِير والتَّسِيع بمعنى العُشْر والتُّسْع. قال شمر : ولم أسمع تِسيع إلّا لأبي زيد. ويقال : كان القوم ثمانية فتَسَعْتُهم أي صَيَّرْتهم تسعة بنفسي ، أو كنت تاسعهم. ويقال : هو تاسع تسعةٍ وتاسعٌ ثمانيةً. وتاسعُ ثمانيةٍ. ولا يجوز أن تقول : هو تاسعٌ تسعةً ولا رابعٌ أربعةً ، إنما يقال : رابع أربعةٍ على الإضافة ، ولكنك تقول : رابعٌ ثلاثةً. وهذا قول الفرّاء وغيرِه من الحُذّاق. ويقال : تَسَعْت القوم إذا أخذت تُسْع أموالهم أو كنت تاسعهم ، أتْسَعَهم بفتح السين لا غير في الوجهين. وقال الليث : رجل متَّسع وهو المنكمش الماضي في أمره ، قلت لا أعرف ما قال إلا أن يكون مفتعِلاً من السَعَة ، وإذا كان كذلك فليس من هذا الباب.

وفي نسخة من «كتاب الليث» : مُسْتَعٌ ، وهو المنكمش الماضي في أمره. قال : ويقال : مِسْدَعٌ ، لغة. قال : ورجل مِسْتَع أي سريع. وقوله عزوجل : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) [الإسراء : ١٠١] هو : أخْذ آل فرعون بالسنين ، وإخراج موسى يده بيضاء ، والعصا ، وإرسال الله عليهم (الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ) ، وانفلاق البحر. وفي حديث ابن عبّاس : «لئن بقِيت إلى قابل لأصومَنَ التاسع» يعني : عاشوراء ، كأنه تأوّل فيه عِشر الوِرْد

٤٧

أنها تسعة أيَّام. والعرب تقول : وردت الماء عِشْراً يعنون : يوم التاسع. ومن ههنا قالوا : عِشرِين ولم يقولوا : عِشْرَيْنِ لأنهما عِشْران وبعض الثالث.

تعس : أبو عُبَيد عن أبي عُبَيدة : تَعَسه الله وأتعسه في باب فَعَلت وأفعلت بمعنى واحد. وقال شمر ـ فيما أخبرني عنه أبو بكر الإياديّ ـ : لا أعرف تَعَسه الله ، ولكن يقال : تَعِس بنفسه وأتعسَه الله. قال : وقال الفرّاء : يقال : تَعَستَ إذا خاطبت الرجل ، فإذا صرت إلى أن تقول : فَعَل قلت : تعِس بكسر العين. قال شمر : وهكذا سمعته في حديث عائشة حين عَثَرت صاحبتها أمّ مِسْطح فقالت : تعِس مِسْطَح. قال : وقال ابن شميل : تَعَسْت كأنه يدعو على صاحبه بالهلاك. قال وقال بعض الكلابيّين : تعَس يتعَس تَعْساً وهو أن يخطىء حُجَّته إن خاصم ، وبُغْيَته إن طَلَب وقال : تَعِس فما انتعش ، وشِيك فما انتقش ، أبو دواد عن النضر قال : تَعَس : هلك ، والتَّعْس : الهلاك. ابن الأنباريّ : قال أبو العباس معناه في كلامهم : الشرّ. وقيل : التَّعْس : البعد. وقال الرُسْتُمي : التَّعْس : أن يخِرّ على وجهه ، والنُكْس أن يخِرّ على رأسه. والتَّعْس أيضاً : الهلاك. وأنشد :

وأرماحهم يَنْزَهْنَهُمْ نَهْزَ جُمَّة

يقلن لمن أدركن تَعْساً ولا لعا

وقال الليث : التَّعْس : ألَّا ينتعش من عَثْرته ، وأن يُنكس في سَفَال. ويدعو الرجل على بعيره الجوادِ إذا عثر فيقول : تَعْساً ، فإذا كان غير جَوَاد ولا نجيب فعثَر قال له : لَعاً. ومنه قول الأعشى :

بذات لَوث عَفَرْنَاةٍ إذا عَثَرتْ

فالتَّعْس أدنى لها من أن أقول لَعا

وقال أبو إسحاق في قول الله جل وعز : (فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) [محمد : ٨] : يجوز أن يكون نَصْباً على معنى : أتعسهم الله قال : والتَّعْس في اللغة : الانحطاط والعثور. قال أبو منصور وأخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم أنه قال : قال أبو عمرو بن العلاء : تقول العرب :

الوَقْس يُعدى فتعدّ الوَقْسا

من يَدْنُ للوَقْس يلاقِ تَعْسا

قال : والوقْس : الجَرَب ، والتَّعْس الهلاك. وتعدَّ أي تجنَّب وتنكب. كله سواء).

ع س ظ ـ ع س ذ ـ ع س ث :

أهملت وجوهها.

باب العين والسين مع الراء

[س ع ر]

عسر ، عرس ، سرع ، سعر ، رسع ، رعس : مستعملات.

عسر : قال الله جل وعزّ : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) [البقرة : ٢٨٠] ، وقال الله جل وعز : (سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) [الطلاق : ٧] وقال : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) [الشرح : ٥]. والعُسْر : نقيض اليسر. والعُسْرة : قِلّة ذات اليد. وكذلك الإعسار. والعُسْرى : الأمور التي تعسُر ولا تتيسّر ، واليسْرى : ما استيسر منها. والعسرى : تأنيث : الأعسر من الأمور. ورُوي عن ابن مسعود أنه قرأ قوله جل

٤٨

وعز : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) [الشرح : ٥ ، ٦]. فقال : لا يَغلب عُسْر يسرين. وسئل أبو العباس عن تفسير قول ابن مسعود ومرادِه من قوله فقال : قال الفرّاء : العرب إذا ذكَرت نكرة ثم أعادتها بنكرة مثلها صارتا ثنتين ، وإذا أعادتها بمعرفة فهي هي. تقول من ذلك : إذا كسبت درهماً فأنفِق درهماً ، فالثاني غير الأوّل ، فإذا أعدته بالألف واللام فهي هي. تقول من ذلك : إذا كسبت درهماً فأنفِق الدرهم ، فالثاني هو الأول. قال أبو العباس : وهذا معنى قول ابن مسعود ، لأن الله تعالى لمّا ذكر (العُسر) ثم أعاده بالألف واللام عُلِم أنه هو ، ولمّا ذكر (يُسْراً) بلا ألف ولام ثم أعاده بغير ألف ولام عُلِم أن الثاني غير الأول ، فصار العُسْر الثاني العسر الأول ، وصار يسر ثان غير يسر بدأ بذكره. ويقال إن الله جل وعزّ أراد بالعسر في الدنيا على المؤمن أنه يُبْدِله يسراً في الدنيا ويسراً في الآخرة والله أعلم. وقيل : لو دخل العسر جُحْراً لدخل اليسر عليه ، وذلك أن أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كانوا في ضِيق شديد ، فأعلمهم الله أنْ سيفتح عليهم ، ففتح الله عليهم الفُتُوح ، وأبدلهم بالعُسر الذي كانوا فيه اليسْر وقيل في قوله : (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) [الليل : ٧] أي للأمر السهل الذي لا يقدر عليه إلا المؤمنون. وقوله : (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) [الليل : ١٠] قالوا : العسرى : العذاب والأمر العسير. قلت : والعرب تضع المعسور موضع العُسْر ، والميسورَ موضع اليُسْر ، وجُعِل المفعول في الحرفين كالمصدر. ويقال : أعسر الرجلُ فهو مُعْسِر إذا صار ذا عُسْرة وقِلَّة ذات يد. قال : وعَسَرت الغريم أعسِره عَسْراً إذا أخذته على عُسْرة ولم تَرْفُق به إلى مَيسَرته. ويقال : عَسُر الأمر يعسُر عُسْراً فهو عَسِير ، وعَسِر يَعْسَر عَسَراً فهو عسِر. ويوم عسير : ذو عُسْر. قال الله تعالى في صفة يوم القيامة : (فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) [المدثر : ٩ ، ١٠]. ويقال : رجل أعسر بيِّن العَسَر وامرأة عسراء إذا كانت قوّتّهما في أشْمُلهما ، ويعمل كل واحد منهما بشماله ما يعمل غيره بيمينه. ويقال : رجل أعسر يَسَر وامرأة عَسْراء يَسَرة إذا كانا يعملان بأيديهما جميعاً ، ولا يقال : أعْسَر أيسر ، ولا عسراء يَسراء للأنثى ، وعلى هذا كلام العرب. ويقال من اليَسَر : في فلان يَسَرة. ويقال : بلغتُ معسور فلان إذا لم تَرْفُق به ، وعسَّرت على فلان الأمر تعسيراً. ويقال : استعسرت فلاناً إذا طلبت معسوره ، واستعسر الأمرُ وتعسّر إذا صار عسيراً. وقال ابن المظفّر : يقال للغَزْل إذا التبس فلم تقدر على تخليصه : قد تغسّر بالغين ولا يقال بالعين إلَّا تجشُّماً. قلت : وهذا الذي قاله ابن المظفر صحيح ، وكلام العرب عليه ، سمعته من غير واحد منهم ، ويوم أعسر أي مشئوم قال مَعْقِل الهذلي :

ورُحْنا بقوم من بُدَالة قُرِّنوا

وظلّ لهم يوم من الشر أعسرُ

فسّر أنه أراد به أنه مشئوم. قال : ويقال :

٤٩

أعسرت المرأةُ إذا عَسُر عليها وِلادها. وإذا دُعي عليها قيل : أعسرتْ وآنثتْ ، وإذا دُعي لها قيل : أيسرت وأذكرتْ أي وضعت ذكراً وتيسّر عليها الوِلاد. وقال الليث : العَسِير : الناقة التي اعتاطت فلم تَحمل سَنَتها ، وقد عَسُرت ، وأنشد قول الأعشى :

وعسير أدماء حادرة العي

ن خَنُوفٍ عَيْرانة شِملالِ

قلت : تفسير الليث للعسير أنها الناقة التي اعتاطت غير صحيح. والعَسِير من الإبل عند العرب : التي اعتُسِرت فرُكِبت ولم تكن ذُلِّلت قبل ذلك ولا رِيضت. وهكذا فسّره الأصمعيّ فيما رَوَى عنه أبو عُبَيد. وكذلك قال ابن السكِّيت في تفسير قوله :

وروحة دنيا بين حَيّين رحتها

أسِيرُ عَسِيراً أو عَروضاً أروضها

قال : العَسِير : الناقة التي رُكبت قبل تذليلها ، وأما العاسرة من النوق فهي التي إذا عَدَت رفَعَت ذَنَبها ، وتفعل ذلك من نشاطها ، والذئب يفعل ذلك. ومنه قول الشاعر :

إلا عواسرُ كالقداح معيدةٌ

بالليل مورد أيِّم متغضِّف

أراد بالعواسر : الذئاب التي تعسِل في عَدْوها وتكسّر أذنابها. وناقة عَوْسَرانية إذا كان من دأبها تكسير ذَنَبها ورفعُه إذا عَدَت. ومنه قول الطِرِمَّاح :

عَوْسرانيّة إذا انتفض الخِم

سُ نفاضَ الفَضِيض أيَّ انتفاضِ

الفضيض : الماء السائل ، أراد أنها ترفع ذَنَبها من النشاط وتعدو بعد عَطَشها وآخر ظمئها في الخِمْس. وزعم الليث أن العَوْسَرانيّة والعَيْسَرانيّة من النوق : التي تُركَب من قبل أن تُراض قال : والذكر عَيْسُران وعَيْسَران ، وكلام العرب على غير ما قال الليث. وقال ابن السكيت : العَسْر : أن تَعْسِر الناقةُ بذنبها أي تشول به ، يقال : عَسَرتْ به تعسِر عَسْراً. والعَسْر أيضاً مصدر عَسَرته أي أخذته على عُسْرة. قال : والعُسْر ـ بالضمّ ـ من الإعسار وهو الضيق. وقال الفرّاء : يقول القائل : كيف قال الله تعالى : (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) [الليل : ١٠] وهل في العُسْرى تيسير. قال الفراء : وهذا في جوازه بمنزلة قول الله تعالى : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [التوبة : ٣] والبِشارة في الأصل تقع على المفرِّح السارّ. فإذا جمعت كلامين في خير وشرّ جاز التبشير فيهما جميعاً. قلت : وتَقول قابِلْ غَرْب السانية لقائدها إذا انتهى الغَرب طالعاً من البئر إلى يَدي القابل وتمكّن من عَرَاقِيها : ألَا ويَسّر السانية أي اعطف رأسها كيلا تجاوز المَنْحاة فيرتفع الغَرْب إلى المَحَالة والمِحْور فيتخرَّق. ورأيتهم يسمّون عَطْف السانية تيسيراً ، لِمَا في خلافه من التعسير ، ويقال : اعتسرت الكلامَ إذا اقتضبته قبل أن تزوّره وتهيئه. وقال الجعديّ :

فذَرْ ذَا وعَدِّ إلى غيره

فشرّ المقالة ما يُعْتسَرْ

قلت : وهذا من اعتسار البعير وركوبه قبل

٥٠

تذليله. ويقال : ذهبت الإبل عُسَاريَات وعُشَاريَات إذا انتشرت وتفرّقت. وقال ابن شميل : جاءوا عُسَاريَات وعُسَارَى ـ تقدير سكارى ـ أي بعضهم في إثْر بعض. وقال النضر في الحديث الذي جاء : يعتسر الرجلُ من مال ولده رواه بالسين وقال : معناه : يأخذ من ماله وهو كاره ، وأنشد

إن أصحُ عن داعي الهوى المضِلِ

صُحُوّ ناسي الشوق مستبِلّ

معتسِر للصُّرْم أو مُدِلِ

وقال الأصمعي : عَسَره وقَسَره واحد.

قال : وعَسَرْت الناقة عَسْراً إذا أخذتها من الإبل. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : العُسُر : أصحاب التبرية في التقاضي والعمل. والمِعْسَر : الذي يُقعّط على غريمه. قال : والعِسْرة : قبيلة من قبائل الجِنّ. قلت : وقال بعضهم في قول أبي أحمر :

وفتيان كجِلّة آل عِسْر

إن عِسْر قبيلة من الجنّ. وقيل : عِسْر : أرض يسكنها الجنّ. وعِسْر في قول زهير : موضع :

كأن عليهمُ بجُنُوب عِسْر

والعُسْر لُعْبة لهم : ينصبون خشبة ثم ترمى يخشبة أخرى وتقلَع. قال الأغرّ بن عُبَيد اليَشْكُريّ :

فوق الحزامى ترتمين بها

كتخاذف الوِلْدان بالعُسْر

أي تفعل مَنَاسمُ هذه الناقة بالحَصَى كما تفعل الولدان بهذه الخشبة. وعُقَاب عسراء : ريشها من الجانب الأيسر أكثر من الأيمن. قال ساعدة :

وعمّى عليه الموت أنّي طريقه

سنين كعسراء العُقَاب ومِنْهَبُ

أي فرس. ويقال : حَمَام أعسر وعُقَاب عسراء : بجناحه من يساره بياض.

عرس : رَوَى أبو عُبَيد في حديث حسّان بن ثابت أنه كان إذا دُعِي إلى طعام قال : «أفي خُرْس أو عُرْس أو إعْذار». قال أبو عبيد : قوله : في عُرْس أي طعام الوليمة. قلت : العُرْس : اسم من إعراس الرجل بأهله إذا بنى عليها ودخل بها ، وكل واحد من الزوجين عَرُوس ، يقال للرجل عَرُوس وللمرأة عروس كذلك بغيرها ، ثم تسمى الوليمة عُرْساً. والعرب تؤنّث العُرْس ، قال ابن السكيت : تقول : هذه عُرْس ، والجميع الأعراس. وأنشد قول الراجز :

إنا وجدنا عُرُس الحَنَّاط

مذمومةً لئيمة الحُوَّاط

تُدْعى مع النَّسَّاج والخَيَّاط

وعِرْس الرجل : امرأته. يقال : هي عِرْسه وطَلَّته وقَعِيدته. ولَبُؤة الأسَد عِرْسه. والزوجان لا يسميان عروسين إلا أيام البِناء واتّخاذ العُرْس. والمرأة تسمَّى عِرْس الرجل كلَّ وقت. ومن أمثال العرب : لا مَخْبَأ لعِطْر بعد عَرُوس. قال أبو عبيد : قال المفضّل : عروس ههنا اسم رجل تزوّج امرأة ، فلمَّا هُدِيت إليه وجدها تَفِلة فقال : أين عِطركِ فقالت : خبأته ، فقال : لا مخبأ لِعطر بعد عروس. وقيل : إنها قالته بعد موته. ويقال للرجل : هو عِرْس

٥١

امرأته ، وللمرأة : هي عِرْسه. ومنه قول العجّاج :

أزهر لم يولد بنجم نَحْس

أنجب عِرْسٍ جُبلا وعِرْس

أي أكرم رجل وامرأة. ابن الأعرابي : عَرُوس وعُرُوس ، وبات عَذُوباً وعُذُوباً وسَدُوس وسُدُوس. وحدَّثنا محمد بن إسحاق قال : حدثنا شعيب بن أيوب عن نُمير بن عُبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إذا دعي أحدكم إلى وليمة عُرْس فليجِب». قال الأزهري : أراد طعام الرجل بأهله. وعِرّيسة الأسَد وعَرّيسه بالهاء وغير الهاء : مأواه في خِيسه. وفي حديث عمر أنه نَهَى عن مُتْعة الحجّ وقال : قد علمت أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعله ، ولكني كرهت أن يظلّوا مُعْرِسين بهنّ تحت الأراك ثم يروحوا بالحج تقطُر رؤوسهم. وقوله : مُعْرِسين أي مُلمّين بنسائهم وهو بالتخفيف ، وهذا يدلُّ على أن إلمام الرجل بأهله يسمّى إعراساً أيام بنائه عليها وبعد ذلك ؛ لأن تمتع الحاجّ بامرأته يكون بعد بنائه عليها. وأمَّا التعريس فَنومة المسافر بعد إدلاجه من الليل ، فإذا كان وقت السَّحَر أناخ ونام نومة خفيفة ثم يثور مع انفجار الصبح سائراً. ومنه قول لَبِيد :

قَلَّما عرَّس حتى هِجتُه

بالتباشير من الصبح الأُوَلْ

وأنشدتني أعرابيَّة من بني نُمَير :

قد طلعت حمراء فَنْطَلِيسُ

ليس لرَكْب بعدها تعريس

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : عَرِس الرجل وعَرِش بالسين والشين إذا بَطِر أي بهت ودُهِش. قال : وقال الأصمعيّ : البيت المعرَّس : الذي عُمِل له عَرْس وهو الحائط يجعل بين حائطي البيت لا يُبْلَغ به أقصاه ، ثم يوضع الجائز على طَرَف العَرْس الداخل إلى أقصى البيت وسُقِّف البيت كله ، فما كان بين الحائطين فهو سَهْوة ، وما كان تحت الجائز فهو المُخْدَع. أبو عبيد عن الأحمر : عَرَسْت البعير عَرْساً وهو أن تَشدَّ عنقه مع يديه جميعاً وهو بارك ، اسم ذلك الحَبْل العِرَاس ، فإذا شَدّ عُنقه إلى إحدى يديه فهو العَكْس ، واسم ذلك الحَبْل العِكَاس. ويقال : عَرِس الرجلُ بصاحبه إذا لزمه ، وعَرِس الصبيُّ بأمّه إذا لزمها ، وعَرِس الشرُّ بينهم إذا لزِم ودام. قلت : ورأيت بالدَّهْنَى حِبَالاً من نُقْيان رمالها يقال لها العرائس ، ولم أسمع لها بواحد. وابن عِرْس : دُوَيْبة معروفة لها ناب. والجمع : بنات عِرْس. والعِرْسِيّ : ضرب من الصِّبْغ كأنه شُبِّه لونُه بلون ابن عِرْسٍ الدابّة. وقال ابن الأعرابي : ابن عِرْس معرفة ونكرة. يقال : هذا ابن عِرْس مقبلاً ، وهذا ابن عِرْس آخرُ مقبل. قال : ويجوز في المعرفة الرفع ويجوز في النكرة النصب. قال ذلك كله المفضّل والكسائي. وقال الليث : يقال : اعترسوا عنه أي تفرّقوا. قلت : هذا حرف منكر لا أدري ما هو. أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : العرّاس والمُعَرّس والمِعْرس : بائع الأعراس وهي الفُصْلان الصغار ، واحدها عُرْس وعَرْس. قال :

٥٢

وقال أعرابي : بكم البَلْهاء وأعراسها أي أولادها. قال : والمِعْرس : السائق الحاذق بالسياق ، فإذا نَشِط القوم سار بهم ، وإذا كَسِلوا عرّس بهم. قال : والمِعْرَس : الكثير التزويج. قال : والعَرْس : الإقامة في الفَرَح. قال : والعَرّاس : بائع العُرُس وهي الحبال واحدها عِرَاس. قال : والعَرس. عمود في وسط الفُسْطاط. والعَرْس : الحَبْل.

سعر : قال الله تبارك وتعالى حكاية عن قوم صالح : (أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) [القمر : ٢٤] قال الفراء : أراد بالسُّعُر : العَنَاء للعذاب. وقال غيره في قوله : (إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) معناه : إنا إذاً لفي ضلال وجنون ، يقال : ناقة مسعورة إذا كانت كأنّ بها جنوناً. قلت : ويجوز أن يكون معناه : إنا إن اتبعناه وأطعناه فنحن في ضلال وفي عذاب وعناء مما يُلزمنا ، وإلى هذا مال الفرّاء والله أعلم. وقوله جل وعز : (فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ) [الملك : ١١] أي بُعْداً لأصحاب النار ، يقال : سَعَرت النار أسْعَرها سَعْراً إذا أوقدتها ، وهي مسعورة.

وسَعَرت نار الحرب سَعْراً واستعرت النارُ إذا استُوقِدت ورجل مِسْعَر حربٍ إذا كان يؤرِّثها. والسَّعِير ، النار نفسها. وسُعَار النار : حَرّها. ويقال للرجل إذا ضربه السَّمُومُ فاستعرَ جوفُه : به سُعَار. وسُعَار العطش : التهابه ، وسُعَار الجوع : لهيبه ، ومنه قول الشاعر يهجو رجلاً :

تُسمّنها بأخثر حَلْبتيها

ومولاك الأحم له سُعار

وَصَفه بتغريزه حلائبه وكَسْعه ضروعها بالماء البارد وليرتدّ لبنها فيبقى لها طِرْقها ، في حال جوع ابن عمه الأقرب منه. والأحمّ : الأدنى الأقرب ، والحميم : القريب القرابةِ. ومَساعر البعير : حيث يستعِر فيه الجَرَب من الآباط والأرفاغ وأُمّ القُرَاد والمشافِر. ومنه قول ذي الرمَّة : قريع هجان دُسَّ منه المساعر والواحد مَسْعَر. ويقال : سُعِر الرجل فهو مسعور إذا اشتدّ جوعُه أو عطشه. وقال الليث : السُّعْرة في الإنسان : لون يضرب إلى سواد فويق الأُدْمة. وقال العجاج :

أسعر ضَرْباً أو طُوَالاً هِجْرَعا

ويقال : سعِر فلان يَسْعَر سَعَراً فهو أسعر قال : والسِّعْرارة : ما تردّد في الضوء الساقط في البيت من الشمس وهو الهَبَاء المنبثّ. ويقال لما يحرّك به النار من حديد أو خشب : مِسْعَر ومِسعار. ويقال : سعرْتُ اليوم سَعْرة في حوائجي ثم جئت أي طُفت فيها. وقال الأصمعيّ : المِسْعَر :

الشديد في قوله :

وسامَى بها عُنُق مِسْعَرُ

وروى أبو عبيد عن أبي عمرو : المِسْعَر : الطويل. ويقال : سَعَرتِ الناقةُ إذا أسرعت في سيرها ، فهي سَعُور. وقال أبو عبيدة في كتاب «الخيل» : فرس مِسْعَر ومُساعر ، وهو الذي تَطيح قوائمه متفرّقة ولا ضَبْر له. وقال ابن السكيت تقول العرب : ضَرْب هَبْر ، وطعن نَتْر ، ورَمْي سَعْر ، مأخوذ من سَعَرْت النارَ والحرب إذا هيَّجتهما. وإنه لمِسْعَر حرب أي تُحمى به

٥٣

الحرب. قال : والسِّعْر من الأسعار وهو الذي يقوم عليه الثمن. وفي الحديث أنه قيل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : سَعِّر لنا فقال : «إن الله هو المسعّر». وقال الليث : يقال أسعر وسعَّر بمعنى واحد. والساعورة كهيئة التنّور يحفَر في الأرض يختبز فيه ، قال ابن الأعرابي : وقال أبو زيد : السَّعَران : شدّة العَدْو ، والجَمَرانُ : من الجمر. والفَلَتان : النشيط وقال ابن الأعرابي : السُّعَيرة : تصغير السَّعْرة وهي السُّعَال الحادّ. ويقال : هذا سَعْرة الأمر وسَرْحته وفَوْعته أي أوّله وحدَّته. أبو يوسف : استعر الناس في كل وجه واستنْجوْا إذا أكلوا الرُطْب وأصابوه. قال ابن عرفة : (فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) [القمر : ٤٧] أي في أمر نسعره أي يُلْهبنا.

سرع : أبو العباس عن ابن الأعرابي : سَرِع الرجل إذا أسرع في كلامه وفعاله. وقال : سَرْعان ذا خروجاً وسُرْعان ذا خروجاً وسِرْعان ذا خروجاً. والضمّ أفصحها. وقال ابن السكيت : يقال : سَرُع يَسْرُع سَرَعاً وسُرْعة فهو سريع. والعرب تقول : لسَرْعان ذا خروجاً بتسكين الراء. ويقال : لسَرُع ذا خروجاً بضمّ الراء. وربما أسكنوا الراء فقالوا : سَرْع ذا خروجاً ، ومنه قول مالك بن زُغْبة الباهلي :

أنَوْراً سَرْع ماذا يا فَرُوقُ

وحَبْلُ الوصل منتكِث حَذِيقُ

أنوراً معناه : أنِواراً يا فَرُوق. وقوله : سَرُعْ ماذا أراد : سَرُع فخفَّف و (ما) صلة أراد : سَرُع ذا نَوْراً. وسَرَعان الناس ـ بفتح الراء ـ : أوائلهم. وسَرَعان عَقَب المَتْنَين : شِبْه الخُضَل تخلَّص من اللحم ثم تُفتل أوتاراً للقِسيّ ، يقال لها السَّرَعان ، سمعت ذلك من العرب. وقال الأصمعي : سَرَعان الناس ـ محرك ـ لمن يُسرع من العسكر. وقال أبو زيد : واحدة سَرَعان العَقَب : سَرَعانة ، وكان ابن الأعرابي يقول : سَرْعان الناس : أوائلهم. وقال القطامي في لغة من يثقّل فيقول : سَرَعان الناس :

وحسبُنا نَزَع الكتيبة غُدْوة

فيغيِّفون ونوجع السرَعانا

أبو عبيد عن الأصمعي : الأساريع : الطُّرَق التي في القوس واحدتها طُرْقة. وأساريع الرمل واحدها أُسروع ويَسروع بفتح الياء وضمّ الهمزة ، وهي ديدان تظهر في الربيع مخطَّطة بسواد وحمرة ، ويشبَّه بها بَنَان العَذَارَى. ومنه قول امرىء القيس :

وتعطو بِرَخْص غير شَثْن كأنه

أساريعُ ظبي أو مساويك إسْحِل

وقال ابن شميل : أساريع العِنَب شُكُر تخرج في أصول الحَبَلة. وربما أُكلت حامضة رَطْبة. الواحدة أُسروع.

وقال أبو عمرو : أُسروع الظبي : عَصَبة تَسْتبطِن يده ورِجله. والسَّرْوَعة : النَّبَكة العظيمة من الرمل ، وتجمع سَرْوَعات وسَرَاوع ويقال : أسرع فلان المشيَ والكتابة وغيرهما وهو فعل مجاوز. ويقولون : أسرع إلى كذا وكذا يريدون : أسرع المضيَّ إليه ، وسارع بمعنى أسرع ، يقال ذلك للواحد ، وللجميع : سارعوا. قال الله جل وعزَّ : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ * نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ)

٥٤

[المؤمنون : ٥٥ ، ٥٦] معناه : أيحسبون أن إمدادنا لهم بالمال والبنين مجازاةٌ لهم ، وإنما هو استدراج من الله لهم. و (ما) في معنى الذي. أراد : أيحسبون أن الذي نَمدّهم به من مال وبنين ، والخبر معه محذوف ، المعنى : نسارع لهم به. وقال الفراء : خبر (أَنَّما نُمِدُّهُمْ) قوله : (نُسارِعُ لَهُمْ) واسم (أن) : (ما) بمعنى الذي. ومن قرأ : (يسارَع لهم في الخيرات) (فمعناه : يسارَع به لهم في الخيرات فيكون مثل نُسارِعُ. ويجوز أن يكون على معنى : أيحسبون إمدادنا يسارع لهم في الخيرات ، فلا يحتاج إلى ضمير ، وهذا قول الزجّاج. وقال ابن المظفّر : السَّرْع : قضيب سَنَةٍ من قضبان الكَرْم ، والجمع السُّرُوع. قال : وهي تَسْرُع سُرُوعاً وهنّ سوارع والواحدة سارعة. قال : والسَّرْع : اسم القضيب من ذلك خاصّة. قال : ويقال لكل قضيب ما دام رَطْباً غضّاً : سَرَعْرَع ، وإن أنَّثت قلت : سَرَعْرعة.

وأنشد :

أزمان إذ كنتُ كنعت الناعت

سَرَعْرعاً خُوطاً كغصن نابت

يصف عنفوان شبابه. قلت : والسَّرْغ ـ بالغين ـ : لغة في السَّرْع بمعنى القضيب الرَطْب ، وهي السُّرُوغ والسُّروع. الأصمعيّ : شبَّ فلان شباباً سَرَعْرعاً. والسَّرَعْرعة من النساء : الليّنة الناعمة.

وفي الحديث أن أحد ابني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بال فرأى بوله أساريع ، والأساريع : الطرائق. عمرو عن أبيه قال : أبو سَرِيع : هو كُنْية النار في العَرْفَج. وأنشد :

لا تعدِلنَّ بأبي سريعِ

إذا غدت نكباء بالصقيع

قال : والصقيع : الثلج. والمِسْرع : السريع إلى خير أو شرّ. في الحديث : «فأخذتهم من سَرْوَعَتين» ، السَّرْوعة : الرابية من الرمل. وكذلك الزَّرْوَحَةُ تكون من الرمل وغيره.

رعس : أهمله الليث ، وهو مستعمل. قال أبو عمرو الشيبانيّ : الرَّعْس والرَّعَسان : رَجَفان الرأس ، وقال بعض الطائيين :

سيعلم من ينوي خِلابيَ أنني

أريب بأكناف البُضَيض حَبَلَّسُ

أرادوا خِلابي يوم فَيْدَ وقَرَّبوا

لِحى ورؤوساً للشهادة تَرْعَسُ

الحَبَلَّس والحَلَبَّس والحُلَابس : الشجاع الذي لا يبرح مكانه. وأنشد الباهليّ قول العجاج يذكر سيفاً يَهُذّ ضريبته هَذَّاً :

يُذْري بإرعاسِ يمينِ المؤتلي

خُضُمَّة الدارع هَذَّ المختلِي

قال : يُذْري أي يُطير ، والإرعاس : الرجف ، والمؤتلي : الذي لا يبلغ جهده. وخُضُمَّة كل شيء : معظمه. والدارع : الذي عليه الدرع. يقول : يقطع هذا السيف معظم هذا الدارع ، على أن يمين الضارب به تَرْجُف وعلى أنه غير مجتهد في ضَرْبته. وإنما نعت السيف بسرعة القطع. والمختلي : الذي يحتشّ بِمِخلاه وهو مِحَشّه. وناقة راعوس : تحرّك رأسها

٥٥

إذا عَدَت من نشاطها. ورمح رَعُوس ورَعَّاس إذا كان لَدْن المهَزّ عَرّاصاً شديد الاضطراب. وقال أبو سعيد : يقال : ارتعس رأسه وارتعش إذا اضطرب وارتعد. وقال أبو العباس : قال ابن الأعرابي : المِرْعَس الرجل الخفيف القَشَّاش. والقشاش : الذي يلتقط الطعام الذي لا خير فيه من المزابل.

رسع : في حديث عبد الله بن عمرو أنه بكى حتى رسَعت عينه. قال أبو عبيد : يعني : فسَدت وتغيرت. وفيه لغتان : رَسَع ورَسَّع. ورجل مرسِّع ومرسِّعة. وقال امرؤ القيس :

أيا هند لا تنكحي بُوهَة

عليه عقيقتُه أحسبا

مرسِّعة وسط أرباعه

به عَسَم يبتغي أرنبا

ليجعل في رِجله كعبها

حذار المنيَّة أن يعطَبا

قال : والمرسِّعة : الذي فسدت عينه ، والبُوهة : الأحمق. وقوله :

حذار المنِيَّة أن يعطبا

كان حمقى العرب في الجاهلية يعلِّقون كعب الأرنب في الرِّجْل ويقولون : إن من فعل ذلك لم تصبه عين ولا آفة. وقال ابن السكيت : الترسيع : أن تخرق سَيْراً ثم تُدخل فيه سَيْراً كما يُسَوّي سُيُور المصاحف. واسم السير المفعولِ به ذلك : الرَّسِيع وأنشد :

وعاد الرسيع نُهْية للحمائل

يقول : انكبَّت سيوفهم فصارت أسافلها أعاليها. قلت : ومن العرب من يجعل بدل السين في هذا الحرف الصاد فيقول : هو الرَّصِيع وقال ابن شميل : الرصائع : سيور مضفورة في أسافل الحمائل ، الواحدة رِصَاعة. ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابي : المرسَّع : الذي انسلقت عينه من السهر.

باب العين والسين مع اللام

[ع س ل]

عسل ، علس ، سلع ، سعل ، لعس ، لسع : مستعملات.

عسل : قال الله جل وعز : (وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى) [محمد : ١٥] فالعسل الذي في الدنيا هو لُعَاب النَّحْل. وجعل الله بلطفه (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ). والعرب تسمّي صَمْغ العُرْفُط عَسَلاً لحلاوته وتسمِّي صَقْر الرُّطَب ـ وهو ما سال من سُلَافته ـ عَسَلاً.

وأخبرني عبد الملك عن الربيع عن الشافعي أنه قال : عَسَل النحل هو المنفرد بالاسم دون ما سواه من الحُلْو المسمَّى به على التشبيه. قال : والعرب تقول للحديث الحُلْو : معسول. وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لامرأة سألته عن زوج تزوَّجته لترجع به إلى زوجها الأوّل الذي طلَّقها فلم ينتشر ذكره للإيلاج فقال لها : «أتريدين أن ترجعي إلى رِفَاعة؟ لا حتى تذوقي عُسَيلته ويذوق عُسَيلتك» ، يعني جماعها ، لأن الجماع هو المستحلَى من المرأة. وقالوا لكل ما استحلَوْا : عَسَلٌ ومعسول ، على أنه

٥٦

يُسْتحلى استحلاء العَسَل. وقال غيره في قوله : «حتى تذوقي عُسَيلته ويذوق عُسَيْلتك» : إن العُسَيلة : ماء الرجل. قال : والنطْفة تسمَّى العُسَيلة ، رَوَى ذلك شمر عن أبي عدنان عن أبي زيد الأنصاريّ : قلت : والصواب ما قاله الشافعي ؛ لأن العُسَيلة في هذا الحديث كناية عن حلاوة الجماع الذي يكون بتغييب الحَشَفة في فرج المرأة ، ولا يكون ذَوَاق العُسَيلتين معاً إلا بالتغييب وإن لم يُنزِلا ، ولذلك اشترط عُسَيلتهما. وأنَّت العُسَيلة لأنه شبَّهها بقطعة من العَسَل. وهذا كما تقول : كنّا في لَحْمَة ونَبِيذة وعَسَلة أي في قطعة من كل شيء منها. والعرب تؤنّث العَسَل وتذكّره. قال الشمَّاخ :

كأن عيون الناظرين تشوفها

بها عسل طابت يَدَاً من يشورُها

أي تشوف العيونُ والأبصار بها هذه المرأة. قال ذلك ابن السكيت. والعَسَّالة : الخليَّة التي تسَوَّى للنحل من راقود وغيره فتعسِّل فيه. يقال : عسّل النحلُ تعسيلاً. والذي يَشتار العسل فيأخذه من الخليَّة يسمَّى عاسلاً.

ومنه قول لبيد :

وأرْيِ دُبُورٍ شارَهُ النحلَ عاسلُ

ومن العرب من يذكّر العَسَل ، لغة معروفة. والتأنيث أكثر. وعَسَل اللُبْنَى : صَمْغ يَسيل من شجر اللبنى لا حلاوة له : يسمَّى عَسَل اللبنى. وحدّثنا الحسين بن إدريس حدثنا عثمان ابن أبي شَيبة عن زيد بن الحُبَاب عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جُبَيْر بن نُفَير عن أبيه قال : سمعت عمرو بن الحَمِق يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا أراد الله بعبد خيراً عَسَله» : قيل : يا رسول الله وما عَسَله؟ قال : «يَفتح له عملاً صالحاً بين يدي موته حتى يرضى عنه مَن حوله». ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : العَسَل : طِيب الثناء على الرجل. قال : ومعنى قوله : «إذا أراد الله بعبد خيراً عَسَله» أي طيَّب ثناءه. وقال غيره : معنى قوله : عَسَله أي جعل له من العمل الصالح ثناء طيّباً كالعَسَل ؛ كما يُعْسَل الطعام إذا جُعل فيه العَسَل. يقال : عَسَلت الطعامَ والسَّوِيقَ أعْسِله وأعسُله إذا جعلت فيه عَسَلاً وطيَّبتْه وحلَّيته. ويقال أيضاً : عَسَلت الرجلَ إذا جعلت أُدْمه العَسَل. وعسَّلت القوم ـ بالتشديد ـ إذا زوّدتهم العَسَل. وجارية معسولة الكلام إذا كانت حُلْوة المنطق مليحة اللفظ طيّبة النَّغْمة. أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : العَسَل : حَبَاب الماء إذا جرى من هبوب الريح. قال : والعُسُل : الرجال الصالحون. قال : وهو جمع عاسل وعَسُول. قال : وهو ممَّا جاء على لفظ فاعل وهو مفعول به. قلت : كأنه أراد : رجل عاسل : ذو عَسَل أي ذو عمل صالحٍ ، الثناءُ عليه به مستحلَى كالعسل. وقال الفرّاء : العَسِيل : مِكْنسة الطِّيب. والعَسِيل : الريشة التي تُقلع بها الغالية. والعَسِيل أيضاً : قضيب الفيل وجمعه كلّه عُسُل. وأنشد الفرّاء :

٥٧

فرِشْني بخير لا أكونَنْ ومِدْحتي

كناحتِ يوماً صخرةٍ بعَسِيل

قال : أراد : كناحتٍ صخرةً بعسيل يوماً ، هكذا أنشد فيه المنذريّ عن أبي طالب عن أبيه عن الفرّاء. ومثله قول أبي الأسود :

فألفيتُه غير مستعتِب

ولا ذاكِر اللهَ إلا قليلاً

قال ابن الأنباريّ : أراد : ولا ذاكرٍ الله ، وأنشد الفرّاء أيضاً :

ربّ ابن عم لسُلَيمى مشمعلّ

طبّاخ ساعات الكرى زادَ الكَسِل

أبو عبيد عن أبي عبيدة قال : رُمْح عاسل وعَسَّال : مضطرِب لَدْن ، وهو العاتر ، وقد عَتَر وعَسَل.

وقال الليث : العَسِل : الرجل الشديد الضرب السريع رَجْعِ اليد بالضرب.

وأنشد :

تمشي موائلة والنفس تنذِرها

مع الوبيل بكف الأهوج العسِل

فلان أخبث من أبي عِسْلة ومن أبي رِعْلة ومن أبي سِلعامة ومن أبي مُعْطة كلّه الذئب. ويقال : عَسَل الذئب يعسِل عَسْلاً وعَسَلاناً وهو سرعة هِزّته في عَدْوه. وقال الجعديّ :

عَسَلانَ الذئب أمسى قارباً

بَرَد الليلُ عليه فنسَلْ

ويقال : رجل عِسْل مال كقولك : إزَاء مال وخال مال. ابن السكيت يقال : ما لفلان مَضْرِب عَسَلة يعني : أعراقه. وقال غيره : أصل ذلك في سُؤر العسل ثم صار مثلاً للأصل والنسَب. ويقال : بَسْلاله وعَسْلاً وهو اللَّحْي في الملام. شمر عن أبي عمرو : يقال : عَسَلْت من طعامه عَسْلاً أي ذقت. ويقال : هو على أعسال من أبيه وأعْسان أي على أثَر من أثره ، الواحد عِسْل وعِسْن. وهذا عِسْل هذا وعِسْنه أي مِثله. والعَسْل : الحَلْب بستّين ، والفَطْر : الحَلْب بثمانين. والعواسل : الريَاح.

علس : أخبرني عبد الملك عن الربيع عن الشافعي قال : العَلَس : ضَرْب من القمح ، يكون في الكمام منه حبَّتان ، يكون بناحية اليمن. ثعلب عن ابن الأعرابي قال : العَدَس يقال له : العَلَس : أبو عبيد عن الأصمعيّ : يقال للقُرَاد : العَلّ وقال شمر : والعَلُس مثلُه ، وجمعه أعلال وأعلاس.

قال أبو عبيد : وقال الأموي : ما ذقت عَلُوساً. وقال الأحمر : ما ذقت عَلُوساً ولا ألُوساً أي ما ذقت طعاماً. ابن السكيت عن الكِلَابيّ قال : ما عَلَسْنا عندهم عَلُوساً. وقال ابن هانىء ، ما أكلت اليوم عَلَاساً ، وقد عَلَسَتِ الإبلُ تعلِس إذا أصابت شيئاً تأكله. وقال الليث : العَلْس : الشُّرْب ، يقال : عَلَس يَعْلِس إذا أصابت شيئاً تأكله. وقال الليث : العَلْس : الشُّرْب ، يقال : عَلَس يَعْلِس عَلْساً. والعَلِيس : شِوَاء مَسْمون. قلت : العَلْس : الأكل ، وقلَّما يُتَكلّمِ به بغير حرف النفي. وأخبرني الإياديّ عن شمر قال : العَلَسيُ الحَمل الشديد. وأنشد قول المَرّار :

إذا رآها العَلَسيّ أبلسا

وعَلَّق القوم أداوَى يُبَّسا

٥٨

وقال أبو عمرو : العَلَسِيّ : شجرة المَقْرِ. وقال أبو وَجْزة السعديّ :

كَأَنَّ النُّقْدَ والعَلَسيَ أجنى

ونعَّم نبته واد مطيرُ

وقال أبو عمرو : العَلِيس : الشوَاء المنضَج.

وقال ابن السكيت عن الكلابيّ : رجل مجرَّس ومُعَلَّس ومنقَّح ومقلَّح أي مجرَّب.

لعس : في حديث الزبير أنه رأى فِتْية لُعْساً فسأل عنهم فقيل : أمّهم مولاة للحُرَقة وأبوهم مملوك فاشترى أباهم وأعتقه فجرّ وَلَاءهم. قال أبو عبيد : قال الأصمعي : اللُّعْس : الذين في شفاههم سواد ، وهو ممّا يُستحسن. يقال منه : رجل ألعس وامرأة لعساء والجميع منهما لُعْس. وقد لعِس لَعَساً. وأنشد لذي الرمَّة :

لمياء في شفتيها حُوَّة لَعَسٌ

وفي اللِّثَات وفي أنيابها شَنَبُ

قلت : قوله : رأى فتية لُعْساً لم يُرَدْ به سواد الشفة خاصَّة ، إنما أراد لَعَس ألوانِهم. سمعت العرب تقول : جارية لَعْساء إذا كان في لونها أدنى سواد فيه شُرْبة حمرة ليست بالناصعة ، وإذا قيل : لعساء الشَّفَة فهو على ما قال الأصمعيّ. وقد قال العجاج بيتاً دلَّ على أن اللعَس يكون في بَشَرة الإنسان كلّها فقال :

وبَشَرٍ مع البياض ألعسا

فجعل البَشَر ألْعس ، وجعله مع البياض لما فيه من شُرْبة الحمرة. وقال الليث : رجل متلعّس : شديد الأكل. قال : واللَّعْوَس : الأكُول الحريص. قال : ويقال للذئب : لَعْوَس ولَغْوس وأنشد لذي الرمَّة :

وماءٍ هتكتُ الليل عنه ولم يَرِد

روايا الفراخ والذئابُ اللغاوس

قال : ويروى : اللعاوس. قلت : ورَوَى أبو عُبيد عن الفرّاء : اللغْوَس ـ بالغين ـ : الذئب الحريص الشرِه. قلت : ولا أنكر أن يكون العين فيه لغة. وقال النضر : ما ذقت لَعُوساً أي شيئاً. قال الأصمعي : ما ذقت لَعُوقاً مثله. وقال غيره : اللَّعْس : العضّ ، يقال : لَعَسني لَعْساً أي عضَّني ، وبه سمّي الذئب لَعْوَساً.

لسع : قال ابن المظفر : اللَّسْع للعقرب. قال : ويقال للحيَّة : تَلْسَع. قال : وزعم أعرابي أن من الحيَّات ما يلسع بلسانه كلَسْع حُمَة العقرب ، وليست له أسنان. قال : ويقال : لَسَع فلان فلاناً بلسانه إذا قرضه ، وإن فلاناً للُسَعة أيْ قرَّاضة للناس بلسانه. قلت : والمسموع من العرب أن اللسع لذوات الإبَر من العقارب والزنابير. فأمَّا الحيَّات فإنها تنهش وتَعَضّ وتَخْدِب وتَنْشِطُ. ويقال للعقرب : قد لَسَعَتْه وأَبَرَتْه وَوَكَعَتْه وكَوَتْه. لَسَع في الأرض ومَصَع : ذهب. واللَّسُوع : المرأة الفارك. والمُلْسِع : المُغْرِي بين القوم. والملسِّعة : المقيم الذي لا يبرح ، كأنه يلسع أصحابه لثقله.

سلع : أبو عبيد عن الأصمعيّ : السَّلَع : شجر مُرّ. وقال بِشْر :

يسومون الصِّلاح بذات كهف

وما فيها لهم سَلَع وقار

٥٩

وكانت العرب في جاهليتها تأخذ حَطَب السَّلَع والعُشَر في المجاعات وقُحُوط المطر فتوقِر ظهور البقر منها ثم تُلْعِج النارَ فيها ، يستمطرون بلهَب النار المشبّه بسنا البَرْق. وأراد الشاعر هذا المعنى بقوله :

سَلَع مّا ومثله عُشَر مّا

عائلاً مّا وعالت البَيْقورا

والسُّلُوع : شُقُوق في الجبال ، واحدها سَلْع وسِلْع. ويقال : سَلَعْت رأسه أي شججته قال ذلك أبو زيد. وقال شمر : السَّلْعة : الشَّجَّة في الرأس كائنة ما كانت. يقال : في رأسه سَلْعتان وثلاث سَلَعات ، وهي السِّلَاع. ورأس مسلوع ومُنْسَلِع. وأمّا السِّلْعة ـ بكسر السين ـ فهي الجَدَرة تخرج بالرأس وسائر الجسد ، تمور بين الجِلْد واللحم ، تراها تَدِيص دَيَصاناً إذا حرّكتها. والسِّلْعة ـ وجمعها السِّلَّع ـ كل ما كان مَتْجوراً به. والمُسْلِع : صاحب السِّلْعة. وقال الليث : يقال للدليل الهادي : مِسْلع. وأنشد بيتاً للخنساء :

سبَّاق عادية ورأس سَرِيَّة

ومُقاتل بَطَل وهاد مِسْلع

ابن شميل : قال رجل من العرب : ذهبت إبلي فقال رجل : لك عندي أسْلاعها أي أمثالها في أسنانها وهيئاتها. وهذا سِلْع أي مِثله. ويقال : تزلّعت رِجْله وتَسَلَّعت إذا تشقَّقت. وسَلْع : موضع يقرب من المدينة. ومنه قول الشاعر :

لعمرك إنني لأحبّ سَلْعاً

أبو عمرو : هذا سِلْع هذا أي مِثلُه وشَرْواه. ويقال : أعطني سِلْع هذا أي مثلَ هذا. وقال ابن الأعرابي : الأسلع : الأبرص. قال : والسَّوْلع : الصَّبِر المُرّ. والصولع : السِّنان المجلوّ. أسلاع الفرس : ما تفلّق من اللحم عن نَسَبيها إذا استخفَّت سِمَناً. وقوله :

أجاعل أنت بيقوراً مسلَّعة

ذَريعة لك بين الله والمطر

يعني البقر التي كان يُعْقَد في أذنابها السَّلَع عند الجَدْب.

سعل : روى ابن عُيَينة عن عمرو عن الحسن بن محمد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا صَفَر ولا هامة ولا غُول ولكن السعالَى». قال شمر ـ فيما قرأت بخطه ـ : قد فسّروا السعالى : الغِيلان وذكرها العرب في أشعارها. قال الأعشى :

ونساءٍ كأنهن السعالى

قال : وقال أبو حاتم : يريد : في سوء حالهن حين أُسِرن. وقال لَبيد يصف الخيل :

عليهن وِلدان الرجال كأنها

سعالَى وعِقبان عليها الرحائل

وقال جِرَان العَوْد :

هي الغول والسِّعلاة حلْقِيَ منهما

مُخَدّشُ ما بين التراقِي مكَدّح

وقال بعض العرب : لم تصف العربُ بالسعلاة إلّا العجائز والخيل. قال شمر :

وشبَّه ذو الإصبع الفرسان بالسعالى فقال :

ثم انبعثنا أُسُود عادية

مثل السعالى نقائبا نُزُعا

٦٠